|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() إنما الأعمال بالنيات سماحة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي الحمد لله العالم بالبواطن والظواهر، والخفيات والجليات، المطلع على مكنون الصدور وخبايا الأمور، ودقيق المخلوقات في زوايا الظلمات، يعلم السر وأخفى، الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى وكامل الصفات. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الذي شهدت له بالربوبية جميع الموجودات، وأذعن له بالألوهية والإخلاص خلاصة المخلوقات، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أفضل الرسل وسيد البريات، اللهم صلِّ وسلم وبارك على محمد، وعلى آله وأصحابه أهل السرائر الصافيات، وعلى التابعين لهم بإحسان في صحة العقيدة وزكاء النيات، أما بعد: فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى وأطيعوه، واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه، قال صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيَّات، وإنما لكل امرئ ما نوى)[1]، وهذا من جوامع كلماته الشريفة، ومن أعظم أصول الشريعة المنيفة، فيدخل في هذا جميع العبادات والعادات، ويتناول المعاملات والمعاوضات والتبرعات، فلا يصح لأحد صلاة ولا زكاة ولا صيام ولا حج إلا بالنية، ولا تكمل عباداته كلها، وينمو ثوابها إلا بكمال الإخلاص وصحة الطوية، والنية بها تميز فروض العبادات من نفلها، وبإخلاصها لله، يعظم أجرُها، ويفوز العامل بفضلها. أيها الناس، وطِّنوا نفوسكم على الاحتساب في كل شيء وإرادة وجه الله، ومرِّنوها على محبة الخير للمسلمين والنصح لعباد الله، فإن الله لا ينظر إلى صوركم الظاهرة وأعمالكم، وإنما ينظر إلى بواطن قلوبكم، وما اشتملتْ عليه من أحوالكم، وعوِّدوا أنفسكم الإخلاص في كل ما تأتون وما تذرون، واحتساب الأجر فيما تسرون وما تعلنون، ليكون الإخلاص لكم قرينًا، وارتقاب الثواب على الخير لكم عوينًا، فمن كان مشتغلًا بتجارة، أو صناعة، أو حرفة، أو فلاحة، أو غيرها من الأعمال، فلينوِ بذلك القيام بواجب النفس والأهل والعيال، فإن ذلك جهاد واشتغال بالواجب، وهو من أفضل الأعمال، وإذا أطعم أحدكم أهله أو من يمونه، فليقصد بذلك وجه الله، فإنه إذا رفع اللقمة إلى في امرأته أو ولده أو كساهم محتسبًا، كان له رِفعةً وثوابًا عند الله. ومن أكل أو شرب أو نام أو استراح، ينوي بذلك التقوي على الطاعة، فهو في عبادة، ومن طلب العلم يبتغي به وجه الله، ونفع نفسه والمسلمين، فهو في جهاد ورفعة وزيادة، ومن عجز عن فعل الخير، فنواه بصدق، فله أجر ما نواه، ومن كان له عادة خير وطاعة، فمرض أو سافر، كتب له ما كان يعمل صحيحًا مقيمًا، فما أحق العبد بشكر مولاه، ومن همَّ بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، ومن همَّ بسيئة فتركها لله كتبها الله عنده حسنة كاملة، ومن حرص على فعل المعصية فعجَز عنها، فهو بمنزلة الفاعل، ومن سعى في خير فأدركه الموت قبل تكميله، وقع أجرُه على الله الذي أكرمه بلُطفه الشامل، ومن أخذ أموال الناس وعاملهم يريد الوفاء، أدَّاها الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله، ومن توسل بحيلة إلى معاملة محرمة، فهو مخادع ظالم، ومن وقف وقفًا أو أوصى بوصية يريد حرمان غريمه أو مضارة وارثه، فهو معتد آثم، ومن عضل زوجته وظلمها؛ لتفتدي منه نفسها، فذلك من أعظم الجرائم، فطوبى لأهل الهمم العالية، لقد انقلبت عاداتهم بالنية الصالحة عبادات، ويا ويح أهل الجهل والهمم الدنيَّة، لقد كادتْ عباداتهم لضَعف النية تكون عادات؛ قال تعالى: ﴿ وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ ﴾ [الإسراء: 19]. "الفواكه الشهية في الخطب المنبرية" [1] البخاري بدء الوحي (1)، مسلم الإمارة (1907)، الترمذي فضائل الجهاد (1647)، النسائي الطهارة (75)، أبو داود الطلاق (2201)، ابن ماجه الزهد (4227)، أحمد (1 /43).
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |