الكتاب الموقوت والوضع المفلوت - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          النقد العلمي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          لماذا يشعر بعض المسلمين أحيانا بثقل بعض الأحكام الشرعية وعدم صلاحيتها؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          وحدة الأمة الإسلامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          التراجم: نماذج من المستشرقين المنصِّرين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 17 - عددالزوار : 8493 )           »          أبرز المعالم التاريخية الأثرية والدينية في قطاع غزة كتاب الكتروني رائع (اخر مشاركة : Adel Mohamed - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 581 - عددالزوار : 304828 )           »          الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 45 - عددالزوار : 37735 )           »          هل الخلافة وسيلة أم غاية؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-02-2022, 06:34 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,121
الدولة : Egypt
افتراضي الكتاب الموقوت والوضع المفلوت

الكتاب الموقوت والوضع المفلوت
عبدالكريم الخنيفر



الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يُضللْ فلا هاديَ له.


وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا؛ أما بعد:
فعبادَ الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فإن التقوى هي سبيلُ قبول الأعمال، قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [المائدة: 27].

أيها المسلمون، وَصَفَ اللهُ الإنسانَ بشدةِ الهلع، فهو غيرُ متوازنٍ في حياتِه، تعصفُ به أحوالُ الزمانِ مِن شرٍّ وخيرٍ فيدور في دوامتِها، ويميلُ حيثُ مالت.


هذه حقيقتُه وإن ادَّعى أو ظنَّ من نفسِه غيرَ ذلك، لكنَّ اللهَ عزَّ شأنُه استثنى من حالةِ الاضطرابِ الإنساني الدائمِ، استثنى المصلِّين: ﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ ﴾ [المعارج: 19 - 22].


ثم ذكر صفاتِ أولئك المصلِّين، فبدَأها بالمداومَةِ على الصلاة، وخَتَمَهَا بالمحافظةِ على الصلاة، فكأنَّ المبتدأ والمنتهى بالصلاة، وكأنَّ صلاحَ الصلاةِ يُصلح باقيَ الأعمال.


ومن رحمةِ اللهِ بنا أنْ جَعَلَ الصلاةَ وسيلةً عظيمةً للاتصالِ به وتحقيقِ العِلاقةِ الوثيقةِ مَعَه تبارك وتعالى، تلكمُ الصِّلةُ اليوميةُ المتكررةُ خمسَ مرات، وفي أوقاتٍ مختلفة، راعتْ هذهِ الأوقاتُ الحاجاتِ الإنسانيةَ، ولاءمتِ الظروفَ الكونيةَ والفِطرية، فصارتْ أولُ صلاةٍ مع بدايةِ اليوم، ليستهلَّ الموظفُ والعاملُ والطالبُ جِدِّيَّته بصلاةِ الفجرِ فيباركُ اللهُ في يومِهِ وعملِه، لأنَّه في ذمةِ اللهِ حتى يُمسي، ثم تمضي الساعاتُ بهذا الكادحِ حتى يستريحَ من الرَّهَقِ والتَّعب بصلاةِ الظهر، فتتجدَّدَ طاقتُه ويواصلَ عملَه، أو ربما ارتاحَ، لكنَّه لن يسرفَ في الراحةِ، فأمامَه الصلاةُ الوسطى التي أكَّدَ اللهُ سبحانه المحافظةَ عليها، فقال: ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى ﴾ [البقرة: 238]، يعودُ المسلمُ من جديدٍ لإنجازِ المشاغلِ وقضاءِ اللوازمِ حتى يحينَ داعي المغربِ، فيقطعُ ما بين يديه، أو يتوقَّفُ في الطريق إلى ما هو سائرٌ إليه لأدائها، فهي فوَّاتةٌ ووقتُها قصير، وبين العشاءين ربما وصلَ رَحِمَهُ أو جَلَسَ في بيتِه أو قضى لازمًا من لوازمِه حتى يحينَ العشاءُ، فيصلِّيها ليكتملَ عِقْدُ يومِه، ويتوثقَ الحبلُ الممدودُ بينكَ وبيَن الله، وبعد العشاء أنجزَ الإنسانُ ما بقيَ من لوازمِ يومِه، وربما قضى بعضَ الوقتِ في الخُلطةِ بالآخرين وبعضِ العبثِ والمرح، لكنه لن يُسرفَ في إنفاقِ وقتِه، فمِنْ ورائِه صلاةُ الفجر، ليستريحَ إلى النوم، وهكذا دواليك تستمرُّ دورةُ يومِه بهذه الطريقةِ التي صار عمودَها إقامةُ الصلاة، وصارت الصلاةُ هي الميقاتَ الأساسَ الذي يوقِّتُ به المسلمُ سائرَ يومِه، فأشغالُه مرتبطةٌ بها، وراحتُه قائمةٌ عليها، ومواعيدُه مؤقتةٌ بها، هي المبدأُ والمنتهى.


عبادَ الله، لم تكن هذه الصلاةُ أداءً بالبدن، وليستْ قضاءً للواجب، إنَّ الصلاةَ في حقيقتِها هي الصلةُ الروحيةُ بين الإنسانِ وخالقِه، يصعدُ فيها عن الدنيا بروحِه المشعَّثةِ المرهَقةِ فتطهِّرَه الصلاةُ من الأدران، تصفِّي قلبَه وتشرحُ صدرَه وتُزيلُ همَّه، ليعودَ من جديدٍ إلى الأرضِ، إلى الناس، إلى المشاغل، وقد تجددت روحُه، فلا يكسرُه همٌّ ولا يُكدِّره غمٌّ، وهذا المعنى الذي طلبَ به الرسولُ ﷺ من بلال أن يُريحَه بالصلاة فقال: "أرحنا بها يا بلال".


هذه الصلاةُ هي الكتابُ الموقوتُ الذي ينظِّم حياةَ الإنسان كلَّها: ينظِّمُ وقتَه وأعمالَه وأولوياتِه، وأهمُّ من ذلك أنه ينظِّمُ علاقتَه مع ربِّه سبحانه وتعالى: هل هي علاقةٌ موصولةٌ بحبلٍ متين؟ أم بحبلٍ مهترئٍ بالٍ متشقق؟


هذه الصلاة التي أوجبها الله على المسلم، لكن يا عبدَ الله، شاهد ولن تحتاج للتأمل، شاهدْ حالَ الشبابِ مع الصلاة، تجدْ بعضَ الموظَّفين قد وقَّت حياتَه بناءً على وظيفتِه، فالنومُ والاستيقاظُ مؤقَّتان على موعدِ الوظيفة، والأعمالُ والاجتماعاتُ تُبنى على الوقتِ الوظيفي، أما الصلاةُ فلا حاجةَ لإقامتِها جماعةً في وقتها. إنما يؤدِّيها متى سنحت الفرصة، وكأنها عبءٌ إضافيٌّ أو شيءٌ هامشيٌّ يُنجز حسب الظروف والأهواء.


شاهدْ تجدْ بعضَ الشبابِ قد وقَّت حياتَه بناءً على مرحِه ولهوه، مواقيتُه قائمةٌ على جداولِ المبارياتِ وعبثِ الاستراحات، وأما الصلاةُ فيجمعُها، ثم ينقرُها، ثم تُلفُّ كما يُلفُّ الثوبُ الخَلِقُ فيُضربَ بها وجهُه، وهي تقول: ضيَّعكَ اللهُ كما ضيَّعتني.


وإذا التفتَّ لحالِ بعضِ البناتِ تجدهنَّ يسمعنَ المؤذِّنَ فيتراخين عن إقامةِ الصلاةِ في أولِ وقتِها أو يتثاقلنَ الاستيقاظَ من النومِ لأدائها، حتى إذا ذهب الوقتُ الفاضلُ نَفَضْنَهَا في وقتِ الاضطرار.


فهل لأجلِ ذلك فُرضَت الصلاة؟ وهل تحققتْ مقاصدُها العُظمى بهذا الشكل؟ وهل هذهِ الصلاةُ هي التي تنهى عن الفحشاءِ والمنكرِ كما في قوله تعالى: ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾ [العنكبوت: 45]، أم هي الصلاةُ التي يستعينُ بها الإنسانُ على النوائبِ والصعابِ؛ كما في قوله تعالى: ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ﴾ [البقرة: 45].


أم لعل هذه الصلاةَ هي التي تُذهبُ السيئاتِ كما في قوله تعالى: ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ﴾ [هود: 114].


بل تلكَ صلاةُ الغافلين، صلاةُ الخُلُوفِ الذين سيلقون الخسارةَ والعاقبةَ السيئةَ كما توعَّد اللهُ عز شأنه بقوله:
﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾ [مريم: 59].


تلك الصلاة هي التي تحقق الويل لصاحبها؛ كما قال تعالى: ﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴾ [الماعون: 4، 5].


عبادَ الله، إن الصلاةَ صلاحُ الدينِ والدنيا، ونجاةُ الآخرةِ والأولى.



أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، أما بعد عباد الله:
فما أجلَّ ذلك المنظر الذي نراه الآن في صلاةِ الجمعة، وفي سائرِ الصلواتِ خاصةً الفجر، حين يصحبُ الوالدُ أبناءَه معه إلى الصلاةِ، فلا يخرجُ من المنزلِ إلا بهم، يتسابقون إلى الصفِّ الأولِ وتكبيرةِ الإحرام، فيكونُ خيرَ قدوةٍ لهم، وتكونُ الصلاةُ السلوكَ الأصيلَ الذي تقومُ عليه حياتُهم.


إنَّ مشروعَ صلاحِ الأبناءِ وجعلَهم مقيمي الصلاةِ مِن أعظمِ مشاريعِ الإنسانِ في الدنيا والآخرة، وهو همٌّ نبويٌّ جليلٌ دعا به إبراهيم ﷺ فقال: ﴿ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ ﴾ [إبراهيم: 40].


وأمر الله رسولَنا الكريمَ أن يأمرَ أهلَه بها، فقال تعالى: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ﴾ [طه: 132].


فهل نحن نحمل هذا الهمَّ والمسؤولية؟!
ربنا اجعلنا مقيمي الصلاةِ ومن ذرياتِنا ربنا وتقبلْ دعاءنا، ربنا هبْ لنا من أزواجِنا وذرياتِنا قرةَ أعين، واجعلنا للمتقين إمامًا.


اللهم ارفعْ عنا الوباء والغلاء، اللهم ارفع عنا الوباء والغلاء، اللهم ارفع عنا الوباء والغلاء، اللهم احفظنا بحفظك، واكلأنا برعايتك، اللهم أصلحْ أحوالَ المسلمين في كل مكان، وولِّ عليهم خيارَهم.


اللهم وفقْ وليَّ أمرِنا لما تحب وترضى، وخذ بناصيتِه للبر والتقوى، اللهم وفِّقه ووليَّ عهده لما فيه خيرُ البلادِ والعباد، اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 53.53 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 51.85 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.13%)]