مصارف الزكاة في الإسلام - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 563 - عددالزوار : 304441 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4867 - عددالزوار : 1843970 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4434 - عددالزوار : 1186003 )           »          إنه ينادينا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 207 )           »          5 أفكار لدمج ورق الحائط فى ديكور البيت.. موضة 2025 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          لنوم هادئ ومريح.. 8 نباتات احرص على شرائها فى غرفة نومك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          طريقة عمل سلطة البطاطس المقلية بالصوص والأعشاب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          لو عندك برطمانات زجاجية.. اعرفى إزاى تنضفيها فى 5 خطوات سهلة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          وصفات طبيعية لتفتيح البشرة بخطوات بسيطة.. من الكركم للعرقسوس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          5 طرق فعالة تخلى غسيلك الأبيض مزهزه.. بعضها مكونات طبيعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20-02-2021, 01:34 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,073
الدولة : Egypt
افتراضي مصارف الزكاة في الإسلام

مصارف الزكاة في الإسلام


الشيخ عبدالله بن محمد البصري





أَمَّا بَعدُ، فَـ "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ".

أَيَّهُا المُسلِمُونَ، الزَّكَاةُ رُكنٌ مِن أَركَانِ الإِسلامِ، وَهِيَ قَرِينَةُ الصَّلاةِ في كِتَابِ اللهِ، تَركُهَا جُحُودًا بها كُفرٌ، وَالبُخلُ بها تَعَرُّضٌ لِلوَعِيدِ وَالعَذَابِ الشَّدِيدِ، وَأَدَاؤُهَا عَلَى الوَجهِ الشَّرعِيِّ نَمَاءٌ لِلمَالِ وَبَرَكَةٌ فِيهِ، وَطَهَارَةٌ لَهُ وَلِصَاحِبِهِ، وَالزَّكَاةُ لَيسَت هِبَةً وَلا تَبَرُّعًا يَبذُلُهُ المَرءُ مِن تِلقَاءِ نَفسِهِ، فَيَتَصَرَّفُ فِيهِ عَلَى مَا يَرَاهُ، وَلَكِنَّهَا فَرِيضَةٌ مِنَ اللهِ، حَصَرَ مَصَارِفَهَا وَبَيَّنَهَا، وَمِن ثَمَّ فَلا مَجَالَ لِتَعمِيمِهَا وَالتَّوَسُّعِ فِيهَا، قَالَ - تَعَالى -: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِينِ وَالعَامِلِينَ عَلَيهَا وَالمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُم وَفِي الرِّقَابِ وَالغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ الله وَابنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ الله وَالله عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ فَهَذِهِ الأَصنَافُ الثَّمَانِيَةُ المَذكُورَةُ فَرَضَهَا اللهُ العَلِيمُ الحَكِيمُ، فَلا يَجُوزُ صَرفُ الزَّكَاةِ إِلى غَيرِهِم، لا في بِنَاءِ مَسَاجِدَ وَلا إِصلاحِ طُرُقٍ، وَلا تَجهِيزِ أَموَاتٍ وَلا طِبَاعَةِ كُتَبٍ، وَلا غَيرِ ذَلِكَ مِن أَعمَالِ البِرِّ المَختَلِفَةِ. وَلَيسَ مَعنَى كَونِهَا مَحصُورَةً في هَذِهِ الأَصنَافِ الثَّمَانِيَةِ، أَنَّهُ يَجِبُ تَعمِيمُهُم بِالزَّكَاةِ بِحَيثُ يُوَزِّعُ المُزَكِّي مَا عِندَهُ عَلَيهِم جَمِيعًا، وَلَكِنَّ المَقصُودَ أَلاَّ يُخرِجَهَا مِنهُم ؛ فَفِي الحَدِيثِ المُتَّفَقِ عَلَيهِ أَنَّهُ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – قَالَ لِمُعَاذٍ عِندَمَا أَرسَلَهُ إِلى اليَمَنِ: "... فَأَعلِمْهُم أَنَّ اللهَ افتَرَضَ عَلَيهِم صَدَقَةً تُؤخَذُ مِن أَغنِيَائِهِم، فَتُرَدُّ في فُقَرَائِهِم " فَأَمَرَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بِرَدِّهَا في صَنفٍ وَاحِدٍ وَلم يُعَمِّمْ جَمِيعَ المَصَارِفِ.

إِذَا عُلِمَ هَذَا – أَيُّهَا المُسلِمُونَ – فَإِنَّ الفُقَرَاءَ الَّذِينَ هُم مِن مُستَحِقِّي الزَّكَاةِ، هُم كُلُّ مَن قَلَّ مَالُهُ وَاحتَاجَ، وَلم يَجِدْ شَيئًا مِنَ الكِفَايَةِ مُطلَقًا، أَو وَجَدَ شَيئًا لَكِنَّهُ دُونَ كِفَايَتِهِ، وَيَلِي الفُقَرَاءَ في الحَاجَةِ المَسَاكِينُ ؛ وَهَؤُلاءِ قَد يَكُونُ لَدَى أَحَدِهِم مَالٌ، لَكِنَّهُ أَيضًا لا يَكفِيهِ، وَالفَرقُ بَينَهُم أَنَّ الفُقَرَاءَ قَد لا يَكُونُ لَهُم مَالٌ أَصلاً كَمَا قَالَ – سُبحَانَهُ -: ﴿لِلفُقَرَاءِ المُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخرِجُوا مِن دِيَارِهِم وَأَموَالِهِم﴾ وَقَد يَكُونُ لَهُم مَالٌ قَلِيلٌ دُونَ الكِفَايَةِ، وَلَكِنَّهُم أَشَدُّ حَاجَةً مِنَ المَسَاكِينِ، الَّذِينَ قَد يَكُونُونَ يَعمَلُونَ وَلَهُم مَالٌ، وَلَكِنَّهُ لا يَكفِيهِم، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَت لِمَسَاكِينَ يَعمَلُونَ في البَحرِ ﴾ وَقَد يُوجَدُ في المُجتَمَعِ مِن حَولِنَا مَسَاكِينُ يَحسَبُهُمُ الجَاهِلُ أَغنِيَاءَ فَلا يُفطَنُ لَهُم وَلا يُنتَبَهُ لِحَاجَتِهِم لِحَيَائِهِم وَعِفَّتِهِم، بَينَمَا يَبرُزُ آخَرُونَ يَسأَلُونَ وَيُلحِفُونَ، فَكَانَ مِمَّا يَنبَغِي أَن يَتَفَقَّدَ المُسلِمُ مَن حَولَهُ وَيَعتَنِي بِهِم، حَتى تَقَعَ زَكَاتُهُ في مَوقِعِهَا الصَّحِيحِ، وَفي الحَدِيثِ المُتَّفَقِ عَلَيهِ: " لَيسَ المِسكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ اللُّقمَةُ وَاللُّقمَتَانِ وَالتَّمرَةُ وَالتَّمرَتَانِ، وَلَكِنَّ المِسكِينَ الَّذِي لا يَجِدُ غِنًى يُغنِيهِ، وَلا يُفطَنُ لَهُ فَيُتَصَدَّقُ عَلَيهِ، وَلا يَقُومُ فَيَسأَلُ النَّاسَ".

وَأَمَّا مَا نَصِيبُ الفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِينِ مِنَ الزَّكَاةِ؟ فَقَد قَالَ العُلَمَاءُ: إِنَّهُم يُعطَونَ مِنَ الزَّكَاةِ مَا يَكفِيهِم وَعَائِلاتِهِم لِمُدَّةِ سَنَةٍ كَامِلَةٍ، لأَنَّ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – كَمَا في الحَدِيثِ المُتَّفَقِ عَلَيهِ كَانَ يَحبِسُ لأَهلِهِ قُوتَ سَنَةٍ. وَيُعطَى الفَقِيرُ لِزَوَاجٍ يَحتَاجُ إِلَيهِ مَا يَكفِي لِزَوَاجِهِ، وَيُعطَى طَالِبُ العِلمِ الشَّرعِيِّ الفَقِيرُ لِشِرَاءِ كُتُبٍ يَحتَاجُهَا، وَيُعطَى مَن لَهُ رَاتِبٌ لا يَكفِيهِ وَعَائِلَتَهُ مِنَ الزَّكَاةِ مَا يُكمِلُ كِفَايَتَهُم لأَنَّهُ ذُو حَاجَةٍ، وَأَمَّا مَن كَانَ لَهُ كِفَايَةٌ فَلا يَجُوزُ إِعطَاؤُهُ مِنَ الزَّكَاةِ وَإِن سَأَلَهَا، إِذِ المَقصُودُ مِنَ الزَّكَاةِ أَن يُصِيبَ الفَقِيرُ أَوِ المِسكِينُ قِوَامًا مِن عَيشٍ، لا أَن يَتَكَثَّرَ بها وَيَتَكَسَّبَ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ –: " مَن سَأَلَ النَّاسَ أَموَالَهُم تَكَثُّرًا فَإِنَّمَا يَسأَلُ جَمرًا، فَلْيَستَقِلَّ أَو لِيَستَكثِرْ " رَوَاهُ مُسلِمُ. وَمَن كَانَ قَادِرًا عَلَى الكَسبِ وَالعَمَلِ، لم يَحِلَّ لَهُ الاعتِمَادُ عَلَى الزَّكَاةِ، فَعَن عُبَيدِاللهِ بنِ عَدِيِّ بنِ الخِيَارِ قَالَ: أَخبَرَنِي رَجُلانِ أَنَّهُمَا أَتَيَا النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ في حَجَّةِ الوَدَاعِ وَهُوَ يُقَسِّمُ الصَّدَقَةَ فَسَأَلاهُ مِنهَا، فَرَفَعَ فِينَا النَّظَرَ وَخَفَضَهُ، فَرَآنَا جَلْدَينِ فَقَالَ: " إِنْ شِئتُمَا أَعطَيتُكُمَا، وَلا حَظَّ فِيهَا لِغَنيٍّ وَلا لِقَوِيٍّ مُكتَسِبٍ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

المَصرِفُ الثَّالِثُ مِن مَصَارِفِ الزَّكَاةِ العَامِلُونَ عَلَيهَا، وَهُمُ السُّعَاةُ الَّذِينَ يَبعَثُهُمُ الإِمَامُ لأَخذِ الزَّكَاةِ مِن أَصحَابِهَا، فَيَحفَظُونَهَا وَيَقسِمُونَهَا بَينَ مُستَحِقِّيهَا، وَكَذَلِكَ مَن يُعِينُهُم، مِمَّن يَسُوقُهَا وَيَرعَاهَا وَيَحمِلُهَا، أَو يَكِيلُهَا أَو يَزِنُهَا أَو يَعُدُّهَا، أَو يَحسِبُ أَو يَكتُبُ أَو يُحتَاجُ إِلَيهِ فِيهَا ؛ فَإِنَّهُم جَمِيعًا يُعطَونَ أُجرَتَهُم مِنهَا وَإِن كَانُوا أَغنِيَاءَ ؛ لأَنَّ ذَلِكَ مِن مُؤنَتِهَا، إِلاَّ مَن كَانَ لَه مُرَتَّبٌ مِن بَيتِ مَالِ المُسلِمِينَ يَخُصُّ هَذَا العَمَلَ، فَإِنَّهُ لا يُعطَى مِنَ الزَّكَاةِ. وَعَلَى العَامِلِ عَلَى الزَّكَاةِ أَن يَحتَسِبَ الأَجرَ في حِفظِهَا وَصِيَانَتِهَا، وَأَن يَحذَرَ أَن يَغُلَّ مِنهَا أَو يَسرِقَ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ –: " الخَازِنُ المُسلِمُ الأَمِينُ الَّذِي يُعطِي مَا أُمِرَ بِهِ كَامِلاً مُوَفَّرًا، طَيِّبًا بِهِ نَفسُهُ، فَيَدفَعُهُ إِلى الَّذِي أُمِرَ لَهُ بِهِ أَحَدُ المُتَصَدِّقَينِ " وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ –: " مَنِ استَعمَلنَاهُ عَلَى عَمَلٍ فَرَزَقنَاهُ رَزقًا فَمَا أَخَذَ بَعدَ ذَلِكَ فَهُوَ غُلُولٌ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَمِمَّا يَنبَغِي أَن يُعلَمَ في هَذَا وَهُوَ مِمَّا يُخلَطُ فِيهِ، أَنَّ بَعضَ النَّاسِ قَد يُوَكِّلُهُ تَاجِرٌ بِتَوزِيعِ زَكَاتِهِ فَيَأخُذُ مِنهَا، ظَانًّا أَنَّهُ يَدخُلُ في العَامِلِينَ عَلَيهَا، وَهَذَا غَيرُ صَحِيحٍ، وَمَا أَخَذَ بِهَذَا الظَّنِّ فَإِنَّمَا هُوَ مَالٌ حَرَامٌ.

المَصرِفُ الرَّابِعُ مِن مَصَارِفِ الزَّكَاةِ المُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُم، وَهُمُ الَّذِينَ يُرَادُ تَرغِيبُهُم في الإِسلامِ، أَو يُرجَى بِعَطِيَّتِهِم أَن يَكُفُّوا شَرَّهُم وَشَرَّ غَيرِهِم، مَن ذَلِكَ مَا رَوَاهُ مُسلِمٌ عَنِ ابنِ شِهَابٍ قَالَ: غَزَا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - غَزوَةَ الفَتحِ فَتحِ مَكَّةَ، ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بِمَن مَعَهُ مِنَ المُسلِمِينَ فَاقتَتَلُوا بِحُنَينٍ، فَنَصَرَ اللهُ دِينَهُ وَالمُسلِمِينَ، وَأَعطَى رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يَومَئِذٍ صَفوَانَ بنَ أُمَيَّةَ مِئَةً مِنَ النَّعَمِ ثُمَّ مِئَةً ثُمَّ مِئَةً. قَالَ ابنُ شِهَابٍ: حَدَّثَني سَعِيدُ بنُ المُسَيَّبِ أَنَّ صَفوَانَ قَالَ: وَاللهِ لَقَد أَعطَاني رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - مَا أَعطَاني وَإِنَّهُ لأَبغَضُ النَّاسِ إِلَيَّ، فَمَا بَرِحَ يُعطِينِي حَتَّى إِنَّهُ لأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ.

وَمِنَ المُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُم قَومٌ مِنَ المُسلِمِينَ، إِمَّا سَادَاتٌ لَهُم نُظَرَاءُ مِنَ الكُفَّارِ، فَإِذَا أُعطُوا رُجِيَ إِسلامُ نُظَرَائِهِم، وَإِمَّا قَومٌ في طَرَفِ بِلادِ الإِسلامِ، إِذَا أُعطُوا دَفَعُوا عَمَّن يَلِيهِم مِنَ المُسلِمِينَ، وَإِمَّا قَومٌ إِذَا أُعطُوا جَبَوُا الزَّكَاةَ مِمَّن لا يُعطِيهَا، وإما قومٌ سَادَاتٌ مُطَاعُونَ في قَومِهِم , يُرجَى بِعَطِيَّتِهِم قُوَّةُ إِيمَانِهِم وَمُنَاصَحَتُهُم في الجِهَادِ؛ عَن سَعدِ بنِ أَبي وَقَّاصٍ – رَضِيَ اللهُ عَنهُ – قَالَ: أَعطَى رَسُولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - رَهطًا وَأَنَا جَالِسٌ فِيهِم، قَالَ: فَتَرَكَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - مِنهُم رَجُلاً لم يُعطِهِ، وَهُوَ أَعجَبُهُم إِلَيَّ، فَقُمتُ إِلى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – فَسَارَرْتُهُ فَقُلتُ: مَا لَكَ عَن فُلانٍ ؟ وَاللهِ إِنِّي لأُرَاهُ مُؤمِنًا. قَالَ: " أَوْ مُسلِمًا " قَالَ: فَسَكَتُّ قَلِيلاً ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعلَمُ فِيهِ فَقُلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا لَكَ عَن فُلانٍ؟ وَاللهِ إِنِّي لأُرَاهُ مُؤمِنًا. قَالَ: " أَوْ مُسلِمًا " قَالَ: فَسَكَتُّ قَلِيلاً ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعلَمُ فِيهِ فَقُلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا لَكَ عَن فُلانٍ؟ وَاللهِ إِنِّي لأُرَاهُ مُؤمِنًا قَالَ: " أَوْ مُسلِمًا " فَقَالَ: " إِنِّي لأُعطِي الرَّجُلَ وَغَيرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنهُ، خَشيَةَ أَن يُكَبَّ في النَّارِ عَلَى وَجهِهِ " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

المَصرِفُ الخَامِسُ مِن مَصَارِفِ الزَّكَاةِ ﴿وَفي الرِّقَابِ﴾ وَالمَقصُودُ بِالرِّقَابِ هُمُ المُكَاتَبُونَ المُسلِمُونَ، الَّذِينَ اشتَرَوا أَنفُسَهُم مِن سَادَاتِهِم بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ، وَهُم يَسعَونَ إِلى تَحصِيلِ هَذَا المَالِ لِفَكِّ رِقَابِهِم مِنَ الرِّقِّ وَالعُبُودِيَّةِ، وَيَدخُلُ في فَكِّ الرِّقَابِ الأَسِيرُ المُسلِمُ الَّذِي وَقَعَ في قَبضَةِ الكُفَّارِ، فَيُفتَدَى مِنهُم مِنَ الزَّكَاةِ بِقَدرِ مَا يَفُكُّ أَسرَهُ.

المَصرِفُ السَّادِسُ مِن مَصَارِفِ الزَّكَاةِ الغَارِمُونَ، وَهُمُ المَدِينُونَ العَاجِزُونَ عَن وَفَاءِ دُيُونِهِم. وَالغَارِمُ إِمَّا أَن يَكُونَ تَحَمَّلَ الدَّينَ مِن أَجلِ غَيرِهِ كَإِصلاحِ ذَاتِ البَينِ، كَمَن يَتَحَمَّلُ دِيَةً أَو مَالاً لِتَسكِينِ فِتنَةٍ أَو إِصلاحٍ بَينَ طَائِفَتَينِ، وَإِمَّا أَن يَكُونَ تَحَمَّلَ الدَّينَ لِنَفسِهِ في مُبَاحٍ، وَعَجَزَ عَنِ الوَفَاءِ، فَيُعطَى كُلٌّ مِنهُمَا مِنَ الزَّكَاةِ مَا يَقضِي بِهِ دَينَهُ أَو يُؤَدِّي حَمَالَتَهُ، عَن قَبِيصَةَ بنِ مُخَارِقٍ الهِلالِيِّ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: تَحَمَّلتُ حَمَالَةً فَأَتَيتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أَسأَلُهُ فِيهَا، فَقَالَ: " أَقِمْ حَتَّى تَأتِيَنَا الصَّدَقَةُ فَنَأمُرَ لَكَ بِهَا " قَالَ: ثُمَّ قَالَ: " يَا قَبِيصَةُ، إِنَّ المَسأَلَةَ لا تَحِلُّ إِلاَّ لأَحَدِ ثَلاثَةٍ: رَجُلٍ تَحَمَّلَ حَمَالَةً فَحَلَّت لَهُ المَسأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَهَا ثُمَّ يُمسِكُ، وَرَجُلٍ أَصَابَتهُ جَائِحَةٌ اجتَاحَت مَالَهُ، فَحَلَّت لَهُ المَسأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِن عَيشٍ - أَو قَالَ سِدَادًا مِن عَيشٍ -، وَرَجُلٍ أَصَابَتهُ فَاقَةٌ حَتَّى يَقُومَ ثَلاَثَةٌ مِن ذَوِى الحِجَا مِن قَومِهِ: لَقَد أَصَابَت فُلانًا فَاقَةٌ، فَحَلَّت لَهُ المَسأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِن عَيشٍ - أَو قَالَ سِدَادًا مِن عَيشٍ -، فَمَا سِوَاهُنَّ مِنَ المَسأَلَةِ يَا قَبِيصَةُ سُحتًا يَأكُلُهَا صَاحِبُهَا سُحتًا " رَوَاهُ مُسلِمٌ.

المَصرِفُ السَّابِعُ مِن مَصَارِفِ الزَّكَاةِ " في سَبِيلِ اللهِ " وَالمَقصُودُ بِهِ الجِهَادُ في نُصرَةِ دِينِ اللهِ، فَيُعطَى الغُزَاةُ المُتَطَوِّعُونَ مِنَ الزَّكَاةِ مَا يَشتَرُونَ بِهِ السِّلاحَ وَالدَّوَابَّ، وَمَا يَكُونُ نَفَقَةً لَهُم وَلِعِيَالِهِم حَتَّى وَلَو كَانُوا أَغنِيَاءَ ؛ لأَنَّهُم يَأخُذُونَ لِمَصلَحَةِ المُسلِمِينَ، بِشَرطِ أَلا يَكُونَ لَهُم رَزقٌ مِن بَيتِ المَالِ يَكفِيهِم ؛ قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " لا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ إِلاَّ لِخَمسَةٍ: لِغَازٍ في سَبِيلِ اللهِ، أَو لِعَامِلٍ عَلَيهَا، أَو لِغَارِمٍ، أَو لِرَجُلٍ اشتَرَاهَا بِمَالِهِ، أَو لِرَجُلٍ كَانَ لَهُ جَارٌ مِسكِينٌ فَتُصُدِّقَ عَلَى المِسكِينِ فَأَهدَاهَا المِسكِينُ لِلغَنِيِّ " رَوَاهُ الإِمَامُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

المَصرِفُ الثَّامِنُ مِن مَصَارِفِ الزَّكَاةِ (وَابنُ السَّبِيلِ)، وَهُوَ المَسَافِرُ الغَرِيبُ المُنقَطَعُ بِهِ في سَفرِهِ عَن أَهلِهِ وَمَالِهِ، وَلَيسَ لَهُ مَا يَرجِعُ بِهِ إِلى بَلَدِهِ، فَيُعطَى مِنهَا وَلَو كَانَ غَنِيًّا مَا يُوصِلُهُ إِلى بَلَدِهِ. هَذِهِ مَصَارِفُ الزَّكَاةِ الثَّمَانِيَةُ، وَهِيَ كَمَا رَأَيتُم تَرجِعُ إِلى صِنفَينِ: مَن يُعطَى لِحَاجَتِهِ وَنَفعِهِ، كَالفَقِيرِ وَالمِسكِينِ وَابنِ السَّبِيلِ وَفَكِّ الرِّقَابِ وَالغَارِمِ لِنَفسِهِ، وَمَن يُعطَى لِلحَاجَةِ إِلَيهِ وَانتِفَاعِ الإِسلامِ بِهِ، كَالعَامِلِينَ عَلَيهَا وَالمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُم وَفي سَبِيلِ اللهِ وَالغَارِمِ عَن غَيرِهِ، فَأَوجَبَ اللهُ هَذِهِ الحِصَّةَ في أَموَالِ الأَغنِيَاءِ لِسَدِّ الحَاجَاتِ الخَاصَّةِ وَالعَامَّةِ لِلإِسلامِ وَالمُسلِمِينَ، فَلَو أَعطَى الأَغنِيَاءُ زَكَاةَ أَموَالِهِم عَلَى الوَجهِ الشَّرعِيِّ، لم يَبقَ فَقِيرٌ مِنَ المُسلِمِينَ، وَلَحَصَلَ مِنَ الأَموَالِ مَا يَسُدُّ الثُّغُورَ، وَيُجَاهَدُ بِهِ الكُفَّارُ، وَتَحصُلُ بِهِ جَمِيعُ المَصَالِحِ الدِّينِيَّةِ. فَلْيَتَّقِ اللهَ كُلُّ مَن وَجَبَت عَلَيهِ الزَّكَاةُ، وَلْيُؤَدِّهَا إِلى مُستَحِقِّيهَا، طَاعَةً للهِ القَائِلِ: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنفُسِكُم مِن خَيرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللهِ إِنَّ اللهَ بِمَا تَعمَلُونَ بَصِيرٌ﴾.
*****
أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ.
أَيُّهَا المُسلِمُونَ، وَمِن أَحكَامِ صَرفِ الزَّكَاةِ أَنَّهُ لا يَجُوزُ صَرفُهَا لِمَن تَجِبُ عَلَى المَرءِ نَفَقَتُهُ، وَهُمُ الأُصُولُ وَإِن عَلَوا وَالفُرُوعُ وَإِن نَزَلُوا، وَالمَقصُودُ بِالأُصُولِ الآبَاءُ وَالأُمَّهَاتُ وَالأَجدَادُ وَالجَدَّاتُ، وَأَمَّا الفُرُوعُ فَهُمُ الأَولادُ مِنَ البَنِينَ وَالبَنَاتِ، وَأَولادُهُم وَإِن نَزَلَت دَرَجَتُهُم، هَذَا في النَّفَقَةِ الوَاجِبَةِ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الوَالِدَينِ أَوِ الأَولادِ دَينٌ لا يَستَطِيعُ قَضَاءَهُ ؛ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَن يُقضَى دَينُهُ مِنَ الزَّكَاةِ، وَأَمَّا مَا لا تَجِبُ نَفَقَتُهُ مِنَ الأَقَارِبِ وَهُوَ مُستَحِقٌّ لِلزَّكَاةِ، فَيُستَحَبُّ صَرفُهَا لَهُ لِقَولِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " الصَّدَقَةُ عَلَى المِسكِينِ صَدَقَةٌ، وَعَلَى ذِي الرَّحِمِ اثنَتَانِ: صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَابنُ مَاجَه وَالنَّسَائيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

وَلا يَدفَعُ الرَّجُلُ زَكَاتَهُ إِلى زَوجَتِهِ ؛ لأَنَّ نَفَقَتَهَا وَاجِبَةٌ عَلَيهِ، وَلَهُ أَن يُعطِيَهَا مِنَ الزَّكَاةِ لِقَضَاءِ دَينٍ عَلَيهَا لا تَستَطِيعُ أَدَاءَهُ، وَأَمَّا الزَّوجَةُ فَيَجُوزُ لَهَا دَفعُ زَكَاتِهَا إِلى زَوجِهَا، لِحَدِيثِ أَبي سَعِيدٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ – وَفِيهِ أَنَّ زَينَبَ امرَأَةَ عَبدِاللهِ بنِ مَسعُودٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَت: يَا نَبيَّ اللهِ، إِنَّكَ أَمَرتَ اليَومَ بِالصَّدَقَةِ، وَكَانَ عِندِي حُلِيٌّ لي فَأَرَدتُ أَن أَتَصَدَّقَ بِهِ، فَزَعَمَ ابنُ مَسعُودٍ أَنَّهُ وَوَلَدَهُ أَحَقُّ مَن تَصَدَّقتُ بِهِ عَلَيهِم. فَقَالَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " صَدَقَ ابنُ مَسعُودٍ، زَوجُكِ وَوَلَدُكِ أَحَقُّ مَن تَصَدَّقتِ بِهِ عَلَيهِم " رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 60.53 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 58.85 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.76%)]