|
|||||||
| ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
|
|
#1
|
||||
|
||||
|
ولهذا قال بعض أهل العلم بمنع التعليق لهذه التمائم واستدلوا بما يلي: 1- عموم النهي الوارد في تحريم التمائم ولم يأت ما يخصص هذا العموم. والقاعدة الأصولية تقول: إن العام يبقى على عمومه حتى يرد دليلٌ بالتخصيص. قال -صلى الله عليه وسلم-: (من علق تميمة فقد أشرك). وقال: (إن الرقى والتمائم والتولة شرك). قالوا: فهذه الأحاديث دلت بعمومها على منع التعليق مطلقاً، ولم يرد ما يخصص التمائم التي من القرآن، أو غيره فالواجب حملها على عمومها. 2- لو كان هذا العمل مشروعاً لبينه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأمته إذ البيان لا يؤخر عن وقت الحاجة، والمتتبع للسنة يرى أن جميع الأحاديث الواردة في الأذكار والدعوات وردت بلفظ من قال: كذا، أو من قرأ كذا ولم يرد في حديث واحد من كتب كذا أو علق كذا. وفي ذلك قال ابن العربي: وتعليق القرآن ليس من السنة، وإنما السنة فيه الذكر دون التعليق. 3- سد الذرائع، وهذا أمر عظيم في الشريعة، ومعلوم أنا إذا قلنا بجواز تعليق التمائم التي من الآيات القرآنية، والدعوات النبوية انفتح باب الشرك، واشتبهت التميمة الجائزة بالممنوعة، وتعذر التمييز بينهما إلا بمشقة عظيمة، ولاستغل هذا الباب دعاة الضلال والخرافات، وأيضاً فإن هذه التمائم تعرض القرآن للنجاسات والأماكن التي يجب أن ينزه القرآن عنها، ومن علقه يتعذر عليه المحافظة على ذلك خاصة عندما يعلق على الأطفال. [15] وهناك من الأذكار والأدعية ما يحصن به المرء نفسه وماله وولده فلا تقع له الشرور، ووسائل أخرى لعلاج ذلك إن وقع وكلها شرعية. وقد أشرنا إليها قبل ذلك في خطبة: "غيوم في سماء العقيدة الصافية". فليرجع إليها من أراد البديل للتمائم والشيء بالشيء يذكر وبالمناسبة أقول: إننا ننتظر من الآباء الفضلاء والأمهات الفضليات أن يحصنوا قلوب أولادهم بالقرآن والسنة والعقيدة الصحيحة حفظاً واعتقاداً وعملاً، لا بالتمائم والعزائم والأحجبة فإنهم متى تحصنوا بالقرآن في قلوبهم وبالسنة في جوارحهم وسلوكهم حُفِظوا بحفظ الله وأمنوا من كل ما يؤذيهم، ورحم الله من قال: يا أختُ أنت رعاك الله عُدّتنا ![]() لخلق جيل قويّ غير مشبوه ![]() فلقّني طفلك الإسلام فَهْو له ![]() كالمنهل العذب ما ينفكّ يرويه ![]() وأبعديه عن الشيطان يفتنه ![]() بجنده الكُثْرِ في الدنيا ويُغْويه ![]() وسلّحيه بما في الدين من أدب ![]() ومن محبّته البيضاء فاسقيه ![]() ونشئيه على هَدْى الكتاب ![]() ومن آياته الغرّ يا أختاه غذّيه[16] ![]() فلنرّب أولادنا على هدى من القرءان والسنة وليحفظهم الله الذي يحفظ القرءان والسنة. أيها الإخوة! أما التمائم المحرمة التي يتخذها الناس من الخرز أو الأوتار أو الحلق من الحديد كالأساور والحظاظات والسلاسل فإن تعليقها محرم بلا ريب فهي ليست من الأسباب المباحة والأدوية المعروفة. فلا ينبغي أن نعتقد فيها شيئاً من النفع كما هي عقيدة بعض الناس ولا حول ولا قوة إلا بالله وعن فعل هؤلاء نتساءل: أو ما سمع هؤلاء قول الله - تعالى -: ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴾ [الزمر: 38]. فالنافع الضار الكافي الشافي المعافي هو الله رب العالمين لا السلاسل ولا الحظاظات ولا التمائم ولا الأحجبة. أو ما سمع هؤلاء قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "مَنْ عَلَّقَ تَمِيمَةً فَقَدْ أَشْرَكَ". [17] أو ما سمع هؤلاء قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ".[18] وسيأتي معنا الآن تفسير التولة وحكمها. ولهذا دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الذين يعلقون التمائم يريدون أن يكمل لهم الشفاء وتتم لهم الصحة فاتخذوا طريقاً عوجاً، دعا عليهم المصطفى - صلى الله عليه وسلم - أن يعاملهم الله بضد قصدهم فقال: "من تعلق تميمة فلا أتم الله له"[19]. فانتبه أيها الحبيب يا من تضع على باب بيتك أو في سيارتك أو في متجرك أو في رقبة ولدك أو في رقبتك حجاباً أو قلادة لدفع العين أو لرفع البلاء والضرر، لأنها لا ترد من قدر الله شيئاً ولا ينفعك شيء بسببها فهي لا تأتي بالحظ ولا تأتي بالرزق ولا تمنع العين ولا ترد الحسد بل تضرك، وإنما هذا الذي تأمل كله بيد الله. وها هو النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في الصحيح عن أبي بشير الأنصاري -رضي الله عنه- أنه كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره قال: فأرسل النبي رسولًا أن لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت".[20] فتأمل حبيبي اهتمام النبي لأمر دينك، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقطعها وأرسل رسولاً من قبله ينفذ ذلك ويعلنه على الناس. ولا زال رسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الدعاة والعلماء، ورثته - صلى الله عليه وسلم - يقومون بما سمعوا منه عليه الصلاة والسلام وما بلغهم عنه فها هو الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- يرى على امرأته خيطًا في عنقها فقال: لأنتم يا آل عبد الله أغنياء عن الشرك قالت: إن عيني كانت تطرف فأذهب إلى فلان اليهودي فيرقاها فتسكن، قال رضي الله عنه: إنما ذلك شيطان ينخسها بكفه فإذا رقى كف، ثم قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن الرقى والتمائم والتولة شرك"[21] أيها الإخوة! من يقوم اليوم منّا رسولاً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فينبعث على ما بُعث وبعث عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيقطع الأوتار والقلائد والخرزات والحظاظات من نفسه أولاً ومن أهله ثانياً؟ نعم فتش في أهلك فإنك ستسأل عنهم إن لم تنشئهم على التمسك بالتوحيد ونبذ الشرك وإلا وقعت ووقعوا في هاوية الشرك البعيدة وصدق ربي إذ يقول: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم:6]. فادع أهلك وادع الناس بالمعروف والحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالآيات والأحاديث بالتي هي أحسن، وذاك واجب على كل مسلم ومسلمة أوضحناه حين تحدثنا في خطبة"عالمية التوحيد". أيها الإخوة: هل تعرفون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد نبأنا بأمر هذه الحظاظات التي يلبسها الناس وأخبر بها خبراً صريحاً؟ نعم ففي الحديث الذي أخرجه أبو داود وصححه العلامة الألباني في صحيح أبي داود وصحيح النسائي من حديث رويفع - رضي الله عنه - قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يا رويفع لعل الحياة ستطول بك فأخبر الناس أن من عقد لحيته، أو تقلد وتراً، أو استنجى برجيع دابة أو عظم، فإن محمداً بريء منه".[22] الله! هذا علم من أعلام النبوة، أن يخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بشيء مستقبل أطلعه الله - تعالى - عليه فيقع كما أخبر وهي هذه الأمور، بل ويخبر النبي بأن الحياة ستطول بهذا الصحابي فيعمر حتى يرى ذلك وقد كان فصلى الله على الذي علمه ربه واصطفاه. أخبر المصطفى بأن الناس ينسون التوحيد الخالص ويعرضوا عن الأسباب الشرعية للشفاء والدواء فيتخذواً أسبابا من عند أنفسهم وينسبوا إليها نفعاً وضراً من دون الله - عز وجل -. وبالفعل عمر ذلك الصحابي وطالت به الحياة حتى رأى مبادئ تلك الشركيات التي لا زالت مستمرة فينا إلى اليوم. "يا رويفع لعل الحياة ستطول بك فأخبر الناس أن" ثلاثة أشياء أو ثلاث رسائل يبعث إلينا بها النبي -صلى الله عليه وسلم: الرسالة الأولى: "من عقد لحيته" وذلك على صورة من الصور سواء في حرب كما كانوا يعقدون لحاهم يرون بها الظفر والنصر على أعدائهم، أو كما يعقدها المترفون والأغنياء لتحسينها يقصدون بها الجمال أو لتردعنهم العين وتدفع المكاره، أو تشبهاً بأعداء الله الفرس وغيرهم الذين كانوا يفعلون ذلك تكبراً وتجبراً وشمماً واستعلاء على خلق الله أو المقصود بذلك في الصلاة بين يدي الله يمسكها أو يربطها. أو أي صورة من صور عقد اللحية وهذا بالطبع أيام كانت للمسلمين لحى فنحن الآن وللأسف تفرنجنا وتغربنا عن شكلنا الإسلامي وهدينا النبوي المحمدي فالنبي - صلى الله عليه وسلم - يخاطب الذين لهم لحى نسأل الله أن يهدي المسلمين إلى سنة النبي الأمين. الرسالة الثانية: "أو تقلد وتراً" وهذا هو ما تحدثنا عنه من التمائم فتعليق الأوتار وتقليدها الإبل والبقر وغيرها من أنواع التمائم، فقد كان العربي في الجاهلية إذا اخلق وتر قوسه يضعه في رقبة بعيره تبركاً ودفعاً للعين عنها، ونحن نفعل ذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله نعلق فردة من حذاء في السيارة وفي رقبة البقر والجاموس وعلى أبواب المتاجر، فيا لله الأسف والعجب وضعنا اعتقادنا في فردة جزمه وقل في ذلك ما تشاء فلا يقف الأمر على فردة الحذاء هذه بل هي أهون من حبات البرسيم أو القمح في حجاب، أو القرآن يكتب بالمقلوب على يد ساحر لعين أو مدعي العلاج بالقرآن وهو يعالج بالجان والشيطان، أفيقوا يا عباد الله فهل هربنا من رق الجاهلية إلى عبادة الرحمن إلا من أجل الحرية التى جاءنا بها الإسلام ومن المفروض أن نسعى بها بين العالمين لكننا كسالى في سبيل ذلك يحدث هذا في حين أن بعض الفاسقين الفاسدين نشطين ساعين ينادون في عصرنا بالتحرر من الدين والانفلات من هديه أم إنه كما قيل: هربوا من الرق الذي له خلقوا ♦♦♦ وقبلوا برق النفس والهوى والشيطان الرسالة الثالثة: "أو استنجى برجيع دابة أو عظم". وهذا حرام لأنه طعام الجن ودوابهم الذي سألوه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المرة التي لقيهم فيها فقرأ عليهم القرءان فاسلموا وآمنوا فكان ذلك زادهم وزاد دوابهم فلذلك نهى النبي - صلى الله عليه - عن الاستنجاء بهما أي: بروث الدواب والعظام بأسرها. هذه رسائل ثلاثة: "من عقد لحيته، أو تقلد وتراً، أو استنجى برجيع دابة أو عظم: فإن محمداً بريء منه"، يا الله يا حفيظ من هذا الوعيد الشديد العظيم، يبرأ النبي ويتبرأ من الذين يفعلون هذا، اللهم إننا براء من هذا كله فاكتب لنا ولاء نبيك وحبه. اللهم إنا نبرأ إليك من هذه الأفعال والأقوال والأعمال، نبرأ من الثقة إلا بك، ومن الصبر إلا على بابك، ومن الذل إلا في طاعتك، ومن الرغبة إلا لك، ومن الرهبة إلا لجلالك العظيم، ومن الرجاء إلا لما في يديك الكريمتين، ومن التوكل والتفويض والاعتماد إلا عليك. أيها الإخوة ومن أنواع التمائم: التولة وهذا هو عنصرنا الثالث من عناصر اللقاء: التولة وحكمها. ونلتقي به بعد جلسة الاستراحة وأستغفر الله لي ولكم. الخطبة الثانية الحمد لله الذي خلق فسوى، وقدر فهدى، وأغنى وأقنى، وجعلنا من خير أمة تأمر وتنهى، والصلاة والسلام على خير الورى، وما ضل وما غوى، وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه واقتفى. أما بعد، فيا أيها الإخوة! ثالثًا: التولة وحكمها. التولة - أيها الإخوة - هي شيء يصنعه بعض الناس ممن لا يتقي الله عند السحرة والمشعوذين ويكذبون على القدر وعلى أنفسهم أنها تحبب الرجل إلى امرأته وتحبب المرأة إلى زوجها ويسمونه الصرف والعطف وهذا من السحر، سحر التفريق والجمع كما قال - عز وجل -: ﴿ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ﴾ [البقرة: 102]. فهو سحر يفرق ويجمع لأنه عمل شيطاني، يعمل الساحر ذلك في أشياء تنفر الإنسان من الإنسان أو الرجل من زوجته، أو الزوجة من زوجها وهو من عمل الشياطين. فالسحرة لما تقربوا من الشياطين وخدموهم وأشركوا بالله، فالشياطين في مقابل ذلك ساعدتهم في هذه الأمور. وهذا كثير في الناس خصوصاً وقد اتخذ حرفة ومهنة في بعض البلاد التي لا يعتني فيها بأمر العقيدة من قبل الحكومات والعلماء والدعاة والهيئات والرعية، وهكذا اتخذ الكفر بالله حرفة ووظيفة يحترفها ويمتهنها من لا يؤمنون، وأما حكم هذه التولة فهي حرام بإجماع المسلمين بل هي كفر من الفاعل المباشر لها وهم السحرة والمشعوذين وكذلك ممن اعتقد فيها ودبرها من الأزواج والزوجات أو غيرهم. وقال العلامة ابن عثيمين - رحمه الله تعالى -: "التولة"، شيء يعلقونه على الزوج، يزعمون أنه يحبب الزوجة إلى زوجها والزوج إلى امرأته، وهذا شرك، لأنه ليس بسبب شرعي ولا سبب فطري طبيعي للحب. ومثل ذلك الدُّبْلَة، والدبلة: خاتم يشترى عند الزواج يوضع في يد الزوج، وإذا ألقاه الزوج، قالت المرأة: إنه لا يحبها، فهم يعتقدون فيه النفع والضرر، ويقولون: إنه ما دام في يد الزوج، فإنه يعني أن العلاقة بينهما ثابتة، والعكس بالعكس، فإذا وجدت هذه النية، فإنه من الشرك الأصغر، وإن لم توجد هذه النية - وهي بعيدة ألا تصحبها -، ففيه تشبه بالنصارى، فإنها مأخوذة منهم، وإن كانت من الذهب، فهي بالنسبة للرجل فيها محذور ثالث، وهو لبس الذهب، فهي إما من الشرك، أو مضاهاة النصارى، أو تحريم النوع إن كانت للرجال، فإن خلت من ذلك، فهي جائزة لأنها خاتم من الخواتم. [23] ويبين العلامة الألباني وجه التشبه بالنصارى في ذلك فيقول: ويرجع ذلك إلى عادة قديمة لهم عندما كان العروس يضع الخاتم على رأس إبهام العروس اليسرى ويقول: باسم الأب ثم ينقله واضعًا له على رأس السبابة ويقول: الابن ثم يضع على رأس الوسطى ويقول: الروح القدس وعندما يقول آمين يضعه أخيرًا في البنصر حيث يستقر. [24] فاتقوا الله أيها المؤمنون وحافظوا على دينكم فذلك العطف والصرف والتولة التى تسببهما سحر، والسحر كفر بالله - عز وجل - والساحر كافر وصدق ربي إذ يقول: ﴿ وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 102] وفي الحديث الذي أخرجه ابن جرير وجود إسناده الحافظ ابن كثير -رحمه الله-، وهو أثر غريب عجيب، قال الإمام أبو جعفر بن جرير، -رحمه الله-: بسنده عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم [رضي الله عنها وعن أبيها] أنها قالت: قدمت امرأة عليَّ من أهل دومة الجندل، جاءت تبتغي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته حَدَاثة ذلك، تسأله عن شيء دخلت فيه من أمر السحر، ولم تعمل به. قالت عائشة، رضي الله عنها، لعُرْوَة: يا ابن أختي، فرأيتها تبكي حين لم تجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيشفيها كانت تبكي حتى إني لأرحمها، وتقول: إني أخاف أن أكون قد هلكت. كان لي زوج فغاب عني، فدخلت على عجوز فشكوت ذلك إليها، فقالت: إن فعلت ما آمرك به فأجعله يأتيك. فلما كان الليل جاءتني بكلبين أسودين، فركبتُ أحدهما وركبت الآخر، فلم يكن كشيء حتى وقفنا ببابل، وإذا برجلين معلقين بأرجلهما. فقالا ما جاء بك؟ فقلتُ: أتعلم السحر. فقالا: إنما نحن فتنة فلا تكفري، فارجعي. فأبيت وقلت: لا. قالا فاذهبي إلى ذلك التنور، فبولي فيه. فذهبت ففزعتُ ولم أفعل، فرجعت إليهما، فقالا أفعلت؟ فقلت: نعم. فقالا: هل رأيت شيئًا؟ فقلت: لم أر شيئًا. فقالا: لم تفعلي، ارجعي إلى بلادك ولا تكفري [فإنك على رأس أمرك]. فأرْبَبْت وأبيت. فقالا: اذهبي إلى ذلك التنور فبولي فيه. فذهبت فاقشعررت [وخفت] ثم رجعت إليهما فقلت: قد فعلت. فقالا: فما رأيت؟ فقلت: لم أر شيئًا. فقالا: كذبت، لم تفعلي، ارجعي إلى بلادك ولا تكفري؛ فإنك على رأس أمرك. فأرببتُ وأبيتُ. فقالا: اذهبي إلى ذلك التنور، فبولي فيه. فذهبت إليه فبلت فيه، فرأيت فارسًا مقنعًا بحديد خَرَج مني، فذهب في السماء وغاب [عني] حتى ما أراه، فجئتهما فقلت: قد فعلت. فقالا: فما رأيت؟ قلت: رأيت فارسًا مقنعًا خرج مني فذهب في السماء، حتى ما أراه. فقالا: صدقت، ذلك إيمانك خرج منك، اذهبي. فقلت للمرأة: والله ما أعلم شيئًا وما قالا لي شيئًا. فقالت: بلى، لم تريدي شيئًا إلا كان، خذي هذا القمح فابذري، فبذرت، وقلت: أطلعي فأطلعت وقلت: أحقلي فأحقلت ثم قلت: أفْركي فأفرَكَتْ. ثم قلت: أيبسي فأيبست. ثم قلت: أطحني فأطحنت. ثم قلت: أخبزي فأخبزت. فلما رأيتُ أني لا أريد شيئًا إلا كان، سقط في يدي وندمت - والله- يا أم المؤمنين والله ما فعلت شيئًا قط ولا أفعله أبدًا. قالت: فسألت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حداثة وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم يومئذ متوافرون، فما دَرَوا ما يقولون لها، وكلهم هاب وخاف أن يفتيها بما لا يعلمه، إلا أنه قد قال لها ابن عباس -أو بعض من كان عنده-: لو كان أبواك حيين أو أحدهما [لكانا يكفيانك]. قال هشام: فلو جاءتنا أفتيناها بالضمان، قال ابن أبي الزناد: وكان هشام يقول: إنهم كانوا أهل الورع والخشية من الله. ثم يقول هشام: لو جاءتنا مثلها اليوم لوجدت نوكى أهل حمق وتكلف بغير علم، قال الحافظ ابن كثير: فهذا إسناد جيد إلى عائشة، رضي الله عنها. [25] فيا لضياع الإيمان والدين لدى المسلمين في عالم السحرةُ والمشعوذون فيه هم الذين يشيرون اليوم عليهم افعلوا، لا تفعلوا، امشوا، قفوا اركبوا، بل هناك من المسلمين من لا يرعوي أن يرسم له السحرة حياته وفق منهج مسطور لا يغادر صغيرة ولا كبيرة من شئونه الخاصة والعامة إلا أحصاها يحذوه خطوة بخطوة لا يخرج عنه ألبتة. فبالله عليكم أهؤلاء مسلمون؟! أو هذا إسلام؟ إننا نحتاج إلى وقفة صادقة مع أنفسنا لنعيد مراجعة وقراءة حياتنا، فهل بالفعل نحن متوكلون على الله؟ وهذا هو عنصرنا الرابع والأخير من عناصر اللقاء: وقفة صادقة. نعم إنها وقفة تقييم لموقفنا من الشركيات في أنفسنا وفي أهلينا ومن حولنا، وتقدير لإيماننا وإيمانهم كذلك فإن بعضنا إن لم يكن كلنا يزعم نفسه على إيمان جبريل وميكائيل يحسب نفسه أبعد ما يكون عن الشرك ونسى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدوة المحقين وإمام الموحدين وسيد العابدين القانتين المتوكلين كان يحذر الشرك على نفسه، ولذا كان يسأل الله - تعالى - كل يوم أن يعيذه من الشرك وأن يغفر له ما عساه أن يكون وقع فيه وهو لا يدري فقد كان من دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - كل صباح ومساء: "اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم"[26] والحديث أخرجه أحمد وغيره، بسند صحيح، فهل أنا وأنت بمنجى مما حَذِرَهُ على نفسه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ أم قد سبق لنا عند الله عهد بأن لا نقع فيه؟ والجواب: لا هذا ولا ذلك فاللهم غفراً. أيها الإخوة! إن علينا واجبين اثنين في هذه الوقفة الصادقة مع أنفسنا الأول: أن نتوب إلى الله من غرورنا بأنفسنا وتكبرنا في أنفسنا ونعزم على الاعتراف بحقيقتنا، والثاني: أن نرجع إلى أنفسنا لنقرأها قراءة المتهم لا قراءة الملتمس لها الأعذار. وأن نحاسبها محاسبة الشريك الشحيح حتى نعتق من رق هذه النفس والهوى والدنيا والشيطان: إني ابتليت بأربع ما سلطوا ![]() علي إلا لشقوتي وعنائي ![]() إبليس والدنيا ونفسي والهوى ![]() كيف الخلاص وكلهم أعدائي؟ ![]() ولنردد في تواضع قول الصادق الذي لا ينطق عن الهوى صباحاً ومساءً: "اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم". [1] أخرجه أحمد: (4 /310)، والترمذي: (4 /403)، وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي (2 /208). [2] موسوعة توحيد رب العبيد ص -130 [3] أخرجه مسلم (2664). [4] أخرجه مسلم (2200). [5] انظر فتح الباري 10 /195، وفتاوى العلامة عبد العزيز بن باز 2 /384 وفتح المجيد ص135، وعون العلي الحميد شرح كتاب التوحيد (1 /204). [6] أخرجه ابن ماجة (3511) والترمذي (2058) والنسائي (8 /271)، وصححه الألباني انظر حديث رقم: 4902 في صحيح الجامع. [7] الدعاء ويليه العلاج بالرقى من الكتاب والسنة (ص / 40). [8] فتح الباري (16 / 258). [9] النهاية في غريب الأثر (1 / 536). [10] أخرجه البخاري 5743، ومسلم 5836. [11] أخرجه أبو داود (3883)، وحسنه الألباني، انظر مشكاة المصابيح (4552). [12] أخرجه أحمد (4 /310)، والترمذي (2072)، وهو حسن لغيره، كما ذكر الأرناؤوط في التعليق على المسند. [13] أخرجه أحمد (4 /154) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2014). [14] أخرجه أحمد (4/ 156) وصححه الألباني في صحيح الجامع (5388)، الصحيحة 294. [15] التمائم في ميزان العقيدة. [16] إلى الأمهات المسلمات - محمد صيام - شعراء الدعوة- (2 / 72). [17] أخرجه أحمد (4 / 156)، والحاكم 4 / 417، وصححه الألباني في الصحيحة (492). [18] أخرجه أبو داود (3883)، وصححه الألباني في الصحيحة (331). [19] أخرجه الترمذي (2073)، وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي 2 /208. [20] أخرجه البخاري (3005)، ومسلم (2115). [21] الحديث قبل السابق. [22] أخرجه أبو داود (1/34-35)، وصححه الألباني في صحيح أبى داود (1/10). [23] القول المفيد (1/ 103). [24] آداب الزفاف (ص 139). [25] تفسير ابن كثير - (1 / 361). [26] أخرجه أحمد (4 / 403)، وغيره، وانظر صحيح الجامع 3 / 233 وصحيح الترغيب والترهيب 1 / 19.
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |