شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         روشتة لحماية أطفالك من الألعاب الإلكترونية.. خبير يوضح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          لحماية طفلك من التحرش والابتزاز.. 4 خطوات لدعم خصوصيته على الإنترنت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          كيفية الحفاظ على أمان أطفالك على الإنترنت.. نصائح مهمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          تعرف على هجمات البرامج الضارة على أجهزة ماك لحماية أطفالك.. اعرف التفاصيل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          خطوات للحصول على أمان شامل للإنترنت مع أطفالك.. تعرف عليها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          احمى طفلك من الإنترنت .. 3 تطبيقات أكثر أمانا لاستخدام الويب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          مشاركة صور أطفالك على الإنترنت .. فكر جيدًا قبل هذه الخطوة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          مخاطر استخدام الإنترنت للأطفال.. 4 مشكلات كبيرة أبرزها التنمر الإلكترونى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          تُسهّل لقطات شاشة البكسل البحث عن الصور في هاتفك.. ما مدى أمانها؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          هل طفلك مستعد لدخول عالم السوشيال ميديا الآن؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-07-2025, 06:35 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,922
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [442]
الحلقة (474)






شرح سنن أبي داود [442]

من رحمة الله بالرقيق أن جعل لهم ما يستخلصون به من رقهم، ومنه: المكاتبة، وتكون بأن يتفق العبد مع سيده على مبلغ من المال منجماً مقابل حريته، فإن وفى فهو حر وإلا فهو عبد ما بقي عليه درهم، وإن باعه سيده انتقل إلى السيد الجديد بما كان له عند الأول، ويعتبر في الحرية الولاء، فهو لحمة كلحمة النسب، ويكون الولاء لمن أعتق، ومن اشترط الولاء دون أن يعتق فشرطه باطل.

ما جاء في المكاتب يؤدي بعض كتابته فيعجز أو يموت



شرح حديث (المكاتب عبد ما بقي من مكاتبته درهم)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ كتاب العتق. باب في المكاتب يؤدي بعض كتابته فيعجز أو يموت. حدثنا هارون بن عبد الله حدثنا أبو بدر حدثني أبو عتبة إسماعيل بن عياش حدثني سليمان بن سليم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المكاتب عبد ما بقي من مكاتبته درهم) ]. أورد أبو داود كتاب العتق، والعتق: هو إزالة الرق وتحول المملوك إلى الحرية، فبعد أن كانت منافعه مملوكة لغيره صارت منافعه مملوكة له، فيتصرف في نفسه كيف يشاء، وكان قبل ذلك لا يتصرف في نفسه بل منافعه ملك لسيده. وأورد المصنف باباً في المكاتب يؤدي بعض كتابته ثم يعجز أو يموت. أي: أن العبد يتفق معه سيده على أن يدفع له مقداراً من المال منجماً كأن يدفع له في السنة كذا، ثم إذا دفع ذلك المقدار الذي اتفق معه عليه فإنه يعتق بعد أن يؤدي الذي عليه، وإن أدى بعض ما عليه وعجز عن الباقي فإنه باق على عبوديته ورقه، وإن مات مات وهو رقيق، فالمال الذي وصل إلى سيده هو مال حصل عليه من عبده، ولم يصل العبد إلى الحرية بل إنه مات في أثناء ذلك، فمات وهو عبد. وأورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المكاتب عبد ما بقي من مكاتبته درهم)، ومعناه: أنه لا تحصل له الحرية إلا إذا أدى كل ما عليه، فإذا أدى كل ما عليه حصلت له الحرية، وأما إن مات قبل أن يؤدي ما عليه فإنه يموت وهو عبد، أو يكون قد عجز ولم يستطع أن يسدد الشيء الذي عليه فإنه يبقى عبداً، وإنما تحصل له الحرية فيما إذا سدد الذي عليه ولم يعجز عن التسديد، وإلا فإنه يكون عبداً، فالمكاتب يعتبر عبداً ما بقي عليه درهم من مكاتبته، فإذا سدد آخر قسط، أو طلب المساعدة من غيره فجمع مالاً ودفعه لسيده فإنه يعتق بذلك.

تراجم رجال إسناد حديث (المكاتب عبد ما بقي من مكاتبته درهم)


قوله: [ حدثنا هارون بن عبد الله ]. هارون بن عبد الله الحمال البغدادي ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا أبو بدر ]. هو شجاع بن الوليد ، صدوق له أوهام، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني أبو عتبة إسماعيل بن عياش ]. أبو عتبة إسماعيل بن عياش صدوق إذا روى عن الشاميين، وهذا من روايته عنهم، ومخلط في غيرهم، وحديثه أخرجه البخاري في رفع اليدين، وأصحاب السنن. [ عن سليمان بن سليم ]. سليمان بن سليم شامي ثقة، أخرج له أصحاب السنن. [ عن عمرو بن شعيب ]. عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص ، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. شعيب بن محمد وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد وجزء القراءة وأصحاب السنن. عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث (أيما عبد كاتب على مائة أوقية فأداها إلا عشر أواق فهو عبد...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن المثنى حدثني عبد الصمد حدثنا همام حدثنا عباس الجريري عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (أيما عبد كاتب على مائة أوقية فأداها إلا عشر أواق فهو عبد، وأيما عبد كاتب على مائة دينار فأداها إلا عشرة دنانير فهو عبد). قال أبو داود : ليس هو عباس الجريري ، قالوا: هو وهم، ولكنه شيخ آخر ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله في أن من كاتب فلا يزال في الرق إلى أن يسدد ما عليه، إلا أن اللفظ الأول كان أشد مبالغة من الثاني ومعناهما واحد. هذا قال: إذا كاتب على مائة دينار وبقي عليه عشرة -أي العُشر- وأما ذاك فهو أخص، لأنه قال: ما بقي درهم، وهو شيء قليل جداً، ولكن النتيجة واحدة والمؤدى واحد، وكلا الطريقين دال على أنه لا يكون حراً إلا إذا سدد الذي عليه. مسألة: هل يجوز للسيد بيع المكاتب أثناء دفعه للأقساط؟ والجواب: نعم يجوز بيعه، ولكنه ينتقل إلى المشتري كما كان عليه عند البائع.
تراجم رجال إسناد حديث (أيما عبد كاتب على مائة أوقية فأداها إلا عشر أواق فهو عبد...)


قوله: [ قال حدثنا محمد بن المثنى ]. محمد بن المثنى أبو موسى العنزي الملقب بالزمن ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة. [ حدثني عبد الصمد ]. عبد الصمد بن عبد الوارث ، صدوق أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا همام ]. همام بن يحيى العوذي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عباس الجريري ]. عباس الجريري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه، عن جده ]. عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، مر ذكرهم. قال أبو داود : [ ليس هو عباس الجريري ، قالوا: هو وهم، ولكنه شيخ آخر ]. وهذا يوجد في بعض النسخ، فإن كان الجريري فهو ثقة، وإن كان غيره فالحديث الذي قبله متابع له.

شرح حديث (إذا كان لإحداكن مكاتب فكان عنده ما يؤدي فلتحتجب منه)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد بن مسرهد حدثنا سفيان عن الزهري عن نبهان مكاتب أم سلمة ، قال: سمعت أم سلمة رضي الله عنها تقول: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا كان لإحداكن مكاتب فكان عنده ما يؤدي فلتحتجب منه) ]. أورد أبو داود حديث أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا كان لإحداكن مكاتب فكان عنده ما يؤدي فلتحتجب منه)، وهذا يفيد أن المكاتب إذا كان عنده ما يؤدي أن سيدته تحتجب منه ولم لم يكن قد أدى؛ لأن المرأة لا تحتجب من مملوكها، وقد جاء في القرآن استثناؤه مع من استثني: أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ [النور:31] ، ولكنه إذا كوتب ثم أدى آخر ما عليه احتجبت منه؛ لأنه صار أجنبياً ولا علاقة له بها، وهذا مثل الرجل إذا تزوج المرأة وطلقها فإنها تحتجب منه؛ لأنه لا علاقة له بها، فكذلك المرأة لا تحتجب عن عبدها ولكنه إذا عتق فإنها تحتجب منه. وهذا اللفظ يخالف ما تقدم لأنه لا يعتبر حراً أن الحرية إلا إذا سدد آخر ما عليه، ولهذا جاء في الحديث السابق: (عبد ما بقي عليه درهم) ، ويمكن أن يقال: إن هذا الاحتجاب على سبيل الاحتياط، ما دام أنه في طريقه إلى التسديد، ولكن الحرية لا تحصل إلا بعد التسديد، وحصول الحرية هو الذي يجعل المولى والرقيق ليس داخلاً في ملك سيدته ومولاته، فلا يكون امتناعها من الاحتجاب عنه إلا إذا حصل التسديد الذي حصل به العتق. والحديث في إسناده شخص متكلم فيه، وعلى هذا فما تقدم في الحديثين السابقين الدالين على أن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم هو الراجح، وما دل عليه هذا الحديث مخالف للحديث المتقدم، والحديث المتقدم هو الصحيح، فيكون الاحتجاب إنما هو بعد حصول العتق وليس قبل ذلك.
تراجم رجال إسناد حديث (إذا كان لإحداكن مكاتب فكان عنده ما يؤدي فلتحتجب منه)


قوله: [ حدثنا مسدد بن مسرهد ]. مسدد بن مسرهد ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا سفيان عن الزهري ]. سفيان بن عيينة ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، والزهري هو محمد بن مسلم بن عبيد الله ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن نبهان مكاتب أم سلمة ].. نبهان مكاتب أم سلمة مقبول، أخرج له أصحاب السنن. [ عن أم سلمة ].. أم سلمة رضي الله عنها هند بنت أبي أمية أم المؤمنين، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة. * تنبيه: الكفالة الموجودة في الوقت الحاضر ليست مثل المكاتب كما يظن البعض؛ لأن الكفيل يطلب من المكفول دفع مبلغ معين كل سنة، وهذا ما ليس له علاقة بباب الرق والعتق، كما أن هذا العمل غير سائغ، فالإنسان عندما يكون كافلاً لأحد معناه أنه استقدمه ليشتغل عنده، ويحصل الأجر في مقابل عمله، فهذا هو الأمر السائغ، وأما أن يأتي به ويفلته ثم ذاك يكتسب ويعطي الكفيل بعض المال في مقابل كفالته فهذا غير صحيح، وليس هذا مما تقره الدولة عندما أذنت وسمحت باستقدام العمال، فإنه يؤتى به ليعمل تحت نظره وإشرافه، أو يعمل له ويحصل أجراً على ذلك، وأما كونه يأتي بأناس يكفلهم ثم يرسلهم ويعطونه في كل شهر أو في كل سنة مقداراً من المال، فهذا غير صحيح.
ما جاء في بيع المكاتب إذا فسخت المكاتبة



شرح حديث (... ابتاعي فأعتقي فإنما الولاء لمن أعتق...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في بيع المكاتب إذا فسخت الكتابة. حدثنا عبد الله بن مسلمة و قتيبة بن سعيد قالا: حدثنا الليث عن ابن شهاب عن عروة : (أن عائشة رضي الله عنها أخبرته: أن بريرة رضي الله عنها جاءت عائشة تستعينها في كتابتها، ولم تكن قضت من كتابتها شيئاً، فقالت لها عائشة : ارجعي إلى أهلك فإن أحبوا أن أقضي عنك كتابتك ويكون ولاؤك لي فعلت، فذكرت ذلك بريرة لأهلها فأبوا، وقالوا: إن شاءت أن تحتسب عليك فلتفعل ويكون لنا ولاؤك، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ابتاعي فأعتقي؛ فإنما الولاء لمن أعتق، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما بال أناس يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله، من اشترط شرطاً ليس في كتاب الله فليس له وإن شرطه مائة مرة، شرط الله أحق وأوثق) ]. أورد أبو داود باباً في بيع المكاتب إذا فسخت الكتابة، ومعناه: أن بيع المكاتب سائغ لأنه عبد، والعبد يجوز بيعه، وهو عبد ما بقي عليه درهم. وقد أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها في قصة بريرة ، ومكاتبة أهلها لها على تسع أواق، وأنها لم تقض منها شيئاً، وأنها جاءت إلى عائشة أم المؤمنين تطلب منها أن تعينها بمقدار من المال من أجل أن تدفعه لأهلها، فعائشة رضي الله عنه وأرضاها أرادت أنها تدفع المبلغ كله وتعتقها ويكون الولاء لها، فلما جاءت إلى أهلها وأخبرتهم قالوا: إن كانت تريد أن تساعدك وتحتسب الأجر على الله عز وجل فلها ذلك ويكون الولاء لنا وهذا معناه: أن الولاء يكون لهم وهم غير معتقين، فهي التي ستعتق وليسوا هم. فهم أرادوا أن يكون لهم الولاء، وما كانوا يعرفون الحكم الشرعي في ذلك، وظنوا أنه ما دام حصلت المكاتبة من قبلهم، وأنها في طريقها للعتق، فهم من أعتقها، لكن الأمر ليس كذلك؛ لأن عائشة تريد أن تشتريها وأن تعتقها، ويكون ولاؤها لها، فأبوا، ولما أخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أمرها بأن تبتاعها وأن تعتقها، وأن الولاء لها، لأن الولاء إنما يكون لمن أعتق، ولا يحصل الولاء شخص غير معتق؛ لأن الولاء مثل النسب لا يصير إلا لمن حصل منه العتق، ولا يباع ولا يوهب. (وقالوا: إن شاءت أن تحتسب عليك فلتفعل ويكون لنا ولاؤك، فذكرت ذلك لرسول صلى الله عليه وسلم فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ابتاعي فأعتقي). يعني: اشتريها أنت وأعتقيها، فإنما الولاء لمن أعتق، فأنت لم تعطيها مساعدة من أجل أن تذهب بها إلى قومها ثم يعتقونها ويكون الولاء لهم، وإنما أنت دفعت كل المبلغ الذي طلبوه منها؛ لتتولي عتقها فيكون ولاؤها لك. ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس، وبين لهم الأمر، وكان من عادته عليه الصلاة والسلام أنه إذا بلغه شيء عن أناس حصل منهم أمر لا يسوغ فإنه يخطب ويقول: (ما بال أقوام يقولون كذا وكذا)، ولا يسمي الذين حصل منهم، فيكون بذلك قد بين الحكم الشرعي لسائر الناس، والذين حصل منهم المخالفة يعرفون أنفسهم، ويعرفون أنه قد حصل منهم ذلك فيتركونه، وغيرهم ممن لم يكن له دخل في هذا الموضوع يعرف الحكم الشرعي، فكان هذا من هديه ومن طريقته صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وهذا من كمال خلقه عليه الصلاة والسلام، أنه ما كان يصرح ويعلن أسماءهم، وأنه حصل منهم كذا وكذا، وإنما أتى به بهذه الطريقة التي تفيدهم وتفيد غيرهم. قوله: (ابتاعي فأعتقي؛ فإنما الولاء لمن أعتق) حصر للولاء فيمن حصل منه العتق، ولو كان امرأة، والنساء لا يرثن بعصوبة النفس إلا في باب الولاء فقط؛ لأن النساء إما عصبة بالغير، أو عصبة مع الغير، ولا يكن عصبة بالنفس، ولكن في باب الولاء تكون المعتقة عصبة بالنفس، ولهذا يقول الرحبي: وليس في النساء طراً عصبه إلا التي منت بعتق الرقبة أي: وليس في النساء جميعاً عصبة بالنفس إلا التي أعتقت، فإنها تكون عاصبة بنفسها. قوله: (ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما بال أناس يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله). المقصود من هذا كونهم قالوا: إن أرادت أن تحتسب الأجر عند الله بكونها تساعدك بهذا المبلغ ويكون الولاء لنا؛ لأننا قد كاتبناك ودخلنا معك في أمر يؤدي إلى العتق، فإذاً: يكون الولاء لنا. قوله: (من اشترط شرطاً ليس في كتاب الله فليس له وإن شرطه مائة مرة). قوله: (في كتاب الله)، المقصود به حكم الله، وسواء كان ذلك في كتاب الله عز وجل أو سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، سواء في القرآن المتلو المتعبد بتلاوته والمتعبد بالعمل به، أو في السنة التي هي شقيقة القرآن، والتي هي مثل القرآن في وجوب العمل بها. ويمكن أن يقصد بقوله: (في كتاب الله) القرآن، ولكن تدخل السنة في عموم قوله: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7]، ولهذا جاء عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال لما ذكر النامصة والمتنمصة: ( ما لي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله، فقالت امرأة: إنني قرأت المصحف من أوله إلى آخره فما وجدت فيه هذا الذي تقول، فقال رضي الله عنه: إن كنت قرأته فقد وجدته، قال الله عز وجل: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7] ]، فكل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فهو مأمور به بالكتاب، إذاً فهذا من أوامر الكتاب ومما أمر به الكتاب. فإما أن يكون المقصود به القرآن وتكون السنة داخلة في مثل هذا الأمر العام، أو أنه يراد به حكم الله؛ فيكون ذلك مشتمل على الكتاب وعلى السنة. وقوله: (شرط الله أحق وأوثق)، يعني: هو الذي يعول عليه، وكل شرط لم يأت ثبوته وإقراره بالشرع، أو لم يأت في الشرع ما يمنع منه فإنه لا يعول عليه، وإنما يعول على ما ثبت في الشرع كتاباً أو سنة.
تراجم رجال إسناد حديث (... ابتاعي فأعتقي، فإنما الولاء لمن أعتق...)


قوله: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة و قتيبة بن سعيد ]. عبد الله بن مسلمة مر ذكره. و قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قالا: حدثنا الليث ]. الليث بن سعد المصري ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن شهاب ]. ابن شهاب مر ذكره. [ عن عروة ]. عروة بن الزبير بن العوام ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
من أحكام المكاتبة والولاء


جاء في ترجمة أبي داود للباب قوله: [ إذا فسخت الكتابة ]، ومعنى ذلك: إذا حصل الاتفاق على فسخها ثم حصل البيع، ومعلوم أنه يمكن أن تفسخ الكتابة فيما بين السيد والعبد ويمكن أن تبقى، ولكن يباع المكاتب ويدفع المبلغ، ويحل المشتري محل البائع، بمعنى: أنه يسدد له ثم يعتق، ويكون ولاؤه لمن أعتقه، أي: أنه في الحالين يمكن أن تفسخ المكاتبة بين السيد والعبد، فهي بهذه الطريقة التي حصلت بينها وبين عائشة لأنها ما سددت أي شيء من المبلغ، فكأن المكاتبة فسخت بينها وبينهم؛ لأن أولئك باعوها وأخذوا كامل المبلغ، وتلك اشترتها وأعتقتها، ويمكن أن يكون قد سُدِّد شيء ويتفق البائع مع المشتري على أنه يدفع له المبلغ، وهذا يحل محله بالتسديد، ثم يصير العتق بعد ذلك. ثم ما هو الولاء؟ وماذا يستفيد المعتق من الولاء؟ الولاء كما قال العلماء: لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب، والفائدة فيه: أنه ينسب إلى مولاه، ولهذا يقال: فلان مولاهم، يعني: الذي كان عتيقاً لهم ينسب إليهم نسبة ولاء. وكذلك يحصل الميراث، فلو مات ذلك العتيق وليس له بنون ولا أب، ولا أحد يرثه؛ فإن الذي أعتقه يرثه، ومعلوم أن الإرث بالولاء متأخر عن الإرث بالنسب؛ لأن الذين يرثون بالنسب مقدمون على الذين يرثون بالولاء، فمعنى ذلك: أن العبد أو العتيق إذا مات وليس له ورثة من نسبه فإن المعتق يستفيد أنه هو الذي يرثه، ولا يذهب ماله إلى بيت المال؛ لأن له وارثاً.
شرح حديث (ابتاعي فأعتقي فإنما الولاء لمن أعتق...) من طريق أخرى، وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا وهيب عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (جاءت بريرة رضي الله عنها لتستعين في كتابتها فقالت: إني كاتبت أهلي على تسع أواق في كل عام أوقية فأعينيني، فقالت: إن أحب أهلك أن أعدها عدة واحدة وأعتقك ويكون ولاؤك لي فعلت فذهبت إلى أهلها -وساق الحديث نحو الزهري ، زاد في كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم في آخره- ما بال رجال يقول أحدهم: أعتق يا فلان والولاء لي! إنما الولاء لمن أعتق) ]. أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها من طريق أخرى وهو مثل الذي قبله. قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل عن وهيب ]. موسى بن إسماعيل مر ذكره، وهيب بن خالد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن هشام بن عروة ، عن أبيه ]. هشام بن عروة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. وأبوه و عائشة مر ذكرهما.
شرح حديث (... أؤدي عنك كتابتك وأتزوجك...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد العزيز بن يحيى أبو الأصبغ الحراني حدثني محمد -يعني: ابن سلمة - عن ابن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها قالت: (وقعت جويرية بنت الحارث بن المصطلق رضي الله عنها في سهم ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه أو ابن عم له، فكاتبت على نفسها، وكانت امرأة ملاحة تأخذها العين، قالت عائشة رضي الله عنها: فجاءت تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتابتها، فلما قامت على الباب فرأيتها كرهت مكانها، وعرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيرى منها مثل الذي رأيت، فقالت: يا رسول الله! أنا جويرية بنت الحارث ، وإنما كان من أمري ما لا يخفى عليك، وإني وقعت في سهم ثابت بن قيس بن شماس ، وإني كاتبت على نفسي، فجئتك أسألك في كتابتي، فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: فهل لك إلى ما هو خير منه؟! قالت: وما هو يا رسول الله؟! قال: أؤدي عنك كتابتك وأتزوجك، قالت: قد فعلت، قالت: فتسامع -يعني: الناس- أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد تزوج جويرية فأرسلوا ما في أيديهم من السبي، فأعتقوهم وقالوا: أصهار رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فما رأينا امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها، أعتق في سببها مائة أهل بيت من بني المصطلق). قال أبو داود : هذا حجة في أن الولي هو الذي يزوج نفسه ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث عائشة رضي الله عنها في قصة جويرية بنت الحارث بن المصطلق رضي الله تعالى عنها وأنها وقعت في السبي، وكانت من سهم ثابت بن قيس بن شماس ، وأنها كاتبته على نفسها، واتفقت معه على أنها تجمع مقداراً من المال، فإذا سددته فإنها تعتق، فجاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تستعين به على كتابتها كما حصل من بريرة مع عائشة عندما جاءت تستعين بها على كتابتها، وهذه جاءت تستعين بالنبي صلى الله عليه وسلم على كتابتها، أي: تطلب منه مقداراً من المال يساعدها في الوصول إلى ما تريد من العتق، وذلك بدفعه إلى ثابت بن قيس بن شماس رضي الله تعالى عنه. قالت عائشة : (وكانت امرأة ملاحة) يعني: فائقة الجمال (تأخذها العين) أي: أن العين إذا وقعت عليها فإنها تعجب بها، وخشيت أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا رآها أنه يحصل منه مثل الذي حصل منها بكونها أعجبتها فتعجبه، فذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم أمر كتابتها فقال: (هل لك ما هو خير من ذلك؟ قالت: وما هو؟! قال: أدفع عنك وأتزوجك، قالت: قد فعلت) فأعتقها رسول الله صلى الله عليه وسلم وتزوجها، فتسامع الناس وانتشر الخبر، فقال الناس: هؤلاء هم أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعتقوا ما بأيديهم إكراماً لأصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: (فما رأينا امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها؛ أعتق في سببها مائة أهل بيت من بني المصطلق). والمقصود من ذلك: أن المكاتب يتم بيعه ويتم إعتاقه، والولاء لمن أعتق. ثم قال أبو داود : وفي الحديث دليل على أن الولي هو الذي يزوج نفسه، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي أعتقها وصار ولياً لها؛ لأن المعتق ولي ووارث، وليس هناك أحد يلي زواجها، فأبوها قيل إنه لم يسلم في ذلك الوقت، وإنما أسلم بعد الزواج، والرسول هو الولي فهو الذي يزوج نفسه، أي: هو الولي والزوج فيكون منه الإيجاب والقبول.
تراجم رجال إسناد حديث (... أؤدي عنك كتابتك وأتزوجك...)


قوله: [ حدثنا عبد العزيز بن يحيى أبو الأصبغ الحراني ]. عبد العزيز بن يحيى أبو الأصبغ الحراني صدوق ربما وهم، أخرج له أبو داود والنسائي . [ حدثني محمد -يعني: ابن سلمة - ]. محمد بن سلمة الحراني الباهلي ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن. [ عن ابن إسحاق ]. هو محمد بن إسحاق المدني صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ عن محمد بن جعفر بن الزبير ]. محمد بن جعفر بن الزبير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عروة بن الزبير ]. عروة بن الزبير مر ذكره. [ عن عائشة ]. عائشة مر ذكرها.
ما جاء في العتق على الشرط



شرح أثر (أعتقك وأشرط عليك أن تخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عشتَ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في العتق على الشرط. حدثنا مسدد بن مسرهد حدثنا عبد الوارث عن سعيد بن جمهان عن سفينة رضي الله عنه قال: كنت مملوكاً لأم سلمة رضي الله عنها، فقالت: أعتقك وأشرط عليك أن تخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عشت، فقلت: إن لم تشترطي عليَّ ما فارقت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعتقتني واشترطت علي ]. أورد أبو داود رحمه الله باباً في العتق على شرط، أي: أن ذلك سائغ إذا كان شرطاً معلوماً، وكان شيئاً محدداً ليس شيئاً مبهماً أو شيئاً ليس له أمد، فإنه سائغ بأن يقول مثلاً: أعتقك على أن تخدم لمدة شهر أو لمدة سنة، لكن كونه يكون دائماً وأبداً فإن هذا ينافي مقتضى العتق، ولكن الذي ورد في الحديث شيء يتعلق بالرسول صلى الله عليه وسلم، ومعلوم أن مرافقة الرسول صلى الله عليه وسلم وملازمته شرف عظيم لمن يحصل له، وكان الصحابة يتنافسون في ذلك ويحرصون عليه، ويحبون كثيراً أن يخدموا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يكون لهم صلة وثيقة بالنبي صلى الله عليه وسلم عن طريق الملازمة، كأن يكون أحدهم مولاه أو خادماً له. وإذا أعتق الإنسان عبداً على أن يخدمه ما عاش كان هذا منافياً لمقتضى العتق، وكأنه ما أعتقه، ولكن إذا حدد مدة سنة أو شهر أو أي زمن معلوم فإنه يعتق، قالوا: وإذا كان دائماً فإنه يشتري منه هذه الخدمة التي التزم بها، أي: يعتق ولكنه يدفع له مقابل هذا الذي لا يمكنه أن يأتي به، ولأنه ينافي مقتضى العتق؛ لأن معنى ذلك أنه سيخدمه ما عاش مثل الرقيق، إذاً: ما الفرق بينه وبين الرقيق؟ لكن الذي ورد فيه الحديث شرف كان يحرص عليه كل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله تعالى عنهم وأرضاهم. أورد أبو داود حديث سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد أعتقته أم سلمة رضي الله تعالى عنها واشترطت عليه أن يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: إنني لا أفارقه حتى أموت، يعني: وإن لم يحصل ذلك فأنا يعجبني ويهمني أن أرافقه وأن ألازمه حتى أموت، فأعتقته واشترطت عليه خدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تراجم رجال إسناد أثر (أعتقك وأشرط عليك أن تخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عشتَ...)


قوله: [ حدثنا مسدد بن مسرهد حدثنا عبد الوارث ]. مسدد بن مسرهد مر ذكره، و عبد الوارث بن سعيد العنبري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سعيد بن جمهان ]. سعيد بن جمهان صدوق له أفراد، أخرج له أصحاب السنن. [ عن سفينة ]. سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه مسلم وأصحاب السنن.
الأسئلة



انقطاع النكاح بالسبي

السؤال: هل قصة جويرية رضي الله عنها تدل على أن السبي يقطع النكاح السابق إثر وقوع السبي مباشرة؟ الجواب: السبي يقطع النكاح، ولكن إن م تكن حاملاً فإنه لابد من استبرائها بحيضة ويقطع النكاح السابق، كما حصل لـ مثل صفية رضي الله عنها، فقد سبيت عام خيبر، فتزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم، فالسبي يقطع النكاح، ولكنها تستبرأ. لكن إذا أسلم الزوجان لم ينقطع النكاح، ويبقيان على نكاحهما.

جواز أن يكون العتق مهراً

السؤال وهل يكون العتق مهراً؟ الجواب: نعم. يمكن أن يكون مهراً، فالرسول صلى الله عليه وسلم أعتق صفية وجعل عتقها صداقها، وهنا في قصة جويرية دفع مبلغاً من المال في مقابل عتقها؛ لأنه اشتراها شراء، وأما صفية فقد كانت له في السهام.

حكم عتق الكافر ومكاتبته


السؤال: هل يجوز عتق الكافر ومكاتبته؟ الجواب: يجوز، لكن عتق المسلم أولى من عتق الكافر.


توجيه رؤية الرسول لوجه جويرية


السؤال: هل في حديث جويرية دلالة على كشف الوجه والنظر إلى الأجنبية؟ الجواب: النظر إلى الأجنبية لا يجوز، ونظر الرسول صلى الله عليه وسلم على اعتبار أنه سيخطبها، ومعلوم أن الخاطب له أن ينظر إلى المخطوبة، أو أنه رآها لأول وهلة وبعد ذلك كف بصره.


توجيه كون سفينة مولى للرسول والمعتق إنما هو أم سلمة


السؤال: كيف كان سفينة مولى لرسول صلى الله عليه وسلم والمعتق إنما أم سلمة ؟ الجواب: الولاء لها، ولكن الفائدة والمنفعة والسبب في العتق هو خدمة الرسول صلى الله عليه وسلم، أي: أنه مولاه في الخدمة، وأما من ناحية العتق فمعتقه هي أم سلمة .

حكم تصدق المرأة من مالها بغير إذن زوجها


السؤال: هل يدل حديث بريرة على أن للمرأة أن تتصدق من مالها من غير إذن زوجها لفعل عائشة رضي الله عنها؟ الجواب: نعم يدل على ذلك، والحديث ليس فيه صدقة وإنما فيه بيع وشراء؛ لأن الذي حصل هو شراء، وإن كانت بريرة جاءت تستعين؛ وتطلب منها الصدقة والمساعدة لكن الذي أرادته عائشة هو أن تشتريها وتدفع المبلغ كله وتعتقها، ويكون الولاء لها."


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 02-07-2025, 03:39 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,922
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [447]
الحلقة (479)



شرح سنن أبي داود [447]

قد تختلف الأحاديث الواردة في القراءات صحة وضعفاً، إلا أن القراءة قد تكون ثابتة بأسانيد ثابتة محفوظة بحفظ الله تعالى، حتى وإن وجد في رسم المصحف ما يخالف ما ثبتت أسانيده أو تواترت قراءته في قراءات أخرى.

تابع ما جاء في الحروف والقراءات


شرح حديث (كان رسول الله إذا دعا بدأ بنفسه...)


قال الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا عيسى عن حمزة الزيات عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا دعا بدأ بنفسه، وقال: رحمة الله علينا وعلى موسى لو صبر لرأى من صاحبه العجب، ولكنه قال: إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي [الكهف:76]) طولها حمزة ]. سبق البدء بكتاب الحروف والقراءات، وعرفنا أن الحروف يحتمل أن يراد بها الأحرف السبعة، ويحتمل أن يكون المراد بها القراءات، ولكن الذي يظهر أن المراد بها القراءات وليس الأحرف السبعة؛ لأن كل الأحاديث التي أوردها أبو داود رحمه الله في هذا الكتاب إنما هي في القراءات وليس شيئاً منها في الأحرف السبعة، أما الحديث الذي يتعلق بالأحرف السبعة فقد أورده أبو داود رحمه الله في كتاب الوتر حيث قال هناك: [ باب أنزل القرآن على سبعة أحرف ]، وذكر في ذلك الحديث المتعلق بهذا، وعلى هذا فتكون الحروف هنا بمعنى القراءات، والحروف يقال لها قراءات. وسيأتي في كلام أحد القراء تعبيره عن القراءات بالحروف إشارة إلى ما تضمنته هذه الأحاديث التي أوردها أبو داود رحمه الله في هذا الكتاب الذي هو كتاب الحروف والقراءات، وقد أورد هنا حديث أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا بدأ بنفسه وقال: رحمة الله علينا وعلى موسى)، يعني: في قصته مع الخضر عندما جاء وأشار إلى اجتماعه مع الخضر، وأنه سأل عن أسئلة، وأنه كان لا يصبر على الأشياء التي يراها وهي غريبة وعجيبة، فكان يسأله حتى أنه بعد ذلك قال: إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي [الكهف:76]، وبعد ذلك سأله سؤالاً فقال: هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا [الكهف:78].
تفاضل الأنبياء

قال: (رحمة الله علينا وعلى موسى لو صبر لرأى من صاحبه العجب)، يعني: لرأى من الخضر مثل هذه القصص التي هي عجيبة وغريبة، وهذا كما هو معلوم من إطلاع الله عز وجل للخضر على هذه الأمور، ولا يعني ذلك أنه أفضل من موسى، فموسى عليه الصلاة والسلام أفضل الرسل بعد نبينا محمد عليه الصلاة والسلام وبعد إبراهيم، فهو يلي الخليلين محمداً وإبراهيم عليهما السلام، وهو من أولي العزم من الرسل. والخضر اختلف فيه هل هو نبي أو ولي؟ ولكن الصحيح أنه نبي وليس بولي؛ لأن ما جاء في سياق هذه الآية التي تتعلق بقصة موسى مع الخضر واضح في أنه نبي، وفي أولها وآخرها ما يدل على ذلك، وأيضاً جاء في نفس الحديث أنه قال لما لقيه: (أنا على علم من الله لا تعلمه، وأنت على علم من الله لا أعلمه)، يعني: كل واحد منهما قد أوحى الله إليه بما شاء، وكونه جاء إلى الخضر وأراد أن يستفيد منه لا يدل على أن المستفاد منه أفضل من موسى، بل أفضل الرسل الخليلان محمد وإبراهيم عليهما الصلاة والسلام، ثم بعدهما كليم الرحمن موسى عليه الصلاة والسلام. ونبينا محمد أيضاً هو كليم؛ لأنه خليل وكليم، وإبراهيم خليل، وموسى كليم، ونبينا محمد عليه السلام اجتمع فيه ما تفرق في غيره.
خرافة الخضر في قصص واعتقاد الصوفية


ما جاء في الآيات والأحاديث يدل على أن الخضر نبي وليس بولي، وبعض الناس ولاسيما أهل الخرافة والتصوف يبالغون في مسألة الخضر وأنه موجود في الدنيا، وأنه يلتقي ببعض الناس، وأنه معمر، وأنه باق. وهذا كلام غير صحيح، إذ لو كان الخلد لأحد لكان لنبينا محمد عليه الصلاة والسلام: وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِينْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ [الأنبياء:34]، والخضر بشر، فما جعل الله الخلد لأحد قبل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حتى يكون له، والله تعالى كتب الموت والفناء على كل حي، فليس الخضر بحي. وقد استدل على ذلك بأدلة منها هذه الآية الكريمة التي أشرت إليها: وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِينْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ [الأنبياء:34]، وكذلك كون النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر يلجأ إلى الله عز وجل ويفزع إليه، ويسأله أن ينصر العصابة التي معه ويقول: (اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض) والشاهد أن هؤلاء هم المؤمنون ولو هلكوا فإن الخضر موجود يعبد الله، والرسول صلى الله عليه وسلم قد قال: (إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض). ثم أيضاً لو كان الخضر موجوداً كيف يكون في الدنيا يسرح ويمرح ولا يأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويتشرف بلقائه ولو مرة واحدة؟ وكيف لا يكون معه ويؤيده وينصره؟ إن كل هذا يدل على أنه غير موجود، وأنه قد مات كما مات غيره من الأنبياء الذين تقدموا. وكذلك الحديث الذي فيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في آخر حياته، وكان في ليلة من الليالي ورأى طفلاً صغيراً قال: (إنه لن تأتي مائة سنة ونفس تطرف ممن هو موجود الآن), فمعنى هذا أنه لن يبقى أحد بعد مائة سنة من هذا الكلام الذي قاله الرسول صلى الله عليه وسلم. وأيضاً: الأدلة تدل على أنه نبي وليس بولي؛ لأن الأولياء إنما يحصلون الخير باتباع الأنبياء، والأولياء لا ينزل عليهم وحي، وإنما يأخذون الوحي والحق والهدى ممن ينزل عليهم الوحي وهم الرسل والأنبياء، إذاً الخضر نبي وليس بولي، وهو ميت وليس بحي. كل هذه أمور تدل على موته وعدم بقائه.
موافقة حمزة لقراءة حفص عن عاصم في قراءة (لدني) بالتشديد


قال: [ (لرأى من صاحبه العجب، ولكنه قال: إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي [الكهف:76]), طولها حمزة ]. قال: إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي [الكهف:76]؛ لأنه في المرة الأولى عندما ركب في السفينة وخرقها استغرب وقال: أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا * قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا * قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا * فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا * قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا * قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا * فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا * قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا [الكهف71-78]، يعني: بناء على قوله الذي التزمه وأبداه حيث قال: إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا [الكهف:76]. وقد أورد أبو داود الحديث من أجل قوله: (( مِنْ لَدُنِّي )) يعني: أنها بالتشديد، وهي قراءة أكثر القراء، ومنهم حمزة الذي جاء في الإسناد، والذي قال عنه أبو داود هنا: [ طولها حمزة ]، يعني: ثقل النون من: (لدُنِّي)؛ لأن في إحدى القراءات (لَدُنِي) وقراءة حمزة وقراءة عاصم بن أبي النجود التي بين أيدينا: (( قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا )). قال: [ طولها حمزة ] وحمزة هو ابن حبيب الزيات أحد القراء السبعة, وقد جاء ذكره في هذا الإسناد. والقراء السبعة هم: حمزة بن حبيب الزيات و نافع بن عبد الرحمن و عاصم بن أبي النجود و ابن عامر و ابن كثير و أبو عمرو بن العلاء و الكسائي . هؤلاء هم القراء السبعة المشهورون أصحاب القراءات السبع، ومنهم حمزة الذي جاء معنا في هذا الإسناد.
تراجم رجال إسناد حديث (كان رسول الله إذا دعا بدأ بنفسه...)

قوله: [ حدثنا إبراهيم بن موسى ]. إبراهيم بن موسى الرازي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا عيسى ]. عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن حمزة الزيات ]. حمزة بن حبيب الزيات صدوق ربما وهم أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي إسحاق ]. أبو إسحاق هو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سعيد بن جبير ]. سعيد بن جبير ثقة فقيه أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ]. ابن عباس هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. [ عن أبي بن كعب ]. أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه، صحابي أخرج له أصحاب الكتب الستة، وأحد القراء المشهورين في الصحابة رضي الله تعالى عنه، وهو الذي سأله النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (أي آية في كتاب الله أعظم؟ فقال: الله ورسوله أعلم، فقال: أي آية في كتاب الله أعظم؟ فقال: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ [البقرة:255] فضرب على صدره، وقال: ليهنك العلم أبا المنذر), وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (إن الله أمرني أن أقرأ عليك: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا [البينة:1] قال: أو سماني لك يا رسول الله؟ قال: نعم, فبكى أبي) يعني: فرحاً وسروراً بكون الله أمر رسوله أن يقرأ عليه.

مواضع استخدام (لو) في الحديث النبوي

قوله في الحديث: [ (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دعا بدأ بنفسه) ]، يعني: عندما يدعو لغيره يبدأ بنفسه، وقد جاء في القرآن في قصة نوح: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا [نوح:28]، فبدأ بنفسه عليه الصلاة والسلام. وقال: (رحمة الله علينا وعلى موسى لو صبر), وقال في حديث آخر: (فإن لو تفتح عمل الشيطان)، فكيف يجمع بينهما؟ نقول: لو هذه تفتح عمل الشيطان إذا كانت فيما يتعلق في الاعتراض على القدر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال هذه الجملة تابعة لكلام؛ وذلك في حديث أبي هريرة الذي رواه مسلم في صحيحه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت لكان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء الله فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان) فهذه قالها فيما يتعلق بالقدر، مثلما لو قال: لو أنني ما سافرت ما حصلت لي هذه المشكلة وهذا الحادث, لو أني ما دخلت في هذه التجارة ما خسرت، وهكذا. فلا يعلم الغيب إلا الله، ولكن الذي قاله الرسول صلى الله عليه وسلم ليس من هذا القبيل؛ لأن هذه قصص عجيبة وغريبة وعنده مثلها، ولو أن موسى صبر لرأى عجباً كما رأى في هذه الأمور العجب. وأما الذي فيه لو تفتح عمل الشيطان فهو من قبيل: (لو أني فعلت لكان كذا وكذا) يعني: شيء حصل له فتألم منه وتأثر، وقال: (لو أني فعلت لكان كذا وكذا).

شرح حديث (أنه قرأها (قد بلغت من لدني) وثقلها) وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عبد الرحمن أبو عبد الله العنبري حدثنا أمية بن خالد حدثنا أبو الجارية العبدي عن شعبة عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن أبي بن كعب رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أنه قرأها: (( قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي ))[الكهف:76] وثقلها) ]. أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى عن أبي وأن النبي صلى الله عليه وسلم قرأها: (( قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا )) مثل القراءة السابقة التي قال فيها: [ طولها حمزة ]. قوله: [ حدثنا محمد بن عبد الرحمن أبو عبد الله العنبري]. محمد بن عبد الرحمن أبو عبد الله العنبري ثقة أخرج له أبو داود . [ حدثنا أمية بن خالد ]. أمية بن خالد صدوق أخرج له مسلم و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا أبو الجارية العبدي ]. أبو الجارية العبدي مجهول أخرج له أبو داود و الترمذي . [ عن شعبة ]. شعبة بن الحجاج الواسطي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن أبي بن كعب ]. وقد مر ذكر الأربعة.
فائدة في طول وقصر الأسانيد


فائدة: أبو الجارية قال عنه الحافظ : من العاشرة. وشعبة كما هو معلوم أدركه بعض شيوخ أبي داود ، ومثل سفيان الثوري و قتيبة بن سعيد ، و محمد بن كثير العبدي ، و مسلم بن إبراهيم الفراهيدي كل هؤلاء أدركوا المتقدمين، فيمكن أن يكون من العاشرة وأن يكون ممن أدرك شعبة. وكما هو معلوم أن الأسانيد تكون عالية وتكون نازلة، ومعلوم أن العلو والنزول المسافة واحدة, ولكن النزول أن يكثر الرواة في سند فيطول، والعلو أن يقل الرواة في سند فيقصر، والمدة هي نفس المدة, فمثلاً أبو داود عنده أحاديث عشارية، وعنده أحاديث رباعية, فله أحاديث بينه وبين الرسول صلى الله عليه وسلم عشرة أشخاص, وأخرى بينه وبين الرسول أربعة أشخاص, فيكون الرواة يروي بعضهم عن بعض فينزل السند، وكلهم في مدة واحدة, وكلهم شيوخ لأبي داود فقد يكون فيهم قبل شيخه ثلاثة، وفي بعض الأسانيد قبل شيخه شيخه تسعة أشخاص, وبعض الأحاديث يكون فيها ثلاثة من التابعين يروي بعضهم عن بعض في إسناد واحد، مثل حديث: (إنما الأعمال بالنيات) فإن هذا الحديث يرويه عن عمر بن الخطاب علقمة بن وقاص الليثي وهو من كبار التابعين، ويرويه عن علقمة بن وقاص محمد بن إبراهيم التيمي ، وهو من أوساط التابعين، ويرويه عن محمد بن إبراهيم يحيى بن سعيد الأنصاري وهو من صغار التابعين, فثلاثة من التابعين في إسناد واحد وهم في طبقة واحدة, إلا أن بعضهم من كبارها ومن أوساطها ومن صغارها. والإسناد فيه رجل مجهول، ولكن كما هو معلوم القراءة متواترة، والإسناد الذي قبله صحيح.
شرح حديث (... (في عين حمئة) مخففة) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن مسعود بن المصيصي حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث حدثنا محمد بن دينار حدثنا سعد بن أوس عن مصدع أبي يحيى قال: سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يقول: (أقرأني أبي بن كعب رضي الله عنه كما أقرأه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ [الكهف:86] مخففة). ]. أورد أبو داود هذا الحديث عن ابن عباس : (أن أبي بن كعب أقرأه كما أقرأه رسول الله صلى الله عليه وسلم فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ [الكهف:86] مخففة) يعني: ليس فيها مد كالقراءة التي ستأتي وهي (حامية)، وكلها قراءات صحيحة ثابتة، و(حامية) إحدى القراءات، فهذه قراءة وهذه قراءة، (فحمئة) ليس فيها مد. قوله: [ حدثنا محمد بن مسعود المصيصي ]. محمد بن مسعود المصيصي ثقة أخرج له أبو داود . [ حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ]. عبد الصمد بن عبد الوارث صدوق أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا محمد بن دينار ]. محمد بن دينار صدوق سيئ الحفظ أخرج له أبو داود و الترمذي . [ حدثنا سعد بن أوس ]. سعد بن أوس صدوق له أغاليط أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي . [ عن مصدع أبي يحيى ]. مصدع أبي يحيى هو الأعرج مقبول أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن ابن عباس عن أبي بن كعب ]. وقد مر ذكرهما.
شرح حديث (إن الرجل من أهل عليين ليشرف على أهل الجنة...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا يحيى بن الفضل حدثنا وهيب -يعني: ابن عمرو النمري - أخبرنا هارون أخبرني أبان بن تغلب عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (إن الرجل من أهل عليين ليشرف على أهل الجنة فتضيء الجنة لوجهه كأنها كوكب دري -قال: وهكذا جاء الحديث (دريٌ) مرفوعة الدال لا تهمز- وإن أبا بكر و عمر لمنهم وأنعما) ]. أورد أبو داود حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعاً قال: (إن الرجل من أهل عليين ليشرف على أهل الجنة فتضيء الجنة لوجهه كأنها كوكب دري)، يعني: الذي يضيء من فوق الأرض، فكذلك هذا الذي يكون في أعلى الجنة وينظر إلى أهل الجنة دونه، فتضيء الجنة كما يضيء الكوكب الدري للأرض. (وإن أبا بكر و عمر لمنهم وأنعما) يعني: أنهما منهم وهما أهل لذلك الفضل. والحديث ليس فيه ذكر شيء من القراءات، ولكن فيه كلمة قد جاءت في القرآن، وقد جاءت في الحديث هنا: (كوكب دري) يعني: بدون همز، وفيها قراءات متعددة، لكن القراءة المشهورة هي قراءة عاصم التي بين أيدينا: كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ [النور:35] بدون همز، وفي بعض القراءات بهمز.
تراجم رجال إسناد حديث (إن الرجل من أهل عليين ليشرف على أهل الجنة)


قوله: [ حدثنا يحيى بن الفضل ] يحيى بن الفضل صدوق أخرج له أبو داود وابن ماجة . [ حدثنا وهيب -يعني: ابن عمرو النمري - ]. وهيب بن عمرو النمري مستور، أخرج له أبو داود و ابن ماجة في التفسير، وكلمة مستور بمعنى مجهول الحال. [ أخبرنا هارون ]. هارون هو ابن موسى ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ أخبرني أبان بن تغلب ]. أبان بن تغلب ثقة أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن عطية العوفي ]. عطية العوفي صدوق يخطئ كثيراً ويدلس، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ عن أبي سعيد الخدري ]. أبو سعيد الخدري سعد بن مالك بن سنان رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، والحديث في سنده رجل مجهول الحال، وهيب بن عمرو النمري: وفيه أيضاً عنعنة عطية ، ولكن القراءة بهذا اللفظ متواترة.
شرح حديث (... أخبرنا عن سبأ ما هو ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة و هارون بن عبد الله قالا: حدثنا أبو أسامة حدثني الحسن بن الحكم النخعي حدثنا أبو سبرة النخعي عن فروة بن مسيك الغطيفي رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فذكر الحديث، فقال رجل من القوم: (يا رسول الله! أخبرنا عن سبأ ما هو؛ أرض أم امرأة؟ فقال: ليس بأرض ولا امرأة، ولكنه رجل ولد عشرة من العرب، فتيامن ستة وتشاءم أربعة). قال عثمان: الغطفاني مكان الغطيفي، وقال: حدثنا الحسن بن الحكم النخعي ]. أورد أبو داود حديث فروة بن مسيك الغطيفي رضي الله عنه، أنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث، يعني: أنه يوجد كلام قبل هذا الكلام طوي وأشار إليه بقوله: فذكر الحديث، ووصل إلى الشيء الذي يريده. (فقال رجل من القوم: يا رسول الله! أخبرنا عن سبأ هل هو أرض أو امرأة؟) يعني: هل المقصود بها أرض أم امرأة، وهي التي جاءت في القرآن في موضعين في سورة سبأ وفي سورة النمل: وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ [النمل:22]، لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ [سبأ:15]، وهذه الكلمة فيها قراءتان: قراءة الجمهور وهي التي في قراءة عاصم منْ سَبَإٍ [النمل:22] بهمزة مكسورة، وفي قراءة أخرى مع الفتح. (رجل ولد عشرة من العرب فتيامن ستة وتشاءم أربعة)، (تيامن) يعني صاروا في اليمن، (وتشاءم) صاروا في الشام، أي: سنة سكنوا اليمن والأربعة سكنوا الشام.

تراجم رجال إسناد حديث (... أخبرنا عن سبأ ما هو ...)


قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي وإلا النسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة. [ وهارون بن عبد الله ]. هارون بن عبد الله الحمال البغدادي ثقة أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا أبو أسامة ]. أبو أسامة حماد بن أسامة البصري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني الحسن بن الحكم النخعي ]. الحسن بن الحكم النخعي صدوق يخطئ، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي في مسند علي و ابن ماجة . [ حدثنا أبو سبرة النخعي]. عبد الله بن عابس مقبول، أخرج له أبو داود والترمذي و ابن ماجة . [ عن فروة بن مسيك ]. فروة بن مسيك رضي الله عنه وحديثه أخرجه أبو داود و الترمذي . [ قال عثمان : (الغطفاني) مكان: (الغطيفي) ]. عثمان هو الشيخ الأول لأبي داود ، لأنه ذكر شيخين عثمان و هارون بن عبد الله ، وهو ساقه على لفظ هارون الشيخ الثاني، فقال: (الغطيفي)، ولما ساقه على لفظ شيخه الثاني أشار إلى الاختلاف الذي بينه وبين الشيخ الأول حيث عبر شيخه الأول بـ(الغطفاني) وهذا عبر بـ(الغطيفي). [ وقال: حدثنا الحكم بن حسن النخعي ]. هارون قال: (حدثني) وعثمان قال: (حدثنا) والفرق بينهما أنهم يستعملون (حدثني) فيما إذا كان التلميذ سمع من الشيخ وحده وليس معه أحد، ولكن إذا حدثه ومعه غيره عبر بـ(حدثنا).
شرح حديث (فذلك قوله تعالى (حتى إذا فزع عن قلوبهم) ) وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن عبدة و إسماعيل بن إبراهيم أبو معمر الهذلي عن سفيان عن عمرو عن عكرمة أنه قال: حدثنا أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم -قال إسماعيل: عن أبي هريرة رواية- فذكر حديث الوحي، قال: (فذلك قوله تعالى: حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ [سبأ:23]) ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه في ذكر حديث الوحي ثم قال: حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ [سبأ:23] يعني: القراءة بالتشديد، وهذه هي القراءة المشهورة التي بين أيدينا، وهي قراءة عاصم . قوله: [ حدثنا أحمد بن عبدة ]. أحمد بن عبدة الضبي الكوفي ثقة أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ و إسماعيل بن إبراهيم أبو معمر الهذلي ]. إسماعيل بن إبراهيم أبو معمر الهذلي ثقة أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . [ عن سفيان عن عمرو ]. سفيان هو ابن عيينة ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. وعمرو بن دينار ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عكرمة ]. عكرمة مولى ابن عباس ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال: حدثنا أبو هريرة ]. أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو أكثرهم على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه. [ قال إسماعيل: عن أبي هريرة رواية ]. إسماعيل هو الشيخ الثاني (عن أبي هريرة رواية) يعني ذاك قال: حدثنا أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم. وصرح بقوله: (عن النبي صلى الله عليه وسلم) وأما إسماعيل فقال: (عن أبي هريرة رواية)، ورواية هي بمعنى (حدثنا)، إلا أنها كلمة تؤدي المعنى، ولهذا فقولهم: (رواية أو يرفعه أو ينميه) كل هذه عبارات بمعنى الرفع، فبدلاً من أن يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، أو سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كذا، يأتي الراوي عنه فيقول: ينميه، أو يرفعه، أو رواية، أو يرويه. وهذا يبين مدى العناية والدقة التي عند المحدثين؛ لأن أبا داود رحمه الله لما ذكر الإسناد عن طريق الشيخين ذكر أن أحدهما فرق بين إضافته للنبي صلى الله عليه وسلم من أبي هريرة ، فأحدهما قال: عن النبي صلى الله عليه وسلم، والثاني قال: عن أبي هريرة رواية، يعني: رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 202.96 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 200.79 كيلو بايت... تم توفير 2.17 كيلو بايت...بمعدل (1.07%)]