الرب جل جلاله - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         ماذا قدمت لما بعد الموت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          التكاليف ليست متساوية بل متفاوتة الصعوبة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          كيفية إكرام الضيف وحدوده (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          ميثاق الفطرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          تدمير التعليم في غزة: ترسيخ للتخلف واغتيال للنهوض! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          كن صادقًا ودع الناس تقول ما تقول (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          لماذا التشدّد في الدين؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          المخدرات تأخذ حكم الخمر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          منصات التواصل ومنظومة القيم (الستر والحياء) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          الموت ساجدا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 27-10-2020, 08:18 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,254
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الرب جل جلاله

ومن مجموع هذه الحقائق، نفهم قول الله تعالى في سورة البروج:

﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ * وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ * وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ * قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ * النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ * إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ * وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ * وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ * إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ * إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ * وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ * ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ * هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ * فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ * بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ * وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ * بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ ﴾ [البروج: 1 - 22][16].



حق الرب (جل جلاله):

(1) دعاؤه تعالى بهذا الاسم (الرب):

وحسبك أن الأنبياء جميعًا دعَوا بهذا الاسم العظيم:

دعا به الأبوان الكريمان حين أكَلا من الشجرة وطلبا المغفرة: ﴿ قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الأعراف: 23].



دعا به نوح حين قال: ﴿ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ ﴾ [نوح: 28]، وقال: ﴿ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي ﴾ [هود: 45].

دعا به موسى حين قال: ﴿ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ ﴾ [الأعراف: 151].

دعا به يوسف حين قال: ﴿ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ﴾ [يوسف: 33]، وقال: ﴿ رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ﴾ [يوسف: 101].



دعا به زكريا حين قال: ﴿ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ ﴾ [الأنبياء: 89].

دعا به سليمان حين قال: ﴿ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي ﴾ [ص: 35].

ودعت به امرأة عمران حين قالت: ﴿ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي ﴾ [آل عمران: 35].

وأكثر أدعية النبي صلى الله عليه وسلم المنثورة في السُّنة كانت بهذا الاسم العظيم (الرب).



ودعاء الصالحين كما أخبَر عنهم ربُّ العالمين في كتابه المبين، كان بهذا الاسم العظيم، حين قالوا: ﴿ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾ [آل عمران: 193، 194]، وقالوا: ﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا ﴾ [الفرقان: 65][17]؛ وذلك لأنه خالق كل شيء، ومالك كل شيء، والمتصرف في كل شيء، والمهيمن على كل شيء.

قال بعض السلف: "مَن قال: يا رب، يا رب، يا رب، استُجيب له"[18].



(2) ألا نُطلِق هذا الاسم إلا عليه:

فإذا أُطلق الرب، فلا يُراد به إلا الرب جل جلاله، ولا يحل إطلاقُه إلا عليه، لكن قَيِّد كما تشاء، فقل: رب الدار، رب الأسرة، رب الغنم، ولكن نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول العبد لسيده: (ربي)؛ ففي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يقل أحدكم: أَطعِمْ ربَّك، وضِّئْ ربَّك، وليقل: سيدي ومولاي، ولا يقل أحدكم: عبدي، أَمَتي، وليقل: فتاي وفتاتي وغلامي)).



(3) أن نكون له عبيدًا:

إذا أقررنا أن الله تعالى هو الخالق لهذا الكون وما فيه، والمتصرِّف فيه بالإحياء والإماتة، والخلق والرزق والتدبير، فينبغي أن نعطيه حقَّه في العبادة، وأن نفرده بها، ونخلص له فيها، فلا يتعلق العبد إلا به، ولا يخاف إلا منه، ولا يرجو إلا إياه، ولا يتوكل في دفع المضار وجلب المنافع إلا عليه.



قال تعالى: ﴿ قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ ﴾ [المؤمنون: 88، 89]؛ أي: كيف تتعلقون بغيره، وتخافون غيره، وترجون سواه؟!

وقال تعالى: ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴾ [الزمر: 38].



فإذا قال: قائل: لماذا كان الله هو الإله الحق؟

الجواب: لأنه الرب.

أو بصيغة أخرى: الذي يستحق التألُّهَ، وتجب له العبادة والطاعة، والحب والتعظيم، والخضوع الكامل والالتجاء - لا بد وأن يكون خالقًا، ولعبده رازقًا ومدبرًا، وعليه مقتدرًا، فإن اختل شيءٌ من ذلك، لم يكن بذلك إلهًا، وقد جمع الله كلَّ ذلك في آيات جامعة، أقام بها الحُجة على المشركين وغيرهم، قال تعالى:

﴿ أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ * أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ * أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ * أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ * أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ﴾ [النمل: 60 - 65][19]، فالذي يقر أن له ربًّا: لا يشغله شيءٌ عن عبادته، ولا يغفل لحظة عن طاعته.



(4) أن نُفرِده بالتحليل والتحريم (التشريع):

فالرب جل جلاله هو وحدَه الذي له حقُّ التحليل والتحريم؛ إما في كتابه، أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، فلستُ أنا ولستَ أنت، وليس أحد يحل له أن يقول: هذا حلال أو هذا حرام، إلا بخبر من الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ومَن خالَفَ هذا السبيلَ، فقد أشرَك بالله في ربوبيته.



قال عدي بن حاتم: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب، فقال: يا عدي، اطرح هذا الوثن من عنقك، فطرحتُه، فانتهيت إليه وهو يقرأ سورة براءة: ﴿ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [التوبة: 31]، حتى فرغ منها، فقلت: إنَّا لسنا نعبدهم! فقال: ((أليس يُحرِّمون ما أحل الله فتحرِّمونه، ويُحِلون ما حرَّم الله فتحلُّونه؟))، قلت: بلى، قال: ((فتلك عبادتهم))[20].



(5) الرضا به:

أن ترضى بأوامره امتثالًا، وترضى بنواهيه اجتنابًا، وترضى بأقداره المؤلمة، ترضى بكل نعمة ومصيبة، وكل منع وعطاء، وكل شدة ورخاء، ترضى به إذا عافاك أو ابتلاك، ترضى به إذا أعدمك وأفقرك، أو أغناك وحباك.

مَن رضي بربه، ملأ قلبه سعادة وسرورًا، وزيَّن في قلبه الإيمان، وكرَّه إليه العصيان، قال صلى الله عليه وسلم: ((ذاق طعم الإيمان مَن رضي بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد رسولًا))[21].



(6) التبرؤ مِن كل ما يعبد من دون الله:

وكذلك التبرؤ من كل ما يخالف دينَ الله، والعمل من أجل إبطال الشرك وإزالته، والسعي في الأرض لإقامة دين الرب جل جلاله، وذلك ببذل النفس والمال والكلمة في سبيل الله.



قال تعالى عن نبيِّه إبراهيمَ عيه السلام: ﴿ قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ * الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ * وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ * رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴾ [الشعراء: 75 - 83].




(7) أن يتقي العبد ربَّه فيمَن ولاه عليهم:

فيتقي العبدُ ربَّه في والدَيْه اللذين بلغا الكِبَر، وأن يتقي العبد ربه في أولاده وزوجته، وأن يتقي العبد ربه في تلامذته، وأن يتقي العبد ربه في بهيمته، وأن يتقي العبد ربه في كل مَن هم تحت ولايته؛ لأنه ربهم وجب أن يربِّيهم شيئًا فشيئًا برفق ولين، وحكمةٍ وعلم، وحلمٍ ورحمة.



فعن عبدالله بن جعفر أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل حائطًا لرجل من الأنصار، فإذا جمل، فلما رأى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، حنَّ وذرفت عيناه، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فمسَح ذِفْرَاه، فسكت، فقال: ((مَن ربُّ هذا الجمل؟ لمَن هذا الجمل؟))، فجاء فتى مِن الأنصار، فقال: لي يا رسول الله، فقال: ((أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملَّكك الله إياها! فإنه اشتكى إليَّ أنك تُجيعه وتُدْئِبُه))؛ أي: تتعبه[22].



(8) أن يكون العبد ربانيًّا:

وكيف يكون العبد ربانيًّا؟ (صفات العبد الرباني).

أن يعلِّق قلبه بالله وحده: فهو ليس عبدًا للمال، ولا عبدًا للناس، ولا عبدًا للنساء، ولا عبدًا للشهوات، ولا عبدًا للمنصب والجاه، ولا عبدًا لمن يدعوه ويرتبط به؛ وإنما هو عبدٌ لله وحده، قلبه ليس معلقًا إلا به.

قال الفُضيل بن عياض لرجل: "لأعلمنَّك كلمةً هي خير من الدنيا وما فيها، والله لئن علِم الله منك إخراج الآدميين مِن قلبك حتى لا يكون في قلبك مكانٌ لغيره، لم تسأله شيئًا إلا أعطاك"[23].



أن يتعلم العلم الشرعي:

الذي به يعبد ربَّه على بصيرة؛ كما قال تعالى: ﴿ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ ﴾ [آل عمران: 79]، فالربانيُّ هو الذي يتعلم عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ويعمل بذلك ويعلِّمه.



أن يكون صابرًا على الابتلاء، صابرًا أمام فتنة المال، صابرًا أمام فتنة النساء، صابرًا الصبر الجميل الخالي مِن الشكوى والضجر، قال تعالى: ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ﴾ [آل عمران: 146].

أن يكون متألهًا متعبدًا: لا يسمح لشيء أن يشغله عن الطاعة، أو أن ينسيه الربَّ.



أن يكون غيورًا على دين الله، آمرًا بالمعروف، ناهيًا عن المنكر:

قال تعالى: ﴿ لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ [المائدة: 63]، العبد الرباني غيور على محارم الله، لا يغضب لنفسه، ولكن يغضب إذا انتُهكت حرُماتُ الله.





[1] رواه مسلم.




[2] رواه الترمذي، والحاكم، وصححه الألباني.




[3] رواه الطبراني في الكبير، وصححه الألباني في صحيح الجامع.




[4] رواه البيهقي، وحسنه الألباني في صحيح الجامع.




[5] الصواعق المرسلة.




[6] أسماء الله الحسنى؛ د / محمد أشرف حجازي.




[7] حقيقة الإيمان ج1؛ د/ عمر عبدالعزيز قريشي.




[8] انظر: صحيح الجامع، وفيض القدير.




[9] تفسير السعدي.




[10] طريق الهجرتين.




[11] مجموعة تغريدات / من تربية الله لك؛ د/ توفيق الرقب.




[12] رواه الترمذي، وأصله في الصحيحين.




[13] متفق عليه.




[14] رواه الترمذي، وأبو داود، وصححه الألباني.




[15] رواه البخاري.




[16] هذه الفقرة ملخصة من:

1- أصحاب الأخدود؛ رفاعي سرور.

2- تأملات إيمانية في قصص القرآن؛ ياسر برهامي.

3- صحيح القصص النبوي؛ عمر الأشقر.




[17] ولله الأسماء الحسنى؛ عبدالعزيز ناصر الجليل، بتصرف.




[18] أسماء الله الحسنى؛ محمد أشرف حجازي.




[19] منهج جديد لدراسة التوحيد؛ عبدالرحمن عبدالخالق.




[20] رواه الترمذي، والطبراني في الكبير، والبيهقي في الكبرى، وحسنه الألباني.




[21] رواه مسلم.




[22] رواه أبو داود، وصححه الألباني.




[23] صفة الصفوة؛ ابن الجوزي.







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 73.25 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 71.54 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (2.33%)]