|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() وأفضل العبادة يا عباد الله: انتظار الفرج؛ فمن المحال دوام الحال، والأيام دُوَل، والدهر قُلَّب، والليالي حُبالَى، والغيب مستور، والمستقبل محسوم، والحكيم كل يوم هو في شأن، ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا: ï´؟ وإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًاï´¾ [الشرح:6]. ما بين غمضة عين وانتباهتها ![]() يغير الله من حالٍ إلى حالِ ![]() فلا يأس والله يُدعَى، ولا قنوط والله يُرجَى، ولا خيبة والله يُعبَد، ولا إحباط والله يُؤمَن، ولا قلق والله يُؤمل، ولا وهن والله حافظ. والتفاؤل هو الشاهدُ على صحة العقل وصفاء النفس، وقد قالوا: «إن البكاءَ لا يُعيدُ الميتَ إلى الحياة، ولكن يُعيدُه الدعاءُ والثناءُ والذكرُ الحسن والأثرُ الطيبُ». ورأسُ التفاؤل الاتصالُ بالعليِّ الأعلى، فالصلاة تفاؤل، وذكرُ الله تفاؤل، والدعاءُ تفاؤل، يُحيطُ بذلك: حُسنُ الظن بالله عز شأنُه: ï´؟ وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًاï´¾ [النساء:104]. إن ربًا كفاك ما كان بالأمسِ ![]() سيكفيك في غدٍ ما يكونُ ![]() الفأْلُ عباد الله فيه معنى الصبر والرِّضا، والنصر والعِزَّة والرجاء، واليأسُ والتشاؤُم فيهما معنى السَّخَطِ والهزيمةِ والذِّلةِ والقلق. ولهذا قيل: لا تثقل يومك بهموم غدك، فقد لا تجيء هموم غدك، وتكون قد حرمت من سرور يومك. فَمَا أَصْبَحَ الصُّبْحُ حَتىَّ أَتَى ![]() مِنَ اللهِ نَصْرٌ وَفَتْحٌ قَرِيبْ ![]() الفأْل أُسُّ علاجِ التشاؤُم واليأسِ، ففي جوِّ الفأل يتعافَى الفِكرُ والبدنُ، ويكونُ العبدُ أقربَ إلى الله ورسولِهِ -صلى الله عليه وسلم؛ لأنهما أمرَا به، وفي جوِّ اليأس يبعُدُ العبدُ عن الله، وعن رسولِهِ صلى الله عليه وسلم؛ لأنهما قد نهَيَا عنه. ما الشُّؤمُ إلا ظُلمةٌ وشقاوةٌ ![]() من نالَ منه الشُّؤمُ أصبحَ هالِكًا ![]() قيل: لو فكر الطائر في الذبح، ما حام حول القمح. مشى المُعافَى بن سليمان مع صاحبٍ له، فالتفتَ إليه صاحبُه عابسًا مُتبرِّمًا وقال: ما أشدَّ برد هذا اليوم! فقال له المُعافَى: وهل استدفأتَ الآن؟ قال: لا، قال: فماذا استفدتَ من الذم؟ لو ذكرتَ اللهَ لكان خيرًا لك. يقول ابن بطَّال: جعل الله من فِطَر الناس: محبة الكلمة الطيبة والأُنس بها، كما جعل فيهم الارتياحَ بالمنظر الأنيق والماء الصافي وإن كان لا يملكه ولا يشربُه. والإنسان يبتهِجُ بالهيئة الحسنة، والمكان الفسيح، والمنظر البهيج. عباد الله، قلت ما سمعتم، واستغفروا الله لي ولكم ولجميع المسلمين، أنه غفور رحيم. الخطبة الثانية الحمد لله؛ حمدًا يليق بجلال وجهه، وعظيم سلطانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه، ومَن سار على نهجه إلى يوم الدين. أما بعد: فأحبتي في الله، المهزومُ من هزمَته نفسُه، ومن قال: هلكَ الناس فهو أَهْلَكُهُمْ، ومن أجل هذا أمرَ دينُنا بالتفاؤل، ونهانا عن التشاؤم. فَلَعَلَّ غَيرَكَ إِن رَآكَ مُرَنَّمًا ![]() طَرَحَ الكَآبَةَ جانِبًا وَتَرَنَّما ![]() أَتُراكَ تَغنَمُ بِالتَبَرُّمِ دِرهَمًا ![]() أَم أَنتَ تَخسَرُ بِالبَشاشَةِ مَغنَما ![]() يا صاحِ لا خَطَرٌ عَلى شَفَتَيكَ أَن ![]() تَتَلَثَّما وَالوَجهِ أَن يَتَحَطَّما ![]() التفاؤل يقلِبُ العلقمَ زُلالًا، والصحراء جنة، والحنظلَ عسلًا، والدار الضيقةَ قصرًا، والقلةَ غِنًى، وهل يشعُر بسَعة الدنيا من كان حِذاؤه ضيِّقًا؟! المتفائل يسقط من أجل أن ينهض، ويُهزَم من أجل أن ينتصر، وينام من أجل أن يستيقظ. فـكم راحـةٍ أتـعبت أهـلها *** وكم دعةٍ نتجت من تعبْ ولذا قيل: المتفائل ينظرُ إلى الحل، والمتشائم ينظرُ في المشكلة، المتفائل مُجِدٌّ على الدوام، لا يعرفُ الإحباطَ والضررَ، يرى الحياةَ حقًّا له وحقًّا للآخرين، والمتشائم جلاَّد نفسه يرى غيرَه أسعدَ منه، ثم هو يريدُ أن يكون أسعدَ من الآخرين. المتفائل يرى ضوءًا لا يراه الآخرون، والمتشائم يعمَى أن يرى الضوءَ الذي أمام ناظرَيْه، المتفائل مستفيدٌ من ماضيه، مُتحمِّسٌ لحاضره، مُستشرفٌ لمُستقبَلِه، والمتشائم أسيرٌ لماضيه، مُحبَطٌ من حاضره، هليعٌ على مُستقبَلِه. المتفائل يطلُبُ المعاذير والمخارج لسلامة طوِيَّته وانشراح صدره، والمتشائم يشتغِلُ بالعيوب ويحشُرُ نفسَه في المضائق لظُلمة باطنه. المتشائم يحسَبُ كل صيحةٍ عليه، يجوعُ وهو شبعان، ويفتقِر وهو غني، ï´؟ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًاï´¾ [البقرة:268]. المتشائم هو من يقول: لو اتَّجرت في الأكفان ما مات أحد. المتشائم يذكُر النعَمَ المفقودة ويعمَى عن النعَم الموجودة. إن الساخطين والشاكين لا يذوقون للسرور طعمًا، فحياتهم كلها ظلام وسواد، أما المؤمن الحق فهو راضٍ عن نفسه، راضٍ عن ربه، موقنٌ أن تدبير الله عز وجل أفضل من تدبيره نفسه، ينادي ربه ويقول: ï´؟ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌï´¾ [آل عمران:26]. ضلَّ من يحسب الرضا عن هَوان ![]() أو يراه على النِّفاق دليلا ![]() فالرضا نعمةٌ من الله لم يس ![]() عد بها في العباد إلا القليلا ![]() والرضا آيةُ البراءة والإي ![]() مان بالله ناصرًا ووكيلا ![]() وقد قيل: «قُدراتُك هي السببُ في كل ما يحدث لك، ونفسُ المرء مثل غرفته، إن شاء فتح النوافذ فدخل النور والضياء والهواء والعليل، وإن شاء أغلقها فبقِيَ في الظلام». يقول الأرجاني: يقول حكيم فارسي: ما شكوت الزمان، ولا برمت بحكم السماء، إلا عندما حفيت قدماي، ولم أستطع شراء حذاء، فدخلت مسجد الكوفة، وأنا ضيق الصدر، فوجدت رجلًا بلا رِجلين، فحمدت الله وشكرت نعمته عليَّ. فأطلِق لروحك إشراقُها *** ترى الفجر يرمقنا من بعيد فأصغ سمعك، وجفِّف دمعَك، واجبُر كسرَك، وارفع رأسَك؛ فمع الدمعة بسمة، ومع الخوف أمن، ومع الفزع سكينة؛ سوف يصل الغائب، ويهتدي الضال، ويُفك العاني، ويُجاب الدَّاعِي، وينقشع الظلام، وتنكشف الغمة: ï´؟ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِï´¾ [المائدة:52]. لا تهيئ كفني ما مت بعدُ ![]() لم يزل في أضلعي برقٌ ورعدٌ ![]() أنا تاريخي ألا تعرِفُه؟ ![]() خالدٌ ينبضُ في قلبي وسعدُ ![]() اللَّهُمَّ إنَّا نَعُوْذُ بِك أنْ نَفْتَقِر فِي غِنَاك، أو نَضِلَّ في هُدَاك، أو نَذِلَّ لِسِواك. اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ. اللَّهُمَّ إنا نسألك عيشة نقية، وميتة سوية، ومردا غير مخز ولا فاضح. اللَّهُمَّ هبْ لكلٍّ منَّا ما رجاه، وبلِّغه من الدارين مناه. [1] رواه البخاري في صحيحه(5754)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، باب الطيرة(7/ 135)، ورواه مسلم (2223)، باب الطيرة والفأل وما يكون فيه من الشؤم (4/ 1745). [2] رواه البخاري في صحيحه (5756)، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، باب الفأل (7/ 135). [3] رواه البخاري في صحيحه (5776)، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، باب لا عدوى (7/ 139). [4] رواه البخاري في صحيحه (2989)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، باب من أخذ بالركاب ونحوه (4/ 56)، ورواه مسلم (1009)، باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف (2/ 699). [5] رواه البخاري في صحيحه (69)، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولهم بالموعظة والعلم كي لا ينفروا (1/ 25). [6] رواه البخاري في صحيحه (3158)، من حديث عمرو بن عوف الأنصاري رضي الله عنه، باب الجزية والموادعة مع أهل الحرب (4/ 96)، وفي باب ما يحذر من زهرة الدنيا والتنافس فيها (8/ 90)، ورواه مسلم في صحيحه (2961)، كتاب الزهد والرقائق (4/ 2273). [7] أخرجه أحمد في مسنده (21222)، من حديث أبي بن كعب رضي الله عنه (35/ 146)، صححه الألباني، صحيح الترغيب والترهيب (1/ 117). [8] رواه ابن ماجه في سننه (237)، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، باب من كان مفتاحًا للخير (1/ 160)، حسنه الألباني، السلسلة الصحيحة (3/ 406). [9] رواه أحمد في مسنده (9040)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه (15/ 16)، ورواه أبو داود في سننه (3917)، باب في الطيرة (4/ 18)، صححه الألباني، السلسلة الصحيحة (2/ 225). [10] رواه الترمذي في سننه (1616)، وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب (3/ 431)، صححه الألباني، صحيح الجامع الصغير وزيادته (2/ 890). [11] رواه أبو داود في سننه (3920)، من حديث عبدالله بن بريده عن أبيه، باب الطيرة (4/ 19)، صححه الألباني، السلسلة الصحيحة (2/ 261). [12] والأحاديث في هذا الباب كثيرة، ومن ذلك ما رواه البخاري في صحيحه (1872)، باب المدينة طابة، من حديث أبي حميد رضي الله عنه قال: أقبلنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، من تبوك، حتى أشرفنا على المدينة، فقال: «هذه طابة» (3/ 21)، وروى مسلم (1385)، باب المدينة تنفي شرارها، من حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه: «إن الله تعالى سمى المدينة طابة»، (2/ 1007). [13] رواه البخاري في صحيحه (2731)، ضمن حديث صلح الحديبية، من حديث المسور بن مخرمة، ومروان بن الحكم رضي الله عنهما، باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط (3/ 193). [14] رواه البخاري في صحيحه (6190)، باب اسم الحزن (8/ 43). [15] رواه البخاري في صحيحه (3616)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، باب علامات النبوة في الإسلام (4/ 202)، وفي باب عيادة المريض (7/ 117). [16] رواه الترمذي في سننه (3479)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه (6/ 90)، حسنه الألباني، صحيح الترغيب والترهيب (2/ 286). [17] رواه مسلم في صحيحه (2679)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، باب العزم بالدعاء ولا يقل إن شئت (4/ 2063). [18] ومما صح في هذا الباب؛ ما رواه البخاري في صحيحه (1012)، باب تحويل الرداء في الاستسقاء (2/ 27)، من حديث عبدالله بن زيد رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى المصلى فاستسقى فاستقبل القبلة، وقلب رداءه، وصلى ركعتين». [19] أخرجه أحمد في مسنده (16957)، من حديث تميم بن أوس الداري (28/ 154)، صححه الألباني، السلسلة الصحيحة (1/ 2). [20] رواه مسلم في صحيحه (2889)، من حديث ثوبان رضي الله عنه مولى رسول الله، باب هلاك هذه الأمة بعضهم ببعض (4/ 2215). [21] رواه البيهقي في السنن الكبرى (13033)، من حديث الشافعي عن أهل العلم في المدينة (6/ 581)، وروى ابن عبدالبر في الاستيعاب مثله من حديث الحسن البصري (2/ 581)، وابن الأثير في أسد الغابة (2/ 412). [22] رواه أحمد في مسنده (18694)، من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه (30/ 625)، واختلفوا في تضعيف الحديث وتصحيحه؛ يقول الهيثمي: رواه أحمد وفيه ميمون أبو عبدالله، وثَّقه ابن حبان، وضعفه جماعة، وبقية رجاله ثقات، مجمع الزوائد (6/ 189). [23] رواه البخاري في صحيحه (4110)، باب غزوة الخندق (5/ 110). [24] رواه مسلم في صحيحه (2270)، باب رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم (4/ 1779).
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |