رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله - الصفحة 8 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         المنافقون والمنافقات .. خطرهم وصفاتهم في كتاب الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          حكم تخصيص أدعية معينة لكل يوم من أيام رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          حديث موضوع مكذوب حديث يا علي لا تنم قبل أن تأتي بخمسة أشياء لا يصح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          كيف نستعد لرمضـــــان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          تدبر جزء تبارك فضيلة الشيخ/ ماجد الجاسر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          ما يهمكم من معلومات عن بقية شهر شعبان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          ميزة جديدة من واتساب ستمنعك من مشاركة رقم هاتفك المحمول (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          كيف يجنب الآباء أطفالهم من اضطراب fomo ويقللون الاعتماد على وسائل التواصل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          لاحظها على طفلك.. علامات خطيرة لاضطراب متعلق باستخدام السوشيال ميديا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          خطوات بسيطة يجب اتباعها لضمان تجربة إنترنت آمنة وتعليمية لطفلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > ملتقى اخبار الشفاء والحدث والموضوعات المميزة > رمضانيات
التسجيل التعليمـــات التقويم

رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18-04-2022, 11:41 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,416
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله




هل أتى إلينا رمضان؟


محمود عاشور



اهلا وسهلا بقدوم رمضان .


سؤال طرحته على نفسي وعقلي وقلبي وروحي وسمعي وبصري ولساني على جوفي على يدي وقدماي

على زوجتي واولادي

على اهلي واحبتي

على جيراني

على اصدقائي واخواني

هل اتى الينا رمضان ؟؟؟

سالت قلبي : هل اتى رمضان؟؟؟

ياقلب هل فتحت الباب لرمضان ؟؟؟

هل فرغته من الاغشاش؟

هل نظفته ؟

هل اخرجت الحقد والحسد والبغضاء والكبر والعجب والرياء ؟

رمضان لايأتيك وانت تضم هذه الاوساخ فيك ياقلبي

نظفها ليأتي رمضان

سألت بطني وجوفي : هل اتى اليكم رمضان ؟

رمضان لايأتي اليك وانت تأكل السحت من الربا والغش والسرقة واكل حقوق العباد واكل الارث وحقوق اخوتك واخواتك ؟

يابطن ابعد تلك الاشياء عنك حتى يأتيك رمضان .

سألت عقلي هل اتى اليكم رمضان ؟؟؟

اريد انصحك ياعقل ان رمضان لايأتي اليك وانت تخطط وتمكر وتكيد لتلحق الضرر بالناس

فتنة وضرر وتفريق بين المؤمنين

رمضان يريد منك ياعقل ان تفكر كيف تنفع العباد والبلاد

كيف تفكر بخالقك ومولاك

رمضان يريد منك ان تكون مبدعا لتنفع الخلق بابداعك وتخفف عنهم الالام وتكبر عندهم الامال .

سمعي واذناي هل وصل اليكم رمضان ؟؟؟

انصحك سمعي نصيحة نصح بها الامام الشافعي

ونفسك صن عن سماع القبيح

واقول لك ياسمع ان رمضان لا يحب الذين سمعون الغيبة والنميمة والافتراء واللعن والطعن والمجون والخوض بايات الله بغير حق

رمضان لايأتي لمثل هؤلاء

هل انت مستعد ياسمعْ لرمضان

هل فتحت له الابواب .

وانت يابصري وياعيناي هل رأيتم رمضان هل اتى اليكم ؟؟؟

واني لاعلم ان رمضان لايأتي

الى الذين ييتبعون عورات المسلمين وينظرون الى المحرمات والذين يبصرون القذاة في غيرهم ولايبصرون الجذع معترضا في اعينهم

انصحك يابصرْ ان تبتعد عن ذاك حتى ترى رمضان وخيراته وبركاته

انظر في بديع صنع الله يحبك رمضان بل ترى خيرا كثيرا منه .

وانت ايها اللسان

هل اتى اليكم رمضان ؟؟؟

انت الذي يحذر منك الجميع ويخافك الكثير انت الذي قال عنك الحبيب صلى الله عليه وسلم ( وهل يكب الناس في النار على وجوههم الا حصائد السنتهم

واعلم ايها اللسان ان رمضان لايحب اللذين يلعنون ويجرحون ويشتمون ويكفرون ويغتابون ويستهزؤون

يحب منك رمضان يالسان

الا تخوض في الاعراض ولاتخوض بما ليس لك به علم

لاتفتي بغير علم ولاتكثر من اللغو للتتصدر المجالس

يريد منك رمضان يالسان

ان تأمر بالمعروف بمعروف وتنه عن المنكر

ان تجبر خاطرا ويرف همة وتقوي عزيمة لاان تيئس عباد الله وتجعلهم يقنطون من رحمة الله

واريد ان اقول لك في النهاية

كلمة لاتلقي لها بالا ترفعك عند الله الترجات العلى

فيرضى رمضان ويأتي اليك

يالسان رحب برمضان حتى يأتي اليكم

وسالت يدي هل اتى اليكم رمضان

هل بادرت يايد بخدمة عباد الله هل ازلت الاذى عمن حولك

هل ابتعدت القتل والتدمير وكل الشرور والضرب والاذى بغير حق

يايد افرشي الطريق لرمضان بالورود والازهار والرياحين حتى يأتي

سألت قدماي هي وصل اليكم رمضان

هل انتما جاهزتين لاستقباله ؟؟؟

هل تنظفتم من الادران والاوساخ

رمصان لايحب من يمشي بالنميمة والغيبة والفتنة

ولايحب من يمشي الى المجون والفجور والفسوق

رمضان لايحب منكم ان تذهبوا الى اهل المعاصي

الا لامر بالمعروف او نهي عن المنكر

رمضان يريد منكما ان تسيرا لخدمة عباد الله وقضاء حوائجهم ودفع الظلم عنهم

يردكم رمضان ان تغبرا في سبيل الله وفي سبيل وعلاء كلمة الحق والعدل

اعلمتم ماذا يريد منكم رمضان حتى يأتي اليكم

فياقلب ويابطن وياعقل وياسمع ويابصر ويا لسان ويا يد وياقدم

هل انتم مستعدون ليأتي اليكم رمضان

واريد ان اقول لكم ان رمضان يحب القرآن واهل القرآن فقربوا القرآن اليكم حتى تكونوا من اهله فيأتيكم رمضان بل ويحبكم ويعطيكم الكثير

والسؤال يطرح نفسه على

كل البيوت والاسر والهيئات والمؤسسات

والقادة والعلماء والرؤساء والمرؤوسين

هل انتم مستعدون

هل اعددتم العدة وعبدتم الطريق ونظفتم افنيتكم

فالضيف لايأتي على القازورات والقمامة والاوساخ

بل رمضان نظيف معطر يحب المنظفين الممسكين المعطرين

اللهم اجعلنا منهم ومعهم نحن مع اهلينا واولادنا وذريتنا واخواننا والمسلمين اجمعين اللهم اجعلنا نغتنم منه الخير الكثير العتق والجنة والغفران وبلغنا فيه ليلة القدر ولاتحرمنا فيه من خير تنزله على عبادك في رمضان


اللهم امين واشرك بذلك من يقول امين






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19-04-2022, 12:23 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,416
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

أخطاء في الصوم



شرع الله الصوم لغاية عظيمة، هي تحصيل تقوى الله جل وعلا، وتزكية النفوس، وتهذيب الأخلاق، فليست الغاية من الصوم إدخال الضرر أو المشقة على العباد، وكلما كان الصوم موافقاً للأحكام الشرعية والآداب المرعية كلما كان أكثر ثمرة وأعظم أجراً، ومع الأسف الشديد فإن بعض الصائمين لا يلتزمون هذه الأحكام والآداب فتصدر منهم الأخطاء والمخالفات التي تؤثر على صومهم أو تنقص أجره وثوابه، وهناك بعض الأخطاء الشائعة التي ينبغي للصائم التنبه لها والحذر منها:

أولاً: عدم إدراك البعض لفضائل هذا الشهر الكريم، فيستقبلونه كغيره من شهور العام، وقصارى اهتمام بعضهم أن يستقبله بشراء الأطعمة والمشروبات بدلاً من الاستعداد للطاعة والاقتصاد ومشاركة الفقراء والمحتاجين.

ثانياً: التأفف من دخول شهر رمضان، وتمني ذهابه وسرعة زواله، وذلك لما يشعر به من ثقل الطاعة على نفسه والحدِّ من شهواتها، فلا يستشعر معنى التعبد وحلاوة الطاعة، وربما صام مجاراةً للناس وتقليداً وتبعية، فيكون بذلك قد حرم نفسه الاستفادة المثلى من هذا الشهر الكريم.

ثالثاً: عدم التفقه في أحكام الصيام وعدم السؤال عنها، فإن صوم رمضان فريضة وعبادة يجب على المسلم أن يعرف كيف يؤديها على الوجه الصحيح المقبول، فيعرف الأركان والواجبات والسنن والمكروهات والمفطرات.

رابعاً: عدم تجنب المعاصي أثناء صيامهم، فتجد الصائم يتحرز من المفطرات الحسية كالأكل والشرب والجماع لكنه لا يتحرز من الغيبة والنميمة واللعن والسباب والنظر إلى المحرمات، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه» (رواه البخاري).

خامساً: ترك بعض السنن ظنًّا بعدم شرعيتها حال الصيام، كترك المضمضة والاستنشاق؛ خوفاً من وصول الماء إلى الحلق، مع أن المنهيَّ عنه إنما هو المبالغة التي يخشى معها وصول الماء إلى الجوف، فعن لقيط بن صبرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: «أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً» (رواه الترمذي وغيره) ، ومثل ذلك ترك السواك بعد الزوال؛ تحرجاً من الإثم، مع أن الصحيح أن السواك مشروع للصائم قبل الزوال وبعده.

سادساً: ومن هذا القبيل تحرج البعض من بلع الريق في نهار رمضان لظنه أنه إذا بلع بصاقه فقد فسد صومه، وهذا ليس بصحيح، إذ لم يثبت في الشرع أن بلع البصاق من المفطرات التي يبطل الصوم بها.

سابعاً: عدم تبييت النية لصيام الفرض من الليل أو قبل طلوع الفجر، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له» (رواه النسائي) ، وفي رواية: «من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له». والمشروع من ذلك أن يبيت النية في نفسه من غير تلفظٍ بها.

ثامناً: تعمد الأكل والشرب مع أذان الصبح أو بعده، والذي ينبغي على المسلم أن يحتاط لصومه، فيمسك بمجرد أن يسمع الأذان.

تاسعاً: تخصيص هذا الشهر بالطاعة والاستقامة دون غيره، فما أن ينقضي الشهر حتى يعود بعض الناس إلى ما كانوا قد اعتادوه من المعصية والمخالفات، وهو خطأ عظيم يدل على عدم إدراكهم لحقيقة شهر رمضان، وضعف تأثيره في نفوسهم، فإن رب الشهور واحد، والله جل وعلا حذر من معصيته ومخالفة أوامره ونواهيه في كل وقت، ولا يزال المرء يتقلب في منازل العبودية ومدارجها حتى يأتيه اليقين من ربه.

عاشراً: اتخاذ هذا الشهر فرصة للنوم والكسل في النهار وما يترتب عليه من إضاعة الصلوات أو تأخيرها عن وقتها، والسّهر في الليل على ما يسخط الله ويغضبه من لهو ولعب ومشاهدة القنوات، فتضيع بذلك على الإنسان أشرف الأوقات فيما لا فائدة فيه بل فيما يعود عليه بالضرر في العاجل والآجل.

حادي عشر: تحرج بعض الصائمين من أن يصبح جنباً وهو صائم، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدركه الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل ويصوم.

ثاني عشر: سوء الخلق وسرعة الغضب والطيش في نهار رمضان بسبب الجوع وخلاء البطن، مع أن المفترض أن يهذب الصوم أخلاق الصّائم، ويضبط مشاعره وانفعالاته متمثلاً قول المصطفى صلّى الله عليه وسلّم: «الصّوم جُنَّةٌ، فإذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابَّه أحدٌ، أو شاتمه، فليقل: إني صائم» (رواه البخاري ومسلم).

ثالث عشر: ما يلاحظ في أول الشهر من كثرة المصلين والمقبلين على العبادة وقراءة القرآن، ثم لا يلبث أن يتسلل الفتور إليهم فيخبو هذا الحماس في آخر الشهر الذي يفترض أن يضاعف فيه الجهد لما للعشر الأواخر من مزية على غيرها، وقد كان صلى الله عليه وسلّم «إذا دخل العشر الأواخر من شهر رمضات شدَّ المئزر، وأحيا الليل، وأيقظ أهله» (رواه ابن خزيمة في صحيحه).
منقول










__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 19-04-2022, 08:17 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,416
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

من القربات في رمضان: الدعاء


عبد العزيز بن حمود التويجري



لقد أمرنا الله بالدعاء ووعدنا بالإجابة:
قال تعالى في سورة غافر: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60]، والدعاء من أحب العبادات إلى الله جل جلاله، ففي الحديث الحسن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس شيء أكرم على الله من الدعاء»؛ (رواه ابن ماجه).


وقد دعانا الله لأن نطلب منه ما نحتاجه:
ولو كان ذلك طعامنا وكسوتنا، فعن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه عز وجل أنه قال: «يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعًا فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم، كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم، ما زاد ذلك في ملكي شيئًا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم، كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم، ما نقص ذلك من ملكي شيئًا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم، قاموا في صعيد واحد، فسألوني فأعطيت كل إنسان منهم مسألته، ما نقص ذلك مما عندي، إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أُوفيكم إياها، فمن وجد خيرا فليحمد الله عز وجل، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسه»؛ قال سعيد: كان أبو إدريس الخولاني إذا حدث بهذا الحديث جثا على ركبتيه؛ (رواه مسلم).

وقد حضنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإكثار من الدعاء:
فالداعي رابح على كل حال؛ أجابه الله جل جلاله أم لم يجبه، فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما على الأرض مسلم يدعو الله بدعوة، إلا آتاه الله تعالى إياها، أو صرف عنه من السوء مثلها، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، فقال رجل من القوم إذا نكثر، قال: الله أكثر؛ رواه الترمذي، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلم ينصب وجهه لله عز وجل في مسألة إلا أعطاها إياه، إما أن يعجلها له، وإما أن يدَّخرها له في الآخرة»؛ (رواه أحمد)، وكلما أكثرنا من الدعاء كانت الإجابة أرجى، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَن سره أن يستجيب الله له عند الشدائد، فليكثر من الدعاء في الرخاء»؛ (رواه الترمذي والحاكم).

والدعاء هو الوسيلة التي يمكننا أن نغير بها حياتنا:
فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء»؛ (رواه الترمذي)، وفي الحديث الصحيح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من نزلت به فاقة فأنزلها بالناس لم تسد فاقته، ومن نزلت به فاقة فأنزلها بالله فيوشك الله له برزق عاجل أو آجل»؛ (رواه أبو داود والترمذي).
لذا فالدعاء هو الباب الوحيد الذي يُمكننا أن نغيِّر به قدرنا بإذن الله، وهو الذي نتصدى به للأزمات الصعبة والمشكلات المظلمة في حياتنا التي لا نجد منها مناصًا ولا مفرًّا أبدًا، ففي الحديث الحسن، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر»؛ (رواه ابن حبان في صحيحه).

وعلى من أراد أن يستجيب الله دعاءه أن يلتزم بآداب الدعاء:
لكي ينال الإجابة، فكلما التزمنا بآداب الدعاء كلما اقتربنا من الحصول على الإجابة.

فما آداب الدعاء؟
أولًا: صورة الدعاء:
1- حمد الله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: ففي الحديث الصحيح عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد إذ دخل رجل فصلى، فقال: اللهم اغفر لي وارحمني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عجلت أيها المصلي، إذا صليت فقعدت فاحمد الله بما هو أهله، وصل عليَّ، ثم ادعه»، قال: ثم صلى رجل آخر بعد ذلك فحمد الله وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أيها المصلي، «ادعُ تُجَبْ»؛ (رواه أحمد وأبو داود والترمذي).
2- رفع اليدين بالدعاء: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله حيي كريم، يستحيي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرًا خائبتين»؛ (رواه أبو داود).

ثانيًا: حال القلب في الدعاء:
• الإخلاص لله بالدعاء: قال تعالى في سورة الأعراف: {وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} [الأعراف: 29]، وقال تعالى في سورة غافر: {هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [غافر: 65].

• الظن الحسن بالله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله عز وجل يقول أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني»؛ (رواه البخاري ومسلم).

• حضور القلب في الدعاء: قال تعالى في سورة النمل: ﴿ {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [النمل: 62]، وقال تعالى في سورة: {لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ} [الأعراف: 94]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {فإن الله لا يستجيب لعبد دعاه عن ظهر قلب غافل}؛ (رواه أحمد).

فالدعاء الذي يخرج من القلب الحي اليقظ المتضرع هو الأرجى للإجابة.

• اليقين بالإجابة: فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «القلوب أوعية، وبعضها أوعى من بعض، فإذا سألتم الله عز وجل يا أيها الناس فاسألوه وأنتم موقنون بالإجابة»؛ (رواه أحمد).

ثالثًا: مراعاة أوقات الإجابة وأحوالها:
فكلما راعينا الأحوال التي نجاب فيها أكثر من غيرها، والكلمات التي تكون أرجى في الإجابة، وكذلك الأماكن والأوقات، كلما فتح لنا باب الإجابة أكثر وأكثر، ومن ذلك:
• الدعاء في السجود: ففي الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أقرب ما يكون العبد من ربه عز وجل وهو ساجد، فأكثروا الدعاء»؛ (رواه مسلم).

• ثلث الليل الآخر: فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ينزل ربُّنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: «من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له» ؟؛ (رواه البخاري ومسلم)، وفي رواية لمسلم: إذا مضى شطر الليل أو ثلثاه، ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا فيقول: «هل من سائل فيعطى؟ هل من داع فيستجاب له؟ هل من مستغفر يغفر له؟ حتى ينفجر الصبح»، وعن عمرو بن عبسة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «أقرب ما يكون العبد من الرب في جوف الليل، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن»؛ (رواه أبو داود والترمذي).

• دبر الصلوات المكتوبات: فعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قيل: يا رسول الله، أي الدعاء أسمع؟ قال: «جوف الليل الأخير، ودبر الصلوات المكتوبات»؛ (رواه الترمذي).

• الدعاء بين الأذان والإقامة: فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد»؛ (رواه أبو داود والترمذي)، وفي الحديث الصحيح عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أن رجلًا قال: يا رسول الله إن المؤذنين يفضلوننا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قل كما يقولون، فإذا انتهيت فسل تعطه»؛ (رواه أبو داود والنسائي)، وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ساعتان تفتح فيهما أبواب السماء، وقلما ترد على داع دعوته عند حضور النداء والصف في سبيل الله»، وفي لفظ قال: «ثنتان لا تردان - أو قلما يردان - الدعاء عند النداء، وعند البأس حين يلحم بعض بعضًا»؛ (رواه أبو داود).

• ساعة من يوم الجمعة: قد تكون هي ساعة الخطبة والصلاة، وقد تكون آخر ساعة من نهار الجمعة أي قبيل المغرب، وقد تكون فيما سوى ذلك، المهم أن فيها ساعة مجابة، علمها من علمها وجهلها من جهلها، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «وفيها ساعة لا يدعو أحد ربه فيها بخير هو له قسم إلا أعطاه، أو يتعوذ من شر إلا دفع عنه ما هو أعظم منه»؛ (رواه الطبراني في الأوسط بإسناد جيد).

قال الألباني رحمه الله: ورأى بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم أن الساعة التي ترجى بعد العصر إلى أن تغرب الشمس، وبه يقول أحمد وإسحاق وقال أحمد: أكثر الحديث في الساعة التي ترجى فيها إجابة الدعوة أنها بعد صلاة العصر، قال: وترجى بعد الزوال، ثم روى حديث عمرو بن عوف المتقدم، وقال الحافظ أبو بكر بن المنذر: اختلفوا في وقت الساعة التي يستجاب فيها الدعاء من يوم الجمعة، فروينا عن أبي هريرة قال: هي من بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، ومن بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس، وقال الحسن البصري وأبو العالية هي عند زوال الشمس، وفيه قول ثالث: وهو أنه إذا أذن المؤذن لصلاة الجمعة روي ذلك عن عائشة وروينا عن الحسن البصري أنه قال: هي إذا قعد الإمام على المنبر حتى يفرغ، وقال أبو بردة: هي الساعة التي اختار الله فيها الصلاة.


رابعًا: تحري اسم الله الأعظم:
ففي الحديث الصحيح عن عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلًا يقول: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد، فقال: «لقد سألت الله بالاسم الأعظم الذي إذا سُئل به أعطى وإذا دُعي به أجاب»؛ (رواه أبو داود)، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بأبي عياش زيد بن الصامت الزرقي وهو يصلي وهو يقول: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت، يا حنان يا منان، يا بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد سألت الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى»؛ (رواه أحمد)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين: وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم، وفاتحة سورة آل عمران الله لا إله إلا هو الحي القيوم»؛ (رواه أبو داود والترمذي)، وفي الحديث الصحيح: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعوة ذي النون إذ دعاه وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له»؛ (رواه الترمذي).
خامسًا: تجنب أن تضع الحجارة بأفعالك فتسد الطريق أمام دعائك فلا يجاب:
فهناك مجموعة من العقبات التي تقف حائلًا دون إجابة دعائك، ومن فضل الله علينا أن تلك العقبات تحت سيطرتنا ويمكننا تجنبها، ومنها:
1- المطعم الخبيث: فهو أكثر ما يمنعك إجابة دعواتك، فأطب طُعمتك لتكون مستجاب الدعوة؛ ففي الحديث الحسن: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون: 51]، وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 172]، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب، ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام، وغُذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك» ؟؛ (رواه مسلم والترمذي).

2- العجلة: فالعجلة تمنعك الإجابة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي»؛ (رواه البخاري ومسلم)، وفي رواية لمسلم والترمذي: «لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل، قيل: يا رسول الله، ما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجيب لي، فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء»، وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يزال العبد بخير ما لم يستعجل، قالوا: يا نبي الله وكيف يستعجل؟ قال: يقول قد دعوت ربي، فلم يستجب لي»؛ (رواه أحمد).

3- القلب المشغول: فالله لا يستجيب من القلب الذي يدعو وهو ساهٍ لاهٍ في شعاب الدنيا؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاهٍ»؛ (رواه الترمذي)، وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «القلوب أوعية وبعضها أوعى من بعض، فإذا سألتم الله عز وجل يا أيها الناس فاسألوه وأنتم موقنون بالإجابة؛ فإن الله لا يستجيب لعبد دعاه عن ظهر قلب غافل»؛ (رواه أحمد).

4- رفع البصر عند الدعاء بالصلاة: ففي الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لينتهينَّ أقوام عن رفعهم أبصارهم عند الدعاء في الصلاة إلى السماء، أو ليخطفنَّ الله أبصارهم»؛ (رواه مسلم والنسائي).

5- الاعتداء في الدعاء، والدعاء بإثم أو قطيعة رحم: فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما على الأرض مسلم يدعو الله بدعوة، إلا آتاه الله تعالى إياها، أو صرف عنه من السوء مثلها، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، فقال رجل من القوم: إذا نُكثر، قال الله أكثر»؛ (رواه الترمذي).


فلا تطلب من الله إلا خيرًا، ولا تسلك لهذا الطلب إلا طريق الخير؛ حتى لا تضع الحجارة الكثيفة أمام دعائك فلا يستجيب الله لك.

وإن كان الدعاء هو عمل عظيم الأجر والأثر في كل وقت، فهو أعظم أجرًا وأثرًا في رمضان، فشهر رمضان هو الشهر الذي يرجى أكثر من غيره أن ترتفع فيه الدعوات، ويستجيب الله منا، فاستكثروا فيه من الدعاء، فلكل مسلم في كل يوم دعوة مجابة عند الفطر، غير ما في ليله من فضل عظيم.









__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 20-04-2022, 01:11 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,416
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

صنع في رمضان!

كتبه/ سامح بسيوني



الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فرمضان يصنعك: صناعة تجدد الإيمان، وتهيئ الإنسان للفوز بالرضوان، والعتق من النيران، صناعةُ تُصلِح القلوب وتُعالِج العيوب، صناعة تأذن لظلمة القلب أن ترحل، ولنور الإيمان أن يبزغ، ولربيع القلب أن يتدفق.

ففي شهر رمضان تتجلَّى تلك الغيوم القابعة على قلوبنا طيلة العام، فما مِن قلبٍ إلا وله سحابة كسحابة القمر تظلمه، فيحتاج إلى نور الإيمان كي يبدده، كما في الحديث الصحيح أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: "ما من القلوب قلب إلا وله سحابة كسحابة القمر بينما القمر مضيء إذ علته سحابة فأظلم إذ تجلت عنه فأضاء".

وها هو شهر رمضان قد جاءنا ليحقق التقوى في نفوسنا بصناعة قرآنية: "يا أيها الذين آمنوا كُتِب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون"، فالتقوى درة مفقودة، وغاية منشودة من أجلها شُرع الصيام، ومن أجلها حُقَّ لنا أن نسعى لصلاح قلوبنا قبل أبداننا، فالتقوى محلها القلب كما أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى صدره ثلاث مرات قائلًا: 'التقوى ها هنا".

ولذلك يعد هذا القلب هو محط الاهتمام الأول الذي يجب العناية به من أول يوم في رمضان؛ فبصلاحه يستقيم الإيمان، ويُصنع الإنسان على ما يرضي الرحمن؛ فنفوز حينئذٍ بالسعادة والرضوان، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يستقيم إيمانُ عبدٍ حتى يستقيم قلبه"؛ ولذلك فالمؤمن الصادق العاقل يجب أن يستغل هذا الشهر ببركاته ورحماته، وما فيه من طاعاتٍ في علاج ظلمة قلبه؛ لا أن يشغل نفسه فيه بما يُخططه له أعداء الأمة عبر أبواقهم الذين يأبون إلا أن يضيعوا تلك الفرصة على أبناء الأمة، ويريدون طبقًا لمخططات أسيادهم في الغرب أن يغرقوا أبناء الأمة في مستنقعات المسلسلات الرمضانية المدمِّرة للأخلاقيات والقِيَم والسلوكيات، والمُبْعِدَة لهم عن العودة إلى ربِّ الأرض والسماوات!

فسبحان الله!

الله العزيز الكريم الرحيم، يفتح لعباده أبواب جنانه في رمضان وييسر لهم سبل صلاح القلب، والعتق من النيران، ويغلق أبوابها دونهم، بينما أبواق أعداء الأمة يأبون إلا أن يصدوهم عن أسباب نجاتهم، ويمعنون في فتنتهم وتضييعهم، وتشكيكهم في أحكام دينهم!

وصدق الله تعالى إذ يقول في كتابه الكريم: "وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا"؛ فلننتبه لتلك الفرصة التي سرعان ما تنفلت من أيدينا -وقد مرَّ الثلث والثلث كثير-، فرمضان كما قال الله: "أيامًا معدودات".

فلنحرص على السبق في هذه الأيام، وأولى السبق هو سبق القلب إلى الله؛ الذي به يطيب المقام، ويستقيم الإيمان، وتحصل ثمرة الصيام والقيام والقرآن.


ولنحرص على قلوبنا مِن أسهم أعدائنا، ولنحفظها بغض أبصارنا، وحفظ ألسنتنا، وصيانة ديننا.

فاللهم خذ بأيدينا إليك، وأقبِل بقلوبنا عليك، وارزقنا قلوبًا مخمومة -أي: نقية-، وألسنة صادقة، واكتب لنا رضوانك، والعتق من نيرانك، والفوز بالدرجات العلا من جنانك.

اللهم آمين.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 20-04-2022, 02:34 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,416
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

العشر الأواخر على الأبواب فهل من مشمر؟



رمضان أيامه تمر بسرعة ونحن في غفلة إلا من رحم الله، فما أحوجنا أن نشمر عن ساعد الجد، ونشحذ الهمم فيما تبقى من شهر رمضان؛ شهر الطاعة والمغفرة والرحمة والعتق من النيران.

هاهي العشر الأواخر من رمضان على الأبواب، أيام عظيمة امتن الله بها على الأمة المسلمة بأن أعطاها نفحات ربانية عطرة، فيها الأجر العظيم مع العمل والطاعة القليلة، وفيها أيضا ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.. هي خلاصة رمضان، وزبدة رمضان، وتاج رمضان قد قدمت، فيا ترى كيف نستقبل العشر الأواخر من رمضان؟


وإذا كان قد ذهب من هذا الشهر أكثره، فقد بقي فيه أجَلّه وأخيره، لقد بقي فيه العشر الأواخر التي هي زبدته وثمرته، وموضع الذؤابة منه، ولقد كان - صلى الله عليه وسلم - يعظّم هذه العشر، ويجتهد فيها اجتهادًا حتى لا يكاد يقدر عليه، يفعل ذلك – صلى الله عليه وسلم - وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر، فما أحرانا نحن المذنبين المفرّطين أن نقتدي به – صلى الله عليه وسلم - فنعرف لهذه الأيام فضلها، ونجتهد فيها؛ لعل الله أن يدركنا برحمته، ويسعفنا بنفحة من نفحاته، تكون سببًا لسعادتنا في عاجل أمرنا وآجله. روى الإمام مسلم عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يجتهد في العشر الأواخر، ما لا يجتهد في غيره".، وفي الصحيحين عنها قالت: "كان النبي – صلى الله عليه وسلم - يخلط العشرين بصلاة ونوم، فإذا كان العشر شمَّر وشدَّ المئزر".

فقد دلت هذه الأحاديث على فضيلة العشر الأواخر من رمضان، وشدة حرص النبي – صلى الله عليه وسلم - على اغتنامها والاجتهاد فيها بأنواع القربات والطاعات؛ فينبغي لكم -أيها المسلمون- أن تحرصوا على إيقاظ أهلكم، وحثهم على اغتنام هذه الليالي المباركة، ومشاركة المسلمين في تعظيمها والاجتهاد فيها بأنواع الطاعة والعبادة.

أيها الإخوة الصائمون:
لنا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسوة حسنة، فقد كان إذا دخل العشر شدَّ مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله.

وإيقاظه لأهله ليس خاصًّا في هذه العشر، بل كان يوقظهم في سائر السنة، ولكن إيقاظهم لهم في هذه العشر كان أكثر وأوكد.

ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها"، "وكان إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله" (متفق عليه)

إنها ليالٍ معدودة وساعات محدودة، فيا حرمان من لم يذق فيها لذة المناجاة! ويا خسارة من لم يضع جبهته لله ساجدًا فيها!!

إنها ليالٍ يسيرة.. والعاقل يبادر الدقائق فيها؛ لعله يفوز بالدرجات العُلا في الجنان.. "وإنها ليست بجنة بل جنان".

لماذا نستغل العشر؟
إن المؤمن يعلم أن هذه المواسم عظيمة، والنفحات فيها كريمة؛ ولذا فهو يغتنمها، ويرى أن من الغبن البين تضييع هذه المواسم، وتفويت هذه الأيام، وليت شعري إن لم نغتنم هذه الأيام، فأي موسم نغتنم؟! وإن لم نفرغ الوقت الآن للعبادة، فأي وقت نفرغه لها؟!

أيها الصائمون:
تذكروا أنها عشر ليال فقط تمر كطيف زائر في المنام، تنقضي سريعًا، وتغادرنا كلمح البصر، فليكن استقصاركم المدة معينًا لكم على اغتنامها. - تذكروا أنها لن تعود إلا بعد عام كامل، لا ندري ما الله صانع فيه، وعلى من تعود، وكلنا يعلم يقينًا أن من أهل هذه العشر من لا يكون من أهلها في العام القادم، أطال الله في أعمارنا على طاعته. وهذه سنة الله في خلقه {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30]. وكم أهلكنا الشيطان بالتسويف وتأجيل العمل الصالح! فها هي العشر قد نزلت بنا، أبعد هذا نسوِّف ونُؤجل؟! - تذكروا أن غدًا تُوَفَّى النفوس ما كسبت، ويحصد الزارعون ما زرعوا، إن أحسنوا أحسنوا لأنفسهم، وإن أساءوا فبئس ما صنعوا. تذكروا أن فيها ليلة القدر التي عظّمها الله، وأنزل فيها كتابه، وأعلى شأن العبادة فيها، فـ"من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه" (أخرجه الشيخان). والعبادة فيها تعدل عبادة أكثر من ثلاث وثمانين سنة، قال تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3]. قال الإمام النخعي: "العمل فيها خير من العمل في ألف شهر سواها" فلو قُدِر لعابد أن يعبد ربه أكثر من ثلاث وثمانين سنة ليس فيها ليلة القدر، وقام موفَّق هذه الليلة وقُبلت منه، لكان عمل هذا الموفَّق خير من ذاك العابد، فما أعلى قدر هذه الليلة! وما أشد تفرطنا فيها! وكم يتألم المرء لحاله وحال إخوانه وهم يفرطون في هذه الليالي وقد أضاعوها باللهو واللعب والتسكع في الأسواق، أو في توافه الأمور!! يقول النبي صلى الله عليه وسلم : «وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرمها فقد حُرم الخير كله، ولا يُحرم خيرها إلا محروم» (رواه النسائي وابن ماجة وفي الصحيحين عن أبي هريرة) ، عن النبي قال: «من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدَّم من ذنبه» وهذه الليلة في العشر الأواخر من رمضان؛ لقول النبي: «تحرُّوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان» (متفق عليه).

فيا نائمًا متى تستيقظ؟! ويا غافلاً متى تنتبه؟! ويا مجتهدًا اعلم أنك بحاجة إلى مزيد اجتهاد، ولا أظنك تجهل هذه الآية «وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ» [التوبة: 105]. فماذا سيرى الله منكم في هذه العشر أيها المؤمنون؟! من رحمة الله بالعباد وهو الغني عنهم أن جعل أفضل أيام رمضان آخره؛ إذ النفوس تنشط عند قرب النهاية، وتستدرك ما فاتها رغبةً في التعويض، والعشر الأواخر هي خاتمة مسك رمضان، وهي كواسطة العقد للشهر لما لها من المزايا والفضائل التي ليست لغيرها.

وبعدُ فيا أيها الصائمون: معاشر المسلمين الموحدين: رمضان فرصة لنقف مع أنفسنا وقفات جادة صادقة، رمضان فرصة للإقبال على الله، رمضان فرصة لنعترف بتقصيرنا بين يديه، فرصة لنعرض حوائجنا له سبحانه فهو أرحم بنا من الوالدة بولدها.

فمن منا لم يذنب ؟ ومن منا لم تقع عينه فيماحرم الله؟ ومن منا لم يعق والديه؟ ومن منا لم يقع في مستنقع الغيبة والنميمة والسخرية والاستهزاء؟ ليس العيب أن نخطئ ولكن العيب أن نستمر في الخطأ دون محاسبة ورجوع صادق إلى الله سبحانه وتعالى.

أيها المؤمنون:
هل هناك أرحم من الله؟! هل هناك أكرم من الله؟! لا وألف لا، إذاً فهيا نمشي سويا إلى الأمام فهيا بنا جميعا نقبل إليه سبحانه فمهما بلغت الذنوب فالله سبحانه يبدلها حسنات إذا صدقناه في التوبة وفي محاسبة أنفسنا.

{إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [الفرقان: 70].

عن أنس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: قال الله تعالى: «يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة». (رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح).

{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ * أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ} [الزمر:53- 56 ].

وإن لمن الحرمان العظيم، والخسارة الفادحة، أن نجد كثيرًا من المسلمين، تمر بهم هذه الليالي المباركة، وهم عنها في غفلة معرضون، فيمضون هذه الأوقات الثمينة فيما لا ينفعهم، فيسهرون الليل كله أو معظمه في لهو ولعب، وفيما لا فائدة فيه، أو فيه فائدة محدودة يمكن تحصيلها في وقت آخر، ليست له هذه الفضيلة والمزية.

الله الله في هذه الأيام ، واستغلالها على أجمل وجه، الله الله في قيام الليل والتضرع بالأسحار.

أيها الأحبة الكرام: إن قيام الليل هو دأب الصالحين، وشعار المتقين، وتاج الزاهدين، كم وردت فيه من آيات وأحاديث! وكم ذُكرت فيه من فضائل! فكيف إذا كان في رمضان، وفي العشر الأواخر منه حيث ليلة القدر!!

وعن عمرو بن عبسة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن» (رواه الترمذي وصححه).

القانتون المخبتون لربهـــــــــــم *** الناطقون بأصدق الأقـــــــوال
يحيون ليلهم بطاعة ربهــــــــــم *** بتلاوة وتضرع وســـــــــــؤال
وعيونهم تجري بفيض دموعهم *** مثل انهمال الوابل الهطــــــال
في الليل رهبان وعند جهادهــم *** لعدوهم من أشجع الأبطــــال
بوجوههم أثر السجود لربهـــــم *** وبها أشعة نوره المتلالـــــــــي
ولقد أبان لك الكتاب صفاتهـــم *** في سورة الفتح المبين العالي
وبرابع السبع الطوال صفاتهـــم *** قوم يحبهــــــــــــم ذوو إدلال
وبراءة والحشر فيها وصفهـــم *** وبهل أتى وبسورة الأنفـــــــال

أسأل الله أن يجعلني وإياكم من أهل الفردوس الأعلى، وأسأله بمنه وكرمه أن يعينني وإياكم على ذكره وشكره وحسن وعبادته، وأن يوفقني وإياكم لما يحب ويرضى....

عبادالله: صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه....
منقول











__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 21-04-2022, 12:31 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,416
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

ما هي وجبات السحور التي من تناولها تدفع عنه العطش في النهار



السحور بركة، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم به فقال: «تسحروا فإن في السحور بركة» ومعنى ذلك أن من يتسحر سيخف شعوره بالجوع والعطش، وهذا ليس مرتبطاً لا بكمية ولا بنوعية الطعام،
وقد أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على سحور التمر فقال: «نعم سحور المؤمن التمر»، وقال صلى الله عليه وسلم: «السحور كله بركة فلا تدعوه ولو أن يجرع أحدكم جرعة ماء فإن الله وملائكته يصلون على المتسحرين»،
والسنة تأخير السحور ؛ لأنه فعل النبي صلى الله عليه وسلم. ومع ذلك فهناك نصائح هامة عامة للسحور، منها: أن تكون وجبة السحور وجبة خفيفة قليلة الدهون، وعدم النوم بعد تناول وجبة السحور مباشرة.
وأما لتجنب الإحساس بالعطش، فيجب تجنب الأغذية الشديدة الملوحة، وتجنب التوابل والبهارات وخاصةً عند السحور ؛ لأنها تزيد الإحساس بالعطش، ويُستحسن تجنب استعمال الأغذية المحفوظة، أو الوجبات السريعة التحضير، كما ويجب شرب كمية كافية من الماء، مع عدم المبالغة في ذلك.
وبشكل عام فإن تناول المأكولات الطازجة خاصةً الفواكه والخضراوات، وشرب العصير واللبن، وتناول السلطات، كل ذلك مجتمعاً يُساعد في سحور طيب وصيام مبارك بإذن الله تعالى .
إذن: السحور وتأخيره، وتناول التمر والماء، والسلطة واللبن، والمأكولات الطازجة من فواكه وخضروات، وتجنب الدهن والملح، والتوابل والبهارات والمحفوظات. والله الموفق.
منقول












__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 21-04-2022, 09:12 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,416
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله




صوم رمضان بين الصورة والحقيقة


أحمد عبد العال





العبادات في الإسلام تقوم على صور أو ظواهر وحقائق، ولا يتم كمال العبادة وتمامها إلا بوجود الظاهر والحقائق.

أما الظواهر أو الصور فيقصد بها أركانها وشروطها؛ كوقت أدائها وكيفية الأداء وسننها ومستحباتها.

وأما حقائق العبادة فيقصد بها الأمور الخاصة بروح العبادة، والغاية منها، والتي ينال بها المسلم القبول عند الله، ويكون عليها الجزاء الأوفى في الدنيا والآخرة؛ كالإخلاص البعيد عن الرياء، والخشوع البعيد عن الغفلة، وغيرها من الآداب والفضائل.

والحاجة الى الصورة والحقيقة في العبادات أمر معلوم من الدين بالضرورة.

قال الله تعالى " وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ".

والناس في صيامهم لهذا الشهر المبارك فريقان:

الفريق الأول : مؤمن بحقيقة الصيام، مستشعر عظمة هذه العبادة وخلوصها لله عز وجل، وهو صيام سلف الأمة وصالحيها.

فهو يستقبل شهر الصيام منشرح الصدر، طيبَ النفس، وكله شوق إليه، متلذذا بصيامه وقيامه يرجو بذلك القرب من رضوان الله ورحمته.

وفي هؤلاء يقول عنهم المصطفى صلوات الله عليه وسلامه :"من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه"

والفريق الثاني: يصوم رمضان ولكنه يشعر بأنه ضيف ثقيل يحول بينه وبين ما يشتهي من المطاعم والمشارب وسائر الملذات (لكن لا مناص من الصوم بصورته )، فتجده عبوسا قمطريرا ضائق النفس،متوتر الأعصاب، غضبه بين عينيه،،مشتت القلب حيران.

فبعضهم يأخذ اجازة من عمله ليصبح ليله سهرا، ونهاره نوماً، وربما فاتته بعض الصلوات المفروضة.

وبعضهم من يتتبع البرامج الرمضانية الهابطة من مسلسلات، وبرامج مسلية، أو قضاء أوقاته بالتوافه من الاقوال والاعمال.

وفي أمثال هؤلاء يصدق عليهم قوله عليه الصلاة والسلام : "ربَّ صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش،ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر".


فلنحرص أيها الكرام ان يكون صيامنا إيمانا واحتسابا، مع زيادة ارتباطنا بكتاب الله؛ قراءة وحفظا وتدبرا.

وتقبل الله طاعتكم.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 21-04-2022, 05:48 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,416
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله




روح العبادة


صالح المبارك





أثناء لقائي بمجموعة من الأصدقاء ثار حوار حول طرق يتبعها بعض الإخوة المدمنين على الشاي والقهوة (الكافئين) أو التدخين (النيكوتين) أثناء الصيام في شهر رمضان ، وذكر لي أحدهم أن هناك حبوب كافئين بطيئة الامتصاص يأخذها بعض مدمني القهوة مع السحور بحيث تعطي الجسم دفعات بطيئة ومستمرة من الكافئين فلا يشعر صاحبها بالصداع نتيجة نقص الكافئين خلال فترة الصوم. ثم تحول الحوار إلى لصقة النيكوتين التي يستعملها مدمنو التدخين والتي أيضا تعطي دفعات بطيئة ومستمرة من النيكوتين للمدمن الذي تعود على استمرار وجود النيكوتين في جسمه.

في البداية كان النقاش فقهيا: هل يجوز أم لا يجوز... قلت لمتحدثي: ما أعرفه هو أن ما دخل في الجوف قبل الفجر لا يُفَطّر ولكن إدخال شيء إلى الجوف عن طريق الحقن واللاصقات والقطرة وغيرها أمر آخر فصّل فيه العلماء... أنا لستُ فقيهاً ولا مفتياً ولا أريد الدخول في هذا الأمر لأني أرى أمراً لا يقل أهمية عن السؤال (هل يفطّر أم لا يفطّر؟) وهو روح الصيام والصبر على الطاعة والحرمان الطوعي لفترة محددة في اليوم ولأيام معدودة في السنة عن أشياء هي في الأصل مباحة (مع التنبيه أن التدخين ليس مباحاً). روح العبادة ومقاصد الشريعة لا تقل أهمية عن أحكامها فالصلاة ليست مجرد حركات مثل التمارين الرياضية ، والصوم بنيّة طاعة الله وتعبّده ليس مثل الصوم لتنزيل الوزن أو تحسين الصحة مع أن العبادة غالبا ما يكون فيها عنصر النفع الجسدي الذي نتحصله من التمارين والصوم الصحي.

إذا تأملنا أركان الإسلام الخمس: الركن الأول (شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله) هو المدخل للإسلام ولكل عبادة. لكن لنتأمل الأركان الأربعة الأخرى فكلها تحتاج قوة إرادة وجهاد النفس ومغالبة الهوى. فأداء الصلاة في وقتها يأخذ صاحبها من مشاغله أو متعه أو يوقظه من نومه ليمثل بين يدي ربه في أوقات معينة. كم يكون أحدنا في جلسة اجتماعية ممتعة أو يستمتع ببرنامج مسلٍّ على التلفزيون أو مستلقٍ أو نائم أو منهمكاً في عمله أو دراسته ثم يأتي وقت الصلاة فيأخذه مما هو فيه ليؤدي واجبه لربه ، هواه يقول له ابقَ مستمتعاً بما أنت عليه ولتكن الصلاة لاحقاً فربما تنطبق عليه الآية (فويلٌ للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون) لكن ضمير الواجب يقول له: بل قم وأدِّ الصلاة في وقتها... إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتا.

كذلك الصوم فهو معركة نفسية مع المغريات والشهوات: هل أنتصر عليها؟ في هذه المعركة يترك المسلم طعامه وشرابه وشهواته لساعات معدودة في اليوم طاعةً لله ، لا لمنفعة مادية ولا جسدية ولا نفسية... مع أن تلك المنافع قد تأتي مع الصوم ولكنها ليست الدافع للصوم بل هي استجابة لأمر الله تعالى كما قال في الحديث القدسي (.... يَتْرُكُ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ وشَهْوَتَهُ مِن أجْلِي الصِّيَامُ لِي، وأَنَا أجْزِي به).

كذلك في الركنين الآخرين مغالبة النفس والشهوات ففي الزكاة يدفع المسلم جزءاً من ماله لغيره استجابة لأوامر الله رغم ماجُبِلَ عليه الإنسان من حب المال (وإنه لحب الخير لشديد) ، وفي الحج يترك المسلم كل دنياه: بيته وأهله وماله ومكان ووسائل راحته... كي يقضي أياما يسير فيها بلباس الإحرام الذي يتساوى فيه الكبير والصغير والغني والفقير لا لغاية أو منفعة دنيوية بل طاعة لله.

تستطيع بالطبع أن تؤدي العبادات بعيداً عن روحها وربما يُجْزِئُك ذلك (أي أدّيتَ الفرض) حسب أقوال الفقهاء فتؤدي الصلاة حركات جسدية فحسب وذهنك غارقٌ في أمور الدنيا وتنهي صلاتك وأنت لا تدرك بماذا قرأت... وتستطيع أن تصوم رمضان بعيداً عن روح الصيام فينطبق عليك الوصف في الحديث الشريف (رُبّ صائمٍ ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش) وتحج وأنت لم تتخلَّ عن رفاهيتك وأطباق طعامك المفضلة (وربما حتى سيجارتك) وتقضي وقتك خلال أيام الحج في أحاديث جانبية مع الأصدقاء أو على وسائل التواصل الاجتماعي.

كل عبادة لها أحكامها وروحها... وهناك درجات لروحها نسعى لأعلاها فهناك من يسمو إلى الأعالي وهناك يقنع بالحد الأدنى وهناك ما بين هذا وذاك. فما أجمل وأحلى من أن يؤدي المسلم عبادته محسناً لأحكامها مدركاً لروحها وساعياً إليها ، ومستمتعاً بأدائها وهو يشعر بأنه متصلٌ بربه شاعرٌ بمراقبته (فإن لم تكن تراه فإنه يراك).

من جهة أخرى فالإدمان مشكلة نفسية أولاً قبل أن تكون عضوية فحين يصوم المرء صوماً صحيحاً لا تحايل فيه يصير انضباطه وقوة إرادته أقوى ويصبح أكثر قدرة على التحكم بالنفس ومغالبة الشهوات ، يقود نفسه ولا يتركها تقوده ، فما أقبح من أن يستعبد الإنسان شيء تافه كفنجان قهوة أو سيجارة وهو المخلوق الذي كرّمه الله بنعمة العقل والتمييز.


فيا صديقي الذي تسأل عن حكم بلع حبوب الكافئين أو لصقة النيكوتين وأنت صائم: لا تضيّع روح صيامك بالالتفاف حول الأحكام حتى ولو كان ذلك بطرقٍ يجيزها لك الفقهاء. صم عن الشهوات وجالد نفسك كي تشعر بحلاوة الأداء وتتحصّل على فرحتي الصائم: حين يفطر وحين يلقى ربه.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 22-04-2022, 10:39 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,416
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر



الحمد لله ربِّ العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعـد:

فمن السُنَّة وهدي النبي - عليه الصلاة والسلام - هو تعجيل الفطور وتأخير السحور، وهذا ما دلت عليه الأحاديث الصحيحة وتواتر ذلك في الأمة الإسلامية؛ فعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ الساعدي - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: {لا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ}؛ (متفق عليه).

قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم [7 /208]: (فيه الحث على تعجيله بعد تحقق غروب الشمس، ومعناه لا يزال أمر الأمة منتظمًا وهم بخير ما داموا محافظين على هذه السُنَّة، وإذا أخروه كان ذلك علامة على فساد يقعون فيه).

فعلق خيرية الأمة بتعجيل الفطر؛ لأنها علامة على أنهم ملتزمون بسُّنَّة النبي -صلى الله عليه وسلم- كما أنهم رحماء بأنفسهم وأهليهم، فلا يُرهقون أبدانهم بما لا فائدة منه.

ويتحقق ذلك التعجُّل بشيء من التمر أو الماء بمجرَّد دخول وقت المغرب وهو أول الليل، كما في حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ»؛ (متفق عليه).

وعن بن أبي أوفى - رضي الله عنه - قال: ((كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سفر فلما غابت الشمس قال لرجل: «انزل فاجدح لنا» ، فقال: يا رسولَ الله، لو أمسيت، قال: «انزل فاجدح لنا، قال: إنَّ علينا نهارًا» فنزل فجَدَحَ له فشرب، ثم قال: «إذا رأيتم الليل قد أقبل من ها هنا (وأشار بيده نحو المشرق)، فقد أفطر الصائم»؛ (متفق عليه).

قوله: (فاجدَح) بالجيم ثم الحاء المهملة، والجدح تحريك السويق ونحوه بالماء.

والمعنى: وإن لم يفعل شيئًا مما أُبيح للمفطر، بل بمجرد غروب الشمس، فقد انقضى وقتُ الصوم ويحكم بفطره وإنْ استمرَّ بصومه؛ لأن النبي - عليه الصلاة والسلام - نهى عن الوصال؛ أي وصال النهار بالليل في الصيام، فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: ((إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان ينهى عن الوصال ويأمر بتبكير الإفطار وتأخير السحور))؛ مسند أبي يعلى.

فينبغي على الصائم المبادرة إلى الإفطار على لُقيمات يسكن بها جوعَه، ثم يقوم إلى الصلاة، ثم إن شاء عاد إلى الطعام حتى يقضي حاجته منه.

وهذا كان فعل النبي - عليه الصلاة والسلام - فعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: (( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفْطِرُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى رُطَبَاتٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ فَتُمَيْرَاتٌ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تُمَيْرَاتٌ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ))؛ (رواه الترمذي وأبو داود وأحمد، وصححه الألباني).

قال المباركفوري في تحفة الأحوذي [3 /311 ]: (أي المغرب، وفيه إشارة إلى كمال المبالغة في استحباب تعجيل الفطر).

وأما قوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة من الآية 178].
فالليل هنا غير داخل في الصيام؛ لأنه ليس من جنسه، حسب القاعدة الأصولية: الغاية تخالف المُغيا فإن كانت من جنسه دخلت فيه، وإلا فلا؛ [البحر المحيط 4 /459 التخصيص بالغاية]، وقول أبي العباس المُبَرد: إن الحد إذا كان من جنس المحدود دخل في جملته، وإن كان من غير جنسه لم يدخُل.

فاذا كان ما بعد الغاية - أي ما بعد حرف إلى - من جنس ما قبله، فهو داخل فيه وله حُكمه، مثل قوله تعالى: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة من الآية 6].

فالمرافق داخلة في حكم الغسل؛ لأنها من جنس اليد، وإلى هنا بمعنى مع، ومن ذلك قولنا: (كُلِ الرغيفَ إلى آخره)، فآخر الرغيف يدخل في الأكل المذكور؛ لأن آخر الرغيف من جنس الرغيف.

وأما إن كانت الغاية مخالفة للمغيَّا وليست من جنسها، فإنها لا تدخل فيه ولا تأخذ حكمَه، مثل قوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}، فهنا (إلى) لانتهاء الغاية فلا يدخل الليل؛ لأنه ليس من جنس ما قبله، ومن ذلك قولنا: (اغسلْ وجهك من الذقَّن إلى الرأس)، فالرأس لا يكون داخلًا في الحكم؛ لأنه ليس جزءًا من الوجه.

قال الإمام الرازي في المحصول [3 /66]: (الغاية إما أن تكون منفصلة عن ذي الغاية بمفصل معلوم كما في قوله تعالى: (ثم أتموا الصيام إلى الليل)، أو لا تكون كذلك كقوله تعالى: {فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق}، فإن المرفق غير منفصل عن اليد بمفصل محسوس، أما القسم الأول فيجب أن يكون حكم ما بعد الغاية بخلاف حكمِ ما قبله؛ لأن انفصال أحدهما عن الآخر معلوم بالحس).

وفي تعجيل الفطر حِكَمٌ كثيرة؛ منها:
1- ترك التشبُّه بأهل الكتاب، فإنهم يؤخِّرون الفطر؛ كما جاء ذلك في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يَزَالُ الدِّينُ ظَاهِرًا مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ، إِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى يُؤَخِّرُونَ»؛ (رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، وصحَّحه ابن خزيمة، وابن حبان).

قال المباركفوري في مرعاة المفاتيح [6 /476]: (إن هذه الملة الحنيفية سمحاء سهلة ليس فيها حرج، فيسهل قيامهم بها والمداومة عليها، بخلاف أهل الكتاب فإنهم شدوا على أنفسهم، فشدَّد الله عليهم، فغُلبوا ولم يقدروا أن يقيموا الدين؛ "لأن اليهود والنصارى يؤخرون"؛ أي الفطر إلى اشتباك النجوم وتبِعهم.... في زماننا).

2- فيه إحياءُ سُنَّةٍ من سنن النبي -صلى الله عليه وسلم- والخيرُ كلُّ الخيرِ في اتباع سُنته، فعن ابن عباس - رضي الله عنهما -: عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إِنَّا مَعَاشِرَ الأَنْبِيَاءِ أُمِرْنَا أَنْ نُعَجِّلَ الإِفْطَارَ، وَأَنْ نُؤَخِّرَ السَّحُورَ، وَأَنْ نَضْرِبَ بِأَيْمَانِنَا عَلَى شمائِلِنا في الصَّلاة»؛ رواه الطبراني في المعجم الكبير والضياء المقدسي في المختارة.

3- أنه علامة على أن الأمة بخير بتمسكها بسنَّة نبيِّها - صلى الله عليه وسلم -وترك اتِّباع أهل الغواية والضلالة من اليهود ومن أشبههم، فعن سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا تزالُ أُمتي على سنتي ما لم تنتظر بفطرِها النجوم»؛ صحيح ابن خزيمة وابن حبان والحاكم.

4- الفوز بمحبة الله تعالى؛ لأن المعجِّل بالفطور محبوب عند الله عز وجل، فقد روى الإمام أحمد والترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجلَّ: أَحَبُّ عِبَادِي إِلَيَّ أَعْجَلُهُمْ فِطْرًا».

ولعل سبب محبته تعالى إياه لطاعته سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأنه إذا أفطر قبل الصلاة يؤدِّيها عن حضور قلب وطُمأنينة نفسٍ، ومن كان بهذه الصفة، فهو أحبُّ إلى الله تعالى ممن لم يكنْ كذلك؛ [شرح مصابيح السنة للبغوي 2 /517].

5- أقوى للصائم على العبادة بعدم الزيادة في النهار، وإدخال الليل فيه، وأبعد عن الغلو والتشدد؛ (والحكمة في ذلك ألا يزاد في النهار من الليل، ولأنه أوفق بالصائم وأقوى له على العبادة)؛ [فتح الباري لابن حجر 4 /173].

الخلاصة:
استحباب تعجيل الإفطار وتأخير السحور، وأنها من سُنَّة النبي - عليه الصلاة والسلام - ومن هديه وهدي أصحابه الكرام والتابعين لهم بإحسان، فقد أخرج الإمام عبدالرزاق الصنعاني وغيره بإسناد صحيح - عن عمرو بن ميمون الأودي - قال (كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْرَعَ النَّاسِ إِفْطَارًا وَأَبْطَأَهُ سُحُورًا).

وأن تعجيل الفِطر بعد تحقُّق غروب الشمس ونزول القرص، وعدم انتظار النجوم من الليل، هو السُنَّة، وهو المراد من الآية المذكورة، فغروب الشمس ونزول قرصها علامة انقضاء النهار ودخول أول الليل، والليل في كلام العرب عُقيب النهار، ومَبْدَؤُه من غروب الشمس؛ كما في لسان العرب لابن منظور.

فلنحرص على تطبيق هذه السُّنة المباركة، حتى ننال ما يترتب عليها من فضائل ومِنَحٍ ربانية، وننال أجر إحياء سنة المصطفى عليه الصلاة والسلام، والله تعالى أعلم.

__________________________________________________ _
الكاتب: د. ضياء الدين عبدالله الصالح









__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 22-04-2022, 10:41 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,416
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

الصيام تدريب على مراقبة الله عز وجل



إن الصيام عبادة وثيقة الصلة بما يرمي إليه الإسلام من النواحي الاجتماعية البعيدة المدى، وعظم تدبير الحياة، يقول المولى تبارك وتعالى: {وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 184].

وإن وجدنا صلة الصيام بتلك الأهداف تأتي من ناحيةٍ لم يألفها الناس، فلا غرابة في هذا مادمنا لا نهدف إلا إلى تعاليم القرآن الكريم نقتدي بهديها، ونتخذها رائدًا لنا في هذا الصدد.


فمن حكمة الصيام قمعُ النفس وتهذيبها بالجوع والظمأ؛ كي تكون أبعد عن الخضوع لهواها، والانقياد لشهواتها، وفي ذلك يقول المصطفي - صلوات الله وسلامة عليه -: «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ فَضَيِّقُوا مَجَارِيهِ بِالجُوعِ وَالعَطَشِ».


وفي الصيام ترفع وتسامٍ عن مشتهيات النفس، وتنزه عن الأهواء والنزوات، وهذا من شأن الملائكة المقربين، الذين لا شهوة عندهم ولا غريزة، فالصائم حينئذ شبيه بالملائكة.


والصيام خير معين للإنسان على تقوى المولى تبارك وتعالى، والخشية منه؛ لأن النفس البشرية حين تكف عن الأشياء المباحة؛ خوفًا من الله - جل شأنه -، ورجاء في رحمته، وطمعًا في ثوابه، فإن ذلك سيقودها حتمًا إلى تجنب الحرام، وفي ذلك يقول المولى - عز وجل -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة : 183].


الصيام والتربية الخلقية:

إننا إذا استطعنا أن نُخضع أنفسنا لسلطان الصيام، فلا نأكل ولا نشرب، أي لا نزاول ما هو طبيعي لنا في كل يوم من الأيام العادية؛ فإننا بذلك نكون أقدر على كبح جماح أنفسنا عمَّا هو ليس مباحًا عادة؛ لأن الصيام يعد أسمى درجات التحكم في النفس، فليس في الحياة ما هو أقوى من الحاجة إلى الطعام والشراب.

فإذا استطعنا أن نقهر هذه الرغبة الطبيعية، كان لنا في ذلك تدريب قوي على التحكم في رغباتنا أيًّا كانت، وبذلك يصبح الصيام عاملاً من أقوى عوامل التربية الخلقية للإنسان، لأن الحياة الكريمة الكاملة لا تتحقق إلا بعد أن يكون الفرد قد صهرته الشدائد، فاحتمل المشاق والمكاره، وثبت أمامها ثبوت الشجاع في المعركة.


ولذلك جاء في الأثر: «اخْشَوْشِنُوا فَإِنَّ النِّعْمَةَ لاَ تَدُومُ» وهذا في الأيام العادية، أما في شهر رمضان فنخشوشن في صورة أقوى وأشمل؛ لنهز أنفسنا هِزة توقظنا من سباتنا، وننفض بها عن أنفسنا آثار الترف والانغماس، وإرضاء الرغبات والشهوات، ولنتخذ من رغباتنا التي تعوَّدنا إرضاءها كلما تحركت منها نفوسنا مطيةً ذلولاً نسيطر عليها، بدلاً من أن نخضع نحن لها.


أنواع الصيام:

لقد تناول الباحثون العصريون أنواع الصيام، وقسموها إلى أقسام حسب أغراضها العامة والخاصة، من قديم العصور إلى العصر الحديث، وحصروها في خمسة أقسام:

القسم الأول: صيام التطهير:

وهو الذي يكف الصائم عن الإلمام بالخبائث والمحظورات، من شهوات النفوس أو الأجسام.

القسم الثاني: صيام العطف:

وهو صيام الحداد في أوقات الحزن أو المحنة؛ ليشعر الصائم بأنه يذكر أحبابه الذاهبين أو الغائبين، ولا يبيح لنفسه ما حُرِمُوه بفقدان الحياة، أو فقدان النعمة، أو الحرية.

القسم الثالث: صيام التكفير عن الخطايا والذنوب:

وهو صيام تطوع من الصائم؛ ليعاقب نفسه على الذنوب التي ندم على وقوعها منه، واعتزامه التوبة منها، والتماس العذر فيها.

القسم الرابع: صيام الاحتجاج والتنبيه:

وهو صيام المظلومين، وأصحاب القضايا العامة، التي لا تلقى من الناس نصيبها الواجب من الاهتمام أو الإنصاف.

القسم الخامس: صيام الرياضة النفسية أو البدنية:

وهو الذي يتمكن الصائم بواسطته من السيطرة بإرادته على وظائف جسده، تصحيحًا لعزيمته، أو طلبًا للنشاط، واعتدال القامة.

وعند المقابلة بين أنواع الصيام تتضح لنا مزايا الصيام في الإسلام بين جميع هذه الأنواع؛ لأنه وافٍ بالشروط العامة للصيام المفروض بحكم الدين، لرياضة الأخلاق، وهو على ذلك صالح لمقاصد التطهير، العطف، والتوبة، والتكفير، وملتقى أمهات الفضائل، ومن أقوى عوامل التربية الخلقية.


الصيام تدريب على مراقبة الله عز وجل:

إن في الصيام تدريب على مراقبة المولى تبارك وتعالى، في السر وفي العلانية، وهذا التدريب - للإنسان - يكون أكثر وضوحًا في الصيام منه في سائر العبادات، فهو يغرس في نفس الصائم الصبرَ على طاعة الله - جل شأنه -، ويتعلم قوة الإرادة، وضبط وحكم النفس، التي تسرف في شهواتها طوال العام، ففي كثير من الأحيان يكون الطعام والشراب في متناول الصائم، وبين يديه بعيدًا عن أنظار الناس، ومع ذلك يكف عن تناولهما.

وما يفعل الصائم ذلك إلا خشية من الله - عز وجل -، وعلمه بأنه يراه ويسمعه ومطلع على أفعاله، وعلى سره وجهره، فيزداد إيمانه وخوفه، فلا يخاف غير الله - جل شأنه -، فينال رحمته ورضاه، بفضل تأثير هذه العبادة في نفسه، وهذا ما يفسر قول المولى - تبارك وتعالى - في الحديث القدسي: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ؛ يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ مِنْ أَجْلِي».


وقد ذكر الإمام الغزالي في حكمة نسبة الصيام لله - عز وجل - معنيين: أحدهما: أن الصوم كفٌّ وترك، وهو في نفسه سر ليس فيه عمل يُشاهد، وجميع الطاعات بمشهد من الخلق، ومرأى من أعينهم، والصوم لا يراه إلا الله - عز وجل - فإنه في الباطن بالصبر المجرد.


والآخر: أنه قهر لعدو الله - عز وجل -، فإن وسيلة الشيطان - لعنه الله - الشهوات. وإنما تقوى الشهوات بالأكل والشرب، ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ فَضَيِّقُوا مَجَارِيهِ بِالجُوعِ». فإذا كان الصوم على الخصوص قمعًا للشيطان، وسدَّ مسالكه ، وتضييقًا لمجاريه؛ استحق التخصيص بالنسبة إلى الله عز وجل.


فمن هذه الجوانب وغيرها من مزايا الصيام كانت صلته بأهداف الإسلام العليا في تدبير الحياة، وإن المتأمل في هذه المزايا ليلمح فيها ناحيتين متضادتين:

الأولى: وتتخذ طابعًا ماديًّا، فنرى أن مشتهيات النفس التي يمتنع الصائم عنها، هي من أهم ما تفضل المولى - تبارك وتعالى - به علينا من الآلاء والنِّعَم، وما أجدر الإنسان أن يدرك قيمتها، ويقوم بحق شكرها للخالق المنعِم - جل وعلا -، لأن النعم لا تُدرك قيمتُها إلا بفقدها، فالأعمى هو الذي يحس بجلال نعمة البصر، والمريض هو الذي يدرك عظمة الصحة، والإنسان لا يشعر بلذة الرخاء والرفاهية إلا إذا ذاق مرارة الحرمان والشدة، ولا يتذوق حلاوة النصر إلا مَن صُدم بقسوة الهزيمة.

وهذه هي سنة الحياة وطبيعتها؛ فالأشياء لا تتميز إلا بأضدادها، والصائم لا يعرف قيمة الطعام والشراب إلا عندما يذوق مرارة الجوع، وحرارة العطش، فيدرك نِعَم الله - عز وجل - فيجيء شكره على هذه النِّعَم صادقًا خالصًا من القلب، ولعل ذلك هو الذي جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرفض أن تصير بطحاء "مكة" له ذهبًا ويقول: «لاَ يَا رَبِّ، وَلَكِنْ أَشْبَعُ يَوْمًا، وَأَجُوعُ يَوْمًا، فَإِذَا جُعْتُ تَضَرَّعْتُ إِلَيْكَ وَذَكَرْتُكَ، وَإِذَا شَبِعْتُ شَكَرْتُكَ وَحَمَدْتُكَ».


الثانية: وتتخذ جانبًا روحيًّا معنويًّا، ويتضح هذا الجانب في تشبيه الصائم بالملائكة، لأن الإنسان مكوَّن من روح وجسد، فإذا استجاب الإنسان لغرائزه، وانغمس في شهواته مهملاً الجانب الروحي، كان إلى الحيوان الأعجم أقرب، أما إذا ارتقت نفسه، وعلت روحه، وسما بتصرفاته إلى كل ما يحقق غذاء روحه، بتحكمه في عواطفه، وقهر غرائزه أمام سلطان عقله وروحه، كان إلى الملائكة أقرب.


ونجد - أيضًا - الجانب الروحي في تأدب الصائم بصفة الصمدية، بالإضافة إلى تربية النفس، وكسر شهواتها بالجوع والحرمان.


إن الصيام عبادة تلتقي في هدفها مع أهداف القرآن الكريم، في تربية العقول والأرواح وتنظيم الحياة، ويوحد بين المسلمين في أوقات الفراغ والعمل، وأوقات الطعام والشراب، ويصبغهم جميعًا بصبغة الإنابة والرجوع إلى المولى - تبارك وتعالى -، ويرطب ألسنتهم بالتسبيح والتقديس، ويعفها عن الإيذاء وعن التجريح، ويسد على الناس باب الشر، ويغلق عليهم منافذ التفكير فيه، ويملأ قلوبهم بمحبة الخير والبر لعبادة الله - عز وجل -، وينشئ في قلوبهم خلق الصبر الذي هو عدة الحياة، وهكذا يريد الله - جل شأنه - أن يكون الإنسان.


الصيام من عناصر تكفير الذنوب:

لقد جعل المولى - تبارك وتعالى - الصيام عنصرًا مهمًّا من عناصر تكفير الذنوب، وذلك لما له من أثر كبير في تهذيب النفوس، وردعها، وكبح جماحها، فهو كفارة في القتل الخطأ يقول الله عز وجل: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُوا فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء: 92].

وهو كفارة في الظِّهَار، يقول المولى - تبارك وتعالى -: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 3 - 4].


وهو كفارة في خطايا الحج،يقول المولى - تبارك وتعالى -: {فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِن الهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي المَسْجِدِ الحَرَامِ} [البقرة : 196]. أو صيد المُحرِم وقت إحرامه، يقول الله - عز وجل -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ} [المائدة : 95].


وهو كفارة في اليمين، يقول المولى - تبارك وتعالى -: {لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة : 89].


ثمرة العمل وجزاء الجهد:

ولما كانت النفس البشرية من طبيعتها التلهف على معرفة ثمرة عملها، وجزاء جهدها وكفاحها؛ فقد أوضح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجزاءَ الذي أعده المولى - تبارك وتعالى - للصائمين، الذين جاهدوا أنفسهم، وحاربوا شهواتهم، وألجموا أطماعهم، وخاضوا أشرس معركة أمام أهوائهم ونزعاتهم، فقال - صلوات الله وسلامه عليه -: «إِنَّ فِي الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ .. يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ، فَيَقُومُونَ، لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ .. فَيَقُومُونَ، لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ، فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ».

إن الصيام يربي النفس على مراقبة الله - عز وجل -، فالصائم حقًّا إنما يصوم مراقبًا لله - جل شأنه -، الذي لا يخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، يقول سبحانه وعز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَخْفَى عَلَيهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ} [آل عمران: 5].


والخير كله في مراقبة المولى - تبارك وتعالى -، ومن ذلك الخير العدلُ في الحكم، والإنصاف من النفس، وصون العرض والأمانة، وجميع شعب الإيمان التي يحرص كل الحرص مَن راقب ربه - عز وجل - على كسبها؛ فيغتنم ويسلم ويكون محسنًا، فقد قال المصطفى - صلوات الله وسلامه عليه -: «الإِحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ».


اللهم وفقنا في هذا الشهر الكريم إلى ما تحبه وترضاه، وطهر قلوبنا، وأرشدنا إلى الخير، واهدنا سواء السبيل، وحقق لنا الأمن والأمان، إنك نعم المولى ونعم النصير.


_______________________________________________
الكاتب: محمد رجاء











__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 5 ( الأعضاء 0 والزوار 5)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 213.69 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 207.81 كيلو بايت... تم توفير 5.88 كيلو بايت...بمعدل (2.75%)]