|
|||||||
| ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
|
|
#1
|
||||
|
||||
|
فالتوحيد أيها الإخوة هو حق الله على عباده الذي لا يقبل الله بدونه صرفا ولا عدلاَ، لا فرضاً ولا نفلاً، وهو أول واجب فرضه الله على عباده قبل الصلاة والصيام وغيرها من شرائع الإسلام. فما هو التوحيد أيها الإخوة؟ وهذا هو عنصرنا الثالث من عناصر اللقاء: فلنتعرف إلى التوحيد. أيها الإخوة التوحيد هو: العلم والاعتراف المقرون بالاعتقاد الجازم، بتفرد الله -عز وجل- بالأسماء الحسنى، وتوحده بصفات الكمال، والعظمة والجلال، وإفراده وحده بالعبادة[21]، قال -سبحانه وتعالى-: ﴿ وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 163] قال العلامة السعدي -رحمه الله-: "أي متوحد منفرد في ذاته، وأسمائه، وصفاته، وأفعاله، فليس له شريك: في ذاته، ولا سَمِيَّ له، ولا كفء، ولا مثل، ولا نظير، ولا خالق ولا مدبر غيره؛ فإذا كان كذلك فهو المستحق لأن يؤله ويعبد بجميع أنواع العبادة، ولا يشرك به أحد من خلقه"[22]. ومعنى ذلك: إفراد الله -تعالى- بالعبادة جميعها فلا يصرف شيء من أنواع العبادة أبداً لغير الله بل نصرفها جميعها إلى الله وحده، فلا نقدم النذور والذبائح إلا لله ولا نطوف إلا ببيته الحرام، ولا ندعو إلا إياه، ولا نخاف إلا منه ولا نرجو سواه ولا نرغب ولا نرهب إلا لما في يديه الكريمتين جل في علاه، كما أننا لا نصلي إلا لله، ولا نصوم إلا له، ولا نزكي إلا له، ولا نحج إلا إلى بيته، فهذه وهذه كلها عبادات لا ينبغي أن يتقرب بها إلا إليه وحده. وإذ أردنا أن نفهم التوحيد - أيها الكرام - فلابد أن ننظر إليه من زواياه الثلاث التي قامت عليها أدلة القرآن والسنة ألا وهي أقسام التوحيد. الأول: توحيد الربوبية بمعنى أن نعتقد أن الله هو ربنا، ومعنى ذلك أنه الخالق، فلا خالق غيره،وأنه الرازق فلا رازق سواه، وأنه المدبر لأمورنا المتصرف في جميع أحوالنا فلا متصرف فيها إلا هو، قال عز شأنه ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾ [الزمر: 62]، والحمد لله أن أحداً من الخلق كلهم لم يدع أنه خلق شيئاً ولذلك بقي التحدي إلى اليوم قائماً: "أم خلقوا من غير شيء؟ أم هم الخالقون؟ أم خلقوا السموات والأرض بل لا يوقنون؟" لا يحير المشركون ولا الموحدون إلا جواباً واحداً، وهو: الله كما قال سبحانه: ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ﴾ [لقمان: 25]. فالله هو الخالق لا خالق غيره، وهو كذلك الرازق لا رازق سواه ﴿ قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ ﴾ [يونس: 31]، الله هو الرازق، قال -تعالى-: ﴿ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ﴾ [الذاريات: 58]. ولذلك تطلب كل الحوائج منه -عز وجل-. لا تسألن بُنَيَّ آدم حاجة وسل الذي أبوابه لا تحجب. الله يغضب إن تركت سؤاله وبني آدم حين يسأل يغضب. إذا سألت فاسأل الله. ثانياً: من معاني الربوبية: المَلِكُ لكل ما في هذا الكون هو الله، فالكون كله من سمائه إلى أرضه ومن عرشه إلى فرشه بما فيه ومن فيه ملك لله وحده، فالملك كله لله والكون كله لله والخلق كله لله، قال -تعالى-: ﴿ قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ * قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ * قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ ﴾ [المؤمنون: 84 - 89]. وقال -تعالى-: ﴿ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ ﴾ [فاطر: 13]. ثالثاً: من معاني الربوبية السيادة والأمر والنهي وحق الطاعة على جميع الخلق قال سبحانه: ﴿ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ﴾ [الأعراف: 54]، فجمع سبحانه بين الخلق والأمر فدل على أنه كما خلق فهو الذي يأمر عباده ويشرع لهم ما يشاء، وعليهم طاعته في ذلك كله. هذا هو توحيد الربوبية، وهو الزاوية الأولى التي بها يستقر بناء التوحيد في قلب المؤمن وبه يستيقن العبد أن الخلق لله والملك لله والرزق بيد الله والنفع والضر والإحياء والإماتة والتصريف بحوله وقوته وحده، فيستقر الفؤاد ويرتاح الضمير لأن المستقبل بين يدي عدل رحيم ورءوف كريم، فلا يخاف من جور ولا يخشى من ظلم فلو تأمل العبد هذا التوحيد لسجد قلبه للعزيز الحميد سجدة لا يرفع رأسه منها إلى يوم القيامة. والزاوية الثانية من زوايا التوحيد - أيها الأحبة - هي توحيد الألوهية ومعناه إفراد الله -تعالى- بالعبادة بأن لا يعبد المرء إلا الله -سبحانه وتعالى-، لا يصلي ولا يدعو ولا يذبح ولا ينذر ولا يحج ولا يعتمر ولا يتصدق ولا يتقرب بأي قربة إلا لله -عز وجل-، يبتغي بذلك وجه الله وترك عبادة ما سواه، وانتبهوا إلى هذا الشرط أيها الإخوة فإن التوحيد ليس إثبات الألوهية لله فقط بل لابد من إثبات الوحدانية بمعنى إثبات العبادة لله ونفيها عمن سواه، فلابد من الكفر بكل الآلهة والأنداد والأصنام والأحجار والأشجار والقبور والأضرحة، كما قال ربنا سبحانه في كتابه: ﴿ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ﴾ [البقرة: 256]، هل تدري أيها الحبيب ما هي العروة الوثقى لقد قرأنا هذه الكلمة كثيرا لكن القليل هم الذين تساءلوا عن معناها فاسمع إذا: العروة الوثقى هي لا إله إلا الله، ومعنى هذه الكلمة الطيبة: الكفر بالطواغيت أجمعها والإيمان بالله وحده فاشترط الله الكفر بالطاغوت مع الإيمان به ليكون العبد موحداً. فعلم أن التوحيد خلع كل الآلهة والكفر بهم وإثبات الوحدانية لله فقط وأنه لا إله إلا هو ولذلك علم كل نبي ورسول قومه ذلك كما قال عز من قائل: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾ [النحل: 36]، ولاحظوا أيها الإخوة أنه سبحانه قال واجتنبوا الطاغوت، ما قال: اتركوا عبادة الطاغوت بل قال: اجتنبوا لأنها أبلغ يعني اتركوا كل الوسائل التي توصل إلى الشرك واجتنبوا الطاغوت. وما هو الطاغوت؟ الطاغوت يطلق ويراد به الشيطان - لعنه الله - وهو رأس الطواغيت، ويطلق ويراد به الساحر والكاهن، ويطلق ويراد به الحاكم بغير ما أنزل الله، والذي يأمر الناس باتباعه في غير طاعة الله فالطاغوت - كما يقول شيخ الإسلام ابن القيم -رحمه الله- هو كل ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع[23] في غير طاعة الله فهو طاغوت. فالله أمرنا بعبادته واجتناب الطواغيت التي تعبد من دونه -عز وجل-. ما في الوجود سواك رب يعبد كلا ولا مولي هناك فيقصد أنت الإله الواحد الحق الذي كل الجباه له تخر وتسجد فالزاوية الأولى من زوايا بناء التوحيد المبارك في قلب العبد المؤمن الزاوية الأولى: توحيد الربوبية، الزاوية الثانية: توحيد الألوهية، الزاوية الثالثة: الإيمان بأسماء الله التي سمى بها نفسه وسماه بها رسوله وبصفات الله التي وصف الله بها نفسه ووصفه بها رسوله –صلى الله عليه وسلم-. كما قال سبحانه: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأعراف: 180]، فيجب علينا أن نعرف أسماء الله وصفاته وأن نؤمن بها كما يجب علينا تنزيه الله -تعالى- عن مشابهة المخلوقين في صفاتهم فليس معنى الاتفاق في الاسم الاتفاق في الحقيقة حاشا وكلا، فالله هو الله، الرب هو الرب والعبد هو العبد سبحان ربي لا يشبهه شيء من خلقه لا في ذاته ولا في صفاته جل عن النظير والشبيه والمثيل ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، هو المحمود والمدعو والمرجو والمعبود. ﴿ يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ﴾ [الرحمن: 29]: إذا اضطرب البحرُ، وهاج الموجُ، وهبَّتِ الريحُ، نادى أصحابُ السفينةِ: يا الله. إذا ضلَّ الحادي في الصحراءِ ومال الركبُ عن الطريقِ، وحارتِ القافلةُ في السيرِ، نادوا: يا الله. إذا وقعت المصيبةُ، وحلّتِ النكبةُ وجثمتِ الكارثةُ، نادى المصابُ المنكوبُ: يا الله. إذا أُوصدتِ الأبوابُ أمام الطالبين، وأُسدِلتِ الستورُ في وجوهِ السائلين، صاحوا: يا الله. إذا بارتِ الحيلُ وضاقتِ السُّبُلُ وانتهتِ الآمالُ وتقطَّعتِ الحبالُ، نادوا: يا الله. إذا ضاقتْ عليك الأرضُ بما رحُبتْ وضاقتْ عليك نفسُك بما حملتْ، فاهتفْ: يا الله. إليه يصعدُ الكلِمُ الطيبُ، والدعاءُ الخالصُ، والهاتفُ الصَّادقُ، والدَّمعُ البريءُ، والتفجُّع الوالِهُ. إليه تُمدُّ الأكُفُّ في الأسْحارِ، والأيادي في الحاجات، والأعينُ في الملمَّاتِ، والأسئلةُ في الحوادث. باسمهِ تشدو الألسنُ وتستغيثُ وتلهجُ وتنادي،وبذكرهِ تطمئنُّ القلوبُ وتسكنُ الأرواحُ، وتهدأُ المشاعر وتبردُ الأعصابُ، ويثوبُ الرُّشْدُ، ويستقرُّ اليقينُ؟ اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ؟ الله: أحسنُ الأسماءِ وأجملُ الحروفِ، وأصدقُ العباراتِ، وأثمنُ الكلماتِ، ؟ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً ؟؟! اللهُ: فإذا الغنى والبقاءُ، والقوةُ والنُّصرةُ، والعزُّ والقدرةُ والحِكْمَةُ، ? لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ?. الله: فإذا اللطفُ والعنايةُ، والغوْثُ والمددُ، والوُدُّ والإحسان، ? وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ?. الله: ذو الجلالِ والعظمةِ، والهيبةِ والجبروتِ. [24] الله تسبحه نغمات الطيور ![]() يسبحه الظل تحت الشجر ![]() يسبحه النبع بين المروج ![]() وبين الفروع وبين الثمر ![]() يسبحه النور بين الغصون ![]() يسبحه المساء وضوء القمر ![]() الله الشمس والبدر من أنوار حكمته ![]() والبر والبحر فيض من عطاياه ![]() الطير سبحه والوحش مجده ![]() والموج كبره والحوت ناجاه ![]() والنمل تحت الصخور الصم قدسه ![]() والنحل يهتف حمدا في خلاياه ![]() الله! إليك وإلاَّ لا تُشَدُّ الركائبُ ![]() ومنك وإلا فالمؤمِّل خائبُ ![]() وفيك وإلا فالغرامُ مضيَّعٌ ![]() وعنك وإلا فالمحدِّثُ كاذبُ ![]() هذا هو التوحيد أيها الإخوة كما ينبغي أن نعرفه وكما يجب على كل مسلم ومسلمة أن يتعلمه وهو الصراط المستقيم الذي أمرنا ربنا بالمسير عليه والالتزام به والتمسك به حتى نقدم عليه ونلقاه وهذا هو عنصرنا الرابع من عناصر اللقاء وخاتمة لابد منها: كيف نحقق التوحيد في الواقع؟ وسنتعرف إلى جواب هذا السؤال الجليل بعد جلسة الاستراحة بمشيئة الله وأستغفر الله لي ولكم. الخطبة الثانية الحمد لله الذي خلق فسوى، وقدر فهدى، وأغنى وأقنى، وجعلنا من خير أمة تأمر وتنهى، والصلاة والسلام على خير الورى، وما ضل وما غوى، وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه واقتفى. أما بعد أيها الإخوة! قال سبحانه في آيات الوصية: وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون، وأمرنا الله -تعالى- بلزوم الصراط المستقيم في غير هذه الآية من القرآن كثير، فما هو الصراط المستقيم وكيف نتبعه؟ خاصة وأنه من الأهمية بالمكان والمكانة التي بها يهلك العبد إن حاد عنه ويهتدي إن اتبعه وسلكه روى أحمد بسند صحيح من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: خط رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطاً بيده، ثم قال: هذا سبيل الله مستقيماً، ثم خط خطوطاً عن يمين ذلك الخط وعن شماله: ثم قال: وهذه السبل ليس منها سبيل إلا وعليه شيطان يدعو إليه، ثم قرأ وأن هذا صراطي مستقيمًا...... الآية [25]، وقال رجل لابن مسعود: ما الصراط المستقيم؟ قال: تركنا محمد –صلى الله عليه وسلم- في أدناه وطرفه في الجنة وعن يمينه جواد (أي طرق) وعن يساره جواد، ثم رجال يدعون من قربهم، فمن أخذ في تلك الجواد انتهى به إلى النار، ومن أخذ على الصراط انتهى به إلى الجنة. فما هو الصراط المستقيم أيها الإخوة؟ قال العلامة ابن القيم: الصراط المستقيم هو الطريق الذي نصب الله لعباده موصلاً إليه، ولا طريق إليه سواه بل الطرق كلها مسدودة على الخلق إلا طريقه الذي نصبه على ألسن رسله وجعله موصلا لعباده إليه، وهو إفراده سبحانه بالعبودية، وإفراد رسوله صلى الله عليه وسلم بالطاعة فلا يشرك به أحداً في عبوديته، ولا يشرك برسوله -صلى الله عليه وسلم- أحداً في طاعته، فيجرد التوحيد لله ويجرد المتابعة لرسوله -صلى الله عليه وسلم- وهذا كله مضمون شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله".[26] ثم يقول ابن القيم: "إن السعادة والفلاح كله مجموع في شيئين صدق محبة الله وحسن معاملته وهذا كله مضمون شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فأي شيء فسر به الصراط فهو داخل في هذين الأصلين ونكتة ذلك وعقده أن تحبه بقلبك كله وترضيه بجهدك كله فلا يكون في قلبك موضع إلا معمور بحبه ولا تكون لك إرادة إلا متعلقة بمرضاته. الأول يحصل بالتحقيق بشهادة أن لا إله إلا الله. والثاني يحصل بالتحقيق بشهادة أن محمدا رسول الله وهذا هو الهدى ودين الحق وهو معرفة الحق والعمل له وهو معرفة ما بعث الله به رسله والقيام به"."[27] أيها الإخوة: فإذا كان هذا هو التوحيد وهذه مكانته ومنزلته وهذا معناه فكيف نطبق التوحيد في حياتنا وواقعنا؟ هذا هو لب الحديث وأصله، فليس التوحيد كلمات فحسب بل هو واقع وليس عبارات فقط بل هو حركة، وليس منهجاً نظرياً بل هو حياة قولاً وفعلاً واعتقاداً فمن أراد أن يحقق التوحيد في حياته وواقعه، فليصف توحيده من الشرك الأكبر والأصغر ومن البدع والمعاصي وإن وقع في شيء من ذلك تداركه بالأوبة والرجوع إلى الله. من فعل هذا فقد حقق التوحيد واستحق فضل التوحيد وهو عظيم جليل وسوف نتحدث في اللقاء القادم عن فضل التوحيد إن قدر الله لنا اللقاء والبقاء نسأل الله أن يدلنا عليه ويعلمنا ما به يقر في قلوبنا تعظيمه، اللهم إنا نسألك توفيق أهل الهدى وأعمال أهل اليقين ومناصحة أهل التوبة وعزم أهل الصبر وجد أهل الخشية وطلب أهل الرغبة وتعبد أهل الورع وعرفان أهل العلم حتى نخافك، اللهم إنا نسألك مخافة تحجزنا عن معاصيك حتى نعمل بطاعتك عملاً نستحق به رضاك وحتى نناصحك بالتوبة خوفاً منك وحتى نخلص لك النصيحة حباً لك وحتى نتوكل عليك في الأمور حسن ظن بك سبحان خالق النار اللهم فاجعلْ مكان اللوعة سلْوة، وجزاء الحزنِ سروراً، وعند الخوفِ أمنْاً. اللهم أبردْ لاعِج القلبِ بثلجِ اليقينِ، وأطفئْ جمْر الأرواحِ بماءِ الإيمانِ. يا ربّ، ألق على العيونِ السَّاهرةِ نُعاساً أمنةً منك، وعلى النفوسِ المضْطربةِ سكينة، وأثبْها فتحاً قريباً. يا ربُّ اهدِ حيارى البصائرْ إلى نورِكْ، وضُلاَّل المناهجِ إلى صراطكْ، والزائغين عن السبيل إلى هداك. اللهم أزل الوساوس بفجْر صادقٍ من النور، وأزهقْ باطل الضَّمائرِ بفيْلقٍ من الحقِّ، وردَّ كيد الشيطانِ بمددٍ من جنودِ عوْنِك مُسوِّمين. اللهم أذهبْ عنَّا الحزن، وأزلْ عنا الهمَّ، واطردْ من نفوسنِا القلق. نعوذُ بك من الخوْفِ إلا منْك، والركونِ إلا إليك، والتوكلِ إلا عليك، والسؤالِ إلا منك، والاستعانِة إلا بك، أنت وليُّنا، نعم المولى ونعم النصير[28]..... الدعاء. [1] أخرجه مالك في الموطأ رواية محمد بن الحسن (504، 951)، والترمذي 3585، والطبراني في الدعاء (874)، وحسنه الألباني في الصحيحة 1503. [2] أخرجه مسلم 6472. [3] أخرجه أحمد (16066)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 6/ 22: رجاله رجال الصحيح. اهـ، وقال شعيب الأرنؤوط: صحيح لغيره وهذا إسناد حسن عبد الرحمن بن أبي الزناد ينزل عن رتبة الصحيح وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح. [4] أخرجه البخارى 3624. [5] انظر تخريج فقه السيرة ص 456، للألباني. [6] أخرجه مسلم (1297) من حديث جابر رضي الله عنه. [7] أخرجه البخاري 1344، وانظر في تفصيل ذلك: الرحيق المختوم (469) وما بعدها، المباركفوري. [8] أخرجه البخاري 114. [9] فتح الباري (1 / 182). [10] أخرجه الترمذي (3070). [11] المستدرك (2/ 317). [12] أخرجه الحاكم في المستدرك (2/ 318) ثم قال: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. [13]المحرر الوجيز - (2 / 493). [14] تفسير الطبري - (12 / 220). [15] القول المفيد (1/ 25). [16] تيسير الكريم الرحمن (273). [17] أخرجه البخاري 1458، ومسلم 132. [18] تفسير ابن كثير - (7 / 425). [19] أخرجه البخاري 2856، ومسلم 153. [20] نور التوحيد وظلمات الشرك للقحطاني (ص6)، وانظر: المفهم لِمَا أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي، 1/ 203، وشرح النووي على صحيح مسلم، 1/ 345 ومجموع فتاوى ابن تيمية، 1/ 213. [21] القول السديد في مقاصد التوحيد، للسعدي، ص18. [22] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص60. [23] إعلام الموقعين (1/ 50). [24] لا تحزن (ص 14). [25] أخرجه أحمد 4225، وابن ماجه 11، والحاكم (2/ 318)، وصححه الألباني ظلال الجنة (16). [26] بدائع الفوائد - (2 / 276). [27] بدائع الفوائد - (2 / 276). [28] لا تحزن (ص 33).
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |