|
ملتقى حراس الفضيلة قسم يهتم ببناء القيم والفضيلة بمجتمعنا الاسلامي بين الشباب المسلم , معاً لإزالة الصدأ عن القلوب ولننعم بعيشة هنية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() المحطة الأولى: التوكل ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 3] أسامة سيد محمد زكي التوكل على الله وحسن الظن به مفتاح لبوابة الإيجابية والتغيير نحو الأفضل، وترك بصمة نافعة، من هنا نحتاج إلى ممارسة التوكل بطريقة فعلية عملية، وليست شعارات وادعاءات وكلمات كاذبة، إذا أردنا التغيير الإيجابي بصدق، نمارس التسليم لله ونتوقف عن المقاومة والسخط والاعتراض نحو المواقف والتحديات، المتوكل تتيسر له الوسائل بجانب أنه مستمتع نحو سعيه في الحياة، بمعنى أنه يمتلك درجة عالية من اليقين، من هنا نستمد القوة والتأييد والطمأنينة والمنح، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أحب أن يكون أقوى الناس، فليتوكل على الله، ومن أحب أن يكون أغنى الناس، فليكن بما في يد الله أوثق منه بما في يده، ومن أحب أن يكون أكرم الناس فليتَّق الله". ويقول "ابن القيم": إذا توكل العبد على الله حقَّ توكُّله، كفاه الله هَمَّه، وأراحه مما أهَمَّه، وأنزل عليه السكينة، فاطمأنَّ إلى حكمه، ورضِي بقضائه وقدره، ومن ناحية نفسية الذي يتوكل يشبع حاجاته الروحية التي تشمل الاستعانة بالله والحمد والشكر والرجاء والدعاء، والقرب إلى الله، والذي يشبع الجانب الروحي في الشخصية المؤمنة الإيجابية التي تعرف غايتها الحقيقية من عباده، وتعمير له تأييد وطمأنينة في الدنيا، المؤمن المتوكل ظنونه، خيالاته، تفكيره، مشاعره، توقعاته في السراء والضراء والعسر واليسر، وتكون إيجابية راضية. التوكل له فوائد عظيمة على حالة الفرد النفسية؛ نحو طرد الوساوس والتفكير السلبي الزائد، والقلق والتوتر والهم والضيق، واستمرار كل ذلك يسبِّب ضعفًا في الشخصية والأمراض النفسية والجسدية؛ قال تعالى: ﴿ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ [آل عمران: 159]. ربُّك يشجِّعك على ممارسة التوكل بسجية ويقين تام، لاكتساب السلام الداخلي، وحب الله لك، والتخلص من التصادم مع الأحداث، وتشير دراسة "عبدالفتاحالقرشي" إلى أن العبادات والدعاء والتوكل كانت من أهم العوامل لدى الأفراد على تخفيف مشاعر الخوف والحزن والاكتئاب، وغيرها من الأعراض، فطوبى لكل متوكل. في يوم من الأيام سُئل حكيم: بماذا تتغذى في هذه الحياة عندما تواجه تحدياتك؟ قال الحكيم: (أتغذى بثلاث وبعدها أنام قريرًا). الأولى: إيماني أن كل شيء في الدنيا يجري بقضاء الله وحكمه. الثانية: قولي لنفسي إن لم أحتمل فماذا أصنع؟ الثالثة: قولي لعل الفرج واليسر قريب وأنا لا أعلم. التوكل على الله وحسن الظن به من أرقى درجات الإيمان، أحسِنِ الظن بالله يعطِك بدون حساب، واعلم أن الله عز وجل قادرٌ على جعلك إيجابيًّا قويًّا غنيًّا مغيرًا مُعمِّرًا، صاحب بصمة نافعة، لا تتشكك في حسن ظنك بالله، لا تدع أفكارك أو كلمات الآخرين أو التجارب الفاشلة تُزعزع حسن ظنك بالله. وهنا ندرك أن المتوكل ليس بدرويش، بل يدرس ويدعو الله، يسعى ويسأل الله، يعمل ويسلم النتائج على الله، يتحرك نحو التغيير للأفضل ويسأل الله التيسير، وهنا يثار تساؤل: هل التوكل يعني الرضا بالأوضاع السلبية دون التدخل بالحركة والسعي والعمل منك؟ بالطبع لا، وهنا نحتاج إلى الأخذ بالأسباب والحركة؛ نحو الإصلاح وتغيير أنفسنا، وهنا عزيزي القارئ اعتقاد خاطئ عند بعض الأشخاص بأن الله جعلني شخصية سلبية ضعيفة فقيرة تعاني، ولكن الدين لا يأمر بالإخفاق، والشخصية الضعيفة، والتعاسة والمعاناة، جعل الله عز وجل النتائج في الحياة وَفق قانون السببية، وفَهمك لهذه السنة الكونية يُسهل عليك الطريق؛ لأن السنن الكونية تعمل معك ومع غيرك سواء، تعرفها أو لا، وهنا إشارة إلى أن النتائج الصحيحة في علم الرياضيات والكيمياء والفيزياء بالعقل والسببية، وليس بالعاطفة والعشوائية، فانتبه ولا تعلِّق كل أمور حياتك على القدر أو الأسرة أو البيئة، فتدخل في دائرة لا تنتهي من الأعذار. وهنا إشارة واعية يقول "أبيكتنوس": إن الرجل غير الحكيم هو الذي يلوم الآخرين على أحواله السيئة، بينما الرجل الذي بدأ يكتسب الحكمة هو من يلوم نفسه، بينما الرجل الذي صار حكيمًا بالفعل هو الذي لا يلوم الآخرين ولا يلوم نفسه، فأنت تصبح حكيمًا بالفعل عندما تعيش حياة خالية من الإسقاطات والأعذار، ومن علامات ذلك تَكرار بعض الكلمات التي تدل على أنك تُسقط مشكلاتك على الخارج. • لا تقُل قدر الله أنني شخصية سلبية. • لا تقُل قدر الله أنني تعيس. • لا تقُل قدر الله أنني في معاناة. • لا تقُل قدر الله أنني في إخفاق. • لا تقُل أسرتي وبيئتي هي السبب في أحوالي السيئة. جميع الإسقاطات والأعذار التي نفكِّر فيها تَمنعنا عن العمل الحقيقي، بجانب أنها تقيِّد قدراتنا وملكاتنا وإمكانياتنا نحو الوصول إلى ما نريد، وبما أن سرَّ تكليف الإنسان هو العقل، فكن عاقلًا آخذًا بالأسباب، يغيِّر يعمِّر يَصنع الأحداث؛ قال تعالى: ﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ﴾ [النجم: 39، 40]، وعدٌ لكل فرد إيجابي يسعى في الحياة، أوجد الله الأرزاق والوفرة من كل شيء، وجعلها لمن يسعى ويتحرك. يقول "ستيفنكوفي": رجل لدغه ثعبان بدلًا من أن يبادر ليُبطل مفعول السم في جسده، بدأ هذا الرجل بالجري خلف الثعبان لينتقم منه، وكانت النتيجة عزيزي القارئ بأنه لم يقتل الثعبان، بل قتَل نفسه، هكذا الحياة عندما ننطلق من خرافات وعاطفة وعشوائية وأعذار، تضيع الحياة دون فائدة، ولكن عندما نواجه الحياة من خلال السبب والنتيجة والبحث خلف المسببات، نُعالج المشكلات من جذورها، نسعى خلف أهدافنا من الطريق الصحيح. التوكل داخلي قلبي فلا تتشكَّك. الأسباب خارجية عملية فلا تتوقَّف ومن هنا اعلَم أن العقل البشري قائم على قانون السببية، بمعنى أنه لا يُفهَم شيءٌ أو يُفسَّر حدثٌ من دون سببٍ، والسببية لها اعتماد قرآني؛ قال تعالى: ﴿ فَأَتْبَعَ سَبَبًا ﴾ [الكهف: 85]، ولولا هذا القانون لَما انتفع الإنسان بعقله، ولَما كان هناك علوم تجريبية أو أبحاث علمية؛ لأنها قائمة على السبب والنتيجة، وكل شيء يحدُث في الحياة بقدر الله، ولكنها وَفق أسباب ومسببات، ببساطة عندما يخرج فرد من بيته، ثم يعود بعد ساعة، وفجأة يجد كرسي الأنتريه انتقل من مكانه، هنا سيضطرب العقل، لماذا؟ لأن العقل يقول: لا يمكن تحريك شيء من دون سببٍ أو بفعل فاعل، فالسببية مبدأ فطري بعقل الإنسان، وهكذا السبب والنتيجة قانون جعله الله من سنن الكون. في يوم من الأيام كان هناك حكيم يأتي إليه الناسُ من كل مكان لاستشارته في بعض الأمور الحياتية، لاحَظَ الحكيم أن الناس تعاني من نفس المشاكل والمصاعب والتحديات التي تواجههم في كل مرة، وهنا أراد الحكيم أن يغيِّر تفكير الناس، بدأ الحكيم بجمع الناس ثم حكى لهم نكتة طريفة، هنا ضحك الناس جميعهم، واستمرَّ في الكلام، وبعد دقائق كرَّر الحكيم نفس النكتة الطريفة، وهنا ابتسم عددٌ قليل منهم، واستمرَّ في الكلام وبعد دقائق كرَّر النكتة الطريفة لثالث مرة، فلم يبتسم أحدٌ منهم، هنا سأل الحكيم الجميع وقال: هل يُمكنكم أن تضحكوا على نفس النكتة في كل مرة؟ بالطبع لا، فلماذا تستمرون بالشكوى والتذمر على نفس مشاكلكم وتحدياتكم؟ الشاهد من القصة: أنهم لم يدركوا مسببات الأشياء التي توصلهم لنتيجة مختلفة في الحياة بدلًا من الشكوى المستمرة التي لن نصل من خلالها إلى شيء، من هنا نعي أن المشكلات والنزاعات والكراهية سببها مسببات، عندما نتعرف عليها نستطيع تغييرها بطريقة جذرية، بل كل الإنجازات والنجاحات والقدرات البشرية العبقرية، هي نتيجة مباشرة أو غير مباشرة لأسباب وأفعال محددة. ما التوصيات العملية التي تساعدنا بإذن الله على جعل التوكل والأسباب جزءًا من شخصياتنا؟ 1- مارِس التوكل بقلبك: بمعنى التسليم لله وحسن الظن به في جميع أمور حياتك، واعلَم أن ربك عظيمٌ وقادر على منحك ما تريد، فقط عليك بحُسن الظن دون تشكُّك بجانب عدم المقاومة نحو أي تحدٍّ من تحديات حياتك، اجعل استجابتك للإيجاب والسلب بها قبول واستسلام ورضا. 2- اتخاذ المسؤولية: بمعنى أنك المسؤول الوحيد عن تغيير ذاتك نحو الأفضل، لديك القدرة على القرار والاختيار نحو تغيير حياتك وصناعة واقع إيجابي، لديك القدرة على السعي والحركة والعمل والعبادة، والدعاء والتعمير، والتأثير في الحياة بالخير، لقد أعطاك الله هذه الميزة، فلك حق الاختيار. 3- إدراك مسببات الأشياء: بمعنىالبحثعنالأسبابالجذريةلتغييرشخصيتك،أو لحل مشكلتك، أو لبناء مشروعك، أو تحسين واقعك، السببية سُنة كونية تعمل معك دائمًا، فكن على وعي بذلك حتى لا تتصادم مع النتائج الخاطئة، وهنا نتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "اعقِلهاوتوكَّل". على سبيل المثال: اسأل نفسك: ما الأشياء التي لو أتقنتُها أصبحتُ أفضلَ؟ ما العيوب التي لو تخلَّصتُ منها تخلصتُ من تعاستي؟ ما العادات التي لو التزمتُ بها حققتُ الإنجازات التي أريدها؟ وهكذا البحث عن مسببات الأشياء، وهنا إشارة تُعرِّف كلمة (الجنون) في "القاموس الصيني" بأنه تَكرار نفس الشيء مع انتظار نتائج مختلفة، لا تستمرَّ على فكرة أو سلوك أو معتقد، أو وسيلة معينة لا تؤدي إلى نتائج إيجابية في واقعك. ببساطة أن يستمرَّ الفرد على مستوى العلم الضئيل، ونفس العادات السلبية، ونفس الصفات والمهارات، ثم ينتظر مُحصَّلة مختلفة، أو ينتظر سعادةً أو نجاحًا، فإدراكُ مسببات الأشياء يجعلك تعمل وَفْقَ قانون كوني لا يتغيَّر، ازرَع وسوف تحصُد، سِرْ في الطريق وسوف تصِل، أحسِن الظنَّ وسوف ترى، اعمَل وسوف تُنجِز، اسعَ وسوف تَجِد. معادلة النتائج الإيجابية: التوكل الأسباب الاستمرارية تحصيل النتائج
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |