مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" - الصفحة 4 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         اكتشف الأسباب الخفية وراء انتفاخ البطن! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الكافيين: فوائده، أضراره، والكمية الآمنة للاستهلاك يوميًا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          التعايش مع اضطراب ثنائي القطب: دليلك لحياة متوازنة! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          7 أطعمة تقوي العظام! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          نصائح بعد خرم الأذن: دليلك الشامل للتعافي بسرعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          ما هي فوائد التبرع بالدم؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          متى يكون فقدان الوزن خطير؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          7أفكار لوجبات خفيفة للأطفال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          أضرار مشروبات الطاقة: حقائق صادمة! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          أسباب القدم السكري وكيفية الوقاية منها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى الإنشاء
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى الإنشاء ملتقى يختص بتلخيص الكتب الاسلامية للحث على القراءة بصورة محببة سهلة ومختصرة بالإضافة الى عرض سير واحداث تاريخية عربية وعالمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-02-2023, 09:28 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,331
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن"

مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (35)


مثنى محمد هبيان


{فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة:24]

السؤال الأول:

مادلالة قوله تعالى: {وَلَنْ تَفْعَلُوا} ؟

الجواب:

قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا}هو الشرط، وقوله تعالى: {وَلَنْ تَفْعَلُوا} جملة اعتراضية بغرض القطع بعدم الفعل، وهذا يناسب قوله تعالى: {لَا رَيْبَ فِيهِ}.

والقرآن تحدى البشر أولاً بأنْ يأتوا بمثل القرآن، ثم تحداهم بأنْ يأتوا بعشر سور مثله مفتريات؛ لأنهم أشاعوا في أوساط الناس أنّ القرآن مفترى, ثم تحداهم بأنْ يأتوا بسورة واحدة من مثله في البقرة [23].

ومع هذا التحدي الأخير لم يكتفِ بذلك بل بين أنهم لم يفعلوا ولن يفعلوا ذلك!!!

{فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا} تيئيس للبشر على مدى الزمن , والتأكيد على عجزهم التام .

إنه تحدٍّ، وأي إنسان في الدنيا يمكن أنْ يقول أو يُصدر هذا الحكم، هل يجرؤ محمد صلى الله عليه وسلم وبخاصة أنه في أول الدعوة لمّا يجهر بها بعد؟ هل يجرؤ أنْ يواجه أعداءه بهذا الحكم {وَلَنْ تَفْعَلُوا} ؟

من الذي يضمن صحة هذا الحكم واستمراره ؟؟؟ وأين تذهب هيبة النبيِّ وقوته وصدقه؟؟

إنها النبوة إذن و {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم:4] إنه الله العليم القادر.

ونحن الآن نتحدث بعد نيف وأربعة عشر قرناً من نزول القرآن وما زال الحكم قائماً !!!!

السؤال الثاني:

أين مفعول: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا}؟

الجواب:

هو محذوف لفظاً لكنه مُراد معنى , أي: هو محذوف للاختصار , ولا يحذف إلا لدليل ، والتقدير : فإن لم تفعلوا الإتيان ولن تفعلوه , وقد حُذف للعلم به.

السؤال الثالث:

قوله تعالى: {اتَّقُوا اللهَ} كيف نتقيه بينما نحن نطلب من الله كل النعم وكل الخير, كيف يتم هذا ؟ وكيف نتقي من نحب ؟

الجواب:

إن لله تعالى صفات جلال وصفات جمال، صفات جلال تجدها في القهار والجبار والمذل والمنتقم والضار.

أمّا صفات الجمال فتجدها في الغفار والرحمن والرحيم .

فإذا كنت تقي نفسك من النار وهي من صفات الجلال فلا بدّ أنْ تقي نفسك من صفات الجلال كلها؛ لأنه قد يكون من متعلقاتها ما هو أشد عذاباً وإيلاماً من النار.

فكأن الحق سبحانه وتعالى حين يقول : (اتقوا النار) ـ و(اتقوا الله) يعني أنْ نتقي غضب الله الذي يؤدي بنا إلى أنْ نتقي كل صفات جلاله ونجعل بيننا وبينها وقاية، فمن اتقى صفات جلال الله أخذ صفات جماله .

ولذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : « إذا كانت آخر ليلة من رمضان تجلى الجبار بالمغفرة» وكان المنطق حسب تقدير البشر أنْ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (تجلى الرحمن بالمغفرة) ولكن ما دامت هناك ذنوب فالمقام لصفة الجبار الذي يعذب خلقه بذنوبهم فكأنّ صفة الغفار تشفع عند صفة الجبار، وصفة الجبار للعاصين فتأتي صفة الغفار لتشفع عندها فيغفر الله للعاصين ذنوبهم.

وجمال المقابلة هنا حينما تسمع أنّ الجبار يتجلى بجبروته تشعر بالفزع والخوف والرعب لكنْ عندما تسمع «تجلى الجبار بالمغفرة» فإنّ السعادة تدخل إلى قلبك؛ لأنك تعرف أنّ صاحب العقوبة وهو قادر عليها قد غفر لك.

والنار ليست آمرة ولا فاعلة بذاتها ولكنها مأمورة , إذن فاستعذ منها بالآمر أو بصفات الجمال في الأمر.

من جهة ثانية عرّف النار هنا فقال: {فَاتَّقُوا النَّارَ}[البقرة:24] ونّكرها في آية التحريم [6] بقوله: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} [التحريم:6]؛ لأنّ الخطاب في البقرة مع المنافقين وهم في أسفل النار فعرّفت بلام الاستغراق.

أما في آية سورة التحريم فالنار مع المؤمنين والذي يُعَذَّبُ من عصاتهم بالنار يكون في جزء من أعلاها، فناسب تنكيرها لتقللها.

السؤال الرابع: ما الوَقود ؟

الجواب:

الوَقود : - بفتح الواو- هو الأشياء التي توضع في النار لكي تتقد من حجارة أو بشر أو قطران.

الوُقود : - بضم الواو- فتُطلق على عملية الاشتعال.

وهناك في القرآن كلمات تعتبر منظومة الوقود مثل : حطب ـ حصب ـ قطران.


قال تعالى :

{إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} [الأنبياء:98] .

{وَأَمَّا القَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا} [الجن:15] .

{سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ} [إبراهيم:50].

***

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 04-02-2023, 09:38 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,331
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن"

مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (37)






مثنى محمد هبيان






{إِنَّ اللهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الفَاسِقِينَ} [البقرة:26]

السؤال الأول:

ما المعلومات المتوفرة عن بنية البعوضة ؟

الجواب:

البعوضة هذا المخلوق الضعيف العجيب، يضرب الله سبحانه مثلاً به ليبين للناس أنّ هذا المخلوق الصغير في حجمه هو عظيم في خلقه .

واليكم بعضاً من أسراره :

1ـ البعوضة أنثى .

2ـ لها مائة عين في رأسها.

3ـ لها 48 سن في فمها .

4ـ لها ثلاثة قلوب كاملة في جوفها.

5ـ لها ست سكاكين في خرطومها ولكل واحد منها وظيفته.

6ـ لها ثلاثة أجنحة في كل طرف من أطرافها.

7 ـ مزودة بجهاز حرارة يعمل مثل نظام الأشعة تحت الحمراء يعكس لها لون الجلد البشري في الظلمة إلى لون بنفسجي حتى تراه (رؤية ليلية) .

8ـ مزودة بجهاز تخدير موضعي يساعدها على غرز إبرتها في جسم الإنسان دون أن يشعر، وما يحس به من قرصة هو نتيجة مص الدم.

9ـ مزودة بجهاز تحليل للدم فهي لا تستسيغ أية دماء.

10ـ مزودة بجهاز لتمييع الدم حتى يسري في خرطومها الدقيق جداً أثناء عملية المص .

11ـ مزودة بجهاز للشم تستطيع من خلاله شم رائحة عرق الإنسان من مسافة 60 كم .

12 ـ وأغرب من هذا، فإن العلم الحديث اكتشف حشرة صغيرة جداً تعيش فوق ظهر البعوضة لا ترى إلا بالمجهر، مصداق قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} [البقرة:26] .

فسبحان الله !!!!!!!

مسائل في الآية :

1ـ لفظ ( بعوضةً ) منصوب بأنه صفة لمثلاً, أو مفعول به ليضرب، و (مثلاً) حال مقدم عليه أو مفعول به ثانٍ ليضرب مضمّن معنى: يجعل .

2ـ اشتقاق البعوض من البعض وهو القطع، وسمي به لقلة جرمه وصغره؛ ولأنّ بعض الشيء قليل بالقياس إلى كله .

السؤال الثاني:

القدامى يفسرون قوله تعالى: {فَمَا فَوْقَهَا} [البقرة:26] بأنه دلالة على قدرة الله تعالى، فهل هذا هو المقصود بما فوقها؟ أم أن المقصود بذلك ما أثبته العلم الحديث من وجود جرثومة صغيرة لا ترى بالعين المجردة تعيش فوق ظهر البعوضة ؟ فهل تلك الجرثومة هي المقصود بما فوق البعوضة؟

الجواب:

في قوله تعالى: {فَمَا فَوْقَهَا} [البقرة:26] وجوه :

آ ـ الأول ما هو أكبر منها في الجثة والحجم كالذباب والعنكبوت والحمار والكلب.

ب ـ والثاني ما هو أصغر منها كما ورد أعلاه من أنّ العلم الحديث اكتشف حشرة صغيرة جداً تعيش فوق ظهر البعوضة لا ترى إلا بالمجهر بعد تكبيرها مائة ألف مرة .

والمحققون مالوا إلى القول الثاني؛ لأنّ المقصد من هذا التمثيل تحقير الأوثان فكلما كان المشبه به أشد حقارة كان المقصود في هذا الباب أكمل حصولاً .

وكلما كان الشيء أصغر كان الاطلاع على أسراره أصعب، فإذا كان غاية في الصغر لم يحط بعلمه إلا علم الله تعالى.

ج ـ أو تفيد زيادة الوصف إلى أسفل، كقولك : حقير وفوق الحقير , أي أدنى من الحقير في الصفات.

د ـ أي ما فوقها في الدلالة، أي: في الاستدلال على بيان قدرة الله في الأشياء التي يريدها ويخلقها . والله أعلم.

لذلك كلمة (فوق) قد تستعمل للزيادة في الحجم، أي: أكبر منها أو الزيادة في الوصف كما تقول : هو حقير وفوق الحقير يعني هو دون الحقير.

وإنْ قيل : كيف نفهم (فما) في قوله تعالى: {فَمَا فَوْقَهَا} ؟

فالجواب: (فما) بمعنى الذي فوقها، ولا يفهم منها أنّ ما دونها غير مخصوص بالكلام، فما فوقها تجمع أمرين , وأصلاً (فوق) في اللغة تأتي بهذين المعنيين وهي ظرف.

السؤال الثالث:

ما دلالة الحياء في قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا} [البقرة:26] في الآية ؟

الجواب:

الحياء في اللغة حالة في نفس الإنسان تجعله يُحجِمُ عن شيء، أو يحجم عن كلامٍ استحياءً، فلا يتكلم أحياناً عن فعل ينوي أنْ يفعله، أو فعل شيئاً إذا وُجِه فيه يصيبه الحياءُ، فالحياء حالة نفسية، لكنها لا تنطبق على الباري سبحانه وتعالى, وإنما يستعمل القرآن هذه الطريقة التي يتكلم بها العرب ليفهم من ذلك أن في كتاب الله تعالى يرد- ومن غير تردُّدٍ- ذكرٌ لهذه الأمثال.

و إذا ضرب هذا المثل فالمؤمن الواعي المدرك يعلم أنه حق لأنه سيتفكر, وأمّا الذين كفروا: {فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللهُ بِهَذَا مَثَلًا} [البقرة:26] فيرد عليهم القرآن: {يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا} [البقرة:26] هذا المثال يكون سبباً للإضلال وسبباً للهداية، والإضلال لا يكون إلا للفاسق؛ لأنه هو الذي اتخذ الضلال له طريقا الآية {وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الفَاسِقِينَ} [البقرة:26] والفاسق هو الخارج من طبعه أو الخارج من فطرته ؛ لأنّ المخلوق يولد على الفطرة.

السؤال الرابع:

لماذا جاء الفعل: {يُضِلُّ} في الآية بالصيغة الفعلية دون الصيغة الاسمية ؟

الجواب:

1 ـ هنالك ملاحظة لطيفة وهامة؛ وهي أنه ما كان من شأنه ألا يُفعل إلا مجازاة، وليس من شأنه أنْ يذكر الاتصاف به، لم يأت إلا في تراكيب الأفعال، أي: بالصيغة الفعلية، كقوله تعالى: {وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ }[إبراهيم:27] ذكر الله الإضلال وأضافه إلى نفسه بالصورة الفعلية فقط للدلالة على أنّ هذا الأمر طارىء يفعله لمن يستحقه, ولم يُسند هذا الأمر إلى نفسه بالصورة الاسمية للدلالة على أنّ هذا ليس من صفات الله ونعوته. انظر سورة غافر : [34] و [74] وسورة البقرة [ 26].

في حين وصف الشيطان بذلك فقال: {هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ} [القصص:15].

فجعله وصفاً ثابتاً له ويجدده أيضاً , انظر آيات الحج:[ 3-4] وقال الشيطان عن نفسه :{وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ} [النساء:119] فجعل وصف الشيطان الثابت والمتجدد الإضلال .


2 ـ بينما جعل الله وصف ذاته العلية الثابت والمتجدد في الهداية، فقال في سورة الحج : {وَإِنَّ اللهَ لَهَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا}[الحج:54] . وانظر أيضاً آية الفرقان : [31] والمائدة [ 16] ويونس :[35] فشتّان ما بين الوصفين .

3ـ وفي قوله تعالى في آية الأعراف[102] {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ}[الأعراف:201] بالصيغة الاسمية {مُبْصِرُونَ} [الأعراف:201] ؛ لأنّ البصر صفة لازمة للمتقي, وعين الشيطان ربما حجبت فإذا تذكر رأى المذكور ولو قيل : يبصرون، لأنبأ عن تجدد واكتساب لا عن صفة دائمة.

***




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 15-02-2023, 01:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,331
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن"

مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (39)


مثنى محمد هبيان


{كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البقرة:28]

السؤال الأول:

ما غرض الاستفهام في الآية؟

الجواب:

إنّ الاستفهام الحقيقي يحتاج إلى جواب، فإذا سألك أحد: كيف حالك؟ قلت: الحمد لله، وهذا جواب لسؤاله.

أمّا إذا قلت لولدك وهو يضيع وقته أيام الامتحانات: كيف تضيع وقتك على التلفاز؟ هل تنتظر منه جواباً؟ وكذلك قوله تعالى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ} [البقرة:28] هو استفهام، ولكنه خرج إلى غرض آخر وهو التعجب والإنكار.

السؤال الثاني:

ما الفرق بين (ثُمَّ) و(ثَمَّ) في الاستعمال القرآني ؟

الجواب:

ثُمَّ ـ بضمِّ الثاء ـ هي حرف عطف يفيد الترتيب والتراخي كما في هذه الآية، وآية الكهف [37] {قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا} [الكهف:37].

ثَمَّ ـ بفتح الثاء ـ هي ظرف بمعنى هناك، كما في آية الشعراء [64] {وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الآَخَرِينَ} [الشعراء:64].

السؤال الثالث:

جاء الإحياء الأول بالفاء وما بعده بثُمَّ، فلماذا ؟

الجواب:

الإحياء الأول جاء بعد الموت بغير تراخٍ فجاء بالفاء, وأمّا الموت الأول فقد امتد لفترة لا نعلمها، لذلك هو تراخٍ عن الإحياء .

وأمّا الإحياء الثاني فهو كذلك متراخ عن الموت أيضاً . والله أعلم.

السؤال الرابع:

ما دلالة قوله تعالى : {ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البقرة:28] ؟

الجواب:

1ـ قوله تعالى: {ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البقرة:28] المراد هو الرجوع إلى حكمه؛ لأنّ الله يبعث من القبور ويجمعهم في المحشر، وذلك هو الرجوع إلى الله تعالى, وإنما وصف بذلك لأنه رجوع إلى حيث لا يتولى الحكم غير الله, كقولك: رجع الأمر إلى الأمير، أي: إلى حكمه.


2ـ الآية دالة على أنّ الإحياء والإماتة بيد الله سبحانه فقط.بدون ألف وسطية

السؤال الخامس :

ما دلالة رسم كلمة {أَمْوَاتاً} بدون ألف وسطية ورسم كلمة {أَحيَاءٌ} بألف وسطية في مواطن أخرى ؟

الجواب:

1 ـ ورد في جميع القرآن الكريم رسم خاص لكلمة {أَحيَاءٌ} حيث وردت بالألف الصريحة لأنّ الحياة حركة ونشاط ,وقد وردت كلمة {أَحيَاءٌ} خمس مرات في القرآن الكريم وكلها بالألف الصريحة وذلك في الآيات :[ البقرة154 ـ آل عمران 169 ـ النحل 21 ـ فاطر 22 ـ المرسلات 26 ].

2 ـ أمّا رسم كلمة{أَمْوَتٌ} فقد جاءت بغير ألف وسطية ليوحي ذلك بالموت وبالسكينة والهدوء , وقد وردت كلمة {أَمْوَتٌ} ست مرات في القرآن الكريم كلها بدون الف صريحة وذلك في الآيات :[ البقرة28 ـ 154ـ آل عمران 169 ـ النحل 21 ـ فاطر 22 ـ المرسلات 26 ].

ومن شواهد هذا الموضوع قوله تعالى :{وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ} [البقرة:154] .


{أَحْيَاءً ‎وَأَمْوَاتًا} [المرسلات:26]

{أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ} [النحل:21]

يرجى الاطلاع في القرآن الكريم على هذه الآيات بالخط العثماني للاطلاع على حذف الألف فيها

والله أعلم .


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 19-02-2023, 03:01 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,331
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن"

مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (41)



مثنى محمد هبيان



{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة:30]

السؤال الأول:

ما دلالة الصيغة الاسمية فى الآية: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً } [البقرة:30] ؟

الجواب:

معلوم كما هو مقرر في البلاغة وفي اللغة : أنّ الاسم يدل على الثبوت والفعل يدل على الحدوث والتجدد، والاسم أقوى من الفعل، وهناك فرق بين أنْ تقول : هو متعلم أو هو يتعلم، هو يتثقف وهو مثقف، هو يتفقه وهو فقيه، هو حافظ أو هو يحفظ، ومن الثوابت في اللغة أنّ الاسم يدل على الثبوت حتى لو لم يقع.

وفي البلاغة عموماً إذا أردت أنْ تذكر أنّ هذا أمر ثابت فتذكره بالصيغة الاسمية قبل أنْ يقع، فتُسأل مثلاً هل سينجح فلان؟ فتقول: هو ناجح قبل أنْ يمتحن؛ لأنك واثق أنه ناجح , كما قال تعالى {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة:30] {وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ} [هود:37] لم يقل: سأغرقهم، هذا في التعبير أقوى دلالة من الفعل.

السؤال الثاني:

قوله تعالى : {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ} [البقرة:30] هل من فارق بين نقدس لك، ونقدسك؟

الجواب:

الفعل (يقدس) فعل متعدٍّ يأخذ مفعولاً به دون حرف الجر اللام، فنقول: نقدس الله، لكنّ الآية أدخلت اللام على الكاف، فما فائدة هذه اللام؟ فائدتُها للتخصيص، أي: التقديس لك لا لغيرك، فالملائكة لا تعصي الله ما أمرها فهي لا تقدس إلا لله، بخلاف البشر الذين قد يقدسون الله ومع تقديسهم لله قد يقدسون غيره.

السؤال الثالث:

ما دلالة كلمة: {خَلِيفَةً} في الآية ؟

الجواب:

في كلمة (خليفة) عدة أقوال :

ـ القول الأول : - وعليه أغلب المفسرين- أنه؛ أي الإنسان، خليفة الله عز وجل في الأرض، وأنّ الله سبحانه وتعالى أوكل إليه أنْ يعمر الأرض، وهو يتولى إعمارها بأنْ يبني هذه البيوت وهذه العمارات والطرق وشق الأنهار وغيرها, وهذه أفعال لا يفعلها من مخلوقات الله أحد، لا الجن يفعلها ولا الطيور ولا الدواب ولا الملائكة إلا إذا كلفهم الله عز وجل أن يفعلوا شيئا فيفعلونه .

وهذا المخلوق ـ الإنسان ـ زُوِّدَ بوسائل بحيث يستطيع أنْ يقوم بالأعمال التي هيأه الله عز وجل لها، فيكون خليفة الله عز وجل في أرضه فيعمر الأرض ، وهذه الأرض موجود فيها المواد والأشياء، وليس هناك في خلق الله سبحانه وتعالى من يجمع هذه الأشياء ويجعل منها حاسوباً إلا هذا الإنسان فهو مُصنِّعٌ في الأرض، وهذه لا تكون إلا بكلمة (كُن فيكونُ) الإلهية.

ـ القول الثاني : يقول : ممكن أنْ يكون هناك خلق قبلنا، فهذا المخلوق الجديد آدم هو خَلَفٌ لذلك الخلق الذي قبلنا.

ـ القول الثالث : أنه خليفة، أي: يخلف بعضهم بعضاً فيتوالد ويتكاثر.

وهذه الآراء جميعاً هي لكبار علمائنا لا نجادل فيها لأنه أمر غيبي، انتهى خلق الإنسان والإنسان الآن يعمل والجدل فيه لا يثمر.

ـ وآخر قسم من العلماء يقولون : المراد الأنبياء وبقية البشر تبعٌ لهم؛ لأنّ الأنبياء يبلّغون شرع الله ويبلّغون رسالاته، فهم بهذا المعنى خلفاء في أنهم ينقلون شرع الله عز وجل، وهذا المعنى تحتمله اللغة ولا مساس فيه بالاعتقاد , لكنّ سياق الآية لا يُسعف في هذا؛ لأنّ سياق الآية الكلام عن آدم قال: إني جاعل في الأرض خليفة، فتساءل الملائكة: ما هذا الخليفة ؟ ولم يعترضوا على الله سبحانه وتعالى،التساؤل فقط للاستفسار والكشف لا غير .

السؤال الرابع:

من أين علمت الملائكة أنّ هذا المخلوق الجديد سوف يفسد في الأرض ويسفك الدماء؟

الجواب:

لعلمائنا أكثر من قول في علم الملائكة بطبيعة هذا المخلوق، وكلها أقوال محترمة:

ـ الرأي الأول : وهو الذي يميل إليه عدد كبير من العلماء؛ وهو أنّ الحوار في القرآن مختصر، كأنّ الله عز وجل حين قال: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة:30] كأنّ الملائكة سألت : ما شأن هذا الخليفة؟ ما الخليفة هذا؟ وهم خالو الذهن؟ فقال الله عز وجل : إنّ هذا مخلوق له ذرية، من هذه الذرية من سيُسَبِّحُني ويعبُدُني ويقدِّسُني، ومنهم من سوف يفسد ويسفك الدماء، ومن هنا نفهم لماذا ذكروا تسبيحهم: {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ} [البقرة:30] فإذا كان هناك من سيُسَبِّحُ ويقدِّسُ من هذه الذرية فنحن نسبِّحُ ونقدِّسُ، والقسمُ الآخر مفسدٌ يسفكُ الدماء، فما الداعي لإيجاده؟ مجرد سؤال أو للاستفسار بصيغةِ سؤالٍ مؤَدَّبٍ، فسألوا ربهم: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ } [البقرة:30] هذا الرأي الأول وقد مال إليه عدد من كبار علمائنا من المفسرين.

ـ الرأي الثاني: يقول : لعل لديهم تجربة سابقة من خلق إنسان سابق أو مخلوق سابق أفسد وسفك دماءً، فقالوا : هذا سيفعل كما فعل الذي قبله .

وخلق إنسان سابق فيه نظر، وليس لدينا دليل وقد يكون , لكنّ هذا هو الحوار الذي حدث بين الله سبحانه وبين ملائكته , حتى أنّ بعض العلماء يسأل ويقول : ما الداعي إلى أنّ الله سبحانه وتعالى يحاورهم؟ والجواب أنّ الله سبحانه وتعالى يذكر لنا ذلك في القرآن حتى يعلمنا المشورة والمشاورة فلا ينفرد الحاكم برأيه، فرب العزة يشاور الملائكة ويحدثهم ويذكر لنا هذا الأمر أنه عرض على الملائكة وقال لهم: سيكون كذا فقالوا له: يا رب ما شأنه؟ قال: هذا شأنه: منه من يسفك الدماء ويفسد, ومنه من سيسبحني ويقدسني. وهذا هو واقع الحال؛ فالبشر الآن منهم من يفسد فيها ويسفك الدماء، ومنهم من يسبح الله عز وجل ويعبده .

ولمَ عرض الباري عز وجل على الملائكة: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة:30] ؟ وذلك لأنهم مشتغلون في الأرض، ومهمتهم في الأرض، من أجل هذا عرض عليهم، ولا يعقل أنه عرض على كل ملائكة السماء والكون وإنما على فئة لها شغل بهذا المخلوق الجديد وبمكانه، وإبليس كان من ضمن هؤلاء، وهو ليس مَلَكَاً لكنه من ضمن الذين لهم شغل؛ لذلك كُلّف مباشرة : {قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ] [الأعراف:12] أُمِر مباشرة بالسجود.

ومما ذُكر: أنه يحتمل أنهم اطلعوا على اللوح المحفوظ , واللوح المحفوظ كُتِبَ فيه كل شيء وما يفعله البشر، فرأوا ما يفعله هؤلاء فقالوا: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} [البقرة:30] فهم اطلعوا إمّا بإخبار الله لهم , أو بما اطلعوا عليه في اللوح المحفوظ.

السؤال الخامس:

جاءت قصة آدم عليه السلام في سورة البقرة في الآيات (30-38) وجاء في آيتي الأعراف [10-11] قوله تعالى: {وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ(10) وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ(11) }. [الأعراف: 10 - 11] والخطاب فيها بصيغة الجمع وليس بالإفراد لآدم , وقوله تعالى في آية الأعراف 172

{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا} [الأعراف:172] وقوله تعالى في آية الأحزاب 72 {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب:72] فهل يمكن - بعد استعراض جميع الصور القرآنية لجوانب قصة الإنسان والأنفس وآدم - أنْ نبين ترتيب مراحل هذه المسألة ؟

الجواب:

المراحل هي : - والله أعلم -

1ـ خلق جميع البشر كأنفس مجردة عن المادة من آدم عليه السلام حتى قيام الساعة.

2- إعطاء هذه الأنفس صورها الخاصة بها.

3ـ عرض الأمانة على المخلوقات وتعهد الإنسان ( النفس ) بحملها

4ـ أخذ العهد والميثاق من جميع البشر (الأنفس) {وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} [الأعراف:172] .

5ـ إخبار الله تعالى للملائكة بأنه جاعل في الأرض خليفة .

6ـ معرفة الملائكة بإفساد بني آدم وسفكهم الدماء عندما كشف الله تعالى عنها غطاء غيب الزمن المستقبل .

7 - خلق جسد آدم عبر المراحل التي بيِّنها القرآن الكريم ، ومن ثمَّ تسويته إنساناً كاملاً ونفخ الروح فيه. وهنا دخل آدم عليه السلام عالم المادة والمكان والزمان وأصبح محكوماً لهذه القوانين.

8ـ تعليم الله تعالى لآدم الأسماء كلها , وإخبار آدم الملائكة بذلك .

9ـ الأمر الإلهي للملائكة بالسجود لآدم حين الانتهاء من خلق جسده: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ} ونفخ الروح فيه : {وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} [الحِجر:29] .

10ـ سجود الملائكة لآدم عليه السلام وعصيان إبليس بسبب مادة جسم آدم، كما في قوله تعالى على لسان إبليس: {خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف:12] .

11ـ إسكان آدم وزوجه جنّة التدريب والاختبار .

12- إغواء إبليس لهما .

13ـ تلقي آدم التوبة من الله تعالى حيث اجتباه الله تعالى وهداه ، وهنا دخل آدم عليه السلام مرحلة النبوة .

14ـ هبوط آدم عليه السلام وذريته إلى الأرض, ووعد الله تعالى بأنْ يرسل لهم رسلاً يحملون لهم الهدى ومنهج الحق . والله أعلم .

السؤال السادس:

ما الدروس المختصرة والعبر المعتبرة من قصة آدم عليه السلام وسجود الملائكة له ورفض إبليس ونزول الجميع إلى الأرض ؟

الجواب:

أولا ً :

القصة فيها عبرٌ كثيرة، ومنها :

ـ إياك والمعاصي فإنها أذلت عزّ {اُسْجُدُوا} وأخرجت آدم من: {وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الجَنَّةَ} .

ـ فَرِحَ إبليس بنزول آدم من الجنة وما علم أنّ هبوط الغائص في اللجّة خلف الدّر صعود، كم بين قوله لآدم : {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة:30] وقوله لإبليس: {اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ} [الإسراء:63] .

ـ يا آدم لا تجزع من قولي لك: {اخْرُجْ مِنْهَا} فلك ولصالح ذريتك خلقتها.

ـ تالله ما نفعه عند معصيته عِزُّ: {اسْجُدُوا} ولا خصيصةُ: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص:75] ولا فخرُ: {وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} [الحِجر:29] وإنما انتفع بذلِّ: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا} [الأعراف:23].

ـ يا لها لحظة أثمرت حرارة القلق وما زال يكتب بدم الندم سطور الحُزن ويرسلها مع أنفاس الأسف حتى جاءه توقيع : {فَتَابَ عَلَيْهِ} [البقرة:37] .

ثانياً :

كان أولَ المخلوقات القلمُ ليكتب المقادير قبل كونها وجعل آدم آخر المخلوقات وفي ذلك حِكَم :

1ـ تمهيد الدار قبل الساكن .

2ـ أنه الغاية التي خلق لأجلها ما سواه.

3ـ أنّ أحذق الصنّاع يختم عمله بأحسنه وغايته.

4ـ أنّ النفوس متطلعة إلى النهايات والأواخر دائماً.

5ـ أنّ الله أخّر أفضل الكتب والأنبياء والأمم إلى آخر الزمان وجعل الآخرة خيراً من الأولى , فكم بين قول المَلَك للرسول صلى الله عليه وسلم : {اقْرَا} فيقول : ما أنا بقارىء وبين قوله تعالى : {اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة:3] .

6ـ أنّ خلق آدم خلاصة الوجود، فناسب أنْ يكون خلقه بعد الموجودات.

7ـ أنّ من كرامة آدم على خالقه أنه هيأ له مصالحه وحوائجه وأسباب حياته، فما رفع رأسه إلا وذلك كله حاضر.

8ـ أنه سبحانه أراد أنْ يظهر شرفه وفضله على سائر المخلوقات فقدّمها عليه بالخلق.

9ـ أنه سبحانه لما افتتح خلق هذا العالم بالقلم كان من أحسن المناسبة أنْ يختمه بخلق الإنسان فإنّ القلم آلة العلم والإنسان هو العالِم، ولهذا أظهر سبحانه فضل آدم على الملائكة بالعلم الذي خُصّ به دونهم.

ثالثاً :

الله سبحانه وتعالى كتب عذر آدم قبل هبوطه إلى الأرض ووسمه بالخلافة قبل الهبوط، فقال : {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة:30] ونبّه الملائكة على فضله وشرفه .

والمحب يقيم عذر المحبوب قبل جنايته، فلمّا صوّره على باب الجنة أربعين سنة؛ لأنّ دأب المحب الوقوف على باب الحبيب, ورمى به في طريق ذل: {لَمْ يَكُنْ شَيْئًا} [الإنسان:1] لئلا يُعجب بموقف: {اسْجُدوا} وكان إبليس يمر على جسده فيعجب منه، ويقول : لأمر قد خلقت , ثم يدخل من فيه ويخرج من دبره ويقول : لئن سُلِّطتُ عليك لأهلكنك، ولئن سلُطت عليَّ لأعصينك، ولم يعلم أنّ هلاكه على يده, رأى طيناً مجموعاً فاحتقره فلمّا صوّر الطين دبّ فيه داء الحسد، فلمّا نفخ فيه الروح مات الحاسد, فلمّا بسط له بساط العز عرضت عليه المخلوقات فاستحضر مدّعي: {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ} [البقرة:30] إلى حاكم: {أنبِئُوني} [البقرة:31] وقد أخفى الوكيل عنه بينة {وَعَلَّمَ} [البقرة:31] فنكسوا رؤوس الدعاوي على صدور الإقرار، فقام منادي التفضيل في أندية الملائكة ينادي {اسْجُدُوا} فتطهروا من حَدَثِ دعوى: {وَنَحْنُ} [البقرة:30] بماء العذر في آنية: {لَا عِلْمَ لَنَا} [البقرة:32] فسجدوا على طهارة التسليم، وقام إبليس ناحيةً لم يسجد لأنه خَبَثٌ وقد تلون بنجاسة الاعتراض، وما كانت نجاسته تُتلافى بالتطهير؛ لأنها عينية، فلما تمّ كمال آدم جرى القدر بالذنب ليتبين أثر العبودية في الذل.

ولمّا علم الله أنّ ذنب عبده لم يكن قصداً لمخالفته ولا قدحاً في حكمته علّمه كيف يعتذر إليه: {فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ} [البقرة:37] .

السؤال السابع:

ما وجه الاختلاف في قصة آدم بين سورتي البقرة والأعراف؟

الجواب:

مقدمــة :

أولا ًـ ذكر الله تعالى قصة آدم عليه السلام مع قصة إبليس في القرآن الكريم في سبع سور؛ وهي [ البقرة ـ الأعراف ـ الحجر ـ الإسراء ـ الكهف ـ طه ـ ص ].

ثانياً ـ تبدأ هذه القصة في سورة البقرة من أقدم حدثٍ فيها حين أبلغ الرب سبحانه وتعالى ملائكته بقراره في أنْ يجعل في الأرض خليفة، وذلك قبل خلق آدم, وذكر فيها مراجعة الملائكة لربهم في هذا القرار مبدين عدم رغبتهم في هذا الاستخلاف لأسباب ذكروها , فقطع الله عليهم تخوفهم وظنونهم بعلمه الذي لا يحد , ثم ذكر اختبار المفاضلة الذي أجراه الله بين آدم والملائكة ففضلهم فيه آدم , وثبت بذلك أنّ آدم جدير بالاستخلاف في الأرض.

هذه الأولويات ذكرت في أول سورة من القرآن وفي أول قصة من السورة ولم يذكرها في مكان آخرفي كل القرآن , و قد جاءت القصة في سورة البقرة مبنية على ركنين:

آ ـ تكريم آدم، ويتجلى في :

1ـ ذكر استخلاف آدم في الأرض: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة:30].

2ـ تفضيل آدم على الملائكة بتعليمه الأسماء كلها مما لا يعلمه الملائكة.

3ـ إسجاد الملائكة له.

ب ـ تكريم العلم، ويتجلى في :

1ـ إثبات العلم الشامل لله.

2ـ نفي العلم عن الملائكة إلا ما علمهم إياه رب العزة.

3ـ إثبات التعليم لآدم بما يصلح أنْ يقوم به أمر الخلافة ويستقيم.

والاستخلاف الناجح لا بدّ له من أمرين :

آ ـ أنْ يكون للخليفة حق التصرف والتدبير فيما استخلف فيه.

ب ـ أنْ تكون له القدرة على هذا التصرف حسب العلم والقدرات التي أعطاها الله للإنسان .

ونستطيع أنْ نقول بشكل مجمل إنّ القصة في سورة البقرة مبنية بشكل رئيس على تكريم آدم, وكل الجوانب الأخرى المذكورة من العلم والاستخلاف إنما تخدم هذا التكريم.

أمّا قصة آدم في سورة الأعراف، فهي ليست مبنية على هذا الأمر، بل لها غرض آخر وقد وقع فيها التكريم ثانوياً , وقد ذكرت القصة في سورة الأعراف في سياق العقوبات وإهلاك الأمم الظالمة من بني آدم وفي سياق غضب الله سبحانه، قال تعالى: {وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ(4) فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلَّا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ(5) } [الأعراف:4-5].

وبناء على ذلك بنيت القصة في كل سورة على ما جاء في سياقها , وهذا ما سوف يأتي بيانه إنْ شاء الله تعالى:

1 ـ معصية إبليس :

جاء في البقرة قوله تعالى: {أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الكَافِرِينَ} [البقرة:34].

بينما جاء في الأعراف قوله: {إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ} [الأعراف:11].

فقد جمع لإبليس في سورة البقرة الإباء والاستكبار معاً للدلالة على شناعة معصيته بحق آدم الذي أكرمه الله وعلّمه, ولم يقل مثل ذلك في كل القرآن الكريم، بل هو إمّا أن يقول: {أَبَى} [البقرة:34] وإمّا أن يقول:{وَاستَكبَرَ} [البقرة:34] ولم يجمعهما إلا في هذا الموضع .

فالفرق واضح بين التعبيرين بحسب موقف التكريم.

2 ـ سكن الجنة والأكل :

قال في البقرة : {وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} [البقرة:35].

وقال في الأعراف : {وَيَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأعراف:19].

واليك الفروق بين التعبيرين في الآيتين :



فقد أسند القول لنفسه في البقرة {وَقُلْنَا} [البقرة:35]، وهذا في مقام التكريم والتعظيم , وناسب هذا أنْ يذكر {رَغَداً} في البقرة دون الأعراف.

وقال في البقرة :{وَكُلاَ} بالواو، بينما قال في الأعراف:{فَكُلاَ} بالفاء والواو لمطلق الجمع والفاء تفيد التعقيب والترتيب , أي: أنّ الواو أوسع من الفاء؛ لأنّ من جملة معانيها معنى الفاء , فإذا قلت لشخص ما : ادخل وكل , كان له الحق في أنْ يأكل متى شاء على حسب رغبته ومتى أكل كان موافقاً للأمر , ولو قلت له : ادخل فكل , كان عليه أنْ يأكل في عقب الدخول ولو تأخر لكان مخالفاً للأمر ويحق لك أنْ تمنعه .

إضافة إلى أنه أعاد ضمير الجنة في البقرة مع الأكل: {وَكُلاَ مِنْهَا} ولم يعده في الأعراف , فأنت ترى أنه ذكر الجنة وضميرها في البقرة وهو المناسب لمقام التكريم فيها، ولم يفعل مثل ذلك في الأعراف.

ـ الظرف: {حَيٍثُ شِئتُمَا} في البقرة يحتمل أنْ يكون للسكن والأكل جميعاً، والمعنى: اسكنا حيث شئتما وكلا حيث شئتما .

وأمّا التعبير في الأعراف: {مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا} فلا يحتمل إلا أنْ يكون للأكل : فكلا من حيث شئتما ولا يصح تعليقه بالسكن، أي: لا يصح أنْ يُقال : اسكنا من حيث شئتما .

لذلك المشيئة والتخيير في البقرة أوسع؛ لأنها تشمل السكن والأكل، بخلاف الأعراف، وهذا مناسب لمقام التكريم.

3 ـ الزلة :

قال في البقرة : {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا} [البقرة:36].

وقال في الأعراف: {فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ} [الأعراف:22].

الزلة قد تكون في المكان نفسه ,وأمّا التدلية فلا تكون إلا إلى أسفل , ذلك أنها من التدلية في البئر , أمّا الزلة فقد لا تكون إلى أسفل .

ومعنى {فَدَلَّاهُمَا} [الأعراف:22] أي: أنزلهما من مكان إلى مكان أحط منه , فخفف المعصية في البقرة وسماها زلة مراعاة لمقام التكريم بخلاف الأعراف .

4 ـ معاتبة الرب لآدم :

لم يذكر في البقرة معاتبة الرب سبحانه لآدم وزوجه على معصيتهما مراعاة لمقام التكريم، بخلاف الأعراف فقد ذكر أنه عتبهما عليها فقال : {وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ} [الأعراف:22] .

ولا شك أنّ مرتبة العتاب أدنى من عدمه .

ثم انظر كيف ناسب هذا العتاب لأبوي البشر في الجنة عتاب أبنائهما في الدنيا في الآية التي سبقت هذه القصة: {قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} [الأعراف:10].

5 ـ التصريح بالمعصية :

طوى في البقرة تصريح آدم عن نفسه بالمعصية ولم يذكرها إكراماً له، في حين ذكرها في الأعراف فقال : {قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ} [الأعراف:23].

ذكر الله تعالى ندم المعاقبين من بني آدم في الأعراف فقال: {وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ(4) فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلَّا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ(5)} [الأعراف:4-5] .

فانتهت بـ {إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ} [الأعراف:5] وذكرت الآية عن ندم آدم عليه السلام بـ {ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا} [الأعراف:23] فانظر كيف اتفق الندمان على أمر واحد وهو الظلم، فقال آدم: {ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا} [الأعراف:23] وقال أبناؤه: {إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ} [الأعراف:5].

ثم انظر إلى التناسب بين العقوبة ومقدار الظلم؛ فقد قال آدم: {ظَلَمْنَا} بالصيغة الفعلية الدالة على الحدوث للدلالة على أنها زلة طارئة وليست معصية إصرار, بينما قال أبناؤه: {إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ} بالصيغة الاسمية الدالة على الثبات على الظلم والإصرار، فتاب على الأولين وأهلك الآخرين .

فسبحان الله ؛ ما أبدع هذا الكلام وأعظمه!!!

6 ـ التوبة على آدم :

في مقام سورة البقرة ذُكر أنّ آدم تلقى من ربه كلمات فتاب عليه, علماً بأنه لم يذكر فيها أنّ آدم طلب من ربه المغفرة ومع ذلك ذكر أنه تاب عليه.

وفي مقام سورة الأعراف ذُكر أنّ آدم طلب من ربه المغفرة ولم يذكر أنه تاب عليه.

فانظر إلى تناسب سياق البقرة مع مقام التكريم وسياق الأعراف مع مقام العتاب والمؤاخذة , ثم قل: جلّ قائل هذا الكلام.

7 ـ الوعد بالعودة إلى الجنة مع اتباع الهدى :

قال في البقرة : {قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة:38] .

ولم يقل مثل ذلك في الأعراف , والتكريم واضح في هذه الآية؛ إذ فيها وعد لمن تبع الهدى بالعودة إلى الجنة حيث لا خوف ولا حزن.

قال في البقرة: {تَبِعَ} [البقرة:38] بالتخفيف ولم يقل ـ اتّبع ـ بالتشديد كما في آية طه، حيث قال : {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} [طه:123] ؛ وذلك للأسباب التالية :

آ ـ الفعل بالتشديد يفيد المبالغة , فاكتفى في البقرة بالأخف من الحدث، ولم يشدد عليهم تخفيفاً على البشر مراعاة لمقام التكريم.

ب ـ الفعل (تبع) تردد في سورة البقرة أكثر من أي سورة أخرى في القرآن، فوضعه في مكانه الذي هو أليق به.

ج ـ جاء التخفيف في البقرة مع إسناد القول إلى نفسه سبحانه : {قُلْنَا اهْبِطُواْ} [البقرة:38] بينما جاء التشديد مع إسناد القول إلى الغائب: {قَالَ اهْبِطَا} [طه:123] والله سبحانه يظهر نفسه في موقف التلطف والتكريم.

د ـ في البقرة جاء الفعل بواو الجماعة {اهْبِطُواْ} [البقرة:38]، بينما جاء الفعل بالتثنية في طه : {قَالَ اهْبِطَا} [طه:123].

هـ ـ نهاية آية البقرة تتعلق بالآخرة: {فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة:38] أي: في الآخرة، ونهاية آية طه تتعلق بالدنيا والآخرة: {فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} [طه:123] أي: لا يضل في الدنيا ؛ لأنّ الضلال إنما يكون فيها، وأمّا في الآخرة فينكشف الغطاء ويصبح الناس كلهم على بصيرة . وقوله: {وَلَا يَشْقَى} [طه:123] متعلق بالآخرة؛ لأنّ الدنيا لا تخلو من الشقاء بدليل قوله تعالى لآدم : {فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الجَنَّةِ فَتَشْقَى} [طه:117].

فلمّا كانت آية طه تتعلق بالدنيا والآخرة بخلاف آية البقرة زاد في بناء الفعل إشارة إلى زيادة متعلَّقه.

وآية طه تضمنت أمرين هما : مجاهدة الضلال في الدنيا، والفوز بالآخرة، وآية البقرة تضمنت الفوز في الآخرة, والحالة الأولى تتطلب عملاً أكثر وأشق، فجاء بالفعل الدال على المبالغة والتكلف للأمر الشاق, وجاء بالفعل الخفيف للعمل الخفيف .

وقد تقول : أفلا يتطلب الفوز في الآخرة مجاهدة الضلال في الدنيا؟

والجواب:

إنّ الفوز في الآخرة على مراتب بعضها أعلى من بعض , وليس كل الناجين في الآخرة ممن كانوا يجاهدون الضلال في الدنيا أو لم يضلوا في أمر من الأمور .

فمجاهدة الضلال والتحري لعدم الوقوع فيه مرتبة عالية تتطلب جهداً ومشقة في العمل , فوضع كل فعل في المكان الذي يقتضيه تماماً

8 ـ التناسب بين القصة وخاتمة السورة :

في البقرة: قال الله عن إبليس: {وَكَانَ مِنَ الكَافِرِينَ}[البقرة:34]، وقال في خاتمة البقرة : {فَانْصُرْنَا عَلَى القَوْمِ الكَافِرِينَ} [البقرة:286].

في الأعراف قال الله سبحانه: {فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ} [الأعراف:11] وقال: {فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا}[الأعراف:13].

وقال في خاتمة السورة: {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ} [الأعراف:206].

9 ـ الغرض من الوسوسة :

قال في الأعراف : {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآَتِهِمَا} [الأعراف:20].

فذكر أنّ الغرض من الوسوسة هو أنْ يبدي لهما السوءات المخفية واللام هنا هي لام العاقبة وقد وقع ذلك فعلاً كما في الآية [22] وعقب على ذلك بقوله: {يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} [الأعراف:26] .

ونلاحظ هنا الأمور التالية :

آ ـ ذكر كلمة ( لباس) مع التقوى فقال: {وَلِبَاسُ التَّقْوَى} [الأعراف:26] فاللباس والريش يواري السوءات الظاهرة، ولباس التقوى يواري السوءات الباطنة.

ب ـ ثم حذّر الله ذرية آدم فقال: {يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآَتِهِمَا} [الأعراف:27] .

وفي قوله تعالى: {يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا} [الأعراف:27] نُسب النزع الذي هو فعل الله إلى إبليس؛ لأنّ سببه أكل الشجرة وسبب أكلها وسوسته ومقاسمته إياهما إنه لمن الناصحين.

ج ـ أمر الله بأخذ الزينة عند كل مسجد، فقال :{يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف:31] .

والزينة هي الريش واللباس , وعقب بعد ذلك بقوله : {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [الأعراف:32].

د ـ ثم انظر بعد ذلك كيف قال في عذاب أهل جهنم: {لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ} [الأعراف:41].

فأنت ترى أنّ الشيطان نزع عن أبوينا اللباس في الجنة, وهو في هذه الدنيا حريص على أنْ يفتننا لنتعرى من اللباس الظاهر والباطن , ولا يرضى في الآخرة إلا بأن نتسربل من سرابيل جهنم , أعاذنا الله وإياكم منها ومن أنْ يكون لنا منها مهاد وغواش . ونسأل الله العافية.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 02-05-2023, 11:27 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,331
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن"

مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (42)



مثنى محمد هبيان






{وَعَلَّمَ آَدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى المَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة:31]
السؤال الأول:

ما دلالة استخدام: {أَنْبِئُونِي} [البقرة:31] فى الآية وليس (نبِّئونى) ؟
الجواب:
هذه الظاهرة استعمال (نبّأ) و(أنبأ) مضطردة في القرآن الكريم .
1ـ أنبأ : وردت في أربعة مواضع في القرآن كله، وسنجد أنها جميعاً فيها اختصار زمن، أي: فيها وقت قصير، وليس فيها وقت طويل.
2ـ أما (نبّأ) فوقتها أطول في الاستعمال، وقد وردت في ستة وأربعين موضعاً.
آ ـ لاحظ {وَعَلَّمَ آَدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا} [البقرة:31] بمفهوم البشر التعليم يحتاج إلى وقت؛ ولذا قال: علّم، ولم يقل: أعلم، والله تعالى أقدر آدم عليه السلام على وضع هذه الأسماء .
و الأسماء كلها، أي: هذا الشيء اسمه كذا , وهذا المخلوق اسمه كذا، وهكذا، ورب العالمين يمكن أنْ يقول: كن فيكون، لكنْ أرادت الآية أنْ تبيّن أنه لقّنه هذه الأشياء بوقت، كما أنه خلق السموات والأرض في ستة أيام وكان باستطاعته أنْ يقول: كن فيكون.
{وَعَلَّمَ آَدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى المَلَائِكَةِ} [البقرة:31]؛ وقد تمّ استعمال (عرضهم) لأنّ فيها العاقل وغير العاقل. {فَقَالَ أَنْبِئُونِي} [البقرة:31] ، ولم يقل: {نبّؤني} لأن الإجابة لا تحتاج إلى تطويل؛إذ المطلوب هو الاسم فقط؛ هذا بخلاف قوله تعالى: {نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الأنعام:143] {قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ العَلِيمُ الحَكِيمُ} [البقرة:32] ؛ فإن ما تعلّموه تعلموه على وقت.
{قَالَ يَا آَدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ} [البقرة:33] آدم يقول: هذا اسمه كذا وانتهى، وهكذا، الإنباء بكل اسم على حدة لا يأخذ وقتاً، ولهذا قال: {أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ} [البقرة:33] {قَالَ يَا آَدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ}. {فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ} [البقرة:33] واحداً واحدا،ً وهذا لا يحتاج إلى وقت.
السؤال الثاني:
ما دلالة قوله تعالى: {ثُمَّ عَرَضَهُمْ} [البقرة:31] ولم يقل: عرضها ؟
الجواب:
لأنّ فيها العاقل وغير العاقل حيث عُلّمَ آدمُ عليه السلام الأسماء كلها، والله عرض المخلوقات والأشياء من العقلاء وغيرهم فغلّب العقلاء .
وأمّا كيف عرضهم فهذا غيبٌ نؤمن به .
السؤال الثالث:
ما دلالة استعمال: {هَؤلاءِ} [البقرة:31] في الآية ؟
الجواب:
هؤلاء : أصلها أولاء، والهاء للتنبيه وهي تستعمل للعقلاء، لكن إذا اجتمع العقلاء وغيرهم يغلّب العقلاء فيُشار إلى المجموع بكلمة (هؤلاء) للقريب و(أولئك) للبعيد.
السؤال الرابع:
ما خطوط تحديد تأنيث الفعل وتذكيره مع الملائكة في القرآن الكريم ؟
الجواب:
نحوياً : يجوز تأنيث الفعل أو تذكيره؛ لأنه جمع تكسير.
بيانياً : هناك خطوط تحدد تأنيث الفعل وتذكيره مع الملائكة في القرآن الكريم، وهي :
1ـ كل فعل أمر يصدر إلى الملائكة يكون بالتذكير: {اسْجُدُوا} [البقرة:34] {أنبِئُوني} [البقرة:31] {فَقَعُواْ} [الحِجر:29].
2ـ كل فعل يقع بعد ذكر الملائكة يأتي بالتذكير: {وَالمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ} [الرعد:23] ـ {وَالمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ} [النساء:166] {وَالمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} [الشورى:5].
3ـ كل وصف اسمي للملائكة يأتي بالتذكير: {المَلَائِكَةُ المُقَرَّبُونَ} [النساء:172] {وَالمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ} [الأنعام:93] {مُسَوِّمِينَ} [آل عمران:125] {مُرْدِفين} [الأنفال:9] ـ {مُنزَلِينَ} [آل عمران:124] .
4ـ كل فعل عبادة يأتي بالتذكير : {فَسَجَدَ المَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} [الحِجر:30] [ص:73] {لَا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ} [التحريم:6] ؛ لأنّ المذكر في العبادة أكمل من عبادة الأنثى؛ ولذلك جاء الرسل كلهم رجالاً.
5ـ كل أمر فيه شدة وقوة حتى لو كان عذابين أحدهما أشد من الآخر فالأشد يأتي بالتذكير, نحو قوله تعالى : {وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا المَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الحَرِيقِ} [الأنفال:50] فجاءت {يتوفى} بالتذكير؛ لأنّ العذاب أشد {وَذُوقُوا عَذَابَ الحَرِيقِ} [الأنفال:50].
أمّا في قوله تعالى : {فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ} [محمد:27] فجاء الفعل {تَوَفَّتْهُمُ} بالتأنيث؛ لأنّ العذاب أخف من الآية السابقة .
وكذلك في قوله تعالى: {وَنُزِّلَ المَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا} [الفرقان:25] بالتذكير، وقوله تعالى: {تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ المَلَائِكَةُ} [فُصِّلَت:30] و {تَنَزَّلُ المَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا} [القدْر:4] بالتأنيث.
6ـ لم تأتِ بشرى بصيغة التذكير أبداً في القرآن الكريم، فكل بشارة فيه تأتي بصيغة التأنيث كما في قوله تعالى: {فَنَادَتْهُ المَلَائِكَةُ} [آل عمران:39] ـ {قَالَتِ المَلَائِكَةُ} [آل عمران:45] .
من الناحية النحوية :
إذا كان الفاعل مؤنثاً أنّث فعله بتاء ساكنة في آخر الماضي، وبتاء المضارعة في أول المضارع، نحو : قامت هند، وتقوم هند .
وهذا قد يجب، وقد يجوز .
فيجب تأنيث الفعل :
ـ إذا كان الفاعل ضميراً مستتراً عائداً على مؤنث حقيقي التأنيث، نحو : هند قامت أو هند تقوم
ـ أو مجازيَّ التأنيث، نحو : الشمس طلعت، أو الشمس تطلع .
ـ إذا كان الفاعل اسماً ظاهراً متصلاً بعامله مباشرة، حقيقي التانيث، كقوله تعالى: {إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ} [آل عمران:35].
ويجوز تأنيث الفعل في ثلاثة مواضع:
ـ إذا كان الفاعل أو شبهه (نائب الفاعل،اسم الفعل الناسخ) اسماً ظاهراً حقيقي التأنيث منفصلاً عن الفعل، مثل : سعى بين الصفا والمروة المؤمنة, ويجوز : سعت .
ـ إذا كان الفاعل أو شبهه جمع تكسير، نحو : ذبلت الأوراق، ويجوز : ذبل الأوراق .
ـ إذا كان الفاعل أو شبهه اسماً ظاهراً مجازي التأنيث، نحو : اندلعت الحرب, ويجوز: اندلع الحرب .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 27-06-2022, 11:50 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,331
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن"

مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (14)











مثنى محمد هبيان






من اللمسات البيانية في سورة البقرة

السؤال الأول: لماذا وردت بعض أسماء السور مرفوعة مثل: الكافرون والمؤمنون، وبعضها بالجرّ بالاضافة مثل : سورة الحجِ و البقرةِ؟

الجواب:

الناظر في فهرس السور لا يقول: البقرة، وإنما يقول : هذه سورة البقرةِ , وأما الإعراب: سورة البقرة تعرب: خبر لمبتدأ محذوف وتقديره: هذه سورة البقرة, وهذه سورة آل عمران وهكذا. فالأسماء المفردة جاءت بالجر مجرورة.

وأما الأسماء التي جاءت بصيغة جمع المذكر السالم، فيبدو أنّ تسميتها جاءت حسبما ورد في السورة فلما كانت {قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ} [الكافرون:1] بالرفع سميت سورة الكافرون على الحكاية.

و السور التي اسمها جمع مذكر سالم هي أربع سور: المؤمنون {قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ} [المؤمنون:1]، المنافقون {إِذَا جَاءَكَ المُنَافِقُونَ} [المنافقون:1] ، الكافرون {قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ} [الكافرون:1] ، المطففين {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} [المطفِّفين:1] جاءت مجرورة باللام فسميت المطفِّفين.

فالاسم الذي هو جمع مذكر سالم حُكِيَ في السورة، وأمّا الباقي عموماً فأُخضع للقاعدة , فإذا كان منصرفاً جُرَّ بالكسرة وإذا كان ممنوعاً من الصرف مثل سورة يونسَ جُرَّ بالفتحة نيابة عن الكسرة وكذلك سورة يوسفَ

{الم} [البقرة : 1].

السؤال الأول: ما دلالة الحروف المقطعة في أوائل بعض السور في القرآن الكريم؟

الجواب:

الأحرف المقطعة في بداية بعض سور القرآن الكريم هي عِلمٌ مستور وسِرٌّ محجوب عجزت العلماء عن إدراكه، وقصرت خيول الخيال عن لحاقه، ولذلك من الأفضل أن نقول:

( الله أعلم بمراده )

ولهذا قال الصديق رضي الله عنه : (لكل كتاب سر، وسر القرآن أوائل السور) وقال الشعبي: (سر الله تعالى فلا تطلبوه) وهنا لا نتكلم عن المقصود وإنما عن الخصائص لهذه الأحرف المقطعة :

1ـ سميت حروفاً مقطعة؛ لأنّ كل حرف ينطق بمفرده.

2ـ كل حرف في اللغة العربية له اسم وله مسمى.

والناس ينطقون حين يتكلمون بمسمى الحرف وليس باسمه، مثال: كلمة (كتب) هذه تنطق بمسمى الحروف فإذا أردت أن تنطق بأسمائها تقول (كاف وتاء وباء) إنظر إلى الجدول أدناه :



وهكذا

ومن اللطيف أن نلاحظ هنا أنّ علماء اللغة جعلوا المسمَّى صدر كُلَّ اسم له ـ كما قال ابن جني ـ وذلك ليكون تأديتها بالمسمى أول ما يقرع السمع.

3ـ الذي لم يتعلم قد ينطق بمسميات الحروف ولكن لا يمكن أنْ ينطق بأسمائها , ولعلّ هذا أول ما يلفتنا، فرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم كان أمياً , والأمي يستطيع أن ينطق بمسميات الحروف فيقول : الكتاب , فإذا طلبت منه أن ينطق بأسماء الحروف فإنه لا يستطيع أن يقول لك إن كلمة الكتاب مكونة من الألف واللام والكاف والتاء والألف والباء.

والرسول صلى الله عليه وسلم وهو أُمِّيٌّ جاء ونطق بأسماء الحروف فكانت هذه الحروف دليلاً على صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم في البلاغ عن ربه، وأنّ هذا القرآن موحى به من الله سبحانه وتعالى.

4ـ لذلك نجد أنّ سور الفواتح تبدأ بأسماء الحروف وينطق هذه الحروف بأسمائها, وقد تجد الكلمة نفسها في آية أخرى فتنطق بمسمياتها , لذلك أول سورة البقرة تنطق (ألف لام ميم)، بينما في سورة الشرح تنطق الكلمة بمسميات الحروف {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} [الشَّرح:1] وقد كُتبت فواتح السور على صورة الحروف أنفسها لا على صورة النطق بها اكتفاء بشهرتها .

5 ـ كل القرآن مبني على الوصل دائماً وليس على الوقف, فإذا نظرت إلى آخر حرفٍ من أي سورة بما فيها سورة الناس تجد أن الحرف الأخير عليه حركة. أمثلة:

ـ آخر سورة يونس {وَهُوَ خَيْرُ الحَاكِمِينَ} [يونس:109] النون عليها فتحة وليس سكون.

ـ آخر آية في آخر سورة في القرآن {مِنَ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ} [الناس:6] السين عليها كسرة وليس سكون.

لذلك فكل آيات القرآن الكريم مبنية على الوصل ما عدا أحرف فواتح السور فهي مبنية على الوقف .

6ـ القدماء انتبهوا إلى أنّ السور التي تبدأ بالأحرف المقطعة بُنيت على تلك الأحرف فمثلاً :

(سورة ق) تتكرر فيها الكلمات التي فيها حرف القاف مثل{قَولٍ} [ق:18] ، {رَقيبٌ} [ق:18] ،{والقُرءانِ} [ق:1] ، {تَنقُصُ} [ق:4] ،{وَأَلقيْنا} [ق:7] ،{بَاسِقاتٍ} [ق:10] ، {بِالخَلقِ} [ق:15] .

وكذلك (سورة ص) تكثر فيها الكلمات التي فيها حرف الصاد مثل:{مَنَاص} [ص:3] ،{واصبِرُوا} [ص:6] ،{وأَصحَابُ} [ص:13] ،{صَيْحَةً} [ص:15] ،{وَفَصلَ} [ص:20] ،{الخَصْمِ} [ص:21] .

حتى أنهم جعلوا إحصائية في {الر} وقالوا: أنها تكررت فيها الكلمات التي فيها {الر} 220 كلمة هذا قول القدامى.

والعلماء جمعوا الأحرف المقطعة وقالوا :عندما نجمعها نجد أنها مكونة من (14) حرفاً تمثّل نصف حروف المعجم ، وجاءت في 29 سورة وهي عدد حروف المعجم وتمثل نصف الأحرف المجهورة، ونصف الأحرف الشديدة، ونصف المُطبَقَة، ونصف المنقوطة، ونصف الخالية من النقط، ونصف المستقرة، ونصف المنفتحة، ونصف المهموسة، ونصف المستعلية، ونصف المقلقلة، و نصف الرَّخوة وهكذا ، لكن هم خاضوا في هذا للنظر فيه.

هذه الأحرف المفرّغة من المعنى رُكبت تركيباً خاصاً فصارت آيات مبينة موضحة وهي موضع الإعجاز وموضع التحدي للعرب الفصحاء، هم يقيناً أدركوا هذا المعنى وإلا لكانوا سألوا عنه.

وقسم قال : إن كل السور التي تبدأ بحرف (ط) تبدأ بقصة موسى أولاً، وهناك من جعل منها معادلة رياضية فقال: أن كل سورة فيها {ألم} نسبة الحروف ألف إلى لام تساوي نسبة الحروف لام إلى ميم.

7ـ عدد سور الفواتح ( 29 ) سورة من أصل ( 114 ) سورة أي: حوالي 25%. من سور القرآن بينما نسبة عدد كلماتها إلى كلمات القرآن فتقارب 48% .

8ـ مجموع الفواتح بدون تكرار ( 14 ) فاتحة وتتكون من ( 14 ) حرفاً من الأحرف الهجائية وتجمعها جملة (طرق سمعك النصيحة) أو (صح طريقك مع السنة) وتعرف هذه الحروف بالأحرف النورانية.

9 ـ هناك فواتح مؤلفة :

آـ من حرف واحد :{ن} [القلم:1]{ق} [ق:1]{ص} [ص:1] .

ب ـ فواتح من حرفين : {طه} [طه:1] . {يس} [يس:1] . {طس} [النمل:1] . {حم} [الدخان:1] .

ج ـ وفواتح من ثلاثة أحرف: {ألم} [البقرة:1] . {الر} [إبراهيم:1] . {طسم} [الشعراء:1] .

د ـ وفواتح من أربعة أحرف : {ألمص} [الأعراف:1] . {المر} [الرعد:1]

هـ ـ وفواتح من خمسة أحرف : {كهيعص} [مريم:1] . {حم عسق} [الشورى1 - 2].

10ـ وتنقسم الفواتح من حيث تكرارها إلى قسمين :

آ ـ فواتح لم تتكرر صورتها إلا مرة واحدة، وعددها عشرة وهي: {ألمص} [الأعراف:1]، {المر} [الرعد:1] {كهيعص} [مريم:1]، {طه} [طه:1] {طس} [النمل:1] {يس} [يس:1]، {ص} [ص:1] ، {حم عسق} [الشورى: 1 - 2]، {ق} [ق:1]، {ن} [القلم:1] .

ب ـ فواتح تكررت صورتها : [ {ألم} ـ6 مرات], [ {ألر}ـ 5 مرات], [{طسم}ـ2 مرة ], [{حم} ـ 6 مرات ].

11 ـ بعض الفواتح جزء من فاتحة أخرى: {طس} متكررة في {طسم} وفاتحة {ص} متكررة في {كهيعص} و {ألمص} وفاتحة {ق} متكررة في {حم عسق}]

12 ـ ترتيب سور الفواتح الـ (29) حسب نزولها هو : [ ن ـ ق ـ ص ـ الأعراف ـ يس ـ مريم ـ طه ـ الشعراء ـ النمل ـ القصص ـ يونس ـ هود ـ يوسف ـ الحجر ـ لقمان ـ غافر ـ فصلت ـ الشورى ـ الزخرف ـ الدخان ـ الجاثية ـ الأحقاف ـ إبراهيم ـ السجدة ـ الروم ـ العنكبوت ـ البقرة ـ آل عمران ـ الرعد ].

13ـ وقد قامت الدكتورة عائشة عبد الرحمن والملقبة ببنت الشاطىء بدراسة تاريخية لهذه السور الـ ( 29 ) وخلصت إلى النتائج التالية :

آ ـ أنه بدأت من أوائل الوحي لافتة إلى سر الحرف ثم كثرت وتتابعت في أواسط العهد المكي حين بلغ الجدل أشده فعُرضت قضية التحدي , وظلت الآيات تعاجزهم وتتحداهم أنْ يأتوا بمثله أو بسورة منه إلى أول العهد المدني الذي نزلت فية آية البقرة فحسمت الجدل العقيم بعد أن ألزمتهم الحجة على صدق المعجزة بعجزهم مجتمعين أنْ يأتوا بسورة من مثله.

ب ـ أكثر السور المبدوءة بالحروف نزلت في المرحلة التي بلغ فيها عتو المشركين أقصى المدى وأفحشوا في حمل الوحي على الافتراء والسحر والشعر والكهانة، فواجههم القرآن بالتحدي.

14 ـ من عجائب أحرف الفواتح وهي (14) حرفاً أنها تمثل نصف حروف المعجم وترددت في ( 29 ) سورة على عدد حروف المعجم , كما أنّ هذه الحروف تشتمل على أنصاف أجناس الحروف, فهي تمثل النصف من الحروف المهموسة والمجهورة والشديدة والرخوة والمطبقة والمنفتحة والمستعلية والمنخفضة ومن حروف القلقلة, وبيان ذلك حسب الجدول التالي :



15 ـ تتألف الأحرف الهجائية للغة العربية من (29) حرفاً، أمّا الأحرف الأبجدية فتتألف من (28) حرفاً على اعتبار أنه لا فرق بين الألف والهمزة في الأبجدية.

قال الناظم :

وعِدةُ الحروفِ للهجــــاءِ= تسعٌ وعـشرون بلا مــــــراءِ

أولها الهمـــزةُ لكن سُمِّيت= بألفٍ مجــــــازاً إذ قد صورت

وذلك أنهم يسمون كلاً من الهمزة والألف اللينة (ألفاً) ويفرقون بينهما بوصفهم للألف باللينة أوالممدودة , أي : الألف الممدودة اللينة فرع عن الهمزة.

16 ـ الحروف في اللغة نوعان : مبنى و معنى :

آ ـ حرف مبنى : وهو الحرف الذي لا معنى له إلا للدلالة على الصوت فقط.

ب ـ حرف معنى : مثل ( في) للظرفية، و (من) للابتداء، و( على ) للاستعلاء.

17 ـ على الأصح فإنّ أحرف الفواتح لا تعرب .

18 ـ شاء الله سبحانه وتعالى أنْ يبقى معناها في الغيب عنده , وأنت أيها المسلم المؤمن خذ كلمات الله التي تفهمها بمعانيها وخذ الحروف التي لا تفهمها بمرادات الله فيها , وهذه الحروف هي سر من أسرار الله تعالى يريدنا أنْ ننتفع بقراءتها سواء فهمناها أم لم نفهمها .

أي أنّ القول الفصل فيها : إنها حروف لها سر من قبل الله تعالى لا نعلمه, وقسم قال : هي من المتشابه الذي لا نعلمه، قد يكون هذا الرأي هو السديد ، ولكن هذه الملاحظات جديرة بالانتباه أيضاً.

19ـ وقدً انتبه القدامى إلى أنّ هذه السور التي تبدأ بهذه الأحرف يكون التعبير فيها بطابع هذه الأحرف، يعني التي تبدأ بالصاد تكثر فيها الكلمات الصادية ويعني أنها تعطيك بداية فنية لما يكثر من الأحرف في هذه السورة. مثل :

آ ـ سورة (ق) تردد فيها الكلمات التي فيها قاف {ق وَالقُرْآَنِ المَجِيدِ} [ق:1] ، {إِذْ يَتَلَقَّى المُتَلَقِّيَانِ}[ق:17] ، {قَعِيدٌ} [ق:17]، {سَائِقٌ} [ق:21] ، {تَشَقَّقُ} [ق:44])، في (ص) ذكر الكلمات فيها صاد نحو: الخصومات، الخصم، يختصمون، مناص، صيحة، اصبروا، صيحة، اصبر.

ب ـ ثم استدلوا إلى الإحصاء ، قالوا وضربوا مثالاً في سورة يونس تبدأ بـ{ألر} [يونس:1] وفي هذه السورة تكررت الكلمات التي فيها راء كثيراً، وأقرب السور إليها سورة النمل والنحل, وهي أطول منها لكنها لم تتردد الراء فيها كما في يونس ففيها (220 راء)، هكذا أحصوا والله أعلم.

ج ـ ثم الملاحظة أنّ كل السور التي تبدأ بالطاء {طه}{طس}{طسم} كلها تبدأ بقصة موسى أولاً، كلها بلا استثناء.

ويبدو كما يقولون أنّ اللمسة البيانية أنها تشير إلى أنّ الحروف المذكورة في أوائل بعض السور تطبع طابع السورة فيكون من باب السمة التعبيرية.

ليس هذا فقط ولكن قبل سنوات أخرج دكتور مهندس كتاباً عن المناهج الرياضية في التعبير القرآني عملها على الكمبيوتر وهو يقول : إنه لاحظ أن الأحرف المذكورة في بداية السور تتناسب مع السور تناسباً طبيعياً؛ فالتي تبدأ بـ {ألم} يكون الألف أكثر تكراراً في السورة، ثم اللام ثم الميم, وليس هذا فقط وإنما نسبة الألف إلى اللام مثل نسبة اللام إلى الميم، هذه معادلة رياضية وقد قال بأنه راجع الصحف و طبقها على الصحف لكنه وجد القرآن متفرداً بها.


والذي عليه الكثيرون أنّ هذه من دلائل الإعجاز, بمعنى أنّ هذا القرآن المبين الواضح مكوّن من هذه الأصوات غير المبينة في ذاتها, وأنّ القرآن جاء بكلام معجز من جنس كلامهم فأتوا بمثله إنْ استطعتم, والسلف كانوا يوكلون معاني هذه الأحرف لله تعالى .









__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 20-09-2022, 01:40 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,331
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن"

مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (28)



مثنى محمد هبيان




{أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} [البقرة:16]

السؤال الأول:

ما دلالة قوله تعالى في الآية: { اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالهُدَى} [البقرة:16] في سورة البقرة؟

الجواب:

السؤال يعني: لماذا جاءت الَضلالة بالهدى ولم تأت الهدى بالضلالة ؟ فنقول: إنّ هناك قاعدة تقول: إنّ الباء تكون مع المتروك، كما في قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} [البقرة:16] .

السؤال الثاني:

لماذا ذكر عدم الربح ولم يذكر الخسارة، علماً أنّ الخسارة أبلغ في التوبيخ ؟

الجواب:

إنّ هَمَّ المشتري للتجارة هو حصول الربح وسلامة رأس المال, فبدأ بالأهم وهو نفي الربح ثم أتى بما يدل على الخسران بقوله: {وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} [البقرة:16] فنفى ما هما مقصودان بالتجارة.

السؤال الثالث:

ما الفرق بين الفسق والضلالة؟

الجواب:

1ـ الضلال هو نقيض الهداية: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالهُدَى} [البقرة:16] .

2ـ الفسق : هو الخروج من طاعة الله بكبيرة , وأصل الفسق في اللغة العربية هو خروج مكروه , ومنه يُقال للفأرة : الفُويسقة , لأنها تخرج من جحرها للإفساد .

3ـ الفرق بين الفسق والضلال أنّ الضلال قد يكون عن غير قصد وعن غير علم:

آـ الضلال هو عدم تبيّن الأمر، تقول : ضلّ الطريق قال تعالى: {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف:104] هذا من دون معرفة بحيث ضلّ عن غير قصد.

ب ـ وقد يُضلّ بغير علم: {وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام:119] .

4ـ و أمّا الفسق فهو بعد العلم تحديداً, وحتى يكون فاسقاً ينبغي أنْ يكون مبلَّغاً حتى يكون فسق عن أمر ربه، إذن هنا زيادة أنهم مبلّغون ثم خرجوا فإذن هم فاسقون, ولو قال: ضالون، قد يعطيهم بعض العذر أنهم عن غير قصد، لكنهم فاسقون بعد المعرفة وبعد التبليغ فسقوا.

5ـ في قوله تعالى: {وَلَا الضَّالِّينَ} هذه عامة؛ لأنّ الضلال عام واليهود والنصارى منهم وليس حصراً عليهم، وقوله تعالى: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} [النجم:2] نفى عنه الضلال بعلم أو بغير علم, أمّا الفسق فلا يكون إلا بعد علم، فينبغي أنْ يعلم أولاً حتى يقال عنه: فاسق . قال تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالكِتَابَ} [الحديد:26] فهذا بعد التبليغ: {فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد:26] تنكّبوا الصراط بعد المعرفة، وأصل الفسق هو الخروج عن الطريق يُقال: فسقت الرطبة، أي: خرجت من قشرتها.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 01-02-2023, 09:33 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,331
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن"

مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (36)


مثنى محمد هبيان


{وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة:25]
السؤال الأول:
في آية سورة البقرة يقول تعالى: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} [البقرة:25] وفي آية الكهف يقول: {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ} [الكهف:31] فما الفرق ؟
الجواب:
فى سورة البقرة : {مِنْ تَحْتِهَا} [البقرة:25] الكلام عن الجنة قال تعالى: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة:25] وفى سورة الكهف: {مِنْ تَحْتِهِمُ} [الكهف:31] يتكلم عن ساكني الجنة المؤمنين: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا(30) أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا (31)}. [الكهف:30-31] .
فإذا كان الكلام عن المؤمنين يقول: {مِنْ تَحْتِهِمُ} [الكهف:31] وإذا كان الكلام عن الجنة يقول: {مِنْ تَحْتِهَا} [البقرة:25] .
وقد يقول بعض المستشرقين : إنّ في القرآن تعارضاً، مرةً تجري من تحتها، ومرةً من تحتهم لكنا نقول: إنّ الأنهار تجري من تحت الجنة ومن تحت المؤمنين فليس فيها إشكال ولا تعارض، ولكنّ الأمر مرتبط بالسياق.
السؤال الثاني:
قال تعالى في سورة النساء: [بَشِّرِ المُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا] [النساء:138] وفي سورة البقرة: [وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ] [البقرة:25] ذكر الباء في الآية الأولى: {بِأّنَّ} [النساء:138] وحذفها في الثانية: {أَنَّ} [البقرة:25] مع أنّ التقدير هو: {بأنّ} فلماذا؟
الجواب:
1ـ لفظة {بأنّ} [النساء:138] أكثر من {أَنَّ} [البقرة:25] فالباء الزائدة تناسب الزيادة في ذكر المنافقين وجزائهم.
2ـ إنّ تبشير المنافقين في سورة النساء آكد من تبشير المؤمنين في سورة البقرة، ففي سورة النساء أكّد وفصّل في عذاب المنافقين في عشر آيات ابتداء من قوله في الآية [136] [وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ] [النساء:136] وحتى ما بعد الآية[ 145].
أمّا في آية البقرة فهي الآية الوحيدة في تلك السورة التي ذكر فيها كلاماً عن الجزاء وصفات المؤمنين.
3ـ وكذلك جاء بـ (بأنّ) في قوله تعالى في سورة الأحزاب: [وَبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللهِ فَضْلًا كَبِيرًا] [الأحزاب:47]؛ لأنه تعالى فصّل في السورة جزاء المؤمنين وصفاتهم.
السؤال الثالث:
ما دلالة (المطهّرون )و (المتطهرون )؟
الجواب:
1ـ الذي يبدو ـ والله أعلم ـ أنّ (المطهّرون) هم الملائكة؛ لأنه لم ترد في القرآن كلمة المطهّرين لغير الملائكة، والمُطهَّر اسم مفعول وهي تعني مُطهَّر من قِبَل الله تعالى.
2ـ وبالنسبة للمسلمين يقال لهم: متطهرين أو مطّهِّرين، كما في قوله تعالى: [إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ المُتَطَهِّرِينَ ] [البقرة:222] و: [وَاللهُ يُحِبُّ المُطَّهِّرِينَ] [التوبة:108] و(متطهرين) أو (مطّهّرين) هي بفعل أنفسهم، أي: هم يطهرون أنفسهم.
3ـ ولمّا وصف الله تعالى نساء الجنة وصفهم بقوله تعالى: [وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ] [البقرة:25] وكذلك وصفت صحف القرآن الكريم بالمطهّرة: [رَسُولٌ مِنَ اللهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً] [البينة:2] فلم ترد إذن كلمة (مطهّرون) إلا للملائكة .
ولذلك فإن هذا المعنى يقوّي القول بأنّ المقصود في الآية: [فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ] [الواقعة:78] هو الذي في اللوح المحفوظ ، وليس القرآن الذي بين أيدينا لأكثر من سبب والله أعلم.
السؤال الرابع:
ما دلالة البناء للمجهول فى قوله تعالى: {رُزِقُواْ} [البقرة:25] ؟
الجواب:
الله تعالى ينسب النعمة والخير إلى نفسه ولا ينسب الشر لنفسه: [وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا] [الإسراء:83]، أمّا في الجنة فإنه لا حساب ولا عقاب يقول تعالى: [وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ] [البقرة:25] .
السؤال الخامس:
لماذا لم تذكر الحور العين في هذه الآية مع نعيم الجنة ؟
الجواب:
كثير من السور لم يذكر فيها الحور العين بالرغم من ذكر الجنات، وللعلم فقد وردت الكلمات التالية في القرآن الكريم :
ـ الحور : أربع مرات في الآيات : الدخان[ 54] الطور [20] الواقعة [22] الرحمن [72].
ـ عين : أربع مرات في الآيات : الدخان [54] الطور [20] الواقعة[ 22] الصافات[ 48]
- {الجَنَّةَ} 66 مرة.
- {جَنَّاتٌ} 69 مرة.
- {جَنَّتَكَ} مرتان.
- {جَنَّتَهُ} مرة واحدة.
- {جَنَّتيِ} مرة واحدة.
- {جَنَّتَانِ} 3 مرات.
- {جَنَّتَيِنِ} 4 مرات
ونلاحظ أنه عندما يذكر القرآن الكريم أزواج أهل الجنة لا يذكر معها الحور العين مراعاة لنفسية المرأة , كما في قوله تعالى: [وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ] [البقرة:25] كما في الآيات : البقرة [25] آل عمران [15] النساء [ 57] فلم يذكر الحور العين مع الأزواج.
السؤال السادس:
لماذا جاء الظرف: {مِن قَبْلُ} في الآية مبنياً على الضم ؟
الجواب:
هناك ظروف يسميها النحويون ( الظروف المقصودة ) منها : قبل , بعد, فوق , تحت, أمام , خلف ويذكر النحاة أنّ لها أربعة أحوال :
1ـ ألاّ تضاف وهي في ذلك نكرات كقول الشاعر :
فساغ لي الشراب وكنت قبلاً أكاد أغص بالماء الفرات
فمعنى ( قبلاً ) : فيما مضى من الزمان.
2ـ أنْ تضاف نحو قوله تعالى : [مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الفَجْرِ] [النور:58] و [قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ] [آل عمران:144] .
3ـ أنْ يحذف المضاف إليه ويُنوى لفظه , وهذا قليل كقوله :
ومن قبلِ نادى كلُ مولى قرابة فما عطفت مولى عليه العواطف
أي : ومن قبل ذلك , ويعامل المضاف كأنّ المضاف إليه مذكور .
4ـ أنْ يحذف المضاف ويُنوى معناه , وتكون عند ذاك مبنية على الضم , وتكون في هذه الحالة معرفة من دون معرّف لفظي, وإنما هي معرفة بمعرّف معنوي , وهو القصد إليها , فبنيت على الضم لمخالفة حالاتها الإعرابية الأخرى التي تكون فيه نكرة أو معرّفة بالإضافة .
شواهد قرآنية :
[للهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ] [الرُّوم:4]
[وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ] [يوسف:80].
[وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا] [مريم:9] .
[إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ] [يوسف:77] .
[أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ] [القصص:48] .
وقد ورد التعبير {مِن قَبْلُ} كثيراً في القرآن الكريم . وإعراب {مِن قَبْلُ}
من : حرف جر . و { قَبْلُ } ظرف مبني على الضم في محل جر .
***


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 04-02-2023, 09:40 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,331
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن"

مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (38)


مثنى محمد هبيان



{الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ} [البقرة:27]

السؤال الأول:

ما سبب اختيار لفظ النقض في قوله تعالى {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ} [البقرة:27] ؟

الجواب:

إنّ النقض يدل على فسخ ما وصله المرء وركّبه , فنقض الحبل يعني حلّ ما كنت قد أبرمتَه، وقطعك الحبل يعني جعله أجزاءً, ونقض الإنسان لعهد ربّه يدلك على عظمة ما أتى به الإنسان من أخذ العهد وتوثيقه ثم حلّ هذا العهد والتخلي عنه، فهو أبلغ من القطع؛ لأنّ فيه إفساداً لما عمله الإنسان بنفسه من ذي قبل.

فانظر وتأمل كيف جعل الله تعالى التخلي عن الميثاق والوعد نقضاً.

السؤال الثاني:

ما صفات الفاسقين المذكورة في الآية ؟

الجواب:

أخبر الله تعالى أنّ الفاسقين هم المبتعدون عن منهج الله وحدد صفاتهم في ثلاث :

{الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ} [البقرة:27] فقد أخبرنا الله بأنه: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ القِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} [الأعراف:172] ثم جاءت الغفلة إلى القلوب بمرور الوقت فنقضوا العهد واتخذوا آلهة من دون الله.

{وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ }[البقرة:27] والله أمر بصلة الرحم ضمن الروابط التي تبدأ بالأسرة ثم الحي فالقرية فالمدينة فكلِّ المجتمع ضِمنَ تكافلٍ اجتماعيٍّ متميِّزٍ.

بينما هؤلاء خالفوا أمر الله وقطعوا هذه الصلة وخالفوا منهج الله.

{وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ} [البقرة:27] الله خلق كل ما في الكون على نظام: {وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى} [الأعلى:3] ولكنّ الإنسان المنحرف جاء وأفسد قضية الصلاح في الأرض والكون بأشكال مختلفة.

إنّ غياب منهج الله معناه أنّ الأمور أصبحت على أهواء الناس، وقوله تعالى: {أُولَئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ} [البقرة:27] تدل هذه الصيغة الاسمية الثابتة أنّ الخسران ليس موقوتاً وإنما أبدي؛ ولذلك سيكون الندم عليها شديداً.

والعجيب أنك ترى الناس يعدون للحياة الدنيا إعداداً قوياً فيرسلون أولادهم إلى مدارس اللغة والجامعات ويتحملون في ذلك ما لا يستطيعون وهم في ذلك يعدونهم لمستقبل مظنون وليس يقيناً؛ لأنّ الإنسان قد يموت وهو شاب أو لا يكمل دراسته في المراحل الأخيرة أو يكمل فتأتيه المشاكل فيضيع عمره بسبب الجرائم والمخدرات أو غيرها .

ولكن اليقين الذي لا شك فيه هو أننا سنلاقي الله تعالى يوم القيامة وسيحاسبنا على أعمالنا, ومع أنّ هذا يقين إلا أن كثيراً من الناس لا يلتفتون إليه، يسعون للمستقبل المظنون، ولا يبذلون جهداً لحمل أبنائهم على الصلاة والعبادة والتزام منهج الله في الحياة, إنهم ينسون النعيم الحقيقي ويجرون وراء الزائل.

السؤال الثالث:

ما دلالة كلمة: {مِنْ بَعْدِ} في الآية27، وما الفرق بينها وبين {خَلْفٌ} ؟

الجواب:

1ـ لفظة (بعد) نقيضة لفظة (قبل) وأظهر استعمال لها في الزمان.

2ـ أمّا لفظة (خلف) فهي نقيضة لفظة : (قُدّام) (وهي في الغالب للمكان) هذا من حيث اللغة. والخلف في اللغة هوالظهر أيضاً.

3ـ أحياناً لا يصح وضع إحداهما مكان الأخرى؛ فلا يمكننا أنْ نضع (خلف) مكان (بعد), ففي هذه الآيات لا يمكن أنْ تحلّ (خلف) محل (بعد)؛ لأنها كلها متعلقة بالزمان.

شواهد قرآنية: {مِنْ بَعْدِ} قال تعالى :

آ ـ {ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة:52] .

ب ـ {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ} [البقرة:27] .

ج ـ {ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلَا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الخَاسِرِينَ} [البقرة:64].

د ـ {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[البقرة:109] .

هـ ـ {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ العِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ] [البقرة:120] .

و ـ {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة:230].

ز ـ {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ} [آل عمران:8] وكلها متعلقة بالزمان.

4ـ أمّا (خلف) فهي في الأصل للمكان.

شواهد قرآنية :

آ ـ {ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} [الأعراف:17] .


ب ـ {وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ}[يس:9].

ج ـ {اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ العَلِيُّ العَظِيمُ}[البقرة:255].

د ـ {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [النساء:9] أي يلونهم مباشرة كأنهم واقفون خلفهم.

***






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 15-02-2023, 01:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,331
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن"

مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (40)


مثنى محمد هبيان

{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة:29]

السؤال الأول:

ما دلالة اللام في قوله تعالى : {خَلَقَ لَكُمْ} ؟

الجواب:

قوله تعالى: {خَلَقَ لَكُمْ} هذه اللام كأنها للمِلك, فالله سبحانه وتعالى يخاطب هذا الإنسان حتى يرى كيف أكرمه الله عز وجل، وأنه خلق من أجله كل ما في الكون.

علماؤنا يقولون: إنّ هناك شيئين في الكون هما لأجلك؛ أحدهما لتنتفع به مباشرة كالماء والنبات والحيوان، والآخر للاعتبار: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ} [الروم:8] فهذا أيضاً لك حتى يحوزك إلى الإيمان، فإذن {خَلَقَ لَكُمْ} أي: لأجلكم للانتفاع أو للاعتبار.

لذلك يكون المعنى {خَلَقَ لَكُمْ} أي: من أجلكم للانتفاع والاعتبار.

السؤال الثاني:

ما دلالة قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} [البقرة:29] ؟

الجواب:

{ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} [البقرة:29] المفسرون يقولون : استوى، أي: عمد إلى خلقها, أي: ثم عمد إلى خلق السماء بإرادته سبحانه وتعالى، و(الاستواء معلوم والكيف مجهول والسؤال عنه بدعة والإيمان به واجب)، وقول المفسرين( عمد إلى خلقها) نوع من التأويل المقبول الآن، نحن بحاجة إليه لكي نترجم التفسير القرآني إلى الآخرين.

السؤال الثالث:

هل السماء تدل على المفرد أو الجمع ؟

الجواب:

السماء لفظها لفظ الواحد وكل ما علاك فهو سماء, لكنّ معناها معنى الجمع، ولذلك قال: {فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ} [البقرة:29] إشارة إلى تفصيلاتها.

والسماء الدنيا بكل مليارات نجومها هي كحلقة في فلاة قياساً إلى السماء الثانية.

السؤال الرابع:

لِمَ قال تعالى: {فَسَوَّاهُنَّ } [البقرة:29] ولم يقل: خلقهنّ ؟

الجواب:

لأنّ التسوية خلقٌ وبناءٌ وتزيين, أمّا كلمة (خلق)، فهي تدل على الإيجاد والبناء، ولو تأملت السموات لرأيت بدعة الخلق ودقّته ونظاماً لا يختلُّ ولا يغيب.

السؤال الخامس:

الظاهر من الآية تقدم خلق الأقوات، وظاهر آية النازعات: {وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} [النازعات:30] تأخره، فما القول في ذلك ؟

الجواب:

لفظة (ثم) في آية البقرة لترتيب الإخبار لا لترتيب الوقوع، ولا يلزم من ترتيب الإخبار ترتيب الوقوع, كما في آية الأنعام (153ـ154) في قوله تعالى : {ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(153) ثُمَّ آَتَيْنَا مُوسَى الكِتَابَ } [الأنعام:154] ولا ريب في تقديم إيتاء الكتاب على وصيته للأمة .

السؤال السادس:

ما حكمة الرقم (7) في عدد السماوات؟

الجواب:

عدد السماوات هو اختيار الله تعالى لذلك , والحكمة من هذا العدد لا يعلمها إلا الله سبحانه , لكنّ اللافت للنظر هو تكرار العدد (7) في أمور كثيرة منها :

1ـ عدد طبقات السماء .

2ـ عدد أيام الأسبوع .

3ـ عدد أشواط الطواف حول الكعبة .

4ـ عدد أشواط السعي بين الصفا والمروة .

5ـ عدد أبواب جهنم .

6ـ عدد عجائب الدنيا .

7ـ عدد آيات سورة الفاتحة .

8ـ عدد ألوان ما يسمى (قوس القزح ) .

9ـ عدد كلمات شهادة التوحيد ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ).

10ـ عدد المستويات المدارية للإلكترون .

11ـ عدد حصى الجمرات التي يرمي بها الحاج في منى خلال الحج .

12ـ يأمر الله تعالى تعليم الصلاة للطفل عند بلوغه سن السابعة .

13ـ للضوء المرئي سبعة ألوان , وهناك سبعة إشعاعات للضوء غير المرئي .

14ـ تهاجر الطيور بسرب على شكل سبعة .

15ـ سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله .

اللهم اجعلنا منهم . والله أعلم .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 233.20 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 227.35 كيلو بايت... تم توفير 5.85 كيلو بايت...بمعدل (2.51%)]