|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() ![]() كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي المجلد الخامس الحلقة (211) صــــــــــ 163 الى صـــــــــــ 169 قلت له : فلرسول الله صلى الله عليه وسلم سنة في الحرائر يسلمن وأخرى في الحرائر يسبين فيسترقين والأخرى في الإماء لا يسبين فكيف جاز أن تصرف سنة إلى سنة وهما عند أهل العلم سنتان مختلفتان باختلاف حالات النساء فيهما ؟ وقلت له فالحرة تسلم قبل زوجها أو زوجها قبلها أيهما أسلم قبل [ ص: 163 ] الآخر ثم أسلم الآخر قبل انقضاء عدة المرأة فالنكاح الأول ثابت فإن انقضت العدة قبل إسلام الآخر منهما فقد انقطعت العصمة بينهما وسواء في ذلك كان إسلام المرأة قبل الرجل أو الرجل قبل المرأة إذا افترقت دارهما أو لم تفترق ولا تصنع الدار فيما يحرم من الزوجين بالإسلام شيئا سواء خرج المسلم منهما إلى دار الإسلام أو صارت داره دار الإسلام أو كان مقيما بدار الكفر لا تغير الدار من الحكم بينهما شيئا . ( قال الشافعي ) رحمه الله فإن قال قائل ما دل على ذلك ؟ قيل له : أسلم أبو سفيان بن حرب بمر الظهران وهي دار خزاعة وخزاعة مسلمون قبل الفتح في دار الإسلام فرجع إلى مكة وهند بنت عتبة مقيمة على غير الإسلام فأخذت بلحيته وقالت اقتلوا الشيخ الضال ثم أسلمت هند بعد إسلام أبي سفيان بأيام كثيرة وقد كانت كافرة مقيمة بدار ليست بدار الإسلام يومئذ وزوجها مسلم في دار الإسلام وهي في دار الحرب ثم صارت مكة دار الإسلام وأبو سفيان بها مسلم وهند كافرة ثم أسلمت قبل انقضاء العدة فاستقرا على النكاح لأن عدتها لم تنقض حتى أسلمت وكان كذلك حكيم بن حزام وإسلامه ، وأسلمت امرأة صفوان بن أمية وامرأة عكرمة بن أبي جهل بمكة فصارت دارهما دار الإسلام وظهر حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة وهرب عكرمة إلى اليمن وهي دار حرب وصفوان يريد اليمن وهي دار حرب ثم رجع صفوان إلى مكة وهي دار إسلام وشهد حنينا وهو كافر ثم أسلم فاستقرت عنده امرأته بالنكاح الأول ورجع عكرمة وأسلم فاستقرت عنده امرأته بالنكاح الأول وذلك أن عدتهما لم تنقض فقلت له ما وصفت لك من أمر أبي سفيان وحكيم بن حزام وأزواجهما ، وأمر صفوان وعكرمة وأزواجهما أمر معروف عند أهل العلم بالمغازي فهل ترى ما احتججت به من أن الدار لا تغير من الحكم شيئا إذا دلت السنة على خلاف ما قلت وقد حفظ أهل المغازي أن امرأة من الأنصار كانت عند رجل بمكة فأسلمت وهاجرت إلى المدينة فقدم زوجها وهي في العدة فأسلم فاستقرا على النكاح ونحن وأنت نقول إذا كانا في دار حرب فأيهما أسلم قبل الآخر لم يحل الجماع وكذلك لو كانا في دار الإسلام . وإنما يمنع أحدهما من الآخر في الوطء بالدين لأنهما لو كانا مسلمين في دار حرب حل الوطء فقال إن من أصحابك من يفرق بين المرأة والرجل وأنا أقوم بحجته فقلت له القيام بقول تدين به ألزم لك فإن كنت عجزت عنه فلعلك لا تقوى على غيره قال فأنا أقوم به فأحتج بأن الله عز وجل قال { ولا تمسكوا بعصم الكوافر } فقلت له : أيعدو قول الله عز وجل : { ولا تمسكوا بعصم الكوافر } أن يكون إذا أسلم وزوجته كافرة كان الإسلام قطعا للعصمة بينهما حين يسلم لأن الناس لا يختلفون في أنه ليس له أن يطأها في تلك الحال إذا كانت وثنية أو يكون قول الله عز وجل { ولا تمسكوا بعصم الكوافر } إذا جاءت عليهن مدة لم يسلمن فيها أو قبلها ؟ قال ما يعدو هذا قلت فالمدة هل يجوز بأن تكون هكذا أبدا إلا بخبر في كتاب الله عز وجل أو سنة أو إجماع ؟ قال لا قلت وذلك أن رجلا لو قال مدتها ساعة وقال الآخر يوم وقال آخر سنة وقال آخر مائة سنة لم يكن ههنا دلالة على الحق من ذلك إلا بخبر ؟ قال نعم قلت والرجل يسلم قبل امرأته فقلت بأيهما شئت وليس قولك من حكيت قوله داخلا في واحد من هذين القولين قال فهم يقولون إذا أسلم قبلها وتقارب ما بين إسلامهما قلت أليس قد أسلم وصار من ساعته لا يحل له إصابتها ثم أسلمت فقرت معه على النكاح الأول في قولهم ؟ قال بلى قلت فلم تقطع بالإسلام [ ص: 164 ] بينهما وقطعتها بمدة بعد الإسلام ؟ قال نعم ولكنه يقول كان بين إسلام أبي سفيان وهند شيء يسير قلت أفتحده ؟ قال لا ولكنه شيء يسير قلت لو كان أكثر منه انقطعت عصمتها منه ؟ . قال وما علمته يذكر ذلك قلت فإسلام صفوان بعد إسلام امرأته بشهر أو أقل منه وإسلام عكرمة بعد إسلام امرأته بأيام فإن قلنا إذا مضى الأكثر وهو نحو من شهر انقطعت العصمة بين الزوجين لأنا لا نعلم أحدا ترك أكثر مما ترك صفوان أيجوز ذلك ؟ قال لا قلت هم يقولون إن الزهري حمل حديث صفوان وعكرمة وقال في الحديث غير هذا قلت فقال الزهري إلا أن يقدم زوجها وهي في العدة فجعل العدة غاية انقطاع ما بين الزوجين إذا أسلمت المرأة فلم لا يكون هكذا إذا أسلم الزوج ؟ والزهري لم يرو في حديث مالك أمر أبي سفيان وهو أشهر من أمر صفوان وعكرمة والخبر فيهما واحد والقرآن فيهم والإجماع واحد ؟ قال الله تبارك وتعالى { فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن } فلم يفرق بين المرأة تسلم قبل زوجها ولا الرجل يسلم قبل امرأته قلت فحرم الله عز وجل على الكفار نساء المؤمنين لم يبح واحدة منهن بحال ولم يختلف أهل العلم في ذلك وحرم على رجال المؤمنين نكاح الكوافر إلا حرائر الكتابيين منهم فزعم أن إحلال الكوافر اللاتي رخص في بعضهن للمسلمين أشد من إحلال الكفار الذين لم يرخص لهم في مسلمة بما وصفنا من قولهم إذا أسلمت المرأة لم ينفسخ النكاح إلا لانقضاء العدة وزوجها كافر وإذا أسلم الزوج انفسخ نكاح المرأة قبل العدة ولو كان يجوز أن يفرق بينهما بغير خبر كان الذي شددوا فيه أولى أن يرخصوا فيه والذي رخصوا فيه أولى أن يشددوا فيه والله الموفق . الخلاف فيما يؤتى بالزنا أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال وقلنا إذا نكح رجل امرأة حرمت على ابنه وأبيه وحرمت عليه أمها بما حكيت من قول الله عز وجل ( قال ) فإن زنى بامرأة أبيه أو ابنه أو أم امرأته ، فقد عصى الله تعالى ولا تحرم عليه امرأته ، ولا على أبيه ، ولا على ابنه امرأته لو زنى بواحدة منهما ، لأن الله عز وجل إنما حرم بحرمة الحلال تعزيرا لحلاله وزيادة في نعمته بما أباح منه بأن أثبت به الحرم التي لم تكن قبله ، وأوجب بها الحقوق ، والحرام خلاف الحلال ، وقال بعض الناس إذا زنى الرجل بامرأة حرمت عليه أمها ، وابنتها وإن زنى بامرأة أبيه أو ابنه حرمت عليهما امرأتاهما ، وكذلك إن قبل واحدة منهما ، أو لمسها بشهوة فهو مثل الزنا والزنا يحرم ما يحرم الحلال فقال لي لم قلت إن الحرام لا يحرم ما يحرم الحلال ؟ فقلت له استدلالا بكتاب الله عز وجل والقياس على ما أجمع المسلمون عليه بما هو في معناه والمعقول ، والأكثر من قول أهل دار السنة والهجرة وحرم الله قال فأوجدني ما وصفت قلت قال الله تبارك وتعالى { ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء } وقال تعالى { وحلائل أبنائكم } وقال { وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن } أفلست تجد التنزيل إنما حرم من سمى بالنكاح أو النكاح والدخول ؟ قال بلى ، قلت أفيجوز أن يكون الله تبارك وتعالى باسمه حرم بالحلال شيئا فأحرمه بالحرام ، والحرام ضد الحلال ؟ فقال لي فما فرق بينهما ؟ قلت فقد فرق الله تعالى بينهما قال فأين ؟ قلت وجدت الله عز وجل ندب إلى النكاح وأمر به وجعله سبب النسب والصهر والألفة والسكن وأثبت به الحرم والحق لبعض على بعض بالمواريث والنفقة ، والمهر وحق الزوج بالطاعة [ ص: 165 ] وإباحة ما كان محرما قبل النكاح . قال : نعم ، قلت : ووجدت الله تعالى حرم الزنا فقال { ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا } فقال أجد جماعا وجماعا فأقيس أحد الجماعين بالآخر : قلت فقد وجدت جماعا حلالا حمدت به ووجدت جماعا حراما رجمت به صاحبه أفرأيتك قسته به ؟ فقال : وما يشبهه ؟ فهل توضحه بأكثر من هذا ؟ قلت : في أقل من هذا كفاية وسأذكر لك بعض ما يحضرني منه قال ما ذاك ؟ قلت جعل الله تبارك وتعالى اسمه الصهر نعمة فقال { فجعله نسبا وصهرا } قال نعم قلت وجعلك محرما لأم امرأتك وابنتها ، وابنتها تسافر بها ؟ قال نعم قلت وجعل الزنا نقمة في الدنيا بالحد . وفي الآخرة بالنار إن لم يعف ، قال : نعم قلت أفتجعل الحلال الذي هو نعمة قياسا على الحرام الذي هو نقمة ، أو الحرام قياسا عليه ثم تخطئ القياس وتجعل الزنا لو زنى بامرأة محرما لأمها وابنتها ؟ قال هذا أبين ما احتججت به منه ، قلت : فإن الله تبارك وتعالى قال في المطلقة الثالثة { فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره } وجاءت السنة بأن يصيبها الزوج الذي نكح فكانت حلاله له قبل الثلاث ومحرمة عليه بعد الثلاث حتى تنكح ثم وجدناها تنكح زوجا ولا تحل له حتى يصيبها الزوج ووجدنا المعنى الذي يحلها الإصابة أفرأيت إن احتج بهذا عليك رجل يغبى غباءك عن معنى الكتاب فقال الذي يحلها للزوج بعد التحريم هو الجماع لأني قد وجدتها مزوجة فيطلقها الزوج أو يموت عنها فلا تحل لمن طلقها ثلاثا إذا لم يصبها الزوج الآخر وتحل إن جامعها فإنما معنى الزوج في هذا الجماع وجماع بجماع ، وأنت تقول جماع الزنا يحرم ما يحرم جماع الحلال فإن جاء معها رجل بزنا حلت له قال إذا يخطئ ، قلت ولم ؟ أليس لأن الله أحلها بزوج والسنة دلت على إصابة الزوج فلا تحل حتى يجتمع الأمران فتكون الإصابة من زوج ؟ قال نعم قلت : فإن كان الله إنما حرم بنت المرأة وأمها وامرأة الأب بالنكاح فكيف جاز أن تحرمها بالزنا ؟ وقلت له قال الله تعالى { إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن } وقال { فإن طلقها } فملك الرجال الطلاق وجعل على النساء العدد ، قال : نعم قلت أفرأيت المرأة إذا أرادت تطلق زوجها ألها ذلك ؟ قال لا قلت فقد جعلت لها ذلك قال وأين ؟ قلت زعمت أنها إذا كرهت زوجها قبلت ابنه بشهوة فحرمت على زوجها بتقبيلها ابنه فجعلت إليها ما لم يجعل الله إليها فخالفت حكم الله ههنا وفي الآي قبله ، فقال قد تزعم أنت أنها إن ارتدت عن الإسلام حرمت على زوجها ؟ قلت وإن رجعت وهي في العدة فهما على النكاح أفتزعم أنت هذا في التي تقبل ابن زوجها ؟ قال لا قلت فإن مضت العدة ثم رجعت إلى الإسلام كان لزوجها أن ينكحها بعد ؟ أفتزعم في التي تقبل ابن زوجها أن لزوجها أن ينكحها بعد بحال ؟ قال لا قلت فأنا أقول إذا ثبتت على الردة حرمتها على المسلمين كلهم لأن الله حرم مثلها عليهم أفتحرم التي تقبل ابن زوجها على المسلمين كلهم ؟ قال لا قلت وأنا أقتل المرتدة وأجعل مالها فيئا أفتقتل أنت التي تقبل ابن زوجها وتجعل مالها فيئا ؟ قال لا قلت فبأي شيء شبهتها بها ؟ قال إنها لمفارقة لها قلت نعم في كل أمرها ؟ وقلت له أرأيت لو طلق امرأته ثلاثا أتحرم عليه حتى تنكح زوجا غيره ؟ قال نعم قلت فإن زنى بها ثم طلقها ثلاثا أتحرم عليه حتى تنكح زوجا غيره ؟ قال لا قلت فأسمعك قد حرمت بالطلاق إذا طلقت زوجة حلال ما لم تحرم بالزنا لو طلق مع الزنا . قال لا يشتبهان قلت أجل وتشبيهك إحداهما بالأخرى الذي أنكرنا عليك قال أفيكون شيء يحرمه الحلال لا يحرمه الحرام ؟ قلت : نعم قال وما هو ؟ قلت ما وصفناه وغيره أرأيت الرجل إذا نكح امرأة أيحل له أن ينكح أختها أو عمتها عليها ؟ قال لا قلت فإذا نكح أربعا أيحل له أن ينكح عليهن خامسة ؟ قال لا قلت أفرأيت لو زنى بامرأة له أن ينكح أختها أو عمتها من ساعته أو زنى بأربع في [ ص: 166 ] ساعة أيكون له أن ينكح أربعا سواهن ؟ قال نعم ليس يمنعه الحرام مما يمنعه الحلال . وقلت له قال الله عز وجل { والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا } ثم حد الزاني الثيب على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وفي فعله أعظم حدا حده الرجم وذلك أن القتل بغير رجم أخف منه وهتك بالزنا حرمة الدم فجعل حقا أن يقتل بعد تحريم دمه ولم يجعل فيه شيئا من الأحكام التي أثبتها بإحلال فلم يثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من أهل دين الله بالزنا نسبا ولا ميراثا ولا حرما أثبتها بالنكاح وقالوا في الرجل إذا نكح المرأة فدخل بها كان محرما لابنتها يدخل عليها ويخلو بها ويسافر وكذلك أمها وأمهاتها وكذلك يكون بنوه من غيرها محرما لها يسافرون بها ويخلون وليس يكون من زنى بامرأة محرما لأمها ولا ابنتها ولا بنوه محرما لها بل حمدوا بالنكاح وحكموا به وذموا على الزنا وحكموا بخلاف حكم الحلال وإنما حرم الله أم المرأة وامرأة الأب والابن بحرمة أثبتها الله عز وجل لكل على كل وإنما ثبتت الحرمة بطاعة الله فأما معصية الله بالزنا فلم يثبت بها حرمة بل هتكت بها حرمة الزانية والزاني فقال ما يدفع ما وصفت ؟ فقلت فكيف أمرتني أن أجمع بين الزنا والحلال وقد فرق الله تعالى ثم رسوله ثم المسلمون بين أحكامهما ؟ قال فهل فيه حجة مع هذا ؟ قلت بعض هذا عندنا وعندك يقوم بالحجة وإن كانت فيه حجج سوى هذا قال وما هي قلت : أرأيت المرأة ينكحها ولا يراها حتى تموت أو يطلقها أتحرم عليه أمها وأمهاتها وإن بعدن والنكاح كلام ؟ قال نعم قلت ويكون بالعقدة محرما لأمها يسافر ويخلو بها ؟ قال نعم قلت أفرأيت المرأة يواعدها الرجل بالزنا تأخذ عليه الجعل ولا ينال منها شيئا أتحرم عليه أمها بالكلام بالزنا وإلا تعاد به وباليمين لتفين له به ؟ قال لا ولا تحرم إلا بالزنا واللمس والقبلة بالشهوة ، قلت أرأيت المرأة إذا نكحها رجل ولم يدخل بها ويقع عليها وقذفها أو نفى ولدها أويحد لها ويلاعن أو آلى منها أيلزمه إيلاء أو ظاهر أيلزمه ظهار أو مات أترثه أو ماتت أيرثها ؟ قال نعم قلت فإن طلقها قبل أن يدخل بها وقع عليها طلاقه ؟ قال نعم قلت أفرأيت إن زنى بها ثم طلقها ثلاثا أتحرم عليه كما حرم الله عز وجل المنكوحة بعد ثلاث أو قذفها أيلاعنها أو آلى منها أو تظاهر أو مات أترثه أو ماتت أيرثها ؟ قال لا قلت ولم ؟ ألأنها ليست له بزوجة وإنما أثبت الله عز وجل هذا بين الزوجين ؟ قال نعم قلت له ولو نكح امرأة حرمت عليه أمها وأمهاتها وإن لم يدخل بالبنت ؟ قال نعم قلت له ولو نكح الأم فلم يدخل بها حتى تموت أو يفارقها حلت له البنت ؟ قال نعم فقلت قد وجدت العقدة تثبت لك عليها أمورا منها لو ماتت لأنها زوجته وتثبت بينك وبينها ما يثبت بين الزوجين من الظهار والإيلاء واللعان فلما افترقتما قبل الدخول حرمت عليك أمها ولم تحرم عليك بنتها فلم فرقت بينهما وحرمت مرة بالعقدة والجماع وأخرى بالعقدة دون الجماع ؟ قال لما أحل الله تعالى الربيبة إن لم يدخل بالأم وذكر الأم مبهمة فرقت بينهما قلت فلم لم تجعل الأم قياسا على الربيبة وقد أحلها غير واحد ؟ قال لما أبهم الله الأم أبهمناها فحرمناها بغير الدخول ووضعت الشرط في الربيبة وهو الموضع الذي وضعه الله تعالى فيه ولم يكن اجتماعهما في أن كل واحدة منهما زوجة حكمها حكم الأزواج بأن كل واحدة منهما تحرم صاحبتها بعد الدخول يوجب علي أن أجمع بينهما في غيره إذا لم يدل على اجتماعهما خبر لازم قلت له فالحلال أشد مباينة للحرام أم الأم للابنة ؟ قال بل الزنا للحلال أشد فراقا قلت فلم فرقت بين الأم والابنة وقد اجتمعنا في خصال وافترقنا في واحدة وجمعت بين الزنا والحلال وهو مفارق له عندك في أكثر أمره وعندنا في كل أمره ؟ فقال فإن صاحبنا قال يوجدكم الحرام يحرم الحلال ، قلت له في مثل ما اختلفنا [ ص: 167 ] فيه من أمر النساء ؟ قال لا ولكن في غيره من الصلاة والمأكول والمشروب والنساء قياس عليه قلت له أفتجيز لغيرك أن يجعل الصلاة قياسا على النساء والمأكول والمشروب ؟ قال أما في كل شيء فلا فقلت له الفرق لا يصلح إلا بخبر أو قياس على خبر لازم ، قلت فإن قال قائل فأنا أقيس الصلاة بالنساء والنساء بالمأكول والمشروب حيث تفرق وأفرق بينهما حيث تقيس فما الحجة عليه ؟ قال ليس له أن يفرق إلا بخبر لازم ، قلت ولا لك قال أجل قلت له وصاحبك قد أخطأ القياس إن قاس شريعة بغيرها وأخطأ لو جاز له في ذلك القياس قال وأين أخطأ ؟ قلت صف قياسه قال : قال الصلاة حلال والكلام فيها حرام فإذا تكلم فيها فسدت صلاته فقد أفسد الحلال بالحرام فقلت له لم زعمت أن الصلاة فاسدة لو تكلم فيها ؟ الصلاة لا تكون فاسدة ولكن الفاسد فعله لا هي ولكني قلت لا تجزئ عنك الصلاة ما لم تأت بها كما أمرت فلو زعمت أنها فاسدة كانت على غير معنى ما أفسدت به النكاح قال وكيف ؟ قلت أنا أقول له عد لصلاتك الآن فائت بها كما أمرت ولا أزعم أن حراما عليه أن يعود لها ولا أن كلامه فيها يمنعه من العودة إليها ولا تفسد عليه صلاته قبلها ولا بعدها ولا يفسدها إفساده إياها على غيره ولا نفسه قال وأنا أقول ذلك قلت وأنت تزعم أنه إذا قبل امرأة حرمت عليه أمها وابنتها أبدا قال أجل قلت وتحل له هي ؟ قال نعم قلت وتحرم على أبيه وابنه ؟ قال نعم قلت وهكذا قلت في الصلاة ؟ قال لا قلت أفتراهما يشتبهان ؟ قال أما الآن فلا وقد قال صاحبنا الماء حلال والخمر حرام فإذا صب الماء في الخمر حرم الماء والخمر فقلت له أرأيت إذا صببت الماء في الخمر أما يكون الماء الحلال مستهلكا في الحرام ؟ قال بلى قلت أفتجد المرأة التي قبلها للشهوة وابنتها كالخمر والماء ؟ قال وتريد ماذا ؟ قلت أتجد المرأة محرمة على كل أحد كما تجد الخمر محرمة على كل أحد ؟ قال : لا قلت أوتجد المرأة وابنتها تختلطان اختلاط الماء والخمر حتى لا تعرف واحدة منهما من صاحبتها كما لا يعرف الخمر من الماء ؟ قال لا قلت أفتجد القليل من الخمر إذا صب في كثير الماء نجس الماء ؟ قال لا قلت أفتجد قليل الزنا والقبلة للشهوة لا تحرم ويحرم كثيرها ؟ قال لا ولا يشبه أمر النساء الخمر والماء قلت فكيف قاسه بالمرأة ؟ ولو قاسه كان ينبغي أن يحرم المرأة التي قبلها وزنى بها وابنتها كما حرم الخمر والماء قال ما يفعل ذلك وما هذا بقياس قلت فكيف قبلت هذا منه ؟ قال ما وجدنا أحدا قط بين هذا لنا كما بينته ولو كلم صاحبنا بهذا لظننت أنه لا يقيم على قوله ولكنه عقل وضعف من كلمة قلت أفيجوز لأحد أن يقول في رجل يعصي الله في امرأة فيزني بها فلا يحرم الزنا عليه أن ينكحها وهي التي عصى الله فيها إذا أتاها بالوجه الذي أحله الله له وتحرم عليه ابنتها وهو لم يعص الله في ابنتها ؟ فهل رأيت قط عورة أبين من عورة هذا القول ؟ قال فالشعبي قال قولنا قلت فلو لم يكن في قولنا كتاب ولا سنة ولا ما أوجدناك من القياس والمعقول أكان قول الشعبي عندك حجة ؟ قال لا وقد روى عن عمران بن الحصين قلت من وجه لا يثبت ، قال نقل وروي عن ابن عباس قولنا ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى فرجع عن قولهم وقال الحق عندك والعدل في قولكم ولم يصنع أصحابنا شيئا والحجة علينا بما وصفت وأقام أكثرهم على خلاف قولنا والحجة عليهم بما وصفت ( قال ) فقال لي فاجمع في هذا قولا قلت إذا حرم الشيء بوجه استدللنا على أنه لا يحرم بالذي يخالفه كما إذا أحل شيء بوجه لم يحل بالذي يخالفه والحلال ضد الحرام والنكاح حلال والزنا ضد النكاح ألا ترى أنه يحل لك الفرج بالنكاح ولا يحل لك بالزنا الذي يخالفه ؟ فقال لي منهم [ ص: 168 ] قائل فإنا روينا عن وهب بن منبه قال مكتوب في التوراة ملعون من نظر إلى فرج امرأة وابنتها ( قال ) قلت له ولا يدفع هذا وأصغر ذنبا من الزاني بالمرأة وابنتها ، والمرأة بلا ابنة ملعون ، قد لعنت الواصلة والموصولة والمختفي ( قال الربيع ) المختفي النباش والمختفية ، فالزنا أعظم من هذا كله ولعله أن يكون ملعونا بالزنا بأحدهما وإن لم ينظر إلى فرج أم ولا ابنتها لأن الله تبارك وتعالى قد أوعد على الزنا ، ولو كنت إنما حرمته من أجل أنه ملعون من نظر إلى فرج امرأة وابنتها لم يجز أن تحرم على الرجل امرأته إن زنى بها أبوه فإنه لم ينظر مع فرج امرأته إلى فرج أمها ولا ابنتها ولو كنت حرمته لقوله ملعون لزمك مكان هذا في آكل الربا ومؤكله وأنت لا تمنع من أربى إذا اشترى بأجل أن يحل له غير السلعة التي أربى ولا إذا اختفى قبرا من القبور أن يحل له أن يحفر غيره ويحفر هو إذا ذهب الميت بالبلى قال أجل قلت فكيف لم تقل لا يمنع الحرام الحلال كما قلت في الذي أربى واختفى ؟ ( قال الشافعي ) فقال بعض الناس لم قلت لا يحل نكاح إماء أهل الكتاب ؟ فقلت استدلالا بكتاب الله عز وجل قال وأين ما استدللت منه ؟ فقلت قال الله تبارك [ ص: 169 ] وتعالى { ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم } وقال { إذا جاءكم المؤمنات } الآية فقلنا نحن وأنتم لا يحل لمن لزمه اسم كفر نكاح مسلمة حرة ولا أمة بحال أبدا ولا يختلف في هذاأهل الكتاب وغيرهم من المشركين لأن الآيتين عامتان واسم المشرك لازم لأهل الكتاب وغيرهم من المشركين ووجدنا الله عز وجل قال { والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب } فلم نختلف نحن وأنتم أنهن الحرائر من أهل الكتاب خاصة إذا خصص وتكون الإماء منهن من جملة المشركات المحرمات فقال إنا نقول قد يحل الله الشيء ويسكت عن غيره غير محرم لما سكت عنه وإذا أحل حرائرهم دل ذلك على إحلال إمائهم ودل ذلك على أنه عنى بالآيتين المشركين غيرهم من أهل الأوثان فقلت : أرأيت إن عارضك معارض بمثل حجتك التي قلت فقال وجدت في أهل الكتاب حكما مخالفا حكم أهل الأوثان فوجدت الله عز وجل أباح نكاح حرائر أهل الكتاب وإنما تقاس إماؤهم بحرائرهم فكذلك أنا أقيس رجالهم بنسائهم فأجعل لرجالهم أن ينكحوا المسلمات إذا كانوا خارجين من الآيتين قال ليس ذلك له والإرخاص في حرائر نسائهم ليس الإرخاص في أن ينكح رجالهم المسلمات ؟ قلت : فإن قال لك ولكنه في مثل معناه قياسا عليه قال ولا يكون عليه قياسا وإنما قصد بالتحليل عين من جملة محرمة قلت فهذه الحجة عليك لأن إماءهم غير حرائرهم كما رجالهم غير نسائهم وإنما حرائرهم مستثنون من جملة محرمة . قال : قد اجتمع الناس على أن لا يحل لرجل منهم أن ينكح مسلمة . قلت : فإجماعهم على ذلك حجة عليك لأنهم إنما حرموا ذلك بكتاب الله عز وجل فرخصوا في الحرائر بكتاب الله قال قد اختلفوا في الإماء من أهل الكتاب . قلت : فإذا اختلفوا فالحجة عنده وعندك لمن وافق قوله معنى كتاب الله عز وجل ومن حرمهن فقد وافق معنى كتاب الله لأنهن من جملة المشركات وبرئوا من أن يكونوا من الحرائر المخصوصات بالتحليل ( قال ) وقلنا لا يحل نكاح أمة مسلمة إلا بأن لا يجد ناكحها طولا لحرة ولا تحل وإن لم يجد طولا لحرة حتى يخاف العنت فيجتمع فيه المعنيان اللذان لهما أبيح له نكاح الأمة وخالفنا فقال : يحل نكاح الأمة بكل حال كما يحل نكاح الحرة فقال لنا ما الحجة فيه ؟ فقلت كتاب الله الحجة فيه . والدليل على أن لا يحل نكاح إماء أهل الكتاب مع ما وصفنا من الدلالة عليه ؟ فقلت له : قد حرم الله الميتة فقال { حرمت عليكم الميتة والدم } واستثنى إحلاله للمضطر أفيجوز لأحد أن يقول لما حلت الميتة بحال لواحد موصوف وهو المضطر حلت لمن ليس في صفته ؟ قال لا . قلت وقد أمر الله تبارك وتعالى بالطهور وأرخص في السفر والمرض أن يقوم الصعيد مقام الماء لمن يعوزه الماء في السفر وللمريض مثل المحذور في السفر والحضر بغير إعواز أفيجوز لأحد أن يقول أجيز له التيمم في السفر على غير إعواز كما يجوز للمريض ؟ قال : لا يجوز أبدا إلا لمعوز مسافر وإذا أحل شيء بشرط لم يحلل إلا بالشرط الذي أحله الله تعالى به واحدا كان أو اثنين . قلت : وكذلك حين أوجب عتق رقبة في الظهار ثم قال { فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين } لم يكن له أن يصوم وهو يجد عتق رقبة ؟ قال نعم : فقلت له قد أصبت : فإن كانت لك بهذا حجة على أحد لو خالفك فكذلك هي عليك في إحلالك نكاح إماء أهل الكتاب . وإنما أذن الله تعالى في حرائرهم ونكاح إماء المؤمنين بكل حال وإنما أذن الله فيهن لمن لم يجد طولا ولمن يخاف العنت وما يلزمه في هذا أكثر مما وصفنا وفيما وصفت كفاية إن شاء الله تعالى . ![]()
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() ![]() كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي المجلد الخامس الحلقة (221) صــــــــــ 231 الى صـــــــــــ 237 عدة الحرة من أهل الكتاب عند المسلم والكتابي . ( قال الشافعي ) رحمه الله والحرة والكتابية يطلقها المسلم أو يموت عنها مثل الحرة المسلمة في العدة [ ص: 231 ] والنفقة والسكنى لا يختلفان في شيء من العدة والنفقة والسكنى ، وجميع ما لزم المسلمة لازم لها من الإحداد وغير ذلك وإن أسلمت في العدة قبل أن تكملها لم تستأنف وبنت على عدتها وهكذا إن طلقها الكتابي أو مات عنها وإن أرادت أن تخرج في العدة كان للزوج حيا وورثته ميتا من منعها الخروج ما لهم من منع المسلمة لا يختلفان في شيء غير أنها لا ترث المسلم ولا يرثها . العدة من الموت والطلاق والزوج غائب . ( قال الشافعي ) رحمه الله : قال الله عز وجل { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا } وقال { والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء } وقال عز ذكره { واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } قال : فكان بينا في حكم الله عز ذكره أن العدة من يوم يقع الطلاق وتكون الوفاة . ( قال ) وإذا علمت المرأة يقين وفاة الزوج أو طلاقه ببينة تقوم لها على موته أو طلاقه أو أي علم صادق ثبت عندها اعتدت من يوم يكون الطلاق وتكون الوفاة وإن لم تعتد حتى تمضي عدة الطلاق والوفاة لم يكن عليها عدة لأن العدة إنما هي مدة تمر عليها فإذا مرت عليها فليس عليها مقام مثلها . ( قال ) وإذا خفي ذلك عليها وقد استيقنت بالطلاق أو الوفاة اعتدت من يوم استيقنت أنها اعتدت منه وقد روي عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال تعتد من يوم يكون الطلاق أو الوفاة أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء الرجل يطلق امرأته أو يموت عنها وهو بمصر وهي بمصر آخر من أي يوم تعتد ؟ قال من يوم مات أو طلقها تعتد . أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن داود بن أبي عاصم قال سمعت سعيد بن المسيب يقول : إذا قامت بينة فمن يوم طلقها أو مات عنها . أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن ابن شهاب أنه قال في رجل طلق امرأته قال تعتد من يوم طلقت أخبرنا سعيد عن ابن أبي ذئب عن الزهري قال : المتوفى عنها تعتد من يوم مات والمطلقة من يوم طلقت . عدة الأمة ( قال الشافعي ) رحمه الله : ذكر الله عز وجل العدد من الطلاق بثلاثة قروء وثلاثة أشهر ومن الوفاة بأربعة أشهر وعشر وذكر الله الطلاق للرجال باثنتين وثلاثة فاحتمل أن يكون ذلك كله على الأحرار والحرائر والعبيد والإماء واحتمل أن يكون ذلك على بعضهم دون بعض وكان عز وجل قد فرق في حد الزاني بين المماليك والأحرار فقال : { الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة } وقال في الإماء { فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب } وقال في الشهادات { وأشهدوا ذوي عدل منكم } فلم يختلف من لقيت أنها على الأحرار دون العبيد وذكر المواريث فلم يختلف أحد لقيته في أن المواريث للأحرار دون العبيد ، ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم الثيب [ ص: 232 ] الحر الزاني ولم يختلف من لقيت أن لا رجم على عبد ثيب . ( قال ) وفرض الله عز وجل العدة ثلاثة قروء أو ثلاثة أشهر ، وفي الموت أربعة أشهر وعشرا وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تستبرأ الأمة بحيضة ففرق بين استبراء الأمة والحرة وكانت العدة في الحرائر استبراء وتعبدا ، وكذلك الحيضة في الأمة استبراء وتعبد . ( قال الشافعي ) فلم أعلم مخالفا ممن حفظت عنه من أهل العلم في أن عدة الأمة نصف عدة الحرة فيما كان له نصف معدود ما لم تكن حاملا فلم يجز إذ وجدنا ما وصفت من الدلائل على الفرق فيما ذكرنا وغيره بين عدة الأمة والحرة إلا أن تجعل عدة الأمة نصف عدة الحرة فيما له نصف وذلك الشهور . فأما الحيض فلا يعرف له نصف فتكون عدتها فيه أقرب الأشياء من النصف إذا لم يسقط من النصف شيء وذلك حيضتان ولو جعلناها حيضة أسقطنا نصف حيضة ولا يجوز أن يسقط عنها من العدة شيء فأما الحمل فلا نصف له . قد يكون يوما من يوم وقع عليها الطلاق وسنة وأكثر كما لم يكن للقطع نصف فيقطع الحر والعبد والأمة والحرة ، وكان للزنا حدان أحدهما الجلد فكان له نصف فجعل عليها النصف ولم يكن للرجم نصف فلم يجعل عليها ولم يبطل عنها حد الزنا وحدت بأحد حديه على الأحرار . وبهذا مضت الآثار عمن روينا عنه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . ( قال الشافعي ) فإذا تزوجت الأمة الحر أو العبد فطلقها أو مات عنها فسواء والعدة بها ، تعتد إذا كانت ممن تحيض حيضتين إذا دخلت في الدم من الحيضة الثانية حلت ، وتعتد في الشهور خمسا وأربعين إذا كانت ممن لا تحيض من صغر أو كبر ، وتعتد في الوفاة شهرين وخمس ليال ، وفي الحمل أن تضع حملها متوفى عنها أو كانت مطلقة . ( قال ) ولزوجها في الطلاق إذا كانت يملك الرجعة عليها ما على الحرة في عدتها وكذلك عليه من نفقتها في العدة ما عليه من نفقة الحرة . ولا يسقط ذلك عنه إلا أن يخرجها سيدها فيمنعها العدة في منزله فتسقط النفقة عنه كما تسقط لو كانت له زوجة فأخرجها عنه إلى بلد غير بلده . وكذلك إن كانت مطلقة طلاقا لا يملك الرجعة كانت عليه نفقتها حاملا ما لم يخرجها سيدها من منزله لأن الله عز وجل يقول في المطلقات { وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن } ولم نجد أثرا لازما ولا إجماعا بأن لا ينفق على الأمة الحامل ولو ذهبنا إلى أن نزعم أن النفقة على الحامل إنما هي للحمل كانت نفقة الحمل لا تبلغ بعض نفقة أمة وكما يكون لو كان مولودا لم تبلغ نفقته بعض نفقة أمه ولكنه حكم الله تعالى علينا اتباعه تعبدا ، وقد ذهب بعض الناس إلى أن جعل للمطلقة لا يملك زوجها رجعتها النفقة قياسا على الحامل فقال الحامل محبوسة بسببه ، وكذلك المعتدة بغير الحمل محبوسة بسببه عن الأزواج ، فذهبنا إلى أنه غلط وإنما أنفقنا على الحامل بحكم الله عز وجل لا بأنها محبوسة بسببه وقد تكون محبوسة بسببه بالموت ولا نفقة لها ، واستدللنا بالسنة على أن لا نفقة للتي لا يملك زوجها رجعتها إذا لم تكن حاملا . ( قال ) والأمة في النفقة بعد الفراق والسكنى ما كانت في العدة كالحرة إلا ما وصفت من أن يخرجها سيدها ، أخبرنا سفيان عن محمد بن عبد الرحمن مولى أبي طلحة عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن عتبة عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أنه قال ينكح العبد امرأتين ويطلق تطليقتين وتعتد الأمة حيضتين فإن لم تكن تحيض فشهرين أو شهرا ونصفا : قال سفيان وكان ثقة ، أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عمرو بن أوس الثقفي عن رجل من ثقيف أنه سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول لو استطعت لجعلتها حيضة ونصفا فقال رجل فاجعلها شهرا ونصفا فسكت عمر . ( قال ) وإذا طلق الحر أو العبد الأمة طلاقا يملك فيه الرجعة فعدتها عدة أمة وإذا مضت عدتها ، ثم عتقت لم تعد لعدة ولم تزد على عدتها [ ص: 233 ] الأولى ، وإن أعتقت قبل مضي العدة بساعة أو أقل أكملت عدة حرة لأن العتق وقع وهي في معاني الأزواج في عامة أمرها . فإن مات بعد الطلاق الذي يملك فيه الرجعة قبل العتق لم ترثه وكذلك لو ماتت لم يرثها . وإن مات أو ماتت وقد عتقت قبل مضي عدتها عدة الأمة وقبل مضي عدة الحرة توارثا ويقع عليها إيلاؤه وطلاقه وظهاره وما يقع بين الزوجين . ( قال ) وإذا كان طلاقه وإيلاؤه وظهاره يقع عليها إذا طلقت طلاقا يملك فيه الرجعة إلى أن تنقضي عدتها فعتقت قبل أن تنقضي عدتها لم يجز والله تعالى أعلم ، إلا أن تعتد عدة حرة ويتوارثان قبل انقضاء عدتها التي لزمتها بالحرية ، ولو كانت الأمة عند عبد فطلقها طلاقا يملك فيه الرجعة فلم تنقض عدتها حتى عتقت فاختارت فراقه كان ذلك لها وكان اختيارها فراقه فسخا بغير طلاق وتكمل منه عدة حرة من الطلاق الأول لأنها صارت حرة قبل أن تنقضي عدتها من طلاق يملك فيه الرجعة ولا تستأنف عدة لأنه لو كان أحدث لها رجعة ثم طلقها ولم يصبها بنت على العدة الأولى لأنها مطلقة لم تمس فإنما عليها من العدة الأولى إكمال عدة حرة . ولو كان طلاق الأمة طلاقا لا يملك فيه الرجعة ثم عتقت في العدة ففيها قولان أحدهما أن تبني على العدة الأولى وأن لا خيار لها لأنها غير زوجة ولا تستأنف عدة لأنها ليست بزوجة ولا في معاني الأزواج لا يقع عليها طلاقه ولا إيلاؤه ولا ظهاره ولا يتوارثان لو كانا في تلك الحال حرين . والقول الثاني أن عليها أن تكمل عدة حرة ولا تكون حرة تكمل عدة أمة ومن ذهب إلى هذا ذهب إلى أن يقيسه على العدة في الطلاق الذي يملك فيه الرجعة . وقال المرأة تعتد بالشهور ثم تحيض تستقبل الحيض ولا يجوز أن تكون في بعض عدتها ممن تحيض وهي تعتد بالشهور فيقول وهكذا لا يجوز أن تكون في بعض عدتها حرة وهي تعتد عدة أمة وقال في المسافر يصلي ركعة ثم ينوي المقام يتم أربعا ولا يجوز أن يكون في بعض صلاته مقيما يصلي صلاة مسافر وهذا أشبه القولين - والله تعالى أعلم - بالقياس . ( قال ) والأمة من الأزواج فإذا اجتمعت عليها عدتان قضتهما كما تقضيهما الحرة وهي في النكاح الفاسد والإحداد كالحرة يثبت عليها ما يثبت على الحرة ويرد عنها ما يرد عنها . استبراء أم الولد أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه قال في أم الولد يتوفى عنها سيدها قال تعتد بحيضة . ( قال الشافعي ) وإذا ولدت الأمة من سيدها فأعتقها أو مات عنها استبرأت بحيضة ولا تحل من الحيضة للأزواج حتى ترى الطهر فإذا رأته حلت وإن لم تغتسل . وإن أعتقها أو مات عنها وهي حائض لم يعتد بتلك الحيضة ، وإن أعتقها أو مات عنها وهي لا تعلم فاستيقنت أنها قد حاضت بعد العتق حلت وإن لم تستيقن استبرأت نفسها بحيضة من ساعة يقينها ثم حلت . ( قال ) وإن كانت حاملا فأجلها أن تضع حملها . وإن استرابت لم تنكح حتى تستبرأ وهي كالحرة في الاستبراء من العدة سواء . وإذا ولدت جارية الرجل منه أحببت له أن لا يزوجها وإن استبرأها ثم زوجها فالنكاح ثابت عليها رضيت أو لم ترض . فإن مات سيدها ولم يطلقها زوجها ولم يمت فلا استبراء عليها من سيدها وإن طلقها زوجها طلاقا يملك فيه الرجعة أو طلاقا بائنا فلم تنقض عدتها حتى مات سيدها لم يكن عليها استبراء من سيدها لأن فرجها ممنوع منه بشيء أباحه لغيره بنكاح وعدة من نكاح . وكذلك لو مات عنها زوجها فلم تنقض عدتها منه حتى يموت سيدها لم تستبرئ من سيدها لأن فرجها ممنوع منه بعدة من نكاح . [ ص: 234 ] ولو مات زوجها أو طلقها فانقضت عدتها منه ثم مات سيدها استبرأت من سيدها بحيضة ( قال ) ولو مات زوجها وسيدها ويعلم أن أحدهما مات قبل الآخر بيوم أو شهرين وخمس ليال أو أكثر ولا يعلم أيهما مات قبل . اعتدت من حين مات الآخر منهما أربعة أشهر وعشرا تأتي فيها بحيضة وإنما قلنا تدخل إحدى العدتين في الأخرى أنهما لا يلزمانها معا وإنما يلزمها إحداهما فإذا جاءت بهما معا على الكمال في وقت واحد فذلك أكثر ما يلزمها إن كان سيدها مات قبل زوجها فلا استبراء عليها من سيدها وعليها أربعة أشهر وعشر وإن كان زوجها مات قبل سيدها ولم تستكمل شهرين وخمس ليال فلا استبراء عليها من سيدها . وإن كان سيدها مات بعد مضي شهرين وخمس ليال فعليها أن تستبرئ من سيدها بحيضة ولا ترث زوجها حتى تستيقن أن سيدها مات قبل زوجها ، ولو كان زوج هذه طلقها تطليقة يملك الرجعة ثم مات سيدها . ثم مات زوجها وهي في العدة وكان الزوج حرا اعتدت عدة الوفاة من يوم مات زوجها أربعة أشهر وعشرا وورثت زوجها ولم تبال أن لا تأتي بحيضة لأنه لا استبراء عليها من سيدها إذا كانت في عدة من زوجها . ولو كان زوجها عبدا فطلقها تطليقة يملك الرجعة ثم مات سيدها وهي في عدتها من الطلاق أو أعتقها فلم تختر فراق الزوج حتى مات الزوج حرا . كان لها منه الميراث وتستقبل منه عدة أربعة أشهر وعشرا من يوم مات الزوج ولا استبراء عليها من سيدها ، ولو اختارت فراقه حين عتقت قبل أن يموت كان الفراق فسخا بغير طلاق ولم يكن عليها عدة وفاة ولم ترثه وأكملت عدة الطلاق ولم يكن له عليها رجعة بعد اختيارها فراقه قبل موته ولا استبراء لسيدها ( قال ) وإذا جاءت أم ولد رجل بعد موته بولد لأكثر ما تلد له النساء من آخر ساعات حياته فالولد لاحق به ، وهكذا في الحياة لو أعتقها إذا لم يدع أنه استبرأها ولو جاءت به لأكثر مما تلد له النساء من يوم مات أو أعتق لم يلزمه ( قال ) وعدة أم الولد إذا كانت حاملا أن تضع حملها وإن لم تكن حاملا فحيضة ( قال ) وإذا مات الرجل عن مدبرة له كان يطؤها أو أمة كان يطؤها استبرأت بحيضة فإن نكحت هي أو أم الولد قبلها فسخ النكاح وإن كانت امرأة لا يطؤها فلا استبراء عليها وأحب إلي لو لم تنكح حتى تستبرئ نفسها . وإذا كانت للعبد امرأة ثم كاتب فاشتراها للتجارة فالشراء جائز كما يجوز شراؤه لغيرها والنكاح فاسد إذا جعلته يملكها لم أجعل له نكاحها وتعتد من النكاح بحيضتين فإن لم تكن تحيض فشهر ونصف وليس له أن يطأها بالملك لأنه لا يملك ملكا تاما ، وإن عتق قبل مضي عدتها كان له أن يطأها وهي تعتد من مائة إنما تحرم على غيره في عدتها منه ولا تحرم عليه ولا أكره له وطأها في هذه الحال إنما أكره له ذلك في الماء الفاسد ولا أحرمه عليه ولا أفسد النكاح ولو وقع وهي تعتد من الماء الفاسد ، ولو مات المكاتب قبل أن يؤدي أكملت بقية عدتها من انفساخ نكاحه وكانت مملوكة للسيد ترك وفاء أو لم يتركه أو ولدا كانوا معه في الكتابة أو أحرارا ولم يدعهم ، ولو رضي السيد أن يزوجه إياها فزوجه إياها لم يجز لأنها ملك للمكاتب كما يملك ماله ولو رضي أن يتسراها لم يكن ذلك له ولو تسراها المكاتب فولدت ألحقت به الولد ومنعته الوطء وفيها قولان : أحدهما لا يبيعها بحال خاف العجز أو لم يخفه لأني قد حكمت لولدها بحكم الحرية إن عتق أبوه والثاني : أن له بيعها إن خاف العجز ولا يجوز له أن يبيعها إن لم يخفه ، وإن مات استبرأت بحيضة كما تستبرئ الأمة وكذلك إذا منعته وطأها أو أراد بيعها استبرأت بحيضة لا تزيد عليها . وإذا تزوج المكاتب امرأة حرة ثم ورثته فسد النكاح واعتدت منه عدة مطلقة وإن مات حين تمكثه حرا أو مملوكا فسواء النكاح ينفسخ وعدتها عدة مطلقة لا عدة [ ص: 235 ] متوفى عنها زوجها ولا ترث منه إن كان حرا لأن النكاح انفسخ ساعة وقع عقد الملك وهذا لو كانت بنت سيده زوجه إياها بإذنها فالنكاح ثابت ومتى ورثت منه شيئا كان كما وصفت وإذا مات الرجل وجاءت امرأته بولد لأكثر ما تلد له النساء ألزمت الميت الولد أقرت بانقضاء العدة أو لم تقر بها ما لم تنكح زوجا يمكن أن يكون منه ، ولو جاءت بولد فأنكر الورثة أن تكون ولدته فجاءت بأربع نسوة يشهدن على أنها ولدته لزم الميت ، وهكذا كل زوج جحد ولاد امرأته ولم يقذفها فقال لم تلدي هذا الولد لم يلزمه إلا بأن يقر به أو بالحمل به أو تأتي المرأة بأربع نسوة يشهدن على ولادها فيلزمه إلا أن ينفيه بلعان . وإذا نكح الرجل المرأة فلم يقر بالدخول بها ولا ورثته وجاءت بولد لستة أشهر من يوم نكحها أو أكثر لزمه ، وكذلك لو طلقها لزمه لأكثر ما تلد له النساء إلا أن ينفيه بلعان ، وإذا مات الصبي الذي لا يجامع مثله عن امرأته دخل بها أو لم يدخل بها حتى مات فعدتها أربعة أشهر وعشر لأن الحمل ليس منه ولا يلحق به إذا أحاط العلم أن مثله لا ينزل بعد موته ولا في حياته ، وإن وضعت الحمل قبل أربعة أشهر وعشر أكملت أربعة أشهر وعشرا وإن مضت الأربعة الأشهر والعشر قبل وضع الحمل حلت منه وتحد في الأربعة الأشهر والعشر ولا تحد بعدها . وإذا نكح الخصي غير المجبوب والخصي المجبوب وعلمت زوجتاهما قبل النكاح فرضيتا أو بعد النكاح فاختارتا المقام فالنكاح جائز ، وإذا أصاب الخصي غير المجبوب فهو كالرجل غير الخصي يجب المهر بإصابته ، وإذا كان أبقي للخصي شيء يغيب في الفرج فهو كالخصي غير المجبوب ، وإن لم يبق شيء وكان والخصي ينزلان لحقهما الولد كما يلحق الفحل واعتدت زوجتاهما منهما كما تعتد زوجة الفحل من الطلاق والوفاة وطلاقهما بكل حال إذا كانا بالغين كطلاق الفحل البالغ . ولا يجوز طلاق الصبي حتى يستكمل خمس عشرة أو يحتلم قبلها ، ولا طلاق المعتوه ، ولا طلاق المجنون الذي يجن ويفيق إذا طلق في حال جنونه وإن طلق في حال صحته جاز ( قال ) ويجوز طلاق السكران . ومن لم يجز طلاقه فالمرأة امرأته حتى يموت أو يصير إلى أن يجوز طلاقه وكل بالغ مغلوب على عقله يلزمه الولد كما يلزم الصحيح ولا يكون له أن ينفي الولد بلعان لأنه ليس ممن يعقل لعانا ولا تبين منه امرأته . عدة الحامل قال الله عز وجل في المطلقات { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } . ( قال الشافعي ) رحمه الله : فأي مطلقة طلقت حاملا فأجلها أن تضع حملها . ( قال ) ولو كانت تحيض على الحمل تركت الصلاة واجتنبها زوجها ولم تنقض عدتها بالحيض لأنها ليست من أهله إنما أجلها أن تضع حملها . ( قال ) فإن كانت ترى أنها حامل وهي تحيض فارتابت أحصت الحيض ونظرت في الحمل فإن مرت لها ثلاث حيض فدخلت في الدم من الحيضة الثالثة وقد بان لها أن ليس بها حمل فقد انقضت عدتها بالثلاث الحيض فإن ارتجعها زوجها في حال ارتيابها بعد ثلاث حيض وقفنا الرجعة فإن بان حمل فالرجعة ثابتة ، وإن بان أن ليس بها حمل فالرجعة باطلة ، وإن عجل فأصابها فلها المهر بما أصاب منها وتستقبل عدة أخرى ويفرق بينهما وهو خاطب ، وهكذا المرأة المطلقة التي لم تحض ترتاب من الحمل فتمر بها ثلاثة أشهر لا تخالف حال التي ارتابت من الحمل وهي تحيض فحاضت ثلاث حيض إن برئت من الحمل برئت من العدة في الثلاثة الأشهر التي مرت بها بعد الطلاق في حال ريبة [ ص: 236 ] مرت بها أو غير ريبة ، وإن لم تبرأ من الحمل وبان بها الحمل فأجلها أن تضع حملها وإن راجعها زوجها في الثلاثة الأشهر ثبتت الرجعة كانت حاملا أو لم تكن ، فإذا راجعها بعد الثلاثة الأشهر وقفت الرجعة فإن برئت من الحمل فالرجعة باطلة ، وإن كان الطلاق يملك الرجعة أنفق عليها في الحيض أو الشهور ، وإن أنفق عليها وهو يراه حملا بطلت النفقة من يوم أكملت الحيض والشهور ويرجع عليها بما أنفق بعد مضي العدة بالشهور والحيض ويرجع بما أنفق حين كان يراها حاملا فإن كانت حاملا فالرجعة ثابتة ولها النفقة فإن دخل بها فأبطلت الرجعة جعلت لها الصداق بالمسيس واستأنفت العدة من يوم أصابها وكان خاطبا فإن راجعها وهي ترى أنها حامل بعد الثلاثة الأشهر ثم انفش ما في بطنها فعلم أنها غير حامل فالرجعة باطلة . ( قال الربيع ) انفش ذهب . ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : ولا تنكح المرتابة من المطلقات ولا المتوفى عنها زوجها من الحمل وإن أوفين عددهن لأنهن لا يدرين ما عددهن ؟ الحمل أو ما اعتدن به ؟ وإن نكحن لم نفسخ النكاح ووقفناه فإن برئن من الحمل فالنكاح ثابت وقد أسأن حين نكحن وهن مرتابات ، وإن كان الحمل منعناهن الدخول حتى يتبين أن ليس حمل فإن وضعن أبطلنا النكاح وإن بان أن لا حمل خلينا بينهن وبين الدخول ( قال ) ومتى وضعت المعتدة ما في بطنها كله فقد انقضت عدتها مطلقة كانت أو متوفى عنها ولو كان ذلك بعد الطلاق أو الموت بطرفة عين . وإن كانت حاملا باثنين أو ثلاثة فوضعت الأول فلزوجها عليها الرجعة حتى تضع الثاني . فإن راجعها بعد وضع الأول وهي تجد حركة ولد أوقفنا الرجعة فإن ولدت ولدا آخر أو أسقطت سقطا تبين له من خلق الآدميين شيء فرجعته ثابتة وإن لم تضع شيئا إلا ما يخرج من النساء مما يتبع الولد أو ما لا يتبين فيه شيء من خلق الآدميين فالرجعة باطلة وكذلك هذا لو وضعت الأولين وبقي ثالث أو شيء تجده تراه ثالثا . أو ثلاثة وبقي رابع لا تخلوا أبدا من زوجها إلا بوضع آخر حملها وليس ما يتبع الحمل من المشيمة وغيرها مما لا يبين له خلق آدمي حملا . ( قال ) ولو ارتجعها وقد خرج بعض ولدها وبقي بعضه كانت له عليها الرجعة ولا تخلو منه حتى يفارقها كله خارجا منها فإذا فارقها كله فقد انقضت عدتها . وإن لم يقع في طست ولا غيره . ( قال ) وأقل ما تخلو به المعتدة من الطلاق والوفاة من وضع الحمل أن تضع سقطا قد بان له من خلق بني آدم شيء عين أو ظفر أو أصبع أو رأس أو يد أو رجل أو بدن أو ما إذا رئي علم من رآه أنه لا يكون إلا خلق آدمي لا يكون دما في بطن ولا حشوة ولا شيئا لا يبين خلقه . فإذا وضعت ما هو هكذا حلت به من عدة الطلاق والوفاة . ( قال ) وإذا ألقت شيئا مجتمعا شك فيه أهل العدل من النساء أخلق هو أم لا لم تحل به ولا تخلو إلا بما لا يشككن فيه . وإن اختلفت هي وزوجها فقالت قد وضعت ولدا أو سقطا قد بان خلقه ، وقال زوجها لم تضعي . فالقول قولها مع يمينها ، وإن لم تحلف ردت اليمين على زوجها . فإن حلف على البت ما وضعت كانت له الرجعة وإن لم يحلف لم يكن له الرجعة قال ولو قالت وضعت شيئا أشك فيه أو شيئا لا أعقله وقد حضره نساء فاستشهدت بهن وأقل من يقبل في ذلك أربع نسوة حرائر عدول مسلمات لا يقبل أقل منهن ولا يقبل فيهن والدة ولا ولد وتقبل أخواتها وغيرهن من ذوي قرابتها والأجنبيات ومن أرضعها من النساء . ولو طلق رجل امرأته وولدت فلم تدر هي أوقع الطلاق عليها قبل ولادها أو بعده ؟ وقال هو وقع بعد ما [ ص: 237 ] ولدت فلي عليك الرجعة وكذبته فالقول قوله وهو أحق بها لأن الرجعة حق له . والخلو من العدة حق لها فإذا لم تدع حقها فتكون أملك بنفسها لأنه فيها دونه لم يزل حقه إنما يزول بأن تزعم هي أنه زال . ( قال ) ولو لم يدر هو ولا هي أوقع الطلاق قبل الولاد أو بعده بأن كان عنها غائبا حين طلقها بناحية من مصرها أو خارج منه كانت عليها العدة لأن العدة تجب على المطلقة فلا تزيلها عنها إلا بيقين أن تأتي بها وكان الورع أن لا يرتجعها لأني لا أدري لعلها قد حلت منه ولو ارتجعها لم أمنعه لأنه لا يجوز لي منعه رجعتها إلا بيقين أن قد حلت منه ( قال ) والحرة الكتابية تكون تحت المسلم أو الكتابي في عدد الطلاق أو الوفاة وما يلزم المعتدة من ترك الخروج والإحداد وغير ذلك ويلزم لها بكل وجه سواء لا يختلفان في ذلك والحرة المسلمة الصغيرة كذلك وكذلك الأمة المسلمة إلا أن عدة الأمة في غير الحمل نصف عدة الحرة وأن لسيد الأمة أن يخرجها وإذا أخرجها لم يكن لها نفقة على مطلق يملك الرجعة ولا حمل . ( قال ) وتجتمع العدة من النكاح الثابت والنكاح الفاسد في شيء وتفترق في غيره . وإذا اعتدت المرأة من الطلاق والمنكوحة نكاحا فاسدا بالفرقة فعدتهما سواء لا يختلفان في موضع الحمل والأقراء والشهور غير أن لا نفقة لمنكوحة نكاحا فاسدا في الحمل ولا سكنى إلا أن يتطوع المصيب لها بالسكنى ليحصنها فيكون ذلك لها بتطوعه وله بتحصينها . وإذا نكح الرجل المرأة نكاحا فاسدا فمات عنها ثم علم فساد النكاح بعد موته أو قبله فلم يفرق بينهما حتى مات فعليها أن تعتد هذه عدة مطلقة ولا تعتد عدة متوفى عنها ولا تحد في شيء من عدته ولا ميراث بينهما لأنها لم تكن زوجة وإنما تستبرأ بعدة مطلقة لأن ذلك أقل ما تعتد به حرة فتعتد إلا أن تكون حاملا فتضع حملها فتحل للأزواج بوضع الحمل . وإذا طلق الرجل امرأته طلاقا يملك فيه الرجعة أو لا يملكها فلم يحدث لها الزوج رجعة ولا نكاحا حتى ولدت لأكثر من أربع سنين من يوم طلقها الزوج وأنكر الزوج الولد ولم يقر بالحمل فالولد منفي عنه بلا لعان لأنها ولدت بعد الطلاق لما لا تلد له النساء . وإن كان الطلاق لا يملك في الرجعة ردت نفقة الحمل إن كانت أخذتها . وإن كان يملك الرجعة فلم تقر بثلاث حيض مضت أو تكون ممن تعتد بالشهور فتقر بمضي ثلاثة أشهر فلها النفقة في أقل ما كانت تحيض له ثلاث حيض وذلك أني أجعلها طاهرا حين طلقها ثم تحيض من يومها ثم أحسب لها أقل ما كانت تحيض فيه ثلاث حيض فأجعل لها فيه النفقة إلى أن تدخل في الدم من الحيضة الثالثة أبتدئ ذلك بما وصفت من أن أجعل طهرها قبل حيضها من يوم طلقها وأقل ما تحيض وتطهر وإن كان حيضها يختلف فيطول ويقصر لم أجعل لها إلا أقل ما كانت تحيض لأن ذلك اليقين وأطرح عنه الشك وأجعل العدة منقضية بالحمل لأنها مفسدة للحيضة وواضعة للحمل فلو كانت عدتها الشهور جعلت لها نفقة ثلاثة أشهر من يوم طلقها وبرئت من العدة بوضع الحمل . وإن لم يلزمه الولد كان من غيره . ( قال ) ولو أقر به الزوج كان ابنه لأنه قد يرتجع وينكح نكاحا جديدا ويصيب بشبهة في العدة ليكون ولده . ولو لم يقر به الزوج ولكن المرأة ادعت أنه راجعها في العدة أو نكحها إذا كان الطلاق بائنا وأصابها وهي ترى أن له عليها الرجعة وأنكر ذلك كله أو مات ولم يقر لم يلزمه الولد في شيء من هذا وعليه اليمين على دعواها إن كان حيا وعلى ورثته على علمهم إن كان ميتا وسألت أيمانهم . ![]()
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |