وكان أبوهما صالحًا - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4859 - عددالزوار : 1816164 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4426 - عددالزوار : 1167533 )           »          (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 70 )           »          سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          من آداب المجالس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          أعظم فتنة: الدجال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          فضل معاوية والرد على الروافض (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »          كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          طريق لا يشقى سالكه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          مكانة العلم وفضله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-08-2021, 05:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,225
الدولة : Egypt
افتراضي وكان أبوهما صالحًا

وكان أبوهما صالحًا









د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم




إن الحمد لله؛ نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.







أما بعد: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ ... ﴾ [النساء: 1].







أيها المؤمنون!



صلاح الولد قرة عين الوالد، ومُنى نفسه حين يغدو صلاح ولده - ابنًا كان أو بنتًا - بركةً عليه؛ يتفيَّؤ ظلالها، وينعم بروْحها، ويرجو برها وذخرها في الدارين. وطفق ذلك الوالد الموفق متلمِّسًا أسبابَ صلاح ولده؛ ليظفر بتلك النعمة الربانية السابغة.







هذا، وقد أشار القرآن الكريم إلى أن صلاح الوالد - أبًا كان أو أمًا - الذي به يرعى حقَّ ربه وحق الخلْق سببٌ غالبٌ يصلح الله به الولد، ويحيطه بكلاءة منه وإحسان، كما قال تعالى حاكيًا عن الخضر – عليه السلام - في بيان سبب إصلاحه جدار اليتيمين الذي أراد أن ينقض فأقامه إذ يقول: ﴿ وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ﴾ [الكهف: 82]، قال ابن عباس –رضي الله عنهما-: "حُفِظا بصلاح أبيهما ".







قال القرطبي: "ففيه ما يدل على أن الله – تعالى - يحفظ الصالح في نفسه وفي ولده وإن بعدوا عنه".







وقال ابن كثير: "فيه دليل على أن الرجل الصالح يحفظ في ذريته، وتشمل بركة عبادته لهم في الدنيا والآخرة، بشفاعته فيهم ورفع درجتهم إلى أعلى درجة في الجنة لتقر عينه بهم، كما جاء في القرآن ووردت السنة به".







وقد فقه السلف تلك الهداية الربانية؛ فكان مما يحتسبونه في طاعتهم لربهم ابتغاءَ صلاحِ أولادهم، قال سعيد بن المسيب لابنه: يا بُنيّ، لأزيدن في صلاتي من أجلك؛ رجاءَ أن أحفظ فيك، وتلا هذه الآية: ﴿ وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا ﴾، وقال عمر بن عبد العزيز: " ما من مؤمن يموت إلا حفظه الله في عقبه وعقب عقبه "، وقال محمد بن المنكدر: «إن الله -عز وجل- ليحفظ بحفظ الرجل الصالح ولدَه وولدَ ولدِه ودويرتَه التي فيها والدويرات حوله؛ فما يزالون في حفظ من الله -عز وجل- وستر".








قالت الحكماء: " إذا كان الرجل طاهر الأثواب، كثير الآداب، حسن المذهب؛ تأدّب بأدبه وصلح لصلاحه جميع أهله وولده ".







رأيتُ صلاحَ المرءِ يصلحُ أهلَه

ويفسدُهم ربُّ الفسادِ إذا فسد



يُعظَّم في الدنيا لفضلِ صلاحِه

ويُحفظ بعد الموتِ في الأهلِ والولد














عباد الله!



إن إكرام الله الوالدَ الصالحَ بصلاح ولده هبةٌ ربانيةٌ جاريةٌ على سنة الله في مجازاة المحسن بإحسان فائقٍ من جنس ما عمل، كما قال تعالى: ﴿ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ﴾. وصلاح ذلك الوالد حِفْظٌ حَفِظَ به ربَّه؛ فحَفِظَه ربُّه في ولده حين أصلح قلبه الذي هو بين أصبعين من أصابعه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: « احفظِ اللهَ يحفظك »؛ رواه الترمذي وقال: « حسن صحيح ».







وصلاح الولد من ولاية الله لعبده الصالح في دنياه وآخرته، كما قال تعالى: ﴿ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ﴾ [الأعراف: 196]. وصلاح الوالد ينظم في عقده أعمالًا يحبها الله، قد رتب عليها حصول الأثر الحسن في صلاح الولد؛ إذ من سمات الوالد الصالح لزوم التقوى والقول السديد المستقيم، قال السَّيْباني: كنا بالقسطنطينية أيام مسلمة بن عبد الملك، وفينا ابن محيريز وابن الديلمي وهانئ بن كلثوم، فجعلنا نتذاكر ما يكون في آخر الزمان، فضقت ذرعًا بما سمعت، فقلت لابن الدَّيلمي: يا أبا بشر، بودِّي أنه لا يولد لي ولدٌ أبدًا! فضرب بيده على مَنْكبي وقال: يا ابن أخي، لا تفعل؛ فإنه ليست من نسمة كتب الله لها أن تخرج من صلب رجل إلا وهي خارجة إن شاء، وإن أبَى، ألا أدلّك على أمرٍ إنْ أنت أدركته نجاك الله منه، وإن تركت ولدك من بعدك حفظهم اللهُ فيك؟ قلت: بلى! قال: فتلا عند ذلك هذه الآية: ﴿ وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴾ [النساء: 9].







والوالد الصالح ذو توكل على ربه في استصلاح ولده، وشجرة التوكل لا تخيب ثمرتها؛ إذ فيه كفاية المولى، وليس بعد الله أحد، ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 3]، كان الفضيل بن عياض يناجي مولاه بلسان التوكل وحالِه في تأديب ابنه عليّ قائلًا: « اللهم إني اجتهدت أن أؤدب عليًّا، فلم أقدر على تأديبه؛ فأدبه أنت لي »؛ فكان من خير العباد الصلحاء. ومن لوازم توكل الوالد حسنُ ظنه بربه، واللهُ لا يخيب من تقرب إليه وأحسن فيه ظنًا؛ إذ هو عند ظن عبده به. والدعاء عماد الوالد في استصلاح ولده؛ لعلمه بكرامة الدعاء على الله، وحيائه من عبده إذ مدّ يديه يسأله أن يردّهما صفرًا، كيف وهو والدٌ مكرَمٌ بالدعاء المجاب، وصالحٌ أرجى ما يكون دعاؤه مجابًا؟! والدعاء أبلغ ما طلب به الأنبياءُ صلاحَ أولادهم، كما سأل إبراهيم – عليه السلام - ربه فقال: ﴿ رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [الصافات: 100]. وذلك الدعاء من أعظم ما يعين به اللهُ الوالدَ في استصلاح ولده، شكى أبو معشر ابنَه إلى طلحة بن مصرف، فقال: استعن عليه بهذه الآية: ﴿ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ﴾ [الأحقاف: 15].







والوالد الصالح دائمًا ما يستحفظ ربَّه وديعته، وهل ثم وديعة أغلى من الولد؟! قال ابن عمر - رضي الله عنهما -: أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن "لقمان الحكيمَ كان يقول: إن الله إذا استودعَ شيئًا حفظه" رواه أحمد وصححه أحمد شاكر.







والوالد الصالح ذو مكسب طيب، نما من طيب مطعمه جسدُ ولده، والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه. قال ابن شوذب: "لما أراد عبد العزيز بن مروان أن يتزوج أم عمر بن عبد العزيز قال لقيّمه: اجمع لي أربعمائة دينار من طيب مالي؛ فإني أريد أن أتزوج إلى أهل بيت لهم صلاح، قال فتزوج أم عمر بن عبد العزيز"، وأنجبت له خامس الخلفاء الراشدين. وقال أحمد بن حفص: دخلت على إسماعيل والد أبي عبد الله (الإمام البخاري) عند موته، فقال: لا أعلم من مالي درهمًا من حرام، ولا درهمًا من شبهة.







الخطبة الثانية



الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.



أما بعد، فاعلموا أن أحسن الحديث كتاب الله...







أيها المسلمون!



ومن أبرز أسباب صلاح الولد بصلاح والده ما جبل اللهُ عليه قلبَ الولد من محبة والده الذي ازداد وازدان بالقبول الذي جعله الله في القلوب نحو عباده الصالحين، وأكرمهم بحسن الخُلق الذي لا صلاح إلا به، ورأى ذلك الولد من حين وعى حالَ والده الصالحِ ثابتًا على جادة الاستقامة؛ لا يخالف عملُه فيها قولَه، وذلك الاطراد في القدوة والثبات عليها وصف لا يمكن أن ينفك عنه وصف الصلاح بحال. والقدوة الصالحة من أعظم ما يؤثر في الولد ويوجهه؛ إذ دلالة الفعل أبلغ من دلالة القول وأوضح، قال عتبة بن أبي سفيان لمؤدب ولده: "ليكن أولَ إصلاحك بنيَّ إصلاحُك نفسَك؛ فإن عيونهم معقودة بعينك، فالحسن عندهم ما استحسنت، والقبيح عندهم ما استقبحت".







لئن كان صلاح الوالد سببًا غالبًا في صلاح ولده، إلا أن الله قد يؤخر صلاح الولد أو يمنع منه، كما كان من ولد نوح - عليه السلام -؛ حكمةً منه سبحانه، وحظوةً للوالد الصالح؛ كيما يرتقي في درجات العبودية بالصبر والدعاء وملازمة حسن الظن بالله وعدم اليأس من روحه رغم شدة البلاء عليه بانحراف ولده؛ إضافة إلى عظيم تكفير السيئات بذلك الابتلاء المرهق؛ إذ همّ الولد من أشد الهموم وقعًا على الوالد، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن العبد إذا سبقت له من الله منزلة، لم يبلغها بعمله ابتلاه الله في جسده، أو في ماله، أو في ولده، ثم صبّره على ذلك حتى يبلغه المنزلة التي سبقت له من الله تعالى" رواه أبو داود وصححه الألباني. فاللهم إنا نسألك صلاحًا تصلح به ذرياتنا!


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 56.04 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 54.32 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (3.06%)]