|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() ![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الثانى الحلقة (101) صـ 145 إلى صـ 151 فإن قيل: هو في مكان بمعنى (1) إحاطة غيره به وافتقاره إلى غيره. فالله منزه عن الحاجة إلى الغير وإحاطة الغير به ونحو ذلك. وإن أريد بالمكان ما فوق العالم وما هو الرب فوقه؛ قيل: [إذا لم يكن] (2) إلا خالق أو مخلوق، والخالق بائن من المخلوق (3) ، كان هو الظاهر الذي ليس فوقه شيء. وإذا قال [القائل] (4) : هو سبحانه فوق سماواته على عرشه (5) بائن من خلقه ; فهذا المعنى حق سواء: سميت ذلك مكانا أو لم تسمه. وإذا عرف المقصود فمذهب أهل السنة والجماعة (6) ما دل عليه الكتاب والسنة واتفق عليه سلف الأمة، وهو القول (7) المطابق لصحيح المنقول وصريح المعقول. [الكلام على قوله وإلا لكان محدثا] [الرد على دليل الرافضة والمعتزلة] وأما قوله: " وإلا لكان محدثا " فمضمونه أنه لو كان جسما أو في مكان لكان محدثا. [فيقال له: قد بينا ما ينفى عنه من معاني الجسم والمكان، وبينا ما لا يجوز نفيه عنه، وإن سماه بعض الناس جسما ومكانا، لكن ما الدليل على أنه لو كان كذلك لكان محدثا] (8) وأنت (9) لم تذكر دليلا على ذلك؟ _________ (1) ن، م: هو في المعنى بمعنى، وهو تحريف. (2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . (3) ن، م: ولا مخلوق بائن من الخالق. (4) القائل: ساقطة من (ن) ، (م) . (5) ن، م: فوق عرشه. (6) والجماعة: ساقطة من (أ) ، (ب) . (7) ن، م: المعقول. (8) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط. (9) ن: فأنت ; م: قلت. **************************** وكأنه (1) اكتفى بالدليل المشهور الذي يذكره [سلفه] وشيوخه (2) المعتزلة: من أنه لو كان جسما لم يخل عن الحركة والسكون، وما لم يخل (3) عن الحوادث فهو حادث لامتناع حوادث لا أول لها. ثم يقولون: ولو [كان] قام به (4) علم وقدرة وحياة وكلام (5) ونحو ذلك من الصفات لكان جسما. وهذا الدليل عنه (6) جوابان: أحدهما: أن يقال [له: هو] عندك (7) حي عليم قدير، ومع هذا فليس بجسم عندك، مع أنك لا تعلم حيا عليما قديرا (8) إلا جسما فإن كان قولك (9) حقا أمكن أن يكون له حياة وعلم وقدرة، وأن يكون مباينا للعالم عاليا عليه وليس بجسم. فإن قلت: لا أعقل مباينا عاليا إلا جسما؛ قيل لك: ولا يعقل حي عليم قدير إلا جسم، فإن أمكن أن يكون مسمى (10) بهذه الأسماء ما ليس بجسم، أمكن أن يتصف بهذه الصفات ما ليس بجسم، وإلا فلا ; لأن الاسم (11) مستلزم للصفة. _________ (1) ن، م: فكأنه. (2) ن، م: الذي يذكره شيوخه. (3) ن، م: وما لا يخلو. (4) ن، م: ولو قام به. (5) وكلام: ساقطة من (أ) ، (ب) . (6) ن، م: فهذا الدليل عليه. (7) ن، م: أن يقال عندك. (8) ن، م: عالما قادرا. (9) ن، م: قوله. (10) ن، م: أن يسمى. (11) ن، م: الجسم، وهو خطأ. ***************************** وكذلك إذا قال: لو كان فوق العالم لكان جسما، ولكان إما أكبر من العالم وإما أصغر وإما مساويا له، وكل ذلك ممتنع، فيقال له: إن كثيرا من الناس يقولون: إنه فوق العالم وليس بجسم. فإذا قال النافي (1) : قول هؤلاء معلوم فساده بضرورة العقل، قيل له: فأنت تقول: إنه موجود قائم بنفسه، وليس بداخل في العالم ولا خارج عنه، ولا مباين له ولا محايث (2) له، وأنه لا يقرب منه شيء ولا يبعد منه شيء، [ولا يصعد إليه شيء] (3) ولا ينزل منه شيء، وأمثال ذلك من النفي الذي إذا عرض على الفطرة السليمة جزمت جزما قاطعا أن هذا باطل وأن وجود مثل هذا ممتنع، وكان جزمها ببطلان هذا أقوى من جزمها ببطلان كونه فوق العالم وليس بجسم. فإن كان حكم الفطرة السليمة مقبولا وجب بطلان مذهبك، فلزم أن يكون فوق العالم، وإن كان مردودا بطل ردك لقول من يقول: إنه فوق العالم وليس بجسم، فإن الفطرة الحاكمة بامتناع هذا هي الحاكمة بامتناع هذا، فيمتنع قبول حكمها في أحد الموضعين دون الآخر. وذلك أن هؤلاء النفاة يزعمون أن الحكم بهذا المنع من حكم الوهم المردود لا من حكم العقل المقبول، ويقولون: إن الوهم هو أن يدرك في المحسوسات (4) ما ليس بمحسوس، كما تدرك الشاة عداوة الذئب _________ (1) ب (فقط) : فإذا قال لنا. (2) ن، م: مجانب. (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . (4) ن، م: في المحسوس. **************************** وتدرك السخلة (1) صداقة أمها، ويقولون: الحكم الفطري الموجود في قلوب بني آدم، بامتناع وجود مثل هذا هو حكم الوهم لا حكم العقل (2) ، فإن حكم الوهم إنما يقبل في المحسوسات لا فيما ليس بمحسوس (3) . فيقال لهم: إن كان هذا صحيحا فقولكم: إنه يمتنع أن يكون فوق العالم وليس بجسم هو أيضا من حكم الوهم ; لأنه حكم فيما ليس بمحسوس عندكم، وكذلك حكمه بأن كل ما يرى (4) فلا بد أن يكون بجهة من الرائي هو حكم الوهم أيضا. وكذلك سائر ما يدعون امتناعه على الرب [هو] (5) مثل دعوى امتناع كونه لا مباينا ولا محايثا (6) ، فإن كان حكم الفطرة بهذا الامتناع مقبولا في _________ (1) في اللسان: السخلة ولد الشاة من المعز والضأن، ذكرا أو أنثى. . أبو زيد: يقال لولد الغنم ساعة تضعه أمه من الضأن والمعز جميعا، ذكرا أو أنثى، سخلة. (2) ن: الفعل، وهو تحريف. (3) يعرف ابن سينا في كتابه النجاة (ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 63، نشر محيي الدين الكردي، الطبعة الثانية 1357/1938) القوة الوهمية بقوله: " ثم القوة الوهمية وهي قوة مرتبة في نهاية التجويف الأوسط من الدماغ تدرك المعاني الغير محسوسة الموجودة في المحسوسات الجزئية كالقوة الحاكمة بأن الذئب مهروب منه وأن الولد معطوف عليه ". وانظر كتاب الشفاء، القسم الخاص بالنفس، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 60 - 161، 177 - 179، نشر يان باكوش، طبع المجمع العلمي التشكوسلوفاكي، براغ، 1956 مبحث عن القوة النفسانية، ضمن مجموعة بعنوان: أحوال النفس، نشرها الدكتور أحمد فؤاد الأهواني، ص [0 - 9] 66 - 167، القاهرة، 1952. (4) ن: كل من لا يرى ; م: كل ما لا يرى، وكلاهما خطأ. (5) هو: ساقطة من (ن) فقط. (6) ن، م: مجانبا. ************************ شيء من ذلك قبل في نظيره، وإلا فقبوله في أحد المتماثلين ورده في الآخر تحكم. وهؤلاء بنوا كلامهم على أصول متناقضة، فإن الوهم عندهم قوة في النفس تدرك في المحسوسات ما ليس بمحسوس، وهذا الوهم لا يدرك إلا معنى جزئيا لا كليا كالحس والتخيل، وأما الأحكام الكلية فهي عقلية، فحكم الفطرة بأن كل موجودين إما متحايثان (1) وإما متباينان، وبأن ما لا يكون داخل العالم ولا خارجه لا يكون إلا معدوما، وأنه يمتنع وجود ما هو كذلك، ونحو ذلك، أحكام كلية عقلية، ليست أحكاما جزئية شخصية في جسم معين حتى يقال: إنها من حكم الوهم. وأيضا فإنهم يقولون: [إن] (2) حكم الوهم فيما ليس بمحسوس باطل ; لأنه إنما يدرك ما في المحسوسات من المعاني التي ليست محسوسة، أي: لا يمكن إحساسها، ومعلوم أن كون رب العالمين لا تمكن رؤيته أو تمكن مسألة مشهورة، [فسلف الأمة] (3) وأئمتها وجمهور نظارها وعامتها على أن الله يمكن رؤيته ورؤية الملائكة والجن وسائر ما يقوم بنفسه، فإذا ادعى المدعي أنه لا يمكن رؤيته ولا رؤية الملائكة (4) التي يسميها هو (5) المجردات _________ (1) ن، م: متجانبان. (2) إن: زيادة في (أ) ، (ب) . (3) فسلف الأمة: ساقطة من (ن) ، (م) . (4) أ، ب: أنه لا يمكن رؤيته أو لا يمكن رؤيته ولا رؤية الملائكة. . إلخ. (5) هو: ساقطة من (ب) فقط. *************************** والنفوس والعقول، فهو يدعي وجود موجود قائم بنفسه لا يمكن الإحساس به بحال. فإذا احتج عليه بالقضايا الفطرية التي تحكم بها الفطرة كما تحكم بسائر القضايا الفطرية، لم يكن له أن يقول: هذا حكم الوهم فيما ليس بمحسوس، فلا يقبل ; لأن الوهم إنما يدرك ما في المحسوس ; فإنه يقال له: إنما يثبت أن هذا مما لا يمكن أن يرى ويحس به إذا ثبت أن هذا الحكم باطل، وإنما يثبت أن هذا الحكم باطل إذا ثبت وجود موجود لا يمكن أن يرى ويحس به، وأنت لم تثبت هذا الموجود، إلا بدعواك أن هذا الحكم باطل، ولم تثبت أن هذا الحكم باطل (1) إلا بدعواك وجود هذا الموجود، فصار حقيقة قولك دعوى مجردة بلا دليل. فإذا ثبت امتناع رؤيته بإبطال هذا الحكم، كان هذا دورا ممتنعا، وكنت قد جعلت الشيء مقدمة في إثبات نفسه، فإنه يقال لك: لم تثبت إمكان وجود غير محسوس إن لم تثبت بطلان هذا الحكم، ولا تثبت بطلانه إن لم تثبت موجودا قائما بنفسه لا يمكن رؤيته ولا الإحساس به. فإذا قلت: الوهم يسلم (2) مقدمات تستلزم ثبوت هذا، قيل لك: ليس الأمر كذلك، فإنه لم يسلم مقدمة مستلزمة لهذا أصلا، بل جميع ما ينبني عليه ثبوت إمكان هذا، وإمكان وجود ما لا يمكن رؤيته ولا يشار إليه، مقدمات متنازع فيها بين العقلاء، ليس فيها مقدمة واحدة متفق عليها، فضلا عن أن تكون ضرورية أو حسية يسلمها الوهم. _________ (1) ن، م: ولم يثبت به باطل. (2) أ: يستلزم. **************************** ثم يقال لك: إذا جوزت أن يكون في الفطرة حاكمان بديهيان: أحدهما حكمه باطل، والآخر حكمه حق، لم يوثق بشيء من حكم الفطرة، حتى يعلم أن ذلك من حكم الحاكم الحق، ولا يعرف عن ذلك حتى يعرف أنه ليس من الحكم الباطل، ولا يعرف أنه باطل حتى تعرف المقدمات البديهية الفطرية، التي بها يعلم أن ذلك الحكم باطل، فيلزم من هذا (1) أن لا يعرف شيء بحكم الفطرة، فإنه لا يعرف الحق حتى يعرف الباطل، ولا يعرف الباطل حتى يعرف الحق، فلا يعرف الحق بحال. وأيضا، فالأقيسة القادحة في تلك الأحكام الفطرية البديهية أقيسة نظرية، والنظريات مؤلفة من البديهيات، فلو جاز القدح في البديهيات بالنظريات لزم فساد البديهيات والنظريات، فإن فساد الأصل يستلزم فساد فرعه، فتبين أن من سوغ القدح في القضايا البديهية الأولية [الفطرية بقضايا] نظرية (2) ، فقوله باطل يستلزم فساد العلوم العقلية بل والسمعية. وأيضا لفظ " الوهم " في اللغة العامة يراد به الخطأ، وأنت أردت به قوة تدرك ما في الأجسام من المعاني التي ليست محسوسة، وحينئذ فالحاكم بهذا الامتناع إن كان حكم به في غير جسم فليس هو الوهم، وإن كان إنما حكم به في جسم فحكمه صادق فيه، فلم قلت: إن هذا هو حكم الوهم فيما لا يقبل حكمه فيه؟ . ومعلوم أن ما تحكم به (3) الفطرة السليمة من القضايا الكلية المعلومة _________ (1) ن، م: فيعرف من هذا. . (2) ن (فقط) : البديهية الأولية النظرية، وهو خطأ. (3) ن، م: ما لا تحكم به، وهو خطأ. ***************************
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() ![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الثانى الحلقة (111) صـ 215 إلى صـ 221 فيقال له: تقدير العقل لهذه الأقسام لا يقتضي وجودها في الخارج ولا إمكان وجودها في الخارج، فإن هذا مثل أن يقال: الشيء إما أن يكون واجبا، وإما أن يكون ممكنا، وإما أن يكون لا واجبا ولا ممكنا ; والشيء إما أن يكون قديما وإما أن يكون محدثا، وإما أن يكون لا قديما ولا محدثا ; والشيء إما أن يكون قائما بنفسه، وإما [أن يكون] قائما بغيره (1) ، وإما أن يكون لا قائما بنفسه ولا قائما بغيره، والشيء إما أن يكون موجودا، وإما أن يكون معدوما، وإما أن يكون لا موجودا ولا معدوما. فإن أمثال هذه التقديرات والتقسيمات لا تثبت إمكان الشيء ووجوده في الخارج، بل إمكان الشيء يعلم بوجوده أو بوجود (2) نظيره أو وجود ما يكون الشيء أولى بالوجود من ذلك الذي علم وجوده، أو بنحو ذلك من الطرق. والإمكان (3) الخارجي يثبت بمثل هذه الطرق، وأما الإمكان الذهني فهو أن لا يعلم امتناع الشيء، ولكن عدم العلم بالامتناع ليس علما بالإمكان. فإن قال النافي: كل ما اتصف بأنه حي عليم قدير، أو ما كان له حياة وعلم وقدرة، أو ما يجوز أن يرى، أو ما يكون فوق العالم، أو نحو ذلك _________ (1) ن، م: أو قائما بغيره. (2) ن، م: أو وجود. (3) ن، م: فالإمكان. ********************************* من المعاني التي أثبتها الكتاب والسنة، لا يوصف بها إلا ما هو [جسم] (1) مركب من الجواهر المنفردة (2) أو من المادة والصورة، وذلك ممتنع. قيل: جمهور العقلاء لا يقولون: إن هذه الأجسام المشهودة - كالسماء والكواكب - مركبة لا من الجواهر الفردة (3) ولا من المادة والصورة، فكيف يلزمهم أن يقولوا بلزوم هذا التركيب في رب العالمين؟ ! وقد بين في غير هذا الموضع فساد حجج الطائفتين وفساد (4) حجج نفيهم لهذين المعنيين، وأن (5) هؤلاء يبطلون حجة هؤلاء الموافقين لهم في الحكم، وهؤلاء يبطلون حجة هؤلاء، فلم يتفقوا على صحة حجة واحدة بنفي ما جعلوه مركبا، بل هؤلاء يحتجون بأن المركب مفتقر إلى أجزائه، فيبطل أولئك هذه الحجة، وهؤلاء يحتجون بأن ما كان كذلك لم يخل عن الأعراض الحادثة، وما لم يخل عن الحوادث فهو محدث، وأولئك يبطلون حجة هؤلاء، بل يمنعونهم المقدمتين، وهذه الأمور مبسوطة في غير هذه الموضع، وإنما نبهنا [هنا] (6) على هذا الباب. والأصل الذي [يجب] على المسلمين (7) أن ما ثبت عن الرسول وجب _________ (1) جسم: ساقطة من (ن) ، (م) . (2) جسم: ساقطة من (ن) ، (م) . (3) ن، م: المفردة. (4) ن: بل فساد. (5) م: فإن. (6) هنا: زيادة في (أ) ، (ب) . (7) ن، م: والأصل الذي عليه المسلمون. ******************************* الإيمان به، فيصدق خبره ويطاع أمره، وما لم يثبت عن الرسول فلا يجب الحكم فيه بنفي ولا إثبات حتى يعلم مراد المتكلم ويعلم صحة نفيه أو إثباته. وأما الألفاظ المجملة فالكلام فيها بالنفي والإثبات دون الاستفصال يوقع في الجهل والضلال، والفتن والخبال، والقيل والقال، وقد قيل: أكثر اختلاف العقلاء من جهة اشتراك الأسماء. وكل من الطائفتين نفاة الجسم ومثبتيه موجودون في الشيعة وفي أهل السنة المقابلين للشيعة، أعني الذين يقولون بإمامة الخلفاء الثلاثة. وأول ما ظهر إطلاق لفظ الجسم من متكلمة الشيعة كهشام بن الحكم، كذا نقل ابن حزم وغيره. [مقالات الرافضة في التجسيم] قال أبو الحسن الأشعري في كتاب: " مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين " (1) : " اختلف (2) الروافض أصحاب الإمامة في التجسيم، وهم ست فرق: فالفرقة (3) الأولى الهشامية، أصحاب هشام بن الحكم الرافضي: يزعمون أن معبودهم جسم، وله نهاية وحد، طويل عريض عميق، طوله _________ (1) أشار ابن تيمية من قبل (هذا الكتاب 2/104) إلى كلام الأشعري عن مقالة الروافض في التجسيم وهو في مقالات الإسلاميين 1/102 - 105، وسنقابل نص " منهاج السنة " على نص: " مقالات الإسلاميين ". وفي هامش (م) أمام هذا الموضوع كتب: " قف على اختلاف الروافض في التجسيم وهم ست فرق ". (2) مقالات. . (ص 102) : واختلفت. (3) ن، م: الفرقة. ************************************ مثل عرضه، وعرضه مثل عمقه، لا يوفى بعضه على (1) بعض (2) ، وزعموا أنه نور ساطع، له قدر من الأقدار، في مكان دون مكان، كالسبيكة الصافية يتلألأ (3) كاللؤلؤة المستديرة من جميع جوانبها، ذو لون وطعم ورائحة ومجسة " وذكر كلاما طويلا (4) . " والفرقة الثانية من الرافضة: يزعمون أن ربهم ليس بصورة ولا كالأجسام، وإنما يذهبون في قولهم: إنه جسم، إلى أنه موجود، ولا (5) يثبتون البارئ ذا أجزاء مؤتلفة وأبعاض متلاصقة (6) ، ويزعمون أن الله (7) على العرش مستو بلا مماسة ولا كيف. والفرقة الثالثة من الرافضة (8) : يزعمون أن ربهم على صورة الإنسان، ويمنعون أن يكون جسما. والفرقة الرابعة من الرافضة الهشامية - أصحاب هشام بن سالم الجواليقي -: يزعمون أن ربهم على صورة الإنسان، وينكرون أن يكون لحما ودما، ويقولون: هو (9) نور ساطع يتلألأ بياضا (10) ، وأنه ذو حواس _________ (1) أ، ب: عن. (2) بعد كلمة " بعض " في مقالات. . ما يلي: " ولم يعينوا طولا غير الطويل، وإنما قالوا: طوله مثل عرضه، على المجاز دون التحقيق " وكله لم يرد في " منهاج السنة ". (3) أ: تتلألأ ; وفي (ب) : تتلألؤ، وهو خطأ مطبعي. (4) وهو الموجود في " مقالات الإسلاميين " ص 102 - 104. (5) ن، م: لا. (6) ن، م: ملاصقة. (7) مقالات (ص 104) : الله عز وجل. (8) أ، ب: الروافض. (9) أ، ب: إنه. (10) ن: ضياء ; م: ضياؤه. ********************************* خمس كحواس الإنسان، له يد ورجل (1) ، وأنف وأذن، وفم وعين (2) ، وأنه يسمع بغير ما به يبصر (3) ، وكذلك سائر حواسه متغايرة عندهم ". قال: " وحكى أبو عيسى الوراق أن هشام بن سالم كان يزعم أن لربه وفرة (4) سوداء (5) ، وأن ذلك نور أسود. والفرقة الخامسة: يزعمون أن لرب العالمين (6) ضياء خالصا ونورا بحتا (7) ، وهو كالمصباح الذي من حيث جئته يلقاك بأمر واحد (8) ، وليس بذي صورة ولا أعضاء، ولا اختلاف في الأجزاء، وأنكروا أن يكون على صورة الإنسان، أو [على] (9) صورة شيء من الحيوان ". قال (10) : " والفرقة السادسة من الرافضة (11) : يزعمون أن ربهم ليس بجسم (12) ولا بصورة (13) ، ولا يشبه الأشياء، ولا يتحرك ولا يسكن ولا يماس. _________ (1) ن، م: له رجل ويد. (2) مقالات (ص 105) : وعين فم. (3) مقالات. .: وأنه يسمع بغير ما يبصر به ; ن: وأنه سميع بصير ما به يبصر (وهو تحريف) . (4) في القاموس المحيط: " والوفرة الشعر المجتمع على الرأس، أو ما سال على الأذنين، أو ما جاوز شحمة الأذن ". (5) أ: وفرة سواد. (6) مقالات. .: رب العالمين. (7) ن: يحب ; م: محت، وهو تحريف. مقالات: ضياء خالص ونور بحت. (8) ب: بنور، أ: بأمر (مع سقوط كلمة: واحد) . (9) على: ساقطة من (ن) ، (م) . (10) بعد الكلام السابق مباشرة في " مقالات. . " 1/105. (11) م: الروافض. (12) أ، ب: لا بجسم. (13) ن، م: ولا صورة. ************************************** وقالوا في التوحيد بقول المعتزلة والخوارج ". قال أبو الحسن الأشعري (1) : " وهؤلاء قوم من متأخريهم (2) ، فأما أوائلهم فإنهم كانوا يقولون بما حكيناه (3) عنهم من التشبيه ". قلت: وهذا الذي ذكره [أبو الحسن] (4) الأشعري عن قدماء الشيعة من القول بالتجسيم قد اتفق على نقله عنهم أرباب المقالات، حتى نفس الشيعة كابن النوبختي وغيره ذكر [ذلك عن] هؤلاء الشيعة (5) . وقال أبو محمد بن حزم وغيره: أول من قال في الإسلام: إن الله جسم [هشام بن الحكم] (6) ، وكان الذين يناقضونه في ذلك المتكلمين (7) من المعتزل كأبي الهذيل العلاف. فالجهمية والمعتزلة أول من قال: إن الله ليس بجسم. فكل من القولين قاله قوم من الإمامية ومن أهل السنة الذين ليسوا بإمامية. وإثبات الجسم قول محمد بن كرام وأمثاله ممن يقول بخلافة الخلفاء (8) الثلاثة، والنفي (9) قول أبي الحسن الأشعري وغيره ممن يقول _________ (1) بعد الكلام السابق مباشرة. (2) ن: متأخرهم، وهو خطأ. (3) مقالات: ما حكينا. (4) أبو الحسن: زيادة في أ، ب. (5) ن: وذكر هؤلاء الشيعة. (6) ابن الحكم: ساقط من (ن) فقط. ولم أستطع العثور على هذا النص في كلام ابن حزم. (7) ن، م: وكان الذين يناقضونه في ذلك المتكلمون، وهو تحريف. (8) الخلفاء: ساقطة من (أ) ، (ب) . (9) أ: ونفاه ; ب: ونفيه. ************************************ بخلافة الخلفاء الثلاثة، وقول كثير من أتباع الأئمة الأربعة: أصحاب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم. [معنى لفظ أهل السنة وموقفهم من إطلاق لفظ الجسم] فلفظ " أهل السنة " يراد به من أثبت خلافة الخلفاء الثلاثة، فيدخل (1) في ذلك جميع الطوائف إلا الرافضة، وقد يراد به أهل الحديث والسنة المحضة، فلا يدخل فيه إلا من يثبت (2) الصفات لله تعالى ويقول: إن القرآن غير مخلوق، وإن الله يرى في الآخرة، ويثبت القدر، وغير ذلك من الأصول (3) المعروفة عند أهل الحديث والسنة. وهذا الرافضي -[يعني المصنف] (4) - جعل أهل السنة بالاصطلاح الأول، وهو اصطلاح العامة: كل من ليس برافضي، قالوا: هو من أهل السنة. ثم أخذ ينقل عنهم مقالات لا يقولها إلا بعضهم مع تحريفه لها، فكان في نقله من الكذب والاضطراب ما لا يخفى على ذوي الألباب. وإذا عرف [أن] مراده (5) بأهل السنة السنة العامة، فهؤلاء متنازعون في إثبات الجسم ونفيه كما تقدم، والإمامية أيضا متنازعون في ذلك. وأئمة النفاة هم الجهمية من المعتزلة ونحوهم يجعلون من أثبت الصفات مجسما، بناء عندهم على أن الصفات (6) لا تقوم إلا بجسم _________ (1) م: فدخل. (2) ن: أثبت. (3) أ، ب: الأمور. (4) عبارة " يعني المصنف ": ساقطة من (ن) ، (م) . (5) ن، م: فإذا عرف مراده. (6) أ، ب: بناء عندهم على أن الصفات عندهم. ***************************
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]() ![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الثانى الحلقة (121) صـ 285 إلى صـ 291 الطرق] (1) .، فهذه الطرق (2) . وغيرها مما يبين (3) . به حدوث كل (4) ما سوى الله [تعالى] (5) .، سواء قيل بأن كل حادث مسبوق بحادث أو لم يقل. وأيضا (6) .، فما يقوله قدماء الشيعة والكرامية ونحوهم، لهؤلاء (7) . أن يقولوا: نحن علمنا أن العالم مخلوق بما فيه من آثار الحاجة، كما قد تبين (8) . قبل هذا أن كل جزء من العالم محتاج، فلا يكون (9 واجبا بنفسه، فيكون 9) (9) . مفتقرا إلى الصانع، فثبت (10) . الصانع بهذا الطريق. ثم يقولوا (11) .: ويمتنع وجود حوادث لا أول لها، فثبت حدوثه بهذا الطريق. ولهذا كان محمد بن الهيصم (12) . ومن وافقه كالقاضي أبي خازم بن _________ (1) هنا ينتهي السقط الكبير في (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) وبدأ ص 276 (2) ن: بهذه الطريق ; م: فهذه الطريق (3) ن: يتبين (4) كل: ساقطة من (ب) فقط (5) تعالى: ساقطة من (ن) ، (م) (6) ب، أ: أيضا (7) ن، م: لا يجوز لهؤلاء (8) ب، أ: بين (9) (9 - 9) ساقط من (م) (10) ن، م: قلت، وهو تحريف (11) ن، م، ع، أ: ثم يقول، ورجحت أن يكون الصواب ما جاء في (ب) ، ويكون الكلام هنا معطوفا على عبارة: لهؤلاء أن يقولوا. . إلخ (12) محمد بن الهيصم من رءوس الكرامية إلا أنه، كما قال الشهرستاني (الملل والنحل 1/38) : " مقارب ". وقال عنه أيضا (1/102) : " وقد اجتهد ابن الهيصم في إرمام مقالة أبي عبد الله (ابن كرام) في كل مسألة حتى ردها من المحال الفاحش إلى نوع يفهم فيما بين العقلاء ". ونفى عنه ابن أبي الحديد (شرح نهج البلاغة 3/229 - 230) ما ينسب إليه من تجسيم وفوقية. ولم أجد للرجل ترجمة في كتب الرجال التي بين أيدينا. وانظر عن مذهبه وآرائه ما ورد في: الملل والنحل 1/99، 101 - 103 ; نهاية الإقدام، ص [0 - 9] 05، 112، 114. وانظر: لسان الميزان 5/354 ; التجسيم عند المسلمين للدكتورة سهير محمد مختار، ص 87 - 93 ط. القاهرة، 1971 ******************** القاضي أبي يعلى (1) . [في كتابه المسمى " بالتلخيص "] (2) . لا يسلكون في إثبات الصانع الطريق التي يسلكها [أولئك " المعتزلة (3) . ومن وافقهم [حيث يثبتون أولا حدوث العالم بحدوث الأجسام، ويجعلون ذلك هو الطريق إلى إثبات الصانع] (4) .، بل يبتدئون (5) . بإثبات الصانع ثم يثبتون حدوث العالم بتناهي الحوادث ولا يحتاجون أن يقولوا: كل جسم [محدث] (6) . . وبالجملة فالتقديرات أربعة، فإن الحوادث: إما أن يجوز دوامها، [وإما أن يمتنع دوامها ويجب أن يكون لها ابتداء] (7) ، وعلى التقديرين: _________ (1) ب، أ: كالقاضي أبي حازم والقاضي أبي يعلى ; ن، م: كالقاضي أبي يعلى ; ع: كالقاضي أبي حازم بن القاضي أبي يعلى. ورجحت أن يكون الصواب ما أثبته، وسبقت ترجمة أبي حازم 1/143 (ت [0 - 9] ) . وانظر في ترجمته أيضا: شذرات الذهب 4/82 ; الوافي بالوفيات 1/160 ; الأعلام للزركلي 7/249 (2) عبارة " في كتابه المسمى بالتلخيص " ساقطة من (ن) ، (م) : ولم يذكر هذا الكتاب في ترجمة أبي حازم في المراجع السابق ذكرها (3) ن: يسلكها المعتزلة ; ب، أ، م: سلكها المعتزلة (4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) وفي (ع) كتب في الهامش ما يلي: " قوله: حيث يثبتون أولا. . إلخ مرتبط بقوله: يسلكها أولئك المعتزلة " (5) ب: يبدءون (6) كلمة " محدث ": ساقطة من (ن) (م) (7) ما بين المعقوفتين عن (ع) ، وبدلا منه في (ب) ، (أ) : وإما أن يجب ابتداؤها، وفي (ن) ، (م) : وإما أن يجب إبداؤها. ************************* فإما أن يكون كل جسم محدثا (1) . وإما أن [لا] يكون، [وقد قال] بكل قول طائفة من أهل القبلة وغيرهم (2) . . وكل هؤلاء يقولون بحدوث الأفلاك وأن الله أحدثها بعد عدمها، ليس فيهم من يقول بقدمها، فإن ذلك قول الدهرية، سواء قالوا: [مع ذلك بإثبات عالم معقول كالعلة الأولى، كما يقوله الإلهيون منهم، أو لم يقولوا بذلك، كما يقوله الطبيعيون منهم ; وسواء قالوا: إن تلك العلة الأولى هي علة غائية، بمعنى أن الفلك يتحرك للتشبه بها، كما هو قول أرسطو وأتباعه، أو قالوا: إنها علة مبدعة للعالم، كما يقوله ابن سينا وأمثاله ; أو قيل بالقدماء الخمسة كما يقوله الحرنانيون (3) . ونحوهم، أو قيل بعدم صانع لها] (4) .: سواء قيل بوجوب [ثبوت] وجودها (5) . أو حدوثها لا بنفسها، أو وجوب وجود المادة وحدوث الصورة بلا محدث، كما يذكر عن الدهرية المحضة منهم. مع أن كثيرا من الناس يقولون (6) .: إن هذه الأقوال من جنس أقوال (7) السوفسطائية التي لا تعرف عن قوم معينين، وإنما هي شيء يخطر لبعض الناس في بعض الأحوال (8) . _________ (1) ع: محدث، وهو خطأ (2) ن، م: وإما أن يكون كل قوم طائفة من أهل القبلة وغيرهم، وهو تحريف (3) في الأصل: الجزنانيون (4) الكلام بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) وتوجد بدلا منه في النسخ الأربع هذه العبارات. . . سواء (ن، م: وإذا) قالوا: " بوجوبها (م: بحدوثها) عن علة تامة كقول الإلهيين (ن: الإلهية منهم) أو قالوا بعدم (ن، م: بقدم) صانعها " (5) ن، م: بوجوب وجودها، ع: بموجب وجودها (6) ن، م: يقول (7) م: قول. (8) ب، أ: وإنما هو. . . بعض الأقوال ; ن، م: وإنما هو. . . الأحوال. ******************** وإذا كان كذلك، فقد تبين أنه ليس لهذا الإمامي، وأمثاله من متأخري الإمامية والمعتزلة وموافقيهم حجة (1) . عقلية على بطلان قول إخوانهم من متقدمي الإمامية وموافقيهم (2 الذين نازعوهم في مسائل الصفات والقرآن وما يتبع 2) (2) . ذلك فكيف يكون حالهم (3) مع أهل السنة الذين هم أصح عقلا ونقلا؟ ! (4) . . [الرد على قوله عن الإمامية إنهم يقولون إن الله قادر على جميع المقدورات] (فصل) وأما قوله عن الإمامية: إنهم يقولون (5) . فهذا ملبس (6) . لا فائدة فيه. (7) . [فإن قول القائل: إنه قادر على جميع المقدورات يراد به شيئان: أحدهما: أنه قادر على كل ممكن، فإن كل ممكن هو مقدور، بمعنى أنه يقدر القادر على فعله. _________ (1) م: ومن وافقهم بحجة (2) (2 - 2) : ساقط من (أ) ، (ب) (3) ب، أ، ن، م: فكيف حاله. (4) هنا ينتهي تعليق ابن تيمية على جزء من القسم الأول من كلام ابن لمطهر في الوجه الأول من الفصل الثاني في كتاب " منهاج الكرامة ". وقد ذكر ابن تيمية نص كلامه فيما سبق (ص [0 - 9] 7 - 99) ثم علق عليه قسما قسما في الصفحات (102 - 121، 121 - 132، 132 - 134، 134 - 144، 144 - 145، 145 - 288) (5) وردت العبارة التالية في منهاج الكرامة 1/82 (م) ، وسبق ورودها في هذا الجزء، ونصها في هذين الموضعين: " وأنه تعالى قادر على جميع المقدورات ".: " إنه قادر على جميع المقدرات " (6) م: مسلن (بدون نقط) (7) الكلام بعد هذا القول ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) ويستمر حتى ص 292 ********************* والثاني: أن يراد به أنه قادر على كل ما هو مقدور له، لا يقدر على ما ليس بمقدور له. والمعنى الأول هو مراد أهل السنة المثبتين للقدر إذا قالوا: هو قادر على كل مقدور، فإنهم يقولون: إن الله قادر على كل ما يمكن أن يكون مقدورا لأي قادر كان، فما من أمر ممكن في نفسه إلا والله قادر عليه، لا يتصور عندهم أن يقدر العباد على ما لم يقدر الله عليه، وهذا معنى قوله تعالى: {إنه على كل شيء قدير} [سورة فصلت: 39] . فأما الممتنع لنفسه فإنه ليس بشيء عند عامة العقلاء. وإنما تنازعوا في المعدوم الممكن: هل هو شيء أم لا؟ فأما الممتنع، فلم يقل أحد: إنه شيء ثابت في الخارج، فإن الممتنع هو ما لا يمكن وجوده في الخارج، مثل كون الشيء موجودا معدوما، فإن هذا ممتنع لذاته لا يعقل ثبوته في الخارج، وكذلك كون الشيء أسود كله أبيض كله، وكون الجسم الواحد بعينه في الوقت الواحد في مكانين. والممتنع يقال على الممتنع لنفسه مثل هذه الأمور، وعلى الممتنع لغيره: مثل ما علم الله تعالى أنه لا يكون وأخبر أنه لا يكون وكتب أنه لا يكون، فهذا لا يكون. وقد يقال: إنه يمتنع أن يكون ; لأنه لو كان للزم أن يكون علم الله بخلاف معلومه، وخبره بخلاف مخبره ; لكن هذا هو ممكن في نفسه والله قادر عليه، كما قال: {بلى قادرين على أن نسوي بنانه} [سورة القيامة: 4] ، وقال تعالى: {وإنا على ذهاب به لقادرون} [سورة ************************* المؤمنون: 18] ، وقال تعالى: {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض} [سورة الأنعام: 65] . وقد ثبت في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال «لما نزل قوله تعالى: {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم} ، قال: " أعوذ بوجهك "، {أو من تحت أرجلكم} ، قال: " أعوذ بوجهك "، {أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض} ، قال: " هاتان أهون» (1) . . ومن ذلك قوله تعالى: {ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها} [سورة السجدة: 13] ، {ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة} [سورة هود: 118] ، {ولو شاء الله ما اقتتلوا} [سورة البقرة: 253] ، {إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا من السماء} [سورة سبأ: 9] (2) .، وأمثال ذلك مما أخبر الله تعالى أنه لو شاء لفعله، فإن هذه الأمور التي أخبر الله أنه لو شاء لفعلها تستلزم أنها ممكنة مقدورة له. وقد تنازع الناس في خلاف المعلوم: هل هو ممكن مقدور، كإيمان _________ (1) الحديث عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - مع اختلاف في اللفظ في: البخاري 6/56 (كتاب التفسير، سورة الأنعام، قوله تعالى: " قل هو القادر. . "، 9/101 (كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب قول الله تعالى: أو يلبسكم شيعا) ; سنن الترمذي 4/327 (كتاب التفسير، باب ومن سورة الأنعام) ; المسند (ط. الحلبي) 3/309; تفسير الطبري (ط. المعارف) 11/422، 423، 425 (وانظر التعليقات) ، ولم أجد الحديث في صحيح مسلم (2) ذكرت الآية في الأصل (ع) وقد سقطت بعض كلماتها ********************* الكافر الذي علم الله أنه لا يؤمن؟ والذين زعموا أن الله يكلف العبد ما هو ممتنع، احتجوا بتكليفه وزعموا أن إيمانه ممتنع لاستلزامه انقلاب علم الله جهلا. وجوابهم أن لفظ " الممتنع " مجمل، يراد به الممتنع لنفسه، ويراد به ما يمتنع لوجود غيره، فهذا الثاني يوصف بأنه ممكن مقدور بخلاف الأول. وإيمان من علم الله أنه لا يؤمن مقدور له لكنه لا يقع، وقد علم الله أنه لا يؤمن مع كونه مستطيع الإيمان، كمن علم أنه لا يحج مع استطاعته الحج. ومن الناس من يدعي أن الممتنع لذاته مقدور، ومنهم من يدعي إمكان أمور يعلم بالعقل امتناعها. وغالب هؤلاء لا يتصور ما يقوله حق التصور، أو لا يفهم ما يريده الناس بتلك العبارة، فيقع الاشتراك والاشتباه في اللفظ أو في المعنى. وحقيقة الأمر ما أخبر الله به في غير موضع من كتابه: أنه على كل شيء قدير، كما تقدم بيانه، وهذا مذهب أهل السنة المثبتين للقدر. وأما القدرية من الإمامية والمعتزلة وغيرهم، فإذا قالوا: إنه قادر على كل المقدورات لم يريدوا بذلك ما يريده أهل الإثبات، وإنما يريدون بذلك أنه قادر على كل ما هو مقدور له، وأما نفس أفعال العباد - من الملائكة والجن والإنس - فإن الله لا يقدر عليها عند القدرية، وإنما تنازعوا: هل يقدر على مثلها؟ وإذا كان كذلك كان قولهم: إنه قادر على كل مقدور، إنما (1) . يتضمن _________ (1) في الأصل: وإنما ***********************
__________________
|
#4
|
||||
|
||||
![]() ![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الثانى الحلقة (131) صـ 355 إلى صـ 361 متحيز وحيز وقائم بالمتحيز، فتكون الموجودات سوى الله ثلاثة وهي محدثة عندهم. وهذا يناقض قولهم: إن ما سوى الله: إما متحيز، وإما قائم بمتحيز. وأما اعتراض الطوسي عليه فإنه مني على أن التحيز هو المكان، وليس هذا هو المشهور عند المتكلمين، بل المشهور عندهم الفرق بينهما. وما ذكره من القولين في المكان هو نزاع بين المتفلسفة أصحاب أفلاطن وأصحاب أرسطو، فأولئك يقولون: هو جوهر قائم بنفسه تحل به الأجسام، وليس هذا قول كثير من المتكلمين، بل كل ما قام بنفسه فهو عندهم جسم، إذ الجوهر الذي له هو جسم، ليس عندهم جوهر قائم بنفسه غير هذين، ومن أثبت منهم جوهرا غير جسم فإنه محدث عندهم، لأن كل ما سوى الله فإنه محدث مسبوق بالعدم باتفاق أهل الملل، سواء قالوا بدوام الفاعلية وأنه لا يزال يحدث شيئا بعد شيء، أو لم يقولوا بدوام الفاعلية. والمتكلمون الذين يقولون: كل ما سوى الله فهو جسم أو قائم بجسم قد يتناقضون، حيث يثبت أكثرهم الخلاء أمرا موجودا، ويقولون: إنه لا يتقدر بل يفرض فيه التقدير فرضا، وهذا الخلاء هو الجوهر الذي يثبته أفلاطن. ولكن يمتنع عند أهل الملل أن يكون موجود قديم مع الله فإن الله خالق كل شيء، وكل مخلوق مسبوق بعدم نفسه، وإن قيل مع ذلك بدوام كونه خالقا، فخلقه شيئا بعد شيء دائما لا ينافي أن يكون كل ما **************************** سواه مخلوقا محدثا كائنا (1) بعد أن لم يكن، ليس من الممكنات قديم بقدم الله تعالى مساويا له، بل هذا ممتنع بصرائح العقول مخالف لما أخبرت به الرسل عن الله، كما قد بسط في موضعه. وأرسطو وأصحابه يقولون: إن المكان هو السطح الباطن من الجسم الحاوي الملاقي للسطح الظاهر من الجسم المحوي، وهو عرض عند هؤلاء. وقوله: " إنه بديهي الأينية (2) خفي الحقيقة " أي عند هؤلاء، وأما علماء المسلمين فليس عندهم - ولله الحمد - من ذلك ما هو خفي، بل لفظ " المكان " قد يراد به ما يكون الشيء فوقه محتاجا إليه، كما يكون الإنسان فوق السطح، ويراد به ما يكون الشيء فوقه من غير احتياج إليه، مثل كون السماء فوق الجو، وكون الملائكة فوق الأرض والهواء، وكون الطير فوق الأرض. ومن هذا قول حسان بن ثابت رضي الله عنه: تعالى علوا فوق عرش إلهنا ... وكان مكان الله أعلى وأعظما (3) مع علم حسان وغيره من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الله غني عن كل ما سواه، وما سواه من عرش وغيره محتاج إليه، وهو لا يحتاج إلى شيء، وقد أثبت له مكانا. والسلف والصحابة، بل النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسمع مثل _________ (1) في الأصل: أن يكون كل ما سواه مخلوق محدث كائن. (2) في الأصل: الأبنية، وسبق تصويب الكلمة عن " تلخيص المحصل ". (3) لم أجد البيت في ديوان حسان المطبوع. ****************************** هذا ويقر عليه، كما أنشده عبد الله بن رواحة رضي الله عنه: شهدت بأن وعد الله حق ... وأن النار مثوى الكافرينا وأن العرش فوق الماء طاف ... وفوق العرش رب العالمينا وتحمله ملائكة شداد ... ملائكة الإله مسومينا (1) في قصته المشهورة التي ذكرها غير واحد من العلماء لما وطئ سريته ورأته امرأته فقامت إليه لتؤذيه فلم يقر بما فعل، فقالت ألم يقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " «لا يقرأ الجنب القرآن "؟» فأنشد هذه الأبيات فظنت أنه قرآن فسكتت وأخبر - صلى الله عليه وسلم - فاستحسنه. وقد يراد بالمكان ما يكون محيطا بالشيء من جميع جوانبه ; فأما أن يراد بالمكان مجرد السطح الباطن، أو يراد به جوهر لا يحس بحال، فهذا قول هؤلاء المتفلسفة، ولا أعلم أحدا من الصحابة والتابعين وغيرهم من أئمة المسلمين يريد ذلك بلفظ " المكان ". وذلك المعنى الذي أراده أرسطو بلفظ " المكان " عرض ثابت، لكن ليس هذا هو المراد بلفظ " المكان " في كلام علماء المسلمين وعامتهم، ولا في كلام جماهير الأمم: علمائهم وعامتهم. وأما ما أراده أفلاطن فجمهور العقلاء ينكرون وجوده في الخارج، وبسط هذه الأمور له موضع آخر. وكذلك القول في تداخل الأجسام فيه نزاع معروف بين النظار. وقول الرازي في التداخل: " ذلك محال " هو موضع منع، مشهور ولكن لم يقل أحد من النظار: إن الجوهر في الحيز بمعنى التداخل، سواء فسر الحيز _________ (1) الأبيات مروية في ترجمة عبد الله بن رواحة رضي الله عنه في " الاستيعاب " لابن عبد البر. ورويت أيضا فيه القصة التي قيلت الأبيات بسببها. ****************************** بالأمر العدمي كما هو المعروف عند أئمة الكلام، أو فسر بالمكان الوجودي الذي (هو) (1) سطح الحاوي، أو جوهر عقلي كما يقوله من يقوله من المتفلسفة (2) ، أو فسر الحيز بالمعنى اللغوي المعقول في مثل قوله: {أو متحيزا إلى فئة} [سورة الأنفال: 16] وهذا الحيز هو جسم يحوز المتحيز، ليس هو عدميا ولا عرضا، ولا يجوز الجوهر العقلي المتنازع في وجوده. والمقصود أنه أي معنى أريد بلفظ الحيز فقول النظار: " إن الجوهر في الحيز ليس بمعنى التداخل المتنازع فيه وفي وجوده، فلهذا لم يحتج إلى ذكر الكلام في مسألة التداخل في هذا المقام] (3) . [فصل التعليق على قوله وأن أمره ونهيه وإخباره حادث لاستحالة أمر المعدوم ونهيه وإخباره] (فصل) وأما قوله (4) : " وأن (5) أمره ونهيه وإخباره حادث لاستحالة أمر المعدوم ونهيه وإخباره ". فيقال: هذه مسألة كلام الله تعالى، والناس فيها مضطربون، وقد بلغوا فيها إلى تسعة (6) أقوال: [وعامة الكتب المصنفة في الكلام وأصول _________ (1) بعد كلمة " الذي " توجد إشارة إلى الهامش، ولكن لا تظهر الكلمة الساقطة في المصورة، ورجحت أن تكون " هو ". (2) بعد كلمة " المتفلسفة " كلمة كأنها " أمر " ورجحت أن تكون زيادة من الناسخ. (3) هنا ينتهي السقط المشار إلى أوله ص 349. (4) سبق ورود كلام ابن المطهر الثاني في " منهاج الكرامة " 1/82 (م) ، وفي هذا الجزء، ص [0 - 9] 9. (5) ب، أ: فإن ; ع: إن ; والمثبت عن (ن) ، (م) وهو الذي في " منهاج الكرامة ". (6) ب، أ: سبعة، وهو خطأ. ****************************** الدين لم يذكر أصحابها إلا بعض هذه الأقوال إذ لم يعرفوا غير ما ذكروه، فمنهم من يذكر قولين، ومنهم من يذكر ثلاثة، ومنهم من يذكر أربعة، ومنهم من يذكر خمسة، وأكثرهم لا يعرفون قول السلف] (1) - أحدها: قول من يقول: إن كلام الله ما يفيض على النفوس من المعاني التي تفيض: إما من العقل الفعال عند بعضهم، وإما من غيره ; وهذا قول الصابئة والمتفلسفة الموافقين لهم [كابن سينا وأمثاله] (2) ، ومن دخل مع هؤلاء من متصوفة الفلاسفة ومتكلميهم كأصحاب وحدة الوجود. وفي كلام صاحب الكتب " المضنون بها على غير أهلها " (* بل " المضنون الكبير والمضنون الصغير " *) (3) ورسالة " مشكاة الأنوار " وأمثاله ما (4) قد يشار به إلى هذا، وهو في غير ذلك من كتبه يقول ضد هذا، لكن كلامه يوافق هؤلاء تارة وتارة يخالفه (5) ، وآخر أمره استقر على مخالفتهم ومطالعة (6) الأحاديث (7) النبوية. وثانيها: قول من يقول: (* إنه مخلوق خلقه الله منفصلا عنه (8) . وهذا _________ (1) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط. (2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . (3) ما بين النجمتين في (ع) وساقط من (ب) ، (أ) . وفي (ن) ، (م) : " بل المضنون الصغير والكبير ". (4) ع: مما. (5) ع: ويخالفه تارة. (6) ب، أ: ومطابقة. (7) ع: الأخبار. (8) م: من يقول إن كلام منفصلا عنه. ********************************* قول هذا الإمامي وأمثاله من الرافضة المتأخرين والزيدية والمعتزلة والجهمية. وثالثها: قول من يقول *) (1) : إنه (2) معنى واحد قديم قائم بذات الله هو الأمر والنهي والخبر والاستخبار، إن عبر عنه بالعربية كان قرآنا وإن عبر عنه بالعبرية (3) كان توراة (4) ، وهذا قول ابن كلاب ومن وافقه كالأشعري وغيره (5) . ورابعها: قول من يقول: إنه حروف وأصوات أزلية مجتمعة في الأزل، وهذا قول طائفة من أهل الكلام وأهل الحديث. ذكره الأشعري في " المقالات " عن طائفة (6) . وهو الذي يذكر عن السالمية ونحوهم. وهؤلاء قال طائفة منهم: إن تلك الأصوات القديمة هي الصوت _________ (1) ما بين النجمتين ساقط من (ب) ، (أ) . (2) ب: بأنه. (3) ب، أ، م: بالعبرانية. (4) ع: إن عبر عنه بالعبرية كان توراة وإن عبر عنه بالعربية كان قرآنا. (5) يقول الأشعري في المقالات 2/233: " قال عبد الله بن كلاب. . وإنه (القرآن) معنى واحد بالله عز وجل، وإن الرسم هو الحروف المتغايرة، وهو قراءة القرآن، وإنه خطأ أن يقال: كلام الله هو هو أو بعضه أو غيره، وإن العبارات عن كلام الله سبحانه تختلف وتتغاير، وكلام الله سبحانه ليس بمختلف ولا متغاير، كما أن ذكرنا لله عز وجل يختلف ويتغاير والمذكور لا يختلف ولا يتغاير، وإنما سمي كلام الله سبحانه عربيا لأن الرسم الذي هو العبارة عنه وهو قراءته عربي فسمي عربيا لعلة، وكذلك سمي عبرانيا لعلة، وهو أن الرسم الذي هو عبارة عنه عبراني، وكذلك سمي أمرا لعلة، وسمي نهيا لعلة، وخبرا لعلة، ولم يزل الله متكلما قبل أن يسمي كلامه أمرا، وقبل وجود العلة التي لها سمي كلامه أمرا، وكذلك القول في تسمية كلامه نهيا وخبرا. . ". (6) انظر " المقالات " 2/234. *************************** المسموع (1) من القارئ (2) ، أو هي بعض الصوت (3) المسموع من القارئ، وأما جمهورهم مع جمهور العقلاء (4) فأنكروا ذلك، قالوا: هذا مخالف (5) لضرورة العقل. وخامسها (6) : قول من يقول: إنه حروف وأصوات لكن تكلم به (7) بعد أن لم يكن متكلما، وكلامه حادث (8) في ذاته كما أن فعله حادث في ذاته بعد أن لم يكن متكلما ولا فاعلا. وهذا قول الكرامية وغيرهم، وهو (9) قول هشام بن الحكم وأمثاله من الشيعة. (* وهؤلاء منهم من يقول: هو حادث وليس بمحدث، ومنهم من يقول: بل هو محدث [أيضا] (10) . وقد ذكر القولين الأشعري عنهم في " المقالات " وذكر الخلاف بين أبي معاذ التومني وبين زهير الأثري (11) . والكرامية يقولون: حادث لا محدث *) (12) . _________ (1) ن: المجموع المسموع. (2) ب: النار، وهو تحريف. (3) ن: أو هي نقر الأصوات، وهو تحريف ; م: أو هي بعض الأصوات. (4) ع: وأما جمهور العقلاء. (5) ب، ا: هذا مخالفة ; ن، م: هذه مخالفة. (6) ب، ا: وخامسها وسادسها، وهو خطأ. (7) به: ساقطة من (أ) ، (ب) . (8) ب، ا: حادث به. (9) ن، م: وأظنه. (10) أيضا: ساقطة من (ن) ، (م) . (11) انظر " المقالات " 2/231 - 232. وسبقت ترجمة أبي معاذ التومني 1/422. وانظر عنه أيضا ما ذكره الأشعري في المقالات 1/326. وأما زهير الأثري فلم أعرف من هو، ولكن الأشعري يتكلم عن آرائه بالتفصيل في المقالات 1/326. (12) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) . ************************
__________________
|
#5
|
||||
|
||||
![]() ![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الثانى الحلقة (102) صـ 152 إلى صـ 158 لها، ليس فيها ما يحصل (1) بعضه من حكم الوهم الباطل، وبعضه من حكم العقل الصادق، وإنما يعلم أن الحكم من حكم الوهم الباطل إذا عرف بطلانه، فأما أن يدعي بطلانه بدعوى كونه من حكم الوهم، فهذا غير ممكن، [وبسط هذه الأمور له موضع آخر] (2) . والمقصود هنا أن هذا المبتدع وأمثاله من نفاة ما أثبته الله ورسوله لنفسه من معاني الأسماء والصفات من الجهمية والمعتزلة، ومن وافقهم من المتفلسفة والرافضة [وغيرهم] (3) ، لا يعتمدون فيما يقولونه على دليل صحيح لا سمعي ولا عقلي. أما السمعيات فليس معهم نص واحد يدل على قولهم [لا قطعا ولا ظاهرا] (4) ، ولكن نصوص الكتاب والسنة متظاهرة على نقيض (5) قولهم، ودالة على ذلك أعظم من دلالتها على المعاد والملائكة وغير ذلك مما أخبر الله به رسوله، ولهذا سلط الله عليهم (6) الدهرية المنكرون للقيامة ولمعاد الأبدان، وقالوا: إذا جاز لكم أن تتأولوا ما ورد في الصفات، جاز لنا أن نتأول ما ورد في المعاد، وقد أجابوهم بأنا قد علمنا ذلك بالاضطرار من دين الرسول. _________ (1) ن (فقط) : ما يحكم، وهو تحريف. (2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . (3) وغيرهم: ساقطة من (ن) ، (م) . (4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . (5) ن: بعض، وهو خطأ. (6) أ، ب: ولهذا تسلط عليهم ; م: ولهذا سلط عليهم. *********************** فقال لهم أهل الإثبات: وهكذا العلم بالصفات (1) في الجملة هو مما يعلم بالضرورة مجيء الرسول به، وذكره في الكتاب والسنة أعظم من ذكر الملائكة والمعاد، مع أن المشركين من العرب لم تكن تنازع فيه كما كانت تنازع في المعاد، مع أن التوراة مملوءة من ذلك، ولم ينكره الرسول على اليهود كما أنكر عليهم ما حرفوه وما وصفوا به الرب من النقائص كقولهم: {إن الله فقير ونحن أغنياء} [سورة آل عمران: 181] ، و {يد الله مغلولة} [سورة المائدة: 64] [ونحو ذلك] (2) ، وذلك مما يدل على أن الله (3) أظهر في السمع والعقل من المعاد، فإذا كانت نصوص المعاد لا [يجوز] (4) تحريفها فهذا بطريق الأولى، وهذه الأمور مبسوطة في موضع آخر (5) . والجواب الثاني: (6) أن يقال: هذا الدليل قد عرف ضعفه ; لأنه إذا كان هذا الحادث ليس بدائم، وهذا ليس بدائم باق، يجب أن يكون نوع الحوادث ليست بدائمة (7) باقية كما أنه إذا كان هذا الحادث ليس بباق، [وهذا الحادث ليس بباق] (8) ، يجب أن يكون نوع الحوادث ليس بباق. _________ (1) ب: فيقال لهم: وهكذا الإثبات وكذا العلم بالصفات ; أ: مثل نسخة (ب) إلا أن فيها. فقال لهم. . . إلخ. وأما المثبت فهو عن (ن) ، (م) . (2) ونحو ذلك: زيادة في (أ) ، (ب) . (3) ن، م: على أنه. (4) يجوز: ساقطة من (ن) ، (م) . (5) ن، م: في موضعها. (6) بدأ الجواب الأول على دليل الرافضة والمعتزلة ص 146. (7) أ، ب: دائمة. (8) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط. وفي (أ) ، (ب) : وهذا ليس بباق. **************************** بل هي باقية دائمة في المستقبل في الكتاب (1) والسنة وإجماع سلف الأمة وجمهورها (2) ، كما قال تعالى: {أكلها دائم وظلها} [سورة الرعد: 35] ، والمراد دوام نوعه (3) ، لا دوام كل فرد فرد. قال تعالى: {لهم فيها نعيم مقيم} [سورة التوبة: 21] ، والمقيم هو نوعه. وقال: {إن هذا لرزقنا ما له من نفاد} [سورة ص: 54] ، والمراد أن نوعه لا ينفد وإن كان كل جزء منه ينفد، أي: ينقضي وينصرم (4) . وأيضا فإن ذلك يستلزم حدوث الحوادث بلا سبب، وذلك ممتنع في صريح العقل. وهذا الدليل هو أصل الكلام الذي ذمه السلف وعابوه ; لأنهم رأوه باطلا لا يقيم حقا ولا يهدم باطلا، [وقد تقدم الكلام على هذا في مسألة الحدوث] (5) . وتمام كشف (6) ذلك أن نقول في: الوجه الخامس (7) : إن الناس عليهم أن يؤمنوا بالله ورسوله، فيصدقوه فيما أخبر، ويطيعوه فيما أمر فهذا أصل السعادة وجماعها. _________ (1) ن، م، أ: بالكتاب. (2) ن، م: وإجماع الأئمة. (3) ن، م: دوام وقوعه. (4) أ، ب: ويتصرم. (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . (6) كشف: ساقطة من (أ) ، (ب) . (7) الوجه الخامس: كذا في (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) ويبدو أن ابن تيمية يصل كلامه هنا أول كلامه في الوجه الخامس من الوجوه التي رد بها على القسم السابق من كلام ابن المطهر (ص [0 - 9] 7 - 99) وأول الوجه الخامس في ص [0 - 9] 02 من هذا الجزء. ***************************** والقرآن كله يقرر هذا الأصل قال تعالى: {الم - ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين - الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون - والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون - أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون} [سورة البقرة: 1 - 5] ، فقد وصف سبحانه بالهدى والفلاح المؤمنين الموصوفين في هذه الآيات. وقال تعالى لما أهبط آدم من الجنة: {فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى - ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى - قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا - قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى} [سورة طه: 123 - 126] ، فقد أخبر أن من اتبع الهدى الذي أتانا منه، وهو ما جاءت به الرسل، فلا يضل ولا يشقى، ومن أعرض عن ذكره، وهو الذكر الذي أنزله، وهو كتبه التي بعث بها رسله (1) ، بدليل أنه قال بعد ذلك: {كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى} . والذكر مصدر يضاف تارة (2) إلى الفاعل وتارة إلى المفعول، كما يقال: دق الثوب، ودق القصار (3) ، ويقال (4) : أكل زيد، وأكل الطعام، _________ (1) ن: التي بعثت به الرسل ; م: الذي بعث بها الرسل. (2) أ، ب: تارة يضاف. (3) قصر الثوب وقصره (بتضعيف الصاد) قصارة وقصرا حوره ودقه بالقصرة، وهي قطعة من الخشب، وفاعل ذلك القصار (انظر: اللسان) . (4) ن: نقول ; م: ونقول. ************************* ويقال: ذكر الله أي: ذكر العبد لله (1) ، ويقال: ذكر الله أي: ذكر الله الذي ذكره هو مثل ذكره عبده (2) ، ومثل القرآن الذي هو (3) ذكره. وقد يضاف الذكر إضافة الأسماء المحضة، فقوله: {ذكري} إن أضيف إضافة المصادر كان (4) المعنى: الذكر الذي ذكرته، وهو كلامه الذي أنزله، وإن أضيف إضافة الأسماء المحضة، فذكره هو ما اختص به من الذكر، والقرآن مما (5) اختص به من الذكر. قال تعالى: {وهذا ذكر مبارك أنزلناه} [سورة الأنبياء: 50) وقال: {ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث} [سورة الأنبياء: 2] ، وقال: {إن هو إلا ذكر وقرآن مبين} [سورة يس: 69] ، وقال: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم} [سورة النحل: 44] ، وقال فيما يذكره من (6) ضمان الهدى والفلاح لمن اتبع الكتاب والرسول: {فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون} [سورة الأعراف: 157] ، وقال: {الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد} [سورة إبراهيم: 1] ، ونظائره في القرآن كثيرة. [الإثبات المفصل لصفات الكمال والنفي المجمل لصفات النقص] وإذا كان كذلك، فالله سبحانه بعث الرسل بما يقتضي الكمال من _________ (1) أ، ب: ذكر العبد الله ; ن: أي ذكر الله، أي ذكر العبد لله. (2) ن: ويقول ذكر الله مثل ذكر عبده ; م: ويقول ذكر الله أي ذكر الله الذي هو ذكره وهو مثل ذكر عبده. (3) هو: ساقطة من (أ) ، (ب) . (4) ن، م: المصدر فكأن. (5) ن، م: ما. (6) أ، ب: في. ************************** إثبات أسمائه وصفاته على وجه التفصيل، والنفي على طريق الإجمال للنقص والتمثيل، فالرب تعالى (1) موصوف بصفات الكمال [التي لا غاية فوقها، منزه عن النقص بكل وجه ممتنع، وأن يكون له مثيل في شيء من صفات الكمال] (2) ، فأما صفات النقص فهو منزه عنها مطلقا وأما صفات الكمال فلا يماثله - بل ولا يقاربه - (3) فيها شيء من الأشياء. والتنزيه يجمعه نوعان: نفي النقص، ونفي مماثلة غيره له في صفات الكمال، كما دل على ذلك سورة: {قل هو الله أحد} وغيرها [من القرآن] (4) ، مع دلالة العقل على ذلك، وإرشاد القرآن إلى ما يدل على ذلك من العقل، بل وقد أخبر الله أن في الآخرة من أنواع النعيم ما له شبه (5) في الدنيا، كأنواع المطاعم والمشارب والملابس والمناكح وغير ذلك، وقد قال ابن عباس: ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء (6) ، فحقائق تلك _________ (1) ن، م: والرب سبحانه. (2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط. (3) ن، م: فلا تماثله بل ولا تقارنه. (4) من القرآن: ساقطة من (ن) ، (م) . (5) ن، م: ما ليس له شبه، وهو خطأ. (6) أورد الطبري هذا الأثر لقول الله تعالى: (وأتوا به متشابها) [سورة البقرة: 25] وقد ذكره بإسنادين (ط. المعارف) 1/391 - 392. وحدثني أبو كريب، قال: حدثنا الأشجعي - ح - وحدثنا محمد بن بشار، قال حدثنا مؤمل، قالا جميعا: حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس، قال أبو كريب في حديثه عن الأشجعي: لا يشبه شيء مما في الجنة ما في الدنيا إلا الأسماء. وقال ابن بشار في حديثه عن المؤمل، قال: ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء. وأما الإسناد الثاني فهو: حدثنا عباس بن محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس قال: ليس في الدنيا من الجنة شيء إلا الأسماء. ونقل ذلك ابن كثير في تفسيره لهذه الآية، وقال: " رواه ابن جرير، من رواية الثوري، وابن أبي حاتم من حديث أبي معاوية كلاهما عن الأعمش به ". وقال السيوطي في " الدر المنثور " في تفسيره لتلك الآية " وأخرج مسدد وهناد في الزهد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس قال: " ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء. ". ***************************** أعظم من حقائق هذه بما (1) لا يعرف قدره، وكلاهما مخلوق، والنعيم [الذي] (2) لا يعرف جنسه قد أجمله الله [سبحانه وتعالى] (3) بقوله: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين} [سورة السجدة: 17] . وفي الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -[أنه] (4) قال: " «يقول الله تعالى: أعددت (5) لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر» (6) فإذا كان هذان المخلوقان متفقين في الاسم مع أن بينهما في الحقيقة _________ (1) ن: مما ; م: لما. (2) الذي: ساقطة من (ن) ، (م) . (3) سبحانه وتعالى: زيادة في (أ) ، (ب) . (4) أنه: ساقطة من (ن) ، (م) . (5) ن، م: يقول الله إني أعددت. (6) الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه في: البخاري 4/118 (كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة) ، 6/116 (كتاب تفسير القرآن، باب تفسير سورة تنزيل السجدة) ، 9/144 (كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: (يريدون أن يبدلوا كلام الله) ; مسلم 4/2174 (كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، أول الكتاب من ثلاثة طرق) ; سنن الترمذي 5/26 (كتاب التفسير، باب تفسير سورة السجدة) ; سنن ابن ماجه 2/1447 (كتاب الزهد، باب صفة الجنة) ; سنن الترمذي 2/335 (كتاب الرقائق، باب ما أعد الله لعباده الصالحين) ; المسند (ط. المعارف) 17/46، 19/104. *************************
__________________
|
#6
|
||||
|
||||
![]() ![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الثانى الحلقة (103) صـ 159 إلى صـ 165 تباينا لا يعرف في الدنيا قدره (1) ، فمن المعلوم أن ما يتصف به الرب من صفات الكمال مباين لصفات خلقه، أعظم من مباينة مخلوق لمخلوق، ولهذا قال أعلم (2) الخلق بالله في [الحديث] الصحيح (3) : " «لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك» " (4) وقال في الدعاء [المأثور] (5) الذي رواه أحمد وابن حبان في صحيحه، عن ابن مسعود - رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " «ما أصاب عبدا هم قط ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك [ابن عبدك] (6) وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته (7) أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب _________ (1) ن، م: مع أن بينهما تفاوت في الحقيقة تباينا لا يعرف قدره في الدنيا. (2) ن، م: أعظم. (3) ن: في الصحيح ; م: في الصحاح. (4) الحديث عن عائشة - رضي الله عنها - في: مسلم 1/352 (كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود) ، وأوله: فقدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة من الفراش فالتمسته فوقعت يدي على بطن قدمه وهو في المسجد، وهما منصوبتان، وهو يقول: " اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ". والحديث في: سنن أبي داود 1/322 (كتاب الصلاة، باب في الدعاء في الركوع والسجود) ; سنن الترمذي 5/187 (كتاب الدعوات باب حدثنا الأنصاري أخبرنا معن. .) ; سنن ابن ماجه 2/1262 - 1263 (كتاب الدعاء، باب ما تعوذ منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم) ; المسند (ط. الحلبي) 6/58، 201. . (5) المأثور: ساقطة من (ن) ، (م) . (6) ابن عبدك: ساقطة من (ن) فقط. (7) أ، ب: وأنزلته في كتابك وعلمته. *************************** عندك أن تجعل القرآن (1) ربيع قلبي، ونور صدري (2) ، وجلاء حزني، وذهاب همي وغمي ; إلا أذهب الله همه وغمه، وأبدله مكان حزنه فرحا (3) » . قالوا: يا رسول الله! أفلا نتعلمهن؟ قال: بلى، ينبغي لكل من سمعهن أن يتعلمهن " (4) فبين (5) أن لله أسماء استأثر بها في علم الغيب عنده لا يعلمها ملك ولا نبي. وأسماؤه تتضمن صفاته، ليست أسماء أعلام محضة، كاسمه: العليم، والقدير، والرحيم، والكريم، والمجيد، والسميع، والبصير، وسائر أسمائه الحسنى سبحانه وتعالى. وهو سبحانه مستحق للكمال المطلق ; لأنه واجب الوجود بنفسه، يمتنع العدم عليه، ويمتنع (6) أن يكون مفتقرا إلى غيره بوجه من الوجوه، إذ لو افتقر إلى غيره بوجه من الوجوه كان محتاجا إلى الغير، والحاجة إما إلى (7) حصول كمال له، وإما إلى دفع ما ينقص كماله، ومن احتاج _________ (1) ا، م، ب: القرآن العظيم. (2) م: بصري. (3) أ، ب: مكانه فرحا. (4) الحديث عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - في المسند (ط. المعارف) 5/266 - 268 (رقم 3712) ، 6/153 - 154 رقم (3418) وصححه الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - وتكلم عليه طويلا 5/266 - 268. وقال المنذري (الترغيب والترهيب 3/276) : " رواه أحمد والبزار وأبو يعلى وابن حبان في صحيحه والحاكم ". والحديث في المستدرك للحاكم 1/950 - 510. وانظر تعليقه وتعليق الذهبي. . (5) فبين: معطوفة على قوله: ولهذا قال أعلم الخلق. . . وقال في الدعاء المأثور. وفي (ن) ، (م) : فتبين. (6) ن (فقط) ويمكن، وهو خطأ. (7) ن، م: والحاجة سواء كانت إما إلى. . *************************** في شيء من كماله إلى غيره لم يكن كماله موجودا بنفسه، بل بذلك الغير، وهو بدون ذلك الكمال ناقص، والناقص لا يكون واجبا بنفسه، بل ممكنا مفتقرا إلى غيره ; لأنه لو كان واجبا بنفسه مع كونه ناقصا مفتقرا إلى كمال من غيره، لكان الذي يعطيه الكمال: إن كان ممكنا فهو مفتقر إلى واجب آخر، والقول في هذا كالقول في الأول، وإن كان واجبا ناقصا، فالقول فيه كالقول في الأول ; وإن كان واجبا كاملا فهذا هو الواجب بنفسه، وذاك الذي قدر واجبا ناقصا فهو مفتقر إلى هذا في كماله، وذاك (1) غني عنه، فهذا هو رب ذاك، وذاك عبده، ويمتنع مع كونه مربوبا معبدا أن يكون واجبا، ففرض كونه واجبا ناقصا محال. وأيضا، فيمتنع أن يكون نفس ما هو واجب بنفسه فيه نقص يفتقر في زواله إلى غيره ; لأن ذلك النقص حينئذ يكون ممكن الوجود وإلا لما قبله، وممكن العدم وإلا لكان لازما له لا يقبل الزوال، والتقدير أنه ممكن (2) زواله بحصول الكمال الممكن الوجود، فإن ما هو ممتنع لا يكون كمالا، وما هو ممكن: فإما أن يكون للواجب أو من الواجب، ويمتنع أن يكون المخلوق أكمل من الخالق، فالخالق (3) الواجب بنفسه أحق بالكمال الممكن الوجود الذي لا نقص فيه، فلا تكون ذاته مستلزمة لذلك الكمال ; فيكون ذلك الكمال - إذا وجد - مفتقرا إليه وإلى ذلك الغير الآخر، يحصل بهما جميعا، وكل منهما واجب بنفسه فلا يكون _________ (1) ن، م: وهذا. (2) ن: يمكن. (3) أ، ب: والخالق. ************************************ ذلك الأثر لا من هذا ولا من هذا، بل هو شيء (1) منفصل عنهما. وتحقيق ذلك أن كمال الشيء هو من نفس الشيء وداخل فيه، فالواجب بنفسه لا يكون واجبا إن لم يكن ما هو داخل (2) في نفسه واجب الوجود لا يفتقر فيه إلى سبب منفصل عنه، فمتى افتقر فيما هو داخل فيه إلى سبب منفصل عنه لم تكن نفسه واجبة بنفسه، وما لا يكون داخلا في نفسه، لا يكون من كماله أيضا، بل يكون شيئا مباينا له، وإنما يكون ذلك شيئين: أحدهما واجب بنفسه والآخر شيء قرن به وضم إليه. وأيضا، فنفس واجب الوجود هو أكمل الموجودات، إذ الواجب أكمل من الممكن بالضرورة، فكل كمال ممكن له: إن كان لازما له امتنع أن يكون كماله مستفادا من غيره، أو أن (3) يحتاج فيه إلى غيره. وإن لم يكن لازما له: فإن لم يكن قابلا له من قبول غيره من الممكنات له، كان الممكن أكمل من الواجب، وما لا يقبله [لا] (4) واجب ولا ممكن ليس كمالا ; وإن كان قابلا له ولم تكن ذاته مستلزمة (5) له، كان غيره معطيا له إياه، والمعطي للكمال هو أحق بالكمال، فيكون ذلك المعطي أكمل منه، وواجب الوجود لا يكون غيره أكمل منه. وإذا قيل: ذلك الغير واجب أيضا. _________ (1) ن، م: بل هو من شيء، والصواب من (ب) ، (أ) . (2) ب: إن لم يكن هو داخلا ; أ: إن لم يكن هو داخل. وأحسب أن الصواب هو الذي أثبته عن (ن) ، (م) . (3) ب: وأن. (4) لا: زيادة في (أ) ، (ب) . (5) ن، م: لازمة. *************************************** فإن لم يكن كاملا بنفسه كان كل منهما معطيا للآخر الكمال، وهذا ممتنع ; [لأنه] (1) يستلزم كون كل من الشيئين مؤثرا في الآخر أثرا لا يحصل إلا بعد تأثير الآخر، فإن هذا لا يفيد ذلك الكمال للآخر حتى يكون كاملا، ولا يكون كاملا حتى يفيده الآخر الكمال، وهذا ممتنع، كما يمتنع أن لا يوجد هذا حتى يوجده (2) ذاك، ولا يوجد ذاك حتى يوجده هذا. وإن كان ذلك الغير واجبا كاملا بنفسه مكملا لغيره (3) ، والآخر واجب ناقص يحتاج في كماله إلى ذلك الكامل المكمل، كان جزء منه مفتقرا إلى ذاك ; وما افتقر جزء منه إلى غيره لم تكن جملته واجبة بنفسها. وإيضاح ذلك: أن الواجب بنفسه: إما أن يكون شيئا واحدا لا جزء له، أو يكون أجزاء. فإن كان شيئا واحدا لا جزء له، امتنع أن يكون له بعض، فضلا عن أن يقال: بعضه يفتقر إلى الغير وبعضه لا يفتقر إلى الغير، وامتنع أن يكون شيئين: أحدهما نفسه، والآخر كماله. وإن قيل: هو جزءان أو أجزاء، كان الواجب هو مجموع تلك الأجزاء، فلا يكون واجبا بنفسه حتى يكون المجموع واجبا بنفسه، (* فمتى كان البعض مفتقرا إلى سبب منفصل عن المجموع لم يكن واجبا بنفسه *) (4) _________ (1) لأنه: ساقطة من (ن) ، (م) . (2) ن، م: يوجد. (3) ن، م: بكمال لغيره. (4) : ما بين النجمتين ساقط من (م) . س. *********************** وهذا المقام برهان بين لمن تأمله. وبيانه أن الناس متنازعون في إثبات الصفات لله: فأهل السنة يثبتون الصفات لله، وكثير من الفلاسفة والشيعة يوافقهم على ذلك، وأما الجهمية وغيرهم - كالمعتزلة (1) ومن وافقهم من الشيعة والفلاسفة كابن سينا ونحوه - فإنهم ينفون الصفات عن الله تعالى، ويقولون: (2) : إن إثباتها تجسيم وتشبيه وتركيب (3) [عمدة الفلاسفة على نفي الصفات هي حجة التركيب] وعمدة ابن سينا [وأمثاله] (4) على نفيها هي (5) حجة التركيب، وهو أنه لو كان له صفة لكان مركبا، والمركب مفتقر إلى جزئيه، وجزءاه (6) غيره، والمفتقر إلى غيره لا يكون واجبا بنفسه. وقد تكلم الناس على إبطال هذه الحجة من وجوه كثيرة بسبب أن لفظ " التركيب " و " الجزء " و " الافتقار " و " الغير " ألفاظ مجملة. فيراد بالمركب ما ركبه غيره، وما كان متفرقا فاجتمع، وما يقبل التفريق، والله سبحانه منزه عن هذا بالاتفاق، وأما الذات الموصوفة بصفات لازمة لها، فإذا سمى المسمي هذا تركيبا، كان هذا اصطلاحا له ليس هو المفهوم من لفظ المركب. والبحث إذا كان في المعاني العقلية لم يلتفت فيه إلى اللفظ. _________ (1) ن، م: من المعتزلة. (2) ن، م: فهم ينفون الصفات لله ويقولون. . (3) ن: تشبيه وتجسيم وتركيب ; م: سنة وتركيب. . (4) " وأمثاله " ساقطة من (ن) ، (م) . (5) ن، م: هو. (6) ن: وجزؤه. ******************************* فيقال: هب أنكم سميتم هذا تركيبا (1) فلا دليل لكم على نفيه. ومن هذا الوجه ناظرهم أبو حامد الغزالي في " التهافت ". وكذلك لفظ " الجزء " يراد به بعض الشيء الذي ركب منه، كأجزاء المركبات من الأطعمة والنباتات والأبنية (2) ، وبعضه الذي يمكن [فصله] (3) عنه كأعضاء الإنسان، ويراد به صفته اللازمة له كالحيوانية للحيوان والإنسانية للإنسان والناطقية للناطق، ويراد به بعضه الذي لا يمكن تفريقه كجزء الجسم الذي لا يمكن مفارقته له: إما الجوهر الفرد، وإما المادة والصورة عند من يقول بثبوت ذلك [ويقول: إنه] (4) لا يوجد إلا بوجود الجسم، وإما غير ذلك عند من لا يقول بذلك. فإن الناس متنازعون في الجسم: هل هو مركب من المادة والصورة، أو من الجواهر المنفردة، أو لا من هذا [ولا من هذا] (5) ؟ على ثلاثة أقوال. وأكثر العقلاء على القول الثالث كالهشامية والنجارية والضرارية والكلابية [والأشعرية] (6) وكثير من الكرامية، وكثير من أهل الفقه والحديث والتصوف والمتفلسفة وغيرهم. والمقصود هنا أن لفظ " الجزء " (7) له عدة معان بحسب _________ (1) ن، م: مركبا. (2) ن، م: من الأطعمة والأبنية والثياب. (3) فصله: ساقطة من (ن) ، (م) . (4) ويقول إنه: ساقطة من (ن) . (5) ولا من هذا: ساقطة من (ن) . (6) والأشعرية: ساقطة من (ن) ، (م) . (7) ن، م: الحركة، وهو تحريف من الناسخ. **********************
__________________
|
#7
|
||||
|
||||
![]() ![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الثانى الحلقة (104) صـ 166 إلى صـ 172 الاصطلاحات. وكذلك لفظ " الغير يراد به ما باين (1) الشيء، فصفة الموصوف وجزؤه ليس غيرا له بهذا الاصطلاح، وهذا هو الغالب على الكلابية والأشعرية، وكثير من أهل الحديث والتصوف، والفقهاء أتباع الأئمة الأربعة، وكثير من الشيعة. وقد يقولون: الغيران ما جاز مفارقة أحدهما الآخر (2) بزمان أو مكان أو وجود، وقد يراد بلفظ " الغير " (3) ما لم يكن هو الآخر، وهذا هو الغالب على اصطلاح المعتزلة والكرامية ومن وافقهم من الشيعة والفلاسفة. وكذلك لفظ " الافتقار " يراد به [التلازم] (4) ، ويراد به افتقار المعلول إلى علته الفاعلة، ويراد به افتقاره إلى محله وعلته القابلة (5) . وهذا اصطلاح المتفلسفة الذين يقسمون لفظ العلة إلى: (* فاعلية وغائية ومادية وصورية، ويقولون: المادة - وهي القابل - والصورة هما علتا الماهية *) (6) ، والفاعل والغاية هما علتا وجود الحقيقة، وأما سائر النظار فلا يسمون المحل الذي هو القابل علة. [مناقشة الحجة التي احتج بها هؤلاء الفلاسفة ومن وافقهم على نفي الصفات] فهذه الحجة التي احتج بها هؤلاء الفلاسفة ومن وافقهم على نفي الصفات، مؤلفة من ألفاظ مجملة. فإذا قالوا: " لو كان موصوفا بالعلم والقدرة ونحو ذلك من الصفات _________ (1) ن، م: ما يباين. (2) ن، م: للآخر. (3) ن، م: الغيرين. (4) التلازم: ساقطة من (ن) . (5) ن، م: المقابلة. (6) الكلام المقابل لهذه العبارات في نسختي (ن) ، (م) ناقص ومضطرب. ************************* لكان مركبا، والمركب مفتقر إلى جزئه، وجزؤه غيره (1) ، والمفتقر إلى غيره لا يكون واجبا بنفسه ". قيل لهم: قولكم: " لكان مركبا ". إن أردتم به: لكان غيره قد ركبه، أو لكان مجتمعا بعد افتراقه، أو لكان قابلا للتفريق، فاللازم (2) باطل، فإن الكلام هو في (3) الصفات اللازمة للموصوف التي يمتنع وجوده بدونها، فإن الرب [سبحانه] (4) يمتنع أن يكون موجودا وهو ليس بحي ولا عالم ولا قادر، وحياته وعلمه وقدرته صفات لازمة لذاته. وإن أردتم بالمركب الموصوف (5) أو ما يشبه ذلك. قيل لكم 11) (6) : ولم 12) (7) قلتم: إن ذلك ممتنع؟ قولهم: " والمركب مفتقر إلى غيره ". قيل: أما المركب بالتفسير الأول فهو مفتقر إلى ما يباينه، وهذا ممتنع على الله. وأما الموصوف بصفات الكمال اللازمة لذاته الذي سميتموه أنتم مركبا، فليس في اتصافه هنا بها ما يوجب كونه مفتقرا إلى مباين له. فإن قلتم: هي غيره، وهو لا يوجد إلا بها، وهذا افتقار إليها. _________ (1) ن، م: إلى جزئه وغيره. (2) ن: فالتلازم. (3) ن، م: من. (4) سبحانه: زيادة في (أ) ، (ب) . (5) ن، م: للموصوف، وهو تحريف. (6) ن: لهم. (7) أ، ب: ولو. ******************************* قيل لكم (1) : إن أردتم بقولكم: " هي غيره " أنها مباينة له، فذلك باطل (2) . وإن أردتم أنها ليست إياه، قيل لكم (3) : وإذا لم تكن الصفة هي الموصوف فأي محذور في هذا؟ فإذا قلتم: هو مفتقر إليها. قيل: أتريدون بالافتقار أنه مفتقر إلى فاعل يفعله، أو محل يقبله؟ أم تريدون أنه مستلزم لها فلا يكون موجودا إلا وهو متصف بها؟ (4 فإن أردتم الأول، كان هذا باطلا، وإن أردتم الثاني، قيل: وأي محذور في هذا؟ وإن قلتم: هي مفتقرة إليه 4) (4) . قيل: أتريدون أنها مفتقرة إلى فاعل يبدعها، أو (5) إلى محل تكون موصوفة به؟ أما الثاني فأي محذور فيه؟ وأما الأول فهو باطل (6) ، إذ الصفة اللازمة للموصوف لا يكون فاعلا لها. وإن قلتم: هو موجب لها، أو علة لها، أو مقتض لها، فالصفة إن كانت واجبة، فالواجب لا يكون معلولا، ويلزم تعدد الواجب وهو الصفة والموصوف ; وإن كانت ممكنة بنفسها، فالممكن بنفسه لا يوجد _________ (1) ن: لهم. (2) ن، م:. . له فباطل. (3) لكم: ساقطة من (أ) ، (ب) . (4) (4 - 4) : ساقط من (ب) فقط. (5) ن، م: أم. (6) أ، ب: وأما الأول فباطل. ***************************** إلا بموجب، فتكون الذات هي الموجبة، والشيء الواحد لا يكون فاعلا وقابلا. قيل لكم: لفظ الواجب بنفسه والممكن بنفسه قد صار فيه اشتراك في خطابكم، فقد يراد بالواجب بنفسه ما لا مبدع له ولا علة فاعلة، ويراد بالواجب بنفسه (1) ما لا مبدع له ولا محل، ويراد بالواجب بنفسه ما لا يكون له (2) صفة لازمة ولا [يكون] موصوفا ملزوما (3) . فإن أردتم بالواجب بنفسه ما لا مبدع له ولا علة فاعلة، فالصفة واجبة بنفسها، وإن أردتم ما لا محل له يقوم به فالصفة ليست واجبة بنفسها بل الموصوف هو الواجب بنفسه، وإن أردتم بالواجب ما ليس بملزوم لصفة ولا لازم فهذا لا حقيقة له، بل هذا لا يوجد إلا في الأذهان لا في الأعيان، وأنتم قدرتم شيئا في أذهانكم ووصفتموه بصفات يمتنع معها (4) وجوده، فجعلتم ما هو واجب الوجود بنفسه ممتنع الوجود، وهذه الأمور قد بسطت في غير هذا الموضع. والغرض هنا (5) التنبيه على هذا، إذ المقصود في هذا المقام يحصل على التقديرين، فنقول: واجب الوجود بنفسه سواء قيل بثبوت الصفات له وسمي ذلك تركيبا أو لم يسم، أو قيل بنفي الصفات عنه، يمتنع أن _________ (1) ن، م: بالموجب بنفسه. (2) له: ساقطة من (أ) ، (ب) . (3) في النسخ الأربع: ولا موصوفا ملزوما، وإثبات كلمة (يكون) يقيم العبارة لغة ومعنى. (4) ن: بها. (5) أ، ب: والمقصود والغرض هنا. . إلخ. ******************** يكون مفتقرا إلى شيء مباين له. وذلك أنه إذا (1) قدر أنه ليس فيه معان متعددة بوجه من الوجوه - كما يظنه من يظنه من نفاة الصفات - فهذا يمتنع أن يكون له كمال مغاير له، وأن يكون شيئين، وحينئذ فلو كان فيه ما هو مفتقر إلى غيره للزم تعدد المعاني فيه، وهذا ممتنع على التقديرين (2) . وإن قيل: إن فيه معان متعددة ; فواجب الوجود هو مجموع تلك الأمور المتلازمة، إذ يمتنع وجود شيء منها دون شيء، وحينئذ فلو افتقر شيء من ذلك المجموع إلى أمر منفصل لم يكن واجب الوجود، فهو سبحانه مستلزم لحياته وعلمه وقدرته وسائر صفات كماله، وهذا هو الموجود الواجب بنفسه، وهذه الصفات لازمة لذاته، وذاته مستلزمة لها، وهي داخلة في مسمى اسم نفسه ; وفي سائر أسمائه تعالى، فإذا كان واجبا بنفسه وهي داخلة في مسمى اسم نفسه (3) لم يكن موجودا إلا بها، فلا يكون مفتقرا فيها إلى شيء مباين له أصلا. ولو قيل: إنه يفتقر في كونه حيا أو عالما أو قادرا إلى غيره، فذلك الغير: إن كان ممكنا كان مفتقرا إليه، وكان هو سبحانه ربه، فيمتنع أن يكون ذلك مؤثرا فيه ; لأنه يلزم أن يكون هذا مؤثرا في هذا، وهذا مؤثرا في هذا، وتأثير كل منهما في الآخر لا يكون إلا بعد حصول أثره فيه ; لأن التأثير لا يحصل إلا مع كونه حيا عالما قادرا، فلا يكون هذا حيا عالما قادرا _________ (1) ن، م: إن. (2) أ: وذلك ممتنع مفتقر ; ب: وذلك ممتنع على التقديرين، وكلمة " مفتقر " لا تتفق مع سياق الجملة. (3) ن، م: في مسمى اسمه. ******************************** حتى يجعله الآخر كذلك، (1 ولا يكون هذا حيا عالما قادرا حتى يجعله الآخر كذلك 1) (1) فلا يكون أحدهما حيا عالما قادرا إلا بعد أن يجعل الذي جعله حيا عالما قادرا [حيا عالما قادرا] (2) ، ولا يكون حيا عالما قادرا [إلا بعد كونه حيا علما قادرا] (3) بدرجتين. وهذا كله مما يعلم امتناعه بصريح العقل، وهو من المعارف الضرورية التي لا ينازع فيها العقلاء، وهذا من الدور القبلي: دور العلل ودور الفاعلين ودور المؤثرين، وهو ممتنع باتفاق العقلاء، بخلاف دور المتلازمين، وهو أنه لا يكون هذا إلا مع هذا (4 ولا يكون هذا إلا مع هذا 4) (4) ، فهذا جائز سواء كانا لا فاعل لهما كصفات [الله] (5) أو كانا مفعولين والمؤثر التام فيهما غيرهما. وهذا جائز (6) ، فإن الله يخلق الشيئين معا للذين لا يكون أحدهما إلا مع الآخر: كالأبوة والبنوة، فإن الله إذا خلق الولد فنفس خلقه للولد جعل هذا أبا وهذا ابنا، وإحدى الصفتين لم تسبق الأخرى ولا تفارقها، بخلاف ما إذا كان أحد الأمرين هو من تمام المؤثر في الآخر فإن هذا ممتنع، فإن الأثر لا يحصل إلا بالمؤثر التام، فلو كان تمام هذا المؤثر من _________ (1) (1 - 1) : ساقط من (أ) ، (ب) . (2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط. (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط. (4) (4 - 4) : ساقط من (أ) ، (ب) . (5) لفظ الجلالة غير موجود في (ن) . (6) وهذا جائز: ساقطة من (ن) . *********************************** تمام ذاك (1) ، وتمام ذاك المؤثر من تمام هذا (2) ، كان كل من التمامين (3) متوقفا على تمام مؤثره، وتمام مؤثره موقوفا عليه نفسه، فإن الأثر لا يوجد إلا بعد تمام مؤثره، فلا (4) يكون كل من الأثرين من تمام نفسه التي تم تأثيرها به، فأن لا يكون من تمام المؤثر في تمامه بطريق الأولى، فإن الشيء إذا امتنع أن يكون علة أو فاعلا أو مؤثرا (* في نفسه، أو في تمام كونه علة ومؤثرا *) (5) وفاعلا له، أو لشيء من تمامات تأثيره ; فلأن يمتنع كونه فاعلا لفاعل نفسه، أو مؤثرا في المؤثر في نفسه وفي تمامات تأثير ذلك، أولى وأحرى. فتبين أنه يمتنع كون شيئين كل منهما معطيا للآخر) (6) شيئا من صفات الكمال أو شيئا مما به يصير معاونا له على الفعل (7) ، سواء أعطاه كمال علم أو قدرة أو حياة أو غير ذلك، فإن هذا كله يستلزم الدور في تمام الفاعلين وتمام المؤثرين، وهذا ممتنع. وبهذا يعلم أنه يمتنع أن يكون للعالم صانعان متعاونان لا يفعل أحدهما إلا بمعاونة الآخر، ويمتنع أيضا أن يكونا مستقلين ; لأن _________ (1) ن، م: من ذاك. (2) ن، م: من هذا. (3) ن: المتمامين ; م: المتماثلين، وهو تحريف. (4) ا، ب: ولا. (5) ما بين النجمتين ساقط من (م) . (6) أ، ب: يعطي الآخر. (7) 6) أ، ب: مما يصير به معاونا على الفعل. ***********************************
__________________
|
#8
|
||||
|
||||
![]() ![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الثانى الحلقة (105) صـ 173 إلى صـ 179 استقلال أحدهما يناقض استقلال الآخر، وسيأتي بسط هذا (1) . والمقصود هنا أنه يمتنع أن يكون أحدهما يعطي الآخر كماله، ويمتنع أن يكون الواجب بنفسه مفتقرا في كماله إلى غيره، فيمتنع أن يكون مفتقرا إلى غيره بوجه من الوجوه، فإن الافتقار: إما في تحصيل الكمال، وإما في منع سلبه الكمال، فإنه إذا كان كاملا بنفسه ولا يقدر غيره (2) أن يسلبه كماله، لم يكن محتاجا بوجه من الوجوه، فإن ما ليس كمالا له فوجوده ليس مما يمكن أن يقال: إنه يحتاج [إليه] (3) ؛ إذ حاجة الشيء إلى ما ليس من كماله ممتنعة، وقد تبين أنه لا يحتاج إلى غيره في حصول كماله، وكذلك (4) لا يحتاج في منع سلب الكمال كإدخال نقص عليه، وذلك لأن ذاته (5) إن كانت مستلزمة لذلك الكمال امتنع وجود الملزوم بدون اللازم، فيمتنع أن يسلب ذلك الكمال مع كونه واجب الوجود بنفسه، وكون لوازمه يمتنع عدمها. فإن قيل: إن ذاته لا تستلزم كماله (6) ، كان مفتقرا في حصول ذلك الكمال إلى غيره، وقد تبين أن ذلك ممتنع. فتبين أنه يمتنع احتياجه إلى غيره في تحصيل شيء أو دفع شيء، وهذا هو المقصود، فإن الحاجة لا تكون إلا لحصول شيء أو دفع _________ (1) يتكلم ابن تيمية عن هذا الموضوع بالتفصيل فيما بعد 2/59 - 74 بولاق. (2) ن، م: أحد. (3) إليه: ساقطة من (ن) فقط. (4) ن، م: ولذلك. (5) ن: وذلك لا ذاته، وهو تحريف. (6) ن (فقط) : إن كماله تستلزم كماله، وهو تحريف. ************************* شيء: إما حاصل يراد إزالته، أو ما لم يحصل بعد فيطلب منعه. ومن كان لا يحتاج (1) إلى غيره في جلب شيء ولا في دفع شيء امتنعت حاجته مطلقا، فتبين أنه غني عن غيره مطلقا. وأيضا، فلو قدر أنه محتاج إلى الغير، لم يخل: إما أن يقال: إنه يحتاج إليه في شيء (2) من لوازم وجوده، أو شيء من العوارض له. أما الأول فيمتنع، فإنه لو افتقر إلى غيره في شيء من لوازمه لم يكن موجودا إلا بذلك الغير ; لأن وجود الملزوم بدون اللازم ممتنع، فإذا كان لا يوجد إلا بلازمه، ولازمه لا يوجد إلا بذلك الغير، لم يكن هو موجودا [إلا بذلك الغير، فلا يكون موجودا بنفسه، بل يكون: إن وجد ذلك الغير وجد، وإن لم يوجد لم يوجد، ثم ذلك الغير: إن لم يكن موجودا] (3) بنفسه واجبا بنفسه افتقر إلى فاعل مبدع، فإن كان هو الأول لزم الدور في العلل: وإن كان غيره لزم التسلسل في العلل، وكلاهما ممتنع باتفاق العقلاء كما قد بسط في موضع آخر. وإن كان ذلك الغير واجبا بنفسه موجودا بنفسه (4) والأول كذلك (5) ، كان كل منهما لا يوجد إلا بوجود الآخر، وكون كل من الشيئين لا يوجد إلا مع الآخر جائز إذا كان لهما سبب غيرهما، كالمتضايفين مثل الأبوة والبنوة، _________ (1) ن، م: منعه وكل من لا يحتاج. (2) ن (فقط) : يحتاج إلى شيء. (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط. (4) ا، ب: الغير موجودا بنفسه واجبا بنفسه. (5) كذلك: ساقطة من (أ) ، (ب) . ***************************** فلو كان لهما سبب غيرهما، كانا ممكنين يفتقران (1) إلى واجب بنفسه، والقول فيه كالقول فيهما. وإذا كانا واجبين بأنفسهما، امتنع أن يكون وجود كل منهما أو وجود شيء من لوازمه بالآخر ; لأن كلا منهما يكون علة أو جزء علة في الآخر، فإن كلا منهما لا يتم إلا بالآخر، وكل منهما لا يمكن أن يكون علة ولا جزء علة إلا إذا كان موجودا، وإلا فما لم يوجد لا يكون مؤثرا في غيره ولا فاعلا لغيره، فلا (2) يكون هذا مؤثرا في ذاك حتى يوجد هذا، (* ولا يكون ذاك مؤثرا في هذا حتى يوجد ذاك (3) *) (4) ، فيلزم أن لا يوجد هذا حتى يوجد ذاك (5) ولا يوجد ذاك حتى يوجد هذا، ولا يوجد هذا حتى يوجد مفعول هذا، فيكون هذا فاعل فاعل هذا، وكذلك لا يوجد ذاك حتى يوجد فاعل [ذاك] (6) ، فيكون ذاك فاعل فاعل ذاك. ومن المعلوم أن كون الشيء علة لنفسه، أو جزء علة لنفسه، أو شرط علة نفسه، ممتنع بأي عبارة عبر عن هذا المعنى، فلا يكون فاعل نفسه، ولا جزءا من الفاعل، ولا شرطا في الفاعل لنفسه، ولا تمام الفاعل لنفسه، ولا يكون مؤثرا في نفسه، ولا تمام المؤثر في نفسه، فالمخلوق _________ (1) ن، م: مفتقرين. (2) ن، م: ولا. (3) ن، م: هذا، والصواب ما أثبته. (4) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) . (5) ن، م: هذا. وبعد كلمة " هذان " يوجد اضطراب وتكرار في نسختي (ن) ، (م) ، ولذلك حذفت هذه العبارات ولم أثبتها منهما. (6) ذاك: ساقطة من (ن) فقط. ****************************** لا يكون رب نفسه، ولا يحتاج الرب نفسه بوجه من الوجوه إليه في خلقه (1) ؛ إذ لو احتاج إليه في خلقه لم يخلقه حتى يكون، ولا يكون حتى يخلقه، فيلزم الدور القبلي لا المعي (2) . وإذا لم يكن مؤثرا في نفسه فلا يكون مؤثرا في المؤثر في نفسه (* بطريق الأولى، فإذا قدر واجبان كل واحد منهما له تأثير ما في الآخر، لزم أن يكون كل منهما مؤثرا في المؤثر في نفسه *) (3) وهذا ممتنع [كما تبين] (4) ، فيمتنع تقدير واجبين كل منهما مؤثر في الآخر بوجه من الوجوه، فامتنع أن يكون الواجب بنفسه مفتقرا في شيء من لوازمه إلى غيره، سواء قدر أنه واجب أو ممكن. وهذا مما يعلم به امتناع أن يكون للعالم صانعان، فإن الصانعين إن كانا مستقلين كل منهما فعل الجميع، كان هذا متناقضا [ممتنعا] (5) لذاته، فإن فعل أحدهما للبعض يمنع استقلال الآخر به، فكيف باستقلاله به؟ ! ولهذا اتفق العقلاء (6) على امتناع اجتماع مؤثرين تامين في أثر واحد ; لأن ذلك جمع بين النقيضين؛ إذ كونه (7) وجد بهذا وحده يناقض كونه _________ (1) ن، م: ولا يحتاج إليه ربه بوجه من الوجوه في خلقه. (2) ن، م: القبلي العلي، وهو تحريف. (3) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) . (4) كما تبين: ساقط من (ن) ، (م) . (5) ممتنعا: ساقطة من (ن) ، (م) . (6) ن، م: العلماء. (7) ن، م: أو كونه، وهو تحريف. *********************************** وجد بالآخر وحده، وإن كانا متشاركين متعاونين، فإن كان فعل كل واحد (1) منهما مستغنيا عن فعل الآخر وجب أن يذهب كل إله بما خلق، فتميز مفعول هذا [عن مفعول هذا] (2) ، ولا يحتاج إلى الارتباط به، وليس الأمر كذلك، بل العالم كله متعلق بعضه ببعض، هذا مخلوق من هذا وهذا [مخلوق] من هذا (3) ، وهذا محتاج إلى هذا من جهة كذا، وهذا محتاج إلى هذا من جهة كذا، لا يتم شيء من أمور العالم إلا بشيء [آخر منه] (4) . وهذا يدل على أن العالم كله فقير إلى غيره لما فيه من الحاجة، ويدل على أنه ليس فيه فعل لاثنين، بل كله مفتقر إلى واحد. فالفلك الأطلس الذي هو أعلى الأفلاك في جوفه سائر الأفلاك، والعناصر والمولدات والأفلاك متحركات بحركات مختلفة [مخالفة] (5) لحركة التاسع، فلا يجوز أن تكون حركته هي سبب تلك الحركات المخالفة لحركته إلى (6) جهة أخرى أكثر مما (7) يقال: إن الحركة الشرقية هو سببها، وأما الحركات الغربية فهي مضادة لجهة حركته، فلا يكون هو سببها، [وهذا] (8) مما يسلمه هؤلاء (9) _________ (1) واحد: ساقطة من (أ) ، (ب) . (2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط. (3) أ، ب: هذا مخلوق من هذا، وهذا من هذا، وهذا من هذا. (4) ب: لا يتم شيء من أمور شيء من العالم إلا بشيء. (5) مخالفة: ساقطة من (ن) فقط. (6) أ، ب: على. (7) أ، ب: ما. (8) وهذا: ساقطة من (ن) فقط. (9) كلام ابن تيمية عن فلك الأطلس وسائر الأفلاك التي في جوفه وحركات الأفلاك متصل بنظرية الفلاسفة المعروفة بنظرية الفيض أو الصدور أو العقول العشرة. انظر كلام الفلاسفة عنها في: رسائل الكندي الفلسفية 1/238 - 261 ; الفارابي: آراء أهل المدينة الفاضلة، ص 24 - 25 (ط. مكتبة الحسين، 1368/1948) ; ابن سينا: النجاة، 3/448 - 455 ; الشفاء، قسم الإلهيات 2/393 - 409. ******************************** وأيضا فالأفلاك في جوفه بغير اختياره، ومن جعل غيره فيه بغير اختياره كان مقهورا مدبرا، كالإنسان الذي جعل في باطنه أحشاؤه، فلا يكون واجبا بنفسه، فأقل درجات الواجب بنفسه أن لا يكون مقهورا مدبرا، [فإنه إذا كان مقهورا مدبرا] (1) كان مربوبا أثر فيه غيره، ومن أثر فيه غيره كان وجوده (2) متوقفا على وجود ذلك الغير، سواء كان الأثر كمالا أو نقصا، فإنه إذا (3) كان زيادة كان كماله موقوفا على الغير، وكماله منه فلا يكون موجودا بنفسه، وإن كان نقصا [كان غيره قد] (4) نقصه، ومن نقصه غيره لم يكن ما نقصه هو واجب الوجود بنفسه (5) ، فإن [ما] كان (6) واجب الوجود بنفسه يمتنع عدمه، فذاك الجزء المنقوص ليس واجب الوجود (7) ولا من لوازم واجب الوجود، وما لم يكن كذلك لم يكن عدمه نقصا؛ إذ النقص عدم كمال، والكمال الممكن هو من لوازم واجب الوجود كما تقدم، والتقدير أنه نقص، فتبين أن من نقصه غيره شيئا من لوازم وجوده، _________ (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط. وفي (م) : فأما إذا. . إلخ. (2) وجوده: ساقطة من (ن) فقط. (3) ن، م: إن. (4) كان غيره قد: ساقط من (ن) فقط. (5) بنفسه: ساقطة من (أ) ، (ب) . (6) ن، م: فإن كان. . . (7) ن، م: والنقص ليس واجب الوجود. ******************************* أو أعطاه (1) شيئا من لوازم وجوده، لم يكن واجب الوجود بنفسه. فالفلك الذي قد حشي بأجسام كثيرة بغير اختياره محتاج إلى ذلك الذي حشاه بتلك الأجسام، فإنه إذا كان حشوه كمالا له، لم يوجد كماله إلا بذلك الغير، فلا يكون واجبا بنفسه، وإن كان نقصا فيه كان غيره قد سلبه الكمال الزائل (2) بذلك النقص، فلا تكون ذاته مستلزمة لذلك الكمال، إذا لو استلزمته لعدمت بعدمه، وكماله من تمام نفسه، فإذا كان جزء نفسه غير واجب، لم تكن نفسه واجبة كما تقدم بيانه. وأيضا، فالفلك الأطلس إن قيل: إنه لا تأثير له (3) في شيء من العالم، وجب أن لا يكون هو المحرك للأفلاك التي فيه، وهي متحركة بحركته، ولها حركة تخالف حركته، فيكون في الفلك الواحد قوة تقتضي حركتين متضادتين، وهذا ممتنع فإن الضدين لا يجتمعان، ولأن المقتضي للشيء لو كان مقتضيا لضده الذي لا يجامعه، لكان فاعلا له غير فاعل [له] (4) ، 8 فإن كان مريدا له [كان مريدا] (5) غير مريد، وهو جمع بين [النقيضين] (6) ، وإن كان له تأثير في تحريك الأفلاك، أو غير ذلك فمعلوم أنه غير مستقل بالتأثير ; لأن تلك الأفلاك لها حركات تخصها من غير تحريكه ; ولأن ما يوجد في الأرض من الآثار لا بد فيه من الأجسام _________ (1) ن، م: وأعطاه. (2) ن، م: الزائد، وهو تحريف. (3) ن، م: إن له تأثير، وهو تحريف. (4) له: ساقطة من (ن) فقط (5) كان مريدا: ساقطة من (ن) فقط. (6) ن (فقط) : بين الضدين النقيضين. *******************************
__________________
|
#9
|
||||
|
||||
![]() ![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الثانى الحلقة (106) صـ 180 إلى صـ 186 العنصرية، وتلك الأجسام إن لم يكن فاعلا لها فهو محتاج إلى ما لم (1) يفعله، وإن قدر أنه المؤثر فيها فليس مؤثرا مستقلا فيها ; لأن الآثار الحاصلة فيها لا تكون (2) إلا باجتماع اتصالات وحركات تحصل بغيره. فتبين أن تأثيره مشروط بتأثير غيره، وحينئذ فتأثيره من كماله، فإن المؤثر أكمل من غير المؤثر، وهو مفتقر في هذا الكمال إلى غيره، فلا يكون واجبا بنفسه، فتبين أنه ليس واجبا بنفسه من هذين الوجهين، وتبين [أيضا] أن فاعله (3) ليس مستغنيا عن فاعل تلك الأمور التي يحتاج إليها الفلك، لكون الفلك ليس متميزا مستغنيا من كل وجه عن كل ما سواه، بل هو محتاج إلى ما سواه من المصنوعات، فلا يكون واجبا بنفسه، ولا مفعولا لفاعل مستغن عن فاعل ما سواه. [امتناع وجود ربين للعالم] وإذا كان الأمر في الفلك الأطلس هكذا، فالأمر في غيره أظهر، فأي شيء اعتبرته من العالم (4) وجدته مفتقرا إلى شيء آخر من العالم، فيدلك ذلك مع كونه [ممكنا مفتقرا ليس بواجب بنفسه] (5) على (6) أنه مفتقر إلى فاعل ذلك الآخر (7) ، فلا يكون في العالم فاعلان فعل كل منهما ومفعوله مستغن عن فعل الآخر ومفعوله، وهذا كالإنسان مثلا فإنه يمتنع أن يكون _________ (1) لم: ساقطة من (أ) ، (ب) . (2) ن، م: لا تحصل. (3) ن (فقط) : وتبين أنه فاعله. (4) ن (فقط) : العامل، وهو تحريف. (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط. (6) أ، ب: إلى. والمثبت من (م) . (7) ن (فقط) : مع كونه مفتقرا إلى فاعل ذلك الآخر، وهو نقص وتحريف. ********************** الذي خلقه غير الذي خلق ما (1) يحتاج إليه، فالذي خلق مادته كمني الأبوين ودم الأم هو الذي خلقه، والذي خلق الهواء الذي يستنشقه والماء الذي يشربه هو الذي خلقه ; لأن خالق ذلك [لو] (2) كان خالقا غير خالقه، فإن كانا خالقين كل منهما مستغن عن الآخر في فعله ومفعوله، كان ذلك ممتنعا ; لأن الإنسان محتاج إلى المادة والرزق، فلو كان خالق مادته ورزقه غير خالقه، لم يكن مفعول أحدهما مستغنيا عن مفعول الآخر. فتبين [بذلك] (3) أنه يمتنع أن يكون للعالم فاعلان، مفعول كل منهما مستغن عن مفعول الآخر، كما قال تعالى: {ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق} [سورة المؤمنون: 91] . ويمتنع (4) أن يكونا مستقلين ; لأنه جمع بين النقيضين، ويمتنع أن يكونا متعاونين متشاركين، كما يوجد ذلك في المخلوقين يتعاونون على المفعولات ; لأنه حينئذ لا يكون أحدهما فاعلا إلا بإعانة الآخر له، وإعانته فعل منه لا يحصل إلا بقدرته، بل [وبعلمه] (5) وإرادته، فلا يكون هذا معينا لذاك حتى يكون ذاك معينا لهذا، ولا يكون ذاك (6) معينا لهذا حتى يكون هذا معينا لذاك ; وحينئذ لا يكون هذا معينا لذاك ولا ذاك _________ (1) عبارة " خلق ما ": ساقطة من (ب) وفي (أ) : غير الذي ما يحتاج إليه. (2) لو: ساقطة من (ن) فقط. (3) بذلك: ساقطة من (ن) ، (م) . (4) ن (فقط) : وممتنع. (5) ن، م: وبعمله، وهو تحريف. (6) ن، م: هذا. ************************** معينا لهذا، كما لا يكون الشيء معينا لنفسه بطريق الأولى، فالقدرة التي بها يفعل الفاعل لا تكون حاصلة بالقدرة التي يفعل بها الفاعل الآخر، بل إما أن تكون (1) من لوازم ذاته، وهي قدرة الله تعالى، أو تكون حاصلة بقدرة غيره كقدرة العبد، فإذا قدر ربان متعاونان (2) لا يفعل أحدهما حتى يعينه الآخر، لم يكن أحدهما قادرا على الفعل بقدرة لازمة لذاته، ولا يمكن أن تكون قدرته حاصلة من الآخر ; لأن الآخر لا يجعله قادرا حتى يكون هو قادرا، فإذا لم تكن قدرة واحد منهما من نفسه، لم يكن لأحدهما قدرة بحال. فتبين امتناع كون العالم له ربان، وتبين امتناع كون واجب الوجود له كمال يستفيده من غيره، وتبين امتناع أن يؤثر في واجب الوجود غيره، وهو سبحانه مستحق للكمال الذي لا غاية فوقه، وذلك الكمال لازم له ; لأن الكمال الذي يكون كمالا [للموجود] (3) ، إما أن يكون واجبا له، أو ممتنعا عليه، أو جائزا عليه، فإن كان واجبا له فهو المطلوب، وإن كان ممتنعا لزم أن يكون الكمال الذي للموجود ممكنا للممكن ممتنعا على الواجب، فيكون الممكن أكمل من الواجب. [عود إلى الكلام على اتصاف الله بصفات الكلام] وأيضا، فالممكنات فيها كمالات موجودة، وهي من الواجب بنفسه، والمبدع للكمال المعطي له الخالق له أحق بالكمال؛ إذ الكمال إما وجود، وإما كمال وجود، ومن أبدع الموجود كان أحق بأن يكون موجودا؛ إذ _________ (1) ن، م: بل إنما يكون، وهو تحريف. (2) ب: بأن متعاونين، أ، ب: بان متعاونان، والمثبت عن (ن) . (3) ن، م: للوجود. ********************************** المعدوم لا يكون مؤثرا في الموجود (1) ، وهذا كله معلوم. فتبين أن الكمال ليس ممتنعا عليه، وإذا كان جائزا أن يحصل وجائزا أن لا يحصل، لم يكن حاصلا إلا بسبب آخر، فيكون واجب الوجود مفتقرا في كماله إلى غيره، وقد تبين بطلان هذا أيضا. فتبين أن الكمال لازم لواجب الوجود واجب له يمتنع سلب الكمال عنه، والكمال أمور وجودية، فالأمور العدمية لا تكون كمالا إلا إذا تضمنت أمورا وجودية، إذ العدم المحض ليس بشيء فضلا عن أن يكون كمالا، فإن الله سبحانه إذا ذكر ما يذكره من تنزيهه ونفي النقائص عنه، ذكر ذلك في سياق إثبات صفات الكمال له، كقوله تعالى: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم} [سورة البقرة: 255] فنفي السنة والنوم يتضمن كمال الحياة والقيومية، وهذه من صفات الكمال. وكذلك قوله: {لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض} [سورة سبأ: 3] ، فإن نفي عزوب ذلك عنه يتضمن علمه به، وعلمه به من صفات الكمال. وكذلك قوله: {ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب} [سورة ق: 38] ، فتنزيهه لنفسه عن مس اللغوب يقتضي كمال قدرته، والقدرة من صفات الكمال، فتنزيهه يتضمن كمال حياته وقيامه وعلمه وقدرته، وهكذا نظائر ذلك. فالرب تعالى موصوف بصفات الكمال التي لا غاية فوقها، إذ كل غاية تفرض كمالا إما أن تكون واجبة له أو ممكنة أو ممتنعة. والقسمان _________ (1) أ، ب: الوجود. ***************************** الأخيران (1) باطلان فوجب الأول، فهو منزه عن النقص وعن مساواة شيء من الأشياء له في صفات الكمال، بل هذه المساواة هي من النقص أيضا، وذلك لأن المتماثلين يجوز على أحدهما ما يجوز على الآخر، ويجب له ما يجب له، ويمتنع عليه ما يمتنع عليه، فلو قدر أنه ماثل شيئا في شيء من الأشياء، للزم اشتراكهما فيما يجب ويجوز ويمتنع [على] (2) ذلك الشيء، وكل ما سواه ممكن قابل للعدم، بل معدوم مفتقر إلى فاعل وهو مصنوع مربوب محدث، فلو ماثل غيره في شيء من الأشياء، للزم أن يكون هو والشيء الذي ماثله فيه ممكنا قابلا للعدم، بل معدوما مفتقرا إلى فاعل، مصنوعا مربوبا محدثا، وقد تبين أن كماله لازم لذاته لا يمكن أن يكون مفتقرا فيه إلى غيره، فضلا عن أن يكون ممكنا أو مصنوعا أو محدثا، فلو قدر مماثلة غيره له في شيء من الأشياء، للزم كون الشيء الواحد موجودا معدوما، ممكنا واجبا، قديما محدثا، وهذا جمع بين النقيضين. فالرب تعالى مستحق للكمال على وجه التفصيل كما أخبرت به الرسل، فإن الله [تعالى] (3) أخبر أنه بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قدير، وأنه سميع بصير، وأنه عليم قدير، عزيز حكيم، غفور رحيم، ودود مجيد، وأنه يحب المتقين والمحسنين والصابرين، ويرضى عن (4) الذين _________ (1) ن، م: الآخران. (2) على: ساقطة من (ن) فقط. (3) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) . (4) ن، م: على. ******************************* آمنوا وعملوا الصالحات، ولا يحب الفساد، ولا يرضى لعباده الكفر، وأنه خلق السماوات والأرض [وما بينهما] (1) في ستة أيام ثم استوى على العرش، وأنه كلم موسى تكليما وناداه وناجاه، إلى غير ذلك مما جاء به الكتاب والسنة. وقال في التنزيه: {ليس كمثله شيء} [سورة الشورى: 11] ، {هل تعلم له سميا} [سورة مريم: 65) {فلا تضربوا لله الأمثال} [سورة النحل: 74] ، {ولم يكن له كفوا أحد} ، {فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون} [سورة البقرة: 22] فنزه نفسه عن النظير باسم الكفء والمثل والند والسمي (2) . وقد بسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع، وكتبنا رسالة مفردة في قوله: {ليس كمثله شيء} ، وما فيها من الأسرار والمعاني الشريفة (3) . فهذه طريقة الرسل وأتباعهم من سلف الأمة وأئمتها: إثبات مفصل، ونفي مجمل (4) ، إثبات صفات الكمال على وجه التفصيل، ونفي النقص والتمثيل، كما دل على ذلك سورة: {قل هو الله أحد الله الصمد} ، وهي تعدل ثلث القرآن [كما ثبت ذلك في الحديث _________ (1) وما بينهما: ساقطة من (ن) ، (م) . (2) أ (فقط) : والمسمى، وهو تحريف. (3) ذكر ابن قيم الجوزية في رسالة " أسماء مؤلفات ابن تيمية " ص [0 - 9] 6 أن لابن تيمية " رسالة في تفسير قوله تعالى: (ليس كمثله شيء) نحو خمسين ورقة ". (4) ن (فقط) : محل، وهو تحريف. ********************************* الصحيح] (1) ، وقد كتبنا تصنيفا [مفردا] في تفسيرها (2) وآخر في كونها تعدل ثلث القرآن (3) . فاسمه الصمد يتضمن صفات الكمال، كما روى الوالبي، عن ابن عباس [- رضي الله عنهما] (4) أنه قال: [هو] (5) العليم الذي كمل في علمه، والقدير الذي كمل في قدرته، والسيد الذي كمل في سؤدده، والشريف الذي كمل في شرفه، والعظيم الذي كمل في عظمته، والحليم الذي كمل في حلمه، والحكيم الذي كمل في حكمته، وهو الذي كمل في أنواع الشرف والسؤدد، هو الله [سبحانه وتعالى] (6) هذه صفته [لا تنبغي إلا له] (7) . والأحد يتضمن نفي المثل عنه (8) ، والتنزيه الذي يستحقه [الرب] (9) _________ (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . (2) ن، م: مصنفا في تفسيرها. (3) لابن تيمية كتاب " تفسير سورة الإخلاص " وقد طبع أكثر من مرة منها الطبعة الأولى بالمطبعة المنيرية، سنة 1352. وله أيضا كتاب " جواب أهل العلم والإيمان بتحقيق ما أخبر به رسول الرحمن من أن (قل هو الله أحد) تعدل ثلث القرآن " وقد طبع أكثر من مرة، منها طبعة المطبعة السلفية سنة 1376. (4) رضي الله عنهما: زيادة في (أ) ، (ب) . (5) هو: ساقطة من (ن) ، (م) . (6) سبحانه وتعالى: زيادة في (أ) ، (ب) . (7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . وفي (ب) : تبتغي، وهو تحريف، والمثبت من (أ) . (8) ن، م: له. (9) الرب: ساقطة من (ن) ، (م) . *************************
__________________
|
#10
|
||||
|
||||
![]() ![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الثانى الحلقة (107) صـ 187 إلى صـ 193 يجمعه نوعان: [أحدهما] (1) نفي النقص عنه، والثاني: نفي مماثلة شيء من الأشياء فيما يستحقه من صفات الكمال، فإثبات صفات الكمال له مع نفي مماثلة غيره له يجمع ذلك، كما دلت عليه هذه السورة. وأما المخالفون لهم من المشركين والصابئة، ومن اتبعهم من الجهمية والفلاسفة والمعتزلة ونحوهم، فطريقتهم (2) : نفي مفصل وإثبات مجمل، ينفون صفات الكمال، ويثبتون ما لا يوجد إلا في الخيال، فيقولون: [ليس بكذا ولا كذا. فمنهم من يقول] (3) : ليس له صفة ثبوتية، بل إما سلبية، وإما إضافية، وإما مركبة منهما، كما يقوله من يقوله من الصابئة والفلاسفة، كابن سينا وأمثاله، ويقول: هو وجود مطلق بشرط سلب الأمور الثبوتية عنه. ومنهم من يقول: وجود مطلق بشرط الإطلاق. وقد قرروا في منطقهم ما هو معلوم بالعقل الصريح: أن المطلق بشرط الإطلاق إنما وجوده في الأذهان لا في الأعيان، فلا يتصور في الخارج حيوان مطلق بشرط الإطلاق، ولا إنسان مطلق بشرط الإطلاق، ولا جسم مطلق بشرط الإطلاق، فيبقى واجب الوجود ممتنع الوجود في الخارج، وهذا مع أنه تعطيل وجهل وكفر فهو جمع بين النقيضين. ومن قال: مطلق بشرط سلب الأمور الثبوتية، فهذا أبعد من المطلق بشرط (4) الإطلاق، فإن هذا قيده (5) بسلب الأمور الوجودية (6) دون _________ (1) أحدهما: ساقطة من (ن) ، (م) . (2) ن، م: فطريقهم. (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . (4) ن: فهو أبعد من المطلق بعد شرط. (5) ن، م: قيد. (6) أ، ب: الموجودة. ***************************** العدمية، وهذا (1) أولى بالعدم مما قيد (2) بسلب الأمور الوجودية والعدمية (3) ، وهو أيضا أبلغ في الامتناع، فإن الموجود المشارك لغيره في الوجود لا يمتاز عنه بوصف عدمي بل بأمر وجودي، فإذا قدر وجود لا يتمير عن غيره إلا بعدم، كان أبلغ في الامتناع من وجود يتميز بسلب الوجود والعدم. وأيضا، فإن هذا يشارك سائر الموجودات في مسمى الوجود، ويمتاز عنها بالعدم، وهي تمتاز عنه بالوجود، فيكون على قول هؤلاء: أي موجود من الممكنات قدر فهو أكمل من الواجب، وهذا [في] غاية [الفساد] والكفر (4) . وإن قالوا: هو مطلق لا بشرط، كما يقوله [الصدر] القونوي (5) وأمثاله _________ (1) ن، م: وهو. (2) ن (فقط) : قيل، وهو تحريف. (3) ن (فقط) : الوجودية دون العدمية، وهو خطأ. وتكررت العبارة مرة أخرى في (ن) وهو سهو من الناسخ. (4) ن، م: وهذا غاية الكفر. (5) الصدر: ساقطة من (ن) ، (م) . وهو صدر الدين محمد بن إسحاق بن محمد بن يوسف بن علي القونوي الرومي، من كبار الصوفية القائلين بوحدة الوجود. ومن أصحاب محيي الدين بن عربي، توفي سنة 673 وقيل: 672. انظر ترجمته في " الطبقات الكبرى " للشعراني 1/177 ; الأعلام 6/254. وانظر ما ذكره عنه ابن تيمية في رسالة " السبعينية " ضمن مجموع الفتاوى الكبرى، ط. كردستان العلمية، القاهرة، 1329. وما ذكره الدكتور أبو الوفا التفتازاني في بحثه عن الطريقة الأكبرية، ص 343 - 344، الكتاب التذكاري لابن عربي، ط. الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر، 1389/1969. ********************************* من القائلين بوحدة الوجود، فالمطلق لا بشرط هو موضوع العلم الإلهي (1) عندهم، الذي هو الحكمة العليا والفلسفة الأولى عندهم، فإن الوجود المطلق لا بشرط ينقسم إلى: واجب وممكن، وعلة ومعلول، وجوهر وعرض، وهذا موضوع (2) العلم الأعلى عندهم (3) الناظر في الوجود ولواحقه. ومن المعلوم أن الوجود المنقسم إلى واجب وممكن لا يكون هو الوجود الواجب المطلق بشرط الإطلاق، وهو الذي يسمونه الكلي الطبيعي، ويتنازعون في وجوده في الخارج، والتحقيق أنه يوجد في الخارج معينا لا كليا، فما هو كلي في الأذهان يوجد في الأعيان، لكن لا يوجد كليا. فمن قال: الكلي الطبيعي موجود في الخارج، وأراد هذا المعنى فقد أصاب. وأما إن قال: إن (4) في الخارج ما هو كلي في الخارج - كما يقتضيه كلام كثير من هؤلاء الذين تكلموا في المنطق والإلهيات - وادعى أن في الخارج إنسانا مطلقا كليا، [وفرسا مطلقا كليا] (5) ، وحيوانا مطلقا _________ (1) ن (فقط) : فالمطلق لا يوجد فهو العلم الإلهي، وهو تحريف ; ب، أ: فالمطلق لا بشرط هو موضع العلم الإلهي. والمثبت من (م) . (2) أ، ب: موضع. (3) عندهم: ساقطة من (أ) ، (ب) . (4) إن: ساقطة من (أ) ، (ب) . (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . **************************** [كليا] (1) ، فهو مخطئ خطأ ظاهرا: سواء ادعى أن هذه الكليات مجردة عن الأعيان أزلية - كما يذكرونه عن أفلاطون (2) ويسمون ذلك " المثل الأفلاطونية " أو ادعى أنها لا تكون إلا مقارنة للمعينات، أو ادعى (3) أن المطلق جزء من المعين - كما يذكرونه عن أرسطو وشيعته، كابن سينا وأمثاله - ويقولون: إن النوع مركب من الجنس والفصل، [وإن] الإنسان (4) مركب من الحيوان والناطق، والفرس مركب من الحيوان والصاهل، فإن هذا إن أريد به أن الإنسان متصف بهذا وهذا فهذا حق، ولكن الصفة لا تكون سبب وجود (5) الموصوف ولا متقدمة عليه لا في الحس ولا في العقل، ولا يكون الجوهر القائم بنفسه مركبا من عرضين. وإن أراد به أن الإنسان الموجود في الخارج فيه جوهران قائمان بأنفسهما: أحدهما الحيوان، والآخر الناطق، فهذا مكابرة للعقل والحس. وإن أريد بهذا التركيب تركيب الإنسان العقلي المتصور (6) في الأذهان لا الموجود في الأعيان فهذا صحيح، لكن ذلك الإنسان هو بحسب ما يركبه الذهن، فإن ركبه من الحيوان والناطق تركب منهما، وإن ركبه من الحيوان والصاهل تركب منهما، فدعوى المدعي: أن إحدى _________ (1) كليا: ساقطة من النسخ الأربع، وإثباتها يقتضيه سياق الكلام. (2) ن، م، أ: أفلاطن. (3) ن: وادعى. (4) ن، م: والإنسان. (5) وجود: ساقطة من (أ) ، (ب) . (6) ن: المصور ; م: المقصور. **************************** الصفتين (1) ذاتية مقومة للموصوف لا يتحقق بدونها لا في الخارج ولا في الذهن، والأخرى عرضية يتقوم الموصوف بدونها مع كونها مساوية لتلك في اللزوم - تفريق بين المتماثلين. والفروق التي يذكرونها بين الذاتي والعرضي - اللازم للماهية - هي ثلاثة، وهي فروق منتقضة وهم معترفون بانتقاضها، كما يعترف بذلك ابن سينا ومتبعوه شارحو " الإشارات "، وكما ذكره صاحب " المعتبر " (2) وغيرهم، والكلام على هذا مبسوط في غير هذا الموضع (3) . وكذلك الكلام على قولهم وقول (4 من وافقهم من 4) (4) القائلين بوحدة الوجود في وجود واجب الوجود مبسوط في غير هذا الموضع، والمقصود هنا كلام جملي على ما جاءت به الرسل صلوات الله [وسلامه] (5) عليهم أجمعين، وهذا كله مبسوط في مواضعه. _________ (1) ن: أحد الصنفين، وهو تحريف. (2) وهو أبو البركات هبة الله بن ملكا، وسبق الكلام عليه 1/178. (3) قال ابن عبد الهادي في " العقود الدرية " ص [0 - 9] 6 عند ذكره لأسماء مؤلفات ابن تيمية: " وله كتاب في الرد على المنطق، مجلد كبير. وله مصنفان آخران في الرد على المنطق نحو مجلد ". وذكر ابن تيمية نفسه في كتاب " الصفدية " (ورقة 193 ب) أنه له كتابين في الرد على المنطق: أحدهما كبير والآخر صغير، وأن له كتابا في نقض منطق الإشارات لابن سينا كما أنه نقد المنطق في رده على محصل الرازي. وقد لخص ابن تيمية الفروق الثلاثة بين الذاتي والعرضي في كتابه " الرد على المنطقيين " ص [0 - 9] 2 - 64 وقال في آخر كلامه هناك أنه بسط الكلام في بيان هذه الفروق في موضع آخر تكلم فيه على إشارات ابن سينا، ومن ذلك يتضح أنه فصل هذا الرد في كتابه في نقض منطق الإشارات وهو ليس بين أيدينا. (4) : (4 - 4) ساقط من (أ) ، (ب) . (5) وسلامه: زيادة في (أ) ، (ب) . ***************************** لكن هذا الإمامي لما أخذ يذكر عن طائفته أنهم المصيبون في التوحيد دون غيرهم احتجنا إلى التنبيه على ذلك، فنقول: أما [ما] ذكره [من] لفظ (1) الجسم وما يتبع ذلك، فإن هذا اللفظ لم ينطق به في صفات الله تعالى لا كتاب ولا سنة، لا نفيا ولا إثباتا، ولا تكلم به أحد من الصحابة والتابعين وتابعيهم، لا أهل البيت ولا غيرهم. ولكن لما ابتدعت الجهمية القول بنفي الصفات في آخر (2) الدولة الأموية، ويقال: إن أول من ابتدع ذلك هو الجعد بن درهم معلم مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية، وكان هذا الجعد من حران (3) ، وكان فيها أئمة الصابئة والفلاسفة، والفارابي كان قد أخذ الفلسفة عن متى ثم دخل إلى حران فأخذ ما أخذه منها عن أولئك الصابئة الذين كانوا بحران، وكانوا يعبدون الهياكل العلوية ويبنون (4) : هيكل العلة الأولى، هيكل العقل الأول، هيكل النفس الكلية، هيكل زحل، هيكل المشترى، هيكل المريخ، هيكل الشمس، هيكل الزهرة، هيكل عطارد، هيكل القمر، ويتقربون بما هو معروف عندهم (5) من أنواع العبادات والقرابين والبخورات وغير ذلك (6) . _________ (1) ن، م: أما ذكره لفظ. . . (2) ن، م: أواخر. (3) سبق الكلام عن الجعد بن درهم 1/7، 309. وقد قتل الجعد حوالي سنة 118. وانظر في ترجمته أيضا لسان الميزان 2/105 ; ميزان الاعتدال 1/185 ; الكامل لابن الأثير 5/160 (4) ن، م: ويثبتون. (5) أ، ب: بما هو عندهم معروف. (6) سبق الكلام (هذا الكتاب 1/5 - 6) عن الصابئة القائلين بالحاجة إلى متوسط روحاني من الكواكب أو الأصنام، وأشرت هناك إلى أن مركزهم كان حران. وحران - كما يذكر ياقوت في معجم البلدان -: " مدينة عظيمة مشهورة من جزيرة آقور، وهي قصبة ديار مضر بينها وبين الرها يوم وبين الرقة يومان وهي على طريق الموصل والشام والروم. . وكانت منازل الصابئة وهم الحرانيون الذين يذكرهم أصحاب كتب الملل والنحل ". ويتكلم البيروني (الأثار الباقية عن القرون الخالية، ص [0 - 9] 04 - 208، ط. ألمانيا، 1878) عن الصابئة بالتفصيل، ومن كلامه عنهم: " وكانت لهم هياكل وأصنام بأسماء الشمس معلومة الأشكال كما ذكرها أبو معشر البلخي في كتابه: بيوت العبادات " وانظر أيضا: الخطط للمقريزي 1/344. ******************************** وهؤلاء هم أعداء إبراهيم الخليل الذي دعاهم إلى عبادة الله وحده، وكان مولده (1 عند أكثر الناس 1) (1) [إما بالعراق أو] (2) بحران (3 كما في التوراة 3) (3) ، ولهذا ناظرهم في عبادة الكواكب والأصنام، وحكى الله عنه أنه، لما رأى أنه (4) كوكبا {قال هذا ربي} [إلى قوله: {لا أحب الآفلين} ] (5) إلى قوله: {فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال ياقوم إني بريء مما تشركون - إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين} [سورة الأنعام: 76 - 79] الآيات. وقد ظن طائفة من الجهمية والمعتزلة وغيرهم أن مراده بقوله: {هذا ربي} أن هذا خالق العالم، وأنه (6) استدل بالأفول - وهو الحركة والانتقال - على عدم ربوبيته، وزعموا أن هذه الحجة هي الدالة على حدوث الأجسام وحدوث العالم. _________ (1) : (1 - 1) ساقط من (أ) ، (ب) . (2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط. (3) (3 - 3) : ساقط من (أ) ، (ب) . (4) : ساقطة من (أ) ، (ب) . (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . (6) ن، م: فإنه. *****************************
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 10 ( الأعضاء 0 والزوار 10) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |