|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#41
|
||||
|
||||
![]() الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) أم محمد الظن وَمِنْ سُنَن الوُضُوءِ: س"مالمراد بالسنة لغةً واصطلاحاً وماحكمها؟ السُّنَة لغةً"جمع سُنَّة، وتُطلق على الطَّريقة، وهي أقوال الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم وأفعاله وتقريراته،. س" مالفرق بين الواجب والمستحب وما أمثلة ذلك؟ لا فرق في هذا بين الواجب والمستحبِّ، فالواجب يُقال له: سُنَّة، والمستحبُّ يُقال له: سُنَّة. مثال الواجب: قول أنس: «من السُّنَّة إِذا تزوَّجَ البكرَ على الثيِّب أقام عندها سبعاً»[(رواه البخاري (5213)،)]. ومثال المستحبِّ: حديثُ ابن الزبير رضي الله عنه: «صَفُّ القدمين، ووضْعُ اليد على اليد من السُّنَّة»[(رواه أبو داود، كتاب الصلاة: باب وضع اليُمنى على اليسرى في الصلاة، رقم (754).)]. السنة اصطلاحاً: فهي ما سوى الواجب؛ أي: الذي أُمِرَ به لا على سبيل الإِلزام. حكمها: أنه يُثاب فاعلها امتثالاً، ولا يُعاقب تاركُها. عدد سنن الوضوء مع الدليل" 1-«السِّوَاك» "، تقدَّم أنَّه يتَأَكَّدُ عند الوُضُوء، ودليله: قوله صلّى الله عليه وسلّم: «لولا أن أَشُقَّ على أُمتي لأَمرتُهم بالسِّوَاك مع كُلِّ وُضُوء»[(رواه البخاري تعليقاً بصيغة الجزم،1934))]. 2-: «وغَسْلُ الكفَّين ثلاثاً» ، لأنه صلّى الله عليه وسلّم كان إذا توضأ بدأ بغسل الكفَّين ثلاثاً[(رواه البخاري،159)]، ولأنهما آلة الغسل فإِنَّ بهما يُنقل الماء، وتُدلَكُ الأعضاءُ، فكان الأليقُ أن يتقدَّم تطهيرهُما. س"فإن قيل: لماذا لا يُقال: إِن غسلهما واجب لمداومة النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم؟ فالجواب: أن الله يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6] ، ولم يذكر الكفين. س" ماحكم غسل الكفين من نوم الليل مع الدليل؟ «ويجبُ من نومِ ليلٍ» ، الضَّمير في قوله: «يجب» يعودُ على غسل الكفَّين ثلاثاً، وهذا إِذا أراد أن يغمسهُما في الإِناء. والدَّليل: حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «إذا استيقظ أحدُكم من نومه، فلا يغمس يدَه في الإِناء؛ حتى يغسلها ثلاثاً؛ فإن أحدَكم لا يدري أين باتت يدُه.. س"لماذا يُخَصُّ بالليل؟ لتعليله صلّى الله عليه وسلّم في قوله: «فإِن أحدكم لا يدري أين باتت يدهُ»، والبيتوتة لا تكون إِلا بالليل[(انظر: «المغني» (1/140).)]. وهذا من باب تخصيص العام بالعِلَّة، لأنَّه صلّى الله عليه وسلّم لمَّا علَّلَ بعِلَّة لا تصلح إلا لنوم الليل صار المراد بالعموم في قوله: «من نومه» نومَ الليل، فهو عام أُريد به الخاصُّ. س" مالنوم الناقض للوضوء ومالذي صححه الشيخ رحمه الله؟ 1- المذهب: كُلُّ نوم إلا يسير نوم من قائم، أو قاعد[(] انظر ص(275 ـ 278).)]. ماصححه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالي" أن المدار في نقض الوُضُوء على الإِحساس، فما دام الإِنسان يحسُّ بنفسه لو أحدث فإِن نومه لا يَنْقُضُ وضوءَه، وإِذا كان لا يحسُّ بنفسه لو أحدث فإِن نومَه يَنْقُضُ وضوءَه (] انظر ص(275 ـ 278).) . ووجهه: أن قوله: «فإن أحدَكم لا يدري» معناه أن إحساسه مفقود، وعلى هذا إذا كان يدري بحيث لم يفقدْ إِحساسه فإنه لا ينتقض وضوءُه، مع أنَّ الفقهاء في باب نواقض الوضوء يخالفون ذلك. 3- من السنن البدَاءَةُ بِمَضْمَضَةٍ، ثُمَّ اسْتِنْشَاقٍ، " قوله: «والبَدَاءَةُ بمَضْمَضَةٍ ثم استنشاق» ، وهذا بعد غسل الكَفَّين، والأفضل أن يكون ثلاث مَرَّات بثلاث غَرَفات. س" مالمراد بالمضمضة والاستنشاق؟ المضْمَضَةُ هي: إِدارة الماء في الفَمِ. الاستنشاق هو: جَذْبُ الماء بالنَّفَسِ من الأنف. والبَدْءُ بهما قبلَ غسل الوجه أفضل، وإِن أخَّرهما بعد غسل الوجه جاز. س" لماذا لم يذكر المؤلِّف الاستنثار؛؟ لأن الغالب أن الإنسان إِذا استنشق الماء أنه يستنثره، وإِلا فلا بُدَّ من الاستنثار، إذ لا تكتمل السُّنَّة إلا به، كما أنها لا تكتمل السُّنَّة بالمضمضة إلا بمجِّ الماء، وإن كان لو ابتلعه لعُدَّ متمضمضاً، لكن الأفضل أن يمجَّه؛ لأن تحريك الماء بالفمِ يجعل الماء وسخاً لما يلتصق به من فضلات كريهة بالفم. 4- من سنن الوضوء: «والمبالغة فيهما لغير صائم» " ، «فيهما» أي: ومن سُنَنِ الوُضُوء المبالغة في المضمضة والاستنشاق، والمبالغة في المضمضة: أن تحرِّكَ الماء بقوة وتجعله يصلُ كلَّ الفم، والمبالغة في الاستنشاق: أن يجذبه بنفس قويٍّ ويكفي في الواجب أن يديرَ الماء في فمه أدنى إِدارة، وأن يستنشقَ الماءَ حتى يدخل في مناخره. س" ماحكم المبالغة للصائم مع الدليل؟ والمبالغة مكروهةٌ للصَّائم، لأنها قد تؤدِّي إلى ابتلاع الماء ونزوله من الأنف إلى المعدة؛ الدليل" قال صلّى الله عليه وسلّم للقيط بن صَبِرَة: «أسْبِغِ الوُضُوء، وخَلِّلْ بين الأصابع، وبالغْ في الاستنشاقِ، إلا أن تكون صائماً». س" مالحكم إذا كان في الإنسان جيوب أنفية؟ إذا كان في الإنسان جيوبٌ أنفيةٌ، ولو بالغ في الاستنشاق احتقن الماءُ بهذه الجيوب وآلمه، أو فسد الماء وأدَّى إِلى صديد أو نحو ذلك، ففي هذه الحال نقول له: لا تبالغ درءاً للضَّرر عن نفسك. 5-من سنن الوضوء تَخْليلُ اللِّحْيَةِ الكثيفةِ " قوله: «وتخليلُ اللِّحْيَة الكثيفة» ، أي ومن سنن الوضوء تخليل اللحية الكثيفة،
__________________
|
#42
|
||||
|
||||
![]() الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) أم محمد الظن س" كيف يكون تخليل اللحية الخفيفةٌ، و الكثيفةٌ؟ الخفيفة "هي التي لا تَسْتُرُ البشرة، وهذه يجب غسلُها وما تحتها؛ لأنَّ ما تحتها لمَّا كان بادياً كان داخلاً في الوجه الذي تكون به المواجهة، . والكثيفةُ: ما تَسْتُرُ البشرة،. 1- وهذه لا يجب إِلا غسل ظاهرها فقط، وعلى المشهور من المذهب يجب غسل المسترسل منها. 2-وقيل: لا يجب كما لا يجب مسحُ ما استرسلَ من الرَّأسِ[(انظر: «الإِنصاف» (1/284).)]، س"مالأقرب عن الشيخ فيما استرسل من اللحية؟ والأقرب في ذلك الوجوب[(انظر: ص(211).)]، . س"مالفرق بينهما وبين الرأس؟ أن اللحية وإِن طالت تحصُل بها المواجهة؛ فهي داخلة في حَدِّ الوجه، أما المسترسلُ من الرَّأس فلا يدخل في الرَّأس لأنَّه مأخوذ من التَّرؤُّس وهو العُلو، وما نزل عن حدِّ الشَّعر، فليس بمُتَرئِّسٍ. س"التَّخليل له صفتان بينهما؟ الأولى: أن يأخذَ كفًّا من ماء، ويجعله تحتها ويَعْرُكَها حتى تتخلَّلَ به. الثانية: أن يأخذ كفًّا من ماء، ويخلِّلَها بأصابعه كالمشط، والدَّليل قول عُثمان رضي الله عنه: «كان النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم يُخلِّلُ لحيته في الوُضُوء»[(رواه الترمذي، أبواب الطهارة: باب ما جاء في تخليل اللحية، رقم (31))]، وهذا الحديث وإن كان في سنده مقال؛ لكن له طُرُقٌ كثيرة، وشواهد تدلُّ على أنه يرتقي إلى درجة الحسن على أقلِّ درجاته، وعلى هذا يكون تخليل اللِّحية الكثيفة سُنَّة. س"ما أقسام إيصال الطهور للرأس؟ وذكر أهل العلم أن إِيصال الطَّهور بالنسبة للشعر ينقسم إلى ثلاثة أقسام[(انظر: «المغني» (1/164، 301، 302))]: الأول: ما يجب فيه إيصال الطَّهور إلى ما تحت اللِّحية، كثيفة كانت، أم خفيفة، وهذا في الطَّهارة الكُبرى من الجنابة لحديث عائشة رضي الله عنها: «كان النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم يصبُّ على رأسه الماء حتى إِذا ظَنَّ أنه أروى بشرَتَه أفاض عليه ثلاث مرَّات»[(رواه البخاري،272)]،. وحديث: «اغسلوا الشعر، وأنْقُوا البشرة»[( رواه أبو داود، كتاب الطهارة: باب الغسل من الجنابة، رقم (248) الثاني: ما لا يجب فيه إِيصال الطَّهور إِلى ما تحت الشَّعر، سواء كان خفيفاً، أم ثقيلاً، وهذا في طهارة التيمُّم. الثالث: ما يجب فيه إِيصال الطَّهورِ إلى ما تحت اللِّحية إِن كانت خفيفة، ولا يجب إِن كانت كثيفة، وهذا في الوُضُوء. س" مالحكم إن لم يكن له لحية؟ إن لم يكن له لحية سقط التَّخليل. س"هل يُقال مثلُ هذا في الأصْلع الذي ليس على رأسه شعر بالنسبة للحلق، أو التَّقصير في النُّسك؟ 1-قال بعض العلماء: يُسَنُّ أن يَمُرَّ بالموسى على رأسه[(انظر: «الإِنصاف» (9/211).)]. س" مالذي يراه الشيخ في مسألة إمرار الموسي علي رأس الأصلع في الحج والعمرة؟ وهذا في الحقيقة لا فائدة له؛ لأنَّ إمرار الموسى على الشَّعر ليس مقصوداً لذاته حتى يُقال: لمَّا تعذَّر أحد الأمرين شُرع الأخذ بالآخر؛ لأن المقصود من إِمرار الموسى إزالة الشَّعر، وهذا لا شعر له. س" كيف يقرأ الأخرس الفاتحة ورأي الشيخ رحمه في ذلك؟ ونظير هذا قول من قال: إِن الأخرس لا بُدَّ أن يقرأ الفاتحة، بأن يحرِّك لسانه وشفتيه، ولا صوت له[(انظر: «الإِنصاف» (3/413))]. وهذا لا فائدة له؛ لأن تحريك اللسان والشفتين لإِظهار النُّطق والقِراءة، وإِذا كان هذا متعذِّراً فتحريكُهما عبث. 6- ومن سنن الوضوء تخليل أصابع اليدين، والرِّجلين" «والأصابع» ، أي: ومن سُنَنِ الوُضُوء تخليل أصابع اليدين، والرِّجلين،. س" لما يعد التخليل في الرِّجلين آكد؟ لوجهين: الأول: أنَّ أصابعهما متلاصقة. والثَّاني: أنهما تباشران الأذى فكانتا آكد من اليدين. س"ماكيفية تخليل الأصابع؟ وتخليل أصابع اليدين: أن يُدخِلَ بعضُهما ببعض. وأما الرِّجْلان فقالوا: يُخلِّلهما بخنصر يده اليُسرى؛ مبتدئاً بخنصر رجله اليُمنى من الأسفل إِلى الإِبهام، ثم الرِّجل اليُسرى يبدأ بها من الإبهام لأجل التَّيامن؛ لأن يمين الرِّجل اليُمنى الخنصر، ويمين اليُسرى الإِبهام، ويكون بخنصر اليد اليُسرى تقليلاً للأذى؛ لأنَّ اليُسرى هي التي تُقدَّم للأذى[(انظر: «المغني» (1/152))]. 7- من سنن الوضوء التَّيَامُنُ،" «والتَّيَامن» ، أي: ومن سُنَن الوُضُوء التَّيَامُن، . س"مالأعضاء التي يكون فيها التيامن ؟ وهو خاصٌّ بالأعضاء الأربعة فقط وهما: 1-اليدان 2-والرِّجْلان، تبدأ باليد اليمنى ثم اليسرى، والرِّجْل اليُمنى ثم اليسرى. س"هل في الوجه والأذنين تيامن؟ أما الوجه" فالنُّصوص تدلُّ على أنَّه لا تيامن فيه، اللهم إلا أن يعجزَ الإِنسان عن غسله دفعة واحدة فحينئذٍ يبدأ بالأيمن منه، وكذلك الرَّأس. والأُذنان" يُمسحان مرَّة واحدة؛ لأنَّهما عضوان من عضو واحد، فهما داخلان في مسح الرَّأس، ولو فُرِضَ أنَّ الإِنسان لا يستطيع أن يمسحَ رأسه إِلا بيد واحدة، فإنه يبدأ باليمين، وبالأُذن اليمنى. س" مالدليل علي مشروعية التيامن ؟ والدَّليل على مشروعية التَّيامن حديث عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يعجبه التَّيمُّنُ في تنعُّله، وترجُّله، وطُهُورِه، وفي شأنه كُلِّه..
__________________
|
#43
|
||||
|
||||
![]() الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) أم محمد الظن س" ماحكم التيامن في المسح على الخُفين ؟ 1-قال بعض العلماء: يمسحُهما معاً[(انظر: «الإِنصاف» (1/418))]، لأنَّهما لما مُسحا كانا كالرَّأس؛ ولأنَّ المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: «فمسح على خُفيه»[( رواه البخاري، كتاب الصلاة: باب الصلاة في الخفاف، رقم (388)،)]، ولم يذكر التَّيامن. 2-قال بعض العلماء: يُستحب التَّيامن[(انظر: «الإِنصاف» (1/418).)]، لأن المسح فرعٌ عن الغسل؛ ولأنهما عضوان يتميَّز أحدُهما عن الآخر بخلاف الرأس، وإِنما لم يذكر التَّيامن لكونه معلوماً من هديه صلّى الله عليه وسلّم أنَّه كان يعجبه التَّيامن، كما لو قال في الوُضُوء: ثم غسل رجليه، ولم يذكر اليُمنى قبل اليُسرى. س"ما اختيار الشيخ في التيامن في المسح علي الخفين؟ الأقرب؛ أنَّك تبدأ باليُمنى قبل اليُسرى[(وقال شيخنا في مجموع الفتاوى (11/177):)]، والأمرُ في هذا واسع إِن شاء الله تعالى. 8- من سنن الوضوء أَخْذُ ماءٍ جديدٍ للأُذُنَيْنِ،. أي ومن سُنَن الوُضُوء أخْذُ ماءٍ جديد للأُذُنين، فيُسَنُّ إِذا مسح رأسه أن يأخذ ماءً جديداً لأُذُنيه. والدَّليل "حديث عبد الله بن زيد أنه رأى النبي صلّى الله عليه وسلّم يتوضَّأ، فأخذ لأُذُنيه ماءً خلاف الماء الذي أخذ لرأسه[(رواه البيهقي (1/65))]. وهذا الحديث شاذٌّ؛ لأنه مخالف لما رواه مسلم أن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم مسح برأسه بماء غير فضل يديه[(رواه مسلم، كتاب الطهارة: باب صفة الوضوء، رقم (236))]، ولأنَّ جميع من وصَفَ وضوءَه صلّى الله عليه وسلّم لم يذكروا أنَّه أخذ ماءً جديداً للأُذُنين. س" مالذي صوبه الشيخ في أخذ ماء جديد للأذنين؟ الصَّواب: أنَّه لا يُسَنُّ أنْ يأخذ ماءً جديداً للأُذُنين. وأمَّا التَّعليل لمشروعية أخذ ماء جديد للأذنين: أنهما كعضو مستقل. فجوابه أنهما يُمسحان مع الرَّأس مرَّةً واحدة فليسا عضواً مستقلاً. 8- من سنن الوضوء الغَسْلَةُ الثَّانِيَةُ، والثَّالثة. أي من سُنَنِ الوُضُوء الغسلة الثَّانية، والثَّالثة. والأولى واجبة لقوله تعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6] . والثَّانية أكمل، والثَّالثة أكمل منهما؛ لأنَّهما أبلغ في التَّنظيف. وقد ثبت عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم أنه توضَّأ مرَّة مرَّة[(رواه البخاري، كتاب الوضوء: باب الوضوء مرّة مرّة، رقم (157)]، ومرَّتين مرَّتين[(رواه البخاري، كتاب الوضوء: باب الوضوء مرتين مرتين، رقم (158)]، وثلاثاً ثلاثاً[(رواه البخاري كتاب الوضوء: باب الوضوء ثلاثاً ثلاثاً، رقم (159)]. وتوضَّأ كذلك مخالفاً، فغسل وجهه ثلاثاً، ويديه مرَّتين، ورجليه مرَّة[(رواه البخاري، كتاب الوضوء: باب غسل الرجلين إِلى الكعبين، رقم (186)،)]. س" ماحكم المخالفة في عدد الغسلات وماصوبه الشيخ؟ 1-وقد كَرِهَ بعضُ العلماء أن يخالفَ بين الأعضاء في العدد[(انظر: «الإِنصاف» (1/290).)]، فإذا غسلت الوجه مرَّة، فلا تغسل اليدين مرَّتين وهكذا. والصَّواب "أنَّه لا يُكره؛ فإِنه ثبت أن الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم خالف فغسل الوجه ثلاثاً، واليدين مرَّتين، والرِّجلين مرَّة. والأفضل أن يأتي بهذا مرَّة، وبهذا مرَّة. وقد يُقال: إِنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم توضَّأ مرَّة لبيان الجواز، لا على سبيل التعبُّد باختلاف العبادات، وتوضأ مرَّتين لبيان الجواز أيضاً. وخَالف كذلك لبيان الجواز. لكن نقول: إِنَّ الأصل التعبُّد والمشروعية. فالذي يظهر: أن الإِنسان ينوِّعُ، وعلى كلام المؤلِّف: الثَّلاث أفضل من الثِّنتين، والثِّنتان أفضل من الواحدة.
__________________
|
#44
|
||||
|
||||
![]() الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) أم محمد الظن بابُ فُرُوضِ الوُضُوءِ وصِفَتِهِ س" عرف الفرض لغةً واصطلاحاً وماحكمه؟ الفَرض في اللُّغة "يدلُّ على معانٍ أصلها: الحَزُّ والقطع، فالحزُّ قطعٌ بدون إِبانة، والقطعُ حزٌّ مع إبانة. الفرض في الشرع" عند أكثر العلماء مرادفٌ للواجب، أي بمعناه، وهو ما أُمِرَ به على سبيل الإِلزام. يعني: أَمَرَ اللَّهُ به ملزماً إِيَّانا بفعله. حكمه: أن فاعله امتثالاً مُثابٌ، وتاركَهُ مستحِقٌّ للعقاب. س" عرف الوضوء لغةً وشرعاً؟ الوُضُوء في اللُّغة: مشتَقٌ من الوَضَاءةِ، وهي النَّظَافَةُ والحُسْنُ. الوُضُوء شرعاً: التعبُّدُ لله عزّ وجل بغسل الأعضاء الأربعة على صفة مخصوصة. س" عدد فروض الوضوء مع الدليل؟ «فُروضُهُ سِتَّةٌ» ، دليلُ انحصارها في ذلك هو التَّتبُّع. 1- من فروض الوضوء «غسل الوجه»" فلا بُدَّ من الغسل، فلو بلَّلت يدك بالماء ثم مسحت بها وجهك لم يكن ذلك غسلاً. والغَسلُ: أن يجري الماء على العضو. س"مالمراد بالوجه وماحده طولاً وعرضاً مع الدليل؟ «الوجه» هو ما تحصُل به المواجهةُ، وحَدُّه طولاً: من منحنى الجبهة إِلى أسفل اللحية، وعرضاً من الأُذن إلى الأذن. وقولنا: من منحنى الجبهة؛ وهو بمعنى قول بعضهم: من منابت شعر الرَّأس المعتاد[(انظر: «الإِنصاف» (1/329))]؛ لأنه يصِل إِلى حَدِّ الجبهة وهو المنحنى، وهذا هو الذي تحصُل به المواجهة؛ لأن المنحنى قد انحنى فلا تحصُل به المواجهة. والدَّليل قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6] . وقد سبق حكم مسترسل اللِّحية. س" هل الفم والأنف من الوجه مع الدليل؟ «والفمُ والأنفُ منه» ، أي: من الوجه؛ لوجودهما فيه فيدخلان في حَدِّه، وعلى هذا فالمضمضة والاستنشاق من فروض الوُضُوء؛ لكنهما غير مستقلَّين؛ فهما يشبهان قوله صلّى الله عليه وسلّم: «أُمِرتُ أن أسْجُدَ على سبعة أَعظُم، على الجبهة، وأشار بيده على أنفه»[(رواه البخاري، كتاب الأذان: باب السجود على الأنف، رقم (812))]، وإن كانت المشابهة ليست من كُلِّ وجه. 2-من فروض الوضوء «وغسل اليدين» . أطلق المؤلِّف رحمه الله لفظ اليدين، ولكن يجب أن يقيِّد ذلك بكونه إلى المرفقين. س"مالمراد باليدين؟ اليد إِذا أطلقت لا يُرادُ بها إِلا الكفّ. والدَّليل قوله تعالى:1- {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيدِيَهُمَا} [المائدة: 38] . 2-وقوله في التيمم: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: 6] ولم يمسح النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم في التيمُّم إِلا الكفَّين[(رواه البخاري، كتاب التيمم: باب التيمم ضربة، رقم (347)،)]. س" مالمراد بالمرفق ولم سمي بذلك مع الدليل؟ المِرْفَقُ: هو المفْصلُ الذي بين العضد والذِّراع. وسُمِّي بذلك" من الارتفاق؛ لأن الإِنسان يرتفق عليه، أي: يتَّكئ. والدَّليل على دخول المرفقين" قوله تعالى: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6] وتفسير النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم لها بفعله، حيث كان يغسل يده اليُمنى حتى يشرع في العَضُد، ثم يغسل يده اليُسرى كذلك[رواه مسلم، كتاب الطهارة: باب استحباب إِطالة الغرّة والتحجيل، رقم (246)]. 3- من فروض الوضوء (مسحُ الرَّأس» . س" مالفرق بين المسح والغسل؟ المسحَ "لا يحتاج إِلى جريان الماء، بل يكفي أن يغمس يده في الماء؛ ثم يمسح بها رأسَه، وإِنَّما أوجب الله في الرأس المسحَ دون الغسل؛ لأن الغسلَ يشقُّ على الإِنسان، ولا سيَّما إذا كَثُرَ الشَّعرُ، وكان في أيام الشِّتاء، إِذ لو غُسل لنزلَ الماءُ على الجسم، ولأن الشَّعر يبقى مبتلاً مدةً طويلة، وهذا يَلْحَق الناسَ به العسرُ والمشقَّةُ، والله إِنما يريد بعباده اليسر. س" ماحد الرأس طولاً وعرضاً؟ حَدُّ الرَّأس من منحنى الجبهة إِلى منابت الشَّعر من الخلف طولاً، ومن الأُذن إِلى الأُذن عرضاً، وعلى هذا فالبياض الذي بين الرَّأس والأُذنين من الرَّأس. س"مالحكم إذا غسل رأسه دون مسحه؛ هل يجزئه أم لا؟ على ثلاثة أقوال[(انظر: «الإِنصاف» (1/345).)]: القول الأول: أنه يُجزئه؛ لأن الله إنما أسقط الغسل عن الرَّأس تخفيفاً؛ لأنه يكون فيه شعر فيمسك الماء ويسيل إلى أسفل، ولو كُلِّف النَّاس غسله لكان فيه مشقَّة، ولا سيَّما في أيَّام الشتاء والبَرْد، فإذا غسله فقد اختار لنفسه ما هو أغلظ فيجزئه. القول الثَّاني: أنَّه يجزئه مع الكراهة بشرط أن يُمِرَّ يده على رأسه، وإِلا فلا، وهذا هو المذهب، لأنَّه إِذا أمرَّ يده فقد حصل المسح مع زيادة الماء بالغسل. القول الثالث: أنه لا يجزئه؛ لأنَّه خلاف أمر الله ورسوله، قال تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ} [المائدة: 6] ، وإذا كان كذلك فقد قال النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم من حديث عائشة: «من عَمِلَ عَمَلاً ليس عليه أمرُنا فهو رَدٌّ»[ رواه البخاري تعليقاً بصيغة الجزم، كتاب البيوع: باب النجش، ومن قال: لا يجوز ذلك البيع، انظر رقم (2142)
__________________
|
#45
|
||||
|
||||
![]() الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) أم محمد الظن س"مالذي رآه الشيخ في غسل الرأس دون مسحه؟ ولا ريب أنَّ المسح أفضلُ من الغسل، وإِجزاء الغسل مطلقاً عن المسح فيه نظرٌ، أما مع إِمرار اليد فالأمر في هذا قريب. س" مالحكم لو مسح بناصيته فقط دون بقيَّة الرَّأس مع الدليل؟ لو مسح بناصيته فقط دون بقيَّة الرَّأسلا يجزئه؛ لقوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ} [المائدة: 6] . «ومنه الأذنان» . أي الأذنان» من الرَّأس، والدَّليل مواظبته صلّى الله عليه وسلّم على مسح الأُذُنين. وأما حديث: «الأُذنان من الرَّأس»[(رواه أحمد (5/268))] فضعّفه كثير من العلماء كابن الصَّلاح وغيره، وقالوا: إن طرقه واهية، ولكثرة الضَّعف فيها لا يرتقي إلى درجة الحسن. وبعض العلماء صحَّحه، وبعضهم حسَّنه، لكن مواظبة النبي صلّى الله عليه وسلّم على مسحهما دليلٌ لا إشكال فيه، وعلى القول بصحة الحديث س"فهل يجب حلق الشَّعر الذي ينبت على الأذنين مع شعر الرَّأس في حلق النسك؟ فالجواب: أنَّ من صحَّح الحديث فإِنَّه يلزمه القول بذلك. ولكن الذي يتأمَّل حلْقَ النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم شعره في النُّسك لا يظَنُّ أنه كان يحلق ذلك، أو أنَّ النَّاس مكلَّفون بحلقه أو تقصيره، وأمّا على القول بضعف الحديث فلا إشكال. 4- من فروض الوضوء «وغَسْلُ الرِّجلين» . س" مالمراد بالرجلين والكعبين؟ أطلق رحمه الله هنا الرِّجلين، لكن لا بُدَّ أن يُقالَ: إلى الكعبين، كما قال الله تعالى: {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6] ؛ ولأن الرِّجل عند الإِطلاق لا يدخل فيها العَقِبُ؛. والكَعْبَان: هما العظمان النَّاتئان اللذان بأسفل السَّاق من جانبي القدم، وهذا هو الحقُّ الذي عليه أهل السُّنَّة. س" مالذي يخالف به الرافضة الحق فيما يتعلق بطهارة الرجل؟ الرَّافضة قالوا: المراد بالكعبين ما تكعَّب وارتفع، وهما العظمان اللذان في ظهر القدم[(انظر: «شرح العقيدة الطحاوية» (2/551، 552).)]، لأن الله قال: {إِلَى الْكَعْبَيْنِ}ولم يقل: «إلى الكِعَاب» وأنتم إذا قلتم: إن الكعبين هما: العظمان النَّاتئان فالرِّجلان فيهما أربعة، فلما قال الله: {إِلَى الْكَعْبَيْنِ} عُلم أنَّهما كعبان في الرِّجْلين، فلكُلِّ رِجْلٍ كعب واحد. س" كيف يرد علي الرافضة؟ والرَّدُّ عليهم بسُنة النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم فإِنه كان يغسل رجليه إلى الكعبين اللذين في منتهى السَّاقين، وهو أعلم بمراد الله تعالى، وتبعه على ذلك كلُّ من وصف وُضُوء النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم من الصَّحابة رضي الله عنهم. س"الرَّافضة يخالفون الحقَّ فيما يتعلَّق بطهارة الرِّجل من وجوه ثلاثة عددها؟ الأول: أنهم لا يغسلون الرِّجل، بل يمسحونها مسحاً. الثاني: أنهم ينتهون بالتطهير عند العظم الناتئ في ظهر القدم فقط. الثالث: أنهم لا يمسحون على الخُفين، ويرون أنه محرَّم، مع العلم أنَّ ممن روى المسحَ على الخُفين عليَّ بن أبي طالب رضي الله عنه وهو عندهم إمام الأئمة. 5-من فروض الوضوء«التَّرتيبُ» . س"مالمراد بالترتيب مع الدليل؟ «التَّرتيبُ» ، وهو أن يُطهَّر كلُّ عضو في محلِّه، والدليل قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6] . وجه الدِّلالة من الآية: إِدخال الممسوح بين المغسولات، ولا نعلم لهذا فائدة إلا التَّرتيب، وإلا لسيقت المغسولات على نسقٍ واحد، ولأنَّ هذه الجملة وقعت جواباً للشَّرط، وما كان جواباً للشَّرط فإِنَّه يكون مرتَّباً حسب وقوع الجواب. ولأن الله ذكرها مرتَّبة، وقد قال النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: «أبْدَأُ بما بَدَأَ اللَّهُ به»[(رواه مسلم، كتاب الحج: باب حجة النبي صلّى الله عليه وسلّم: رقم (1218)،)]. والدَّليل من السُّنَّة: أن جميع الواصفين لوُضُوئه صلّى الله عليه وسلّم ما ذكروا إِلا أنَّه كان يرتِّبها على حسب ما ذكر الله. س" هل يسقط التَّرتيبُ بالجهل أو النسيان على القول بأنَّه فرض؟ 1- بعض العلماء: يسقط بالجهل والنسيان[(] انظر: «الإِنصاف» (1/303))] لأنهما عُذْر، وإِذا كان التَّرتيب بين الصَّلوات المقضيات يسقط بالنِّسيان فهذا مثله. 2- آخرون: لا يسقط بالنِّسيان (351) ؛ لأنه فرض والفرض لا يسقط بالنسيان. والقياس على قضاء الصَّلوات فيه نظر؛ لأنَّ كلَّ صلاة عبادةٌ مستقلة، ولكن الوُضُوء عبادةٌ واحدة. س" مالذي صححه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالي ؟ القول بأنَّ الترتيب يسقطُ بالنِّسيان؛ في النَّفس منه شيء، نعم لو فُرِضَ أن رجلاً جاهلاً في بادية ومنذ نشأته وهو يتوضَّأ؛ فيغسل الوجه واليدين والرِّجلين ثم يمسح الرَّأس، فهنا قد يتوجَّه القول بأنه يُعذر بجهله؛ كما عَذَرَ النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم أُناساً كثيرين بجهلهم في مثل هذه الأحوال.
__________________
|
#46
|
||||
|
||||
![]() الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) أم محمد الظن س" مالذي صححه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالي ؟ القول بأنَّ الترتيب يسقطُ بالنِّسيان؛ في النَّفس منه شيء، نعم لو فُرِضَ أن رجلاً جاهلاً في بادية ومنذ نشأته وهو يتوضَّأ؛ فيغسل الوجه واليدين والرِّجلين ثم يمسح الرَّأس، فهنا قد يتوجَّه القول بأنه يُعذر بجهله؛ كما عَذَرَ النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم أُناساً كثيرين بجهلهم في مثل هذه الأحوال. 6_ من فروض الوضوء «الموالاة» " س"مالمراد بالموالاة مع الدليل علي اشتراطها؟ أن يكون الشَّيء موالياً للشيء، أي عَقِبَه بدون تأخير،. والدليل علي اشتراطها" 1 من الكتاب لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} الآية [المائدة: 6] . س"ماوجه الدِّلالة؟ أنَّ جواب الشَّرط يكون متتابعاً لا يتأخَّرُ، ضرورة أن المشروط يلي الشرط. 2- من السُّنَّة: 1- أن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم توضَّأ متوالياً، ولم يكن يفصل بين أعضاء وُضُوئه،. 2- ولأنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم رأى رجلاً توضَّأ، وترك على قدمه مثل موضع ظُفُر لم يصبْه الماء، فأمره أن يُحسنَ الوُضُوءَ[(] رواه مسلم، كتاب الطهارة: باب وجوب استيعاب جميع أجزاء البدن محل الطهارة، رقم (243))]. وفي «صحيح مسلم» من حديث عمر رضي الله عنه: «ارجعْ فأحسِنْ وُضُوءَك» . . 3-وفي «مسند الإمام أحمد»: أن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم رأى رجلاً يُصلِّي، وفي ظهر قدمه لُمْعَةٌ قَدْرَ الدِّرهم لم يصبْها الماءُ، فأمره النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم أن يعيد الوُضُوء والصَّلاة[(رواه أحمد (3/146))]. 3-ومن النَّظر: أنَّ الوُضُوء عبادةٌ واحدةٌ، فإِذا فرَّق بين أجزائها لم تكن عبادة واحدة. وقال بعضُ العلماء: إن الموالاة سُنَّةٌ وليست بشرط[(] انظر: «الإِنصاف» (1/303).)]؛ لأن الله أمر بغسل هذه الأعضاء، وهذا حاصل بالتَّوالي، والتفريق. والأَوْلَى: القول بأنها شرط؛ لأنها عبادة واحدة لا يمكن تجزئتها. ترجيح الشيخ أن الحكم يكون بنشاف الأعضاء . العُرْفَ قد لا ينضبطُ، فتعليقُ الحكمِ بنشَافِ الأعضاءِ أقربُ إِلى الضَّبط. س" مالذي يستثني من الموالاة؟ 1- إِذا فاتت الموالاة لأمرٍ يتعلَّق بالطَّهارة. مثل: أن يكون بأحد أعضائه حائلٌ يمنع وصول الماء «كالبوية» مثلاً، فاشتغل بإزالته فإِنه لا يضرُّ،. 2- وكذا لو نفد الماء وجعل يستخرجه من البئر، أو انتقل من صنبور إلى آخر ونَشِفت الأعضاء فإِنَّه لا يضرُّ. س" مالحكم إذا فاتت المولاة لأمر لا يتعلق بالطهارة؟ إذا فاتت الموالاة لأمر لا يتعلَّق بالطَّهارة؛ كأن يجد على ثوبه دماً فيشتغل بإِزالته حتى نَشِفت أعضاؤه؛ فيجب عليه إِعادةُ الوُضُوء؛ لأن هذا لا يتعلَّق بطهارته. س" ماحكم النية؟ «والنِّية شرطٌ» ، وهي القصد، ومحلُّها القلبُ ولا يعلم بالنيَّات إلا الله عزّ وجل. والنيَّةُ شرطٌ في جميع العبادات. س"الكلامُ على النيَّة من وجهين فما هما؟ الأول: من جهة تعيين العمل ليتميَّز عن غيره، فينوي بالصَّلاة أنَّها صلاة وأنَّها الظُّهر مثلاً، وبالحجِّ أنه حجٌّ، وبالصِّيام أنَّه صيام، وهذا يتكلَّم عنه أهل الفقه. الثَّاني: قصدُ المعمول له، لا قصد تعيين العبادة، وهو الإِخلاص وضدُّه الشِّرك، والذي يتكلَّم على هذا أرباب السُّلوك في باب التَّوحيد وما يتعلَّق به، وهذا أهمُّ من الأوَّل، لأنَّه لُبُّ الإِسلام وخلاصة الدِّين، وهو الذي يجب على الإِنسان أن يهتمَّ به. س"مالذي ينبغي علي الإنسان عند تذكره للعبادة؟ وينبغي للإنسان أن يتذكَّر عند فعل العبادة شيئين: الأول: أمر الله تعالى بهذه العبادة حتى يؤدِّيها مستحضراً أمر الله، فيتوضَّأ للصَّلاة امتثالاً لأمر الله؛ لأنَّه تعالى قال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6] . لا لمجرد كون الوُضُوء شرطاً لصحَّة الصَّلاة. الثاني: التأسِّي بالنبيِّ صلّى الله عليه وسلّم لتتحقَّق المتابعة. س" هل النية شرط في قبول العمل وصحته واجزائه ومالدليل؟ نعم النيَّةُ شرطٌ لصحَّة العمل وقَبوله وإِجزائه؛. الدليل"1- لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «إِنما الأعمال بالنيَّات»[(رواه البخاري، كتاب بدء الوحي: باب كيف كان بدء الوحي إِلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، رقم (1))]. 2-لأنَّ الله عزّ وجل قيَّد كثيراً من الأعمال بقوله: {ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ}. كقوله تعالى: {وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ} [الرعد: 22] ،. وقوله: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 114] . س"هل يَنطِقُ بالنيَّة؟ على قولين للعلماء[(انظر: «مجموع الفتاوى» (18/263) (22/218)،)]. س" مالذي صححه الشيخ رحمه الله فيما يتعلق في النطق بالنية مع الدليل؟ الصَّحيحُ أنَّه لا ينطق بها، وأن التعبُّد لله بالنُّطق بها بدعة يُنهى عنها،. الدليل" أن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه لم يكونوا ينطقون بالنيَّة إِطلاقاً، ولم يُحفظ عنهم ذلك، ولو كان مشروعاً لبيَّنه الله على لسان رسوله صلّى الله عليه وسلّم الحالي أو المقالي.
__________________
|
#47
|
||||
|
||||
![]() الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) أم محمد الظن س" مالفرق بين العبادات كالصلاة والصيام وغيرها وبين الحج في النية؟ فالنُّطق بها بدعةٌ سواءٌ في الصَّلاة، أو الزَّكاة، أو الصَّوم. أما الحجُّ فلم يرد عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: نويت أن أحُجَّ أو نويت النُّسك الفلاني، وإِنما يلبِّي بالحجِّ فيُظهر النِّيَّة، ويكون العقد بالنيَّةِ سابقاً على التلبية. لكن إذا احتاج الإِنسانُ إلى اشتراط في نُسُكه، فإِنه لا يشترط أن ينطِقَ بالنية، فيقول: إني أريد كذا، بل له أن يقول: اللهم إِن حَبَسَنِي حابس فَمَحِلِّي حيث حبستني دون النُّطقِ بالنيَّة. س" ماذا قال بعض العلماء في النية؟ قال بعض العلماء رحمهم الله: لو أنَّ الله كلَّفنا عملاً بدون نيَّة؛ لكان من تكليف ما لا يُطاق[(انظر: «مجموع الفتاوى» (18/262))]. فلو قال الله: صلُّوا ولا تنووا، فإِنَّه غير ممكن، حتى قال شيخ الإسلام: إِذا تعشَّى الإِنسان لياليَ رمضان فإِن عشاءه يدلُّ على نيَّته ولو لم ينوِ الصِّيام من الغد؛ وذلك لأنَّه لن يُكثر من الطَّعام كما يُكثره في سائر أيامه؛ لأنه سوف يتسحَّر آخر الليل. س" مالمراد بالحدث مع الدليل؟ الحَدَثُ: معنًى يقوم بالبَدَن يمنع من فعل الصَّلاة ونحوها، هذا في الأصل. وأحياناً يُطلقُ على سَبَبِهِ، فيُقال: للغائط حَدَثٌ، وللبول حَدثٌ، ومنه قوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يقبل الله صلاةَ أحدكم إِذا أحدث حتى يتوضَّأ»[( رواه البخاري، كتاب الوضوء: باب لا تُقبلُ صلاةٌ بغير طهور، رقم (135))]. س" هل يشترط لطهارة الأنجاس نية؟ طهارة الأنجاس، فلا يُشترطُ لها نيَّةٌ، فلو عَلَّق إِنسانٌ ثوبه في السَّطح، وجاء المطرُ حتى غسله، وزالت النَّجَاسةُ طَهُرَ؛ مع أن هذا ليس بفعله، ولا بنيَّته. وكذلك الأرض تصيبها النَّجَاسة، فينزل عليها المطر فتطهُر. وما ذكره المؤلِّف: مذهب مالك[(انظر: «حاشية الدسوقي على الشرح الكبير» (1/78).)]، والشَّافعي[(انظر: «المجموع شرح المهذب» (1/309).)]، وأحمد[(انظر: «الإِنصاف» (1/307))]. س مالذي تشترط له النية في الطهارة من الأحداث وأقوال العلماء في ذلك؟ 1-ذهب أبو حنيفة رحمه الله "إلى أن طهارة الحدث لا يُشترطُ لها النيَّةُ[(انظر: «بدائع الصنائع» (1/19، 20))]، لأنها ليست عبادة مقصودة لذاتها، وإنما هي مقصودة لتصحيح الصَّلاة، كما لو لَبِسَ ثوباً يستُر به عورته، فإِنه لا يُشترطُ أن ينوي بذلك ستر العورة، بل لو لَبِسَهُ للتجمُّلِ أو لدفع البرد، وما أشبه ذلك أجزأه. وهذا ضعيف. س"ماتصويب الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالي في اشتراط النية لرفع الحدث لكون الوضوء عبادة مستقلة؟ والصَّوابُ أن الوُضُوء عبادةٌ مستقلِّة، بدليل أن الله تعالى رتَّب عليه الفضلَ والثَّوابَ والأجرَ، ومثلُ هذا يكون عبادةً مستقلّةً، وهو قول جمهور العلماء. وإِذا كان عبادة مستقلَّة، صارت النيَّةُ فيه شرطاً، بخلاف إزالة النَّجاسة فإِنَّها ليست فعلاً، ولكنها تَخَلٍّ عن شيء يُطلب إِزالته، فلهذا لم تكن عبادة مستقلَّة، فلا تُشتَرطُ فيها النيَّة. س" عدد صور النية؟ 1- الصورة الأولي"«أن ينوي رَفْعَ الحدث» ، هذه الصُّورة الأولى للنيَّة، فإِذا توضَّأ بنيَّة رفع الحدث الذي حَصَل له بسبب البول مثلاً صحَّ وُضُوءُه، وهذا هو المقصود بالوُضُوء. 2- الصورة الثانية«أن ينوي الطَّهارة لما لا يُبَاح إِلا بها» ، ، أي: ينوي الطَّهارة لشيء لا يُباح إِلا بالطَّهارة كالصَّلاة والطَّواف ومسِّ المصحف، فإِذا نوى الطَّهارَة للصَّلاة ارتفعَ حدثُه، وإِن لم ينوِ رفع الحدث، لأن الصَّلاة لا تصحُّ إلا بعد رفع الحدث. 3- الصورة الثالثة «أن ينوي الطهارة لماتُسنُّ له » ، ، أي: نوى الطَّهارة لما تُسَنُّ له، وليس لما تجب، كقراءة القرآن، فإِن قراءة القرآن دون مسِّ المصحف تُسَنُّ لها الطَّهارة، بل كلُّ ذِكْرٍ فإِن السُّنَّة أن يتطهَّرَ له؛ لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «كَرِهْتُ أن أذكر الله إلا على طهارة.. ، فإذا نوى ما تُسَنُّ له الطَّهارةُ ارتفع حدثُه، لأنَّه إِذا نوى الطَّهارةُ لما تُسَنُّ له فمعنى ذلك أنه نوى رفع الحدث؛ لأجل أن يقرأ، وكذلك إِذا نوى الطَّهارةَ لرفع الغضبِ، أو النَّومِ، فإِنَّه يرتفعُ حدثه. 4- الصورة الرابعة«أو تجديداً مسنوناً ناسياً حدَثَه ارتفَعَ» ،. أي: تجديداً لوُضُوءٍ سابق عن غير حدث، بل هو على وُضُوء، فينوي تجديدَ الوُضُوء الذي كان متَّصفاً به. س"مالذي اشترط المؤلِّفُ رحمه الله في تجديد الوضوء؟ شرطين: الشرط الأول: أن يكونَ ذلك التجديدُ مسنوناً؛ لأنه إِذا لم يكن مسنوناً لم يكن مشروعاً. س"متى يكون تجديد الوُضُوء مسنوناً مع التمثيل؟ إِذا صَلَّى بالوُضُوء الذي قبله، فإِذا صلَّى بالوُضُوء الذي قبله فإِنه يُستحبُّ أن يتوضَّأ للصَّلاة الجديدة. مثاله: توضَّأ لصلاة الظُّهر وصلَّى الظُّهر، ثم حَضَر وقتُ العصر وهو على طهارته، فحينئذٍ يُسَنُّ له أن يتوضَّأَ تجديداً للوُضُوء؛ لأنَّه صلَّى بالوُضُوء السَّابق، فكان تجديدُ الوُضُوء للعصر مشروعاً، فإن لم يَصلِّ به؛ بأنْ توضَّأ للعصر قبل دخول وقتها؛ ولم يُصَلِّ بهذا الوُضُوء، ثم لما أذَّن العصرُ جدَّد هذا الوُضُوء، فهذا ليس بمشروع؛ لأنَّه لم يُصلِّ بالوُضُوء الأوَّل، فلا يرتفع حدثُه لو كان أحدث بين الوُضُوء الأول والثَّاني. الشرط الثَّاني: أن ينسى حدثَه، فإِن كان ذاكراً لحدثه فإِنه لا يرتفع، وهذا من غرائب العلم! إذا نوى الشَّيءَ ناسياً صَحَّ ، وإِذا نواه ذاكراً لم يصحَّ!. مثاله: رجل صلَّى الظُّهر بوُضُوء، ثم نقضه بعد الصَّلاة، ثم جدَّد الوُضُوء للعصر ناسياً أنه أحدث، فهذا يرتفع حدثُه؛ لأنه نوى تجديداً مسنوناً ناسياً حدثَه. فإِذا كان ذاكراً لحدثه، فلا يرتفع؛ لأنَّه حينئذٍ يكون متلاعباً، فكيف ينوي التجديدَ وهو ليس على وُضُوء؛ لأن التَّجديد لا يكون إلا والإِنسان على طهارة.
__________________
|
#48
|
||||
|
||||
![]() الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) أم محمد الظن س" مالحكم إِن نوى غُسْلاً مَسْنُوناً مع التمثيل ؟ 1-المذهب«وإن نوى غُسْلاً مسنوناً أجْزَأَ عن واجبٍ» ،. مثاله: أن يغتسلَ من تغسيل الميِّت، أو يغتسل للإِحرام، أو للوقوف بعرفة، فهذه أغسال مسنونةٌ، وكذلك غُسْلَ الجمعة عند جمهور العلماء، والصَّحيح: أنه واجبٌ. وظاهر كلام المؤلِّف ـ وهو المذهب ـ: ولو ذكر أن عليه غسْلاً واجباً وقيَّده بعض الأصحاب بما إِذا كان ناسياً حدثه] انظر: «الإِنصاف» (1/311، 315)..)]،. أي: ناسياً الجنابة، فإِن لم يكن ناسياً فإِنَّه لا يرتفع؛ لأن الغُسْل المسنون ليس عن حدث، وإذا لم يكن عن حدث، فقد قال النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: «إنما الأعمال بالنيَّات»[( متفق عليه)]. وهذا الرَّجلُ لم ينوِ إِلا الغُسْل المسنون، وهو يعلمُ أن عليه جنابة، ويذكر ذلك، فكيف يرتفع الحدث؟ وهذا القول ـ وهو تقييده بأن يكون ناسياً ـ له وجهةٌ من النَّظر. وتعليلُ المذهب: أنه لما كان الغُسْل المسنونُ طهارةً شرعيَّة كان رافعاً للحدث. تقوية الشيخ للقول بأن الغسل المسنون يجزيء عن الواجب إذا كان ناسياً حدثه ومثاله"" قال الشيخ رحمه الله تعالي" أن التعليل الذي علل به المؤلف الغُسْل المسنونُ طهارةً شرعيَّة لذلك كان رافعاً للحدث. فيه شيء من العِلَّة، لأنَّه لا شَكَّ بأنَّه غُسْلٌ مشروع، ولكنه أدنى من الغُسْل الواجب من الجنابة، فكيف يقوى المسنونُ حتى يجزئ عن الواجب الأعلى؟ لكن إن كان ناسياً فهو معذور. مثاله: لو اغتسل للجمعة ـ على القول بأنه سُنَّة ـ وهو عليه جنابة لكنه لم يذكرها، أو لم يعلم بالجنابة إِلا بعد الصلاة، كما لو احتلم ولم يعلم إلا بعد الصلاة، فإن صلاة الجمعة تكون صحيحة لارتفاع الجنابة. أما إذا علم ونوى هذا الغسل المسنون فقط، فإن القول بالإجزاء في النفس منه شيء. س"مالحكم إذا نوي غسلين واجب ومستحب مع الدليل؟ إِذا نوى غُسلاً واجباً أجزأ عن المسنون لدُخُوله فيه، كما لو كان عليه جنابة فاغتسل منها عند السَّعي إلى الجُمعة فإِنه يجزئه عن غُسْل الجمعة؛ لأن الواجبَ أعلى من المسنون فيسقطُ به، كما لو دخل المسجد ووجد الناس يصلُّون فدخلَ معهم، فإِن تحيَّة المسجد تَسقطُ عنه؛ لأن الواجب أقوى من المستحبِّ. وإذا نوى الغُسْلين الواجب والمستحبَّ أجزأ من باب أولى؛ لعموم قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إِنَّما الأعمال بالنيَّات»[(متفق عليه، وقد تقدم تخريجه ص(194).)]. وإِنْ جعل لكلٍّ غُسْلاً فهو أفضل؛ كما اختاره الأصحاب[(368)] رحمهم الله. س"الغُسْل الواجب مع المسنون له أربع حالات عددها؟ الأولى: أن ينويَ المسنونَ دونَ الواجبِ. الثانية: أن ينويَ الواجبَ دونَ المسنونِ. الثالثة: أن ينويهما جميعاً. الرابعة: أن يغتسل لكلِّ واحد غسلاً منفرداً. س" مالحكم إِن اجتمعت أحداثاً تُوجِبُ وضوءاً أو غسلاً فنوى بطهارته أحدها ؟ «وإن اجتمعت أحداثٌ تُوجِبُ وُضُوءاً» ، أي: بأن فعل من نواقض الوُضُوء أشياء متعدِّدة، كما لو بَالَ، وتغوَّط، ونامَ، وأكل لحم إِبل، ونوى الطَّهارة عن البول، فإنه يجزئ عن الجميع. س" مالحكم لو نوى عن البول فقط على أن لا يرتفع غيرُه؟ 1- قيل"فإِنَّه لا يجزئ إلا عن البول؛ لعموم قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إِنَّما الأعمال بالنيَّات، وإِنما لكُلِّ امرئٍ ما نوى»[ متفق عليه، وقد تقدم تخريجه، ص(194))]. 2-وقيل: يجزئ عنه وعن غيره[(انظر: «الإِنصاف» (1/317، 318).)]، لأن الحدثَ وصفٌ واحد؛ وإن تعدَّدت أسبابه فإِنه لا يتعدَّد، فإِذا نوى رفعه ارتفع وإِن لم يعيِّن إلا سبباً واحداً من أسبابه. 3-وقيل: إِن عَيَّنَ الأوَّلَ ارتفع الباقي، وإِن عيَّن الثاني لم يرتفعْ شيء منها[(انظر: «الإِنصاف» (1/317، 318).)]؛ لأنَّ الثَّاني ورد على حدث، لا على طهارة كما لو بال أولاً، ثم تغوَّط، ثم توضَّأ عن الغائط فقط فإِنَّه لا يرتفعُ حدثُه؛ لأن الثَّاني وَرَدَ على حَدَثٍ فلم يؤثِّر شيئاً، وحينئذٍ إِذا نَوى رفع الحدث من الثَّاني لم يرتفع، لأن الحدث من الأول. والصَّحيح: أنه إِذا نوى رفع الحدث عن واحد منها ارتفع عن الجميع؛ حتى وإِنْ نوى أن لا يرتفع غيرُه، لأن الحدَثَ وصف واحد وإِن تعدَّدت أسبابه، فإِذا نوى رفعه من البول ارتفع. ولا يعارض قوله صلّى الله عليه وسلّم: «وإِنّما لكُلِّ امرئٍ ما نوى»، وهذا لم ينوِ إلا عن حدث البول؛ لأن الحدث شيء واحد، فإِذا نوى رفعه ارتفع، وليس الإِنسان إِذا بال في الساعة الواحدة مثلاً صار له حدث، وإِذا تغوَّط في الساعة الواحدة والنصف صار له حدث آخر وهكذا، بل الحَدَثُ واحدٌ، والأسباب متعدِّدةٌ.
__________________
|
#49
|
||||
|
||||
![]() الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) أم محمد الظن س" مالحكم إن اجتمعت أحداثاً توجب غسلاً؟ إذا اجتمعت أحداث توجب غُسْلاً كالجماع، والإِنزال، والحيض، والنِّفاس بالنسبة للمرأة، ونوى بغُسْلِهِ واحداً منها، فإنَّ جميعَ الأحداث ترتفعُ. وما يُقال في الحدثِ الأصغر، يُقالُ هنا. س"متي يجب الإتيان بالنية في الطهارة؟ يجبُ الإِتيان بالنيَّة عند أوَّل واجبات الطَّهارة، وهي التَّسمية. س" مالمراد النية؟ النيَّة: عزمُ القلب على فعل الطَّاعة تقرُّباً إلى الله تعالى. وقوله: «عند»، هذه الكلمة تدلُّ على القُرْب كما في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ *} [الأعراف]. وعلى هذا يجب أن تكون النيَّةُ مقترنةً بالفعل، أو متقدِّمةً عليه بزمنٍ يسير، فإِن تقدمت بزمن كثير فإِنها لا تجزئ. س"لماذا لم يقل عند أوَّل فروض الطَّهارة؛؟ لأن الواجب مقدّمٌ على الفروض في الطَّهارة، والواجب هو التَّسمية. وهذا على المذهب من أنَّ التسمية واجبةٌ مع الذِّكر. وبيان أنَّ الصَّحيح أنَّها سُنَّةٌ[(انظر: ص(158).)]. فإِذا أراد أن يتوضَّأ فلا بُدَّ أن ينويَ قبل أن يُسمِّيَ، لأن التَّسمية واجبةٌ. س" مالمحلان اللذان تكون فيهما النية؟ الأول: تكونُ فيه سُنَّةٌ، وهو قبل المسنون إِنْ وُجِدَ قبل واجبٍ. الثاني: تكون فيه واجبةً عند أوَّل الواجبات، وقد سبق بيان ما في ذلك[(انظر س" ماحكم استصحاب ذكر النية في جميع الطهارة؟ يُسَنُّ استصحاب ذكرها، والمرادُ ذكرُها بالقلب، أي يُسَنُّ للإِنسان تذكُّرُ النيَّةِ بقلبه في جميع الطَّهارة، فإِن غابت عن خاطره فإنه لا يضرُّ، لأن استصحاب ذكرها سُنَّةٌ. ولو سبقَ لسانُه بغير قصده فالمدارُ على ما في القلب. ولو نوى بقلبه الوُضُوء، لكن عند الفعل نطق بنيَّة العمل؛ فيكون اعتمادُه على عزم قلبه لا على الوهم الذي طرأ عليه، كما لو أراد الحجَّ ودخل في الإحرام بهذه النيَّة؛ لكن سبقَ لسانُه فلبَّى بالعُمْرة فإِنَّه على ما نوى. س"النيَّةُ لها أربع حالات باعتبار الاستصحاب عددها؟ الأولى: أن يستصحب ذكرها من أوَّل الوُضُوء إِلى آخره، وهذا أكمل الأحوال. الثانية: أن تغيبَ عن خاطره؛ لكنَّه لم ينوِ القَطْعَ، وهذا يُسمَّى استصحابَ حكمِها، أي بَنَى على الحكم الأوَّل، واستمرَّ عليه. الثالثة: أن ينويَ قطعها أثناء الوُضُوء، لكن استمرَّ مثلاً في غسل قدميه لتنظيفهما من الطِّين فلا يصحُّ وُضُوءُهُ؛ لعدم استصحاب الحكم لقطعه النيَّة في أثناء العبادة. الرابعة: أن ينويَ قطع الوُضُوء بعد انتهائه من جميع أعضائه، فهذا لا يَنتقضُ وُضُوءهُ، لأنَّه نوى القطع بعد تمام الفعل. س" مالحكم في قطع نية العبادة والشك فيها بعد فعلها؟ لو نوى قطعَ الصَّلاةِ بعد انتهائها، فإِنَّ صلاته لا تنقطع[(انظر: «المغني» (1/159).)]. قاعدة: قَطْعُ نيَّةِ العبادة بعد فعلها لا يؤثِّر، وكذلك الشكُّ بعد الفراغ من العبادة، سواء شككتَ في النيَّة، أو في أجزاء العبادة، فلا يؤثِّر إِلا مع اليقين. فلو أن رجلاً بعد أن صَلَّى الظُّهر قال: لا أدري هل نويتُها ظُهراً أو عصراً شكّاً منه؟ فلا عبرة بهذا الشكِّ ما دام أنَّه داخل على أنها الظُّهر فهي الظُّهر، ولا يؤثِّر الشَّكُّ بعد والشَّكُّ بعد الفعل لا يؤثِّرُ.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |