| 
 | |||||||
| ملتقى الشعر والخواطر كل ما يخص الشعر والشعراء والابداع واحساس الكلمة | 
|  | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع | 
| 
 
#10  
 | ||||
| 
 | ||||
|  رد: مظاهر لغة شعر باكثير في المرحلة اليمنية ما قضيتنَّ ما له من حقوق   إنَّ ذاكنَّ مطلبٌ لا يرامُ [43]  الصورة هنا نقطةٌ خاصة في قصيدة: (شاعر حضرمي يبكي شاعر النيل)، تكثَّفت فيها البهجةُ في سياقِ تامٍّ من الحزن، ومع هذا الوضعِ الذي يبدو متفارقًا، جاءت الصورةُ ملتحمةً ببِنْية النص، قافزةً به من إمكانية التفصيل في عدَّة مقاطع؛ (من نعي الصحف لحافظ، وبكاء الأقطار عليه، وندب العربية له.. إلخ) إلى الكثافةِ التصويرية في هذا المقطع، فتحقَّق بذلك تقابلٌ بين التقرير والتصوير، حتى إنه ما كان يمكِنُ لهذه الصورة أن تظهرَ مكثَّفةً - فيما يبدو - لولا مختلفُ المقاطع الستَّة التي ساعدت بتفصيلها على ولادتها مخالفةً لها بكثافتها؛ لكون التفصيلِ خاصيةً أساسية جوهرية في النصوص، كما سبق، وتلك نتيجةٌ طبيعية، أن تفضيَ إمكانيةُ التفصيل والإسهاب من جراءِ الممارسة والمعاودة إلى التكثيف والاتجاه عمقًا بُغْيةَ مغادرة الطريقة الكتابية السابقة، أو الجمع بينهما، وربما لأنَّ الشاعر رأى أنه يتوجَّهُ بقصيدته تلك إلى جمهورٍ عالي الثقافة الأدبية في مصرَ من رجالات الأدب والنقد، وأنه ليس بسبيلِ إصلاح اجتماعي، أو تأييد أيديولوجي، فأفصحَ عن طاقة جديدة من إمكاناتِه الأدبية. تتعيَّن الصورةُ هنا بذاتها، وتتوغَّل في نفسها، متولدةً عن بعضها، ولعل القارئَ يلحظ اهتمامَ الشاعر ببناء الصورة، وتفريعِ حركتها بين حركة مألوفة (لو أقمتن مأتمًا، نحتن عليه، وسكبتن أدمعًا، ونثرتن ورودًا، وقلتن: نَمْ عليك السلام)، وحركةٍ غير مألوفة (فنية) (فغسلتنه بها) (بالأدمع)، وقددتن رداءً خيوطُه الأحلام، فلففتنه به، ونضحتنه بماء ثناياكن، ولحدتن في القلوب له (قبرًا) في تقابلٍ آخرَ داخل المقطع، يجعل الصورةَ باشتمالها على المألوف وغير المألوف، وباشتمالها على جملةٍ من التنويعات الصوتية: (نُحتُنَّ عليه كما ينوح الحمامُ، وقلتن: نَم عليك السلام)، والبصرية: (كما يسُحُّ الغمام، وغسلتنه بها، فلففتنه به، ونثرتن ورودًا، ونضحتنه بماء ثناياكن)، والرؤيوية: (وقددتن له رداءً خيوطُه الأحلام، ورود لها الخدود كمام، ولحدتن في القلوب له قبرًا) يجعلها صورةً مركبة، تقف بمفردِها في مواجهة حدثِ الموت في المقاطع الباقية، كاشفةً بذلك عن ثقلها الشِّعريِّ في النص، فعناصر الصورة تشير بقوَّةٍ إلى الحياة التي تحمل إكسيرَها المرأةُ من خلال رقتِها التي يجد ربُّها أن تؤديَها إلى الفقيد جزاءً أنثويًّا بديعًا، من الحسن، والابتسام، والأحلام، والورود، والخدود، والأكمام، وماء الثنايا، والمسك التي لو قدمت كلها، بحسب قول الشاعر، لَمَا وفَّت الفقيدَ حقَّه من حياة قدَّمها للنساء حين كنَّ خامدات ميتات، وكان يناضل بشعرِه لارتقائهن وتحررهن وحياتهن، ويجدر أن يعودَ الآن بما يقدمنه إلى حياة، بما تتضاءل معه فكرةُ الموت معنويًّا وعمليًّا، وذلك ما بلورَتْه دلالةُ الصورة بعلامات الحياة المنتصرة فيها على علامات الموت، تُلاحقها، وتؤسس ما ينوب عنها، فإذا كان في (نُحتنَّ) إشارةٌ إلى البكاء، ففي قوله: (كما ينوح الحمام) إشارةٌ إلى الطرب أيضًا، فضلاً عن دلالة الحَمام نفسِه على الإسعاد، وإذا كان في الدموع حزنٌ في قوله: (سكبتن أدمعًا)، ففي قوله: (كما يسُحُّ الغمام) ابتهاج ووعدٌ بتجديد الحياة، وإذا كان في: (غسلتنه بالأدمع) احتراق؛ فإن الغسلَ بالأدمع مبالغةٌ في الحفاوة والعناية، فضلاً عن أن الغسل طهارةٌ ونقاء، وإذا كان في اللف في قوله: (فلففتنه برداء خيوطُه الأحلام) انتهاءٌ وتكفين، ففي اللفِّ رعاية وعناية لأجل الحياة بأحلامها الملفوفة رداء عليه، وإذا كان في اللحدِ من قوله: (لحدتن له في القلوب قبرًا) موت وانتهاء، فإن في اللحدِ في القلوب محبةً وحياة، بحيث هيمنت في الصورة دلالةُ الحياة، وألوان سعادتها، على الموت. والكلمات هنا متماسكة، متعالق بعضُها ببعضها الآخر، فإقامةُ المأتم متصل بالنُّواح، فسكب الأدمع، فغسله بها، فلفُّه نظيفًا في رداءٍ حالم، فنثر الورود عليه، ونضحُه بماء الثنايا العطِر، فوضعُه في القلوب، والتسليم عليه، مما ميَّز جمالية الصورة، وعمِل على تنميةِ مجالها الكتابي وتفتيقه؛ إذ اشتملت على ثمانية أسطر كاملة دلَّت لا على ثراء الصورة، بل على ثراء النصِّ كلِّه بها، وتعيين موقع متميِّز له في ذاته، وفي الديوان، بوصف المقاطعِ الأخرى قُرئِت جماليًّا بها، حتى لو افترضنا جدلاً تنحيةَ الصورة لخفَتَ مستوى النص كاملاً، أو تنحية المقاطع الأخرى لتضاءَلَ دورُ الصورة، وقد نشأت بينها علاقة تقابلٍ وتفاعل أسهمت في إنجاز كينونة النص، محدثةً حركة متولدة فيه عن ذلك التقابل، فضلاً عن حركة الصورة المتتابعة نفسها الدالةِ على أنها كتلةٌ من الحياة تقدَّمُ معًا، يمكِنُها مقابلةُ سائر المقاطع الستة باقتدار. [1]- صدرت الطبعة الأولى من هذا الديوان بتحقيق وتقديم د. محمد أبو بكر حميد، عن الدار اليمنية للنشر والتوزيع، 1408هـ - 1987م. [2]   ينظر معنى الحداثة في الشعر المعاصر، د. جابر عصفور، فصول، المجلد  الرابع،  العدد الرابع، يوليو/ أغسطس/ سبتمبر 1984م، ص38، ويقف مفهوم  (الكاتب  المعاصر) عند سبندر مقابلاً لمفهوم (الكاتب الحديث) الذي يرفض  الإذعانَ  لأوضاع عصره، ولقواعد اللعبة الموضوعة سلفًا.بني الإصلاحِ، حُيِّيتم [3] من مظاهر الحداثة في الأدب.. الغموض في الشعر، محمد الهادي الطرابلسي، فصول، العدد نفسه، ص30. [4] سحر عدن وفخر اليمن، علي أحمد باكثير، تحقيق وتقديم د. محمد أبو بكر حميد، الطبعة الأولى، 1429هـ/ 2008م. ص97 - 98. [5] نفسه، ص106. [6] نفسه، ص128. [7] نفسه، ص120. [8] نفسه، ص64. [9] نفسه، ص67. [10] نفسه، ص154. [11] نفسه، والصفحة نفسها. [12] كالقصائد: (نشيد يوم العقبة)، و(يا من لليل العرب طال)، و(أيها الظالم مهلاً)، و(لو ثقفت يومًا حضرميًّا)، و(لولا جمود الحضرمي). [13] خطاب ما بعد البِنيوية في النقد المغربي الحديث (في التنظير والإنجاز) د. محمد مريني، عالم الفكر، العدد (4) المجلد (35) أبريل - يونيو 2007، ص140. [14] سحر عدن وفخر اليمن، ص95 - 96، ومثل ذلك ما قاله في قصيدته: (نهضة عدن) مخاطبًا أبناء نادي الإصلاح العربي بضاحية الشيخ عثمان في عدن، في أثناء حفل تكريم السيد عبدالله بن أحمد بن يحيى:  بأنفاس التحيَّات  يردُّ الطرفَ محسورًا  بإعجابٍ وإخباتِ (ص123).  [15] نفسه، ص100.لولا جمود الحضرمي وجهلُه [16] نفسه، ص101 - 102، الوُسوق: جمع وَسقٍ، ويعادل ستين صاعًا، والمعنى أن ما جاؤوا به من سيِّئ العمل قد أثقل كواهلَهم بأحمال ثقيلة من الملام والآلام، و(مِ الملام) أصله من الملام (المحقق)، وفي هذه الأبيات يُشير إلى حادثة مؤلمة وقعت في مسجد النور بمدينة (بندواس) أو (بندوسو) بإندونيسيا؛ إذ اشتبك في صلاةِ التراويح في شهر رمضان بالمسجد جماعاتٌ من العلويين والإرشاديين في معركة سالت فيها الدماء؛ (المحقق نقلاً عن تاريخ حضرموت السياسي لصلاح البَكري). [17] نفسه، ص96، وتنظر قصيدته: (صدى قصيدتين) ص121. [18] ينظر: الشكلانية الروسية، فيكتور إيرليخ؛ ترجمة الولي محمد، ص51. [19] تنظر: مقدمة محقق الديوان نفسه، ص36 - 37. [20] الديوان نفسه، ص131. [21] نفسه، ص153 - 154 [22] نفسه، ص160. [23] نفسه، ص82 - 83، 85، وابن رفادة هو حامد بن سالم بن رفادة، تمرَّد على الملك عبدالعزيز سنة 1347هـ، وقُتل سنة 1351هـ. [24] نفسه، ص133 - 136، ويقصد بابن الأمير عبدالله بن الحسين، وفيصل الدرويش هو آخر شيوخ بني مطير. [25] لكثرة الإحالات في هذه التراكيب والجمل القصيرة، آثرنا أن نضع أرقام الصفحات في المتن. [26] ينظر سحر اليمن وفخر عدن، تعليقات المحقق في الهامش، ص63. [27] نفسه، ص76 - 80 (العقبة: يُقصد به مِيناء العقبة، الواقع على خليج العقبة بالأردن، ويشبِّه الملك عبدالعزيز بصلاح الدين الأيوبي قائد معركة حطين التي كان من نتائجها استرداد بيت المقدس من الصليبيين). [28] نفسه، ص168 - 169. [29] نفسه، ص76. [30] نفسه، ص81. [31] ينطبق التقديمُ على جميع قصائد الديوان تقريبًا، وفي هذا السياق تجدرُ الإشارة إلى أنه قد يرِد أحيانًا بيتٌ مستقل، منفرد، في نهاية بعض القصائد، يمكن أن يكون تعريفًا آخر بها، أو مدخلاً أخيرًا إليها؛ كقوله:  بلغت مواهبه به العيوقا  من آخر قصيدته: (لولا جمود الحضرمي، ص106) وقوله:موت (شوقي) آيةٌ دلت على  أن هذي الشُّهب يومًا تنكدر (ص118)  وسواءٌ  قُرنت القصيدة واقعيًا عبر المقدمة، أو قُرنت شعريًّا عبر البيت  الأخير  الفرد (المفصول بينه وبين الأبيات السابقة بفاصل) بما تقوله مناسبةُ   القصيدة من حدث، أو بما يُفضي به البيت الأخير من معنى - فإن النتيجةَ   التي يصل إليها القارئُ واحدةٌ، تكمن في التقاربِ بين الواقعي والشِّعري. [32] خطاب ما بعد البِنيوية في النقد المغربي الحديث (في التنظير والإنجاز) د. محمد المريني، عالم الفكر، العدد (4) المجلد (35) إبريل - يونيو 2007م، ص140، وينظر: الماركسية وفلسفة اللغة، لباختين، ترجمة محمد البكري ويمني العيد، الطبعة الأولى، ص93. [33] سحر عدن، وفخر اليمن، ص104- 105. [34] نفسه، ص136. [35] ينظر نفسه، الصفحات 55 - 56، 58، 72، 102، 119 - 122، 129. [36] نفسه، ص58. [37] نفسه، ص129. [38] نفسه، ص53 - 54. [39] نفسه، ص130. [40] نفسه، ص55، الفدام: (ما يوضعُ على فم الإبريق ونحوِه لتصفيةِ ما فيه). [41] ينظر علي أحمد باكثير، حياته، وشعره الوطني والإسلامي، د. أحمد عبدالله السومحي، الطبعة الأولى، سلسلة كتاب النادي الأدبي الثقافي، دار البلاد للطباعة والنشر، جدة 1403هـ - 1982م، ص19 - 20. [42] سحر عدن وفخر اليمن، ص81 - 82. [43] نفسه، ص54 - 55 (الهام: جمع هامةٍ، هي الرأس؛ أي: تخضع له الرؤوس). 
__________________ 
 | 
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
| 
 | 
 | 
 
| 
 | 
| Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |