الإضرابات العمالية حق مشروع أم فوضى خلاقة؟ - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4477 - عددالزوار : 975639 )           »          Find Sexy Girls in your city for night (اخر مشاركة : lolaem - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4013 - عددالزوار : 494288 )           »          دور المواد الغذائية في التطور الجسمي والعقلي للجنين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 83 )           »          دليلـك نحـو المهـارات التربويـة المهمة للتعامل مع فترة المراهقة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 84 )           »          فضائل عرفة وأحكام الأضحية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 70 )           »          الخلاصة النافعة في أحكام الحج والعمرة (word) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          استحباب صوم يوم عرفة وإن وافق يوم السبت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 74 )           »          مختصر الطواف وبعض ما يتعلق به من أحكام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          العشر والأضحية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 63 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29-02-2024, 10:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,471
الدولة : Egypt
افتراضي الإضرابات العمالية حق مشروع أم فوضى خلاقة؟

الإضرابات العمالية حق مشروع أم فوضى خلاقة؟



لا يجادل أحد في حق الموظفين والأجراء والعمال في الدفاع عن مكاسبهم وامتيازاتهم ومختلف حقوقهم، وممارسة كافة الحقوق المكفولة لهم من قبل القانون في المطالبة بهذه الحقوق، لكن ما العمل حين تصطدم المطالبة بهذه الحقوق مع حقوق طبقات وشرائح أخرى من المجتمع؟ ما العمل حين تصبح المطالبة بهذه الحقوق مجرد تعطيل لمصالح المواطنين وإضرار متعمد بهم من خلال الإضراب والانقطاع عن العمل؟ ما العمل حين تعطي هذه الإضرابات ذريعة لمن يريد أن يعبث بأمن هذا البلد واستقرار ه؟
هنا إذًا يقع نوع من الاصطدام بين حق وحق، حق الموظف في المطالبة بحقه من خلال الإضراب، وحق المواطن في الاستفادة من المرافق العامة المكفولة له أيضًا بكل القوانين.
هذا الكلام ينطبق على ما تشهده الكويت هذه الأيام من إضرابات تمثل ظاهرة جديدة وثقافة دخيلة على هذا المجتمع لم تكن موجودة من قبل، ومهما كانت المسوغات والأسباب التي دفعت هؤلاء المضربين، ومهما كانت شرعية الإضراب من الناحية القانونية، فلا شك أن الآثار السلبية والخسائر المترتبة على هذا الأمر تفوق بمراحل ما قد يترتب عليه من المصالح والمنافع الفئوية المحدودة، سواء على المستوى الاقتصادي أم الاجتماعي أم النفسي.
والدليل على ذلك أنَّ الغرب الذي شرَّع وقنن هذه الظاهرة ما زال يكتوي ينيرانها وويلاتها، فقد كانت الإضرابات مُحرَّمة بنص القانون ويعاقب عليها بشدة في الدول الغربية، وظلت كذلك لفترة طويلة حتى منتصف القرن التاسع عشر؛ حيث تم الاعتراف بحق الطبقة العاملة في حرية التجمع والإضراب، فقد أقرت بريطانيا للعمال حقهم بالإضراب عن العمل عام 1871م، وأقرَّته فرنسا عام 1864م وبلجيكا عام 1866م، وهكذا أصبح الإضراب العمالي في الدول الرأسمالية حقًا مشروعًا ومعترفًا به، إلا أن تلك الدول عانت كثيرًا هذا التشريع.
- ففي فرنسا بلغت الخسائر نتيجة لإضراب عمال محطات الوقود في أواخر عام 2010 نحو ثلاثة مليارات يورو، بما يقدر بنحو 400 مليون يورو يوميًا.
- وفي إنجلترا أُغلقت آلاف المدارس أبوابها وتعطلت خدمات عديدة مثل المحاكم ومراكز التوظيف نتيجة إضراب موظفي الحكومة والقطاع العام عن العمل احتجاجًا على خطط خفض معاشات التقاعد.
- وفي اليونان التي تشهد موجه كبيرة من الإضرابات والاحتجاجات تعرضت لخسائر مالية ضخمة، فضلاً عن تكدس أكوام القمامة في حاويات وعلى مداخل الشوارع في أنحاء العاصمة أثينا فيما أطلق عليه (حرب القمامة).
ولما انتقلت عدوى هذه الظاهرة إلى مجتمعاتنا نقلناها مع الأسف بأسوأ ما فيها ولم نراع الضوابط التي وضعت لتنفيذها فحدث ما حدث من تداعيات وخسائر تفوق بمراحل ما قد يترتب عليها من مصالح:
- ففي مصر أكد عدد من الخبراء الاقتصاديين أن الإضرابات كبدت الاقتصاد المصري خسائر يومية وصلت إلى 300 مليون دولار، فيما تراجع معدل النمو حتى وصل إلى معدل 4.3% بالسالب وأدى هذا إلى لجوء مصر إلى الاقتراض الخارجي الذي وصل إلى 92% من الناتج المحلي الإجمالي الذي بلغ 1366 مليار جنيه.
- وفي تونس أعلن الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية أن الاقتصاد التونسي تَكبّد خسائر قيمتها 200 مليون يورو جرّاء الاعتصامات والإضرابات التي شهدتها البلاد مؤخرًا.
- وفي الكويت توقع المحللون أن تصل خسائر الكويت نتيجة إضراب عمال النفط إلى 350 مليون دولار يوميا، فيما أكد رئيس نقابة الإدارة العامة للجمارك أحمد العنزي أن إضراب الجمارك سيكلف الدولة خسائر تصل إلى أكثر من 300 مليون دينار في اليوم الواحد.
أمام كل هذه الخسائر وهذه التداعيات نتساءل بكل حيادية: ما الخيار الصحيح أمام الموظفين للمطالبة بحقوقهم؟ هل يكون الإضراب عن العمل حلاً حقيقيًا ومجديًا للمشكلات العالقة التي يتعرضون لها؟ وهل تؤدي الإضرابات فعلاً إلى حلول ترضي جميع الأطراف؟ وهل هناك بديل مشروع للإضراب لا يترتب عليه أي ضرر أو يُخلِّف وراءه أي نوع من الخسائر؟ وهل توازي المصالح المتحققة من الإضراب الأضرار الناتجة عنه؟ وما الرأي الشرعي لمشروعية الإضراب؟ وما الأضرار المستقبلية على الناشئة من انتشار مثل هذه الثقافة في مجتمعاتنا؟ وأخيرًا هل كل ما يُشرِّعه الغرب ويُقننه يصلح أن نأخذ به في مجتمعاتنا؟ أسئلة كثيرة ومحيرة نضعها أمام المختصين لنتعرف على آرائهم في هذا الشأن.
بدايةً أكد فضيلة الشيخ محمد الحمود النجدي رئيس اللجنة العلمية بجمعية إحياء التراث الإسلامي على أن الإضراب إخلال بعقد العمل بين العامل من جهة، وصاحب العمل من جهة أخرى، ولقد دَعا الله عز وجل في كتابه الكريم إلى الالتزام والوفاء بالعهود والمواثيق والعقود التي يقطعها الإنسان على نفسه تجاه الآخر، ولا بد من أن يقوم العامل بجميع الأعمال الموكلة إليه على الوجه الذي يرضي الله تعالى؛ مصداقًا لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالعُقُودِ} (المائدة:1).
وقد يصاحب الإضراب بعض المفاسد وأعمال الشغب ومظاهر العنف، وهذا ما لا يرتضيه الشارع بناء على القاعدة الفقهية: «درء المفاسد أولى من جلب المنافع»، وهناك العديد من الوسائل التي يمكن اللجوء إليها لتحقيق المطالب، وقد تكون أكثر فاعلية وجدوى من الإضراب، كالتظلم لدى المسؤولين ومخاطبتهم وجدالهم بالتي هي أحسن ونحو ذلك، والإنسان العاقل لا يترك بابًا وفق أسس سليمة شرعية إلا ويطرقه.
أما الانقطاع عن العمل بسبب عدم دفع الأجور والرواتب فهذا جائز؛ لأن رب العمل أخل بالعقد، فللعامل أن ينقطع عن العمل حتى يدفع له أجره، وقد قال[: «أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه» رواه ابن ماجة. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
حرام شرعاً
ومن جانبه أكد الدكتور جمال المراكبي رئيس مجلس شورى العلماء السلفي في تعليقه على إضراب الأطباء والدعاة بوزارة الأوقاف المصرية، أن إضراب الأطباء والدعاة حرام شرعاً، والمريض الذي يموت بسبب إضراب الأطباء طبيبه في حكم الشرع (قاتل).
- وقال: عمل الدعاة من وظيفة الأنبياء فيجب عليهم ألا يضربوا عن العمل بسبب تقصير الدولة في منحهم حقهم المالي، وأضاف: أن هناك أشخاصا سيستغلون هذا الإضراب ويصعدون المنابر لبث الفساد في نفوس الناس، وطالب أصحاب هذه المهن باستشارة أهل العلم قبل اتخاذ القرار بالإضراب حتى لا يرتكبوا حرمة يعاقبون عليها يوم القيامة.
يشعر بالقلق
وتوجهنا لرئيس جمعية مقومات حقوق الإنسان الدكتور عادل الدمخي وسألناه عن رؤيته لزيادة ظاهرة الإضرابات في الفترة الأخيرة بالكويت، فقال: حق الإضراب مكفول في اتفاقيات العمل الدولية التي صادقت عليها الكويت، ويشير الباحثون إلى أن الإضراب يقصد به امتناع العمال جماعيًا، امتناعا مؤقتا عن العمل الواجب عليهم بمقتضى عقود العمل نتيجة منازعات العمل التي تحدث بينهم وبين أصحاب العمل وبنية الرجوع إلى العمل بعد حسمها، والإضراب قد يكون له بواعث مهنية يقوم به العمال للمطالبة بحقوقهم المهنية كزيادة الأجور، أو تخفيض عدد ساعات العمل، وربما يكون الإضراب اقتصاديًا ويشمل جميع المواطنين بالإضافة للعمال للاحتجاج على إجراءات اقتصادية حكومية كفرض الضريبة، وربما يكون تعبيرا عن موقف سياسي، ولكن ما يشعرنا بالقلق أن استخدام هذا الحق بدأ ينتشر بطريقة غريبة وسريعة لدرجة أن المتابع للشأن المحلي يتوقع أنه كل يوم يوجد إضراب لجهة ما حتى الطلاب بالمدارس وصلت إليهم هذه الظاهرة وعلى نحو مقلق!.
نتيجة لا سبب
- من وجهة نظرك ما الأسباب التي أدت إلى هذا الانتشار السريع لتلك الظاهرة؟
- لا شك أن أي مراقب منصف يدرك أن السبب طريقة الحكومة في التعامل مع مطالبات الموظفين، فهي أوصلت رسالة غير صحيحة بعد كادر النفط - مع قناعتنا بأن لهم حق المطالبة وعملهم محل تقدير – حيث كانت هناك مطالبات عديدة لعدة جهات كالمعلمين وغيرهم لم يلتفت لها، وبمجرد أن هدد النفطيون بالإضراب بجرة قلم وافقت الحكومة على مطالباتهم التي مضى عليها وقت طويل في الأدراج ولم يؤخذ بها، هنا شعر الموظفون بأن الحكومة لا تلبي مطالب من يتحرك بالوسائل القانونية المعتادة كالعرائض والخطابات والمطالب الإعلامية، بل تتحرك وبسرعة عند الإضرابات فقط، أضف إلى ذلك أن إقرار كادر النفط وبعض الكوادر الأخرى سابقاً أشعر العاملين في الجهات الأخرى بالغبن والظلم وعدم المساواة، فهناك من يزيد راتبه عدة مرات، وهناك من يحرم من الكادر بحجة الميزانية، في الوقت الذي تزيد أسعار كل شيء زيادة مسعورة ودخل الفرد لا يزال ثابتا والرقابة الحكومية على الأسعار حبر على ورق وبهرجة إعلامية كاذبة سرعان ما تنكشف للمواطن حينما يبتاع احتياجاته اليومية؛ لذلك أرى أن الإضرابات هي نتيجة لا سبب وأن السبب الرئيس لها سياسة الحكومة المتخبطة .
- كيف يمكن أن نوازن بين حق الموظف في تحسين وضعه وبين عدم الإضرار بالصالح العام والمصلحة الوطنية؟
- في حالة اضطر العمال - بعد استنفاد جميع الوسائل - للوصول لمرحلة الإضراب فعليهم أن يتدرجوا في أنواع الإضرابات فيبدأوا من الأدنى إلى الأعلى، ويحرصوا على اختيار النوع الذي لا يسبب أضراراً بالمصلحة العامة، أو لا يعطل الحاجات الضرورية وحاجات الناس الأساسية، فلا يعقل مثلا الإضرار بحجاج بيت الله للوصول إلى مطالب مالية أو الإضرار بالمرضى وذوي الإعاقة من أجل تحسين دخل الموظف، كما يجب على المضربين ألا يصاحب إضرابهم أعمال الشغب أو أي نوع من مظاهر العنف مثل الاحتكاك مع رجال الأمن أو تخريب الممتلكات الخاصة أو العامة.
مخالف للدستور
وعن الآثار الاقتصادية للإضرابات قال الدكتور وليد الحداد الخبير الاقتصادي: تنص الماده 26 من الدستور على أن «الوظائف العامة خدمة وطنية تناط بالقائمين بها ويستهدف موظفو الدولة في أداء وظائفهم..» بالرغم من أن حرية الرأي مكفولة وأن النظام الإداري والقوانين المنظمة له بحاجة إلى تطوير؛ حيث أكل عليها الدهر وشرب وهي منذ السبعينيات، وأن النظام الإداري الذي ينظم العمل الحكومي يجب أن يتصف بالعدالة والمساواة في الأجور، وأيضا يجب أن يضمن أن الأجور تعطى مقابل الإنتاجية وتحمل المسؤوليات والواجبات، إلا أن هذا لا يعني أن نقوم بالإضراب وشل مصالح الدولة فهذا مخالف للدستور؛ إذ إن هناك قنوات قانونية عديدة أهمها مجلس الأمة لتغيير الرواتب والأجور، وأيضا إبداء الرأي من خلال الصحافة ووسائل الإعلام، وأيضا السلطة القضائية الممثلة بالقضاء الإداري، وحتى في حالة الإضراب يجب مراعاة المصلحة العامة ومصالح المواطنين كما في النص الدستوري.
لقد هالني جدا رغبة العمالة الكويتية في الإضراب وشل تصدير النفط سواء من الجمارك أم من عاملي النفط، والأسوأ من ذلك منع الحجاج من أداء فريضتهم التي كتبها الله عليهم دون أدنى شعور وطني أو إنساني.
الإضراب جائز ولكن لا يشل مصالح الدولة وفرض الرأي ولي الذراع بهذه الصورة، واستجابة الدولة لذلك تعني أننا نعيش عصر الفوضى الإدارية التي أعتقد أن عواقبها وخيمة أهمها على الميزانية العامة التي ستستنزف بلا تعويض؛ لأن الزيادات يجب أيضا أن تعني معها زيادة دخل الدولة، وأخيرًا نحن بحاجة إلى الحكمة والتطوير ورؤية أخرى للأمور، والله أعلم.
تعطيل للخدمات الإنسانية
كذلك أكد د. حمدي عبد العظيم أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية أن الإضرابات أحد أساليب الاحتجاجات التي يجب ألا تؤدي إلي تعطيل الأعمال، ولاسيما فيما يتعلق بالخدمات الإنسانية؛ نظرًا لما لها من مردود اقتصادي سلبي، ففي حالة مثل إضراب الأطباء من الممكن أن يؤدي عدم العلاج السريع ولاسيما مع تكرار الظاهرة في حالة استمرارها إلي التأثير على إنتاجية العنصر البشري سواء من خلال زيادة أعداد المصابين أو الخسائر بالوفيات على المدى البعيد نتيجة عدم تقديم الخدمة الطبية أو الإسعافات اللازمة في الوقت المناسب حتى في حالة الإضرابات الجزئية، وكذلك الحال بالنسبة للإضرابات في مرفق القضاء، الذي قد يؤدي إلى التأخير في الحصول على المنافع أو التعويضات على سبيل المثال للمستثمرين مع جهات حكومية، وأيضا بالنسبة لإضراب عمال المصانع وما يترتب عليه من نقص في الإيرادات نتيجة توقف حجم الإنتاج اليومي وبالتالي تراجع المبيعات على الرغم من ثبات التكاليف بما فيها أجور العمال، فالقانون يسمح بحصولهم على الأجور حتى في حالة الإضراب بل إنهم قد يطالبون بحوافز.
مهنية ومصداقية
وعن دور الإعلام في التعامل مع هذه الظاهرة أكد الإعلامي الأستاذ سالم الناشي أن الإعلام له دور مهم جدًا في التعامل مع هذه الأزمة فبإمكانه أن يسلط عليها الضوء بحيث يجعلها مهمة ويضخمها، أو العكس فيتعامل معها بطرقة تقلل من شأنها، ولا يخفى على أحد أن استخدام الوسائل التقنية الحديثة مكنت الإعلاميين من القدرة على تضخيم مثل هذه الأحداث وإثارة الناس بطرق كثيرة لا تخفى على أحد، فيجعل الأعداد القليلة كثيرة بدمج بعضها مع بعض وغير ذلك، لذلك فإلا علام يمكنه لعب دور حقيقي في هذه الأزمة وغيرها من الأزمات، وكذلك يمكنه أداء دور غير حقيقي أيضًا.
لذلك يجب أن يتعامل الإعلام مع هذه القضايا بمهنية عالية ويكون عنده مصداقية؛ لأن هذه القضايا تؤثر في المجتمع بشكل كبير، ولاسيما أن أغلب هذه الإضرابات والمظاهرات غير مطابقة للحقيقة.
- هل الإضرابات تمثل ظاهرة جديدة على المجتمع الكويتي وما الأسباب التي أدت إليها من وجهة نظرك؟
- الإضرابات موجودة وكفلها القانون لكن في ظني أن المضربين لم يسلكوا الخطوات الصحيحة في المطالبة بحقوقهم، فلا يجوز اللجوء إلى الإضراب إلا في نهاية المطاف بعد أن تكون قد استنفدت كل الوسائل بالطرق المتدرجة والصحيحة، كما أنه لا يصلح أن يكون الإضراب ظاهرة عامة، فهناك أماكن حساسة لابد أن يراعى فيها المصلحة العامة للبلد والمصلحة الوطنية وألا يكون مبالغًا فيها وفوق الحد المعقول.
مخالف للقواعد
وفي الجانب السياسي تحدثنا مع النائب الدكتور علي العمير وسألناه عن رؤيته حول هذه الظاهرة، فقال: الإضرابات مشروعة في النظام العالمي وفي المجتمعات على اختلاف تنوعها، وهي طريقة للتعبير عن الرأي حين تكون هناك فئة عمالية لا تتمتع بكامل حقوقها وبالتالي تنظم نوعا من الإضراب، وفي الدول التي ترعى مصالحها بشكل جيد وبشكل تنموي مع وجود حرص على مصالح الناس تجد أن هذه الإضرابات تنظم في أوقات وفي أزمان لا يكون فيها ضرر على هذه المجتمعات، وهذا ما نقصده حينما نقول: إنها مشروعة في القانون الدولي، أما الذي نراه اليوم وهو تَحَيُّن أسوأ الأوقات لتنفيذ هذه الإضرابات، كإضراب عمال المطارات وهناك حاجة شديدة لمثل هذا القطاع، أو تقوم الهيئة التعليمية مثلاً بالإضراب في العام الدراسي، فلا شك أن هذا الأمر ليس فقط مخالف للقواعد التي شرعت من أجلها الإضرابات، بل لا ينسجم مع شريعة ربنا سبحانه وتعالى، ونبينا محمد[ أوصانا بالإجمال في الطلب، إذا الإنسان أتى ليطلب مطلبا معينا في زيادة أو كادر أو حافز مادي، قال[: «وأجملوا في الطلب» بمعنى تجملوا في الطلب، ويكون الطلب بطريقة حضارية وليس فيها نوع من العنف أو تعطيل لمصالح المواطنين أو الإضرار بمصالح الدولة.
لذلك فنحن بين هذين الأمرين لا نقول بأنها محرمة قانونًا وشرعًا، ولا نقول إنها تنفذ أحيانًا بطريقة مشروعة وصحيحة.
- ما تقييمكم للتعامل الحكومي مع مثل هذه الإضرابات؟
- الحقيقة أن التعامل الحكومي تأخر كثيرًا ونحن حذرنا في دور الانعقاد الماضي بأن على الحكومة أن تأتي بتصور شامل كامل عن هذه الكوادر؛ لأن هناك اختلالات في الرواتب طالما حذرنا منها، وحذرنا من إعطاء ميزة لفئة وترك فئة أخرى؛ ثم إن الاستجابة لطلبات المضربين أسهمت في زيادة هذه الإضرابات حيث أعطت مؤشرا سيئاً بأن من يضرب يأخذ حقه.
مؤشر سلبي
- ما تعليقكم على وصول هذه الإضرابات إلى شريحة من طلبة المتوسط والثانوي؟ وهل يعطي ذلك مؤشرا على أن الإضرابات أصبحت ثقافة في المجتمع الكويتي؟
- هذا مؤشر سلبي؛ لأن الطلبة لا يفترض أن يجنحوا لمثل هذه الإضرابات والاعتصامات خاصة أنهم ليسوا في السن التي تميز صحة القرارات التربوية والتعليمية التي تتخذ، ولم يشاركوا بلجان وغير ذلك، ومفترض أن أولياء أمورهم يكبحون جماح هذه الظاهرة لديهم، ونحن قد ابتلينا ببعض المدرسين الذين يشجعونهم على مثل هذه الاعتصامات.
ربما هناك قرارات غير صحيحة خرجت من بعض اللجان، ولكن من المفترض أن تشكل لجان للرد على هذه القرارات وليس خروج الطلبة الذين لا يستطيعون التمييز في هذه المرحلة العمرية.
- هل تعد هذه الإضرابات ثورة من نوع آخر في المجتمع الكويتي؟
- هذا نوع من التذمر فضلاً عن أن يكون ثورة، تذمر موجود في شرائح المجتمع، بعضه نتيجة ظلم وقع فتسبب في مثل هذا التذمر، وبعضه محاولة فقط لخلق أجواء التوتر في البلد وهذا إن شاء الله يتم كبحه، ونأمل أن تتعاون الحكومة مع المجلس في علاج هذه المشكلة.
وجود خلل
• وعن وصول هذه الظاهرة إلى المجال التربوي والمؤسسة التعليمية حتى وصل الأمر إلى إقحام الطلبة في هذه الأزمة قال الدكتور جاسم الحمدان الأستاذ بكلية التربية جامعة الكويت ومدير برنامج ماجستير الإدارة التربوية: إن الإضرابات والاعتصامات والمظاهرات تمثل حالة من الضيق تدل على وجود خلل ينبغي تقويمه، وهي من الأزمات التعليمية التي انتقلت إلى المجال التعليمي تأثرًا بالمجالات الأخرى سواء السياسية أم الاقتصادية.
وهذه الإضرابات تتلاحق فيها الأحداث وتتشابك كما أنها تولد ضغطًا على متخذ القرار التربوي وتجعله في حالة اضطراب وتخبط؛ لذا فإن الأمر يستوجب التعامل السريع والفعال معها، ويكون اتخاذ القرارات فيها من خلال آليات منهجية محددة، كما أننا لابد ألا نعتمد على ردود الأفعال في التعامل مع مثل هذه الأزمة ولاسيما في المؤسسة التعليمية ويجب أن نتبع الأسلوب العلمي في اتخاذ القرارات، علمًا بأنه توجد إشارات قبل حدوث هذه الأزمات يمكن تحريها كتحري الأمطار والعواصف قبل قدومها، وهي تحتاج في علاجها لدراسة أسبابها سواء كانت داخلية ضمن المؤسسة التعليمية، أم خارجية تعارضت فيها المصالح، التي يكون الخاسر الوحيد فيها هم الطلبة.
ختامًا: لا شك أننا أمام مرحلة صعبة تمر بها دولة الكويت وعلى كل الأطراف تحمل المسؤوليةالكاملة في الحفاظ على أمن واستقرار هذا البلد سواء من الأفراد والمواطنين الذين يجب عليهم أن يغلبوا المصلحة العامة لبلدهم، أم من قبل الحكومة التي يجب أن تتحلي بروح المسؤولية والعدل في التعامل مع مطالب مواطنيها، وأن يكون لديها رؤية واضحة لاستشراف المستقبل، والمواقف الواضحة هي التي تعبر عن صحة وسلامة هذه الرؤية التي يجب ألا تكون في معزل عن الواقع الذي تمر به المنطقة العربية في الوقت الراهن، وأن ما نراه من نيران مشتعلة في بعض الدول كانت بدايتها من مستصغر الشرر، ولا شك أن الشرر كَثُر وتطاير في أماكن متفرقة وينذر بخطر كبير، فعلى الشرفاء والمخلصين إدراك الأمور قبل فوات الأوان؛ لأن سوء استخدام الحقوق المشروعة والحرية المكفولة يؤدي في النهاية إلى الفوضى ووقتها لا ينفع الندم.


اعداد: وائل رمضان




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 64.24 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 62.57 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.60%)]