صلاة الجماعة سعد بن عبد اللّه البريك - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4868 - عددالزوار : 1848633 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4435 - عددالزوار : 1189073 )           »          الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 57 )           »          النقد العلمي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »          فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 60 )           »          لماذا يشعر بعض المسلمين أحيانا بثقل بعض الأحكام الشرعية وعدم صلاحيتها؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          وحدة الأمة الإسلامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 55 )           »          التراجم: نماذج من المستشرقين المنصِّرين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 17 - عددالزوار : 8530 )           »          أبرز المعالم التاريخية الأثرية والدينية في قطاع غزة كتاب الكتروني رائع (اخر مشاركة : Adel Mohamed - عددالردود : 0 - عددالزوار : 60 )           »          شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 581 - عددالزوار : 305131 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-04-2019, 12:42 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,121
الدولة : Egypt
افتراضي صلاة الجماعة سعد بن عبد اللّه البريك

صلاة الجماعة
سعد بن عبد اللّه البريك



الخطبة الأولى
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا ند ولا شبيه ولا مثيل ولا نظير: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير).
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه وخليله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، وعبد ربه مخلصاً حتى أتاه اليقين، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
أما بعد:
فيا عباد الله اتقوا الله - تعالى - حق التقوى: (يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوماً لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئاً إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور).
معاشر المؤمنين: إن أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين: الصلاة، كما في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر - رضي الله عنهم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان)).
الصلاة مزاياها عظيمة وقدرها جليل، فرضها الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - في السماء رفعةً لقدرها وتشريفاً لها، خمس صلوات في اليوم والليلة.
وفي تحديدها بالخمس حكم جليلة، منها ما ورد في كتاب مراصد الصلاة للقسطلاني، حيث قال: إن العبد في هذه الدار يعمل لنجاته في الدار الأخرى وهي مشتملة على أهوال ومشاق ومتاعب، وأمام العبد دونها خمس عقبات، الأولى: الدنيا وشرورها وآفاتها ومحذوراتها وشواغلها وعلائقها القاطعة عن مزيد السعادة، والثانية: الموت وما يخشى من فتنته وشدة سكراته وما يُشاهد عنده من الأمور العظام والآلام الجسام، والثالثة: القبر وضَيْقته ووحشته وسؤال منكر ونكير وذلك صعب وخطير، والرابعة: المحشر وهوله وما فيه من الخوف الشديد والفزع الأكيد، والخامسة: الحساب وما يخشى فيه بَعد العتاب من وقوع العقاب، فكان فعلُ الصلوات الخمس مسهِّلاً لهذه العقبات محصِّلاً لنيل المسرات في دار الكرامات. أ. هـ.
وهي أكثر الفرائض ذكراً في القرآن، وأول ما يحاسب عليه العبد كما في الحديث: ((إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله: الصلاة، فإن صلحت فقد أفلح ونجح وإن فسدت فقد خاب وخسر)) (أخرجه الترمذي وهو صحيح).
وهي من الدين بمنزلة الأساس من البنيان بل بمنزلة الروح السارية في الأعضاء، وقوامه الذي لا يستقيم إلا به، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله)) (رواه الترمذي وهو صحيح).
وهي آخر ما أوصى به - صلى الله عليه وسلم - أمته قبل موته، بقوله: ((الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم)).
وهي العبادة الوحيدة المتكررة كل يوم وليلة، فالحج واجب في العمر مرة، والصيام والزكاة واجبان كل عام مرة.. فأمرها عظيم وشأنها كبير ويتوقف قبول سائر الأعمال على فعلها ولا يقبل الله من تاركها صوماً ولا حجاً ولا صدقة ولا جهاداً ولا شيئاً من الأعمال... بل بلغ من عناية الشارع بها أن ألحقها بالأصول الاعتقادية، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة)) رواه مسلم وغيره.
- من أوجب الواجبات أداء هذه الصلاة مع الجماعة في المساجد، فلا يجوز التخلف عنها بحال من الأحوال حتى في حالة الحرب ومبارزة الأعداء، قال - تعالى -: (وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم).
ولا يباح التخلف عنها إلا لمعذور لا يستطيع حضورها لخوف أو مرض أو مطر أو غير ذلك مما يلحق به الضرر. (واركعوا مع الراكعين).
قال الإمام ابن كثير عند تفسير هذه الآية: "أي وكونوا مع المؤمنين في أحسن أعمالهم ومن أخصِّ ذلك وأكمله الصلاة، وقد استدل كثير من العلماء بهذه الآية على وجوب الجماعة". أ. هـ.
وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيُحطب ثم آمر بالصلاة فيؤذَّن لها ثم آمر رجلاً فيؤم الناس ثم أخالف إلى رجال لا يشهدون الصلاة فأحرِّق عليهم بيوتهم، والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عَرْقاً سميناً أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء)) متفق عليه.
وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان، فعليكم بالجماعة فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية)) (أخرجه أبو داود بإسناد حسن).
إن حرص العبد على الصلاة في الجماعة والمسارعة إليها علامة على ما في قلبه من حب الله والشوق إلى لقائه... والإعراض عنها والتكاسل والتباطؤ عن تلبية داعيها والتثاقل في القيام إليها آية على فراغ قلبه من حب الله والزهد فيما عنده... قال الحسن - رحمه الله - عند قوله - تعالى -: (فخلف من بعدهم خَلْف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً).
قال: عطّلوا المساجد واشتغلوا بالصنائع والأسباب وأخلدوا إلى اللذات والمعاصي، نعوذ بالله من ذلك. أ. هـ.
إن إيجاب الصلاة في جماعة من لطف العليم الخبير؛ لأن الاجتماع للعبادات من المنشطات والمسهلات لها... وأنَّ ما رتَّبه عليها من خيرية الدين وصلاح الإيمان والثواب العاجل يحمل المؤمن على أن يستخليها ويحمد الله على فرضه إياها... (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين).
فضل الجماعة - صلاة الجماعة سبب لمغفرة الذنوب بإذن الله: عن عثمان - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من توضأ للصلاة فأسبغ الوضوء ثم خرج إلى الصلاة المكتوبة فصلاها مع الناس أو مع جماعة في المسجد غفر الله له ذنوبه)) رواه مسلم.
وهي من سنن الهدى التي علمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمته: عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: "من سرَّه أن يلقى الله غداً مسلماً، فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف" رواه مسلم.
وفي رواية له: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علَّمنا سنن الهدى وإن من سنن الهدى الصلاة في المسجد الذي يُؤذَّن فيه.
ومن فضائلها: أن الذاهب إلى المسجد لأدائها، فإنه في عبادة من حين يخرج من بيته إلى المسجد حتى يعود إليه، ولا يزال في صلاة ما دام في المسجد منتظراً الصلاة، والملائكة تصلي عليه وتستغفر له وتدعو له بالرحمة والمغفرة ما دام في مصلاه الذي صلى فيه.
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته وصلاته في سوقه بضعاً وعشرين درجة، وذلك أن أحدكم إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى المسجد لا يُنْهِزُه إلا الصلاة، لا يريد إلا الصلاة، فلم يخطُ خطوة إلا رُفع له بها درجة، وحُطَّ عنه خطيئة حتى يدخل المسجد، فإذا دخل المسجد كان في صلاة ما كانت الصلاة هي تحبسه والملائكة يصلون على أحدكم ما دام في مجلسه الذي صلى فيه، يقولون: اللهم ارحمه الله، اللهم اغفر له، اللهم تب عليه ما لم يؤذِ فيه ما لم يحدث فيه)) رواه مسلم.
ومنها: أن أهل صلاة الجماعة مبشرون بالنور يوم القيامة: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((بشروا المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة)) (رواه أبو داود والترمذي).
وأنهم كذلك أهل الرباط الذين تضاعف لهم الأجور وتمحى خطاياهم وترفع درجاتهم: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا بلى يا رسول الله، قال: " إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة إلى الصلاة، فذلكم الرباط فذلكم الرباط)) رواه مسلم.
إن كان يوجب صبري رحمتي فرِضاً *** بسوء حالي وحِلٌ للضَّنا بدني
فمنحتُك الروح لا أبغي لها ثمناً *** إلا رضاك، ووافقري إلى الثمن
الصلاة في جماعة أفضل من قيام الليل: عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حَثْمة، قال: فقد عمرُ بنُ الخطاب سليمانَ بنَ أبي حثمة في صلاة الصبح، وإن عمر غدا إلى السوق، ومسكن سليمان بين المسجد والسوق، فمرَّ على الشفاء أم سليمان، فقال لها: لم أرَ سليمان في الصبح، فقالت: إنه بات يصلي فغلبته عيناه، فقال عمر: لأَن أشهد صلاة الصبح في جماعة أحب إلي من أقوم ليلة. (رواه مالك في الموطأ وصححه العلامة الألباني - رحمه الله -.
ومنها: أنها تؤدي إلى قيام نظام الألفة بين المصلين وتعليم الجاهل من العالم واقتداؤه به... وعموم البركة ومضاعفة الثواب وزيادة العمل... وحضور حلق الذكر والتواصل والإحسان والتعاطف والرعاية... والتعاون على البر والتقوى كعيادة المريض وتشييع الموتى ومساعدة المحتاجين وغير ذلك من الفوائد الكثيرة التي يصعب حصرها.
وأشد ما ينبغي أن تكون العناية بصلاتي الفجر والعشاء لما لهما من الأجر العظيم والثواب الجزيل... عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما قام الليل كله)) رواه مسلم.
ولأن أداءهما في الجماعة علامة على البراءة من النفاق. عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ليس صلاة أثقل على المنافقين من صلاة الفجر والعشاء ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً)) متفق عليه.
والذي يصلي الفجر في المسجد يدخل في حفظ الله ورعايته وذمته عن جندب بن عبد الله القسري قال: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة الله، فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء، فإنه من يطلبه من ذمته بشيء يدركه ثم يكبه على وجهه في نار جهنم)) رواه مسلم.
وفي هذا الحديث نهي منه - صلى الله عليه وسلم - عن التعرض لمن هو في ذمة الله بشيء من السوء... وقد قيل إن الحجاج مع جوره وظلمه وتعديه لحدود الله كان يسأل كل من يُؤتى به إليه نهاراً: صليت الصبح في جماعة؟، فإن قال نعم، خلى سبيله مخافة أن يطلبه الله بشيء من ذمته، والله أعلم. كثير من الناس يقصرون في صلاة الجماعة فلا يشهدونها... والبعض يشهدها مرة ويتركها المرات الكثيرة بلا عذر... والبعض لا يعرف المساجد إلا في رمضان.
والكثير أسقط من حسابه صلاة الفجر والعشاء جماعة بلا عذر ولا مانع عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله)) رواه مسلم.
وفي رواية الترمذي: ((من شهد العشاء في جماعة كان له قيام نصف ليلة، ومن صلى العشاء والفجر في جماعة كان له كقيام ليلة)).
وقسم يصلي الفجر بعد شروق الشمس. عن جرير بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه - قال: كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فنظر إلى القمر ليلة البدر فقال: ((إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا)) متفق عليه..
هجروا المساجد وأعرضوا عن بيوت الله ودأبوا على الصلاة في بيوتهم كما يصلي المنافقون. ولو يعلم هؤلاء أنهم قد أساءوا إلى أنفسهم وظلموها وتسببوا في تدوين ما لا يسرهم في صحائف أعمالهم لما قصروا في أداء ما أوجب الله عليهم من الصلاة في المساجد.
ورد أن أبا بكر - رضي الله عنه - قال في مرضه الأخير في خطبته: "واعلم يا عمر أن لله حقاً في الليل لا يقبله في النهار، وحقاً في النهار لا يقبله في الليل وأنه لا يقبل نافلة حتى تؤدى فريضة، ألم تر يا عمر أنما أُثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة باتباعهم الحق وثقله عليهم وحُقَّ لميزان لا يوضع فيه غداً إلا حقٌ أن يكون ثقيلاً، ألم تر يا عمر أنما خفت موازين من خفت موازينه يوم القيامة باتباعهم الباطل وخفته عليهم، وحُقَّ لميزان لا يوضع فيه إلا باطل أن يكون خفيفاً" أ. هـ.
يا بائعاً نفسه بيع الهوان لوِ اســ ***ـترجَعْتَ ذا البيع قبل الفَوْت لم تَخِبِ
وبائعاً طيب عيش ما له خطر *** بـطيفِ عــــيشٍ مــــن الآلام مُـــنتَهَبِ
غُبِنْتَ والله غُبناً فاحشاً ولَدَى *** يـــومِ التـــغابن تـــلقــى غــاية الــحرْبِ
التكاسل عن صلاة الجماعة من صفات النفاق كما قال - تعالى -: (إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلاً).
عن أُبَي بن كعب قال: صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً الصبح، فلما سلَّم قال: ((أَشاهِد فلان؟)) قالوا: لا، قال: ((أَشاهِد فلان؟)) قالوا: لا، قال: ((إن هاتين الصلاتين أثقل الصلوات على المنافقين، ولو تعلمون ما فيهما لأتيتموهما ولو حبواً على الركب، وإن الصف الأول على مثل صف الملائكة، ولو علمتم ما فضيلته لابتدرتموه، وإن صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كثُر فهو أحب إلى الله)) رواه أبو داود والنسائي وحسنه الألباني بشواهده.
لو كانت الصلاة في جماعة سُنَّة يحضرها من يشاء ويتركها من يشاء لرخص النبي - صلى الله عليه وسلم - للأعمى الذي جاءه فقال له: يا رسول الله ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله أن يرخِّص له فيصلي في بيته، فرخَّص له، فلما ولَّى دعاه فقال له: ((هل تسمع النداء بالصلاة؟)) قال: نعم، قال: ((فأجب)) رواه مسلم.
وفي رواية عند الترمذي بإسناد صحيح أنه قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله إنَّ المدينة كثيرة الهوام والسباع، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((تسمع حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح؟ فحيَّهلاً)) أي تعال.
وأحسن صوت لذَّ عندي سماعه *** سمـاع أذانٍ مـن مـنارة مسجد
يـنادي بتوحيد الذي جلَّ شأنه ** فيا نفس صلِّ للمهيمن واعبدي
فكم فات المتكاسلين من الدرجات والفضل العظيم: عن ابن عمر - رضي الله عنهم - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((صلاة الرجل في الجماعة تزيد على صلاته وحده سبعاً وعشرين)).
وعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أعظم الناس أجراً في الصلاة أبعدهم إليها ممشى، والذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام أعظم أجراً من الذي يصلي ثم ينام)) رواه البخاري ومسلم.
وكم حرموا من الحسنات التي تكتب لهم بكل خطوة يخطونها إلى بيت من بيوت الله: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((من تطهَّر في بيته ثم مضى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله كانت خطواته إحداها تحط خطيئة والأخرى ترفع درجة)) رواه مسلم.
وثبت عند مسلم أيضاً من حديث أُبَي بن كعب - رضي الله عنه - أن الأجر يُكتب على الذهاب والإياب. قال أُبَي: كان رجل من الأنصار لا أعلم أحداً أبعد من المسجد منه، وكانت لا تخطئه صلاة، فقيل له: لو اشتريت حماراً تركبه في الظلماء وفي الرمضاء، قال: ما يسرني أن منزلي إلى جنب المسجد إني أريد أن يكتب لي ممشاي إلى المسجد ورجوعي إذا رجعت إلى أهلي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((قد جمع الله لك ذلك كله)).
إذا أنت لم ترحل بزادٍ من التقى *** وأبصَرْتَ يوم الحشر مَنْ قد تزودا
نَدِمْتَ على أنْ لا تكونَ كمثله *** وأنك لم تُرْصِد كما كان أَرْصَدا
وما أعظم خسارة المتهاون بصلاة الجماعة عندما تفوته الشهادة له بالبراءة من النار والبراءة من النفاق: عن أنس - رضي الله عنه - قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من صلى أربعين يوماً في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتبت له براءتان براءة من النار وبراءة من النفاق)) (رواه الترمذي وهو حسن).
وما أشد حسرته يوم أن يفوز أهل المساجد بالكرامة والضيافة التي أعدها الله لهم، ويحرم هو من ذلك كله: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له في الجنة نزلاً كلما غدا أو راح)) متفق عليه.
والنزل: هو ما يهيأ للضيف من كرامة عند نزوله.
فلو أن ما أسعى لعيش مـعجَّلٍ *** كفاني منه بعض ما أنا فيه
ولكنـــما أســـعى لمــلك مخلد *** فـوا أسفاً إن لم أكن بملاقيه
وكم هي ندامته حينما يحرم من الغنيمة الباردة التي يجنيها أهل المساجد كل صلاة من مغفرةٍ لذنوبهم وتكفيرٍ لسيئاتهم: قال - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي رواه مسلم: ((ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم تؤت كبيرة وذلك الدهر كله)).
فإحسان الصلاة سبب لتكفير السيئات، وصلاة الجماعة من الإحسان المأمور به.
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه)) رواه البخاري ومسلم.
ولهما عن أبي هريرة أيضاً - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده، فقولوا اللهم ربنا ولك الحمد، فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه)).
فكم فات المتخلفون من مغفرة لذنوبهم لعدم صلاتهم خلف الأئمة في الجماعات؟.
إنَّ ما فات هؤلاء من صلاة الله عليهم لو صلوا في جماعة ما يجعلهم في خسارة عظيمة: عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف)) (رواه أبو داود وابن ماجه وحسنه المنذري وابن حجر).
وما أعظم حسرتهم يوم أن يفوتهم ما وعد به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المحافظين على الجماعة، بقوله: ((من خرج من بيته متطهراً إلى صلاة مكتوبة فأجره كأجر الحاج المحرم، ومن خرج إلى تسبيح الضحى - أي صلاة الضحى - لا ينصبه إلا إياه فأجره كأجر المعتمر، وصلاة على أثر صلاة لا لغو بينهما كتاب في عليين)) رواه أبو داود وحسنه الألباني - رحمه الله -.
لو لم يرد في فضل الجماعة إلا هذا الحديث لكفى به شاحذاً لهمم المتكاسلين ودافعاً لهم على حضور الجماعات مع المسلمين في المساجد.
وكم فاتهم من المثوبة التي أعطاها الله - تعالى - لمن صلى في الصف الأول: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((لو تعلمون ما في الصف المقدم لكانت قرعة)) رواه مسلم.
كما حرموا أنفسهم من سؤال الله الرحمة وسؤاله من فضله عند دخولهم وخروجهم من المساجد: عن أبي أُسيد - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا دخل أحدكم المسجد فليقل اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج فليقل: اللهم إني أسألك من فضلك)) رواه مسلم.
ولم يقتصر أمرهم على فوات كل ما ذُكر من الثواب الجزيل والأجر الكبير، وما لم يُذكر أكثر... بل عرَّضوا أنفسهم لخطر عدم قبول الصلاة التي لم يصلوها في جماعة قال - صلى الله عليه وسلم -: ((من سمع النداء فلم يجبه فلا صلاة له إلا من عذر)) (رواه الدارقطني وابن ماجه وصححه الألباني).
اللهم آمنا في أوطاننا، اللهم آمنا في دورنا، اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم اجمع شملنا وعلماءنا وحكامنا ودعاتنا، ولا تفرح علينا عدواً، ولا تشمت بنا حاسداً، اللهم اهد ضالنا، اللهم من ضل وتنكب الصراط اللهم رده إلى الحق رداً جميلاً، اللهم عليك بمن تسلط وآذى ونال من مقام نبينا - صلى الله عليه وسلم -، اللهم سلط عليهم جنودك التي لا يعلمها إلا أنت يا رب العالمين.
اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين، اللهم ابسط لنا في عافية أبداننا وصلاح أعمالنا وسعة أرزاقنا وحسن أخلاقنا واستر على ذرياتنا واحفظنا بحفظك واكلأنا برعايتك، اللهم أحسن خاتمتنا في خير عمل يرضيك عنا، ربنا لا تقبض أرواحنا على خزي ولا غفلة ولا فاحشة ولا معصية ولا تمتنا بحق مسلم في عرض أو دم أو مال نسألك اللهم عيشة هنية وميتةً سوية ومرداً إليك غير مخزٍ ولا فاضح.
(إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً).
اللهم صلَّ وسلم وزد وبارك على نبيك محمد صاحب الوجه الأنور، والجبين الأزهر، وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وارض اللهم عن البقية العشرة، وأهل الشجرة، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بعفوك ومنك وكرمك يا أرحم الراحمين.
(إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون)، فاذكروا الله العلي العظيم الجليل الكريم يذكركم، واشكروه على آلائه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 66.28 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 64.61 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.52%)]