|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() حسن الاستعداد لموسم الزاد الشيخ محمد بن إبراهيم السبر الخطبة الأولى الحمد للهالذي جعل الصيام جُنَّةً، وسببًا موصِّلًا إلى الجنة، أحمده -سبحانه- وأشكره هدى ويسَّر فضلًا منه ومِنَّةً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه، جعلنا على أوضح محجَّةٍ وأقوم سُنَّة، صلى الله عليه وسلَّم، وبارك عليه وعلى آله وصحبه، عمرت نفوسهم بالإيمان وأصبحت به مطمئنة، والتابعين ومَنْ تَبِعَهم بإحسان إلى يوم الدين،أما بعد:فاتقوا الله عباد الله ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]. عباد الله، سيهلُّ علينا شهر رمضان المبارك بعد أيام مرحبين به، ومباركين لمن يدرك هذا الشهر الفضيل بنيَّة صالحة لجعله موسم دهره استغلالًا لأيَّامه ولياليه في طاعة الرحمن، والعمل بما يُقرِّبه لمناداة باب الريَّان، ودخول دار الرضوان، التي أُعِدَّت لأهل الإحسان، فمرحبًا بهذا الشهر الكريم، ونعم المجيء جاء! جاءكم شهرُ القرآن: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾ [البقرة: 185]، وحَلَّ بساحتكم شهرُ البرِّ والإيمان، والخير والإحسان، والصَّفْح والغُفْران، شهرٌ تُفتَحُ فيه أبوابُ الجنة، وتُغلَقُ أبواب النار، وتُصفَّدُ الشياطين، ومَنْ صامَ رمضانَ إيمانًا واحتِسابًا غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبِه، ومن قامَ رمضانَ إيمانًا واحتِسابًا غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبِه؛ كما جاء في الأحاديث الصحيحة، وفي هذا الشهر المُبارك، ليلةٌ خيرٌ من ألف شهر، من حُرِم خيرَها فهو المحرُوم ﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴾ [القدر: 3]. هو كنزُ المُتَّقين، وبهجةُ المؤمنين، وراحةُ المُتعبِّدين، واغتِنامُ مواسِم الخيرات مِنَّة ونِعْمة. يعود هذا الشهر مليئًا بأكاليل الفرحة والابتهاج، ونفوس مقبلة عليه بمحبَّة ونية صالحة لصيامه وقيامه إيمانًا واحتسابًا، والاشتغال بتلاوة القرآن وتدبُّره، وتتهيَّأ القلوب لضيفها، وتُعِدُّ العُدَّة لاستقباله بما يليق به، ابتغاء وجه الله تعالى. والمسلم الحصيف يوقن أن هذا الشهر هو جزء من عمر الإنسان؛ بل هو من أكرم أجزائه وأفضل لياليه؛ لأنه شهر يتزوَّد فيه المرء لحياته القادمة، التي يقول عنها المفرط: ﴿ يَالَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ﴾ [الفجر: 24]، فهي الحياة الحقيقية: ﴿ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ ﴾ [العنكبوت: 64]؛ أي: هي الحياة الدائمة الباقية، بخلاف الحياة الدنيا ﴿ وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ ﴾ [العنكبوت: 64]، ومهما طال عمر الإنسان في هذه الحياة فما هو إلا كمن لبث فيها عشيةً أو ضحاها، أو كمن دخل بابًا وخرج من آخر، فهو يقطع مسافات سفره منها، ويعد الساعات لملاقاة الممات، كما أنها لا تصفو لإنسان؛ بل هي مشوبة بالأحزان والأكدار. والذي يستفاد من هذه الحياة هو التزوُّد لدار القرار، وذلك بما أمر الله تعالى بالتزوُّد به: ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [البقرة: 197]، والعبد مسافر، والمسافر يحتاج إلى زاد يعيش به في سفره، وإلا تعثَّر وتبعثر، ولربَّما كان يتمنَّى أن يكون مع أولئك الذين تزوَّدوا، ولكن لم يعمل بعملهم، فكانت مجرد أماني: أترضى أن تكون رفيق قوم ![]() لهم زادٌ وأنت بغير زاد؟! ![]() ![]() ![]() يقدم عليكم شهر التزوُّد للمعاد، وملاقاة ربِّ العباد، فليكن استعدادكم له بنية صالحة، فإن صدقتم الله تعالى بهذه النية فلن تخيبوا أبدًا، فإن ربكم عند حسن ظَنِّ عبده به، ويعطيه على قدر نيَّتِه، حتى ولو لم يُقدره على العمل لعجزٍ أو موافاة أجل؛ فقد صح في الحديث: «إذا مرض العبدُ، أو سافرَ، كُتِبَ له مِثْل ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا». إن من حُسْن الاستعداد لهذا الوافد المبارك العزمُ الصادق، والنيةُ الخالصة، فانْوُوا الخيرَ، واعقِدُوا العزم، واشحَذُوا الهِمَم؛ تُفتَح لكم أبواب التوفيق: ﴿ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ ﴾ [محمد: 21]، وممَّا يُعِينُ العبد على ذلك تجديد العهد مع الله تعالى، بالائتمار بالأوامِر، والانتهاء عن النواهِي، والاستقامة على الجادَّة، وإنما العِبرةُ بالخواتِيم. وإن من صِدق الاستِقبال وجدية الاستعداد مُجاهَدةُ النفس من الشيطان والهوى والشهوات، والاجتهاد في التعرُّض لنفحات الربِّ الوهَّاب، والإقبال على رمضان في ابتهاجٍ وانشراح، وفرحٍ بالعبادة، وسؤال الله الإعانة والقبول ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [يونس: 58]. ومن أوجب الاستعداد لتاج المواسم التوبةُ النصوح، إقلاعًا عن المعاصي، وندمًا على فعلها، وعزمًا على عدم العودة إليها، وتوجُّهًا إلى فعل الخيرات، والمسابقة إليها، وحفظ الوقت، والبُعْد عن الملهيات. ومن حُسْن الاستقبال تصفيةُ النفوس من أمراض القلوب؛ كالغِلِّ، والحسد، والكِبْر، والغِشِّ، والغيبة، والنميمة. ومن حُسْن الاستقبال والجِدِّ في الاستعداد حرص العبد على معرفة ما يحتاج إليه من أحكام الصيام وفقهه، وسؤال أهل العلم فيما يجهله أو يُشكِلُ عليه، قال تعالى: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 43]، وبعد: عباد الله، فأكملُ الخلق عبوديةً لله المعبود أكملُهم ذُلًّا وانقِيادًا وطاعةً، وفي رمضان تتحقَّق معاني العبودية التي أثنى عليه الله تعالى في الحديث القدسي: «يدَعُ طعامَه وشرابَه وشهوتَه من أجلي». وإذا أراد الله بعبده خيرًا فتح له أبواب التوبة والانكسار، والذل والافتقار، وصدق اللجوء إليه، ودوام التضرُّع والدعاء والتقرب إليه: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186]. نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبهدي محمدٍصلى الله عليه وسلم، وأقولُ قولي هذا، وأستغفِرُ الله لي ولكم ولسائر المُسلمين من كل ذنبٍ وخطيئةٍ، فاستغفِروه، إنه هو الغفورُ الرحيم. الخطبة الثانية الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، وبعد:فاتقوا الله عباد الله حقَّ التقوى، واعلموا أن ضياء رمضان قد لاحَ، وعَبقَه من بَعيدٍ قد فاحَ، فالسعيد من استعدَّ بالتوبة، وتجهَّز بالرجوع إلى الله والأوبة، ويا لسعادة من مُدَّ له في الأجل، فبُلِّغ رمضان، ووفق لحُسْن العمل؛ وما استعانَ عبدٌ على دينه بمثل خشية ربِّه ومراقبته، ومن خافَ أدلجَ، ومن أدلجَ بلغَ المنزِل ﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ﴾ [الرحمن: 46]. هذا؛ وصلوا وسلموا على نبيِّكم محمد بن عبدالله، فقد أمركم الله بذلك، فقال جل في علاه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]. اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًّا وسائر بلاد المسلمين، اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء، والزلازل والمحن، وسوء الفتن، ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا خاصة، وعن سائر بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين. اللهم آمنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفِّق وليَّ أمرنا خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده لما تحب وترضى، وانصر جنودنا المرابطين، يا ذا الجلال والإكرام. اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، المؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع مجيب الدعوات. عباد الله، ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90]، فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نِعَمِه يزدْكُم، ولذكرُ الله أكبرُ، واللهُ يعلم ما تصنعون.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |