|
|||||||
| هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
|
|
#1
|
||||
|
||||
![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء التاسع تَفْسِيرِ سُّورَةِ النِّسَاءُ الحلقة (517) صــ 336 إلى صــ 350 القول في تأويل قوله ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا ( 144 ) ) قال أبو جعفر : وهذا نهي من الله عباده المؤمنين أن يتخلقوا بأخلاق المنافقين ، الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ، فيكونوا مثلهم في ركوب ما نهاهم عنه من موالاة أعدائه . يقول لهم جل ثناؤه : يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله ، لا توالوا الكفار فتؤازروهم من دون أهل ملتكم ودينكم من المؤمنين ، فتكونوا كمن أوجبت له النار من المنافقين . ثم قال جل ثناؤه : متوعدا من اتخذ منهم الكافرين أولياء من دون المؤمنين ، إن هو لم يرتدع عن موالاته ، وينزجر عن مخالته أن يلحقه بأهل ولايتهم من المنافقين الذين أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بتبشيرهم بأن لهم عذابا أليما : "أتريدون" ، أيها المتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ممن قد آمن بي وبرسولي" أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا " ، يقول : حجة ، باتخاذكم الكافرين أولياء من دون المؤمنين ، فتستوجبوا منه ما استوجبه أهل النفاق الذين وصف لكم صفتهم ، وأخبركم بمحلهم عنده"مبينا" ، يعني : يبين عن صحتها وحقيقتها . يقول : لا تعرضوا لغضب الله ، بإيجابكم الحجة على أنفسكم في تقدمكم على ما نهاكم ربكم من موالاة أعدائه وأهل الكفر به . [ ص: 337 ] وبمثل الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : 10737 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا " ، قال : إن لله السلطان على خلقه ، ولكنه يقول : عذرا مبينا . 10738 - حدثني المثنى قال : حدثنا قبيصة بن عقبة قال : حدثنا سفيان ، عن رجل ، عن عكرمة قال : ما كان في القرآن من"سلطان" ، فهو حجة . 10739 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : " سلطانا مبينا " ، قال : حجة . 10740 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله . القول في تأويل قوله تعالى ( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا ( 145 ) ) قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله : " إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار " ، إن المنافقين في الطبق الأسفل من أطباق جهنم . [ ص: 338 ] وكل طبق من أطباق جهنم : "درك" . وفيه لغتان ، "درك" ، بفتح"الراء" و"درك" بتسكينها . فمن فتح"الراء" ، جمعه في القلة"أدراك" ، وإن شاء جمعه في الكثرة"الدروك" . ومن سكن"الراء" قال : "ثلاثة أدرك" ، وللكثير" الدروك " . وقد اختلفت القرأة في قراءة ذلك : فقرأته عامة قرأة المدينة والبصرة ( في الدرك ) بفتح"الراء" . وقرأته عامة قرأة الكوفة بتسكين"الراء" . قال أبو جعفر : وهما قراءتان معروفتان ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب ، لاتفاق معنى ذلك ، واستفاضة القراءة بكل واحدة منهما في قرأة الإسلام . غير أني رأيت أهل العلم بالعربية يذكرون أن فتح"الراء" منه في العرب ، أشهر من تسكينها . وحكوا سماعا منهم : "أعطني دركا أصل به حبلي" ، وذلك إذا سأل ما يصل به حبله الذي قد عجز عن بلوغ الركية . وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : 10741 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، عن خيثمة ، عن عبد الله : " إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار " ، قال : في توابيت من حديد مبهمة عليهم . 10742 - حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا وهب بن جرير ، عن شعبة ، [ ص: 339 ] عن سلمة ، عن خيثمة ، عن عبد الله قال : إن المنافقين في توابيت من حديد مقفلة عليهم في النار . 10743 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا يحيى بن يمان ، عن سفيان ، عن عاصم ، عن ذكوان ، عن أبي هريرة : " إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار " ، قال : في توابيت ترتج عليهم . 10744 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثنا معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : " إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار " ، يعني : في أسفل النار . 10745 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال : قال لي عبد الله بن كثير قوله : " في الدرك الأسفل من النار " ، قال : سمعنا أن جهنم أدراك : منازل . 10746 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، عن خيثمة ، عن عبد الله : " إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار " ، قال : توابيت من نار تطبق عليهم . وأما قوله : " ولن تجد لهم نصيرا " ، فإنه يعني : ولن تجد لهؤلاء المنافقين ، يا محمد ، من الله إذا جعلهم في الدرك الأسفل من النار ناصرا ينصرهم منه ، فينقذهم من عذابه ، ويدفع عنهم أليم عقابه . [ ص: 340 ] القول في تأويل قوله ( إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما ( 146 ) ) قال أبو جعفر : وهذا استثناء من الله جل ثناؤه ، استثنى التائبين من نفاقهم إذا أصلحوا ، وأخلصوا الدين لله وحده ، وتبرءوا من الآلهة والأنداد ، وصدقوا رسوله ، أن يكونوا مع المصرين على نفاقهم حتى توافيهم مناياهم - في الآخرة ، وأن يدخلوا مداخلهم من جهنم . بل وعدهم جل ثناؤه أن يحلهم مع المؤمنين محل الكرامة ، ويسكنهم معهم مساكنهم في الجنة . ووعدهم من الجزاء على توبتهم الجزيل من العطاء فقال : " وسوف يؤتي الله المؤمنين أجرا عظيما " . قال أبو جعفر : فتأويل الآية : "إلا الذين تابوا" ، أي : راجعوا الحق ، وأبوا إلا الإقرار بوحدانية الله وتصديق رسوله وما جاء به من عند ربه من نفاقهم "وأصلحوا" ، يعني : وأصلحوا أعمالهم ، فعملوا بما أمرهم الله به ، وأدوا فرائضه ، وانتهوا عما نهاهم عنه ، وانزجروا عن معاصيه "واعتصموا بالله" ، يقول : وتمسكوا بعهد الله . [ ص: 341 ] وقد دللنا فيما مضى قبل على أن"الاعتصام" التمسك والتعلق . فالاعتصام بالله : التمسك بعهده وميثاقه الذي عهد في كتابه إلى خلقه ، من طاعته وترك معصيته . " وأخلصوا دينهم لله " ، يقول : وأخلصوا طاعتهم وأعمالهم التي يعملونها لله ، فأرادوه بها ، ولم يعملوها رئاء الناس ، ولا على شك منهم في دينهم ، وامتراء منهم في أن الله محص عليهم ما عملوا ، فمجازي المحسن بإحسانه ، والمسيء بإساءته ولكنهم عملوها على يقين منهم في ثواب المحسن على إحسانه ، وجزاء المسيء على إساءته ، أو يتفضل عليه ربه فيعفو متقربين بها إلى الله ، مريدين بها وجه الله . فذلك معنى : "إخلاصهم لله دينهم" . ثم قال جل ثناؤه : " فأولئك مع المؤمنين " ، يقول : فهؤلاء الذين وصف صفتهم من المنافقين بعد توبتهم وإصلاحهم واعتصامهم بالله وإخلاصهم دينهم أي : مع المؤمنين في الجنة ، لا مع المنافقين الذين ماتوا على نفاقهم ، الذين أوعدهم الدرك الأسفل من النار . ثم قال : " وسوف يؤتي الله المؤمنين أجرا عظيما " ، يقول : وسوف يعطي الله هؤلاء الذين هذه صفتهم ، على توبتهم وإصلاحهم واعتصامهم بالله وإخلاصهم دينهم له ، وعلى إيمانهم ، ثوابا عظيما وذلك : درجات في الجنة ، كما أعطى الذين ماتوا على النفاق منازل في النار ، وهي السفلى منها . لأن الله جل ثناؤه وعد عباده المؤمنين أن يؤتيهم على إيمانهم ذلك ، كما أوعد المنافقين على نفاقهم [ ص: 342 ] ما ذكر في كتابه . وهذا القول هو معنى قول حذيفة بن اليمان ، الذي : - 10747 - حدثنا به ابن حميد وابن وكيع قالا حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن إبراهيم قال : قال حذيفة : ليدخلن الجنة قوم كانوا منافقين! فقال عبد الله : وما علمك بذلك ؟ فغضب حذيفة ، ثم قام فتنحى . فلما تفرقوا ، مر به علقمة فدعاه فقال : أما إن صاحبك يعلم الذي قلت! ثم قرأ : " إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤتي الله المؤمنين أجرا عظيما " . القول في تأويل قوله ( ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما ( 147 ) ) قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله : " ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم " ، ما يصنع الله ، أيها المنافقون ، بعذابكم ، إن أنتم تبتم إلى الله ورجعتم إلى الحق الواجب لله عليكم ، فشكرتموه على ما أنعم عليكم من نعمه في أنفسكم وأهاليكم وأولادكم ، بالإنابة إلى توحيده ، والاعتصام به ، وإخلاصكم أعمالكم لوجهه ، وترك رياء الناس بها ، وآمنتم برسوله محمد صلى الله عليه وسلم فصدقتموه ، وأقررتم بما جاءكم به من عنده فعملتم به ؟ يقول : لا حاجة بالله أن يجعلكم في الدرك الأسفل من النار ، إن أنتم أنبتم إلى طاعته ، وراجعتم العمل بما أمركم به ، وترك ما نهاكم عنه . لأنه لا يجتلب بعذابكم إلى نفسه نفعا ، ولا يدفع عنها ضرا ، وإنما عقوبته من عاقب من خلقه ، جزاء منه له على جرأته عليه ، وعلى خلافه أمره ونهيه ، وكفرانه شكر نعمه عليه . فإن [ ص: 343 ] أنتم شكرتم له على نعمه ، وأطعتموه في أمره ونهيه ، فلا حاجة به إلى تعذيبكم ، بل يشكر لكم ما يكون منكم من طاعة له وشكر ، بمجازاتكم على ذلك بما تقصر عنه أمانيكم ، ولم تبلغه آمالكم "وكان الله شاكرا" لكم ولعباده على طاعتهم إياه ، بإجزاله لهم الثواب عليها ، وإعظامه لهم العوض منها"عليما" بما تعملون ، أيها المنافقون ، وغيركم من خير وشر ، وصالح وطالح ، محص ذلك كله عليكم ، محيط بجميعه ، حتى يجازيكم جزاءكم يوم القيامة ، المحسن بإحسانه ، والمسيء بإساءته . وقد : - 10748 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : " ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما " ، قال : إن الله جل ثناؤه لا يعذب شاكرا ولا مؤمنا . القول في تأويل قوله ( لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعا عليما ( 148 ) ) قال أبو جعفر : اختلفت القرأة في قراءة ذلك . فقرأته عامة قرأة الأمصار بضم "الظاء" . وقرأه بعضهم : ( إلا من ظلم ) ، بفتح"الظاء" . ثم اختلف الذين قرءوا ذلك بضم "الظاء" في تأويله . فقال بعضهم : معنى ذلك : لا يحب الله - تعالى ذكره - أن يجهر أحدنا بالدعاء على أحد ، وذلك عندهم هو " الجهر بالسوء إلا من ظلم" ، يقول : إلا من ظلم فيدعو على ظالمه ، فإن الله جل ثناؤه لا يكره له ذلك ، لأنه قد رخص له في ذلك . [ ص: 344 ] ذكر من قال ذلك : 10749 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : " لا يحب الله الجهر بالسوء من القول " ، يقول : لا يحب الله أن يدعو أحد على أحد ، إلا أن يكون مظلوما ، فإنه قد أرخص له أن يدعو على من ظلمه ، وذلك قوله : "إلا من ظلم" ، وإن صبر فهو خير له . 10750 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله : " لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم " ، فإنه يحب الجهر بالسوء من القول . 10751 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعا عليما " ، عذر الله المظلوم كما تسمعون : أن يدعو . 10752 - حدثني الحارث قال : حدثنا أبو عبيد قال : حدثنا هشيم ، عن يونس ، عن الحسن قال : هو الرجل يظلم الرجل فلا يدع عليه ، ولكن ليقل : "اللهم أعني عليه ، اللهم استخرج لي حقي ، اللهم حل بينه وبين ما يريد" ، ونحوه من الدعاء . ف"من" ، على قول ابن عباس هذا ، في موضع رفع . لأنه وجهه إلى أن الجهر بالسوء في معنى الدعاء ، واستثنى المظلوم منه . فكان معنى الكلام على قوله : لا يحب الله أن يجهر بالسوء من القول ، إلا المظلوم ، فلا حرج عليه في الجهر به . وهذا مذهب يراه أهل العربية خطأ في العربية . وذلك أن"من" لا يجوز [ ص: 345 ] أن يكون رفعا عندهم ب "الجهر" ، لأنها في صلة "أن" ولم ينله الجحد ، فلا يجوز العطف عليه . من خطأ عندهم أن يقال : "لا يعجبني أن يقوم إلا زيد" . وقد يحتمل أن تكون"من" نصبا ، على تأويل قول ابن عباس ، ويكون قوله : " لا يحب الله الجهر بالسوء من القول " ، كلاما تاما ، ثم قيل : "إلا من ظلم فلا حرج عليه" ، فيكون "من" استثناء من الفعل ، وإن لم يكن قبل الاستثناء شيء ظاهر يستثنى منه ، كما قال جل ثناؤه : ( لست عليهم بمسيطر إلا من تولى وكفر ) ، [ سورة الغاشية : 22 - 23 ] ، وكقولهم : "إني لأكره الخصومة والمراء ، اللهم إلا رجلا يريد الله بذلك" ، ولم يذكر قبله شيء من الأسماء . و"من" ، على قول الحسن هذا ، نصب ، على أنه مستثنى من معنى الكلام ، لا من الاسم ، كما ذكرنا قبل في تأويل قول ابن عباس ، إذا وجه"من" ، إلى النصب ، وكقول القائل : "كان من الأمر كذا وكذا ، اللهم إلا أن فلانا جزاه الله خيرا فعل كذا وكذا" . وقال آخرون : بل معنى ذلك : لا يحب الله الجهر بالسوء من القول ، إلا من ظلم فيخبر بما نيل منه . ذكر من قال ذلك : 10753 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبو معاوية ، عن محمد بن إسحاق ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال : هو الرجل ينزل بالرجل فلا يحسن ضيافته ، فيخرج من عنده فيقول : أساء ضيافتي ولم يحسن! 10754 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن [ ص: 346 ] ابن جريج ، عن مجاهد : " إلا من ظلم " ، قال : إلا من أثر ما قيل له . 10755 - حدثني المثنى قال : حدثنا الحجاج بن المنهال قال : حدثنا حماد ، عن محمد بن إسحاق ، عن عبد الله بن أبي نجيح ، عن مجاهد : " لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم " ، قال : هو الضيف المحول رحله ، فإنه يجهر لصاحبه بالسوء من القول . وقال آخرون : عنى بذلك ، الرجل ينزل بالرجل فلا يقريه ، فينال من الذي لم يقره . ذكر من قال ذلك : 10756 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : " إلا من ظلم " ، قال : إلا من ظلم فانتصر ، يجهر بالسوء . 10757 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، مثله . 10758 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن ابن أبي نجيح ، عن إبراهيم بن أبي بكر ، عن مجاهد وعن حميد الأعرج ، عن مجاهد : " لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم " ، قال : هو الرجل ينزل بالرجل فلا يحسن إليه ، فقد رخص الله له أن يقول فيه . [ ص: 347 ] 10759 - وحدثني أحمد بن حماد الدولابي قال : حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن إبراهيم بن أبي بكر ، عن مجاهد ، " لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم " ، قال : هو في الضيافة ، يأتي الرجل القوم ، فينزل عليهم ، فلا يضيفونه . رخص الله له أن يقول فيهم . 10760 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا المثنى بن الصباح ، عن مجاهد في قوله : " لا يحب الله الجهر بالسوء من القول " الآية ، قال : ضاف رجل رجلا فلم يؤد إليه حق ضيافته ، فلما خرج أخبر الناس ، فقال : "ضفت فلانا فلم يؤد حق ضيافتي"! فذلك جهر بالسوء إلا من ظلم ، حين لم يؤد إليه ضيافته . 10761 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج قال : قال ابن جريج ، قال مجاهد : إلا من ظلم فانتصر ، يجهر بسوء . قال مجاهد : نزلت في رجل ضاف رجلا بفلاة من الأرض فلم يضفه ، فنزلت : "إلا من ظلم" ، ذكر أنه لم يضفه ، لا يزيد على ذلك . وقال آخرون : معنى ذلك : إلا من ظلم فانتصر من ظالمه ، فإن الله قد أذن له في ذلك . [ ص: 348 ] ذكر من قال ذلك : 10762 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم " ، يقول : إن الله لا يحب الجهر بالسوء من أحد من الخلق ، ولكن من ظلم فانتصر بمثل ما ظلم ، فليس عليه جناح . ف"من" ، على هذه الأقوال التي ذكرناها ، سوى قول ابن عباس ، في موضع نصب على انقطاعه من الأول . والعرب من شأنها أن تنصب ما بعد"إلا" في الاستثناء المنقطع . فكان معنى الكلام على هذه الأقوال ، سوى قول ابن عباس : لا يحب الله الجهر بالسوء من القول ، ولكن من ظلم فلا حرج عليه أن يخبر بما نيل منه ، أو ينتصر ممن ظلمه . وقرأ ذلك آخرون بفتح"الظاء" : ( إلا من ظلم ) ، وتأولوه : لا يحب الله الجهر بالسوء من القول ، إلا من ظلم فلا بأس أن يجهر له بالسوء من القول . ذكر من قال ذلك : 10763 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد : كان أبي يقرأ : ( لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم ) ، قال ابن زيد : يقول : إلا من أقام على ذلك النفاق ، فيجهر له بالسوء حتى ينزع . قال : وهذه مثل : ( ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق ) ، أن تسميه بالفسق ( بعد الإيمان ) ، بعد إذ كان مؤمنا ( ومن لم يتب ) ، من ذلك العمل الذي قيل له ( فأولئك هم الظالمون ) ، [ سورة الحجرات : 11 ] ، قال : هو شر ممن قال ذلك . [ ص: 349 ] 10764 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : " لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم " ، فقرأ : ( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ) حتى بلغ ( وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما ) . ثم قال بعد ما قال : هم في الدرك الأسفل من النار ( ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما ) ، ( لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم ) ، قال : لا يحب الله أن يقول لهذا : "ألست نافقت ؟ ألست المنافق الذي ظلمت وفعلت وفعلت ؟" ، من بعد ما تاب"إلا من ظلم" ، إلا من أقام على النفاق . قال : وكأن أبي يقول ذلك له ، ويقرأها : ( إلا من ظلم ) . ف"من" على هذا التأويل نصب لتعلقه ب "الجهر" . وتأويل الكلام ، على قول قائل هذا القول : لا يحب الله أن يجهر أحد لأحد من المنافقين بالسوء من القول ، إلا من ظلم منهم فأقام على نفاقه ، فإنه لا بأس بالجهر له بالسوء من القول . قال أبو جعفر : وأولى القراءتين بالصواب في ذلك قراءة من قرأ : ( إلا من ظلم ) بضم"الظاء" ، لإجماع الحجة من القرأة وأهل التأويل على صحتها ، وشذوذ قراءة من قرأ ذلك بالفتح . فإذ كان ذلك أولى القراءتين بالصواب ، فالصواب في تأويل ذلك : لا يحب الله ، أيها الناس ، أن يجهر أحد لأحد بالسوء من القول"إلا من ظلم" ، بمعنى : إلا من ظلم ، فلا حرج عليه أن يخبر بما أسيء عليه . وإذا كان ذلك معناه ، دخل فيه إخبار من لم يقر ، أو أسيء قراه ، أو نيل بظلم [ ص: 350 ] في نفسه أو ماله غيره من سائر الناس . وكذلك دعاؤه على من ناله بظلم أن ينصره الله عليه ، لأن في دعائه عليه إعلاما منه لمن سمع دعاءه عليه بالسوء له . وإذ كان ذلك كذلك ، ف"من" في موضع نصب ، لأنه منقطع عما قبله ، وأنه لا أسماء قبله يستثنى منها ، فهو نظير قوله : ( لست عليهم بمسيطر إلا من تولى وكفر ) [ سورة الغاشية : 22 - 23 ] . وأما قوله : "وكان الله سميعا عليما" ، فإنه يعني : "وكان الله سميعا" ، لما تجهرون به من سوء القول لمن تجهرون له به ، وغير ذلك من أصواتكم وكلامكم "عليما" ، بما تخفون من سوء قولكم وكلامكم لمن تخفون له به فلا تجهرون له به ، محص كل ذلك عليكم ، حتى يجازيكم على ذلك كله جزاءكم ، المسيء بإساءته ، والمحسن بإحسانه . ![]()
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 0 والزوار 4) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |