|
|||||||
| فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
|
|
#1
|
||||
|
||||
![]() كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي المجلد الخامس الحلقة (231) صــــــــــ 296 الى صـــــــــــ 302 وكذلك إن قال إن قدم فلان أو نكحت فلانة ولو قال لامرأة لم ينكحها إذا نكحتك فأنت علي كظهر أمي فنكحها لم يكن متظاهرا لأنه لو قال في تلك الحال أنت علي كظهر أمي لم يكن متظاهرا لأنه إنما يقع التحريم من النساء على من حل ثم حرم فأما من لم يحل فلا يقع عليه تحريم ولا حكم تحريم لأنه محرم فلا معنى للتحريم في التحريم لأنه في الحالين قبل التحريم وبعده محرم بتحريم (قال الشافعي): ويروى مثل معنى ما قلت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم عن علي وابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - وغيرهم وهو القياس. وإذا قال أنت علي كظهر أمي يريد طلاقا واحدا أو ثلاثا أو طلاقا بلا نية عدد لم يكن طلاقا لما وصفت من حكم الله عز وجل في الظهار وأن بينا في حكم الله تعالى أن ليس الظهار اسم الطلاق ولا ما يشبه الطلاق مما ليس لله تبارك وتعالى فيه نص حكم ولا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما كان خارجا من هذا مما يشبه الطلاق فإنما يكون قياسا على الطلاق إذا قال الرجل لامرأته أنت طالق كظهر أمي يريد الظهار فهي طالق ولا ظهار عليه لأنه صرح بالطلاق ولم يكن لكظهر أمي معنى إلا أنك حرام بالطلاق وكظهر أمي محال لا معنى له فلزمه الطلاق وسقط الظهار وهكذا إن قال أنت علي حرام كظهر أمي يريد الطلاق فهو طلاق وإن لم يرد الطلاق فهو متظاهر. وإن قال لامرأته أنت علي حرام كظهر أمي ثم قال لأخرى من نسائه قد أشركتك معها أو أنت كهي أو أنت شريكتها أو ما أشبه هذا لا يريد به ظهارا لم يلزمه ظهار لأنها تكون شريكتها ومعها ومثلها في أنها زوجة له كهي وعاصية له كهي ومطيعة له كهي وما أشبه هذا مما ليس بظهار (قال): وإذا تظاهر الرجل من أربع نسوة له بكلمة واحدة أو بكلام متفرق فسواء وعليه في كل واحدة منهن كفارة لأن التظاهر تحريم لكل واحدة منهن لا تحل له بعد حتى يكفر كما يطلقهن معا في كلمة واحدة أو بكلام متفرق فسواء وعليه في كل واحدة منهن كفارة لأن التظاهر تحريم لكل واحدة منهن لا تحل له بعد حتى يكفر كما يطلقهن معا في كلمة واحدة أو كلام متفرق فتكون كل واحدة منهن طالقا. وإذا تظاهر الرجل من امرأته مرتين أو ثلاثا أو أكثر يريد بكل واحدة منهن ظهارا غير صاحبه قبل أن يكفر فعليه في كل تظاهر كفارة كما يكون عليه في كل تطليقة تطليقة لأن التظاهر طلاق جعل المخرج منه كفارة. ولو قالها متتابعة فقال أردت ظهارا واحدا كان واحدا كما يكون لو أراد طلاقا واحدا وإبانة بكلمة واحدة. وإذا تظاهر من امرأته ثم كفر ثم تظاهر منها مرة أخرى كفر مرة أخرى ولو قال لامرأته إذا تظاهرت من فلانة امرأة له أخرى فأنت علي كظهر أمي فتظاهر منها كان من امرأته التي قال لها ذلك متظاهرا ولو قال لامرأته إذا تظاهرت من فلانة امرأة أجنبية فأنت علي كظهر أمي فتظاهر من الأجنبية لم يكن عليه ظهار لأن ذلك ليس بظهار. وكذلك لو قال لها إذا طلقتها فأنت طالق فطلقها لم تكن امرأته طالقا لأنه طلق غير زوجته (قال): وإذا قال الرجل لامرأته أنت علي أو عندي كأمي أو أنت مثل أمي أو أنت عدل أمي وأراد في الكرامة فلا ظهار وإن أراد ظهارا فهو ظهار وإن قال لا نية لي فليس بظهار. متى نوجب على المظاهر الكفارة (قال الشافعي): - رحمه الله -. قال الله تبارك وتعالى {والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا} {فتحرير رقبة} الآية (قال الشافعي): الذي علقت مما سمعت في {يعودون لما قالوا} أن المتظاهر حرم عليه مس امرأته بالظهار فإذا أتت عليه مدة بعد القول بالظهار لم يحرمها بالطلاق الذي يحرم به ولا شيء يكون له مخرج من أن تحرم عليه به فقد وجب عليه كفارة الظهار كأنهم يذهبون إلى أنه إذا أمسك ما حرم على نفسه أنه حلال فقد عاد لما قال فخالفه فأحل ما حرم. ولا أعلم له معنى أولى به من هذا ولم أعلم مخالفا في أن عليه كفارة الظهار وإن لم يعد بتظاهر آخر فلم يجز أن يقال لما لم أعلم مخالفا في أنه ليس بمعنى الآية. وإذا حبس المتظاهر امرأته بعد الظهار قدر ما يمكنه أن يطلقها ولم يطلقها فكفارة الظهار له لازمة. ولو طلقها بعد ذلك أو لاعنها فحرمت عليه على الأبد لزمته كفارة الظهار. وكذلك لو ماتت أو ارتدت فقتلت على الردة. ومعنى قول الله تعالى {من قبل أن يتماسا} وقت لأن يؤدي ما أوجب عليه من الكفارة فيها قبل المماسة فإذا كانت المماسة قبل الكفارة فذهب الوقت لم تبطل الكفارة ولم يزد عليه فيها كما يقال له أد الصلاة في وقت كذا وقبل وقت كذا فيذهب الوقت فيؤديها لأنها فرض عليه فإذا لم يؤدها في الوقت أداها قضاء بعده ولا يقال له زد فيها لذهاب الوقت قبل أن تؤديها (قال): وهكذا لو كانت امرأته معه فأصابها قبل أن يكفر واحدة من الكفارات أو كفر بالصوم فأصاب في ليل الصوم لم ينتقض صومه ومضى على الكفارة. ولو تظاهر منها ثم مات مكانه أو ماتت مكانها قبل أن يمكنه أن يطلق لم يكن عليه ظهار، ولو تظاهر منها فأتبع التظاهر طلاقا تحل له بعده قبل زوج له عليها فيه الرجعة أو لا رجعة له لم يكن عليه بعد الطلاق كفارة لأنه أتبعها الطلاق مكانه فإن راجعها في العدة فعليه الكفارة في التي يملك رجعتها ولو طلقها ساعة نكحها لأن مراجعتها بعد الطلاق أكثر من حبسها بعد الظهار وهو يمكنه أن يطلقها. ولو تظاهر منها ثم أتبعها طلاقا لا يملك فيه الرجعة ثم نكحها لم تكن عليه كفارة لأن هذا ملك غير الملك الأول الذي كان فيه الظهار. ألا ترى أنه لو تظاهر منها بعد طلاق لا يملك فيه الرجعة لم يكن فيه متظاهرا. ولو طلقها ثلاثا أو طلاقا لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره سقط عنه الظهار، ولو نكحها بعد زوج لم يكن متظاهرا لما وصفت وبأن طلاق ذلك الملك قد مضى وحرمت ثم نكحها فكانت مستأنفة حكمها حكم من لم تنكح قط إذا سقط الطلاق سقط ما كان في حكمه وأقل من ظهار وإيلاء، ولو تظاهر منها ثم لاعنها مكانه بلا فصل كانت فرقة لها يفرق بينهما وسقط الظهار، ولو حبسها بعد الظهار قدر ما يمكنه اللعان فلم يلاعن كانت عليه كفارة الظهار لاعن أو لم لا يلاعن، وإذا تظاهر المسلم من امرأته، ثم ارتد أو ارتدت مع الظهار فإن عاد المرتد منهما إلى الإسلام في العدة فحبسها قدر ما يمكنه الطلاق لزمه الظهار وإن طلقها مع عودة المرتد منهما إلى الإسلام أو لم يعد المرتد منهما إلى الإسلام فلا ظهار عليه إلا أن يتناكحا قبل أن تبين منه بثلاث فيعود عليه الظهار، وإذا تظاهر الرجل من امرأته وهي أمة ثم عتقت فاختارت فراقه فالظهار لازم له لأنه حبسها بعد الظهار مدة يمكنه فيها الطلاق، ولو تظاهر منها وهي أمة فلم يكفر حتى اشتراها لم يكن له لأنه حبسها بعد الظهار مدة يمكنه فيها الطلاق، ولو تظاهر منها وهي أمة فلم يكفر حتى اشتراها لم يكن له أن يقربها حتى يكفر لأن كفارة الظهار لزمته وهي أمة زوجة، وإذا قال الرجل لامرأته أنت علي كظهر أمي إن شاء الله لم يكن ظهارا وإن قال إن شاء فلان لم يكن ظهارا حتى يشاء فلان وكذلك إن شئت فلم تشأ فليس بظهار وإن شاءت فظهار، وإذا قال الرجل لامرأته أنت علي كظهر أمي والله لا أقربك أو قال والله لا أقربك وأنت علي كظهر أمي فهو مول متظاهر يؤمر بأن يكفر للظهار من ساعته ويقال له: إن قدمت الفيئة قبل الأربعة الأشهر فهو خير لك، وإن فئت كنت خارجا بها من حكم الإيلاء وعاصيا إن قدمتها قبل كفارة الظهار فإن أخرتها إلى أن تمضي أربعة أشهر فسألت امرأتك أن توقف للإيلاء وقفت فإن فئت خرجت من الإيلاء وإن لم تفئ قيل لك طلق وإلا طلقنا عليك ثم هكذا كلما راجعت في العدة فمضت أربعة أشهر توقف كما يوقف من لا ظهار عليه من قبل أن الحبس عن الجماع جاء من قبلك بأمر أدخلته على نفسك قدمت الإيلاء قبل الظهار أو الظهار أكثر مما يمكنك ذلك فإن كنت مريضا ففيأتك باللسان وإن قلت أصوم قلنا ذلك شهران وإنما أمرت بعد الأشهر بأن تفيء أو تطلق ولا يجوز أن نجعل لك سنة فإن قال أمهلني بالعتق والإطعام، قيل ما أمهلك به إلا ما أمهلك إذا لم يكن عليك ظهار والفيئة في اليوم وما أشبهه. باب عتق المؤمنة في الظهار قال الله تعالى {والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا} (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): فإذا وجبت كفارة الظهار على الرجل وهو واجد لرقبة أو ثمنها لم يجزه فيها إلا تحرير رقبة ولا تجزئه رقبة على غير دين الإسلام لأن الله عز وجل يقول في القتل {فتحرير رقبة مؤمنة}. وكان شرط الله تعالى في رقبة القتل إذا كانت كفارة كالدليل والله تعالى أعلم على أن لا يجزئ رقبة في الكفارة إلا مؤمنة كما شرط الله عز وجل العدل في الشهادة في موضعين وأطلق الشهود في ثلاثة مواضع فلما كانت شهادة كلها اكتفينا بشرط الله عز وجل فيما شرط فيه واستدللنا على أن ما أطلق من الشهادات إن شاء الله تعالى على مثل معنى ما شرط وإنما رد الله عز ذكره أموال المسلمين على المسلمين لا على المشركين فمن أعتق في ظهار غير مؤمنة فلا يجزئه وعليه أن يعود فيعتق مؤمنة قال وأحب إلي أن لا يعتق إلا بالغة مؤمنة فإن كانت أعجمية فوصفت الإسلام أجزأته، أخبرنا مالك عن هلال بن أسامة عن عطاء بن يسار عن عمر بن الحكم أنه قال «أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت يا رسول الله إن جارية لي كانت ترعى غنما لي فجئتها وفقدت شاة من الغنم فسألتها عنها فقالت أكلها الذئب فأسفت عليها وكنت من بني آدم فلطمت وجهها وعلي رقبة أفأعتقها؟ فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أين الله؟ فقالت في السماء فقال من أنا؟ فقالت أنت رسول الله قال فأعتقها فقال عمر بن الحكم أشياء يا رسول الله كنا نصنعها في الجاهلية كنا نأتي الكهان فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لا تأتوا الكهان فقال عمر، وكنا نتطير فقال إنما ذلك شيء يجده أحدكم في نفسه فلا يصدنكم» (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): اسم الرجل معاوية بن الحكم كذلك روى الزهري ويحيى بن أبي كثير. (قال الشافعي): وإذا أعتق صبية أحد أبويها مؤمن أجزأت عنه إن شاء الله تعالى لأنا نصلي عليها ونورثها ونحكم لها حكم الإيمان، وإن أعتق مرتدة عن الإسلام لم تجزئ ولو رجعت بعد عتقه إياها إلى الإسلام لأنه أعتقها وهي غير مؤمنة وإن ولدت خرساء على الإيمان وكانت تشير به وتصلي أجزأت عنه إن شاء الله تعالى وإن جاءتنا من بلاد الشرك مملوكة خرساء فأشارت بالإيمان وصلت وكانت إشارتها تعقل فأعتقها أجزأت إن شاء الله تعالى وأحب إلي أن لا يعتقها إلا أن لا تتكلم بالإيمان وإن سبيت صبية مع أبويها كافرين فعقلت ووصفت الإسلام إلا أنها لم تبلغ فأعتقها عن ظهاره لم تجزئ حتى تصف الإسلام بعد البلوغ فإذا فعلت فأعتقها أجزأت عنه وإذا وصفت الإسلام بعد البلوغ فأعتقها مكانه أجزأت عنه ووصفها الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتبرأ مما خالف الإسلام من دين فإذا فعلت فهذا كمال وصف الإسلام وأحب إلي لو امتحنها بالإقرار بالبعث بعد الموت وما أشبهه. من يجزئ من الرقاب إذا أعتق ومن لا يجزئ (قال الشافعي): - رحمه الله -: لا يجزئ في ظهار ولا رقبة واجبة رقبة تشترى بشرط أن تعتق لأن ذلك يضع من ثمنها ولا يجزئ فيها مكاتب أدى من نجومه شيئا أو لم يؤد لأنه ممنوع من بيعه فإذا عجز المكاتب أو اختار العجز فأعتق بعد عجزه أو اختياره العجز أجزأه ولا تجزئ أم الولد في قول من لا يبيعها وتجزئ في قول من يرى للسيد بيعها ويجزئ المدبر لأنه يباع وكذلك يجزئ المعتق إلى أجل وإن أعتق عبدا له مرهونا أو جانيا جناية فأدى الرهن أو الجناية أجزأ عنه وإن أعتق ما في بطن أمته عن ظهاره أو رقبة لزمته ثم ولدته تاما لم يجزه لأنه أعتقه ولا يدري أيكون أو لا يكون ولا يجزئ من العتق إلا عتق من صار إلى الدنيا وإن أعتق عبدا له غائبا فأثبت أنه كان حيا يوم وقع العتق أجزأ عنه وإن لم يثبت ذلك لم يجزئ عنه لأنه على غير يقين من أنه أعتق لأن العتق لا يكون إلا لحي، وإن وجبت عليه رقبة فاشترى من يعتق عليه عتق عليه إذا ملكه وكان عتقه وصمته سواء ساعة يملكه يعتق عليه ولا يجزئه عتقه وبأي وجه ملك عبدا له يثبت له عليه الرق فأعتقه بعد الملك أجزأ عنه ولو كان عبد بين رجلين فأعتقه أحدهما وهو موسر ينوي أن يكون حرا عن ظهاره أجزأه من قبل أنه لم يكن لشريكه أن يعتق رقبة تامة عن ظهاره ولو كان قال لعبيد له أولكم يدخل هذه الدار فهو حر ثم أمر أحدهم أن يدخل الدار ونوى أن يعتق بالحنث عن ظهاره لم يجزه إذا دخل الدار فعتق عليه لأنه يعتق بالحنث بكل حال ويمنع من بقي من رقيقه أن يعتق بحنث ولو قال له رجل لك علي عشرة دنانير على أن تعتق عبدك فأعتقه عن ظهاره وأخذ العشرة لم يجزه لأنه أخذ عليه جعلا ولو أخذ الجعل وأعتقه ثم رده لم يجزه ولو أبى الجعل أولا ثم أعتقه عن ظهاره أجزأه. (قال الشافعي): ولا يجزئه أن يعتق رقبة عن ظهاره ولا واجب عليه إلا بنية يقدمها قبل العتق أو معه عن الواجب عليه، وجماع ذلك أن يقصد بالعتق قصد واجب لا أن يرسل بلا نية إرادة واجب ولا تطوع ولو كان على رجل ظهار فأعتق عند رجل عبدا للمعتق بغير أمره لم يجزئه وكان ولاؤه لسيده الذي أعتقه ولو كان الذي عليه الظهار أعطاه شيئا على أن يعتق عنه عبدا له بعينه أو لم يعطه فسأله أن يعتق عنه عبدا له بعينه فأعتقه أجزأه والولاء للذي عليه الظهار الذي أعتق عنه وهذا منه كشراء مقبوض أو هبة مقبوضة وكما لو اشترى رجل من رجل عبدا فلم يقبضه المشتري حتى يعتقه جاز عتقه وكان ضمانة منه والعتق غيره عن الآخر لأنه قصد به قصد واجب ولو أعتق آخر عنهما أجزأ بهذا المعنى لأنه قد استكمل عتق عبدين ظهارين نصفا بعد نصف قال وإذا أعتق عبدين عن ظهارين أو ظهار وقتل كل واحد منهما عن الكفارتين معا جعل كل واحد منهما عن أيهما شاء وإن لم يجعله أجزأتا معا لأنه قصد بهما قصد كفارتين وأجزناه بما وصفت أن كل واحد من الكفارتين قد أعتق فيها عبدا تاما نصفا عن واحدة ونصفا عن واحدة ثم أخرى نصفا عن واحدة ونصفا عن واحدة فكمل فيها العتق وعتقه عن نفسه للظهار لزمه لا عن امرأته فإذا قصد قصد الكفارة عن الظهار أجزأته ولو أعتق عبدين عن ظهار واحد فأراد أن يجعل أحدهما عن ظهاره الذي أعتق عنه والآخر عن ظهار عليه غيره لم يكن له ذلك لأن عتقهما قد مضى لا ينوي به إلا أحد الظهارين فيجزئه ما نوى ولا يجزئه ما لم ينو قال ولو وجبت عليه رقبة فشك أن تكون عن ظهار أو قتل أو نذر فأعتق رقبة عن أيها كان عليه أجزأه لأنه قصد بها قصد الواجب ولم يخرج ما وجب عليه من نيته بالعتق وإن أعتقها لا ينوي واحدا من الذي عليه لم يجزئه، وإن أعتقها عن قتل ثم علم أن لم يكن عليه قتل أو ظهار ثم علم أن لم يكن عليه ظهار فأراد أن يجعلها عن الذي عليه لم تجزئ عنه لأنه أعتقها على نية شيء بعينه لم يجب عليه وأخرج الواجب عليه فأعتق عنه ولا يجزئ عنه أن يصرف النية إلى غيره مما قد أخرجه من نيته في العتق ولو أعتق جارية عن ظهاره واستثنى ما في بطنها أجزأت عنه وما في بطنها حر ولو أعتقها عن ظهار على أن تعطيه شيئا لم يجزه ولو أبطل الشيء عنها بعد العتق لم يجزه لأنه أعتقها على جعل وإن تركه ولو كان قال لها أعتقك على كذا فقالت نعم ثم أبطل ذلك فأعتقها على غير جعل ينوي بها أن تعتق عن ظهاره أجزأته. ما يجزئ من الرقاب الواجبة وما لا يجزئ (قال الشافعي): قال الله تبارك وتعالى {فتحرير رقبة مؤمنة} (قال الشافعي): فكان ظاهر الآية أن كل رقبة مجزئة عمياء وقطعاء ومعيبة ما كان العيب إذا كانت فيه الحياة لأنها رقبة وكانت الآية محتملة أن يكون أريد بها بعض الرقاب دون بعض قال ولم أر أحدا ممن مضى من أهل العلم ولا حكي لي عنه ولا بقي خالف في أن من ذوات النقص من الرقاب ما لا يجزئ فدل ذلك على أن المراد من الرقاب بعضها دون بعض قال ولم أعلم مخالفا ممن مضى في أن من ذوات النقص ما يجزئ فدل ذلك على أن المراد من الرقاب بعضها دون بعض قال ولم أعلم مخالفا ممن مضى في أن من ذوات النقص ما يجزئ فدل ذلك على أن من ذوات العيب ما يجزئ، قال ولم أر شيئا أعدل في معنى ما ذهبوا إليه إلا ما أقول والله تعالى أعلم وجماعة أن الأغلب فيما يتخذ له الرقيق العمل ولا يكون العمل تاما حتى تكون يدا المملوك باطشتين ورجلاه ماشيتين ويكون له بصر وإن كان عينا واحدة ويكون يعقل فإذا كان هكذا أجزأه وإن كان أبكم أو أصم أو أحمق أو يجن ويفيق أو ضعيف البطش أو المشي أو أعور أو معيبا عيبا لا يضر بالعمل ضررا بينا وأنظر كل نقص كان في اليدين والرجلين فإن كان يضر بالعمل ضررا بينا لم يجز عنه وإن كان لا يضر به ضررا بينا أجزأه والذي يضر به ضررا بينا قطع أو شلل اليد كلها أو شلل الإبهام أو قطعها وذلك في المسبحة والوسطى معا، وكل واحدة منهما على الانفراد بينة الضرر بالعمل والذي لا يضر ضررا بينا شلل الخنصر أو قطعها فإن قطعت التي إلى جنبها من يدها أضر ذلك بالعمل فلم يجز وإن قطعت إحداهما من يد والأخرى من يد أخرى لم يضر بالعمل ضررا بينا ثم اعتبر هذا في الرجلين على هذا المعنى واعتبره في البصر فإن كان ذاهب إحدى العينين ضعيف الأخرى ضعفا يضر بالعمل ضررا بينا لم يجز وإن لم يكن يضر بالعمل ضررا بينا أجزأه، وسواء هذا في الذكر والأنثى والصغير والكبير وتجزئ الأنثى الرتقاء والذكر المجبوب والخصي وليس هذا من العمل بسبيل وتجزئ الرقاب مع كل عيب لا يضر بالعمل ضررا بينا والذي يفيق ويجن يجزئ وإذا كان الجنون مطبقا لم يجز ويجزئ المريض لأنه قد يرجى أن يصح والصغير لأنه قد يكبر وإن لم يكبر ولم يصح وسواء أي مريض ما كان ما لم يكن معضوبا عضبا لا يعمل معه عملا تاما أو قريبا من التمام كما وصفت. من له الكفارة بالصيام في الظهار قال الله عز وجل {فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير - فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا} (قال الشافعي): فإذا لم يجد المتظاهر رقبة يعتقها وكان يطيق الصوم فعليه الصوم. ومن كان له مسكن وخادم وليس له مملوك غيره ولا ما يشتري به مملوكا غيره كان له الصوم ومن كان له مملوك غير خادمه ومسكن كان عليه أن يعتق. وكذلك لو كان له ثمن مملوك كان عليه أن يشتري مملوكا فيعتقه (قال): فإن ترك أن يشتري به وهو واجد فأعسر كان له أن يصوم. ولو وجبت عليه كفارة الظهار وهو معسر أو أعسر بعدها قبل أن يكفر ثم أيسر قبل أن يدخل في الصوم كان عليه أن يعتق ولم يكن له أن يصوم في حال هو فيها موسر (قال الشافعي): وحكمه وقت مرضه في الكفارة حين يكفر كما حكمه في الصلاة حين يصلي بوضوء أو تيمم أو مريض أو صحيح (قال الربيع) وقد قال مرة حكمه يوم يحنث في الكفارة (قال الشافعي): ولو كان عند الكفارة غير واجد فعرض عليه رجل أن يهب له عبدا أو أوصى له أو تصدق عليه به أو ملكه بأي وجه ما كان الملك لم يكن عليه قبوله وكان له رده والاختيار له قبوله وعتقه غير الميراث، فإذا ورثه لزمه وكان عليه عتقه أو عتق غيره (قال الشافعي): ولو اشتراه على نية أن يعتقه كان له أن يسترقه ويعتق غيره. ولا يجب عليه عتق عبد اشتراه أبدا حتى يعتقه أو يوجب عتقه تبررا (قال الشافعي): فإذا كان له الصيام فلم يدخل في الصيام حتى أيسر فعليه العتق. وإن دخل فيه قبل أن يوسر ثم أيسر كان له أن يمضي في الصيام. والاختيار له أن يدع الصوم ويعتق كما يتيمم فتحل له الصلاة فإن لم يدخل فيها حتى يجد الماء لم يكن له أن يصلي حتى يتوضأ وإن دخل فيها ثم وجد الماء كان له أن يمضي في صلاته. وإن قال لعبد له أنت حر الساعة عن الظهار إن تظهر به كان حرا الساعة ولم يجزه عن ظهار أن يتظهره لأنه أعتقه ولم يجب عليه الظهار ولم يكن لسبب منه. وكذلك لو أطعم مساكين فقال هذا عن يمين إن حنثت بها ولم يحلف ولم يجب عليه الظهار ولم يكن لسبب منه. وكذلك لو أطعم مساكين فقال هذا عن يمين إن حنثت بها ولم يحلف لم يجزه لأنه لم يكن بسبب من اليمين، والسبب أن يحلف ثم يكفر قبل أن يحنث فيجزئه ذلك كما يكون له المال فيؤدي زكاته قبل أن يحول الحول فيجزئه لأن بيده سبب ما تكون به الزكاة ولو لم يكن بيده مال فيه زكاة فتصدق بدراهم لم يجزه لأنه لم يكن بسبب من زكاة. أو قال عن مال إن أفدته فوجبت علي فيه الزكاة ثم أفاد مالا فيه زكاة لم يجزه لأنه لم يكن بسبب من زكاة. الكفارة بالصيام (قال الشافعي): - رحمه الله -: ومن وجب عليه أن يصوم شهرين في الظهار لم يجزه إلا أن يكونا متتابعين كما قال الله عز ذكره ومتى أفطر من عذر أو غير عذر فعليه أن يستأنف ولا يعتد بما مضى من صومه. وكذلك إن صام في الشهرين يوما من الأيام التي نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عنها وهي خمس يوم الفطر ويوم الأضحى وأيام منى الثلاث بعد النحر استأنف الصوم بعد مضيهن ولم يعتد بهن ولا بما كان قبلهن واعتد بما بعدهن ومتى دخل عليه شيء يفطره في يوم من صومه استأنف الصوم حتى يأتي بالشهرين متتابعين ليس فيهما فطر. وإذا صام بالأهلة صام هلالين وإن كانا تسعة أو ثمانية وخمسين أو ستين يوما. وإذا صام بعد مضي يوم من الهلال أو أكثر صام بالعدد الشهر الأول وبالهلال الشهر الثاني ثم أكمل على العدد الأول بتمام ثلاثين يوما (قال): ولو صام شهرين متتابعين بلا نية للظهار لم يجزه حتى يقدم النية قبل الدخول في الصوم ولو نوى أن يصوم شهرين متتابعين فصام أياما ثم نوى أن يحيل الصوم بعد الأيام تطوعا فصام أياما أو يوما ينوي به التطوع، ثم وصل صومه ينوي به صوم الشهرين بالشهرين الواجبين عليه لم يعتد بما مضى من صومه قبل الأيام التي تطوع بها ولا بصوم الأيام التي تطوع فيها واعتد بصومه من يوم نوى فلم يفصل بينه بتطوع ولا فطر، ولو نوى صوم يوم فأغمي عليه فيه ثم أفاق قبل الليل أو بعده ولم يطعم أجزأه إذا دخل فيه قبل الفجر وهو يعقله، ولو أغمي عليه قبل الفجر لم يجزه لأنه لم يدخل في الصوم وهو يعقله ولو أغمي عليه فيه وفي يوم بعده أو في أكثر ولم يطعم استأنف الصوم لأن حكمه في اليوم الذي أغمي عليه قبل أن يفيق أنه غير صائم عن ظهار لأنه لا يعقله. (قال): ولو صام مسافرا أو مقيما أو مريضا عن ظهار شهرين أحدهما شهر رمضان لم يجزه واستأنف الصوم لا يجزئ رمضان من غيره لأنه إذا رخص له في فطره بالمرض والسفر فإنما يخفف عنه فإذا لم يخففه عن نفسه فلا يكون تطوعا ولا صوما عن غيره وعليه أن يستأنف شهرين ويقضي شهر رمضان لأنه صامه بغير نية شهر رمضان (قال): ولا يجزئه في صوم واجب عليه إلا أن يتقدم بنيته قبل الفجر فإن لم يتقدم بنيته قبل الفجر لم يجزه ذلك اليوم ولا يجزئه إلا أن ينوي كل يوم منه على حدته قبل الفجر لأن كل يوم منه غير صاحبه، وإن دخل في يوم منه بنية تجزئه ثم عزبت عنه النية في آخر يومه أجزأه لأن النية بالدخول لا في كل طرفة عين منه، فإذا أحال النية فيه إلى أن يجعله تطوعا أو واجبا غير الذي دخل به فيه لم يجزه واستأنف الصوم بعده ولو كان عليه ظهاران فصام شهرين عن أحدهما ولا ينوي عن أيهما هو كان له أن يجعله عن أيهما شاء ويجزئه، وكذلك لو صام أربعة أشهر عنهما وهكذا لو كانت عليه ثلاث كفارات فأعتق مملوكا له ليس له غيره وصام شهرين ثم مرض فأطعم ستين مسكينا ينوي بجميع هذه الكفارات الظهار أجزأه وإن لم ينو واحدة منهن بعينها كان مجزئا عنه لأن نيته على كل واحدة منهن أداؤها عن كفارة يمين لزمته وسواء كفر أي كفارات الظهار شاء مما يجوز كانت امرأته عنده أو ميتة أو عند زوج غيره أو مرتدة أو بأي حال كانت. (قال الشافعي): - رحمه الله -: ولو ارتد الزوج بعد ما وجب عليه الظهار فأعتق عبدا عن ظهاره في ردته وقف فإن رجع إلى الإسلام أجزأ عنه لأنه قد أدى ما عليه كما لو كان عليه دين فأداه برئ منه وهكذا لو كان ممن عليه إطعام مساكين فأطعمهم في ردته ثم أسلم لم يكن عليه أن يعود وهكذا لو كان قصاصا أو حدا فأخذ منه في ردته لم يعد عليه لأن هذا إخراج شيء من ماله أو عقوبة على بدنه لمن وجبت له. فإن قيل فهذا لا يكتب له أجره ولا يكفر به عنه.
__________________
|
|
#2
|
||||
|
||||
![]() كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي المجلد السادس الحلقة (235) صــــــــــ 7 الى صـــــــــــ 13 (قال الشافعي): فإذا سعر النار على وجه الأرض فألقاه فيها وهو زمن أو صغير فكذلك وإن ألقاه فيها صحيحا فكان يحيط العلم أنه يستطيع أن يتخلص منها فترك التخلص فمات فلا قود وإن عالج التخلص فغلبه كثرتها أو التهابها، ففيه القود، وكذلك إن ألقي فيها فلم يزل يتحرك يعالج الخروج فلم يخرج حتى مات أو أخرج وبه منها حرق، الأغلب أنه لا يعاش منه فمات منه ففيه القود وإن كان بعض هذا وهو يقدر على التخلص بأن يكون إلى جنب أرض لا نار عليها فإنما يكفيه أن ينقلب فيصير عليها أو يقول أقمت وأنا على التخلص قادر أو ما أشبه هذا مما عليه الدلالة بأنه يقدر على التخلص لم يكن فيه عقل ولا قود وقد قيل: يكون فيه العقل. وإن ألقاه في ماء قريب من ساحل وهو يحسن العوم ولم تغلبه جرية الماء فمات فلا قود وإن كان لا يحسن العوم وألقاه قريبا من نجوة أرض أو جبل أو سفينة مقيمة وهو يحسن العوم فترك التخلص فلا قود وإن ألقاه في ماء لا يتخلص في الأغلب منه فمات فعليه القود، ولو كان الأغلب أنه يتخلص منه فأخذه حوت فلا قود وعليه العقل (قال أبو محمد) وقد قيل: يتخلص أو لا يتخلص سواء أن لا قود عليه وعليه العقل. (قال الربيع) وأصح القولين أن لا عقل في النفس ولا قود؛ لأنه هو الذي قتل نفسه إذا كان يقدر أن يتخلص فيسلم من الموت فترك التخلص وعلى الطارح أرش ما أحرقت النار منه أول ما طرح قبل أن يمكنه التخلص. (قال الشافعي): وإن خنقه فتابع عليه الخنق حتى يقتله ففيه القود. ، وكذلك إن غمه بثوب أو غيره فتابع عليه الغم حتى يموت ففيه القود، وإن تركه حيا، ثم مات بعد فلا قود إلا أن يكون الخنق أو الغم قد أورثه ما لا يجري معه نفسه فيموت من ذلك ففيه القود (قال الربيع) وقد قيل يتخلص أو لا يتخلص أن لا قود عليه وعليه العقل؛ لأنه لم يمت من اليد. (قال الشافعي): وجماع هذا أن ينظر إلى من قتل بشيء مما وصفت غير السلاح المحدد فإن كان الأغلب أن من نيل منه يقتله ويقتل مثله في مثل سنه وصحته وقوته أو حاله إن كانت مخالفة لذلك قتلا وحيا كقتل السلاح أو أوحى ففيه القود. وإن كان الأغلب أن من نيل منه بمثل ما نيل منه يسلم ولا يأتي ذلك على نفسه فلا قود فيه. (قال الشافعي): وضرب القليل على الخاصرة يقتل في الأغلب ولا يقتل مثله لو كان في ظهر أو أليتين أو فخذين أو رجلين والضرب القليل يقتل النضو الخلق الضعيفة في الأغلب والأغلب أن لا يقتل قويه، ويقتل في الأغلب في البرد الشديد والحر الشديد ولا يقتل في الأغلب في غيرهما. (قال الشافعي): فمن نال من امرئ شيئا فأنظر إليه في الوقت الذي ناله فيه فإن كان الأغلب أن ما ناله به يقتله ففيه القود، وإن كان الأغلب أن ما ناله به لا يقتله فلا قود فيه. (قال الشافعي): وإن طين رجل على رجل بيتا ولم يدعه يصل إليه طعام ولا شراب أياما حتى مات أو حبسه في موضع وإن لم يطين عليه ومنعه الطعام أو الشراب مدة الأغلب من مثلها أنه يقتله فمات قتل به وإن مات في مدة الأغلب أنه يعيش من مثلها ففيها العقل ولا قود فيه. (قال الشافعي): فإن حبسه فجاءه بطعام أو شراب ومنعه الطعام فلم يشربه حتى مات ولم تأت عليه مدة يموت أحد منع الطعام في مثلها فلا عقل ولا قود؛ لأنه ترك أن يشرب فأعان على نفسه ولم يمنعه الطعام مدة الأغلب أنه يموت أحد منعها الطعام، ولو كانت المدة التي منعه فيها الطعام مدة الأغلب أنه يموت أحد من مثلها قتل به وإن كان الأغلب أنه لا يمات من مثلها ضمن العقل. (قال الشافعي): وإذا أقدته بما صنع به حبس ومنع كما حبسه ومنعه فإن مات في تلك المدة وإلا قتل بالسيف. باب العمد فيما دون النفس (قال الشافعي): - رحمه الله -: وما دون النفس مخالف للنفس في بعض أمره في العمد فلو عمد رجل عين رجل بأصبعه ففقأها كان فيها القصاص؛ لأن الأصبع تأتي فيها على ما يأتي عليه السلاح في النفس، وربما جاءت على أكثر وهكذا لو أدخل الرجل أصبعه في عينه فاعتلت فلم تبرأ حتى ذهب بصرها أو انتجفت كان فيها القصاص. (قال الشافعي): ولو لطمه لطمة في رأسه فورمت، ثم اتسعت حتى أوضحت لم يكن فيها قصاص؛ لأن الأغلب من اللطمة أنها قلما يكون منها هكذا فتكون في حكم الخطأ. (قال الشافعي): ولو ضرب رأسه بحجر محدد أو حجر له ثقل غير محدد فأوضحه أو أدماه، ثم صارت موضحة كان فيها القود؛ لأن الأغلب مما وصفت من الحجارة أنها تصنع هذا، ولو كانت حصاة فرماه بها فورمت ثم أوضحت لم يكن فيها قصاص وكان فيها عقلها تاما؛ لأن الأغلب أنها لا تصنع هذا فعلى هذا ما دون النفس مما فيه القصاص كله ينظر إذا أصابه بالشيء فإن كان الأغلب أنه يصنع به مثل ما يصنع بشيء من الحديد في النفس فأصابه فيه ففيه القود، وإن كان الأغلب أنه لا يصنع ذلك إلا قليلا إن كان فلا قود فيه وفيه العقل وهذا على مثال ما يصنع في النفس في إثبات القصاص وتركه وأخذ العقل فيه (قال الشافعي): وجماع معرفة قتل العمد من الخطأ أن يعمد الرجل إلى الرجل بالعصا الخفيفة، أو قال عصا في أليتيه أو بالسياط في ظهره - الضرب الذي الأغلب أنه لا يمات من مثله أو ما دون ذلك من اللطم والوجء والصك والضربة بالشراك وما أشبهها وكل هذا من العمد الخطأ الذي لا قود فيه وفيه العقل. (قال الشافعي) أخبرنا سفيان بن عيينة عن علي بن زيد بن جدعان عن القاسم بن ربيعة عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «ألا إن في قتيل العمد الخطأ بالسوط أو العصا مائة من الإبل مغلظة منها أربعون خلفة في بطونها أولادها» أخبرنا عبد الوهاب عن خالد الحذاء عن القاسم بن ربيعة بن عقبة بن أوس عن رجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (قال الشافعي): فالدية في هذا على العاقلة من قبل أنه خطأ في القتل، وإن كان عمدا في الفعل يستطاع فيه القصاص ولا يكون فيه القصاص والدية في مضي ثلاث سنين. (قال الشافعي): وهذا معنى ما وصفت من الضرب الذي الأغلب فيه أنه يعاش من مثله، ولم ألق أحدا من أهل الفقه والنظر يخالف في أن هذا معناه، فأما أن يشدخ الرجل رأس الرجل بالحجر أو يتابع عليه ضرب العصا أو السياط متابعة الأغلب أن مثله لا يعيش من مثلها فهذا أكبر من القتل بالضربة بالسكين والحديدة الخفيفة في الرأس واليد والرجل وأعجل قتلا وأحرى أن لا يعيش أحد منه في الظاهر. . الحكم في قتل العمد (قال الشافعي): - رحمه الله -: من العلم العام الذي لا اختلاف فيه بين أحد لقيته فحدثنيه وبلغني عنه من علماء العرب أنها كانت قبل نزول الوحي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تباين في الفضل ويكون بينها ما يكون بين الجيران من قتل العمد والخطأ فكان بعضها يعرف لبعض الفضل في الديات حتى تكون دية الرجل الشريف أضعاف دية الرجل دونه، فأخذ بذلك بعض من بين أظهرها بأقصد مما كانت تأخذ به فكانت دية النضيري ضعف دية القرظي، وكان الشريف من العرب إذا قتل يجاوز قاتله إلى من لم يقتله من أشراف القبيلة التي قتله أحدها وربما لم يرضوا إلا بعدد يقتلونهم فقتل بعض غني شأس بن زهير فجمع عليهم أبوه زهير بن جذيمة فقالوا له أو بعض من ندب عنهم: سل في قتل شأس فقال: إحدى ثلاث لا يغنيني غيرها، قالوا: وما هي؟ قال: تحيون لي شأسا أو تملئون ردائي من نجوم السماء أو تدفعون إلي غنيا بأسرها فأقتلها، ثم لا أرى أني أخذت منه عوضا. وقتل كليب وائل فاقتتلوا دهرا طويلا واعتزلهم بعضهم فأصابوا ابنا له يقال له بجير فأتاهم فقال: قد عرفتم عزلتي فبجير بكليب وكفوا عن الحرب فقالوا: بجير بشسع نعل كليب فقاتلهم وكان معتزلا. (قال الشافعي): وقال: إنه نزل في ذلك وغيره مما كانوا يحكمون به في الجاهلية هذا الحكم الذي أحكيه كله بعد هذا وحكم الله تبارك وتعالى بالعدل فسوى في الحكم بين عباده الشريف منهم والوضيع {أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون} فقال: إن الإسلام نزل وبعض العرب يطلب بعضا بدماء وجراح فنزل فيهم {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى} إلى قوله {ذلك تخفيف من ربكم ورحمة} الآية والآية التي بعدها: أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا معاذ بن موسى عن بكير بن معروف عن مقاتل بن حيان قال معاذ قال مقاتل أخذت هذا التفسير عن نفر حفظ معاذ منهم مجاهدا والحسن والضحاك بن مزاحم قال في قوله {فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان} الآية. (قال): كان كتب على أهل التوراة أنه من قتل نفسا بغير نفس حق له أن يقاد بها ولا يعفى عنه ولا تقبل منه الدية وفرض على أهل الإنجيل أن يعفى عنه ولا يقتل ورخص لأمة محمد - صلى الله عليه وسلم - إن شاء قتل وإن شاء أخذ الدية وإن شاء عفا فذلك قوله عز وجل {ذلك تخفيف من ربكم ورحمة} يقول: الدية تخفيف من الله إذ جعل الدية ولا يقتل، ثم قال {فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم} يقول: من قتل بعد أخذه الدية فله عذاب أليم. وقال في قوله {ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون} يقول: لكم في القصاص حياة ينتهي بعضكم عن بعض أن يصيب مخافة أن يقتل أخبرنا سفيان بن عيينة قال حدثنا عمرو بن دينار قال سمعت مجاهدا يقول سمعت ابن عباس يقول: كان في بني إسرائيل القصاص ولم تكن فيهم الدية فقال الله عز وجل لهذه الأمة {كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء} قال العفو أن تقبل الدية في العمد {فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة} مما كتب على من كان قبلكم {فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم}. (قال الشافعي): وما قال ابن عباس في هذا كما قال والله سبحانه أعلم، وكذلك ما قال مقاتل؛ لأن الله عز وجل إذ ذكر القصاص، ثم قال {فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان} لم يجز - والله أعلم - أن يقال: إن عفي بأن صولح على أخذ الدية؛ لأن العفو ترك حق بلا عوض. فلم يجز إلا أن يكون إن عفي عن القتل فإذا عفا لم يكن إليه سبيل وصار للعافي القتل مال في مال القاتل وهو دية قتيله فيتبعه بمعروف ويؤدي إليه القاتل بإحسان، فلو كان إذا عفا عن القاتل لم يكن له شيء لم يكن للعافي يتبعه ولا على القاتل شيء يؤديه بإحسان. (وقال) وقد جاءت السنة مع بيان القرآن في مثل معنى القرآن أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي شريح الكعبي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «إن الله عز وجل حرم مكة ولم يحرمها الناس فلا يحل لمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما ولا يعضد بها شجرا فإن ارتخص أحد فقال: أحلت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن الله أحلها لي ولم يحلها للناس، وإنما أحلت لي ساعة من النهار، ثم هي حرام كحرمتها بالأمس، ثم إنكم يا خزاعة قد قتلتم هذا القتيل. من هذيل وأنا والله عاقله فمن قتل بعده قتيلا فأهله بين خيرتين إن أحبوا قتلوا وإن أحبوا أخذوا العقل» (قال الشافعي): وأنزل الله جل ثناؤه {ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل} فيقال - والله أعلم - في قوله {فلا يسرف في القتل} لا يقتل غير قاتله. (قال الشافعي): في قوله تبارك وتعالى {كتب عليكم القصاص في القتلى} إنها خاصة في الحيين اللذين وصف مقاتل بن حيان وغيره ممن حكيت قوله في غير هذا الموضع، ثم أدبها أن يقتل الحر بالحر إذا قتله والأنثى بالأنثى إذا قتلها ولا يقتل غير قاتلها إبطالا لأن يجاوز القاتل إلى غيره إذا كان المقتول أفضل من القاتل كما وصفت ليس أنه لا يقتل ذكر بالأنثى إذا كانا حرين مسلمين ولا أنه لا يقتل حر بعبد من هذه الجهة إنما يترك قتله من جهة غيرها، وإذا كانت هكذا أشبه أن تكون لا تدل على أن لا يكون يقتل اثنان بواحد إذا كانا قاتلين. (قال الشافعي): وهي عامة في أن الله عز ذكره أوجب بها القصاص إذا تكافأ دمان وإنما يتكافآن بالحرية والإسلام وعلى كل ما وصفت من عموم الآية وخصوصها دلالة من كتاب أو سنة أو إجماع. (قال الشافعي): فأيما رجل قتل قتيلا فولي المقتول بالخيار إن شاء قتل القاتل وإن شاء أخذ منه الدية وإن شاء عفا عنه بلا دية. (قال الشافعي): وإذا كان لولي المقتول أخذ المال وترك القصاص كره ذلك القاتل أو أحبه؛ لأن الله عز وجل إنما جعل السلطان للولي والسلطان على القاتل فكل وارث من زوجة أو غيرها سواء وليس لأحد من الأولياء أن يقتل حتى يجتمع جميع الورثة على القتل وينتظر غائبهم حتى يحضر أو يوكل وصغيرهم حتى يبلغ ويحبس القاتل إلى اجتماع غائبهم وبلوغ صغيرهم: فإن مات غائبهم أو صغيرهم أو بالغهم قبل اجتماعهم على القتل فلوارث الميت منهم في الدم والمال مثل ما كان للميت من أن يعفو أو يقتل. (قال الشافعي): فإذا أخذ حقه من الدية فذلك له ولا سبيل له إلى الدم إذا أخذ الدية أو عفا بلا دية. (قال الشافعي): ولو كان على المقتول دين وكانت له وصايا لم يكن لأهل الدين ولا الوصايا العوض في القتل إن أراد الورثة، فإن عفا الورثة وأخذوا الدية أو عفا أحدهم كانت الدية حينئذ مالا من ماله يكون أهل الدين أحق بها ولأهل الوصايا حقهم منها. (قال الشافعي): ولو لم تختر الورثة القتل ولا المال حتى مات القاتل كانت لهم الدية في ماله يحاصون بها غرماءه كدين من دينه. (قال الشافعي): ولو اختاروا القتل فمات القاتل قبل أن يقتل كانت لهم الدية في ماله؛ لأن المال إنما يبطل عنهم بأن يختاروا القتل ويقتلون فيكونون مستوفين لحقهم من أحد الوجهين، وكذلك لو قضى لهم بالقصاص بعد اختياره فمات المقضي عليه بالقصاص قبل أن يقتل كانت لهم الدية في ماله. (قال الشافعي): ولو لم يمت القاتل ولكن رجل قتله خطأ فأخذت له دية كانت الدية مالا من ماله لا يكون أهل القتيل الأول أحق بها من غرمائه كما لا يكونون أحق بما سواها من ماله ولهم الدية في ماله يكونون بها أسوة الغرماء (قال الشافعي): ولو جرحه رجل عمدا، ثم عفا المجروح عن الجرح وما حدث منه، ثم مات من ذلك الجرح لم يكن إلى قتل الجارح سبيل بأن المجروح قد عفا القتل فإن كان عفا عنه ليأخذ عقل الجرح أخذت منه الدية تامة؛ لأن الجرح قد صار نفسا وإن كان عفا عن العقل والقصاص في الجرح، ثم مات من الجرح فمن لم يجز الوصية للقاتل أبطل العفو وجعل الدية تامة للورثة؛ لأن هذه وصية للقاتل ومن أجاز الوصية للقاتل جعل عفوه عن الجرح وصية يضرب بها القاتل في الثلث مع أهل الوصايا وقال فيما زاد من الدية على عقل الجرح قولين أحدهما له مثل عقل الجرح؛ لأنه مال من ماله ملك عنه والآخر لا يجوز؛ لأنه لا يملك إلا بعد موته عنه. (قال الشافعي): ولو قتل نفر رجلا عمدا كان لولي القتل أن يقتل في قول من قتل أكثر من واحد بواحد - أيهم أراد ويأخذ ممن أراد منهم الدية بقدر ما يلزمه منها كأنهم كانوا ثلاثة فعفا عن واحد فيأخذ من الاثنين ثلثي الدية أو يقتلهما إن شاء. (قال الشافعي): وإذا كانوا نفرا فضربوه معا فمات من ضربهم، وأحدهم ضارب بحديدة والآخر بعصا خفيفة والآخر بحجر أو سوط فمات من ذلك كله وكلهم عامد للضرب فلا قصاص فيه من قبل أني لا أعلم بأي الضرب كان الموت وفي بعض الضرب ما لا قود فيه بحال وعلى العامد بالحديد حصته من الدية في ماله وعلى الآخرين حصتهما على عاقلتهما (قال الشافعي): وكذلك لو كان فيهم واحد رمى شيئا فأخطأ به فأصابه معهم كانت على جميع العامدين بالحديد - الدية في حصصهم في أموالهم حالة وعلى عاقلة المخطئ بالحديدة حصته من الدية كما تكون دية الخطأ (قال الشافعي): ولو عفا المقتول عن هؤلاء. كلهم كان القول فيمن لا يجيز للقاتل وصية أو من يجيزها كما وصفت، وقال في الذي يشركهم بخطأ قولين: أحدهما أن الوصية للعاقلة لا للقاتل فجميع ما أصاب العاقلة من حصة صاحبهم من الدية وصية لهم جائزة من الثلث والآخر أن لا تجوز له وصية؛ لأنها لا تسقط عن العاقلة إلا بسقوطها عنه فهي وصية للقاتل. (قال الربيع) القول الثاني أصح عندي. (قال الشافعي): والقول في الرجل يجرح الرجل جرحا يكون في مثله قصاص فيبرأ المجروح منه أن للمجروح في جرحه مثل ما كان لأوليائه في قتله من الخيار فإن شاء استقاد من جرحه، وإن شاء أخذ عقل الجرح من مال الجارح حالا يكون غريما من الغرماء يحاص أهل الدين. (قال الشافعي): وما أصابه من جرح عمدا لا قصاص فيه فعقله في مال الجارح حال. (قال الشافعي): ولو جنى رجل على رجل جنايات كان له أن يستقيد مما أراد ويأخذ العقل مما أراد منها، وكذلك لو جنى عليه نفر كان له أن يستقيد من بعضهم ويأخذ من بعض العقل. (قال الشافعي): ولو كان القاتل أو الجارح عبدا أو ذميا أو حرا مسلما كان لولي المقتول وللمجروح في نفسه على الجاني القصاص أو اختيار العقل من العبد والذمي فإن اختاروه أو اختاره فاقتصوا أو اقتص فلا شيء لهم غير القصاص فإن اختاروا أو اختار العقل فذلك في مال الذمي حال يكونون في ماله غرماء له وفي عتق العبد كاملا يباع فيه فإن بلغ العقل كاملا فذلك لولي الدم أو المجروح وإن لم يبلغ لم يلزم سيده منه شيء وإن زاد ثمن العبد على العقل رد إلى سيد العبد وإن شاء سيد العبد قبل هذا كله أن يؤدي عقل النفس أو الجرح متطوعا غير مجبور عليه لم يبع عليه عبده وقد أدى جميع ما في عنقه. (قال الشافعي): ولو كان. الجاني عبدا على عبد كان لسيد العبد الخيار في القصاص أو العقل وليس للعبد في ذلك خيار إن كانت الجناية جرحا برئ منه، وسواء كان العبد مرهونا أو غير مرهون إلا أنه إذا أخذ له عقلا وهو مرهون خير بين أن يدفع ما أخذ له من العقل رهنا إلى المرتهن أو يجعله قصاصا من دينه ولا يمنع القصاص قول المرتهن إنما جعلت عليه إذا أخذ العقل أن يجعله رهنا أو قصاصا؛ لأنه يقوم مقام بدن العبد إن مات أو نقص بدنه لنقص الجراح له وإن لم يمت وسواء هذا في المدبر وأم الولد لمالك المملوك في هذا كله فأما المكاتب فذلك إليه دون سيده يقتص إن شاء أو يأخذ الدية فإن أخذ الدية خلى بينه وبينها كما يخلى بينه وبين ماله. (قال أبو محمد الربيع) وفي المكاتب يجنى عليه جناية فيها قصاص أنه ليس له أن يقتص من قبل أنه قد يعجز فيصير رقيقا فيكون قد أتلف على سيده المال الذي هو بدل من القصاص وله أن يأخذ العقل ويكون أولى به من السيد يستعين به في كتابته. (قال الشافعي): وإذا اختار العقل في قتل العمد الذي فيه القصاص فهو حال في النفس وما دونها وكل عمد وإن كان ديات في مال الجاني موسرا كان أو معسرا لا تحمل العاقلة من قتل العمد شيئا. (قال الشافعي): وإن أحب الولاة أو المجروح العفو في القتل بلا مال ولا قود فذلك لهم فإن قال قائل: فمن أين أخذت العفو في القتل بلا مال ولا قود؟ قيل من قول الله جل ثناؤه {فمن تصدق به فهو كفارة له} ومن الرواية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أن في العفو عن القصاص كفارة أو قال شيئا يرغب به في العفو عنه، فإن قال قائل فإنما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «من قتل له قتيل فأهله بين خيرتين إن أحبوا فالقود وإن أحبوا فالعقل» قيل له: نعم هو فيما يأخذون من القاتل من القتل، والعفو بالدية والعفو بلا واحد منهما ليس بأخذ من القاتل إنما هو ترك له كما قال «ومن وجد عين ماله عند معدم فهو أحق به» ليس أن ليس له تركه ولا ترك شيء يوجب له إنما يقال هو له، وكل ما قيل له أخذه فله تركه. (قال الشافعي): وإذا قتل الرجل الرجل عمدا، ثم مات القاتل فالدية في مال القاتل؛ لأنه يكون لأولياء المقتول أن يأخذوا أيهما شاءوا إلا أن حقهم في واحد دون واحد فإذا فات واحد فحقهم ثابت في الذي كان حقهم فيه إن شاءوا وهو حي. (قال الشافعي): وكذلك للرجل إذا جرحه الرجل الخيار في القصاص في الجرح فإن مات الجارح فله عقل الجرح إن شاء حالا كما وصفت في مال الجارح. (قال الشافعي): وسواء أي ميتة مات القاتل والجارح بقتل أو غيره فدية المقتول الأول، وجرحه في ماله. فإن جرح رجل جراحات في كلها قصاص فللمجروح الخيار في كل جرح منها كما يكون في جرح واحد لو جرحه إياه وإن شاء اقتص من بعضها وأخذ الدية من بعضها وإن شاء ذلك في كلها فهو له (قال الشافعي): كأنه قطع يديه ورجليه وأوضحه فإن شاء قطع له يدا ورجلا وأخذ عقل يد ورجل وإن شاء أوضحه وإن شاء أخذ أرش الموضحة إذا كان له الخيار في كل كان له الخيار في بعض. (قال الشافعي): وكذلك ورثة المقتول والمجروح بعد موته إن أحبوا اقتصوا للميت من النفس أو الجرح إن لم يكن نفسه وإن أحبوا أخذوا العقل وإن أحبوا إذا كانت جراح ولم يكن نفس أن يأخذوا أرش بعض الجراح ويقتصوا من بعض كان لهم. (قال الشافعي): ومن قتل اثنين بواحد أو أكثر بواحد فقتل عشرة رجلا عمدا فلأولياء المقتول أن يقتلوا من شاءوا منهم وأن يأخذوا الدية ممن شاءوا فإذا أخذوا الدية لم يكن لهم أن يأخذوا من واحد إلا عشر الدية وإذا كانت الدية فإنما يغرمها الرجل على قدر من شركه فيها وهي خلاف القصاص. (قال الشافعي): وإن قطع رجل يدي رجل ورجليه، ثم مات المقطوعة يداه ورجلاه من تلك الجراح فأراد ورثته القصاص كان لهم أن يصنعوا ما صنع بصاحبه وإن أرادوا أن يقتلوه ويأخذوا أرشا فيما صنع به لم يكن لهم وإذا كانت. النفس فلا أرش للجراح لدخول الجراح في النفس ولهم أن يأخذوا دية النفس كلها ويدعوا القصاص. (قال الشافعي): ولو أرادوا أن يقطعوا يديه ورجليه أو يديه دون رجليه أو بعض أطرافه التي قطع منه ويدعوا قتله كان ذلك لهم إذا قضيت لهم بأن يفعلوا ذلك ويقتلوه قضيت لهم بأن يفعلوا ذلك به ويدعوا قتله فإن قالوا نقطع يديه، ثم نأخذ منه دية أو بعضها لم يكن ذلك لهم وقيل إذا قطعتم يديه فقد أخذتم منه ما فيه الدية فلا يكون لكم عليه زيادة إلا القطع أو القتل فأما مال فلا ولو قطعوا له يدا أو رجلا ثم قالوا نأخذ نصف الدية كان لهم ذلك؛ لأنه لو قطع يديه فأرادوا أخذ القود من يد والأرش من أخرى كان لهم ذلك ولا يكون لهم ذلك حتى يبرأ. (قال الشافعي): ولو كانت المسألة بحالها فجرحه جائفة مع قطع يديه ورجليه فمات فقال ورثته: نجرحه جائفة ونقتله لم يمنعوا ذلك، وإن أرادوا تركه بعدها تركوه ولو قالوا على الابتداء: نجرحه جائفة ولا نقتله لم يتركوا، وذلك أنهم إنما يتركون إذا قالوا نقتله بما يقاد منه في الجناية وأما ما لا يقاد منه فلا يتركون وإياه. ولاة القصاص (قال الشافعي): - رحمه الله - قال الله تعالى {ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل} (قال الشافعي): فكان معلوما عند أهل العلم ممن خوطب بهذه الآية أن ولي المقتول من جعل الله تعالى له ميراثا منه وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «من قتل له قتيل فأهله بين خيرتين إن أحبوا فالقود وإن أحبوا فالعقل» ولم يختلف المسلمون فيما علمته في أن العقل موروث كما يورث المال، وإذا كان هكذا فكل وارث ولي الدم كما كان لكل وارث ما جعل الله له من ميراث الميت زوجة كانت له أو ابنة أو أما أو ولدا أو والدا لا يخرج أحد منهم من ولاية الدم إذا كان لهم أن يكونوا بالدم مالا كما لا يخرجون من سواه من ماله. (قال الشافعي): فإذا قتل رجل رجلا فلا سبيل إلى القصاص إلا بأن يجمع جميع ورثة الميت من كانوا وحيث كانوا على القصاص فإذا فعلوا فلهم القصاص وإذا كان على الميت دين ولا مال له أو كانت له وصايا كان للورثة القتل وإن كره أهل الدين والوصايا؛ لأنهم ليسوا من أوليائه وأن الورثة إن شاءوا ملكوا المال بسببه وإن شاءوا ملكوا القود، وكذلك إن شاءوا عفوا على غير مال ولا قود؛ لأن المال لا يملك بالعمد إلا بمشيئة الورثة أو بمشيئة المجني عليه إن كان حيا وإذا كان في ورثة المقتول صغار أو غيب لم يكن إلى القصاص سبيل حتى يحضر الغيب ويبلغ الصغار فإذا اجتمعوا على القصاص فذلك لهم وإذا كان في الورثة معتوه فلا سبيل إلى القصاص حتى يفيق أو يموت فتقوم ورثته مقامه وأي الورثة كان بالغا فعفا بمال أو بلا مال سقط القصاص وكان لمن بقي من الورثة حصته من الدية، وإذا سقط القصاص صارت لهم الدية. (قال الشافعي): وإذا كان للدم وليان فحكم لهما بالقصاص أو لم يحكم حتى قال أحدهما: قد عفوت القتل لله أو قد عفوت عنه أو قد تركت الاقتصاص منه أو قال القاتل: اعف عني فقال قد عفوت عنك فقد بطل القصاص عنه وهو على حقه من الدية وإن أحب أن يأخذه به أخذه؛ لأن عفوه عن القصاص غير عفوه عن المال إنما هو عفو أحد الأمرين دون الآخر قال الله تعالى {فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان} يعني من عفي له عن القصاص. (قال الشافعي): ولو قال قد عفوت عنك القصاص والدية لم يكن له قصاص ولم يكن له نصيب من الدية ولو قال قد عفوت ما لزمك لي لم يكن هذا عفوا للدية وكان عفوا للقصاص وإنما كان عفوا للقصاص دون المال ولم يكن عفوا للمال دون القصاص ولا لهما؛ لأن الله عز وجل حكم بالقصاص، ثم قال {فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف} فاعلم أن العفو مطلقا إنما هو ترك القصاص؛ لأنه أعظم الأمرين وحكم بأن يتبع بالمعروف يؤدي إليه المعفو له بإحسان وقوله ما يلزمك لي على القصاص اللازم كان له وهو محكوم عليه إذا عفي له عن القصاص بأن يؤدي إليه الدية حتى يعفوها صاحبها ولو قال قد عفوت عنك الدية لم يكن هذا عفوا له عن القصاص؛ لأنه ما كان مقيما على القصاص فالقصاص له دون الدية وهو لا يأخذ القصاص والدية، وكذلك لو قال قد عفوت عن الدية، ثم مات القاتل فإن له أخذ الدية؛ لأنه عفا عنها وليست له إنما تكون له بعد عفوه عن القصاص، وإن عفا الولي عن الدية والقصاص وعليه دين جاز عفوه، ولو عفاهما في مرضه الذي مات فيه كان عفوه جائزا وكان عفوه حصته من الدية وصية. ![]()
__________________
|
|
#3
|
||||
|
||||
![]() كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي المجلد السادس الحلقة (241) صــــــــــ 47 الى صـــــــــــ 51 وإذا قتلت المرأة من عليها في قتله القود فذكرت حملا أو ريبة من حمل حبست حتى تضع حملها، ثم أقيد منها حين تضعه وإن لم يكن لولدها مرضع فأحب إلي أن لو تركت بطيب نفس ولي الدم يوما أو أياما حتى يوجد له مرضع فإن لم يفعل قتلت له وإن ولدت وجدت تحركا انتظرت حتى تضع التحرك أو يعلم أن ليس بها حمل، وكذلك إذا لم يعلم أن بها حملا فادعته انتظر بالقود منها حتى تستبرأ ويعلم أن لا حبل بها ولو عجل الإمام فأقص منها حاملا فقد أثم ولا عقل عليه حتى تلقي جنينها فإن ألقته ضمنه الإمام دون المقتص وكان على عاقلته لا بيت المال، وكذلك لو قضى بأن يقتص منها، ثم رجع فلم يبلغ المأمور حتى اقتص منها ضمن الإمام جنينها وأحب إلي للإمام أن يكفر. تحول حال المشرك يجرح حتى إذا جني عليه وحال الجاني (قال الشافعي): - رحمه الله - ولو أن نصرانيا جرح نصرانيا، ثم أسلم الجارح ومات المجروح من جراحه بعد إسلام الجارح كان لورثة النصراني عليه القود وليس هذا قتل مؤمن بكافر منهيا عنه إنما هذا قتل كافر بكافر إلا أن الموت استأخر حتى تحولت حال القاتل وإنما يحكم للمجني عليه على الجاني وإن تحولت حال المجني عليه ولا ينظر إلى تحول حال الجاني بحال وهكذا لو أسلم المجروح دون الجارح أو المجروح والجارح معا كان عليه القود في الأحوال كلها. ولو أن نصرانيا جرح حربيا مستأمنا، ثم تحول الحربي إلى دار الحرب وترك الأمان فمات فجاء ورثته يطلبون الحكم خيروا بين القصاص من الجارح أو أرشه إذا كان الجرح أقل من الدية ولم يكن لهم القتل؛ لأنه مات من جرح في حال لو ابتدئ فيها قتله لم يكن على عاقلته فيها قود فأبطلنا زيادة الموت لتحول حال المجني عليه إلى أن يكون مباح الدم وهو خلاف للمسألة قبلها؛ لأن المجني عليه تحولت حاله دون الجاني ولو كانت المسألة بحالها والجراح أكثر من النفس كأن فقأ عينه وقطع يديه ورجليه، ثم لحق بدار الحرب فسألوا القصاص من الجاني فذلك لهم؛ لأن ذلك كان للمجني عليه يوم الجناية أو ذلك وزيادة الموت فلا أبطل القصاص بسقوط زيادة الموت على الجاني، وإن سألوا الأرش جعلت لهم على الجاني في كل حال من هذه الأحوال الأقل من دية جراحه أو دية النفس؛ لأن دية جراحه قد نقصت بذهاب النفس لو مات منها في دار الإسلام على أمانه فإذا أرادوا الدية لم أزدهم على دية النفس فلا يكون تركه عهده زائدا له في أرشه، ولو لحق بدار الحرب في أمانه كما هو حتى يقدم وتأتي له مدة فمات بها كان كموته في دار الإسلام؛ لأن جراحه عمد ولم يكن كمن مات تاركا للعهد؛ لأن رجلا لو قتله عامدا ببلاد الحرب وله أمان يعرفه ضمنه. (قال الشافعي): ولو جرحه ذمي في بلاد الإسلام، ثم لحق بدار الحرب، ثم رجع إلينا بأمان فمات من الجراح ففيها قولان: أحدهما أن على الذمي القود إن شاء ورثته أو الدية تامة من قبل أن الجناية والموت كانا معا وله القود ولا ينظر إلى ما بين الحالين من تركه الأمان، والقول الثاني أن له الدية في النفس ولا قود؛ لأنه قد صار في حال لو مات فيها أو قتل لم تكن له دية ولا قود. (قال الشافعي): وله الدية تامة في الحالين لا ينقص منها شيئا. ولو جرح ذمي حربيا مستأمنا فترك الأمان ولحق بدار الحرب فأغار المسلمون عليه. فسبوه ثم مات بعد ما صار في أيدي المسلمين سبيا فلا قود فيه؛ لأنه مات مملوكا فلا يقتل حر بمملوك وعلى الذمي الأقل من قيمته عبدا أو قيمة الجراح حرا كأنه قطع يده فكانت فيه إن كان نصرانيا ستة عشر من الإبل وثلثا بعير وهي نصف ديته أو كان مجوسيا أو وثنيا ففي يده نصف ديته، ثم مات وقيمته مثل نصف ديته فسقط الموت؛ لأنه لم يحدث به زيادة، وجميع الأرش لورثة المستأمن؛ لأنه استوجبه بالجرح وهو حر فكان مالا له أمان أو كأنه قطعت يده وديته ثلاث وثلاثون وثلث، ثم مات مملوكا وقيمته خمس من الإبل فعلى جارحه خمس من الإبل؛ لأن اليد صارت تبعا للنفس كما يجرح المسلم فيكون فيه ديات لو عاش ولو مات كانت ديته واحدة ويجرح موضحة فيموت فيكون فيها دية كما تكون الزيادة على الجارح بزيادة النفس، فكذلك يكون النقص بذهابها. (قال الشافعي): وإذا لم تكن بالنفس زيادة فجميع الأرش لورثة المستأمن؛ لما وصفت أنه استوجبه وهو حر لما له أمان يعطاه ورثته في دار الحرب وهكذا لو قطعت يداه ورجلاه وفقئت عيناه، ثم لحق بدار الحرب، ثم مات وقيمته أقل مما وجب له بالجراح لو عاش كان على جارحه الأقل من الجراح والنفس وكان ذلك لورثته ببلاد الحرب. (قال الشافعي): ولو جرح ذمي مستأمنا فأوضحه، ثم لحق المجروح بدار الحرب، ثم سبي فصار رقيقا، ثم مات وقيمته عشرون من الإبل وإنما وجب له بالموضحة التي أوضح منها ثلث موضحة مسلم كان أرش موضحته لورثته، وأما الزيادة من قيمته ففيه قولان: أحدهما أنه يسقط عن الجاني بلحوق المجني عليه ببلاد الحرب، والآخر أن الزيادة لمالكه؛ لأن الجناية والموت كانا وهو ممنوع؛ ولأنه ملكه بالموت، وذلك ملك للسيد. (قال الشافعي): ولو كانت المسألة بحالها فأسلم في يدي سيده ثم مات كانت هكذا؛ لأن الإسلام يزيد في قيمته فتحسب الزيادة في قول من ألزمه إياها وتسقط في قول من أسقطها بلحوقه ببلاد الحرب. (قال الشافعي): ولو أعتقه سيده، ثم مات حرا كان على جارحه الأقل من أرش الجناية وديته؛ لأنه جني عليه حرا ومات حرا في قول من يسقط الزيادة عن الجاني بلحوق المجني عليه ببلاد الحرب ويلزمه الزيادة إن كان في الموت في قول من يبطل الزيادة بلحوقه بدار الحرب. (قال الشافعي): ولو كانت المسألة بحالها فأسلم وأعتقه سيده فمات مسلما حرا ضمن قاتله الأقل من أرش الجناية ودية حر؛ لأن أصل الجناية كان ممنوعا في قول من يسقط الزيادة بلحوقه بدار الحرب، وضمنه زيادة الموت في قول من لا يسقطها عنه بلحوقه بدار الحرب. ومن قال هذا قال في نصراني جرح، ثم أسلم فمات ففيه دية مسلم (قال الشافعي): ولو كانت المسألة بحالها وكان القاتل مسلما كان مثل هذا في الجواب إلا أنه لا يقاد مشرك من مسلم. (قال الشافعي): وإذا ضرب الرجل رجلا فقطع يده، ثم برأ، ثم ارتد فمات فلوليه القصاص في اليد؛ لأن الجراحة قد وجبت للضرب والبرء وهو مسلم. الحكم بين أهل الذمة في القتل (قال الشافعي): - رحمه الله -: وإذا قتل الذمي الذمية أو الذمي أو المستأمن أو المستأمنة أو جرح بعضهم بعضا فذلك كله سواء فإذا طلب المجروح أو ورثة المقتول حكمنا عليهم بحكمنا على أهل الإسلام فيما بينهم لا يختلف فنجعل القود بينهم كما نجعله بين المسلمين في النفس وما دونها ونجعل ما كان عمدا لا قود فيه في مال الجاني وما كان خطأ على عاقلة الجاني إذا كانت له عاقلة فإن لم تكن له عاقلة كان ذلك في ماله ولم يعقل عنه أهل دينه؛ لأنهم لا يرثونه ولا المسلمون؛ لأنه ليس بمسلم وإنما يأخذون ماله إذا لم يكن له وارث فيئا. (قال الشافعي): ويقتص الوثني والمجوسي والصابئي والسامري من اليهود والنصارى، وكذلك يقتص نساؤهم منهم ونجعل الكفر كله ملة وكذلك نورث بعضهم من بعض للقرابة ويقتص المستأمن من هؤلاء من المعاهدين؛ لأن لكل ذمة ولا تفاوت بين المشركين فنمنع به بعضهم من بعض بالقصاص كفوت المسلمين لهم. (قال الشافعي): وهكذا يحكم على الحربي المستأمن إذا جنى يقتص منه ويحكم في ماله بأرش العمد الذي لا يقتص منه وإن لم يكن له عاقلة إلا عاقلة حربية لا ينفذ حكمنا عليهم جعلنا الخطأ في ماله كما نجعله في مال من لا عاقلة له من أهل الذمة، وهكذا نحكم عليهم إذا أصابوا مسلما بقتل أو جرح لا يختلف ذلك. (قال الشافعي): وإن أصاب أهل الذمة حربيا لا أمان له لم يحكم عليهم فيه بشيء ولو طلبت ورثته؛ لأن دمه مباح (قال الشافعي): وهكذا لو كان القاتل حربيا مستأمنا إلا أنا إذا لم تود عاقلة الحربي عنه أرش الخطأ كما حكمنا به في ماله. (قال الشافعي): ولو لحق الحربي الجاني بعد الجناية بدار الحرب، ثم رجع مستأمنا حكمنا عليه؛ لأن الحكم لزمه أولا ولا يسقط عنه بلحوقه بدار الحرب (قال الشافعي): ولو مات ببلاد الحرب بعد الجناية وعندنا له مال كان له أمان أو ورد علينا وهو حي مال له أمان أخذنا من ماله أرش الجناية لوليها؛ لأنه وجب في ماله فمتى أمكننا أعطينا ما وجب عليه في ماله من ماله ولو أمنا له ماله على أن لا نأخذ منه ما لزمه لم يكن ذلك له إذا كان عليه أن يأخذ منه ما لزمه. (قال الشافعي): وكذلك لو جنى وهو عندنا جنايات، ثم لحق بدار الحرب، ثم أمناه على أن لا نحكم عليه حكمنا عليه وكان ما أعطيناه من الأمان على ما وصفنا باطلا لا يحل وهكذا لو سبي وأخذ ماله وقد كان له عندنا في الأمان دين؛ لأن ماله لم يغنم إلا وللمجني عليه فيه حق كالدين وسواء إن أخذ ماله قبل أن يسبى أو مع السبي أو بعده، ألا ترى أنه لو كان عليه دين، ثم لحق بدار الحرب فغنم ماله وسبي أو لم يسب أخذنا الدين من ماله ولم يكن هذا بأكثر من الرجل يدان الدين، ثم يموت فنأخذ الدين من ماله بوجوبه فليس الغنيمة لماله بأكثر من الميراث لو ورثه المسلم أو ذمي عليه دين؛ لأن الله عز وجل جعل للورثة ملك الموتى بعد الدين، وكذلك الغنائم؛ لأنهم خولوها بأن أهلها أهل دار حرب، وكذلك لو جنى وهو مستأمن، ثم لحق ببلاد الحرب ناقضا للأمان، ثم أسلم بدار الحرب فأحرز ماله ونفسه حكم عليه بالجناية والدين الذي لزمه في دار الإسلام. (قال الشافعي): وكل هذا لا يخالف الأمان يملك وهو رقيق؛ لأن الرقيق لا يملك إلا لسيده، وهو في هذه الأحوال كلها مالك لنفسه ويخالف لأن يجنى عليه وهو محارب غير مستأمن ببلاد الحرب وجنايته كلها في هذه الأحوال هدر. (قال الشافعي): ولو جنى مسلم جناية فلزمته في ماله ثم ارتد ولحق بدار الحرب فكان حيا أو ميتا أو قتل على الردة كانت الجناية في ماله ولم يغنم من ماله شيء حتى تؤدى جنايته وما لزمه في ماله. (قال الشافعي): وإذا جنى الذمي على نصراني فتمجس النصراني بعد ما يجنى عليه ثم مات مجوسيا فقد قيل: فعلى الجاني الأقل من أرش جراح النصراني ومن دية المجوسي وقيل: عليه دية مجوسي أو القود من الذمي الذي جنى عليه؛ لأنه كافر، وإن تمجس فهو ممنوع الدم بالعقد المتقدم وليس كالمسلم يرتد؛ لأن رجلا لو قتل المسلم مرتدا لم يكن عليه شيء وهذا لو قتل مرتدا عن كفر إلى كفر كان على قاتله الدية إن كان مسلما والقود إن كان كافرا. (قال الشافعي): وهكذا إن جنى نصراني فتزندق أو دان دينا لا تؤكل ذبيحة أهله وقد قيل على الجاني عليه إذا غرم الدية: الأقل من أرش ما أصابه نصرانيا ودية مجوسي وقيل عليه دية مجوسي. (قال الشافعي): ولو جني عليه نصرانيا فتهود أو يهوديا فتمجس فقد قيل: عليه الأقل من قيمة جرحه نصرانيا أو ديته مجوسيا وقيل: عليه دية مجوسي وكان كرجوعه إلى المجوسية؛ لأنه يرتد عن دينه الذي كان يقر عليه إلى دين لا يقر عليه. (قال الشافعي): وإذا جنى النصراني على النصراني أو المشرك الممنوع الدم خطأ فعلى عاقلته أرش جنايته، وإن ارتد النصراني الجاني عن النصرانية إلى مجوسية أو غيرها فمات المجني عليه غرمت عاقلة الجاني الأقل من أرش الجناية وهو نصراني أو دية مجوسي؛ لأنهم كانوا ضمنوا أرش الجرح وهو على دينهم فإن كان الجرح موضحة فمات منها المجني عليه بعد أن يرتد الجاني إلى غير النصرانية ضمنت عاقلته أرش موضحة وضمن في ماله زيادة النفس على أرش الموضحة فإن لم تزد النفس على الموضحة بشيء حتى تحول حال المجني عليه إلى غير دينه ضمنت العاقلة كما هي أرش الموضحة للزومها لها يوم جنى صاحبها. (قال الشافعي): ولو جنى نصراني على مسلم أو ذمي موضحة، ثم أسلم الجاني ومات المجني عليه ضمنت عاقلته من النصارى أرش الموضحة وضمن الجاني في ماله الزيادة على أرش الموضحة لا يعقل عاقلة النصراني ما زادت جنايته وهو مسلم لقطع الولاية بين المسلمين والمشركين وتغرم ما لزمها من جراحه وهو على دينها ولا يعقل المسلمون عنه زيادة جنايته؛ لأن الجناية كانت وهو مشرك والموت بالجناية كان وهو مسلم، وهكذا لو أسلم هو وعاقلته لم يعقلوا إلا ما لزمهم وهو على دينهم.(قال الشافعي): ولو جنى نصراني على رجل خطأ، ثم أسلم النصراني الجاني فلم يطلب الرجل جنايته إلا والجاني مسلم فإن قالت له عاقلته من النصارى جنى عليك مسلما وقال المسلمون: جنى عليك مشركا كان القول قولهم معا في أن لا يضمنوا عنه مع إيمانهم وكانت الدية في مال الجاني إلا أن تقوم بينة بحاله يوم جنى فتعقل عنه عاقلته من النصارى إن كان نصرانيا ما لزمه في النصرانية ويكون ما بقي في ماله أو بينة بأنه جنى مسلما فيعقل عنه المسلمون إن كان له فيهم عاقلة.وإذا رمى النصراني إنسانا فلم تقع رميته حتى أسلم فمات المرمي لم تعقل عنه عاقلته من النصارى؛ لأنه لم يجن جناية لها أرش حتى أسلم ولا المسلمون؛ لأن الرمية كانت وهو غير مسلم وكانت الجناية في ماله. (قال الشافعي): ولو أن نصرانيا تهود أو تمجس، ثم جنى لم تعقل عنه عاقلته من النصارى؛ لأنه على دين لا يقر عليه ولا اليهود ولا المجوس؛ لأنه لا يقر على اليهودية ولا المجوسية معهم وكان العقل في ماله، وهكذا لو رجع إلى دين غير دين النصرانية من مجوسية أو غيرها ولا تعقل عنه إذا بدل دينه عاقلة واحد من النصفين إلا أن يسلم ثانية، ثم يجني فيعقل عنه المسلمون بالولاية بينه وبينهم (قال الشافعي): وإذا جنى الرجل مجوسيا فقتل، ثم أسلم الجاني بعد القتل ومات المجني عليه ضمن عنه المجوس الجناية؛ لأنها عاقلته من المجوس كانت وهو مجوسي إذا كانت الجناية خطأ فإن كانت الجناية عمدا فهي في مال الجاني ولا تضمن عاقلة مجوسي ولا مسلم إلا ما جنى خطأ تقوم به بينة. (قال الربيع) وفيها قول آخر: أنه إذا قتل وهو نصراني فقتل نصرانيا ثم أسلم أن عليه القود؛ لأن النفس المقتولة كانت مكافئة بنفس القاتل حين قتل وليس إسلامه الذي يزيل عنه ما قد وجب عليه قبل أن يسلم. (قال الشافعي): والقود بين كل كافرين لهما عهد سواء كانا ممن يؤدي الجزية أو أحدهما مستأمن أو كلاهما؛ لأن كلا له عهد ويقاد المجوسي من النصراني واليهودي، وكذلك كل واحد من المشركين ممنوع الدم يقاد من غيره وإن كان أكثر دية منه كما يقاد الرجل من المرأة والمرأة من الرجل والرجل أكثر دية منها والعبد من العبد وهو أكثر ثمنا منه. ردة المسلم قبل يجني وبعد ما يجني وردة المجني عليه بعد ما يجنى عليه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا جنى المسلم على رجل مسلم عمدا فقطع يده، ثم ارتد الجاني ومات المجني عليه أو قتله، ثم ارتد القاتل بعد قتله لم تسقط الردة عنه شيئا ويقال لأولياء القتيل: أنتم مخيرون بين القصاص أو الدية فإن اختاروا الدية أخذت من ماله حالة وإن اختاروا القصاص استتيب المرتد فإن تاب قتل بالقصاص وإن لم يتب قيل لورثة المقتول: إن اخترتم الدية فهي لكم وهو يقتل بالردة وإن أبوا إلا القتل قتل بالقصاص وغنم ماله؛ لأنه لم يتب قبل موته. (قال الشافعي): ولو كان قتله الرجل قبل يرتد الجاني خطأ كان على عاقلته من المسلمين فإن جرحه مسلما، ثم ارتد الجاني فمات المجني عليه بعد ردة الجاني ضمنت العاقلة نصف الدية ولم تضمن الزيادة التي كانت بالموت بعد ردة الجاني فكان ما بقي من الدية في ماله، وكذلك لو كانت جنايته موضحة ضمنت العاقلة نصف عشر الدية وضمن المرتد ما بقي من الدية في ماله، وكذلك لو كانت جنايته الدية فأكثر، ثم ارتد فمات المجني عليه ضمنت العاقلة الدية كلها؛ لأنها كانت ضمنتها والجاني مسلم ولم يزد الموت بعد ردة صاحبها عليها شيئا إنما يغرم بالموت ما كان يغرم بالحياة أو أقل. (قال الشافعي): ولو جنى وهو مسلم فقطع يدا، ثم ارتد ثم أسلم، ثم مات ومات المجني عليه ضمنت العاقلة نصف الدية ولم يضمنوا الموت؛ لأن الجاني ارتد فسقط عنهم أن يعقلوا عنه كما لو كان مرتدا فجنى لم يعقلوا عنه ما جنى. فأما ما تولد من جنايته وهو مرتد ففي ماله. (قال الشافعي): وفيها قول آخر: أن يعقلوا عنه؛ لأن الجناية والموت كان وهو مسلم. (قال الربيع) والقول الثاني أصحهما عندي. (قال الشافعي): وإذا جنى الرجل الذي قد عرف إسلامه جناية فادعت عاقلته أنه جنى مرتدا فعليهم البينة فإن أقاموها سقط عنهم العقل وكان في ماله وإن لم يقيموها لزمهم العقل (قال الشافعي): ولو كان حين رفع الجناية إلى الحاكم مرتدا فمات فقالت العاقلة: جنى وهو مرتد كان القول قولهم مع أيمانهم حتى تقوم البينة بأن الجناية كانت وهو مسلم، ولو جنى جناية، ثم قام بينة أنه ارتد، ثم عاد إلى الإسلام ولم يوقت وقتا كان القول قول العاقلة إلا أن تقوم بينة أنه جنى وهو مسلم. وإذا ارتد الرجل عن الإسلام، ثم رمى بسهم فأصاب به رجلا خطأ ولم يقع به السهم حتى رجع المرتد إلى الإسلام لم تعقل العاقلة عنه شيئا وكانت الجناية عليه في ماله؛ لأن مخرج الرمية كان وهو ممن لا يعقل عنه وإنما يقضى بالجناية على العاقلة إذا كان مخرجها وموقعها والرجل يعقل. ردة المجني عليه وتحول حاله (قال الشافعي): وإذا ارتد الرجل عن الإسلام فرماه رجل ولم تقع الرمية به حتى أسلم فمات منها أو جرحه بالرمية فلا قصاص على الرامي؛ لأن الرمية كانت وهو ممن لا عقل ولا قود وعليه الدية في ماله حالة إن مات وأرش الجرح إن لم يمت حالا؛ لأنه عمد ولا تسقط الدية؛ لأن مخرج الرمية كانت وهو مرتد كما لو أن رجلا رمى رجلا، ثم أحرم فأصابت الرمية بعد الإحرام صيدا ضمنه ولم يكن في أقل من معنى أن يرمي غرضا فيصيب رجلا وهكذا لو رمى نصرانيا أو مجوسيا فأسلم المرمي قبل أن تقع الرمية لم يقد لخروج الرمية وهو غير مسلم وكانت عليه دية مسلم إن مات من الرمية أو أرش مسلم إن جرحت ولم يمت منها. ![]()
__________________
|
|
#4
|
||||
|
||||
![]() كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي المجلد السادس الحلقة (251) صــــــــــ 101 الى صـــــــــــ 106 عدد الأيمان على كل حالف (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولا يجب على أحد حق في القسامة حتى تكمل أيمان الورثة خمسين يمينا وسواء كثر الورثة أو قلوا وإذا مات الميت وترك وارثا واحدا أقسم خمسين يمينا واستحق الدية وإن ترك وارثين أو أكثر فكان أحدهما صغيرا أو غائبا أو مغلوبا على عقله أو حاضرا بالغا فلم يحلف فأراد أحدهما اليمين لم يحبس على غائب ولا صغير ولم يبطل حقه من ميراثه من دمه بامتناع غيره من اليمين ولا إكذابه دعوى أخيه ولا صغره وقيل للذي يريد اليمين: أنت لا تستوجب شيئا من الدية على المدعى عليهم ولا على عواقلهم إلا بخمسين يمينا فإن شئت أن تعجل فتحلف خمسين يمينا وتأخذ نصيبك من الميراث لا يزاد عليه قبلت منك وإن امتنعت فدع هذا حتى يحضر معك وارث تقبل يمينه فتحلفان خمسين يمينا أو ورثته فتكمل أيمانكم خمسين يمينا كل رجل منكم بقدر ما يجب عليه من الأيمان أو أكثر ولا يجوز أن يزاد على وارث في الأيمان على قدر حصته من الميراث إلا في موضعين: أحدهما ما وصفت من أن يغيب وارث أو يصغر أو ينكل فيريد أحد الورثة اليمين فلا يأخذ حقه إلا بكمال خمسين يمينا فيزاد عليه في الأيمان في هذا الموضع ولا يجبر على الأيمان أو يدع الميت ثلاث بنين فتكون حصة كل واحد منهم سبعة عشر يمينا إلا ثلث يمين فلا يجوز في اليمين كسر ولا يجوز أن يحلف واحد ستة عشر يمينا وعليه ثلثا يمين ويحلف آخر سبعة عشر ولا سبعة عشر وزيادة ويحلف كل واحد منهم سبعة عشر يمينا فيكون عليهم زيادة يمين بينهم، وهكذا من وقع عليه أو له كسر يمين جبرها وإن لم يدع القتيل وارثا إلا ابنه أو أباه أو أخاه أجزأه أن يحلف خمسين يمينا؛ لأنه مالك المال كله وكل من ملك شيئا حلف عليه وهكذا لو لم يدع إلا ابنته وهي مولاته حلفت خمسين يمينا وأخذت الكل: النصف بالنسب والنصف بالولاء، وهكذا لو لم يدع إلا زوجة وهي مولاته وإذا ترك أكثر من خمسين وارثا سواء في ميراثه كأنهم بنون معا أو إخوة معا أو عصبة في القعدد إليه سواء حلف كل واحد منهم يمينا وإن جازوا خمسين أضعافا؛ لأنه لا يأخذ أحد مالا بغير بينة ولا إقرار من المدعى عليه بلا يمين منه ولا يملك أحد بيمين غيره شيئا ولو كانت فيهم زوجة فورثت الربع أو الثمن حلفت ربع الأيمان ثلاثة عشر يمينا يزاد عليها كسر يمين أو ثمن الأيمان سبعة أيمان يزاد عليها كسر يمين؛ لما وصفت من أنه لا يجوز إذا كان على وارث كسر يمين إلا أن يأتي بيمين تامة. . نكول الورثة واختلافهم في القسامة ومن يدعى عليهم (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): فإذا كان للقتيل وارثان فامتنع أحدهما من القسامة لم يمنع ذلك الآخر من أن يقسم خمسين يمينا ويستحق نصيبه من الميراث، وكذلك إن كان الورثة عددا كثيرا فنكلوا إلا واحدا، وكذلك إن كان المقسم عليه عدلا والمقسم غير عدل قبلت قسامته؛ لأنه حق يأخذه بيمينه فالعدل وغير العدل سواء كما يكون للرجلين شاهد وللرجال شاهد فيمتنع أحدهم أو أكثرهم من اليمين ويحلف غيره منهم فيكون للحالف أخذ حقه، كما يدعى على الرجال حق فيقر به بعضهم وينكر بعض فيحلف المنكر ويبرأ ويؤخذ من المقر ما أقر به فإذا كانت على الرجل في القسامة أيمان فلم يكملها حتى مات كان على الورثة أن يبتدئوا الأيمان التي كانت على أبيهم ولا يحاسبون بأيمانه؛ لأن أيمانه غير أيمانهم وهو لم يكن يأخذ بأيمانه شيئا حتى يكمل ما عليه فيه ولو كان لم يمت، ولكنه لم يكمل أيمانه حتى غلب على عقله فإذا أفاق احتسب بما بقي من أيمانه ولم يسقط من أيمانه الماضية شيء من قبل أن عليه عدد شيء فإذا أتى به مجموعا أو مفرقا عند حاكم فقد أدى ما عليه ولو جاء به عند حاكمين ويجب على الحاكم أن يثبت له عدد ما حلف عنده قبل يغلب على عقله وما حلف عند غيره ولو حلف على بعض الأيمان، ثم سأل الحاكم أن ينظر أنظره فإذا جاء ليستكمل الأيمان حسبت له ما مضى منها عنده وإذا كان للقتيل تجب فيه القسامة وارثان فادعى أحدهما على رجل من أهل المحلة أنه قتله وحده وأبرأه صاحبه بأن قال ما قتله كان فيها قولان: أحدهما أن لولي الدم المدعي الذي لم يبرئ أن يحلف خمسين يمينا ويستحق على المدعى عليه نصف الدية إن كان عمدا في ماله وعلى العاقلة إن كان خطأ ومن قال هذا القول قال لو كان عدلا فشهد له أنه كان في الوقت الذي قتل فيه وهم يتصادقون على الوقت غائبا ببلد لا يمكن أن يصل منه في ذلك الوقت ولا في يوم إلى موضع القتيل لم يبرأ؛ لأنه واحد لا تجوز شهادته ولوكان الوارثان اثنين عدلين فشهدا له بهذا أو شهدا على آخر أنه قتله أجزنا شهادتهما ولم نجعل فيه قسامة والقول الثاني أنه ليس للورثة أن يقسموا على رجل يبرئه أحدهم إذا كان الذي يبرئه يعقل فإن أبرأه منهم مغلوب على عقله أو صبي لم يبلغ كان للباقين منهم أن يحلفوا. . ما يسقط حقوق أهل القسامة من الاختلاف وما لا يسقطها (قال الشافعي): وإذا اختلف الوارثان فيمن تجب عليه القسامة فكانت دعواهما معا مما يمكن أن يصدقا فيه بحال لم يسقط حقهما في القسامة وذلك مثل أن يقول: هذا قتل أبي عبد الله بن خالد ورجل لا أعرفه ويقول الآخر: قتل أبي زيد بن عامر ورجل لا أعرفه؛ لأنه قد يجوز أن يكون زيد بن عامر هو الرجل الذي عرفه الذي جهل عبد الله بن خالد وأن يكون عبد الله بن خالد هو الرجل الذي جهله الذي عرف زيد بن عامر ولو قال الذي ادعى على عبد الله قد عرفت زيدا وليس بالذي قتل مع عبد الله وقال الذي عرف زيدا قد عرفت عبد الله وليس بالذي قتل مع زيد ففيها قولان: أحدهما أن يكون لكل واحد منهما أن يقسم على الذي ادعى عليه ويأخذ منه ربع الدية ومن قال هذا قال حق كل واحد منهما غير حق صاحبه كرجلين لهما حق على رجل فأبرأه أحدهما بإكذاب البينة؛ لأنه قد يمكن في كل المدعى عليهما القتل وفي كل واحد من الوارثين وعلى كل واحد منهما الوهم أو يثبت كل واحد منهما أن مع الذي ادعى عليه قاتلا غيره وإن ادعى كل واحد منهما على غير الذي أبرأه أنه قاتل مع الذي ثبت عليه كان لكل واحد منهما أن يقسم ويأخذ منه حصته من الدية، والقول الثاني أن ليس لواحد منهما أن يقسم حتى تجتمع دعواهما على واحد فيقسمان عليه ومن قال هذا قال هذان ليسا كرجلين لهما حق على رجل فأكذب أحدهما بينته فبطل حقه وصدق الآخر بينته فأخذ حقه؛ لأن هذا الحق أخذ بغير قول المدعي وحده وأخذه بشهادة أمر المسلمين مقبول مثلها والقسامة حق أخذ بدلالة، وأيمانهما بها؛ لأنهما وارثان له ولا يأخذانه وكل واحد منهما يكذب صاحبه ومن قال هذا قال: لو أن وارثين وجبت لهما القسامة ادعى كل واحد منهما على رجل أنه قتل أباه وحده لم يكن لواحد منهما أن يقسم على واحد من الذي ادعيا عليه ولا على غيره؛ لأنه قد أبرأ غيره بدعواه عليه وحده وأنه لا يمكن فيهما أن يكونا صادقين بحال ولا يكون أحدهما قتله وحده والآخر قتله وحده وكذلك لو كان له معهما وارث ثالث فادعى على الذي ادعيا عليه وحده أو معه غيره لم يكن ذلك له ولو وجبت لهما فادعى أحدهما على واحد بعينه وقال الآخر: لا أعرفه وامتنع من القسامة كان للذي أثبت القسامة عليه أن يقسم خمسين يمينا ويأخذ حصته من الدية؛ لأن امتناع أخيه من اليمين ليس بإكذاب له فإذا لم يكن إكذابا له فله أن يحلف بكل حال، وكذلك لو ادعى وارثان أنه قتل أباهما فقال أحدهما: قتله وحده وقال الآخر: قتله وآخر معه كان للذي أفرد الدعوى عليه وحده أن يحلف ويأخذ منه ربع الدية والآخر يحلف ويأخذ ربع الدية؛ لأنهما اجتمعا على أن عليه نصف الدية وأقر أحدهما بأنها عليه كلها ولا يؤخذ في هذا القول إلا بما اجتمعا عليه ولا يكون للذي ادعى على الباقي أن يحلف؛ لأن أخاه يكذبه أن يكون قاتلا فعلى هذا، هذا الباب كله. . الخطأ والعمد في القسامة أخبرنا الربيع قال قال الشافعي: إذا وجبت القسامة لم أحلف الورثة حتى أسألهم أعمدا قتل صاحبهم أو خطأ؟ فإن قالوا عمدا أحلفتهم على العمد وجعلت لهم الدية في مال القاتل حالة مغلظة كدية العمد وإن قالوا خطأ أحلفتهم لقتله خطأ، ثم جعلت الدية على عاقلة القاتل في مضي ثلاث سنين كدية الخطأ وهكذا إذا كانت لمسلمين على مشركين أو لمشركين على مسلمين أو لمشركين على مشركين أحرار لا تختلف فإذا كانت القسامة على عبد أو قوم فيهم عبد كانت الدية في الخطأ والعمد في عنق العبد دون مال سيده وعاقلته ولا تكون القسامة إلا عند حاكم وإذا أقسموا أبغير أمر الحاكم؟ أعاد عليهم الحاكم الأيمان ولم يحسب لهم من أيمانهم قبل استحلافه لهم شيئا. . القسامة بالبينة وغيرها (قال الشافعي): وإذا حلف ولاة الدم على رجل أنه قتل لهم قتيلا وحده وأخذوا منه الدية أو من عاقلته، ثم جاء شاهدان بما فيه البراءة للذي أقسموا عليه من قتل قتيلهم رد ولاة القتيل ما أخذوا من الدية على من أخذوها منه وذلك أن يشهد شاهدان أن هذا الذي أقسموا عليه كان يوم كذا من شهر كذا وذلك القاتل بمكة والقتيل بالمدينة أو كان ببلد لا يمكن أن يبلغ موضع القتيل في يوم ولا أكثر أو يشهدون على أن فلانا الذي أقسموا عليه كان معهم قبل طلوع الشمس إلى زوال الشمس وإنما قتل القتيل في هذا الوقت أو ما في معنى هذا مما يثبت الشاهدان أن هذا المقسم عليه بريء من قتل صاحبهم فإن شهدوا أن فلانا رجلا آخر قتل صاحبهم لم تخرج الدية حتى ينظر فإن جازت شهادتهم على فلان أخرجت الدية التي أخذت بالقسامة فردت إلى من أخذت منه وإن ردت عن فلان لم تخرج التي أخذت بالقسامة بشهادة من لم تجز شهادته على رجل بعداوة ولا بأن يعدلهم من يجر إلى نفسه أو يدفع عنها ولا يقبل شاهدان من عاقلة المدعى عليه إذا ادعى القتل خطأ أن يبتدئوها بما يبرئ المدعى عليه في الخطأ؛ لأن في ذلك براءة لهم مما يلزمهم من الدية. وقد قيل: إن كان القتل عمدا لم يقبل ذلك للمدعى عليه؛ لأن ذلك إبراء له من اسم القتل ولا إن كان الشاهدان يكونان إذا شهدا أبرآ أنفسهما من شيء من الدية أو جرا إلى أنفسهما (قال الشافعي): وإن لم يقطعوا الشهادة بما يبين براءته لم يكن بريئا، وذلك مثل أن يكون القتيل ببلد فيقتل يوم الجمعة لا يدرى أي وقت قتل فيه فيشهد هؤلاء الشهود أن هذا كان معهم يوم الجمعة طول النهار أو في بعض النهار دون بعض أو في حبس وحديد أو مريضا؛ لأنه قد يمكن أن يقتله في وقت لم يكن معهم فيه وينفلت من السجن والحديد ويقتله في الحديد ويقتله وهو مريض. (قال الشافعي): ولو شهدوا على الورثة أنهم أقروا أن هذا المقسم عليه لم يقتل أباهم أو أنه كان غير حاضر قتل أبيهم أو أنه في اليوم الذي قتل فيه أبوهم كان لا يمكن أن يبلغ حيث قتل أبوهم أو أنهم أقسموا عليه عارفين بأنه لم يقتله أحد أخذت الدية منهم وللإمام تعزيرهم بإقرارهم وأخذ المال بالباطل، ولو كانوا شهدوا على أنهم قالوا إن كنا لغيبا عن قتله قبل القسامة وبعدها لم يردوا شيئا؛ لأني أحلفتهم وأنا أعلمهم غيبا، وكذلك لو شهدوا قبل القسامة وبعدها أنهم قالوا ما نحن على يقين من قتله كان لهم أن يقسموا؛ لأنهم قد يصدقون الشهود بما لا يستيقنون وإنما اليقين العيان لا الشهادة ولو شهدوا عليهم أنهم قالوا قد أخذنا منه الدية أو من عاقلته الدية بظلم سئلوا فإن قالوا: قلناه؛ لأن القسامة لا توجب لنا دية حلفوا بالله ما أرادوا غير هذا وقيل لهم: ليس هذا بظلم وإن سميتموه ظلما وإن لم يحلفوا على هذا حلف المدعى عليه ما قتل صاحبهم وردوا الدية فإن قالوا: أردنا بقولنا أخذنا الدية بظلم بأنا كذبنا عليه ردوا الدية وعزروا ولو أقسم الورثة على رجل أنه قتل أباهم وحده وشهد شاهدان على رجل غيره أنه قتل أباهم فادعى الورثة على القاتل المشهود عليه دم أبيهم وسألوا القود به أو الدية لم يكن ذلك لهم؛ لأنهم قد زعموا أن قاتل أبيهم رجل واحد فأبرءوا منه غيره وردوا ما أخذوا من الدية بالقسامة؛ لأنه قد شهد لمن أخذوا منه الدية بالبراءة وأبرءوه بدعواهم على غيره ولو ثبتوا أيضا على دعواهم على الأول وكذبوا البينة لم يأخذوا من الآخر عقلا ولا قودا؛ لأنهم أبرءوه وردوا ما أخذوا من الأول؛ لأن الشاهدين قد شهدا له بالبراءة ولو أن شاهدين شهدا لرجل بما يبرئه من دم رجل كما وصفت، ثم أقر المشهود له أنه قتله عمدا أو خطأ لزمه الدم كما أقر به. وإذا أقر به خطأ لزمه في ماله في ثلاث سنين دون عاقلته ولو أن ولاة الدم أقروا أن رجلا لم يقتل أباهم وادعوه على غيره وأقر الذي أبرءوه أنه قتل أباهم منفردا فقد قيل: يؤخذ بإقراره ويكون أصدق عليه من إبرائهم له كشهادة من شهد له بالبراءة وقيل: لا يؤخذ بإقراره من قبل أن ولاة الدم قد أبرءوه من دمه وسواء ادعوا الوهم في إبرائه، ثم قالوا أثبتنا أنك قتلته أو لم يدعوه. . اختلاف المدعي والمدعى عليه في الدم (قال الشافعي): ولو أن رجلا ادعى أن رجلا قتل أباه عمدا بما فيه القود وأقر المدعى عليه أنه قتله خطأ فالقتل خطأ والدية عليه في ثلاث سنين بعد أن يحلف ما قتله إلا خطأ فإن نكل حلف المدعي لقتله عمدا وكان له القود وهكذا إن أقر أنه قتله عمدا بالشيء الذي إذا قتله به لم يقد منه ولو ادعى رجل على رجل أنه قتل أباه وحده خطأ فأقر المدعى عليه أنه قتله هو وغيره معه كان القول قول المقر مع يمينه ولم يغرم إلا نصف الدية ولا يصدق على الذي زعم أنه قتله معه. ولو قال قتلته وحدي عمدا وأنا مغلوب على عقلي بمرض فإن علم أنه كان مريضا مغلوبا على عقله قبل قوله مع يمينه وإن لم يعلم ذلك فعليه القود بعد أن يحلف ولي الدم لقتله غير مغلوب على عقله وهكذا لو قامت عليه بينة بأنه قتله فقال: قتلته وأنا مغلوب على عقلي (قال الشافعي): وإذا وجد القتيل في محلة قوم يختلط بهم غيرهم أو صحراء أو مسجد أو سوق أو موضع مسير إلى دار مشتركة أو غيرها فلا قسامة فيه فإن ادعى أولياؤه على أهل المحلة لم يحلف لهم منهم إلا من أثبتوا بعينه فقالوا نحن ندعي أنه قتله فإن أثبتوهم كلهم وادعوا عليهم وهم مائة أو أكثر وفيهم نساء ورجال وعبيد مسلمون كلهم أو مشركون كلهم أو فيهم مسلم ومشرك أحلفوا كلهم يمينا يمينا؛ لأنهم يزيدون على خمسين وإن كانوا أقل من خمسين ردت الأيمان عليهم فإن كانوا خمسة وعشرين حلفوا يمينين يمينين وإن كانوا ثلاثين حلفوا يمينين يمينين؛ لأن على كل واحد منهم يمينا وكسر يمين ومن كانت عليه كسر يمين حلف يمينا تامة وليس الأحرار المسلمون بأحق بالأيمان من العبيد ولا العبيد من الأحرار ولا الرجال من النساء ولا النساء من الرجال كل بالغ فيها سواء. وإن كان فيهم صبي ادعوا عليه لم يحلف وإذا بلغ حلف فإن مات قبل البلوغ فلا شيء عليه ولا يحلف واحد منهم إلا واحدا ادعوا عليه بنفسه فإذا حلفوا برئوا وإذا نكلوا عن الأيمان حلف ولاة الدم خمسين يمينا واستحقوا الدية إن كانت عمدا ففي أموالهم ورقاب العبيد منهم بقدر حصصهم فيها وإن كانت خطأ فعلى عواقلهم وإن كان ولي القتيل ادعى على اثنين منهم فحلف أحدهما وامتنع الآخر من اليمين بريء الذي حلف وحلف ولاة الدم على الذي نكل، ثم لزمه نصف الدية في ماله إن كان عمدا وعلى عاقلته إن كان خطأ؛ لأنهم إنما ادعوا أنه قاتل مع غيره وسواء في النكول عن اليمين المحجور عليه وغير المحجور عليه إذا نكل منهم واحد حلف المدعى عليه. وكذلك سواء في الإقرار إذا أقر المحجور عليه وغير المحجور عليه بالجناية لزمه منها ما يلزم غير المحجور عليه والجناية خلاف البيع والشراء وقد قيل: لا يلزمه إلا بجناية العمد في الإقرار والنكول. باب الإقرار والنكول والدعوى في الدم (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وكذلك العبد سواء في الإقرار بالجناية والنكول عن اليمين فيها إلا في خصلة بأن العبد إذا أقر بجناية لا قصاص فيها لم يتبع فيها وأشهد الحاكم بإقراره بها فمتى عتق ألزمه إياها؛ لأنه حين أقر أقر بمال لغيره فلا يجوز إقراره في مال غيره وإذا صار له مال كان إقراره فيه وإذا ادعوا على عشرة فيهم صبي رفعت حصة الصبي عنهم من الدية إن استحقت وإن نكلوا حلف ولاة الدم وأخذوا منهم تسعة أعشار الدية فإذا بلغ الصبي حلف فبريء أو نكل فحلف الولي وأخذ منه العشر إذا كان القتل عمدا. (قال الشافعي): وإذا ادعوا على جماعة فيهم معتوه فهو كالصبي لا يحلف وذلك أنه لا يؤخذ بإقراره على نفسه فإن أفاق من العته أحلف، وتسعه اليمين بعد مسألته عما ادعوا عليه وإن نكل حلف ولاة الدم واستحقوا عليه حصته من الدية وإن ادعوا على قوم فيهم سكران لم يحلف السكران حتى يفيق، ثم يحلف فإن نكل حلف أولياء الدم واستحقوا عليه حصته من الدية (قال الشافعي): وإذا وجد القتيل في دار رجل وحده فقد قيل: لا يبرأ إلا بخمسين يمينا إذا ادعي عليه القتل. قتل الرجل في الجماعة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا كانت الجماعة في مسجد أو مجمع غير المسجد فازدحموا فمات رجل منهم في الزحام قيل لوليه: ادع على من شئت منهم فإن ادعى على أحد بعينه أو جماعة كانت في المجمع الذي قتل فيه أو جماعة يمكن أن تكون قاتلته بزحام قبلت دعواه وحلف واستحق على عواقلهم الدية في ثلاث سنين. وإن ادعاه على من لا يمكن أن يكون زحمه بالكثرة كأن يكون في المسجد ألف فيدعيه عليهم فلا تقبل دعواه؛ لأنه لا يمكن أن يكون كلهم زحمه فإن لم يدع على أحد بعينه يمكن أن يكون زحمه لم يعرض لهم فيه ولم نجعل فيه عقلا ولا قودا (قال الشافعي): وهكذا إن قتل بين صفين لا يدرى من قتله، وهكذا قتل الجماعات في هذا كله (قال الشافعي): وإذا ادعي على رجل بعينه فأنكر المدعى عليه أن يكون كان في الموضع الذي قتل فيه القتيل لم يقسم ولي الدم عليه حتى تقوم بينة بأنه كان في ذلك الموضع فإذا أقر أو قامت عليه بينة بذلك فلولي القتيل أن يقسم عليه (قال الشافعي): وسواء فيما تجب فيه القسامة كان بالميت أثر سلاح أو خنق أو غير ذلك أو لم يكن؛ لأنه قد يقتل بما لا أثر له. فإن قال المدعى عليه القتل: إنما مات ميتك من مرض كان به أو مات فجأة أو بصاعقة أو ميتة ما كانت كان لولي القتيل القسامة بما وصفت من أنه قد يقتل بما لا أثر له ولو دفعت القسامة بهذا دفعتها بأن يقول: جاءنا جريحا فمات من جراحه عندنا. . نكول المدعى عليهم بالدم عن الأيمان (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا لم أجعل لولاة الدم الأيمان فادعى رجل على رجل أنه قتل أباه عمدا أحلف المدعى عليه خمسين يمينا ما قتله فإذا حلف بريء من دمه ولا عقل ولا قود عليه، وإن كان أقر بقتله قتل به إلا أن يشاء الوارث العقل ويأخذه من ماله أو العفو عن العقل والقود وإن لم يقر ونكل عن اليمين قيل للوارث احلف خمسين يمينا لقتله ولك القود كهو بإقراره، وإن كان المدعى عليه القتل معتوها أو صبيا لم يحلف واحد منهما؛ لأنه لو أقر في حاله تلك لم ألزمه إقراره فإن أفاق المعتوه وبلغ الصبي أحلفته على دعوى ولي الدم فإن حلف برئ وإن أقر لم يكن عليه القود وكانت الدية عليه في ماله حالة إن كان القتل عمدا وإن كان القتل خطأ في ثلاث سنين ولا تضمن عاقلته بإقراره وإن نكل المدعى عليه الدم عن اليمين وامتنع الوارث من اليمين فلا شيء على المدعى عليه وهكذا الدعوى فيما دون النفس من جراح العمد والخطأ لا تختلف، ولو كانت الدعوى على رجلين أنهما قتلاه خطأ حلف كل واحد منهما خمسا وعشرين يمينا فإن حلف أحدهما ونكل الآخر عن اليمين حلف الولي خمسين يمينا على الناكل واستحق نصف الدية عليه ولا يستحق إلا بخمسين يمينا ويردد الأيمان على الذي حلف خمسا وعشرين يمينا حتى يتم عليه خمسون يمينا؛ لأنه لم يحلف معه تمام خمسين يمينا، وقد قيل: لا يبرأ واحد منهما لو حلفا معا إلا بخمسين يمينا ولا يحسب له يمين غيره (قال الشافعي): وإذا ادعى على رجل أنه قتله فلم ينكل ولم يحلف أو حلف فلم يتم الأيمان التي يبرأ بها حتى يموت لم يكن لولي الدم أن يحلف ويستحق عليه الدم ولو نكل في حياته عن اليمين كان لولي الدم أن يحلف ويستحق عليه الدم. . ![]()
__________________
|
|
#5
|
||||
|
||||
![]() كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي المجلد السادس الحلقة (261) صــــــــــ 161 الى صـــــــــــ 166 والبيوت المغلقة حرز لما فيها فإن سرق سارق من بيت مغلق فتح الغلق أو نقب البيت أو قلع الباب فأخرج المتاع من حرزه قطع وإن كان البيت مفتوحا فدخل فسرق منه لم يقع فإن كان على الباب المفتوح حجرة مغلقة أو دار مغلقة فسرق منها قطع وقد قيل إن كانت دونه حجرة أو دار فهذا حرز وإن لم يكن مغلقا، وكذلك بيوت السوق ما كانت مفتوحة فدخلها داخل فسرق منها لم يقطع وإن كان فيها صاحبها وهذه خيانة؛ لأن ما في البيوت لا يحرزها قعود عنها (قال الربيع) إلا أن يكون بصره يحيط بها كلها أو يكون يحرسها فأغفله فأخذ منها ما يسوى ربع دينار قطع (قال الشافعي): ولو كان بيت عليه حجرة ثم دار فأخرج السرقة من البيت والحجرة إلى الدار والدار للمسروق وحده لم يقطع حتى يخرجه من جميع الدار وذلك أن الدار حرز لما فيها فلا يقطع حتى يخرج السرقة من جميع الحرز ولكن لو كانت الدار مشتركة وأخرج السرقة من البيت والحجرة إلى الدار قطع؛ لأن المشتركة ليست بحرز لواحد من السكان دون الآخر ولو نقب رجل البيت فأخرج المتاع من النقب كله قطع ولو وضعه في بعض النقب ثم أخذه رجل من خارج لم يقطع؛ لأن الداخل لم يخرجه من جميع حرزه ولا الخارج (قال): وإخراج الداخل إياه من النقب وغيره إذا صيره في غير حرز مثله ورميه به إلى الفج يوجب عليه القطع. (قال الشافعي): ولو أن نفرا حملوا متاعا من بيت والمتاع الذي حملوه معا فإن كانوا ثلاثة فبلغ ثلاثة أرباع دينار قطعوا وإن لم يبلغ ذلك لم يقطعوا ولو حملوه متفرقا فمن أخرج منه شيئا يسوى ربع دينار قطع، ومن أخرج ما لا يسوى ربع دينار لم يقطع، وكذلك لو سرق سارق ثوبا فشقه أو حليا فكسره أو شاة فذبحها في حرزها، ثم أخرج ما سرق من ذلك قوم ما أخرج ما أخرجه الثوب مشقوق والحلي مكسور والشاة مذبوحة فإذا بلغ ذلك ربع دينار قطع ولا ينظر إلى قيمته في البيت إنما ينظر إلى قيمته في الحال التي أخرجه به فيها من الحرز فإن كان يسوى ربع دينار قطع وإن لم يسو ربع دينار في الحال التي أخرجه بها لم يقطع وعليه قيمته صحيحا قبل أن يشقه إن كان أتلفه وإلا فعليه رده ورد ما نقصه الخرق ولو دخل جماعة البيت ونقبوه معا ثم أخرج بعضهم السرقة ولم يخرجها دون الذي لم يخرجها، وكذلك لو كانوا جماعة فوقف بعضهم على الباب أو في موضع يحميهم فمن أخذ المتاع منهم قطع الذي أخرج المتاع من جوف البيت ولم يقطع من لم يخرجه من جوف البيت فعلى هذا الباب كله. ومن سرق عبدا صغيرا أو أعجميا من حرز قطع، ومن سرق من يعقل أو يمتنع لم يقطع وهذه خديعة وإن سرق الصغير من غير حرز لم يقطع ويقطع النباش إذا أخرج الكفن من جميع القبر؛ لأن هذا حرز مثله. وإن أخذ قبل أن يخرجه من جميع القبر لم يقطع ما دام لم يفارق جميع حرزه. . قطع المملوك بإقراره وقطعه وهو آبق (قال الشافعي) - رحمه الله - أخبرنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها قالت خرجت عائشة إلى مكة ومعها مولاتان لها وغلام لبني عبد الله بن أبي بكر الصديق فبعثت مع المولاتين ببرد مراجل قد خيط عليه خرقة خضراء قالت فأخذ الغلام البرد ففتق عنه فاستخرجه وجعل مكانه لبدا أو فروة وخاط عليه فلما قدمت المولاتان المدينة دفعتا ذلك إلى أهله فلما فتقوا عنه وجدوا فيه اللبد ولم يجدوا فيه البرد فكلموا المولاتين فكلمتا عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أو كتبتا إليها واتهمتا العبد فسئل العبد عن ذلك فاعترف فأمرت به عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - فقطعت يده وقالت عائشة - رضي الله عنها - القطع في ربع دينار فصاعدا (قال الشافعي): وهذا عندنا كان محرزا مع المولاتين فسرق من حرزه وبهذا فأخذ بإقرار العبد على نفسه فيما يضره في بدنه وإن نقص بذلك ثمنه ونقطع العبد؛ لأنه سرق وقد أمر الله عز وجل بقطع السارق ونقطعه وإن كان آبقا ولا تزيده معصية الله بالإباق خيرا (قال الشافعي) أخبرنا مالك عن نافع أن عبدا سرق لابن عمر وهو آبق، فأرسل به عبد الله إلى سعيد بن العاص وهو أمير المدينة ليقطع يده فأبى سعيد أن يقطع يده وقال لا تقطع يد الآبق إذا سرق فقال له ابن عمر في أي كتاب الله وجدت هذا؟ فأمر به ابن عمر فقطعت يده. (قال الشافعي) أخبرنا مالك عن رزيق بن حكيم أنه أخذ عبدا آبقا قد سرق فكتب فيه إلى عمر بن عبد العزيز إني كنت أسمع أن العبد الآبق إذا سرق لم يقطع فكتب عمر إن الله عز وجل يقول {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم} فإن بلغت سرقته ربع دينار أو أكثر فاقطعه. قطع الأطراف كلها (قال الشافعي) - رحمه الله - أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن رجلا من أهل اليمن أقطع اليد والرجل قدم على أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - فشكا إليه أن عامل اليمن ظلمه فكان يصلي من الليل فيقول أبو بكر وأبيك ما ليلك بليل سارق ثم إنهم افتقدوا حليا لأسماء بنت عميس امرأة أبي بكر فجعل الرجل يطوف معهم ويقول: اللهم عليك بمن بيت أهل هذا البيت الصالح فوجدوا الحلي عند صائغ زعم أن الأقطع جاء به فاعترف به الأقطع أو شهد عليه فأمر به أبو بكر فقطعت يده اليسرى وقال أبو بكر والله لدعاؤه على نفسه أشد عندي من سرقته. (قال الشافعي): - رحمه الله -: فبهذا نأخذ فإذا سرق السارق أولا قطعت يده اليمنى من مفصل الكف ثم حسمت بالنار فإذا سرق الثانية قطعت رجله اليسرى من المفصل ثم حسمت بالنار ثم إذا سرق الثالثة قطعت يده اليسرى من مفصل الكف ثم حسمت بالنار فإذا سرق الرابعة قطعت رجله اليمنى من المفصل ثم حسمت بالنار فإذا سرق الخامسة حبس وعزر ويعزر كل من سرق إذا كان سارقا، من جنى يدرأ فيه القطع فإذا درئ عنه القطع عزر (قال الشافعي): ويقطع ما يقطع به من خفة المؤنة عليه وأقر به من السلامة وكان الذي أعرف من ذلك أن يجلس ويضبط ثم تمد يده بخيط حتى يبين مفصلها ثم يقطع بحديدة حديدة ثم يحسم وإن وجد أرفق وأمكن من هذا قطع به؛ لأنه إنما يراد به إقامة الحد لا التلف. . من يجب عليه القطع (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولا يقطع السارق ولا يقام حد دون القتل على امرأة حبلى ولا مريض دنف ولا بين المرض ولا في يوم مفرط البرد ولا الحر ولا في أسباب التلف ومن أسباب التلف التي يترك إقامة الحدود فيها إلى البرء أن تقطع يد السارق فلا يبرأ حتى يسرق فيؤخر حتى تبرأ يده ومن ذلك أن يجلد الرجل فلا يبرأ جلده حتى يصيب حدا فيترك حتى يبرأ جلده، وكذلك كل قرح أو مرض أصابه. . ما لا يقطع فيه من جهة الخيانة (قال الشافعي) - رحمه الله -: أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد أن عبد الله بن عمرو الحضرمي جاء بغلام له إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فقال اقطع يد هذا فإنه سرق فقال له عمر " ماذا سرق قال " سرق مرآة لامرأتي ثمنها ستون درهما فقال عمر أرسله فليس عليه قطع، خادمكم سرق متاعكم. (قال الشافعي): فبهذا كله نقول والعبد إذا سرق من متاع سيده مما اؤتمن عليه أو لم يؤتمن أحق أن لا يقطع من قبل أن ماله أخذ بعضه بعضا (قال الشافعي) وقد قال صاحبنا إذا سرق الرجل من امرأته أو المرأة من زوجها من البيت الذي هما فيه لم يقطع واحد منهما وإن سرق غلامه من امرأته أو غلامها منه وهو يخدمهما لم يقطع؛ لأن هذه خيانة فإذا سرق من امرأته أو هي منه من بيت محرز فيه لا يسكنانه معا أو سرق عبدها منه أو عبده منها وليس بالذي يلي خدمتهما قطع أي هؤلاء سرق (قال الشافعي): وهذا مذهب وأراه يقول إن قول عمر خادمكم ومتاعكم أي الذي يلي خدمتكم ولكن قول عمر خادمكم يحتمل عبدكم فأرى - والله تعالى أعلم - على الاحتياط أن لا يقطع الرجل لامرأته ولا المرأة لزوجها ولا عبد واحد منهما سرق من متاع الآخر شيئا للأثر والشبهة فيه (قال): وكذلك الرجل يسرق متاع أبيه وأمه وأجداده من قبلهما أو متاع ولده أو ولد ولده لا يقطع واحد منهم وإذا كان في بيت واحد ذوو رحم أو غير ذوي رحم فسرق بعضهم من بعض لم يقطع؛ لأنها خيانة وكذلك أجراؤهم معهم في منازلهم ومن يخدمهم بلا أجر؛ لأن هذا كله من جهة الخيانة، وكذلك من استعار متاعا فجحده أو كانت عنده وديعة فجحدها لم يكن عليه فيها قطع وإنما القطع على من أخرج متاعا من حرز بغير شبهة وهذا وجه قطع السرقة (قال الشافعي): والخلسة ليست كالسرقة فلا قطع فيها؛ لأنها لم تؤخذ من حرز وليست بقطع للطريق (قال الشافعي) أخبرنا مالك عن ابن شهاب أن مروان بن الحكم أتي بإنسان قد اختلس متاعا فأراد قطع يده فأرسل إلى زيد بن ثابت يسأله عن ذلك فقال زيد ليس في الخلسة قطع. (قال الشافعي): ولو أسكن رجل رجلا في بيت أو أكراه إياه فكان يغلقه دونه ثم سرق رب البيت منه قطع وهو مثل الغريب يسرق منه. . غرم السارق (قال الشافعي): - رحمه الله - وإذا وجدت السرقة في يد السارق قبل يقطع ردت إلى صاحبها وقطع وإن كان أحدث في السرقة شيئا ينقصها ردت إليه وما نقصها ضامن عليه يتبع به وإن أتلف السلعة قطع أيضا وكانت عليه قيمتها يوم سرقها ويضمن قيمتها إذا فاتت. وكذلك قاطع الطريق وكل من أتلف لإنسان شيئا مما يقطع فيه أو لا يقطع فلا فرق بين ذلك ويضمنه من أتلفه والقطع لله لا يسقط غرمه ما أتلف للناس. حد قاطع الطريق (قال الشافعي): - رحمه الله -: قال الله تبارك وتعالى {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا} الآية (قال الشافعي) أخبرنا إبراهيم عن صالح مولى التوأمة عن ابن عباس في قطاع الطريق إذا قتلوا وأخذوا المال، قتلوا وصلبوا وإذا قتلوا ولم يأخذوا المال، قتلوا ولم يصلبوا وإذا أخذوا المال ولم يقتلوا، قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف وإذا هربوا طلبوا حتى يوجدوا فتقام عليهم الحدود وإذا أخافوا السبيل ولم يأخذوا مالا نفوا من الأرض. (قال الشافعي): وبهذا نقول وهو موافق معنى كتاب الله تبارك وتعالى وذلك أن الحدود إنما نزلت فيمن أسلم فأما أهل الشرك فلا حدود فيهم إلا القتل أو السباء والجزية واختلاف حدودهم باختلاف أفعالهم على ما قال ابن عباس - رضي الله عنهما - إن شاء الله تعالى {إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم} فمن تاب قبل أن يقدر عليه سقط حق الله عنه وأخذ بحقوق بني آدم. ولا يقطع من قطاع الطريق إلا من أخذ قيمة ربع دينار فصاعدا قياسا على السنة في السارق (قال الشافعي): - رحمه الله - والمحاربون الذين هذه حدودهم القوم يعرضون بالسلاح للقوم حتى يغصبوهم مجاهرة في الصحاري والطرق (قال): وأرى ذلك في ديار أهل البادية وفي القرى سواء إن لم يكن من كان في المصر أعظم ذنبا فحدودهم واحدة فإذا عرض اللصوص لجماعة أو واحد مكابرة بسلاح فاختلف أفعال العارضين فكان منهم من قتل وأخذ المال ومنهم من قتل ولم يأخذ مالا ومنهم من أخذ مالا ولم يقتل ومنهم من كثر الجماعة وهيب ومنهم من كان ردءا للصوص يتقوون بمكانه أقيمت عليهم الحدود باختلاف أفعالهم على ما وصفت. وينظر إلى من قتل منهم وأخذ مالا فيقتله ويصلبه وأحب إلي أن يبدأ بقتله قبل صلبه؛ لأن في صلبه وقتله على الخشبة تعذيبا له يشبه المثلة وقد قال غيري: يصلب ثم يطعن فيقتل. وإذا قتل ولم يأخذ مالا قتل ودفع إلى أوليائه فيدفنوه أو يدفنه غيرهم، ومن أخذ مالا ولم يقتل قطعت يده اليمنى ثم حسمت ثم رجله اليسرى ثم حسمت في مكان واحد وخلي، ومن حضر وكثر وهيب أو كان ردءا يدفع عنهم عزر وحبس وسواء افترقت أفعالهم كما وصفت في مقام واحد أو كانت جماعة كابرت ففعلت فعلا واحدا مثلا: قتل وحده أو قتل وأخذ مال أو أخذ مال بلا قتل حد كل واحد منهم حد مثله بقدر فعله ولو هيبوا ولم يبلغوا قتلا ولا أخذ مال عزروا ولو هيبوا وجرحوا أقص منهم بما فيه القصاص وعزروا وحبسوا ولو كان القاتل قتل منهم رجلا وجرح آخر أقص صاحب الجرح منه ثم قتل وكذلك لو كان أخذ المال وجرح أقص صاحب الجرح ثم قطع لا تمنع حقوق الله حقوق الآدميين في الجراح وغيرها ولو كانت الجراح مما لا قصاص فيه وهي عمد فأرشها كلها في مال الجارح يؤخذ دينا من ماله. وإن قتل أو قطع فأراد أهل الجراح عفو الجراح فذلك لهم. وإن أراد أولياء المقتولين عفو دماء من قتلوا لم يكن ذلك يحقن دماء من عفوا عنه وكان على الإمام أن يقتلهم إذا بلغت جنايتهم القتل (قال الشافعي): - رحمه الله - وأحفظ عن بعض أهل العلم قبلنا أنه قال: يقتلون وإن قتلوا عبدا أو ذميا على مال يأخذونه وهذا مخالف للقتل على غير الغيلة (قال): ولقوله هذا وجه؛ لأن الله عز وجل ذكر القتل والصلب فيمن حارب وسعى في الأرض فسادا فيحتمل أن يكون إذا نيل هذا من عبد أو ذمي من المحاربة أو الفساد ويحتمل أن يكونوا إذا فعلوا ما في مثله القصاص. وإن كنت أراه قد خالف سبيل القصاص في غيره؛ لأن دم القاتل فيه لا يحقن بعفو الولي عنه ولا يصلحه. لو صالح فيه كان الصلح مردودا وفعل المصالح؛ لأنه حد من حدود الله عز وجل ليس فيه خبر يلزم فيتبع ولا إجماع أتبعه ولا قياس بتفرق فيصح وإنما أستخير الله فيه. . الشهادات والإقرار في السرقة وقطع الطريق وغير ذلك (قال الشافعي): - رحمه الله -: ولا يقام على سارق ولا محارب حد إلا بواحد من وجهين: إما شاهدان عدلان يشهدان عليه بما في مثله الحد، وإما باعتراف يثبت عليه حتى يقام عليه الحد، وعلى الإمام أن يقف الشاهدين في السرقة حتى يقولا سرق فلان " ويثبتاه بعينه، وإن لم يثبتاه باسمه ونسبه " متاعا لهذا يسوى ربع دينار وحضر المسروق منه يدعي ما قال الشاهدان فإن كذب الشاهدين لم يقطع السارق وإن لم يحضر حبس السارق حتى يحضر فيدعي أو يكذب الشاهدين. وإذا ادعى مرة كفاه ما لم يرجع بعدها. فإذا لم يعرفا القيمة شهدا على المتاع بعينه أو صفة يثبتانها أنها أكثر ثمنا من ربع دينار ويقولان سرق من حرز ويصفان الحرز لا يقبل منهما غير صفته؛ لأنه قد يكون عندهما حرزا. وليس عند العلماء بحرز فإذا اجتمع هذا أقيم عليه الحد، وكذلك يشهد الشاهدان على قطاع الطريق بأعيانهم وإن لم يسموا أسماءهم وأنسابهم أنهم عرضوا بالسلاح لهؤلاء أو لهذا بعينه وأخافوه بالسلاح ونالوه به ثم فعلوا ما فيه حد. فإن شهدوا على أخذ المتاع شهدوا كما يشهد شهود السارق على متاع بعينه أو بقيمته أو بصفته كما وصفت في شهادة السارق، ويحضر أهل المتاع وأولياء المقتول وإن شهد شاهدان من أهل رفقته أن هؤلاء عرضوا لنا فنالونا وأخذوا منا أو من بعضنا لم تجز شهادتهما؛ لأنهما خصمان ويسعهما أن يشهدا أن هؤلاء عرضوا لهؤلاء ففعلوا وفعلوا ونحن ننظر وليس على الإمام عندي أن يقفهم فيسألهم هل كنتم فيهم؛ لأن أكثر الشهادة عليهم هكذا، فإن شهدوا أن هؤلاء عرضوا ففعل بعضهم لا يثبت أيهم فعل من أيهم لم يفعل لم يحدوا بهذه الشهادة حتى يثبت الفعل على فاعل بعينه، وكذلك السرقة (قال الشافعي): - رحمه الله -: ولا يجوز في الحدود شهادة النساء ولا يقبل في السرقة ولا قطع الطريق أقل من شاهدين ولا يقبل فيه شاهد ويمين، وكذلك حتى يبينوا الجارح والقاتل وآخذ المتاع بأعيانهم. فإن لم يوجد شاهدان فجاء رب السرقة بشاهد حلف مع شاهده وأخذ سرقته بعينها أو قيمتها يوم سرقت إن فاتت؛ لأن هذا مال يستحقه ولم يقطع السارق، وإن جاء بشاهد وامرأتين أخذ سرقته بعينها أو قيمتها يوم سرقها فإن هذا مال وتجوز شهادة النساء فيه ولا يختلف، وهكذا يفعل من طلب قطاع الطريق بكل مال أخذوه وإن طلب جرحا يقتص منه وجاء بشاهد لم يقسم في الجراح وأحلف المدعى عليه وبرئ وإن طلب جرحا لا قصاص فيه وجاء بشاهد أحلف مع شاهده وأخذ الأرش، وإن جاء بشاهد على سرقته من حرز أو غير حرز أحلف مع شاهده وأخذ السرقة أو قيمتها إن لم توجد. ولا يقطع أحد بشاهد ويمين ولا يقتص منه من جرح ولا بشاهد وامرأتين وإن أقر السارق بالسرقة ووصفها وقيمتها وكانت مما يقطع به قطع " قال الربيع " يقطع إلا أن يرجع فلا يقطع، وتؤخذ منه قيمة السلعة التي أتلف على ما أقر به أولا (قال الشافعي): - رحمه الله -: وقاطع الطريق كذلك ولو أقرا بقتل فلان وجرح فلان وأخذ مال فلان أو بعض ذلك فيكفي كل واحد منهما الإقرار مرة ويلزم كل واحد منهما ما أقر به على ما أقر به فيحدان معا حدهما ويقتص ممن عليه القصاص منهما ويغرم كل واحد منهما ما يلزمه كما يفعل به لو قامت به عليه بينة عادلة. فإن أقرا بما وصفت ثم رجعا قبل أن يقام عليهما الحد لم يقم عليهما حد القطع ولا القتل ولا الصلب بقطع الطريق ولزمهما حقوق الناس، وأغرم السارق قيمة ما سرق وأغرم قاطع الطريق قيمة ما أقر أنه أخذ لأصحابه، وإن كان في إقراره أنه قتل فلانا دفع إلى وليه فإن شاء قتله وإن شاء أخذ منه الدية وإن شاء عفا عنه؛ لأنه ليس بالحد يقتل إنما يقتل باعتراف قد رجع عنه ولو ثبت على الاعتراف قتل ولم يحقن دمه عفو الولي عنه وإن كان أقر بجرح وكان يقتص منه اقتص منه وإن كان لا يقتص منه أخذ أرشه من ماله، ولو قال أصبته بذلك الجرح خطأ أخذ من ماله لا تعقل منه عاقلته عنه اعترافا، ولو قطعت بعض يد السارق بالإقرار ثم رجع كف عن قطع ما بقي من يده إلا أن يأمر هو بها على أنه لا يصلحه إلا ذلك فإن شاء من أمره قطعه وإن شاء فلا، هو حينئذ يقطع على العيب. ولو قطعت يد المعترف بقطع الطريق ثم رجع لم تقطع رجله إذا كان لا يقام عليه إلا باعترافه إلا أن تثبت بينة عليه فسواء تقدم رجوعه أو تأخر أو وجد ألما للحد خوفا منه أو لم يجده وتؤخذ منهما حقوق الناس كما وصفت قبل هذه المسألة. (قال الشافعي): ذكر الله تبارك وتعالى حد استتابة المحارب فقال عز وجل {إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم} فمن أخاف في المحاربة الطريق وفعل فيها ما وصفت من قتل أو جرح وأخذ مال أو بعضه فاختلف أصحابنا فيه فقال: بعضهم كل ما كان لله عز وجل من حد يسقط فلا يقطع وكل ما كان للآدميين لم يبطل يجرح بالجرح ويؤخذ منه أرشه إن لم يكن فيه قصاص ويؤخذ منه قيمة ما أخذ وإن قتل دفع إلى أولياء القتيل فإن شاءوا قتلوا وإن شاءوا عفوا ولا يصلب. وإن عفا جاز العفو؛ لأنه إنما يصير قصاصا لا حدا. وبهذا أقول. وقال بعضهم: يسقط عنه ما لله عز وجل وللناس كله إلا أن يوجد عنده متاع رجل بعينه فيدفعه إليه (قال الشافعي): - والله أعلم - السارق مثله قياسا عليه فيسقط عنه القطع ويؤخذ بغرم ما سرق، وإن فات ما سرق. . حد الثيب الزاني (قال الشافعي) - رحمه الله تعالى -: أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني أنهما أخبراه «أن رجلين اختصما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال أحدهما يا رسول الله اقض بيننا بكتاب الله عز وجل. وقال الآخر - وهو أفقههما - أجل يا رسول الله اقض بيننا بكتاب الله عز وجل وأذن لي في أن أتكلم، قال: تكلم قال إن ابني كان عسيفا على هذا فزنى بامرأته فأخبرت أن على ابني الرجم فافتديت منه بمائة شاة وجارية ثم إني سألت أهل العلم فأخبروني إنما على ابني جلد مائة وتغريب عام وإنما الرجم على امرأته فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أما والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله. أما غنمك وجاريتك فرد عليك وجلد ابنه مائة وغربه عاما، وأمر أنيسا الأسلمي أن يأتي امرأة الآخر فإن اعترفت رجمها فاعترفت فرجمها» قال مالك والعسيف الأخير. (قال الشافعي) أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس أنه قال سمعت عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول: الرجم في كتاب الله حق على من زنى من الرجال والنساء إذا أحصن إذا قامت عليه البينة أو كان الحبل أو الاعتراف. (قال الشافعي) أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجم يهوديا ويهودية زنيا». ![]()
__________________
|
|
#6
|
||||
|
||||
![]() كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي المجلد السادس الحلقة (266) صــــــــــ 191 الى صـــــــــــ 196 (قال الشافعي): وبلغنا أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بعث إلى امرأة في شيء بلغه عنها فذعرها ففزعت فأسقطت فاستشار عمر في سقطها فقال له علي - رضي الله عنهما - كلمة لا أحفظها أعرف أن معناها أن عليه الدية فأمر عمر عليا - رضي الله عنهما - أن يضربها على قومه وقد كان لعمر أن يبعث وللإمام أن يحد في الخمر عند العامة فلما كان في البعثة تلف على المبعوث إليها أو على ذي بطنها فقال علي وقال عمر إن عليه مع ذلك الدية كان الذي نراهم ذهبوا إليه مثل الذي وصفنا من أن لي أن أرمي على أن لا يتلف أحد برميتي فذهبوا - والله أعلم - إلى أنه وإن كانت له الرسالة فعليه أن لا يتلف بها أحدا فإن تلف ضمن وكان المأثم مرفوعا. الجمل الصئول أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي قال حكى محمد بن الحسن قال قال أهل المدينة إذا صال الجمل على الرجل أقام بينة بصياله عليه وأنه ضربه عند صياله فقتله أو عقره فلا ضمان عليه وإن لم يكن بينة إلا قوله ضمن وقال أبو حنيفة يضمن في الحالين لأنه لا جناية لبهيمة تحل دمها ولا جرحها. وقال محمد بن الحسن وغيره ممن يقول قوله فيه قولا قد جمعته وحكيت ما حضرني فيه وكله قالاه لي أو أحدهما وقلته لهما فقال ما تقول فيما اختلف فيه؟ قلت أقول بما حكيت عن أصحابنا أنهم قالوه قال فما حجتك فيه؟ قلت إن الله عز وجل منع دماء المسلمين إلا بحقها وإن المسلمين لم يختلفوا فيما علمت أو من علمت قوله منهم في أن مسلما لو أرادني في الموضع الذي لا يمنعني منه باب أغلقه ولا قوة لي بمنعه ولا مهرب أمتنع به منه وكانت منعتي منه التي أدفع عني إرادته لي إنما بضربه بسلاح فحضرني سيف أو غيره كان لي ضربه بالسيف لأمنع حرمتي التي حرم الله تعالى عليه انتهاكها فإن أتى الضرب على نفسه فلا عقل علي ولا قود ولا كفارة لأني فعلت فعلا مباحا لي فلما كان هذا في المسلم هكذا كان البعير أقل حرمة وأصغر قدرا وأولى أن يجوز هذا فيه قال إن البعير لا يقتل إن قتل والمسلم إن قتل قتل قلت ما خالفتك في هذا فأين زعمت أنهما يجتمعان فيه؟. وإنما جمعت بينهما حيث اجتمعا وفرقت بينهما حيث افترقا وإنما قلت المسلم في الحال التي وصفت أراد فيها الجناية فقال ما قتلته إلا بجناية ولولا الجناية ما حل لك دمه قلت فهل تكون الإرادة جناية؟ قال نعم قلت فما تقول فيما لو أرادني فحال بيني وبينه نهر أو خندق أو انكسرت رجله أو يده أو حبسه حابس وهو يريدني إلا أنه لم ينلني حيث هو بيد ولا بسلاح أكان يحل لي قتله؟ قال لا قلت ولو كان بحيث ينالني فظفرت بسلاحه حتى صار غير قادر علي أيحل لي قتله؟ قال لا قلت ولو جرحته جرحا يمنعه من قتلي وهو يريدني أكان يحل لي قتله قال لا، قلت ولو أرادني ولم يكن في يده ما يقتلني به كان يحل لي قتله؟ قال لا قلت وأسمعك مزيدا إلى حالات تزعم أن دمه فيها كلها محرم فلو كنت إنما أبحت دمه بالإرادة فقط انبغى أن تبيح دمه في هذه الحالات كلها. قال فبأي شيء أبحت دمه؟ قلت يمنع الله تعالى ما حرم الله تعالى أن ينتهك مني فلما لم أجد مانعا لدمي إلا ضربه ضربته فإذا صار إلى الحال التي لا يقدر فيها على قتلي فدمه محرم لأنه لم يفعل فعلا يحل دمه إنما فعل فعلا يحل منعه لا دمه فإن كان في منعه حتفه فهو أحله بنفسه وإن لم يكن فيه حتفه لم يحل لي قتله بعد أماني من أن يقتلني. وكذلك في الحالات التي وصفت لك قبل أن أضربه فلو صار إلى حال امتنع فيها منه بغير ضربه لم يحل لي ضربه. وكذلك الجمل إذا لم أقدر على دفعه إلا بما دفعت به المسلم من الضرب ضربته وإن أتت الضربة على نفسه وإن صار إلى الحال التي آمنه فيها على نفسي لم يحل لي ضربه ولو ضربته فقتلته غرمت ثمنه فلم أبحها بجناية إنما الجناية الفعل لا الإرادة ولكن أبحتها لمنع حرمتي، وكذلك المجنون، وكذلك الصبي والله أعلم. الاستحقاق (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا اعترف الرجل دابة في يدي رجل والمعترفة في يديه ينكر أو لا ينكر ولا يعترف كلف المعترف البينة فإن جاء بالبينة أنها دابته لا يعلمون أنه باع ولا وهب أو قالوا لم يبع ولم يهب فليس ذلك مما ترد به شهادتهم وإنما ذلك على العلم أحلف صاحب الدابة بالله إن هذه الدابة ما خرجت من ملكه بوجه من الوجوه ثم دفعت إليه وإذا أسلف الرجل عبدا في طعام أو ثوبا أو عرضا أو دنانير أو دراهم أو ما كان فاستحق ما سلف من ذلك بطل البيع لأن الثمن العين الذي أسلفه ولا تختلف في ذلك الدنانير والدراهم باعها وهو لا يملكها وهذا في بيوع الأعيان فمن باع عينا أو اشترى بعين وشراؤه بالعين بيع للعين فاستحقت تلك العين انتقض البيع، وإذا باع صفة من الصفات مضمونة فقبضها المشتري فاستحقت لم ينتقض البيع. وذلك أن البيع لم يقع على تلك العين وإنما وقع على شيء مضمون بصفة في ذمة البائع كالدين عليه ولا يبرأ منه هو أبدا إلا بأن يسلم لصاحبه فكلما استحق شيء بصفة رجع عليه حتى يستوفي تلك الصفة، وإذا صرف دنانير بأعيانها بدراهم بأعيانها فاستحقت الدراهم أو الدنانير لا فرق بين الدنانير والدراهم وغيرها بطل البيع فيها. (قال الربيع) من اشترى شيئا بعينه بشيء بعينه فاستحق أحد الشيئين بطل البيع كله لأن الصفقة جمعت حلالا وحراما فبطلت كلها وهو قول الشافعي (قال الشافعي): وإذا اشترى الرجل جارية فأولدها من سوق من أسواق المسلمين أو غير أسواق المسلمين أو نكحته على أنها حرة فولدت له ثم استحقها سيدها فعليه مهر مثلها لسيدها وعليه قيمة أولادها منه يوم سقطوا لأن ذلك أول ما كان لهم حكم الدنيا ويأخذها سيدها مملوكة وإنما أعتق الولد بالغرور، ولو كانت أقرت بالرق فنكح على ذلك فإن ولده مماليك، ولو كان أمتان بين رجلين فاقتسماهما وصارت إحداهما لأحدهما فولدت منه ثم استحقها رجل آخر أخذها ومهر مثلها وقيمة ولدها وولدها أحرار وانتقض القسم بينهما وصارت الجارية باقية بينهما، وإذا ابتاع الرجل جارية فماتت في يديه فالموت فوت ثم استحقها رجل كان له أن يرجع بالقيمة على الذي ماتت في يديه وللذي ماتت في يديه أن يرجع على البائع بالثمن الذي أخذ منه وإن كانت ولدت له أولادا فهم أحرار وعليه قيمتهم يوم سقطوا، ولو كانت المسألة بحالها ولم تمت غير أنها زادت في يديه أو نقصت بجناية أصابتها منه أو من غيره أو بشيء من السماء ردها بعينها ولا يقال لهذا فوت إنما يقال لهذا زيادة أو نقص فيردها زائدة ولا شيء له في الزيادة وناقصة وعليه ما نقصها إلا أن يكون أخذ لها أرشا أكثر مما نقصها فعليه رده ويرد النقص الذي من غيره جنايته لأنه كان ضامنا لها لأنها ملك لغيره فأما زيادة الأسواق ونقصانها فليست من الأبدان بسبيل لأنه قد يغصبها ثمن مائة بالغلاء ثم تزيد في بدنها وتنقص أسواقها فتكون ثمة خمسين أفيقال لهذا الذي زادت في يده الذي يشهد رب الجارية وأهل العلم أنها اليوم خير منها يوم أخذها بالضعف في بدنها أغرم نصف قيمتها من قبل أنها رخصت ليس هذا بشيء إنما يغرم نقص بدنها لأنه نقص عين سلعة المغصوب فأما نقص الأسواق فليس من جنايته ولا بسببها. وإذا باع الرجل الرجل الأرض فبنى فيها أو غرس ثم استحق رجل نصفها واختار المشتري أن يكون له النصف بنصف الثمن قسمت الأرض فما وقع للمستحق فعلى المشتري قلع البناء والغراس منه، وكذا حمله ويرجع بما نقص الغراس والبناء على البائع وبنصف الثمن، وكذلك الأرض بين الرجلين فيقسمانها. (قال الربيع) آخر قول الشافعي أنه إذا استحق بعض ما اشترى فإن البيع كل باطل من قبل أن الصفقة جمعت حلالا وحراما فبطلت كلها. (قال الربيع) ويأخذ رب الأرض أرضه ويقلع بناءه منها وغراسه ويرجع رب البناء والغراس على البائع بما غرم لأنه غره فيأخذ منه ما أخذ منه. الأشربة (أخبرنا الربيع بن سليمان) قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة - رضي الله عنها - قالت قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «كل شراب أسكر فهو حرام» وأخبرنا مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت «سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن البتع فقال كل شراب أسكر فهو حرام» وأخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الغبيراء فقال لا خير فيها» ونهى عنها. قال مالك عن زيد بن أسلم هي السكركة، أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها حرمها في الآخرة». أخبرنا مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس - رضي الله عنه - قال كنت أسقي أبا طلحة الأنصاري وأبي بن كعب وأبا عبيدة بن الجراح شرابا من فضيخ وتمر فجاءهم آت فقال إن الخمر قد حرمت فقال أبو طلحة يا أنس قم إلى هذه الجرار فاكسرها فقال أنس فقمت إلى مهراس لنا فضربتها بأسفله حتى تكسرت أخبرنا سفيان بن عيينة عن محمد بن إسحاق عن معبد بن كعب بن مالك عن أمه وقد كانت صلت القبلتين «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الخليطين وقال انتبذوا كل واحد منهما على حدته» أخبرنا سفيان بن عيينة عن أبي إسحاق عن ابن أبي أوفى قال «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نبيذ الجر الأخضر والأبيض والأحمر». أخبرنا سفيان بن عيينة عن سليمان الأحول عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال «لما نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الأوعية قيل له ليس كل الناس يجد سقاء فأذن لهم في الجر غير المزفت». أخبرنا سفيان عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «لا تنبذوا في الدباء والمزفت» قال ثم يقول أبو هريرة واجتنبوا الحناتم والنقير، أخبرنا سفيان قال: سمعت الزهري يقول: سمعت أنسا يقول: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الدباء والمزفت أن ينتبذ فيه. أخبرنا سفيان عن ابن طاوس عن أبيه «أن أبا تميم الجيشاني سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن البتع فقال: كل مسكر حرام أخبرنا سفيان بن عيينة عن أبي الزبير عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينبذ له في سقاء فإن لم يكن فتور من حجارة» أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب الناس في بعض مغازيه قال عبد الله بن عمر فأقبلت نحوه فانصرف قبل أن أبلغه فسألت ماذا قال؟ قالوا نهى أن ننتبذ في الدباء والمزفت» أخبرنا مالك عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن ينتبذ في الدباء والمزفت» أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن ينبذ التمر والبسر جميعا والتمر والزهو جميعا» أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن ابن وعلة المصري أنه سأل ابن عباس عما يعصر من العنب فقال ابن عباس - رضي الله عنهما - «أهدى رجل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - راوية من خمر فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - أما علمت أن الله تعالى ذكره حرمها؟» قال: لا، فسار إنسانا إلى جنبه، فقال: بم ساررته؟ فقال أمرته أن يبيعها فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «إن الذي حرم شربها حرم بيعها» ففتح فم المزادتين حتى ذهب ما فيهما أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس قال بلغ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن رجلا باع خمرا فقال قاتل الله فلانا باع الخمر أو ما علم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «قاتل الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها وباعوها؟» أخبرنا سفيان عن أبي الجويرية الجرمي قال ألا إني لأول العرب سأل ابن عباس وهو مسند ظهره إلى الكعبة فسألته عن الباذق فقال سبق محمد - صلى الله عليه وسلم - الباذق وما أسكر فهو حرام أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رجالا من أهل العراق قالوا له: إنا نبتاع من ثمر النخيل والعنب فنعصره خمرا فنبيعها فقال عبد الله إني أشهد الله عليكم وملائكته ومن سمع من الجن والإنس إني لا آمركم أن تبيعوها ولا تبتاعوها ولا تعصروها ولا تسقوها فإنها رجس من عمل الشيطان. أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه قال كل مسكر خمر وكل مسكر حرام، أخبرنا مالك عن داود بن الحصين عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ وعن سلمة بن عوف بن سلامة أخبراه عن محمود بن لبيد الأنصاري أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حين قدم الشام شكا إليه أهل الشام وباء الأرض وثقلها وقالوا لا يصلحنا إلا هذا الشراب فقال عمر اشربوا العسل فقالوا لا يصلحنا العسل فقال رجال من أهل الأرض هل لك أن نجعل لك من هذا الشراب شيئا لا يسكر فقال نعم فطبخوه حتى ذهب منه الثلثان وبقي الثلث فأتوا به عمر فأدخل فيه عمر أصبعه ثم رفع يده فتبعها يتمطط فقال هذا الطلاء هذا مثل طلاء الإبل فأمرهم عمر أن يشربوه فقال له عبادة بن الصامت أحللتها والله فقال عمر كلا والله اللهم إني لا أحل لهم شيئا حرمته عليهم ولا أحرم عليهم شيئا أحللته لهم، أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد أنه أخبره أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - خرج عليهم فقال إني وجدت من فلان ريح شراب فزعم أنه شرب الطلاء وإني سائل عما شرب فإن كان يسكر جلدته فجلده عمر الحد تاما. أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج قال قلت لعطاء أتجلد في ريح الشراب؟ فقال عطاء إن الريح لتكون من الشراب الذي ليس به بأس، فإذا اجتمعوا جميعا على شراب واحد فسكر أحدهم جلدوا جميعا الحد تاما. (قال الشافعي): وقول عطاء مثل قول عمر لا يخالفه لا يعرف الإسكار في الشراب حتى يسكر منه واحد فيعلم منه أنه مسكر ثم يجلد الحد على شربه وإن لم يسكر صاحبه قياسا على الخمر أخبرنا سفيان عن الزهري عن السائب بن يزيد أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - خرج يصلي على جنازة فسمعه السائب يقول إني وجدت من عبيد الله وأصحابه ريح شراب وأنا سائل عما شربوا فإن كان مسكرا حددتهم قال سفيان فأخبرني معمر عن الزهري عن السائب بن يزيد أنه حضره يحدهم، أخبرنا سفيان عن الزهري عن قبيصة بن ذؤيب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «إن شرب فاجلدوه ثم إن شرب فاجلدوه ثم إن شرب فاجلدوه ثم إن شرب فاقتلوه» لا يدري الزهري أبعد الثالثة أو الرابعة فأتي برجل قد شرب فجلده ثم أتي به قد شرب فجلده ثم أتي به قد شرب فجلده ووضع القتل فصارت رخصة قال سفيان قال الزهري لمنصور بن المعتمر ومخول كونا وافدي أهل العراق بهذا الحديث أخبرنا سفيان عن معمر عن الزهري عن عبد الرحمن بن أزهر قال «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - عام حنين سأل عن رحل خالد بن الوليد فجريت من بين يديه أسأل عن رحل خالد حتى أتاه جريحا وأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - وسلم بشارب فقال اضربوه فضربوه بالأيدي والنعال وأطراف الثياب وحثوا عليه التراب ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم - بكتوه فبكتوه ثم أرسله» فلما كان أبو بكر - رضي الله تعالى عنه - سأل من حضر ذلك الضرب فقومه أربعين فضرب أبو بكر في الخمر أربعين حياته ثم عمر - رضي الله تعالى عنه - حتى تتابع الناس في الخمر فاستشار عمر عليا - رضي الله تعالى عنه - فضربه ثمانين. أخبرنا مالك عن ثور بن زيد الديلي أن عمر بن الخطاب استشار في الخمر يشربها الرجل فقال علي بن أبي طالب - رضي الله تعالى عنه - نرى أن تجلده ثمانين فإنه إذا شرب سكر وإذا سكر هذى وإذا هذى افترى أو كما قال قال فجلد عمر ثمانين في الخمر. (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وبلغنا عن الحسين بن أبي الحسن أن علي بن أبي طالب - رضي الله تعالى عنه - قال ليس أحد نقيم عليه حدا فيموت فأجد في نفسي منه شيئا فإن الحق قتله إلا حد الخمر فإنه شيء رأيناه بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - فمن مات فيه ففيه دية إما قال في بيت المال وإما قال على الإمام أخبرنا ابن أبي يحيى عن جعفر بن محمد عن أبيه أن علي بن أبي طالب قال لا أوتى بأحد شرب خمرا ولا نبيذا مسكرا إلا جلدته الحد أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن أبي جعفر محمد بن علي أن علي بن أبي طالب جلد الوليد بسوط له طرفان أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن أبي جعفر أن عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - قال إن يجلد قدامة اليوم فلن يترك أحد بعده وكان قدامة بدريا. سمعت الشافعي وهو يحتج في ذكر المسكر فقال كلاما قد تقدم لا أحفظه فقال أرأيت إن شرب عشرة ولم يسكر؟ فإن قال حلال قيل أفرأيت إن خرج فأصابته الريح فسكر؟ فإن قال حرام قيل له أفرأيت شيئا قط شربه رجل وصار في جوفه حلالا ثم صيرته الريح حراما؟ وقول الشافعي إن ما أسكر كثيره فقليله حرام؟ أخبرنا مالك عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن ينبذ في الدباء والمزفت». الوليمة أخبرنا الربيع بن سليمان قال حدثنا الشافعي إملاء قال إتيان دعوة الوليمة حق والوليمة التي تعرف وليمة العرس وكل دعوة كانت على إملاك أو نفاس أو ختان أو حادث سرور دعي إليها رجل فاسم الوليمة يقع عليها ولا أرخص لأحد في تركها ولو تركها لم يبن لي أنه عاص في تركها كما يبين في وليمة العرس. فإن قال قائل وهل يفترقان وكلاهما يكلف عند حادث سرور ومن حق المسلم على المسلم أن يسره؟ قيل قد يجتمعان في هذا ويجتمع في هذا أن يعمل الرجل عند غير حادث الطعام فيدعو عليه فلا أحب أن يتخلف عنه ويفترقان في أني لم أعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ترك الوليمة على عرس ولم أعلمه أولم على غيره. وأن «النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر عبد الرحمن بن عوف أن يولم ولو بشاة» ولم أعلمه أمر بذلك أظنه قال أحدا غيره حتى «أولم النبي - صلى الله عليه وسلم - على صفية لأنه كان في سفر بسويق وتمر». (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإن كان المدعو صائما أجاب الدعوة وبارك وانصرف ولم نحتم عليه أن يأكل وأحب إلي أن لو فعل وأفطر إن كان صومه غير واجب إلا أن يأذن قبل وبعد له رب الوليمة. (قال الشافعي): أخبرنا عبد الوهاب عن أيوب عن ابن سيرين أن أباه دعا نفرا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فأتاه فيهم أبي بن كعب وأحسبه قال فبارك وانصرف. (قال الشافعي) - رحمه الله تعالى -: أخبرنا سفيان بن عيينة سمع عبد الله بن أبي يزيد يقول دعا أبي عبد الله بن عمر فأتاه فجلس ووضع الطعام فمد عبد الله بن عمر يده وقال خذوا بسم الله وقبض عبد الله يده وقال إني صائم. (قال الشافعي) - رحمه الله تعالى - أخبرنا مسلم عن جريج (قال الشافعي) لا أدري عن عطاء أو غيره قال جاء رسول ابن صفوان إلى ابن عباس وهو يعالج زمزم يدعوه وأصحابه فأمرهم فقاموا واستعفاه وقال إن لم يعفني جئته. (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا قدر الرجل على إتيان الوليمة بحال لم يكن له عذر في تركها اشتد الزحام أو قل لا أعلم الزحام يمنع من الواجب والذي يجب ذلك عليه من قصد صاحب الوليمة قصده بالدعوة فأما من قال له رسول صاحب الوليمة قد أمرني أن أوذن من رأيت فكنت ممن رأيت أن أوذنك فليس عليه أن يأتي الوليمة لأن صاحب الوليمة لم يقصد قصده وأحب إلي أن لا يأتي. ومن لم يدع. ثم جاء فأكل لم يحل له ما أكل إلا بأن يحل له صاحب الوليمة وإذا دعي الرجل إلى الوليمة وفيها المعصية من المسكر أو الخمر أو ما أشبه ذلك من المعاصي الظاهرة نهاهم فإن نحوا ذلك عنه وإلا لم أحب له أن يجلس فإن علم قبل أن ذلك عندهم فلا أحب له أن يجيب ولا يدخل مع المعصية وإن رأى صورا في الموضع الذي يدعى فيه ذوات أرواح لم يدخل المنزل الذي تلك الصور فيه إن كانت تلك منصوبة لا توطأ فإن كانت توطأ فلا بأس أن يدخله، وإن كانت صورا غير ذوات أرواح مثل صور الشجر فلا بأس إنما المنهي عنه أن يصور ذوات الأرواح التي هي خلق الله، وإن كانت المنازل مستترة فلا بأس أن يدخلها وليس في الستر شيء أكرهه أكثر من السرف وأحب للرجل إذا دعاه الرجل إلى الطعام أن يجيبه. (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): بلغنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «لو أهدي إلي ذراع لقبلتها ولو دعيت إلى كراع لأجبت». (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): أخبرنا مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى أبا طلحة وجماعة معه فأكلوا عنده وكان ذلك في غير وليمة». (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): «ودعت امرأة سعد بن الربيع النبي - صلى الله عليه وسلم - ونفرا من أصحابه فأتاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن دعت فأكلوا عندها». (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإني لأحفظ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أجاب إلى غير دعوة في غير وليمة. صدقة الشافعي - رضي الله عنه - هذا كتاب كتبه محمد بن إدريس بن العباس الشافعي في صحة منه وجواز من أمره وذلك في صفر سنة ثلاث ومائتين أن الله عز وجل رزق أبا الحسن بن محمد بن إدريس مالا فأخذ محمد بن إدريس من مال ابنه أبي الحسن بن محمد أربعمائة دينار جيادا صحاحا مثاقيل وضمنها محمد بن إدريس لابنه أبي الحسن بن محمد بن إدريس وأشهد محمد بن إدريس شهود هذا الكتاب أنه تصدق على ابنه أبي الحسن بن محمد بن إدريس بثلاثة أعبد منهم وصيف أشقر خصي يقال له صالح ووصيف نوبي خباز يقال له بلال وعبد فراني قصار يدعى سالما وبأمة شقراء تدعى فلانة وقبضهم محمد بن إدريس لابنه أبي الحسن من نفسه وصاروا من مال ابنه أبي الحسن وخرجوا من ملك محمد بن إدريس وأشهد محمد بن إدريس شهود هذا الكتاب أنه تصدق على ابنه أبي الحسن بن محمد بن إدريس بجميع حليه وهو مسكنان ودملجان وخلخالان وقلادة كل ذلك من الذهب وبمثل هذا حلي من الورق وقبضه له من نفسه ودفعه إلى أمه تقبضه له وتحفظه عليه وصار كل ما تصدق به محمد بن إدريس على أبي الحسن بن محمد مالا من مال أبي الحسن بن محمد وأشهد محمد بن إدريس شهود هذا الكتاب أنه تصدق بمسكنه الذي بمهبط ثنية كدى من مكة قبالة دار منيرة على يسار الخارج من مكة في شعب محمد بن إدريس وهما المسكنان اللذان أحدهما المسكن الذي بفناء دار محمد بن إدريس العظمى أحد هذين المسكنين المسكن الذي بناه محمد بن إدريس إلى جنب المنزل الذي يعرف بجابر بن محمد. ![]()
__________________
|
|
#7
|
||||
|
||||
![]() كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي المجلد السادس الحلقة (271) صــــــــــ 221 الى صـــــــــــ 226 مسائل القاضي وكيف العمل عند شهادة الشهود. (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا شهد الشهود عند القاضي فإن كانوا مجهولين كتب حلية كل واحد منهم ورفع في نسبه إن كان له نسب أو ولائه إن كان يعرف له ولاء. وسأله عن صناعته إن كان له صناعة وعن كنيته إن كان يعرف بكنية وعن مسكنه وموضع بياعاته ومصلاه. وأحب له إن كان الشهود ليسوا ممن يعرف بالحال الحسنة المبرزة والعقل معها أن يفرقهم ثم يسأل كل واحد منهم على حدته عن شهادته واليوم الذي شهد فيه والموضع الذي شهد فيه ومن حضره وهل جرى ثم كلام. ثم يثبت ذلك كله وهكذا أحب إن كان ثم حال حسنة ولم يكن سديد العقل أن يفعل به هذا ويسأل من كان معه في الشهادة على مثل حاله عن مثل ما يسأل ليستدل على عورة إن كانت في شهادته أو اختلاف إن كان في شهادته وشهادة غيره فيطرح من ذلك ما لزمه طرحه ويلزم ما لزمه إثباته وإن جمع الحال الحسنة والعقل لم يقفه ولم يفرقهم، وأحب للقاضي أن يكون أصحاب مسائله جامعين للعفاف في الطعمة والأنفس وافري العقول برآء من الشحناء بينهم وبين الناس أو الحيف على أحد بأن يكونوا من أهل الأهواء والعصبية والمماطلة للناس وأن يكونوا جامعين للأمانة في أديانهم وأن يكونوا أهل عقول لا يتغفلون بأن يسألوا الرجل عن عدوه ليخفي حسنا ويقول قبيحا فيكون ذلك جرحا عندهم أو يسألوه عن صديقه فيخفي قبيحا ويقول حسنا فيكون ذلك تعديلا عندهم. (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ويحرص الحاكم على أن لا يعرف له صاحب مسألة فيحتال له. (قال): وأرى أن يكتب لأهل المسائل صفات الشهود على ما وصفت وأسماء من شهدوا له ومن شهدوا عليه وقدر ما شهدوا فيه ثم لا يسألون أحدا عنهم حتى يخبره بمن شهدوا له، وشهدوا عليه وقدر ما شهدوا فيه فإن المسئول عن الرجل قد يعرف ما لا يعرف الحاكم من أن يكون الشاهد عدوا للمشهود عليه أو حنقا عليه أو شريكا فيما شهد فيه وتطيب نفسه على تعديله في اليسير ويقف في الكثير، ولا يقبل تعديله إلا من اثنين ولا المسألة عنه إلا من اثنين ويخفي على كل واحد منهما أسماء من دفع إلى الآخر لتتفق مسألتهما أو تختلف فإن اتفقت بالتعديل قبلها وإن اختلفت أعادها مع غيرهما فإن عدل رجل وجرح لم يقبل الجرح إلا من شاهدين وكان الجرح أولى من التعديل لأن التعديل يكون على الظاهر والجرح يكون على الباطن. (قال): ولا يقبل الجرح من أحد من خلق الله فقيه عاقل دين ولا غيره إلا بأن يقفه على ما يجرحه به فإذا كان ذلك مما يكون جرحا عند الحاكم قبله منه وإذا لم يكن جرحا عنده لم يقبله فإن الناس يختلفون ويتباينون في الأهواء فيشهد بعضهم على بعض بالكفر فلا يجوز لحاكم أن يقبل من رجل وإن كان صالحا أن يقول لرجل ليس بعدل ولا رضا ولعمري إن من كان عنده كافرا لغير عدل، وكذلك يسمى بعضهم بعضا على الاختلاف بالفسق والضلال فيجرحونهم فيذهب من يذهب إلى أن أهل الأهواء لا تجوز شهادتهم فيجرحونهم من هذا المعنى وليس هذا بموضع جرح لأحد، وكذلك من يجرح من يستحل بعض ما يحرم هو من نكاح المتعة ومن إتيان النساء في أدبارهن وأشباه ذلك مما لا يكون جرحا عند أهل العلم فلا يقبل الجرح إلا بالشهادة من الجارح على المجروح وبالسماع أو بالعيان كما لا يقبلها عليه فيما لزمه من الحق وأكثر من نسب إلى أن تجوز شهادته بغيا حتى يعتد اليسير الذي لا يكون جرحا لقد حضرت رجلا صالحا يجرح رجلا مستهلا بجرحه فألح عليه بأي شيء تجرحه؟ فقال ما يخفى على ما تكون الشهادة به مجروحة فلما قال له الذي يسأله عن الشهادة لست أقبل هذا منك إلا أن تبين قال رأيته يبول قائما قال وما بأس بأن يبول قائما؟ قال ينضح على ساقيه ورجليه وثيابه ثم يصلي قبل أن ينقيه قال أفرأيته فعل فصلى قبل أن ينقيه وقد نضح عليه؟ قال لا ولكني أراه سيفعل. وهذا الضرب كثير في العالمين والجرح خفي فلا يقبل لخفائه ولما وصفت من الاختلاف إلا بتصريح الجارح ولا يقبل التعديل إلا بأن يوقفه المعدل عليه فيقول عدل علي ولي ثم لا يقبل ذلك هكذا حتى يسأله عن معرفته به فإن كانت معرفته به باطنة متقادمة قبل ذلك منه وإن كانت معرفته به ظاهرة حادثة لم يقبل ذلك منه. ما تجوز به شهادة أهل الأهواء (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ذهب الناس من تأويل القرآن والأحاديث أو من ذهب منهم إلى أمور اختلفوا فيها فتباينوا فيها تباينا شديدا واستحل فيها بعضهم من بعض ما تطول حكايته وكان ذلك منهم متقادما منه ما كان في عهد السلف وبعدهم إلى اليوم فلم نعلم أحدا من سلف هذه الأمة يقتدى به ولا من التابعين بعدهم رد شهادة أحد بتأويل وإن خطأه وضلله ورآه استحل فيه ما حرم عليه ولا رد شهادة أحد بشيء من التأويل كان له وجه يحتمله وإن بلغ فيه استحلال الدم والمال أو المفرط من القول وذلك أنا وجدنا الدماء أعظم ما يعصى الله تعالى بها بعد الشرك ووجدنا متأولين يستحلونها بوجوه وقد رغب لهم نظراؤهم عنها وخالفوهم فيها ولم يردوا شهادتهم بما رأوا من خلافهم فكل مستحل بتأويل من قول أو غيره فشهادته ماضية لا ترد من خطأ في تأويله وذلك أنه قد يستحل من خالفه الخطأ إلا أن يكون منهم من يعرف باستحلال شهادة الزور على الرجل لأنه يراه حلال الدم أو حلال المال فترد شهادته بالزور أو يكون منهم من يستحل أو يرى الشهادة للرجل إذا وثق به فيحلف له على حقه ويشهد له بالبت ولم يحضره ولم يسمعه فترد شهادته من قبل استحلاله الشهادة بالزور أو يكون منهم من يباين الرجل المخالف له مباينة العداوة له فترد شهادته من جهة العداوة فأي هذا كان فيهم أو في غيرهم ممن لا ينسب إلى هوى رددت شهادته وأيهم سلم من هذا أجزت شهادته وشهادة من يرى الكذب شركا بالله أو معصية له يوجب عليها النار أولى أن تطيب النفس عليها من شهادة من يخفف المأثم عليها. وكذلك إذا كانوا مما يشتم قوما على وجه تأويل في شتمهم لا على وجه العداوة وذلك أنا إذا أجزنا شهادتهم على استحلال الدماء كانت شهادتهم بشتم الرجال أولى أن لا ترد لأنه متأول في الوجهين والشتم أخف من القتل فأما من يشتم على العصبية أو العداوة لنفسه أو على ادعائه أن يكون مشتوما مكافئا بالشتم فهذه العداوة لنفسه وكل هؤلاء ترد شهادته عمن شتمه على العداوة. وأما الرجل من أهل الفقه يسأل عن الرجل من أهل الحديث فيقول كفوا عن حديثه ولا تقبلوا حديثه لأنه يغلط أو يحدث بما لم يسمع، وليست بينه وبين الرجل عداوة فليس هذا من الأذى الذي يكون به القائل لهذا فيه مجروحا عنه لو شهد بهذا عليه إلا أن يعرف بعداوة له فترد بالعداوة لا بهذا القول، وكذلك إن قال إنه لا يبصر الفتيا ولا يعرفها فليس هذا بعداوة ولا غيبة إذا كان يقوله لمن يخاف أن يتبعه فيخطئ باتباعه وهذا من معاني الشهادات وهو لو شهد عليه بأعظم من هذا لم يكن هذا غيبة إنما الغيبة أن يؤذيه بالأمر لا بشهادته لأحد يأخذ به منه حقا في حد ولا قصاص ولا عقوبة ولا مال ولا حد لله ولا مثل ما وصفت من أن يكون جاهلا بعيوبه فينصحه في أن لا يغتر به في دينه إذا أخذ عنه من دينه من لا يبصره فهذا كله معاني الشهادات التي لا تعد غيبة (قال): والمستحل لنكاح المتعة والمفتي بها والعامل بها ممن لا ترد شهادته، وكذلك لو كان موسرا فنكح أمة مستحلا لنكاحها مسلمة أو مشركة لأنا نجد من مفتي الناس وأعلامهم من يستحل هذا وهكذا المستحل الدينار بالدينارين والدرهم بالدرهمين يدا بيد والعامل به لأنا نجد من أعلام الناس من يفتي به ويعمل به ويرويه، وكذلك المستحل لإتيان النساء في أدبارهن فهذا كله عندنا مكروه محرم وإن خالفنا الناس فيه فرغبنا عن قولهم ولم يدعنا هذا إلى أن نجرحهم ونقول لهم إنكم حللتم ما حرم الله وأخطأتم لأنهم يدعون علينا الخطأ كما ندعيه عليهم وينسبون من قال قولنا إلى أنه حرم ما أحل الله عز وجل. شهادة أهل الأشربة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): من شرب من الخمر شيئا وهو يعرفها خمرا، والخمر: العنب الذي لا يخالطه ماء ولا يطبخ بنار ويعتق حتى يسكر هذا مردود الشهادة لأن تحريمها نص في كتاب الله عز وجل سكر أو لم يسكر ومن شرب ما سواها من الأشربة من المنصف والخليطين أو مما سوى ذلك مما زال أن يكون خمرا وإن كان يسكر كثيره فهو عندنا مخطئ بشربه آثم به ولا أرد به شهادته وليس بأكثر مما أجزنا عليه شهادته من استحلال الدم المحرم عندنا والمال المحرم عندنا والفرج المحرم عندنا ما لم يكن يسكر منه فإذا سكر منه فشهادته مردودة من قبل أن السكر محرم عند جميع أهل الإسلام إلا أنه قد حكي لي عن فرقة أنها لا تحرمه وليست من أهل العلم فإذا كان الرجل المستحل للأنبذة يحضرها مع أهل السفه الظاهر ويترك لها الحضور للصلوات وغيرها وينادم عليها ردت شهادته بطرحه المروءة وإظهاره السفه، وأما إذا لم يكن ذلك معها لم ترد شهادته من قبل الاستحلال. شهادة أهل العصبية (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): من أظهر العصبية بالكلام فدعا إليها وتألف عليها وإن لم يكن يشهر نفسه بقتال فيها فهو مردود الشهادة لأنه أتى محرما لا اختلاف بين علماء المسلمين علمته فيه الناس كلهم عباد الله تعالى لا يخرج أحد منهم من عبوديته وأحقهم بالمحبة أطوعهم له وأحقهم من أهل طاعته بالفضيلة أنفعهم لجماعة المسلمين من إمام عدل أو عالم مجتهد أو معين لعامتهم وخاصتهم وذلك أن طاعة هؤلاء طاعة عامة كثيرة فكثير الطاعة خير من قليلها وقد جمع الله تعالى الناس بالإسلام ونسبهم إليه فهو أشرف أنسابهم. (قال): فإن أحب امرؤ فليحب عليه وإن خص امرؤ قومه بالمحبة ما لم يحمل على غيرهم ما ليس يحل له فهذا صلة ليست بعصبية وقل امرؤ إلا وفيه محبوب ومكروه فالمكروه في محبة الرجل من هو منه أن يحمل على غيره ما حرم الله تعالى عليه من البغي والطعن في النسب والعصبية والبغضة على النسب لا على معصية الله ولا على جناية من المبغض على المبغض ولكن بقوله أبغضه لأنه من بني فلان فهذه العصبية المحضة التي ترد بها الشهادة فإن قال قائل ما الحجة في هذا؟ قيل له: قال الله تبارك وتعالى: {إنما المؤمنون إخوة} وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «وكونوا عباد الله إخوانا»، فإذا صار رجل إلى خلاف أمر الله تبارك وتعالى اسمه وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلا سبب يعذر به يخرج به من العصبية كان مقيما على معصية لا تأويل فيها ولا اختلاف بين المسلمين فيها ومن أقام على مثل هذا كان حقيقا أن يكون مردود الشهادة. شهادة الشعراء (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): الشعر كلام حسنه كحسن الكلام وقبيحه كقبيح الكلام غير أنه كلام باق سائر فذلك فضله على الكلام فمن كان من الشعراء لا يعرف بنقص المسلمين وأذاهم والإكثار من ذلك، ولا بأن يمدح فيكثر الكذب لم ترد شهادته. ومن أكثر الوقيعة في الناس على الغضب أو الحرمان حتى يكون ذلك ظاهرا كثيرا مستعلنا، وإذا رضي مدح الناس بما ليس فيهم حتى يكون ذلك كثيرا ظاهرا مستعلنا كذبا محضا ردت شهادته بالوجهين، وبأحدهما لو انفرد به، وإن كان إنما يمدح فيصدق، ويحسن الصدق أو يفرط فيه بالأمر الذي لا يمحض أن يكون كذبا لم ترد شهادته، ومن شبب بامرأة بعينها ليست ممن يحل له وطؤها حين شبب فأكثر فيها وشهرها وشهر مثلها بما يشبب، وإن لم يكن زنى ردت شهادته، ومن شبب فلم يسم أحدا لم ترد شهادته لأنه يمكن أن يشبب بامرأته، وجاريته، وإن كان يسأل بالشعر أو لا يسأل به فسواء. وفي مثل معنى الشعر في رد الشهادة من مزق أعراض الناس، وسألهم أموالهم فإذا لم يعطوه إياها شتمهم. فأما أهل الرواية للأحاديث التي فيها مكروه على الناس فيكره ذلك لهم، ولا ترد شهادتهم لأن أحدا قلما يسلم من هذا إذا كان من أهل الرواية فإن كانت تلك الأحاديث عضة بحر أو نفي نسب ردت بذلك شهادتهم إذا أكثروا روايتها أو عمدوا أن يرووها فيحدثوا بها، وإن لم يكثروا. وأما من روى الأحاديث التي ليست بمحض الصدق ولا بيان الكذب، وإن كان الأغلب منها أنها كذب فلا ترد الشهادة بها، وكذلك رواية أهل زمانك من الإرجاف، وما أشبهه وكذلك المزاح لا ترد به الشهادة ما لم يخرج في المزاح إلى عضة النسب أو عضة بحر أو فاحشة فإذا خرج إلى هذا، وأظهره كان مردود الشهادة. شهادة أهل اللعب (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): يكره من، وجه الخير اللعب بالنرد أكثر مما يكره اللعب بشيء من الملاهي، ولا نحب اللعب بالشطرنج، وهو أخف من النرد، ويكره اللعب بالحزة، والقرق، وكل ما لعب الناس به لأن اللعب ليس من صنعة أهل الدين ولا المروءة. ومن لعب بشيء من هذا على الاستحلال له لم ترد شهادته والحزة تكون قطعة خشب فيها حفر يلعبون بها إن غفل به عن الصلوات فأكثر حتى تفوته ثم يعود له حتى تفوته رددنا شهادته على الاستخفاف بمواقيت الصلاة كما نردها لو كان جالسا فلم يواظب على الصلاة من غير نسيان ولا غلبة على عقل. فإن قيل فهو لا يترك الصلاة حتى يخرج وقتها للعب إلا وهو ناس؟ قيل فلا يعود للعب الذي يورث النسيان، وإن عاد له، وقد جربه يورثه ذلك فذلك استخفاف. فأما الجلوس والنسيان فمما لم يجلب على نفسه فيه شيئا إلا حديث النفس الذي لا يمتنع منه أحد، ولا يأثم به، وإن قبح ما يحدث به نفسه، والناس يمتنعون من اللعب. فأما ملاعبة الرجل أهله وإجراؤه الخيل، وتأديبه فرسه، وتعلمه الرمي، ورميه فليس ذلك من اللعب، ولا ينهى عنه. وينبغي للمرء أن لا يبلغ منه، ولا من غيره من تلاوة القرآن، ولا نظر في علم ما يشغله عن الصلاة حتى يخرج وقتها، وكذلك لا يتنفل حتى يخرج من المكتوبة لأن المكتوبة أوجب عليه من جميع النوافل. شهادة من يأخذ الجعل على الخير (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولو أن القاضي والقاسم والكاتب للقاضي وصاحب الديوان وصاحب بيت المال والمؤذنين لم يأخذوا جعلا، وعملوا محتسبين كان أحب إلي، وإن أخذوا جعلا لم يحرم عليهم عندي، وبعضهم أعذر بالجعل من بعض، وما منهم أحد كان أحب إلي أن يترك الجعل من المؤذنين (قال): ولا بأس أن يأخذ الرجل الجعل عن الرجل في الحج إذا كان قد حج عن نفسه، ولا بأس أن يأخذ الجعل على أن يكيل للناس ويزن لهم، ويعلمهم القرآن والنحو، وما يتأدبون به من الشعر مما ليس فيه مكروه (قال الربيع) سمعت الشافعي يقول لا تأخذ في الأذان أجرة، ولكن خذه على أنه من الفيء. شهادة السؤال (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): لا تحرم المسألة في الجائحة تصيب الرجل تأتي على ماله، ولا في حمالة الرجل بالديات والجراحات، ولا في الغرم لأن هذه مواضع ضرورات، وليس فيها كبير سقاطة مروءة. وهكذا لو قطع برجل ببلد فسأل لم أر أن هذا يحرم عليه إذا كان لا يجد المضي منها إلا بمسألة، ولا ترد شهادة أحد بهذا أبدا فأما من يسأل عمره كله أو أكثر عمره أو بعض عمره، وهو غني بغير ضرورة، ولا معنى من هذه المعاني، ويشكو الحاجة فهذا يأخذ ما لا يحل له، ويكذب بذكر الحاجة فترد بذلك شهادته (قال): ومن سأل، وهو فقير لا يشهد على غناه لم تحرم عليه المسألة، وإن كان ممن يعرف بأنه صادق ثقة لم ترد شهادته، وإن كان تغلبه الحاجة، وكانت عليه دلالات أن يشهد بالباطل على الشيء لم تقبل شهادته، وهكذا إن كان غنيا يقبل الصدقة المفروضة من غير مسألة كان قابلا ما لا يحل له فإن كان ذلك يخفى عليه أنه محرم عليه لم ترد شهادته، وإن كان لا يخفى عليه أنه محرم عليه ردت شهادته. فأما غير الصدقة المفروضة يتصدق بها على رجل غني فقبلها فلا يحرم عليه، ولا ترد بها شهادته. شهادة القاذف (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): من قذف مسلما حددناه أو لم نحدده لم نقبل شهادته حتى يتوب فإذا تاب قبلنا شهادته فإن كان القذف إنما هو بشهادة لم تتم في الزنا حددناه ثم نظرنا إلى حال المحدود فإن كان من أهل العدل عند قذفه بشهادته قلنا له تب، ولا توبة إلا إكذابه نفسه فإذا أكذب نفسه فقد تاب حد أو لم يحد، وإن أبى أن يتوب، وقد قذف، وسقط الحد عنه بعفو أو غيره مما لا يلزم المقذوف اسم القذف لم تقبل شهادته أبدا حتى يكذب نفسه. وهكذا قال عمر للذين شهدوا على من شهدوا عليه حين حدهم فتاب اثنان فقبل شهادتهما، وأقام الآخر على القذف فلم يقبل شهادته، ومن كانت حاله عند القذف بشهادة أو غير شهادة حال من لا تجوز شهادته بأنه غير عدل حد أو لم يحد فسواء، ولا تقبل شهادته حتى تحدث له حال يصير بها عدلا، ويتوب من القيل بما وصفت من إكذابه نفسه، وتجوز شهادة المحدود في القذف إذا تاب على رجل في قذف وتجوز شهادة ولد الزنا على رجل في الزنا، وشهادة المحدود في الزنا إذا تاب على الحد في الزنا، وهكذا المقطوع في السرقة، والمقتص منه في الجراح إذا تابوا ليس ههنا إلا أن يكونوا عدولا في كل شيء أو مجروحين في كل شيء إلا ما يشركهم فيه من لا عيب فيه من هذه العيوب فشهدوا فيكونون خصماء أو أظناء أو جارين إلى أنفسهم أو دافعين عنها أو ما ترد به شهادة العدول وهكذا تجوز شهادة البدوي على القروي، والقروي على البدوي، والغريب على الآهل، والآهل على الغريب ليس من هذا شيء ترد به الشهادة إذا كانوا كلهم عدولا، وإذا كان معروفا أن الرجلين قد يتبايعان فلا يحضرهما أحد، ويتشاتمان، ولا يحضرهما أحد، ويقتل أحدهما الآخر، ولا يحضرهما أحد فحضور البدوي القروي، والقروي البدوي حتى يشهد على ما رأى، واستشهد عليه جائز، وقد لا يشهد لأنه حاضر يشهد غيره ثم ينتقل المشهد أو يموت أو يطمئن إلى صاحبه فلا يكون له شاهد غير بدوي أو بدويين. وكذلك قد يكون له شهود غيره يغيبون أو يموتون فلا يمنع ذلك البدوي أن تجوز شهادته إذا كان عدلا (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): في الرجل يغني فيتخذ الغناء صناعته يؤتى عليه ويأتي له، ويكون منسوبا إليه مشهورا به معروفا، والمرأة، لا تجوز شهادة واحد منهما؛ وذلك أنه من اللهو المكروه الذي يشبه الباطل، وأن من صنع هذا كان منسوبا إلى السفه وسقاطة المروءة، ومن رضي بهذا لنفسه كان مستخفا، وإن لم يكن محرما بين التحريم، ولو كان لا ينسب نفسه إليه، وكان إنما يعرف بأنه يطرب في الحال فيترنم فيها، ولا يأتي لذلك، ولا يؤتى عليه، ولا يرضى به لم يسقط هذا شهادته، وكذلك المرأة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): في الرجل يتخذ الغلام والجارية المغنيين وكان يجمع عليهما، ويغشى لذلك فهذا سفه ترد به شهادته، وهو في الجارية أكثر من قبل أن فيه سفها ودياثة، وإن كان لا يجمع عليهما ولا يغشى لهما كرهت ذلك له، ولم يكن فيه ما ترد به شهادته (قال): وهكذا الرجل يغشى بيوت الغناء، ويغشاه المغنون إن كان لذلك مدمنا، وكان لذلك مستعلنا عليه مشهودا عليه فهي بمنزلة سفه ترد بها شهادته. وإن كان ذلك يقل منه لم ترد به شهادته لما وصفت من أن ذلك ليس بحرام بين. فأما استماع الحداء ونشيد الأعراب فلا بأس به قل أو كثر، وكذلك استماع الشعر أخبرنا ابن عيينة عن إبراهيم بن ميسرة «عن عمرو بن الشريد عن أبيه قال أردفني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال هل معك من شعر أمية بن أبي الصلت شيء؟ قلت: نعم قال: هيه فأنشدته بيتا. فقال: هيه فأنشدته حتى بلغت مائة بيت». (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحداء، والرجز، وأمر ابن رواحة في سفره فقال حرك القوم فاندفع يرتجز «، وأدرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركبا من بني تميم معهم حاد فأمرهم أن يحدوا، وقال إن حادينا وني من آخر الليل قالوا يا رسول الله نحن أول العرب حداء بالإبل قال وكيف ذلك؟ قالوا كانت العرب يغير بعضها على بعض فأغار رجل منا فاستاق إبلا فتبددت فغضب على غلامه فضربه بالعصا فأصاب يده فقال الغلام: وايداه، وايداه قال فجعلت الإبل تجتمع قال فقال هكذا فافعل قال والنبي - صلى الله عليه وسلم - يضحك فقال ممن أنتم؟ قالوا نحن من مضر فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -، ونحن من مضر» فانتسب تلك الليلة حتى بلغ في النسبة إلى مضر ![]()
__________________
|
|
#8
|
||||
|
||||
![]() كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي المجلد السابع الحلقة (281) صــــــــــ 3 الى صـــــــــــ 9 [باب ما لا يقضى فيه باليمين مع الشاهد وما يقضى] (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا ادعى الرجل على الرجل المال، فأتى بامرأتين تشهدان له على حقه لم يحلف مع الامرأتين. فإن قال قائل: ما الحجة فيه؟ فالحجة فيه أن النساء إذا كن لا يجزن عند الحاكم إلا مع الرجال إلا فيما لا يراه الرجال فهاتان امرأتان ليس معهما رجل يشهد. فإن قال قائل: معهما رجل يحلف فالحالف غير شاهد. فإن قال: فقد يعطى بيمينه. قيل: يعطى بها بالسنة ليس أنه شاهد والرجل لا يشهد لنفسه، ولو شهد لنفسه لم يحلف (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ومن قال امرأتان تقومان مقام الرجل؟ قيل: إذا كانتا مع رجل ولزمه عندي أن يقول لو شهد أربع نسوة لرجل بحق أخذه كما يأخذه بشاهدين وشاهد وامرأتين ولا أحسب أحدا يقول بهذا القول (قال): ولو أن امرأة رجل أقامت شاهدا أنه طلقها لم تحلف مع شاهدها وقيل: ائت بشاهد آخر وإلا أحلفناه ما طلقك، ولو أقام رجل شاهدا على أنه نكح امرأة بولي ورضاها وشهود ومهر لم يكن له أن يحلف مع شاهده، وذلك أن الرجل لم يملك رقبة المرأة كما يملك الأموال بالبيع وغيره من وجوه الملك إنما أبيح له منها بالنكاح شيء كان محرما عليه قبله؛ ولأن المرأة لا تملك من نفسها ما كان الزوج يملك منها فتقوم في نفسها مقام الزوج فيها في كل أمره، أو في بعضه والزوج نفسه لم يكن يملكها ملك المال فهما خارجان من معنى من حكم له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باليمين مع الشاهد عندي والله تعالى أعلم. لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما حكم بها لمن يملك ما حكم له به ملكا يكون له فيه بيعه وهبته، أو سلطان رق، أو ملك بوجه من الوجوه مما قد ملكه عليه غيره ومما يملك هو على غيره وليس هكذا الزوج، والمرأة إنما سلطانه عليها سلطان إباحة شيء كان محرما قبل النكاح، ولو أقام عبد شاهدا على أن سيده أعتقه، أو كاتبه لم يحلف مع شاهده، وذلك أن العبد لا يملك من نفسه ما كان سيده مالكه؛ لأن سيده كان له بيعه وهبته وليس ذلك للعبد في نفسه ولا يثبت شيء من الرق للعبد على نفسه إنما يثبت الملك لإنسان على غيره، فأما على نفسه فلا فإذا كان الحق للمشهود له في نفسه مثل العبد يعتق، والمرأة تطلق، والحد يثبت، أو يبطل فهذا كله لا يجوز فيه يمين مع الشاهد من قبل أن اليمين مع الشاهد فيما يملك به الحالف مع شاهده شيئا كان بيده غيره مما قد يملك بوجه من الوجوه والذي قضى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ذلك مال، والمال غير المقضي له وغير المقضي عليه، بل هو ملك أحدهما ينتقل إلى الآخر فالعبد الذي يطلب أن يقضى له باليمين على عتقه كان إنما يقضى له بنفسه وهو لا يملكها ونفسه ليست كغيره فكان هذا خارجا من معنى ما حكم به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندي والله تعالى أعلم (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولو أتى رجل بشاهد يشهد أن رجلا أشهده أن له على فلان حقا لم يقبل إلا بشاهد آخر فإن قال أحلف لقد شهد لي لم يحلف؛ لأن حلفه على أنه شهد له ليس أن يحلف على مال يأخذه إنما يحلف على أن يثبت شهادة شاهده وليس اليمين على هذا باليمين على المال بملك. ولو أقام رجل شاهدا أن فلانا، أوصى إليه، أو أن فلانا وكله لم يحلف مع شاهده. وذلك أنه لا يملك بالوصية ولا بالوكالة شيئا ومثل ذلك لو أقام بينة أن فلانا، أودعه داره، أو أرضه لم يحلف مع شاهده، ولو أقام شاهدا أن فلانا قذفه بالزنا لم يحلف مع شاهده وذلك أنه لا يملك بالحد شيئا إنما الحد ألم على المحدود لا شيء يملكه المشهود له على المشهود عليه، ولو أقام بينة على أنه جرحه جراحة عمدا في مثلها قود، أو قتل ابنا له لم يحلف مع شاهده، وذلك أن الشهادة ليست بمال بعينه وأنه لا يجب بها المال دون التخيير في المال، أو القصاص فإذا كان القصاص هو الذي يثبت بها فالقصاص ليس بشيء يملكه أحد على أحد. فإن قال قائل: فالمال يملكه؟ قيل: أجل ولكن ليس يملكه إلا بأن يملك القصاص معه لا أن المال إذا حلف كان له دون القصاص ولا القصاص دون المال فلما كان إنما لا يثبت له أحدهما بعينه، وكان المال لا يملك دون القصاص لم يجز أن يكون اليمين مع الشاهد في القصاص وهو لا يملك، ولو أقام عليه شاهدا أنه سرق له متاعا من حرز يسوى أكثر مما تقطع فيه اليد كان مخالفا لأن يقيم عليه الشاهد فيما يجب به القصاص فيحلف مع شاهده ويغرم السارق ما ذهب له به ولا يقطع. فإن قيل: ما فرق بين هذا، والقصاص؟ قيل له: في السرقة شيئان. أحدهما: شيء يجب لله عز وجل وهو القطع، والآخر شيء يجب للآدميين وهو الغرم فكل واحد منهما حكمه غير حكم صاحبه. فإن قال قائل: ما دل على هذا؟ قيل: قد يسقط القطع عنه ولا يسقط الغرم ويسقط الغرم ولا يسقط القطع. فإن قال وأين؟ قيل: يسرق من غير حرز فلا يقطع ويغرم ويختلس وينتهب فيكون بهذا سارقا فلا يقطع ويغرم ويكون له شبهة في السرقة فلا يقطع ويغرم، ويسرق الرجل من امرأته، والمرأة من زوجها من منزلهما الذي يسكنانه فلا يقطع واحد منهما ويغرم فإن قال وأين يسقط الغرم عنه ويقطع؟ قيل يسرق السرقة فيهبها له المسروق، أو يبرئه من ضمانها فلا يكون عليه غرم ويقطع فلا يسقط القطع عنه إن سقط عنه غرم ما سرق وفي هذا بيان أن حكم الغرم غير حكم القطع وأن على السارق حكمين قد يزول أحدهما ويثبت الآخر وليس هكذا حكم الجراح التي لا يجب فيها أبدا مال إلا ومعه قصاص، أو تخيير بين القود، والعقل، فأيهما اختار سقط الآخر وإن اختار القود، ثم عفاه لم يكن له عقل وإن اختار العقل، ثم أبرأه منه لم يكن له قصاص فهذان حكمان كل واحد منهما بدل من صاحبه فلا يشبهان الحكمين اللذين لا يكون أحدهما بدلا من صاحبه ولا يبطل أحدهما إن بطل صاحبه ويشبه الشهادة على السرقة أن يأتي رجل بشاهد على أنه قال امرأته طالق إن كنت غصبت فلانا هذا العبد ويشهد أنه غصبه فيحلف صاحب العبد مع شاهده ويأخذ العبد ولا تطلق المرأة بشهادة واحد أنه حنث حتى يكون معه آخر، وذلك أن الشاهد مع اليمين إنما جاز على الغصب دون الطلاق والطلاق ليس بالغصب إنما هي يمين يحلف بها وحكم الأيمان غير حكم الأموال، وكذلك حكم الطلاق غير حكم الأموال (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولو كانت الجراحة عمدا لا قود فيها بحال مثل أن يقتل الحر المسلم عبدا مسلما، أو يقتل ذميا، أو مستأمنا، أو يقتل ابن نفسه، أو تكون جراحة لا قود فيها مثل الجائفة، والمأمومة وما لا قصاص فيه فهذا كله لا قود فيه قبلت فيه يمين المدعي مع شاهده فقضي له به كله ما كان عمدا منه ففي مال الجاني وما كان خطأ فعلى العاقلة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولو شهد شاهد أن رجلا رمى رجلا بسهم، فأصاب بعض جسده، ثم خرج منه، فأصاب آخر فقتله، أو جرحه فالرمية الأولى عمد، والمصاب الثاني خطأ فإن كانت الرمية الأولى لا قصاص فيها فالشهادة جائزة ويحلفان مع شاهدهما ويقضى في كل واحد منهما بالأرش الأولى في مال الرامي والثانية على عاقلته وإن كانت الرمية الأولى يجب فيها القصاص في نفس كانت لأولياء الدم القسامة ويستحقون الدية، ثم القول في الرمية الثانية قولان. أحدهما أن اليمين لا تكون مع الشاهد في هذا، وذلك أن صاحب الخطإ لا يثبت له شيء إلا بثبوته لصاحب العمد فلما كانت هذه الجناية واحدة فيها عمد فيه قصاص لم يجز في القصاص إلا شاهدان؛ لأنه لم يملك فيه شيئا. ، والقول الثاني: أن الشاهد يبطل لصاحب العمد إلا أن يقسم معه، أولياؤه ويثبت لصاحب الخطإ باليمين مع شاهده وهذا أصح القولين عندي - والله تعالى أعلم - وبه نأخذ وهي في مثل معنى المسألة من اليمين بالطلاق على الغصب والشهادة عليها وعلى الغصب ولو أقام رجل على جارية وابنها شاهدا أنهما له حلف مع شاهده وأخذ الجارية وابنها، ولو أقام البينة على أنها له وابنها له ولد منه حلف أيضا وقضي له بالجارية، وكانت وابنها له، وكانت أم ولد له بإقراره وشهادة شاهده ويمينه (قال): ولو أقام شاهد بأن أباه تصدق بهذه الدار عليه صدقة محرمة موقوفة حلف مع شاهده، وكانت الدار صدقة عليه كما شهد شاهده، ولو أقام البينة على أن أباه تصدق بهذه الدار عليه صدقة محرمة موقوفة وعلى أخوين له موقوفة فإذا انقرضوا فعلى أولادهم، أو على المساكين حلفوا وثبتت حقوقهم، فمن حلف ثبت حقه له؟ فإن قال قائل: ما بال الرجل إذا أقام شاهدا أن أباه وقف عليه دارا وعلى أخوين له، ثم على أولادهم بعدهم أحلفته وأثبت حقه من الصدقة المحرمة فإن حلف أخواه ثبت حقهما وإن لم يحلفا لم يثبت حقهما بثبوت حقه قيل له؛ لأنا أخرجنا الدار من ملك من شهد عليه الشاهد بيمين من شهد له فإذا شهد الشاهد لثلاثة لم يكن لواحد منهم أن يأخذ بيمين صاحبه شيئا؛ لأن حقه غير حق صاحبه وإن كان من شيء واحد فحق كل واحد منهم غير حق صاحبه فإذا حلفوا معا فأخرجت الدار من ملك صاحبها إلى ملك صاحبها من حلف فكانت بكمالها لمن حلف حياته فقد مضى الحكم فيها لهم ومن جاء بعدهم ممن وقفت عليه إذا ماتوا يقوم مقام الوارث لهم فيها، ألا ترى أن رجلا لو أقام شاهدا على رجل بدار فحلف قضي له بها فإن مات كانت لوارثه بعده ولا يمين على الوارث؛ لأن الحكم قد مضى فيها بيمين الذي أقام الشاهد له وإنما هي موروثة عن الذي حلف مع شاهده وإن حلف أخوه فهي عليهما معه، ثم على من بعدهم وإن أبى أخواه أن يحلفا فنصيبه منها وهو الثلث صدقة كما شهد شاهده، ثم نصيبه بعد منها على من تصدق به أبوه عليه بعده وبعد أخويه. فإن قال الذين تصدق عليهم بعد الاثنين نحن نحلف على ما أبى أن يحلف عليه الاثنان فلهم أن يحلفوا من قبل أنهم مالكون حين كانوا إذا حلفوا بعد موت أبيهم الذي جعل لهم ملكه إذا مات (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإنما قلنا يملك المتصدق عليهم باليمين؛ لأن السنة، والآثار تدل على أن هذا ملك صحيح إذا أخرج المتصدق من ملكه أرضه صدقة على أقوام بعينهم، ثم على من بعدهم فملك المتصدق عليهم ما ملكهم المتصدق كما ملكهموه فهذا ملك صحيح (قال الشافعي): - رحمه الله -: وإذا قضينا بأن ملك المتصدق يتحول إلى ملك المتصدق عليهم كما ملكهم فهذا تحويل ملك مال إلى مالك ينتفع به انتفاع المال يباع ما صار في أيديهم من غلته ويوهب ويورث وإن كان مسكنا أسكنوا فيه من أحبوا، أو أكروه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولو شهد شاهد أن فلانا تصدق بهذه الدار على فلان وفلان وفلان بينهم وبين من حدث للمتصدق من ولد صدقة موقوفة محرمة فقال أحد القوم أنا أحلف وأبى الآخران قلنا فإذا حلفت جعلنا لك ثلث هذه الصدقة، ثم كلما حدث معك ولد واحد وقفنا له الثلث الآخر الذي ليس في يديك، ثم إن حدث آخر وقفنا له الثلث الآخر الذي ليس في يديك ولا يوقف للحادث قبله فإن حدث آخر نقصناك وكلما حدث ولد بعد الولدين اللذين يوقف لهما الثلثان حتى تستكمل الدار انتقصت من حقك وانتقص كل من كان معك من حقوقهم؛ لأنه كذلك تصدق عليك، فمن حلف من الكبار كان على حقه ومن بلغ فحلف كان على حقه ومن أبى بطل حقه وتوقف غلة من لم يبلغ حتى يبلغوا فيحلفوا فتكون لهم، أو يأبوا فيرد نصيبهم منها على المتصدق عليهم معهم وإن تصدق على ثلاثة، ثم على من بعدهم فحلف واحد كان له الثلث وبطل الثلثان فصارا ميراثا للورثة. فإن قيل: كيف تكون دار شهد عليها أنها كلها موقوفة محرمة بعضها ميراث وبعضها موقوف فإنها لو وقفت على عشرة كان لكل واحد منهم العشر، فمن حلف أخذ حقه ومن أبى لم يكن له فيها حق وما لم يكن لأحد وقفا كان ميراثا على الأصل. فإن قيل: ما يشبه ذلك؟ قيل: عشرة شهد شاهد أن ميتا أوصى لهم بدار فحلف واحد فله عشرها فإن أبى التسعة رجع ما بقي من الدار ميراثا (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولو تصدق بها على ثلاثة فحلف واحد وأبى اثنان كان نصيبهما ميراثا، وكان الثلث صدقة على واحد فإن قال هي صدقة على الثلاثة، ثم على أبنائهم من بعدهم فحلف واحد جعلنا ثلثها له وأبى الاثنان فجعلنا نصيبهما منها ميراثا وهو الثلثان، ثم حدث لهما ولدان وماتا وقف لهما نصيبهما حتى يبلغا فيحلفا، أو يموتا فيحلف وارثهما فإن أبى وارثهما رد ما بقي ميراثا للورثة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإنما يوقف للمولود من يوم ولد إذا مات أبوه، أو من جعلت له الصدقة بعده فإن ولد قبل أن يموت أبوه، أو من جعلت له الصدقة بعده لم يوقف حقه إلا بعد موتهما؛ لأنه إنما يكون له الحق بموتهما، فأما ما كان من غلة قبل، أو يولد، أو يموت من قبله فليس للمولود منها شيء؛ لأنه إنما شرط له أن يكون له الحق يوم يولد بعد موت من قبله (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولو أن شاهدا شهد أن فلانا تصدق على فلان وولده وولد ولده ما تناسلوا هم فيها سواء فحلف رجل مع شاهده كان له منها بقدر عدد من معه، وذلك أن يكون معه فيها عشرة فيكون له عشره فكلما حدث ولد يدخل معه في الصدقة نقص من حقه ووقف حق المولود حتى يحلف فيستحق، أو يدع اليمين فيبطل حقه ويرد كراء ما وقف من حقه على الذين انتقصوا حقوقهم من أجله سواء بينهم كأنه وقف لاثنين حدثا سدس الدار وأكرى بمائة درهم إلى أن يبلغا فلم يحلفا، فأبطلنا حقوقهما ورددنا المائة على العشرة لكل واحد منهم عشره فإن مات من العشرة واحد قبل بلوغ الموقوف عليهما الصدقة في نصف عمر اللذين وقف لهما فإن بلغا، فأبيا اليمين فرد نصيبهما على من معهما رد عليه، فأعطى ورثته ما استحق مما رد عليه، وذلك خمسة وترد الخمسة على التسعة الباقين وعلى هذا الحساب يعطى كل من مات قبل بلوغ الصبيين اللذين بطل ما وقف لهما. فإن شهد الشاهد أنه تصدق بها عليه وعلى بني أب معروفين يحصون فالأمر فيها على ما وصفت تكون له حصة بقدر عددهم قلوا، أو كثروا، وإن شهد أنه تصدق بها عليه وعلى بني أب لا يحصون أبدا، أو على مساكين وفقراء فقد قيل: في الوصية يوصى بها لفلان لقوم يحصون هو كأحدهم وقيل: فإن أوصى بها له ولبني أب لا يحصون، أو مساكين لا يحصون فله النصف ولهم النصف (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وهذا أمر تخف فيه المؤنة ويسهل فيه الجواب في مسألتنا هذه، ولو كان يصح قياسا، أو خبرا أعطيناه النصف وجعلنا النصف على من تصدق به عليه معه ممن لا يحصى ولكن لا أرى القياس فيها إذا كانت الصدقة إذا تصدق بها عليه وعلى الفقراء وهم لا يحصون جائزة إلا أن يقال له إن شئت فاحلف فكن أسوة الفقراء فإن حلف أعطيناه ذلك وأحلف من معه في الصدقة، ثم حاص من قسمنا عليه فإذا زاد الفقراء بعد ذلك، أو نقصوا حاصهم كواحد منهم (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وقد قيل: إذا كان شرط السكنى سكن كل فقير في أقل ما يكفيه إن كان المتصدق قال يسكن كل واحد منهم بلا أن يدخل عليه من يضيق عليه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وأصح من هذا القول، والله تعالى أعلم وبه أقول، أن السكنى مثل الغلة فإذا ضاق السكن اصطلحوا، أو أكروا ولم يؤثر واحد منهم بالسكن على صاحبه وكلهم فيه شرع. وإذا كانت غلة، أو شيء فيها بين الفقراء وإن قل ذلك فلا يعطى واحد منهم أقل مما يعطى الآخر. ، وقد قيل: إذا لم يسم فقراء قبيلة فهو على فقراء قرابته قياسا على الصدقات التي يعطاها جيران المال المأخوذ منه الصدقة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وبه أقول إذا كان قرابته جيران صدقته فإن جازت فيها الأثرة لبعض الجيران دون بعض كانت لذوي قرابة المتصدق فإن لم يجد فجيران الصدقة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولو أقام رجل شاهدا على رجل وحلف أنه غصبه أم ولد وولدها فيخرجان من يده فتكون أم ولد للمشهود له الحالف ويكون الابن ابنه ويخرج من رق الذي هي في يديه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وكذلك لو أقام رجل شاهدا على رجل في يديه عبد يسترقه أنه كان عبدا له، فأعتقه، ثم غصبه إياه بعد العتق حلف، وكان هذا مولى له (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): فعلى هذا هذا الباب كله وقياسه وليس يدخل في هذا العبد يقيم شاهدا على سيده أنه أعتقه؛ لأن العبد هو الذي فيه الخصومة كما وصفت في الباب الأول، واليمين مع الشاهد في الدين الذي يتنازع فيه المشهود له، والمشهود عليه لا واحد منهما والنسب، والولاء شيئان يصير لصاحبهما بهما منفعة في غير نفسه وإن كانت لا تملك فهي منفعة للخصم في غير نفسه، والمملوك لا ينتفع بشيء غير نفسه. الخلاف في اليمين مع الشاهد (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): فخالفنا في اليمين مع الشاهد مع ثبوتها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعض الناس خلافا أسرف فيه على نفسه فقال لو حكمتم بما لا نراه حقا من رأيكم لم نرده وإن حكمتم باليمين مع الشاهد رددناها فقلت لبعضهم رددت الذي يلزمك أن تقول به ولا يحل لأحد من أهل العلم عندنا خلافه؛ لأنه سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأجزت آراءنا التي لو رددتها كانت أخف عليك في المأثم. قال إنها خلاف كتاب الله ونحن نردها بأشياء (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وقد جهدت أن أتقصى ما كلموني به في رد اليمين مع الشاهد فكان مما كلمني به بعض من ردها أن قال لم تروها إلا من حديث مرسل قلنا: لم نثبتها بحديث مرسل وإنما أثبتناها بحديث ابن عباس وهو ثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي لا يرد أحد من أهل العلم مثله لو لم يكن فيها غيره مع أن معه غيره ممن يشده (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): فقال منهم قائل فكيف قلتم يقضى بها في الأموال دون غيرها فجعلتموها تامة في شيء ناقصة في غيره؟ فقلت له لما قال عمرو بن دينار وهو حملها قضى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأموال كان هذا موصولا في خبره عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقال جعفر في الحديث في الدين والدين مال وقاله من لقيت من حملتها، والحكام بها قلنا إذا قيل: بها في الأموال دل ذلك والله تعالى أعلم على أنه لا يقضى بها في غير ما قضي بها فيه؛ لأن الشاهدين أصل في الحقوق فهما ثابتان، واليمين مع الشاهد أصل فيما يحكم بها فيه وفيما كان في معناه فإن كان شيء يخرج من معناه كان على الأصل الأول وهو الشاهدان قال فالعبد؟ قلت: له فإذا أقام رجل شاهدا على عبد أنه له حلف مع شاهده واستحق العبد، قال فإن أقام شاهدا أن سيده أعتقه؟ قلت فلا يعتق. قال فما الفرق بين العبد يقيم رجل عليه شاهدا ويحلف ويأخذه وبين العبد يقيم شاهدا أن سيده أعتقه؟ قلت الفرق البين، قال وما هو؟ قلت أرأيت إن «قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باليمين مع الشاهد في الأموال» أما في هذا بيان أن المال المقضي به للمقيم شاهدا الحالف هو ما ليس بالمقضي له ولا بالمقضي عليه وإنما هو مال أخرجه من يدي المقضي عليه إلى يدي المقضي له به فملكه إياه كما كان المقضي عليه له مالكا؟ قال بلى قلت: وهكذا العبد الذي سألت عنه أخرجه من يدي مالكه المقضي عليه إلى مالك مقضي له قال نعم: قلت أفليس تجد معنى العبد إذا أقام شاهدا أن سيده أعتقه غير معنى المال الذي يتنازع فيه المشهود له، والمشهود عليه؛ لأنه إنما ينازع في نفسه؟ قال إنه ليخالفه في هذا الموضع قلت: ويخالفه أنه لا يخرجه من يدي مالكه إلى ملك نفسه فيكون يملك من نفسه ما كان سيده يملكه كما كان المقضي عليه يملك المال، ثم أخرج من يده فملكه المقضي له قال أجل قلت: فكيف أقضي باليمين مع الشاهد في شيء معناه غير معنى ما قضى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال فإنك تعتقه بالشاهدين؟ قلت: أجل وأقتل بالشاهدين؛ لأنهما حكم مطلق، واليمين مع الشاهد حكم خاص (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وقلت له رأيتك عبت أن تكون الشهادة تامة في بعض الأشياء دون بعض أفرأيت الشاهدين أليسا تامين في كل شيء ناقصين في الزنا؟ قال بلى. قلت أفرأيت الشاهد والامرأتين أليسا تامين في الأموال ناقصين في الحدود وغيرها؟ قال: بلى قلت أرأيت شهادة النساء في الاستهلال والرضاع وعيوب النساء أليست تامة حتى يلحق بها النسب وفيه عظيم من الأموال وأن يكون لمن شهدت له امرأة عندك أن فلانة ولدته، والمشهود عليه ينكر أن يلحق به نسبه فيعفو دمه ويرى بناته ويرث ماله؟ قال: بلى قلت أريت أهل الذمة أليست تتم شهادتهم عندك فيما بينهم على كل شيء. ولو شهدوا على مسلم بفلس لم يجز؟ قال بلى قلت، ولو شهدت لرجل امرأة وحدها على أحد بفلس لم يجز؟ قال: بلى قلت، فأسمعك فيما عدا شهود الزنا من المسلمين قد جعلت الشهادات كلها تامة في شيء ناقصة في غيره وعبت ذلك علينا وإنما قلنا بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوضعناها حيث وضعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووضعنا حكم الله عز وجل حيث وضعه. قال فقال فإذا حلفتم الرجل مع شاهده فكيف زعمتم أن رجلا لو كان غائبا عن بلد فشهد له رجل بحق له على رجل من وصية، أوصى له بها ميت، أو شهد لابنه بحق وهو يوم شهد الشاهد صغير وغائب، أو شهد له بحق وليه عبد له، أو وكيل حلف وهو لا يعلم شهد شاهده بحق أم لا وهو إن حلف حلف على ما لا يعلمه (قال الشافعي): - رحمه الله -: فقلت له لا ينبغي لرجل أن يحلف على ما لا يعلم ولكن العلم يكون من وجوه. قال وما هي؟ قلت أن يرى الرجل بعينه، أو يسمع بأذنه من الذي عليه الحق، أو يبلغه فيما غاب عنه الخبر يصدقه فيسعه اليمين على كل واحد من هذا. قال أما الرؤية وما سمع من الذي عليه الحق فأعرفه. وأما ما جاء به الخبر الذي يصدق فقد يمكن فيه الكذب فكيف يكون هذا علما أحلفه عليه؟ قال فقلت له الشهادة على علمه أولى أن لا يشهد بها حتى يسمعها من المشهود عليه، أو يراها، أو اليمين قال كل لا ينبغي إلا هكذا وإن الشهادة لأولاهما أن لا يشهد منها إلا على ما رأى، أو سمع قلت؛ لأن الله عز وجل حكى عن قوم أنهم قالوا {وما شهدنا إلا بما علمنا} وقال {إلا من شهد بالحق وهم يعلمون} قال نعم قلت له أفيشهد الرجل على أن فلانا ابن فلان وهو غريب لم ير أباه قط؟ قال نعم قلت فإنما سمعه ينتسب هذا النسب ولم يسمع من يدفعه عنه ولا من شهد له بأن ما قال كما قال. قال: نعم قلت ويشهد أن هذه الدار دار فلان وأن هذا الثوب ثوبه، وقد يمكن أن يكون غصب هذه الدار، أو أعيرها ويمكن ذلك في الثوب. قال وإن أمكن، إذا لم ير مدافعا له في الدار والثوب، وكان الأغلب عليه أن ما شهد به كما شهد وسعته الشهادة وإن أمكن فيه أن يكون ليس على ما شهد به ولكن يشهد على الأغلب قلت: أرأيت لو اشترى رجل من رجل عبدا ولد بالمشرق، أو بالمغرب، والمشتري ابن مائة سنة، أو أكثر، والمشترى ابن خمس عشرة سنة، ثم باعه، فأبق عند المشتري فكيف تحلف البائع؟ قال أحلفه لقد باع العبد بريئا من الإباق قال فقلت يحلف البائع فقال لك هذا مغربي، أو مشرقي، وقد يمكن أن يكون أبق قبل أن يولد جدي، قال وإن؛ يسأل؟ قلت وكيف تمكن المسألة؟ قال كما أمكنتك قلت وكيف يجوز هذا؟ قال؛ لأن الأيمان يدخلها هذا قال أورأيت لو كان العبد ولد عنده أما كان يمكن فيه أن يأبق ولا يدري به؟ قلت بلى: قال فهذا لا تختلف الناس في أنهم يحلفون على البت لقد باع بريئا من الإباق ولكن يسعه أن يحلف على البت وإنما ذلك على علمه قلت فهل طعنت في الحالف على الحق يصير له بوجه من الوجوه وصية، أو ميراث، أو شيء يليه عبده، أو وكيله غائبا عنه بشيء إلا لزمك أكثر منه في الشهادات، والأيمان؟ قال ما يجد الناس من هذا بدا وما زال الناس يجيزون ما وصفت لك: قلت فإذا أجازوا الشيء فلم لم يجيزوا مثله وأولى أن يكون علما يسمع عليه الشهادة، واليمين منه؟ قال هذا يلزمنا قال فإن مما رددنا به اليمين مع الشاهد أن الزهري أنكرها قلت لقد قضى بها الزهري حين ولي فلو كان أنكرها، ثم عرفها وكنت إنما اقتديت به فيها كان ينبغي أن يكون أثبت لها عندك أن يقضي بها بعد إنكارها وتعلم أنه إنما أنكرها غير عارف بها وقضى بها مستفيدا علمها. ![]()
__________________
|
|
#9
|
||||
|
||||
![]() كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي المجلد السابع الحلقة (291) صــــــــــ 73 الى صـــــــــــ 79 مضرا به فيركب ولا شيء عليه على مثل ما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا إسرائيل أن يتم صومه ويتنحى عن الشمس، فأمره بالذي فيه البر ولا يضر به ونهاه عن تعذيب نفسه لأنه لا حاجة لله في تعذيبه، وكذلك الذي يمشي إذا كان المشي تعذيبا له يضر به تركه ولا شيء عليه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولو أن رجلا قال إن شفى الله فلانا فلله علي أن أمشي لم يكن عليه مشي حتى يكون نوى شيئا يكون مثله برا فإن لم ينو شيئا فلا شيء عليه؛ لأنه ليس في المشي إلى غير مواضع البربر (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولو نذر فقال علي المشي إلى إفريقية، أو العراق، أو غيرهما من البلدان لم يكن عليه شيء؛ لأنه ليس لله طاعة في المشي إلى شيء من البلدان وإنما يكون المشي إلى الموضع الذي يرتجى فيه البر، وذلك المسجد الحرام وأحب إلي لو نذر أن يمشي إلى مسجد المدينة أن يمشي وإلى مسجد بيت المقدس أن يمشي لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا ومسجد بيت المقدس» ولا يبين لي أن أوجب المشي إلى مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - ومسجد بيت المقدس كما يبين لي أن أوجب المشي إلى بيت الله الحرام، وذلك أن البر بإتيان بيت الله تعالى فرض، والبر بإتيان هذين نافلة، وإذا نذر أن يمشي إلى بيت الله ولا نية له فالاختيار أن يمشي إلى بيت الله الحرام ولا يجب ذلك عليه إلا بأن ينويه؛ لأن المساجد بيوت الله وهو إذا نذر أن يمشي إلى مسجد مصر لم يكن عليه أن يمشي إليه، ولو نذر برا أمرناه بالوفاء به ولم يجبر عليه وليس هذا كما يؤخذ للآدميين من الآدميين هذا عمل فيما بينه وبين الله عز وجل لا يلزمه إلا بإيجابه على نفسه بعينه، وإذا نذر الرجل أن ينحر بمكة لم يجزه إلا أن ينحر بمكة، وذلك أن النحر بمكة بر، وإن نذر أن ينحر بغيرها ليتصدق لم يجزه أن ينحر إلا حيث نذر أن يتصدق وإنما أوجبته وليس في النحر في غيرها بر؛ لأنه نذر أن يتصدق على مساكين ذلك البلد فإذا نذر أن يتصدق على مساكين بلد فعليه أن يتصدق عليهم (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قال الرجل غلامي حر إلا أن يبدو لي في ساعتي هذه، أو في يومي هذا، أو أشاء، أو يشاء فلان أن لا يكون حرا، أو امرأته طالق إلا أن أشاء أن لا تكون طالقا في يومي هذا أو يشاء فلان فشاء، أو شاء الذي استثنى مشيئته لم يكن العبد حرا ولا المرأة طالقا (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قال الرجل أنا أهدي هذه الشاة نذرا، أو أمشي نذرا فعليه أن يهديها وعليه أن يمشي إلا أن يكون أراد أني سأحدث نذرا، أو أني سأهديها فلا يلزمه ذلك وهو كما قاله لغير إيجاب فإذا نذر الرجل أن يأتي موضعا من الحرم ماشيا أو راكبا فعليه أن يأتي الحرم حاجا أو معتمرا، ولو نذر أن يأتي عرفة، أو مرا، أو موضعا قريبا من الحرم ليس بالحرم لم يكن عليه شيء؛ لأن هذا نذر في غير طاعة، وإذا نذر الرجل حجا ولم يسم وقتا فعليه حج يحرم به في أشهر الحج متى شاء وإن قال علي نذر حج إن شاء فلان فليس عليه شيء، ولو شاء فلان إنما النذر ما أريد الله عز وجل به ليس على معاني الغلق ولا مشيئة غير الناذر، وإذا نذر أن يهدي شيئا من النعم لم يجزه إلا أن يهديه، وإذا نذر أن يهدي متاعا لم يجزه إلا أن يهديه، أو يتصدق به على مساكين الحرم فإن كانت نيته في هذه أن يعلقه سترا على البيت، أو يجعله في طيب البيت جعله حيث نوى، ولو نذر أن يهدي ما لا يحمل مثل الأرضين والدور باع ذلك فأهدى ثمنه ويلي الذي نذر الصدقة بذلك تعليقه على البيت وتطييبه به، أو يوكل به ثقة يلي ذلك له، وإذا نذر أن يهدي بدنة لم يجزه فيها إلا ثني من الإبل، أو ثنية وسواء في ذلك الذكر، والأنثى، والخصي وأكثرها ثمنا أحب إلي، وإذا لم يجد بدنة أهدى بقرة ثنية فصاعدا، وإذا لم يجد بقرة أهدى سبعا من الغنم ثنيا فصاعدا إن كن معزى، أو جذعا فصاعدا إن كن ضأنا، وإن كانت نيته على بدنة من الإبل دون البقر فلا يجزيه أن يهدي مكانها من البقر والغنم إلا بقيمتها، وإذا نذر الرجل هديا ولم يسم الهدي ولم ينو شيئا، فأحب إلي أن يهدي شاة وما أهدى من مد حنطة، أو ما فوقه أجزأه لأن كل هذا هدي، وإذا نذر أن يهدي هديا ونوى به بهيمة جديا رضيعا أهداه إنما معنى الهدي هدية وكل هذا يقع عليه اسم هدي (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا نذر أن يهدي شاة عوراء، أو عمياء أو عرجاء، أو ما لا يجوز أضحية أهداه، ولو أهدى تاما كان أحب إلي؛ لأن كل هذا هدي، ألا ترى إلى قول الله عز وجل {ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا} [المائدة: ٩٥] فقد يقتل الصيد وهو صغير وأعرج وأعمى وإنما يجزيه بمثله، أولا ترى أنه يقتل الجراد، والعصفور وهما من الصيد فيجزي الجرادة بتمرة، والعصفور بقيمته ولعله قبضه، وقد سمى الله تعالى هذا كله هديا، وإذا قال الرجل شاتي هذه هدي إلى الحرم، أو بقعة من الحرم أهدى، وإذا نذر الرجل بدنة لم تجزئه إلا بمكة فإذا سمى موضعا من الأرض ينحرها فيه أجزأته، وإذا نذر الرجل عدد صوم صامه إن شاء متفرقا، وإن شاء متتابعا (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا نذر صيام أشهر فما صام منها بالأهلة صامه عددا ما بين الهلالين إن كان تسعة وعشرين وثلاثين فإن صامه بالعدد صام عن كل شهر ثلاثين يوما، وإذا نذر صيام سنة بعينها صامها كلها إلا رمضان فإنه يصومه لرمضان ويوم الفطر ويوم النحر وأيام التشريق ولا قضاء عليه كما لو قصد فنذر أن يصوم هذه الأيام لم يكن عليه نذر ولا قضاء فإن نذر سنة بغير عينها قضى هذه الأيام كلها حتى يوفي صوم سنة كاملة، وإذا قال لله علي أن أحج عامي هذا فحال بينه وبينه عدو، أو سلطان حابس فلا قضاء عليه وإن حال بينه وبينه مرض، أو خطأ عدد، أو نسيان أو توان قضاه إذا زعمت أنه يهل بالحج فيحصر بعدو فلا يكون عليه قضاء كان من نذر حجا بعينه مثله وما زعمت أنه إذا أحصر فعليه القضاء أمرته أن يقضيه إن نذره فأحصر وهكذا إن نذر أن يصوم سنة بعينها فمرض قضاها إلا الأيام التي ليس له أن يصومها فإن قال قائل فلم تأمر المحصر إذا أحصر بالهدي ولا تأمر به هذا؟ قلت: آمره به للخروج من الإحرام وهذا لم يحرم فآمره بالهدي (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أكل الصائم، أو شرب في رمضان، أو نذر أو صوم كفارة، أو واجب بوجه من الوجوه أو تطوع ناسيا فصومه تام ولا قضاء عليه، وإذا تسحر بعد الفجر وهو لا يعلم، أو أفطر قبل الليل وهو لا يعلم فليس بصائم في ذلك اليوم وعليه بدله فإن كان صومه متتابعا فعليه أن يستأنفه، وإذا قال: لله علي أن أصوم اليوم الذي يقدم فيه فلان فقدم ليلا فليس عليه صوم صبيحة ذلك اليوم؛ لأنه قدم في الليل ولم يقدم في النهار وأحب إلي لو صامه، ولو قدم الرجل نهارا، وقد أفطر الذي نذر الصوم فعليه قضاء ذلك اليوم وهكذا لو قدم بعد الفجر وهو صائم ذلك اليوم متطوعا، أو لم يأكل فعليه أن يقضيه لأنه نذر والنذر لا يجزيه إلا أن ينوي صيامه قبل الفجر وهذا احتياط، وقد يحتمل القياس أن لا يكون عليه قضاؤه من قبل أنه لا يصلح له أن يكون فيه صائما عن نذره وإنما قلنا بالاحتياط إن جائزا أن يصام وليس هو كيوم الفطر وإنما كان عليه صومه بعد مقدم فلان فقلنا عليه قضاؤه وهذا أصح في القياس من الأول، ولو أصبح فيه صائما من نذر غير هذا، أو قضاء رمضان أحببت أن يعود لصومه كنذره وقضائه ويعود لصومه لمقدم فلان، ولو أن فلانا قدم يوم الفطر، أو يوم النحر، أو التشريق لم يكن عليه صوم ذلك اليوم ولا عليه قضاؤه؛ لأنه ليس في صوم ذلك اليوم طاعة ولا يقضي ما لا طاعة فيه. ولو قال لله علي أن أصوم اليوم الذي يقدم فيه فلان أبدا فقدم يوم الاثنين كان عليه قضاء اليوم الذي قدم فيه فلان وصوم الاثنين كلما استقبله فإن تركه فيما يستقبل قضاه إلا أن يكون يوم الاثنين يوم فطر أو أضحى، أو أيام التشريق فلا يصومه ولا يقضيه، وكذلك إن كان في رمضان لم يقضه وصامه من رمضان كما لو أن رجلا نذر أن يصوم رمضان صام رمضان بالفريضة ولم يصمه بالنذر ولم يقضه. وكذلك لو نذر أن يصوم يوم الفطر، أو الأضحى أو أيام التشريق، ولو كانت المسألة بحالها وقدم فلان يوم الاثنين، وقد وجب عليه صوم شهرين متتابعين صامهما وقضى كل اثنين فيهما ولا يشبه هذا شهر رمضان؛ لأن هذا شيء أدخله على نفسه بعدما، أوجب عليه صوم يوم الاثنين وشهر رمضان شيء أوجبه الله تعالى لا شيء أدخله على نفسه، ولو كانت المسألة بحالها، وكان الناذر امرأة فكالرجل وتقضي كل ما مر عليها من حيضتها، وإذا قالت المرأة لله علي أن أصوم كلما حضت، أو أيام حيضتي فليس عليها صوم ولا قضاء لأنها لا تكون صائمة وهي حائض، وإذا نذر الرجل صوما، أو صلاة ولم ينو عددا، فأقل ما يلزمه من الصلاة ركعتان ومن الصوم يوم؛ لأن هذا أقل ما يكون من الصلاة والصوم إلا الوتر. (قال الربيع) وفيه قول آخر يجزيه ركعة واحدة، وذلك أنه يروى عن عمر أنه تنفل بركعة «وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أوتر بركعة بعد عشر ركعات» وأن عثمان أوتر بركعة (قال الربيع) فلما كانت ركعة صلاة ونذر أن يصلي صلاة ولم ينو عددا فصلى ركعة كانت ركعة صلاة بما ذكرنا (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قال لله علي عتق رقبة، فأي رقبة أعتق أجزأه. [من حلف على سكنى دار لا يسكنها] فيمن حلف على سكنى دار لا يسكنها (سئل الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فقيل له فإنا نقول فيمن حلف أن لا يسكن هذه الدار وهو فيها ساكن أنه يؤمر بالخروج من ساعة حلف ولا نرى عليه حنثا في أقل من يوم وليلة إلا أن يكون له نية في تعجيل الخروج قبل يوم وليلة فإنه حانث إذا أقام يوما وليلة، أو يقول: نويت أن لا أعجل حتى أجد منزلا فيكون ذلك له (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا حلف الرجل أن لا يسكن الدار وهو فيها ساكن أخذ في الخروج مكانه فإن تخلف ساعة وهو يمكنه الخروج منها حنث ولكنه يخرج منها ببدنه متحولا ولا يضره أن يتردد على حمل متاعه منها وإخراج أهله لأن ذلك ليس بسكن قال فإنا نقول في الرجل يحلف أن لا يساكن الرجل وهما في دار واحدة ليس لها مقاصير كل بيت يدخله ساكنه أو كانت لها مقاصير يسكن كل مقصورة منها ساكنها، وكان الحالف مع المحلوف عليه في بيت منها، أو في مقصورة من مقاصيرها أو في حجرة المقصورة دون البيت وصاحب المحلوف عليه في البيت أنه يخرج مكانه حين حلف أنه لا يساكنه في البيت إلى أي بيوت الدار شاء وليس له أن يساكنه في المقصورة التي كانت فيها اليمين، وإن كان معه في البيت وليس له مقصورة، أو له مقصورة، أو كان في مقصورة دون البيت، والآخر في البيت دون المقصورة أنه إن أقام في البيت، أو في المقصورة يوما وليلة كان حانثا وإن أقام أقل من ذلك لغير المساكنة لم يكن عليه حنث إذا خرج إلى أي بيوت الدار ومقاصيرها شاء (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا حلف أن لا يساكن الرجل وهو ساكن معه فهي كالمسألة قبلها يخرج منها مكانه، أو يخرج الرجل مكانه فإن أقاما جميعا ساعة بعدما أمكنه أن يتحول عنه حنث، وإن كانا في بيتين فجعل بينهما حاجز، أو لكل واحد من الحجرتين باب فليست هذه مساكنة وإن كانا في دار واحدة، والمساكنة أن يكونا في بيت، أو بيتين حجرتهما ومدخلهما واحد، فأما إذا افترق البيتان، والحجرتان فليست مساكنة. (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإنما جوابنا في هذه الأيمان كلها إذا حلف لا نية له إنما خرجت اليمين منه بلا نية، فأما إذا كانت اليمين بنية فاليمين على ما نوى قال فإنا نقول إذا نقل أهله وعياله وترك متاعه فإنا نستحب له أن ينتقل بجميع متاعه وأن لا يخلف شيئا من متاعه، وإن خلف شيئا منه، أو خلفه كله فلا حنث عليه فإن خلف أهله وولده فهو حانث؛ لأنه ساكن بعد، والمساكنة التي حلف عليها هي المساكنة منه ومن عياله لمن حلف أن لا يساكنه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : والنقلة، والمساكنة على البدن دون الأهل، والمال، والولد، والمتاع فإذا حلف رجل لينتقلن فانتقل ببدنه وترك أهله وولده وماله فقد بر، وإن قال قائل ما الحجة؟ قيل أرأيت إذا سافر ببدنه أيقصر الصلاة ويكون من أهل السفر، أو رأيت إذا انقطع إلى مكة ببدنه أيكون من حاضري المسجد الحرام الذين إن تمتعوا لم يكن عليهم دم؟ فإذا قال: نعم قيل فإنما النقلة، والحكم على البدن لا على مال ولا على ولد ولا على متاع قال: فإنا نقول فيمن حلف أن لا يلبس هذا الثوب وهو لابسه فتركه عليه بعد اليمين أنا نراه حانثا لأنه قد لبسه بعد يمينه، وكذلك نقول فيه إن حلف لا يركب هذه الدابة وهو عليها فإن نزل مكانه وإلا كان حانثا (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : إذا حلف أن لا يلبس الثوب وهو لابسه فمثل المسألتين الأوليين إن لم ينزعه من ساعته إذا أمكنه نزعه حنث، وكذلك إن حلف أن لا يركب دابة وهو راكبها فإن نزل مكانه وإلا حنث وهكذا كل شيء من هذا الصنف قيل فإنا نقول فيمن حلف أن لا يسكن بيتا ولا نية له وهو من أهل الحضارة فسكن بيتا من بيوت الشعر فإنه إن كان ليمينه معنى يستدل عليه بالأمر الذي له حلف مثل أن يكون سمع بقوم انهدم عليهم بيت فعمهم ترابه فلا شيء عليه في سكناه في بيت شعر، وإن لم يكن له نية حين حلف، وإن كان إنما وجه يمينه أنه قيل له إن الشمس محتجبة وإن السكنى في السطوح، والخروج من البيوت مصحة ويسرة فحلف أن لا يسكن بيتا فإنا نراه حانثا إن سكن بيت شعر (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإن حلف الرجل أن لا يسكن بيتا وهو من أهل البادية، أو أهل القرية ولا نية له، فأي بيت شعر، أو أدم، أو خيمة، أو ما وقع عليه اسم بيت، أو حجارة، أو مدر سكن حنث قال فإنا نقول فيمن حلف أن لا يسكن دار فلان فسكن دارا بينه وبين رجل آخر أنه يحنث، وكذلك إن كانت الدار كلها له فسكن منها بيتا حنث (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا حلف الرجل أن لا يسكن دارا لفلان ولم ينو دارا بعينها فسكن دارا له فيها شرك أكثرها كان له، أو أقلها لم يحنث ولا يحنث حتى تكون الدار كلها له خاصة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا حلف أن لا يأكل طعاما اشتراه فلان فاشترى فلان وآخر معه طعاما ولا نية له لم يحنث ولا أقول بقولكم إنكم تقولون فيمن حلف أن لا يأكل من طعام اشتراه فلان، فأكل من طعام اشتراه فلان وآخر معه إنكم تحنثونه إن أكل منه قبل أن يقتسماه وزعمنا وزعمتم أنهما إن اقتسماه فأكل الحالف مما صار للذي لم يحلف عليه لم يكن عليه حنث، والقول فيها على ما أجبتك في صدر المسألة قال فإنا نقول من حلف أن لا يسكن دار فلان فباعها فلان إنه إن كان عقد يمينه على الدار؛ لأنها داره لا يحنث إن سكنها وهي لغيره، وإن كان إنما عقد يمينه على الدار وجعل تسميته صاحبها صفة من صفاتها مثل قوله هذه الدار المزوقة فذهب تزويقها، فأراه حانثا إن سكنها (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا حلف أن لا يسكن دار فلان هذه بعينها وباعها فلان فإن كانت نيته على الدار حنث بأي وجه سكنها، وإن ملكها هو وإن كانت نيته ما كانت لفلان لم يحنث إذا خرجت من ملكه، وإن لم يكن له نية حنث إذا قال دار فلان هذه. [من حلف أن لا يدخل هذه الدار وهذا البيت فغير عن حاله] فيمن حلف أن لا يدخل هذه الدار وهذا البيت فغير عن حاله (قيل للشافعي) - رحمه الله تعالى - فإنا نقول لو أن رجلا حلف أن لا يدخل هذه الدار فهدمت حتى صارت طريقا، أو خربة يذهب الناس فيها ذاهبين وجائين إنه إن كان في يمينه سبب يستدل به على شيء من نيته وما أراد في يمينه حمل على ما استدل به، وإن لم يكن لذلك سبب يستدل به على شيء من نيته فإنا لا نرى عليه حنثا في دخولها (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا حلف الرجل أن لا يدخل هذه الدار فانهدمت حتى صارت طريقا، ثم دخلها لم يحنث لأنها ليست بدار قال فإنا نقول فيمن قال والله لا أدخل من باب هذه الدار فحول بابها فدخل من بابها هذا المحدث إنه حانث (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا حلف الرجل أن لا يدخل من باب هذه الدار ولا نية له فحول بابها إلى موضع آخر فدخل منه لم يحنث، وإن كانت له نية فنوى من باب هذه الدار في هذا الموضع لم يحنث (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولو نوى أن لا يدخل الدار حنث (قال) : فإنا نقول فيمن حلف أن لا يلبس هذا الثوب وهو قميص فقطعه قباء، أو سراويل، أو جبة إنا نراه حانثا إلا أن تكون له نية يستدل بها على أنه لا حنث عليه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : إذا حلف الرجل أن لا يلبس ثوبا وهو رداء فقطعه قميصا، أو اتزر به، أو ارتدى به، أو قطعه قلانس، أو تبابين، أو حلف أن لا يلبس سراويل فاتزر بها، أو قميصا فارتدى به فهذا كله لبس وهو يحنث في هذا كله إذا لم تكن له نية فإن كانت له نية لم يحنث إلا على نيته إن حلف أن لا يلبس القميص كما تلبس القمص فارتدى به لم يحنث، وكذلك إن حلف أن لا يلبس الرداء كما تلبس الأردية فلبسه قميصا لم يحنث، وإذا حلف الرجل أن لا يلبس ثوب امرأته، وقد كانت منت بالثوب عليه، أو ثوب رجل من عليه، فأصل ما أبني عليه أن لا أنظر إلى سبب يمينه أبدا وإنما أنظر إلى مخرج اليمين، ثم أحنث صاحبها، أو أبره على مخرجها، وذلك أن الأسباب متقدمة، والأيمان محدثة بعدها فقد يحدث على مثالها وعلى خلاف مثالها فلما كان هكذا لم أحنثه على سبب يمينه وأحنثه على مخرج يمينه. أرأيت لو أن رجلا قال لرجل قد نحلتك داري، أو قد وهبتك مالي فحلف ليضربنه أما يحنث إن لم يضربه وليس حلفه ليضربنه يشبه سبب ما قال له فإذا حلف أن لا يلبس هذا الثوب لثوب امرأته فوهبته له، أو باعته فاشترى بثمنه ثوبا، أو انتفع به لم يحنث ولا يحنث أبدا إلا بلبسه (قال) : فإنا نقول فيمن حلف أن لا يدخل دار فلان فرقى على ظهر بيته أنه يحنث؛ لأنه دخلها من ظهرها (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : إذا حلف الرجل أن لا يدخل دار فلان فرقى فوقها فلم يدخلها وإنما دخوله أن يدخل بيتا منها أو عرصتها (قال) : فإنا نقول فيمن حلف أن لا يدخل بيت فلان فدخل بيت فلان المحلوف عليه وإنما فلان ساكن في ذلك البيت بكراء إنه يحنث؛ لأنه بيته ما دام ساكنا فيه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا حلف الرجل أن لا يدخل بيت فلان وفلان في بيت بكراء لم يحنث لأنه ليس بيت فلان إلا أن يكون أراد مسكن فلان، ولو حلف أن لا يدخل مسكن فلان فدخل عليه مسكنا بكراء حنث إلا أن يكون نوى مسكنا له يملكه (قال) : فإنا نقول فيمن حلف أن لا يدخل دار فلان فاحتمله إنسان، فأدخله قهرا فإنه إن كان غلبه على ذلك ولم يتراخ فلا حنث عليه إن كان حين قدر على الخروج خرج من ساعته، فأما إن أقام، ولو شاء أن يخرج خرج فإن هذا حانث (أخبرنا الربيع) قال (أخبرنا الشافعي - رحمه الله تعالى -) : قال إذا حلف أن لا يدخل دار فلان فحمل فأدخلها لم يحنث إلا أن يكون هو أمرهم أن يدخلوه تراخى، أو لم يتراخ (قال) : فإنا نقول فيمن حلف بالطلاق أن لا يدخل دار فلان فقال إنما حلفت أن لا أدخلها ونويت شهرا إنا نرى عليه أنه إن كانت عليه في يمينه بينة فإنه لا يصدق بنيته، وإن دخلها حنث، وإن كان لا بينة عليه في يمينه قبل ذلك منه مع يمينه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا حلف الرجل بطلاق امرأته أن لا يدخل دار فلان فقال نويت شهرا أو يوما فهو كذلك فيما بينه وبين الله عز وجل وعليه اليمين، فأما في الحكم فمتى دخلها فهي طالق (قال) : فإنا نقول فيمن قال والله لا أدخل على فلان بيتا فدخل عليه فلان ذلك بيتا إنا نراه حانثا إن أقام معه في البيت حين دخل عليه، وذلك أنه ليس يراد باليمين في مثل هذا الدخول ولكن يراد به المجالسة إلا أن تكون نيته يوم حلف أن لا يدخل عليه وأنه كان هو في البيت أولا، ثم دخل عليه الآخر فلا حنث عليه، وإذا كان هذا هكذا نيته يوم حلف فإنا لا نرى عليه حنثا إذا كان المحلوف عليه هو الداخل عليه بعد دخوله (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : إذا حلف الرجل أن لا يدخل على رجل بيتا فدخل عليه الآخر بيته، فأقام معه لم يحنث لأنه لم يدخل عليه (قال) : فإنا نقول فيمن حلف أن لا يدخل على فلان بيتا فدخل على جار له بيته فإذا فلان المحلوف عليه في بيت جاره إنه يحنث؛ لأنه داخل عليه وسواء كان البيت له أو لغيره وأنه إن دخل عليه مسجدا لم يحنث إلا أن يكون نوى المسجد في يمينه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : إذا حلف الرجل أن لا يدخل على رجل بيتا فدخل على رجل غيره بيتا فوجد ذلك المحلوف عليه في ذلك البيت لم يحنث من قبل أنه ليس على ذلك دخل (قال الربيع) وللشافعي قول آخر إنه يحنث إذا دخل عليه لأنه قد دخل عليه بيتا كما حلف، وإن كان قد قصد بالدخول على غيره (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإن علم أنه في البيت فدخل عليه حنث في قول من يحنث على غير النية ولا يرفع الخطأ، فأما إذا حلف أن لا يدخل عليه بيتا فدخل عليه المسجد لم يحنث بحال. [من حلف على أمرين أن يفعلهما أو لا يفعلهما ففعل أحدهما] (قال) : فإنا نقول فيمن حلف أن لا يكسو امرأته هذين الثوبين فكساها أحدهما أنه حانث إلا أن يكون نوى في يمينه أن لا يكسوها إياهما جميعا لحاجته إلى أحدهما، أو لأنها لا حاجة لها فيهما جميعا فقال أنت طالق إن فعلت فتكون له نيته (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا حلف الرجل أن لا يكسو امرأته هذين الثوبين، أو هذه الأثواب الثلاثة فكساها أحد الثوبين، أو أحد الثلاثة، أو كساها من الثلاثة اثنين وترك واحدا لم يحنث، وكذلك لو حلف أن لا يأكل هذين القرصين، فأكلهما إلا قليلا لم يحنث إلا أن يأتي على الشيئين اللذين حلف عليهما إلا أن يكون ينوي أن لا يكسوها من هذه الأثواب شيئا، أو لا يأكل من هذا الطعام شيئا فيحنث، وإذا قال والله لا أشرب ماء هذه الإداوة ولا ماء هذا النهر ولا ماء هذا البحر كله فكل هذا سواء ولا يحنث إلا أن يشرب ماء الإداوة كله ولا سبيل إلى أن يشرب ماء النهر كله ولا ماء البحر كله ولكنه لو قال لا أشرب من ماء هذه الإداوة ولا من ماء هذا النهر ولا من ماء هذا البحر فشرب منه شيئا حنث إلا أن تكون له نية فيحنث على قدر نيته، وإذا قال والله لا أكلت خبزا وزيتا، فأكل خبزا ولحما لم يحنث، وكذلك كل شيء أكله مع الخبز سوى الزيت وكل شيء أكل به الزيت سوى الخبز فإنه ليس بحانث، وكذلك لو قال لا آكل زيتا ولحما فكذلك كل ما أكل مع اللحم سوى الزيت (قال) : فإنا نقول لمن قال لأمته، أو امرأته أنت طالق، أو أنت حرة إن دخلت هاتين الدارين فدخلت إحداهما ولم تدخل الأخرى إنه حانث وإن قال إن لم تدخليهما فأنت طالق، أو أنت حرة فإنا لا نخرجه من يمينه إلا بدخولهما جميعا (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قال لامرأته أنت طالق إن دخلت هاتين الدارين أو لأمته أنت حرة إن دخلت هاتين الدارين لم يحنث في واحدة منهما إلا بأن تدخلهما معا، وكذلك كل يمين حلف عليها من هذا الوجه (قال) : فإنا نقول فيمن قال لعبدين له أنتما حران إن شئتما فإن شاءا جميعا الحرية فهما حران وإن شاءا جميعا الرق فهما رقيقان، وإن شاء أحدهما الحرية وشاء الآخر الرق فالذي شاء الحرية منهما حر ولا حرية بمشيئة هذا للذي لم يشأ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قال الرجل لعبدين له أنتما حران إن شئتما لم يعتقا إلا بأن يشاءا معا ولم يعتقا بأن يشاء أحدهما دون الآخر، وكذلك إن قال أنتما حران إن شاء فلان وفلان لم يعتقا إلا أن يشاء فلان وفلان ولم يعتقا بأن يشاء أحدهما دون الآخر، ولو كان قال لهما أيكما شاء العتق فهو حر، فأيهما شاء فهو حر شاء الآخر، أو لم يشأ (قال) : فإنا نقول في رجل قال والله لئن قضيتني حقي في يوم كذا، وكذا لأفعلن بك كذا، وكذا فقضاه بعض حقه إنه لا يلزمه اليمين حتى يقضيه حقه كله؛ لأنه أراد به الاستقصاء (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولو كان لرجل على رجل حق فحلف لئن قضيتني حقي في يوم كذا، وكذا لأهبن لك عبدا من يومك فقضاه حقه كله إلا درهما، أو فلسا في ذلك اليوم كله لم يحنث ولا يحنث إلا بأن يقضيه حقه كله قبل أن يمر اليوم الذي قضاه فيه آخر حقه ولا يهب له عبدا. [من حلف على غريم له أن لا يفارقه حتى يستوفي حقه] (أخبرنا الربيع) قال: قيل للشافعي فإنا نقول فإن حلف أن لا يفارق غريما له حتى يستوفي حقه ففر منه، أو أفلس إنه حانث إلا أن تكون له نية (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا حلف الرجل أن لا يفارق غريمه حتى يأخذ حقه منه ففر منه غريمه لم يحنث؛ لأنه لم يفارقه هو، ولو كان قال لا أفترق أنا وهو حنث في قول من لا يطرح الخطأ والغلبة عن الناس، ولا يحنث في قول من طرح الخطأ والغلبة عن الناس، فأما إن حلف لا يفارقه حتى يأخذ منه حقه فأفلس فيحنث في قول من لا يطرح الغلبة عن الناس، والخطأ ولا يحنث في قول من طرح الخطأ، والغلبة عنهم (قال) : فإنا نقول فيمن حلف لغريم له أن لا يفارقه حتى يستوفي منه حقه فأحاله على غريم له آخر إنه إن كان فارقه بعد الحمالة فإنه حانث لأنه حلف أن لا يفارقه حتى يستوفي ففارقه ولم يستوف لما أحاله، ثم استوفاه بعد (قال الربيع) الذي يأخذ به الشافعي أنه إن لم يفرط فيه حتى فر منه فهو مكره فلا شيء عليه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : إذا حلف الرجل أن لا يفارق الرجل حتى يستوفي منه حقه، فأحاله بعد على رجل غيره، فأبرأه، ثم فارقه حنث، وإن كان حلف أن لا يفارقه وله عليه حق لم يحنث؛ لأنه، وإن لم يستوف أولا بالحمالة فقد برئ بالحوالة (قال) : فإنا نقول فيمن حلف على غريم له أن لا يفارقه حتى يستوفي حقه منه فاستوفاه فلما افترقا أصاب بعضها نحاسا، أو رصاصا، أو نقصا بينا نقصانه إنه حانث لأنه فارقه ولم يستوف وإنه إن أخذ بحقه عرضا فإن كان يسوى ما أخذه به وهو قيمته لو أراد أن يبيعه باعه ولم يحنث (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا حلف أن لا يفارقه حتى يستوفي منه حقه، فأخذ منه حقه فيما يرى، ثم وجد دنانيره زجاجا، أو نحاسا حنث في قول من لم يطرح عن الناس الخطأ في الأيمان ولا يحنث في قول من يطرح عن الناس ما لم يعمدوا عليه في الأيمان لأن هذا لم يعمد أن يأخذ إلا وفاء حقه وهو قول عطاء إنه يطرح عن الناس الخطأ والنسيان ورواه عطاء فإذا حلف أن لا يفارقه حتى يستوفي حقه، فأخذ بحقه ![]()
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |