|
رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() أثر نية الأكل على الصوم وليد بن سعد الفالح* صورة المسألة: إذا نوى الصائم في أثناء صيامه فعل الأكل، وكانت نيته جازمه بالإفطار، هل يعد بتلك النية مفطراً أو لا يعد مفطراً إلا إذا تناول شيئاً من المفطرات؟ فقد اختلف الفقهاء في ذلك على قولين: القول الأول: أن من نوى فعل الأكل أثناء الصوم ولم يتناول شيئاً من المفطرات يعد مفطراً بتلك النية، ويفسد صومه، وهو مذهب المالكية[1]، ووجه عند الشافعية[2]، والمذهب عند الحنابلة[3]، واختاره ابن حزم[4]. أدلة القول الأول: استدلوا بما يلي: الدليل الأول: حديث عمر بن الخطاب – رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم يقول: "إنما الأعمال النيات، وإنما لكل امرئ ما نوىفمن كانت هجرته إلى دنيا يُصيبها أو إلى امرأة يَنْكِحها فهجرته إلى ما هاجر إليه"[5]. وجه الاستدلال: دل الحديث على العمل بالنية، فما دام أنه ناوياً للصوم فهو صائم، فإذا نوى الإفطار أصبح مفطراً عملاً بنيته. قال ابن حزم: فصح يقيناً أن من نوى إبطال ما هو فيه من الصوم فله ما نوى بقوله عليه الصلاة والسلام الذي لا تحل معارضته، وهو قد نوى بطلان الصوم، فله بطلانه، إذا تعمد ذلك ذاكراً صومه [6]. الدليل الثاني: الصوم عبادة من شرطها وجود النية، فلما نوى الخروج منها وقطعها بنية فعل الأكل، فسد الصوم بذلك كالصلاة[7]. الدليل الثالث: أن النية شرط في جميع أجزاء النهار، فإذا قطعها في أثنائه خلا ذلك الجزء من العبادة عن النية، فيفسد الكل لفوات الشرط، والمركب يفوت بفوات جزئه[8]. الدليل الرابع: أن الأصل اعتبار النية في جميع أجزاء العبادة، ولكن لما شق اعتبار حقيقتها اعتُبِر بقاء حكمها، وهو أن لا ينوي قطعها، فإذا نواه زالت حقيقة وحكماً، ففسد الصوم لزوال شرطه[9]. القول الثاني: أن من نوى فعل الأكل أثناء الصوم ولم يتناول شيئاً من المفطرات لا يعد مُفطراً بمجرد النية، ولا يفسد صومه، وهو مذهب الحنفية[10]، وقول بعض المالكية[11]، ووجه عند الشافعية[12]وهو الأصح، واختيار ابن حامد[13][14] من الحنابلة. أدلة القول الثاني: استدلوا بما يلي: الدليل الأول:حديث أبي هريرة – رضي الله عنه - قال: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم"[15]. وجه الاستدلال: أن الخروج في سائر العبادات لا يكون بمجرد النية، فكذا في الصوم، بل لا بد من اتصال ذلك بالفعل، ونية الإفطار لم يتصل بها الفعل، وبه تبين أنه ما نقض نية الصوم بنية الفطر؛ لأن نية الصوم اتصل بها الفعل، فلا تبطل بنية لم يتصل بها الفعل، على أن النية شرط انعقاد الصوم لا شرط بقائه منعقداً، ألا ترى أنه يبقى مع النوم والنسيان والغفلة[16]. يناقش بثلاثة أمور: الأمر الأول: أن العبادات تنقسم إلى قسمين: منها ما يكون بالنية وفعل الجوارح، وذلك كالصلاة والحج، ومنها ما يكون بالنية وفعل القلب، وذلك كالصيام، فإن حقيقة الصيام الكف عن المفطرات بقصد التقرب إلى الله جل وعلا بنوع من أنواع الصيام، فرضاً كان أو نفلاً، فإذا كان انعقاد الصوم بالنية، وهذا أمر يوافق عليه المخالف، فإن الخروج منه يكون برفض هذه النية، وإذا كان العزم والتصديق من أفعال القلوب، فإن الصوم يكون الدخول فيه بالفعل المتصل بالنية، والخروج منه يكون بفعل كذلك متصل بالنية. الأمر الثاني: يجاب عن الحديث من وجوه: 1 – الإرادة والعزم من أفعال القلوب، فإذا عزم على رفضه نية الصيام، فقد أتى بنية متصل بها فعل القلب. 2 – أن الحديث محمول على أحكام الدنيا مثل الطلاق والعتاق والبيع التي لا يلزم حكمها ما لم يتكلم به. 3 – إن حديث النفس الذي لا يصاحبه عزم وتصميم معفو عنه بنص الحديث، وأما إذا صاحبه العزم والتصميم على الفعل – ولو لم يحصل الفعل – ترتب الثواب والعقاب عليه لحديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي – صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربه عز وجل قال: "إن الله عز وجل كتب الحسنات والسيئات، ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة"[17]. وهذا نص ظاهر في ترتيب الثواب والعقاب الذي يصاحبه عزم وتصميم، ولو لم يكن عمل بالجوارح. الأمر الثالث: وأما قولكم: إن النية شرط انعقاد الصوم لا شرط بقائه فيقال: بقاء النية يتناول أمرين: 1 – استصحاب الذكر. 2 – استصحاب الحكم. أما استصحاب الذكر إلى نهاية العمل، فمعفو عنه للمشقة البالغة التي لم يكلفنا الله بها، وأما استصحاب الحكم، فهو البقاء على استصحاب حكم النية، وهو بأن لا ينوي قطعها، ولهذا لا يؤثر النوم ولا الغفلة في بقاء حكم النية. الدليل الثاني: قياس الصيام على الحج، بأنهما عبادتان يلزم المضي في فاسدهما إذا فسدتا، فلا يبطل بنية الخروج منه[18]. نوقش: بأنه قياس مع الفارق، فلا يطرد القياس في غير رمضان، ولا يصح قياسه على الحج؛ فالحج يصح بالنية المطلقة والمبهمة، وبالنية عن غيره إذا لم يكن حج عن نفسه، بخلاف الصوم فافترقا[19]. وأيضاً النية مرادة للتمييز، والحج مميز بمكانه المتعبَّد به، بخلاف الصلاة والصيام لم يُعيَّن لهما مكان، فكان احتياجهما إلى النية أقوى وأثَّر الرفض فيهما[20]. والحج لا يخرج منه بما يفسده، والصوم يخرج منه بما يفسده، ومعنى ذلك: أنه إذا أكل في الصوم عامداً ثم جامع فيه لم تجب عليه الكفارة. وكذلك: إذا جامع في الصوم عامداً، ثم جامع فيه ثانياً لم يتعلق بالثاني كفارة، والحج إذا جامع فيه وفسد، ثم قتل فيه صيداً، أو جامع ثانياً وجبت عليه الكفارة. وأما المضي في فاسدهما: فإنه يجب عليه في الحج والصوم[21]. الدليل الثالث: أن الصوم إمساك طرأ على نية سابقة، فلما لم يفارق الإمساك بالأكل أو الجماع أو غيرهما فهو على صومه[22]. يناقش: بأن من شروط الإمساك في الصوم النية، فإذا زالت فإنه يكون مفارقاً للإمساك، وقد زالت بنيته للفطر. الدليل الرابع: أن الفطر مما يدخل إلى الباطن، وبنيته لم يدخل شيء إلى الباطن[23]. يناقش:بأن الفطر مما يدخل إلى الباطن، فهذا غير مسلَّم؛ فهناك أشياء تدخل إلى الباطن ولكنها لا تفطِّر، وهناك أشياء تفطِّر وهي لا تدخل إلى الباطن، كمن تعمد القيء، وكذا رفض نية الصوم. الترجيح: الذي يظهر – والله أعلم – رجحان القول الأول وهو أنه إذا نوى الصائم فعل الأكل ولم يتناول شيئاً من المفطرات، فإنه تبطل نيته ويفسد صومه، لقوة ما استدلوا به، ولأن الصوم عمدته النية، فهو يبدأ بنية الإمساك مع طلوع الفجر، فحقيقته الكف عن المفطرات مع النية، ولورود المناقشة على القول الآخر. والله أعلم. الهوامش والمراجع [1] ينظر: المدونة 1/220، الإشراف 1/449، الذخيرة 2/501، القوانين الفقهية ص104، مواهب الجليل 3/360، شرح الخرشي 3/40، حاشية الدسوقي 2/158. [2] ينظر: المهذب 1/333، الوسيط 2/521، التهذيب للبغوي 3/143، البيان 3/494، المجموع 6/203، هذا الوجه هو الأصح عند الشيرازي والبغوي والنووي وآخرون. [3] ينظر: الهداية ص157، المستوعب 3/430، الكافي 2/236، المغني 4/370، المحرر 1/346، الفروع 4/459، الإنصاف 7/400، الإقناع 1/495، هذا هو المذهب. نص عليه، وعليه أكثر الأصحاب، وقالوا: أصبح كمن لا ينوي الصوم أصلاً ابتداءً، لا أنه كمثل من أكل وهو صائم. [4] ينظر: المحلى 4/302. [5] أخرجه البخاري في صحيحه واللفظ له: كتاب بدء الوحي، باب: كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومسلم في صحيحه: كتاب الإمارة، باب: قوله إنما الأعمال بالنية وأنه يدخل فيه الغزو وغيره من أعمال، رقم الحديث 4927. [6] المحلى 4/302. [7] ينظر: الإشراف 1/449، البيان 3/494، المجموع 6/203، المغني 4/470، شرح الزركشي 2/589. [8] ينظر: التهذيب للبغوي 3/143، المجموع 6/203، الفروع 4/459، شرح الزركشي 2/589. [9] ينظر: المغني 4/370، الفروع 4/459، المبدع 3/21. [10] ينظر: المبسوط 3/86، بدائع الصنائع 2/129، الاختيار 1/164، تبيين الحقائق 2/154، البحر الرائق 2/458، الفتاوى الهندية 1/195. [11] ينظر: الإشراف 1/449، الكافي 1/343، الجامع لأحكام القرآن 3/208، مواهب الجليل 3/360. وهذا القول قال به سحنون وغيره وصححه ابن عبدالبر. [12] ينظر: الحاوي الكبير 3/405، المهذب 1/333، التهذيب للبغوي 3/143، البيان 3/494، المجموع 6/203، أسنى المطالب 1/414، وهذا الوجه هو الأصح عند الأكثرين، كما أشار إلى ذلك النووي. [13] ابن حامد: هو الحسن بن حامد بن علي بن مروانالبغدادي، أبو عبدالله، فقيه حنبلي، إمام الحنابلة في زمانه، ومدرسهم وفقيههم، من أهل بغداد، عاش طويلاً، قال الذهبي: شيخ الحنابلة ومفتيهم. وقال عنه تلميذه أبو بكر الخياط: إمام الحنبلية في وقته. توفي سنة 403هـ. من مؤلفاته: الجامع، شرح الخرقي، تهذيب الأجوبة وغيرها. لترجمته ينظر: سير أعلام النبلاء 17/203، طبقات الحنابلة 2/171، المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل ص412. [14] ينظر: المغني 4/370، الفروع 4/459، شرح الزركشي 2/589، المبدع 3/21، الإنصاف 7/400، الاختيارات الفقهية لابن حامد 2/552. [15] أخرجه البخاري في صحيحه واللفظ له: كتاب الطلاق، باب: الطلاق في الإغلاق والكره والسكران والمجنون وأمرهما، والغلط، والنسيان في الطلاق، والشرك وغيره. رقم الحديث 5269، ومسلم في صحيحه: كتاب الإيمان، باب: تجاوز الله عن حديث النفس والخواطر بالقلب إذا لم تستقر، رقم الحديث 331. [16] ينظر: المبسوط 3/86، بدائع الصنائع 2/129. [17] أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الرقاق، باب: من هم بحسنة أو سيئة، رقم الحديث 6491، ومسلم في صحيحه: كتاب الإيمان، باب: إذا هم العبد بحسنة كتبت وإذا هم بسيئة لم تكتب، رقم الحديث 338. [18] ينظر: البيان 3/494، المجموع 6/203، المغني 4/370، الفروع 4/459. [19] ينظر: المجموع 6/203، المغني 4/370، المبدع 3/21. [20] ينظر: الذخيرة 2/501. [21] ينظر: البيان 3/495. [22] ينظر: الحاوي الكبير 3/405. [23] ينظر: المبسوط 3/86.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |