كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله - الصفحة 31 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         كبر الهمَّة في العلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          علماء الحديث مهرة متقنون/ الإمام البخاري وشيخه أبو نعيم نموذجا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          لذائذ الضعف... (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          معاني الحج وحِكَمه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          اعتياد المساجد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          الدقة المتناهية لعلماء الحديث في الرواية / مارواه زيد بن أسلم نموذجا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          مفاتن السعــــــــادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          همسة في آذان الحساد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          كيف تتدبر القرآن (خطوات عملية) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الفقيه الأميرال أسد بن الفرات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 7 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-09-2024, 07:11 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,422
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السابع
الحلقة (304)
صــــــــــ 164 الى صـــــــــــ 170



عليهن ما لهن منه بد ثم يلزمهن فكيف لم تجعل الأولياء قياسا على الآباء؟ قيل: لافتراق الآباء والأولياء وأن الأب يملك من العقد على ولده ما لا يملكه منه غيره ألا ترى أنه يعقد على البكر بالغا ولا يرد عنها وإن كرهت ولا يكون ذلك للعم ولا للأخ ولا ولي غيره فإن قال قائل: فإنا لا نجيز للأب أن يعقد على البكر بالغا ونجعله فيها وفي الثيب مثل غيره من الأولياء قيل: فأنت تجعل قبضه لمهر البكر قبضا ولا تجعل ذلك لولي غيره إلا وصي بمال وتجعل عقده عليها صغيرة جائزا لا خيار لها فيه وتجعل لها الخيار إن عقد عليها ولي غيره ولو كان مثل سائر الأولياء ما كنت قد فرقت بينه وبين الأولياء وهذا مكتوب في كتاب النكاح.
وإذا نظر الرجل إلى فرج المرأة من شهوة فإن أبا حنيفة - رحمه الله - كان يقول: تحرم على ابنه وعلى أبيه وتحرم عليه أمها وابنتها بلغنا ذلك عن إبراهيم وبلغنا عن عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - أنه خلا بجارية له فجردها وأن ابنا له استوهبها منه فقال له: إنها لا تحل لك وبلغنا عن عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - أنه قال ملعون من نظر إلى فرج وأمها وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: لا يحرم من ذلك شيء ما لم يلمسه.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : إذا لمس الرجل الجارية حرمت على أبيه وابنه ولا تحرم عليه بالنظر دون اللمس.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولا بأس أن يتزوج الرجل ابنة الرجل وامرأة الرجل فيجمع بينهما لأن الله عز وجل إنما حرم الجمع بين الأختين وهاتان ليستا بأختين وحرم الأم والبنت إحداهما بعد الأخرى وهذه ليست بأم ولا بنت وقد جمع عبد الله بن جعفر بين امرأة علي - رضي الله عنه - وابنته وعبد الله بن صفوان بين امرأة رجل وابنته.
وإذا نظر الرجل إلى فرج أمته من شهوة فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: لا تحل لأبيه ولا لابنه ولا تحل له أمها ولا بنتها وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى - رضي الله عنه - يقول: هي له حلال حتى يلمسها.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا زنى الرجل بالمرأة فلا تحرم عليه هي إن أراد أن ينكحها ولا أمها ولا ابنتها لأن الله عز وجل إنما حرم بالحلال والحرام ضد الحلال، وهذا مكتوب في كتاب النكاح من أحكام القرآن.
وإذا تزوج الرجل المرأة بشاهدين من غير أن يزوجها ولي والزوج كفؤ لها فإن أبا حنيفة - رحمه الله - كان يقول: النكاح جائز ألا ترى أنها لو رفعت أمرها إلى الحاكم وأبى وليها أن يزوجها كان للحاكم أن يزوجها ولا يسعه إلا ذلك ولا ينبغي له غيره فكيف يكون ذلك من الحاكم والولي جائزا ولا يجوز ذلك منها وهي قد وضعت نفسها في الكفاءة بلغنا عن علي بن أبي طالب - رضي الله تعالى عنه - أن امرأة زوجت ابنتها فجاء أولياؤها فخاصموا الزوج إلى علي - رضي الله تعالى عنه - فأجاز علي النكاح وكان ابن أبي ليلى لا يجيز ذلك وقال أبو يوسف: هو موقوف وإن رفع إلى الحاكم وهو كفء أجزت ذلك كأن القاضي ها هنا ولي بلغه أن ابنته قد تزوجت فأجاز ذلك (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : كل نكاح بغير ولي فهو باطل لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - «أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ثلاثا» .
وإذا تزوج الرجل المرأة فأعلن المهر وقد كان أسر قبل ذلك مهرا وأشهد شهودا عليه وأعلم الشهود أن المهر الذي يظهره فهو كذا وكذا سمعة يسمع بها لقوم وأن أصل المهر هو كذا وكذا الذي في السر ثم تزوج فأعلن الذي قال فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - كان يقول: المهر هو الأول وهو المهر الذي في السر والسمعة باطل الذي أظهر للقوم وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: السمعة هي المهر والذي أسر باطل أبو يوسف عن مطرف عن عامر قال: إذا أسر الرجل مهرا وأعلن أكثر من ذلك أخذ بالعلانية أبو يوسف عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن شريح وإبراهيم مثله (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا تزوج الرجل امرأة بمهر علانية وأسر قبل ذلك مهرا أقل منه فالمهر مهر العلانية الذي وقعت عليه عقدة النكاح إلا أن يكون شهود المهرين واحدا فيثبتون على أن المهر مهر السر وأن المرأة والزوج عقدا النكاح عليه وأعلنا الخطبة بمهر غيره أو
يشهدون أن المرأة بعد العقد أقرت بأن ما شهد لها به منه سمعة لا مهر.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولا يجوز النكاح إلا بولي وشاهدي عدل ورضا المنكوحة والناكح إلا في الأمة فإن سيدها يزوجها والبكر فإن أباها يزوجها ومن لم يبلغ فإن الآباء يزوجونهم وهذا مكتوب في كتاب النكاح.
(قال) : وإذا زوج الرجل ابنته وقد أدركت فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: إذا كرهت ذلك لم يجز النكاح عليها لأنها قد أدركت وملكت أمرها فلا تكره على ذلك، بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال «البكر تستأمر في نفسها وإذنها صماتها» فلو كانت إذا كرهت أجبرت على ذلك لم تستأمر وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: النكاح جائز عليها وإن كرهت.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : إنكاح الأب خاصة جائز على البكر بالغة وغير بالغة والدلالة على ذلك قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأمر في نفسها» ففرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهما فجعل الأيم أحق بنفسها وأمر في هذه بالمؤامرة والمؤامرة قد تكون على استطابة النفس لأنه روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «وآمروا النساء في بناتهن» ولقول الله عز وجل {وشاورهم في الأمر} [آل عمران: ١٥٩] ولو كان الأمر فيهن واحدا لقال: الأيم والبكر أحق بنفسيهما وهذا كله مستقصى بحججه في كتاب النكاح.
وإذا تزوج الرجل المرأة ثم اختلفا في المهر فدخل بها وليس بينهما بينة فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول في ذلك: لها مهر مثلها إلا أن يكون ما ادعت أقل من ذلك فيكون لها ما ادعت، وكان ابن أبي ليلى يقول: إنما لها ما سمى لها الزوج وليس لها شيء غير ذلك وبه يأخذ ثم قال أبو يوسف بعد أن أقر الزوج بما يكون مهر مثلها أو قريبا منه قبل منه وإلا لم يقبل منه.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا تزوج الرجل المرأة دخل بها أو لم يدخل فاختلفا في المهر تحالفا وكان لها مهر مثلها كان أقل مما ادعت أو أقل مما أقر به الزوج أو أكثر كالقول في البيوع الفائتة إلا أنا لا نرد العقد في النكاح بما يرد به العقد في البيوع ونحكم له حكم البيوع الفائتة لأن البيوع الفائتة يحكم فيها بالقيمة وهذا يحكم فيه بالقيمة والقيمة فيه مهر مثلها كما هي في البيوع قيمة مثل السلعة.
وإذا أعتقت الأمة وزوجها حر فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يجعل لها الخيار إن شاءت اختارت نفسها وإن شاءت أقامت مع زوجها وكان ابن أبي ليلى يقول: لا خيار لها ومن حجة ابن أبي ليلى في بريرة أنه يقول: كان زوجها عبدا ومن حجة أبي حنيفة في ذلك أنه يقول: إن الأمة لا تملك نفسها ولا نكاحها وقد بلغنا «عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه خير بريرة حين عتقت» وقد بلغنا عن عائشة - رضي الله عنها - أن زوج بريرة كان حرا.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أعتقت الأمة فإن كانت تحت عبد فلها الخيار وإن كانت تحت حر فلا خيار لها وذلك أن زوج بريرة كان عبدا وهذا مكتوب في كتاب النكاح.
وإذا تزوجت وزوجها غائب كان قد نعي إليها فولدت من زوجها الآخر ثم جاء زوجها الأول فإن أبا حنيفة - رضي الله تعالى عنه - كان يقول: الولد للأول وهو صاحب الفراش وقد بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال «الولد للفراش وللعاهر الحجر» وكان ابن أبي ليلى يقول: الولد للآخر لأنه ليس بعاهر والعاهر الزاني لأنه متزوج وكذلك بلغنا عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وبه يأخذ.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا بلغ المرأة وفاة زوجها فاعتدت ثم نكحت فولدت أولادا ثم جاء زوجها المنعى حيا فسخ النكاح الآخر واعتدت منه وكانت زوجة الأول كما هي وكان الولد للآخر لأنه نكحها نكاحا حلالا في الظاهر حكمه حكم الفراش.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا لمس الرجل الجارية: حرمت على أبيه وابنه ولا تحرم على أبيه وابنه بالنظر دون اللمس.
[باب الطلاق]
قال أبو يوسف عن الأشعث بن سوار عن الحكم عن إبراهيم عن ابن مسعود أنه كان يقول: في الحرام إن نوى يمينا فيمين وإن نوى طلاقا فطلاق وهو ما نوى من ذلك وإذا قال الرجل: كل حل علي حرام فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: القول قول الزوج فإن لم يعن طلاقا فليس بطلاق وإنما هي يمين يكفرها وإن عنى الطلاق ونوى ثلاثا فثلاث وإن نوى واحدة فواحدة بائنة وإن نوى طلاقا ولم ينو عددا فهي واحدة بائنة وكذلك إذا قال لامرأته: هي علي حرام وكذلك إذا قال لامرأته: خلية أو برية أو بائن أو بتة فالقول قول الزوج وهو ما نوى إن نوى واحدة فهي واحدة بائنة وإن نوى ثلاثا فثلاث بلغنا ذلك عن شريح وإن نوى اثنتين فهي واحدة بائنة وإن لم ينو طلاقا فليس بطلاق غير أن عليه اليمين ما نوى طلاقا وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: في جميع ما ذكرت هي ثلاث تطليقات لا ندينه في شيء منها ولا نجعل القول قوله في شيء من ذلك (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قال الرجل لامرأته: أنت علي حرام فإن نوى طلاقا فهو طلاق وهو ما أراد من عدد الطلاق والقول في ذلك قوله مع يمينه وإن لم يرد طلاقا فليس بطلاق ويكفر كفارة يمين قياسا على الذي يحرم أمته فيكون عليه فيها الكفارة لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرم أمته فأنزل الله عز وجل {لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك} [التحريم: ١] وجعلها الله يمينا فقال {قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم} [التحريم: ٢] . .
وإذا قال الرجل لامرأته: أمرك في يدك فقالت: قد طلقت نفسي ثلاثا فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: إذا كان الزوج نوى ثلاثا فهي ثلاث وإن كان نوى واحدة فهي واحدة بائنة وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: هي ثلاث ولا يسأل الزوج عن شيء (قال الشافعي) : وإذا خير الرجل امرأته أو ملكها أمرها فطلقت نفسها تطليقة فهو يملك الرجعة فيها كما يملكها لو ابتدأ طلاقها، وكان أبو حنيفة يقول: في الخيار إن اختارت نفسها فواحدة بائنة وإن اختارت زوجها فلا شيء وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: إن اختارت نفسها فواحدة يملك بها الرجعة وإن اختارت زوجها فلا شيء. .
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قال الرجل لامرأته ولم يدخل بها أنت طالق أنت طالق بانت بالأولى ولم يكن عليها عدة فتلزمها الثنتان وإنما أحدث كل واحدة منهما لها وهي بائن منه حلال لغيره وهكذا قال أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام.
وإذا قال الرجل لامرأته ولم يدخل بها: أنت طالق أنت طالق أنت طالق طلقت بالتطليقة الأولى ولم يقع عليها التطليقتان الباقيتان وهذا قول أبي حنيفة بلغنا عن عمر بن الخطاب وعن علي وعبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت وإبراهيم بذلك لأن امرأته ليست عليها عدة فقد بانت منه بالتطليقة الأولى وحلت للرجال ألا ترى أنها لو تزوجت بعد التطليقة الأولى قبل أن يتكلم بالثانية زوجا كان نكاحها جائزا فكيف يقع عليها الطلاق وهي ليست بامرأته وهي امرأة غيره وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: عليها الثلاث التطليقات إذا كانت من الرجل في مجلس واحد على ما وصفت لك.
وإذا شهد شاهد على رجل أنه طلق امرأته واحدة وشهد آخر أنه طلقها اثنتين فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: شهادتهما باطلة لأنهما قد اختلفا وكان ابن أبي ليلى يقول: يقع عليها من ذلك تطليقة لأنهما قد اجتمعا عليها وبهذا يأخذ.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا شهد الرجل أنه سمع رجلا يقول لامرأته: أنت طالق واحدة وشهد آخر أنه سمعه يقول: لها أنت طالق ثنتين فهذه شهادة مختلفة فلا تجوز ولو شهدا فقالا: نشهد أنه طلق امرأته وقال أحدهما: قد أثبت الطلاق ولم أثبت عدده وقال الآخر: قد أثبت
الطلاق وهو ثنتان لزمته واحدة لأنهما يجتمعان عليها.
وإذا طلق الرجل امرأته ثلاثا وقد دخل بها فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول في ذلك: لها السكنى والنفقة حتى تنقضي عدتها وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: لها السكنى وليس لها النفقة وقال أبو حنيفة: لم؟ وقد قال الله عز وجل في كتابه {فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن} [الطلاق: ٦] وبلغنا عن عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - أنه جعل للمطلقة ثلاثا السكنى والنفقة.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا طلق الرجل امرأته ثلاثا ولا حبل بها فلها السكنى وليس لها نفقة وهذا مكتوب في كتاب الطلاق.
وإذا آلى الرجل من امرأته فحلف لا يقربها شهرا أو شهرين أو ثلاثا لم يقع عليه بذلك إيلاء ولا طلاق لأن يمينه كانت على أقل من أربعة أشهر حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن عامر الأحول عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس - رضي الله عنهما - وهو قول أبي حنيفة وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: هو مول منها إن تركها أربعة أشهر بانت بالإيلاء والإيلاء تطليقة بائنة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا حلف الرجل لا يطأ امرأته أربعة أشهر أو أقل لم يقم عليه حكم الإيلاء لأن حكم الإيلاء إنما يكون بعد مضي الأربعة الأشهر فيوم يكون حكم الإيلاء يكون الزوج لا يمين عليه وإذا لم يكن عليه يمين فليس عليه حكم الإيلاء وهكذا مكتوب في كتاب الإيلاء.
وإذا حلف الرجل لا يقرب امرأته في هذا البيت أربعة أشهر فتركها أربعة أشهر فلم يقربها فيه ولا في غيره فإن أبا حنيفة - رحمه الله - كان يقول: ليس عليه في هذا إيلاء ألا ترى أن له أن يقربها في غير ذلك البيت ولا تجب عليه الكفارة وإنما الإيلاء كل يمين تمنع الجماع أربعة أشهر لا يستطيع أن يقربها إلا أن يكفر يمينه وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: في هذا هو مول إن تركها أربعة أشهر بانت بالإيلاء والإيلاء تطليقة بائنة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا حلف الرجل لا يقرب امرأته في هذا البيت أو في هذه الغرفة أو في موضع يسميه فليس على هذا حكم الإيلاء إنما حكم الإيلاء على من كان لا يصل إلى أن يصيب امرأته بحال إلا لزمه الحنث فأما من يقدر على إصابة امرأته بلا حنث فلا حكم للإيلاء عليه.
وإذا ظاهر الرجل من امرأته فقال: أنت علي كظهر أمي يوما أو وقت وقتا أكثر من ذلك فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - كان يقول: هو مظاهر منها لا يقربها في ذلك الوقت حتى يكفر كفارة الظهار فإذا مضى ذلك الوقت سقطت عنه الكفارة وكان له أن يقربها بغير كفارة وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: هو مظاهر منها أبدا وإن مضى ذلك الوقت فهو مظاهر لا يقربها حتى يكفر كفارة الظهار.
(قال الشافعي) : - رحمه الله - وإذا ظاهر الرجل من امرأته يوما فأراد أن يقربها في ذلك اليوم كفر كفارة الظهار وإن مضى ذلك اليوم ولم يقربها فيه فلا كفارة للظهار عليه كما قلنا في المسألة في الإيلاء إذا سقطت اليمين سقط حكم اليمين والظهار يمين لا طلاق.
وإذا ارتد الزوج عن الإسلام وكفر فإن أبا حنيفة - رحمه الله - كان يقول: بانت منه امرأته إذا ارتد لا تكون مسلمة تحت كافر وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: هي امرأته على حالها حتى يستتاب فإن تاب فهي امرأته وإن أبى قتل وكان لها ميراثها منه (قال الشافعي) : - رحمه الله: وإذا ارتد الرجل عن الإسلام فنكاح امرأته موقوف فإن رجع إلى الإسلام قبل أن تنقضي عدتها فهما على النكاح الأول وإن انقضت عدتها قبل رجوعه إلى الإسلام فقد بانت منه والبينونة فسخ بلا طلاق وإن رجع إلى الإسلام فخطبها لم يكن هذا طلاقا وهذا مكتوب في كتاب المرتد (قال) : وإذا رجعت المرأة من أهل الإسلام إلى الشرك كان هذا والباب الأول سواء في قولهما جميعا غير أن أبا حنيفة كان يقول: يعرض على المرأة الإسلام فإن أسلمت خلي سبيلها وإن أبت حبست في السجن حتى تتوب ولا تقتل بلغنا ذلك عن ابن عباس
رضي الله عنهما - وكان ابن أبي ليلى يقول: إن لم تتب قتلت وبه يأخذ ثم رجع إلى قول أبي حنيفة وكيف تقتل وقد «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتل النساء في الحروب من أهل الشرك» فهذه مثلهم (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا ارتدت المرأة عن الإسلام فلا فرق بينها وبين الرجل تستتاب فإن تابت وإلا قتلت كما يصنع بالرجل فخالفنا في هذا بعض الناس فقال: يقتل الرجل إذا ارتد ولا تقتل المرأة واحتج بشيء رواه عن ابن عباس لا يثبت أهل الحديث مثله وقد روي شبيه بذلك الإسناد عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - أنه قتل نسوة ارتددن عن الإسلام فلم نر أن نحتج به إذا كان إسناده مما لا يثبته أهل الحديث واحتج من خالفنا بأن «النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن قتل النساء في دار الحرب» وقال: إذا نهى عن قتل المشركات اللاتي لم يؤمن فالمؤمنة التي ارتدت عن الإسلام أولى أن لا تقتل قيل لبعض من يقول هذا القول: قد رويت أن «النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن قتل الكبير الفاني وعن قتل الأجير» ورويت أن أبا بكر الصديق نهى عن قتل الرهبان أفرأيت إن ارتد شيخ فان أو أجير أتدع قتلهما أو ارتد رجل راهب أتدع قتله؟ قال: لا قيل: ولم؟ ألأن حكم القتل على الردة حكم قتل حد لا يسع الوالي تعطيله مخالف لحكم قتل المشركين في دار الحرب؟ قال: نعم قلت: فكيف احتججت بحكم دار الحرب في قتل المرأة ولم تره حجة في قتل الكبير الفاني والأجير والراهب ثم قلت لنا: أن ندع أهل الحرب بعد القدرة عليهم ولا نقتلهم وليس لنا أن ندع مرتدا فكيف ذهب عليك افتراقهما في المرأة فإن المرأة تقتل حيث يقتل الرجل في الزنا والقتل؟ .
وإذا قال الرجل: كل امرأة أتزوجها فهي طالق فإن أبا حنيفة كان يقول: هو كما قال وأي امرأة تزوجها فهي طالق واحدة وبهذا يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: لا يقع عليه الطلاق لأنه عمم فقال: كل امرأة أتزوجها فإذا سمى امرأة مسماة أو مصرا بعينه أو جعل ذلك إلى أجل فقولهما فيه سواء ويقع به الطلاق (قال الربيع) : للشافعي فيه جواب (قال) : وإذا قال الرجل لامرأة إن تزوجتك فأنت طالق أو قال: إذا تزوجت إلى كذا وكذا من الأجل امرأة فهي طالق أو قال: كل امرأة أتزوجها من قرية كذا وكذا فهي طالق أو من بني فلان فهي طالق فهما جميعا كانا يقولان إذا تزوج تلك فهي طالق وإن دخل بها فإن أبا حنيفة كان يقول: لها مهر ونصف مهر مهر بالدخول ونصف مهر بالطلاق الذي وقع عليها قبل الدخول وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: لها نصف مهر ويفرق بينهما في قولهما جميعا.
(قال) : وإذا قذف الرجل امرأته وقد وطئت وطئا حراما قبل ذلك فإن أبا حنيفة كان يقول: لا حد عليه ولا لعان وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: عليه الحد. ولو قذفها غير زوجها لم يكن عليه حد في قول أبي حنيفة وكان ابن أبي ليلى يقول: عليه الحد ينبغي في قول ابن أبي ليلى أن يكون مكان الحد اللعان (قال الشافعي) : وإذا وطئت المرأة وطئا حراما مما يدرأ عنها الحد فيه ثم قذفها زوجها سئل فإن قذفها حاملا وانتفى من ولدها لوعن بينهما لأن الولد لا ينفى إلا بلعان وإن قذفها غير حامل بالوطء الأول أو بزنا غيره فلا حد عليه وعليه التعزير، وكذلك إن قذفها بأجنبي فقال: عنيت ذلك الوطء الذي هو محرم فلا حد عليه وعليه التعزير.
وإذا قال الرجل لامرأته: لا حاجة لي فيك فإن أبا حنيفة كان يقول: ليس هذا بطلاق وإن أراد به الطلاق وبه يأخذ وقال أبو حنيفة: وكيف يكون هذا طلاقا وهو بمنزلة لا أشتهيك ولا أريدك ولا أهواك ولا أحبك؟ فليس في شيء من هذا طلاق (قال الشافعي) : وإذا قال الرجل لامرأته لا حاجة لي فيك فإن قال: لم أرد طلاقا فليس بطلاق وإن قال: أردت طلاقا فهو طلاق وهي واحدة إلا أن يكون أراد أكثر منها ولا يكون طلاقا إلا أن يكون أراد به إيقاع طلاق فإن كان إنما قال: لا حاجة لي فيك سأوقع عليك الطلاق فلا طلاق حتى يوقعه
بطلاق غير هذا.
وإذا قذف الرجل وهو عبد امرأته وهي حرة وقد أعتق نصف العبد أحد الشريكين وهو يسعى للآخر في نصف قيمته فإن أبا حنيفة - رضي الله تعالى عنه - كان يقول: هو عبد ما بقي عليه شيء من السعاية وعليه حد العبد وكان ابن أبي ليلى يقول: هو حر وعليه اللعان وبه يأخذ، وكذلك لو شهد شهادة أبطلها أبو حنيفة وأجازها ابن أبي ليلى (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ويحد العبد والأمة في كل شيء حد العبد والأمة حتى تكمل فيهما جميعا الحرية ولو بقي سهم من ألف سهم فهو رقيق (قال الشافعي) : وكذلك لا يحد له حتى تكمل فيه الحرية ولا يقص له من جرح حتى يستكمل العبد الحرية، ولو قذف رجل هذا العبد الذي يسعى في نصف قيمته لم يكن عليه حد في قول أبي حنيفة لأنه بمنزلة العبد وكان على قاذفه الحد في قول ابن أبي ليلى وبه يأخذ، ولو قطع هذا العبد يد رجل متعمدا لم يكن عليه القصاص في قول أبي حنيفة وبه يأخذ وهو بمنزلة العبد وكان عليه القصاص في قول ابن أبي ليلى وهو بمنزلة الحر في كل قليل أو كثير أو حد أو شهادة أو غير ذلك وهو في قول أبي حنيفة بمنزلة العبد ما دام عليه درهم من قيمته وكذلك هو في قولهما جميعا لو أعتق جزءا من مائة جزء أو بقي عليه جزء من مائة جزء من كتابته إن شاء الله تعالى.
وإذا كانت أمة بين اثنين ولها زوج عبد أعتقها أحد موليها وقضى عليها بالسعاية للآخر لم يكن لها خيار في النكاح في قول أبي حنيفة حتى تفرغ من السعاية وتعتق وكان لها الخيار في قول ابن أبي ليلى يوم يقع العتق عليها وبه يأخذ، ولو طلقت يومئذ كانت عدتها وطلاقها في قول أبي حنيفة عدة أمة وطلاق أمة وكانت عدتها وطلاقها في ابن أبي ليلى عدة حرة وطلاق حرة ولو لم يكن لها زوج وأرادت أن تتزوج لم يكن لها ذلك حتى يأذن الذي له عليها السعاية فهي في قول أبي حنيفة بمنزلة الأمة وفي قول ابن أبي ليلى بمنزلة الحرة.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا كانت أمة تحت عبد لم يكن لها الخيار حتى تكمل فيها الحرية فيوم تكمل فيها الحرية فلها الخيار فإن طلقت وهي لم تكمل فيها الحرية كانت عدتها عدة أمة وحكمها في كل شيء حكم أمة.
وإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق إن شاء فلان وفلان غائب لا يدرى أحي هو أو ميت أو فلان ميت قد علم بذلك فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: لا يقع عليها الطلاق وبهذا يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: يقع عليها الطلاق قال أبو حنيفة: وكيف يقع عليها الطلاق ولم يشأ فلان؟ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق إن شاء فلان وفلان ميت قبل ذلك أو مات فلان بعدما قال ذلك وقبل أن يشاء فلا تكون طالقا أبدا بهذا الطلاق إذ لو كان فلان حاضرا حيا ولم يشأ لم تطلق وإنما يتم الطلاق بمشيئته فإذا مات قبل أن يشاء علمنا أنه لا يشاء أبدا ولم يشأ قبل فتطلق بمشيئته.
وإذا قذف الرجل امرأته وقامت لها البينة وهو يجحد فإن أبا حنيفة كان يقول: يلاعن وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: لا يلاعن ويضرب الحد.
وإذا تزوج العبد بغير إذن مولاه فقال له مولاه: طلقها فإن أبا حنيفة كان يقول: ليس هذا بإقرار بالنكاح إنما أمره بأن يفارقها فكيف يكون هذا إقرارا بالنكاح وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: هذا إقرار بالنكاح (قال الشافعي) : وإذا تزوج العبد بغير إذن مولاه فقال له مولاه: طلقها فليس هذا بإقرار بالنكاح من مولاه في قول من يقول: إن أجازه مولاه فالنكاح يجوز وأما في قولنا فلو أجازه له المولى لم يجز لأن أصل ما نذهب إليه أن كل عقدة نكاح وقعت والجماع لا يحل أن يكون فيها أو لأحد فسخها فهي فاسدة لا نجيزها إلا أن تجدد ومن أجازها بإجازة أحد بعدها فإن لم يجزها كانت مفسوخة دخل عليه أن يجيز أن ينكح الرجل المرأة على أنه بالخيار وعلى أنها بالخيار والخيار لا يجوز عنده في النكاح كما يجوز في البيوع.
وإذا طلق الرجل امرأته
بائنة فأراد أن يتزوج في عدتها خامسة فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: لا أجيز ذلك وأكرهه له وكان ابن أبي ليلى يقول: هو جائز وبه يأخذ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا فارق الرجل امرأته بخلع أو فسخ نكاح كان له أن ينكح أربعا وهي في العدة وكان له إن كان لا يجد طولا لحرة وخاف العنت على نفسه أن ينكح أمة مسلمة لأن المفارقة التي لا رجعة له عليها غير زوجة.
وإذا طلق الرجل امرأة ثلاثا وهو مريض فإن أبا حنيفة - رضي الله تعالى عنه - كان يقول: إن مات بعد انقضاء العدة فلا ميراث لها منه وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: لها الميراث ما لم تتزوج (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا طلق الرجل امرأته ثلاثا أو تطليقة لم يكن بقي له عليها غيرها وهو مريض ثم مات بعد انقضاء عدتها فإن عامة أصحابنا يذهبون إلى أن لها منه الميراث ما لم تتزوج وقد خالفنا في هذا بعض الناس بأقاويل فقال أحدهم: لا يكون لها الميراث في عدة ولا في غير عدة وهذا قول ابن الزبير وقال غيره: هي ترثه ما لم تنقض العدة ورواه عن عمر بإسناد لا يثبت مثله عند أهل العلم بالحديث وهو مكتوب في كتاب الطلاق وقال غيره: ترثه وإن تزوجت (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : لا ترث مبتوتة في عدة كانت أو غير عدة وهو قول ابن الزبير وعبد الرحمن طلق امرأته إن شاء الله على أنها لا ترث وأجمع المسلمون أنه إذا طلقها ثلاثا ثم آلى منها لم يكن موليا وإن تظاهر لم يكن متظاهرا وإذا قذفها لم يكن له أن يلاعنها ويبرأ من الحد وإن ماتت لم يرثها فلما أجمعوا جميعا أنها خارجة من معاني الأزواج لم ترثه.
وإذا طلق الرجل امرأته في صحته ثلاثا فجحد ذلك الزوج وادعته عليه المرأة ثم مات الرجل بعد أن استحلفه القاضي فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - كان يقول: لا ميراث لها وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: لها الميراث إلا أن تقر بعد موته أنه كان طلقها ثلاثا (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا ادعت المرأة على زوجها أنه طلقها ثلاثا ألبتة فأحلفه القاضي بعد إنكاره وردها عليه ثم مات لم يحل لها أن ترث منه شيئا إن كانت تعلم أنها صادقة ولا في الحكم بحال لأنها تقر أنها غير زوجة فإن كانت تعلم أنها كاذبة حل لها فيما بينها وبين الله أن ترثه.
وإذا خلا الرجل بامرأته وهي حائض أو وهي مريضة ثم طلقها قبل أن يدخل بها.
فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: لها نصف المهر وبه يأخذ: وكان ابن أبي ليلى يقول: لها المهر كاملا.
وإذا قال الرجل لامرأته: إن ضممت إليك امرأة فأنت طالق واحدة فطلقها فبانت منه وانقضت العدة ثم تزوج امرأة أخرى ثم تزوج تلك المرأة التي حلف عليها فإن أبا حنيفة كان يقول: لا يقع عليها الطلاق من قبل أنه لم يضمها إليها وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: يقع عليها الطلاق (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قال الرجل لامرأته: إن ضممت إليك امرأة فأنت طالق ثلاثا فطلقها وانقضت عدتها ثم نكح غيرها ثم نكحها بعد نكاحا جديدا فلا طلاق عليها وهو لم يضم إليها امرأة إنما ضمها هي إلى امرأة.
وإذا قال الرجل: إن تزوجت فلانة فهي طالق فتزوجها على مهر مسمى ودخل بها فإن أبا حنيفة - رضي الله تعالى عنه - كان يقول: هي طالق واحدة بائنة وعليها العدة ولها مهر ونصف، نصف من ذلك بالطلاق ومهر بالدخول وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: لها نصف مهر بالطلاق وليس لها بالدخول شيء ومن حجته في ذلك أن رجلا آلى من امرأته فقدم بعد أربعة أشهر فدخل بامرأته ثم أتى ابن مسعود فأمره أن يخطبها فخطبها وأصدقها صداقا مستقبلا ولم يبلغنا أنه جعل في ذلك الوطء صداقا ومن حجة أبي حنيفة أنه قال: قد وقع الطلاق قبل الجماع فوجب لها نصف المهر وجامعها بشبهة فعليه المهر ولو لم أجعل عليه الحد وقال أبو حنيفة: كل جماع يدرأ فيه الحد ففيه صداق لا بد من الصداق إذا درأت الحد وجب الصداق وإذا لم أجعل الصداق


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 09-09-2024, 07:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,422
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السابع
الحلقة (305)
صــــــــــ 171 الى صـــــــــــ 177





فلا بد من الحد قال أبو يوسف حدثني محدث عن حماد عن إبراهيم أنه قال فيه: لها مهر ونصف مهر مثل قول أبي حنيفة.
وإذا قال الرجل لامرأته: إن دخلت الدار فأنت طالق إن شاء الله فدخلت الدار فإن أبا حنيفة وابن أبي ليلى قالا: لا يقع الطلاق ولو قال: أنت طالق إن شاء الله ولم يقل إن دخلت الدار فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - قال: لا يقع الطلاق وقال: هذا والأول سواء وبه يأخذ أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال في ذلك: لا يقع الطلاق ولا العتاق وأخبرنا عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء بن أبي رباح أنه قال: لا يقع الطلاق (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق إن شاء الله تعالى فلا طلاق ولا عتاق.
وإذا طلق الرجل امرأته واحدة فانقضت عدتها فتزوجت زوجا ودخل بها ثم طلقها ثم تزوجها الأول فإن أبا حنيفة قال: هي على الطلاق كله وبه يأخذ وقال ابن أبي ليلى: هي على ما بقي (قال الشافعي) : وإذا طلق الرجل امرأته واحدة أو اثنتين فانقضت عدتها ونكحت زوجا غيره ثم أصابها ثم طلقها أو مات عنها فانقضت عدتها فنكحت الزوج الأول فهي عنده على ما بقي من الطلاق يهدم الزوج الثاني الثلاث ولا يهدم الواحدة ولا الثنتين وقولنا هذا قول عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - وعدد من كبار أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد خالفنا في بعض هذا بعض الناس فقال: إذا هدم الزوج ثلاثا هدم واحدة واثنتين واحتج بقول ابن عمر وابن عباس - رضي الله عنهم - وسألنا فقال: من أين زعمتم أن الزوج يهدم الثلاث ولا يهدم ما هو أقل منها؟ قلنا: زعمناه بالأمر الذي لا ينبغي لأحد أن يدفعه قال وما هو؟ قلنا: حرمها الله بعد الثلاث حتى تنكح زوجا غيره وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الله عز وجل أن النكاح الذي أحلها الله به بعد الثلاث إصابة الزوج وكانت محرمة قبل الزوج لا تحل بحال إلا بالزوج فكان للزوج حكم هدم الثلاث لهذا المعنى وكانت في الواحدة والثنتين حلالا فلم يكن للزوج ها هنا حكم فزعمنا أنه يهدم حيث كانت لا تحل له إلا به وكان حكمه قائما ولا يهدم حيث لا حكم له وحيث كانت حلالا بغيره وكان أصل المعقول أن أحدا لا يحل له بفعل غيره شيء فلما أحل الله له بفعل غيره أحللنا له حيث أحل الله له ولم يجز أن نقيس عليه ما خالفه لو كان الأصل للمعقول فيه وقد رجع إلى هذا القول محمد بن الحسن بعدما كان يقول بقول أبي حنيفة؛ والله أعلم.
[باب الحدود]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أقيم الحد على البكر وجلد مائة جلدة فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: لا أنفيه من قبل أنه بلغنا عن علي بن أبي طالب أنه نهى عن ذلك وقال كفى بالنفي فتنة وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: ينفى سنة إلى بلد غير البلد الذي فجر به وروي ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعن أبي بكر وعلي - رضي الله عنهما - (قال الشافعي) : وينفى الزانيان البكران من موضعهما الذي زنيا به إلى بلد غيره بعد ضرب مائة وقد نفى النبي - صلى الله عليه وسلم - الزاني ونفى أبو بكر وعمر وعثمان وعلي - رضي الله تعالى عنهم - وقد خالف هذا بعض الناس وهذا مكتوب في كتاب الحدود بحججه.
وإذا زنى المشركان وهما ثيبان فإن أبا حنيفة - رضي الله عنه - قال: ليس على واحد منهما الرجم وكان ابن أبي ليلى يقول: عليهما الرجم ويروى ذلك عن نافع عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - عن «رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه رجم يهوديا ويهودية» وبه يأخذ
أبو يوسف قال أبو حنيفة: لا تقام
الحدود في المساجد وروي ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول: نقيم الحدود في المساجد وقد فعل ذلك.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا تحاكم إلينا أهل الكتاب ورضوا أن نحكم بينهم فترافعوا في الزنا وأقروا به رجمنا الثيب وضربنا البكر مائة ونفيناه سنة وقد «رجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يهوديين زنيا» وهو معنى كتاب الله تبارك وتعالى فإن الله عز وجل: يقول لنبيه - صلى الله عليه وسلم - {وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط} [المائدة: ٤٢] وقال {وأن احكم بينهم بما أنزل الله} [المائدة: ٤٩] ولا يجوز أن يحكم بينهم في شيء من الدنيا إلا بحكم المسلمين لأن حكم الله واحد لا يختلف (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولا تقام الحدود في المساجد. .
وإذا وطئ الرجل جارية أمه فقال: ظننت أنها تحل لي فإن أبا حنيفة كان يقول: يدرأ عنه الحد فإذا أقر بذلك في مقام واحد أربع مرات لم يحد وبه يأخذوا عليه المهر وقال ابن أبي ليلى وأنا أسمع أقر عندي رجل أنه وطئ جارية أمه فقال له وطئتها؟ قال: نعم فقال له أوطئتها؟ قال: نعم فقال له أوطئتها؟ قال نعم قال له الرابعة: وطئتها؟ قال: نعم قال ابن أبي ليلى: فأمرت به فجلد الحد وأمرت الجلواز فأخذه بيده فأخرجه من باب الجسر نفيا (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أصاب الرجل جارية أمه وقال ظننتها تحل لي أحلف ما وطئها إلا وهو يراها حلالا ثم درئ عنه الحد وأغرم المهر فإن قال: قد علمت أنها حرام علي قبل الوطء ثم وطئتها حد ولا يقبل هذا إلا ممن أمكن فيه أنه يجهل مثل هذا فأما من أهل الفقه فلا قال أبو حنيفة: ليس ينبغي للحاكم أن يقول له: أفعلت ولا نوجب عليه الحد بإقرار أربع مرات في مقام واحد ولو قال: وطئت جارية أمي في أربعة مواطن لم يكن عليه حد لأن الوطء قد يكون حلالا وحراما فلم يقر هذا بالزنا، والله أعلم.
[اختلاف علي وعبد الله بن مسعود في أبواب الوضوء والغسل والتيمم]
اختلاف علي وعبد الله بن مسعود - رضي الله عنهما - أبواب الوضوء والغسل والتيمم.
(أخبرنا الربيع بن سليمان) : قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن علية عن شعبة عن عمرو بن مرة عن زاذان قال: سأل رجل عليا - رضي الله عنه - عن الغسل فقال: اغتسل كل يوم إن شئت فقال: لا الغسل الذي هو الغسل قال: يوم الجمعة ويوم عرفة ويوم النحر ويوم الفطر وهم لا يرون شيئا من هذا واجبا، أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا هشيم عن خالد عن أبي إسحاق أن عليا - رضي الله عنه - قال: في التيمم ضربة للوجه وضربة للكفين هكذا يقولون ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين.
باب الوضوء (قال الشافعي) : أخبرنا ابن عيينة عن أبي السوداء عن ابن عبد خبير عن أبيه قال: «توضأ علي - رضي الله تعالى عنه - فغسل ظهر قدميه وقال: لولا أنى رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح ظهر قدميه لظننت أن باطنهما أحق» ، أبو معاوية عن الأعمش عن أبي ظبيان قال: رأيت عليا - رضي الله عنه - بال ثم توضأ ومسح على النعلين ثم دخل المسجد فخلع نعليه وصلى ابن مهدي عن سفيان عن حبيب عن زيد بن وهب أنه رأى عليا - رضي الله عنه - فعل ذلك ابن مهدي عن سفيان عن الزبير بن عدي عن أكتل بن سويد بن غفلة أن عليا - رضي الله عنه - فعل ذلك محمد بن عبيد عن محمد بن أبي إسماعيل عن معقل الخثعمي
أن عليا فعل ذلك.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولسنا ولا إياهم ولا أحد نعلمه يقول بهذا من المفتين خالد بن عبد الله الواسطي عن عطاء بن السائب عن أبي البحتري عن علي - رضي الله عنه - في الفأرة تقع في البئر فتموت قال تنزح حتى تغلبهم قال ولسنا ولا إياهم نقول بهذا أما نحن فنقول بما روينا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «إذا كان الماء قلتين لم يحمل نجسا» وأما هم فيقولون ينزح منها عشرون أو ثلاثون دلوا. عمرو بن الهيثم عن شعبة عن أبي إسحاق عن ناجية بن كعب «عن علي - رضي الله عنه - قال قلت يا رسول الله بأبي أنت وأمي إن أبي قد مات قال اذهب فواره فقلت إنه مات مشركا قال اذهب فواره فواريته ثم أتيته قال اذهب فاغتسل» وهم لا يقولون بهذا هم يزعمون أنه ليس على من مس ميتا مشركا غسل ولا وضوء. عمرو بن الهيثم عن الأعمش عن إبراهيم بن أبي عبيدة عن عبد الله قال القبلة من اللمس وفيها الوضوء عن شعبة عن مخارق عن طارق عن عبد الله مثله وهم يخالفون هذا فيقولون لا وضوء من القبلة ونحن نأخذ بأن في القبلة الوضوء وقال ذلك ابن عمر وغيره وعن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن عبد الله أنه قال: الماء من الماء.
(قال الشافعي) : ولسنا ولا إياهم نقول بهذا نقول: إذا مس الختان الختان فقد وجب الغسل وهذا القول كان في أول الإسلام ثم نسخ (قال الشافعي) أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق عن عبد الله قال: الجنب لا يتيمم وليسوا يقولون بهذا ويقولون لا نعلم أحدا يقول به ونحن نروي عن «النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر الجنب أن يتيمم» ورواه ابن علية عن عوف الأعرابي عن أبي رجاء عن عمران بن حصين عن «النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر رجلا أصابته جنابة أن يتيمم ويصلي» .
(قال الشافعي) أخبرنا سفيان عن ابن إسحاق عن الحارث بن الأزمع قال: سمعت ابن مسعود يقول: إذا غسل الجنب رأسه بالخطمي فلا يعيد له غسلا وليسوا يقولون بهذا يقولون: ليس الخطمي بطهور وإن خالطه الماء الطهور إنما الطهور الماء محضا فأما غسل رأسه بالماء بعد الخطمي أو قبله فأما الخطمي فلا يطهر وحده.
[أبواب الصلاة]
(قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى: أخبرنا سعيد بن سالم عن سفيان الثوري عن عبد الله بن محمد عن عقيل عن ابن الحنفية أن عليا - رضي الله تعالى عنه - أخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مفتاح الصلاة الوضوء وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم» وبهذا نقول نحن لا يحرم بالصلاة إلا بالتكبير وقال صاحبهم يحرم بها بغير التكبير بالتسبيح ورجع صاحباه إلى قولنا وقولنا لا تنقضي الصلاة إلا بالتسليم فمن عمل عملا مما يفسد الصلاة فيما بين أن يكبر إلى أن يسلم فقد أفسدها لا فيما بين أن يكبر إلى أن يجلس قدر التشهد (قال الشافعي) : أخبرنا ابن علية عن شعبة عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي - رضي الله تعالى عنه - قال: إذا وجد أحدكم في صلاته في بطنه رزا أو قيئا أو رعافا فلينصرف فليتوضأ فإن تكلم استقبل الصلاة وإن لم يتكلم احتسب بما صلى وليسوا يقولون بهذا يقولون: ينصرف من الرز وإن انصرف من الرعاف فصلاته تامة ويخالفونه في بعض قوله ويوافقونه في بعضه وإن كانوا يثبتون هذه الرواية فيلزمهم أن يقولوا في الرز ما يقولون في الرعاف لأنه لم يخالفه في الرز غيره من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - علمته (قال الشافعي) - رحمه الله تعالى - أخبرنا هشيم عن حصين قال حدثنا أبو ظبيان قال: كان علي - رضي الله عنه - يخرج إلينا ونحن ننظر إلى تباشير الصبح فيقول: الصلاة فإذا قام
الناس نعم ساعة الوتر هذه فإذا طلع الفجر صلى ركعتين ثم أقيمت الصلاة (قال الشافعي) : - رحمه الله - أخبرنا ابن عيينة عن شبيب بن غرقدة عن حبان بن الحارث قال أتيت عليا - رضي الله عنه - وهو معسكر بدير أبي موسى فوجدته يطعم فقال: ادن فكل فقلت إني أريد الصوم فقال وأنا أريده فدنوت فأكلت فلما فرغ قال: يا ابن التياح أقم الصلاة وهذان خبران عن علي - رضي الله عنه - كلاهما يثبت أنه كان يغلس بأقصى غاية التغليس وهم يخالفونه فيقولون: يسفر بالفجر أشد الإسفار ونحن نقول بالتغليس به وهو يوافق ما روينا من حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - في التغليس.
(قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى - أخبرنا هشيم وغيره عن ابن حبان التيمي عن أبيه عن علي - رضي الله عنه - قال لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد قيل ومن جار المسجد؟ قال من أسمعه المنادي ونحن وهم نقول يحب لمن لا عذر له أن لا يتخلف عن المسجد فإن صلى فصلاته تجزي عنه إلا أنه قد ترك موضع الفضل.
(قال الشافعي) - رحمه الله تعالى - أخبرنا وكيع عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن زاذان أن عليا - رضي الله عنه - كان يغتسل من الحجامة ولسنا ولا إياهم نقول بهذا.
(قال الشافعي) : أخبرنا شريك عن عمران بن ظبيان عن حكيم بن سعد أن رجلا من الخوارج قال لعلي - رضي الله عنه - {ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك} [الزمر: ٦٥] الآية فقال علي - رضي الله عنه - {فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون} [الروم: ٦٠] وهو راكع وهم يقولون من فعل هذا يريد به الجواب فصلاته فاسدة:.
(قال الشافعي) : أخبرنا ابن علية عن شعبة عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي - رضي الله عنه - قال إذا ركعت فقلت اللهم لك ركعت ولك خشعت ولك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت فقد تم ركوعك وهذا عندهم كلام يفسد الصلاة وهم يكرهون هذا وهذا عندي كلام حسن وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شبيه به ونحن نأمر بالقول به وهم يكرهونه.
(قال الشافعي) : أخبرنا ابن علية عن خالد الحذاء عن عبد الله بن الحارث عن الحارث الهمداني عن علي - رضي الله تعالى عنه - كان يقول: بين السجدتين اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وزاد ابن علية عن شعبة عن أبي إسحاق ونسى إسناده وهم يكرهون هذا ولا يقولون به.
(قال الشافعي) : أخبرنا هشيم عن مغيرة عن أبي رزين أن عليا - رضي الله عنه - كان يسلم عن يمينه وعن شماله سلام عليكم سلام عليكم.
(قال الشافعي) : أخبرنا ابن علية عن شعبة عن الأعمش عن أبي رزين عن علي - رضي الله عنه - مثله سواء وليسوا يأخذون به ويزيدون فيه ورحمة الله وبركاته.
(قال الشافعي) : أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن سلمة بن كهيل عن عبد الله بن معقل أن عليا - رضي الله عنه - قنت في المغرب يدعو على قوم بأسمائهم وأشياعهم فقلنا آمين هشيم عن رجل عن ابن معقل أن عليا - رضي الله عنه - قنت بهم فدعا على قوم يقول: "اللهم العن فلانا بادئا وفلانا" حتى عد نفرا وهم يفسدون صلاة من دعا لرجل باسمه أو دعا على رجل فسماه باسمه ونحن لا نفسد بهذا صلاته لأنه يشبه ما روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - زيد بن الحباب عن سفيان عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي - رضي الله عنه - أن رجلا قال: إني صليت ولم أقرأ قال: أتممت الركوع والسجود؟ قال: نعم قال: تمت صلاتك وهم لا يقولون بهذا ويزعمون أن عليه إعادة الصلاة هشيم عن منصور عن الحسن عن علي - رضي الله تعالى عنه - قال "اقرأ فيما أدركت مع الإمام" وهم لا يقولون بهذا يقولون إنما يقرأ فيما يقضي لنفسه فأما وهو وراء الإمام فلا قراءة عليه ونحن نقول: كل صلاة صليت خلف الإمام والإمام يقرأ قراءة لا يسمع فيها قرأ فيها.
هشيم ويزيد عن حجاج عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي - رضي الله تعالى عنه - في إمام صلى بغير وضوء قال: يعيد ولا يعيدون وهذا موافق للسنة وما روينا عن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان
وابن عمر - رضي الله تعالى عنهم -.
(قال الشافعي) : رحمه الله تعالى عنه أخبرنا مالك عن إسماعيل بن أبي حكيم عن عطاء بن يسار أن «رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كبر في صلاة من الصلوات ثم أشار إليهم ثم رجع وعلى جلده أثر الماء» (قال الشافعي) أخبرنا وكيع عن أسامة بن زيد عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه (قال الشافعي) : أخبرنا حماد بن سلمة عن زياد الأعلم عن الحسن عن أبي بكرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه (قال الشافعي) : أخبرنا ابن علية عن ابن عون عن ابن سيرين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه وقال: «إني كنت جنبا فنسيت» (قال الشافعي) : أخبرنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي - رضي الله تعالى عنه - قال: إذا أحدث في صلاة بعد السجدة فقد تمت صلاته ولسنا ولا إياهم نقول بهذا أما نحن فنقول: انقضاء الصلاة بالتسليم للحديث الذي رويناه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأما هم فيقولون: كل حدث يفسد الصلاة إلا حدثا كان بعد التشهد أو أن يجلس مقدار التشهد فلا يفسد الصلاة.
(قال الشافعي) أخبرنا هشيم عن أصحابه عن أبي إسحاق عن أبي الخليل عن علي - رضي الله عنه - كان إذا افتتح الصلاة قال: "لا إله إلا أنت سبحانك ظلمت نفسي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين" وقد روينا من حديثنا عن علي - رضي الله عنه - عن «النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول هذا الكلام إذا افتتح الصلاة وبهذا ابتدأ، يقول: وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض» (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن الفضيل عن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي - رضي الله تعالى عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثله وهم يخالفونه ولا يقولون منه بحرف يقولون: إن سبحانك اللهم وبحمدك كلام.
(أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي عن وكيع عن الأعمش عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي - رضي الله تعالى عنه - كان إذا تشهد قال: "بسم الله وبالله" وليسوا يقولون بهذا وقد روي عن علي - رضي الله عنه - فيه كلام كثير هم يكرهونه.
(أخبرنا الربيع) : قال (أخبرنا الشافعي) : قال أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن السدي عن عبد خير أن عليا - رضي الله عنه - قرأ في الصبح ب {سبح اسم ربك الأعلى} [الأعلى: ١] فقال سبحان ربي الأعلى وهم يكرهون هذا ونحن نستحبه وروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيء يشبهه.
(أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن منصور عن الحسن عن علي - رضي الله عنه - كره الصلاة في جلود الثعالب ولسنا ولا إياهم نقول بهذا بل نقول نحن وإياهم: لا بأس بالصلاة في جلود الثعالب إذا دبغت.
(أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن علية عن أيوب عن سعيد بن جبير عن علي - رضي الله عنه - في المستحاضة تغتسل لكل صلاة ولسنا ولا إياهم نقول بهذا ولا أحد علمته.
(أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن منصور عن هلال عن وهب بن الأجدع عن علي - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «لا تصلوا بعد العصر إلا أن تصلوا والشمس مرتفعة» ولسنا ولا إياهم ولا أحد علمناه يقول بهذا بل نكره جميعا الصلاة بعد العصر والصبح نافلة ابن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي - رضي الله عنه - قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي دبر كل صلاة ركعتين إلا العصر والصبح» وهذا يخالف الحديث الأول (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن مهدي عن شعبة عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة
قال: كنا مع علي - رضي الله تعالى عنه - في سفر فصلى العصر ثم دخل فسطاطه فصلى ركعتين وهذه الأحاديث يخالف بعضها بعضا إذا كان علي يروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان لا يصلي بعد العصر ولا الصبح فلا يشبه هذا أن يكون صلى ركعتين بعد العصر وهو يروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يصليهما
[باب الجمعة والعيدين]
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق قال: رأيت عليا - رضي الله عنه - يخطب نصف النهار يوم الجمعة ولسنا ولا إياهم نقول بهذا نقول: لا يخطب إلا بعد زوال الشمس وكذلك روينا عن عمر وعن غيره.
(أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي عن الحسن بن صالح عن أبي إسحاق قال: رأيت عليا - رضي الله عنه - يخطب يوم الجمعة ثم لم يجلس حتى فرغ ولسنا ولا إياهم نقول بهذا نقول: يجلس الإمام بين الخطبتين ونقول: يجلس على المنبر قبل الخطبة وكذلك فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والأئمة بعده.
(أخبرنا الربيع) : قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا شريك عن العباس بن ذريح عن الحارث بن ثور أن عليا - رضي الله عنه - صلى الجمعة ركعتين ثم التفت إلى القوم فقال: أتموا ولسنا ولا إياهم ولا أحد يقول بهذا ولست أعرف وجه هذا إلا أن يكون يرى أن الجمعة عليه هو ركعتان لأنه يخطب وعليهم أربع لأنهم لا يخطبون فإن كان هذا مذهبه فليس يقول بهذا أحد من الناس.
(قال الربيع) : أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن أبي حصين عن أبي عبد الرحمن أن عليا - رضي الله عنه - قال: من كان منكم مصليا بعد الجمعة فليصل بعدها ست ركعات ولسنا ولا إياهم نقول بهذا أما نحن فنقول: يصلي أربعا.
(أخبرنا الربيع) : قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن منهال عن عباد بن عبد الله أن عليا كان يخطب على منبر من آجر فجاء الأشعث وقد امتلأ المسجد وأخذوا مجالسهم فجعل يتخطى حتى دنا وقال: غلبتنا عليك هذه الحمراء فقال علي: ما بال هذه الضياطرة يتخلف أحدهم ثم ذكر كلاما وهم يكرهون للإمام أن يتكلم في خطبته ويكرهون أن يتكلم أحد والإمام يخطب وقد تكلم الأشعث ولم ينهه علي - رضي الله عنه - وتكلم علي وأحسبهم يقولون يبتدئ الخطبة ولسنا نرى بأسا بالكلام في الخطبة تكلم فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعمر وعثمان - رضي الله عنهما -.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن شعبة عن محمد بن النعمان عن ابن قيس الأودي عن هذيل أن عليا - رضي الله عنه - أمر رجلا أن يصلي بضعفة الناس يوم العيد أربع ركعات في المسجد.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي أخبرنا أبو أحمد عن سفيان عن أبي قيس الأودي عن هذيل عن علي مثله (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن علية عن ليث عن الحكم عن حنش بن المعتمر أن عليا - رضي الله عنه - قال: صلوا يوم العيد في المسجد أربع ركعات ركعتان للسنة وركعتان للخروج.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق أن عليا - رضي الله تعالى عنه - أمر رجلا أن يصلي بضعفة الناس يوم العيد في المسجد ركعتين وهذان حديثان مختلفان ولسنا ولا
إياهم نقول بواحد منهما يقولون: الصلاة مع الإمام ولا جماعة إلا حيث هو فإن صلى قوم جماعة في موضع فليست بصلاة العيد ولا قضاء منها وهي كنافلة لو تطوع بها رجل في جماعة ونحن نقول: إذا صلاها أحد صلاها وقرأ وفعل كما يفعل الإمام فيكبر في الأولى سبعا قبل القراءة وفي الآخرة خمسا قبل القراءة.
(أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق عن علي - رضي الله تعالى عنه - في الفطر إحدى عشرة تكبيرة وفي الأضحى خمس وليسوا يأخذون بهذا.
[باب الوتر والقنوت والآيات]
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عبد الرحيم عن زاذان أن عليا - رضي الله تعالى عنه - كان يوتر بثلاث يقرأ في كل ركعة بتسع سور من المفصل وهم يقولون: يقرأ ب {سبح اسم ربك الأعلى} [الأعلى: ١] والثانية ب {قل يا أيها الكافرون} [الكافرون: ١] وفي الثالثة يقرأ بفاتحة الكتاب و {قل هو الله أحد} [الإخلاص: ١] وأما نحن فنقول: يقرأ فيها ب {قل هو الله أحد} [الإخلاص: ١] و {قل أعوذ برب الفلق} [الفلق: ١] و {قل أعوذ برب الناس} [الناس: ١] يفصل بين كل ركعتين والركعة بالتسليم.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي أن عليا - رضي الله عنه - كان يقنت في الوتر بعد الركوع وهم لا يأخذون بهذا يقولون يقنت قبل الركوع فإن لم يقنت قبل الركوع لم يقنت بعده وعليه سجدتا السهو (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن عطاء عن أبي عبد الرحمن أن عليا - رضي الله تعالى عنه - كان يقنت في صلاة الصبح قبل الركوع.
(أخبرنا الربيع) قال: (أخبرنا الشافعي) قال: أخبرنا هشيم عن معقل أن عليا - رضي الله عنه - قنت في صلاة الصبح وهم لا يرون القنوت في الصبح ونحن نراه للسنة الثابتة «عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قنت في الصبح» أخبرنا بذلك سفيان عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - أن «رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قنت في الصبح فقال: اللهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة» وذكر الحديث.
ونقول: من أوتر أول الليل صلى مثنى مثنى حتى يصبح (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا: ابن علية عن أبي هارون الغنوي عن حطان بن عبد الله قال: قال علي - رضي الله عنه - الوتر ثلاثة أنواع فمن شاء أن يوتر أول الليل أوتر ثم إن استيقظ فشاء أن يشفعها بركعة يصلي ركعتين ركعتين حتى يصبح ثم يوتر فعل وإن شاء صلى ركعتين ركعتين حتى يصبح وإن شاء أوتر آخر الليل وهم يكرهون أن ينقض الرجل وتره ويقولون: إذا أوتر صلى مثنى مثنى.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا يزيد بن هارون عن حماد عن عاصم عن أبي عبد الرحمن أن عليا - رضي الله عنه - خرج حين ثوب المؤذن فقال: أين السائل عن الوتر؟ نعم ساعة الوتر هذه ثم قرأ {والليل إذا عسعس - والصبح إذا تنفس} [التكوير: ١٧ - ١٨] وهم لا يأخذون بهذا ويقولون: ليست هذه من ساعات الوتر.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا عباد عن عاصم الأحول عن قزعة عن علي - رضي الله تعالى عنه - أنه صلى في زلزلة ست ركعات في أربع سجدات خمس ركعات وسجدتين في ركعة وركعة وسجدتين في ركعة ولسنا نقول بهذا نقول: لا يصلي في شيء من الآيات إلا في كسوف الشمس والقمر ولو ثبت هذا الحديث عندنا عن علي - رضي الله تعالى عنه - لقلنا به وهم يثبتونه ولا يأخذون به ويقولون: يصلي ركعتين في الزلزلة في كل ركعة ركعة.
(أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن يونس عن الحسن أن عليا - رضي الله تعالى عنه - صلى
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 09-09-2024, 07:38 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,422
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السابع
الحلقة (306)
صــــــــــ 178 الى صـــــــــــ 184






في كسوف الشمس خمس ركعات وأربع سجدات ولسنا ولا إياهم نقول بهذا أما نحن فنقول بالذي روينا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربع ركعات وأربع سجدات أخبرنا بذلك مالك عن يحيى عن عمرة عن عائشة أن «النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى في كسوف الشمس ركعتين وسجدتين في كل ركعة ركعتين» (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك عن هشام عن أبيه عن عائشة بمثله (أخبرنا الربيع) : قال: أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثله وقالوا هم يصلي ركعتين كما يصلي سائر الصلوات ولا يركع في كل ركعة ركعتين فخالفوا سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخالفوا ما رووه عن علي - رضي الله تعالى عنه -
[الجنائز]
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا محمد بن يزيد عن إسماعيل عن الشعبي عن عبد الله بن معقل قال: صلى علي على سهل بن حنيف فكبر عليه ستا.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن ابن أبي زياد عن عبد الله بن معقل أن عليا - رضي الله تعالى عنه - كبر على سهل بن حنيف خمسا ثم التفت إلينا وقال: إنه بدري وهذا خلاف الحديث الأول ولسنا ولا إياهم نأخذ بهذا التكبير عندنا وعندهم على الجنائز أربع وذلك الثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمير بن سعيد أن عليا - رضي الله عنه - كبر على ابن المكفف أربعا وهذا خلاف الحديثين قبله.
(أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن أشعث عن الشعبي عن قرظة أن عليا - رضي الله تعالى عنه - أمره أن يصلي على قبر سهل بن حنيف وهم لا يأخذون بهذا ولا يقولون به يقولون: لا يصلي على قبر وأما نحن فنأخذ به لأنه موافق ما روينا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه «صلى على قبر» (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك؛ وسفيان عن الزهري عن أبي أمامة بن سهل أن «النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى على قبر امرأة» (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن عثمان بن حكيم عن خارجة بن زيد عن عمه يزيد بن ثابت وكان أكبر من زيد بن ثابت الشيباني عن الشعبي عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أن «النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى على قبر» .
[سجود القرآن]
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن شعبة عن عاصم عن زر عن علي - رضي الله تعالى عنه - قال: عزائم السجود {الم - تنزيل} [السجدة: ١ - ٢] و {حم - تنزيل} [غافر: ١ - ٢] والنجم و {اقرأ باسم ربك الذي خلق} [العلق: ١] ولسنا ولا إياهم نقول بهذا نقول في القرآن عدد سجود مثل هذه (أخبرنا الربيع) : قال: أخبرنا الشافعي
قال: أخبرنا هشيم عن أبي عبد الله الجعفي عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي - رضي الله تعالى عنه - قال: كان يسجد في الحج سجدتين وبهذا نقول وهذا قول العامة قبلنا يروى عن عمر وابن عمر وابن عباس وهم ينكرون السجدة الآخرة في الحج وهذا الحديث عن علي - رضي الله تعالى عنه - يخالفونه
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن محمد بن قيس عن أبي موسى أن عليا - رضي الله تعالى عنه - لما أتى بالمخدج خر ساجدا ونحن نقول: لا بأس بسجدة الشكر ونستحبها ويروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سجدها وعن أبي بكر وعمر - رضي الله تعالى عنهما - وهم ينكرونها ويكرهونها ونحن نقول: لا بأس بالسجدة لله تبارك وتعالى في الشكر.
[الصيام]
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق عن عبيد بن عمرو أن عليا - رضي الله تعالى عنه - نهى عن القبلة للصائم فقال: ما يريد إلى خلوف فمها ولسنا ولا إياهم نقول بهذا نقول: لا بأس بقبلة الصائم.
(أخبرنا الربيع) قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن سفيان وغيره عن إسماعيل عن أبي السفر عن علي - رضي الله تعالى عنه - أنه صلى الصبح ثم قال: هذا حين يبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود ولسنا ولا إياهم ولا أحد علمناه يقول بهذا إنما السحور قبل طلوع الفجر فإذا طلع الفجر حرم الطعام والشراب على الصائم.
[أبواب الزكاة]
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن ابن أبي رافع أن عليا - رضي الله تعالى عنه - كان يزكي أموالهم وهم أيتام في حجره وبهذا نأخذ وهو موافق لما روينا عن عمر وابن عمر وعائشة في زكاة أموال اليتامى وهم يخالفونه فيقولون: ليس على مال اليتيم زكاة.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي - رضي الله عنه - أنه قال: في خمس وعشرين من الإبل خمس من الغنم ولسنا ولا إياهم ولا أحد علمناه نأخذ بهذا والثابت عندنا من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «أن في خمس وعشرين بنت مخاض فإن لم تكن بنت مخاض فابن لبون ذكر» (أخبرنا الربيع) قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا عباد بن محمد عن محمد بن يزيد عن سفيان بن حسين عن الزهري عن سالم عن أبيه أن «رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب في خمس وعشرين بنت مخاض فإن لم تكن بنت مخاض فابن لبون ذكر» وكان عمر يأمر عماله بذلك (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا أبو كامل وغيره عن حماد بن سلمة عن ثمامة عن أنس قال: «أعطاني أبي كتابا كتبه له أبو بكر فقال: هذه فريضة الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في خمس وعشرين بنت مخاض فإن لم تكن فابن لبون ذكر» .
أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا شريك عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي - رضي الله تعالى عنه - قال: إذا زادت الإبل على عشرين ومائة ففي كل خمسين حقة وفي كل أربعين بنت لبون.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا عمرو بن الهيثم وغيره عن شعبة عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي

رضي الله تعالى عنه - مثله وبهذا نقول وهو موافق للسنة (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا عباد ومحمد بن يزيد عن سفيان بن حسين عن الزهري عن سالم عن أبيه أن «رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل خمسين حقة وفي كل أربعين ابنة لبون» أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا أبو كامل عن حماد بن سلمة عن ثمامة عن أنس عن أبي زكريا أنه كتب له السنة فذكر هذا وهم لا يأخذون بهذا يقولون: إذا زادت على عشرين ومائة استقبل بالفرائض أولها وكان في كل خمس شاة إلى أن يبلغ بها خمسين ومائة ثم في كل خمسين حقة وهذا قول متناقض لا أثر ولا قياس فيخالفون ما رووا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر والثابت عن علي عندهم إلى قول إبراهيم وشيء يغلط به عن علي - رضي الله تعالى عنه -.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن عبد الرحمن بن زياد عن عبد الله بن الحارث أن عثمان أهديت له حجل وهو محرم فأكل القوم إلا عليا فإنه كره ذلك ولسنا ولا إياهم نقول بهذا أما نحن فنقول بحديث أبي قتادة أن «النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرهم أن يأكلوا لحم الصيد وهم حرم» . أخبرنا بذلك مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي قتادة (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان عن صالح بن كيسان عن أبي محمد عن أبي قتادة نحوه.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن منصور عن الحسن عن علي - رضي الله تعالى عنه - فيمن أصاب بيض نعام قال: يضرب بقدرهن نوقا قيل له: فإن أربعت منهن ناقة؟ قال: فإن من البيض ما يكون مارقا ولسنا ولا إياهم ولا أحد علمناه نأخذ بهذا نقول يغرم ثمنه.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن علية عن سعيد عن قتادة عن الحسن عن علي فيمن يجعل عليه المشي:؟ قال: يمشي فإن عجز ركب وأهدى بدنة وهم يقولون: يمشي إن أحب وكان مطيقا وإلا ركب وأهدى شاة ونحن نقول: ليس لأحد أن يركب وهو يستطيع أن يمشي بحال وإن عجز ركب وأهدى فإن صح مشى الذي ركب وركب الذي الذي مشى حتى أتى به كما نذر (قال الربيع) : وقد قال: الشافعي غير هذا قال: عليه كفارة يمين.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا وكيع عن شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة عن علي في هذه الآية {وأتموا الحج والعمرة لله} [البقرة: ١٩٦] قال: أن يحرم الرجل من دويرة أهله وهم يقولون: أحب إلينا أن يحرم من الميقات.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا شعبة عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي مثله بهذا نقول وهو موافق للسنة.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن علية عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن علي - رضي الله تعالى عنه - في الضبع كبش.
(أخبرنا الشافعي) قال: أخبرنا ابن أبان عن سفيان عن سماك عن عكرمة أن عليا - رضي الله تعالى عنه - قضى في الضبع بكبش وبهذا يقول وهو يوافق ما ذكرنا عن عمر وعن غيره من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأما هم فيقولون: يغرم قيمتها في الموضع الذي أصابها فيه لا يجعلون فيها شيئا موقتا.
[أبواب الطلاق والنكاح]
(أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا وكيع عن سفيان عن سلمة بن كهيل عن معاوية بن سويد بن مقرن أنه وجد في كتاب أبيه عن علي - رضي الله تعالى عنه - أن لا نكاح إلا بولي فإذا بلغ الحقائق النص فالعصبة أحق وبهذا نقول لأنه يوافق ما روينا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:
«أيما امرأة لم ينكحها الولاة فنكاحها باطل فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له» أخبرنا بذلك الزنجي عن ابن جريج عن سليمان بن موسى عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة - رضي الله تعالى عنها - وهم يقولون: إذا كان الزوج كفوا وأخذت صداق مثلها جاز النكاح وإن كان غير ولي.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا وكيع عن سفيان عن سماك بن حرب عن حنش أن رجلا تزوج امرأة فزنى بها قبل أن يدخل بها فرفع إلى علي ففرق بينهما وجلده الحد وأعطاها نصف الصداق ولسنا ولا إياهم ولا أحد علمناه يقول بهذا.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا وكيع عن سفيان عن رجل عن الشعبي عن علي - رضي الله تعالى عنه - في رجل تزوج امرأة بها جنون أو جذام أو برص قال: إذا لم يدخل بها فرق بينهما فإن كان دخل بها فهي امرأته إن شاء طلقها وإن شاء أمسك وهم يقولون: هي امرأته على كل حال إن شاء طلق وإن شاء أمسك.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن مطرف عن الشعبي عن علي - رضي الله تعالى عنه - في النصراني تسلم امرأته قال: هو أحق بها ما لم يخرجها من دار الهجرة ولسنا ولا إياهم ولا أحد علمناه يقول بهذا.
(أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان عن عطاء بن السائب عن عبد خير عن علي - رضي الله تعالى عنه - في الرجل يتزوج المرأة ثم يموت ولم يدخل بها ولم يفرض لها صداقا أن لها الميراث وعليها العدة ولا صداق لها وبهذا نقول إلا أن يثبت حديث بروع وقد رويناه عن ابن عمر وابن عباس وزيد بن ثابت - رضي الله عنهم - وهم يخالفونه ويقولون: لها صداق نسائها.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا يحيى بن عباد عن حماد بن سلمة عن بديل عن ميسرة عن أبي الوضيء أن أخوين تزوجا أختين فأهديت كل واحدة منهما إلى أخي زوجها فأصابها فقضى علي - رضي الله عنه - على كل واحد منهما صداق وجعله يرجع به على الذي غره وهم يخالفونه ويقولون: لا يرجع بالصداق وبه يقول: الشافعي لا يرجع بالصداق.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن علية عن جرير بن حازم عن عيسى عن عاصم الأسدي عن زاذان عن علي - رضي الله عنه - يقول في الخيار إن اختارت زوجها فواحدة وهو أحق بها ولسنا ولا إياهم نقول بهذا القول أما نحن فنقول: إن اختارت زوجها فلا شيء ويروى عن «عائشة - رضي الله تعالى عنها - قالت: خيرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاخترناه» فلم يعد ذلك طلاقا.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن منصور عن الحكم عن إبراهيم أن عليا - رضي الله تعالى عنه - قال: في الخلية والبرية والحرام ثلاثا ثلاثا ولسنا ولا إياهم نقول بهذا أما نحن: فنقول إن نوى الطلاق فهو ما نوى من الطلاق إن كانت واحدة فواحدة وإن أراد اثنتين فاثنتين ويملك الرجعة وأما هم فيقولون: إن نوى واحدة فواحدة وإن نوى اثنتين فلا يكون اثنتين (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن علية عن داود عن الشعبي عن علي - رضي الله عنه - في الحرام ثلاث ولسنا ولا إياهم نقول بهذا (أخبرنا الربيع)
قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا محمد بن يزيد ومحمد بن عبيد وغيرهما عن إسماعيل عن الشعبي عن رياش بن عدي الطائي قال: أشهد أن عليا - رضي الله عنه - جعل ألبتة ثلاثا ولسنا ولا إياهم نقول بهذا. .
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم وسفيان بن عيينة عن الشيباني عن الشعبي عن عمرو بن سلمة أن عليا - رضي الله عنه - وقف المولي.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن الشيباني عن بكير بن الأخنس عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن عليا - رضي الله تعالى عنه - وقف المولى: (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان عن ليث عن مجاهد عن مروان شهد عليا - رضي الله عنه - وقف المولي وهكذا نقول وهو موافق لما روينا عن عمر وابن عمر وعائشة وعثمان وزيد بن ثابت
وبضعة عشر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنهم وقفوا المولي وهم يخالفونه ويقولون: لا يوقف إذا مضت أربعة أشهر بانت منه.
أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا محمد بن عبيد عن إسماعيل عن الشعبي أن عليا - رضي الله عنه - كان يؤجل المتوفى عنها لا ينظر بها.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن فراس عن الشعبي قال: نقل علي - رضي الله تعالى عنه - أم كلثوم بعد قتل عمر بسبع ليال ولسنا ولا إياهم نقول بهذا نقول بحديث «فريعة ابنة مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرها أن تمكث في بيتها حتى يبلغ الكتاب أجله» ونحن نقول بهذا وهم في المتوفى عنها والمبتوتة وهم يروون عن علي - رضي الله عنه - أنه نقل ابنته في عدتها من عمر.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن أشعث عن الحكم عن أبي صادق عن ربيعة بن ناجد عن علي - رضي الله عنه - قال: العدة من يوم يموت أو يطلق وبهذا نقول ويقولون بقولنا.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عمن سمع الحكم يحدث عن أبي صادق عن ربيعة بن ناجد عن علي - رضي الله تعالى عنه - قال: الحامل المتوفى عنها لها النفقة من جميع المال وليسوا يقولون بهذا وينكرون هذا القول فيقولون ما نقول بهذا.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي الضحى عن علي - رضي الله تعالى عنه - قال: الحامل المتوفى عنها زوجها تعتد بآخر الأجلين وليسوا يقولون بهذا.
(أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك عن عبد ربه بن سعيد عن أبي سلمة قال: سألت ابن عباس وأبا هريرة عن المتوفى عنها زوجها وهي حامل فقال ابن عباس: آخر الأجلين وقال أبو هريرة: إذا ولدت فقد حلت قال أبو سلمة: فدخلت على أم سلمة فسألتها عن ذلك فقالت: «ولدت سبيعة الأسلمية بعد وفاة زوجها بنصف شهر فخطبها رجلان: أحدهما شاب والآخر شيخ فخطبت إلى الشاب فقال الكهل لم تحلل وكان أهلها غيبا فرجا إذا جاء أهلها أن يؤثروه بها فجاءت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: قد حللت فانكحي من شئت» فبهذا نقول وهم يقولون بقولنا فيه وينكرون ما روي عن علي - رضي الله عنه - ويخالفونه
وعن صالح بن مسلم عن الشعبي أن عليا - رضي الله عنه - قال: في التي تتزوج في عدتها قال: تتم ما بقي من عدتها من الأول وتستأنف من الآخر عدة جديدة وكذلك نقول وهو موافق لما روينا عن عمر وهم يقولون: عليها عدة واحدة وينكرون ما روي عن علي - رضي الله عنه - ويخالفونه.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم وأبو معاوية ومحمد بن يزيد عن إسماعيل عن الشعبي عن شريح أن رجلا طلق امرأته فذكرت أنها قد حاضت في شهر ثلاث تبتت فقال علي - رضي الله عنه - لشريح: قل فيها؟ فقال: إن جاءت ببينة من بطانة أهلها يشهدون صدقت فقال له علي: قالون وقالون بالرومية أصبت وهم لا يأخذون بهذا ويخالفونه أما بعضهم فيقول: لا تنقضي العدة في أقل من أربعة وخمسين يوما.
(قال الربيع) : قول الشافعي أقل ما تنقضي العدة فيمن تحيض ثلاثة وثلاثون يوما لأن أقل الحيض يوم وليلة وأقل الطهر خمس عشرة ليلة وقال بعضهم: أقل ما تنقضي منه تسعة وثلاثون يوما وأما نحن فنقول بما روي عن علي - رضي الله عنه - لأنه موافق ما روي «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لم يجعل للحيض وقتا» (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : إنه لا تنقضي عدتها في أقل من ثلاثة وثلاثين يوما (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة - رضي الله عنها - قالت «قالت فاطمة بنت أبي حبيش لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -
إني لا أطهر أفأدع الصلاة؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما ذلك عرق وليست بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي» فلم يوقت النبي - صلى الله عليه وسلم - لها وقتا في الحيضة فيقول كذا وكذا يوما ولكنه قال: إذا أقبلت وإذا أدبرت.
وروي عن سليمان التيمي عن أبي عمرو الشيباني عن ابن مسعود في العزل قال: هو الوأد الخفي ولسنا نقول بهذا لا يرون بالعزل بأسا وروي عن عمرو بن الهيثم عن شعبة عن عاصم عن زر عن علي - رضي الله عنه - أنه كره العزل وليسوا يأخذون بهذا ولا يرون بالعزل بأسا ونحن نروي عن عدد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سئل عنه فلم يذكر عنه نهيا (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان عن عمرو عن عطاء بن أبي رباح عن جابر قال: كنا نعزل والقرآن ينزل.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا يزيد بن هارون عن الأشعث عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي - رضي الله عنه - قال: اكتموا الصبيان النكاح فإن كل طلاق جائز إلا طلاق المعتوه ولسنا نأخذ بهذا ونقول: لا طلاق لصغير حتى يبلغ ولا نجيز طلاق المعتوه ولا المبرسم ولا النائم.
ويروى عن حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن أن عليا - رضي الله عنه - قال: لا طلاق لمكره وهم يخالفون هذا ويقولون: طلاق المكره جائز.
وحماد عن قتادة عن خلاس أن رجلا طلق امرأته فأشهد على طلاقها وراجعها وأشهد على رجعتها واستكتم الشاهدين حتى انقضت عدتها فرفع ذلك إلى علي - رضي الله عنه - ففرق بينهما ولم يجعل له عليها رجعة وعزر الشاهدين وهم يخالفون هذا ويجعلون الرجعة ثابتة.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن داود عن سماك عن أبي عطية الأسدي أنه تزوج امرأة أخيه وهي ترضع ابن أخيه فقال: والله لا أقر بها حتى تفطمه فسأل عليا - رضي الله عنه - عن ذلك فقال علي: إن كنت إنما تريد الإصلاح لك ولابن أخيك فلا إيلاء عليك وإنما الإيلاء ما كان في الغضب؛ والله أعلم.
[المتعة]
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان عن إسماعيل عن قيس بن أبي حازم قال: سمعت ابن مسعود يقول: «كنا نغزو مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وليس معنا نساء فأردنا أن نختصي فنهانا عن ذلك ثم رخص لنا أن ننكح المرأة إلى أجل بالشيء» وليسوا يأخذون بهذا ويخالفون ما روي عن عبد الله (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان عن الزهري قال حدثني حسن وعبد الله ابنا محمد بن علي عن أبيهما عن علي - رضي الله عنه - أنه قال لابن عباس أن «رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن نكاح المتعة ولحوم الحمر الأهلية زمن خيبر» (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عبد الله والحسن ابني محمد بن علي عن أبيهما عن علي - رضي الله عنه - أن «النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن متعة النساء يوم خيبر» (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان عن الزهري قال: أخبرني الربيع بن سبرة عن أبيه أن «رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن نكاح المتعة» وبهذا يقول: الشافعي.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مغيرة عن إبراهيم عن عبد الله قال: بيع الأمة طلاقها وهم يثبتون مرسل إبراهيم عن عبد الله ويروون عنه أنه قال: إذا قلت قال عبد الله فقد حدثني غير واحد من أصحابه وهم لا يقولون بقول عبد الله هذا ويقولون: لا يكون بيع الأمة طلاقها وهكذا نقول ونحتج بحديث «بريرة أن عائشة - رضي الله عنها - اشترتها ولها زوج ثم أعتقتها
فجعل لها النبي - صلى الله عليه وسلم - الخيار» ولو كان بيعها طلاقها لم يكن للخيار معنى وكانت قد بانت من زوجها بالشراء وروينا عن عثمان وعبد الرحمن بن عوف أنهما لم يريا بيع الأمة طلاقها أخبرنا بذلك سفيان عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف اشترى من عاصم بن عدي جارية فأخبر أن لها زوجا فردها.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا عمرو بن الهيثم عن شعبة عن الحكم عن سالم بن أبي الجعد عن أبيه عن ابن مسعود في الرجل يزني بامرأة ثم يتزوجها قال: لا يزالان زانيين ولسنا ولا إياهم نقول بهذا هما آثمان حين زنيا ومصيبان الحلال حين تناكحا غير زانيين وقد قال عمر وابن عباس نحو هذا.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا شريك عن أبي حصين عن يحيى بن وثاب عن مسروق عن عبد الله قال: إذا قال الرجل لامرأته: استلحقي بأهلك أو وهبها لأهلها فقبلوها فهي تطليقة وهو أحق بها وبهذا نقول إذا أراد الطلاق وهم يخالفونه ويزعمون أنها تطليقة بائنة
عبد الله بن موسى عن ابن أبي ليلى عن طلحة عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال: لا يكون طلاق بائن إلا خلع أو إيلاء وهم يخالفونه في عامة الطلاق فيجعلونه بائنا وأما نحن فنجعل الطلاق كله يملك الرجعة إلا طلاق الخلع وروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعن عمر في البتة أنها واحدة يملك فيها الرجعة.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا عمي محمد بن علي عن عبد الله بن علي بن السائب عن نافع بن عجير «عن ركانة أنه طلق امرأته ألبتة فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم: ما أردت؟ فقال: والله ما أردت إلا واحدة فردها إليه» (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن محمد بن عباد عن المطلب قال: قال لي عمر وطلقت امرأتي ألبتة: أمسك عليك امرأتك فإن الواحدة تبت وروي عن زيد بن ثابت في التمليك وطلقت نفسها واحدة يملك الرجعة.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال أخبرنا هشيم عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي ومغيرة عن إبراهيم عن عبد الله في الخيار إن اختارت نفسها فواحدة وهو أحق بها وهكذا نقول نحن وهم يخالفونه ويرون الطلاق فيه بائنا (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا حفص عن الأعمش عن إبراهيم في اختاري وأمرك بيدك سواء وبهذا نقول وهم يخالفونه فيفرقون بينهما أبو معاوية ويعلى عن الأعمش عن إبراهيم عن مسروق أن امرأة قالت لزوجها: لو أن الأمر الذي بيدك بيدي طلقت نفسي فقال: قد جعلت الأمر إليك فطلقت نفسها ثلاثا فسأل عمر عبد الله عن ذلك فقال: هي واحدة وهو أحق بها فقال عمر: وأنا أرى ذلك وبهذا نقول إذا جعل الأمر إليها ثم قال: لم أرد إلا واحدة فالقول قوله وهي تطليقة يملك الرجعة وهم يخالفون هذا فيجعلونها واحدة بائنة.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن سيار أبي الحكم وأبي حيان عن الشعبي أن رجلا قال: من يذبح للقوم شاة وأزوجه أول بنت تولد لي فذبح لهم رجل من القوم فأجاز عبد الله النكاح ولسنا ولا إياهم ولا أحد من الناس علمته يقول بهذا يجعلون للذابح أجر مثله ولا يكون هذا نكاحا.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن منصور عن إبراهيم عن ابن مسعود قال: يكره أن يطأ الرجل امرأته إذا فجرت أو يطأها وهي مشركة وهم لا يقولون بهذا ويقولون: لا بأس أن يطأها قبل الفجور وبعده.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن ابن أبي ليلى عن الشعبي عن عبد الله في الحامل المتوفى عنها لها النفقة من جميع المال ولسنا ولا أحد يقول بهذا إذا مات الميت وجب الميراث لأهله والله أعلم.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 09-09-2024, 07:47 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,422
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السابع
الحلقة (307)
صــــــــــ 185 الى صـــــــــــ 191






[ما جاء في البيوع]
(أخبرنا الربيع) قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا إسماعيل عن الشعبي عن عبيدة قال: قال علي - رضي الله تعالى عنه: استشارني عمر في بيع أمهات الأولاد فرأيت أنا وهو أنها عتيقة فقضى به عمر حياته وعثمان بعده فلما وليت رأيت أنها رقيق ولسنا ولا إياهم نقول بهذا نقول بقول عمر لا تباع.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن نسير بن ذعلوق عن عمرو بن راشد الأشجعي أن رجلا باع نجيبة واشترط ثنياها فرغب فيها فاختصما إلى عمر فقال: اذهبا إلى علي - رضي الله عنه - فقال علي: اذهبا بها إلى السوق فإذا بلغت أقصى ثمنها فأعطوه حساب ثنياها من ثمنها وليسوا يقولون بهذا وهو عندهم بيع فاسد فخالفوا عليا ولا نعلم له مخالفا في هذا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وهم يثبتون هذه الرواية عن علي - رضي الله عنه - فإن يثبتوها فيلزمهم أن يقولوا به لأنه ليس له دافع عندهم ونحن نقول: هذا فاسد.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن علية عن عثمان البتي عن الحسن أن عليا - رضي الله عنه - قضى بالخلاص وليسوا يقولون بهذا يقولون: إن استحق البائع الثمن الذي قبض ولم يكن عليه أن يخلصها بثمن ولا غير ذلك وليسوا يروون خلاف هذا عن أحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فيلزمهم إذا ثبتوا هذا في أصل قولهم أن يقولوا به.
(أخبرنا الربيع) قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا حماد بن سلمة عن عطاء الخراساني عن عبد الله بن ضمرة عن علي - رضي الله تعالى عنه - قال: كسب الحجام من السحت وليسوا يأخذون بهذا ولا يرون بكسب الحجام بأسا ونحن لا نرى بذلك بأسا ونروي «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أعطى الحجام أجره» ولو كان سحتا لم يعطه إياه.
(أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم وحفص وغيرهما عن الحجاج عن ابن عمرو بن حريث عن أبيه أنه باع عليا - رضي الله عنه - درعا منسوجة بالذهب بأربعة آلاف درهم إلى العطاء وليسوا يقولون بهذا هذا عندهم بيع مفسوخ لأنه إلى غير أجل.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا حماد بن سلمة عن قتادة عن خلاس بن عمر وعن علي - رضي الله عنه - فيمن اشترى ما أحرز العدو قال: هو جائز وهم يقولون إن صاحبه إذا جاء بالخيار إن أحب أخذه بالثمن أخذه.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن عبد الله قال: لا بأس بالدرهم بالدرهمين ولسنا ولا إياهم نقول بهذا نقول بالأحاديث التي رويت «عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن الفضة بالفضة إلا مثلا بمثل وعن الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل» وقد كان عبد الله لقي أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فنهوه فلما رجع قال: ما أرى به بأسا وما أنا بفاعله.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا هشيم عن سليمان التيمي عن أبي عثمان عن ابن مسعود قال: من ابتاع مصراة فهو بالخيار إن شاء ردها وصاعا من طعام وهكذا نقول وبهذا مضت السنة وهم يزعمون أنه إذا حلبها فليس له ردها لأنه قد أخذ منها شيئا.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الله أنه قال في أم الولد تعتق من نصيب ولدها ولسنا ولا إياهم نقول بهذا نقول بحديث عمر أنه أعتق أمهات الأولاد إذا مات ساداتهن ويقولون جميعا تعتق من رأس المال.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن علية عن
حماد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله أنه كره شراء المصاحف وبيعها وليسوا يقولون بهذا لا يرون بأسا ببيعها وشرائها ومن الناس من لا يرى بشرائها بأسا، ونحن نكره بيعها.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا وكيع أن عليا - رضي الله عنه - قال: لا يحل أكل الثوم إلا مطبوخا وليسوا يقولون بهذا بل ينكرونه ويقولون: ما يقول بهذا أحد ويروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من أكل من هذه الشجرة فلا يقربن مساجدنا يؤذينا بريح الثوم» وهذا الذي نأخذ به.
[باب الديات]
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي - رضي الله عنه - قال: الخطأ شبه العمد بالخشبة والحجر الضخم ثلث حقاق وثلث جذاع وثلث ما بين ثنية إلى بازل عامها كلها خلفة وفي الخطأ خمس وعشرون بنت مخاض وخمس وعشرون حقة وخمس وعشرون جذعة وخمس وعشرون بنت لبون ونحن نروي «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في شبه العمد أربعون خلفة في بطونها أولادها» وروي عن عمر أنه قضى به ثلاثين حقة وثلاثين جذعة وأربعين خلفة وبهذا نقول وهم يقولون بخلاف هذا ويقولون: في الحجر الضخم والخشبة هذا عمد فيه القود ويعيبون مذهب صاحبهم بأنه يقول: هو خطأ.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا الطنافسي عن عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت عن الشعبي عن مسروق قال: كنت عند علي - رضي الله عنه - فأتاه ثلاثة فشهدوا على اثنين أنهما غرقا صبيا وشهد الاثنان على الثلاثة أنهم غرقوه فقضى علي - رضي الله عنه - على الثلاثة بخمسي الدية وقضى على الاثنين بثلاثة أخماس الدية ولسنا ولا أحد علمناه يقول بهذا يقولون: لولي الدم أن يدعي على إحدى الطائفتين.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا جرير عن مغيرة عن الشعبي عن علي - رضي الله عنه - في الرجل يقتل المرأة قال: إن أراد أولياء المرأة أن يقتصوا لم يكن ذلك لهم حتى يعطوا نصف الدية وليسوا يقولون بهذا يقولون: بينهما القصاص في النفس وينكرون هذا القول ويقولون: ما نعلم أحدا يقوله.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا يزيد بن هارون عن هشام عن الحسن أن عليا - رضي الله عنه - قضى بالدية اثني عشر ألفا وهم يقولون: الدية عشرة آلاف.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن أبي زائدة عن مجالد عن الشعبي عن علي - رضي الله تعالى عنه - أنه قضى في القامصة والقارصة والواقصة جارية ركبت جارية فقرصتها جارية فقمصت فوقصت المحمولة فاندق عنقها فجعلها أثلاثا وليسوا يقولون بهذا وينكرون الحكم به ويقولون: ما يقول هذا أحد ويزعمون أن ليس على الموقوصة شيء وأن ديتها على العاقلة.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا عباد بن العوام عن عمرو بن عامر عن قتادة عن خلاس عن علي - رضي الله عنه - أن غلامين كانا يلعبان بقلة فقال أحدهما: حذار، وقال الآخر: حذار فأصابت ثنيته فكسرتها فرفع إلى علي - رضي الله عنه - فلم يضمنه وهم يضمنون هذا ويخالفون ما رووا فيه.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا حماد عن قتادة عن خلاس عن علي قال: إذا أمر الرجل عبده أن يقتل رجلا فإنما هو كسيفه أو سوطه يقتل المولى ويحبس العبد في السجن.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان عن مطرف عن الشعبي عن أبي جحيفة قال: «قلت لعلي - رضي الله عنه: هل عندكم من النبي - صلى الله عليه وسلم - غير ما في أيدي الناس؟ قال: لا إلا أن يؤتي الله عبدا فهما في القرآن وما
في الصحيفة قلت: وما في الصحيفة؟ قال: العقل وفكاك الأسير وأن لا يقتل مؤمن بكافر» وهم يخالفون هذا ويقولون: يقتل المؤمن بالكافر ويخالفون ما رووا عن علي - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال أخبرنا حماد بن سلمة عن سماك بن حرب عن عبيد بن القعقاع قال: كنت رابع أربعة نشرب الخمر فتطاعنا بمدية كانت معنا فرفعنا إلى علي - رضي الله عنه - فسجننا فمات منا اثنان فقال أولياء المتوفيين: أقدنا من الباقيين فسأل علي - رضي الله عنه - القوم ما تقولون؟ فقالوا: نرى أن تقيدهما قال: فلعل أحدهما قتل صاحبه قالوا: لا ندري قال: وأنا لا أدري وسأل الحسن بن علي - رضي الله تعالى عنهما - فقال مثل مقالة القوم فأجابه بمثل ذلك فجعل دية المقتولين على قبائل الأربعة ثم أخذ دية جراح الباقيين.
(أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا حماد بن سلمة عن سماك عن حنش بن المعتمر «أن ناسا حفروا بئرا لأسد فازدحم الناس عليها فتردى فيها رجل فتعلق برجل وتعلق الآخر بآخر فجرحهم الأسد فاستخرجوا منها فماتوا فتشاجروا في ذلك حتى أخذوا السلاح فقال علي - رضي الله تعالى عنه: لم تقتلون مائتين من أجل أربعة؟ تعالوا فلنقض بينكم بقضاء إن رضيتم وإلا فارتفعوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال للأول ربع الدية وللثاني ثلث الدية وللثالث نصف الدية وللرابع الدية كاملة وجعل الدية على قبائل الذين ازدحموا على البئر فمنهم من رضي ومنهم من لم يرض فترافعوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقصوا عليه القصة وقالوا إن عليا - رضي الله عنه - قضى بكذا وكذا فأمضى قضاء علي - رضي الله تعالى عنه -» وهم لا يأخذون بهذا.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا شعبة عن الأعمش عن شقيق عن عبد الله في جراحات الرجال والنساء تستوي في السن والموضحة وما خلا فعلى النصف وهم يخالفون هذا فيقولون: على النصف من كل شيء.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا سعيد عن أبي معشر عن إبراهيم عن عبد الله في الذي يقتص منه فيموت قال: على الذي اقتص منه الدية ويرفع عنه بقدر جراحته وليسوا يقولون بهذا بل نقول نحن وهم: لا شيء على المقتص لأنه فعل فعلا كان له أن يفعله.
[باب الأقضية]
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الأجلح عن الشعبي عن «علي - رضي الله عنه - اختصم إليه ناس ثلاثة يدعون ولدا فسألهم أن يسلم بعضهم لبعض فأبوا فقال: أنتم شركاء متشاكسون ثم أقرع بينهم فجعله لواحد منهم خرج سهمه وقضى عليه بثلثي الدية فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أصبت وأحسنت» .
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا شعبة عن سلمة بن كهيل قال: سمعت الشعبي يحدث عن أبي الخليل أو ابن الخليل أن ثلاثة نفر اشتركوا في طهر فلم يدر لمن الولد فاختصموا إلى علي - رضي الله عنه - فأمرهم أن يقترعوا وأمر الذي أصابته القرعة أن يعطي للآخرين ثلثي الدية وليسوا يقولون بهذا وهم يثبتون هذا عن علي - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهم يخالفونه والذي يقولونه هم ما يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فليس لأحد أن يخالفه ولو ثبت عندنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قلنا به ونحن نقول: ندعو القافة له فإن ألحقوه بأحدهم فهو ابنه وإن ألحقوه بكلهم أو لم يلحقوه بأحدهم فلا يكون له ويوقف حتى يبلغ فينتسب إلى أيهم شاء ولا يكون له أبوان في الإسلام وهم يقولون هو ابنهم يرثهم ويرثونه وهو للباقي منهم.
(أخبرنا الربيع) قال
أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا شعبة عن سماك عن أبي عبيد بن الأبرص أن رجلا استأجر نجارا يضرب له مسمارا فانكسر المسمار فخاصمه إلى علي - رضي الله عنه - فقال: أعطه درهما مكسورا وهم يخالفون هذا ولا يقولون به ونحن لا نقول به ومن ضمن الأجير ضمنه قيمة المسمار ولم يجعل له شيئا إذا لم يتم العمل فإن تم العمل فله ما استأجره عليه إن كانت الإجارة صحيحة وإن كانت الإجارة فاسدة فله أجر مثله.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا أبو بكر بن عياش عن عبد العزيز بن رفيع عن موسى بن طريف الأسدي قال: دخل علي - رضي الله عنه - بيت المال فأضرط به وقال: لا أمسي وفيك درهم فأمر رجلا من بني أسد فقسمه إلى الليل فقال الناس: لو عوضته فقال: إن شاء ولكنه سحت وهم يخالفون هذا ويقولون: لا بأس بالجعل على القسم وهم يقولون: قال علي: سحت وهم يروون عن علي - رضي الله عنه - إن شاء أعطيته وهو سحت ونحن وهم نقول: لا يحل لأحد أن يعطي السحت كما لا يحل لأحد أن يأخذه ولا نرى عليا - رضي الله عنه - يعطي شيئا يراه سحتا إن شاء الله تعالى.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن علية عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال: أتى علي - رضي الله عنه - في بعض الأمر فقال: ما أراه إلا جورا ولولا أنه صلح لرددته وهم يخالفون هذا ويقولون: إذا كان جورا فهو مردود ونحن نروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن «من اصطلح على شيء غير جائز فهو رد» .
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا حفص بن غياث عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن حنش أن عليا - رضي الله عنه - رأى الحلف مع البينة وهم يخالفون هذا ولا يستحلفون أحدا مع بينته وهم يروون عن شريح أنه استحلف مع البينة ولا نعلمهم يروون عن أحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - خلافهما.
[باب اللقطة]
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا رجل عن شعبة عن أبي قيس قال: سمعت هذيلا يقول: رأيت عبد الله أتاه رجل بصرة مختومة فقال قد: عرفتها ولم أجد من يعرفها فقال: استمتع بها وهذا قولنا إذا عرفها سنة فلم يجد من يعرفها فله أن يستمتع بها وهكذا السنة الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وحديث ابن مسعود أشبه بالسنة وقد خالفوا هذا كله ورووا حديثا عن عامر عن أبيه عن عبد الله أنه اشترى جارية فذهب صاحبها فتصدق بثمنها وقال: اللهم عن صاحبها فإن كره فلي وعلي الغرم ثم قال: هكذا نفعل باللقطة فخالفوا السنة في اللقطة التي لا حجة فيها وخالفوا حديث عبد الله بن مسعود الذي يوافق السنة وهو عندهم ثابت واحتجوا بهذا الحديث الذي عن عامر وهم يخالفونه فيما هو فيه بعينه يقولون: إن ذهب البائع فليس للمشتري أن يتصدق بثمنها ولكنه يحبسه حتى يأتي صاحبها متى جاء.
[باب الفرائض]
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا رجل عن شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة
عن علي - رضي الله عنه - أنه كان يشرك بين الجد والإخوة حتى يكون سادسا وليسوا يقولون بهذا أما صاحبهم فيقول: الجد أب فيطرح الإخوة وأما هم ونحن فنقول بقول زيد يقاسم الإخوة ما كانت المقاسمة خيرا له ولا ينقص من الثلث من رأس المال وهم ينكرون قول علي ويقولون ما يقول هذا أحد.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم قال: كان عمر وعبد الله يورثان الأرحام دون الموالي وكان علي - رضي الله عنه - أشدهم في ذلك وليسوا يقولون بهذا يقولون: إذا لم يكن أهل فرائض مسماة ولا عصبة ورثنا الموالي ونقول نحن لا نورث أحدا غير من سميت له فريضة أو عصبة وهم يورثون الأرحام وليسوا بعصبة ولا مسمى لهم إذا لم تكن أموال وقالوا: القول قول زيد والقياس عليه.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا رجل عن ابن أبي ليلى عن الشعبي عن الحارث عن علي - رضي الله عنه - أنه ورث نفرا بعضهم من بعض ويقولون في هذا بقولنا.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا رجل عن سفيان الثوري عن أبي قيس عن هذيل عن عبد الله أنه لم يشرك (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا وكيع عن سفيان عن منصور عن إبراهيم أن عبد الله أشرك ونحن نقول يشرك وهم يخالفونه ويقولون: لا نشرك. .
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا رجل عن سفيان الثوري عن معبد بن خالد عن مسروق عن عبد الله في ابنتين وبنات ابن وبني ابن للبنتين الثلثان وما بقي فلبني الابن دون البنات وكذلك قال: في الإخوة والأخوات للأب مع الأخوات لأب وأم ولسنا ولا أحد علمته يقول: بهذا إنما يقول الناس للبنات أو الأخوات الثلثان وما بقي فلبني الابن وبنات الابن أو الإخوة والأخوات من الأب للذكر مثل حظ الأنثيين.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم قال كان عبد الله يشرك الجد مع الإخوة فإذا كثروا أوفاه السدس ولسنا ولا أحد يقول بهذا أما نحن فنقول: إنه إذا كان مع الإخوة لم ننقصه من الثلث وأما بعضهم فكان يطرح الإخوة ويجعل المال للجد وبذلك يقولون (أخبرنا الربيع) : قال أخبر الشافعي قال: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم قال: كان عبد الله يجعل الأكدرية من ثمانية للأم سهم وللجد سهم وللأخت ثلاثة أسهم وللزوج ثلاثة أسهم ولسنا ولا أحد يقول: بهذا ولكنهم يقولون بما روي عن زيد بن ثابت نجعلها من تسعة للأم سهمان وللجد سهم وللأخت ثلاثة أسهم وللزوج ثلاثة أسهم ثم يقاسم الجد الأخت فيجعل بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين.
(أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي عن رجل عن الثوري عن إسماعيل بن رجاء عن إبراهيم (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان عمن سمع الشعبي يقول: في جد وأم وأخت فللأخت ثلاثة أسهم وللأم سهم وللجد سهمان وليسوا يقولون بهذا إنما يقولون بقول زيد يجعلها من تسعة للأم ثلاثة أسهم وللجد أربعة أسهم وللأخت سهمان.
(أخبرنا الربيع) قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا رجل عن شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن عبد الله قال: أهل الكتاب والمملوكون يحجبون ولا يورثون وليسوا يقولون بهذا يقولون بقول زيد لا يحجبون ولا يرثون وهم يقولون في هذا بقولنا (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا هشيم عن يونس عن ابن سيرين (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان الثوري عن الأعمش عن إبراهيم أن عبد الله سئل عن رجل مات وترك أباه مملوكا ولم يدع وارثا قال: يشترى من ماله فيعتق ثم يدفع إليه ما ترك وليسوا يقولون بهذا يقولون لا يرث المملوك ولا يورث ونحن نقول ماله في بيت المال وكذلك يقولون هم إن لم يوص به.
[باب المكاتب]
(أخبرنا الربيع) قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن طارق عن الشعبي أن عليا - رضي الله تعالى عنه - قال: في المكاتب يعتق منه بحساب وقال ابن عمر وزيد بن ثابت هو عبد ما بقي عليه شيء وروى ذلك عمرو بن شعيب وبذلك نقول ويقولون به معنا وهم يخالفون الذي رووا عن علي - رضي الله تعالى عنه - (أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا حجاج عن يونس بن أبي إسحاق عن أبيه عن الحارث عن علي - رضي الله عنه - يعتق من المكاتب بقدر ما أدى ويرث بقدر ما أدى وليسوا يقولون بهذا.
(أخبرنا الربيع) : قال (أخبرنا الشافعي) : قال أخبرنا رجل عن حماد عن قتادة عن خلاس عن علي - رضي الله تعالى عنه - قال: يستسعى المكاتب بعد العجز وليسوا ولا أحد من الناس يقول: بهذا إنما نقول إذا عجز فهو رقيق وحدثنا أن عليا - رضي الله تعالى عنه - قال: لا نعجز المكاتب حتى يدخل نجما في نجم وليسوا ولا أحد من المفتين يقول بهذا نحن وهم نقول إذا حلت نجومه فإن لم يجد فهو عاجز رقيق ولا ينتظر بتعجيزه النجم الآخر وكذلك يقول: مفتو الناس لا أعلمهم يختلفون فيه.
(أخبرنا الربيع) : قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا حماد بن خالد الخياط عن يونس بن أبي إسحاق عن أبيه عن أبي الأحوص قال: قال: عبد الله: إذا أدى المكاتب قيمته فهو حر ونحن نروي عن زيد بن ثابت وابن عمر وعائشة أنه عبد ما بقي عليه شيء وبه نقول
[باب الحدود]
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا رجل عن شعبة عن سلمة بن كهيل عن الشعبي أن عليا - رضي الله تعالى عنه - جلد شراحة يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة وقال: أجلدها بكتاب الله وأرجمها بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليسوا يقولون بهذا، يقولون: ترجم، ولا تجلد، والسنة الثابتة أن تجلد البكر، ولا ترجم، وترجم الثيب ولا تجلد وقد «رجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ماعزا ولم يجلده، وقال لأنيس اغد يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها فغدا أنيس فاعترفت فرجمها» (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق عن أشياخه أن عليا - رضي الله تعالى عنه - جلد امرأة في الزنا وعليها درع قيل لي: جديد، وكذلك يقول المفتون، ولا أعلمهم يختلفون في ذلك. هشيم عن الشيباني عن الشعبي أن عليا نفى إلى البصرة.
ابن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق عن أشياخه أن عليا - رضي الله تعالى عنه - نفى إلى البصرة وليسوا يأخذون بهذا ويزعمون أنه لا نفى علي أحدا، وأما نحن فنأخذ به؛ لأنه موافق لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الثابتة (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك وسفيان عن ابن شهاب عن عبيد الله عن أبي هريرة وزيد بن خالد «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للرجلين اللذين اختصما إليه: لأقضين بينكما بكتاب الله عز وجل على ابنك جلد مائة وتغريب عام» ابن مهدي عن سفيان عن نسير بن ذعلوق عن خليد الثوري أن رجلا أقر عند علي بحد فجهد عليه أن يخبره ما هو فأبى فقال: اضربوه حتى ينهاكم، وهم يخالفون هذا، ولا يقولون به، ولا أعلمهم يروون عن أحد من أصحاب النبي خلاف هذا فإن كانوا يثبتون مثل هذه الرواية عن علي - رضي الله تعالى عنه - فيلزمهم أن يقولوا بهذا (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن سفيان وإسرائيل عن عبد الأعلى عن أبي جميلة عن علي - رضي الله تعالى عنه - قال:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم» وهم يخالفون هذا إلى غير فعل أحد علمته من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ونحن نقول به وهو السنة الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا بذلك مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة وزيد بن خالد «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الأمة إذا زنت فقال: إذا زنت أمة أحدكم فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم بيعوها في الرابعة ولو بضفير حبل» قال ابن شهاب: لا أدري بعد الثالثة أو الرابعة، والضفير الحبل (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن عبيد الله عن أبي هريرة وزيد بن خالد نحوه (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان عن أيوب بن موسى عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها فليجلدها الحد، ولا يثرب عليها ثم إن عادت فزنت فتبين زناها فليجلدها الحد ولا يثرب عليها فإن عادت زناها فليبعها ولو بضفير من شعر» - يعني الحبل وهم يخالفون ما رووا عن علي - رضي الله تعالى عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وما روينا نحن عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن سفيان الثوري عن علقمة بن مرثد عن حجر بن عنبس قال: شهد رجلان على رجل عند علي - رضي الله تعالى عنه - أنه سرق فقال السارق: لو كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيا لنزل عذري فأمر بالناس فضربوا حتى اختلطوا ثم دعا الشاهدين فلم يأتيا فدرأ الحد وليسوا يأخذون بهذا يقولون: لا نسترهب الشهود يقولون: نقف الشاهدين فإن شهدا وكانا عدلين قطع وإن لم يكونا عدلين لم تجز الشهادة وما علمت أحدا يأخذ بقولهم هذا (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان عن عاصم بن كليب عن أبيه قال: لم أر السارق قط أكثر منهم في زمان علي - رضي الله تعالى عنه - ولا رأيته قطع أحدا منهم قلت: وكيف كان يصنع؟ قال: كان يأمر الشهود أن يقطعوا وليسوا يأخذون بهذا يقولون: إذا شهد الشهود فمن شاء الحاكم أن يأمر بقطعه قطع ولا يأمر بذلك الشهود ونحن نقول بهذا ولم نعلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والأئمة بعده أمروا شاهدين بقطع.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان عن مطرف عن الشعبي أن رجلين أتيا عليا - رضي الله تعالى عنه - فشهدا على رجل أنه سرق فقطع يده ثم آتياه بآخر فقالا: هذا الذي سرق وأخطأنا على الأول فلم يجز شهادتهما على الآخر وغرمهما دية يد الأول، وقال: لو أعلمكما تعمدتما لقطعتكما، وبهذا نقول إذا قالا أخطأنا على الأول غرمتهما دية يد المقطوع وإن قالا: عمدنا أن نشهد عليه بباطل قطعت أيديهما بيده قودا، وهذا أشبه بالقياس إن كان يجوز أن يقتل اثنان بواحد فلم لا تقطع يدان بيد، واليد أقل من النفس، وإذا جاز الكثير فلم لا يجوز القليل؟ وهم يخالفون عليا - رضي الله عنه - في الشاهدين إذا تعمدا ويقولون: لا تقطع أيديهما بيد، ولا تقطع يدان بيد وهم يقولون: يقتل اثنان بواحد ولا تقطع يدان بيد.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا رجل عن رجل عن علي بن عبد الأعلى عن أبيه عن أبي حنيفة أن عليا - رضي الله عنه - أتي بصبي قد سرق بيضة فشك في احتلامه فأمر به فقطعت بطون أنامله وليسوا ولا أحد علمته يقول بهذا يقولون: ليس على الصبي حد حتى يحتلم أو يبلغ خمس عشرة (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن مهدي عن حماد بن زيد عن عمرو بن دينار أن عليا - رضي الله تعالى عنه - قطع من شطر القدم (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال أخبرنا هشيم عن مغيرة عن الشعبي أن عليا كان يقطع الرجل من القدم، ويدع العقب يعتمد عليه وليسوا، ولا أحد علمناه يقول بهذا القول بل يقولون:

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 09-09-2024, 07:52 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,422
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السابع
الحلقة (308)
صــــــــــ 192 الى صـــــــــــ 198






تقطع الرجل من الكعب الذي فيه المفصل بين الساق والقدم.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا أبو بكر بن عياش عن ابن حصين عن سويد بن غفلة أن عليا - رضي الله عنه - أتي بزنادقة فخرج بهم إلى السوق فحفر لهم حفرا فقتلهم ثم رمى بهم في الحفر فحرقهم بالنار وهم يخالفون هذا فيقولون: لا يحرق بالنار أحد أما نحن فروينا «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى أن يعذب أحد بعذاب الله» فقلنا به، ولا نحرق حيا ولا ميتا. ابن علية عن سليمان التيمي عن أبي عمرو الشيباني أن رجلا تنصر بعد إسلامه فأتي به إلى علي - رضي الله تعالى عنه - فجعل يعرض عليه فقال: لا أدري ما تقول غير أنه يشهد أن المسيح ابن الله فوثب إليه علي - رضي الله تعالى عنه - فوطئه، وأمر الناس أن يطئوه ثم قال: كفوا فكفوا عنه فإذا هو قد مات وهم لا يأخذون بهذا يقولون: لا يقتل الإمام أحدا بهذه القتلة ولا يقتل إلا بالسيف. .
أبو بكر بن عياش عن عاصم عن أبي المغيرة في قوم دخلوا على امرأة في دار قوم فخرج إليهم بعض أهل الدار فقتلوهم فأصبحوا وقد جاءت عشائرهم إلى علي - رضي الله تعالى عنه - فرفعوهم إليه فقال علي - رضي الله تعالى عنه: وما جمع هؤلاء في دار واحدة ليلا وقال بيده فقلبها ظهرا لبطن ثم قال: لصوص قتل بعضهم بعضا قوموا فقد أهدرت دماءهم فقال الحسن أنا أضمن هذه الدماء فقال: أنت أعلم بنفسك وليسوا يقولون بهذا أما نحن فنروي عن علي - رضي الله عنه - أن رجلا وجد مع امرأته رجلا فقتله فسئل علي - رضي الله تعالى عنه - فقال: إن لم يأت بأربعة شهداء فليعط برمته أخبرنا بذلك مالك عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيب وبهذا نقول نحن وهم إلا أنهم يقولون في اللص يدخل دار رجل فيقتله ينظر إلى المقتول فإن لم يكن يعرف باللصوصية قتل القاتل، وإن كان يعرف باللصوصية درئ عن القاتل القتل، وكانت عليه الدية وهذا خلاف ما رووا عن علي - رضي الله تعالى عنه - ابن مهدي عن سفيان عن الشيباني عن بعض أصحابه أن رجلا أتى عليا - رضي الله تعالى عنه - برجل فقال: إن هذا يزعم أنه احتلم على أم الآخر فقال: أقمه في الشمس واضرب ظله وليسوا يقولون بهذا.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: حدثنا يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن أبي بشر عن شبيب بن أبي روح أن رجلا كان تواعد جارية له مكانا في خلاء فعلمت جارية بذلك فأتته فحسبها جاريته فوطئها ثم علم فأتى عمر فقال: ائت عليا فسأل عليا - رضي الله تعالى عنه - فقال: أرى أن تضرب الحد في خلاء، وتعتق رقبة وعلى المرأة الحد وليسوا يقولون بهذا، يقولون: يدرأ عنه الحد بالشبهة فأما نحن فنقول في المرأة: تحد كما رووا عن علي - رضي الله تعالى عنه - لأنها زنت وهي تعلم.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن سلمة بن كهيل عن حجية بن عدي قال: كنت عند علي - رضي الله تعالى عنه - فأتته امرأة فقالت: إن زوجي وقع على جاريتي فقال: إن تكوني صادقة نرجمه، وإن تكوني كاذبة نجلدك وبهذا نأخذ؛ لأن زناه بجارية امرأته كزناه بغيرها إلا أن يكون ممن يعذر بالجهالة، ويقول: كنت أرى أنها لي حلال، وهم يخالفون هذا ويدرءون عنه الحد كان جاهلا أو عالما. وعن عمرو بن شعيب قال: رأيت رجلا يستقي على بئر قد قطعت يده، وتركت إبهامه فقلت: من قطعك؟ فقال علي وهم يخالفون هذا، ويقولون: تقطع من مفصل الكف ويروى ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن علية عن سعيد بن عبد الله عن حصين بن المنذر أن عليا - رضي الله تعالى عنه - جلد الوليد في الخمر أربعين وهم يخالفون هذا، ويقولون: يجلد ثمانين ونحن نروي عن علي - رضي الله تعالى عنه - أنه جلد الوليد بالمدينة بسوط له طرفان أربعين فذلك ثمانون، وبه نقول (أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا بذلك سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن محمد بن علي عن علي - رضي الله تعالى عنه -.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا رجل عن ابن أبي ذئب عن القاسم بن الوليد عن يزيد أراه ابن مذكور أن عليا - رضي الله تعالى عنه - رجم لوطيا وبهذا نأخذ نرجم اللوطي محصنا كان أو غير محصن، وهذا قول ابن عباس وسعيد بن المسيب يقول: السنة أن يرجم اللوطي أحصن أو لم يحصن "رجع الشافعي" فقال: لا يرجم إلا أن يكون قد أحصن وعكرمة يرويه عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وصاحبهم يقول: ليس على اللوطي حد، ولو تلوط وهو محرم لم يفسد إحرامه، ولا غسل عليه ما لم يمن وقد خالفه بعض أصحابه فقال: اللوطي مثل الزاني يرجم إن أحصن، ويجلد إن لم يحصن، ولا يكون اللوطي أشد حالا من الزاني، وقد بين الله عز وجل فرقا بينهما فأباح جماع النساء بوجهين: أحدهما النكاح، والآخر ملك اليمين، وحرم هذا من كل الوجوه فمن أين يشتبهان.
(أخبرنا الربيع) قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا الأعمش عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه قال: جاء رجل إلى علي - رضي الله عنه - فقال: إني سرقت فطرده، ثم قال: إني سرقت فقطع يده، وقال: إنك شهدت على نفسك مرتين، وهم يخالفون هذا، ويقولون حتى يقول أربع مرات، وإنما تركنا نحن أن نقول: الاعتراف بمنزلة الشهادة؛ لأن «النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أنيسا الأسلمي أن يغدو على امرأة، فإن اعترفت رجمها» ولم يقل أربع مرات، ولو كان الإقرار يشبه الشهادة كان لو أقر أربع مرات ثم رجع بطل عنه الحد، وهم يقولون: في الزنا: لا يحد الزاني حتى يقر أربعا قياسا على الشهادات، ويخالفون ما رووا عن علي - رضي الله تعالى عنه - ويقولون في السرقة: إقراره مرة وأكثر سواء، ويخالفون ما رووا عن علي - رضي الله عنه - وروينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ويدعون القياس فيه. .
وكيع عن سفيان الثوري عن سماك عن قابوس بن مخارق أن محمد بن أبي بكر كتب إلى علي يسأله عن مسلم زنى بنصرانية فكتب إليه أن أقم الحد على المسلم وادفع النصرانية إلى أهل دينها وهم يقولون أيضا: يقام الحد على النصرانية ويخالفون هذا الحديث. يزيد بن هارون عن أيوب عن قتادة عن خلاس عن علي - رضي الله عنه - في حرين باع أحدهما صاحبه فقطعهما علي جميعا وهم يخالفون هذا وينكرون القول فيه.
أبو بكر بن عياش قال: حدثني أبو حصين عن عامر الكاهلي قال: كنت عند علي - رضي الله عنه - إذ أتي برجل فقال: ما شأن هذا؟ فقالوا: يا أمير المؤمنين وجدناه تحت فراش امرأة فقال: لقد وجدتموه على نتن فانطلقوا به إلى نتن مثله فمرغوه فيه فمرغوه في عذرة وخلى سبيله وهم يخالفون هذا ويقولون: يضرب ويرسل وكذلك قول المفتين لا يختلفون في ذلك.
سفيان عن مطرف عن الشعبي عن ابن مسعود أنه كان يقول: لا نرى على الذي يصيب وليدة امرأته حدا ولا عقرا، رجل عن شعبة عن منصور عن ربعي بن خراش عن عبد الله أن رجلا أتاه فذكر له أنه أصاب جارية امرأته فقال: استغفر الله ولا تعد، وهم يخالفون هذا ويقولون: يعزر، وأما نحن فنقول: إن كان من أهل الجهالة، وقال: قد كنت أرى أنها حلال لي فإنا ندرأ عنه الحد وعزرناه وإن كان عالما حددناه حد الزاني.
ابن مهدي عن سفيان عن عيسى بن أبي عزة عن الشعبي عن ابن مسعود «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قطع سارقا في قيمة خمسة دراهم» ونحن نأخذ بهذا إلا أنا نقطع في ربع دينار وخمسة دراهم في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر من ربع دينار، وهم يخالفون هذا، ويقولون: لا قطع في أقل من عشرة دراهم.
رجل عن شعبة عن الأعمش عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن عبد الله أنه وجد امرأة مع رجل في لحافها على فراشها فضربه خمسين فذهبوا فشكوا ذلك إلى عمر - رضي الله عنه - فقال: لم فعلت ذلك؟ قال: لأني أرى ذلك، قال: وأنا أرى ذلك وأصحابنا يذهبون إلى أنه يبلغ بالتعزير هذا وأكثر منه إلى ما دون الثمانين بقدر الذنوب وهم يقولون: لا يبلغ بالتعزير في شيء أربعين فيخالفون ما رووا
عن عمر وابن مسعود - رضي الله عنهما -.
يزيد بن هارون عن ابن أبي عروبة عن حماد عن إبراهيم عن عبد الله في أم الولد تزني بعد موت سيدها تجلد وتنفى وهم لا يقولون بهذا يقولون: لا ينفى أحد زان ولا غيره ونحن نقول: ينفى الزاني بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما روي عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وأبي الدرداء وعمر بن عبد العزيز - رضي الله عنهم - كلهم قد رأوا النفي.
جرير عن منصور عن زيد بن وهب أن عبد الله دخل المسجد والإمام راكع فركع ثم دب راكعا، ابن عيينة عن عمرو عن أبي عبيدة عن رجل عن مجالد عن الشعبي عن عمه قيس بن عبد عن عبد الله مثله وهكذا نقول نحن، وقد فعل هذا زيد بن ثابت وهم ينهون عن هذا ويخالفونه.
ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي عبيدة قال: كان عبد الله يصلي الصبح نحوا من صلاة أمير المؤمنين يعني ابن الزبير وكان ابن الزبير يغلس
رجل عن شعبة عن سلمة بن كهيل عن أبي عمرو والشيباني قال: كان عبد الله يصلي بنا الصبح بسواد أو قال: بغلس فيقرأ بسورتين وبهذا جاءت السنة، وهو قولنا، وهم يخالفونه ويقولون: بل يسفر، والذي أخذنا به أن سفيان أخبرنا عن الزهري عن عروة عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الصبح فتنصرف النساء متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس» ، مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة مثله.
ابن علية عن عوف عن سيار بن سلمة أبي المنهال «عن أبي برزة الأسلمي أنه سمعه يصف صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: كان يصلي الصبح ثم ينصرف، وما يعرف الرجل منا جليسه، وكان يقرأ بالستين إلى المائة» .
ابن إدريس عن الحسن بن عبيد الله عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر خمسا فقيل له: زيد في الصلاة، أو قالوا: صليت خمسا فاستقبل القبلة فسجد سجدتين» ، رجل عن شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله وبهذا نأخذ وهو يوافق ما روينا عن أبي هريرة وابن عمر - رضي الله تعالى عنهم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قصة ذي اليدين وهم لا يأخذون بهذا ويزعمون أنه إن لم يكن جلس في الرابعة قدر التشهد فسدت صلاته أبو معاوية وحفص عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تكلم ثم سجد سجدتي السهو بعد السلام» (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وذلك لأنه إنما ذكر السهو بعد السلام فسئل فلما استيقن أنه قد سها سجد سجدتي السهو ونحن نأخذ بهذا.
مالك عن داود بن الحصين عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد عن أبي هريرة عن أبي أسامة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر، ابن علية وهشيم عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن الحصين «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال أبو هريرة وابن عمر في ركعتين وقال عمران في ثلاث فقال له ذو اليدين: أقصرت الصلاة أم نسيت فقال: كل ذلك لم يكن ثم أقبل على الناس فقال: أكما يقول ذو اليدين؟ فقالوا: نعم فاستقبل القبلة فأتم ما بقي من صلاته ثم سجد سجدتي السهو» وهم يخالفون هذا كله ويقولون: لا يسجد للسهو بعد الكلام.
رجل عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن عبد الرحمن بن يزيد «عن عبد الله قال: ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة قط إلا لوقتها إلا بالمزدلفة فإنه جمع بين المغرب والعشاء وصلى الصبح يومئذ قبل وقتها» (قال: الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولو كان صلاها بعد الفجر لم يقل قبل وقتها، ولقال في وقتها الأول، ابن مهدي عن شعبة عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد قال: كان عبد الله يصلي الصبح بجمع ولو أن متسحرا تسحر لجاز ذلك (قال: الشافعي) ولم يختلف أحد في أن لا يصلي أحد الصبح غداة جمع، ولا في غيرها إلا بعد الفجر، وهم يخالفونه أيضا في قوله: «إن النبي - صلى الله عليه وسلم -
لم يجمع إلا بين المغرب والعشاء» فيزعمون أن الإمام يجمع بين الظهر والعصر بعرفة وكذلك نقوله نحن للسنة التي جاءت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد روى ذلك حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر قال: «فراح النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم عرفة حين زالت الشمس فخطب ثم صلى الظهر والعصر معا» وروينا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع بين الصلاتين في غير ذلك الموطن، مالك عن نافع عن ابن عمر قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا عجل به السير يجمع بين المغرب والعشاء» ، مالك عن أبي الزبير عن أبي الطفيل عن معاذ بن جبل «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في سفره إلى تبوك» ، أخبرنا الليث عن عقيل بن خالد عن الزهري عن أنس بن مالك قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا ارتحل قبل أن تزول الشمس أخر الظهر حتى يدخل أول وقت العصر ثم ينزل فيصليهما معا» ، أخبرنا أبو خالد الأحمر عن ابن عجلان عن حسين بن عبد الله عن كريب مولى ابن عباس عن «ابن عباس أنه قال: ألا أخبركم عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السفر كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا زالت الشمس وهو في المنزل جمع بين الظهر والعصر في وقت الظهر وإذا ارتحل قبل الزوال أخر الظهر حتى يصليها في وقت العصر، وهذه مواطن قد جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها غير عشية عرفة وليلة جمع» .
ابن علية عن أيوب عن محمد بن عجلان أن ابن مسعود كان يقرأ في الآخرتين بفاتحة الكتاب، وبهذا نقول: ولا يجزيه إلا أن يقرأها فإن نسي أعاد وهم يقولون: إن شاء قرأ وإن شاء لم يقرأ وإن شاء سبح، محمد بن عبيد عن محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه «أن عبد الله صلى به وبعلقمة فأقام أحدهما عن يمينه، والآخر عن يساره وقال: هكذا كان يفعل النبي - صلى الله عليه وسلم -» وليسوا يقولون بهذا، ونحن معهم يكونان خلف الإمام فأما نحن فنأخذ بحديث مالك عن إسحاق بن عبد الله عن أنس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قوموا لأصلي لكم فقمت إلى حصير فنضحته بماء فقام عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصففت أنا واليتيم وراءه والعجوز من ورائنا فصلى بنا ركعتين ثم انصرف» ، أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن أبيه قال: دخلت على عمر بالهاجرة فوجدته يسبح فقمت وراءه فقربني حتى جعلني حذاءه عن يمينه فلما جاء يرفأ تأخرت فصففنا وراءه.
أخبرنا الأعمش عن إبراهيم عن علقمة والأسود قالا: دخلنا على عبد الله في داره فصلى بنا فلما ركع طبق بين كفيه فجعلهما بين فخذيه فلما انصرف قال: كأني أنظر إلى اختلاف أصابع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين فخذيه، وأقام أحدنا عن يمينه، والآخر عن يساره، وليسوا يقولون: بهذا ولا نحن أما نحن فنأخذ بحديث رواه يحيى القطان عن عبد الحميد بن جعفر قال: حدثني محمد بن عمرو بن عطاء عن أبي حميد الساعدي أنه سمعه في عدة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أحدهم أبو قتادة يقول «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ركع وضع يديه على ركبتيه» ، أخبرنا ابن علية عن محمد بن إسحاق قال: حدثني علي بن يحيى بن خلاد الزرقي عن أبيه عن عمه رفاعة عن رافع «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل: إذا ركعت فضع يديك على ركبتيك» . أخبرنا شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة قال: صلى عبد الله بأصحابه الجمعة ضحى وقال: خشيت الحر عليكم وليسوا يقولون بهذا، ولا يقول به أحد صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر وعثمان والأئمة بعد في كل جمعة بعد زوال الشمس. أخبرنا يحيى بن عباد عن شعبة عن إبراهيم بن مهاجر عن إبراهيم النخعي عن الأسود عن عبد الله أنه كان يوتر بخمس أو سبع. سفيان عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الله أنه كان يكره أن يكون ثلاثا وتر، ولكن خمسا أو سبعا وليسوا يقولون
بهذا يقولون: صلاة الليل مثنى مثنى إلا الوتر فإنها ثلاث متصلات لا يصلى الوتر أكثر من ثلاث، وأما نحن فنقول بالسنة الثابتة أخبرنا مالك عن نافع وعبد الله بن دينار عن ابن عمر «أن رجلا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صلاة الليل فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى» أخبرنا سفيان عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر مثله أخبرنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول «صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح فليوتر بواحدة» .
سفيان عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله هشيم وأبو معاوية وابن علية وغير واحد عن ابن عون وعاصم عن ابن سيرين عن يحيى بن الجزار أظنه عن عبد الله أنه صلى، وعلى بطنه فرث ودم وليسوا يقولون بهذا يقولون: إذا كان على بطنه مقدار الدرهم الكبير أعاد الصلاة وإن كان أقل لم يعد ولم نعلم أحدا ممن مضى قال: إذا كان الدم في الثوب أو على الجسد مقدار الدرهم أعاد الصلاة، وإن كان أقل لم يعد.
أخبرنا هشيم عن حصين عن خارجة بن الصلت أن ابن مسعود ركع فمر به رجل فقال: السلام عليك يا أبا عبد الرحمن فقال: عبد الله صدق الله ورسوله فلما قضى صلاته قيل له كأن الرجل راعك قال: أجل إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول «لا تقوم الساعة حتى تتخذ المساجد طرقا وحتى يسلم الرجل على الرجل للمعرفة» وليسوا يقولون بهذا وهو عندهم نقض للصلاة إذا تكلم بمثل هذا حين يريد به الجواب وهم لا يروون خلاف هذا عن أحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وابن مسعود روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن الكلام في الصلاة ولو كان هذا عنده من الكلام المنهي عنه لم يتكلم به.
أخبرنا يزيد بن هارون عن محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه قال: رأيت ابن مسعود إذا مر بين يديه رجل وهو يصلي التزمه حتى يرده ونحن نقول بهذا وهو يوافق ما روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهم لا يأخذون به، وأحسبهم يقولون: إن هذا ينقض الصلاة ولا يروون قولهم هذا عن أحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويدعون قول عبد الله وهو موافق السنة.
أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله قال: إذا أدركت ركعة من الجمعة فأضف إليها أخرى، وإذا فاتك الركوع فصل أربعا وبهذا نقول؛ لأنه موافق معنى ما روينا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد خالف هذا بعضهم فزعم أنه إذا لم يدرك الخطبة صلى أربعا رجع بعضهم إلى أن قال مثل قولنا، وقال بعضهم: إذا أدرك الإمام في شيء من الصلاة وإن كان جالسا صلى ركعتين فخالف هذا الحديث والذي قبله.
أخبرنا رجل عن الأعمش عن المسيب بن رافع عن عامر بن عبدة قال: قال عبد الله: هيئت عظام ابن آدم للسجود فاسجدوا حتى بالمرافق وليسوا يقولون بهذا ولا نعلم أحدا يقول بهذا فأما نحن فأخبرنا سفيان عن داود بن قيس عن «عبيد الله بن عبد الله بن أقرم الخزاعي عن أبيه قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالقاع من نمرة ساجدا فرأيت بياض إبطيه» أخبرنا سفيان قال: أخبرنا عبد الله ابن أخي يزيد بن الأصم عن عمه يزيد بن الأصم عن ميمونة أنها قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سجد لو أرادت بهيمة أن تمر من تحته لمرت مما يجافي» أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم قال: خبط عبد الله الحصا بيده خبطة في المسجد فقال: لبيك وسعديك.
رجل عن الشيباني عن عبد الرحمن بن الأسود عن عمه عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله نحوه وهذا عندهم فيما أعلم كلام في الصلاة يكرهونه، وأما نحن فنقول: كل شيء من الكلام خاطبت به الله عز وجل: ودعوته به فلا بأس به، وذلك؛ لأن سفيان حدثنا عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة
رضي الله عنه - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما رفع رأسه من الركعة الآخرة من صلاة الصبح قال: اللهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين بمكة اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف» وهم يخالفون هذا كله ويقولون: القنوت قبل الركوع.
ابن مهدي عن سفيان الثوري عن الأعمش عن عمارة عن الأسود قال: كان عبد الله لا يقصر الصلاة إلا في حج أو عمرة وهم يخالفون هذا ويقولون: تقصر الصلاة في كل سفر بلغ ثلاثا، وغيرهم يقول: كل سفر بلغ ليلتين أخبرنا إسحاق بن يوسف وغيره عن محمد بن قيس عن عمران بن عمير مولى ابن مسعود عن أبيه قال: سافرت مع ابن مسعود إلى ضيعة بالقادسية فقصر الصلاة بالنجف وليسوا، ولا أحد علمته من المفتين يقول بهذا، أما هم فيقولون: تقصر الصلاة في أقل من مسيرة ثلاث ليال قواصد، ولا أعلمهم يروون هذا عن أحد ممن مضى ممن قوله حجة بل يروون عن حذيفة خلاف قولهم رواه أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال: استأذنت حذيفة من المدائن فقال: آذن لك على أن لا تقصر حتى ترجع، وهم يخالفون هذا ويقولون: يقصر من الكوفة إلى المدائن وأما نحن فنأخذ في القصر بقول ابن عمر وابن عباس تقصر الصلاة في مسيرة أربع برد، أخبرنا بذلك ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء بن يسار عن ابن عباس قال: تقصر الصلاة إلى عسفان وإلى الطائف وجدة، وهذا كله من مكة على أربعة برد ونحو من ذلك، أخبرنا مالك عن نافع عن سالم عن ابن عمر أنه خرج إلى ذات النصيب فقصر الصلاة قال مالك: وهي أربع برد وهم يخالفون روايتهم عن حذيفة وابن مسعود وروايتنا عن ابن عباس وابن عمر - رضي الله عنهم -، ابن مهدي عن سفيان الثوري عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال: قال عبد الله: لا تغيروا بسوادكم فإنما سوادكم من كوفتكم يعني لا تقصروا الصلاة إلى السواد وهم يقولون: إن أراد من السواد مسيرة ثلاث قصر إليه الصلاة، وهذه أحاديث يروونها في صلاة السفر مختلفة يخالفونها كلها.
ابن مهدي عن سفيان عن أشعث بن سليم عن عبد الله بن زياد قال: سمعت عبد الله يقرأ في الظهر والعصر وهذا عندنا لا يوجب سهوا، ولا نرى بأسا إن تعمد الجهر بالقراءة ليعلم من خلفه أنه يقرأ، وهم يكرهون هذا يكرهون أن يجهر بشيء من القراءة في الظهر والعصر ويوجبون السهو على من فعله، ونحن نوافق هذا، وهم يخالفونه.
ابن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق عن الأسود أن عبد الله كان يكبر من صلاة الصبح من يوم عرفة إلى صلاة العصر من يوم النحر، ابن مهدي عن سفيان الثوري عن غيلان بن جامع عن عمرو بن مرة عن أبي وائل عن عبد الله مثله وليسوا يقولون بهذا يقولون: يكبر من صلاة الصبح يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق وأما نحن فنقول بما روي عن ابن عمر وابن عباس يكبر من صلاة الظهر من يوم النحر إلى صلاة الصبح من آخر أيام التشريق فنترك قول ابن مسعود لقول ابن عباس وابن عمر وأما هم فيخالفون قول من سمينا، وما رووا عن ابن مسعود معا، والذي قلنا أشبه الأقاويل، والله تعالى أعلم بما يعرف أهل العلم، وذلك أن للتلبية وقتا تنقضي إليه، وذلك يوم النحر، وأن التكبير إنما يكون خلف الصلاة، وأول صلاة تكون بعد انقضاء التلبية يوم النحر صلاة الظهر وآخر صلاة تكون بمنى صلاة الصبح من آخر أيام التشريق.
ابن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق عن سليم بن حنظلة قال: قرأت السجدة عند عبد الله فنظرت إليه فقال: أنت أعلم فإذا سجدت سجدنا وبهذا نقول ليست السجدة بواجبة على من قرأ، وعلى من سمع وأحب إلينا أن يسجد وإذا سجد القارئ أحببنا للسامع أن يسجد، وقد روينا هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن عمر، ورووا ذلك عن ابن مسعود وهم يخالفون هذا ويزعمون أنها واجبة على السامع أن يسجد، وإن لم
يسجد الإمام فيخالفون روايتهم عن ابن مسعود وروايتنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن عمر، ابن عيينة عن عبدة عن زر بن حبيش عن ابن مسعود أنه كان لا يسجد في "ص" ويقول: إنما هي توبة نبي
ابن عيينة عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سجدها وهم يخالفون ابن مسعود ويقولون: هي واجبة.
ابن علية عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن علقمة عن عبد الله في الصلاة على الجنائز لا وقت ولا عدد، رجل عن شعبة عن رجل قال: سمعت زر بن حبيش يقول: «صلى عبد الله عن رجل ميت فكبر عليه خمسا، ونحن نروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كبر أربعا» ، مالك عن ابن شهاب عن سعيد عن أبي هريرة «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كبر على النجاشي أربعا» ، ولم يرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قط أنه كبر على ميت إلا أربعا، وهم يقولون قولنا، ونقول: التكبير على الجنائز أربعا أربعا لا يزاد فيها ولا ينقص فخالفوا ابن مسعود وقالوا في هذا بروايتنا.
أخبرنا هشيم عن يزيد بن أبي زياد عن أبي جحيفة عن عبد الله أنه كان إذا رفع رأسه من الركوع قال "اللهم ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد" ونحن نستحب هذا، ونقول به لأنه موافق ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهم يكرهون هذا كراهة شديدة.
أخبرنا إسحاق بن يوسف الأزرق عن سفيان عن أبي إسحاق عن علقمة عن عبد الله قال: صلى العصر قدر ما يسير الراكب فرسخين وهم يقولون: تؤخر العصر قدر ما يسير الراكب فرسخا فيخالفون ما رووا ما لم يدخل الشمس صفرة وأما نحن فنقول: يصلي العصر في أول وقتها لأنا روينا «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي العصر ثم يذهب الذاهب إلى قباء فيأتيهم، والشمس بيضاء نقية» .
هشيم عن منصور عن الحسن عن رجل من هذيل أن ابن مسعود كان يقرأ بفاتحة الكتاب في الجنائز وهم يخالفون هذا، ولا يقرءون على الجنائز، وأما نحن فنقول: بهذا نقول: يقرأ الإمام بفاتحة الكتاب، أخبرنا بذلك إبراهيم بن سعد عن أبيه عن طلحة بن عبد الله بن عوف قال: صليت خلف ابن عباس على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة وجهر حتى أسمعنا فلما فرغ أخذت بيده فسألته عن ذلك فقال: سنة وحق، أخبرنا ابن علية عن ابن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد قال: سمعت ابن عباس يجهر بفاتحة الكتاب على الجنائز ويقول: إنما فعلت لتعلموا أنها سنة.
أخبرنا إسحاق بن يوسف عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله قال: التكبير تحريم الصلاة، وانقضاؤها التسليم وليسوا يقولون بهذا يزعمون أن من جلس مقدار التشهد فقد تمت صلاته، ولا شيء عليه وأما نحن فنقول: تحريم الصلاة التكبير وانقضاؤها التسليم؛ لأنه يوافق ما روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرنا سعيد بن سالم عن سفيان الثوري عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن محمد بن الحنفية عن علي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مفتاح الصلاة الوضوء وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم» وهكذا نقول: لا يخرج من الصلاة حتى يسلم؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل حد الخروج من التسليم فكل حدث كان يفسد الصلاة فيما بين التكبير إلى التسليم فهو يفسدها؛ لأن من الدخول فيها إلى الخروج منها صلاة فلا يجوز أن يكون في صلاة فيعمل ما يفسدها، ولا تفسد.
هشيم عن حصين قال: أخبرني الهيثم أنه سمع ابن مسعود يقول: لأن أجلس على الرضف أحب إلي من أن أتربع في الصلاة وهم يقولون: قيام صلاة الجالس التربع ونحن نكره ما يكره ابن مسعود من تربع الرجل في الصلاة وهم يخالفون ابن مسعود ويستحبون التربع في الصلاة. .
أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد قال: صلى عثمان بمنى أربعا «فقال: عبد الله صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ركعتين» ومع أبي بكر ركعتين ومع عمر ركعتين ثم تفرقت بكم الطرق قال الأعمش فحدثني
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 09-09-2024, 07:57 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,422
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السابع
الحلقة (309)
صــــــــــ 199 الى صـــــــــــ 205





معاوية بن قرة أن عبد الله صلاها بعد أربعا فقيل له: عبت على عثمان وتصلي أربعا قال: الخلاف شر وهم يقولون: لا يصلح للمسافر أن يصلي أربعا فإن صلى أربعا فلم يجلس في الثانية مقدار التشهد فسدت صلاته فيروون عن عبد الله أنه فعل ما إن فعله أحد فسدت صلاته.
أخبرنا حفص عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد قال: كان عبد الله يكره أن يقرأ القرآن في أقل من ثلاث، وهم يستحبون أن يقرأ في أقل من ثلاث أخبرنا وكيع عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد قال: رأيت عبد الله يحك المعوذتين من المصحف ويقول: لا تخلطوا به ما ليس منه وهم يروون «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قرأ بهما في صلاة الصبح» وهما مكتوبتان في المصحف الذي جمع على عهد أبي بكر ثم كان عند عمر ثم عند حفصة ثم جمع عثمان عليه الناس، وهما من كتاب الله عز وجل وأنا أحب أن أقرأ بهما في صلاتي.
أخبرنا ابن مهدي وغيره عن سفيان الثوري عن ابن إسحاق عن هبيرة بن يريم قال: كان عبد الله يعطينا العطاء في زبل صغار ثم يأخذ منها زكاة، وهم يقولون: لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول، ولا نأخذ من العطاء ونحن نروي عن أبي بكر أنه كان لا يأخذ من العطاء زكاة وعن عمر وعثمان ونحن نقول بذلك أخبرنا ابن علية وابن أبي زائدة عن ليث عن مجاهد عن ابن مسعود أنه كان يقول لولي اليتيم: أحص ما مر من السنين فإذا دفعت إليه ماله قلت له قد أتى عليه كذا وكذا فإن شاء زكى وإن شاء ترك ولو كان ابن مسعود لا يرى عليه زكاة لم يأمره بالإحصاء؛ لأن من لم تجب عليه زكاة لا يؤمر بإحصاء السنين كما لا يؤمر الصبي بإحصاء سنيه في صغره للصلاة، ولكن كان ابن مسعود يرى عليه الزكاة، وكان لا يرى أن يزكيها الولي، وكان يقول: يحسب الولي السنين التي وجبت على الصبي فيها الزكاة فإذا بلغ الصبي، ودفع إليه ماله أعلمه ذلك، وهم يقولون: ليس في مال الصبي زكاة ونحن نقول: يزكي لأنا روينا ذلك عن عمر وعلي وعائشة وابن عمر وروينا ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرنا بذلك عبد المجيد عن ابن جريج عن يوسف بن ماهك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ابتغوا في أموال اليتامى لئلا تذهبها أو تستهلكها الصدقة» .
[باب الصيام]
أخبرنا ابن مهدي عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن عبيد بن عمير أن عليا سئل عن القبلة للصائم فقال: ما يريد إلى خلوف فمها وليسوا يقولون بهذا يقولون: لا بأس بقبلة الصائم.
أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن أبي السفر عن علي - رضي الله عنه - أنه صلى الصبح ثم قال: هذا حين يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود وليسوا ولا أحد علمناه يقول بهذا إنما السحور قبل طلوع الفجر فإذا طلع الفجر فقد حرم الطعام والشراب على الصائم.
أخبرنا رجل عن الشيباني عن أبي ماوية أن عليا - رضي الله عنه - خرج يستسقي يوم عاشوراء فقال: من كان منكم أصبح صائما فليتم صيامه ومن كان مفطرا فلا يأكل وليسوا يقولون بهذا يقولون: من أصبح مفطرا فلا يصوم.
أخبرنا رجل من شعبة عن أبي إسحاق عن عبد الله بن مرة عن الحارث عن علي - رضي الله عنه - أنه كره صوم يوم الجمعة وهم يستحبون صوم يوم الجمعة فيخالفون عليا - رضي الله تعالى عنه -.
أخبرنا رجل عن شعبة عن منصور عن هلال بن يساف عن
عبد الله أنه كره القبلة للصائم وليسوا يأخذون بهذا، وأما نحن فنروي «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قبل وهو صائم» وعن غير واحد من أصحابه، ونقول: لا بأس أن يقبل الصائم.
أخبرنا ابن مهدي وإسحاق الأزرق عن سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل عن المستورد بن الأحنف قال: جاء رجل فصلى معه الظهر فقال: إني ظللت اليوم لا صائم ولا مفطر كنت أتقاضى غريما لي فماذا ترى؟ قال: إن شئت صمت وإن شئت أفطرت أخبرنا رجل بشر بن السري وغيره عن سفيان الثوري عن الأعمش عن طلحة عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن أن حذيفة بدا له بعد ما زالت الشمس فصام وهم لا يرون هذا، ويزعمون أنه لا يكون صائما حتى ينوي الصوم قبل الزوال أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمارة عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله قال: أحدكم بالخيار ما لم يأكل أو يشرب وأما نحن فنقول: المتطوع بالصوم متى شاء نوى الصيام فأما من عليه صوم واجب فعليه أن ينويه قبل الفجر والله أعلم. .
[باب الحج]
(قال الشافعي) - رحمه الله - أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن عبد الله قال: الحج أشهر معلومات ليس فيها عمرة وليسوا يأخذون بذلك، ويزعمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرن الحج والعمرة في أشهر الحج، وأما نحن فروينا أن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - الذين خرجوا معه في حجته منهم من قرن الحج مع العمرة، ومنهم من تمتع بالعمرة إلى الحج، ومنهم من أفرد الحج أخبرنا بذلك مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «وأفرد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحج» فبهذا قلنا: لا بأس بالعمرة في أشهر الحج وقد كان ابن مسعود فيمن شهد تلك الحجة فيما علمنا.
أخبرنا ابن مهدي عن سفيان عن إبراهيم بن عبد الأعلى عن سويد بن غفلة قال: قال لي عمر: يا أبا أمية حج واشترط فإن لك ما شرطت ولله عليك ما اشترطت وهم يخالفون هذا، ولا يرون الشرط شيئا وأما نحن فنقول: يشترط وله الشرط لأنه موافق ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر ضباعة بنت الزبير بالشرط وما روي عن عائشة أخبرنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر ضباعة بنت الزبير فقال: أما تريدين الحج؟ فقالت إني شاكية فقال: حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني» أخبرنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه قال: قالت لي عائشة يا ابن أختي هل تستثني إذا حججت؟ قلت: ماذا أقول؟ قالت: قل اللهم الحج أردت، وله عمدت فإن يسرته فهو الحج، وإن حبسني حابس فهي عمرة.
أخبرنا ابن عيينة عن منصور عن أبي وائل عن مسروق عن عبد الله أنه لبى على الصفا في عمرة بعد ما طاف بالبيت وليسوا ولا أحد من الناس علمناه يقول بهذا، وإنما اختلف الناس عندنا فمنهم من قال: يقطع التلبية في العمرة إذا دخل الحرم وهو قول ابن عمر، ومنهم من قال: إذا استلم الركن وهو قول ابن عباس وبهذا نقول
أخبرنا رجل عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس وبه يقولون هم أيضا فأما بعد الطواف بالبيت فلا يلبي أحد
أخبرنا ابن مهدي عن شعبة عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله قال: «كانت تلبية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك» وليسوا ولا أحد علمناه يقول هذا فخالفوه؛ لأن تلبية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم المسلمين إلى اليوم زيادة على هذه التلبية والملك لا شريك لك.
أخبرنا ابن مهدي عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق
عن عبد الرحمن بن يزيد أن عبد الله تنفل بين المغرب والعشاء بجمع وليسوا يقولون بهذا بل ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلاهما ولم يصل بينهما شيئا أخبرنا الوليد بن مسلم عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن سالم عن أبيه «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع بين المغرب والعشاء ولم يتطوع بينهما ولا على أثر واحدة منهما» وبهذا نقول: أخبرنا ابن علية عن أبي حمزة ميمون عن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله قال: نسكان أحب إلي أن يكون لكل منهما شعث وسفر وهم يزعمون أن القرآن أفضل وبه يفتون من استفتاهم وعبد الله كان يكره القرآن أخبرنا سفيان عن عبد الكريم الجزري عن أبي عبيدة عن عبد الله أنه حكم في اليربوع جفرا أو جفرة، وهم يخالفونه ويقولون: نحكم فيه بقيمته في الموضع الذي يصاب فيه، ولو يبلغ أن يكون غير جفرة لم يهد إلا الثني فصاعدا ما يكون أضحية فيخالفونه من وجهين ولا يقولون علمته في قولهم هذا بقول أحد من السلف وأما نحن فنقول به؛ لأنه مثل ما روينا عن عمر وهو قول عوام فقهائنا. والله أعلم. .
[كتاب اختلاف مالك والشافعي]
- رضي الله عنهما - أخبرنا أبو محمد الربيع بن سليمان المرادي المؤذن صاحب الشافعي - رحمه الله تعالى - قال: سألت الشافعي بأي شيء تثبت الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: قد كتبت هذه الحجة في كتاب "جماع العلم" فقلت: أعد من هذا مذهبك ولا تبال أن يكون فيه في هذا الموضع فقال الشافعي: إذا حدث الثقة عن الثقة حتى ينتهي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو ثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا نترك لرسول الله حديثا أبدا إلا حديثا وجد عن رسول الله حديث يخالفه، وإذا اختلفت الأحاديث عنه فالاختلاف فيها وجهان: أحدهما أن يكون بها ناسخ ومنسوخ فنعمل بالناسخ ونترك المنسوخ، والآخر أن تختلف، ولا دلالة على أيها الناسخ فنذهب إلى أثبت الروايتين فإن تكافأتا ذهبت إلى أشبه الحديثين بكتاب الله وسنة نبيه فيما سوى ما اختلف فيه الحديثان من سنته ولا يعدو حديثان اختلفا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يوجد فيهما هذا أو غيره مما يدل على الأثبت من الرواية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا كان الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا مخالف له عنه، وكان يروى عمن دون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديث يوافقه لم يزده قوة، وحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - مستغن بنفسه، وإن كان يروى عمن دون رسول الله حديث يخالفه لم ألتفت إلى ما خالفه وحديث رسول الله أولى أن يؤخذ به، ولو علم من روى خلاف سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سنته اتبعها إن شاء الله فقلت للشافعي: أفيذهب صاحبنا هذا المذهب؟ قال: نعم في بعض العلم وتركه في بعض قلت: فاذكر ما ذهب إليه صاحبنا من حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - مما لم يرو عن الأئمة أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي شيئا يوافقه، فقال: نعم سأذكر من ذلك - إن شاء الله - ما يدل على ما وصفت، وأذكر أيضا ما ذهب إليه من حديث رسول الله وفيه عن بعض الأئمة ما يخالفه ليكون أثبت للحجة عليكم في اختلاف أقاويلكم فتستغنون مرة بالحديث عن النبي دون غيره وتدعون له ما خالفه ثم تدعون الحديث مرة أخرى بغير حديث يخالفه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ومن ذلك أنه أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عباس، قال: وأخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة كلاهما قالا: «إن الشمس خسفت فصلى النبي - صلى الله عليه وسلم -
ركعتين ووصفاهما في كل ركعة ركعتين» (قال: الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فأخذنا نحن وأنتم به وخالفنا غيركم من الناس فقال: تصلي ركعتين كصلاة الناس وروى حديثا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل قوله، وخالفنا غيرهم من الناس فقال: تصلي ركعتين، في كل ركعة ثلاث ركعات واحتج علينا بأن ابن عباس صلى في زلزلة ركعتين، في كل ركعة ثلاث ركعات واحتج علينا غيره بأن علي بن أبي طالب صلى ركعتين، في كل ركعة أربع ركعات أو خمس وكانت حجتنا عليهم أن الحديث إذا ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن في أحد بعده حجة لو جاء عنه شيء يخالفه.
(قال الشافعي) : - رحمه الله: وأخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار وعن يسر بن سعيد وعن الأعرج يحدثونه عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر» فقلنا: نحن وأنتم بهذا، وخالفنا بعض الناس فيه فقال: هو مدرك العصر، وصلاته الصبح فائتة من قبل أنه خرج إلى وقت نهى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فكانت حجتنا عليه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما نهى عما لا يلزم من الصلوات، وهذه صلاة لازمة قد بينها وأخبر أنه مدرك في الحالين معا أفرأيتم لو احتج عليكم رجل فقال: كيف ثبتم حديث أبي هريرة وحده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يروه أحد علمته عن النبي - صلى الله عليه وسلم - غير أبي هريرة ولم تردوه بأن هذا لم يرو عن أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي ولا أحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قلت: ما كانت حجتنا عليه إلا أنه إذا ثبت الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استغني به عمن سواه.
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم» فأخذنا نحن وأنتم به أفرأيتم إن قال لنا قائل: إن الحر والبرد لم يحدثا بعد ولم يذهبا بعد فلما لم يأت عن أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي أنهم أمروا بالإبراد، ولم ترووه عن واحد منهم وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحض على أول الوقت وذلك في الحر والبرد سواء هل الحجة إلا ثبوت هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأن حضه على أول الوقت لا يدفع أمره بتأخير الظهر في شدة الحرة، ولو لم يرو عن أحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - استغني فيه بالخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن حميدة بنت عبيد بن رفاعة عن كبشة بنت كعب بن مالك عن أبي قتادة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في الهرة: إنها ليست بنجس» قال: فأخذنا نحن وأنتم به فقلنا: لا بأس بالوضوء بفضل الهرة وخالفنا بعض الناس فكره الوضوء بفضلها واحتج بأن ابن عمر كره الوضوء بفضلها أفرأيتم إن قال لكم قائل: حديث حميدة عن كبشة لا يثبت مثله والهرة لم تزل عند الناس بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - فنحن نوهنه بأن لم يرو عن أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي ما يوافق ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - واحتج أيضا بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا شرب الكلب من إناء أحدكم فليغسله سبع مرات» والكلب لا يؤكل لحمه، ولا الهرة فلا أتوضأ بفضلها فهل الحجة عليه إلا أن المرأتين إن كانتا معروفتين ثبت حديثهما، وأن الهر غير الكلب الكلب نجس مأمور بغسل الإناء منه سبعا، ولا نتوضأ بفضله وفي الهرة حديث أنها ليست بنجس فنتوضأ بفضلها ونكتفي بالخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من أن يكون أحد بعده قال به، ولا يكون في أحد قال بخلاف ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة، ولا في أن لم يرو إلا من وجه واحد إذا كان الوجه معروفا.
(قال الشافعي) أخبرنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عروة عن مروان عن بسرة بنت صفوان أنها سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ» فقلنا نحن وأنتم به، وخالفنا بعض الناس فقال: لا يتوضأ من مس الذكر واحتج بحديث رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يوافق قوله فكانت حجتنا عليه أن حديثه مجهول لا يثبت مثله، وحديثنا معروف، واحتج علينا بأن حذيفة وعلي بن أبي طالب وابن مسعود وابن عباس وعمران بن الحصين وعمار بن ياسر وسعد بن أبي وقاص قالوا: ليس في مس الذكر وضوء وقالوا: رويتم عن سعد قولكم، وروينا عنه خلافه ورويتموه عن ابن عمر ومن رويناه عنه أكثر، لا توضئون لو مسستم أنجس منه فكانت حجتنا أن ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن في قول أحد خالفه حجة على قوله فقال منهم قائل: أفلا نتهم الرواية عن رسول الله إذا جاء عن مثل من وصفت وكان من مس ما هو أنجس منه لا يجب عليه عندكم وضوء فقلت لا يجوز لعالم في دينه أن يحتج بما يرى الحجة في غيره قال: ولم لا تكون الحجة فيه؟ والغلط يمكن فيمن يروي فقلت له: أرأيت إن قال لك قائل: إن جميع ما رويت عمن رويته عنه فأخاف غلط كل محدث منهم عمن حدث عنه إذا روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خلافه قال: لا يجوز أن يتهم حديث أهل الثقة قلت: فهل رواه عن أحد منهم إلا واحد عن واحد؟ قال: نعم قلت: ورواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - واحد عن واحد؟ قال: نعم، قلت: فإننا علمنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قاله بصدق المحدث عندي، وعلمنا أن من سمينا قاله بحديث الواحد عن الواحد؟ قال: نعم قلت: وعلمنا بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قاله علمنا بأن من سمينا قاله؟ قال: نعم قلت: فإذا استوى العلمان من خبر الصادقين أيهما كان أولى بنا أن نصير إليه، آلخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولى بأن نأخذ به أو الخبر عمن دونه؟ قال: بل الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن ثبت قلت: ثبوتهما واحد قال: فالخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولى أن يصار إليه، وإن أدخلتم على المخبرين عنه أنهم يمكن فيهم الغلط دخل عليكم في كل حديث روي مخالف الحديث الذي جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن قلتم: ثبت خبر الصادقين فما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أولى عندنا أن يؤخذ به.
(قال: الشافعي) : أخبرنا مالك عن أبي الزبير المكي عن أبي الطفيل عامر بن واثلة عن معاذ بن جبل «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء في سفره إلى تبوك» فأخذنا نحن، وأنتم به وخالفنا فيه غيرنا فروي عن ابن مسعود «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يجمع إلا بالمزدلفة» وروي عن عمر أنه كتب أن الجمع بين الصلاتين إلا من عذر من الكبائر فكانت حجتنا عليه أن ابن مسعود وإن قال: لم يفعل فقال غيره: فعل فقول من قال فعل أولى أن يؤخذ به لأنه شاهد، والذي قال لم يفعل غير شاهد وليس في قول أحد خالف ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة لما وصفت من أنا إذا علمنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال شيئا، وغيره قال غيره فلا يشك مسلم في أن ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أولى أن يؤخذ به، وإن أدخلت أن الرجال المحدثين يمكن فيهم الغلط. في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - أدخلنا ذلك في حديث من روى عنه ما يخالف ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان ذلك في حديث من روى عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أمكن؛ لأنه لا يروي عن النبي - عليه السلام - شيئا سماعا إلا أصحابه وأصحابه خير ممن بعدهم، وعامة من يروي عمن دونه التابعون فكيف يتهم حديث الأفضل ولا يتهم حديث الذي هو دونه؟ ولسنا نتهم منهم واحدا ولكنا نقبلهما معا، والحجة فيما قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دون ما قال غيره ولا يوهن الجمع في السفر بأن يقول رجل سافر أبو بكر غازيا وحاجا وعمر
حاجا وغازيا وعثمان غازيا وحاجا ولم يثبت أن أحدا منهم جمع في سفر بل يكتفي بما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا يوهنه إن لم يحفظ أنه عمل به بعده ولا يزيده قوة أن يكون عمل به بعده، ولو خولف بعد ما أوهنه وكانت الحجة فيما روي عنه دون ما خالفه.
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن داود بن الحصين عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد عن أبي هريرة قال: «صلى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة العصر فسلم من ركعتين فقام ذو اليدين فقال: قصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - كل ذلك لم يكن ثم أقبل على الناس فقال: أصدق ذو اليدين؟ فقالوا: نعم فأتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما بقي من الصلاة ثم سجد سجدتين وهو جالس» فقلنا نحن وأنتم بهذا وخالفنا غيرنا فقال: الكلام في الصلاة عامدا يقطعها وكذلك يقطعها الكلام وإن ظن المصلي أنه قد أكمل ثم تكلم وروي عن ابن مسعود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله يحدث من أمره ما شاء، وإن مما أحدث الله أن لا تكلموا في الصلاة» فقلنا: هذا لا يخالف حديثنا نهى عن الكلام عامدا فأما الكلام ساهيا فلم ينه عنه، والدليل على ذلك أن حديث ابن مسعود بمكة قبل الهجرة وحديث أبي هريرة بالمدينة بعد حديث ابن مسعود بزمان فلم نوهن نحن وأنتم هذا الحديث بأن لم يرو عن أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي أنهم فعلوا مثل هذا ولا قالوا من فعل مثل هذا جاز له واكتفينا بالخبر لما ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم نحتج فيه إلى أن يعمل به بعده غيره.
(قال: الشافعي) أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عبد الرحمن الأعرج عن عبد الله بن بحينة قال: «صلى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتين ثم قام فلم يجلس وقام الناس معه فلما قضى صلاته ونظرنا تسليمه كبر فسجد سجدتين، وهو جالس قبل التسليم» فأخذنا نحن وأنتم بهذا، وقلنا وقلتم يسجد للسهو في النقص من الصلاة قبل التسليم فخالفنا بعض الناس، وقال: تسجدان بعد التسليم واحتج بروايتنا فقال من احتج عن مالك سجدهما النبي - صلى الله عليه وسلم - في الزيادة بعد السلام فسجدتهما كذلك وسجدهما في النقص قبل السلام فسجدتهما كذلك ولم نوهن هذا بأن لم يرو عن أحد من الأئمة فيه شيء يخالفه ولا يوافقه واكتفينا بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن يزيد بن رومان عن صالح بن خوات عمن صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم ذات الرقاع «صلاة الخوف أن طائفة صفت معه، وطائفة وجاه العدو فصلى بالذين معه ركعة ثم ثبت قائما فأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا فصفوا وجاه العدو وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته ثم ثبت جالسا وأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم» (قال الشافعي) : أخبرنا بعض أصحابنا عن عبد الله بن عمر عن أخيه عبيد الله بن عمر عن القاسم عن صالح بن خوات عن خوات بن جبير عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل معناه فأخذنا نحن وهو بهذا حتى حكي لنا عنه غير ما عرضنا عليه وخالفنا بعض الناس فقال فيه بخلاف قولنا فقال: لا تصلى صلاة الخوف اليوم فكانت حجتنا عليه ما ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان من حجته أن قال: قد اختلفت الأحاديث في صلاة الخوف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم نعلم أن أبا بكر ولا عمر ولا عثمان ولا ثبت عن علي أن واحدا منهم صلى صلاة الخوف ولا أمروا بها، والصلاة خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - في الفضل ليست كهي خلف غيره، وبأن لم يرو عن خلفائه حديث يثبت بصلاتها، ولم يزالوا محاربين ومحاربا في زمانهم فهذا يدل على أنه كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة
فكانت حجتنا عليه أن هذا إذا ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو عام إلا بدلالة؛ لأنه لا يكون شيء من فعله خاصا حتى تأتينا الدلالة من كتاب أو سنة أو إجماع أنه خاص وإلا اكتفينا بالحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عمن بعده كما قلنا فيما قبله.
[باب ما جاء في الصدقات]
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك بن أنس عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه عن أبي سعيد الخدري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة وليس فيما دون خمس أواق صدقة» فأخذنا نحن وأنتم بهذا وخالفنا فيه بعض الناس فقال: قال الله تبارك وتعالى لنبيه - عليه السلام - {خذ من أموالهم صدقة} [التوبة: ١٠٣] وقال: النبي - صلى الله عليه وسلم - «فيما سقت السماء العشر» لم يخصص الله عز وجل مالا دون مال ولم يخصص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث مالا دون مال فهذا الحديث يوافق كتاب الله، والقياس عليه وقال: لا يكون مال فيه صدقة، وآخر لا صدقة فيه، وكل ما أخرجت الأرض من شيء وإن حزمة بقل ففيه العشر فكانت حجتنا عليه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المبين عن الله معنى ما أراد إذ أبان ما يؤخذ منه من الأموال دون ما لم يرد، والحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما سقت السماء جملة والمفسر يدل على الجملة (قال الشافعي) : وقد سمعت من يحتج عنه فيقول كلاما يريد به قد قام بالأمر بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وأخذوا الصدقات في البلدان أخذا عاما وزمانا طويلا فما روي عنهم ولا عن واحد منهم أنه قال: ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة قال: وللنبي - صلى الله عليه وسلم - عهود ما هذا في واحد منها، وما رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا أبو سعيد الخدري (قال الشافعي) : فكانت حجتنا عليه أن المحدث به لما كان ثقة اكتفي بخبره ولم نرده بتأويل ولا بأنه لم يروه غيره ولا بأنه لم يرو عن أحد من الأئمة مثله اكتفاء بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عما دونها وبأنها إذا كانت منصوصة بينة لم يدخل عليها تأويل كتاب إذ النبي - صلى الله عليه وسلم - أعلم بمعنى الكتاب، ولا تأويل حديث جملة يحتمل أن يوافق قول النبي - صلى الله عليه وسلم - المنصوص ويخالفه، وكان إذا احتمل المعنيين أولى أن يكون موافقا له، ولا يكون مخالفا فيه ولم يوهنه أن لم يروه إلا واحد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان ثقة.
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من باع نخلا قد أبرت فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع» فقلنا نحن وأنتم بهذا، وقلنا: في هذا دليل على أنه من باع نخلا لم تؤبر فالثمرة للمشتري فخالفنا بعض الناس في هذا فقال: إذا قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالثمرة إذا أبرت للبائع إلا أن يشترط المبتاع علمناه إذا أبر فقد زايل أن يكون مغيبا في شجره لم يظهر كما يكون الحمل مغيبا لم يظهر، وكذلك إذا زايلها وإن لم يؤبر فهو للبائع وقال: هكذا تقولون في الأمة تباع حاملا حملها للمشتري فإذا فارقها فولدها للبائع والثمر إذا خرج من النخلة فقد فارقها (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فكانت حجتنا عليهم أن قلنا: إن الثمرة قبل الإبار وبعده اتبعنا أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما أمر به، ولم نجعل أحدهما قياسا على الآخر ونسوي بينهما إن ظهرا فيها ولم نقسهما على ولد الأمة، ولا نقيس سنة على سنة، ولكن نمضي كل سنة على وجهها ما وجدنا السبيل إلى إمضائها ولم نوهن هذا الحديث بقياس ولا شيء مما وصفت ولا بأن اجتمع هذا فيه وإن لم يرو فيه عن أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي قول ولا حكم ولا أمر يوافقه واستغنينا بالخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه عما سواه.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 09-09-2024, 08:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,422
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السابع
الحلقة (310)
صــــــــــ 206 الى صـــــــــــ 212




[باب في بيع الثمار]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها نهى البائع والمشتري» (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن حميد الطويل عن أنس بن مالك «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمار حتى تزهي فقيل: يا رسول الله وما تزهي؟ قال: حتى تحمر وقال: أرأيت إذا منع الله الثمرة فبم يأخذ أحدكم مال أخيه» قال: فأخذنا بهذا الحديث نحن وأنتم وقلنا: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - يدل على معنيين: أحدهما أن بدو صلاحها الحمرة ومثلها الصفرة، وأن قوله: إذا منع الله الثمرة فبم يأخذ أحدكم مال أخيه أنه إنما يمنع من الثمرة ما يترك إلى مدة يكون في مثلها التلف فقلنا: كل من ابتاع ثمرة قد بدا صلاحها فله تركها حتى تجد وخالفنا بعض الناس في هذا فقال: من اشترى ثمرة قد بدا صلاحها لم يكن له تركها، وذلك أن ملك النخل والماء الذي به صلاح النخل للبائع يستبقي نخله وماءه، ولا يجوز أن يشترطه؛ لأنه لا يعرف حصة الثمرة من الثمن من حصة الإجارة فكانت حجتنا عليه أن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «إذا منع الله الثمرة فبم يأخذ أحدكم مال أخيه» يدل على أنه إنما يمنع ما يترك لا ما يكون على مشتريه أن يقطفه مكانه ورأينا أن من خالفنا فيه قد ترك السنة وترك ما تدل عليه السنة لو احتج علينا بأنه لم يرو عن أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي قول ولا قضاء يوافق هذا استغنينا بالخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عما سواه.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان أن زيدا أبا عياش أخبره عن سعد بن أبي وقاص أخبره «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن بيع الرطب بالتمر» (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «نهى عن المزابنة» والمزابنة بيع الثمر بالتمر كيلا وبيع الكرم بالزبيب كيلا (قال: الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر عن زيد بن ثابت «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرخص لصاحب العرية أن يبيعها بخرصها» قال: فأخذنا نحن وأنتم بالأحاديث كلها حين وجدنا لها كلها مخرجا فقلنا المزابنة بيع الجزاف كله بشيء من صنفه كيلا والرطب بالتمر إذا كان الرطب ينقص شيء واحد متفاضل أو مجهول فقد حرم أن يباع إلا مستويا، وذلك إذا كان موضوعا بالأرض وأحللنا بيع العرايا بخرصها تمرا وهي داخلة في معنى المزابنة والرطب بالتمر إذا كان لهما وجه معا، وخالفنا في هذا بعض الناس فلم يجز بيع العرايا وردها بالحديثين وقال: روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديثان مختلفان فأخذنا بأحدهما وكان الذي أخذنا به أشبه بسنته في النهي عن التمر بالتمر إلا كيلا بكيل فرأينا لنا الحجة ثابتة بما قلنا على من خالفنا إذا وجدنا للحديثين وجها نمضيهما فيه معا (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فإذا كانت لنا حجة كانت عليكم في الحديثين يكونان هكذا فتنسبهما إلى الاختلاف، وقد يوجد لهما وجه يمضيان فيه معا فلم ندعه بما وصفنا من حجة غيرنا بحديثنا، ولا بأن لم يرو عن أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي واستغنينا بالخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي رافع مولى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «استسلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من رجل بكرا فجاءته إبل فقال أبو رافع فأمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أقضي الرجل بكره فقلت: لم أجد في الإبل إلا جملا خيارا رباعيا فقال: أعطه إياه فإن خيار الناس أحسنهم قضاء» فأخذنا نحن وأنتم بهذا وقلنا لا بأس أن يستسلف الحيوان إلا الولائد وأن
يسلف في الحيوان كله قياسا على هذا، وخالفنا بعض الناس في هذا لا يستسلف الحيوان، ولا يسلف فيه وروي عن ابن مسعود أنه كره السلف فيه وعن غيره من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم نر في واحد دون النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة مع قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (قال الربيع) : معنى قول الشافعي في هذا الذي نهي عنه ها هنا قرض الأمة خاصة لأن له أخذها منه فأما العبد فيجوز، وقال: هذا قول الشافعي. .
[باب في الأقضية]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى باليمين مع الشاهد» (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فأخذنا نحن وأنتم به وإنما أخذنا نحن به من قبل أنا رويناه من حديث المكيين متصلا صحيحا وخالفنا فيه بعض الناس فما احتج في شيء منه قط علمته أكثر من حججه فيه، وفي ثلاث مسائل معه فزعم أن القرآن يدل على أن لا يجوز أقل من شاهدين أو شاهد وامرأتين، وزعم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «واليمين على المدعى عليه» وقاله عمر فكان هذا دلالة على أن لا تجوز يمين إلا على المدعى عليه ولا يحلف مدع، واحتج بابن شهاب وعطاء وعروة وهما رجلا مكة والمدينة في زمانهما أنكراه غاية النكرة، واحتج بأن لم يحفظ عن أبي بكر ولا عمر ولا عثمان فيه شيء يوافقه، ولا عن علي من وجه يصح عنده، ولا عن واحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من وجه يصح ولا عن ابن المسيب ولا القاسم ولا أكثر التابعين وبأنا أحلفنا في المال ولم نحلف في غيره، وأن ربيعة بن أبي عبد الرحمن قال: إنما أخذنا باليمين مع الشاهد أنا وجدناه في كتب سعد وقال: تأخذون بيمين وشاهد بأن وجدتموهما في كتاب وتردون الأحاديث القائمة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فكانت حجتي عليه أن قلت: الرواية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثابتة وما ثبت عن رسول الله لم يوهنه أن لا يوجد عند غيره، ولم يتأول معه قرآن، ولم يدفعه أن أنكره عروة وابن شهاب وعطاء لأنه ليس في الإنكار حجة إنما الحجة في الخبر لا في الإنكار، ورأينا هذا لنا حجة ثابتة فإذا كان مثل هذا يكون لنا حجة فعليك مثله، وأحرى وأولى أن لا يوجد عليه ما يوهنه منه.
(قال الشافعي) : - رحمه الله: أخبرنا مالك عن هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص عن عبد الله بن نسطاس عن جابر بن عبد الله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من حلف على منبري هذا بيمين آثمة تبوأ مقعده من النار» فأخذنا نحن وأنتم بهذا الحديث وقلنا: فيه دلالة على أن امرأ لا يحلف على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا مجبورا على اليمين لا متطوعا بها، وإنما يجبر الناس على الأيمان الحكام، وخالفنا بعض الناس في هذا واحتج فيه بأن قال: هاشم بن هاشم ليس بالمشهور بالحفظ وعبد الله بن نسطاس ليس بالمعروف، ولو احتججنا عليكم بمثل هذا رددتموه، وليس فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحلف على المنبر، وقد يتطوع الرجل فيحلف على المنبر كما يتطوع فيحلف بطلاق وعتاق ولم يستحلف لم تحفظوا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا غيره أنه أحلف أحدا على منبر في غرم ولا غيره واحتج بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لاعن بين الزوجين فحكي اللعان، ولم يحك أنه كان على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: أو رأيت أهل البلدان أيجلبون إلى المدينة أو يحلفون ببلدانهم؟ فكيف تكون الأيمان على
الناس مختلفة فلم نر له في هذا حجة وقلنا: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - على ظاهره أنه لا يحلف أحد على منبر إلا مجبورا كما وصفنا. .
[كتاب العتق]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أعتق شركا له في عبد فكان له مال يبلغ ثمن العبد قوم عليه قيمة العدل فأعطي شركاؤه حصصهم وعتق عليه العبد وإلا فقد عتق منه ما عتق» فأخذنا نحن وأنتم بهذا الحديث وأبطلنا به الاستسعاء وشركنا الرق والحرية في العبد إذا كان المعتق للعبد مفلسا وخالفنا فيه بعض الناس، ووهنه بأن قال: رواه سالم عن ابن عمر فلم يقل فيه وإلا فقد عتق منه ما عتق ورواه أيوب عن نافع عن ابن عمر وقال أيوب وربما قال نافع وإلا فقد عتق منه ما عتق وربما لم يقل وأكثر ظني أنه شيء كان يقوله نافع برأيه ووهنه بأن قال: حديث رواه ابن عمر وحده وقد روي عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خلافه، وعن غير أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه الاستسعاء ووهنه بأن قال: لم يرو عن أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي ما يوافقه بل روينا عن عمر خلافه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فكانت حجتنا عليه أن سالما وإن لم يروه فنافع ثقة، وليس في قول أيوب ربما قاله وربما لم يقله إذا قاله عنه غيره حجة، وما روي عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مختلف فيه فالحفاظ يرونه لا يخالف حديثنا، وغيرهم يرونه يخالف حديثنا ولو خالفه كان حديثنا أثبت منه، والحديث الذي ذكره يخالف حديثنا لا يثبت، ولا يرويه الحفاظ يخالف حديثنا، وإذا كانت لنا الحجة بهذا على من خالفنا فهكذا ينبغي لنا أن نلزم أنفسنا في الحديث كله وأن نستغني بخبر الصادقين عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإن لم يأت عن أحد من خلفائه ما يوافقه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وأدخلوا علينا فيه أن عبدا يكون نصفه حرا ونصفه عبدا فلا يكون له بالحرية أن يرث ولا يورث، وتكون حقوق الحرية كلها فيه معطلة إلا أنه يترك لنفسه يوما ثم يكسب في يومه فيمنع أن يهب ماله فقلنا: لا نترك الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن يدخله من القياس ما وصفت، ولا أكثر ولا موضع للقياس مع السنة فقلت للشافعي: قد فهمت ما كتبت مما أخذت وأخذنا به من حديث رسول الله ووجدت فيها ما وصفت من أنا ثبتنا أحاديث كثيرة لم تأت إلا من وجه واحد وليس فيه عن أحد من خلفائه شيء يوافقه ولا يخالفه ووجدنا فيه ما نثبته عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيه عن بعض خلفائه شيء يخالفه فذهبنا إلى الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وتركنا ما خالفه في القسامة، وقد روينا عن عمر في القسامة خلاف ما روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم صرنا إلى حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - وكذلك روينا عن عمر في الضرس وغيرها وذهبنا إلى حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - دون ما روينا عن عمر وعن ابن عمر في أشياء وغيرهما من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قلت للشافعي: أفتبين لي أنا روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئا ثم تركناه لغيره؟ فقال: كثير فقلت للشافعي: فما حجة فعل هذا؟ فقال: قد جهدت أن أجد لكم شيئا يكون عندي أو عند أحد من أهل
العلم حجة يعذر بها فلم أجده، وذلك أن الذين رويتم عنهم ما أخذتم من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وثقتموهم، والذين رويتم عنهم ما تركتم من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا يجوز لكم أن تقولوا: هم متهمون فإن قلتم: قد يغلطون فقد يجوز لغيركم أن يقول لا نأخذ من أهل الغلط، وإن قلتم يغلطون في بعض ويحفظون في بعض جاز لغيركم أن يقول إنما يدل على غلط المحدث أن يخالفه غيره ممن هو أحفظ منه أو أكثر منه فإن قلتم فيه لا يخالف به عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن صاحبه غلط مرة وحفظ جاز عليك أن يقال غلط حيث زعمت أنه حفظ، وحفظ حين زعمت أنه غلط وجاز عليك وعلى غيرك أن يقال: كله يحتمل الغلط فندعه ونطلب العلم من حديث غيرهم (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وهذا لا يوجد إلا من حديث أهل الصدق، ولا يجوز فيه إلا أن يقبل فلا يترك شيء روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا بما روي عن النبي نفسه وبالناس الحاجة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما ألزمهم الله من اتباع أمره فقلت للشافعي: فاذكر مما روي شيئا فقال: الشافعي: لا أرب لي في ذكره، وإن سألتني عن قولي لأوضح الحجة فيما جبيتك أنت نفسك في قولك وقد أعطيتك جملة تغنيك إن شاء الله لا تدع لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثا أبدا إلا أن يأتي عن رسول الله خلافه فتفعل فيه بما قلت لك في الأحاديث إذا اختلفت فقلت للشافعي: فلست أريد مسألتك ما كرهت من ذكر أحد، ولكني أسألك في أمر أحب أن توضح لي فيه الحجة قال: فسل. .
[مسائل في الصلاة]
[باب صلاة الإمام إذا كان مريضا بالمأمومين جالسا وصلاتهم خلفه قياما]
سألت الشافعي: هل للإمام أن يؤم الناس جالسا وكيف يصلون وراءه أيصلون قعودا أو قياما؟ فقال: يأمر من يقوم فيصلي بهم أحب إلي، وإن أمهم جالسا، وصلوا خلفه قياما كان صلاتهم وصلاته مجزية عنهم معا وكان كل صلى فرضه كما يصلي الإمام إذا كان صحيحا قائما، ويصلي خلفه من لم يقدر على القيام جالسا فيكون كل صلى فرضه، وإنما اخترت أن يوكل الإمام إذا مرض رجلا صحيحا يصلي بالناس قائما أن مرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان أياما كثيرة وأنا لم نعلمه صلى بالناس جالسا في مرضه إلا مرة لم يصل بهم بعدها علمته حتى لقي الله فدل ذلك على أن التوكيل بهم والصلاة قاعدا جائزان عنده معا وكان صلاتهم مع غيره بأمره أكثر منه فقلت للشافعي: فهل حفظت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى جالسا وصلى وراءه قوم قياما فأشار إليهم أن اقعدوا ثم أمرهم حين فرغ من الصلاة إذا صلى الإمام قاعدا أن يصلوا قعودا أجمعون؟ فقال: نعم (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن أنس بن مالك «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركب فرسا فصرع عنه فجحش شقه الأيمن فصلى في بيته قاعدا وصلى خلفه قوم قياما فأشار إليهم أن اجلسوا إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون» (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن هشام يعني ابن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: «صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيته وهو شاك فصلى جالسا وصلى خلفه قوم قياما فأشار إليهم أن اجلسوا فلما انصرف قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا ركع فاركعوا وإذا رفع فارفعوا وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا» فقلت للشافعي: فقد رويت هذا فكيف لم تأخذ به؟ فقال: هذا منسوخ بفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: وما نسخه؟ فقال: الحديث الذي ذكرت لك يدلك على أن هذا كان في صرعة صرعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت فما نسخه؟ فقال: «صلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم - بالناس في مرضه الذي مات فيه جالسا، والناس خلفه قياما لم يأمرهم بجلوس ولم يجلسوا» ولولا أنه منسوخ صاروا إلى الجلوس بمتقدم أمره إياهم بالجلوس ولو ذهب ذلك عليهم لأمرهم بالجلوس وقد صلى أبو بكر إلى جنبه بصلاته قائما ومرضه الذي مات فيه آخر فعله وبعد سقطته لأنه لم يركب في مرضه الذي مات فيه حتى قبضه الله بأبي هو وأمي قلت: فاذكر الحديث الذي رويته في هذا فقال: أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج في مرضه فأتى أبا بكر وهو قائم يصلي بالناس فاستأخر أبو بكر فأشار إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن كما أنت فجلس رسول الله إلى جنب أبي بكر وكان أبو بكر يصلي بصلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان الناس يصلون بصلاة أبي بكر» (قال: الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا الثقة عن حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة بمثل معناه لا يخالفه وأوضح منه قال: وصلى أبو بكر إلى جنبه قائما (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا الثقة عن يحيى بن سعيد عن ابن أبي مليكة عن عبيد بن عمير قال: أخبرتني الثقة كأنه يعني عائشة ثم ذكر صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر إلى جانبه بمثل معنى حديث هشام بن عروة عن أبيه، قال: وروي عن إبراهيم النخعي عن الأسود بن يزيد عن عائشة بمثل معنى حديث هشام وعبيد بن عمير، فقلت للشافعي: فإنا نقول: لا يصلي أحد بالناس جالسا ونحتج بأنا روينا عن ربيعة أن أبا بكر صلى برسول الله - صلى الله عليه وسلم - (قال الشافعي) : فإن كان هذا ثابتا فليس فيه خلاف لما أخذنا به ولا ما تركنا من هذه الأحاديث قلت ولم؟ قال: قد مرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أياما وليالي لم يبلغنا أنه صلى بالناس إلا صلاة واحدة، وكان أبو بكر يصلي بالناس في أيامه تلك، وصلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بالناس مرة لا تمنع أن يكون صلى أبو بكر غير تلك الصلاة بالناس مرة ومرات، وكذلك لو صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلف أبي بكر مرة ومرات لم يمنع ذلك أن يكون صلى خلفه أبو بكر أخرى كما كان أبو بكر يصلي خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثر عمره فقلت للشافعي: فقد ذهبنا إلى توهين حديث هشام بن عروة بحديث ربيعة قال: فإنما ذهبتم إليه لجهالتكم بالحديث والحجج، حديث ربيعة مرسل لا يثبت مثله ونحن لم نثبت حديث هشام بن عروة عن أبيه حتى أسنده هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، والأسود عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ووافقه عبيد بن عمير فكيف احتججتم بما لا يثبت من الحديث على ما ثبت؟ وهو إذا ثبت حتى يكون أثبت حديث يكون كما وصفت لا يخالف حديث عروة ولا أنس ولا موافقه ولا بمعنى فيوهن حديثنا، وهذا منكم جهالة بالحديث وبالحجة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أو رأيت إذ جهلتم الحديث والحجة فلو كان حديث هشام بن عروة عن أبيه في صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بأبي بكر غير ثابت فيكون ناسخا لحديث أنس وعائشة عن النبي بأمره إذا صلى جالسا يصلي من خلفه جلوسا أما كنتم خالفتم حديثين ثابتين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى غير حديث ثابت عنه، وهو لا يحل خلاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا إلى حديث عنه ينسخ حديثه الذي خالفه إليه، أو يكون أثبت منه؟ فلو لم يثبت حديث هشام حتى يكون ناسخا للحديثين لزمكم أن تأمروا من صلى خلف الإمام قائما أن يجلس إذا جلس كما روى أنس وعائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره، وإن كان حديث هشام ناسخا فقد خالفتم الناسخ والمنسوخ إلى قول أنفسكم وخلاف السنة ضيق على كل مسلم فقلت للشافعي فهل خالفك في هذا غيرنا؟ فقال: نعم بعض الناس روى عن جابر الجعفي عن الشعبي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يؤم أحد بعدي جالسا» قلت: فما كانت حجتك عليه فقال الشافعي: قد علم الذي احتج بهذا أن ليست فيه حجة، وأن هذا حديث لا يثبت مثله بحال على شيء، ولو لم يخالفه غيره فقلت
للشافعي: فإن قلت: لم يعمل بهذا أحد بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال الشافعي: قد بينا لك قبل هذا ما نرى أنا وأنتم نثبت الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وإن لم يعمل به بعده استغناه بالخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عما سواه فلا حاجة لنا بإعادته فقلت للشافعي: فهل قال قولك هذا أحد من المشرقيين؟ فقال: نعم أبو حنيفة يقول فيه بقولنا ويخالفه صاحباه فقلت للشافعي: أفرأيت حديثهم عندهم في هذا يثبت؟ فقال: لا فقلت: فلم يحتجون به؟ قال الله أعلم، فأما الذي احتج به عليها فسألناه عنه فقال: لا يثبت؛ لأنه مرسل ولأنه عن رجل يرغب الناس عن الرواية عنه فقلت فهذا سوء نصفة (فقال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أجل، وأنتم أسوأ منه نصفة حين لا تعتدون بحديثهم الذي هو ثابت عندهم وتخالفون ما رويتم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا مخالف له عنه، والله أعلم. .
[باب رفع اليدين في الصلاة]
.باب رفع اليدين في الصلاة قال سألت الشافعي: أين ترفع الأيدي في الصلاة؟ قال: يرفع المصلي يديه في أول ركعة ثلاث مرات، وفيما سواها من الصلاة مرتين مرتين يرفع يديه حين يفتتح الصلاة مع تكبيرة الافتتاح حذو منكبيه ويفعل ذلك عند تكبيرة الركوع وعند قوله "سمع الله لمن حمده" حين يرفع رأسه من الركوع ولا تكبيرة للافتتاح إلا في الأول وفي كل ركعة تكبير ركوع، وقول سمع الله لمن حمده عند رفع رأسه من الركوع فيرفع يديه في هذين الموضعين في كل صلاة، والحجة في هذا أن مالكا أخبرنا عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك، وكان لا يفعل ذلك في السجود» (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا سفيان عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة وإذا أراد أن يركع وإذا أراد رفع رأسه من الركوع ولا يرفع في السجود» قال: وروى هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بضعة عشر رجلا (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا سفيان عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال: «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرفع يديه عند افتتاح الصلاة وحين يريد أن يركع وإذا رفع من الركوع» قال: ثم قدمت عليهم في الشتاء فرأيتهم يرفعون أيديهم في البرانس.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان إذا ابتدأ الصلاة رفع يديه حذو منكبيه، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما دون ذلك فقلت للشافعي: فإنا نقول: يرفع يديه حين يفتتح الصلاة ثم لا يعود لرفعهما (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فأنتم إذا تتركون ما روى مالك عن رسول الله ثم عن ابن عمر فكيف جاز لكم لو لم تعلموا علما إلا أن تكونوا رويتم رفع اليدين في الصلاة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرتين أو ثلاثا؟ وعن ابن عمر مرتين فاتبعتم النبي - صلى الله عليه وسلم - في إحداهما وتركتم اتباعه في الأخرى، ولو جاز أن يتبع أحد أمريه دون الآخر جاز لرجل أن يتبع أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث تركتموه ويتركه حيث اتبعتموه ولكن لا يجوز لأحد علمه من المسلمين عندي أن يتركه إلا ناسيا أو ساهيا فقلت للشافعي: فما معنى رفع اليدين عند الركوع؟ فقال: مثل معنى رفعهما عند الافتتاح تعظيما لله وسنة متبعة يرجى فيها ثواب الله، ومثل رفع اليدين على الصفا والمروة وغيرهما (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أرأيت إذا كنتم تروون عن ابن عمر شيئا فتتخذونه أصلا يبنى عليه فوجدتم ابن عمر يفعل شيئا في الصلاة فتركتموه عليه وهو موافق ما روي عن النبي
صلى الله عليه وسلم - أفيجوز لأحد أن يفعل ما وصفتم من اتخاذ قول ابن عمر منفردا حجة ثم تتركون معه سنة رسول الله لا مخالف له من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا غيرهم ممن تثبت روايته؟ من جهل هذا انبغى أن لا يجوز له أن يتكلم فيما هو أدق من العلم قلت: فهل خالفك في هذا غيرنا؟ قال: نعم بعض المشرقيين وخالفوكم فقالوا: يرفع يديه حذو أذنيه في ابتداء الصلاة فقلت: هل رووا فيه شيئا؟ قال: نعم ما لا نثبت نحن ولا أنتم ولا أهل الحديث منهم مثله، وأهل الحديث من أهل المشرق يذهبون مذهبنا في رفع الأيدي ثلاث مرات في الصلاة فتخالفهم مع خلافكم السنة وأمر العامة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. .
[باب الجهر بآمين]

باب الجهر بآمين سألت الشافعي عن الإمام إذا قال: {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} [الفاتحة: ٧] هل يرفع صوته بآمين؟ قال: نعم ويرفع بها من خلفه أصواتهم فقلت: وما الحجة فيما قلت من هذا؟ فقال: أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن ابن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن أنهما أخبراه عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا أمن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه» قال ابن شهاب: «وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: آمين» قال: وفي قول رسول الله «إذا أمن الإمام فأمنوا» دلالة على أنه أمر الإمام أن يجهر بآمين؛ لأن من خلفه لا يعرف وقت تأمينه إلا بأن يسمع تأمينه ثم بينه ابن شهاب فقال: «كان رسول الله يقول: آمين» فقلت للشافعي: فإنا نكره للإمام أن يرفع صوته بآمين فقال: هذا خلاف ما روى صاحبنا وصاحبكم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولو لم يكن عندنا وعندكم علم إلا هذا الحديث الذي ذكرنا عن مالك انبغى أن نستدل بأن «رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يجهر بآمين وأنه أمر الإمام أن يجهر بها» فكيف ولم يزل أهل العلم عليه؟ .
وروى وائل بن حجر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: آمين يجهر بها صوته» ويحكي مطه إياها وكان أبو هريرة يقول للإمام: لا تسبقني بآمين، وكان يؤذن له (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء قال: كنت أسمع الأئمة ابن الزبير ومن بعده يقولون: آمين ومن خلفهم آمين حتى إن للمسجد للجة (قال الشافعي) : رأيتك في مسألة إمامة القاعد ومسألة رفع اليدين في الصلاة ومسألة قول الإمام آمين خرجت من السنة والآثار ووافقت منفردا من بعض المشرقيين الذين ترغب فيما يظهر عن أقاويلهم. .
[باب سجود القرآن]
سألت الشافعي عن السجود في {إذا السماء انشقت} [الانشقاق: ١] ؟ فقال: فيها سجدة فقلت: وما الحجة أن فيها سجدة؟ (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن «أن أبا هريرة قرأ لهم {إذا السماء انشقت} [الانشقاق: ١] فسجد فيها فلما انصرف أخبرهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سجد فيها» .
(قال الشافعي) : وأخبرنا مالك عن ابن شهاب عن الأعرج أن عمر بن الخطاب قرأ {والنجم إذا هوى} [النجم: ١] فسجد فيها ثم قام فقرأ بسورة أخرى.
(قال الشافعي) : وأخبرنا بعض
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 05-12-2024, 07:59 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,422
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السابع
الحلقة (311)
صــــــــــ 213 الى صـــــــــــ 219




أصحابنا عن مالك أن عمر بن عبد العزيز أمر محمد بن مسلم أن يأمر القراء أن يسجدوا في {إذا السماء انشقت} [الانشقاق: 1] وسألت الشافعي عن السجود في سورة الحج فقال: فيها سجدتان فقلت: وما الحجة في ذلك؟ قال: أخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر سجد في سورة الحج سجدتين.
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع عن رجل من أهل مصر أن عمر بن الخطاب سجد في سورة الحج سجدتين ثم قال: إن هذه السورة فضلت بسجدتين فقلت للشافعي: فإنا نقول: اجتمع الناس على أن سجود القرآن إحدى عشرة سجدة ليس في المفصل منها شيء فقال الشافعي: إنه يجب عليكم أن لا تقولوا اجتمع الناس إلا لما إذا لقي أهل العلم فقيل لهم: اجتمع الناس على ما قلتم إنهم اجتمعوا عليه قالوا: نعم وكان أقل قولهم لك أن يقولوا: لا نعلم من أهل العلم مخالفا فيما قلتم اجتمع الناس عليه فإما أن تقولوا اجتمع الناس وأهل المدينة معكم يقولون: ما اجتمع الناس على ما زعمتم أنهم اجتمعوا عليه فأمران أسأتم النظر بهما لأنفسكم في التحفظ في الحديث وأن تجعلوا السبيل لمن سمع قولكم اجتمع الناس إلى رد قولكم ولا سيما إذ كنتم إنما أنتم معتضدون على علم مالك - رحمه الله - وإياه وكنتم تروون «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سجد في {إذا السماء انشقت} [الانشقاق: 1] » وأن أبا هريرة سجد فيها ثم تروون عن عمر بن عبد العزيز أنه أمر من يأمر القراء أن يسجدوا فيها.
(قال) : وأنتم تجعلون قول عمر بن عبد العزيز أصلا من أصول العلم فتقولون: كان لا يحلف الرجل للمدعى عليه إلا أن يكون بينهما مخالطة فتركتم قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه» لقول عمر ثم تجدون عمر يأمر بالسجود في {إذا السماء انشقت} [الانشقاق: 1] ومعه سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورأي أبي هريرة فتتركونه، ولم تسموا أحدا خالف هذا وهذا عندكم العلم؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - في زمانه ثم أبو هريرة في الصحابة ثم عمر بن عبد العزيز في التابعين والعمل يكون عندكم بقول عمر وحده وأقل ما يؤخذ عليكم في هذا أن يقال: كيف زعمتم أن أبا هريرة سجد في {إذا السماء انشقت} [الانشقاق: 1] وأن عمر أمر بالسجود فيها، وأن عمر بن الخطاب سجد في النجم ثم زعمتم أن الناس اجتمعوا أن لا سجود في المفصل وهذا من أصحاب رسول الله، وهذا من علماء التابعين فيقال: قولكم اجتمع الناس لما تحكون فيه غير ما قلتم بين في قولكم أن ليس كما قلتم ثم رويتم عن عمر بن الخطاب أنه سجد في النجم ثم لا تروون عن غيره خلافه ثم رويتم عن عمر وابن عمر أنهما سجدا في سورة الحج سجدتين وتقولون: ليس فيها إلا واحدة وتزعمون أن الناس أجمعوا أن ليس فيها إلا واحدة ثم تقولون: أجمع الناس وأنتم تروون خلاف ما تقولون.
وهذا لا يعذر أحد بأن يجهله ولا يرضى أحد أن يكون موجودا عليه لما فيه مما لا يخفى على أحد يعقل إذا سمعه أرأيت إذا قيل لكم: أي الناس أجمع على أن لا سجود في المفصل، وأنتم تروون عن أئمة الناس السجود فيه ولا تروون عن غيرهم خلافهم أليس تقولون: أجمع الناس أن في المفصل سجودا أولى بكم من أن تقولوا: أجمع الناس أن لا سجود في المفصل؟ فإن قلتم: لا يجوز إذا لم نعلمهم أجمعوا أن نقول: أجمعوا فقد قلتم: أجمعوا، ولم ترووا عن واحد من الأئمة قولكم، ولا أدري من الناس عندكم أخلق كانوا لم يسم واحد منهم، وما ذهبنا بالحجة عليكم إلا من قول أهل المدينة وما جعلنا الإجماع إلا إجماعهم فأحسنوا النظر لأنفسكم واعلموا أنه لا يجوز أن تقولوا: أجمع الناس بالمدينة حتى لا يكون بالمدينة مخالف من أهل العلم ولكن قولوا فيما اختلفوا فيه: اخترنا كذا، ولا تدعوا الإجماع فتدعوا ما يوجد على ألسنتكم خلافه فما أعلمه يؤخذ على أحد نسب إلى علم أقبح من هذا قلت للشافعي: أرأيت إن كان قولي اجتمع الناس عليه أعني من رضيت من أهل المدينة وإن كانوا مختلفين فقال الشافعي: أفرأيتم إن قال من يخالفكم
ويذهب إلى قول من خالف قول من أخذت بقوله أجمع الناس أيكون صادقا فإن كان صادقا، وكان بالمدينة قول ثالث يخالفكما أجمع الناس على قول فإن كنتم صادقين معا بالتأويل فبالمدينة إجماع من ثلاثة وجوه مختلفة وإن قلتم الإجماع هو ضد الخلاف فلا يقال: إجماع إلا لما لا خلاف فيه بالمدينة قلت: هذا الصدق المحض فلا تفارقه، ولا تدعوا الإجماع أبدا إلا فيما لا يوجد بالمدينة فيه اختلاف، وهو لا يوجد بالمدينة إلا وجد بجميع البلدان عند أهل العلم متفقين فيه لم يخالف أهل البلدان أهل المدينة إلا ما اختلف فيه أهل المدينة بينهم.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : واجعل ما وصفنا على هذا الباب كافيا لك دالا على ما سواه إذا أردت أن تقول: أجمع الناس فإن كانوا لم يختلفوا فيه فقله، وإن كانوا اختلفوا فيه فلا تقله فإن الصدق في غيره. .
[باب الصلاة في الكعبة]
وسألت الشافعي عن الرجل يصلي في الكعبة المكتوبة فقال: يصلي فيها المكتوبة والنافلة وإذا صلى الرجل وحده فلا موضع يصلي فيه أفضل من الكعبة فقلت: أفيصلي فوق ظهرها؟ فقال: إن كان بقي فوق ظهرها من البناء شيء يكون سترة صلى فوق ظهرها المكتوبة والنافلة وإن لم يكن بقي عليه بناء يستر المصلي لم يصل إلى غير شيء من البيت فقلت للشافعي: فما الحجة فيما ذكرت؟ فقال: أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر «عن بلال أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى في الكعبة» فقلت للشافعي: فهل خالفك في هذا غيرك؟ فقال: نعم دخل أسامة وبلال وعثمان بن طلحة فقال أسامة نظر فإذا هو إذا صلى في البيت في ناحية ترك شيئا من البيت لظهره فكره أن يدع شيئا من البيت لظهره فكبر في نواحي البيت ولم يصل فقال قوم: لا تصلح الصلاة في الكعبة بهذا الحديث وهذه العلة، فقلت للشافعي: فما حجتك عليهم؟ فقال: قال بلال صلى وكان من قال صلى شاهدا، ومن قال لم يصل ليس بشاهد فأخذنا بقول بلال وكانت الحجة الثابتة عندنا أن المصلي خارجا من البيت إنما يستقبل منه موضع متوجهه لا كل جدرانه فكذلك الذي في بطنه يستقبل موضع متوجهه لا كل جدرانه، ومن كان البيت مشتملا عليه فكان يستقبل موضع متوجهه كما يستقبل الخارج منه موضع متوجهه كان في هذا الموضع أفضل من موضع الخارج منه أين كان فقلت للشافعي فإنا نقول: يصلي فيه النافلة، ولا يصلي فيه المكتوبة.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
هذا القول غاية في الجهل إن كان كما قال من خالفنا لا تصلى فيه النافلة ولا تصلى فيه المكتوبة وإن كان كما رويتم فإن النافلة في الأرض لا تصلح إلا حيث تصلح المكتوبة، والمكتوبة إلا حيث تصلح النافلة أو رأيت المواضع التي صلى فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النوافل حول المدينة وبين المدينة ومكة وبالمحصب ولم يصل هنالك مكتوبة أيحرم أن يصلي هنالك مكتوبة وأن صلاته النافلة في موضع من الأرض تدل على أن الصلاة المكتوبة تجوز فيه.
[باب ما جاء في الوتر بركعة واحدة]
سألت الشافعي عن الوتر أيجوز أن يوتر الرجل بواحدة ليس قبلها شيء؟ قال: نعم والذي أختار أن أصلي عشر ركعات ثم أوتر بواحدة فقلت للشافعي: فما الحجة في أن يجوز بواحدة فقال: الحجة فيه السنة والآثار.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن نافع وعبد الله بن دينار عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة توتر له ما قد صلى» ؟ .
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة» (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن ابن شهاب أن سعد بن أبي وقاص كان يوتر بركعة، أخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر كان يسلم من الركعة والركعتين من الوتر حتى يأمر ببعض حاجته قال وكان عثمان يحيي الليل بركعة هي وتره وأوتر معاوية بواحدة فقال: ابن عباس: أصاب به، فقلت للشافعي: فإنا نقول: لا نحب لأحد أن يوتر بأقل من ثلاث ويسلم بين الركعة والركعتين من الوتر فقال: الشافعي لست أعرف لما تقول وجها والله المستعان إن كنتم ذهبتم إلى أنكم تكرهون أن يصلي ركعة منفردة فأنتم إذا صلى ركعتين قبلها ثم سلم تأمرونه بإفراد الركعة؛ لأن من سلم من الصلاة فقد فصلها مما بعدها ألا ترى أن الرجل يصلي النافلة ركعات فيسلم في كل ركعتين فيكون كل ركعتين يسلم منهما منقطعتين من الركعتين اللتين قبلهما وبعدهما، وأن السلام أفضل للفصل ألا ترى أن رجلا لو فاتته صلوات فقضاهن في مقام يفصل بينهن بسلام كانت كل صلاة غير الصلاة التي قبلها وبعدها لخروجه من كل صلاة بالسلام فإن كان إنما أردتم أنكم كرهتم أن يصلي واحدة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى أكثر منها، فإنما نستحب أن يصلي إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة وإن كان أردتم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «صلاة الليل مثنى مثنى» فأقل مثنى أربع فصاعدا، وواحدة غير مثنى وقد أمر بواحدة في الوتر كما أمر بمثنى.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وقد أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يوتر بخمس ركعات لا يجلس ولا يسلم إلا في الآخرة منهن» فقلت للشافعي: فما معنى هذا؟ قال: هذه نافلة يسع أن نوتر بواحدة وأكثر ونختار ما وصفت من غير أن نضيق غيره وقولكم - والله يغفر لنا ولكم - لا يوافق سنة، ولا أثرا، ولا قياسا، ولا معقولا، قولكم خارج من كل شيء من هذا، وأقاويل الناس إما أن يقولوا: لا يوتر إلا بثلاث كما قال بعض المشرقيين ولا يسلم في واحدة منهن لئلا يكون الوتر واحدة وأنتم تأمرون بالسلام فيها فإذا أمرتم به فهي واحدة وإن قلتم كرهناه لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يوتر بواحدة ليس قبلها شيء فلم يوتر النبي - صلى الله عليه وسلم - بثلاث ليس قبلهن شيء وقد استحسنتم أن توتروا بثلاث.
[باب القراءة في العيدين والجمعة]
سألت الشافعي: بأي شيء تحب أن يقرأ في العيدين فقال: ب "ق" و {اقتربت الساعة} [القمر: 1] وسألته بأي شيء تستحب أن يقرأ في الجمعة فقال: في الركعة الأولى بالجمعة وأختار في الثانية {إذا جاءك المنافقون} [المنافقون: 1] ولو قرأ {هل أتاك حديث الغاشية} [الغاشية: 1] أو {سبح اسم ربك الأعلى} [الأعلى: 1] كان حسنا لأنه قد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قرأها كلها فقلت: وما الحجة في ذلك؟ فقال إبراهيم وغيره عن جعفر عن أبيه عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ في إثر سورة الجمعة {إذا جاءك المنافقون} [المنافقون: 1]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -)
: وأخبرنا مالك عن ضمرة بن سعيد المازني عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن الضحاك بن قيس سأل النعمان بن بشير ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ يوم الجمعة على إثر سورة الجمعة فقال: كان يقرأ ب {هل أتاك حديث الغاشية} [الغاشية: 1] (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن ضمرة بن سعيد المازني عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة «أن عمر بن الخطاب سأل أبا واقد الليثي ماذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ به في الأضحى والفطر؟ فقال: كان يقرأ ب {ق والقرآن المجيد} [ق: 1] و {اقتربت الساعة} [القمر: 1] » فقلت للشافعي: فإنا لا نبالي بأي سورة قرأ فقال: ولم لا تبالون، وهذه روايتكم عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقلت: لأنه يجزيه فقال: أو رأيتم إذ أمرنا بالغسل للإهلال والصلاة في المعرس وغير ذلك اقتداء بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ لو قال قائل: لا نستحبه أو لا نبالي أن لا نفعله؛ لأنه ليس بواجب هل الحجة عليه إلا كهي عليكم؟ أو رأيتم إذا استحببنا ركعتي الفجر والوتر وركعتين بعد المغرب، وأن يطيل في الصبح والظهر، ويخفف في المغرب لو قال قائل: لا أبالي أن لا أفعل من هذا شيئا هل الحجة عليه إلا أن تقول: قولكم: لا أبالي جهالة وترك للسنة؟ ينبغي أن تستحبوا ما صنع رسول الله بكل حال. .

[باب الجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن أبي الزبير المكي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: «صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر والعصر جميعا والمغرب والعشاء جميعا في غير خوف ولا سفر» قال مالك: أرى ذلك في مطر.
(قال الشافعي) : فزعمتم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع بالمدينة الظهر والعصر والمغرب والعشاء ولم يكن له وجه عندكم إلا أن ذلك في مطر ثم زعمتم أنتم أنكم تجمعون بين المغرب والعشاء بالمدينة وكل بلد جامع، ولا تجمعون بين الظهر والعصر في المطر (قال الشافعي) : وإنما ذهب الناس في هذا مذاهب فمنهم من قال: جمع بالمدينة توسعة على أمته لئلا يحرج منهم أحد إن جمع بحال ليس لأحد أن يتأول في الحديث ما ليس فيه وقالت فرقة: نوهن هذا لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقت المواقيت في الصلاة فكان هذا خلافا لما رووا من أمر المواقيت فردوا أن يجمع أحد في الحضر في مطر أو غيره وامتنعوا من تثبيته وقالوا: خالفه ما هو أقوى منه وقالوا: لو ثبتناه لزمنا مثل قول من قال: يجمع لأنه ليس في الحديث ذكر مطر ولا غيره، بل قال: من حمل الحديث أراد أن لا تحرج أمته.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فذهبتم، ومن ذهب مذهبكم المذهب الذي وصفت من الاحتجاج في الجمع في المطر ورأى أن وجه الحديث هو الجمع في المطر ثم خالفتموه في الجمع في الظهر والعصر في المطر أرأيتم إن قال لكم قائل: بل نجمع بين الظهر والعصر في المطر، ولا نجمع بين المغرب والعشاء في المطر هل الحجة عليه إلا أن الحديث إذا كانت فيه الحجة لم يجز أن يؤخذ ببعضه دون بعض؟ فكذلك هي على من قال: يجمع بين المغرب والعشاء ولا يجمع بين الظهر والعصر، وقلما نجد لكم قولا يصح، والله المستعان أرأيتم إذا رويتم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء فاحتججتم على من خالفكم بهذا الحديث في الجمع بين المغرب والعشاء هل تعدون أن يكون لكم بهذا حجة فإن كانت لكم به حجة فعليكم فيه حجة في ترككم الجمع بين الظهر والعصر وإن لم تكن لكم بهذا حجة على من خالفكم فلا تجمعوا بين ظهر ولا عصر ولا مغرب ولا عشاء
لا يجوز غير هذا، وأنتم خارجون من الحديث، ومن معاني مذاهب أهل العلم كلها، والله المستعان أو رأيتم إذ رويتم الجمع في السفر لو قال قائل كما قلتم: أجمع بين المغرب والعشاء؛ لأن أكثر الأحاديث جاءت فيه ولا أجمع بين الظهر والعصر لأنهما في النهار والليل أهول من النهار هل الحجة عليه إلا أن الجمع رخصة فيها فلا يجوز أن يمنع أحد من بعضها دون بعض فكذلك هي عليكم والله أعلم. .
[باب إعادة المكتوبة مع الإمام]
.
باب إعادة المكتوبة مع الإمام سألت الشافعي عن الرجل يصلي في بيته ثم يدرك الصلاة مع الإمام قال: يصلي معه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم «عن رجل من بني الديل يقال له بسر بن محجن عن أبيه أنه كان في مجلس مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأذن بالصلاة فقام رسول الله فصلى ومحجن في مجلسه فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم: ما منعك أن تصلي مع الناس؟ ألست برجل مسلم؟ قال: بلى يا رسول الله ولكني قد صليت في أهلي فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: إذا جئت فصل مع الناس، وإن كنت قد صليت» .
(قال الشافعي) : وأخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يقول: من صلى المغرب أو الصبح ثم أدركهما مع الإمام فلا يعدهما، فقلت للشافعي: فإنا نقول: يعيد كل صلاة إلا المغرب فإنه إذا أعاد لها صارت شفعا (قال الشافعي) : وقد رويتم الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يخص فيه صلاة دون صلاة فلم يحتمل الحديث إلا وجهين: أحدهما وهو أظهرهما أن يعيد كل صلاة بطاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - وسعة الله أن يوفيه أجر الجماعة والانفراد وقد روى مالك عن ابن عمر وابن المسيب أنهما أمرا من صلى في بيته أن يعود لصلاته مع الإمام وقال السائل: أيتهما أجعل صلاتي؟ فقال: أو ذلك إليك؟ إنما ذلك إلى الله وروي عن أبي أيوب الأنصاري أنه أمر بذلك وقال: من فعل ذلك فله سهم جمع أو مثل سهم جمع وإنما قلنا بهذا لما وصفنا من أن حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - جملة، وأنه بلغنا أن الصلاة التي أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الرجلين أن يعودا لها صلاة الصبح أو يقول رجل: إن أدرك العصر أو الصبح لم يعد لهما؛ لأنه لا نافلة بعد واحدة منهما فهكذا قال بعض المشرقيين وأما ما قلتم فخلاف حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - من الوجهين، وخلاف ابن عمر وابن المسيب وأين العمل؟ وقولكم إذا أعاد المغرب صارت شفعا فكيف تصير شفعا وقد فصل بينهما بسلام أترى العصر حين صليت بعدها المغرب شفعا أو العصر وترا أو ترى كذلك العشاء إذا صليت بعد المغرب أو ترى ركعتين بعد أو قبل المغرب تصيران وترا بأن المغرب قبلهما أو بعدهما أم كل صلاة فصلت بسلام مفارقة للصلاة قبلها وبعدها؟ ولو كنتم قلتم يعود للمغرب ويشفعها بركعة فيكون تطوع بأربع كان مذهبا فأما ما قلتم فليس له وجه. .
[باب القراءة في المغرب]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: «سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ بالطور في المغرب» (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة «عن ابن عباس عن أم الفضل بنت الحارث
سمعته يقرأ {والمرسلات عرفا} [المرسلات: 1] فقالت: يا بني لقد ذكرتني بقراءتك هذه السورة إنها لآخر ما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ بها في المغرب» ؟ فقلت للشافعي: فإنا نكره أن يقرأ في المغرب بالطور والمرسلات، ونقول: يقرأ بأقصر منهما فقال: وكيف تكرهون ما رويتم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعله؟ الأمر رويتم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يخالفه فاخترتم إحدى الروايتين على الأخرى؟ أو رأيتم لو لم أستدل على ضعف مذهبكم في كل شيء إلا أنكم تروون عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئا ثم تقولون نكرهه ولم ترووا غيره فأقول: إنكم اخترتم غيره عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا أعلم إلا أن أحسن حالكم أنكم قليلو العلم ضعفاء المذهب. .
[باب القراءة في الركعتين الأخيرتين]
سألت الشافعي أتقرأ خلف الإمام أم القرآن في الركعة الأخيرة تسر؟ فقال الشافعي: أحب ذلك، وليس بواجب عليه فقلت: وما الحجة فيه؟ فقال: أخبرنا مالك عن أبي عبيد مولى سليمان بن عبد الملك أن عبادة بن نسي أخبره أنه سمع قيس بن الحارث يقول: أخبرني عبد الله الصنابحي أنه قدم المدينة في خلافة أبي بكر الصديق فصلى وراء أبي بكر المغرب فقرأ في الركعتين الأوليين بأم القرآن وسورة من قصار المفصل ثم قام في الركعة الثالثة فدنوت منه حتى إن ثيابي لتكاد تمس ثيابه فسمعته قرأ بأم القرآن وبهذه الآية {ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب} [آل عمران: 8] فقلت للشافعي: فإنا نكره هذه ونقول: ليس عليه العمل لا يقرأ على إثر أم القرآن في الركعة الثالثة بشيء فقال الشافعي: وقال سفيان بن عيينة: لما سمع عمر بن عبد العزيز بهذا عن أبي بكر الصديق قال: إن كنت لعلى غير هذا حتى سمعت بهذا فأخذت به قال: فهل تركتم للعمل عمل أبي بكر وابن عمر وعمر بن عبد العزيز؟ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن نافع عن عبد الله أنه كان إذا صلى وحده يقرأ في الأربع جميعا في كل ركعة بأم القرآن وبسورة من القرآن قال: وكان يقرأ أحيانا بالسورتين والثلاث في الركعة الواحدة في صلاة الفريضة فقلت للشافعي: فإنا نخالف هذا كله ونقول: لا يزاد في الركعتين الأخيرتين على أم القرآن (قال الشافعي) : هذا خلاف أبي بكر وابن عمر من روايتكم وخلاف عمر بن عبد العزيز من رواية سفيان وقولكم لا يجمع السورتين في الركعتين الأوليين هو خلاف ابن عمر من روايتكم، وخلاف عمر من روايتكم لأنكم أخبرتم أن عمر قرأ بالنجم فسجد فيها ثم قام فقرأ بسورة أخرى وخلاف غيرهما من رواية غيركم فأين العمل ما نراكم رويتم في القراءة في الصلاة في هذا الباب شيئا إلا خالفتموه فمن اتبعتم ما أراكم قلتم بمعنى نعرفه إذا كنتم تروون عن أحد الشيء مرة فتبنون عليه أيسعكم أن تخالفوهم مجمعين؟ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن أبا بكر صلى الصبح فقرأ فيها بسورة البقرة في الركعتين كلتاهما. فقلت للشافعي: إنا نخالف هذا، نقول: يقرأ في الصبح بأقل من هذا؛ لأن هذا تثقيل على الناس.
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن هشام بن عروة أنه سمع عبد الله بن عامر بن ربيعة يقول: صلينا وراء عمر بن الخطاب الصبح فقرأ فيها بسورة يوسف وسورة الحج قراءة بطيئة فقلت: والله لقد كان إذا يقوم حين يطلع الفجر قال: أجل. فقلت للشافعي: فإنا نقول لا يقرأ في الصبح بهذا ولا بقدر نصف هذا؛ لأنه تثقيل (قال الشافعي) : أخبرنا مالك
عن يحيى بن سعيد وربيعة بن أبي عبد الرحمن أو الفرافصة بن عمير الحنفي قال ما أخذت سورة يوسف إلا من قراءة عثمان بن عفان إياها في الصبح من كثرة ما كان يرددها فقلت للشافعي: فإنا نقول لا يقرأ بهذا هذا تثقيل (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يقرأ في الصبح في السفر بالعشر الأول من الفصل في كل ركعة سورة، قلت للشافعي: فإنا نقول لا يقرأ بهذا في السفر هذا تثقيل.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فقد خالفتم في القراءة في الصلاة كل ما رويتم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم أبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم ابن عمر ولم ترووا شيئا يخالف ما خالفتم عن أحد علمته من الناس فأين العمل؟ خالفتموهم من جهتين: من جهة التثقيل وجهة التخفيف وقد خالفتم بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - جميع ما رويتم عن الأئمة بالمدينة بلا رواية رويتموها عن أحد منهم هذا مما يبين ضعف مذهبكم؛ إذ رويتم هذا ثم خالفتموه ولم يكن عندكم فيه حجة فقد خالفتم الأئمة والعمل، وفي هذا دليل على أنكم لم تجدوا من خلق الله خلقا قط يروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم أبي بكر وعمر وعثمان وابن عمر في القراءة في الصلاة ولا في أمر واحد شيئا ثم يخالفه غيركم وأنه لا خلق أشد خلافا لأهل المدينة منكم ثم خلافكم ما رويتم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي فرض الله طاعته وما رويتم عن الأئمة الذين لا تجدون مثلهم فلو قال لكم قائل: أنتم أشد الناس معاندة لأهل المدينة وجد السبيل إلى أن يقول ذلك لكم على لسانكم لا تقدرون على دفعه عنكم ثم الحجة عليكم في خلافكم أعظم منها على غيركم لأنكم ادعيتم القيام بعلمهم واتباعهم دون غيركم ثم من خالفتموهم بأكثر مما خالفهم به من لم يدع من اتباعهم ما ادعيتم فلئن كان هذا خفي عليكم من أنفسكم إن فيكم لغفلة ما يجوز لكم معها أن تفتوا خلقا، والله المستعان، وأراكم قد تكلفتم الفتيا وتطاولتم على غيركم ممن هو أقصد وأحسن مذهبا منكم. .
[باب المستحاضة]
.
باب المستحاضة سألت الشافعي عن المستحاضة يطبق عليها الدم دهرها فقال: إن الاستحاضة وجهان: أحدهما أن تستحاض المرأة فيكون دمها مشتبها لا ينفصل إما ثخين كله وإما رقيق كله وإذا كان هكذا نظرت عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها فتركت الصلاة فيهن إن كانت تحيض خمسا من أول الشهر تركت الصلاة خمسا من أوله ثم اغتسلت عند مضي أيام حيضها كما تغتسل الحائض عند طهرها ثم توضأ لكل صلاة وتصلي وليس عليها أن تعيد الغسل مرة أخرى ولو اغتسلت من طهر إلى طهر كان أحب إلي وليس ذلك بواجب عليها عندي والمستحاضة الثانية المرأة لا ترى الطهر: فيكون لها أيام من الشهر ودمها أحمر إلى السواد محتدم ثم يصير بعد تلك الأيام رقيقا إلى الصفرة غير محتدم فأيام حيض هذه أيام احتدام دمها وسواده وكثرته فإذا مضت اغتسلت كغسلها لو طهرت من الحيضة وتوضأت لكل صلاة وصلت، فقلت للشافعي: وما الحجة فيما ذكرته من هذا؟ فقال الشافعي: أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها قالت: «قالت فاطمة بنت أبي حبيش يا رسول الله: إني لا أطهر أفأدع الصلاة؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما ذلك عرق وليس بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة فإذا هب قدرها فاغسلي الدم عنك وصلي» (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن نافع عن سليمان بن يسار عن أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - «أن امرأة كانت تهراق الدم على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستفتت لها أم سلمة
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 05-12-2024, 08:08 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,422
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السابع
الحلقة (312)
صــــــــــ 220 الى صـــــــــــ 226



رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: لتنظر عدة الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها فلتترك الصلاة قدر ذلك من الشهر فإذا خلفت ذلك فلتغتسل ثم لتستثفر بثوب ثم لتصلي» قال: فدل جواب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ما وصفت من انفراق حال المستحاضتين وفي قوله دليل على أنه ليس للحائض أن تستظهر بطرفة عين وذلك أنه أمر إحداهما إذا ذهبت مدة الحيض أن تغسل عنها الدم وتصلي وأمر الأخرى أن تربص عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن ثم تغتسل وتصلي، والحديثان جميعا ينفيان الاستظهار فقلت للشافعي: فإنا نقول: تستظهر الحائض بثلاثة أيام ثم تغتسل وتصلي، ونقول: تتوضأ لكل صلاة (قال الشافعي) : فحديثاكم اللذان تعتمدون عليهما عن رسول الله يخالفان الاستظهار، والاستظهار خارج من السنة والآثار والمعقول والقياس وأقاويل أكثر أهل العلم فقلت: ومن أين؟ فقال الشافعي: أرأيتم استظهارها من أيام حيضها أم أيام طهرها؟ فقلت: هي من أيام حيضها فقال: فأسمعكم عمدتم إلى امرأة كانت أيام حيضها خمسا فطبق عليها الدم فقلتم نجعلها ثمانيا، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرها إذا مضت أيام حيضها قبل الاستحاضة أن تغتسل وتصلي وجعلتم لها وقتا غير وقتها الذي كانت تعرف فأمرتموها أن تدع الصلاة في الأيام التي أمرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تصلي فيها قال: أفرأيتم إن قال لكم قائل لا يعرف السنة: تستظهر بساعة أو يوم أو يومين أو تستظهر بعشرة أيام أو ست أو سبع بأي شيء أنتم أولى بالصواب من أحد إن قال ببعض هذا القول هل يصلح أن يوقت العدد إلا بخبر عن رسول الله أو إجماع من المسلمين؟ ولقد وقتموه بخلاف ما رويتم عن رسول الله وأكثر أقاويل المسلمين ثم قلتم فيه قولا متناقضا فزعمتم أن أيام حيضها إن كانت ثلاثا استظهرت بمثل أيام حيضها وذلك ثلاث، وإن كان أيام حيضها اثني عشر استظهرت بمثل ربع أيام حيضها وذلك ثلاث وإن كانت أيام حيضها خمسة عشر لم تستظهر بشيء، وإن كانت أربعة عشر استظهرت بيوم، وإن كانت ثلاثة عشر استظهرت بيومين فجعلتم الاستظهار مرة ثلاثا ومرة يومين ومرة يوما ومرة لا شيء فقلت للشافعي: فهل رويتم في المستحاضة عن صاحبنا شيئا غير هذا؟ فقال: نعم شيئا عن سعيد بن المسيب وشيئا عن عروة بن الزبير (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن سمي مولى أبي بكر أن القعقاع بن حكيم وزيد بن أسلم أرسلاه إلى سعيد بن المسيب ليسأله كيف تغتسل المستحاضة فقال: تغتسل من طهر إلى طهر وتتوضأ لكل صلاة فإن غلبها الدم استثفرت (قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: ليس على المستحاضة إلا أن تغتسل غسلا واحدا ثم تتوضأ بعد ذلك لكل صلاة قال مالك: الأمر عندنا على حديث هشام بن عروة فقلت للشافعي: فإنا نقول بقول عروة وندع قول ابن المسيب؟
فقال الشافعي: أما قول ابن المسيب فتركتموه كله ثم ادعيتم قول عروة وأنتم تخالفونه في بعضه فقلت وأين؟ قال: قال عروة: تغتسل غسلا واحدا يعني كما تغتسل المتطهرة وتتوضأ لكل صلاة يعني توضؤا من الدم للصلاة لا تغتسل من الدم إنما ألقي عنها الغسل بعد الغسل الأول، والغسل إنما يكون من الدم وجعل عليها الوضوء ثم زعمتم أنه لا وضوء عليها فخالفتم الأحاديث التي رواها صاحبنا وصاحبكم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وابن المسيب وعروة وأنتم تدعون أنكم تتبعون أهل المدينة وقد خالفتم ما روى صاحبنا عنهم كله إنه لبين في قولكم أنه ليس أحد أترك على أهل المدينة لجميع أقاويلهم منكم مع ما تبين في غيره ثم ما أعلمكم ذهبتم إلى قول أهل بلد غيرهم فإذا انسلختم من قولهم وقول أهل البلدان ومما رويتم وروى غيركم، والقياس والمعقول فأي موضع تكونون به علماء وأنتم تخطئون مثل هذا وتخالفون فيه أكثر الناس
[باب الكلب يلغ في الإناء أو غيره]
سألت الشافعي عن الكلب يلغ في الإناء في الماء لا يكون فيه قلتان أو اللبن أو المرق قال: يهراق الماء واللبن والمرق ولا ينتفعون به ويغسل الإناء سبع مرات وما مس ذلك الماء واللبن من ثوب وجب غسله لأنه نجس فقلت وما الحجة في ذلك؟ فقال: أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات» .
(قال الشافعي) : فكان بينا في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان الكلب يشرب الماء في الإناء فينجس الإناء حتى يجب غسله سبعا أنه إنما ينجس بمماسة الماء إياه فكان الماء أولى بالنجاسة من الإناء الذي إنما نجس بمماسته، وكان الماء الذي هو طهور إذا نجس فاللبن والمرق الذي ليس بطهور أولى أن ينجس بما نجس الماء فقلت للشافعي: فإنا نزعم أن الكلب إذا شرب في الإناء فيه اللبن بالبادية شرب اللبن وغسل الإناء سبعا لأن الكلاب لم تزل بالبادية فقال الشافعي: هذا الكلام المحال أيعدو الكلب أن يكون ينجس ما يشرب منه ولا يحل شرب النجس ولا أكله أو لا ينجسه فلا يغسل الإناء منه ولا يكون بالبادية فرض من النجاسة إلا وبالقرية مثله، وهذا خلاف السنة والقياس والمعقول والعلة الضعيفة وأرى قولكم: لم تزل الكلاب بالبادية حجة عليكم فإذا سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يغسل الإناء من شرب الكلب سبعا والكلاب في البادية في زمانه وقبله وبعده إلى اليوم فهل زعمتم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ذلك على أهل القرية دون أهل البادية أو أهل البادية دون أهل القرية؟ أو زعم لكم ذلك أحد من أئمة المسلمين أو فرق الله بين ما ينجس بالبادية والقرية؟ أورأيت أهل البادية هل زعموا لكم أنهم يلقون ألبانهم للكلاب ما تكون الكلاب مع أهل البادية إلا ليلا لأنها تسرح مع مواشيهم ولهم أشح على ألبانهم وأشد لها إبقاء من أن يخلوا بينها وبين الكلاب، وهل قال لكم أحد من أهل البادية ليس يتنجس بالكلب وهم أشد تحفظا من غيرهم أو مثلهم أو لو قاله لكم منهم قائل أيؤخذ الفقه من أهل البادية وإن اعتللتم بأن الكلاب مع أهل البادية؟ أفرأيتم إن اعتل عليكم مثلكم من أهل الغباوة بأن يقول: الفأر والوزغان واللحكاء والدواب لأهل القرية ألزم من الكلاب لأهل البادية، وأهل القرية أقل امتناعا من الفأر ودواب البيوت من أهل البادية من الكلاب فإذا ماتت فأرة أو دابة في ماء رجل قليل أو زيته أو لبنه أو مرقه لم تنجسه هل الحجة عليه إلا أن يقال الذي ينجس في الحال التي ينجس فيها ينجس ما وقع فيه كان كثيرا بقرية أو بادية أو قليلا فكذلك الكلاب بالبادية والفأر والدواب بالقرية أولى أن لا تنجس إن كان فيما ذكرتم حجة وما علمت أحدا روى عنه من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا التابعين أنه قال فيه إلا بمثل قولنا إلا أن من أهل زماننا من قال: يغسل الإناء من الكلب مرة واحدة وكلهم قال ينجس جميع ما يشرب منه الكلب من ماء ولبن ومرق وغيره (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : إن ممن تكلم في العلم من يختال فيه فيشبه والذي رأيتكم تختالونه لا شبهة فيه ولا مؤنة على من سمعه في أنه خطأ إنما يكفي سامع قولكم أن يسمعه فيعلم أنه خطأ لا ينكشف يتكلف ولا بقياس يأتي به فإن ذهبتم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر إذا ماتت الفأرة في السمن الجامد أن تطرح وما حولها فدل ذلك على نجاستها فقد أخبر أن النجاسة تكون من الفأرة وهي في البيوت، وإنما قال في الفأرة قولا عاما وفي الكلب قولا عاما فإن ذهبتم إلى أن الفأرة تنجس على أهل القرية ولا تنجس على أهل البادية فقد سويتم بين قوليكم وزدتم في الخطأ وإن قلتم إن ما لم يسم من
الدواب غير الفأرة والكلب لا ينجس فاجعل الوزغ لا ينجس؛ لأنه لم يذكر فإما أن تقولوا الوزغ ينجس ولا خير فيه قياسا وتزعمون أن الكلب ينجس مرة ولا ينجس أخرى فلا يجوز هذا القول. .
[باب ما جاء في الجنائز]
سألت الشافعي عن الصلاة على الميت الغائب وعلى القبر فقال: أستحبها فقلت له: وما الحجة فيها؟ قال: أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال «نعى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للناس النجاشي اليوم الذي مات فيه وخرج بهم إلى المصلى فصف وكبر أربع تكبيرات» (قال الشافعي) : - رحمه الله - أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن أبي أمامة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى على قبر مسكينة توفيت من الليل» قال وقد روى عطاء «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى على قوم ببلد آخر» قلت للشافعي: نحن نكره الصلاة على ميت غائب وعلى القبر فقال: فقد رويتم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلاة على النجاشي وهو غائب ورويتم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى على ميت وهو في القبر غائب فكيف كرهتم ما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولقد حفظ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإسناد موصول من وجوه أنه صلى على قبور وصلت عائشة على قبر أخيها وغير واحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث الثقات غير مالك وإنما الصلاة دعاء للميت وهو إذا كان ملففا بيننا يصلي عليه فإنما ندعو بالصلاة بوجه علمنا فكيف لا ندعو له غائبا وهو في القبر بذلك الوجه؟ . .
[باب الصلاة على الميت في المسجد]
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: «ما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على سهيل ابن بيضاء إلا في المسجد» ، قلت للشافعي: فإنا نكره الصلاة على الميت في المسجد فقال: أرويتم هذا أنه صلى على عمر في المسجد فكيف كرهتم الأمر فيه وقد ذكره صاحبكم أذكر حديثا خالفه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فاخترتم أحد الحديثين على الآخر فقلت: ما ذكر فيه شيئا علمناه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فكيف يجوز أن تدعوا ما رويتم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن أصحاب النبي أنهم فعلوه بعمر وهذا عندكم عمل مجتمع عليه؛ لأنا لا نرى من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أحدا حضر موت عمر فتخلف عن جنازته فتركتم هذا بغير شيء رويتموه، وكيف أجزتم أن ينام في المسجد ويمر فيه الجنب طريقا ولا يجوز أن يصلى فيه على ميت (أخبرنا الربيع) : مات سعيد فخرج أبو يعقوب البويطي وخرجنا معه فصف بنا وكبر أربعا وصلينا عليه، وكان أبو يعقوب الإمام فأنكر الناس ذلك علينا وما بالينا. .
[مسائل في الحج]
[باب في فوت الحج]
. سألت الشافعي هل يحج أحد عن أحد؟ قال: نعم يحج عمن لا يقدر أن يثبت على المركب والميت قلت: وما الحجة؟ قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سليمان بن يسار عن ابن عباس «أن الفضل بن العباس
كان رديف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاءته امرأة من خثعم فقالت: يا رسول الله إن فريضة الله في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: نعم» وذلك في حجة الوداع (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن أيوب عن ابن سيرين «أن رجلا جعل على نفسه أن لا يبلغ أحد من ولده الحلب فيحلب فيشرب ويسقيه إلا حج وحج به معه فبلغ رجل من ولده الذي قال الشيخ وقد كبر الشيخ فجاء ابنه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره الخبر فقال: إن أبي قد كبر ولا يستطيع أن يحج أفأحج عنه؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: نعم» (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وذكر مالك أو غيره عن أيوب عن ابن سيرين عن ابن عباس «أن رجلا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله إن أمي عجوز كبيرة لا تستطيع أن نركبها على البعير وإن ربطتها خفت أن تموت أفأحج عنها؟ قال: نعم» فقلت للشافعي: فإنا نقول ليس على هذا العمل فقال: خالفتم ما رويتم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من روايتكم ومن رواية غيركم علي بن أبي طالب يروي هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وابن المسيب والحسن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل معنى هذه الأحاديث وعلي وابن عباس وابن المسيب وابن شهاب وربيعة بالمدينة يفتون بأن يحج الرجل عن الرجل وهذا أشبه شيء يكون مثله عندكم عملا فتخالفونه كله لغير قول أحد من خلق الله علمته من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجميع من عدا أهل المدينة من أهل مكة والمشرق واليمن من أهل الفقه يفتون بأن يحج الرجل عن الرجل، فقلت للشافعي: فإن من حجة بعض من قال هذا القول أنه قال: إنه روي عن ابن عمر لا يصوم أحد عن أحد ولا يصلي أحد عن أحد فجعل الحج في معنى الصيام والصلاة فقال الشافعي: وهذا قول الضعف فيه بين من كل وجه قال: أرأيتم لو قال ابن عمر لا يحج أحد عن أحد وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أحدا أن يحج عن أحد كان في قول أحد حجة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ وأنتم تتركون قول ابن عمر لرأي أنفسكم ولرأي مثلكم ولرأي بعض التابعين فتجعلونه لا حجة في قوله إذا شئتم لأنكم لو كنتم ترون في قوله حجة لم تخالفوه لرأي أنفسكم ثم تقيمون قوله مقاما تردون به السنة والآثار ثم تدعون في قوله ما ليس فيه من النهي عن الحج قياسا وما للحج والصلاة والصيام؟ هذا شريعة وهذا شريعة فإن قلتم قد يشتبهان لأنه عمل على البدن أفرأيتم إن قال لكم قائل: أنتم تزعمون أن الحج في معنى الصلاة والصوم وقد «أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - امرأة أن تحج عن أبيها» فأنا آمر الرجل أن يصلي عن الرجل ويصوم عنه هل الحجة عليه إلا أنه لا تقاس شريعة على شريعة؟ فكذلك الحجة عليكم أورأيتم ما فرقت بينه السنة مما هو أشد تقاربا منها فكيف فرقتم بينه؟ فإن قلتم ما هو؟ قلت: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الرطب بالتمر، ونهى عن المزابنة وأجاز بيع العرايا» وهي داخلة في المزابنة وداخلة في بيع الرطب بالتمر لو لم يجزها، فلما أجازها فرقنا بينهما بالسنة وقلنا: تجوز العرايا وهي رطب بتمر وكيل بجزاف؟ ولا يجوز ذلك إذا وضع بالأرض فكان التمر والرطب في الأرض معا فهذا أولى أن لا يفرق بينه بأنه شيء واحد بعضه حلال بما أحله به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبعضه منهي عنه بما نهى عنه رسول الله، وقد خالف هذا بعض المشرقيين فرأينا لنا عليهم بهذا حجة فالحجة عليكم بنصه أن يحج أحد عن أحد وأنتم تروونه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا تروون عن أحد من أصحابه خلافه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وكيف تقيسونه بالصوم
والصلاة أفرأيتم إذا كنتم تجيزون أن يحج أحد عن أحد إذ أوصى بذلك فخالفتم ما قلتم من أن لا يحج أحد عن أحد وأجزتم مثل ما رددتم فيه السنة أفيجوز لو أوصى أن يصلى عنه أو يصام عنه؟ فإن أجزتموه فقد دخلتم فيما كرهتم من أن يكون عمل آخر لغيره وإن لم تجيزوه فقد فرقتم بين الصلاة والصوم والحج. والله أعلم. .
[باب الحجامة للمحرم]
.
باب الحجامة للمحرم سألت الشافعي عن الحجامة للمحرم فقال: يحتجم ولا يحلق شعرا ويحتجم من غير ضرورة فقلت: وما الحجة؟ فقال: أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احتجم وهو محرم يومئذ بلحي جمل» (قال الشافعي) : أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عطاء وطاوس أحدهما أو كلاهما عن ابن عباس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احتجم وهو محرم» ، فقلت للشافعي: فإنا نقول: لا يحتجم المحرم إلا من ضرورة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يقول: لا يحتجم المحرم إلا أن يضطر إليه مما لا بد منه وقال: مالك مثل ذلك قال الشافعي: ما روى مالك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لم يذكر في حجامة النبي - صلى الله عليه وسلم - هو ولا غيره ضرورة أولى بنا من الذي رواه عن ابن عمر ولعل ابن عمر كره ذلك ولم يحرمه ولعل ابن عمر أن لا يكون سمع هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولو سمعه ما خالفه إن شاء الله فقال برأيه فكيف إذا سمعت هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قلت بخلاف ما سمعت عنه لقول ابن عمر وأنتم لم تثبتوا أن ابن عمر كرهه للناس قد يتوقى المرء في نفسه ما لا يكره لغيره وأنتم تتركون قول ابن عمر لرأي أنفسكم أفرأيتم إن كرهتم الحجامة إلا من ضرورة أتعدو الحجامة من أن تكون مباحة له كما يباح له الاغتسال والأكل والشرب فلا يبالي كيف احتجم إذا لم يقطع الشعر أو تكون محظورة عليه كحلاق الشعر وغيره؟ فالذي لا يجوز له إلا لضرورة فهو إذا فعله بحلق الشعر أو فعل ذلك من ضرورة افتدى فينبغي أن تقولوا: إذا احتجم من ضرورة أن يفتدي وإلا فأنتم تخالفون ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وتقولون في الحجامة قولا متناقضا. .
[باب ما يقتل المحرم من الدواب]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «خمس من الدواب ليس على المحرم في قتلهن جناح الغراب، والحدأة، والعقرب والفأرة والكلب العقور» (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وبهذا نأخذ وهو عندنا جواب على المسألة فكل ما جمع من الوحش أن يكون غير مباح اللحم في الإحلال وأن يكون مضرا قتله المحرم لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أمر المحرم أن يقتل الفأرة والغراب والحدأة مع ضعف ضرها إذ كانت مما لا يؤكل لحمه كان ما جمع أن لا يؤكل لحمه وضره أكثر من ضرها أولى أن يكون قتله مباحا في الإحرام، قلت: قد قال مالك: لا يقتل المحرم من الطير ما ضر إلا ما سمي وقال بعض أصحابه: كان قول النبي «خمس من الدواب ليس على المحرم في قتلهم جناح» يدل على أن ما سواهن على المحرم في قتله
جناح (قال الشافعي) : - رحمه الله: أفرأيتم الحية أسميت؟ فقد زعم مالك عن ابن شهاب أن عمر أمر بقتل الحيات في الحرم قلت: فيراها كلبا عقورا قال: أوتعرف العرب أن الحية كلب عقور؟ إنما الكلب عندها السبع والكلاب التي خلقها الله متقاربة كخلق الكلب، فإن قلتم: إنها قد تضر فتقتل، قيل غير مكابرة كما زعم صاحبكم أن الكلب العقور ما عدا على الناس فأخافهم وهي لا تعدو مكابرة، وإن ذهبتم إلى أنها تضر هكذا فقد أمر عمر بن الخطاب أن يقتل الزنبور في الإحرام والزنبور إنما هو كالنحلة فكيف لم تأمروا بقتل الزنبور وقد أمر به عمر وأمرتم بقتل الحية إذ أمر بها عمر؟ ما أسمعكم تأخذون من الأحاديث إلا ما هويتم (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وقلتم: يقتل المحرم الفأرة الصغيرة ولا يقتل الغراب الصغير وإذا قلتم هذا فقد أباحه النبي - صلى الله عليه وسلم - ومنعتموه فإن قلتم: إنما أباح قتله على معنى أنه يضر والصغير لا يضر في حاله تلك فالفأرة الصغيرة لا تضر في حالها تلك فلا بد أن تخالفوا النبي - صلى الله عليه وسلم - في الغراب الصغير والفأرة الصغيرة وهذا حجة عليكم أزعمتم أن الغراب يقتل لمعنى ضرره فينبغي أن تقتل العقاب لأنها أضر منه، فإن قال: لا بل الحديث جملة لا المعنى، قيل: فلم لا يقتل الغراب الصغير لأنه غراب؟ .
سألت الشافعي عمن حلق قبل أن ينحر أو نحر قبل أن يرمي قال: يفعل ولا فدية ولا حرج، وكذلك كل ما كان يعمل في ذلك اليوم فقدم منه شيئا قبل شيء ناسيا أو جاهلا عمل ما يبقى عليه ولا حرج، فقلت: وما الحجة في ذلك؟ فقال: أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عيسى بن طلحة بن عبيد الله عن عبيد الله بن عمرو بن العاص قال: «وقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع للناس بمنى يسألونه فجاءه رجل فقال: يا رسول الله لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح قال: اذبح ولا حرج فجاء رجل فقال: يا رسول الله لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي فقال: ارم ولا حرج فما سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن شيء قدم ولا أخر إلا قال افعل ولا حرج» (قال الشافعي) : - رحمه الله - وبهذا كله نأخذ. .
[باب الشركة في البدنة]
سألت الشافعي هل يشتري السبعة جزورا فينحرونها عن هدي إحصار أو تمتع؟ قال: نعم قلت: وما الحجة في ذلك؟ فقال: أخبرنا مالك عن أبي الزبير المكي عن جابر قال: «نحرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحديبية البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة» (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا نحروا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الحديبية بدنة عن سبعة وبقرة عن سبعة والعلم يحيط أنهم من أهل بيوتات شتى لا من أهل بيت واحد فتجزئ البدنة والبقرة عن سبعة متمتعين ومحصورين وعن كل سبعة وجبت على كل واحد منهم شاة إذا لم يجدوا شاة وسواء اشتروها وأخرج كل واحد منهم حصته من ثمنها أو ملكوها بأي وجه ما كان ملك ومن زعم أنها تجزئ عن سبعة لو وهبت لهم أو ملكوها بوجه غير الشراء كانت المشتراة أولى أن تجزئ عنهم قلت للشافعي: فإنا نقول: لا تذبح البدنة إلا عن واحد ولا البقرة وإنما يذبحها الرجل عن نفسه وأهل بيته فإما أن يخرج كل إنسان منهم حصته من ثمنها ويكون له حصة من لحمها فلا وإنما سمعنا لا يشترك في البدنة في النسك (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وقد يجوز أو يقال لا يشترك في النسك أن يوجب الرجل النسيكة ثم يشرك فيها غيره وليس في هذا لأحد حجة لأنه كلام عربي ولا حجة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -
وأصحابه وأهل الحديبية فكان ينبغي أن يكون هذا العمل عندكم لا تخالفونه لأنه فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وألف وأربعمائة من أصحابه.
(قال الشافعي) : أخبرنا سفيان عن عمرو عن جابر بن عبد الله قال: كنا يوم الحديبية ألفا وأربعمائة وقال لنا النبي - صلى الله عليه وسلم: أنتم اليوم خير أهل الأرض قال جابر: لو كنت أبصر لأريتكم موضع الشجرة وأنتم تجعلون قول الواحد وفعله حجة في بعض الأشياء، فإذا وجدتم السنة وفعل ألف وأربعمائة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو أوجب عليكم أن تجعلوه حجة.
[باب التمتع في الحج]
سألت الشافعي عن التمتع بالعمرة إلى الحج فقال: حسن غير مكروه وقد فعل ذلك بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنما اخترنا الإفراد لأنه ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أفرد غير كراهية للتمتع ولا يجوز إذا كان فعل التمتع بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يكون مكروها فقلت للشافعي: وما الحجة فيما ذكرت؟ قال: الأحاديث الثابتة من غير وجه وقد حدثنا مالك بعضها (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن محمد بن عبد الله بن الحارث بن نوفل أنه «سمع سعد بن أبي وقاص والضحاك بن قيس عام حج معاوية بن أبي سفيان وهما يتذاكران التمتع بالعمرة إلى الحج فقال الضحاك: لا يصنع ذلك إلا من جهل أمر الله فقال سعد: بئسما قلت يا ابن أخي فقال الضحاك: فإن عمر قد نهى عن ذلك فقال سعد: قد صنعها رسول الله وصنعناها معه» فقلت للشافعي: قد قال مالك: قول الضحاك أحب إلي من قول سعد وعمر أعلم برسول الله - صلى الله عليه وسلم - من سعد.
(قال الشافعي) : عمر وسعد عالمان برسول الله وما قال عمر عن رسول الله شيئا يخالف ما قال سعد إنما روى مالك عن عمر أنه قال: افصلوا بين حجكم وعمرتكم فإنه أتم لحج أحدكم وعمرته أن يعتمر في غير أشهر الحج ولم يرو عنه أنه نهى عن العمرة في أشهر الحج.
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة أنها قالت: خرجنا مع رسول الله عام حجة الوداع فمنا من أهل بحج ومنا من أهل بعمرة ومنا من جمع الحج والعمرة وكنت ممن أهل بعمرة.
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر «عن حفصة أنها قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم: ما شأن الناس حلوا ولم تحل أنت من عمرتك قال: إني لبدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر هديي» .
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن صدقة بن يسار عن ابن عمر أنه قال: لأن أعتمر قبل الحج وأهدي أحب إلي من أن أعتمر بعد الحج في ذي الحجة.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فهذان الحديثان من حديث مالك موافقان ما قال سعد من أنه عمل بالعمرة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أشهر الحج فكيف جاز لكم وأنتم ترون هذا أن تكرهوا العمرة فيه وأن تثبتوا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما وصفت وادعيتم من خلاف عمر وسعد وعمر لم يخالف سعدا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما اختار شيئا غير مخالف لما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد تتركون أنتم على عمر اختياره وحكمه هو أكثر من الاختيار لما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم تتركونه لما جاء عن رجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم تتركونه لقولكم فإذا جاز لكم هذا فكيف يجوز لكم أن تحتجوا بقوله على السنة وأنكم تدعون أنه خالفها وهو لا يخالفها وما رويتم عنه يدل على أنه لا يخالفها فادعيتم خلاف ما رويتم وتخالفون اختياره.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 05-12-2024, 08:17 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,422
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد السابع
الحلقة (313)
صــــــــــ 227 الى صـــــــــــ 233



[باب الطيب للمحرم]
سألت الشافعي عن الطيب قبل الإحرام بما يبقى ريحه بعد الإحرام وبعد رمي الجمرة والحلاق قبل الإفاضة فقال: جائز وأحبه ولا أكرهه لثبوت السنة فيه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والأخبار عن غير واحد من أصحابه فقلت: وما الحجة فيه؟ فقال أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أنها قالت: «كنت أطيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت» فقلت للشافعي: فإنا نكره الطيب للمحرم ونكره الطيب قبل الإحرام وبعد الإحلال قبل أن يطوف بالبيت ونروي ذلك عن عمر بن الخطاب فقال: الشافعي: إني أراكم لا تدرون ما تقولون فقلت: ومن أين؟ فقال: أرأيتم نحن وأنتم بأي شيء عرفنا أن عمر قاله أليس إنما عرفنا بأن ابن عمر رواه عن عمر فقلت: بلى فقال: وعرفنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تطيب بخبر عائشة؟ فقلت: بلى قال: وكلاهما صادق؟ فقلت: نعم فإذا علمنا بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - تطيب وأن عمر نهى عن الطيب علما واحدا هو خبر الصادقين عنهما معا فلا أحسب أحدا من أهل العلم يقدر أن يترك ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لغيره فإن جاز أن يتهم الغلط على بعض من بيننا وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - ممن حدثنا جاز مثل ذلك على من بيننا وبين عمر ممن حدثنا بل من روى عن عائشة تطيب النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر ممن روى عن ابن عمر نهي عمر عن الطيب روى عن عائشة سالم والقاسم وعروة والأسود بن يزيد وغيرهم (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فأراكم إذا أصبتم لم تعقلوا من أين أصبتم وإذا أخطأتم لم تعرفوا سنة تذهبون إليها فتعذروا بأن تكونوا ذهبتم إلى مذهب بل أراكم إنما ترسلون ما جاء على ألسنتكم عن غير معرفة إنما كان ينبغي أن تقولوا من كره الطيب للمحرم إنما نهى عن الطيب أنه «حضر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجعرانة حين سأله أعرابي أحرم وعليه جبة وخلوق فأمره بنزع الجبة وغسل الصفرة» .
فقلت للشافعي: أفترى لنا بهذا حجة أو إنما هذا شبهة وما الحجة على من قال هذا قال: إن كان قاله بهذا فقد ذهب عليه «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تطيب» فقال: بما حضر «وتطيب النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الإسلام سنة عشر وأمر الأعرابي قبل ذلك بسنتين في سنة ثمان» فلو كانا مختلفين كان إباحته التطيب ناسخا لمنعه وليسا بمختلفين إنما «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتزعفر الرجل» (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا ابن علية عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يتزعفر الرجل» (قال الشافعي) : وأمر الرجل أن يغسل الزعفران عنه وقد تطيب سعد بن أبي وقاص وابن عباس للإحرام وكانت الغالية ترى في مفارق ابن عباس مثل الرب.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا ابن عيينة عن عمر بن دينار عن سالم بن عبد الله قال: قال عمر من رمى الجمرة فقد حل ما حرم عليه إلا النساء والطيب وقال سالم: «قالت عائشة طيبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي» وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحق أن تتبع (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وهكذا ينبغي أن يكون الصالحون من أهل العلم فأما ما تذهبون إليه من ترك السنة لغيرها وترك ذلك الغير لرأي أنفسكم فالعلم إذا إليكم تأتون منه ما شئتم وتدعون منه ما شئتم تأخذون بلا تبصر لما تقولون ولا حسن روية فيه أرأيتم إذا خالفتم السنة هل عرفتم ما قلتم كرهتم الطيب قبل الإحرام لأنه يبقى بعد الإحرام وقد كان الطيب حلالا فإذا كرهتموه إذا كان يبقى بعد الإحرام فلا وجه لقولكم إلا أن تقولوا وجدناه إذا كان محرما ممنوعا أن يبتدئ طيبا فإذا تطيب قبل أن يحرم فما يبقى كان كابتداء الطيب في
الإحرام قلت: فأنتم تجيزون بأن يدهن المحرم بما يبقي لينه، وذهابه الشعث ويرجل الشعر قال: وما هو؟ قلت: ما لا طيب فيه مثل الزيت والشيرق وغيره قال: هذا لا يصلح للمحرم أن يبتدئ الادهان به ولو فعل وجبت عليه كفارة المتطيب عندنا وعندكم وإنما كان ينبغي أن تقولوا: لا يدهن بشيء يبقي في رأسه لينة ساعة أو تجيزوا الطيب إذا كان قبل الإحرام ولو لم يكن في هذا سنة تتبع انبغى أن لا يقال إلا واحد من هذين القولين. .
[باب في العمرى]
قال: سألت الشافعي عمن أعمر عمرى له ولعقبه فقال: هي للذي يعطاها لا ترجع إلى الذي أعطاها فقلت: وما الحجة؟ فقال: السنة الثابتة من حديث الناس وحديث مالك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أيما رجل أعمر عمرى له ولعقبه فإنما هي للذي يعطاها» لا ترجع إلى الذي أعطى عطاء وقعت فيه المواريث قال: وبها نأخذ ويأخذ عامة أهل العلم في جميع الأمصار بغير المدينة وأكابر أهل العلم وقد روى هذا مع جابر بن عبد الله زيد بن ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت للشافعي فإنا نخالف هذا فقال: أتخافونه وأنتم تروونه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: إن حجتنا فيه أن مالكا قال: أخبرنا يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن بن القاسم أنه سمع مكحولا الدمشقي يسأل القاسم بن محمد عن العمرى وما يقول الناس فيها فقال له القاسم: ما أدركت الناس إلا وهم على شروطهم في أموالهم وفيما أعطوا (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ما أجابه القاسم عن العمرى بشيء وما أخبره إلا أن الناس على شروطهم فإن ذهب إلى أن يقول: العمرى من المال والشرط فيها جائز فقد شرط الناس في أموالهم شروطا لا تجوز لهم فإن قال قائل: وما هي؟ قيل: الرجل يشتري العبد على أن يعتقه والولاء للبائع فيعتقه فهو حر والولاء للمعتق والشرط باطل فإن قال: السنة تدل على إبطال هذا الشرط قلنا: والسنة تدل على إبطال الشرط في العمرى فلم أخذت بالسنة مرة وتركتها مرة؟ قول القاسم لو كان قصد به قصد العمرى فقال: إنهم على شروطهم فيها لم يكن في هذا ما يرد به الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن قال قائل ولم؟ قيل: نحن لا نعلم أن القاسم قال هذا إلا بخبر يحيى عن عبد الرحمن عنه وكذلك علمنا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في العمرى بخبر ابن شهاب عن أبي سلمة عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيره فإذا قبلنا خبر الصادقين فمن روى هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أرجح ممن روى هذا عن القاسم لا يشك عالم أن ما ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولى أن يقال به مما قاله أناس بعده قد يمكن أن لا يكونوا سمعوا من رسول الله ولا بلغهم عنه شيء وأنهم لناس لا نعرفهم فإن قال قائل: لا يقول القاسم قال الناس إلا لجماعة من أصحاب رسول الله أو من أهل العلم لا يجهلون للنبي - صلى الله عليه وسلم - سنة ولا يجمعون أبدا من جهة الرأي ولا يجمعون إلا من جهة السنة قيل له أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد أن رجلا كانت عنده وليدة لقوم فقال لأهلها: شأنكم بها فرأى الناس أنها تطليقة وأنتم تزعمون أنها ثلاثة فإذا قيل لكم تتركون قول القاسم والناس إنها تطليقة قلتم: لا ندري من الناس الذين يروي هذا عنهم القاسم فإن لم يكن قول القاسم والناس حجة عليكم في رأي أنفسكم لهو عن أن يكون على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجة أبعد ولئن كان حجة لعله
أخطأتم بخلافكم إياه برأيكم وإنا لنحفظ عن ابن عمر في العمرى مثل قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (قال الشافعي) : - رحمه الله - أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار وحميد الأعرج عن حبيب بن أبي ثابت قال: كنت عند ابن عمر فجاءه رجل من أهل البادية فقال: إني وهبت لابني ناقة حياته وإنها تناتجت إبلا فقال ابن عمر: هي له حياته وموته فقال: إني تصدقت عليه بها قال: ذلك أبعد لك منها.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن حبيب بن أبي ثابت مثله إلا أنه قال: أضنت واضطربت يعني كبرت واضطربت (قال الشافعي) : أخبرنا سفيان عن عمرو عن سليمان بن يسار أن طارقا قضى بالمدينة بالعمرى عن قول جابر بن عبد الله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (قال الشافعي) : أخبرنا سفيان عن عمرة عن طاوس عن حجر المدري عن زيد بن ثابت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «العمرى للوارث» (قال الشافعي) : أخبرنا سفيان عن ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تعمروا ولا ترقبوا فمن أعمر شيئا أو أرقبه فسبيله سبيل الميراث» (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا سفيان عن أيوب عن ابن سيرين قال: حضرت شريحا قضى لأعمى بالعمرى فقال له الأعمى: يا أبا أمية بما قضيت لي؟ فقال له شريح: لست أنا قضيت لك ولكن محمد - صلى الله عليه وسلم - قضى لك منذ أربعين سنة قال: ومن أعمر شيئا حياته فهو لورثته إذا مات (قال الشافعي) : فتتركون ما وصفت من العمرى مع ثبوته عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقول زيد بن ثابت وجابر بن عبد الله وابن عمر وسليمان بن يسار وعروة بن الزبير وهذا عندكم عمل بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - لتوهم في قول القاسم وأنتم تجدون في قول القاسم أفتى في رجل قال لأمة قوم شأنكم بها فرأى الناس أنها تطليقة ثم تخالفونه برأيكم وما روى القاسم عن الناس. والله أعلم. .
[باب ما جاء في العقيقة]
(قال الشافعي) : أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي قال: تستحب العقيقة ولو بعصفور قلت للشافعي: فإنا نقول ليس عليه العمل ولا نلتفت إلى قول تستحب قال: قد يمكن أن لا يكون استحبها إلا أهل العلم بالمدينة (قال الشافعي) : أخبرنا الثقفي عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار أن الناس كانوا يقضون في المجوس بثمانمائة درهم وأن اليهود والنصارى إذا أصيبوا يقضى لهم بقدر ما يعقلهم قومهم فيما بينهم قلت: فإنا نقول في اليهودي والنصراني نصف دية المسلم ولا نلتفت إلى رواية سليمان بن يسار إن الناس (قال الشافعي) : سليمان مثل القاسم في السن أو أسن منه فإن كانت لكم حجة بقول القاسم "الناس" فهي عليكم بقول سليمان بن يسار ألزم لأنه لا يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في اليهودي والنصراني قول. .
[باب في الحربي يسلم]
.
باب في الحربي يسلم سألت الشافعي عن المشركين الوثنيين الحربيين يسلم الزوج قبل المرأة أو المرأة قبل الزوج أقام المسلم منهما في دار الإسلام أو خرج فقال: ذلك كله سواء ولا يحل للزوج إصابتها ولا له أن يصيبها إذا
كان واحد منهما مسلما، ونظرتهما انقضاء العدة، فإن انقضت عدة المرأة قبل أن يسلم الزوج انقطعت العصمة بينهما وكذلك ولو كان الزوج المسلم فانقضت عدة المرأة قبل أن تسلم هي انقطعت العصمة بينهما لا اختلاف بين الزوج والمرأة في ذلك. فقلت له: علام اعتمدت في هذا؟ فقال: على ما لا أعلم من أهل العلم بالمغازي في هذا اختلافا من أن أبا سفيان أسلم قبل امرأته وأن امرأة صفوان وعكرمة أسلمتا قبلهما ثم استقروا على النكاح وذلك أن آخرهم إسلاما أسلم قبل انقضاء عدة المرأة وفيه أحاديث لا يحضرني ذكرها وقد حضرني منها حديث مرسل وذلك أن مالكا أخبرنا عن ابن شهاب أن صفوان بن أمية هرب من الإسلام ثم أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وشهد حنينا والطائف مشركا وامرأته مسلمة واستقرا على النكاح قال ابن شهاب: فكان بين إسلام صفوان وامرأته نحو من شهر فقلت له: أرأيت إن قلت مثل إذا أسلمت قبل زوجها خرجت من الدار أو لم تخرج ثم أسلم الزوج فهما على النكاح ما لم تنقض العدة وإذا أسلم الزوج قبل المرأة وقعت الفرقة بينهما إذا عرض عليها الإسلام فلم تسلم لأن الله تبارك وتعالى يقول {ولا تمسكوا بعصم الكوافر} [الممتحنة: 10] (قال الشافعي) : إذا يدخل عليكم والله أعلم خلاف التأويل والأحاديث والقياس وما القول في رجل يسلم قبل امرأته والمرأة قبل زوجها إلا واحد من قولين أنتم قوم لم تعرفوا فيه الأحاديث أو عرفتموها فرددتموها بتأويل القرآن فإذا تأولتم قول الله {ولا تمسكوا بعصم الكوافر} [الممتحنة: 10] لم تعدوا أن تكونوا أردتم بقوله تبارك وتعالى أنه إذا أسلم الزوج انقطعت العصمة بينهما مكانه وأنتم لم تقولوا بهذا وزعمتم أن العصمة إنما تقطع بينهما إذا عرض على الزوجة الإسلام فأبت وقد يعرض عليها الإسلام من ساعتها ويعرض عليها بعد سنة وأكثر فليس هذا بظاهر الآية ولم تقولوا في هذا بخبر ولا يجوز أن يقال بغير ظاهر الآية إلا بخبر لازم فقلت: فإن قلت يعرض عليها الإسلام من ساعتها (قال الشافعي) : أفليس يقيم بعد إسلامه قبل يفرق بينهما؟ أو رأيتم إن كانت غائبة عن موضع إسلامه أو بكماء لا تكلم أو مغمى عليها فإن قلتم: تطلق فقد تركتم العرض وإن قلتم: ينتظر بها فقد أقامت في حباله وهي كافرة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : والآية في الممتحنة مثلها قال الله تعالى: {فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن} [الممتحنة: 10] فسوى بينهما وكيف فرقتم بينهما؟ (قال الشافعي) : هذه الآية في معنى تلك لا تعدو هاتان الآيتان أن تكونا تدلان على أنه إذا اختلف دينا الزوجين فكان لا يحل للزوج جماع زوجته لاختلاف الدينين فقد انقطعت العصمة بينهما أو يكون لا يحل له في تلك الحال ويتم انقطاع العصمة إن جاءت عليها مدة ولم يسلم المتخلف عن الإسلام منهما فإن كان هذا المعنى لم يصلح أن تكون المدة إلا بخبر يلزم لأن رجلا لو قال: مدتهما ستة أشهر أو يوم لم يجز هذا من قبل الرأي إنما يجوز من جهة الأخبار اللازمة فلما سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في امرأة أبي سفيان وكان أبو سفيان قد أسلم هو وامرأته هند مقيمة بمكة وهي دار حرب لم تسلم وأمرت بقتله ثم أسلمت بعد أيام فاستقرا على النكاح وهرب عكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية من الإسلام وأسلمت زوجتاهما ثم أسلما فاستقرا على النكاح وكان ابن شهاب حمل أحد الحديثين أو هما معا فذكر فيه توقيت العدة دل ذلك على انقطاع العصمة بين الزوجين إن انقضت العدة قبل أن يسلم المتخلف عن الإسلام منهما لا أن انقطاع العصمة هو أن يكون أحدهما مسلما ويكون الفرج ممنوعا حين يسلم (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فقيل لبعض من يذهب إلى التفريق بين الزوج يسلم قبل المرأة والمرأة تسلم قبل الزوج أتجهلون امرأة أبي سفيان؟ قالوا: لا ولكن كان الذي بين إسلامهما يسيرا قيل: أما علمتم أن أبا سفيان قد أسلم وقد أقامت هند على الكفر ثم أسلمت فاستقر على النكاح؟ قال: بلى قيل: أو ليس بقيت
عقدته عليها وقد أسلم قبلها قال: بلى قيل: فلو كان معنى الآية {ولا تمسكوا بعصم الكوافر} [الممتحنة: 10] على أنه متى أسلم حرمت كنتم قد خالفتم الآية وقولكم: وعلمتم أن السنة في هند على غير ما قلتم وإذا كان {ولا تمسكوا بعصم الكوافر} [الممتحنة: 10] جاءت عليهم مدة لم تسلم فيها فالمدة لا تجوز إلا بخبر يلزم مثله (قال الشافعي) : وأنتم إذا قلتم لا يفسخ بينهما حتى يعرض عليها الإسلام فتأباه فإذا عرض عليها الإسلام فأبته انفسخ النكاح قيل: فإذا كانت ببلاد نائية فإذا انقضت عدتها انفسخ النكاح وإن لم يعرض عليها الإسلام وهذا خارج من الوجهين والمعقول إن كان يقطع العصمة أن يسلم الزوج قبلها انبغى أن نخرجها من يده قبل عرض الإسلام وإن كان ذلك بمدة فالمدة التي نذهب إليها نحن وأنتم العدة. .
[باب في أهل دار الحرب]
.
باب في أهل دار الحرب سألت الشافعي عن أهل الدار من أهل الحرب يقتسمون الدور ويملك بعضهم على بعض على ذلك القسم ويسلمون ثم يريد بعضهم أن ينقض ذلك القسم ويقسمه على قسم الإسلام فقال: ليس ذلك له قلت: ما الحجة في ذلك؟ : قال: الاستدلال بمعنى الإجماع والسنة قلت: وأين ذلك؟ قال: أرأيت أهل دار الحرب إذا سبى بعضهم بعضا وغصب بعضهم بعضا وقتل بعضهم بعضا ثم أسلموا أهدرت الدماء وأقررت الأرقاء في يدي من أسلموا وهم رقيق لهم والأموال لأنهم ملكوها عليهم قبل الإسلام فإذا ملكوا بقسم الجاهلية فما ذلك الملك بأحق وأولى أن يثبت لمن ملكه من ملك الغصب والاسترقاق لمن كان جرا مع أنه أخبرنا مالك عن ثور بن يزيد الديلي أنه قال: بلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «أيما دار أو أرض قسمت في الجاهلية فهي على قسم الجاهلية وأيما دار أو أرض أدركها الإسلام لم تقسم فهي على قسم الإسلام» (قال الشافعي) : نحن نروي فيه حديثا أثبت من هذا بمثل معناه. .
[باب البيوع]
سألت الشافعي عن الرجل يأتي بذهب إلى دار الضرب فيعطيها الضراب بدنانير مضروبة ويزيده على وزنها، قال: هذا الربا بعينه المعجل قلت وما الحجة؟ قال: أخبرنا مالك عن موسى بن أبي تميم عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم لا فضل بينهما» (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن عمر قال: لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض، فقلت للشافعي: فإنا نزعم أنه لا بأس بهذا قال: فهذا الذي نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - بعينه فكيف أجزتموه؟ قال: هذا من ضرب قولكم في اللحم أنه لا بأس أن يباع بعضه ببعض بغير وزن بالبادية وحيث ليس موازين فإن كان اللحم من الطعام الذي نهى عنه إلا مثلا بمثل فقد أجزتموه وإن لم يكن منه فلم تحرمونه في القرية وتجيزونه في البادية وأنتم لا تجيزون بالبادية تمرا بتمر إلا مثلا بمثل وإن لم يكن في البادية مكيال وأجزتم هذا في الخبز أن يباع بعضه ببعض بغير وزن إذا تحرى في القرية والبادية وفي البيض وما أشبهه.
[باب متى يجب البيع]
سألت الشافعي: متى يجب البيع حتى لا يكون للبائع نقضه ولا للمشتري نقضه إلا من عيب؟ قال: إذا تفرق المتبايعان بعد عقدة البيع من المقام الذي تبايعا فيه فقلت: وما الحجة في ذلك؟ قال: أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «المتبايعان كل واحد منهما بالخيار على صاحبه ما لم يتفرقا إلا بيع الخيار» فقلت له: فإنا نقول ليس لذلك عندنا حد معروف ولا أمر معمول به فيه (قال الشافعي) : الحديث بين لا يحتاج إلى تأويل ولكني أحسبكم التمستم العذر من الخروج منه بتجاهل كيف وجه الحديث وأي شيء فيه يخفى عليه قد زعمتم أن عمر قال لمالك بن أوس حين اصطرف من طلحة بن عبيد الله بمائة دينار فقال له طلحة أنظرني حتى يأتي خازني من الغابة فقال: لا والله لا تفارقه حتى تقبض منه فزعمتم أن الفراق فراق الأبدان فكيف لم تعلموا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا أن الفراق فراق الأبدان» فإن قلتم: ليس هذا أردنا إنما أردنا أن يكون عمل به بعده فابن عمر الذي سمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا ابتاع الشيء يعجبه أن يجب له فارق صاحبه فمشى قليلا ثم رجع أخبرنا بذلك سفيان عن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر وقد خالفتم النبي - صلى الله عليه وسلم - وابن عمر جميعا. .
[باب بيع البرنامج]
سألت الشافعي عن بيع الساج المدرج والقبطية وبيع الأعدال على البرنامج على أنه واجب بصفة أو غير صفة قال: لا يجوز من هذا شيء إلا لمشتريه الخيار إذا رآه قلت: وما الحجة في ذلك؟ قال أخبرنا مالك عن محمد بن يحيى بن حبان وعن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الملامسة والمنابذة» فقلت للشافعي: فإنا نقول في الساج المدرج والقبطي المدرج لا يجوز بيعهما لأنهما في معنى الملامسة ونزعم أن بيع الأعدال على البرنامج يجوز (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فالأعدال التي لا ترى أدخل في معنى الغرر المحرم من القبطية والساج يرى بعضه دون بعض ولأنه لا يرى من الأعدال شيء وأن الصفقة تقع منها على ثياب مختلفة فقلت للشافعي: إنما نفرق بين ذلك لأن الناس أجازوه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ما علمت أحدا يقتدي به في العلم أجازه فإن قلتم: إنما أجزناه على الصفقة فبيوع الصفقات لا تجوز إلا مضمونة على صاحبها بصفة يكون عليه أن يأتي بها بكل حال وليس هكذا بيع البرنامج أرأيت لو هلك المبيع أيكون على بائعه أن يأتي بصفة مثله فإن قلتم: لا فهذا لا بيع عين ولا بيع صفة. .
[باب بيع الثمر]
.
باب بيع الثمر سألت الشافعي عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه فقال: أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه نهى البائع والمشتري» (قال الشافعي) : وبهذا نأخذ وفيه دلائل بينة منها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه قال
وصلاحه أن ترى فيه الحمرة أو الصفرة لأن الآفة قد تأتي عليه أو على بعضه قبل بلوغه أو يجد بسرا وهو في الحال التي نهى عنها ظاهر يراه البائع والمشتري كما كانا يريانه إذا رئيت فيه الحمرة بما وصفنا من معنى أن الآفة ربما كانت فقطعته أو نقصته كانت كل ثمرة مثله لا يحل أن تباع أبدا حتى تزهى وتنضج منها ذلك وبهذا قلنا وقد قلتم بالجملة وقلنا: لا يحل بيع القثاء ولا الخربز وإن ظهر وعظم حتى يرى فيه النضج (قال الشافعي) : وقلنا: فإذا لم يحل بيع القثاء والخربز حتى يرى فيه النضج كان بيع ما لم يخرج من القثاء والخربز أحرم لأنه لم يبد صلاحه ولم يخلق ولا يدرى لعله لا يكون فقلت للشافعي: فإنا نقول إذا ظهر شيء من القثاء حل أن تباع ثمرته تلك وما خلق من القثاء ما نبت أصله.
(قال الشافعي) : وقد «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه» فلم أجزتم بيع شيء لم يخلق بعد؟ «ونهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع السنين» وبيع السنين بيع الثمر سنين فإن زعمتم أنه يجوز في النخل إذا طابت العام أن ثمرته قابلا فقد خالفتم ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من الوجهين وإن زعمتم أن بيع ثمرة لم تأت لا يحل فكذلك كان ينبغي أن تقولوا في القثاء والخربز سألت الشافعي عن القثاء والخربز والفجل يشترى أيكون لمشتريه أن يبيعه قبل أن يقبضه فقال: لا ولا يباع شيء منه بشيء منه متفاضلا يدا بيد قلت للشافعي: وما الحجة في ذلك؟ فقال: أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر فقلت للشافعي: فإنا نقول كما قلت: لا يباع حتى يقبض ولا بأس بالفضل في بعضها على بعض يدا بيد ولا خير فيه نسيئة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : هذا خلاف السنة في بعض القول قلت ومن أين؟ قال: زعمتم أنه لا يباع حتى يقبض وزعمتم أنه لا يباع بعضها ببعض نسيئة وهذا في حكم الطعام من التمر والحنطة ثم زعمتم أنه لا بأس بالفضل في بعضها على بعض يدا بيد وهذا خلاف حكم الطعام وهذا قول لا يقبل من أحد من الناس إما أن تكون خارجة من الطعام فلا بأس عندكم أن تباع قبل أن تقبض ويباع منها واحد بعشرة من صنفه نسيئة أو تكون طعاما فلا يجوز الفضل في الصنف منها على الآخر من صنفه يدا بيد. .
[باب ما جاء في ثمن الكلب]
سألت الشافعي عن الرجل يقتل الكلب للرجل فقال: ليس عليه غرم فقلت: وما الحجة في ذلك؟ فقال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبي مسعود الأنصاري «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن» قال مالك: وإنما أكره بيع الكلاب الضواري وغير الضواري لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ثمن الكلب.
(قال الشافعي) : نحن نجيز للرجل أن يتخذ الكلاب الضواري ولا نجيز له أن يبيعها لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - وإذا حرمنا ثمنها في الحال التي يحل اتخاذها فيه اتباعا لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحل أن يكون لها ثمن بحال قلت للشافعي: فإنا نقول لو قتل رجل لرجل كلبا غرم له ثمنه فقال الشافعي: هذا خلاف حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والقياس عليه وخلاف أصل قولكم كيف يجوز أن تغرموه ثمنه في الحال التي تفوت فيها نفسه وأنتم لا تجعلون له ثمنا في الحال التي يحل أن ينتفع به فيها فإن قال قائل: فإن من المشرقيين من زعم أنه إذا قتل ففيه ثمنه ويروى فيه أثر فأولئك يجيزون بيعه حيا ويردون الحديث الذي في النهي عن ثمنه ويزعمون أن الكلب سلعة من السلع يحل ثمنه كما يحل ثمن الحمار

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 456.87 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 451.02 كيلو بايت... تم توفير 5.85 كيلو بايت...بمعدل (1.28%)]