|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() ![]() كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي المجلد السابع الحلقة (281) صــــــــــ 3 الى صـــــــــــ 9 [باب ما لا يقضى فيه باليمين مع الشاهد وما يقضى] (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا ادعى الرجل على الرجل المال، فأتى بامرأتين تشهدان له على حقه لم يحلف مع الامرأتين. فإن قال قائل: ما الحجة فيه؟ فالحجة فيه أن النساء إذا كن لا يجزن عند الحاكم إلا مع الرجال إلا فيما لا يراه الرجال فهاتان امرأتان ليس معهما رجل يشهد. فإن قال قائل: معهما رجل يحلف فالحالف غير شاهد. فإن قال: فقد يعطى بيمينه. قيل: يعطى بها بالسنة ليس أنه شاهد والرجل لا يشهد لنفسه، ولو شهد لنفسه لم يحلف (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ومن قال امرأتان تقومان مقام الرجل؟ قيل: إذا كانتا مع رجل ولزمه عندي أن يقول لو شهد أربع نسوة لرجل بحق أخذه كما يأخذه بشاهدين وشاهد وامرأتين ولا أحسب أحدا يقول بهذا القول (قال): ولو أن امرأة رجل أقامت شاهدا أنه طلقها لم تحلف مع شاهدها وقيل: ائت بشاهد آخر وإلا أحلفناه ما طلقك، ولو أقام رجل شاهدا على أنه نكح امرأة بولي ورضاها وشهود ومهر لم يكن له أن يحلف مع شاهده، وذلك أن الرجل لم يملك رقبة المرأة كما يملك الأموال بالبيع وغيره من وجوه الملك إنما أبيح له منها بالنكاح شيء كان محرما عليه قبله؛ ولأن المرأة لا تملك من نفسها ما كان الزوج يملك منها فتقوم في نفسها مقام الزوج فيها في كل أمره، أو في بعضه والزوج نفسه لم يكن يملكها ملك المال فهما خارجان من معنى من حكم له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باليمين مع الشاهد عندي والله تعالى أعلم. لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما حكم بها لمن يملك ما حكم له به ملكا يكون له فيه بيعه وهبته، أو سلطان رق، أو ملك بوجه من الوجوه مما قد ملكه عليه غيره ومما يملك هو على غيره وليس هكذا الزوج، والمرأة إنما سلطانه عليها سلطان إباحة شيء كان محرما قبل النكاح، ولو أقام عبد شاهدا على أن سيده أعتقه، أو كاتبه لم يحلف مع شاهده، وذلك أن العبد لا يملك من نفسه ما كان سيده مالكه؛ لأن سيده كان له بيعه وهبته وليس ذلك للعبد في نفسه ولا يثبت شيء من الرق للعبد على نفسه إنما يثبت الملك لإنسان على غيره، فأما على نفسه فلا فإذا كان الحق للمشهود له في نفسه مثل العبد يعتق، والمرأة تطلق، والحد يثبت، أو يبطل فهذا كله لا يجوز فيه يمين مع الشاهد من قبل أن اليمين مع الشاهد فيما يملك به الحالف مع شاهده شيئا كان بيده غيره مما قد يملك بوجه من الوجوه والذي قضى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ذلك مال، والمال غير المقضي له وغير المقضي عليه، بل هو ملك أحدهما ينتقل إلى الآخر فالعبد الذي يطلب أن يقضى له باليمين على عتقه كان إنما يقضى له بنفسه وهو لا يملكها ونفسه ليست كغيره فكان هذا خارجا من معنى ما حكم به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندي والله تعالى أعلم (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولو أتى رجل بشاهد يشهد أن رجلا أشهده أن له على فلان حقا لم يقبل إلا بشاهد آخر فإن قال أحلف لقد شهد لي لم يحلف؛ لأن حلفه على أنه شهد له ليس أن يحلف على مال يأخذه إنما يحلف على أن يثبت شهادة شاهده وليس اليمين على هذا باليمين على المال بملك. ولو أقام رجل شاهدا أن فلانا، أوصى إليه، أو أن فلانا وكله لم يحلف مع شاهده. وذلك أنه لا يملك بالوصية ولا بالوكالة شيئا ومثل ذلك لو أقام بينة أن فلانا، أودعه داره، أو أرضه لم يحلف مع شاهده، ولو أقام شاهدا أن فلانا قذفه بالزنا لم يحلف مع شاهده وذلك أنه لا يملك بالحد شيئا إنما الحد ألم على المحدود لا شيء يملكه المشهود له على المشهود عليه، ولو أقام بينة على أنه جرحه جراحة عمدا في مثلها قود، أو قتل ابنا له لم يحلف مع شاهده، وذلك أن الشهادة ليست بمال بعينه وأنه لا يجب بها المال دون التخيير في المال، أو القصاص فإذا كان القصاص هو الذي يثبت بها فالقصاص ليس بشيء يملكه أحد على أحد. فإن قال قائل: فالمال يملكه؟ قيل: أجل ولكن ليس يملكه إلا بأن يملك القصاص معه لا أن المال إذا حلف كان له دون القصاص ولا القصاص دون المال فلما كان إنما لا يثبت له أحدهما بعينه، وكان المال لا يملك دون القصاص لم يجز أن يكون اليمين مع الشاهد في القصاص وهو لا يملك، ولو أقام عليه شاهدا أنه سرق له متاعا من حرز يسوى أكثر مما تقطع فيه اليد كان مخالفا لأن يقيم عليه الشاهد فيما يجب به القصاص فيحلف مع شاهده ويغرم السارق ما ذهب له به ولا يقطع. فإن قيل: ما فرق بين هذا، والقصاص؟ قيل له: في السرقة شيئان. أحدهما: شيء يجب لله عز وجل وهو القطع، والآخر شيء يجب للآدميين وهو الغرم فكل واحد منهما حكمه غير حكم صاحبه. فإن قال قائل: ما دل على هذا؟ قيل: قد يسقط القطع عنه ولا يسقط الغرم ويسقط الغرم ولا يسقط القطع. فإن قال وأين؟ قيل: يسرق من غير حرز فلا يقطع ويغرم ويختلس وينتهب فيكون بهذا سارقا فلا يقطع ويغرم ويكون له شبهة في السرقة فلا يقطع ويغرم، ويسرق الرجل من امرأته، والمرأة من زوجها من منزلهما الذي يسكنانه فلا يقطع واحد منهما ويغرم فإن قال وأين يسقط الغرم عنه ويقطع؟ قيل يسرق السرقة فيهبها له المسروق، أو يبرئه من ضمانها فلا يكون عليه غرم ويقطع فلا يسقط القطع عنه إن سقط عنه غرم ما سرق وفي هذا بيان أن حكم الغرم غير حكم القطع وأن على السارق حكمين قد يزول أحدهما ويثبت الآخر وليس هكذا حكم الجراح التي لا يجب فيها أبدا مال إلا ومعه قصاص، أو تخيير بين القود، والعقل، فأيهما اختار سقط الآخر وإن اختار القود، ثم عفاه لم يكن له عقل وإن اختار العقل، ثم أبرأه منه لم يكن له قصاص فهذان حكمان كل واحد منهما بدل من صاحبه فلا يشبهان الحكمين اللذين لا يكون أحدهما بدلا من صاحبه ولا يبطل أحدهما إن بطل صاحبه ويشبه الشهادة على السرقة أن يأتي رجل بشاهد على أنه قال امرأته طالق إن كنت غصبت فلانا هذا العبد ويشهد أنه غصبه فيحلف صاحب العبد مع شاهده ويأخذ العبد ولا تطلق المرأة بشهادة واحد أنه حنث حتى يكون معه آخر، وذلك أن الشاهد مع اليمين إنما جاز على الغصب دون الطلاق والطلاق ليس بالغصب إنما هي يمين يحلف بها وحكم الأيمان غير حكم الأموال، وكذلك حكم الطلاق غير حكم الأموال (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولو كانت الجراحة عمدا لا قود فيها بحال مثل أن يقتل الحر المسلم عبدا مسلما، أو يقتل ذميا، أو مستأمنا، أو يقتل ابن نفسه، أو تكون جراحة لا قود فيها مثل الجائفة، والمأمومة وما لا قصاص فيه فهذا كله لا قود فيه قبلت فيه يمين المدعي مع شاهده فقضي له به كله ما كان عمدا منه ففي مال الجاني وما كان خطأ فعلى العاقلة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولو شهد شاهد أن رجلا رمى رجلا بسهم، فأصاب بعض جسده، ثم خرج منه، فأصاب آخر فقتله، أو جرحه فالرمية الأولى عمد، والمصاب الثاني خطأ فإن كانت الرمية الأولى لا قصاص فيها فالشهادة جائزة ويحلفان مع شاهدهما ويقضى في كل واحد منهما بالأرش الأولى في مال الرامي والثانية على عاقلته وإن كانت الرمية الأولى يجب فيها القصاص في نفس كانت لأولياء الدم القسامة ويستحقون الدية، ثم القول في الرمية الثانية قولان. أحدهما أن اليمين لا تكون مع الشاهد في هذا، وذلك أن صاحب الخطإ لا يثبت له شيء إلا بثبوته لصاحب العمد فلما كانت هذه الجناية واحدة فيها عمد فيه قصاص لم يجز في القصاص إلا شاهدان؛ لأنه لم يملك فيه شيئا. ، والقول الثاني: أن الشاهد يبطل لصاحب العمد إلا أن يقسم معه، أولياؤه ويثبت لصاحب الخطإ باليمين مع شاهده وهذا أصح القولين عندي - والله تعالى أعلم - وبه نأخذ وهي في مثل معنى المسألة من اليمين بالطلاق على الغصب والشهادة عليها وعلى الغصب ولو أقام رجل على جارية وابنها شاهدا أنهما له حلف مع شاهده وأخذ الجارية وابنها، ولو أقام البينة على أنها له وابنها له ولد منه حلف أيضا وقضي له بالجارية، وكانت وابنها له، وكانت أم ولد له بإقراره وشهادة شاهده ويمينه (قال): ولو أقام شاهد بأن أباه تصدق بهذه الدار عليه صدقة محرمة موقوفة حلف مع شاهده، وكانت الدار صدقة عليه كما شهد شاهده، ولو أقام البينة على أن أباه تصدق بهذه الدار عليه صدقة محرمة موقوفة وعلى أخوين له موقوفة فإذا انقرضوا فعلى أولادهم، أو على المساكين حلفوا وثبتت حقوقهم، فمن حلف ثبت حقه له؟ فإن قال قائل: ما بال الرجل إذا أقام شاهدا أن أباه وقف عليه دارا وعلى أخوين له، ثم على أولادهم بعدهم أحلفته وأثبت حقه من الصدقة المحرمة فإن حلف أخواه ثبت حقهما وإن لم يحلفا لم يثبت حقهما بثبوت حقه قيل له؛ لأنا أخرجنا الدار من ملك من شهد عليه الشاهد بيمين من شهد له فإذا شهد الشاهد لثلاثة لم يكن لواحد منهم أن يأخذ بيمين صاحبه شيئا؛ لأن حقه غير حق صاحبه وإن كان من شيء واحد فحق كل واحد منهم غير حق صاحبه فإذا حلفوا معا فأخرجت الدار من ملك صاحبها إلى ملك صاحبها من حلف فكانت بكمالها لمن حلف حياته فقد مضى الحكم فيها لهم ومن جاء بعدهم ممن وقفت عليه إذا ماتوا يقوم مقام الوارث لهم فيها، ألا ترى أن رجلا لو أقام شاهدا على رجل بدار فحلف قضي له بها فإن مات كانت لوارثه بعده ولا يمين على الوارث؛ لأن الحكم قد مضى فيها بيمين الذي أقام الشاهد له وإنما هي موروثة عن الذي حلف مع شاهده وإن حلف أخوه فهي عليهما معه، ثم على من بعدهم وإن أبى أخواه أن يحلفا فنصيبه منها وهو الثلث صدقة كما شهد شاهده، ثم نصيبه بعد منها على من تصدق به أبوه عليه بعده وبعد أخويه. فإن قال الذين تصدق عليهم بعد الاثنين نحن نحلف على ما أبى أن يحلف عليه الاثنان فلهم أن يحلفوا من قبل أنهم مالكون حين كانوا إذا حلفوا بعد موت أبيهم الذي جعل لهم ملكه إذا مات (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإنما قلنا يملك المتصدق عليهم باليمين؛ لأن السنة، والآثار تدل على أن هذا ملك صحيح إذا أخرج المتصدق من ملكه أرضه صدقة على أقوام بعينهم، ثم على من بعدهم فملك المتصدق عليهم ما ملكهم المتصدق كما ملكهموه فهذا ملك صحيح (قال الشافعي): - رحمه الله -: وإذا قضينا بأن ملك المتصدق يتحول إلى ملك المتصدق عليهم كما ملكهم فهذا تحويل ملك مال إلى مالك ينتفع به انتفاع المال يباع ما صار في أيديهم من غلته ويوهب ويورث وإن كان مسكنا أسكنوا فيه من أحبوا، أو أكروه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولو شهد شاهد أن فلانا تصدق بهذه الدار على فلان وفلان وفلان بينهم وبين من حدث للمتصدق من ولد صدقة موقوفة محرمة فقال أحد القوم أنا أحلف وأبى الآخران قلنا فإذا حلفت جعلنا لك ثلث هذه الصدقة، ثم كلما حدث معك ولد واحد وقفنا له الثلث الآخر الذي ليس في يديك، ثم إن حدث آخر وقفنا له الثلث الآخر الذي ليس في يديك ولا يوقف للحادث قبله فإن حدث آخر نقصناك وكلما حدث ولد بعد الولدين اللذين يوقف لهما الثلثان حتى تستكمل الدار انتقصت من حقك وانتقص كل من كان معك من حقوقهم؛ لأنه كذلك تصدق عليك، فمن حلف من الكبار كان على حقه ومن بلغ فحلف كان على حقه ومن أبى بطل حقه وتوقف غلة من لم يبلغ حتى يبلغوا فيحلفوا فتكون لهم، أو يأبوا فيرد نصيبهم منها على المتصدق عليهم معهم وإن تصدق على ثلاثة، ثم على من بعدهم فحلف واحد كان له الثلث وبطل الثلثان فصارا ميراثا للورثة. فإن قيل: كيف تكون دار شهد عليها أنها كلها موقوفة محرمة بعضها ميراث وبعضها موقوف فإنها لو وقفت على عشرة كان لكل واحد منهم العشر، فمن حلف أخذ حقه ومن أبى لم يكن له فيها حق وما لم يكن لأحد وقفا كان ميراثا على الأصل. فإن قيل: ما يشبه ذلك؟ قيل: عشرة شهد شاهد أن ميتا أوصى لهم بدار فحلف واحد فله عشرها فإن أبى التسعة رجع ما بقي من الدار ميراثا (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولو تصدق بها على ثلاثة فحلف واحد وأبى اثنان كان نصيبهما ميراثا، وكان الثلث صدقة على واحد فإن قال هي صدقة على الثلاثة، ثم على أبنائهم من بعدهم فحلف واحد جعلنا ثلثها له وأبى الاثنان فجعلنا نصيبهما منها ميراثا وهو الثلثان، ثم حدث لهما ولدان وماتا وقف لهما نصيبهما حتى يبلغا فيحلفا، أو يموتا فيحلف وارثهما فإن أبى وارثهما رد ما بقي ميراثا للورثة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإنما يوقف للمولود من يوم ولد إذا مات أبوه، أو من جعلت له الصدقة بعده فإن ولد قبل أن يموت أبوه، أو من جعلت له الصدقة بعده لم يوقف حقه إلا بعد موتهما؛ لأنه إنما يكون له الحق بموتهما، فأما ما كان من غلة قبل، أو يولد، أو يموت من قبله فليس للمولود منها شيء؛ لأنه إنما شرط له أن يكون له الحق يوم يولد بعد موت من قبله (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولو أن شاهدا شهد أن فلانا تصدق على فلان وولده وولد ولده ما تناسلوا هم فيها سواء فحلف رجل مع شاهده كان له منها بقدر عدد من معه، وذلك أن يكون معه فيها عشرة فيكون له عشره فكلما حدث ولد يدخل معه في الصدقة نقص من حقه ووقف حق المولود حتى يحلف فيستحق، أو يدع اليمين فيبطل حقه ويرد كراء ما وقف من حقه على الذين انتقصوا حقوقهم من أجله سواء بينهم كأنه وقف لاثنين حدثا سدس الدار وأكرى بمائة درهم إلى أن يبلغا فلم يحلفا، فأبطلنا حقوقهما ورددنا المائة على العشرة لكل واحد منهم عشره فإن مات من العشرة واحد قبل بلوغ الموقوف عليهما الصدقة في نصف عمر اللذين وقف لهما فإن بلغا، فأبيا اليمين فرد نصيبهما على من معهما رد عليه، فأعطى ورثته ما استحق مما رد عليه، وذلك خمسة وترد الخمسة على التسعة الباقين وعلى هذا الحساب يعطى كل من مات قبل بلوغ الصبيين اللذين بطل ما وقف لهما. فإن شهد الشاهد أنه تصدق بها عليه وعلى بني أب معروفين يحصون فالأمر فيها على ما وصفت تكون له حصة بقدر عددهم قلوا، أو كثروا، وإن شهد أنه تصدق بها عليه وعلى بني أب لا يحصون أبدا، أو على مساكين وفقراء فقد قيل: في الوصية يوصى بها لفلان لقوم يحصون هو كأحدهم وقيل: فإن أوصى بها له ولبني أب لا يحصون، أو مساكين لا يحصون فله النصف ولهم النصف (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وهذا أمر تخف فيه المؤنة ويسهل فيه الجواب في مسألتنا هذه، ولو كان يصح قياسا، أو خبرا أعطيناه النصف وجعلنا النصف على من تصدق به عليه معه ممن لا يحصى ولكن لا أرى القياس فيها إذا كانت الصدقة إذا تصدق بها عليه وعلى الفقراء وهم لا يحصون جائزة إلا أن يقال له إن شئت فاحلف فكن أسوة الفقراء فإن حلف أعطيناه ذلك وأحلف من معه في الصدقة، ثم حاص من قسمنا عليه فإذا زاد الفقراء بعد ذلك، أو نقصوا حاصهم كواحد منهم (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وقد قيل: إذا كان شرط السكنى سكن كل فقير في أقل ما يكفيه إن كان المتصدق قال يسكن كل واحد منهم بلا أن يدخل عليه من يضيق عليه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وأصح من هذا القول، والله تعالى أعلم وبه أقول، أن السكنى مثل الغلة فإذا ضاق السكن اصطلحوا، أو أكروا ولم يؤثر واحد منهم بالسكن على صاحبه وكلهم فيه شرع. وإذا كانت غلة، أو شيء فيها بين الفقراء وإن قل ذلك فلا يعطى واحد منهم أقل مما يعطى الآخر. ، وقد قيل: إذا لم يسم فقراء قبيلة فهو على فقراء قرابته قياسا على الصدقات التي يعطاها جيران المال المأخوذ منه الصدقة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وبه أقول إذا كان قرابته جيران صدقته فإن جازت فيها الأثرة لبعض الجيران دون بعض كانت لذوي قرابة المتصدق فإن لم يجد فجيران الصدقة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولو أقام رجل شاهدا على رجل وحلف أنه غصبه أم ولد وولدها فيخرجان من يده فتكون أم ولد للمشهود له الحالف ويكون الابن ابنه ويخرج من رق الذي هي في يديه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وكذلك لو أقام رجل شاهدا على رجل في يديه عبد يسترقه أنه كان عبدا له، فأعتقه، ثم غصبه إياه بعد العتق حلف، وكان هذا مولى له (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): فعلى هذا هذا الباب كله وقياسه وليس يدخل في هذا العبد يقيم شاهدا على سيده أنه أعتقه؛ لأن العبد هو الذي فيه الخصومة كما وصفت في الباب الأول، واليمين مع الشاهد في الدين الذي يتنازع فيه المشهود له، والمشهود عليه لا واحد منهما والنسب، والولاء شيئان يصير لصاحبهما بهما منفعة في غير نفسه وإن كانت لا تملك فهي منفعة للخصم في غير نفسه، والمملوك لا ينتفع بشيء غير نفسه. الخلاف في اليمين مع الشاهد (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): فخالفنا في اليمين مع الشاهد مع ثبوتها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعض الناس خلافا أسرف فيه على نفسه فقال لو حكمتم بما لا نراه حقا من رأيكم لم نرده وإن حكمتم باليمين مع الشاهد رددناها فقلت لبعضهم رددت الذي يلزمك أن تقول به ولا يحل لأحد من أهل العلم عندنا خلافه؛ لأنه سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأجزت آراءنا التي لو رددتها كانت أخف عليك في المأثم. قال إنها خلاف كتاب الله ونحن نردها بأشياء (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وقد جهدت أن أتقصى ما كلموني به في رد اليمين مع الشاهد فكان مما كلمني به بعض من ردها أن قال لم تروها إلا من حديث مرسل قلنا: لم نثبتها بحديث مرسل وإنما أثبتناها بحديث ابن عباس وهو ثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي لا يرد أحد من أهل العلم مثله لو لم يكن فيها غيره مع أن معه غيره ممن يشده (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): فقال منهم قائل فكيف قلتم يقضى بها في الأموال دون غيرها فجعلتموها تامة في شيء ناقصة في غيره؟ فقلت له لما قال عمرو بن دينار وهو حملها قضى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأموال كان هذا موصولا في خبره عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقال جعفر في الحديث في الدين والدين مال وقاله من لقيت من حملتها، والحكام بها قلنا إذا قيل: بها في الأموال دل ذلك والله تعالى أعلم على أنه لا يقضى بها في غير ما قضي بها فيه؛ لأن الشاهدين أصل في الحقوق فهما ثابتان، واليمين مع الشاهد أصل فيما يحكم بها فيه وفيما كان في معناه فإن كان شيء يخرج من معناه كان على الأصل الأول وهو الشاهدان قال فالعبد؟ قلت: له فإذا أقام رجل شاهدا على عبد أنه له حلف مع شاهده واستحق العبد، قال فإن أقام شاهدا أن سيده أعتقه؟ قلت فلا يعتق. قال فما الفرق بين العبد يقيم رجل عليه شاهدا ويحلف ويأخذه وبين العبد يقيم شاهدا أن سيده أعتقه؟ قلت الفرق البين، قال وما هو؟ قلت أرأيت إن «قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باليمين مع الشاهد في الأموال» أما في هذا بيان أن المال المقضي به للمقيم شاهدا الحالف هو ما ليس بالمقضي له ولا بالمقضي عليه وإنما هو مال أخرجه من يدي المقضي عليه إلى يدي المقضي له به فملكه إياه كما كان المقضي عليه له مالكا؟ قال بلى قلت: وهكذا العبد الذي سألت عنه أخرجه من يدي مالكه المقضي عليه إلى مالك مقضي له قال نعم: قلت أفليس تجد معنى العبد إذا أقام شاهدا أن سيده أعتقه غير معنى المال الذي يتنازع فيه المشهود له، والمشهود عليه؛ لأنه إنما ينازع في نفسه؟ قال إنه ليخالفه في هذا الموضع قلت: ويخالفه أنه لا يخرجه من يدي مالكه إلى ملك نفسه فيكون يملك من نفسه ما كان سيده يملكه كما كان المقضي عليه يملك المال، ثم أخرج من يده فملكه المقضي له قال أجل قلت: فكيف أقضي باليمين مع الشاهد في شيء معناه غير معنى ما قضى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال فإنك تعتقه بالشاهدين؟ قلت: أجل وأقتل بالشاهدين؛ لأنهما حكم مطلق، واليمين مع الشاهد حكم خاص (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وقلت له رأيتك عبت أن تكون الشهادة تامة في بعض الأشياء دون بعض أفرأيت الشاهدين أليسا تامين في كل شيء ناقصين في الزنا؟ قال بلى. قلت أفرأيت الشاهد والامرأتين أليسا تامين في الأموال ناقصين في الحدود وغيرها؟ قال: بلى قلت أرأيت شهادة النساء في الاستهلال والرضاع وعيوب النساء أليست تامة حتى يلحق بها النسب وفيه عظيم من الأموال وأن يكون لمن شهدت له امرأة عندك أن فلانة ولدته، والمشهود عليه ينكر أن يلحق به نسبه فيعفو دمه ويرى بناته ويرث ماله؟ قال: بلى قلت أريت أهل الذمة أليست تتم شهادتهم عندك فيما بينهم على كل شيء. ولو شهدوا على مسلم بفلس لم يجز؟ قال بلى قلت، ولو شهدت لرجل امرأة وحدها على أحد بفلس لم يجز؟ قال: بلى قلت، فأسمعك فيما عدا شهود الزنا من المسلمين قد جعلت الشهادات كلها تامة في شيء ناقصة في غيره وعبت ذلك علينا وإنما قلنا بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوضعناها حيث وضعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووضعنا حكم الله عز وجل حيث وضعه. قال فقال فإذا حلفتم الرجل مع شاهده فكيف زعمتم أن رجلا لو كان غائبا عن بلد فشهد له رجل بحق له على رجل من وصية، أوصى له بها ميت، أو شهد لابنه بحق وهو يوم شهد الشاهد صغير وغائب، أو شهد له بحق وليه عبد له، أو وكيل حلف وهو لا يعلم شهد شاهده بحق أم لا وهو إن حلف حلف على ما لا يعلمه (قال الشافعي): - رحمه الله -: فقلت له لا ينبغي لرجل أن يحلف على ما لا يعلم ولكن العلم يكون من وجوه. قال وما هي؟ قلت أن يرى الرجل بعينه، أو يسمع بأذنه من الذي عليه الحق، أو يبلغه فيما غاب عنه الخبر يصدقه فيسعه اليمين على كل واحد من هذا. قال أما الرؤية وما سمع من الذي عليه الحق فأعرفه. وأما ما جاء به الخبر الذي يصدق فقد يمكن فيه الكذب فكيف يكون هذا علما أحلفه عليه؟ قال فقلت له الشهادة على علمه أولى أن لا يشهد بها حتى يسمعها من المشهود عليه، أو يراها، أو اليمين قال كل لا ينبغي إلا هكذا وإن الشهادة لأولاهما أن لا يشهد منها إلا على ما رأى، أو سمع قلت؛ لأن الله عز وجل حكى عن قوم أنهم قالوا {وما شهدنا إلا بما علمنا} وقال {إلا من شهد بالحق وهم يعلمون} قال نعم قلت له أفيشهد الرجل على أن فلانا ابن فلان وهو غريب لم ير أباه قط؟ قال نعم قلت فإنما سمعه ينتسب هذا النسب ولم يسمع من يدفعه عنه ولا من شهد له بأن ما قال كما قال. قال: نعم قلت ويشهد أن هذه الدار دار فلان وأن هذا الثوب ثوبه، وقد يمكن أن يكون غصب هذه الدار، أو أعيرها ويمكن ذلك في الثوب. قال وإن أمكن، إذا لم ير مدافعا له في الدار والثوب، وكان الأغلب عليه أن ما شهد به كما شهد وسعته الشهادة وإن أمكن فيه أن يكون ليس على ما شهد به ولكن يشهد على الأغلب قلت: أرأيت لو اشترى رجل من رجل عبدا ولد بالمشرق، أو بالمغرب، والمشتري ابن مائة سنة، أو أكثر، والمشترى ابن خمس عشرة سنة، ثم باعه، فأبق عند المشتري فكيف تحلف البائع؟ قال أحلفه لقد باع العبد بريئا من الإباق قال فقلت يحلف البائع فقال لك هذا مغربي، أو مشرقي، وقد يمكن أن يكون أبق قبل أن يولد جدي، قال وإن؛ يسأل؟ قلت وكيف تمكن المسألة؟ قال كما أمكنتك قلت وكيف يجوز هذا؟ قال؛ لأن الأيمان يدخلها هذا قال أورأيت لو كان العبد ولد عنده أما كان يمكن فيه أن يأبق ولا يدري به؟ قلت بلى: قال فهذا لا تختلف الناس في أنهم يحلفون على البت لقد باع بريئا من الإباق ولكن يسعه أن يحلف على البت وإنما ذلك على علمه قلت فهل طعنت في الحالف على الحق يصير له بوجه من الوجوه وصية، أو ميراث، أو شيء يليه عبده، أو وكيله غائبا عنه بشيء إلا لزمك أكثر منه في الشهادات، والأيمان؟ قال ما يجد الناس من هذا بدا وما زال الناس يجيزون ما وصفت لك: قلت فإذا أجازوا الشيء فلم لم يجيزوا مثله وأولى أن يكون علما يسمع عليه الشهادة، واليمين منه؟ قال هذا يلزمنا قال فإن مما رددنا به اليمين مع الشاهد أن الزهري أنكرها قلت لقد قضى بها الزهري حين ولي فلو كان أنكرها، ثم عرفها وكنت إنما اقتديت به فيها كان ينبغي أن يكون أثبت لها عندك أن يقضي بها بعد إنكارها وتعلم أنه إنما أنكرها غير عارف بها وقضى بها مستفيدا علمها. ![]()
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() ![]() كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي المجلد السابع الحلقة (291) صــــــــــ 73 الى صـــــــــــ 79 مضرا به فيركب ولا شيء عليه على مثل ما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا إسرائيل أن يتم صومه ويتنحى عن الشمس، فأمره بالذي فيه البر ولا يضر به ونهاه عن تعذيب نفسه لأنه لا حاجة لله في تعذيبه، وكذلك الذي يمشي إذا كان المشي تعذيبا له يضر به تركه ولا شيء عليه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولو أن رجلا قال إن شفى الله فلانا فلله علي أن أمشي لم يكن عليه مشي حتى يكون نوى شيئا يكون مثله برا فإن لم ينو شيئا فلا شيء عليه؛ لأنه ليس في المشي إلى غير مواضع البربر (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولو نذر فقال علي المشي إلى إفريقية، أو العراق، أو غيرهما من البلدان لم يكن عليه شيء؛ لأنه ليس لله طاعة في المشي إلى شيء من البلدان وإنما يكون المشي إلى الموضع الذي يرتجى فيه البر، وذلك المسجد الحرام وأحب إلي لو نذر أن يمشي إلى مسجد المدينة أن يمشي وإلى مسجد بيت المقدس أن يمشي لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا ومسجد بيت المقدس» ولا يبين لي أن أوجب المشي إلى مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - ومسجد بيت المقدس كما يبين لي أن أوجب المشي إلى بيت الله الحرام، وذلك أن البر بإتيان بيت الله تعالى فرض، والبر بإتيان هذين نافلة، وإذا نذر أن يمشي إلى بيت الله ولا نية له فالاختيار أن يمشي إلى بيت الله الحرام ولا يجب ذلك عليه إلا بأن ينويه؛ لأن المساجد بيوت الله وهو إذا نذر أن يمشي إلى مسجد مصر لم يكن عليه أن يمشي إليه، ولو نذر برا أمرناه بالوفاء به ولم يجبر عليه وليس هذا كما يؤخذ للآدميين من الآدميين هذا عمل فيما بينه وبين الله عز وجل لا يلزمه إلا بإيجابه على نفسه بعينه، وإذا نذر الرجل أن ينحر بمكة لم يجزه إلا أن ينحر بمكة، وذلك أن النحر بمكة بر، وإن نذر أن ينحر بغيرها ليتصدق لم يجزه أن ينحر إلا حيث نذر أن يتصدق وإنما أوجبته وليس في النحر في غيرها بر؛ لأنه نذر أن يتصدق على مساكين ذلك البلد فإذا نذر أن يتصدق على مساكين بلد فعليه أن يتصدق عليهم (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قال الرجل غلامي حر إلا أن يبدو لي في ساعتي هذه، أو في يومي هذا، أو أشاء، أو يشاء فلان أن لا يكون حرا، أو امرأته طالق إلا أن أشاء أن لا تكون طالقا في يومي هذا أو يشاء فلان فشاء، أو شاء الذي استثنى مشيئته لم يكن العبد حرا ولا المرأة طالقا (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قال الرجل أنا أهدي هذه الشاة نذرا، أو أمشي نذرا فعليه أن يهديها وعليه أن يمشي إلا أن يكون أراد أني سأحدث نذرا، أو أني سأهديها فلا يلزمه ذلك وهو كما قاله لغير إيجاب فإذا نذر الرجل أن يأتي موضعا من الحرم ماشيا أو راكبا فعليه أن يأتي الحرم حاجا أو معتمرا، ولو نذر أن يأتي عرفة، أو مرا، أو موضعا قريبا من الحرم ليس بالحرم لم يكن عليه شيء؛ لأن هذا نذر في غير طاعة، وإذا نذر الرجل حجا ولم يسم وقتا فعليه حج يحرم به في أشهر الحج متى شاء وإن قال علي نذر حج إن شاء فلان فليس عليه شيء، ولو شاء فلان إنما النذر ما أريد الله عز وجل به ليس على معاني الغلق ولا مشيئة غير الناذر، وإذا نذر أن يهدي شيئا من النعم لم يجزه إلا أن يهديه، وإذا نذر أن يهدي متاعا لم يجزه إلا أن يهديه، أو يتصدق به على مساكين الحرم فإن كانت نيته في هذه أن يعلقه سترا على البيت، أو يجعله في طيب البيت جعله حيث نوى، ولو نذر أن يهدي ما لا يحمل مثل الأرضين والدور باع ذلك فأهدى ثمنه ويلي الذي نذر الصدقة بذلك تعليقه على البيت وتطييبه به، أو يوكل به ثقة يلي ذلك له، وإذا نذر أن يهدي بدنة لم يجزه فيها إلا ثني من الإبل، أو ثنية وسواء في ذلك الذكر، والأنثى، والخصي وأكثرها ثمنا أحب إلي، وإذا لم يجد بدنة أهدى بقرة ثنية فصاعدا، وإذا لم يجد بقرة أهدى سبعا من الغنم ثنيا فصاعدا إن كن معزى، أو جذعا فصاعدا إن كن ضأنا، وإن كانت نيته على بدنة من الإبل دون البقر فلا يجزيه أن يهدي مكانها من البقر والغنم إلا بقيمتها، وإذا نذر الرجل هديا ولم يسم الهدي ولم ينو شيئا، فأحب إلي أن يهدي شاة وما أهدى من مد حنطة، أو ما فوقه أجزأه لأن كل هذا هدي، وإذا نذر أن يهدي هديا ونوى به بهيمة جديا رضيعا أهداه إنما معنى الهدي هدية وكل هذا يقع عليه اسم هدي (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا نذر أن يهدي شاة عوراء، أو عمياء أو عرجاء، أو ما لا يجوز أضحية أهداه، ولو أهدى تاما كان أحب إلي؛ لأن كل هذا هدي، ألا ترى إلى قول الله عز وجل {ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا} [المائدة: ٩٥] فقد يقتل الصيد وهو صغير وأعرج وأعمى وإنما يجزيه بمثله، أولا ترى أنه يقتل الجراد، والعصفور وهما من الصيد فيجزي الجرادة بتمرة، والعصفور بقيمته ولعله قبضه، وقد سمى الله تعالى هذا كله هديا، وإذا قال الرجل شاتي هذه هدي إلى الحرم، أو بقعة من الحرم أهدى، وإذا نذر الرجل بدنة لم تجزئه إلا بمكة فإذا سمى موضعا من الأرض ينحرها فيه أجزأته، وإذا نذر الرجل عدد صوم صامه إن شاء متفرقا، وإن شاء متتابعا (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا نذر صيام أشهر فما صام منها بالأهلة صامه عددا ما بين الهلالين إن كان تسعة وعشرين وثلاثين فإن صامه بالعدد صام عن كل شهر ثلاثين يوما، وإذا نذر صيام سنة بعينها صامها كلها إلا رمضان فإنه يصومه لرمضان ويوم الفطر ويوم النحر وأيام التشريق ولا قضاء عليه كما لو قصد فنذر أن يصوم هذه الأيام لم يكن عليه نذر ولا قضاء فإن نذر سنة بغير عينها قضى هذه الأيام كلها حتى يوفي صوم سنة كاملة، وإذا قال لله علي أن أحج عامي هذا فحال بينه وبينه عدو، أو سلطان حابس فلا قضاء عليه وإن حال بينه وبينه مرض، أو خطأ عدد، أو نسيان أو توان قضاه إذا زعمت أنه يهل بالحج فيحصر بعدو فلا يكون عليه قضاء كان من نذر حجا بعينه مثله وما زعمت أنه إذا أحصر فعليه القضاء أمرته أن يقضيه إن نذره فأحصر وهكذا إن نذر أن يصوم سنة بعينها فمرض قضاها إلا الأيام التي ليس له أن يصومها فإن قال قائل فلم تأمر المحصر إذا أحصر بالهدي ولا تأمر به هذا؟ قلت: آمره به للخروج من الإحرام وهذا لم يحرم فآمره بالهدي (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أكل الصائم، أو شرب في رمضان، أو نذر أو صوم كفارة، أو واجب بوجه من الوجوه أو تطوع ناسيا فصومه تام ولا قضاء عليه، وإذا تسحر بعد الفجر وهو لا يعلم، أو أفطر قبل الليل وهو لا يعلم فليس بصائم في ذلك اليوم وعليه بدله فإن كان صومه متتابعا فعليه أن يستأنفه، وإذا قال: لله علي أن أصوم اليوم الذي يقدم فيه فلان فقدم ليلا فليس عليه صوم صبيحة ذلك اليوم؛ لأنه قدم في الليل ولم يقدم في النهار وأحب إلي لو صامه، ولو قدم الرجل نهارا، وقد أفطر الذي نذر الصوم فعليه قضاء ذلك اليوم وهكذا لو قدم بعد الفجر وهو صائم ذلك اليوم متطوعا، أو لم يأكل فعليه أن يقضيه لأنه نذر والنذر لا يجزيه إلا أن ينوي صيامه قبل الفجر وهذا احتياط، وقد يحتمل القياس أن لا يكون عليه قضاؤه من قبل أنه لا يصلح له أن يكون فيه صائما عن نذره وإنما قلنا بالاحتياط إن جائزا أن يصام وليس هو كيوم الفطر وإنما كان عليه صومه بعد مقدم فلان فقلنا عليه قضاؤه وهذا أصح في القياس من الأول، ولو أصبح فيه صائما من نذر غير هذا، أو قضاء رمضان أحببت أن يعود لصومه كنذره وقضائه ويعود لصومه لمقدم فلان، ولو أن فلانا قدم يوم الفطر، أو يوم النحر، أو التشريق لم يكن عليه صوم ذلك اليوم ولا عليه قضاؤه؛ لأنه ليس في صوم ذلك اليوم طاعة ولا يقضي ما لا طاعة فيه. ولو قال لله علي أن أصوم اليوم الذي يقدم فيه فلان أبدا فقدم يوم الاثنين كان عليه قضاء اليوم الذي قدم فيه فلان وصوم الاثنين كلما استقبله فإن تركه فيما يستقبل قضاه إلا أن يكون يوم الاثنين يوم فطر أو أضحى، أو أيام التشريق فلا يصومه ولا يقضيه، وكذلك إن كان في رمضان لم يقضه وصامه من رمضان كما لو أن رجلا نذر أن يصوم رمضان صام رمضان بالفريضة ولم يصمه بالنذر ولم يقضه. وكذلك لو نذر أن يصوم يوم الفطر، أو الأضحى أو أيام التشريق، ولو كانت المسألة بحالها وقدم فلان يوم الاثنين، وقد وجب عليه صوم شهرين متتابعين صامهما وقضى كل اثنين فيهما ولا يشبه هذا شهر رمضان؛ لأن هذا شيء أدخله على نفسه بعدما، أوجب عليه صوم يوم الاثنين وشهر رمضان شيء أوجبه الله تعالى لا شيء أدخله على نفسه، ولو كانت المسألة بحالها، وكان الناذر امرأة فكالرجل وتقضي كل ما مر عليها من حيضتها، وإذا قالت المرأة لله علي أن أصوم كلما حضت، أو أيام حيضتي فليس عليها صوم ولا قضاء لأنها لا تكون صائمة وهي حائض، وإذا نذر الرجل صوما، أو صلاة ولم ينو عددا، فأقل ما يلزمه من الصلاة ركعتان ومن الصوم يوم؛ لأن هذا أقل ما يكون من الصلاة والصوم إلا الوتر. (قال الربيع) وفيه قول آخر يجزيه ركعة واحدة، وذلك أنه يروى عن عمر أنه تنفل بركعة «وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أوتر بركعة بعد عشر ركعات» وأن عثمان أوتر بركعة (قال الربيع) فلما كانت ركعة صلاة ونذر أن يصلي صلاة ولم ينو عددا فصلى ركعة كانت ركعة صلاة بما ذكرنا (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قال لله علي عتق رقبة، فأي رقبة أعتق أجزأه. [من حلف على سكنى دار لا يسكنها] فيمن حلف على سكنى دار لا يسكنها (سئل الشافعي - رحمه الله تعالى -) : فقيل له فإنا نقول فيمن حلف أن لا يسكن هذه الدار وهو فيها ساكن أنه يؤمر بالخروج من ساعة حلف ولا نرى عليه حنثا في أقل من يوم وليلة إلا أن يكون له نية في تعجيل الخروج قبل يوم وليلة فإنه حانث إذا أقام يوما وليلة، أو يقول: نويت أن لا أعجل حتى أجد منزلا فيكون ذلك له (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا حلف الرجل أن لا يسكن الدار وهو فيها ساكن أخذ في الخروج مكانه فإن تخلف ساعة وهو يمكنه الخروج منها حنث ولكنه يخرج منها ببدنه متحولا ولا يضره أن يتردد على حمل متاعه منها وإخراج أهله لأن ذلك ليس بسكن قال فإنا نقول في الرجل يحلف أن لا يساكن الرجل وهما في دار واحدة ليس لها مقاصير كل بيت يدخله ساكنه أو كانت لها مقاصير يسكن كل مقصورة منها ساكنها، وكان الحالف مع المحلوف عليه في بيت منها، أو في مقصورة من مقاصيرها أو في حجرة المقصورة دون البيت وصاحب المحلوف عليه في البيت أنه يخرج مكانه حين حلف أنه لا يساكنه في البيت إلى أي بيوت الدار شاء وليس له أن يساكنه في المقصورة التي كانت فيها اليمين، وإن كان معه في البيت وليس له مقصورة، أو له مقصورة، أو كان في مقصورة دون البيت، والآخر في البيت دون المقصورة أنه إن أقام في البيت، أو في المقصورة يوما وليلة كان حانثا وإن أقام أقل من ذلك لغير المساكنة لم يكن عليه حنث إذا خرج إلى أي بيوت الدار ومقاصيرها شاء (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا حلف أن لا يساكن الرجل وهو ساكن معه فهي كالمسألة قبلها يخرج منها مكانه، أو يخرج الرجل مكانه فإن أقاما جميعا ساعة بعدما أمكنه أن يتحول عنه حنث، وإن كانا في بيتين فجعل بينهما حاجز، أو لكل واحد من الحجرتين باب فليست هذه مساكنة وإن كانا في دار واحدة، والمساكنة أن يكونا في بيت، أو بيتين حجرتهما ومدخلهما واحد، فأما إذا افترق البيتان، والحجرتان فليست مساكنة. (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإنما جوابنا في هذه الأيمان كلها إذا حلف لا نية له إنما خرجت اليمين منه بلا نية، فأما إذا كانت اليمين بنية فاليمين على ما نوى قال فإنا نقول إذا نقل أهله وعياله وترك متاعه فإنا نستحب له أن ينتقل بجميع متاعه وأن لا يخلف شيئا من متاعه، وإن خلف شيئا منه، أو خلفه كله فلا حنث عليه فإن خلف أهله وولده فهو حانث؛ لأنه ساكن بعد، والمساكنة التي حلف عليها هي المساكنة منه ومن عياله لمن حلف أن لا يساكنه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : والنقلة، والمساكنة على البدن دون الأهل، والمال، والولد، والمتاع فإذا حلف رجل لينتقلن فانتقل ببدنه وترك أهله وولده وماله فقد بر، وإن قال قائل ما الحجة؟ قيل أرأيت إذا سافر ببدنه أيقصر الصلاة ويكون من أهل السفر، أو رأيت إذا انقطع إلى مكة ببدنه أيكون من حاضري المسجد الحرام الذين إن تمتعوا لم يكن عليهم دم؟ فإذا قال: نعم قيل فإنما النقلة، والحكم على البدن لا على مال ولا على ولد ولا على متاع قال: فإنا نقول فيمن حلف أن لا يلبس هذا الثوب وهو لابسه فتركه عليه بعد اليمين أنا نراه حانثا لأنه قد لبسه بعد يمينه، وكذلك نقول فيه إن حلف لا يركب هذه الدابة وهو عليها فإن نزل مكانه وإلا كان حانثا (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : إذا حلف أن لا يلبس الثوب وهو لابسه فمثل المسألتين الأوليين إن لم ينزعه من ساعته إذا أمكنه نزعه حنث، وكذلك إن حلف أن لا يركب دابة وهو راكبها فإن نزل مكانه وإلا حنث وهكذا كل شيء من هذا الصنف قيل فإنا نقول فيمن حلف أن لا يسكن بيتا ولا نية له وهو من أهل الحضارة فسكن بيتا من بيوت الشعر فإنه إن كان ليمينه معنى يستدل عليه بالأمر الذي له حلف مثل أن يكون سمع بقوم انهدم عليهم بيت فعمهم ترابه فلا شيء عليه في سكناه في بيت شعر، وإن لم يكن له نية حين حلف، وإن كان إنما وجه يمينه أنه قيل له إن الشمس محتجبة وإن السكنى في السطوح، والخروج من البيوت مصحة ويسرة فحلف أن لا يسكن بيتا فإنا نراه حانثا إن سكن بيت شعر (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإن حلف الرجل أن لا يسكن بيتا وهو من أهل البادية، أو أهل القرية ولا نية له، فأي بيت شعر، أو أدم، أو خيمة، أو ما وقع عليه اسم بيت، أو حجارة، أو مدر سكن حنث قال فإنا نقول فيمن حلف أن لا يسكن دار فلان فسكن دارا بينه وبين رجل آخر أنه يحنث، وكذلك إن كانت الدار كلها له فسكن منها بيتا حنث (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا حلف الرجل أن لا يسكن دارا لفلان ولم ينو دارا بعينها فسكن دارا له فيها شرك أكثرها كان له، أو أقلها لم يحنث ولا يحنث حتى تكون الدار كلها له خاصة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا حلف أن لا يأكل طعاما اشتراه فلان فاشترى فلان وآخر معه طعاما ولا نية له لم يحنث ولا أقول بقولكم إنكم تقولون فيمن حلف أن لا يأكل من طعام اشتراه فلان، فأكل من طعام اشتراه فلان وآخر معه إنكم تحنثونه إن أكل منه قبل أن يقتسماه وزعمنا وزعمتم أنهما إن اقتسماه فأكل الحالف مما صار للذي لم يحلف عليه لم يكن عليه حنث، والقول فيها على ما أجبتك في صدر المسألة قال فإنا نقول من حلف أن لا يسكن دار فلان فباعها فلان إنه إن كان عقد يمينه على الدار؛ لأنها داره لا يحنث إن سكنها وهي لغيره، وإن كان إنما عقد يمينه على الدار وجعل تسميته صاحبها صفة من صفاتها مثل قوله هذه الدار المزوقة فذهب تزويقها، فأراه حانثا إن سكنها (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا حلف أن لا يسكن دار فلان هذه بعينها وباعها فلان فإن كانت نيته على الدار حنث بأي وجه سكنها، وإن ملكها هو وإن كانت نيته ما كانت لفلان لم يحنث إذا خرجت من ملكه، وإن لم يكن له نية حنث إذا قال دار فلان هذه. [من حلف أن لا يدخل هذه الدار وهذا البيت فغير عن حاله] فيمن حلف أن لا يدخل هذه الدار وهذا البيت فغير عن حاله (قيل للشافعي) - رحمه الله تعالى - فإنا نقول لو أن رجلا حلف أن لا يدخل هذه الدار فهدمت حتى صارت طريقا، أو خربة يذهب الناس فيها ذاهبين وجائين إنه إن كان في يمينه سبب يستدل به على شيء من نيته وما أراد في يمينه حمل على ما استدل به، وإن لم يكن لذلك سبب يستدل به على شيء من نيته فإنا لا نرى عليه حنثا في دخولها (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا حلف الرجل أن لا يدخل هذه الدار فانهدمت حتى صارت طريقا، ثم دخلها لم يحنث لأنها ليست بدار قال فإنا نقول فيمن قال والله لا أدخل من باب هذه الدار فحول بابها فدخل من بابها هذا المحدث إنه حانث (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا حلف الرجل أن لا يدخل من باب هذه الدار ولا نية له فحول بابها إلى موضع آخر فدخل منه لم يحنث، وإن كانت له نية فنوى من باب هذه الدار في هذا الموضع لم يحنث (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولو نوى أن لا يدخل الدار حنث (قال) : فإنا نقول فيمن حلف أن لا يلبس هذا الثوب وهو قميص فقطعه قباء، أو سراويل، أو جبة إنا نراه حانثا إلا أن تكون له نية يستدل بها على أنه لا حنث عليه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : إذا حلف الرجل أن لا يلبس ثوبا وهو رداء فقطعه قميصا، أو اتزر به، أو ارتدى به، أو قطعه قلانس، أو تبابين، أو حلف أن لا يلبس سراويل فاتزر بها، أو قميصا فارتدى به فهذا كله لبس وهو يحنث في هذا كله إذا لم تكن له نية فإن كانت له نية لم يحنث إلا على نيته إن حلف أن لا يلبس القميص كما تلبس القمص فارتدى به لم يحنث، وكذلك إن حلف أن لا يلبس الرداء كما تلبس الأردية فلبسه قميصا لم يحنث، وإذا حلف الرجل أن لا يلبس ثوب امرأته، وقد كانت منت بالثوب عليه، أو ثوب رجل من عليه، فأصل ما أبني عليه أن لا أنظر إلى سبب يمينه أبدا وإنما أنظر إلى مخرج اليمين، ثم أحنث صاحبها، أو أبره على مخرجها، وذلك أن الأسباب متقدمة، والأيمان محدثة بعدها فقد يحدث على مثالها وعلى خلاف مثالها فلما كان هكذا لم أحنثه على سبب يمينه وأحنثه على مخرج يمينه. أرأيت لو أن رجلا قال لرجل قد نحلتك داري، أو قد وهبتك مالي فحلف ليضربنه أما يحنث إن لم يضربه وليس حلفه ليضربنه يشبه سبب ما قال له فإذا حلف أن لا يلبس هذا الثوب لثوب امرأته فوهبته له، أو باعته فاشترى بثمنه ثوبا، أو انتفع به لم يحنث ولا يحنث أبدا إلا بلبسه (قال) : فإنا نقول فيمن حلف أن لا يدخل دار فلان فرقى على ظهر بيته أنه يحنث؛ لأنه دخلها من ظهرها (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : إذا حلف الرجل أن لا يدخل دار فلان فرقى فوقها فلم يدخلها وإنما دخوله أن يدخل بيتا منها أو عرصتها (قال) : فإنا نقول فيمن حلف أن لا يدخل بيت فلان فدخل بيت فلان المحلوف عليه وإنما فلان ساكن في ذلك البيت بكراء إنه يحنث؛ لأنه بيته ما دام ساكنا فيه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا حلف الرجل أن لا يدخل بيت فلان وفلان في بيت بكراء لم يحنث لأنه ليس بيت فلان إلا أن يكون أراد مسكن فلان، ولو حلف أن لا يدخل مسكن فلان فدخل عليه مسكنا بكراء حنث إلا أن يكون نوى مسكنا له يملكه (قال) : فإنا نقول فيمن حلف أن لا يدخل دار فلان فاحتمله إنسان، فأدخله قهرا فإنه إن كان غلبه على ذلك ولم يتراخ فلا حنث عليه إن كان حين قدر على الخروج خرج من ساعته، فأما إن أقام، ولو شاء أن يخرج خرج فإن هذا حانث (أخبرنا الربيع) قال (أخبرنا الشافعي - رحمه الله تعالى -) : قال إذا حلف أن لا يدخل دار فلان فحمل فأدخلها لم يحنث إلا أن يكون هو أمرهم أن يدخلوه تراخى، أو لم يتراخ (قال) : فإنا نقول فيمن حلف بالطلاق أن لا يدخل دار فلان فقال إنما حلفت أن لا أدخلها ونويت شهرا إنا نرى عليه أنه إن كانت عليه في يمينه بينة فإنه لا يصدق بنيته، وإن دخلها حنث، وإن كان لا بينة عليه في يمينه قبل ذلك منه مع يمينه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا حلف الرجل بطلاق امرأته أن لا يدخل دار فلان فقال نويت شهرا أو يوما فهو كذلك فيما بينه وبين الله عز وجل وعليه اليمين، فأما في الحكم فمتى دخلها فهي طالق (قال) : فإنا نقول فيمن قال والله لا أدخل على فلان بيتا فدخل عليه فلان ذلك بيتا إنا نراه حانثا إن أقام معه في البيت حين دخل عليه، وذلك أنه ليس يراد باليمين في مثل هذا الدخول ولكن يراد به المجالسة إلا أن تكون نيته يوم حلف أن لا يدخل عليه وأنه كان هو في البيت أولا، ثم دخل عليه الآخر فلا حنث عليه، وإذا كان هذا هكذا نيته يوم حلف فإنا لا نرى عليه حنثا إذا كان المحلوف عليه هو الداخل عليه بعد دخوله (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : إذا حلف الرجل أن لا يدخل على رجل بيتا فدخل عليه الآخر بيته، فأقام معه لم يحنث لأنه لم يدخل عليه (قال) : فإنا نقول فيمن حلف أن لا يدخل على فلان بيتا فدخل على جار له بيته فإذا فلان المحلوف عليه في بيت جاره إنه يحنث؛ لأنه داخل عليه وسواء كان البيت له أو لغيره وأنه إن دخل عليه مسجدا لم يحنث إلا أن يكون نوى المسجد في يمينه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : إذا حلف الرجل أن لا يدخل على رجل بيتا فدخل على رجل غيره بيتا فوجد ذلك المحلوف عليه في ذلك البيت لم يحنث من قبل أنه ليس على ذلك دخل (قال الربيع) وللشافعي قول آخر إنه يحنث إذا دخل عليه لأنه قد دخل عليه بيتا كما حلف، وإن كان قد قصد بالدخول على غيره (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإن علم أنه في البيت فدخل عليه حنث في قول من يحنث على غير النية ولا يرفع الخطأ، فأما إذا حلف أن لا يدخل عليه بيتا فدخل عليه المسجد لم يحنث بحال. [من حلف على أمرين أن يفعلهما أو لا يفعلهما ففعل أحدهما] (قال) : فإنا نقول فيمن حلف أن لا يكسو امرأته هذين الثوبين فكساها أحدهما أنه حانث إلا أن يكون نوى في يمينه أن لا يكسوها إياهما جميعا لحاجته إلى أحدهما، أو لأنها لا حاجة لها فيهما جميعا فقال أنت طالق إن فعلت فتكون له نيته (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا حلف الرجل أن لا يكسو امرأته هذين الثوبين، أو هذه الأثواب الثلاثة فكساها أحد الثوبين، أو أحد الثلاثة، أو كساها من الثلاثة اثنين وترك واحدا لم يحنث، وكذلك لو حلف أن لا يأكل هذين القرصين، فأكلهما إلا قليلا لم يحنث إلا أن يأتي على الشيئين اللذين حلف عليهما إلا أن يكون ينوي أن لا يكسوها من هذه الأثواب شيئا، أو لا يأكل من هذا الطعام شيئا فيحنث، وإذا قال والله لا أشرب ماء هذه الإداوة ولا ماء هذا النهر ولا ماء هذا البحر كله فكل هذا سواء ولا يحنث إلا أن يشرب ماء الإداوة كله ولا سبيل إلى أن يشرب ماء النهر كله ولا ماء البحر كله ولكنه لو قال لا أشرب من ماء هذه الإداوة ولا من ماء هذا النهر ولا من ماء هذا البحر فشرب منه شيئا حنث إلا أن تكون له نية فيحنث على قدر نيته، وإذا قال والله لا أكلت خبزا وزيتا، فأكل خبزا ولحما لم يحنث، وكذلك كل شيء أكله مع الخبز سوى الزيت وكل شيء أكل به الزيت سوى الخبز فإنه ليس بحانث، وكذلك لو قال لا آكل زيتا ولحما فكذلك كل ما أكل مع اللحم سوى الزيت (قال) : فإنا نقول لمن قال لأمته، أو امرأته أنت طالق، أو أنت حرة إن دخلت هاتين الدارين فدخلت إحداهما ولم تدخل الأخرى إنه حانث وإن قال إن لم تدخليهما فأنت طالق، أو أنت حرة فإنا لا نخرجه من يمينه إلا بدخولهما جميعا (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قال لامرأته أنت طالق إن دخلت هاتين الدارين أو لأمته أنت حرة إن دخلت هاتين الدارين لم يحنث في واحدة منهما إلا بأن تدخلهما معا، وكذلك كل يمين حلف عليها من هذا الوجه (قال) : فإنا نقول فيمن قال لعبدين له أنتما حران إن شئتما فإن شاءا جميعا الحرية فهما حران وإن شاءا جميعا الرق فهما رقيقان، وإن شاء أحدهما الحرية وشاء الآخر الرق فالذي شاء الحرية منهما حر ولا حرية بمشيئة هذا للذي لم يشأ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قال الرجل لعبدين له أنتما حران إن شئتما لم يعتقا إلا بأن يشاءا معا ولم يعتقا بأن يشاء أحدهما دون الآخر، وكذلك إن قال أنتما حران إن شاء فلان وفلان لم يعتقا إلا أن يشاء فلان وفلان ولم يعتقا بأن يشاء أحدهما دون الآخر، ولو كان قال لهما أيكما شاء العتق فهو حر، فأيهما شاء فهو حر شاء الآخر، أو لم يشأ (قال) : فإنا نقول في رجل قال والله لئن قضيتني حقي في يوم كذا، وكذا لأفعلن بك كذا، وكذا فقضاه بعض حقه إنه لا يلزمه اليمين حتى يقضيه حقه كله؛ لأنه أراد به الاستقصاء (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولو كان لرجل على رجل حق فحلف لئن قضيتني حقي في يوم كذا، وكذا لأهبن لك عبدا من يومك فقضاه حقه كله إلا درهما، أو فلسا في ذلك اليوم كله لم يحنث ولا يحنث إلا بأن يقضيه حقه كله قبل أن يمر اليوم الذي قضاه فيه آخر حقه ولا يهب له عبدا. [من حلف على غريم له أن لا يفارقه حتى يستوفي حقه] (أخبرنا الربيع) قال: قيل للشافعي فإنا نقول فإن حلف أن لا يفارق غريما له حتى يستوفي حقه ففر منه، أو أفلس إنه حانث إلا أن تكون له نية (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا حلف الرجل أن لا يفارق غريمه حتى يأخذ حقه منه ففر منه غريمه لم يحنث؛ لأنه لم يفارقه هو، ولو كان قال لا أفترق أنا وهو حنث في قول من لا يطرح الخطأ والغلبة عن الناس، ولا يحنث في قول من طرح الخطأ والغلبة عن الناس، فأما إن حلف لا يفارقه حتى يأخذ منه حقه فأفلس فيحنث في قول من لا يطرح الغلبة عن الناس، والخطأ ولا يحنث في قول من طرح الخطأ، والغلبة عنهم (قال) : فإنا نقول فيمن حلف لغريم له أن لا يفارقه حتى يستوفي منه حقه فأحاله على غريم له آخر إنه إن كان فارقه بعد الحمالة فإنه حانث لأنه حلف أن لا يفارقه حتى يستوفي ففارقه ولم يستوف لما أحاله، ثم استوفاه بعد (قال الربيع) الذي يأخذ به الشافعي أنه إن لم يفرط فيه حتى فر منه فهو مكره فلا شيء عليه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : إذا حلف الرجل أن لا يفارق الرجل حتى يستوفي منه حقه، فأحاله بعد على رجل غيره، فأبرأه، ثم فارقه حنث، وإن كان حلف أن لا يفارقه وله عليه حق لم يحنث؛ لأنه، وإن لم يستوف أولا بالحمالة فقد برئ بالحوالة (قال) : فإنا نقول فيمن حلف على غريم له أن لا يفارقه حتى يستوفي حقه منه فاستوفاه فلما افترقا أصاب بعضها نحاسا، أو رصاصا، أو نقصا بينا نقصانه إنه حانث لأنه فارقه ولم يستوف وإنه إن أخذ بحقه عرضا فإن كان يسوى ما أخذه به وهو قيمته لو أراد أن يبيعه باعه ولم يحنث (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا حلف أن لا يفارقه حتى يستوفي منه حقه، فأخذ منه حقه فيما يرى، ثم وجد دنانيره زجاجا، أو نحاسا حنث في قول من لم يطرح عن الناس الخطأ في الأيمان ولا يحنث في قول من يطرح عن الناس ما لم يعمدوا عليه في الأيمان لأن هذا لم يعمد أن يأخذ إلا وفاء حقه وهو قول عطاء إنه يطرح عن الناس الخطأ والنسيان ورواه عطاء فإذا حلف أن لا يفارقه حتى يستوفي حقه، فأخذ بحقه ![]()
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]() ![]() كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي المجلد السابع الحلقة (297) صــــــــــ 115 الى صـــــــــــ 121 فيه شفعة إنما هذا نكاح أرأيت لو طلقها قبل أن يدخل بها كم للشفيع منها وبم يأخذ بالقيمة، أو بالمهر، وكذلك إذا اختلعت بشقص من دار في قولهما جميعا (قال الشافعي) : وإذا تزوج الرجل المرأة بنصيب من دار غير مقسومة فأراد شريك المتزوج الشفعة أخذها بقيمة مهر مثلها، ولو طلقها قبل أن يدخل بها كانت الشفعة تامة كان للزوج الرجوع بنصف ثمن الشفعة، وكذلك لو اختلعت بشقص من دار ولا يجوز أن يتزوجها بشقص إلا أن يكون معلوما محسوبا فيتزوجها بما قد علمت من الصداق فإن تزوجها على شقص غير محسوب ولا معلوم كان لها صداق مثلها ولم يكن فيه شفعة؛ لأنه مهر مجهول فيثبت النكاح وينفسخ المهر ويرد إلى ربه ويكون لها صداق مثلها (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا اشترى الرجل دارا وبنى فيها بناء، ثم جاء الشفيع يطلبها بالشفعة فإن أبا حنيفة - رضي الله تعالى عنه - كان يقول يأخذ الشفيع الدار ويأخذ صاحب البناء النقض وبه يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يجعل الدار ولا بناء للشفيع ويجعل عليه قيمة البناء وثمن الدار الذي اشتراها به صاحب البناء وإلا فلا شفعة له. (قال الشافعي) : - رضي الله تعالى عنه - وإذا اشترى الرجل نصيبا من دار، ثم قاسم فيه وبنى، ثم طلبه الشفيع بالشفعة قيل له: إن شئت فأد الثمن الذي اشتراه به وقيمة البناء اليوم وإن شئت فدع الشفعة لا يكون له إلا هذا؛ لأنه بنى غير متعد فلا يكون عليه هدم ما بنى، وإذا اشترى الرجل أرضا، أو دارا فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول لصاحب الشفعة الشفعة حين علم فإن طلب الشفعة وإلا فلا شفعة له وبه يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول هو بالخيار ثلاثة أيام بعد علمه (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا بيع شقص من الدار والشفيع حاضر عالم فطلب مكانه فله الشفعة وإن أخر الطلب فذكر عذرا من مرض، أو امتناع من وصول إلى السلطان، أو حبس سلطان، أو ما أشبهه من العذر كان على شفعته ولا وقت في ذلك إلا أن يمكنه وعليه اليمين ما ترك ذلك رضي بالتسليم للشفعة ولا تركا لحقه فيه فإن كان غائبا فالقول فيه كهو في معنى الحاضر إذا أمكنه الخروج، أو التوكيل ولم يكن له حابس فإن ترك ذلك انقطعت شفعته، وإذا أخذ الرجل الدار بالشفعة من المشتري ونقده الثمن فإن أبا حنيفة - رضي الله تعالى عنه - كان يقول العهدة على المشتري الذي أخذ المال وبه يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول العهدة على البائع؛ لأن الشفعة وقعت يوم اشترى المشتري للشفيع (قال الشافعي) : - رضي الله تعالى عنه - فإذا أخذ الرجل الشقص بالشفعة من المشتري فعهدته على المشتري الذي أخذ منه وعهدة المشتري على بائعه إنما تكون العهدة على من قبض المال وقبض منه المبيع، ألا ترى أن البائع الأول ليس بمالك، ولو أبرأ الآخذ بالشفعة من الثمن لم يبرأ، ولو كان تبرأ إلى المشتري منه من عيب لم يعلم به المستشفع فإن علم المستشفع بعد أخذه بالشفعة كان له رده وإذا كانت الشفعة لليتيم فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول له الشفعة فإن كان له وصي أخذها بالشفعة وإن لم يكن له وصي كان على شفعته إذا أدرك فإن لم يطلب الوصي الشفعة بعد علمه فليس لليتيم شفعة إذا أدرك، وكذلك الغلام إذا كان أبوه حيا وبه يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول لا شفعة للصغير وقال أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - الشفعة للشريك الذي لم يقاسم وهي بعده للشريك الذي قاسم والطريق واحدة بينهما وهي بعده للجار الملاصق، وإذا اجتمع الجيران، وكان التصاقهم سواء فهم شركاء في الشفعة، وكان ابن أبي ليلى يقول بقول أبي حنيفة حتى كتب إليه أبو العباس أمير المؤمنين يأمره أن لا يقضي بالشفعة إلا للشريك الذي لم يقاسم فأخذ بذلك، وكان لا يقضي إلا للشريك الذي لم يقاسم وهذا قول أهل الحجاز، وكذلك بلغنا عن علي وابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -. (قال الشافعي) : ، وكذلك لو اقتسموا الدار، والأرض وتركوا بينهم طريقا، أو تركوا بينهم مشربا لم تكن شفعة ولا نوجب الشفعة فيما قسم بشرك في طريق ولا ماء، وقد ذهب بعض أهل البصرة إلى جملة قولنا فقالوا لا شفعة إلا فيما بين القوم الشركاء فإذا بقيت بين القوم طريق مملوكة لهم، أو مشرب مملوك لهم فإن كانت الدار، والأرض مقسومة ففيها شفعة لأنهم شركاء في شيء من الملك ورووا حديثا عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شبيها بهذا المعنى أحسبه يحتمل شبيها بهذا المعنى ويحتمل خلافه قال «الجار أحق بسقبه إذا كانت الطريق واحدة» وإنما منعنا من القول بهذا أن أبا سلمة وأبا الزبير سمعا جابرا وأن بعض حجازيينا يروي عن عطاء عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الشفعة شيئا ليس فيه هذا وفيه خلافه، وكان اثنان إذا اجتمعا على الرواية عن جابر، وكان الثالث يوافقهما أولى بالتثبت في الحديث إذا اختلف عن الثالث، وكان المعنى الذي به منعنا الشفعة فيما قسم قائما في هذا المقسوم ألا ترى أن الخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «إن الشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود فلا شفعة» ولا يجد أحد قال بهذا القول مخرجا من أن يكون قد جعل الشفعة فيما وقعت فيه الحدود فإن قال فإني إنما جعلتها فيما وقعت فيه الحدود لأنه قد بقي من الملك شيء لم تقع فيه الحدود قيل فيحتمل ذلك الباقي أن يجعل فيه الشفعة فإن احتمل فاجعلها فيه ولا تجعلها فيما وقعت فيه الحدود فتكون قد اتبعت الخبر وإن لم يحتمل فلا تجعل الشفعة في غيره وقال بعض المشرقيين الشفعة للجار وللشريك إذا كان الجار ملاصقا، أو كانت بين الدار المبيعة والدار التي له فيها الشفعة رحبة ما كانت إذا لم يكن فيها طريق نافذة وإن كان فيها طريق نافذة وإن ضاقت فلا شفعة للجار قلنا لبعض من يقول هذا القول على أي شيء اعتمدتم؟ قال على الأثر أخبرنا سفيان بن عيينة عن إبراهيم بن ميسرة عن عمرو بن الشريد عن أبي رافع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «الجار أحق بسقبه» فقيل له فهذا لا يخالف حديثنا ولكن هذا جملة وحديثنا مفسر قال وكيف لا يخالف حديثكم؟ قلنا الشريك الذي لم يقاسم يسمى جارا ويسمى المقاسم ويسمى من بينك وبينه أربعون دارا فلم يجز في هذا الحديث إلا ما قلنا من أنه على بعض الجيران دون بعض فإذا قلناه لم يجز ذلك لنا على غيرنا إلا بدلالة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «الشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود فلا شفعة» دل هذا على أن قوله في الجملة «الجار أحق بسقبه» على بعض الجيران دون بعض وأنه الجار الذي لم يقاسم، فإن قال وتسمي العرب الشريك جارا قيل نعم كل من قارب بدنه بدن صاحبه قيل له: جار قال فادللني على هذا قيل له قال حمل بن مالك بن النابغة «كنت بين جارتين لي فضربت إحداهما الأخرى بمسطح فألقت جنينا ميتا فقضى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بغرة» وقال الأعشى لامرأته: أجارتنا بيني فإنك طالقه فقيل له فأنت إذا قلت هو خاص على بعض الجيران دون بعض لم تأت فيه بدلالة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم تجعله على من لزمه اسم الجوار وحديث إبراهيم بن ميسرة لا يحتمل إلا أحد المعنيين، وقد خالفتهما معا، ثم زعمت أن الدار تباع وبينها وبين دار الرجل رحبة فيها ألف ذراع فأكثر إذا لم يكن فيها طريق نافذة فيكون فيها الشفعة وإن كانت بينهما طريق نافذة عرضها ذراع لم تجعل فيها الشفعة فجعلت الشفعة لأبعد الجارين ومنعتها أقربهما وزعمت أن من أوصى لجيرانه قسمت وصيته على من كان بين داره وداره أربعون دارا فكيف لم تجعل الشفعة على ما قسمت عليه الوصية إذا خالفت حديثنا وحديث إبراهيم بن ميسرة الذي احتججت به؟ قال فهل قال بقولكم أحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قلنا نعم ولا يضرنا بعد إذ ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن لا يقول به أحد قال، فمن قال به؟ قيل عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - وعثمان - رضي الله تعالى عنه - وقال بعض التابعين عمر بن عبد العزيز - رحمه الله تعالى - عليه وغيره. وإذا اشترى الرجل الدار وسمى أكثر مما أخذها به فسلم ذلك الشفيع، ثم علم بعد ذلك أنه أخذها بدون ذلك فإن أبا حنيفة - رضي الله تعالى عنه - كان يقول هو على شفعته؛ لأنه إنما سلم بأكثر من الثمن وبه يأخذ، وكان ابن أبي ليلى - رحمه الله تعالى - يقول لا شفعة له؛ لأنه قد سلم ورضي أخبرنا الحسن بن عمارة عن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس، وعن الحكم عن يحيى عن علي أنهما قالا لا شفعة إلا لشريك لم يقاسم الحجاج بن أرطاة عن عمرو بن شعيب عن عمرو بن الشريد عن أبيه قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «الجار أحق بسقبه ما كان» أبو حنيفة عن أبي أمية عن المسور بن مخرمة، أو عن سعد بن مالك قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «الجار أحق بسقبه» (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : واذا اشترى الرجل النصيب من الدار فقال أخذته بمائة فسلم ذلك الشفيع، ثم علم الشفيع بعد أنه أخذه بأقل من المائة فله حينئذ الشفعة وليس تسليمه بقاطع شفعته إنما سلمه على ثمن فلما علم ما هو دونه كان له الأخذ بالشفعة، ولو علم بعد أن الثمن أكثر من الذي سلمه به لم يكن له شفعة من قبل أنه إذا سلمه بالأقل كان الأكثر أولى أن يسلمه به. [باب المزارعة] (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أعطى الرجل الرجل أرضا مزارعة بالنصف، أو الثلث، أو الربع، أو أعطى نخلا، أو شجرا معاملة بالنصف، أو أقل من ذلك، أو أكثر فإن أبا حنيفة - رضي الله تعالى عنه - كان يقول هذا كله باطل لأنه استأجره بشيء مجهول يقول أرأيت لو لم يخرج من ذلك شيء أليس كان عمله ذلك بغير أجر، وكان ابن أبي ليلى يقول ذلك كله جائز بلغنا «عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه أعطى خيبر بالنصف» فكانت كذلك حتى قبض وخلافة أبي بكر - رضي الله تعالى عنه - وعامة خلافة عمر وبه يأخذ وإنما قياس هذا عندنا مع الأثر، ألا ترى أن الرجل يعطي الرجل مالا مضاربة بالنصف ولا بأس بذلك، وقد بلغنا عن عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه -، وعن عبد الله بن مسعود، وعن عثمان بن عفان - رضي الله تعالى عنه - أنهم أعطوا مالا مضاربة وبلغنا عن سعد بن أبي وقاص، وعن ابن مسعود - رضي الله تعالى عنهما - أنهما كانا يعطيان أرضهما بالربع والثلث (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا دفع الرجل إلى الرجل النخل، أو العنب يعمل فيه على أن للعامل نصف الثمرة، أو ثلثها، أو ما تشارطا عليه من جزء منها فهذه المساقاة الحلال التي عامل عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل خيبر ، وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضا بيضاء على أن يزرعها المدفوعة إليه فما أخرج الله منها من شيء فله منه جزء من الأجزاء فهذه المحاقلة، والمخابرة، والمزارعة التي نهى عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأحللنا المعاملة في النخل خبرا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحرمنا المعاملة في الأرض البيضاء خبرا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يكن تحريم ما حرمنا بأوجب علينا من إحلال ما أحللنا ولم يكن لنا أن نطرح بإحدى سنتيه الأخرى ولا نحرم بما حرم ما أحل كما لا نحل بما أحل ما حرم ولم أر بعض الناس سلم من خلاف النبي - صلى الله عليه وسلم - من واحد من الأمرين لا الذي أحلهما جميعا ولا الذي حرمهما جميعا فأما ما روي عن سعد وابن مسعود أنهما دفعا أرضهما مزارعة فما لا يثبت هو مثله ولا أهل الحديث، ولو ثبت ما كان في أحد مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة وأما قياسه وما أجاز من النخل، والأرض على المضاربة فعهدنا بأهل الفقه يقيسون ما جاء عمن دون النبي - صلى الله عليه وسلم - على ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأما أن يقاس سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - على خبر واحد من الصحابة كأنه يلتمس أن يثبتها بأن توافق الخبر عن أصحابه فهذا جهل إنما جعل الله عز وجل للخلق كلهم الحاجة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو أيضا يغلط في القياس، إنما أجزنا نحن المضاربة، وقد جاءت عن عمر وعثمان أنها كانت قياسا على المعاملة في النخل فكانت تبعا قياسا لا متبوعة مقيسا عليها، فإن قال قائل فكيف تشبه المضاربة المساقاة؟ قيل النخل قائمة لرب المال دفعها على أن يعمل فيها المساقي عملا يرجى به صلاح ثمرها على أن له بعضها فلما كان المال المدفوع قائما لرب المال في يدي من دفع إليه يعمل فيه عملا يرجو به الفضل جاز له أن يكون له بعض ذلك الفضل على ما تشارطا عليه، وكان في مثل المساقاة فإن قال فلم لا يكون هذا في الأرض؟ قيل الأرض ليست بالتي تصلح فيؤخذ منه الفضل إنما يصلح فيها شيء من غيرها وليس بشيء قائم يباع ويؤخذ فضله كالمضاربة ولا شيء مثمر بالغ فيؤخذ ثمره كالنخل وإنما هو شيء يحدث فيها، ثم بتصرف لا في معنى واحد من هذين فلا يجوز أن يكون قياسا عليها وهو مفارق لها في المبتدإ، والمتعقب، ولو جاز أن يكون قياسا ما جاز أن يقاس شيء نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - فيحل به شيء حرمه كما جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المفسد للصوم بالجماع رقبة فلم يقس عليها المفسد للصلاة بالجماع وكل أفسد فرضا بالجماع. [باب الدعوى والصلح] (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا ادعى الرجل الدعوى قبل رجل في دار، أو دين، أو غير ذلك فأنكر ذلك المدعى عليه الدعوى، ثم صالحه من الدعوى وهو منكر لذلك فإن أبا حنيفة - رحمه الله - كان يقول في هذا جائز وبه يأخذ، وكان ابن أبي ليلى لا يجيز الصلح على الإنكار، وكان أبو حنيفة يقول كيف لا يجوز هذا وأجوز ما يكون الصلح على الإنكار، وإذا وقع الإقرار لم يقع الصلح (قال الشافعي) : (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وبه أقول، وإذا صالح الرجل الطالب عن المطلوب، والمطلوب متغيب فإن أبا حنيفة - رضي الله تعالى عنه - كان يقول الصلح جائز وبه يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول الصلح مردود لأن المطلوب متغيب عن الطالب، وكذلك لو أخر عنه دينا عليه وهو متغيب كان قولهما جميعا على ما وصفت لك. (قال الشافعي) : - رضي الله تعالى عنه -، وإذا صالح الرجل عن الرجل، والمصالح عنه غائب، أو أنظره صاحب الحق وهو غائب فذلك كله جائز ولا أبطل بالتغيب شيئا أجيزه في الحضور؛ لأن هذا ليس من معاني الإكراه الذي أرده وإذا صالح الرجل الرجل، أو باع بيعا، أو أقر بدين فأقام البينة أن الطالب أكرهه على ذلك فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول ذلك كله جائز ولا أقبل منه بينة أنه أكرهه وبه يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول أقبل البينة على الإكراه وأرد ذلك عليه وقال أبو يوسف - رحمه الله تعالى - إذا كان الإكراه في موضع أبطل فيه الدم قبلت البينة على الإكراه وتفسير ذلك أن رجلا لو شهر على رجل سيفا فقال لتقرن، أو لأقتلنك فقال أقبل منه البينة على الإكراه وأبطل عنه ذلك الإقرار (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا أكره الرجل الرجل على بيع، أو إقرار، أو صدقة، ثم أقام المكره البينة أنه فعل ذلك كله وهو مكره أبطلت هذا كله عنه، والإكراه ممن كان أقوى من المكره في الحال التي يكرهه فيها التي لا مانع له فيها من إكراهه ولا يمتنع هو بنفسه سلطانا كان، أو لصا، أو خارجيا، أو رجلا في صحراء، أو في بيت مغلق على من هو أقوى منه، وإذا اختصم الرجلان إلى القاضي فأقر أحدهما بحق صاحب بعدما قاما من عند القاضي وقامت عليه بذلك بينة وهو يجحد ذلك فإن أبا حنيفة - رضي الله تعالى عنه - كان يقول ذلك جائز وبه يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول لا إقرار لمن خاصم إلا عندي ولا صلح لهما إلا عندي (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا اختصم الرجلان إلى القاضي فأقر أحدهما عند القاضي في مجلس الحكم، أو غير مجلسه، أو علم القاضي فإن ثبت لأحدهما على الآخر حق قبل الحكم، أو بعده فالقول فيه واحد من قولين من قال يقضي القاضي بعلمه؛ لأنه إنما يقضي بشاهدين على أنه عالم في الظاهر أن ما شهدا به كما شهدا قضى بهذا، وكان علمه أولى من شهادة شاهدين وشهود كثيرة؛ لأنه لا يشك في علمه ويشك في شهادة الشاهدين ومن قال القاضي كرجل من الناس قال إن حكم بينهما لم يكن شاهدا وكلف الخصم شاهدين غيره، وكان حكمه كحكم من لم يسمع شيئا ولم يعلمه وهذا قول شريح قد جاءه رجل يعلم له حقا فسأله أن يقضي له به فقال ائتني بشاهدين إن كنت تريد أن أقضي لك قال أنت تعلم حقي قال فاذهب إلى الأمير فاشهد لك ومن قال هذا قال إن الله عز وجل تعبد الخلق بأن تؤخذ منهم الحقوق إذا تجاحدوا بعدد بينة فلا تؤخذ بأقل منها ولا تبطل إذا جاءوا بها وليس الحاكم على يقين من أن ما شهدت به البينة كما شهدت، وقد يكون ما هو أقل منها عددا أزكى فلا يقبل وما تم العدد أنقص من الزكاة فيقبلون إذا وقع عليهم أدنى اسم العدل ولم يجعل للحاكم أن يأخذ بعلمه كما لم يجعل له أن يأخذ بعلم واحد غيره ولا أن يكون شاهدا حاكما في أمر واحد كما لم يكن له أن يحكم لنفسه لو علم أن حقه حق (قال الربيع) الذي يذهب إليه الشافعي أنه يحكم بعلمه؛ لأن علمه أكبر من تأدية الشاهدين الشهادة إليه وإنما كره إظهار ذلك لئلا يكون القاضي غير عدل فيذهب بأموال الناس. وإذا اصطلح الرجلان على حكم يحكم بينهما فقضى بينهما بقضاء مخالف لرأي القاضي فارتفعا إلى ذلك القاضي فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول ينبغي لذلك القاضي أن يبطل حكمه ويستقبل الحكم بينهما وبه يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول حكمه عليهما جائز (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا اصطلح الرجلان على أن يحكم الرجل بينهما في شيء يتنازعان فيه فحكم لأحدهما على الآخر فارتفعنا إلى القاضي فرأى خلاف ما يرى الحكم بينهما فلا يجوز في هذا إلا واحد من قولين إما أن يكون إذا اصطلحا جميعا على حكمه ثبت القضاء وافق ذلك قضاء القاضي، أو خالفه فلا يكون للقاضي أن يرد من حكمه إلا ما يرد من حكم القاضي غيره من خلاف كتاب، أو سنة، أو إجماع، أو شيء داخل في معناه وإما أن يكون حكمه بينهما كالفتيا فلا يلزم واحدا منهما شيء فيبتدئ القاضي النظر بينهما كما يبتدئه بين من لم يحاكم إلى أحد [باب الصدقة والهبة] (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا وهبت المرأة لزوجها هبة، أو تصدقت، أو تركت له من مهرها، ثم قالت أكرهني وجاءت على ذلك ببينة فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول لا أقبل بينتها وأمضي عليها ما فعلت من ذلك، وكان ابن أبي ليلى - رحمه الله تعالى - يقول أقبل بينتها على ذلك وأبطل ما صنعت (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا تصدقت المرأة على زوجها بشيء، أو وضعت له من مهرها، أو من دين كان لها عليه فأقامت البينة أنه أكرهها على ذلك والزوج في موضع القهر للمرأة أبطلت ذلك عنها كله، وإذا وهب الرجل هبة وقبضها الموهوب له وهي دار فبناها بناء وأعظم النفقة، أو كانت جارية صغيرة فأصلحها، أو صنعها حتى شبت وأدركت فإن أبا حنيفة - رضي الله تعالى عنه - كان يقول لا يرجع الواهب في شيء من ذلك ولا في كل هبة زادت عند صاحبها خيرا ، ألا ترى أنه قد حدث فيها في ملك الموهوبة له شيء لم يكن في ملك الواهب؟ أرأيت إن ولدت الجارية ولدا كان للواهب أن يرجع فيه ولم يهبه له ولم يملكه قط؟ وبهذا يأخذ. وكان ابن أبي ليلى يقول: له أن يرجع في ذلك كله وفي الولد (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا وهب الرجل للرجل جارية، أو دارا فزادت الجارية في يديه، أو بنى الدار فليس للواهب الذي ذكر أنه وهب للثواب ولم يشترط ذلك أن يرجع في الجارية أي حال ما كانت زادت خيرا، أو نقصت كما لا يكون له إذا أصدق المرأة جارية فزادت في يديها، ثم طلقها أن يرجع بنصفها زائدة فأما الدار فإن الباني إنما بنى ما يملك فلا يكون له أن يبطل بناءه ولا يهدمه ويقال له إن أعطيته قيمة البناء أخذت نصف الدار، والبناء كما يكون لك وعليك في الشفعة يبني فيها صاحبها ولا يرجع بنصفها كما لو أصدقها دارا فبنتها لم يرجع بنصفها؛ لأنه مبنيا أكثر قيمة منه غير مبني، ولو كانت الجارية ولدت كان الولد للموهوبة له؛ لأنه حادث في ملكه بائن منها كمباينة الخراج، والخدمة لها كما لو ولدت في يد المرأة المصدقة، ثم طلقت قبل الدخول كان الولد للمرأة ورجع بنصف الجارية إن أراد ذلك. وإذا وهب الرجل جارية لابنه وابنه كبير وهو في عياله فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول لا تجوز إلا أن يقبض وبه يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول إذا كان الولد في عيال أبيه وإن كان قد أدرك فهذه الهبة جائزة، وكذلك الرجل إذا وهب لامرأته (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا وهب الرجل لابنه جارية وابنه في عياله فإن كان الابن بالغا لم تكن الهبة تامة حتى يقبضها الابن وسواء كان في عياله، أو لم يكن، وكذلك روي عن أبي بكر وعائشة وعمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنهم - في البالغين، وعن عثمان أنه رأى أن الأب يحوز لولده ما كانوا صغارا وهذا يدل على أنه لا يحوز لهم إلا في حال الصغر. (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وهكذا كل هبة ونحلة وصدقة غير محرمة فهي كلها من العطايا التي لا يؤخذ عليها عوض ولا تتم إلا بقبض المعطى. وإذا وهب الرجل دارا لرجلين، أو متاعا، وذلك المتاع مما يقسم فقبضاه جميعا فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول لا تجوز تلك الهبة إلا أن يقسم لكل واحد منهما منها حصته، وكان ابن أبي ليلى يقول الهبة جائزة وبه يأخذ، وإذا وهب اثنان لواحد وقبض فهو جائز وقال أبو يوسف هما سواء (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا وهب الرجل لرجلين بعض دار لا تقسم، أو طعاما، أو ثيابا، أو عبدا لا ينقسم فقبضا جميعا الهبة فالهبة جائزة كما يجوز البيع، وكذلك لو وهب اثنان دارا بينهما تنقسم، أو لا تنقسم، أو عبدا لرجل وقبض جازت الهبة، وإذا كانت الدار لرجلين فوهب أحدهما حصته لصاحبه ولم يقسمه له فإن أبا حنيفة - رضي الله تعالى عنه - كان يقول الهبة في هذا باطلة ولا تجوز وبه يأخذ ومن حجته في ذلك أنه قال لا تجوز الهبة إلا مقسومة معلومة مقبوضة بلغنا عن أبي بكر - رضي الله تعالى عنه - أنه نحل عائشة أم المؤمنين - رضي الله تعالى عنها - جذاذ عشرين وسقا من نخل له بالعالية فلما حضره الموت قال لعائشة إنك لم تكوني قبضتيه وإنما هو مال الوارث فصار بين الورثة لأنها لم تكن قبضته، وكان إبراهيم يقول لا تجوز الهبة إلا مقبوضة وبه يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول إذا كانت الدار بين رجلين فوهب أحدهما لصاحبه نصيبه فهذا قبض منه للهبة وهذه معلومة وهذه جائزة، وإذا وهب الرجلان دارا لرجل فقبضها فهو جائز في قول أبي حنيفة - رحمه الله تعالى - ولا يفسد الهبة أنها كانت لاثنين وبه يأخذ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا كانت الدار بين رجلين فوهب أحدهما لصاحبه نصيبه فقبض الهبة فالهبة جائزة، والقبض أن تكون كانت في يدي الواهب فصارت في يدي الموهوبة له لا وكيل معه فيها، أو يسلمها ربها ويخلي بينه وبينها حتى يكون لا حائل دونها هو ولا وكيل له فإذا كان هذا هكذا كان قبضا، والقبض في الهبات كالقبض في البيوع ما كان قبضا في البيع كان قبضا في الهبة وما لم يكن قبضا في البيع لم يكن قبضا في الهبة. وإذا وهب الرجل للرجل الهبة وقبضها دارا، أو أرضا، ثم عوضه بعد ذلك منها عوضا وقبض الواهب فإن أبا حنيفة - رضي الله تعالى عنه - كان يقول ذلك جائز ولا يكون فيه شفعة وبه يأخذ وليس هذا بمنزلة الشراء، وكان ابن أبي ليلى يقول هذا بمنزلة الشراء ويأخذ الشفيع بالشفعة بقيمة العوض ولا يستطيع الواهب أن يرجع في الهبة بعد العوض في قولهما جميعا (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا وهب الرجل الرجل شقصا من دار فقبضه، ثم عوضه الموهوبة له شيئا فقبضه الواهب سئل الواهب فإن قال وهبتها لثواب كان فيها الشفعة وإن قال وهبتها لغير ثواب لم يكن فيها شفعة، وكانت المكافأة كابتداء الهبة وهذا كله في قول من قال للواهب الثواب إذا قال أردته فأما من قال لا ثواب للواهب إن لم يشترطه في الهبة فليس له الرجوع في شيء وهبه ولا الثواب منه (قال الربيع) وفيه قول آخر: إذا وهب واشترط الثواب فالهبة باطلة من قبل أنه اشترط عوضا مجهولا، وإذا وهب لغير الثواب وقبضه الموهوب فليس له أن يرجع في شيء وهبه وهو معنى قول الشافعي. وإذا وهب الرجل للرجل هبة في مرضه فلم يقبضها الموهوبة له حتى مات الواهب فإن أبا حنيفة - رحمه الله تعالى - كان يقول: الهبة في هذا باطلة لا تجوز وبه يأخذ (قال) : ولا تكون له وصية إلا أن يكون ذلك في ذكر وصيته، وكان ابن أبي ليلى يقول هي جائزة من ![]()
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |