شرح كان وأخواتها - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4948 - عددالزوار : 2051538 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4524 - عددالزوار : 1319447 )           »          شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 591 - عددالزوار : 334106 )           »          اكتشف الأسباب الخفية وراء انتفاخ البطن! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          الكافيين: فوائده، أضراره، والكمية الآمنة للاستهلاك يوميًا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          التعايش مع اضطراب ثنائي القطب: دليلك لحياة متوازنة! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          7 أطعمة تقوي العظام! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          نصائح بعد خرم الأذن: دليلك الشامل للتعافي بسرعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          ما هي فوائد التبرع بالدم؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          متى يكون فقدان الوزن خطير؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى النحو وأصوله
التسجيل التعليمـــات التقويم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22-11-2022, 04:02 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,341
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح كان وأخواتها

شرح كان وأخواتها
أبو أنس أشرف بن يوسف بن حسن






فائدة: يستفاد مِن ذكر أقسام كلٍّ من الفاعل ونائب الفاعل، واسم (كان) وأخواتها المضمر، وأنه قد يكون ضميرًا متصلًا من الضمائر المتصلة الستة التي ذكرناها في الصفحة الماضية - أن هذه الضمائر المتصلة الستة قد ترفع على أنها:

1- فاعل، وذلك إذا بُني الفعل المتصل به ضمير من هذه الضمائر الستة للمعلوم؛ نحو قوله تعالى: ﴿ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ﴾ [البقرة: 286]، فالضمير المتصل (نا) الفاعلين في الفعلين: (نسينا أو أخطأنا)[39] هو في محلِّ رفع فاعل.


2- أو على أنها نائب فاعل، وذلك إذا بني الفعل المتصل به ضمير من هذه الضمائر الستة لما لم يسم فاعله؛ نحو قوله تعالى: ﴿ وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ﴾ [مريم: 33]، فقد اتصل الفعلُ (وُلِدت) بالضمير تاء الفاعل، وهو مبني لِما لم يُسمَّ فاعله، ولذلك يعرب هذا الضمير في محل رفع، نائب فاعل.


3- أو على أنها اسم لـ(كان) أو إحدى أخواتها، وذلك إذا اتصل ضمير من هذه الضمائر الستة بفعل من الأفعال (كان) وأخواتها؛ نحو قوله تعالى: ﴿ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا ﴾ [آل عمران: 103]، فقد اتصل الفعلُ (أصبح)[40] بالضمير المتصل تاء (الفاعل)، ولذلك كان هذا الضمير في محل رفع، اسم (أصبح).



المبحث السادس: أنواع خبر (كان) وأخواتها:
اعلم - رحمك الله - أن كلَّ ما سبق لخبرِ المبتدأ من الأحكام والأقسام يُعطَى لخبر (كان) وأخواتها؛ لأن له حكمَه، غير أنه يجب نصبه؛ لأنه شبيهٌ بالمفعول به.


وبِناءً على ذلك، فإن خبر (كان) وأخواتها ينقسم إلى نفس القسمين اللذينِ كان ينقسم إليهما خبر المبتدأ، فقد يكون خبر (كان) وأخواتها:
مفردًا[41]؛ نحو الكلمتين: (أمة، قوامين) في قوله تعالى: ﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً ﴾ [النحل: 120]، وقوله عز وجل: ﴿ كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ ﴾ [النساء: 135].


وغير مفرد، وهو ينقسم إلى:
جملة، وهي قد تكون:
جملة اسمية؛ نحو: صارت الحديقة أشجارها طويلة[42].
وقد تكون جملة فعلية؛ نحو قوله تعالى: ﴿ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ ﴾ [البقرة: 33][43].


وشبه جملة، وهو يشمل:
الجار والمجرور؛ نحو قوله تعالى: ﴿ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ ﴾ [البقرة: 193][44].


والظرف، وهو قد يكون:
ظرف زمان؛ نحو: أصبح السفرُ يوم الخميس[45].
أو ظرف مكان؛ نحو قوله تعالى: ﴿ لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا ﴾ [آل عمران: 156][46].


وبهذا ينتهي الحديثُ عن المبحثِ السادس والأخير مِن مباحث (كان) وأخواتها، وتلك هي بعض الفوائد التي تتعلق بهذا المبحث:
الفائدة الأولى: ينتبه إلى أن خبر (كان) وأخواتها المفرد يكون منصوبًا بعلامة النصب:
الأصلية؛ نحو الخبر (غفورًا) في قوله تعالى: ﴿ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 96]، فكلمة (غفورًا) في هذه الآية منصوبة بالفتحة، وهي - كما هو معلوم - العلامة الأصلية للنصب.


والفرعية؛ نحو الخبر (مختلفين) في قوله تعالى: ﴿ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴾ [هود: 118]، فإن (مختلفين) خبر الفعل (يزال) الذي هو من أخوات (كان)، وهو منصوب بعلامة فرعية هي الياء؛ لأنه جمع مذكر سالم.


الفائدة الثانية: يشترط في خبر (كان) وأخواتها أن يطابق اسمها في:
1- النوع (التذكير والتأنيث)؛ نحو قوله تعالى: ﴿ مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا ﴾ [آل عمران: 67].
2- وفي العدد (الإفراد والتثنية والجمع)([47])؛ نحو قوله عز وجل: ﴿ وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ ﴾ [الحجر: 78].


الفائدة الثالثة: إذا وقع بعد (كان) وأخواتها مباشرة جارٌّ ومجرور، أو ظرف[48]، كان ما بعد المخفوض (الاسم المجرور بعد حرف الجر، والمضاف إليه بعد الظرف) مرفوعًا، اسمًا مؤخرًا لـ(كان) وأخواتها، وكان الجار والمجرور والظرف في محل نصب خبرًا مقدمًا لها؛ كقولك: كان في الدار زيد - كان عندك عمرو، ومنه قوله تعالى: ﴿ وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ ﴾ [النمل: 48]، وقوله سبحانه: ﴿ لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ ﴾ [النور: 61]، وقوله سبحانه: ﴿ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا ﴾ [الكهف: 82].


الفائدة الرابعة: قولنا: ظل المطر ينزلُ، هو برفع الفعل المضارع (ينزل)؛ لأنه لم يسبقه ناصب أو جازم؛ ولكن ومع رفع هذا الفعل نقول في الجملة الفعلية المكوَّنة منه، ومن فاعله الضمير المستتر (هو): إنها في محل نصب خبر (ظل)؛ لأن خبر (كان) وأخواتها - على ما بيَّناه - من منصوبات الأسماء.
وبهذا ينتهي باب (كان) وأخواتها، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.


[1] هذا هو بداية ذِكْر تفصيل القول في العوامل اللفظية الداخلة على المبتدأ والخبر، والتي سبق ذكرها إجمالًا.
وقول ابن آجروم: وأخواتها؛ يعني به - كما تقدَّم - نظائرها في العمل، فعلماء النحوِ يُطلقون لفظ أخوات العامل على العوامل التي تعمل عمله، وعليه فقد سُمِّيت الأفعال الآتي ذكرها بعد قليل - إن شاء الله - أخوات (كان)؛ لأنها تعمل عمل (كان) مِن رفع الاسم ونصب الخبر، ولقد كثُر ذِكْرُ (كان) وأخواتها في القرآن حتى بلغتْ قرابة خمسمائة وألف موضع.

[2] ولذلك كانت (كان) وأخواتها تعمل في جزأَيِ الجملة كليهما (المبتدأ والخبر).

[3] ومثال ذلك في كتاب الله: قوله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [البقرة: 218]، برفع لفظ الجلالة على الابتداء، ورفع (غفور) على الخبرية، فلما دخلَتْ (كان) على هذه الجملة الاسمية، كما في قوله سبحانه: ﴿ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 96]، أصبحَتْ كلمة (غفور) منصوبةً، على أنها خبر (كان)؛ لأن (كان) - كما هو معلوم - تنصب خبرها.
تنبيه: (كان) هنا ليستْ للماضي فقط، بل هي للاستمرار؛ لأن الفعل (كان) إذا أضيف إلى الله تعالى تجرَّد من الزمان، وصار معناه الدوام.

[4] سبق ذكر السبب في كون العوامل الداخلة على جملة المبتدأ والخبر - ومنها (كان) وأخواتها - تسمى نواسخ، وسيأتي إشارة لذلك أيضًا إن شاء الله تعالى.

[5] ضمائر الرفع المتحركة - كما تقدم مرارًا - ثلاثة؛ وهي: تاء الفاعل بأشكالها الستة، ونون النسوة، ونا الفاعلين، وسميتْ ضمائر الرفع؛ لأنها دائمًا تكون في محل رفع، وسميت المتحركة؛ لأنها إما أن تُبنَى على الفتح؛ كنونِ النسوة ونا الفاعلين، وإما أن تبنَى على الضم أو الفتح أو الكسر - حسب المخاطب الذي تدل عليه - وهو الضمير تاء الفاعل بأشكاله الستة.

[6] ولا نقول: مرفوع بالابتداء - كما كنا نقول قبل دخول (كان) - لأن الذي عمِل الرفعَ الآن هو (كان)، فأصبح عامل الرفع لفظيًّا بعد أن كان معنويًّا.

[7] وكذا تقول: كان أخوك قائمًا، ولا يصح أن تقول: كان أخاك قائمًا، أو: كان أخوك قائم، أو: كان أخاك قائم، وكذلك تقول: كان المسلمون أتقياء، ولا يصح أن تقول: كان المسلمين أتقياء، أو: كان المسلمون أتقياءُ، أو: كان المسلمين أتقياءُ.

[8] كما أن (كان) وأخواتها كذلك تسمى أفعالًا ناقصة؛ وذلك لأنها لا تكتفي بمرفوعها، وتطلب منصوبًا، وهو خبرها.

[9] ففي هذه الآية المباركة عملت (كان) الرفع في المبتدأ (الناس)، وسمي اسمًا لها، والنصب في الخبر (أمة)، وسمي خبرًا لها.

[10] ففي هذا المثال: عمل الفعل (أمسى) الذي هو من أخوات (كان) الرفع في المبتدأ (الجو)، وسمي اسمًا له، وعمل النصب في الخبر الذي هو (باردًا)، وسمى خبرًا له.

[11] ففي هذه الآية: عمل الفعل (أصبح) الرفع في المبتدأ (فؤاد)، وسمي اسمًا له، والنصب في الخبر (فارغًا)، وسمي خبرًا له.

[12] ففي هذا البيت من الشعر رفع الفعل (أضحى) المبتدأ (التنائي)، وعلامة رفعه الضمة المقدرة، منع من ظهورها الثقل، وسمي اسمًا له، ونصب الخبر (بديلًا)، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة في آخره، وسمي خبرًا له.

[13] وهذا بخلاف الفعل (ضل) بالضاد، الذي هو من الضلال، فإن مرفوعه لا يسمى مبتدأ، وإنما يسمى فاعلًا، وكذلك منصوبه لا يسمى خبرًا، وإنما يسمى مفعولًا به، كسائر الأفعال الأخرى، سوى (كان) وأخواتها.
تقول على سبيل المثال: ضل الرجل سبيل الحق، برفع كلمة (الرجل) على الفاعلية، لا على أنها اسم (ضل)، ونصب كلمة (سبيل) على المفعولية، لا على أنها خبر (ضل).

[14] وإعراب هذه الآية هكذا:
يبيتون: فعل مضارع ناسخ، يرفع المبتدأ، ويسمى اسمه، وينصب الخبر، ويسمى خبره، وهو مرفوع لتجرُّده من الناصب والجازم، وعلامة رفعه ثبوت النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، وواو الجماعة ضمير مبني على السكون، في محل رفع، اسم (يبيت).
سجدًا: خبر (يبيت) منصوب بها، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة في آخره.

[15] وإعراب هذا الحديث هكذا:
صاروا: فعلٌ ماضٍ ناسخ، يرفع المبتدأ ويسمى اسمه، وينصب الخبر ويسمى خبره، وهو مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة، وواو الجماعة ضمير مبني على السكون، في محل رفع، اسم (صار).
فحمًا: خبر (صار) منصوب بها، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة في آخره.

[16] وإعراب قوله سبحانه: (لست مرسلًا) هكذا.
لست: (ليس): فعلٌ ماضٍ ناسخ، يرفع المبتدأ، ويسمى اسمًا له، وينصب الخبر، ويسمى خبرًا له، وهو مبني على السكون؛ لاتصاله بتاء الفاعل، وتاء الفاعل ضمير مبني على الفتح، في محل رفع، اسم (ليس).
مرسلًا: خبر (ليس) منصوب بها، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة في آخره.
ولمزيد من التدريب على الإعراب في باب (كان) وأخواتها، وغيره من أبواب الآجرومية: انظر كتابنا: (س، ج على شرح الآجرومية)؛ فإنه مملوء بالأمثلة الإعرابية التي قد تصل إلى سبعمائة مثال إعرابي، والله يمن عليك بالفَهم.

[17] وسبب دلالة هذه الأفعال على الاستمرار: أنها بمعنى النفي، فإذا دخل عليها النفي صار معناها نفي النفي، ونفي النفي استمرار الثبوت.

[18] فهذه ثمانية أمثلة عملت فيها الأفعال: (زال، برح، فتئ، انفك) الرفع في المبتدأ، ويسمى اسمها، والنصب في الخبر، ويسمى خبرها، واسمها الذي رفعته في هذه الأمثلة الثمانية هو على الترتيب: الله - قوته - حلمه - قرآنه - المجاهد - عينه - سلاحه - استعداده.
وخبرها الذي نصبته في هذه الأمثلة الثمانية هو على الترتيب:
غفورًا - باهرة - سابقًا - معجزًا - واقفًا - يقظة - مشرعًا - تامًّا.
ويلاحظ أن هذه الأفعال الأربعة في كل هذه الأمثلة الثمانية المذكورة كان لها معنى واحد، هو معنى (لا يزال)، ومن هنا تعلم لماذا جمعتها كلها في سياق واحد.

[19] فهي تفيد استمرار المعنى الذي قبلها مدة محدودة، هي مدة ثبوت معنى خبرها لاسمها، فعلى سبيل المثال قولك: لا أصحبك ما دمت منحرفًا - نفي الصحبة هنا يدوم بدوام وقت معين محدود، هو مدة الانحراف.

[20] فقد قبلت (ليس) في هذه الآيات المباركات المذكورات، إما تاء التأنيث الساكنة، وذلك في الآية الأولى والحديث، وإما تاء الفاعل؛ كما في باقي الآيات، وقد تقدم بنا أن ذكرنا أن هاتين التاءين هما من العلامات الخاصة بالفعل الماضي، وأنهما إذا اتصلتا بكلمة، فهي فعل ماضٍ، وبذلك يتبين لنا جليًّا أن (ليس) فعلٌ ماضٍ، وليست حرفًا، كما ادعى ذلك أبو علي الفارسي وابن السراج رحمهما الله.

[21] سيأتي في الصفحة القادمة إن شاء الله تعالى بيان معنى (شبه النفي).

[22] وإنما قام النهي مقام النفي؛ لأن المطلوب به ترك الفعل، وتركه نفي، وإنما كان الدعاء شبيهًا بالنفي؛ لأن دعاءك بحصولِ الشيء دليلٌ على أنه غير حاصل في وقت الدعاء، وهذا معنى النفي.

[23] قال ابن مالك رحمه الله في ألفيته، في بيان اشتراط تقدم النفي وشبهه على هذه الأفعال الأربعة لكي تعمل عمل (كان):
............... وهذى الأربعه ♦♦♦ لشبه نفي أو لنفي متبعه

[24] ففي هاتين الآيتين عمل الفعلان: (يزالون، ونبرح) عمل (كان)، فرفعا المبتدأ اسمًا لهما - وهو على الترتيب: واو الجماعة في (يزالون)، والضمير المستتر (نحن) في (نبرح) - ونصبا الخبر خبرًا لهما، وهو على الترتيب: (مختلفين، عاكفين)، وإنما عمِلَا هذا العمل؛ لتوفر شرط تقدم نفي عليهما، وهو هنا: حرفا النفي: (لا، ولن).

[25] فالفعل (تزل) في هذا البيت قد رفع المبتدأ، وهو الضمير المستتر فيه، الذي تقديره (أنت)، ونصب الخبر، وهو قوله: (ذاكر)، وإنما علم الفعل (تزل) هذا العمل؛ لتقدم أداة النهي (لا) عليه.

[26] فهذه الجمل الثلاث المقصود بها الدعاء، وقد عملت الأفعال: (انفك، وزلت، ويبرح) الرفع في المبتدأ، وهو على الترتيب: (بيتكم - تاء الفاعل - الله)، والنصب في الخبر، وهو على الترتيب: (عامرًا - الجار والمجرور - محسنًا)، والسبب في عمل هذه الأفعال هذا العمل هو أنها قد تقدَّم عليها حرف الدعاء (لا)، ولينتبه إلى أن هذه الأمثلة الثلاثة كلها بدأت بحرف (لا)، ولا يكون الدعاء إلا به، وعند إعرابه تقول فيه: حرف دعاء مبني على السكون، لا محل له من الإعراب، ولينتبه كذلك إلى أنه متى خلَت هذه الأفعال الأربعة عن نفي، أو نهي، أو دعاء؛ فإنها لا تعمل العمل المذكور.

[27] فإن لم تتقدم عليه لم يعمل هذا العمل، وإنما يكون مرفوعه فاعلًا، كغيره من الأفعال، تقول: دام المطر، برفع (المطر) على أنها فاعل للفعل (دام)، لا اسم له؛ لأنه لم يتقدم عليه (ما) المصدرية الظرفية، فإذا أردت جعلها من أخوات (كان) فأدخِل عليها (ما) المصدرية الظرفية، فتقول: لا أخرج من البيت ما دام المطر نازلًا، برفع (المطر) على أنه اسم (دام)، ونصب (نازلًا) على أنه خبرها، وإنما عملت (دام) هنا عمل (كان)؛ لأنها قد تقدم عليها (ما) المصدرية الظرفية، كما هو واضح.

[28] فـ(ما) هذه تسمى مصدرية؛ لأنها تؤول مع الفعل (دام) بمصدر، هو (دوام)، وتسمى ظرفية؛ لأنها تقدر بمدة؛ فهي نائبة عن الظرف المحذوف، الذي هو المدة.

[29] التصرف معناه: مجيء هذه الأفعال ماضية، ومضارعة، وأمرًا، وليُعلَم أن كل ما تصرف من هذه الأفعال - سواء كان مضارعًا أم أمرًا - فإنه يعمل عمل ماضيها، من كونه يرفع الاسم، وينصب الخبر، وسيتضح لك ذلك جليًّا من الأمثلة التي سنذكرها، إن شاء الله، وهذا هو الذي عناه ابنُ آجرُّوم بقوله في (متن الآجرومية): وما تصرَّف منها.

[30] فالفعل (كان) في هذه الآيات الثلاث على اختلاف تصاريفه: قد عمل الرفع في المبتدأ - وهو على الترتيب: (الله، الدين، واو الجماعة) - ويسمى اسمًا له.
كما أنه قد عمل النصب في الخبر، وهو على الترتيب: (غفورًا، لله، حجارة)، ويسمى خبرًا له.

[31] فلا يأتي منه المضارع، ولا الأمر.

[32] فـ(ليس)؛ فعل ماضٍ، وقد رفع المبتدأ (تاء الفاعل) اسمًا له، ونصب (مرسلًا) خبرًا له.

[33] وجه ذلك: أن الفاعل لا بد أن يذكر قبله فعله، وكذلك الحال في اسم (كان) وأخواتها، فإنه لا بد أن يتقدم عليه الفعل (كان) أو إحدى أخواتها، وهي كلها أفعال، كما تقدم.
ومن هنا تعلم لماذا قلنا في اسم (كان): إنه يرفع تشبيهًا له بالفاعل، فانتبه.

[34] فكما أن الفاعل كنا قد قسمناه إلى اسم ظاهر وضمير، فكذلك نقول هنا أيضًا في أقسام اسم (كان) وأخواتها.

[35] فيكون تقديره واحدًا من الضمائر المستترة الخمسة: (هو، هي، أنا، أنت، نحن)، وسيأتي التمثيل - إن شاء الله تعالى - على كل واحد من هذه الخمسة.

[36] ففي هذه الآيات المباركات المذكورات وقع اسم (كان، وتفتأ) ضميرًا مستترًا، وكان تقديرُه في الآية الأولى: (هو)، وفي الآية الثانية: (هي)، وفي الآية الثالثة كان تقديره في الأفعال: (تفتأ، تكون، تكون)؛ (أنت)، وفي الآية الرابعة كان تقديره: (أنا)، وفي الآية الخامسة كان تقديره: (نحن)، وهذا الضمير المستتر يعرب دائمًا هكذا: واسم (كان) أو إحدى أخواتها ضمير مستتر، تقديره: ..... في محل رفع.

[37] وهي - كما تقدم - تاء الفاعل بأشكالها الستة، ونا الفاعلين، ونون النسوة، وتسمى ضمائر الرفع المتحركة، وألف الاثنين أو الاثنتين، وياء المخاطبة المؤنثة، وواو الجماعة، وتسمى ضمائر الرفع الساكنة.

[38] فهذه آيات ثلاث، في الآية الأولى منها وقع اسم (يزال) ضميرًا متصلًا من الضمائر الستة، هو واو الجماعة، وفي الآية الثانية: وقع كذلك اسم (ليس) ضميرًا متصلًا من الضمائر الستة هو تاء الفاعل لجماعة المذكور، وفي الآية الثالثة: وقع أيضًا اسم (كان) ضميرًا متصلًا من الضمائر الستة، هو ألف الاثنتين، وفي كل هذه المواضع الثلاثة - وفي غيرها مما يكون اسم (كان) أو إحدى أخواتها ضميرًا متصلًا من الضمائر الستة - يُعرَب هذا الضمير في محل رفع اسمًا لهذا الفعل الناسخ.

[39] أما الضمير (نا) المتصل بالفعل المضارع (تؤاخذنا) فهو في محل نصب مفعول به، وليس في محل رفع فاعلًا؛ لأن القاعدة - كما تقدم - أن (نا) الفاعلين إذا اتصلت بالفعل المضارع أو الأمر لم تكن في محل رفع فاعلًا، وإنما تكون في محل نصب مفعولًا به دائمًا.

[40] الذي هو من أخوات (كان).

[41] والمراد بالمفرد هنا هو نفس المراد به في باب المبتدأ والخبر؛ يعني أن المراد ما ليس جملة ولا شبه جملة، حتى وإن كان مثنًى أو مجموعًا، وذلك واضح في المثال الثاني الذي سنذكره الآن، إن شاء الله تعالى.

[42] ففي هذا المثال: (الحديقة): اسم (صار)، والجملة الاسمية المكونة من المبتدأ (أشجارها)، والخبر (طويلة)، في محل نصب خبر (صار).

[43] ففي هذه الآية وقع الضمير تاء الفاعل اسمًا لـ(كان)، أما الخبر فهو الجملة الفعلية المكوَّنة من الفعل المضارع (تكتمون)، والفاعل (واو الجماعة)، والجملة من الفعل والفاعل في محل نصب خبر (كان).
ومن أمثلة وقوع خبر (كان) جملةً فعلية كذلك: قول عائشة رضي الله عنها فيما رواه البخاري: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعجِبه التيمُّن في تنعُّله وترجُّله وطهوره، وفي شأنه كله).

[44] فـ(الدين) هنا هو اسم (يكون)، وأما الجار والمجرور (لله)، فهو خبر (يكون) شبه جملة، وهو في محل نصب؛ لأن خبر (كان) منصوب.

[45] فـ(السفر) اسم (أصبح)، و(يوم): ظرف زمان في محل نصب، خبر (أصبح).

[46] فاسم (كان) في هذه الآية هو الضمير (واو الجماعة)، أما خبرها، فهو ظرف المكان (عند)، وهو في محل نصب، ومن أمثلة وقوع خبر (كان) كذلك ظرف مكان، قولُه تعالى: ﴿ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ ﴾ [التحريم: 10]، ويلاحظ أنه في هذه الأمثلة الخمسة الأخيرة - يعني: فيما عدا الأمثلة على كون خبر (كان) اسمًا مفردًا - كان خبرُ (كان) وأخواتها في محل نصب؛ وذلك لأن خبرها من منصوبات الأسماء، بينما خبر المبتدأ كنا نقول فيه؛ في محل رفع؛ لأنه من مرفوعات الأسماء.

[47] وهذا هو نفس ما ذكرناه عند الحديث على خبر المبتدأ، فلينتبه إلى ذلك.

[48] سواء كان هذا الظرف ظرف زمان، أم ظرف مكان.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.


التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 24-11-2022 الساعة 04:51 AM.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 67.92 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 66.18 كيلو بايت... تم توفير 1.73 كيلو بايت...بمعدل (2.55%)]