ابتلاء الأبرص والأقرع والأعمى - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 61 - عددالزوار : 535 )           »          فرحة صلاة الفجر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 606 )           »          عزّة المؤمن في العوائق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ﴾ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          "وفعلت فعلتك التي فعلت" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          المساواة حقٌّ إنسانِيّ وقيمةٌ سامية في السيرة النبوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 73 - عددالزوار : 64890 )           »          كتب في الحديث ينصح بقراءتها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          علاج الفتور وضعف التدين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          استعمال الصور في وسائل التعليم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-11-2025, 01:50 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,243
الدولة : Egypt
افتراضي ابتلاء الأبرص والأقرع والأعمى

ابتلاء الأبرص والأقرع والأعمى

د. محمود بن أحمد الدوسري

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ ثَلَاثَةً فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ؛ أَبْرَصَ، وَأَقْرَعَ، وَأَعْمَى؛ بَدَا لِلَّهِ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ[1]، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مَلَكًا، فَأَتَىالْأَبْرَصَ، فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: لَوْنٌ حَسَنٌ، وَجِلْدٌ حَسَنٌ، قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ[2]. فَمَسَحَهُ، فَذَهَبَ عَنْهُ، فَأُعْطِيَ لَوْنًا حَسَنًا، وَجِلْدًا حَسَنًا، فَقَالَ: أَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: الْإِبِلُ. فَأُعْطِيَ نَاقَةً عُشَرَاءَ[3]، فَقَالَ: يُبَارَكُ لَكَ فِيهَا.


وَأَتَى الْأَقْرَعَ، فَقَالَ أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: شَعَرٌ حَسَنٌ، وَيَذْهَبُ عَنِّي هَذَا، قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ. فَمَسَحَهُ، فَذَهَبَ، وَأُعْطِيَ شَعَرًا حَسَنًا. قَالَ: فَأَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: الْبَقَرُ. قَالَ: فَأَعْطَاهُ بَقَرَةً حَامِلًا، وَقَالَ: يُبَارَكُ لَكَ فِيهَا.


وَأَتَى الْأَعْمَى، فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: يَرُدُّ اللَّهُ إِلَيَّ بَصَرِي، فَأُبْصِرُ بِهِ النَّاسَ. فَمَسَحَهُ، فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ بَصَرَهُ. قَالَ: فَأَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: الْغَنَمُ. فَأَعْطَاهُ شَاةً وَالِدًا[4]. فَأُنْتِجَ هَذَانِ، وَوُلِّدَ هَذَا[5]، فَكَانَ لِهَذَا وَادٍ مِنْ إِبِلٍ، وَلِهَذَا وَادٍ مِنْ بَقَرٍ، وَلِهَذَا وَادٍ مِنَ الْغَنَمِ.


ثُمَّ إِنَّهُ أَتَى الْأَبْرَصَ فِي صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ، فَقَالَ: رَجُلٌ مِسْكِينٌ تَقَطَّعَتْ بِيَ الْحِبَالُ فِي سَفَرِي[6]، فَلَا بَلَاغَ[7] الْيَوْمَ إِلَّا بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ، أَسْأَلُكَ بِالَّذِي أَعْطَاكَ اللَّوْنَ الْحَسَنَ، وَالْجِلْدَ الْحَسَنَ، وَالْمَالَ، بَعِيرًا أَتَبَلَّغُ عَلَيْهِ فِي سَفَرِي. فَقَالَ لَهُ: إِنَّ الْحُقُوقَ كَثِيرَةٌ. فَقَالَ لَهُ: كَأَنِّي أَعْرِفُكَ؛ أَلَمْ تَكُنْ أَبْرَصَ يَقْذَرُكَ النَّاسُ، فَقِيرًا فَأَعْطَاكَ اللَّهُ؟ فَقَالَ: لَقَدْ وَرِثْتُ لِكَابِرٍ عَنْ كَابِرٍ[8]. فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا؛ فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إِلَى مَا كُنْتَ.


وَأَتَى الْأَقْرَعَ فِي صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِهَذَا، فَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا رَدَّ عَلَيْهِ هَذَا، فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا؛ فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إِلَى مَا كُنْتَ.


وَأَتَى الْأَعْمَى فِي صُورَتِهِ، فَقَالَ: رَجُلٌ مِسْكِينٌ، وَابْنُ سَبِيلٍ، وَتَقَطَّعَتْ بِيَ الْحِبَالُ فِي سَفَرِي، فَلَا بَلَاغَ الْيَوْمَ إِلَّا بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ، أَسْأَلُكَ بِالَّذِي رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ، شَاةً أَتَبَلَّغُ بِهَا فِي سَفَرِي فَقَالَ: قَدْ كُنْتُ أَعْمَى فَرَدَّ اللَّهُ بَصَرِي، وَفَقِيرًا فَقَدْ أَغْنَانِي، فَخُذْ مَا شِئْتَ، فَوَاللَّهِ لَا أَجْهَدُكَ[9] الْيَوْمَ بِشَيْءٍ أَخَذْتَهُ لِلَّهِ. فَقَالَ: أَمْسِكْ مَالَكَ؛ فَإِنَّمَا ابْتُلِيتُمْ، فَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْكَ، وَسَخِطَ عَلَى صَاحِبَيْكَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

عِبَادَ اللَّهِ.. وَمِنْ أَهَمِّ الْفَوَائِدِ وَالْعِبَرِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ[10]:
1- جَوَازُ التَّحَدُّثِ بِأَخْبَارِ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّتِي جَاءَ بِهَا شَرْعُنَا: وَلَمْ يُكَذِّبْهَا.

2- جَوَازُ ذِكْرِ مَا جَرَى لِمَنْ مَضَى: وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ غِيبَةً فِيهِمْ، وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ السِّرُّ فِي تَرْكِ تَسْمِيَتِهِمْ.

3- الِاعْتِبَارُ بِأَحْوَالِ السَّابِقِينَ: لِأَخْذِ الْعِظَةِ وَالْعِبْرَةِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [يُوسُفَ: 111].

4- قَضَاءُ اللَّهِ نَافِذٌ لَا مَحَالَةَ: لِقَوْلِهِ: «بَدَا لِلَّهِ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ» أَيْ: قَضَى اللَّهُ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ، وَيُؤَيِّدُهُ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى: «فَأَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ»، وَقَدْ كَانَ كَمَا قَضَى اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 117].

5- الِابْتِلَاءُ سُنَّةٌ رَبَّانِيَّةٌ فِي الْخَلْقِ: فَإِنَّ الْبَلَاءَ يُمَحِّصُ وَيُمَيِّزُ الْمُؤْمِنَ الصَّابِرَ وَالشَّاكِرَ، مِنَ الْمُنَافِقِ الْكَاذِبِ الَّذِي يَدَّعِي الْإِيمَانَ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾ [الْعَنْكَبُوتِ: 3].

6- الْإِيمَانُ بِالْمَلَائِكَةِ وَقُدْرَتِهِمْ عَلَى التَّشَكُّلِ فِي صُورَةِ الْبَشَرِ: اسْتِجَابَةً لِأَمْرِ اللَّهِ، وَبِالصُّورَةِ الَّتِي يُرِيدُهَا اللَّهُ؛ لِإِنْفَاذِ أَمْرِهِ فِي عِبَادِهِ.

7- التَّمَتُّعُ بِالْمَظْهَرِ الْحَسَنِ، وَالصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ؛ مَرْكُوزٌ فِي فِطْرَةِ النَّاسِ.

8- حُبُّ الْمَالِ فِطْرَةٌ بَشَرِيَّةٌ: قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ﴾ [الْفَجْرِ: 20]، فَكُلُّ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ تَمَنَّى نَوْعًا مِنَ الْمَالِ يُحِبُّهُ، وَتَمِيلُ إِلَيْهِ نَفْسُهُ.

٩- اسْتِحْبَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْمَرِيضِ فِي الرُّقْيَةِ: فَقَدْ كَانَ الْمَلَكُ يَدْعُو لِلرَّجُلِ مِنْهُمْ، وَيَمْسَحُ عَلَيْهِ؛ فَيَبْرَأُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى.

١٠- شُكْرُ اللَّهِ عَلَى سَلَامَةِ الْأَعْضَاءِ وَالْحَوَاسِّ؛ بِالصَّدَقَةِ وَالْإِحْسَانِ.


١١- تَجَدُّدُ النِّعَمِ بَعْدَ الِابْتِلَاءِ؛ يُوجِبُ مُضَاعَفَةَ الشُّكْرِ، وَزِيَادَتَهُ.


١٢- جَوَازُ قَوْلِ الْمَرْءِ لِأَخِيهِ: «أَنَا بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ»، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ: «أَنَا بِاللَّهِ وَبِكَ»، فَالْأُولَى جَائِزَةٌ، وَالثَّانِيَةُ شِرْكٌ.

١٣- التَّحْذِيرُ مِنْ كُفْرَانِ النِّعَمِ: وَالتَّرْغِيبُ فِي شُكْرِهَا، وَالِاعْتِرَافُ بِهَا، وَحَمْدُ اللَّهِ عَلَيْهَا.

١٤- التَّحْذِيرُ مِنَ الْبُخْلِ: لِأَنَّهُ حَمَلَ صَاحِبَهُ عَلَى الْكَذِبِ، وَجَحْدِ نِعْمَةِ اللَّهِ.

١٥- مِنْ عَوَاقِبِ الْجُحُودِ: سَلْبُ النِّعْمَةِ الَّتِي لَمْ يُؤَدِّ صَاحِبُهَا شُكْرَهَا.

١٦- لِلْمَعَاصِي أَخَوَاتٌ: رُبَّمَا تَكُونُ أَكْبَرَ مِنْهَا؛ فَالْبُخْلُ مَعْصِيَةٌ جَرَّتْ صَاحِبَهَا إِلَى الْكَذِبِ، وَجَحْدِ نِعْمَةِ اللَّهِ.

17- الشَّاكِرُ قَلِيلٌ فِي النَّاسِ: قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ [سَبَأٍ: 13].

18- كَثِيرٌ هُمُ الَّذِينَ يَصْبِرُونَ عَلَى الضَّرَّاءِ، وَقَلِيلٌ مَنْ يَنْجَحُ فِي السَّرَّاءِ: فَأَكْثَرُ النَّاسِ يَصْبِرُ عَلَى الِابْتِلَاءِ بِالْمَرَضِ وَالضَّعْفِ، وَالْفَقْرِ وَالْحِرْمَانِ، وَلَكِنْ قَلِيلٌ مِنْهُمُ الَّذِينَ يَصْبِرُونَ عَلَى الِابْتِلَاءِ بِالصِّحَّةِ وَالْقُدْرَةِ، وَالْغِنَى وَالثَّرَاءِ.

عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «ابْتُلِينَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالضَّرَّاءِ فَصَبَرْنَا، ثُمَّ ابْتُلِينَا بِالسَّرَّاءِ بَعْدَهُ فَلَمْ نَصْبِرْ» حَسَنٌ – رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ – رَحِمَهُ اللَّهُ –: (قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: الْبَلَاءُ يَصْبِرُ عَلَيْهِ الْمُؤْمِنُ وَالْكَافِرُ، ‌وَلَا ‌يَصْبِرُ ‌عَلَى ‌الْعَافِيَةِ إِلَّا صِدِّيقٌ)[11].

الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. وَمِنَ الْفَوَائِدِ وَالْعِبَرِ أَيْضًا:
19- الْبَرَكَةُ مِنَ اللَّهِ وَحْدَهُ: فَقَدْ بَارَكَ اللَّهُ تَعَالَى لِهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ فِي أَمْوَالِهِمْ؛ فَجَعَلَ مِنْ نَاقَةٍ وَبَقَرَةٍ وَشَاةٍ وَادِيًا مِنْ إِبِلٍ وَبَقَرٍ وَغَنَمٍ.

20- فَضْلُ الْمَالِ الْمُثْمِرِ: فَاللَّهُ تَعَالَى أَنْعَمَ عَلَيْهِمْ بِالْمَالِ الْمُثْمِرِ؛ النَّاقَةِ الْعُشَرَاءِ، وَالْبَقَرَةِ الْحَامِلِ، وَالشَّاةِ الْوَالِدَةِ، فَفِي اسْتِثْمَارِ الْمَالِ الْمُثْمِرِ خَيْرٌ كَثِيرٌ.
21- الْمَالُ سِلَاحٌ ذُو حَدَّيْنِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ نِعْمَةً لِصَاحِبِهِ، أَوْ نِقْمَةً عَلَيْهِ.

22- الْغَنِيُّ مُبْتَلًى بِغِنَاهُ، وَالْفَقِيرُ مُبْتَلًى بِفَقْرِهِ: وَاللَّهُ تَعَالَى ابْتَلَى الثَّلَاثَةَ بِكِلَا الْأَمْرَيْنِ، قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ: 35].

23- لَيْسَ الْغِنَى وَالْفَقْرُ دَلِيلًا عَلَى رِضَا اللَّهِ أَوْ سَخَطِهِ عَلَى الْعَبْدِ: قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ * كَلَّا ﴾ [الْفَجْرِ: 15، 17]؛ أَيْ: لَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ.

24- شَاكِرُ النِّعْمَةِ لَهُ الرِّضَا وَالْبَرَكَةُ وَالزِّيَادَةُ، وَكَافِرُهَا لَهُ الْمَحْقُ وَالْغَضَبُ: وَهَذَا مَا حَصَلَ لِلْأَعْمَى الَّذِي رَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ بَصَرَهُ، وَوَسَّعَ عَلَيْهِ فِي رِزْقِهِ، وَأَمَّا الْأَبْرَصُ وَالْأَقْرَعُ – اللَّذَانِ كَفَرَا نِعْمَةَ اللَّهِ – فَقَدْ دَعَا عَلَيْهِمَا الْمَلَكُ؛ فَزَالَتْ عَنْهُمَا النِّعْمَةُ. قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إِبْرَاهِيمَ: 7].

25- فَضْلُ الصَّدَقَةِ، وَالْإِحْسَانِ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، وَابْنِ السَّبِيلِ: وَإِكْرَامِهِمْ، وَتَبْلِيغِهِمْ مَآرِبَهُمْ.

26- مَشْرُوعِيَّةُ الدُّعَاءِ عَلَى الْبَخِيلِ، وَكَافِرِ النِّعْمَةِ: فَقَدْ دَعَا الْمَلَكُ عَلَى الْأَبْرَصِ وَالْأَقْرَعِ اللَّذَيْنِ كَفَرَا نِعْمَةَ اللَّهِ.

27- جَوَازُ السُّؤَالِ عِنْدَ الْحَاجَةِ لِلضَّرُورَةِ.

28- وُجُوبُ الْأَخْذِ بِالْأَسْبَابِ فِي طَلَبِ الرِّزْقِ: وَلِذَلِكَ قَالَ الْمَلَكُ – فِي صُورَةِ السَّائِلِ: «رَجُلٌ مِسْكِينٌ، وَابْنُ سَبِيلٍ، وَتَقَطَّعَتْ بِيَ الْحِبَالُ فِي سَفَرِي، فَلَا بَلَاغَ الْيَوْمَ إِلَّا بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ»؛ أَيْ: تَقَطَّعَتْ بِيَ الْأَسْبَابُ؛ فَبَعْدَ الْبَحْثِ عَنِ الرِّزْقِ وَلَمْ أَجِدْ، فَإِنِّي أَسْأَلُكَ بَعْدَ اللَّهِ، وَأَسْأَلُكَ بِاللَّهِ.

29- النَّفْعُ وَالضَّرُّ وَالرِّزْقُ بِيَدِ اللَّهِ وَحْدَهُ؛ فَلَا نَتَوَكَّلُ إِلَّا عَلَى اللَّهِ: قَالَ الْمَلَكُ – لِلسَّائِلِ: «فَلَا بَلَاغَ الْيَوْمَ إِلَّا بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ»؛ أَيْ: إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ بِيَدِ اللَّهِ، وَإِنَّمَا أَنْتَ سَبَبٌ يَسَّرَهُ اللَّهُ لِي؛ لَكِنَّ الْمَالِكَ وَالرَّازِقَ وَالْمُعْطِيَ هُوَ اللَّهُ وَحْدَهُ.

30- صِفَتَا الرِّضَا وَالْغَضَبِ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ الثَّابِتَةِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ: وَاللَّائِقَةِ بِكَمَالِهِ وَجَلَالِهِ، قَالَ الْمَلَكُ: «فَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْكَ، وَسَخِطَ عَلَى صَاحِبَيْكَ»، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى – فِي حَقِّ الصَّحَابَةِ: ﴿ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ﴾ [التَّوْبَةِ: 100]؛ وَقَالَ – فِي حَقِّ الْمُنَافِقِينَ: ﴿ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 80].

[1] بَدَا لِلَّهِ: أي: سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ من القضاء المحتوم الذي لا يتغيَّر؛ فَأَرَادَ إِظْهَارَهُ، ومِثلُه قوله تعالى: ﴿ الْآَنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا ﴾ [الأنفال: 66]؛ أي: عَلِمَ عِلْمَ ظُهور، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ ظَهَرَ لَهُ بَعْدَ أَنْ كَانَ خَافِيًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُحَالٌ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى. ووقع في روايةٍ لمسلم: «فَأَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ». انظر: فتح الباري، (6/ 502).

[2] قَذِرَنِي النَّاسُ: أي: أشمأزوا من رؤيتي واستقذروها. انظر: منحة الباري بشرح صحيح البخاري، (06/ 549).

[3] نَاقَةً عُشَرَاءَ: العشراء: هي الحامل من النُّوق التي ‌مضى ‌لحملها ‌عَشَرَة أشهر أو ثمانية، أو هي كالنُّفَساء من النساء. انظر: التمهيد، لابن عبد البر (6/ 468)؛ لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح، (4/ 335).

[4] شَاةً وَالِدًا: هي التي قد عُرِف منها ‌كثرة ‌الولد ‌والنِّتاج. انظر: جامع الأصول، (10/ 321).

[5] وَوُلِّدَ هَذَا: أي: أي ‌فعل ‌في ‌شاته كما فعل ذلك في إبله وبقره.

[6] تَقَطَّعَتْ بِيَ الْحِبَالُ فِي سَفَرِي: كناية عن العجز عن بلوغ البلد المنشود أو العودة. و(الحبال): جمع حَبْل، وهو ‌العهد ‌والذِّمام ‌والأمان والوسيلة، وكل ما يرجو منه خيرًا أو فرَجًا، أو يستدفع به ضررًا، والحَبْل: السبب، فكأنه قال: انقطعت بي الأسباب.

[7] فَلَا بَلَاغَ: أي: ليس لي ما أبلغ به غرضي.

[8] وَرِثْتُ لِكَابِرٍ عَنْ كَابِرٍ: أَيْ: ‌وَرِثْتُه ‌عَنْ ‌آبَائِي وأجْدادي، كَبِيرًا عَنْ كَبِيرٍ، فِي الْعِزِّ والشَّرَف. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، (4/ 142).

[9] لَا أَجْهَدُكَ: أي: لا أشُقُّ عليك في الأخذ والامتنان. انظر: جامع الأصول، (10/ 321).

[10] انظر: فتح الباري، (6/ 502، 503)؛ إكمال المُعْلِمِ بفوائد مُسلم، (8/ 515)؛ الكواكب الدراري شرح صحيح البخاري، للكرماني (14/ 94)؛ منحة الباري بشرح صحيح البخاري، (06/ 548)؛ مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، (4/ 1327)؛ شرح رياض الصالحين، لابن عثيمين (1/ 498)؛ توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم، للراجحي (8/ 383)؛ الأبرص والأقرع والأعمى من قصص القرآن والسنة، د. سمير الصباغ (ص15-22).

[11] عُدَّةُ الصابرين وذخيرةُ الشاكرين، (ص115).






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 63.00 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 61.33 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.66%)]