|
|||||||
| ملتقى الشعر والخواطر كل ما يخص الشعر والشعراء والابداع واحساس الكلمة |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
|
|
#1
|
||||
|
||||
|
ماهر وياسمين في معركة الخيانة التاريخية مصطفى العادل ردد التغريدة كثيرًا لدرجة أنه حفظها حفظًا دقيقًا: ♦ "الحمد لله، أخيرًا تحقَّقت أمنيتي بعد طول انتظار؛ تحتفل بعقد زواجها". ياسمين تحمد الله على عقد قرانها، بينما ماهر لم يكن بعد في ذلك المستوى؛ حيث تترجم أحلامهما الماضية إلى واقع حقيقي. سألته ذات مرة عن نجاح حلمه مازحًا: ♦ متى أحضر في عرسك لأقابل اللحوم والعصائر؟ فرد ضاحكًا: ♦ لم أستطع المباءة بعدُ. كان لشدة مزاحه يستعمل المباءة، رواية الأديب المغربي عز الدين التازي مقابل الباءة، المباءة تحضر في أذهاننا نحن الشباب منذ درسناها في المستوى الثانوي؛ لأنها أقرب كلمة إلى الباءة، هذه الساحرة التي تخرجنا من عالم العزوبة والإعاقة كما اصطلح عليها أخيرًا. ♦ قريبًا إن شاء الله، فلا فرق بين المباءة والباءة، لكنني أخشى عليك؛ فالفرق في حرف الميم، وهو سيد الحروف في العامية المغربي: [سبق الميم واتهنى]، حرف الميم يا صديقي مشؤوم لحدٍّ كبير. رد علي ماهر بهاءات تعبيرًا عن الضحك، وقد لا تكون في الحقيقة إلا بفعل الأنامل التي كتبتها: ♦ ****ه. لم تكن ياسمين تنشر مثل هذه التدوينات حينما كانتْ تبادل ماهرًا أطراف الحبِّ والأحلام، فكيف عادت بعد أسبوع من الغياب لتفتح صفحتها بهذه الرصاصة، وهي في قمة سعادتها؟ الفيس بوك بدوره قنبلة نووية، كثيرًا ما يسهم في قصفنا، يدفعنا إلى الحب، ثم يلعب دورَ الوسيط في متابعة أشواط الرحيل، إنه - بكل خلاصة - سببُ كل الأوجاع العاطفية. هذه التساؤلات طرحها ماهر، ثم عاد إلى الجزء الخاص بالغباء في ذهنه، يبحث لها عن جواب...، اسمحوا لي معشر الشباب، قد طال انتظار المتجسِّسات وازداد شوقهن لمعرفة حقيقة ياسمين؛ لذلك سنوقف جميع تلك الأعذار التي التجأ إليها العاشق الغبي لتبرير التدوينة، والتماس الأعذار من المتهمة بارتكاب أبشع جريمة في عالم العواطف. لن نسمح لك يا ماهر بأن تسبح مرةً أخرى في عالم الخيال، نحن ندرك أنك تلعب الآن دورَ السَّمكة، ولا حياة لك خارج البحر، التقمتَ سنارة الصياد أيها المسكين وجاء دورك، كل ما علينا بعد إخراجك إلى البَرِّ هو وضعك داخل برميل مائي لتتوهم من حين لآخر عيشك الحر في أعماق البحار...، لا تخشَ، سنحاول كتمَ جرح السنارة بحنجرتك حتى تستطيع تناولَ بعضِ الطعام والشراب، فنحن ندرك أن جرحًا من هذا النوع غالبًا ما يمنع صاحبه من كل شيء، حتى نظامه الغذائي يصبح مشوهًا. سوف نتابع أصابعك على لوحة المفاتيح وأنت تراسل ياسمين من جديد، سيكون خيارنا الوحيد هو الدردشة ما دام أنها رفضت مهاتفتك كما كانت تفعل... أقترح عليك صديقي ماهر: ♦ ابقَ في المدرجات وتابع أطوار المباراة من بعيد، أنا سأتكلَّف بالدردشة حتى لا تصاب بضربة تُبعِدك عن ميادين الحياة لأيام، أو لمدى الحياة، فاللعب مع هذا النوع من الخصوم وفي هذه اللحظة بالذات لا تُحمَد عقباه أبدًا. ♦ اهدأ واملك أعصابك؛ فالنساء قنابل متنوعة ومتعدِّدة، ولا عجب أن تكون ياسمين من ذلك النوع الذي محا أثر مدينتي هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين، لا أشك أنها بالفعل قنبلة نووية صديقي ماهر! أرسلتُ لها من صفحته متقمصًا شخصيته: ♦ السلام عليكم أيتها الشمس الجميلة النيِّرة، أشرقت حياتي بشروقك، ما عشته في غيابك لا يتصوَّر ولا تقوى الكلماتُ على وصفه، إنها بكلِّ صدق لحظاتٌ مظلمة في ليالٍ بهيمة وأيامٍ سوداء بلا نورك. ♦ ****، وعليكم السلام أخي، **** شاعر مع رأسك...، كيف حالك؟ ♦ أخي! هل أنت ياسمين؟ ♦ نعم، أنا ياسمين...، سعيدة جدًّا بعقد زواجي في هذا الأسبوع...، أخيرًا تحقَّقت أحلامي، ****، لكنها للأسف ليست معك...، لا تقل لي: إنك لست مسرورًا بهذا، وإنك لن تحضر حفل زفافي، مممم... ♦ ارتعشت أناملي، واهتزَّ قلبي، ولم يعد بإمكاني أن أكتب كلمةً واحدةً، نهاية حزينة أفقدتني التحكُّم في لوحة المفاتيح، وأصبحت أناملي تكتب حروفًا أخرى غير التي أرغب في الردِّ بها على رصاص ياسمين. التفتُّ يمنة إلى صديقي ماهر، كان يتابع قصفها الجوي والبَرِّي بكلِّ اندهاش. ♦ قصفَتْك بنجاح يا ماهر...، لكن تذكر أنك رجل...، ياسمين مجرَّد فتاة تعلَّقتَ بها في عالم أكثره فتيات جميلات. رد عليَّ ماهر مبتسمًا: ♦ أعجبتني لغتك الفصيحة...، لو كنت أتواصل معها بهذه العبارات لَمَا تركتني اليوم. ضحكنا بسبب هذه الكلمات، وكأن شيئًا لم يحدث، وربما لأن [كثرة الهمِّ كضحكٍ]، بالمثل الشعبي المغربي. علمت أثر تلك السهام ووحشية تلك القنابل على فؤاده البريء، وأدركت حِدَّة تلك السيوف التي جعلت من صديقي أطرافًا متباعدةً بعد تلك اللحظة، قد يكون الأمر هينًا من لحظة لأخرى، لكن وجع الرحيل يباغت المرء من حين لآخر؛ حيث لا يجد من يسانده، الوجع سمٌّ يسري في داخل العاشق، وبإمكانه أن يقتله ويقضي عليه بعد فترة وجيزة. ♦ عليكم بصحبة الجَرحى في معارك الرحيل، فهو الدواء الأنجع لداء الوجع. اتصلت إليه بصريًّا في حسرة، فضمني إلى صدره البارد، وعانقني حتى تساقطت قطرات الدمع الدافئ على كتفي؛ فعلمت أنها استعملت القنابلَ المسيلة للدموع في فضِّ اعتصامات عشقه وغرامه. ♦ كن قويًّا يا ماهر، لا تجعل حظًّا للبؤس يُطِل على حياتك أكثر من هذا...، كن قويًّا كما عرفتك...، أرجوك. انتهت المباراة بيننا في مواجهة ياسمين بخسارة فادحة، شعرت بالحزن لأني كنت معارًا في فريقه ذلك اليوم، كلُّ ما تعلمته: إن امرأةً واحدةً قد تقتل عشرات الرجال! لقد صرتُ جزءًا من صديقي، إن لم أقل: صرتُ ماهرًا نفسه في تلك اللحظة، كلُّ ما ميَّزني عنه هو قدرتي على حظرها وحذف حسابها. قلتُ له بينما كان لا يتحرك: ♦ لم يعد هناك مجال لها في حسابك، عليك أن تنسى كلَّ شيء بسهولة تمكِّنك من الرجوع إلى وضعك الطبيعي ماهر. أغلقتُ الحاسوب، ثم قررت الخروج معه إلى المدينة لساعات، لم تكن لديَّ الرغبة في الخروج إليها، إلا أنني حاولتُ لعب دور الدول الأوربية حينما استقبلت اللاجئين العرب، النازحين جراء الثوَرَات الشعبية على حكام الجَبْر، نعم ماهر لم يكن أقل تضرُّرًا من النازحين، فقد صار بعد ثورة ياسمين لاجئًا بلا وطن، عاد رجلًا بلا قلب. هكذا تقتلنا القَصص الفاشلة في عالم العواطف يا معشر الرجال، فالمرأة تكتفي برجل غنيٍّ وجميل، وشابٍّ وسيم؛ لتقلب الطاولة على حبيبها السابق، يكفيها هذا لتنسى الماضي، وتعيش من جديد مع رجل جديد. ما يميِّزنا نحن الأغبياء من الرجال هو عدم قدرتنا على التمييز بين الحبِّ الصادق والدور الذي يلعبه أحدُنا في مرحلة عاطفية تنتهي برفع ستار الحبِّ الأنثوي؛ لذلك قد يشعر أحدُنا أنه تربَّع على عرش قلب إحداهن، دون أن يدرك أن النهاية غيرُ بعيدة عمَّا عاشه ماهر مع بطلة المسرحية السيدة ياسمين المزيفة. في إحدى زياراتي لصديقي ماهر استرجعت معه هذه المسرحية بكامل تفاصيلها، رغبةً في التذكير بدرس أنا في الحاجة إليه، درس ما زلت أجهل أدقَّ تفاصيله رغم سنوات طويلةٍ قضيتها بالجامعة أيقونة الحب والوجع. أدركت أن ماهرًا توصل بعد فوات الأوان إلى حقيقة كلِّ شيء، لقد استوعب المسكين قدَرَه الذي ساقه للعب ذلك الدور الفاشل. ياسمين كانت لا تحبُّه نهائيًّا، لقد شربت جرعة من عشق صديقها يونس منذ الطفولة، هذا الفتى الذي لم يُعِر أي اهتمام لحبِّها، خاصة بعدما علم أنها انغمست في حبِّه، وتعسلت - بمعنى أكثر دقة - في عشقه، التجأتُ إلى صديقي ماهر ليلعب دور المُثير في نظرية سكانر التربوية، صنم رجولي وهب كل ما لديه لإثارة غيرة يونس ليس إلا، حرَّك مشاعرَ يونس اهتمامُ ماهر، ونشرت صورهما فتأجَّجت نيران الغيرة في قلبه أكثر فتقدَّم لخطبتها! أخيرًا قادت يونس إلى السلة بلا وعي، ورمت ماهرًا برصاصة الوجع غامضة عينيها، انتهى كلُّ شيء في المسرحية، وأصبح ماهر البطل الفاشل يتيمًا يجول بين أحياء الألم في مدينة الوجع العاطفي.
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |