لا تقربوا الزنا يا مسلمون - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4864 - عددالزوار : 1831314 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4431 - عددالزوار : 1177063 )           »          شرح صحيح البخاري كاملا الشيخ مصطفى العدوي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 549 - عددالزوار : 74499 )           »          حكم الزكاة لمن اشترى أرضاً ولم ينو بيعها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 69 )           »          صيام الأيام البيض (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »          هل الاستغراق في النوم ينقض الوضوء؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »          الفرق بين الرياح والريح والسُّنة فيهما (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »          الوقف الإسلامي وصنائعه الحضارية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 5 - عددالزوار : 2072 )           »          اهتمام الإسلام بالعلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 65 )           »          تحت العشرين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 108 - عددالزوار : 48239 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-04-2020, 04:24 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,604
الدولة : Egypt
افتراضي لا تقربوا الزنا يا مسلمون

لا تقربوا الزنا يا مسلمون (1/3)



الشيخ أ.د. سعد بن عبدالله الحميد





إنَّ الحمد لله، نَحمده ونستعينُه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفُسنا وسيِّئات أعمالنا، مَن يهْدِه الله فلا مضِلَّ له ومَن يضلِل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبدُه ورسوله.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 102]. {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء: 1]. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب: 70 - 71].

أمَّا بعد:
فإنَّ أصدق الحديث كتابُ الله، وخيْر الهدْي هدْي محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - وشرّ الأمور مُحدثاتُها، وكل محدثة بدْعة، وكل بدعة ضلالة، وكلّ ضلالة في النَّار.

أيُّها النَّاس:
ذكرْنا فيما مضى بعضَ ما يترتَّب على الزنا من أضرار، ويَكفي في التَّنفير منه أنَّ الله - سبحانه - توعَّد فاعلَه بالعقوبة العاجِلة والآجلة، أمَّا العقوبة الآجِلة، فما يَحصُل للزُّناة والزَّواني من العَذاب الَّذي مرَّ ذِكره فيما سبق، وأمَّا العقوبة العاجلة فهي ما أعدَّه الله لهم في الدُّنيا، ممَّا ورد في النُّصوص الشَّرعيَّة ويؤيِّده الواقع، ففي الحديث الصَّحيح الَّذي رواه الإمام أحْمد والطَّبراني وغيرُهما يقول - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((إذا ظهر السُّوء في الأرض، أنزل الله بأْسَه بأهْل الأرض، وإن كان فيهم قومٌ صالِحون يُصيبُهم ما أصاب النَّاس، ثمَّ يرْجِعون إلى رحمة الله ومغفرته)).

وفي الحديث الصَّحيح الذي رواه الطبراني والحاكم عن ابن عبَّاس - رضي الله عنهما - عن النَّبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - أنَّه قال: ((إذا ظهر الزِّنا والرِّبا في قريةٍ، فقد أحلُّوا بأنفُسِهم عذاب الله))، وفي الحديث الصَّحيح الَّذي رواه ابنُ ماجه والحاكم وغيرُهما عن عبدالله بنِ عُمر - رضِي الله عنْهما - عن النَّبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - أنَّه قال: ((يا معشرَ المُهاجِرين، خَمسٌ إذا ابتُليتُم بهنَّ وأعوذ بالله أن تُدركوهنَّ: لَم تظهر الفاحشة في قومٍ قطّ حتَّى يعلنوا بها إلاَّ فشا فيهم الطَّاعون والأوْجاع الَّتي لَم تكُن مضتْ في أسلافِهم الَّذين مضَوا))، وذكر باقي الحديث الذي تكرَّر مِرارًا، ورواه الحاكم والبيهقي من حديث بريدة - رضي الله عنه - وفيه: ((وما ظهرت فاحشة في قومٍ قطّ إلاَّ سلَّط الله - عزَّ وجلَّ - عليْهم الموت))، ورواه البَيهقي بإسنادٍ صحيح عن ابن عبَّاس، موقوف عليه وله حكم الرفع، وفيه: ((ولا فشت الفاحِشة في قوم إلاَّ أخذهم الله بالموت)).

فهذه الأحاديث فيها دلاله على مُعاجلة الله - جلَّ وعلا - بالعقوبة لِمن ظهرت فيهم الفاحِشة وفشتْ، عقوبةً تؤدي إلى الموت، ومنها ظهور الأمْراض والأوْجاع التي لم تكُن في أسلافِهم، وهذا من دلالة نبوَّته - صلَّى الله عليه وسلَّم - الكثيرة، والواقع خير شاهدٍ على ذلك؛ فإنَّ الأمراض الَّتي لم تكن معهودة من قبل قد ظهرت بسبب ظهور الفاحِشة وانتشارها، ومنها مرَض الزهري الخطير، وأوَّل ظهور له كان عام 1994 للميلاد أثناء الحرْب الإيطاليَّة الفرنسيَّة، عندما انتشر في الجنود الزِّنا، وسمَّاه الإيطاليُّون الدَّاء الفرنسي، وكذلك فعل الإنجليز والألمان والنِّمساويون؛ لأنَّه انتشر بينهم بواسطة الجنود الفرنسيِّين، وأمَّا الفرنسيون فقد أسْموه الدَّاء الإيطالي، ولما وصل الاستِعمار الغربي إلى البلاد العربيَّة وظهر ذلك الدَّاء معَهم، سمَّاه العرب "الدَّاء الإفرنجي".

وفي العصور الحديثة ظهر مرض الهربس وهو وباء جنسي واسع الانتِشار، وبلغ عدد ضحاياه في أمريكا فقط عام 1982 عشرين مليونًا، ويبلُغ معدَّل الإصابة به في أمريكا فقط نصف مليون حالة في السَّنة، وفي عام 1972 ظهر في أمريكا لأوَّل مرَّة داء خطير جديد هو مرَض فقدان المناعة، وهو ما يسمَّى بِمرض الإيدز، وانتشر بسرعة رهيبة في الشاذِّين جنسيًّا، وهو مُميت خلال عامَين أو ثلاثة من ظهور الأعْراض، وعلاجُه غيْر متيسِّر حتَّى الآن.

وتتحدَّث المراجع الطبِّيَّة عن الأمراض الجنسيَّة باعتِبارها أكثر الأمراض المعْدية انتشارًا في العالم، فيقول مرجع مارك الطبِّي: إنَّ الأمراض الجنسيَّة هي أكثر الأمْراض المعْدية انتشارًا في العالم اليوم، ويزداد في كلِّ عام عدد المصابين بِها، وذلك منذُ عقدَين من الزَّمان تقريبًا، وتقدِّر منظَّمة الصحَّة العالميَّة عدد الَّذين يصابون بالسيلان في العالم بأكْثر من مائتين وخَمسين مليون شخص سنويًّا، كما تقدّر عدد الَّذين يُصابون بالزهري بِخمسين مليون شخص سنويًّا، ويقدّر مركز أكمنتا لمكافحة الأمراض المعْدية في بلاد جورجيا بأمريكا عددَ المصابين بالسيلان في أمريكا بثلاثةِ ملايين شخصٍ سنويًّا، وعدد المُصابين بالزهري 400 ألف شخصٍ سنويًّا.

وقد انتشرتْ أمراض مختلِفة ومتنوِّعة بسبب انتِشار الفاحشة وشيوعِها، وانتِشار الشذوذ الجنسي بخاصَّة في الغرب، وفي تقرير قام بإعداده اختصاصيون في أمراض النساء والولادة في ولاية فلوريدا بأمريكا جاء فيه قولُهم: إنَّ هناك زيادة بنسبة 800 في 100 في حالات المشبه بسرطان عنق الرَّحم للفتيات، البالغ أعمارهنَّ من 15 سنة حتَّى 22 سنة، وذلك خلال أرْبع سنوات فقط من عام 1970 حتَّى 1974، ويرجع الباحثون هذه الزِّيادة الرَّهيبة إلى الزِّيادة المضطرِبة في المُمارسات الجنسيَّة بدون تَمييز، وبالمقارنة يقول البروفسور ويليام بيكر الَّذي عمِل في البلاد العربيَّة لأكثر من عشرين عامًا، يقول: إنَّ أطهر الفروج التي فحصها كانت في الجزيرة العربيَّة، فقد فحص أكثر من ثلاثين ألفَ امرأةٍ هنا فحوصات متكاملة، معَ أخْذ عيِّنات من المهبل وعنُق الرَّحم، وجميعها تقريبًا كانت سليمة بالنسبة للسيلان وسرطان عنق الرَّحم وأمراض أخرى ذكرها.

ويقول ويليام بيكر: إنَّ ذلك يرجع إلى سببَين هامَّين، هُما ندرة الزِّنا وختان الرَّجل، يعنى في الجزيرة العربيَّة، فهل يتنبه أهل الجزيرة لهذه النِّعمة ويرْعونها، إنَّ الأمَّة الإسلاميَّة مستهْدَفة ويَجب عليْها أن تتنبَّه لمؤامرات الأعْداء الَّذين قد يدخلون عليْها بعض الأمراض الجنسيَّة الفتَّاكة بقصْدٍ كما فعلوه في بعض البلدان، وهذا لا يَخفى على مَن يقرأ ويطلع أنَّهم قد ينشرون فينا هذه الأمْراض بطرُق شتَّى، إمَّا بواسطة مبعوثيهم لعمَلِهم داخل البلاد، أو عن طريق مشجِّعي ولاعبي الكرة، فإنَّ الَّذي يَحمل هذه الأمراض يصبح حاقدًا على من لَم يُصَب، فكيْف إذا اجتمع مع هذا الحقد الديني؟!

وربَّما أضيف له إغراء مادِّي من قِبل بعض المنظَّمات اليهوديَّة، التي تحسُد المجتمع المسلِم على عفَّته وطهارته، وقد يكون انتِشار هذه الأمراض بواسطة مَن يلج في أوْحال الرَّذيلة من شبابِنا الَّذين يُسافرون لتلك البلدان؛ إمَّا للدراسة أو للسِّياحة أو غيرها، وكم من النِّساء في هذا البلد أصبحْن مصاباتٍ بِهذه الأمراض! بسبب أزواجِهنَّ الَّذين أصيبوا بها بسبب ولوجهم في الفاحشة خارج البلد، ونشْرهم للمرض في أفراد أسرهم، الَّذين قد ينشرونه هم بدوْرِهم في المجتمع عن طريق التَّزاوج أو غيره، نسأل الله جلَّ وعلا أن يدفع عن الإسلام والمسلمين كلَّ شرّ، إنَّه ولي ذلك والقادِر عليه.

أقول قولي هذا، وأستغْفِر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب، إنَّه هو الغفور الرحيم.




الخطبة الثانية


الحمد لله على إحسانه، والشُّكر له على توفيقِه وامتِنانه، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحْده لا شريك له تعظيمًا لشانِه، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبده ورسوله الدَّاعي إلى رضوانه، صلَّى الله عليْه وعلى آلِه وصحبه وإخوانِه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

أمَّا بعد:
أيُّها النَّاس، إنَّنا حين نسمي هذه الأمراض الأمراض الجنسيَّة، إنَّما هو بسبب اشتهار هذا الاسم عند النَّاس، وإلاَّ فهذه التَّسمية غير دقيقة؛ لأنَّ هذه الأمراض ليست مرتبطة بالجنس في جَميع صوره؛ بل هي مرتبطة بالزنا واللواط ونحوه من العلاقات الشاذَّة، وأمَّا الزَّواج فلا يؤدِّي مطلقًا إلى أيِّ نوْعٍ من هذه الأمْراض، طالَما أنَّ العلاقة بين الزَّوجين فقط، ولَم يتدنَّس أحدُهُما بالزِّنا أو اللِّواط وغيره.

يقول الدكتور محمد علي البار: الاسم العلْمي الَّذي ينبغي أن يُطْلَق على هذه الأمراض هو أمراض الزنا واللّواط، ولكن لن يجرُؤ أحدٌ على ذلك، وفي الغرْب خاصَّة؛ لأنَّه سيُعْتبر بذلك داعيًا إلى الفضيلة، وهذه سبّة قبيحة عندهم يتحاشاها أطبَّاؤهم وعلماؤُهم، ونتيجةً لسيطرة الثَّقافة الأوربيَّة؛ فقد أصبحت الأمْراض الجنسيَّة شائعة في كافَّة لغات العالم، واختفاء الاسْم الحقيقي لأمراض الزِّنا واللِّواط هذا يوضِّح - إلى حدٍّ بعيد - التَّواطُؤ والصَّمت الَّذي يحيط بهذه الأمراض، ويحاول أن يُخفيها عن الأعين، ويسميها بغير اسمِها؛ لأنَّ الزِّنا واللواط ليس بعارٍ في الغرْب وفي كثير من مناطق العالم، بل إنَّهم ليسخرون ليجاهرون به، وأصبحت تُكتب مئات المقالات والكتُب والمسرحيات والقصص والأفلام، التي تمجِّد البغاء والعلاقات الجنسيَّة الشَّاذَّة، وأصبح الجنس ووسائل منْع الحمْل تدرَّس للأطفال في المدارس.

وقد نشرتْ جريده الديلي ميرو عام 1970 قصَّة الشَّابَّة التي كانت تدرِّس للطَّلبة في المرحلة الثانوية الجنْس، وأنَّها قامت بتدْريس الجنس عمليًّا في الفصْل، بعد أن خلعَتْ ملابِسها أمامَهم قطعةً قطعة، فما كان من إدارة المدرسة الرجعية في عُرْفِهم إلاَّ أن أبلغت وزارة التربية، التي قامت بإيقاف المُدَرِّسة، وطلبت منها أن تكفَّ عن عرْض دروسها المثيرة على الطَّلبة المُراهقين، عندئذٍ قامت قيامة الصَّحافة في بريطانيا، ونشرتْ صورة الفتاة وهي عارية في الصُّحف وفي الصفحة الأولى، وقامت بِحملة ضخمة ضدَّ إدارة المدرسة الرجعيَّة ووزارة التربية المتخلِّفة - كما يقولون - لأنَّها منعت هذه الشَّابَّة العبقريَّة من مواصلة دروسها المهمَّة لتعليم الشَّباب المراهق الجنس.

ودعت صحيفة الديلي ميرو إلى قيام مظاهرات تأييد للمدرِّسة وحريَّتها في التَّعبير، ودعوتِها إلى مواصلة جهودها العظيمة في تربية النشء تربية جنسية سليمة، خالية من العقد كما يزعمون، وبالفعل قامت في الأيَّام التي تلت نشْر هذه المقالات مُظاهرات ضخْمة تؤيِّد المدرِّسة، وتُطالب بإرجاعها فورًا إلى حقْل التدريس، ولم تَجد إدارة المدرسة ووزارة التربية بدًّا من إعادة المدرِّسة إلى مُمارسة وظيفتها مع الشَّباب المراهِق، وانصاعت صاغِرةً للرَّأي العام الذي هيَّجته الجرائد الواسعة الانتشار، وهكذا كتبت حريَّة الجنس هذه القضية ضدَّ إدارة المدرسة ووزارة التربية.

فهذه بلدان بلغت من البهيميَّة مبلغًا عظيما، حتَّى كثر فيهم أولاد الزنا وحالات الإجهاض، فإنَّه بسبب انتِشار الزِّنا بصورة مخيفة عندهم، نَجد مليون حالة إجهاض سنويًّا في أمريكا فقط، وهذا كان في عام 1972 أمَّا الآن فأكثر من هذا بكثير، وذلك رغْم انتِشار استعمال حبوب ووسائل منْع الحمل، ونشرت جريده الشَّرق الأوسط قبل تسْعِ سنوات مقالاً للدكتور محمود زائد جاء فيه قوله: إنَّ عدد اللَّواتي يلِدْن سفاحًا - يعْني زنًا - في سن المراهقة في الولايات المتَّحدة لا يقلُّ عن ستِّمائة ألف فتاة سنويًّا، بينهنَّ أكثر من عشرة آلاف فتاة دون سن الرَّابعة عشرة، وإنَّ إجمالي عدد اللاَّئي يلِدْن سفاحًا في سنّ المراهقة وغيرها أكثر من مليون امرأة سنويًّا، وذلك في الولايات المتَّحدة فقط؛ حسب إحصائيَّات عام 1979.

وفي تقرير نشرتْه جريدة الشَّرق الأوسط عام 1403، وأعدَّته لجنة يرأسُها عضو مجلس الكونجرس جورج ميلب جاء فيه: إنَّ في الولايات المتَّحدة 12 مليون ونصف مليون طفل أمريكي يعيشون مع أمَّهاتِهم فقط؛ لأنَّه لا يُعرف لهم آباء أصلاً، أو بسبب الطلاق، وقد بدأ عندهم بتدريس وسائل منع الحمل في الجامعات، فوجدوا طالبات المرْحلة الثَّانويَّة يَحمِلْن سفاحًا، فقرَّروا تدريسَها في المرْحلة الثَّانوية، فوجدوا الأطفال قبل المرْحلة الثَّانوية يقعون فريسة الزِّنا، فقرروا تدريسها في المدارس الابتدائيَّة، وأمَّا في أمريكا اللاَّتينيَّة، فإنَّ البغاء منتشِر جدًّا هناك، ونتيجة لجهل الفتَيات هناك بطرق استِخْدام طرُق منع الحمل؛ فإنَّ حالات الإجهاض هناك بلغت ثلاثة ملايين حالة سنويَّة.

وبعدُ، معشر الإخوة:
فهذه إشارة إلى واقع بعض المجْتمعات مِنْ حوْلِنا، نذكرها للاعتِبار والاتِّعاظ والحذَر من الوقوع فيما وقعوا فيه؛ فعسى أن توافق آذانًا صاغية وقلوبًا واعية، جعلنا الله جميعًا من الَّذين يستمِعون القول فيتَّبعون أحسنه، إنَّه ولي ذلك والقادِر عليْه.

اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا، والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا خاصَّة، وعن سائر بلاد المسلمين عامَّة يا ربَّ العالمين.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 02-04-2020, 04:24 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,604
الدولة : Egypt
افتراضي رد: لا تقربوا الزنا يا مسلمون

لا تقربوا الزنا يا مسلمون (2/3)



الشيخ أ.د. سعد بن عبدالله الحميد




الحمد لله الذي لا يَخفى عليه شيء في الأرض ولا في السَّماء، يعْلم خائنة الأعيُن وما تخفي الصُّدور، الحكيم الَّذي أعزَّ مَن خاف مقام ربِّه ونَهى النَّفس عن الهوى والفجور، وأشْهد أن لا إلهَ إلاَّ الله وحْده لا شريكَ له، جعل الإحسان للطَّائعين، والذُّلَّ والعقاب للعاصين، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبدُه ورسولُه، دعا إلى الخير والصَّلاح وحذَّر من الشَّرِّ والفساد، وما ترك لأمَّتِه من طريق خيرٍ إلاَّ بيَّنه لها وحثَّها عليه، ولا طريق شرٍّ إلاَّ وبيَّنه لها وحذَّرها منه، حتَّى ترك أمَّته على مثل البيْضاء، ليلُها كنهارِها، لا يزيغ عنها إلاَّ هالِك، فجزاه الله عن أمَّته خير الجزاءِ، صلَّى الله عليْه وعلى آله وصحْبه الَّذين امتثلوا أمْرَه واجتنبوا نَهيه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

أمَّا بعد، أيُّها النَّاس:
فقد روى الإمام أحْمد في مسنده بسندٍ صحيح، عن أبي أمامة - رضي الله عنْه - أنَّه قال: إنَّ فتى شابًّا أتى النَّبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: يا رسول الله، ائذنْ لي في الزِّنا، فأقبل القومُ عليْه فزجروه وقالوا: مَهْ، مه، فقال - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((ادنه))، فدنا منه قريبًا فجلس، فقال - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((أتحبُّه لأمِّك؟)) قال: لا والله، جعلني الله فداك، قال: ((ولا النَّاس يُحبُّونه لأمَّهاتِهم)) قال: ((أفتحبُّه لابنتِك؟)) قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداك، قال: ((ولا النَّاس يُحبُّونَه لبناتِهم)) قال: ((أفتحبُّه لأختك؟)) قال: لا والله، جعلني الله فداك، قال: ((ولا النَّاس يُحبُّونه لأخواتِهم)) قال: ((أفتحبُّه لعمَّتك؟)) قال: لا والله، جعلني الله فداك، قال: ((ولا النَّاس يُحبُّونه لعمَّاتهم)) قال: ((أفتحبُّه لخالتك؟)) قال: لا والله، جعلني الله فداك، قال: ((ولا النَّاس يُحبُّونه لخالاتِهم)) قال: فوضع رسولُ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - يدَه عليه وقال: ((اللهُمَّ اغفِر ذنبَه وطهِّر قلبَه وحصِّنْ فرْجَه))، فلم يكن الفتى بعد ذلك يلتفِت إلى شيء.


ومعالجته - صلَّى الله عليه وسلَّم - لهذا الفتى تشبِه معالجته للأعرابي الَّذي بال في المسجِد، فانتهره النَّاس، فنهاهم عن ذلك وعلَّم الأعرابيَّ حُرمة المساجد بأرْفع أسلوب في التَّربية التي أدَّب الله سبحانه رسولَه - صلَّى الله عليه وسلَّم - بها؛ إذْ إنَّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان حريصًا على أن يَجعل في المسلم رقيبًا من داخله يزْجُره في خلواتِه، ويضبطه في حركاته وسكناتِه وجميع تصرُّفاته، كما كان للشابِّ أن يكفَّ عن الزِّنا لو كانت معالجتُه بالشدَّة التي ابتدأه بِها مَن كان حوْل النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - لكنَّ الشابَّ أتاه - صلَّى الله عليه وسلَّم - وما من شيء أحب إليْه من الزِّنا ثمَّ انصرف بعد موعِظة النَّبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وما من شيءٍ أبْغَض إليْه من الزِّنا؛ ولِذا فمن الأهمِّيَّة بمكان أن تكون سراريَّة الإنسان وعلانيته سواءً، أن يكون اجتِناب المعاصي في خلواته كاجتِنابها في أوْساط النَّاس، أمَّا إذا كان اجتِناب المعاصي بوجود النَّاس، فإذا خلا العبدُ بارز الله بالمعاصي، فهذا هو المرض والدَّاء العُضال الَّذي حرص الرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - على تَجنيب الفتَى إيَّاه، ومَن كان له واعظ من قلبِه زاده الله - عزَّ وجلَّ - عزًّا.

الذُّل في طاعة الله أقْرب من العزِّ في معصيته، ولا شكَّ أنَّ تجنُّب المعصية مع القُدْرة عليْها وانتِفاء الموانع لها بابٌ عظيم، وأنَّ ما يدخل منْه رجلان، أحدُهما: مَن تمكَّن من قلبِه الإيمان بالآخِرة، وما أعدَّه الله فيها من الثَّواب لِمن أطاعه والعقابِ لِمن عصاه، فآثر أدْنى الفوْزين واختار أسهل العقوبتين، والثَّاني: رجُلٌ غلب عقلُه هواه، فعلِم ما في الفاحشة من المفاسد وما بالعدول عنْها من المصالح، فآثر الأعْلى على الأدنى، وقد جَمع الله - سبحانه - ليوسف الصدِّيق - صلواتُ الله وسلامه عليه - بين الأمرين، فاختار عقوبة الدُّنيا بالسجْن على ارتِكاب المحارم، ولمَّا استعدَّت المرأة وأبعدت الحرَس وغلَّقت الأبواب وهدَّدتْه بالسجْن إن لم يفعل، وقالت له: ادخل معي القيطون - تعني: الستر - قال: إن القيطون لا يسترني من ربِّي، ومع هذا فهو يتضرَّع إلى مولاه ويقول: ï´؟ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ ï´¾ [يوسف: 33].

فلا يركن العبدُ إلى نفسه وصبره وعفَّته، ومن ركن إلى ذلك تخلَّت عنْه عصمة الله، وأحاط به الخذلان، وقضى عدْل الله لمن امتنع عن الفاحشة مخافةَ الله مكانةً يُغْبَط عليها يوْم القيامة؛ ففي الصَّحيحين من حديث أبي هريرة - رضي الله عنْه - عن النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه قال: ((سبعة يظلُّهم الله في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلاَّ ظلُّه))، وذكر منهم: ((رجلٌ دعتْه امرأةٌ ذات منصِبٍ وجَمال إلى نفسها فقال: إني أخاف الله ربَّ العالمين)).

فلا يكون المؤمن صادقًا في إيمانه، ثابتَ العقيدة، عالماً بأنَّ الله معه حيث كان، حتَّى يَخافه سرًّا وعلنًا وظاهرًا وباطنًا، وحتَّى يعبُدَه في نفسِه وخلوته كما يعبدُه في الملأ وحيث يراه النَّاس، فيترك الحرام وهو قادر عليْه، قد تهيَّأت له أسبابُه، والجسم صحيح والنَّفس سوَّاقة، ولا رقيب له غير الله الَّذي لا تخْفى عليه خافية، وبذلك يكسب هذه المعركة ويصدُق فيه قول الشَّاعر:
لَيْسَ الشُّجَاعُ الَّذِي يَحْمِي فَرِيسَتَهُ عِنْدَ النِّزَالِ وَنَارُ الحَرْبِ تَشْتَعِلُ
لَكِنَّ مَنْ غَضَّ طَرْفًا أَوْ ثَنَى قَدَمًا عَنِ الحَرَامِ فَذَاكَ الفَارِسُ البَطَلُ


وهذا السَّري بن إسماعيل - رحِمه الله تعالى - نزل مرَّة في درب بِمصر، وكانت فيه امرأة جميلة فتنت النَّاس بِجمالِها فعلمتْ به، فقالت: لأفتِننَّه، فلمَّا دخلت من باب الدَّار تكشَّفت وأظهرتْ نفسَها فقال: ما لك؟ فقالت: هل لك في فراشٍ وطي وعيش رخي، فأقبل عليْها وهو يقول:
وَكَمْ مِنْ مَعَاصٍ نَالَ مِنْهُنَّ لَذَّةً وَمَاتَ فَخَلاَّهَا وَذَاقَ الدَّوَاهِيَا
تَصَرَّمُ لَذَّاتُ المَعَاصِي وَتَنْقَضِي وَتَبْقَى تِبَاعَاتُ المَعَاصِي كَمَا هِيَا
فَيَا سَوْأَتَا وَاللَّهُ رَاءٍ وَسَامِعٌ لِعَبْدٍ بِعَيْنِ اللَّهِ يَغْشَى المَعَاصِيَا


وراوَدَ رجُلٌ امرأةً عن نفسِها وطلب منها أن تُغْلِق الأبواب فأغلقتْها، فلمَّا دنا منها قالت: بقِي باب لم أغلقْه، قال: أي باب؟ قالت: الباب الَّذي بينك وبين الله، فلم يتعرَّض لها.

وآخر ذكر أنَّه في بعض اللَّيالي المظلِمة فإذا هو بِجاريةٍ جَميلة فراودها عن نفسِها، فقالت: ويلك أما كان لك زاجرٌ من عقل إن لم يكن لك ناهٍ من دين! فقال: إنَّه واللهِ ما يرانا إلاَّ الكواكب، فقالت: وأين مكوْكِبُها.

والحديث مشْهور في الصَّحيحين وغيرهِما في قصة النَّفر الثَّلاثة الَّذين آواهم المبيت إلى غارٍ فدخلوه، فانحدرت صخرة من الجبل فسدَّت عليهم الغار، فقالوا: إنَّه لا يُنجيكم من هذه الصَّخْرة إلاَّ أن تدْعوا الله بِصالح أعمالِكم، فذكر كلٌّ منهم قصَّة ودعا الله فانفرجت الصخرة بِمقدارٍ لا يَستطيعون الخروج معه، وذكر الثَّالثُ قصَّته مع ابنة عمَّته الَّتي أحبَّها حبًّا شديدًا وراودَها عن نفسِها فامتنعتْ، حتَّى احتاجت في سنة من السِّنين فطلبتْ منه مالاً، فأعْطاها بشرْطِ أن تُمَكِّنه من نفسِها، فلمَّا جلس بين رِجْليها قالت له: اتَّقِ الله ولا تفضَّ الخاتم إلاَّ بحقِّه، فانصرف عن الَّذي أراده، وقال: "اللَّهُمَّ إن كنتُ فعلت ذلك ابتغاءَ وجْهِك، ففرِّج عنَّا ما نحن فيه"، فانفرجت الصخرة وخرجوا يَمشون.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإيَّاكم بما فيه من الآيات والذِّكْر الحكيم.

أقول قولي هذا وأستغْفِر الله لي ولكُم ولسائر المسلِمين من كل ذنب، إنه هو الغفور الرحيم.



الخطبة الثانية
الحمدُ لله على إحسانِه، والشُّكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيمًا لشانِه، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبدُه ورسوله الدَّاعي إلى رضوانِه، صلَّى الله عليْه وعلى آله وصحبِه وإخوانِه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

أمَّا بعد:
أيُّها النَّاس، في الحديث الصَّحيح الَّذي رواه أحمد عن النوَّاس بن سمعان - رضِي الله عنْه - عنْ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه قال: ((ضرب الله مثلاً صراطًا مستقيمًا، وعلى جنبتَي الصِّراط سوران، وفي السورين أبوابٌ مفتَّحة، وعلى الأبواب ستورٌ مرخاة، وعلى رأس الصِّراط داعٍ يقول: يا أيُّها الناس، ادخلوا الصراط ولا تعوجوا، وداعٍ يدعو فوق الصِّراط فإذا أراد أحدُهم فتح شيء من تلك الأبواب قال: ويحك لا تفتحْه؛ فإنَّك إن تفتحه تلِجه، فالصِّراط: الإسلام، والستور المرخاة: حدود الله، والأبواب المفتَّحة: محارم الله، والدَّاعي إلى رأس الصِّراط: كتاب الله - عزَّ وجلَّ - والداعي فوْق الصراط: واعظُ الله في قلب كلِّ مسلم)).


وهذا الواعظ - معشر الإخوة - هو الَّذي منع يوسف والرَّجل من أصحاب الغار وأمثالَهما من الوقوع في الفاحشة، مع توفر أسبابِها، وهذه الطَّائفة لعفَّتها أسباب، أقْواها إجلال الجبَّار - سبحانه - ثمَّ الرَّغبة في الحور الحِسان في دار القرار؛ فإنَّ مَن صرف استِمْتاعه في هذه الدَّار إلى ما حرم الله عليه قد يَمنعه الله من الاستِمْتاع بالحور الحسان هناك؛ فإنَّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - أخبر كما في الصَّحيحين بأن: ((مَن شرب الخمر بالدُّنيا لم يشرَبْها في الآخرة، ومَن لبس الحرير في الدُّنيا لم يلبسْها في الآخرة))، فليختَرِ العبدُ لنفسِه إحدى اللَّذَّتَين.

ومن النَّاس من يدع الفاحشة خوفًا من النَّار فقط، ومنهم مَن يدَعُها خوف العار، إلى غير ذلك من الأسباب، وهذه أشهرها.

وليعلم العبدُ أنَّ مَن ترك شيئًا لله عوَّضه الله خيرًا منه، فإنَّه إذا امتنع عن الحرام رغبةً فيما عند الله عوَّض الله عنه من الحلال ما يغنيه عن الحرام؛ كما قال - جلَّ وعلا -: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2، 3]، وانظروا إلى المهاجرين لمَّا تركوا ديارهم وأوطانَهم وأموالهم لله، عوَّضهم الله أن فتح عليْهم الدُّنيا، وملَّكهم شرق الأرض وغرْبَها.

وليعلم مَن همَّ بفاحشة أنَّ الجزاء من جنسِ العمل، وكما تدين تُدان، ومَن زنى بِنساء النَّاس اليوم زُنِي بنسائه غدًا، وفي الحديث: ((عفُّوا تعفَّ نساؤكم))، وقال: ((وقلب القاسي معلَّق بالحرام، كلما همَّ أن يفارقه ويَخرج منه، عاد إليه))، ولهذا يكون جزاؤه في البرزخ والآخرة هكذا؛ كما في حديث سمرة الَّذي سبق ذكره، وفيه: "أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - رأى الزُّناة في مثل التنُّور وأعلاه ضيق وأسفله واسع، يوقَد تحتَه نارٌ فيه رجال ونساء عراة، فإذا أوقدت النَّار ارتَفعوا حتَّى كادوا أن يَخرجوا، فإذا أُخْمِدت عادوا فيها".

فتأمَّل مطابقة هذا العذاب بِحال قلوبهم بالدنيا، فإنَّهم كلَّما همُّوا بالتَّوبة والإقلاع والخروج من تنُّور الشهوات إلى فضاء التَّوبة، أركسوا فيه وعادوا بعد أن كادوا يَخرجون، وملاك الأمر كلّه الرَّغبة في الله وإرادة وجْهِه، والتقرُّب إليه بِجميع الوسائل، والشَّوق إلى الوصول إليْه وإلى لقائه، ثمَّ الرَّغبة بالجنَّة ونعيمها وما أعدَّ الله فيها لأوليائه، ثمَّ خشية النَّار وما أعدَّ الله فيها لِمَن عصاه، ولا يقدر على ذلك العبد إلاَّ بمخالفة هواه، فاتَّقِ الله أيُّها العبد.
وَإِذَا خَلَوْتَ بِرِيبَةٍ فِي ظُلْمَةٍ وَالنَّفْسُ دَاعِيَةٌ إِلَى العِصْيَانِ
فَاسْتَحْيِ مِنْ نَظَرِ الإِلَهِ وَقُلْ لَهَا إِنَّ الَّذِي خَلَقَ الظَّلامَ يَرَانِي



فيا عباد الله:
إنَّ الشَّرَّ قد انتشر، والباطل طغى وبغى، وليس لنا ملتجأ من الله إلاَّ إليْه، وقد جاءكم من الآيات ما فيه مدَّكر، وعبرة لكل معتبر، وهذا من لُطْفِه - سبحانه - إذْ لم يعاجلنا بالعقوبة، وإنَّما أرسل إليْنا الآيات من القحط وقلَّة المطر والكسوف، وغيرها من الآيات التي يرسلها الله تعالى تخويفًا، فأين الرجوع إلى الله وأين التوبة؟! وهل كانت تلك الآيات تتكرَّر كثيرًا في الماضي كما هو حالكم الآن؟!


نسأل الله - جلَّ وعلا - أن يصلح لنا دينَنا الذي هو عصمة أمرِنا، ويُصْلِح لنا دُنيانا الَّتي فيها معاشُنا، وأن يُصْلِح لنا آخِرتنا الَّتي إليْها معادُنا.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 76.58 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 74.45 كيلو بايت... تم توفير 2.13 كيلو بايت...بمعدل (2.79%)]