|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#11
|
||||
|
||||
رد: قواعد نبوية
قواعد نبوية (11) الدين النصيحة
النصيحة لأربعة الدين كله متوقف على النصيحة لأربعة:
تَعَمَّدني بِنُصْحِكَ في انْفِرَادِي وجنِّبني النصيحةَ في الجماعهْ فَإِنَّ النُّصْحَ بَيْنَ النَّاسِ نَوْعٌ من التوبيخِ لا أرضى استماعه لا أحد يرضى أن يُنصح علانية أو أمام الناس، سواء كان من أئمة المسلمين أم من عامتهم؛ فيحتاج الإنسان إلى أن تكون النصيحة في السر، وأن يُخلص الناصح لله -تعالى-، وأن يترفق في نصحه وإرشاده، ويبين للمنصوح أنه يحبه ويريد له الخير. اعداد: الشيخ: فهد الجنفاوي
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 25-05-2024 الساعة 11:55 PM. |
#12
|
||||
|
||||
رد: قواعد نبوية
قواعد نبوية (12) القرآنُ حُجَّةٌ لك أو عليك
اليوم نحن أحوج ما نكون إلى أن نرجع إلى سنة رسولنا - صلى الله عليه وسلم -، ونتعلم سيرته وحديثه وسنته، ونعمل بما جاء فيها، قال الله -تعالى-: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}، ومن أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - العظيمة التي تعد قاعدة من القواعد المهمة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم -: «والقرآنُ حُجَّةٌ لك أو عليك». هذا القرآن الذي خاطبنا الله -تعالى- به، وأنزله على رسوله ونبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -، إما أن يكون حجة للإنسان أو حجة عليه، حجة له إذا قرأه وتدبره وعمل بما جاء فيه، وهذه كلها من معاني الإقبال على كتاب الله -تعالى-، قال الله -عزوجل-: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا}. القرآن عظيم القرآن عظيم، والقرآن سعادة، والقرآن راحة، قال ربنا -جل وعلا-: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}، فيحتاج الإنسان إلى أن يتعلم هذه القاعدة، ويعلم أن القرآن -يوم القيامة- يكون شفيعا لنا عند الله -تعالى-، يأتي القرآن شفيعا لأصحابه الذين كانوا يقرؤونه، الذين كانوا يرتلونه ويحفظونه في الدنيا، «يُقال لصاحب القرآن يوم القيامة: اقرأ ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها». القرآن صاحب للإنسان فالقرآن صاحب للإنسان في الدنيا، وصاحبه حتى إذا دخل الجنة، بأن يرتقي أعلى المراتب، والقرآن والصيام يشفعان لصاحبهما يوم القيامة، مع أنه واجب علينا أن نقرأ القرآن، وأن نُقبل على كتاب الله -تعالى-، إلا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد بيّن لنا أجورا وفضائل وحسنات لمن قرأ القرآن، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أما إنِّي لا أقولُ لكم: {الم} حرفٌ ولكن ألفٌ حرفٌ، ولامٌ حرفٌ، وميمٌ حرفٌ، ثلاثونَ حسنةً»، بمعنى كل حرف بعشر حسنات، فألف لام ميم ثلاثون حسنة، الله أكبر على هذا الفضل العظيم، وهذا الأجر الكبير، إذا كانت هذه الأحرف بثلاثين حسنة، فما بالكم بمن كل يوم يختم جزءا من القرآن، وهو سهل يسير على من يسره الله -تعالى- عليه. قال الله -عز وجل-: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ}. القرآن الكريم سهل يسير الإنسان يُقبل على القرآن الكريم بسهولة ويسر، ويتعلم كلام الله -تعالى-، ويتعلم كيف يقرأ كلمات القرآن، يتعلم التجويد، وهذا سهل يسير، اليوم -الحمد لله- حلقات العلم ومراكز تعليم القرآن الكريم، لا تجد منطقة من المناطق في الكويت إلا وبها مركز من مراكز تعليم القرآن الكريم، والحمد لله اليوم مع تطور علم الحديث أصبحت الحلقات الإلكترونية، وأصبح التعليم عن بعد، وأصبحت الفصول الافتراضية، يستطيع الإنسان أن يتواصل مع معلمه ومحفظه، المرأة مع معلمتها ومحفظتها، تسمع عن طريق السماعة وعن طريق الهاتف والحلقة الإلكترونية، يستطيع أن يقرأ ويتلو ويصحح القراءة، المهم أن تقبل على كتاب السعادة، كتاب الفرح، كتاب الانشراح، كتاب البركة. {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}. سعادة زائفة اليوم -مع الأسف- بعض الناس يلجأ إلى بعض الأسباب المادية، يبحثون عن السعادة وعن الراحة والطمأنينة، وما علموا أنها في كتاب الله -تبارك وتعالى-، السعادة والراحة في القرآن الكريم، {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}. النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يحب قراءة القرآن ويحب الاستماع إليه، فكان يوما مارا في طريقه إلى بيته، فاستمع إلى قارئ للقرآن يقرأ داخل المسجد، فتوقف يستمع ويتلذذ بالاستماع إلى كتاب الله -تعالى-، فلما انتهى استماع النبي - صلى الله عليه وسلم - ذهب إلى بيته، فلما أصبح قال لذلك الصحابي الذي عرفه النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: لقد رأيتني البارحة وأنا أستمع إلى قراءتك، لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داوود. هذا الصحابي هو عبدالله بن قيس أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه . النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب القرآن كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحب قراءة القرآن، ويحب الاستماع للقرآن، ويحب أن يتعلم القرآن، ويحب أن يعلم القرآن؛ ففي رمضان كان ينزل عليه جبريل أمين السماء يعلمه كتاب الله -تعالى-، يقرؤه وهو يردد خلفه - صلى الله عليه وسلم -، إلا في العام الذي توفي فيه قرأ عليه القرآن وراجعه عليه مرتين. قاعدة نبوية عظيمة إذًا هذه القاعدة النبوية العظيمة، وهذا الحديث الشريف، يجعل الإنسان يراجع نفسه، القرآن إما حجة لك أو عليك، ويوم القيامة يشتكيك القرآن ويشتكيك النبي - صلى الله عليه وسلم - عند الله -تعالى-: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا}، يشتكيكم النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الله -تعالى-، والسبب أن الإنسان هجر القرآن مع ما فيه من التثبيت والراحة والسعادة والطمأنينة والشفاء. يقول الله -تعالى-: {وَنُنـزلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}، هذا القرآن شفاء ورحمة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أصابه ألم أو بأس وضع يده على موضع الألم ثم قرأ عليه آيات من القرآن الكريم تكون فيها الشفاء. فضل القرآن الكريم إن القرآن كلام الله -تعالى-، وهو حبله المتين، وصراطه المستقيم، من تمسك به اهتدى، ومن أعرض عنه ضَلَّ وهَوَى، أثنى الله عليه في مواضعَ كثيرة منه؛ ليبين فضله، ويوضح للناس مكانته ومنزلته، قال -تعالى-: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} (الزخرف:3 - 4)، وقال -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} (فصلت: 41 - 42). فما من باطل إلا وفي القرآن ما يدمغه، ولا شبهة إلا وفيه بيان بطلانها، قال -تعالى-: {وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} (الفرقان: 33)، وقال -تعالى-: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} (الأنبياء: 18). سمَّاه الله نورًا، وجعله للناس شفاءً. قال -تعالى-: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} (الشورى: 52)، وقال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ} (يونس: 57). أعجب به الجن لما سمعوه، فآمنوا به واتبعوه: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} (الجن: 1: 2)، وتكفل الله بحفظه وأعجز الخلق أن يأتوا بمثله، قال -تعالى-: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (الحجر: 9)، وقال -تعالى-: {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} (الإسراء: 88)، وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إِنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ). ولهذه الفضائل العظيمة لكتاب الله، أمر الله بتلاوته والعمل به وتدبره، قال -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ} (فاطر: 29: 30). اعداد: الشيخ: فهد الجنفاوي
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 30-05-2024 الساعة 12:55 PM. |
#13
|
||||
|
||||
رد: قواعد نبوية
قواعد نبوية (13) المُسْلِمُ مَن سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِن لِسانِهِ ويَدِه
عن عبدالله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المُسْلِمُ مَن سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِن لِسانِهِ ويَدِهِ، والمُهاجِرُ مَن هَجَرَ ما نَهَى اللَّهُ عنْه»، هذا حديث عظيم يمثل قاعدة نبوية تجعل الإنسان مرتاحا سعيدا في علاقته مع غيره من الناس. فالمسلم الحق الذي يسعى في رضوان الله -تبارك وتعالى-، هو الذي يسلم المسلمون ويسلم الناس من لسانه ومن يده، فلا يعتدي على أحد بقول ولا بفعل، وهذا غاية ما علمنا إياه النبي - صلى الله عليه وسلم - في العلاقة مع الآخر، ومع الأسف أن بعض الناس اليوم أصبح فاكهة المجالس عنده أن يتكلم في الناس، ويجرح أعراضهم، ويطعن في الذمم، وفي الأنساب، وفي العلاقات، وفي غيرها من الأمور، يتكلم بالغيبة. تذكر قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث النبوي الشريف الذي يمثل هذه القاعدة «المُسْلِمُ مَن سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِن لِسانِهِ ويَدِهِ»؛ فاحذر أخي الكريم، وأختي الكريمة، أن نغتاب الناس أو نمشي بينهم بالنميمة، قال الله -تعالى-: {وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ} (الحجرات: 12). فظاعة الغيبة تخيلوا من فظاعة الغيبة، أراد الله -تعالى- أن يبين لنا فظاعتها وشناعتها، وأنها جريمة كبرى في حق الناس، عندما يبدأ المغتاب بالطعن والانتقاص والاحتقان والازدراء والكلام فيما لا يرضي الطرف الآخر، فشبه المغتاب بآكل لحم أخيه الميت، وهو أمر غير مستساغ، وتأباه فطرة البشر. لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَتّاتٌ والنميمة كذلك، فعن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - أنَّهُ بَلَغَهُ أنَّ رَجُلًا يَنِمُّ الحَدِيثَ فقالَ حُذَيْفَةُ: سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ نَمَّامٌ»، وعنه - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَتّاتٌ» والقتات هو الذي يقتات على لحوم الناس، وعلى أعراض الناس بالكلام والاستهزاء أو التنقص أو يثير القطيعة بين الناس، ينقل الحديث من هذا الطرف إلى الطرف الآخر ومن هذا الشخص إلى الشخص الآخر؛ لأجل أن يفسد العلاقات، وما أكثرهم اليوم إلا من رحم الله! الزملاء في العمل ما شاء الله من أروع ما يكون، علاقتهم محبة ومودة وإهداء وسلام، لكن لما يدخل بينهم هذا النمام يُفَرّق ما بينهم، وهذا موجود مع الأسف، ويشتد الأمر شناعة إذا كان بين الأرحام والأقارب، وبين أبناء العم والخال، وهذا لا شك فيه معصية لله -تعالى-، قال الله -عز وجل-: {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم. أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم}، هؤلاء هم الذين قطّعوا أرحامهم، وهؤلاء هم الذين أفسدوا العلاقات بين الناس وساهموا في الفرقة؛ لذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يدخل الجنة، إذًا لابد أن يسلم الناس منك من هذه المعصية، من الغيبة وكذلك النميمة. ليسَ المؤمنُ بالطَّعَّانِ ولا اللَّعَّانِ وبعض الناس -مع الأسف- والناس حاضرون دائما يلعن، ودائما على لسانه السب، ودائما على لسانه فاحش الكلام وبذيء القول، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ليسَ المؤمنُ بالطَّعَّانِ ولا اللَّعَّانِ ولا الفاحشِ ولا البذيءِ»، هذا الذي يطعن ويلعن ليس بالمؤمن، حتى لو تعطلت السيارة لعنها. فعن جابر - رضي الله عنه - قال: «سِرْنَا مع رَسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في غَزْوَةِ بَطْنِ بُوَاطٍ، وَهو يَطْلُبُ المَجْدِيَّ بنَ عَمْرٍو الجُهَنِيَّ، وَكانَ النَّاضِحُ يَعْتَقِبُهُ مِنَّا الخَمْسَةُ وَالسِّتَّةُ وَالسَّبْعَةُ، فَدَارَتْ عُقْبَةُ رَجُلٍ مِنَ الأنْصَارِ علَى نَاضِحٍ له، فأنَاخَهُ فَرَكِبَهُ، ثُمَّ بَعَثَهُ فَتَلَدَّنَ عليه بَعْضَ التَّلَدُّنِ، فَقالَ له: شَأْ، لَعَنَكَ اللَّهُ، فَقالَ رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: مَن هذا اللَّاعِنُ بَعِيرَهُ؟ قالَ: أَنَا، يا رَسولَ اللهِ، قالَ: انْزِلْ عنْه، فلا تَصْحَبْنَا بمَلْعُونٍ، لا تَدْعُوا علَى أَنْفُسِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا علَى أَوْلَادِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا علَى أَمْوَالِكُمْ، لا تُوَافِقُوا مِنَ اللهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ، فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ» فلا يكن الإنسان لعانا، ولا فاحشا يتكلم بما فحش من القول، بعض الناس كلامه كلام بذيء، يزداد الأمر خطورة عندما تنتقل هذه الصفة إلى الأبناء والبنات، حين يسمعون الوالد أو الوالدة يسبان ويشتمان ويلعنان، لذلك هو أدب نبوي عظيم وقاعدة جليلة (المُسْلِمُ مَن سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِن لِسانِهِ ويَدِه). أوَ إنا لمؤاخذون بما نتكلم؟ لما سأل معاذ بن جبل النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: يا رسول الله، أوَ إنا لمؤاخذون بما نتكلم؟! قال - صلى الله عليه وسلم -: «يا معاذُ ثَكِلَتْكَ أمُّك، وهل يَكُبُّ الناسَ على مناخرِهم في جهنَّم إلا ما نطَقتْ به ألسنتُهم، فمن كان يؤمنُ بالله واليومِ الآخرِ فلْيقُلْ خيرًا، أو يسكتْ عن شرٍّ، قولوا خيرًا تَغنَموا، واسكتُوا عن شرٍّ تَسلَموا» فليسلم الناس من ألسنتنا ومن اعتدائنا لا باللسان ولا باليد، وهذا هو المسلم الحقيقي، وديننا دين أخلاق، والأخلاق لها ارتباط وثيق بالإيمان، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أكملُ المؤمنينَ إيمانًا أحاسنُهم أخلاقًا، وإنَّ المرءَ ليكونُ مؤمنًا وفي خُلُقِهِ شيئًا فيُنقصُ ذلكَ من إيمانِه»، وأفضل الأخلاق أن تكف أذاك عن الناس. اعداد: الشيخ: فهد الجنفاوي
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 30-05-2024 الساعة 12:56 PM. |
#14
|
||||
|
||||
رد: قواعد نبوية
قواعد نبوية (14) (وخالق النـاس بخلـق حسـن)
قاعدة عظيمة من قواعد النبي - صلى الله عليه وسلم -، من جوامع كلامه، قال - صلى الله عليه وسلم -: «اتَّقِ اللهَ حيثُما كنتَ، وأتبِعِ السَّيِّئةَ الحسَنةَ تَمْحُهَا، وخالِقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسنٍ»، هذه القاعدة العظيمة (وخالِقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسنٍ) تضمن للإنسان محبة الناس له، وتضمن له الراحة والطمأنينة، وأجورا وحسنات عظيمة، إذا تخلّق المسلم بأخلاق الإسلام، مثل: الصدق، والأمانة، ورعاية العهد، والحذر من الخيانة والكذب وغير ذلك، ويحذر من الأخلاق السيئة والأخلاق الذميمة. ومن أهم ثمرات العمل بهذه القاعدة، أن ينال الإنسان رضى الله -تعالى-، وأن يكون بجانب النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجنة، قال - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ أحبَّكم إليَّ وأقربَكم منِّي في الآخرةِ، محاسنُكم أخلاقًا»، وهذا رجاء كلنا يرجوه. منقبة عظيمة وفضل كبير كيف يتحصل الإنسان على هذه المنقبة العظيمة والفضل الكبير؟ أن يكون بجانب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتعرفون أين مكان رسولنا -صلوات ربي وسلامه عليه- في الجنة، في الفردوس الأعلى، المكان الذي تتفجر منه أنهار الجنة، أعلى مراتب الجنة، يتحصل الإنسان على هذه المكانة بالعمل بهذه القاعدة: (وخالِقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسنٍ)، وهذا يدلنا على أن الأخلاق لها مكانة عظيمة جدا في الإسلام، لا يقول الإنسان أنا أتعبد لله، وأنا إنسان صالح، أو أنا إنسان مصل، أو أنا إنسان على دين، وفي الوقت نفسه بعيد عن الأخلاق. ارتباط الأخلاق بالإسلام ارتباط الأخلاق بالإسلام ارتباط وثيق جدا، قال النبي -[-: «أكملُ المؤمنينَ إيمانًا أحاسنُهم أخلاقًا»؛ فالناس يتفاوتون في الأخلاق، بعضهم على خلق كريم وعلى خلق حسن، وبعضهم بين هذه وبين تلك، وبعضهم على أخلاق سيئة، أكمل الناس بالإيمان هم أحاسن الناس بالأخلاق؛ فكما أن الله -تعالى- أمرنا بالصلاة والصيام والزكاة والحج وسائر العبادات، الله -تعالى- أيضا أمرنا بالأخلاق الكريمة والأخلاق الحسنة، قال - صلى الله عليه وسلم -: «وخالِقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسنٍ». الوصايا الثلاث وهذه الوصايا الثلاث: اتق الله حيثما كنت، تضمن نجاة العبد يوم القيامة. وأتبِعِ السَّيِّئةَ الحسَنةَ تَمْحُهَا، إذا أذنب الإنسان ذنبا يتبعه بحسنات، هذه الحسنات تمحو السيئات، وهذه علاقة الإنسان مع نفسه. وخالِقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسنٍ، وهذه تكون في علاقة الإنسان بمن حوله من الجيران والأهل والزملاء والأصحاب، بل حتى في الطريق، وفي الأماكن العامة، وفي المسجد. وصية عظيمة وخالِقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسنٍ، هي وصية عظيمة، نحتاجها اليوم، ولا سيما عندما انسلخ بعض الناس أو ابتعدوا عن أخلاق الإسلام، وأصبح الكذب عند بعض الناس -مع الأسف- من أسهل ما يكون، يكذب ويتحرى الكذب، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «وما يَزالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ ويَتَحَرَّى الكَذِبَ حتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذّابًا»، مع الأسف أصبحت هذه الخصلة -التي هي من خصال المنافقين- سهلة ويسيرة، يكذب على الناس، ويكذب على نفسه، ويكذب على أولاده، وهذه الخصلة الذميمة من مساوئ الأخلاق، أما الإسلام فقد أمرنا بالصدق، أن يكون الإنسان صادقا في تعامله مع غيره، صادقا حتى ولو كان ذلك على حساب نفسه، أو كان ذلك يسبب له إشكالية. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «وما يَزالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ ويَتَحَرَّى الصِّدْقَ حتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقًا»، انظروا إلى هذه المنقبة والفضل العظيم، أنه يكتب عند الله فلان بن فلان هو صديق، وكان أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - يلقب بالصديق؛ لأنه كان يصدق النبي - صلى الله عليه وسلم . العودة إلى أخلاق الإسلام إننا اليوم أحوج ما نكون إلى أن نعود إلى أخلاق الإسلام، أخلاق نبينا - صلى الله عليه وسلم -، هذه الأخلاق التي تضمن لنا الراحة والطمأنينة والسعادة والأجر والثواب. هل أنا مأجور إذا تخلقت بالأخلاق الحسنة، وتأتيني حسنات والله يكتب لي الثواب؟ نعم، أنت مأجور عندما تحترم الكبير وترحم الصغير، وعندما تعفو وتصفح وتغفر وتتجاوز عن الآخرين، وتتغافل عن أخطاء أسرتك أو عائلتك، نعم، أنت مأجور على هذا العمل، أنت مأجور على التخلق بأخلاق الإسلام، أنت مأجور على الصدق، بل مأجور حتى على أبسط الأخلاق وهي الابتسامة. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «تبسُّمُكَ في وجهِ أخيكَ صدقةٌ». عظمة ديننا الإسلامي تخيل عظمة هذا الدين العظيم، وأن ديننا دين أخلاق، بل قال النبي - صلى الله عليه وسلم - مبينا أن من مقاصد بعثته ومن أهدافها قوله: «إنَّما بُعثتُ لأتمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ»، يعني من أهداف إرسال النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه يكمل الأخلاق، وقد كان عند العرب في الجاهلية أخلاق، كرم، وأمانة، وشهامة، وغيرها من الأخلاق؛ فجاء الإسلام ليعزز تلك الأخلاق الكريمة، ويحذّر من الأخلاق السيئة. ما نحتاجه اليوم إننا اليوم نحتاج إلى أن نتعلم أخلاق نبينا - صلى الله عليه وسلم -، ثم نجعل هذه الأخلاق واقعا عمليا في حياتنا، فليس الهدف معرفة الأخلاق معرفة نظرية، بل الهدف أن تكون تلك الأخلاق واقعا عمليا في حياتنا. كيف أعامل الناس بالأخلاق الحسنة؟ معاملة الناس بالأخلاق الحسنة تكون بمعاملتهم بما تحب أن يعاملوك به مما هو مباح شرعا، وبأن تحمل نفسك على معاشرتهم بجميل المعاشرة، من طلاقة الوجه، ولين الجانب، والتلطف في سياستهم، ومقابلة السيئة بالحسنة، ونحو ذلك، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اتَّقِ اللهَ حيثُما كنتَ، وأتبِعِ السَّيِّئةَ الحسَنةَ تَمْحُهَا، وخالِقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسنٍ». وخالِقِ النَّاسَ، أمر من المخالقة، مأخوذ من الخلق مع الخلق؛ أي: خالطهم وعاملهم بخلق حسن أي: تكلف معاشرتهم بالمجاملة في المعاملة وغيرها؛ فإن فاعل ذلك يرجى له في الدنيا الفلاح، وفي الآخرة الفوز بالنجاة والنجاح. وقال المناوي في فيض القدير: أي تكلف معاشرتهم بالمجاملة من نحو طلاقة وجه، وحلم، وشفقة وخفض جانب، وعدم ظن السوء بهم، وتودد إلى كل كبير وصغير، وتلطف في سياستهم مع تباين طباعهم. يقال: فلان يتخلق بغير خلقه، أي: يتكلف، وجمع هذا بعضهم في قوله: وأن تفعل معهم ما تحب أن يفعلوه معك، فتجتمع القلوب وتتفق الكلمة، وتنتظم الأحوال وذلك جماع الخير وملاك الأمر. اهـ. وفي شرح الأربعين النووية: وقوله: وخالق الناس بخلق حسن، معناه: عامل الناس بما تحب أن يعاملوك به، واعلم أن أثقل ما يوضع في الميزان الخلق الحسن، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة، أحاسنكم أخلاقا». وحسن الخلق من صفات النبيين والمرسلين وخيار المؤمنين، لا يجزون بالسيئة السيئة بل يعفون ويصفحون ويحسنون مع الإساءة إليهم. وقال بعض أهل العلم: حسن الخلق كظم الغيظ لله، وإظهار الطلاقة والبشر إلا للمبتدع والفاجر، والعفو عن الزالين إلا تأديبا، وإقامة الحد، وكف الأذى عن كل مسلم ومعاهد، إلا تغيير منكر وأخذا بمظلمة لمظلوم من غير تعد.
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 11-06-2024 الساعة 03:48 AM. |
#15
|
||||
|
||||
رد: قواعد نبوية
قواعد نبوية (15) خيركم خيركم لأهله من معاني خيرُكُم خَيرُكُم لأَهْلِهِ أنه صلى الله عليه وسلم كان يمازحهن ويضاحكهن وكان يتودد إليهن بأنواع عديدة من المودة في هذا الحديث دليل عظيم على محاسن الإسلام التي جاء بها ومن جملتها أنه جعل الإحسان إلى الزوجة والعيال من أفضل الأعمال والقربات وفاعله من خيرة الناس من قواعد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأحاديثه العظيمة، قوله - صلى الله عليه وسلم -: «خيرُكُم خَيرُكُم لأَهْلِهِ وأَنا خيرُكُم لأَهْلي»، هذا حديث عظيم يمثل قاعدة عظيمة من قواعد السنة النبوية التي تضمن للإنسان السعادة الأسرية، والسعادة الاجتماعية، تلك السعادة التي يبحث عنها كثير من الناس في بيوتهم وفي مجتمعاتهم، بين أسرهم وبين زوجاتهم. قال الشيخ عبد العزيز ابن باز -رحمه الله-: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «خيرُكُم خَيرُكُم لأَهْلِهِ وأَنا خيرُكُم لأَهْلي»، في هذا الحديث دليل عظيم على محاسن الإسلام التي جاء بها، ومن جملتها أنه جعل الإحسان إلى الزوجة والعيال من أفضل الأعمال والقربات، وفاعله من خيرة الناس، قال صاحب تحفة الأحوذي -في شرحه لهذا الحديث-: قوله: «خيركم خيركم لأهله»، أي لعياله، وذوي رحمه، وقيل لأزواجه وأقاربه، وذلك لدلالته على حسن الخلق، «وأنا خيركم لأهلي» فأنا خيركم مطلقا، وكان أحسن الناس عشرة لهم، وكان على خلق عظيم. وصية عظيمة فنبينا ورسولنا - صلى الله عليه وسلم - هو إمام المسلمين، وهو الذي كان يصلي بهم في المسجد، وهو الذي كان ينزل عليه الوحي من السماء، وهو الذي ينقل الوحي من السماء للناس، وهو الذي يعلم الناس كتاب الله، وهو الذي كان يجاهد، وكان يسعى ويسافر، ومع ذلك كان يقول: «خيرُكُم خَيرُكُم لأَهْلِهِ وأَنا خيرُكُم لأَهْلي». أفضل الناس وأحسنهم والأهل هم أهل البيت من الزوجة والأولاد والوالدين، هؤلاء كلهم أهل بيته، وخير الناس وأفضل الناس وأحسن الناس هو الذين يصل خيره لأهله، بمعنى أنه يراعي الله -تعالى- فيهم فلا يظلمهم، ولا يتعدى عليهم، ويقوم على شؤونهم، ويسعى في رعايتهم، ويوفر ما يحتاجون إليه، ويحاول أن يوازن بين عمله وبين رعاية أهله وأولاده وزوجته، وأن يسعى أيضًا في قضاء كل ما يحتاجون إليه. حال النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيته ولما سُئلت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها وأرضاها- عن حال النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيته؛ لأن الصحابة كانوا يعرفون ويرون النبي - صلى الله عليه وسلم - في الشارع، في الطريق، في المسجد، ويرون أحواله وطريقة مشيه وكلامه، لكن داخل البيت أمر مُغيّب عنهم، لذلك لجؤوا إلى زوجته أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها وأرضاها- يسألونها عن حال النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيته، قالت: كان يقوم في مهنة أهله، هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خير البشر، أفضل الناس، خير من وطئت قدمه الحصى، كان يقوم في مهنة أهله، الأمر الذي يحتاجون إليه في البيت كان يسعى معهم، يسعى في قضاء حوائج أهله في البيت، يساعدهم في أمور البيت، كان يقوم في مهنة أهله، يخصف نعله، ويرقع ثوبه، فإذا أذّن المؤذن خرج كأنه لا يعرفنا!. فوائد عظيمة وفي هذا الحديث فوائد عظيمة، أولها- أن الإنسان لابد أن يكون متواضعًا، وأن يعمل في بيته ويساعد في حاجة من الحاجات التي يتقنها، فإن في ذلك أجرا عظيما وفضلا كبيرا، أنه يقوم في مهنة أهله، وهذا أيضا من التودد، أن يتودد الإنسان لأولاده، وهذا أيضا فيه معنى آخر وهو التواضع، أن يتواضع الإنسان لله، بعض الناس يتعالى عن فعل شيء في البيت، كأن يرفع الإناء من مكانه، أو ينظف مكان ما بحجة مكانته أو أن لديه مالا، أو عنده خدم، حتى ولو كان الأمر كذلك. مسؤولية الرعاية والاهتمام مع الأسف اليوم بعض الأزواج، وبعض الآباء تخلوا عن هذه المسؤولية العظيمة، مسؤولية الرعاية والاهتمام بالبيت والأولاد، أصبح أهم شيء عنده الطلعة، أهم شيء عنده الأصدقاء والأصحاب، أهم شيء عنده التجارة، أهم شيء عنده أن يحقق السعادة الشخصية الذاتية إما في سفر أو غير ذلك. لكن لما يقوم الإنسان برعاية أهله فإن هذا مما أوجب الله -تعالى- عليه «فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ»؛ فالله -تعالى- سيحاسب الإنسان على هذه الرعية التي استرعاه إياها ومن المعاني العظيمة من رعاية النبي - صلى الله عليه وسلم - لأهله، أنه كان يبادلهم حبا بحب، هذه المودة وهذه العاطفة مع أنه رسول الله ويتحمل أعباء عظيمة جدا، أعباء الأمة كلها على عاتقه، الرسالة، والوحي، وتبليغ الناس، ومشكلات الناس، وفُتيا الناس، وإمامة المصلين في الصلاة، ومع ذلك ما كان هذا يمنع النبي - صلى الله عليه وسلم - من إبداء محبته وإعجابه بزوجته أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها وأرضاها. مَنْ أحب الناس إليك يا رسول الله؟ فعندما سأله عمرو بن العاص -رضي الله عنه وأرضاه- من أحب الناس إليك يا رسول الله؟ قال: عائشة، فهي أحب الخلق إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأيضا كان إذا أهدي أو أعطي للنبي - صلى الله عليه وسلم - إناءً فيه لبن كانت تقدمه، وتجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يشرب أمامها، فيرفض النبي - صلى الله عليه وسلم - ويقول أنت التي تشربين قبلي؛ فتشرب أم المؤمنين، ويأخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - الإناء ويشرب من المكان الذي شربت منه، أي حب أعظم من هذا الحب؟! المودة والعطف من النبي - صلى الله عليه وسلم انظروا إلى المودة والعطف من النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكيف أنه كان يبدي إعجابه وحبه بأم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها وأرضاها-، يبدي لها هذه المشاعر الجميلة علانية بكلامه لها، ويبدي لها بالفعل، وحتى بالطعام، فإذا أخذت عظما فيه لحم كان يأخذه النبي - صلى الله عليه وسلم - منها ويأكل من المكان الذي أكلت منه. من معاني خيرُكُم خَيرُكُم لأَهْلِهِ ومن معاني خيرُكُم خَيرُكُم لأَهْلِهِ، أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يمازحهم ويضاحكهم، كان يحاول أن يتودد لهم بأنواع من المودة، فعن عائشةَ، -رضيَ اللَّهُ عنها-، أنَّها كانَت معَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في سفَرٍ قالت: فسابقتُهُ فسبقتُهُ على رجليَّ، فلمَّا حَملتُ اللَّحمَ سابقتُهُ فسبقَني فقالَ: هذِهِ بتلكَ السَّبقةِ، وهذا يدل على تكرار الأمر من النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يلعب ويسابق ويمارس الرياضة حتى مع أمهات المؤمنين، فتسابقا ثانية فسبقها النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: هذه بتلك، نتذكر هذه القاعدة العظيمة «خيرُكُم خَيرُكُم لأَهْلِهِ وأَنا خيرُكُم لأَهْلي». اعداد: الشيخ: فهد الجنفاوي
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 01-07-2024 الساعة 03:19 AM. |
#16
|
||||
|
||||
رد: قواعد نبوية
قواعد نبوية (16) خيركم من تعلم القرآن وعلمه
من القواعد النبوية العظيمة التي تمثل قواعد يسعد بها الإنسان في دنياه وأخراه، قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «خيرُكُم مَن تعلَّمَ القرآنَ وعلَّمَهُ»، وهي قاعدة نبوية عظيمة تدلنا على من هم خير الناس، من هم أفضل الناس، هل هم أصحاب الأموال أم أصحاب الجاه، أم أصحاب المناصب، أم أصحاب الجمال، أم أصحاب القصور والدور؟ من هم؟ إنهم الذين الذين يتعلمون كتاب الله -تعالى-، يقرؤونه، يرتلونه آناء الليل وأطراف النهار، ولم يكتفوا بالقراءة فقط، بل إنهم أيضا يسعون لتعليم القرآن، ويبذلون له وقتهم ويسعون ويجتهدون في تدبره وقراءته وتعلمه. القرآن الكريم سهل يسير؛ لأن بعض الناس يظن أن القرآن صعب، وأجزاء القرآن أو كلمات القرآن فيها صعوبة وأجزاءه طويلة، بل والله إنه سهل يسير على من يسره الله، قال ربنا -جل وعلا-: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} (القمر:22)، أسهل شيء يتعلمه الإنسان كتاب الله -تعالى-، وهذا ما بيّنه ربنا -جل وعلا- فقال -سبحانه-: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ}. هل من مقبل على كتاب الله -تعالى؟ هل من عامل؟ هل من مقبل على كتاب الله -تعالى- فيتعلمه ويعلمه؟ ونحن نشاهد اليوم في الواقع العملي في حياتنا أطفالا صغارا لم يبلغوا الحلم يحفظون القرآن كاملا، ويستحيل أن تجد أحدًا يحفظ كتابا من بدايته إلى نهايته، مثل ما يحفظ كتاب الله -تعالى- بحركاته وسكناته، وبأحكام التجويد، وهذا يدلنا دلالة واضحة على أن الله -تعالى- يسر لنا حفظ القرآن وقراءته وتلاوته. القرآن يكون صاحبا للإنسان في الدنيا، ويكون صاحبا له حتى في الفردوس الأعلى، أو حتى لما يدخل الجنة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم -: «يقالُ لصاحِبِ القرآنِ اقرَأ وارقَ ورتِّل كما كُنتَ ترتِّلُ في الدُّنيا فإنَّ منزلتَكَ عندَ آخرِ آيةٍ تقرؤُها»، فمنزلتك في الجنة ترتفع كلما قرأت. القرآن بركة، القرآن رحمة، القرآن خيره كثير، القرآن مبارك، القرآن راحة وطمأنينة، {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (الرعد: 28)، فمن أراد السعادة فعليه بالقرآن، من أراد الراحة والطمأنينة والفرح وانشراح الصدور فعليه بالقرآن. أعظم الأسباب راحة وطمأنينة اليوم -مع الأسف- بعض الناس إذا أراد أن يرتاح، أو أن يطمئن، أو عنده مشكلة معينة، يلجأ إلى كثير من الأسباب، وينسى أعظم هذه الأسباب راحة وطمأنينة، وانشراحا في الصدور، كلام الله -تعالى-، تغشاك السكينة، تنزل عليك ملائكة الرحمة، تستمع إلى قراءتك. ثبت في الحديث الصحيح عن أسيد بن حضير، أنَّ أُسَيْدَ بنَ حُضَيْرٍ بيْنَما هو لَيْلَةً يَقْرَأُ في مِرْبَدِهِ؛ إذْ جَالَتْ فَرَسُهُ، فَقَرَأَ، ثُمَّ جَالَتْ أُخْرَى، فَقَرَأَ، ثُمَّ جَالَتْ أَيْضًا، قالَ أُسَيْدٌ: فَخَشِيتُ أَنْ تَطَأَ يَحْيَى، فَقُمْتُ إلَيْهَا، فَإِذَا مِثْلُ الظُّلَّةِ فَوْقَ رَأْسِي فِيهَا أَمْثَالُ السُّرُجِ، عَرَجَتْ في الجَوِّ حتَّى ما أَرَاهَا، قالَ: فَغَدَوْتُ علَى رَسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم-، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، بيْنَما أَنَا البَارِحَةَ مِن جَوْفِ اللَّيْلِ أَقْرَأُ في مِرْبَدِي؛ إذْ جَالَتْ فَرَسِي، فَقالَ رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم-: اقْرَأِ ابْنَ حُضَيْرٍ قالَ: فَقَرَأْتُ، ثُمَّ جَالَتْ أَيْضًا، فَقالَ رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: اقْرَأِ ابْنَ حُضَيْرٍ قالَ: فَقَرَأْتُ، ثُمَّ جَالَتْ أَيْضًا، فَقالَ رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: اقْرَأِ ابْنَ حُضَيْرٍ قالَ: فَانْصَرَفْتُ، وَكانَ يَحْيَى قَرِيبًا منها، خَشِيتُ أَنْ تَطَأَهُ، فَرَأَيْتُ مِثْلَ الظُّلَّةِ فِيهَا أَمْثَالُ السُّرُجِ، عَرَجَتْ في الجَوِّ حتَّى ما أَرَاهَا، فَقالَ رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: تِلكَ المَلَائِكَةُ كَانَتْ تَسْتَمِعُ لَكَ، ولو قَرَأْتَ لأَصْبَحَتْ يَرَاهَا النَّاسُ ما تَسْتَتِرُ منهمْ. ولَا يَنْحَصِرُ فَضْلُ القُرْآنِ عَلَى الإِنْسَانِ فَقَطْ بِاِعْتِبَارِهِ قَارِئًا أَوْ مُسْتَمِعًا، بَلْ يَتَعَدَّى هَذَا الفَضْلُ لِيَصِلَ الزَّمَانَ وَالْمَكَانَ، وَلِذَلِكَ حَثَّ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم - عَلَى الإِكْثَارِ مِنْ قِرَاءَةِ القُرْآنِ فِي البُيُوتِ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «لاَ تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ، إنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ البَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ البَقرَةِ»، فالقرآن إذا قرئ في البيت، يبارك الله في أهله وفي جنبات هذا البيت، وهذا من أدلة أن القرآن كتاب مبارك، لذلك علينا أن نقبل على كتاب ربنا، خاصة في هذه الأيام المباركة، الأيام العظيمة، أيام رمضان؛ فإن الله -تعالى- يحب القرآن، ويحب كلامه، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم - يدارس جبريل القرآن في كل عام مرة، إلا في العام الذي توفي فيه دارسه القرآن مرتين. الهدف من المداومة على قراءة القرآن؟ إن الهدف من المداومة على قراءة القرآن هو الوصول إلى فهمه وتدبر آياته والعمل بما فيها من أوامر واجتناب ما فيها من نواه؛ حتى نكون من المهتدين إلى طريق الحق، وقد دلنا الله على صفات من هداهم إليه -تعالى-، فقال: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ} (الزمر: 18). والله -سبحانه- ما أنزل كتابه إلا ليتدبَّره قارئوه، ويفقهه تالُوهُ، قال -تعالى-: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} (ص: 29). والقراءة مع التفهم والتدبر تُحْدِثُ تأثراً في نفس القارئ وخشوعاً في القلب، وخوفاً من الله -عزَّ وجل-، وطمعاً في رحمته، وشوقاً إلى لقائه، وهذه نتيجة التفهم والتدبر حين القراءة والتلاوة. فلقد أنزل الله -سبحانه- القرآن الكريم ليقدم للبشرية جمعاء أحكم الأحكام التشريعية، وأروع الحقائق العلمية، وأوضح الآيات الكونية. ليحققوا في ضوئها دراسات لا مثيل لها، وليبنوا منها ثروة ضخمة من العلم لا تزال، وستبقى المادة الأولى والوحيدة لقيام حضارة عالمية لا مثيل لها، تنعم في ظلها وظلالها البشرية بمستوياتها ومختلف أشكالها وأجناسها، بحياة أفضل وعيش أرغد؛ ولذلك كان فهمه وتطبيقه من الضروريات اللازمة. وقد أمر الله رسوله بتلاوة القرآن في أول نزول القرآن، في قوله -تعالى- لرسوله - صلى الله عليه وسلم -: {وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا} (المزمل: 4)، وكل أمر للرسول - صلى الله عليه وسلم- هو أمرٌ لجميع المؤمنين إلى قيام الساعة ما لم يكن أمراً خاصا بالرسول. فتلاوة القرآن وقراءته عبادة يؤجر المسلم عليها مثل سائر العبادات، بل إن أجره يتضاعف أكثر بتلاوته مع التدبر؛ ولذلك حثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على تلاوته ودلنا على عظيم أجره، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لَا أَقُولُ: {الم} حَرْفٌ وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ». اعداد: الشيخ: فهد الجنفاوي
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 15-07-2024 الساعة 07:30 PM. |
#17
|
||||
|
||||
رد: قواعد نبوية
قواعد نبوية (17) – سبَق المُفرِّدونَ
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «سبَق المُفرِّدونَ» قالوا: يا رسولَ اللهِ، ما المُفرِّدونَ؟ قال: «الذَّاكرونَ اللهَ كثيرًا والذَّاكراتُ»، سبق المفردون، قاعدة عظيمة، تعني أن أهل ذكر الله -تعالى- هم أهل المسابقة، هم أهل السبق والمسارعة، هم السابقون الفائزون يوم القيامة، ومن أهل الفردوس الأعلى. هذه الدنيا اليوم هي ميدان للمنافسة، كما قال عمر بن الخطاب: اليوم عمل ولا حساب، وغدا حساب ولا عمل، ففي هذه الدنيا يستطيع الإنسان أن يجمع الحسنات، وأن يستكثر من الخير والطاعات وعبادة الله -تعالى-، وأعظم هذه العبادات، التي بينها النبي - صلى الله عليه وسلم - وبيّن أن من تمسك بها وأن أهلها هم السابقون الأولون، قوله - صلى الله عليه وسلم -: «سبَق المُفرِّدونَ». خير الأعمال وأيسرها ذكر الله -تعالى- هو من خير الأعمال وأيسرها، أن يحرك الإنسان اللسان بسبحان الله، لا إله إلا الله، الحمد لله، لا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم صل وسلم على نبينا محمد، يقرأ القرآن، وهكذا..، عبادة سهلة يحرك الإنسان شفتيه ولسانه بذكر الله -تعالى-، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «قال اللهُ -تبارَك وتعالى-: أنا مع عبدِي ما ذكَرني وتحرَّكَتْ بي شَفَتاهُ»، الله أكبر على هذا الفضل العظيم، الله العظيم الجليل الكبير المتعال يكون معك، وما معنى أن الله -تعالى- يكون معك؟ يوفقك ويهديك ويسددك ويصلحك ويكتب لك الخير، ويبارك فيما آتاك من مال أو خير أو ولد بشرط أن تذكر الله -تعالى- «أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه». عظيم وكثير ومتعدد ذِكر الله -تعالى- عظيم وكثير ومتعدد، وهذا من رحمة الله -تعالى- أنه ما جعل لنا عبادة واحدة أو نوعا واحدا من الذكر قد يمل منه الإنسان لو أراد أن يغير أو يجدد، بل ذكر الله كثير: فالصلاة من ذكر الله، وقراءة القرآن من ذكر الله، والدعاء من ذكر الله، وحضور مجالس العلم والذكر وإن كنت ساكتا لا تتكلم من ذكر الله. من أعظم أنواع الذكر ومن أعظم أنواع ذكر الله ما يسميه العلماء بل سماه النبي - صلى الله عليه وسلم - «الباقيات الصالحات». فما الباقيات الصالحات؟ وما فضلها وأجرها وثوابها؟ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أَحَبُّ الكَلامِ إلى اللهِ أرْبَعٌ: سُبْحانَ اللهِ، والْحَمْدُ لِلَّهِ، ولا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، واللَّهُ أكْبَرُ، لا يَضُرُّكَ بأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ»، بل قال النبي - صلى الله عليه وسلم - كما عند الإمام مسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لأَنْ أَقُولَ: سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ؛ أَحَبُّ إِلَيَّ ممَّا طَلَعَتْ عليه الشَّمْسُ»، والشمس طلعت على الدنيا وما فيها، هذه الكلمات الأربع التي هي الباقيات الصالحات كان رسولنا - صلى الله عليه وسلم - يحث أصحابه على أن يتمسكوا بها وأن يتشبثوا بها وأن يكثروا من ذكر الله -تعالى- بها، فهي راحة وطمأنينة ورفعة للعبد في الدنيا ودرجات في الآخرة عند الله -تعالى-. وفيها معان عظيمة في حق الله -جل وعلا-؛ لأنها تنزيه وتقديس وتعظيم وتبجيل لرب العزة والجلال. سبحان الله، الحمد لله، لا إله إلا الله، الله أكبر. خُذُوا جُنَّتَكُم كان النبي - صلى الله عليه وسلم - جالسا يوما مع أصحابه فقال لهم: «خُذُوا جُنَّتَكُم. قُلْنا: يا رسولَ اللهِ، أَمِنْ عَدُوٍّ قد حَضَرَ؟ قال: لا، جُنَّتُكُم مِنَ النَّارِ، قُولوا: سُبحانَ اللهِ، والحمدُ للهِ، ولا إلهَ إلَّا اللهُ، واللهُ أكبرُ»، ومعنى خذوا جُنتكم أي خذوا حمايتكم كقوله - صلى الله عليه وسلم - (الصيام جُنة) أي الصيام وقاية، وقاية للإنسان من الذنوب والمعاصي وما يغضب الله -تعالى. الباقيات الصالحات إذًا ما الذي بيّن لنا أنها الباقيات الصالحات وأنها خير من كثير من الأعمال، عندما يقابل الإنسان ربه وخالقه ومولاه، قال الله -تعالى- في سورة الكهف: {وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلا}، وفي سورة مريم قال: {وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَّرَدًّا}، هذه الباقيات الصالحات هي تلك الكلمات الأربع، قال: فإنهن يأتين يوم القيامة منجيات، تنجي العبد من عذاب الله -تعالى-. كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ألا أنبئُكُم بخيرِ أعمالِكم وأزكاها عند مليكِكم، وأرفعِها في درجاتِكم وخيرٍ لكم من إنفاقِ الذهبِ والورِقِ، وخيرٍ لكم من أنْ تلقوا عدوَّكم فتضربوا أعناقَهم ويضربوا أعناقَكم؟ قالوا: بلى قال: ذكرُ اللهِ قال معاذٌ: ما شيءٌ أنجى من عذابِ اللهِ من ذكرِ اللهِ». ذِكر الله راحة وطمأنينة ذِكر الله راحة وطمأنينة، أن يخلو الإنسان مع نفسه في ظلمة الليل أو في وسط النهار أو في أي وقت من الأوقات يذكر الله -تعالى- بهذه الأنواع من ذكر الله، ترفع له الدرجات، وتكفّر عنه الذنوب والخطايا والسيئات، هذه الكلمات لها دور في تكفير الذنوب ومغفرة السيئات، عن أنس بن مالك -]- «أن النبيَّ -[- مَرَّ بشجرةٍ يابسةِ الوَرَقِ فضَرَبَها بعصاه فتناثر الوَرَقُ، فقال إن الحمدَ للهِ، وسبحانَ اللهِ، ولا إله إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ، لتُسَاقِطُ من ذنوبِ العبدِ كما تَسَاقَطَ وَرَقُ الشجرةِ هذه»، يا له من فضل عظيم عندما يقول الإنسان: سبحان الله تتساقط الذنوب والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. ثقيلة في الميزان بل بيّن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها ثقيلة جدا في الميزان، كل واحد منا سيكون له ميزان، وهذا الميزان ميزان حقيقي له كفتان، توضع الحسنات في كفة وتوضع السيئات في كفة أخرى، فمن ذكر الله -تعالى- وأكثر من هذه الكلمات فإنها تكون ثقيلة جدا في ميزان الحسنات، لدرجة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استغرب منها، قال: «بخٍ بخٍ وأشار بيدِه لخمسٍ ما أثقلَهنَّ في الميزانِ! سبحانَ اللهِ والحمدُ للهِ ولا إلهَ إلَّا اللهُ واللهُ أكبرُ والولدُ الصَّالحُ يُتوَفَّى للمرءِ المسلمِ فيحتسِبُه «. الذكر جنة الدنيا قال -تعالى-: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (الرعد: 28)، تطمئنُّ القلوب بإحساسها بالصلة بالله، والأنس بجواره، والأمن من عذابه، تطمئنُّ من قلق الوحدة وحيرة الطريق، بإدراك الحكمة في الخلق والمبدأ والمصير، وتطمئنُّ بالشعور بالحماية من كل اعتداء، ومن كل ضر ومن كل شر إلا بما يشاء، مع الرضا بالابتلاء، والصبر على البلاء، وتطمئنُّ برحمته في الهداية والرزق والستر في الدنيا والآخرة، ذلك الاطمئنان بذِكر الله في قلوب المؤمنين حقيقة عميقة، يعرفها الذين خالطت بشاشةُ الإيمان قلوبَهم فاتصلت بالله. فالذِّكر من أفضل القربات وأسمى العبادات، بل هو مصدر سكينة القلوب: {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (الرعد: 28)، والذكر لهج باللسان، وخشوع في القلب والجنان، ومناجاة للرحمن؛ ليبقى الإنسان في اتصال دائم بالملأ الأعلى، والقوى العظمى، التي تعينه على الصبر ومواصلة الطريق. ولو علمنا فضل الذِّكر ما ملَّتْ ولا كلَّتْ ألسنتُنا عن ذِكر الملِك، قال -تعالى-: { فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ } (النساء: 103)، فالصلاة ذكر، وبعد الانتهاء من الذكر يأمرك ربُّك بأن تبدأ في ذكر جديد لا يحتاج إلى هيئة معينة أو وضع معين، قال ابن عباس: «أي اذكر ربَّك بالليل والنهار، في البر والبحر، في السفر والحضر، في الغنى وفي الفقر، في الصحة والمرض، في السر والعلانية»، وذمَّ الله -تعالى- المنافقين الذين { لَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا } (النساء: 142). اعداد: الشيخ: فهد الجنفاوي
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 17-07-2024 الساعة 06:59 PM. |
#18
|
||||
|
||||
رد: قواعد نبوية
قواعد نبوية (18) أَلَا أُنَبِّئُكم بِخَيْرِ أعمالِكُم
قاعدة نبوية عظيمة من القواعد التي بينها النبي - صلى الله عليه وسلم -، هذه القاعدة تبين لنا فضيلة عمل من الأعمال الجليلة، عمل هو من أسهل الأعمال للإنسان، لكنه من أعظم الأعمال وخيرها عند الله -تعالى-، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أَلَا أُنَبِّئُكم بِخَيْرِ أعمالِكُم، وأَزْكاها عِندَ مَلِيكِكُم، وأَرفعِها في دَرَجاتِكُم، وخيرٌ لكم من إِنْفاقِ الذَّهَب والوَرِقِ، وخيرٌ لكم من أن تَلْقَوا عَدُوَّكم، فتَضْرِبوا أعناقَهُم، ويَضْرِبوا أعْناقكُم؟!، قالوا: بَلَى، قال: ذِكْرُ اللهِ». نحن في هذه الحياة الدنيا في ميدان سباق ليوم القيامة، لنقابل الله -تبارك وتعالى-، وفي هذه الحياة الدنيا نتاجر مع الله، فمن التجارة من تكون تجارته رابحة، ومنهم نسأل الله العافية والسلامة من تكون تجارته خاسرة، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} (الصف: 10-11). التجارة مع الله -تعالى إذًا علاقتنا مع الله علاقة تجارة قال -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّة) (التوبة: 11)، {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} (البقرة: 207)، وهذه التجارة هي ميدان للمنافسة والمسابقة والمسارعة إلى طاعة الله -تعالى-؛ لذلك يأمرنا الله -عز وجل- بالمسارعة في طاعته بقوله: { وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} (آل عمران:133)، فعلى الإنسان أن يكون مسارعا ومبادرا ومسابقا إلى طاعة الله -تعالى-، ويكون لسان حاله {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى}. كيف أفوز ويكون لي قدم السبق؟ إذًا كيف أفوز ويكون لي قدم السبق والمسابقة، وأن أكون من أوائل الناس عند الله -تعالى- وأنا في هذا الميدان، ميدان المنافسة؟ من أفضل هذه الأعمال ذكر الله -تعالى-؛ لذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «سبَق المُفرِّدونَ» قالوا: يا رسولَ اللهِ ما المُفرِّدونَ؟ قال: «الذَّاكرونَ اللهَ كثيرًا والذَّاكراتُ»، ولما عدد الله -تعالى- صفات المؤمنين وأعمالهم قال {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (الأحزاب:35)، فمن أبرز صفات المؤمنين أنهم يذكرون الله، ويكثرون من ذكره، والإنسان إذا أحب شيئا أكثر من ذكره. أحب محبوب عندنا ولا شك أن أحب محبوب عندنا هو الله -تعالى- ثم رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وهذه المحبة سبب من أسباب حلاوة الإيمان، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاثٌ مَنْ كُنَّ فيه وجَدَ حلاوَةَ الإيمانِ: أنْ يكونَ اللهُ ورسولُهُ أحبُّ إليه مِمَّا سِواهُما، وأنْ يُحِبَّ المرْءَ لا يُحبُّهُ إلَّا للهِ، وأنْ يَكْرَهَ أنْ يَعودَ في الكُفرِ بعدَ إذْ أنقذَهُ اللهُ مِنْهُ؛ كَما يَكرَهُ أنْ يُلْقى في النارِ»، وذلك لحبه للإسلام ولشريعة الإسلام، ولهذا الدين العظيم. فضل الذكر ذكر الله -تعالى- حياة القلوب، وطمأنينة النفوس، وسبب للتوفيق والهداية والرزق، قال الله -تعالى- {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلً}، وهذا الذي يذكر الله -تعالى- إنما هو الحي حياة حقيقية، والذي لا يذكر الله وإن كان في صورة حي إلا أن قلبه ميت، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَثَلُ الذي يَذْكُرُ رَبَّهُ والذي لا يَذْكُرُ رَبَّهُ، مَثَلُ الحَيِّ والمَيِّتِ». انظروا إلى الفرق بين إنسان مسجّى ميت لا حياة فيه ولا روح، وبين إنسان حي يمشي ويتحرك ويأكل ويشرب ويذهب ويأتي، فرق بين الاثنين، هذا هو الفرق وهذا هو المثال الذي ضربه لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى نعلم أن هناك فرقا بين الذي يذكر الله والذي لا يذكر الله. ذكر الله راحة وطمأنينة ذكر الله راحة وطمأنينة، قال -تعالى-: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (الرعد: 28)، كثير من الناس اليوم يبحثون عن السعادة، وطرقوا أبوابا كثيرة في السفر وفي الأموال وفي أنواع من الملذات والشهوات وغيرها، كل ذلك يبحثون عن لذة السعادة وطعم الطمأنينة، ويريدون أن يشعروا بهذا الطعم وما علموا أنه بهذه العبادة الجليلة ذكر الله -تعالى. مئة فائدة لذكر الله -تعالى وقد ذكر الإمام ابن القيم الجوزي -رحمه الله- أكثر من مئة فائدة لذكر الله -تعالى- منها سعة الرزق، وانشراح الصدور، وطمأنينة القلب، والبركة في الأوقات، والبركة في الأعمال، والإعانة حتى على أعمال الإنسان، فقد روى علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنَّ فاطِمَةَ -رضي الله عنها- شَكَتْ ما تَلْقَى في يَدِها مِنَ الرَّحَى، فأتَتِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - تَسْأَلُهُ خادِمًا فَلَمْ تَجِدْهُ، فَذَكَرَتْ ذلكَ لِعائِشَةَ، فَلَمَّا جاءَ أخْبَرَتْهُ، قالَ: فَجاءَنا وقدْ أخَذْنا مَضاجِعَنا، فَذَهَبْتُ أقُومُ، فقالَ: مَكانَكِ فَجَلَسَ بيْنَنا حتَّى وجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ علَى صَدْرِي، فقالَ: ألا أدُلُّكُما علَى ما هو خَيْرٌ لَكُما مِن خادِمٍ؟ إذا أوَيْتُما إلى فِراشِكُما، أوْ أخَذْتُما مَضاجِعَكُما، فَكَبِّرا ثَلاثًا وثَلاثِينَ، وسَبِّحا ثَلاثًا وثَلاثِينَ، واحْمَدا ثَلاثًا وثَلاثِينَ، فَهذا خَيْرٌ لَكُما مِن خادِمٍ وعَنْ شُعْبَةَ، عن خالِدٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قالَ: التَّسْبِيحُ أرْبَعٌ وثَلاثُونَ. وقفات مع قوله -تعالى-: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} مما يثير العجب في النفس في قوله -تعالى-: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون} (العنكبوت:45)، ما ذكره العلماء في هذه الآية من أقوال، ومنها:
اعداد: الشيخ: فهد الجنفاوي
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 06-08-2024 الساعة 11:36 PM. |
#19
|
||||
|
||||
رد: قواعد نبوية
قواعد نبوية (19) لا تحقرن من المعروف شيئا
قاعدة عظيمة من القواعد المهمة التي يحتاجها الإنسان في حياته وفي سيره إلى الله -تبارك وتعالى-، قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تحْقِرَنَّ من المعرُوفِ شيْئًا، ولوْ أنْ تلْقَى أخاكَ بوجْهٍ طلْقٍ». قاعدة نبوية عظيمة، أن يحذر الإنسان من احتقار المعروف أيًا كان ذلك المعروف، أيا كانت تلك الحسنة، ولو كانت أمرا يسيرًا، ولو تصدق الإنسان بتمرة أو بجزء من التمرة، بل لو تبسم الإنسان في وجه أخيه فهذه صدقة، لا تحتقر هذا العمل؛ لأن هذا عمل يحبه الله -تعالى-، وقد يكون فيه نجاته بسبب هذه الحسنة أو ذلك العمل. إنَّ اللهَ قد أوجَب لها الجنَّةَ ومن المواقف التي حدثت في بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ما روته أمنا عائشة -رضي الله عنها- قالت: جاءتني مسكينةٌ تحمِلُ ابنتينِ لها فأطعَمْتُها ثلاثَ تمراتٍ، فأعطتْ كلَّ واحدةٍ منهما تمرةً ورفَعت إلى فيها تمرةً لِتأكُلَها فاستطعَمَتاها ابنتاها، فشقَّتِ التَّمرةَ الَّتي كانت تُريدُ أنْ تأكُلَها بينَهما فأعجَبني حنانُها فذكَرْتُ الَّذي صنَعتْ لرسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقال: «إنَّ اللهَ قد أوجَب لها الجنَّةَ وأعتَقها بها مِن النَّارِ». بيت النبي - صلى الله عليه وسلم لم يكن في بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك الطعام الكثير أو أنواع الشراب، كان بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - بسيطا جدا، لم يوقد في بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - نار بالشهر والشهرين والثلاثة، بمعنى أنه لم يطبخ لقلة ذات يده، مع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يستطيع أن تكون ملذات الدنيا بين يديه، لكنه ما أراد الدنيا، إنما أراد ما عند الله -تبارك و-تعالى--، فأكلت البنتان التمرتين بسرعة. لقد أوجب الله لهذه المرأة الجنة بفعلها ذلك، مع أن هذا في نظرنا أمر بسيط جدا، وهؤلاء بناتها وهي التي ترعاهن، وشيء طبيعي أنها تعطيهم الطعام وأن تقسم التمرة بين البنتين، لكن مع ذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن الله أوجب لها الجنة بهذا الفعل وبهذا العمل. وقال رَسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «اتَّقوا النَّار ولو بشِقِّ تمرةٍ فإنْ لم تجِدوا فبكلمةٍ طيِّبةٍ»، أقل تقدير إذا ما وجد الإنسان أن يعمل معروفا ولو كان جزءا من التمرة، لم يقل تمرة كاملة! فما بالكم بمن ينفق شيئا أكثر من ذلك، لا شك أن أجره عظيم. قال ربنا -جل وعلا-: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (9) إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (10) فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (11) وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا} (الإنسان: 8-12) جزاهم الله بإطعامهم الطعام. لا تحتقر عملاً من الأعمال لكن النبي - صلى الله عليه وسلم - يبين لنا هذه القاعدة العظيمة من خلال هذا الحديث الشريف، أنك لا تحتقر عملا من الأعمال، ولو كان جزءا من التمرة تتصدق بها فإن الله -تعالى- يأجرك على ذلك، قال- صلى الله عليه وسلم -: «اتَّقوا النَّار ولو بشِقِّ تمرةٍ فإنْ لم تجِدوا فبكلمةٍ طيِّبةٍ»، الكلمة الطيبة أيضا يحبها الله -تعالى-، فهذه الكلمة لها أثر على النفس، وهي نوع من أنواع الصدقات. إطعام الإنسان لدابته ومن الأعمال التي قد نراها صغيرة ونحتقرها، إطعام الإنسان لدابته أو بهيمته، فقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - لنا في حديث عظيم في قصة حدثت في الأمم السابقة، قال رسول الله -[-: «إنَّ امْرَأَةً بَغِيًّا رَأَتْ كَلْبًا في يَومٍ حارٍّ يُطِيفُ ببِئْرٍ، قدْ أدْلَعَ لِسانَهُ مِنَ العَطَشِ، فَنَزَعَتْ له بمُوقِها فَغُفِرَ لَها». في كلِّ ذاتِ كبدٍ رطبةٍ أجرٌ وفي رواية «بينما رجُلٌ يمشي بطريقٍ اشتَدَّ عليه العطشُ، فوجَد بئرًا فنزَل فيها فشرِب ثمَّ خرَج، فإذا كلبٌ يلهَثُ يأكُلُ الثَّرى مِن العطشِ؛ فقال الرَّجلُ: لقد بلَغ هذا الكلبَ مِن العطشِ مِثلُ الَّذي بلَغ بي فنزَل البئرَ فملأ خُفَّه ماءً ثمَّ أمسَكه بفيه حتَّى رقِي فسقى الكلبَ فشكَر اللهُ له فغفَر له» فقالوا: يا رسولَ اللهِ إنَّ لنا في البهائمِ لَأجرًا؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: «في كلِّ ذاتِ كبدٍ رطبةٍ أجرٌ». ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق، وهذا أمر يسير، فالله -تعالى- يسر للإنسان أعمالا يسيرة وبسيطة، لكن يؤجر عليها أجورا عظيمة، من هذه الأعمال الكلمة الطيبة والابتسامة، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «تبسُّمُكَ في وجهِ أخيكَ صدقةٌ»، بعض الناس -سبحان الله! لا يبتسم لا في البيت ولا مع زملائه ولا في الشارع، دائما مكفهر وغضبان، الابتسامة أجر وثواب لك عند الله -تعالى-، وابتسامتك في وجه أخيك صدقة، نوع من أنواع الصدقات، إذًا الإنسان لا يحتقر أي عمل من الأعمال، كلمة طيبة، ابتسامة، إطعام طعام، إطعام دواب أو البهائم، هذه أعمال لا شك أنها يسيرة، لكنها عظيمة عند الله -تعالى. كثرة ذكر الله من الأعمال اليسيرة والعظيمة عند الله -تعالى- كثرة ذكر الله، التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أربعٌ أفضلُ الكلامِ، لا يضرُّك بأيِّهنَّ بدأتَ؛ سبحانَ اللهُ، والحمدُ للهِ، ولا إلَه إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ»، من أحب الأعمال مع سهولتها ويسرها إلا أن بعض الناس ستجده مقصرا في هذه العبادة، الله -تعالى- يحب عباده الذاكرين {يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا}. لذلك هي قاعدة جليلة وعظيمة (لا تحْقِرَنَّ من المعرُوفِ شيْئًا)، فإن لم تجد شيئا من المعروف فأقل تقدير ولو بكلمة طيبة؛ فالكلمة الطيبة والسلام والابتسامة والدعاء لله -تعالى- يحبها الله -تعالى-، وهي نوع من أنواع الأجور والحسنات والثواب عند الله -تعالى-، فيجتهد الإنسان ويبذل ولو كان يسيرا. ثبت في الحديث الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «سبق درهمٌ مائةَ ألفٍ كان لرجلٍ درهمانِ فتصدَّقَ أجودُهما وانطلق رجلٌ إلى عرضِ مالِه فأخذ منها مائةَ ألفٍ فتصدقَ بها»، درهم واحد يسبق الألف درهم بسبب إخلاص ذلك الذي أنفق الدرهم، فالعبرة ليست بالكثرة، فلا تحقرن من المعروف شيئا. اعداد: الشيخ: فهد الجنفاوي
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 06-08-2024 الساعة 11:37 PM. |
#20
|
||||
|
||||
رد: قواعد نبوية
قواعد نبوية (20) لا تَغْضَبْ
حديث عظيم يمثل قاعدة يحتاجها كل إنسان اليوم، هذه القاعدة فيها الراحة والطمأنينة، وفيها ذهاب كثير من المشكلات والمنازعات والقطيعة التي تحصل اليوم، هذه المشكلات سببها عدم التزامنا بهذه الوصية العظيمة والقاعدة الجليلة، فعن أبي هريرة عبدالرحمن بن صخر الدوسي - رضي الله عنه - «أنَّ رَجُلًا قالَ للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أوْصِنِي، قالَ: لا تَغْضَبْ. فَرَدَّدَ مِرَارًا، قالَ: لا تَغْضَبْ»، وثبت أنَّ رجلًا قال: يا رسولَ اللهِ، قُلْ لي قولًا وأَقْلِلْ لعلِّي أعِيه، قال: لا تغضبْ، فأعاد عليه مرارًا، كلُّ ذلك يقولُ: لا تغضَبْ. هذه القاعدة العظيمة -لا تَغْضَبْ- هي راحة للإنسان، وانتهاء لكثير من المشكلات التي تحصل اليوم سواء في البيوت بين الأسر، وبين الأرحام والأقارب، بين الجيران، بين الأصحاب، أم في الشوارع والطرقات، أم في أماكن العمل. الغضب شرارة كل مشكلة لو التزمنا هذه الوصية لانتهت مشكلاتنا؛ لأن الغضب هو شرارة أي مشكلة، وغالب مشكلات اليوم أساسها وشرارتها الأولى هو أن الإنسان غضبان، فتجد كثيرا من حالات الطلاق والفراق بين الزوجين سببه الغضب، كلمة من الرجل تقابلها كلمة من المرأة أو العكس ثم يتطور الأمر إلى أن يكون شجارًا أو يكون قطيعة أو يكون طلاقا وفراقا بين الزوجين، وحدّث بعد ذلك عن الإشكاليات والقضايا، ويلجأ بعضهم إلى المحاكم. ثورة الشيطان كثير اليوم من المنازعات أو الخلاف الذي يقع في أسواقنا وطرقاتنا شرارته الأولى الغضب، استَبَّ رجُلانِ عندَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم- ونحنُ عندَه جلوسٌ وأحدُهما يسُبُّ صاحبَه مغضَبًا قد احمَرَّ وجهُه فقال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم-: «إنِّي لَأعلَمُ كلمةً لو قالها لذهَب عنه ما يجِدُ: أعوذ% اعداد: الشيخ: فهد الجنفاوي
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 23-08-2024 الساعة 08:11 PM. |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |