فوائد تتعلق بالدعوة إلى الله - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4903 - عددالزوار : 1936081 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4474 - عددالزوار : 1247575 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 14137 - عددالزوار : 751585 )           »          عون المعبود شرح سنن أبي داود- الشيخ/ سعيد السواح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 684 - عددالزوار : 95340 )           »          سلسلة تذكير الأمة بشرح حديث «كل أمتي يدخلون الجنة» (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 7 - عددالزوار : 1674 )           »          مكانة إطعام الطعام في الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          منهج القرآن في بيان الأحكام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          قبسات من الإعجاز البياني للقرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »          يعلمون.. ولا يعلمون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (العلي، الأعلى، المتعال) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 55 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29-12-2021, 05:59 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 154,540
الدولة : Egypt
افتراضي فوائد تتعلق بالدعوة إلى الله

فوائد تتعلق بالدعوة إلى الله (1)
الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر



الدعوة إلى الله تعالى مهمة عظيمة لها أولويات متنوعة، وأمور متعددة، يصعب حصرها فضلًا عن استقصائها ـ وما سبق جهد مقل..

وفيما يلي أذكر فوائد منثورة رجاء أن تكون مكملة لما سبق، وهادية للحق، وفاتحة الباب لمن يريد السبق:
الأولى: في الحث على المبادرة إلى الدعوة والمنافسة فيها:
تقدم أن الدعوة إلى الله تعالى من جليل العبادات، وفريضة من فروض الكفايات، وذكر شيء من فضائلها، وشرف أهلها، وعظم المثوبة عليها، فينبغي لكل ذي أهلية لها ورغبة في مثوبتها أن يسابق إليها وينافس غيره فيها، فهي ميدان فسيح مفتوح للرجال والنساء من الجن والإنس، قال تعالى: ﴿ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾ [البقرة: 148] وقال سبحانه: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ [آل عمران: 133] وقال سبحانه: ﴿ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ [الواقعة: 10 - 12].

وقال صلى الله عليه وسلم: «بادروا بالأعمال»[1]، وقال صلى الله عليه وسلم: «فوالله لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير لك من حمر النعم»[2]، وقال صلى الله عليه وسلم: «ألا مشمر للجنة؟»[3].

والأصل عموم الخطاب للمكلفين من الجن والإنس، الرجال والنساء، إلا ما دل الدليل على خصوصه بشخص معين أو جنس معين.

الثانية: من بركة القيام بمهمة الدعوة إلى الله تعالى:
للقيام بوظيفة الدعوة بركات كثيرة وعواقب حميدة، حاضرة ومستقبلة، ظاهرة وباطنة، ومن ذلك أن الله تعالى يحفظ الداعي في صحته وعافيته، ويحفظه في أهله وذريته وماله ويكفيه همه ومؤونته، فيجمع له بين انشراح الصدر وتيسير الأمر، مع ما يرجى له من المثوبة وحط الوزر وعظم الأجر، وفي الحديث: «احفظ الله يحفظك»[4]، وفي الحديث الآخر: «تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة»[5].

وصدق الله العظيم إذ يقول:﴿ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا [الطلاق: 2، 3]، وقال سبحانه: ﴿ وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا [الطلاق: 4]، وقال تعالى: ﴿ ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا [الطلاق: 5].

والدعوة إلى الله تعالى من أهم أمور التقوى والدعاة المخلصون في دعوتهم وعملهم لله من سادات المتوكلين، وقد قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا [الطلاق: 3] أي:كافيه، وقال سبحانه: ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ [الزمر: 36]، وقال تعالى: ﴿ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا [المزمل: 9].

فمن اشتغل بالدعوة إلى الله وتوكل على الله وأخذ بالأسباب التي شرعها وأباحها الله كفاه الله أمر دينه ودنياه وأخراه.

الثالثة: متى يكون الشخص مباركًا أينما كان؟:
إذا رزق الله العبد معرفة الحق بدليله والعمل به وتعليمه للناس مع الإخلاص والسنة فقد جعله الله مباركًا أينما كان، لأنه أينما حل نفع، ونفع العلم والهدى للقلوب أعظم من نفع الغيث للأرض، فادع الله أن يجعلك مباركًا أينما كنت تضرعًا وخفية، واشتغل ببيان الحق للناس ولاسيما عند المناسبة والحاجة، وبالأسلوب الذين يحفز السامع إلى قبول ما توجهه به يجعلك الله كذلك.

الرابعة: في الدعاة إلى الخير والدعاة إلى الشر:
الدعاة صنفان:
الأول: هداة للخلق إلى الحق على بصيرة وبالحكمة والموعظة الحسنة، وأئمة هؤلاء المرسلون والنبيون، قال تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ [الأنبياء: 73] وكذلك أتباعهم من الصديقين والعلماءِ العاملين الذين قال الله تعالى فيهم: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ [السجدة: 24].

وقال صلى الله عليه وسلم: «من دعا إلى هدى كان له مثل أجور من تبعه...الخ »[6]، وقال صلى الله عليه وسلم: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله»[7].

فهؤلاء مباركون عل أنفسهم وعلى من حولهم وهم الفائزون بالتجارة التي لن تبور، المفلحون في الدنيا والآخرة، جعلنا الله من أئمتهم بمنه وكرمه.

الثاني: دعاة الباطل وهم كل من عرف الحق وتركه ودعا إلى الضلال والبدع، اتباعًا للهوى، أو أغرى الناس بالشرك والكفر، كما قال تعالى عن آل فرعون:﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ * وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ [القصص: 41، 42].


وقال صلى الله عليه وسلم: «من دعا إلى ضلالة كان عليه وزرها ووزر من تبعه إلى يوم القيامة»[8]، وقال عليه الصلاة والسلام في دعاة الشر في آخر الزمان: «دعاة ضلالة على أبواب جهنم من أجابهم قذفوه فيها»[9].

فكن ـ يا عبد الله ـ من دعاة الحق، ولا تكن من دعاة الباطل والضلال، حتى لا تكون ممن قال الله تعالى فيهم: ﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ * وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ [القصص: 41، 42].

الخامسة: في نفع الدعوة للداعي والدين والخلق:
في قوله تعالى: ﴿ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ [الذاريات: 55] وقوله: ﴿ فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى [الأعلى: 9] على أن معناها: قد نفعت الذكرى، بشارة بأن الدعوة نافعة لا محالة، ومن نفعها: بيان أحقية الحق وبطلان الباطل وسقوط الإثم عن الداعي، وفوزه بثواب الدعوة، وإظهار الحق للناس، وإعلان بطلان الباطل، وإقامة الحجة على الخلق وقد ينتفع بها من يشاء الله هدايته ولو بعد حين.

السادسة: للهداية وقت معلوم فلا يستعجل:
للهداية أجل لا تتقدم عليه ولا تتأخر عنه كالرزق والمنية وغيرها من الأمور المؤجلة، وقد اهتدى أناس من الصحابة لأول وهلة ولم يهتدِ آخرون إلا بعد بضع سنين، ومنهم من تأخر إسلامه إلى فتح مكة وبعضهم بعد ذلك، فعلى الداعي إلى الله أن يجتهد في دعوته وأن يبالغ في موعظته، وأن يلح على الله عز وجل بسؤاله هداية المدعو على يديه، وأن يؤمن بقضاء الله وقدره، ويسلم النهايات والخواتيم إلى الله تعالى فإن الله تعالى بصير بعباده.

السابعة: الفرق بين هداية التوفيق وهداية الإرشاد:
اعلم أن هداية القلوب ـ أي التوفيق لقبول الحق ـ وانشراح الصدر به، بيد علام الغيوب لا يملكها غيره سبحانه، قال تعالى: ﴿ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ [القصص: 56] نزلت في أبي طالب حيث حرص النبي صلى الله عليه وسلم على هدايته وكرر دعوته له حتى لحظة حياته الأخيرة، ومع ذلك لم يهتدِ بل كان آخر ما قال: هو على ملة عبد المطلب، وأبى أن يقول: لا إله إلا الله.

أما الدعوة إلى الله فهي من هداية التعليم والبيان والدلالة والإرشاد، وهي التي قال الله تعالى فيها: ﴿ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [الشورى: 52] وقال تعالى: ﴿ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ [الرعد: 7]. فأما ما لله عليك من الدعوة فإنه عبادة وإحسان، واترك ما على الله تعالى له، فإن له سبحانه الحكمة، وهو بعباده أبصر.

الثامنة: في الحث على كثرة الاستدلال بنصوص الكتاب والسنة:
في قوله تعالى: ﴿ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ ﴾ [ق: 45]، تنبيه على أنه ينبغي للداعي أن يكثر من الاستدلال بالقرآن، وما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم له من بيان في دعوته: في موعظته، في خطبته، في درسه، في مناظرته، فإن القرآن والسنة أبلغ الكلام، وهو شفاء للقلوب، وقد اشتمل على أظهر البراهين وأقوى الحجج، ولبلاغة قصصه ووعده ووعيده آثار معلومة في هداية القلوب وإصلاح أحوال الناس.


[1] أخرجه مسلم برقم (118).

[2] سبق تخريجه.


[3] أخرجه ابن ماجه برقم (4332).

[4] أخرجه الترمذي برقم (2516)، وأحمد في المسند برقم (2664).

[5] أخرجه أحمد في المسند برقم (2800).


[6] سبق تخريجه.

[7] أخرجه مسلم برقم (1893)، عن عبد الله بن مسعود الأنصاري رضي الله عنه.

[8] سبق تخريجه.

[9] أخرجه أحمد في المسند برقم (22939).








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 29-12-2021, 06:01 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 154,540
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فوائد تتعلق بالدعوة إلى الله

فوائد تتعلق بالدعوة إلى الله (2)
الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر



التاسعة: في الجمع بين أسلوب الترغيب والترهيب في الدعوة:
قال بعض السلف: الفقيه كل الفقه من لم يُقنِّط الناس من رحمة الله، ولم يجرئهم على معصية الله، فينبغي للداعي أن يخوف الناس من شؤم ذنوبهم ومعاصيهم، ويطمعهم في عفو ربهم ومغفرته وفضله ورحمته، فيجمع لهم في حديثه بين الترغيب والترهيب، وهو منهاج رباني عظيم وهدى نبوي كريم، وهو الجمع بين النذارة والبشارة في سياق واحد، كقوله تعالى: ﴿ فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى * لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى * الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى * وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى * إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى [الليل: 14 - 21].


وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله، والنار مثل ذلك»[1]، وعن عبد الله بن مسعود قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم كلمة وقلت أخرى، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من مات وهو يدعو من دون الله ندًّا دخل النار، وقلت أنا: من مات وهو لا يدعو لله ندًّا دخل الجنة»[2]، وقوله صلى الله عليه وسلم: «من لقي الله وهو لا يشرك به شيئًا دخل الجنة، ومن لقيه وهو يشرك به شيئًا دخل النار»[3].

ففي هذه النصوص الجمع بين النذارة والبشارة، وتقديم النذارة على البشارة.

العاشرة: الحذر من القول على الله وفي دينه بغير علم:
تذكر أن الله تعالى قال في حق نبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ ﴾ [الحاقة: 44 - 47] فإذا كان الله تعالى قد توعد نبيه وخليله صلى الله عليه وسلم لو قال عليه ما لم يقل ـ وحاشاه ـ، فكيف بمن قال عليه من الخلق سواه صلى الله عليه وسلم؟!، فاحذر أن تقول على الله وفي دينه بغير علم فإنه كذب على الله تعالى وإضلال لعباده، قال تعالى: ﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنعام: 144] فإن القول على الله وفي دينه بغير علم أكبر الكبائر وأعظم المحرمات، قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ [الأعراف: 33].


فلا يحملنك إقبال الناس عليك على أن تتكلم في دين الله بغير علم، فإنه هلكة وشقاء في الدنيا والآخرة، قال الصديق رضي الله عنه: أي سماء تظلني، وأي أرض تقلني إن أنا قلت في كتاب الله بغير علم؟!

الحادية عشر: وجوب التثبت فيما ينسبه للنبي صلى الله عليه وسلم من الحديث:
تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: «من يَقُلْ علي ما لم أقل ـ وفي لفظ: من كذب علي، فليتبوأ مقعده من النار»[4]. وهذا وعيد شديد وتهديد أكيد؛ ولذا قل حديث جمهور الصحابة، وامتنع بعضهم عن التحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، خوفًا من الوعيد الوارد في هذه الأحاديث، ولأن غيرهم قد كفاهم مؤونة التحديث، فاحذر أن تنسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم حديثًا لم تثبت صحته أو تصدر فيه عن أحد دواوين السنة المعتبرة.

الثانية عشر: اجتناب الحديث بكل ما سمع والإجابة على أي سؤال:
من عيوب البعض التحديث بكل ما سمع والإجابة عن كل سؤال، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع»[5]، وذلك لأن الذي يحدث بكل ما سمع يعرض له الخطأ والوهم فينسب إلى الكذب، وقد يستمري ذلك ويهون عليه أمر الخطأ فيتلقى الناس عنه مما ليس من دين الله فيبوء بإثم ذلك.

وقد عُرضت على الإمام مالك أربعون مسألة فأفتى في أربع وقال عن ست وثلاثين: لا أدري، فقال له السائل: سبحان الله، تقول هذا وأنت مالك؟ فقال: أخبر من وراءك أن مالكًا لا يدري.

الثالثة عشر: تعين ترك الفتيا أو القول بالظن:
إذا جاءك المستفتي أو المسترشد عن شيء من دينه فلا تفته بالظن، فإن الظن ليس بعلمٍ، قال تعالى: ﴿ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ [الحجرات: 12] وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث»[6]، وقال عقبة بن عامر: «تعلموا قبل الظانين»[7]، ولا تحملنك العاطفة أو حب الخير على أن تفتي سائلًا في مسألة لست من أهل الفتيا فيها، قال بعض السلف: (إنكم لتفتون في المسألة لو وردت على عمر رضي الله عنه لجمع لها أهل بدر)، وقال آخر: (إذا جاءك السائل فلا تقل لعلِّي أجد له مخرجًا حتى تعرف مخرجك عند الله).

الرابعة عشر: يتعين على الداعي الفرح بظهور الحق مطلقًا:
الداعية إلى الله تعالى على منهاج السلف الصالح ـ من رجل أو امرأة ـ شخص صحيح الفطرة، سليم الصدر من الغل والحقد والحسد، محب للخير لكل أحد، أمره واضح جلي، فليس لديه غش ولا خديعة ولا مكيدة لأحد؛ لأن همه أن يظهر الحق على لسانه أو لسان غيره، وأن يقبل الحق منه أو من غيره، فيبين عند الحاجة ويؤخر البيان لوقت الحاجة، ويفرح إذا كفاه غيره البيان أو الفتيا، ولا يجبن إذا توقف ظهور الحق عل بيانه ما لم يخف على نفسه أو على حرمته وذويه ضررًا محققًا، ويبتعد عن ما يؤدي إلى الاختلاف والفرقة والفتنة، ويصبر على الأذى ما أمكن، ويُعنى في كل موقف بما هو أرضى لله تعالى وأحرى بإصابة السنة وظهور منهاج السلف الصالح، ولا يتسبب في إثارة الناس عليه إلا بموجب شرعي تتحقق به المصلحة وتدرأ به المفسدة، وعند التزاحم تراعى القواعد الشرعية التي تحكم ذلك.

فلا ينتقص أهل العلم قدرهم ولا يزدريهم، ولا يغمط العوام أو يحتقرهم، ولا يدعو إلى بدعة أو سلوك في الدعوة خلاف منهاج السلف الصالح، ولا يقصد من دعوته أن يتكثر بالناس أو محمدتهم، ولا يأخذ على دعوته أجرًا من الناس لا ماديًا ولا معنويًا، بل همته منصرفة إلى إظهار الحق، وهداية الخلق؛ وأن تكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى، وكل يوم يمضيه في الدعوة يعده منحة من الله وذخرًا عنده.

الخامسة عشر: إيضاح موضوع الدعوة وذكر أمثلة من تطبيقاته:
لعل من الحكمة في الدعوة العامة في المساجد وغيرها من مجامع الناس أن يؤسس الداعي في كلامه قاعدة عامة مثل: (بيان معنى التقوى، وفضلها وحسن عواقبها في الدنيا والآخرة)، ثم يورد أمثلة متنوعة مما يدخل في معنى التقوى، بحيث ينطبق كل مثال من أمثلتها على شخص أو مجموعة من الأشخاص.

فمن أمثلتها: المحافظة على الصلوات، ومن أمثلتها أداء الزكاة، ومن أمثلتها بر الوالدين، ومن أمثلتها ترك الربا، ومن أمثلتها البعد عن أسباب الزنا، ومن أمثلتها حسن عشرة الزوجات. وكذلك يبين حقيقة الشرك بالله تعالى وخطره، ثم يذكر أمثلة من أنواعه وصوره.

السادسة عشرة: مهمة الداعي إلى الله تعالى:
ليست مهمة الداعي أن يعلم الناس كل ما يعلمه، أو كل ما يحتاجون إليه في مقام واحد، وإنما هي وصية بالتقوى، ودلالة على باب هدى، أو حض على واجب ظهر تركه، أو نهي عن محرم ظهر فعله، أو تصحيح خطأ أو تفنيد شبهة، أو تذكير بحق نعمة، أو إنذار من بوادر عقوبة ونقمة، فهي هداية للإسلام أو خصلة من خصاله، ونذارة من شيء من نواقصه أو نواقضه.

فلذلك ينبغي أن تكون مع الشخص في خاصّة نفسه، ولا يسمع غيره الكلام الموجه إليه إلا برغبته، ومع العامة على وجه التعميم والإجمال دون التخصيص أو التعيين.

كما ينبغي مراعاة مقتضى الحال، وتغليب جانب الإيجاز والترغيب والترهيب وتنويع الأدلة، وإذا كان الموضوع هداية شخص للإسلام، أو استنقاذه من جريمة أو فاحشة كبرى، فتنبغي متابعته بلطف حتى يطمئن من تحقق المقصود والسلامة من العوارض فيكون الداعية بمثابة الطبيب الذي يتابع مريضه حتى يبرأ من علته ويستعيد عافيته، وتغليب جانب التبشير والترجية، والبعد عن العنف أو التوهين، قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله، ويعطى على الرفق ما لا يعطي على العنف ولا على ما سواه»[8]، وقال أيضًا صلى الله عليه وسلم: «بشروا ولا تنفروا، ويسروا ولا تعسروا»[9]، وقال صلى الله عليه وسلم: «من يحرم الرفق يحرم الخير»[10].

والنصوص في هذا المعنى كثيرة ومشهورة، والموفق من وفقه الله، والسعيد من جعله الله مفتاح خير، ومغلاق شر، ونفع للخلق بما يقدر.


[1] أخرجه البخاري برقم (6488).

[2] أخرجه البخاري برقم (4497).

[3] أخرجه البخاري برقم (129).

[4] أخرجه البخاري برقم (109)، ومسلم برقم (3).


[5] أخرجه مسلم برقم (5).

[6] أخرجه البخاري برقم (5144)، ومسلم برقم (2563).


[7] أخرجه البخاري معلقًا عند الحديث رقم: (6724).

[8] أخرجه مسلم برقم (2593).

[9] أخرجه مسلم برقم (1732).

[10] أخرجه مسلم برقم (2592).







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 72.88 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 70.75 كيلو بايت... تم توفير 2.13 كيلو بايت...بمعدل (2.92%)]