|
|||||||
| ملتقى اللغة العربية و آدابها ملتقى يختص باللغة العربية الفصحى والعلوم النحوية |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
|
|
#1
|
||||
|
||||
|
۲- القط المثل: إنَّ قطَّ القاص حسن البقالي في مجموعتِه "قتل القطط"[11] يأخذُ مرجعَه من الثقافةِ الشَّعبية المغربية، وقصته "قتل القط" تتأسس على مثلين مغربيين: • "من النَّهار الأول يموت المش"؛ المش يعني: القط. • "فأر من سعد مش"؛ المش يعني: القط. إنَّ توظيفَ القط برمزيته الشعبية هاته بدا في القصةِ محاكاةً مقلوبة ومعارضة؛ لأنَّه على الرَّغمِ من إصرارِ الزَّوجِ أن تظلَّ زوجتُه ربيعة خاضعةً لأوامرِه، ومطيعةً له، إلا أنها ستتمردُ عليه يومًا، يقول السَّارد: "إنَّ ما تخافه في الغالبِ هو ما تقع في شراكِه، ذلك أنَّ الأفعى لينة الملمسِ لن تلبثَ أن تكشف عن أنيابِها، والمرأة التي خضعت لزوجِها زمنًا ستلبسُ يومًا لبوس التمرد"[12]، وفي هذه الحالةِ لم يمت قط ربيعة، بل على العكس "أطلقت لضحكتها العنان، ضحكة طويلة صاخبة قهرية، دلقت عبرها كل ركامات الغبنِ والصَّمت والانصياع"[13]. كما أنَّ الفأر دخل بيتَ الزوجِ عثمان، وهو سيده الرحموني الذي أعجب بزوجتِه، وصار في طلبِها كي تساعد زوجتَه في أشغالِ البيت، وفي الآن نفسه تعيد البهجة إلى قلبه، وهنا وجب قتل قط الزَّوجِ ما دام لم يستطعْ أن يكونَ سيدَ بيتِه ويحافظ عليه، يقول السارد: "الفرنُ الذي خمدت نارُه يكفي عن أن يكون فرنًا... والرجل الذي يملكُ شاربين كثيفين ليس بالضَّرورةِ سيد بيته"[14]. لقد تأثرت القصة بالطَّابعِ الشعبي على المستوى البنائي، فبدت فيها المعالم الآتية: أ- طابعها الكلاسيكي من حيث البناء، باعتمادِها على البناء التيموري: (بداية، عقدة، حل). ب- هيمنة السَّردِ بضميرِ الغائب، نتيجة طغيان طابع الحكاية البسيطة. ج- الالتجاء إلى الحكمةِ والأقوال المأثورة التي تحضرُ كخطاباتٍ موازية، يخصِّصُ لها الكاتبُ فضاءها الطباعي داخل إطاراتٍ مستطيلة الشَّكل. 3- الطائر: نميز في توظيفِ الطَّائر بين صنفين: ۱- الطائر الرمزي: وظَّفَ الطَّائرَ الرمزي كلٌّ من حسن البقالي في قصتِه "عصافير وقتلة"[15]، ومحمد أيت حنا في نصَّيه: "الفيلسوف الطائر"[16] و"متر على مترين"[17]، والقاص أحمد بوزفور في قصته "ققنس"[18]، وتتجلَّى هذه الرمزية في: 1- نشدان الحريةِ، ومقاومة الاحتلالِ الصهيوني عند حسن البقالي. 2- البحث عن المعرفةِ والجمال عند محمد أيت حنا. 3- رمز الموت عند أحمد بوزفور. لقد أسقطت رمزيةُ الحيوان القصصَ في: أ- الغرائبية التي تعني مخالفة المألوف والسَّائد. ب- التردُّد بين معنيَيْن؛ الأول: ظاهرٌ ومباشر، والثاني: عميقٌ وخفي، يُحتِّم على القارئ عبور اللغة لفهمِ المعنى، والقبض بالدلالة. ج- ارتفاع القصَّةِ إلى مستوى التجريد الذي يسمحُ بتحولِ النَّسقِ التخيُّلي إلى نسقٍ ثقافي عام. ۲- الطَّائر التمثيلي: نقصدُ بالطَّائر التمثيلي الطائرَ الذي يعملُ على تمثيلِ موقف أو وضعٍ عايشه الفردُ، بغية استخلاصِ عبرة وموعظة، كما هو الشأن في قصةِ "أنا والعصفور" [19] للقاصَّةِ الزهرة رميج، قصة ظلَّ توظيف الطَّائرِ فيها تقليديًّا لا يخرجُ عن طريقةِ توظيفِه في التراث العربي؛ إذ اتخذت قصةُ الطَّائرِ بناءً ثلاثيًّا، لا يخرجُ عن نسقِ تشكُّلِ الأمثولة العربية: • تقرير: إبراز الطائر أنَّ عالم الطيور شبيهٌ بعالم الإنسان: "سأحكي لك قصتي، وسترين أنَّنا معشر الطيور لا نختلف عنكم"[20]. • سرد: حكي الطَّائرُ تجربتَه في الحياة، وكيفية مقاومته للمطاردة، وانتصاره على الأعداء من الحيواناتِ المفترسة، ومن صياديِّ الطيور كبارًا أو صغارًا. • تقرير: خروج الطائر بحكمةٍ من تجربته تلك: "تعلمتُ أنَّ الحياةَ قبحٌ وجمال، وعاهدت نفسي على أن أستمتعَ بكلِّ ذرة من ذرات الجمال فيها، وأن أحاولَ محاربة القبح ما استطعتُ إلى ذلك سبيلاً، وألا أعود أبدًا إلى الانعزالِ أو التفكير في الانتحار، وأن أدخلَ البهجةَ في النفوس الحزينة"[21]. خلاصات عامة: يمكنُ الخلوص بعد هذه الدِّراسةِ إلى أنَّ القصةَ المغربية الحديثة باشتغالِها على الحيوان، قد خالفت النسقَ الجمالي والبنيوي لقصصِ الحيوان التراثية، باستثناء عمل القاصَّة الزهرة رميج، وتبدو هذه المغايرة في الخصائصِ الموالية: 1- تتجاوزُ معظمُ القصص تمثيل التجاربِ الحياتية إلى التعبيرِ عن منظوراتٍ فكرية، وثقافية، ووجدانية بشكلٍ رمزي وإيحائي. 2- إغراق التجربة القصصية في الخيالِ عوضًا عن الواقع، والعمل على توظيفِه من أجل خلق عوالم حكائية جديدة خاصة وغريبة. 3- لا تُعرَض معظم القصص على لسانِ الحيوان، بل إنَّ الحيوان يمثِّلُ حدثَ القصة وموضوعها الأساس. 4- ابتعاد القصة عن المقاصدِ الحكمية والوعظية إلى مقاصد أخرى فنية وجمالية، تنسجمُ مع البلاغةِ الجديدة للقصِّ المغربي، الذي اتخذ من التجريبِ وسيطًا يعيدُ النظر في التراثِ العربي بوعيٍ جديد، وتوظيف الحيوان بشكلٍ مغاير ومختلف. [1]- إخوان الصفا، رسائل إخوان الصفا وخلان الوفا، دار صادر، بيروت، المجلد:2، 1987، (ص:179). [2]- محمد بن المرزبان، كتاب "تفضيل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب"، تحقيق وترجمة: ركس سميث، ومحمد بن عبدالحليم، منشورات الجمل، ط:1، 2003. [3] - نفسه، (ص:5). [4] أيت حنا محمد، عندما يطير الفلاسفة، منشورات أجراس، مطبعة القرويين الدار البيضاء، ط:1، 2007، (ص:24). [5] - بوعلو محمد إبراهيم، السقف، دار النشر المغربية، ط:3، 1984، (ص:39). [6]- أيت حنا محمد، عندما يطير الفلاسفة، (ص:18/19). [7] كويندي محمد، سرير الدهشة، منشورات أجراس، دار القرويين، الدار البيضاء، ط:1، 2008، (ص:19). [8]- رضواني سعيد، مرايا، دار التنوخي، الرباط، ط:1، 2010. [9]- بوزفور أحمد، النظر في الوجه العزيز، منشورات الجامعة، لدار البيضاء، ط:1، 1983. [10] بوزفور أحمد، الزرافة المشتعلة، قراءات في القصة المغربية الحديثة، المدارس، ط:1، 200، (ص:57). [11]- البقالي حسن، قتل القطط، وزارة الثقافة، الرباط، ط:1، 2009، (ص:35). [12] - نفسه، (ص:37). [13] - نفسه، (ص:39). [14] - نفسه، (ص:38). [15] البقالي حسن، سبعة أجراس لزمن من البرتقال، اتحاد كتاب المغرب، ط:1، 1991، (ص:37). [16]- أيت حنا محمد، عندما يطير الفلاسفة، (ص:39). [17] - نفسه، (ص:49). [18] بوزفور أحمد، ققنس، مجموعة البحث في القصة القصيرة، كلية الآداب بن مسيك، الدار البيضاء، ط:2، 2007، (ص:17). [19] رميج الزهرة، أنين الماء، مجموعة البحث في القصة القصيرة، كلية الآداب بن مسيك، الدار البيضاء، ط:1، 2003 (ص:71). [20] - نفسه، (ص:73). [21]- نفسه، (ص:76).
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |