الرثاء في شعر باشراحيل - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         محرمات استهان بها الناس كتاب الكتروني رائع (اخر مشاركة : Adel Mohamed - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          الهوية الإمبريالية للحرب الصليبية في الشرق الأوسط (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          «ابن الجنرال» ونهاية الحُلم الصهيوني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          التغيير في العلاقات الأمريكية الروسية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          هل اقتربت نهاية المشروع الإيراني؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          الشيخ عثمان دي فودي: رائد حركات الإصلاح الديني في إفريقيا الغربية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          دور العلماء الرّواة والكُتّاب في نشأة البلاغة العربية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          مرصد الأحداث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          وقفات مع قول الله تعالى: ﴿وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 56 )           »          أصحّ ما في الباب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الشعر والخواطر كل ما يخص الشعر والشعراء والابداع واحساس الكلمة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29-07-2021, 03:28 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,446
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الرثاء في شعر باشراحيل



الرمزية في الرثاء


تجوَّلتُ كثيرًا بين قوافي باشراحيل، ورافقته من خلال الكلمات المجنَّحة في شتَّى أغراضه الشعريَّة، وتوقَّفت كثيرًا عند قصائد الرِّثاء، وشعرت بكلِّ ما تألَّم به باشراحيل عندما فارقه أحبابُه؛ وذلك بسبب أسلوبه البديع الذي يشفُّ عن حقيقة ما عاناه الشاعر لكلِّ فقيد عزيز لديه... ولا أقول: إنَّني شاركته أحزانَه، ولكني أقول: أحسست أنه قال ما وددت أن يُقال في هؤلاء الرجال، خاصَّة من أعرفهم.

أمَّا المعاني والمثل والقيم التي افتَقَدها الشاعر ولو إلى حين، فرثاها بشكلٍ مُباشر أو غير مباشر، فهي دليلُ الإحساس المرهف الذي يتمتع به الشُّعراء المخلصون الغَيُورون، وباشراحيل عندما يتعرَّض لهذه المسائل، فإنَّه لا يسطحها ولا يضخِّمُها، ولكنَّه يبتغي بين ذلك سبيلاً، ويقنع القارئ أو المتلقي بوجهة نظره، فهو يتحدَّث عن رَهْطٍ من صحابةِ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في مجموعة (أقمار مكة)؛ ليُعيدَ إلى التداول تلك الصفاتِ النبيلة التي كان يتحلى بها الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - ويود لو توافرت كلُّ الشمائل والخصال الحميدة في أبناء جيله.

أمَّا بلاد الإسلام التي يرثيها باشراحيل مثل (القدس، والعراق، واليمن، ولبنان)، فإنها استكمال لأركان الرثاء عنده بعد أن رثى الزمانَ والإنسان والخصال، حتى نفسه التي بين جنبيه لم تسْلَم من الرثاء، كما في قصيدة (فرحة الرحيل) من ديوان قناديل الريح.

معنى ذلك أنَّني أمام ظاهرة شعرية تفاعَلت مع الحياة في حقيقتها المجرَّدة من كلِّ أقنعة التزيين أو التزييف، وتعامَلت معها على هذا الأساس، فلا عجب أن يرحلَ الغرام غير مأسوف عليه، وهو الذي يَحرص عليه كلُّ الناس، ولا عجب أيضًا من أن يكون للرحيل فرحة، مع أنَّه هو عين الشقاء والعذاب في أعرافِ أهل الوصال ومُريديه.

وقضية الموت تُعَدُّ من أعقد المسائل التي شغلت بالَ الشعراء قديمًا وحديثًا... وإنْ كان باشراحيل يوصي ابنتَه بالتصبُّر، ويقول لها:
لاَ تَنُوحِي بُنَيَّتِي لاَ تَنُوحِي
جَدِّدِي الذِّكْرَ عَنْ وَفَاتِي وَبُوحِي



فهو في ذلك يتحدَّث كما لو فارق الحياة فعلاً، وكان عباس العقاد يوصي محبيه وتلاميذَه أيضًا بما يجب أن يفعلوه، ومن أبياته الشهيرة في ذلك:
إِذَا شَيَّعُونِي يَوْمَ تُقْضَى مَنِيَّتِي
وَقَالُوا أَرَاحَ اللَّهُ ذَاكَ الْمُعَذَّبَا

فَلاَ تَحْمِلُونِي صَامِتِينَ إِلَى الثَّرَى
فَإِنِّي أَخَافُ اللَّحْدَ أَنْ يَتَهَيَّبَا

وَغَنُّوا فَإِنَّ الْمَوْتَ كَأْسٌ شَهِيَّةٌ
وَمَا زَالَ يَحْلُو أَنْ يُغَنَّى وَيُشْرَبَا

وَلاَ تَذْكُرُونِي بِالْبُكَاءِ وَإِنَّمَا
أَعِيدُوا عَلَى سَمْعِي الْقَصِيدَ فَأَطْرَبَا



ومن قبلهما كانت الأبيات التي تجاوَزها الأدب الإسلامي بعد تحريم "شق الجيوب ولطم الخدود"؛ حيث قال أحد الشعراء:
وَإِنْ مِتُّ فَانْعِينِي بِمَا أَنَا أَهْلُهُ
وَشُقِّي عَلَيَّ الْجَيْبَ يَا ابْنَةَ مَالِكِ



ولكن شتان بين ما يدعو إليه باشراحيل وبين ذلك، فهو يرى أنَّ حياته للحق، وإذا مات فللذكر الطيب، وهو في فلسفته هذه على عكس طَرَفة بن العبد البكري، الذي جعل حياته للمجون، ولا شيء بعد الموت حين قال:
كَرِيمٌ يُرَوِّي نَفْسَه فِي حَيَاتِهِ
سَتَعْلَمُ إِنْ مِتْنَا غَدًا أَيُّنَا الصَّدِي



يقول باشراحيل:
أَنَا إِنْ عِشْتُ كَانَ لِلْحَقِّ عَهْدِي
وَإِذَا مِتُّ عَطَّرَتْنِي صُرُوحِي

لَسْتُ أَرْضَى مَجَاهِلَ السُّوءِ إِنِّي
أَعْتَلِي الدَّهْرَ عَنْ غُبَارِ السُّفُوحِ



وما يطرحه باشراحيل من خلال قصيدته (فرحة الرحيل) من تَسْويغات دَعَتْه إلى هذا الاتجاه، فإنه يذكرنا بما قاله أبو الطيب المتنبي:
إِذَا تَرَحَّلْتَ عَنْ قَوْمٍ وَقَدْ قَدَرُوا
أَلاَّ تُفَارِقَهُمْ فَالرَّاحِلُونَ هُمُ



فهو سعيد برحيله الذي هو في الحقيقة رحيلهم؛ حيث فارقوا المعاني الجميلة التي يرجوها الشاعر فيمَن حوله، وما دامت المخازي والهموم والذُّهول هي البضاعة الرائجة في غياب الجمال والآمال والنقاء، فإنه لم يَعُدْ أمامه إلا أن يقول:
دَثِّرِينِي حَبِيبَةَ الْقَلْبِ إِنِّي
قَدْ أَرَتْنِي الْأَحْدَاثُ كُلَّ قَبِيحِ

لَمْ يَعُدْ وَجْهُنَا الْجَمِيلُ جَمِيلاً
وَصَحِيحُ الْآمَالِ غَيْرَ صَحِيحِ

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 56.01 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 54.30 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (3.05%)]