|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() في الحث على الذكر وحلقه وتذكر الآخرة الشيخ عبدالعزيز بن محمد العقيل الحمدُ لله نحمَدُه، ونستَعِينه ونستَهدِيه، ونستَغفِره ونتوبُ إليه، ونعوذُ بالله من شُرور أنفسنا وسيِّئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضلَّ له، ومَن يُضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، صلَّى لله عليه وعلى آله وصحابته وسلَّم تسليمًا كثيرًا. أمَّا بعدُ: فيا عباد الله: اتَّقوا الله - تعالى - واحفَظُوا من أوقاتكم الضائعة ما به تنالون خيري الدُّنيا والآخرة، ولا تُفرِّطوا وتهملوا؛ فقد كان سلَفُكم الصالح يحفَظُون من أوقاتهم ما به يسعَدُون في عاجِلهم بالراحة والطمأنينة، ولذَّة العيش وسَعادة الحياة، وفي آجِلهم بالفوز بدار السلام التي هي الدار الحقيقيَّة الباقية، والنعيم المقيم؛ ففي الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّ لله ملائكةً يَطُوفون في الطرق يلتَمِسون أهلَ الذِّكر، فإذا وجدوا قومًا يذكرون الله - عزَّ وجلَّ - تنادوا: هَلُمُّوا إلى حاجتكم، فيحفُّونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا، فيسألهم ربُّهم - وهو أعلم -: ما يقول عبادي؟ قال: يقولون: يسبحونك ويكبرونك، ويحمدونك ويمجدونك، فيقول: هل رأوني؟ فيقولون: لا والله ما رأوك، فيقول: كيف لو رأوني؟ قال: يقولون: لو رأوك كانوا أشدَّ لك عبادةً، وأشدَّ لك تمجيدًا، وأكثر لك تسبيحًا، فيقول: فماذا يسألون؟ قال: يقولون: يسألونك الجنَّة، قال: يقول: وهل رأوها؟ قال: يقولون لا والله يا رب ما رأوها، قال: يقول: فكيف لو رأوها؟ قال: يقولون: لو أنهم رأوها كانوا أشدَّ عليها حِرصًا وأشدَّ لها طلبًا، وأعظم فيها رغبة، قال: فممَّ يتعوَّذون؟ قال: يتعوَّذون من النار، قال: فيقول: وهل رأوها؟ قال: يقولون: لا والله ما رأوها، فيقول: فكيف لو رأوها؟ قال: يقولون: لو رأوها كانوا أشدَّ منها فرارًا وأشدَّ لها مخافة، قال: فيقول: فأُشهِدكم أنِّي قد غفرت لهم، قال: يقول ملكٌ من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم، إنما جاء لحاجةٍ، قال: هم الجلساء لا يشقَى بهم جليسهم))[1]؛ متفق عليه. فيا عباد الله: أُهمِلت مجالسُ الذكر وحِلَقه، وقلَّ الذاكر لله ولجنَّته وناره، وأصبحت المجالس معمورةً بالقيل والقال، والغيبة والنميمة، وقول الزور والخوض في الباطل، والمخاصمة على حُطام الدنيا والسباب؛ بسبب الاجتماع على ما يصدُّ عن ذِكر الله، ويلهي عن طاعته، ومَن يَسلَم من هذا - وما أقلَّه - فمشغولٌ بدنياه وبيعه وشرائه، قد نسي الجميع أنَّ هذه الحياة منقضية وفانية، وأنَّ الحياة الباقية هي الحياة الآخِرة، كما نسوا أنَّ هناك جنَّة ونارًا، فإمَّا سعادة أبديَّة أو شقاوة سرمديَّة. فيا عباد الله: إنَّ حياةَ الأكثر اليوم لأَشبَهُ بحياة الحيوانات التي ترعى في هذه الحياة، ولا تدري متى تُقدَّم للذبح، ثم إنَّ هذه الحيوانات سيُقال لها: كوني ترابًا، فتكون ترابًا، فلا تنتظر جنَّةً ولا نارًا. فيا عباد الله: اتَّقوا الله في أنفُسكم، لا تنسوا ذكر الله وجنَّته وناره، واحفَظُوا من أوقاتكم ما به تسعَدُون، اذكروا الله والدار الآخِرة، ولو كُنتم في متاجركم ومصانعكم وأماكن أعمالكم، وعِيشوا في رياض الجنة؛ كما جاء في الحديث: ((إذا مرَرْتم برِياض الجنَّة فارتعوا))، قالوا: وما رياض الجنَّة؟ قال: ((حِلَق الذِّكر)). إنَّ ذِكر الله لا يُلهِي عن أعمال الدنيا، بل يُعِين عليها، وإنَّ تذَكُّر الآخِرة يُرِيح من عَناء الدنيا وشَقائها، وتذكُّر فناء الدنيا يُشوِّق إلى الدار الباقية، وتذكُّر الجنَّة يحثُّ على الاستعداد والعمل لها، وتذكُّر النار يدعو إلى البُعد عن أسباب الوقوع فيها، فتذكَّروا يا أولي الألباب، واتَّقوا يومًا تُرجَعون فيه إلى الله، واعلَمُوا أنَّه لا نجاةَ لكم إلا بالعمل الصالح، وأنَّ العمل يحتاجُ إلى تذكُّر وتفكُّر؛ قال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ﴾ [الحج: 1-2]. وقال - جلَّ ذكره - في صفة أهل الجنَّة: ﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ * تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ * يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ * خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾ [المطففين: 22-26]. وقال في حقِّ أهل النار: ﴿ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا ﴾ [الكهف: 29]. فارجِعُوا إلى الله يا عباد الله؛ فقد غرقتم في بحار الشهوات والملذَّات، وأنسَتْكم الدنيا ما خُلِقتُم له، فالسعيد والناصح لنفسه مَن يُحاسِبُها قبل أنْ تُحاسَب. اللهم وفِّقنا جميعًا لما يُرضِيك، واسلُك بنا صراطك المستقيم، إنَّك سميع مجيب. بارَك الله لي ولكم في القُرآن العظيم، ونفعني وإيَّاكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، وتابَ عليَّ وعليكم، إنَّه هو التوَّاب الرحيم. أقول هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كلِّ ذنب، فاستغفِروه، إنَّه هو الغفور الرحيم. •••• واعلَموا أنَّ ممَّا أهمل المسلمون اليوم حِلَقَ الذكر، والجلوس لسَماع الأحاديث النافعة والمواعظ المفيدة في المساجد، وفي البيوت والأماكن الأخرى، فأعرَضَ الناس عن ذلك وانشغلوا، وبذلك ضاعَتْ بركة أوقاتهم، وتعقَّدت حياتهم، ولم يترُكوا لأنفُسهم جزءًا يعيشونه في أنس ولذَّة، بل أصبح كلُّ فرد مشغولاً طوال وقته بما يجمع، ومتحسرًا على ما فاته وما لم يُقدَّر عليه، قد أصبح خادِمًا لدُنياه، ومركبًا ذليلاً لحطامها الفاني، فانتَبِهوا يا عباد الله، فعمَّا قليلٍ سيندَم المفرِّط، ويتمنَّى أنْ لو مدَّ في عمرة ليرجع إلى ربِّه، ويستعدَّ لما أمامه، وهيهات قد فاتَ الأوان، فتذكَّروا يا عباد الله. [1] البخاري: (6408) - الفتح: 11 /212، مسلم [25 - (2689)] بنحوه.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |