|
|||||||
| ملتقى الشعر والخواطر كل ما يخص الشعر والشعراء والابداع واحساس الكلمة |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
|
|
#1
|
||||
|
||||
|
ومع أن هذه المذهبة العينيَّة لكعب - رضي الله عنه - أبيات جديرة بالدراسة والنظرة الفاحصة، فهي قصيدة لشاعر أحبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم؛ لِما له من مواقف تشهد بصدق إيمانه، ورسوخ العقيدة في نفسه، هذه القصيدة نظمها كعب في الردِّ على عبدالله بن الزِّبَعْرَى قبل إسلام هذا الأخير. اشتملَت وحداتها العضوية على صور أدبية فنية صاغها كعب - رضي الله عنه - بريشة الشاعر المبدع، فجاءت قصيدته خطابًا للعقل والعاطفة، متَّسمة بالواقعية والتاريخ والصدق الشعوري، وهذه الخصائص مجتمعة تؤكِّد ثبوت الشعر الإسلامي وقوته وتفاعله وأثره وتأثيره، وإنَّ ما يراه بعض النقاد - قدماء ومعاصرين - عن أن الشعر الذي نظمه شعراء الإسلام من الرعيل الأول فقَدَ بعض السمات الفنية من توهُّج العواطف، والإبداع في الصورة، وسَعة الخيال، وتميز بخصائص أخرى؛ كفطور العاطفة، ونضوب الصورة، وضيق الخيال، حكمٌ فيه تسرُّع، والفيصل فيما ذهب إليه هؤلاء النقاد أن نستمع إلى شيء مِن قصيدة كعب؛ فهي البرهان على خلاف ما يرمون إليه. يقول - رضي الله عنه وأرضاه -: ألا هل أتى غسان عنا ودونهم ![]() مِن الأرض خرقٌ سيره مُتنعنِع؟ ![]() صحار وأعلام كأن قتامها ![]() مِن البُعدِ نقْع هامد متقطِّع ![]() مُجالدنا عن ديننا كل فحمة ![]() مذرَّبة فيها القوانس تلمَع ![]() ولكن ببدرٍ سائلوا من لقيتم ![]() مِن الناس والأنباء بالغيب تنفع ![]() وإنا بأرض الخوف لو كان أهلها ![]() سوانا لقد أجلَوا بليل فأقشعوا ![]() إذا جاء منا راكب كان قوله ![]() أعدوا لما يُزجي ابن حرب ويَجمع ![]() نُجالد لا تبقى علينا قبيلة ![]() من الناس إلا أن يَهابوا ويفظعوا ![]() وقال رسول الله لما بدَوا لنا ![]() ذروا عنكم هول المنيَّات واطمعوا ![]() فلما تلاقَينا ودارَت بِنا الرحى ![]() وليس لأمر حمَّه الله مَدفَع ![]() ضربناهمُ حتى تركْنا سَراتهم ![]() كأنهمُ بالقاع خشبٌ مصرع ![]() ونحن أناسٌ لا نرى القتل سُبَّة ![]() على كل مَن يَحمي الذِّمار ويَمنع ![]() بنو الحرب لا نعيا بشيء نقوله ![]() ولا نحن مما جرَّت الحرب نجزَع ![]() إلى آخر ما قال كعب - رضي الله عنه - في هذه الرائعة الحَماسية التي تقارب أبياتها خمسين بيتًا، كل بيت يُعبِّر عن معنى سامٍ شريف تتلاحق فيه الصور حتى كأن السامع يُشاهد المعركة الإسلامية عيانًا، وقد أشرْنا إلى شيء مِن خصائص شِعر كعب - فيما سبق - ولعله يكفي في الوقوف على مواطن الإبداع في شِعره. وإذا كانت هذه الدراسة إنما تُعنى بتفحُّص مواطن الإجادة والإبداع في عدد مِن نصوص الخطابة والقصة والشِّعر، واستجلاء الخصائص الفنية في كل نصٍّ يَختار، إذا كانت الغاية من هذه الدراسة هو ما ذكرنا فإنه يَحسُن الوقوف على تبيُّن المادة الأدبية التي يستمد منها الشعر الإسلامي معانيه ومبانيَه، ويَحسُن الوقوف - أيضًا - على أغراض هذا اللون مِن الشِّعر. [1] المصدر السابق (ص: 6 - 7). [2] الحديث في فيض القدير (3: 343) للمناوي - دار المعرفة، بيروت.
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |