خَواطر حَول أزمة الخُلق المسلم المعاصر - الصفحة 2 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         هل تواجه صعوبة في بلع حبة الدواء؟ إليك الحل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          التنمر المدرسي: أسبابه وعلاجه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          أطعمة ذات مؤشر جلايسيمي مرتفع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          أهم الفيتامينات للحفاظ على صحة العيون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          أبرز أسباب نقص المعادن في الجسم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          أنواع مختلفة من أدوية تقرحات الفم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          ما أسباب دوالي الخصية وعوامل خطر الإصابة بها؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          طرق علاج شلل الحبال الصوتية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          ما هي أسباب تورم اللسان؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          12 خرافة تتعلق بمرض السرطان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 06-09-2025, 09:47 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,450
الدولة : Egypt
افتراضي رد: خَواطر حَول أزمة الخُلق المسلم المعاصر

خَواطر حَول أزمة الخُلق المسلم المعاصر (11)


عبد الحليم محمد أحمد أبو شقة


تحدث المؤلف رحمه الله تعالى عن أثر الجماعات الإسلامية، ودواعي النقد الذاتي لها، وسيعرض هنا بعض الأمراض الخلقية التي ظهرت في هذه الجماعات المعاصرة.
أولاً: الغلو والتطرف، وله عدة مظاهر:
أ ـ تضخيم جانب من جوانب الإسلام حتى يصبح محور كل شيء. قد يكون هذا الجانب هو تصحيح العقيدة (حول الذات والصفات) أو العبادة أو بعض جوانب السلوك أو هو المفاهيم أو هو السياسة أو اللامذهبية أو المذهبية.
ب ـ مفاهيم الجماعة قد تصبح آلة حادة قاطعة وقوالب صارمة يقع بها الناس كل الناس والأحداث كل الأحداث، بدلاً من أن تكون مؤشرات ووسائل تعين على الفهم، وبدلاً من أن تكون اجتهادات قابلة للمناقشة، قابلة لإعادة النظر والتنقيح والتطوير لتواجه الواقع المتغير، ثم إن الفرد يحسب أن مفاهيم الجماعة قد استوعبت كل شيء، و بهضمه تلك المفاهيم أصبح في غنى كامل عن كل ما عداها، وكأن الجماعة وحدها اكتشفت أسرار الماضي والحاضر والمستقبل، وهي وحدها تملك (وصفات مدهشة) تستطيع بفضلها حلَّ جميع مشكلات العالم، وهذه (الوصفات) لا تقبل المناقشة، ومن هذا المنطلق يضفي الفرد العصمة أو ما يشبه العصمة على قيادة الجماعة كما يضفي الكمال أو ما يشبه الكمال على تصرُّفات الجماعة ومواقف الجماعة، ثم مزيداً من العصمة والتقديس للقادة إذا تعرضوا لنوع من الاضطهاد والتعذيب.
ج ـ وأحياناً يكون التطرف بتقسيم العالم إلى معسكرين اثنين لا ثالث لهما، معسكر المؤمنين ويعني الجماعة التي ينضوي الفرد تحت لوائها، و معسكر الضالين أو الجاهلين ويعني بقية العالم، وقد يترتَّب على هذا التطرف في تقسيم العالم انخلاع أفراد الجماعة المتطرفين عن العالم الجاهلي، عالم اليوم بواقعه وقضاياه ومشكلاته، والتحليق بهم في عالم الأحلام، في الوهم الكبير، المجتمع المنتظر، ومن ثم يصبح الأفراد في عُزلة أو شبه عُزلة عن الناس والأحداث.
كما قد يترتَّب على هذا التقسيم ما يمكن أن نسميه: التطبيق الحزبي للأخلاق، ونقصد به تقليص ميدان عمل الأخلاق الإسلامية مثل [أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤْمِنِينَ] {المائدة:54}. [رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ] {الفتح:29}.[ وَبِالوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا] {البقرة:83}. [وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ] {الحجر:88}. (من فرَّج عن مؤمن كربة)، (ما زال جبريل يوصيني بالجار) كل هذه الأخلاق التي أمر بها الإسلام كدستور حياة بين المسلمين كل المسلمين (وَجُلُّ هذه الفضائل تشمل عامة الناس) قد تصبح لدى بعض أفراد التجمُّعات المعاصرة قاصرة على محيط جماعته الخاصَّة أو التجمُّع المحدود، أما عامة المسلمين فكأنهم قد اصبحوا خارج دائرة الإسلام وأخوة الإسلام، فحُجبت عنهم أخلاق الأخوة والمحبة والتعاون والنصرة، بل وربما حُجبت عنهم أيضاً أخلاق الصدق والأمانة والوفاء، وبهذا قد يسقط بعض الأفراد دون شعور في أخلاق اليهود حيث قالوا: [لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ] {آل عمران:75}.
وكما أنه يقع أحياناً تطبيق حزبي للأخلاق فقد يقع أحياناً أخرى نوع من التقدير الحزبي للأخلاق، فلا قيمة لخلق حسن، ولا تقدير لعمل كريم ما لم يحمل لافتة الإسلام أو الإسلامي، ولا قيمة لرجل فاضل ولا تقدير لإنسان كريم ما لم يحمل شارة التجمُّع الإسلامي العتيد، أي: أنه لا يوزن الناس ولا توزن الأعمال بمقدار ما تحققه من خير، وإنما بمقدار ارتباطها بالحزب أو بشعارات الحزب.
د ـ وأخيراً يرد تساؤل خطير؟! فبعد استعراض هذه الصور من الغلو والتطرف التي تصيب بعض الجماعات الإسلامية المعاصرة أو بعض أفرادها، هل يمكن أن يذكرنا ذلك بالخوارج؟.
كان عند الخوارج محامد من الأخلاق كثيرة كالشجاعة الأدبية والحربية والصبر والثبات و الصدق، ولكن غياب بعض الأخلاق ذهب بالأخضر واليابس، وأهلك الحَرْث والنسل كما يقولون، بل إن فقدان خلق واحد وهو ما يمكن أن نسميه (الرفق في أخذ الأمور) أو (الورع في أمر الدماء) أو (الاعتدال في الحكم على الناس ) إنَّ فقدان هذا الخلق الواحد جرَّ مفاسد ملأت الأرض يوماً، وقد ساعد على انحراف الخوارج ما كانوا عليه من اجتهاد في العبادة من صلاة وصيام وقيام فاغتروا وتصوَّروا أنفسهم سيف الله المسلَّط على الشر والفساد في هذه الدنيا، وقد جاء في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم، وعملكم مع عملهم، ويقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية... آيتهم رجل أسود... قال أبو سعيد: فأشهد أني سمعت هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأشهد أن علي بن أبي طالب قاتلهم وأنا معه، فأتى بذلك الرجل فالتمس فأتى به حتى نظرت إليه على نعت النبي الذي نعته) رواه الشيخان.
كما جاء في حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إذا حدثتكم عن رسول الله فَلَأَنْ أخر من السماء أحب إليَّ من أن أكذب عليه، وإذا حدثتكم فيما بيني وبينكم فإن الحرب خدعة، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون في قول خير البرية، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم..) رواه الشيخان.
ولكي يتضح جدوى التساؤل الخطير ينبغي التنبه إلى أنَّ الذي انحرف بالخوارج ـ ذاك الانحراف المحزن أيام خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه ـ هو حملهم السيف، بينما بعض الجماعات المعاصرة ـ أو بعض عناصرها على وجه الدقة ـ والتي تحمل شيئاً من فكر الخوارج وشيئاً من أخلاقهم لم تحمل السيف بعد. لم تحمله بالفعل ـ اللهم في حالات نادرة أو شاذة أو فردية ـ لكنها تحمله بالقوة كما يقول المناطقة أي عندها الاستعداد والرغبة ولكنها تنتظر الفرصة.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 06-09-2025, 09:48 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,450
الدولة : Egypt
افتراضي رد: خَواطر حَول أزمة الخُلق المسلم المعاصر

خَواطر حَول أزمة الخُلق المسلم المعاصر (12)


عبد الحليم محمد أحمد أبو شقة


تحدث المؤلف عن مظاهر الغلو والتطرف في الجماعات المعاصرة، وخطأ التطبيق الحزبي للأخلاق، والتقدير الحزبي أيضاً.
وأجاب عن علاقة الغلو والتطرف بالخوارج وسبب انحراف الخوارج.
وفي هذه الحلقة يتحدث عن أزمة خلقية أخرى للجماعات الإسلامية وهي: عنايتها بالمظهر أكثر من الجوهر.
ثانياً: بين المظهر والجوهر:
يحدث أحياناً عند بعض الجماعات أن توجه العناية للمظهر أكثر من الجوهر، ومع تقديرنا لأهمية كثير من المظاهر ولضرورة العناية بها، ومع إيماننا بالتفاعل والتكامل بين المظهر والجوهر إلا أنه ينبغي أن يظل الجوهر في محله الأرفع ويظل تبعاً لذلك موضع الاهتمام الأول، ولنضرب لذلك بعض الأمثلة.
- جماعة تُعنى بالعبادة فتراها تولي كثيراً من اهتمامها لمظاهر العبادة من طول الركوع والسجود وبساطة المسجد فضلاً عن بعض مظاهر أخرى مثل اللحية... لذا نجد بعض أفراد تلك الجماعة يحافظون على تلك المظاهر، ويدور معظم حديثهم حولها، ويفاصلون الناس عليها... بينما جوهر العبادة من خشوع لله وما يثمره هذا الخشوع من تقوى لله في السرّ والعلن، تقوى تجعل سلوك الفرد مثال الصدق والأمانة والرفق والأناة والمروءة والإحسان، هذا الجوهر وآثاره الطيبة لماذا لا يكون هو المميز الأساسي في شخصية هؤلاء الأفراد؟
- جماعة أخرى تعنى بالعقيدة، فتراها تركز معظم جهودها حول تصحيح التصورات النظرية والتعابير الدارجة على ألسنة الناس مع اهتمام أقل بتوجيه الأفراد إلى جوهر العقيدة ولب التوحيد، وهو الإيمان الذي يعمر القلب فيكسبه السكينة مع التقوى، ويثمر عمل الصالحات في كل المجالات، لذلك لا يمكن أن تميز بعض أفراد تلك الجماعة حين تخالطهم بوضوح هذا الجوهر وثمراته الصالحة، إنما تميزهم بدقة التعبير وضبط التصورات.
- جماعة ثالثة تُعنى بالمرأة. فبماذا تعنى؟ لا شيء تقريباً غير الزي والاختلاط (وهي تغلو في تصور الاختلاط المحظور بعيداً عن هدي الشارع الحكيم ) ويشاركها في هذا جماعات أخرى تدعو إلى الإصلاح في جميع المجالات لكنها إذا دعت إلى الإصلاح في مجال المرأة وقفت عند حدود الزيّ والاختلاط لا تكاد تتعداهما إلى جوهر العفّة وإلى جوهر واجبات المرأة وحقوقها كشخصية لها دورها في المجتمع.
- إنَّ جوهر العفة هو ضبط الاستمتاع الجنسي في حدود الزواج أي التعفف قدر الطاقة عن النظرة الحرام واللمسة الحرام والخاطر الحرام، ولا شك أن الحرص على الزي السابغ وتجنُّب الاختلاط العابث من المعينات على تحقيق العفة وبدونهما تجرح العفة، وقد أوجبهما الشارع الحكيم، ولكن السبيل لأن تأخذ هذه المظاهر الصالحة طريقها إلى عقول وقلوب الرجال والنساء ليس هو مجرد التنديد بالاختلاط والابتذال والتفسخ والعري إنما هو توجيه الجهود إلى الأفكار والنظريات التي تثمر هذه المظاهر الفاضحة...نفندها ونقدم البديل عنها أي نقدم فكرة مقابل فكرة، وعقيدة مقابل عقيدة، فإذا استقامت عقيدتهم رجالاً ونساءً، استقام سلوكهم، وإذا خالطت بشاشة الإيمان قلوبهم، أذعنوا لأوامر الله وصلوا وصاموا خاشعين له وكفُّوا عن الاختلاط المشين والزي الفاضح.
- جماعة رابعة.. تُعنى بنشر الوعي الإسلام والمفاهيم الإسلامية، لكنها تركز جهودها على نشر مفاهيم نظرية وتمكين أفرادها من الجدال الحاد حول تلك المفاهيم، أما سلوك أفرادها من عبادة وأخلاق فهذا تتركه لجهودهم الشخصية حتى لينتج عن ذلك أن تجد بعض أفرادها يقضون الساعات الطويلة في بثّ الوعي بين مجموعة من الشباب أو في جدال عنيف حول المفاهيم، وقد يفوت خلال ذلك فرض صلاة أو فرضين، دون مبالاة وذلك نتيجة للاعتناء الشديد بالمظهر، مظهر الوعي دون جوهره، فالوعي الصحيح بالإسلام يقتضي مع الفهم الممارسة الحياتية.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 06-09-2025, 09:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,450
الدولة : Egypt
افتراضي رد: خَواطر حَول أزمة الخُلق المسلم المعاصر

خَواطر حَول أزمة الخُلق المسلم المعاصر (13)


عبد الحليم محمد أحمد أبو شقة


في هذه الحلقة الأخيرة يتحدث المؤلف عن ظاهرة خلقية في بعض الجماعات الإسلامية في جعل الفرد إمَّعة، تابعاً للجماعة في حزبية ضيقة، لا حقَّ له في النقد الذاتي.
ثالثاً: بين الاستقلالية الإيجابية وبين الإمعية:
ونقصد بالأمعية ما عبر عنه الحديث الشريف (لا تكونوا إمعة، تقولون: إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطِّنوا أنفسكم: إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساؤوا فلا تظلموا) رواه الترمذي وقال: حسن غريب.
إنَّ بعض التجمعات تقع أحياناً في خطأ جسيم إذ تنزع الفرد من المجتمع الكبير حيث يسود خلق الإمَّعية، أو حيث يسود الإمَّعات لا لتحرره تحريراً كاملاً من هذا الخلق المشين وتجعل منه إنساناً مستقل الإرادة له شخصيته المبدعة إنما هي تحرره تحريراً جزئياً فحسب.
إنَّ الجماعة تنجح في إثارة الفرد على الأوضاع الفاسدة في المجتمع الكبير، وتجعله متمرداً عليها آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، داعيةً إلى الخير، وفي نفس الوقت تضيق على حريته وإرادته وشخصيته داخل الجماعة،وكأنه لا حق له في النقد الذاتي أي لا يمارس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر داخل الجماعة كما يمارسها خارجها، وقد تساعد صور التنظيم والتربية على أن يكون الفرد مع الإمَّعات، داخل الجماعة ومع المتمردين خارجها، وهكذا لا تخرِّج الجماعة في هذه الحالة دعاة مؤمنين إنما تخرِّج حزبيين نشيطين، لا تخرج لنا الشخصية التي تملك إيجابية ذاتية إنما تملك إيجابية موجهة من الخارج، موجهة بقوة ديناميكية الحركة ونشاطها وقيادتها... فإذا تعرَّضت هذه القوة للضعف أو للزوال ـ لأيِّ سببٍ عارض ـ ضعف تبعاً لذلك أو زالت ايجابية الفرد وعاد سلبياً، معنى ذلك: أن إيجابية الفرد الحزبي إيجابية موجهة مكاناً (أو مجالاً) إلى خارج الجماعة أو الحزب، وموجهة زماناً بفترة ارتباط الفرد بالحزب، وموجهة من حيث الدرجة بمستوى نشاط الحزب.
وإذا حدث (وهو أمر نادر الحدوث نتيجة التربية والممارسة الطويلة) أن توقف الفرد يعيد النظر في أمر من أمور الجماعة إما بسبب توقّد ذهن أو نفس أبية أو إثارة خارجية قوية، إذا حدث ذلك سرعان ما يشعر الفرد بسطوة الجماعة أو الحزب التي تفرض الاستسلام المطلق، ولا تقبل بحال مجرَّد الجدال حول مفهوم من مفاهيم الحزب أو حول أحد قادة الحزب، لأن ذلك يعني الإنكار للحقائق الثابتة، أو الاعتراض على المسلَّمات الراسخة، ومن تجرأ على ذلك فهو الانشقاق والخروج والعصيان، وما أقسى الشعور بالخروج والعصيان، وإذا تغلب العقل بمنطقه والنفس بكرامتها وَوَاصل الفرد النظر والبحث المستقل وأعلن اعتراضه... كان مصيره الطرد من جنَّة الحزب والعزلة عن أصدقائه ورفاقه الحميمين، والأدهى من ذلك هو دمغ خلاف الرأي بأبشع الصفات النفسية وعدم الاكتفاء بوضعه في إطار الخلاف الفكري إنما هو انهزامية وجُبن، وتردُّد وضعف عن مواصلة الجهاد،و رغبة في السيطرة وقد تصل التهم أحياناً إلى العمالة والخيانة.
ملاحظتان:
الملاحظة الأولى: ينبغي أن نسجِّل في نهاية هذا العرض حرص جماعة إسلامية كبيرة في باكستان على النجاة من ظاهرتين خطيرتين: أولاهما ظاهرة الإمَّعية حيث لا يكتفي بأن يكون النقد الذاتي روحاً سارية في الجماعة بل يوضع له من النظم، ويخصص له من الوقت ما يجعله من صلب النظام العام، فهناك اجتماع شهري إجباري للأركان أي الأعضاء الأساسيين، خاص للنقد الذاتي هذا فضلاً عن ممارسة الشورى على نطاق واسع.
الظاهرة الثانية: التي حرصت الجماعة على الخلاص منها هي ظاهرة حمل السلاح (سواء بالقوة أو بالفعل) ولذلك نقلوا عن زعمائهم قولهم: (لقد وجهت إلى الجماعة طائفة كبيرة من الاتهامات إلا أنه لم يُوجَّه إليها تهمة إحراز الأسلحة أو استخدام القوة لقلب نظام الحكم، وذلك لأن الجماعة تجنَّبت كلياً كل ما يتصل بالسلاح والعنف على مدى تاريخها الطويل.
الملاحظة الثانية: إن هناك أمراً يثير الانتباه في موضوع الجماعة، وهو أن معظم الأمراض التي تعرضنا لها يمكن أن نلمحها ـ وبوضح شديد ـ عند الأحزاب العقائدية غير الإسلامية، وهذا مما يقتضي الاستعانة بدراسات علم الاجتماع في هذا المجال.
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 70.43 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 67.80 كيلو بايت... تم توفير 2.63 كيلو بايت...بمعدل (3.73%)]