|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() رسائل مبسطة في العقيدة (1) كتبه/ أحمد شهاب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ فإن القرآن -وإن بيَّن الأدلة أوضح بيان- لم يطل الجدال في الاستدلال على وجود الله -تعالى-؛ لأنّ القرآن يقرّر أنّ الفطر السليمة، والنفوس الطاهرة المستقيمة -التي لم تتقذر بأقذار الشرك والجحود- تُقرُّ بوجوده من غير حاجة لدليل خاص. إن الإيمان بوجود الله أمر فطري ضروري -لا يتوقف على النظر والاستدلال- مع صحة الفطرة وسلامتها؛ خلافا لمن قال: إن معرفة الله نظرية تفتقر إلى نظر واستدلال، وقد فنَّد شيخ الإسلام هذا الزعم الباطل، فقال: (ليس هذا قول أحد من سلف الأمة ولا أئمتها، ولا قاله أحد من الأنبياء والمرسلين، ولا هو قول المتكلمين، ولا غالبهم، بل هذا قول محدث في الإسلام، ابتدعه متكلمو المعتزلة، ونحوهم من المتكلمين الذين اتفق سلف الأمة وأئمتها على ذمهم... بل قد اتفق سلف الأمة وأئمتها على أن معرفة الله، والإقرار به لا يقف على هذه الطرق التي يذكرها أهل النظر" (بيان تلبيس الجهمية). فالإيمان بالله ضرورة معرفية؛ أي: أن المعرفة الإنسانية لا يمكن أن تستقيم أو يكون لها نظام إلا مع الإيمان بالله، وكذلك هو ضرورة نفسية واجتماعية وأخلاقية. هذه الفطرة هي التي تفسر الظاهرة التي لاحظها الباحثون في تاريخ الأديان، وهي: أن الأمم جميعًا -التي درسوا تاريخها- اتخذت معبودات تتجه إليها وتقدَّسها. وقد بينت الدراسات على الشعوب والأمم المتعددة؛ أن الناس منذ فجر التاريخ يعبدون شيئًا ما. وفي عام 2008م نُشر بحث أكاديمي في صحيفة التلغراف البريطانية تحت عنوان: "الأطفال يولدون مؤمنين بالله" أكد أنه طبقًا للدراسات العلمية، ودون وجود محفزات خارجية لأي اتجاه؛ فإن الأطفال يولدون مؤمنين بوجود إلهٍ خلقهم وخلق الكون! وقد نصَّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- على صدق هذا، ففي البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ) (متفق عليه)، ولم يقل: يُسلمانِه، لأن الإسلام مُوافقٌ للفطرة. وإذا كان هناك من ينكر وجود الله حال الرخاء، فكل ذلك يتلاشى حال الشدة والضرورة؛ كما قال -تعالى: (وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا) (الإسراء: 67)، (وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ) (لقمان: 32). وكما قالوا في الحرب العالمية الثانية "لا يوجد ملحدين في الخنادق". فالإلحاد خيار مضاد للفطرة والعقل، بل إن شئت فقل كما قال الدكتور محمد إسماعيل المقدم: "إن الإلحاد غير مستطاع"، لكن عندما يشعر الإنسان -جهلًا وظلمًا- أنه مستغنٍ عن ربه يظهر منه الجحود والعناد: (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى . أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى) (العلق: 6، 7). فوجود الله -بل وكماله- ثابت بالعقل والفطرة والشرع فلا ينكره إلا من انتكست فطرته فعميت عن ضوء الشمس في رابعة النهار وليس يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل. وطرق الناس في يقينهم بخالقهم وموجدهم تتنوع جدًّا، فهذا دعا ربه في ضرورة أو حاجة فاستجاب له فليس بعد ذلك في نفسه حاجة لدليل يقيني آخر بعد هذه الاستجابة التي وجدها كالشمس في رابعة النهار، بل تراه يقسم بالذي نجاه يوم كذا؛ فاكتفى بهذا عن البحث عن أي دليل. وآخر رأى معجزة باهرة لنبي من الأنبياء فأحدثت له اليقين، وثالث مكتف بخبرٍ من صادقٍ هو يرى عليه علامات الصدق بادية ويعلم علم اليقين عنده أن هذا الوجه ليس بوجه كذاب فأغناه هذا عن أي دليل. ورابع يكتفي بإقسام منه له بأوثق الأيمان ويحدث له بذلك اليقين العظيم فهو يعلم بحدسه وخبرته الصادق من الكاذب. وخامس رأى رؤيا تحققت كالشمس دلته على النور والحق. وسادس يرى من نور وحيه وتشريعاته ما كفاه. وسابع رأى من سيرة رسوله ما أغناه. وثامن وتاسع وعاشر، إلى ما لا نحصره من طرق وجود اليقين في نفوس الناس. وأيًّا ما كان الطريق والسبيل إلى اليقين، فالإيمان بالله هو أصل هذا الدين وأول الواجبات، ونعني بالإيمان به ليس مجرد المعرفة النظرية بل توحيده -سبحانه وتعالى- بأسمائه وصفاته وتوحيده بأفعاله وإفراده بالعبادة وحده، فالتوحيد بمعناه الصحيح الشامل أساس الدين كله. فأول ما يجب على العباد معرفة الأمر الذي خلقهم الله له، وأخذ عليهم الميثاق به، وأرسل به رسله إليهم وأنزل به كتبه عليهم، ولأجله خلقت الدنيا والآخرة والجنة والنار، وبه حقت الحاقة ووقعت الواقعة، وفي شأنه تنصب الموازين وتتطاير الصحف، وفيه تكون الشقاوة والسعادة، وعلى حسبه تقسم الأنوار، (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ) (النور: 40)، (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات: 56)، (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا) (الملك: 2).
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() رسائل مبسطة في العقيدة (2) أصل الدِّين كتبه/ أحمد شهاب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ فقد سبق وقلنا: إن وجود الله -بل وكماله- ثابت بالعقل والفطرة والشرع؛ فلا ينكره إلا مَن انتكست فطرته فعميت عن ضوء الشمس في رابعة النهار. وليس يصح في الأذهان شيء إذا احـتـاج الـنهـار إلى دلـيـل وهي أدلة كثيرة -بفضل الله- والقرآن تكرر فيه مساران رئيسيان: 1- المسار الأول: التأكيد على تلك الفطرة نفسها؛ فهي دافع قوي جدًّا للإيمان والتوحيد يجده الإنسان من نفسه: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) (الروم: 30)، وقد سبق الحديث عن ذلك. والفطرة لأنها مستقرة في النفوس، ولكن قد يجحدها الجاحدون بألسنتهم وإن استيقنتها أنفسهم، فكان إلزام القرآن لهم بأدلة الخلق ومعاني الربوبية أقوى وأكثر، وهذا هو المسار الثاني الرئيسي. 2- المسار الثاني: الاستدلال بآثار ربوبية الله -تعالى-: وهذا يتضمن عدد كبير من الأدلة؛ ونشير منها لدليلين رئيسيين: أ*- دليل الخلق والإيجاد: فالكون حادث كائن بعد العدم، وكل شيء يحدث بعد أن لم يكن؛ فلا بد له من محدث، وهذا دليل سهل، قريب، شائع بين الناس؛ كما قال -تعالى-: (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ . أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ . أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُون َ . أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ . أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ . أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ . أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ . أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ . أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (الطور: 35 - 43)، وتأمل هذه الآيات؛ فهي من أعظم السياقات القرآنية في هذا الباب. وكذا سياق سورة الواقعة: (نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ . أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ . أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ) (الواقعة: 57-60). ب*- ودليل الإحكام والإتقان: (قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) (يونس: 101)، فالكون خلق بميزان وإحكام وإتقان هو فوق إدراك المخلوقين، ولا يصدر إلا عن إله خالق عليم قادر مقتدر. انظر إلى أقرب شيء إليك! انظر إلى نفسك؛ لترى الإحكام والإتقان في خلق الإنسان، (نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا) (الإنسان: 28)، أي: أحكمنا خلقهم وقويناهم. ارفع إصبعك الصغير أمام عينك، إن فيه مئات الملايين من الخلايا، في كل خلية منها عجائب وأسرار، لن يتسع المقام للوقوف إلا على طرف يسير من ذلك، لكن لك أن تتأمل في قول لينوس باولنج -الحائز على جائزة نوبل في الكيمياء-: "إن خلية حية واحدة من بدن الإنسان هي أشد تعقيدًا من مدينة نيويورك!". من بين خلايا جسمك البالغ عددها 37.2 تريليون خلية تقريبًا، هناك تقريبًا 10 تريليون منها تحمل نواة، في داخل نواة هذه الخلايا الجسميَّة يوجد 23 زوجًا من الكروموسومات، وبداخل هذه الكروموسومات خيط رفيع جدًّا يسمَّى: Dna شفرتك الوراثية؛ يحمل هذا الخيط معلومات عن صفاتك ووظائف أعضائك بشكل كامل. طول هذا الخيط: إذا فردنا الكروموسومات الموجودة في خلية واحدة ووصلناها ببعضها، سيبلغ طولها تقريبًا 2 متر في المتوسط، وإذا وصلنا خيوط المادة الوراثية في خلايا جسمك كلها، سيكون الطول تقريبًا 20 مليار كيلومتر، وهذا الرقم يساوي مسافة الرحلة التي تقطعها سفينة فضاء في رحلتها من الأرض إلى الشمس 70 مرة ذهابًا وإيابًا على أقل التقديرات! فتخيل أن طول المادة الوراثية في جسمك كافية لتلف حول الشمس 4577 مرة! وهذا ما يتعلق بطولها فقط؛ أما طريقة عملها، وكيفية قراءتها، واستخراج المعلومات منها؛ فعالَم آخر! وللحديث بقية -إن شاء الله-.
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]() رسائل مبسطة في العقيدة (3) أصل الدِّين كتبه/ أحمد شهاب الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ فبعد الاكتشافات في علم الكونيات والفيزياء والكيمياء والتقدُّم العلمي في هذه المجالات وغيرها، درس العلماء واكتشفوا أكثر من 1000 ثابت كوني في كوننا؛ لو اختل أحد هذه الثوابت لما نشأ الكون أو الحياة! وقد جمعها هيوروس دكتور الفيزياء الفلكية، وبلغ عددها 1115 (ألفًا ومائة وخمسة عشر ثابتًا) في حدود تقديره وعلمه المحدود. ثم تأمل هذا النداء القرآني: (يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ . الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ . فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ) (الانفطار: 6-8). ثم بعد أن تدرك عظمة الإحكام في خلق الإنسان؛ اسمع قوله -تعالى-: (لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) (غافر: 57). فأمر الكون أعظم من ذلك؛ فالكون قد ضُبِط ضبطًا دقيقًا متقنًا، وصُمِّم تصميمًا محكمًا من الذرة وما دونها إلى المجرة وما فوقها؛ كما قال الله -متحديًا كل جاحد ومعاند-: (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ . ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ) (الملك: 3-4). وهناك عدد هائل من الأمثلة والأبحاث لمن أراد التوسع في ذلك من باب تعزيز اليقين والرد على الجاحدين، ونأخذ مثالًا واحدًا فقط على هذا الأمر، وهو مثال يتعلق بنشأة الكون -دون التدبير والتصريف-: ما مدى احتمالية نشوء مثل هذا الكون بالمصادفة -على طريقتهم هم-؟ إن هذه الاحتمالات قد تم حسابها من قبل البروفيسور البريطاني روجر بنروز -أخصائي في الرياضيات وصاحب كتاب "أباطرة العقل الحديث"-، وأثبتت حسابات الاحتمالات أن هذا الاحتمال يساوي 1 مقسومًا على (10 أس 10 أس 123)؛ أي: واحدًا متبوعًا بـ123 صفرًا (وهذا على سبيل المثال أكثر من العدد الكلي للذرات، ولو جمعت جميع البروتونات والنيوترونات الموجودة في الكون لما تم الوصول إلى هذا العدد، بل بقي وراءه كثير). (أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ . وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ . تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ . وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ . وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ . رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ) (ق: 6-11)، (أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ) (الأعراف: 185). وتأمل سياقات تعداد آلاء الله -تعالى- في سور: الأنعام، والنحل، والنمل، والنبأ، وغيرها الكثير؛ تجد عجبًا لو صادف قلبًا حيًّا أو ألقى السمع وهو شهيد؛ قال ابن تيمية -رحمه الله-: "إذا تأملتَ هيئة هذا العالم ببصرك، واعتبرتها بفكرك، وجدته كالبيت المبني المُعدُّ فيه جميع ما يحتاج إليه ساكنه من آلة وعتاد؛ فالسماء مرفوعة كالسقف، والأرض مبسوطة كالبساط، والنجوم منضودة كالمصابيح، والجواهر مخزونة كالذخائر، وضروب النبات مهيأة للمطاعم والملابس والمآرب، وصنوف الحيوان مسخرة للمراكب، مستعملة في المرافق، والإنسان كالمُمَلّك البيت، المخول ما فيه. وفي هذا كله دلالة واضحة على أن العالم مخلوق بتدبير وتقدير ونظام، وأن له صانعًا حكيمًا تام القدرة بالغ الحكمة" (بيان تلبيس الجهمية). وأدلة الإيمان أكثر من أن تُعد، وطرائق الناس في الوصول لليقين لا تُحد، وعلى كل حال ففي الوحي ترى الأدلة النافعة بأنواعها المتنوعة بأفضل أسلوب وأسهل عبارة مع التأثير في النفس وإحداث اليقين بأقصر طريق. لكن كلٌ يأخذ منها بحسبه، وقد جعل الله لكل شيء قدرًا. فاللهم علمنا ما ينفعنا واهدنا سبل السلام.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |