
18-09-2025, 06:08 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,266
الدولة :
|
|
استراتيجية بناء الفرد ..قوة مستقبلية
استراتيجية بناء الفرد ..قوة مستقبلية
- اهتم النبي - صلى الله عليه وسلم - في فجر الدعوة ببناء الإنسان؛ فجعل من تربية الفرد محوره الرئيس، طيلة ثلاثة عشر عامًا قضاها في مكة، يغرس بذور العقيدة في القلوب، وحين ضاقت الأرض بأهلها، ولم يجد الحاضنة التي تحمي الرسالة، كانت الحبشة أول ملجأ، ثم يثرب التي أرسل إليها الصحابي الجليل مصعب بن عمير -رضي الله عنه-؛ حيث حمل رسالة الإسلام إلى المدينة وكان عمره آنذاك سبعة وثلاثين عاما؛ فكان أول مهاجر إليها، ومعلم وداع وإمام، يؤم الناس في الصلاة، ويمهد الطريق نحو ميلاد الدولة الإسلامية المباركة.
- ومصعب بن عمير - رضي الله عنه - هو من المدرسة الأولى التي سعى فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - لبناء الفرد المسلم، ومن ثم المجتمع المتماسك، واعتمد فيها - صلى الله عليه وسلم - على أسس ثلاثة: أولها أن الله واحد لا شريك له، المتصف بالكمال، والمنزه عن كل نقص والمستحق للعبادة، وثانيها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الأحق بالاتباع قولا وفعلا، وثالثها: التزكية لبناء المنظومة الأخلاقية وضمان استمراريتها، بالجهاد والعدل وإقامة الحدود.
- هذا التركيز من النبي - صلى الله عليه وسلم - جعله لا يلتفت للأمور المعيقة لمهمة البناء الأساسية، فطعامه هو وأصحابه الأسودان: التمر والماء، ولباسه التواضع حتى أن الرجل الغريب يدخل على الصحابة -رضي الله عنهم- ويسأل: أيكم محمد؟ لعدم تميزه عنهم بثوب أو غيره. هذه الاستراتيجية النبوية كانت تقوم على التدبير الحكيم والمعايير الموضوعية لإدارة الأفراد والمجتمع.
- وقد مارس النبي -صلى الله عليه وسلم - دوراً استراتيجياً نموذجيا في إعداد الأفراد المتميزين الذين شكلوا نواة المجتمع الإسلامي الأول، ومنهم أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - الذي أمر النبي- صلى الله عليه وسلم - حين مرض أن يصلي بالناس؛ فقال
مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بالنَّاسِ)، ولكن ابنته عائشة -رضي الله عنها- تدرك أن أباها رقيق القلب ومرهف الحس؛ فقالت: إنَّ أَبَا بَكْرٍ إذَا قَامَ في مَقَامِكَ لَمْ يُسْمِعِ النَّاسَ مِنَ البُكَاء)، ولكن على الرغم من رقة قلبه -رضي الله عنه - إلا أن هذه الرقة لم تكن مطردة، بل تحولت إلى شخصية قوية عند وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم - واختلاف الصحابة، وقال كلمته الذهبية: (فمَن كانَ مِنكُم يَعْبُدُ مُحَمَّدًا- صلى الله عليه وسلم -، فإنَّ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - قدْ مَاتَ، ومَن كانَ يَعْبُدُ اللَّهَ، فإنَّ اللَّهَ حَيٌّ لا يَمُوتُ).. فكان موقفا مفصليا وحازما.
- والموقف المفصلي الآخر لأبي بكر - رضي الله عنه - عندما ارتد بعض الناس وامتنعوا عن دفع الزكاة، فقال أبو بكر - رضي الله عنه -: (واللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَن فَرَّقَ بيْنَ الصَّلَاةِ والزَّكَاةِ؛ فإنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ المَالِ، واللَّهِ لو مَنَعُونِي عِقَالًا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إلى رَسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ، لَقَاتَلْتُهُمْ علَى مَنْعِهِ) .
- لقد بنى الرسول - صلى الله عليه وسلم - مجموعة من القادة العظام في الفترة المكية؛ ليقيم الدولة بهم في المدينة وما بعدها؛ فعمر الفاروق، وذو النورين عثمان، والخليفة الرابع علي بن أبي طالب وبقية الصحابة -رضي الله عنهم- جميعًا، كلهم خرجوا من مشكاة قوله - تعالى-: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} من الإيمان الراسخ، والتخلق بالقرآن، ووضع الرجل المناسب في مكانه المناسب، ومنح الثقة، والتخطيط المتأني المدروس، وإقامة الشورى، والمشاركة في اتخاذ القرار.
- إن استراتيجيات النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - في بناء الفرد المسلم قامت على أساس متين من التوحيد والإيمان والعقيدة الراسخة، والتخطيط السديد المؤيد بالوحي، والشورى والعدالة، والتربية القويمة.
اعداد: سالم الناشي
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|