|
|||||||
| ملتقى الشعر والخواطر كل ما يخص الشعر والشعراء والابداع واحساس الكلمة |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
|
|
#1
|
||||
|
||||
|
ويقول عبدالهادي السودي (ت 932هـ)[15] مخاطبًا المحبوب: هيهات لي شغْلٌ بكم عن ذا وذا ![]() وبكم عليكم في الهَوى إذلالنا ![]() ويتحدَّث السَّروجي عن كتمانِ المحبة، وضرورة صَون سرِّها عن الذيوع في غير أهلها فيقول[16]: وأُحبُّكم فأشيع ذِكرَ سواكمُ ![]() إذ كنتُ مِن حذر عليكم مُشفِقَا ![]() إن السَّروجي يُدرك أن للحب علامات تظهر على المحبِّ، ومِن ثم يُصبِح حاله معروفًا، ويظل الأصحاب يُلاحقونه بالسؤال عن المحبوب، ويعمد هو إلى التعمية عليهم، وذلك بأن يشيع فيهم اسم محبوبٍ آخَر سوى المحبوب الحقيقي الذي هامَ به عشقًا؛ وذلك ليظلَّ حبه خالصًا من الرياء، ولعلَّ إدراك السَّروجي هذه الحقيقة هو ما حدا به إلى أن يشيع في أصحابه أنه يحب وجيهًا من وجهاء قومه، ويُحبُّ خادمه الذي اسمه مُحسن يقول[17]: أَفدي رئيسًا كلُّ فعلٍ له ![]() يُحبُّه العبد ويرضاه ![]() ومثله خادمُه مُحسِن ![]() والعبد مِن طِينة مَولاه ![]() وفي تصوري أنَّ إشاعة السَّروجي في أصحابه حبَّه هذا الرئيس وخادمه قد شغلتْ أذهانَهم وصرفتْها عن مُحاوَلة التعرُّف على المحبوب الحقيقي، الذي تعلَّق قلب صاحبنا به. وكتمان المحبة وصَون سرِّها من الذيوع في غير أهلِها ليس سلوكًا ابتدعه السَّروجي من ذات نفسِه، وإنما هو مهيع صوفيٌّ مُبتدَع منذ كان التصوف، ومنذ عُرف المُتصوِّفة؛ فلقد روى القُشيري أن عبدالواحد بن زيد نظر إلى غلام من أصحابه قد نحَل بدنُه فقال: أتُديم الصوم يا غلام؟ فقال الغلام: لا، ولا أديم الإفطار، فقال له عبدالواحد: أتُديم القيام بالليل؟ فقال الغلام: ولا أديم النومَ، فقال له عبدالواحد: ما الذي أنحلَكَ؟ قال الغلام: هوى دائم، وكِتمانٌ دائم عليه[18]. وفي كتمان المحبة يقول أبو علي الروذباري (ت 322هـ)[19]: بكَ كتمانُ وَجدِهِ بكَ عنه ![]() لكَ منه وعنه ما لكَ منهُ ![]() يا فتى الحبِّ، بل فتى الحق، سرِّي ![]() عنه مُستودَعٌ لدَيك فَصُنْه ![]() ويقودُنا الحديث عن كتمان المحبة إلى الحديث عن افتداء المحبوب؛ وذلك لأن المُتصوِّفة يرون أن المحب الصادق هو الذي يتحمَّل ذلَّ المحبوب، ويَرضى منه بالهجر كما يرضى منه بالوصل، ويرضى منه بالجفاء كما يرضى منه بالوفاء، وفي هذا المعنى يقول تقي الدين السَّروجي موجهًا الخطاب إلى المحبوب[20]: فديتُكَ محبوبًا على السخطِ والرِّضا ![]() وعذْرُك مَقبولٌ على الغدرِ والوَفا ![]() ولقد شاعَ الحديث عن افتداء المحبوب في التراث الشِّعري الصوفي؛ فها هو ذا سمنون المحب يُناجي محبوبه فيقول[21]: أَفديك، بل قلَّ أن يفديك ذو دنفٍ ![]() هل في المذلَّة للمُشتاقِ مِن عار ![]() وها هو ذا ابن الخيمي (ت 685هـ) يتحدَّث عن افتِداء المحبوب فيقول[22]: فداؤه ما جَرى في الدمعِ مِن مُهَجٍ ![]() وما جَرى في سبيل الحبِّ مُحتَسَبُ ![]() ويُدرِك السَّروجي قيمة الصدق وأثره في توثيق عرى المحبَّة، وفي الوصول بالمحب إلى مقام الرضا يقول السَّروجي[23]: دُنيا المحبِّ ودينه أحبابُه ![]() فإذا جفَوه تقطَّعت أسبابُه ![]() وإذا أتاهم في المحبة صادقًا ![]() كشَف الحِجابَ له وعزَّ خبابه ![]() ويقول[24]: كم صال في ميدان حبِّك فارس ![]() بالصِّدق فيك إلى رِضاك سبقتُه ![]() ولسْنا نستطيع في هذا الحيِّز المَحدود أن نتتبَّع كل المواطن التي ورَد فيها الجِذر المعجمي حبب ومُشتقاته، وأظن أنَّ ما مضى مِن حديثٍ كافٍ في الدلالة على شُيوعِه في شِعره بما يَحمِل من دلالات صوفية. [1] الرسالة القشيرية صفحة 320. [2] السابق نفسه، الصفحة نفسها. [3] الرسالة القشيرية صفحة 319. [4] السابق نفسه، والصفحة نفسها. [5] الرسالة القشيرية صفحة 324. [6] الرسالة القشيرية صفحة 321. [7] الرسالة القشيرية صفحة 323. [8] الرسالة القشيرية ص: 321. [9] الرسالة القشيرية ص: 322. [10] الرسالة القشيرية ص: 322. [11] تاريخ ابن الجزري 1/ 241، وفوات الوفيات 2/ 197، والوافي بالوفيات 17/ 342، والنص رقم: 4 من مجموعنا بالفصل الثالث من هذا الكتاب. [12] نقلاً عن شعراء الصوفية المجهولون؛ للدكتور يوسف زيدان، نشر أخبار اليوم صفحة 15. [13] نقلاً عن نفحات الأنس من حضرات القدس؛ لعبد الرحمن الجامي ص: 335. [14] نقلاً عن شعراء الصوفية المجهولون؛ للدكتور يوسف زيدان ص: 72. [15] نقلاً عن شعراء الصوفية المجهولون ص: 119. [16] تاريخ ابن الجزري 1/ 343، وفوات الوفيات 2/ 202، والنص رقم: 12 من مجموعنا هذا وهو بالفصل الثالث من هذا الكتاب. [17] فوات الوفيات 2/ 202، والنص رقم: 22 من مجموعنا هذا وهو بالفصل الثالث من هذا الكتاب. [18] الرسالة القشيرية ص: 212. [19] نقلاً عن شعراء الصوفية المجهولون ص: 26. [20] تاريخ ابن الجزري 1/ 344، والوافي بالوفيات 17/ 343، وفوات الوفيات 2/ 198، والنص رقم: 11 من مجموعنا هذا بالفصل الثالث من هذا الكتاب. [21] نقلاً عن شعراء الصوفية المجهولون؛ للدكتور يوسف زيدان ص: 13. [22] نقلاً عن شعراء الصوفية المجهولون ص: 96. [23] تاريخ ابن الجزري 1/ 434، والوافي بالوفيات 17/ 343، وفوات الوفيات 2/ 198، والنص رقم: 2 من مجموعنا بالفصل الثالث مِن فصول هذا الكتاب. [24] تاريخ ابن الجزري 1/ 341، وفوات الوفيات 2/ 197 والوافي بالوفيات 17 ص: 342 والنص رقم: 4 من مجموعنا هذا بالفصل الثالث من فصول هذا الكتاب.
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |