شدة المقت الإلهي: تحليل لغوي وشرعي لآية "كبر مقتا عند الله" - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         3 أسرار لإتقان فن المحادثة.. كيف تكون محبوبًا دون أن تتكلم كثيرًا؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          طريقة عمل نودلز بالصلصة والثوم.. وصفة سريعة بمذاق غني في أقل وقت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          4 وصفات للاسترخاء بالملح.. عيشي جو مراكز التجميل في البيت بأقل التكاليف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          4 خطوات لتنظيف وجهك بعد يوم عمل طويل.. اتبعيها يوميًا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          وصفات طبيعية لعلاج حروق الشمس.. استعدى لإجازة المصيف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          موضة مطابخ السبعينيات رجعت تريند.. 6 أفكار ممكن تنفذيها فى 2025 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          طريقة عمل خبز الجزر بالزعتر.. وصفة مبتكرة بطعم بيتى وصحى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          5 خطوات فعالة لحماية شعرك من الجفاف والهيشان فى الصيف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          5 عادات فعالة لإنقاص الوزن بسرعة وسهولة.. لو خارج مليان من العيد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          7 نصائح مضمونة لتجنب رائحة الجسم الكريهة في فصل الصيف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15-06-2025, 03:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,590
الدولة : Egypt
افتراضي شدة المقت الإلهي: تحليل لغوي وشرعي لآية "كبر مقتا عند الله"

شدة المقت الإلهي: تحليل لغوي وشرعي لآية ﴿ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ...

فائدة من كتاب: (إتمام الرصف بذكر ما حَوَتْهُ سورة الصف من الأحكام والوصف)

د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر

الحمد لله الذي أتم نعمته على عباده بالإسلام، وأنزل القرآن نورًا وهداية، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي جاء بالقول السديد والعمل الرشيد، وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:
فإن القرآن الكريم مليء بآياتٍ تعبِّر عن معاني عظيمة، وأسرار لغوية دقيقة؛ ومن هذه الآيات قوله تعالى: ﴿ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الصف: 3]، هذه الآية تبرز بجلاء شدة مقت الله لمن يقع في التناقض بين القول والعمل، وهو خُلُقٌ مذموم يهدِّد تماسك المجتمعات، ويُضعِف أثر الرسالة الإيمانية.

في هذا المقال، نتناول الآية الكريمة بتحليل لغوي وشرعيٍّ مستفيض، مُستعينين بكتاب: (إتمام الرصف بذكر ما حَوَتْهُ سورة الصف من الأحكام والوصف)، للشيخ الدكتور أحمد عبدالرحمن النقيب، سنسلط الضوء على دلالات المقت الإلهي، وأثر التناقض بين القول والعمل، وكيفية استلهام هذه الآية لتحسين السلوك الفردي والجماعي.

قوله تعالى: ﴿ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الصف: 3].

قال المصنف حفظه الله: وكبر؛ أي عظُم، وبمعنى شقَّ وصعب؛ قال تعالى: ﴿ وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ ﴾ [الأنعام: 35][1] ، والمقت – كما قال ابن سِيده – أشد الإبغاض، يُقال: مَقَتَهُ مقتًا: أبغضه، فهو ممقوت ومقيت؛ وذلك في مثل قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا ﴾ [النساء: 22]؛ قال الزجَّاج: "المقت: أشد البغض، ومنه نكاح المقت؛ وهو أن يتزوج الرجل امرأة أبيه إذا طلقها أو مات عنها، وكان يُفعل في الجاهلية، وحرمه الإسلام، وكان معروفًا عندهم في الجاهلية أنه منكر مع إقدامهم عليه؛ ولذلك سُمِّيَ بنكاح المقت"؛ ا.هـ[2].

قال أبو حيان رحمه الله: "واختِير لفظ المقت؛ لأنه أشد البغض، ولم يقتصر على أن جعل البغض كثيرًا حتى جعل أشده وأفحشه"؛ ا.ه[3]، ومن هنا نفهم أن مقت الله إنما يصيب المسرفين في معصيته؛ ومنه قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ ﴾ [غافر: 10]، فأثبت الله مقته للكافرين، ومنه ما حدث مطرف بن عبدالله بن الشخير عن عياض بن حمار المجاشعي رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((... وإني خلقت عبادي حنفاءَ كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرَّمت عليهم ما أحللتُ لهم، وأمرَتهم أن يُشركوا بي ما لم أنزل به سلطانًا، وإن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربَهم وعجمهم، إلا بقايا من أهل الكتاب))[4] ، وبهذا يتضح أن "المقت" يعني شدة البغض من أجل ذنب أو رِيبة أو دناءة يصنعها الممقوت[5].

والمقصود بالأمر المذموم القبيح الممقوت هنا هو ﴿ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الصف: 3]؛ فالله تعالى يُبغض بُغضًا شديدًا من كان هذا حاله[6].

ولغويات هذه الآية مفيدة في تصور المعنى وتعميقه بإذن الله.

قوله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [الصف: 2] نداء، واختُلف هل هو للمؤمنين أم للمنافقين؟ وهذا متفرع على سبب النزول، وقوله ﴿ لِمَ ﴾ مركَّبة من اللام الجارة + (ما) الاستفهامية... وحُذفت ألفها تخفيفًا لكثرة استعمالها[7]، وتوجه دلالة (لم) على حسب تحديد ماهية المخاطبين الملومين في هذه الآيات، فإن كان الخطاب للمؤمنين حقيقةً، فالاستفهام يُراد به التلطف في العتب، وإن كان للمنافقين، فالمعنى: يا أيها الذين آمنوا بألسنتهم، ويُحمل الاستفهام على معنى الإنكار والتوبيخ والتهكم بهم[8].

وهنا فائدة؛ ذلك أنه يجب على المسلمين أن يتلطف بعضهم مع البعض الآخر في الخطاب، ألَا ترى تلطف الله الكريم مع عباده في الخطاب؟! فملاطفة بعضهم بعضًا في الخطاب، وجعله مؤدبًا هينًا، لينًا رفيقًا أولى وأولى، اللهم أعِنْ وسدِّد.

وقوله ﴿ كَبُرَ ﴾: فعل ماض، و﴿ مَقْتًا ﴾: تمييز نكرة، وفاعل (كبر) مضمر مفسر بالتمييز النكرة، والتقدير: كبر المقت مقتًا، ويمكن أن يكون الفاعل هو المصدر المؤول في قوله تعالى: ﴿ أَنْ تَقُولُوا ﴾ [الصف: 3]، ويكون التقدير: كبر قولكم ما لا تفعلون مقتًا عند الله[9].

كما يمكن أن يُعرب هذا المصدر المؤول (أن + الفعل) ﴿ أَنْ تَقُولُوا ﴾ [الصف: 3] = قولكم، يمكن أن يعرب بأنه (مبتدأ) وخبره مقدم، وهو الجملة الفعلية ﴿ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ ﴾ [الصف: 3]، وتكون صورته كالآتي: ﴿ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الصف: 3] ﴿ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ ﴾ [الصف: 3] خبـر، ﴿ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الصف: 3] مبتدأ.

وحسن أن تكون ﴿ كَبُرَ مَقْتًا ﴾ [الصف: 3] خبرًا للقول؛ أي: لقوله: ﴿ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الصف: 3]؛ لأنه بمعنى الذم، تقديره: قولكم ما لا تفعلون مذموم، وقام قوله: ﴿ كَبُرَ مَقْتًا ﴾ [الصف: 3] مقام مذموم[10].

ونلحظ هنا التكرار في قوله: ﴿ لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الصف: 2، 3]، فكرر المحذَّر منه الممقوت مرتين في سياق واحد، وفائدة ذلك: تهويل هذا الصنيع واستبشاعه، الأمر الذي ينبغي بمقتضاه على كل عبد أن يحذر ذلك، وأن يفتدي نفسه من تلك الحال.

الخاتمة:
تعد آية: ﴿ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الصف: 3] تذكيرًا بالغ الأثر لكل مسلم بأهمية التوافق بين القول والعمل، إنها دعوة صريحة لتجنب التناقض الذي يُغضب الله، ويُضعف الإيمان، ويُفقد المجتمع تماسكه.

على المسلم أن يسعى دائمًا لتحقيق الانسجام بين أقواله وأفعاله، متمثلًا في ذلك القدوة العظمى، نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، الذي كان قوله وفعله متطابقين تمامًا، ونسأل الله أن يهدينا جميعًا إلى الصدق في القول، والإخلاص في العمل؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.

والحمد لله رب العالمين.

[1] انظر الأصفهاني: المفردات (ص/ 697)، والفيروزأبادى: القاموس المحيط (ص/ 468).

[2] نقله ابن منظور: اللسان (2/ 90) وراجع أيضًا الأصفهاني: المفردات (ص/ 772).

[3] أبو حيان: البحر المحيط (10/ 164).

[4] صحيح: أخرجه مسلم ح/ 2865 – كتاب الجنة.

[5] نقله أبو حيان عن ابن عطية، انظر البحر المحيط (10/ 164).

[6] انظر في هذا تفسير البغوي على هامش الخازن (7/ 84).

[7] انظر الشوكاني: فتح القدير (5/ 261).

[8] انظر أبو حيان: البحر المحيط (10/ 164).

[9] انظر في هذا القيسي: مشكل إعراب القرآن (2/ 730)، والدرويش: إعراب القرآن (10/ 77).

[10] القيسي: مشكل إعراب القرآن (2/ 730).





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 52.21 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 50.55 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.19%)]