دور المقاصد الشرعية في مواجهة الانحراف الفكري والأخلاقي - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تربية الأطفال بهدوء.. 6 نصائح تساعد الأمهات في السيطرة على انفعالها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          4 خطوات بسيطة تساعد الطلاب على الموازنة بين الدراسة وأنشطتهم المختلفة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 60 )           »          طريقة عمل كب كيك في البيت بمكونات سهلة وسريعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 55 )           »          5 خطوات تساعدك على مقاومة الرغبة في النوم بعد الاستيقاظ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 71 )           »          وصفة طبيعية لتحضير زبدة الشفاه في المنزل.. هتحتاجيها في الخريف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »          4 تريندات مكياج متصدرة في 2025.. الروج البرجندي وبشرة طبيعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »          5 خطوات تساعدك فى إدارة وقتك على السوشيال ميديا والاهتمام بالمذاكرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          5 طرق فعالة هتساعدك في علاج شعرك من الجفاف.. لو لسه راجعة من البحر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          4 طرق لبناء الثقة مع طفلك.. شجعه على التجارب وامنحه مساحة آمنة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 53 )           »          ودعى الجفاف فى الخريف.. 8 أسرار لترطيب البشرة ومنحها النضارة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > استراحة الشفاء , قسم الأنشطة الرياضية والترفيه > استراحة الشفاء , وملتقى الإخاء والترحيب والمناسبات
التسجيل التعليمـــات التقويم

استراحة الشفاء , وملتقى الإخاء والترحيب والمناسبات هنا نلتقي بالأعضاء الجدد ونرحب بهم , وهنا يتواصل الأعضاء مع بعضهم لمعرفة أخبارهم وتقديم التهاني أو المواساة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-11-2025, 05:18 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,450
الدولة : Egypt
افتراضي دور المقاصد الشرعية في مواجهة الانحراف الفكري والأخلاقي

دور المقاصد الشرعية في مواجهة الانحراف الفكري والأخلاقي


  • المقاصد الشرعية جسر الوصل بين النصوص الإسلامية والواقع الإنساني وتفعيلها في الخطاب الديني يعيد للدين حيويته بوصفه منظومة هداية شاملة تحقق التوازن والوسطية
  • يعد فقه المقاصد منهجًا تطبيقيا شاملًا؛ لأنه يعيد تفعيل الدين في مختلف مجالات الحياة بروح إصلاحية واعية تجمع بين الثوابت والتجديد
  • ضرورة الاهتمام الذي يجمع بين العلماء وأهل الاختصاص لتقديم رؤى متكاملة وفق مبادئ السياسة الشرعية
  • تمثل المقاصد الشرعية الغايات التي أرادها الله من تشريع أحكامه وهي تدور على تحقيق المصالح ودرء المفاسد في العاجل والآجل
  • الفقه المقاصدي هو الأقدر على مواجهة التطرف والإلحاد لأنه يجمع بين العقل والنقل والمصالح الشرعية ويراعي فقه الأولويات
  • التحذير من الخلط بين المرونة الشرعية والانفلات القيمي حتى لا يُساء توظيف المقاصد لتسويغ تجاوز النصوص الشرعية الثابتة
  • تفرض أمواج العولمة الثقافية والاقتصادية تحديات معاصرة تحتاج إلى فقه راسخ قادر على الموازنة بين النص والواقع
  • يمكن بناء خطاب ديني أصيل متجدد من خلال فقه المقاصد الدعوي والاجتهادي يعصم من الانحراف ويقود الأمة نحو الإصلاح الحضاري المستدام
  • توحيد المرجعيات الخطابية في المؤسسات الدينية على أساس مقاصدي جامع يمنع التناقض والتشظي في الخطاب الإسلامي
  • من الضروري إدماج المقاصد في سياسات التعليم الديني والإعلام الدعوي لتعزيز الاعتدال والوعي المجتمعي
  • تطبيق فقه المقاصد ليس مجرد إصلاح فقهي بل هو مشروع حضاري شامل يعيد للشريعة الإسلامية دورها في البناء الإنساني والتنموي ويجعلها قادرة على الإسهام في حل أزمات العصر
  • المقاصد الشرعية تفتح باب الاجتهاد المنضبط الذي يربط الأحكام بعللها ومصالحها ما يجعل الخطاب الديني متفاعلًا مع قضايا العصر من منطلق شرعي متجدد
  • الانحراف الفكري والخلل المنهجي في أغلب أنواعه ناتج عن فقدان الرؤية المقاصدية في فهم النصوص وتطبيقها
تتجلى أهمية المقاصد الشرعية في تعزيز فقه الشريعة الإسلامية وفهمها، ومواجهة الانحراف الفكري في كونها الإطار المنهجي الذي يجمع بين النص الشرعي وروح العصر؛ بحيث تحفظ ثوابت الشريعة في معالجة قضايا الواقع الإنساني المتغير؛ فالوعي المقاصدي من شأنه أن يضمن بقاء الشريعة الإسلامية دينًا للحياة، يربط بين الإيمان والعمل، ويقدّم نموذجًا قيميا متجددًا للإنسانية جمعاء. كما يمكّن (الاجتهاد المقاصدي) الأمة من مواكبة تحديات العصر، ويقود إلى رؤية استشرافية قادرة على تقديم حلول واقعية دون تضييع أصول الشريعة الإسلامية الراسخة. ويتجلى دور المقاصد الشرعية في مواجهة الانحراف الفكري في التمييز بين الوسائل والغايات، وبين المصالح والمفاسد، وفي فهم النصوص في إطارها المقاصدي الكلي، مع اعتبار مقاصد الشريعة في حفظ الضرورات الخمس، والدعوة إلى الاعتدال والوسطية، ومراعاة الواقع وتغير الأحوال.
مفهوم المقاصد الشرعية:
  • يقصد بالمقاصد الشرعية الغايات الكبرى التي تسعى الشريعة الإسلامية لتحقيقها من خلال أحكامها وتشريعاتها، وهي حفظ الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال، مع مقاصد إضافية كتحقيق الحرية والعدالة والمساواة كما أشار إليها ابن عاشور بقوله: «تمثل تلك المقاصد روح الشريعة وميزانها في تحقيق المصالح العامة، ودرء المفاسد في كل زمان ومكان»، كما أوضح أن «المراد من التشريع تحقيق مصالح الناس على وجه دائم ومستمر».
  • وبذلك تمثل تلك المقاصد الإطار المنهجي الذي يُعيد فهم النصوص الدينية في ضوء الغايات الكبرى للشريعة، وبما يحقق التوازن بين النص والواقع.
  • وفي ظل التحولات الفكرية التي يشهدها العالم المعاصر، ومع تزايد مظاهر الانحراف الفكري والانفلات الأخلاقي من جهة، والتشدد الديني لدى فئة أخرى؛ فإن الحاجة ماسّة إلى تجديد الخطاب الديني القادرعلى مخاطبة الإنسان بلغة مقاصدية عقلانية تجمع بين الأصالة والمعاصرة، وتعتمد روح الشريعة وفقهها.
  • والأمر الآخر أن كلمة المقاصد الشرعية كثر تناولها واعتنى بها كثيرون بالتأليف والتصنيف والرسائل الجامعية او البحوث ما بين مفرّط ومُفرط، وما بين متوسع ومشدّد، وهذا تبع لمأخذ قديم عند العلماء فيمن يرعى النظر إلى العِلل والمعاني المستنبطة من الأحكام - وهم جمهور أهل الفقه - وبين من لا يرعى ذلك وهم المتمسكون بالظاهر المعروفون باسم الظاهرية؛ فإن مبنى فهم علم المقاصد على معرفة المعاني والغايات والعلل التي بنى عليها الشارع الأحكام؛ ولذلك فإن من قال بالظاهر في كثير من المسائل فإنه لا ينظر إلى مقصد الشارع من تحريم المحرّم أو إيجاب الواجب وإنما يقول نقتصر على ظاهر اللفظ! والصواب في ذلك ما ذهب إليه جمهور أهل الفقه من أهل الحديث متوسطين؛ حيث أعملوا الآثار والأحاديث والنصوص، وأخذوا بالمقاصد فكانوا وسطَا بين هؤلاء وهؤلاء؛ كما خص الله جل وعلا هذه الأمة بقوله -سبحانه-: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} يعني عدلاَ خيارَا لأن الأوسط هو الأمثل والأحسن والأعدل في فهمه وكلامه وعقله وإدراكه.
المقاصد الشرعية ومعالمها الكبرى:
تمثل المقاصد الشرعية الغايات التي أرادها الله -تعالى- من تشريع أحكامه، وهي تدور على تحقيق المصالح ودرء المفاسد، كما قال الإمام الشاطبي: «إن الشريعة إنما وُضعت لمصالح العباد في العاجل والآجل». وتنقسم المقاصد إلى ثلاث مراتب؛ أولها: الضروريات: كحفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال، وثانيها: الحاجيات: لرفع الحرج والمشقة عن الناس، وثالثها: التحسينيات: لما فيه تهذيب السلوك، والجمال الأخلاقي، وتمثل المقاصد الشرعية منهجًا عقليًا ودينيًا متكاملًا في فهم النصوص، إذ تنقل المسلم من الجمود على ظواهر الألفاظ إلى استحضار الغاية من التشريع؛ فالشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان، وجاءت لنفع البشرية جمعاء {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}. وتقوم تلك المقاصد على قيم أخلاقية سامية من أبرزها ما يلي: 1- تأصيل مفهومي العدالة والرحمة في المجتمع: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الْأَرْضِ، يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ». 2- تعميق مفهوم الأخوة الإيمانية: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (الحجرات: 10). وهذا يمنع من تكفير المسلمين واستباحة دمائهم. 3- تحقيق العبودية الشاملة: فالمسلم عبد لله في كل تصرفاته، والعبودية الحقة تقتضي الانضباط بالشرع رحمةً وعدلاً، لا شهوةً أو غضباً.
المصالح الشرعية ومقاصد التكليف:
غالبًا ما ينشأ الانحراف الفكري من الفهم السطحي للتكليف الشرعي، وذلك باختزال الدين في مجموعة من الأوامر والنواهي المجردة، المنفصلة عن حكمها وغاياتها، وهذا مخالف للصواب، فالمقاصد الشرعية تقوم على أمور أساسية تتمثل في الأمور التالية: 1- فقه الأولويات: فلا يُقدّم الأقل أهمية على الأكثر أهمية، ولا يضحي بالمصلحة العامة الكبرى لأجل مصلحة خاصة محدودة. 2- فقه الموازنات: فلا يغفل عن ربط ومقارنة المصالح بعضها ببعض، والمفاسد بعضها ببعض، فيقدم أخف الضررين ويرتكب أدنى المفسدتين. 3- ربط العبادة بالمعنى: فتُفهم العبادات ليس بوصفها طقوسًا مجردة، بل وسائل لتحقيق تقوى الله وتهذيب النفس البشرية، كما في قوله -تعالى-: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ}. 4- المصالح المرسلة والاستصلاح: فالمصالح المرسلة هي التي لم يرد نص معين باعتبارها أو إلغائها، ولكنها تحقق مقصداً شرعيا معتبراً، وهذا المفهوم يُعد سدا منيعاً في وجه الجمود الفقهي الذي يحرم كل جديد بحجة أنه «لا أصل له في الدين»، ويحمي من الوقوع في دوامة الانحراف الحداثي الذي يتجاوز النصوص تحت شعار «التحديث»؛ فمقاصد الشريعة تضبط عملية الاستصلاح بضوابطها، فلا يصح استحسان العقل بمفرده، بل لا بد أن يكون منضبطاً بأصول الشريعة وكلياتها. 5- النظر في المآلات و(فقه النتائج): فإن من أعظم ما تُعين عليه المقاصد الشرعية «فقه المآلات»، أي النظر في عواقب الأفعال ونتائجها قبل الإقدام عليها، وهذا من شأنه أن يقطع دابر كثير من الانحرافات التي تقدم على بعض الأفعال تحت ذريعة نصرة الدين، لكنها تؤول إلى مفاسد محققة بسبب الجهل؛ فتحقيق المناط هنا (أي تطبيق النص على الواقع) لا يكتمل دون فقه المآلات. 6- تعزيز السلم والأمن الاجتماعي: وهو من أعظم مقاصد الشريعة كما قال -تعالى-: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا} وهذا المقصد العظيم يجب أن يكون حاكماً لحفظ النظام ودرء الفتنة، وليس عبر النصوص الجزئية التي قد تجر المجتمع إلى ويلات لا تحمد عقباها.
تطبيقاته ونطاقاته:
  • أولا: في المجال الدعوي
على الداعية أن يجعل خطابه قائمًا على إبراز المقاصد الكلية للشريعة مثل الرحمة والعدل وعمارة الأرض، وهي الغايات التي تضمن سلامة العمل الدعوي من الغلوّ والانحراف؛ ففقه المقاصد الدعوية يساعد في صياغة خطاب يوازن بين النصوص ومقاصدها الشرعية، ما يجعل الدعوة أقرب إلى مقاصد الرسول - صلى الله عليه وسلم - في التيسير والوسطية.
  • ثانيا: في الإصلاح الاجتماعي والأسري
تسهم المقاصد الشرعية في تعزيز وحدة الأسرة، وحماية النسيج الاجتماعي، وذلك عبر معالجة القضايا الجديدة بروح المصلحة الشرعية، مثل النزاعات الأسرية المعاصرة، ومسائل الطفل والطلاق، بما يحقق توازن الحقوق والواجبات؛ حيث تعتمد السياسات الاجتماعية المستنيرة بالمقاصد على مبدأ حفظ النسل والكرامة الإنسانية، ولذلك يُعاد النظر في التشريعات الأسرية بما يحقق استقرار الأسرة وعدالة حقوق الأطفال والنساء، ويواكب الواقع مع الحفاظ على ثوابت الدين.
  • ثالثا: في المجال الصحي
خلال جائحة كورونا -على سبيل المثال- وظّفت فتاوى المقاصد مبدأ حفظ النفس في إجازة تعليق صلاة الجماعة أو التباعد الوقائي.
  • رابعا: في مجال الاقتصاد والتنمية
يُسهم فقه المقاصد في بناء اقتصاد إسلامي عادل يقوم على مبدأ حفظ المال والمصلحة العامة، عبر تطوير أدوات التمويل الإسلامي (كالمرابحة والمشاركة والإجارة) لتكون بدائل شرعية تحقق العدالة وتكافؤ الفرص دون الوقوع في الربا أو الغبن، كما توجه المقاصد السياسات المالية والاجتماعية لضمان العدالة، وحفظ الحقوق بما يحارب الاحتكار والظلم.
  • خامسا: في المجال التقني والأخلاقي
مع تطور الذكاء الاصطناعي والتحولات الرقمية، تُستعمل المقاصد لتقنين التعامل مع تلك التقنيات بما يصون الكرامة ويحفظ المصلحة العامة، وذلك تأسيسًا على مقاصد الشريعة في حفظ العقل والعِرض، وذلك من خلال دراسة أحكام استخدام التكنولوجيا مثل الرقابة الإلكترونية، والذكاء الاصطناعي، وغيرها وفق مقاصد حفظ العقل والكرامة، ما يفتح آفاقًا شرعية لتطبيقات معاصرة مبتكرة.
  • سادسا: في مجال الثقافة والإعلام
يشجع الخطاب المقاصدي على نشر ثقافة القيم والأخلاق الإسلامية، ونشر الوسطية والاعتدال، ويرفض التيارات التي توظف الدين لأغراض التعصب أو الاستغلال؛ فهو يعيد للإعلام الديني دوره في التربية والإصلاح بدل التحريض والانغلاق.
  • سابعاً: في مجال البيئة والعدالة المناخية
يعالج فقه المقاصد المعاصر القضايا البيئية كالتلوث والتغير المناخي من خلال ربطها بمقاصد حفظ النفس والنسل والمال، بما يجعل من حماية البيئة واجبًا شرعيًا ضمن المصلحة العامة.
الأثر المعرفي والإنساني للمقاصد:
تفعيل المقاصد الشرعية في الفكر والمجتمع يؤدي إلى تحقيق كثير من الأمور الإيجابية ومنها:
  • توسيع دائرة الاجتهاد لتشمل معالجة القضايا الجديدة بروح المصلحة الشرعية، مثل الذكاء الاصطناعي والحقوق الرقمية.
  • تحقيق العدالة الاجتماعية عبر السياسات والمنهجيات التي تحارب الاحتكار والفساد.
  • ترسيخ السلِّم المجتمعي من خلال فقه يوازن بين الأمن والحرية، ويضبط العلاقة بين الفرد والمجتمع وفق مبادئ الشريعة الكلية.
تجديد الخطاب الديني:
يقصد بالخطاب الديني الطريقة التي يُقدَّم بها الإسلام للناس من خلال الوعظ والتعليم والإعلام والتوجيه العام، وهو يمثل حلقة الوصل بين النص الديني الثابت والواقع الإنساني. وقد شهد الخطاب الديني في العقود الأخيرة تحديات كبيرة تمثلت في غلبة الطابع الوعظي العاطفي على العمق العلمي المقاصدي، وضعف القدرة على التواصل مع الأجيال الجديدة. وإن تجديد الخطاب الديني بمعناه الأصيل، يعني: إعادة تفعيل النصوص الشرعية بروحها المقاصدية؛ بحيث تستوعب تغيّرات الواقع، وتُوجّه الفهم نحو تحقيق المصلحة الشرعية دون الانحراف عن الأصول؛ فالمقاصد هنا ليست بديلاً عن النصوص؛ بل أداة لفهم مقاصد التشريع في ضوء مقاصد الإسلام الكلية؛ بحيث تجعل الخطاب الديني أكثر حيوية وإنسانية وأكثر قدرة على التعامل مع التحديات المعاصرة.
دور المقاصد في مواجهة الانحراف الفكري:
  • غالبًا ما ينشأ الانحراف الفكري - وكذا الغلو والتطرف الديني - نتيجة غياب الوعي المقاصدي، ومن هنا تبرز أهمية تلك المقاصد الشرعية في إعادة التوازن إلى الخطاب الديني، وتوجيه المسلم إلى فهم الدين بمنظور الاعتدال والوسطية والرحمة وتحقيق المصلحة العامة، ولعل القاسم المشترك بين كل هذه الانحرافات يتثمل في غياب البصيرة المقاصدية التي توازن بين النص والمصلحة الشرعية، والثابت والمتغير، والحق والواقع.
المسلك الاستراتيجي لتفعيل المقاصد:
يحتاج تفعيل المقاصد إلى منظومة متكاملة تشمل التعليم والدعوة والاجتهاد المؤسسي، وفق خطوات عملية متعددة يمكن تلخصيها فيما يلي:
  • بناء مناهج تعليمية تُركز على الفقه المقاصدي، وتربي الوعي به بين العلماء والدعاة.
  • ربط الاجتهاد الديني بالواقع الإنساني لتجاوز الجمود والانغلاق.
  • إعادة صياغة المناهج الشرعية على أساس مقاصدي؛ بحيث تُدرّس المقاصد باعتبارها محور الفهم والاجتهاد، لا كمادة نظرية منفصلة، لتكوين عقلية فقهية معيارها المصلحة الشرعية.
  • دمج المقاصد في الخطاب الدعوي والإعلامي، وذلك عبر تدريب الأئمة والدعاة على إبراز الكليات الشرعية (كالعدل والرحمة وحفظ الإنسان) لتصحيح الصورة النمطية عن الدين، وجعل الخطاب أقرب لعقل الإنسان وروحه.
  • تكوين المؤسسات البحثية والفقهية التي تتبنى مشروع «الاجتهاد المقاصدي» المنضبط بأصول الشريعة وفهم السلف الصالح.
  • إحياء الاجتهاد الجماعي المقاصدي في مؤسسات الفتوى والمجامع الفقهية لضمان توازن الأحكام المعاصرة مع الغايات العليا للشريعة.
  • ربط الخطاب الديني بأسس التنمية الإنسانية، إذ إن المقاصد لا تنحصر في المجال التعبدي؛ بل تشمل عمارة الأرض وصون الكرامة الإنسانية وتحقيق العدالة الاجتماعية.
  • التأسيس للمشروع الحضاري الإسلامي المتكامل الذي يضمن تحقيق التوازن بين الثوابت والمتغيرات، ويعزز مناعة الأمة الفكرية والإيمانية.
  • إعادة صياغة الرسائل الدينية والإعلامية بلغة تجمع بين النص الشرعي والمنطق العقلي والإنساني، وإنشاء مراكز بحثية مقاصدية تُعنى بدراسة الظواهر الفكرية والاجتماعية.
  • بناء استراتيجية خطابية موحدة لمؤسسات الإفتاء والدعوة تعتمد المقاصد منهجًا.
فقه المقاصد صمام الأمان:
تُعد مقاصد الشريعة من أقوى الأدوات الفكرية والدينية في مواجهة الغلو، لأنها تمنع اختزال الدين في جزئيات دون النظر إلى كلياته وغاياته؛ فقد أكدت الدراسات أن غياب الرؤية المقاصدية أحد أهم أسباب الغلو والانقسام، وأن ترسيخ فقه المقاصد يحصّن العقل المسلم من الانحراف بتوجيه فهم النص نحو الرحمة والوسطية، ومن فوائد فقه المقاصد الدعوية أنه يضبط مسار الدعوة، ويضمن اتساقها مع الغايات الكبرى للشريعة، ويعصمها من الغلو والاضطراب.
النتائج المتوقعة من تفعيل المقاصد:
  • إن تفعيل المقاصد الشرعية، سينتج عنه تعزيز الأمن الفكري، من خلال تعزيز منهج الوسطية والاعتدال في الفهم والممارسة، وسيسهم في تحقيق وحدة الخطاب الإسلامي عبر تجاوز الخلافات الجزئية والتركيز على المشتركات الكلية وفق الكتاب والسنة، وسيعمل على إحياء الثقة المجتمعية في العلماء والخطاب الديني من خلال تجديده بلغة العصر ومفاهيمه دون التفريط في الثوابت، وبناء منصة تعزز الوسطية وتقوم على مبدأ المقاصد الجامعة بين العلم والمصالح العامة، والسياسة الشرعية.
آل الشيخ: المقاصد الشرعية مرجعية في الأحكام والفتاوى
للشيخ صالح آل الشيخ كلام نفيس في الحديث عن (المقاصد الشرعية) ونصّه: «لا يزال علماء السلف من القديم وإلى يومنا هذا يعتبرون المقاصد في أحكامهم وفي فتاواهم وتارة ينصّون على ذلك، وتارة يعتبرونه فيما ينظرون به إلى الأحكام الشرعية بعامة؛ ففهم كلام السلف، وحمل متشابهه على محكمه، ودراية مقاصد الائمة في أحكامهم، وعدم الاستدلال بالمتشابه من ذلك، أو الاستشهاد بالمتشابه من ذلك على المحكمات هذا إنما يدرك بمعرفة مقاصد الأحكام الشرعية التي رعاها الائمة.
فقه المقاصد.. ضوابط مهمة
ولا يفوتنا أن ننبه إلى خطورة (فقه المقاصد) عند سوء الفهم أو خلل التطبيق، فمن شأن ذلك الوقوع في الأمور التالية: 1- التحلل من النصوص الشرعية: بعض المعاصرين يستخدمون المقاصد لتبرير تجاوز النصوص الواضحة، فيقولون مثلاً: «المقصد هو التيسير»، ثم يلغون أحكاماً قطعية بحجة تحقيق المقصد، وهذا باطل؛ فالمقاصد تابعة للنصوص وليست حاكمة عليها. 2- الخلط بين المصلحة الشرعية والمصلحة الدنيوية: فليس كل ما يُظَنّ نافعاً دنيوياً يعد مصلحة شرعية ؛ فالشرع قد يمنع أموراً ظاهرها النفع (كالرّبا) لأن ضررها على الدين والمجتمع أعظم. 3- فتح باب التبديل في الدين: بغير الضوابط، قد يُستعمل (فقه المقاصد) ذريعة لتغيير أحكام ثابتة (كالحدود أو الحجاب للمرأة المسلمة) بزعم تغير الزمان والمصلحة! 4- إعطاء سلطة التأويل لكل أحد: فإذا لم يكن القائل بالمقاصد عالمًا بالنصوص وأصول الفقه، فإنه قد وقع في الهوى والتأويل الشخصي دون علم. 5- تقديم الجزئيات على الكليات: حيث يؤدي الخلل في فهم مراتب المقاصد إلى تقديم المقاصد الجزئية على الكلية. والمخرج من ذلك كله إنما يكون بالالتزام بالضوابط المنهجية وفق السياسة الشرعية التي وضعها علماء الأمة المعتبرين لضمان سلامة تطبيق فقه المقاصد.
الخلاصة:
إن تجديد الخطاب الديني ليس دعوة إلى تبديل الدّين أو التفلّت من ثوابته؛ وإنما سعي لتفعيل مقاصده العليا، وإبراز إنسانيته وعدله ورحمته في مواجهة الغلوّ والتطرف والجمود من ناحية، والإلحاد والعلمنة المتطرفة من ناحية أخرى، ومن هنا تتجلى أهمية البحث في دور المقاصد الشرعية في تجديد الخطاب الديني ومواجهة الانحراف الفكري بوصفه مدخلا حضاريا لإصلاح الفكر والخطاب والمجتمع، وتجاوز الجمود الفقهي والتعصب المذهبي الذي يقف عند ظاهر النصوص دون إدراك غاياتها، كما يتفادى الانفلات الفكري الذي يغيّب النص أمام المصلحة الشخصية، وإن تطبيق فقه المقاصد في الخطاب الديني المعاصر يمثل المرحلة العملية لتجديد الفقه الإسلامي، وبناء الوعي الشرعي الراشد الذي يتفاعل مع التحديات الاجتماعية والثقافية والسياسية لمجتمعات المسلمين اليوم؛ كما إن الخطاب المقاصدي هو وحده الكفيل بإعادة الثقة بالدين في نفوس الشباب، وإحياء العلاقة بين النص الديني، والواقع الإنساني بمنطق الفهم وروح الفقه القائم على السياسة الشرعية.
اعداد: ذياب أبو سارة





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 67.29 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 65.59 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (2.54%)]