|
هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#2341
|
||||
|
||||
![]() تفسير: (وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين) ♦ الآية: ﴿ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾. ♦ السورة ورقم الآية: الأنبياء (83). ♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ ﴾ دعا ربه ﴿ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ ﴾ أصابني الجهد. ♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": قوله عز وجل: ﴿ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ ﴾؛ يعني: دعا ربه، قال وهب بن منبه: كان أيوب عليه السلام رجلًا من الروم، وهو أيوب بن أموص بن رازح بن روم بن عيس بن إسحاق بن إبراهيم، وكانت أمه من ولد لوط بن هاران، وكان الله قد اصطفاه ونبأه وبسط عليه الدنيا، وكانت له البَثَنية من أرض الشام، كلها سهلها وجبلها، وكان له فيها من أصناف المال كله من البقر والإبل والغنم والخيل والحمر ما لا يكون لرجل أفضل منه من العدة والكثرة، وكان له خمسمائة فدان، يتبعها خمسمائة عبد، لكل عبد امرأة وولد ومال، ويحمل آلة كل فدان أتان، ولكل أتان من الولد اثنان وثلاثة وأربعة وخمسة، وفوق ذلك، وكان الله أعطاه أهلًا وولدًا من رجال ونساء، وكان برًّا تقيًّا رحيمًا بالمساكين، يطعم المساكين، ويكفل الأرامل والأيتام، ويكرم الضيف، ويبلغ ابن السبيل، وكان شاكرًا لأنعم الله مؤدِّيًا لحق الله، قد امتنع من عدو الله إبليس أن يصيب منه ما يصيب من أهل الغنى من الغِرَّة والغفلة والتشاغل عن أمر الله بما هو فيه من الدنيا، وكان معه ثلاثة نفر قد آمنوا به وصدقوه رجل من أهل اليمن يقال له اليقن، ورجلان من أهل بلدة يقال لأحدهما يلدد والآخر صافر، وكانوا كهولًا، وكان إبليس لا يحجب عن شيء من السماوات، وكان يقف فيهن حيث ما أراد حتى رفع الله عيسى، فحجب عن أربع سماوات، فلما بعث محمد صلى الله عليه وسلم حجب من الثلاث الباقية، فسمع إبليس تجاوب الملائكة بالصلاة على أيوب، وذلك حين ذكره الله وأثنى عليه، فأدركه البغي والحسد، فصعد سريعًا حتى وقف من السماء موقفًا كان يقفه، فقال: إلهي، نظرت في أمر عبدك أيوب فوجدته عبدًا أنعمت عليه فشكرك، وعافيته فحمدك، فلو ابتليته بنزع ما أعطيته لحال عما هو عليه من شكرك وعبادتك، ولخرج من طاعتك؛ قال الله تعالى: انطلق فقد سلطتك على ماله فانقضَّ عدوُّ الله إبليس حتى وقع إلى الأرض، ثم جمع عفاريت الجن ومردة الشياطين، وقال لهم: ماذا عندكم من القوة؟ فإني قد سُلِّطتُ على مال أيوب، وهي المصيبة الفادحة والفتنة التي لا يصبر عليها الرجال، فقال عفريت من الشياطين: أُعطيتُ من القوة ما إذا شئت تحولتُ إعصارًا من نار، وأحرقت كل شيء آتي عليه، قال له إبليس: فأتِ الإبل ورعاءها، فأتى الإبل حين وضعت رؤوسها، وثبتت في مراعيها، فلم يشعر الناس حتى ثار من تحت الأرض إعصارٌ من نار لا يدنو منها أحد إلا احترق، فأحرق الإبل ورعاءها، حتى أتى على آخرها، ثم جاء عدو الله إبليس في صورة قبيحة على قعود إلى أيوب، فوجده قائمًا يصلي، فقال: يا أيوب، أقبلت نارٌ حتى غشِيَتْ إبلك فأحرقتْها ومن فيها غيري، فقال أيوب: الحمد لله الذي هو أعطاها وهو أخذها، وقديمًا ما وطنت مالي ونفسي على الفناء، فقال إبليس: فإن ربك أرسل عليها نارًا من السماء، فاحترقت فتركت الناس مبهوتين يتعجبون منها، منهم من يقول ما كان أيوب يعبد شيئًا وما كان إلا في غرور، ومنهم من يقول لو كان إله أيوب يقدر على أن يصنع شيئًا لمنع وليه، ومنهم من يقول: بل هو الذي فعل ليشمت به عدوه ويفجع به صديقه. قال أيوب: الحمد لله حين أعطاني وحين نزع مني، عُريانًا خرجت من بطن أمي، وعُريانًا أعود في التراب، وعُريانًا أحشر إلى الله، ليس لك أن تفرح حين أعارك وتجزع حين قبضَ عاريتَه منك، الله أولى بك وبما أعطاك، ولو علم الله فيك أيها العبد خيرًا لنقل روحك مع تلك الأرواح، وصرت شهيدًا؛ ولكنه علم منك شرًّا فأخَّرك، فرجع إبليس إلى أصحابه خائبًا خاسرًا ذليلًا، فقال لهم: ماذا عندكم من القوة؟ فإني لم أكْلَم قلبَهُ، قال عفريت: عندي من القوة ما إذا شئت صحتُ صيحةً لا يسمعها ذو روح إلَّا خرجت مهجةُ نفسه، فقال إبليس: فاتِ الغنم ورعاتها، فانطلق حتى توسطها ثم صاح صيحةً فتجثمت أمواتًا عن آخرها، ومات رعاؤها، ثم جاء إبليس متمثلًا بقهرمان الرعاة إلى أيوب وهو يصلي، فقال له مثل القول الأول، فرد عليه مثل الرد الأول، ثم رجع إبليس إلى أصحابه فقال: ماذا عندكم من القوة؟ فإني لم أكلم قلب أيوب، فقال عفريت: عندي من القوة ما إذا شئت تحولت ريحًا عاصفًا تنسف كل شيء تأتي عليه، قال: فاتِ الفَدَّادِين والحرث فانطلق ولم يشعروا حتى هبت ريح عاصف، فنسفت كل شيء من ذلك حتى كأنه لم يكن، ثم جاء إبليس متمثلًا بقهرمان الحرث إلى أيوب وهو قائم يصلي، فقال له مثل القول الأول، فردَّ عليه أيوب، مثل رده الأول، كلما انتهى إليه هلاك مال من أمواله حمدَ الله، وأحسن الثناء عليه، ورضي منه بالقضاء، ووطن نفسه بالصبر على البلاء، حتى لم يبق له مال. فلما رأى إبليس أنه قد أفنى ماله صعد إلى السماء، فقال: إلهي، إن أيوب يرى أنك ما متعته بولده فأنت معطيه المال، فهل أنت مسلطي على ولده، فإنها المعصية التي لا تقوم لها قلوب الرجال، قال الله تعالى: انطلق فقد سلطتك على ولده، فانقض عدو الله إبليس حتى جاء بني أيوب وهم في قصرهم فلم يزل يزلزل بهم حتى تداعى من قواعده، ثم جعل يناطح جدره بعضها ببعض ويرميهم بالخشب والجندل، حتى إذا مثل بهم كل مُثلة رفع القصر فقلبه فصاروا منكسين، ثم انطلق إلى أيوب متمثلًا بالمعلم الذي كان يعلمهم الحكمة وهو جريح مخدوش الوجه، يسيل دمه ودماغه، فأخبره، وقال: لو رأيت بنيك كيف عذبوا وقلبوا، وكانوا منكسين على رؤوسهم تسيل دماؤهم ودماغهم، ولو رأيت كيف شُقَّت بطونهم، وتناثرت أمعاؤهم، لقُطع قلبك، فلم يزل يقول هذا ونحوه حتى رق أيوب فبكى، وقبض قبضةً من التراب فوضعها على رأسه، وقال: ليت أمي لم تلدني، فاغتنم إبليس ذلك، فصعد سريعًا بالذي كان من جزع أيوب مسرورًا به، ثم لم يلبث أيوب أن فاء وأبصر واستغفر، وصعد قرناؤه من الملائكة بتوبته فسبقت توبته إلى الله وهو أعلم، فوقف إبليس ذليلًا، فقال: يا إلهي، إنما هوَّن على أيوب المال والولد أنه يرى منك أنك ما متعته بنفسه، فأنت تعيد له المال والولد، فهل أنت مسلطي على جسده، فقال الله عز وجل: انطلق فقد سلطتك على جسده، ولكن ليس لك سلطان على لسانه ولا على قلبه، وكان الله عز وجل أعلم به لم يسلطه عليه إلا رحمةً له ليعظم له الثواب، ويجعله عبرة للصابرين، وذكرى للعابدين في كل بلاء نزل بهم، ليتأسوا به في الصبر ورجاءً للثواب، فانقض عدو الله إبليس سريعًا فوجد أيوب ساجدًا، فعجل قبل أن يرفع رأسه، فأتاه من قبل وجهه، فنفخ في منخره نفخةً اشتعل منها جميع جسده، فخرج من قرنه إلى قدمه ثآليل مثل أليات الغنم، فوقعت فيه حكة، فحك بأظفاره حتى سقطت كلها، ثم حكها بالمسوح الخشنة حتى قطعها، ثم حكها بالفخار والحجارة الخشنة، فلم يزل يحكها حتى نغل لحمه وتقطع وتغير وأنتن، وأخرجه أهل القرية فجعلوه على كناسة، وجعلوا له عريشًا، فرفضه خلق الله كلهم غير امرأته، وهي رحمة بنت إفراثيم بن يوسف بن يعقوب، كانت تختلف إليه بما يصلحه وتلزمه، فلما رأى الثلاثة من أصحابه، وهم: يقن ويلدد وصافر ما ابتلاه الله به اتهموه ورفضوه من غير أن يتركوا دينه، فلما طال به البلاء، انطلقوا إليه فبَكَّتوه ولاموه، وقالوا له: تب إلى الله من الذنب الذي عوقبت به، وحضره معهم فتًى حديث السن قد آمن به وصدقه، فقال لهم: إنكم تكلمتم أيها الكهول، وكنتم أحق بالكلام مني لأسنانكم؛ ولكن قد تركتم من القول أحسن من الذي قلتم، ومن الرأي أصوب من الذي رأيتم، ومن الأمر أجمل من الذي أتيتم، وقد كان لأيوب عليكم من الحق والذمم أفضل من الذي وصفتم، فهل تدرون أيها الكهول حق من انتقصتم وحرمة من انتهكتم، ومن الرجل الذي عبتم واتهمتم؟ ألم تعلموا أن أيوب نبي الله وخيرته من خلقه وصفوته من أهل الأرض إلى يومكم هذا، ثم لم تعلموا ولم يطلعكم الله من أمره على أنه قد سخط عليه شيئًا من أمره منذ آتاه الله ما آتاه إلى يومكم هذا، ولا على أنه نزع منه شيئًا من الكرامة التي أكرمه الله بها، ولا أن أيوب قال على الله غير الحق في طول ما صحبتموه إلى يومكم هذا، فإن كان البلاء هو الذي أزرى به عندكم في أنفسكم، فقد علمتم أن الله يبتلي المؤمنين والصديقين والشهداء والصالحين، وليس بلاؤه لأولئك بدليل على سخطه عليهم، ولا لهوانه لهم؛ ولكنها كرامة وخيرة لهم، ولو كان أيوب ليس من الله بهذه المنزلة إلا أنه أخ أحببتموه على وجه الصحبة لكان لا يجمل أن يعذل أخاه عند البلاء، ولا أن يُعيِّره بالمصيبة، ولا أن يَعيبه بما لا يعلم وهو مكروب حزين، ولكنه يرحمه ويبكي معه ويستغفر له ويحزن لحزنه، ويدله على مراشد أمره، وليس بحكيم ولا رشيد من جهل هذا، فالله الله أيها الكهول وقد كان في عظمة الله وجلاله، وذكر الموت ما يقطع ألسنتكم، ويكسر قلوبكم، ألم تعلموا أن لله عبادًا أسكتتهم خشيته من غير عي ولا بكم وأنهم لهم الفصحاء البلغاء النبلاء الألباء العالمون بالله؛ ولكنهم إذا ذكروا عظمة الله انقطعت ألسنتهم، واقشعرت جلودهم، وانكسرت قلوبهم، وطاشت عقولهم إعظامًا وإجلالًا لله عز وجل، فإذا استفاقوا من ذلك استَبَقوا إلى الله عز وجل بالأعمال الزكية يعدون أنفسهم مع الظالمين والخاطئين، وإنهم لأبرار برآء ومع المقصرين والمفرطين وإنهم لأكياس أقوياء، فقال أيوب: إن الله عز وجل يزرع الحكمة بالرحمة في قلب الصغير والكبير، فمتى نبتت في القلب يظهرها الله على اللسان، وليست تكون الحكمة من قبل السن والشيبة، ولا طول التجربة، وإذا جعل الله العبد حكيمًا في الصبا لم تسقط منزلته عند الحكماء، وهم يرون من الله عليه نور الكرامة، ثم أعرض عنهم أيوب، وأقبل على ربه مستغيثًا به، متضرعًا إليه، فقال: رب لأي شيء خلقتني؟! ليتني إذ كرهتني لم تخلقني، يا ليتني قد عرفت الذنب الذي أذنبت، والعمل الذي عملت، فصرفت وجهك الكريم عني، لو كنت أمتني فألحقتني بآبائي الكرام، فالموت كان أجمل بي ألم أكن للغريب دارًا، وللمسكين قرارًا، ولليتيم وليًّا، وللأرملة قيمًا، إلهي أنا عبدك إن أحسنت فالمن لك، وإن أسأت فبيدك عقوبتي، جعلتني عَرَضًا، وللفتنة نصبًا، وقد وقع علي بلاء لو سلطته على جبل ضعف عن حمله، فكيف يحمله ضعفي، وإن قضاءك هو الذي أذلني، وإن سلطانك هو الذي أسقمني وأنْحَل جسمي، ولو أن ربي نزع الهيبة التي في صدري، وأطلق لساني حتى أتكلم بملء فمي بما كان ينبغي للعبد أن يحاج عن نفسه لرجوت أن يُعافيني عند ذلك مما بي؛ ولكنه ألقاني وتعالى عني، فهو يراني ولا أراه، ويسمعني ولا أسمعه، لا نظر إليَّ فرحمني، ولا دنا مني، ولا أدناني فأدلي بعذري، وأتكلم ببراءتي، وأخاصم عن نفسي، فلما قال ذلك أيوب وأصحابه عنده، أظله غمام حتى ظن أصحابه أنه عذاب أليم، ثم نودي: يا أيوب، إن الله عز وجل يقول: ها أنا قد دنوت منك، ولم أزل منك قريبًا، قم فأدْلِ بعذرك، وتكلم ببراءتك، وخاصم عن نفسك، واشدد إزرك، وقم مقام جبار يخاصم جبارًا إن استطعت، فإنه لا ينبغي أن يخاصمني إلا جبار مثلي، لقد منتك نفسك يا أيوب أمرًا ما تبلغه بمثل قوتك، أين أنت مني يوم خلقت الأرض فوضعتها على أساسها؟ هل كنت معي تمد بأطرافها؟ وهل علمت بأي مقدار قدرتها أم على أي شيء وضعت أكنافها؟ أبطاعتك حمل الماء الأرض أم بحكمتك كانت الأرض للماء غطاءً؟ أين كنت مني يوم رفعت السماء سقفًا محفوظًا في الهواء لا تعلق بسبب من فوقها، ولا يقلها دعم من تحتها؟ هل تبلغ من حكمتك أن تجري نورها أو تسير نجومها أو يختلف بأمرك ليلها ونهارها؟ أين أنت مني يوم نبعث الأنهار، وسكرت البحار، أسلطانك حبسَ أمواج البحار على حدودها؟ أم قدرتك فتحت الأرحام حين بلغت مدتها؟ أين أنت مني يوم صببت الماء على التراب ونصبت شوامخ الجبال؟ هل تدري على أي شيء أرسيتها؟ وبأي مثقال وزنتها؟ أم هل لك من ذراع تطيق حملها؟ أم هل تدري من أين الماء الذي أنزلت من السماء؟ أم هل تدري من أي شيء أنشئ السحاب؟ أم هل تدري أين خزائن الثلج؟ أم أين جبال البرد، أم أين خزانة الليل بالنهار وخزانة النهار بالليل؟ وأين خزانة الريح؟ وبأي لغة تتكلم الأشجار؟ ومن جعل العقول في أجواف الرجال؟ ومن شق الأسماع والأبصار؟ ومن ذلت الملائكة لملكه وقهر الجبارين بجبروته؟ وقسم الأرزاق بحكمته؟ في كلام كثير من آثار قدرته ذكرها لأيوب، فقال أيوب: صغر شأني وكَلَّ لساني وعقلي ورائي وضعفت قوتي عن هذا الأمر الذي تعرض يا إلهي، قد علمت أن كل الذي ذكرت صنع يديك وتدبير حكمتك، وأعظم من ذلك وأعجب لو شئت عملت، لا يعجزك شيء ولا يخفى عليك خافية؛ إذ لقيني البلاء، يا إلهي فتكلمت ولم أملك لساني، وكان البلاء هو الذي أنطقني، فليت الأرض انشقت لي فذهبت فيها ولم أتكلم بشيء يسخط ربي، وليتني مت بغمي في أشد بلائي قبل ذلك؛ إنما تكلمت حين تكلمت لتعذرني، وسكت حين سكت لترحمني، كلمة زلت مني فلن أعود، قد وضعت يدي على فمي وعضضت على لساني، وألصقت بالتراب خدي، أعوذ بك اليوم منك، وأستجيرك من جهد البلاء فأجرني، وأستغيث بك من عقابك فأغثني، وأستعين بك على أمري فأعني، وأتوكل عليك فاكفني، وأعتصم بك فاعصمني، وأستغفرك فاغفر لي، فلن أعود لشيء تكرهه مني، قال الله تعالى: يا أيوب، نفذ فيك علمي، وسبقت رحمتي غضبي، فقد غفرت لك، ورددت عليك أهلك ومالك ومثلهم معهم لتكون لمن خلفك آيةً، وتكون عبرةً لأهل البلاء وعزاء للصابرين، فاركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب، فيه شفاؤك، وقرب عن أصحابك قربانًا فاستغفر لهم، فإنهم قد عصوني فيك، فركض برجله فانفجرت له عين، فدخل فيها فاغتسل؛ فأذهب الله عنه كل ما كان به من البلاء، ثم خرج فجلس، فأقبلت امرأته تلتمسه في مضجعه على العادة فلم تجده، ووجدت مكانه رجلًا أحسن ما كان من الرجال، فقامت كالوالهة متلددةً، ثم قالت: يا عبدالله، هل لك علم بالرجل المبتلى الذي كان هاهنا؟ قال لها: هل تعرفينه إذا رأيتِه؟ قالت: نعم وما لي لا أعرفه، ثم تبسم وقال: أنا هو فعرفته بضحكه فاعتنقته. قال ابن عباس: فو الذي نفس عبدالله بيده، ما فارقته من عناقه حتى مرَّ بهما كل مال لهما وولد، فذلك قوله تعالى: ﴿ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ ﴾ [الأنبياء: 83]، واختلفوا في وقت ندائه والسبب الذي قال لأجله: إني مسني الضر وفي مدة بلائه. فروى ابن شهاب عن أنس يرفعه: «أن أيوب لبث في بلائه ثماني عشرة سنةً». وقال وهب: لبث أيوب في البلاء ثلاث سنين ولم يزد يومًا. وقال كعب: كان أيوب في بلائه سبع سنين وسبعة أشهر وسبعة أيام. وقال الحسن: مكث أيوب مطروحًا على كناسة في مزبلة لبني إسرائيل سبع سنين وأشهرًا، تختلف فيه الدواب، لا يقربه أحد غير امرأته رحمة صبرت معه بصدق، وتأتيه بطعام، وتحمد الله معه إذا حمد، وأيوب مع ذلك لا يفتر عن ذكر الله، والصبر على ما ابتلاه به، فصرخ إبليس صرخةً جمع بها جنوده من أقطار الأرض، فلما اجتمعوا إليه، قالوا: ما حزبك؟ قال: أعياني هذا العبد أيوب الذي لم أدع له مالًا ولا ولدًا، فلم يزدد إلا صبرًا! ثم سلطت على جسده فتركته قرحةً ملقاةً على كناسة من مزابل بني إسرائيل لا يقربه إلا امرأته فلم يكن عنده جزع! فاستعنت بكم لتعينوني عليه، فقالوا له: أين مكرك الذي أهلكت به من مضى؟! قال: بطل ذلك كله في أيوب، فأشيروا عليَّ، قالوا: نشير عليك من أين أتيت آدم حين أخرجته من الجنة؟ قال: من قبل امرأته، قالوا: فشأنك في أيوب من قبل امرأته، فإنه لا يستطيع أن يعصيها، وليس أحد يقربه غيرها، قال أصبتم: فانطلق حتى أتى امرأته وهي تتصدق فتمثَّل لها في صورة رجل، فقال لها: أين بعلك يا أمة الله؟ قالت: هو ذاك يحك قروحه وتتردد الدواب في جسده، فلما سمع مقالتها طمع أن تكون كلمة جزع؛ فوسوس إليها، وذكرها ما كانت فيه من النعم والمال، وذكرها جمال أيوب وشبابه، وما هو فيه الآن من الضر، وأن ذلك لا ينقطع عنه أبدًا، قال الحسن: فصرخت، فلما صرخت علم أنها قد جزعت فأتاها بسخلة، وقال: ليذبح هذه لي أيوب ويبرأ، فجاءت تصرخ: يا أيوب حتى متى يعذبك ربك؟! أين المال؟ أين الولد؟ أين الصديق؟ أين لونك الحسن؟ أين جسمك الصحيح؟ اذبح هذه السخلة على اسم عبد من عباد الله أتانيها وأنت تبرأ مما فيك من البلاء واسترح، فقال أيوب: أتاك عدو الله فنفخ فيك، ويلك! أرأيت ما تبكين عليه من المال والولد والصحة، من أعطانيه؟ قالت: الله، قال: فكم متعنا به؟ قالت: ثمانين سنة، قال: فمنذ كم ابتلانا؟ قالت: منذ سبع سنين وأشهر، قال: ويلك! ما أنصفت، ألا صبرت في البلاء ثمانين سنة! كما كنا في الرخاء ثمانين سنةً، والله لئن شفاني الله لأجلدنك مائة جلدة، أمرتني أن أذبح لغير الله طعامك وشرابك الذي تأتيني به علي حرام، وحرام عليَّ أن أذوق منه شيئًا مما تأتيني به بعد، إذ قلت لي هذا، فاغربي عني، فلا أراك، فطردها فذهبت فلما نظر أيوب وليس عنده طعام ولا شراب ولا صديق خرَّ ساجدًا لله، وقال رب: أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين، فقيل له: ارفع رأسك فقد استجيب لك، اركض برجلك، فركض برجله فنبعت عين ماء فاغتسل منها، فلم يبق عليه من دائه شيء ظاهر إلا سقط وعاد إليه شبابه وجماله أحسن ما كان، ثم ركض برجله ركضة أخرى، فنبعت عين أخرى، فشرب منها، فلم يبق في جوفه داء إلا خرج، فقام صحيحًا وكسي حلةً، قال: فجعل يلتفت فلا يرى شيئًا مما كان له من أهل ومال إلا وقد ضاعفه الله له حتى ذكر لنا أن الماء الذي اغتسل منه تطاير منه على صدره جرادًا من ذهب، فجعل يضمه بيده، فأوحى الله إليه: يا أيوب، ألم أغنك؟ قال: بلى؛ ولكنها بركتك، فمن يشبع منها! قال: فخرج حتى جلس على مكان مشرف، ثم إن امرأته قالت: أرأيتك إن كان أيوب طردني إلى من أكله؟ أدعه يموت جوعًا ويضيع فتأكله السباع؟! لأرجعن إليه، فرجعت فلا كناسة ترى ولا تلك الحالة التي كانت، وإذا الأمور قد تغيرت، فجعلت تطوف حيث كانت الكناسة، وتبكي وذلك بعين أيوب، وهابت صاحب الحلة أن تأتيه فتسأله عنه، فدعاها أيوب فقال: ما تريدين يا أمة الله، فبكت وقالت: أردت ذلك المبتلى الذي كان منبوذًا على الكناسة ولا أدري، أضاع أم ما فعل به، فقال أيوب: ما كان هو منك فبكت؟ وقالت: بعلي، قال: فهل تعرفينه إذا رأيته؟ فقالت: وهل يخفى على أحد بعله إذا رآه، ثم جعلت تنظر إليه وهي تهابه، ثم فقالت: أما أنه أشبه خلق الله بك إذ كان صحيحًا، قال: فإني أنا أيوب الذي أمرتني أن أذبح لإبليس، وإني أطعت الله، وعصيت الشيطان، ودعوت الله؛ فردَّ عليَّ ما ترين. وقال وهب بن منبه: لبث أيوب في البلاء ثلاث سنين، فلما غلب أيوب إبليس، ولم يستطع منه شيئًا، اعترض امرأته في هيئة ليست كهيئة بني آدم في العظم والجسم والجمال، على مركب ليس من مراكب الناس، له عظم وبهاء وكمال، فقال لها: أنت صاحبة أيوب هذا الرجل المبتلى؟ قالت: نعم، قال: فهل تعرفيني؟ قالت: لا، قال: أنا إله الأرض، وأنا الذي صنعت بصاحبك ما صنعت؛ لأنه عبدالله إله السماء، وتركني فأغضبني، ولو سجد لي سجدةً واحدةً، رددت عليه وعليك كل ما كان لكما من مال وولد، فإنه عندي، ثم أراها إيَّاهم ببطن الوادي الذي لقيها فيه، قال وهب: وقد سمِعت أنه إنما قال لها: لو أن صاحبك أكل طعامًا، ولم يسمِّ الله عليه، لعوفي مما به من البلاء، والله أعلم. وفي بعض الكتب: إن إبليس قال لها: اسجدي لي سجدةً حتى أرد عليك المال والولد، وأعافي زوجك، فرجعت إلى أيوب فأخبرته بما قال لها وما أراها، قال: لقد أتاك عدو الله إبليس ليفتنك عن دينك، ثم أقسم لو إن عافاه الله ليضربنها مائة جلدة، وقال عند ذلك: مسني الضر من طمع إبليس في سجود حرمتي له، ودعائه إياها وإياي إلى الكفر، ثم إن الله عز وجل رحم رحمة امرأة أيوب بصبرها معه على البلاء، وخفَّف عليها، وأراد أن يبر يمين أيوب، فأمره أن يأخذ ضغثًا يشتمل على مائة عود صغار، فيضربها به ضربةً واحدة؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ ﴾ [ص: 44]، وروي أن إبليس اتخذ تابوتًا، وجعل فيه أدويةً، وقعد على طريق امرأته يداوي الناس، فمرَّت به امرأة أيوب، فقالت: يا شيخ، إن لي مريضًا، أفتداويه؟ قال: نعم، والله لا أريد شيئًا إلا أن يقول إذا شفيته: أنت شفيتني، فذكرت ذلك لأيوب، فقال: هو إبليس قد خدعك، ثم حلف إن شفاه الله أن يضربها مائة جلدة. وقال وهب وغيره: كانت امرأة أيوب تعمل للناس وتجيئه بقوته، فلما طال عليه البلاء، وسئمها الناس، ولم يستعملها أحد التمست يومًا من الأيام ما تطعمه، فما وجدت شيئًا، فجزت قرنًا من رأسها، فباعته برغيف، فأتته به فقال لها: أين قرنك فأخبرته، فحينئذٍ قال: مسني الضر، وقال قوم: إنما قال ذلك حين قصدت الدودة إلى قلبه ولسانه، فخشي أن يفتر عن الذكر والفكر. وقال حبيب بن أبي ثابت: لم يدع الله بالكشف عنه حتى ظهرت له ثلاثة أشياء: أحدها قدم عليه صديقان له حين بلغهما خبره، فجاءا إليه ولم يبق إلا عيناه، رأيا أمرًا عظيمًا، فقالا: لو كان لك عند الله منزلة ما أصابك هذا، والثاني: أن امرأته طلبت طعامًا فلم تجد ما تطعمه، فباعت ذؤابتها وحملت إليه طعامًا، والثالث: قول إبليس إني أداويه على أن يقول: أنت شفيتني. وقيل: إن إبليس لعنه الله وسوس إليه أن امرأتك زنت، فقطعت ذؤابتها فحينئذٍ عيل صبره، فدعاه وقال: مسني الضر، وحلف ليضربنها مائة جلدة، وقيل: معناه مسني الضر من شماتة الأعداء، حتى روي أنه قيل له بعد ما عوفي: ما كان أشد عليك في بلائك؟ قال: شماتة الأعداء. وقيل: قال كذلك حين وقعت دودة من فخذه فردها إلى موضعها، وقال: كلي، فقد جعلني الله طعامك، فعضته عضةً زاد ألمها على جميع ما قاساه من عض الديدان. فإن قيل: إن الله سماه صابرًا، وقد أظهر الشكوى والجزع، بقوله: ﴿ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ ﴾، و﴿ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ ﴾ [ص: 41]، قيل: ليس هذا بشكاية؛ إنما هو دعاء بدليل قوله تعالى: ﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ ﴾، على أن الجزع إنما هو في الشكوى إلى الخلق، فأما الشكوى إلى الله عز وجل، فلا يكون جزعًا ولا ترك صبرًا كما قال يعقوب: ﴿ قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ ﴾ [يوسف: 86]. قال سفيان بن عيينة: وكذلك كل من أظهر الشكوى إلى الخلق، وهو راضٍ بقضاء الله، لا يكون ذلك جزعًا، كما روي أن جبريل دخل على النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه، فقال: كيف تجدك؟ قال: ((أجدني مغمومًا، وأجدني مكروبًا))، وقال لعائشة حين قالت: وارأساه!: ((بل أنا وارأساه)). تفسير القرآن الكريم
__________________
|
#2342
|
||||
|
||||
![]() تفسير: (فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمةً من عندنا) ♦ الآية: ﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ﴾ [الأنبياء: 84]. ♦ السورة ورقم الآية: الأنبياء (84). ♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ ﴾ وهو أن الله تعالى أحيا مَنْ أمات من بنيه وبناته، ورزقه مثلهم من الولد ﴿ رَحْمَةً ﴾ نعمةً ﴿ مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ﴾ عظةً لهم؛ ليعلموا بذلك كمال قدرتنا. ♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": قوله: ﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ ﴾ وذلك أنه قال: اركض برجلك، فركض برجله، فنبعت عين ماء بارد، فأمره أن يغتسل منها ففعل فذهب كلُّ داء كان بظاهره، ثم مشى أربعين خطوةً، فأمره أن يضرب برجله الأرض مرةً أخرى، ففعل فنبعت عين ماء بارد، فأمره فشرب منها، فذهب كل داء كان بباطنه فصار كأصح ما يكون من الرجال وأجملهم. ﴿ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ ﴾، واختلفوا في ذلك، فقال ابن مسعود وقتادة وابن عباس والحسن وأكثر المفسرين: ردَّ الله عز وجل إليه أهله وأولاده بأعيانهم، أحياهم الله له، وأعطاه مثلهم معهم، وهو ظاهر القرآن. وقال الحسن: آتاه الله المثل من نسل ماله الذي رده الله إليه وأهله، يدل عليه ما روي عن الضحاك وابن عباس: أن الله عز وجل رد على المرأة شبابها فولدت له ستةً وعشرين ذكرًا. قال وهب: كان له سبع بنات وثلاثة بنين، وقال ابن يسار: كان له سبع بنين وسبع بنات، وروي عن أنس يرفعه: «أنه كان له أندران: أندر للقمح، وأندر للشعير، فبعث الله عز وجل سحابتين فأفرغت إحداهما، على أندر القمح الذهب، وأفرغت الأخرى على أندر الشعير الورق حتى فاض». وروى «أن الله تعالى بعث إليه ملكًا، وقال: إن ربك يقرئك السلام بصبرك فاخرج إلى أندرك، فخرج إليه فأرسل الله عليه جرادًا من ذهب، فطارت واحدة فاتبعها وردها إلى أندره، فقال له الملك: أما يكفيك ما في أندرك؟ فقال: هذه بركة من بركات ربي ولا أشبع من بركته». أخبرنا حسان بن سعيد المنيعي أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي، أخبرنا محمد بن الحسين القطان، أخبرنا أحمد بن يوسف السلمي، أخبرنا عبدالرزاق، أخبرنا معمر عن همام بن منبه، قال: أخبرنا أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بينما أيوب يغتسل عريانًا خرَّ عليه جراد من ذهب، فجعل أيوب يحثي في ثوبه، فناداه ربه: يا أيوب، ألم أكن أغنيك عما ترى؟ قال: بلى يا رب؛ ولكن لا غنى بي عن بركتك». وقال قوم: آتى الله أيوب في الدنيا مثل أهله الذين هلكوا، فأما الذين هلكوا فإنهم لم يردوا عليه في الدنيا، قال عكرمة: قيل لأيوب: إن أهلك لك في الآخرة، فإن شئت عجلناهم لك في الدنيا، وإن شئت كانوا لك في الآخرة، وآتيناك مثلهم في الدنيا، فقال: يكونون لي في الآخرة، وأوتى مثلهم في الدنيا، فعلى هذا يكون معنى الآية: وآتيناه أهله في الآخرة ومثلهم معهم في الدنيا، وأراد بالأهل الأولاد. ﴿ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا ﴾؛ أي: نعمةً من عندنا، ﴿ وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ﴾؛ أي: عظة وعبرة لهم. تفسير القرآن الكريم
__________________
|
#2343
|
||||
|
||||
![]() تفسير: (وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين) ♦ الآية: ﴿ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾. ♦ السورة ورقم الآية: الأنبياء (85). ♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ وَذَا الْكِفْلِ ﴾ هو رجل من بني إسرائيل تكفَّل بخلافة نبي في أمته فقام بذلك ♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": قوله: ﴿ وَإِسْمَاعِيلَ ﴾؛ يعني: ابن إبراهيم، ﴿ وَإِدْرِيسَ ﴾، وهو أخنوخ، ﴿ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾، على أمر الله، واختلفوا في ذا الكفل. قال عطاء: إن نبيًّا من أنبياء بني إسرائيل أوحى الله إليه أني أريد قبض روحك، فاعرض ملكك على بني إسرائيل، فمن تكفَّل لك أن يصلي بالليل ولا يفتر، ويصوم بالنهار ولا يفطر، ويقضي بين الناس ولا يغضب، فادفع ملكك إليه ففعل ذلك، فقام شاب: فقال: أنا أتكفَّل لك بهذا فتكفل، ووفَّى به، فشكر الله له ونبَّأه فسمي ذا الكفل. قال مجاهد: لما كبر اليسع قال لو أني استخلفت رجلًا على الناس يعمل عليهم في حياتي حتى أنظر إليه كيف يعمل، قال: فجمع الناس، فقال: من يتقبل مني بثلاث أستخلفه: يصوم النهار ويقوم الليل، ويقضي بين الناس ولا يغضب، فقام رجل تزدريه العين، فقال: أنا فردَّه ذلك اليوم، وقال مثلها اليوم الآخر، فسكت الناس، وقام ذلك الرجل، فقال: أنا، فاستخلفه فأتاه إبليس في صورة شيخ ضعيف حين أخذ مضجعه للقائلة، وكان لا ينام بالليل والنهار إلا تلك النومة فدق الباب، فقال: من هذا؟ قال: شيخ كبير مظلوم، فقام ففتح الباب فقال الشيخ: إن بيني وبين قومي خصومةً، وإنهم ظلموني، وفعلوا وفعلوا، وجعل يطول حتى حضر الرواح، وذهبت القائلة، فقال له: إذا رحت فأتني حتى آخذ حقك فانطلق وراح، فكان في مجلسه ينظر هل يرى الشيخ فلم يره، فقام يبتغيه، فلما كان من الغد جلس يقضي بين الناس وينتظره فلا يراه، فلما رجع إلى القائلة فأخذ مضجعه أتاه فدق الباب، فقال: من هذا؟ فقال: الشيخ المظلوم ففتح له الباب فقال: ألم أقل لك إذا قعدت فأتني؟ فقال: إنهم أخبث قوم إذا عرفوا أنك قاعد، قالوا: نحن نعطيك حقك، وإذا قمت جحدوني، قال فانطلق فإذا رحت فأتني، ففاتته القائلة وراح فجعل ينظر فلا يراه فشق عليه النعاس، فقال لبعض أهله: لا تدعن أحدًا يقرب هذا الباب حتى أنام، فإنه قد شق عليَّ النوم، فلما كان تلك الساعة جاء، فلم يأذن له الرجل، فلما أعياه نظر فرأى كوةً في البيت فتسور منها، فإذا هو في البيت يدق الباب من داخل، فاستيقظ فقال: يا فلان، ألم آمرك، فقال: أما من قبلي فلم تؤت فانظر من أين أتيت، فقام إلى الباب فإذا هو مغلق كما أغلقه، وإذا الرجل معه في البيت، فقال: أتنام والخصوم ببابك؟ فعرفه فقال: أعدو الله؟ قال: نعم أعييتني ففعلت ما ترى لأغضبك فعصمك الله، فسمي ذا الكفل؛ لأنه تكفل بأمر فوفَّى به. وقيل: إن إبليس جاءه، وقال: إن لي غريمًا يمطلني فأحب أن تقوم معي وتستوفي حقي منه، فانطلق معه حتى إذا كان في السوق خلاه وذهب، وروي: أنه اعتذر إليه، وقال: إن صاحبي هرب. وقيل: إن ذا الكفل رجل كفل أن يصلي كل ليلة مائة ركعة إلى أن يقبضه الله فوفى به، واختلفوا في أنه هل كان نبيًّا، فقال بعضهم: كان نبيًّا، وقيل: هو إلياس، وقيل: زكريا، وقال أبو موسى: لم يكن نبيًّا ولكن كان عبدًا صالحًا. تفسير القرآن الكريم
__________________
|
#2344
|
||||
|
||||
![]() تفسير: (وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه) ♦ الآية: ﴿وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾. ♦ السورة ورقم الآية: الأنبياء (87). ♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ وَذَا النُّونِ ﴾ واذكر صاحب الحوت، وهو يونس عليه السلام ﴿ إِذْ ذَهَبَ ﴾ من بين قومه ﴿ مُغَاضِبًا ﴾ لهم قبل أمرنا له بذلك ﴿ فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ﴾ أن لن نقضي عليه ما قضينا من حبسه في بطن الحوت ﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ ﴾ ظلمة بطن الحوت، وظلمة البحر، وظلمة الليل ﴿ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ حيث غاضبت قومي، وخرجت من بينهم قبل الإذن. ♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": ﴿ وَذَا النُّونِ ﴾؛ أي: اذكر صاحب الحوت وهو يونس بن متى، ﴿ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا ﴾، اختلفوا في معناه. فقال الضحاك: مغاضبًا لقومه، وهو رواية العوفي وغيره عن ابن عباس، قال: كان يونس وقومه يسكنون فلسطين فغزاهم ملك فسبى منهم تسعة أسباط ونصفًا، وبقي سبطًا ونصف، فأوحى الله إلى شعياء النبي أن سرْ إلى حزقيا الملك، وقل له حتى يوجه نبيًّا قويًّا، فإني ألقي هيبة في قلوب أولئك حتى يرسلوا معه بني إسرائيل، فقال له الملك فمن ترى، وكان في مملكته خمسة من الأنبياء، فقال يونس: فإنه قوي أمين، فدعا الملك بيونس، فأمره أن يخرج، فقال له يونس: هل أمرك الله بإخراجي؟ قال: لا، قال: فهل سمَّاني لك؟ قال: لا، فها هنا غيري أنبياء أقوياء، فألحوا عليه فخرج من بينهم مغاضبًا للنبي وللملك، ولقومه فأتى بحر الروم فركبه. وقال عروة بن الزبير وسعيد بن جبير وجماعة: ذهب عن قومه مغاضبًا لربه إذ كشف عن قومه العذاب بعد ما أوعدهم، وكره أن يكون بين قوم قد جربوا عليه الخلف فيما أوعدهم واستحيا منهم، ولم يعلم السبب الذي به رفع العذاب، وكان غضبه أنفةً من ظهور خلف وعده، وأنه يسمى كذابًا لا كراهيةً لحكم الله تعالى. وفي بعض الأخبار أنه كان من عادة قومه أن يقتلوا من جربوا عليه الكذب فخشي أن يقتلوه لما لم يأتهم العذاب للميعاد، فغضب، والمغاضبة ها هنا كالمفاعلة التي تكون من واحد، كالمسافرة والمعاقبة، فمعنى قوله مغاضبًا أي غضبان. وقال الحسن: إنما غضب ربه عز وجل من أجل أنه أمره بالمسير إلى قومه لينذرهم بأسه ويدعوهم إليه فسأل ربه أن ينظره ليتأهب للشخوص إليهم، فقيل له: إن الأمر أسرع من ذلك حتى سأل أن ينظر إلى أن يأخذ نعلًا يلبسها فلم ينظره. وكان في خلقه ضيق فذهب مغاضبًا. وعن ابن عباس، قال: أتى جبريل يونس فقال: انطلق إلى أهل نينوى فأنذرهم، فقال: ألتمس دابةً قال: الأمر أعجل من ذلك فغضب فانطلق إلى السفينة. وقال وهب بن منبه: إن يونس بن متى كان عبدًا صالحًا، وكان في خلقه ضيق، فلما حمل عليه أثقال النبوة تفسخ تحتها تفسخ الربع تحت الحمل الثقيل فقذفها من يده، وخرج هاربًا منها، فلذلك أخرجه الله من أولي العزم من الرسل، وقال لنبيِّه محمد صلى الله عليه وسلم: ﴿ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ﴾ [الأحقاف: 35]، وقال: ﴿ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ ﴾ [القلم: 48]، قوله: فظن أن لن نقدر عليه؛ أي: لن نقضي عليه بالعقوبة، قاله مجاهد وقتادة والضحاك والكلبي، وهو رواية العوفي عن ابن عباس، يقال: قدر الله الشيء تقديرًا وقَدَر يَقْدُر قدْرًا بمعنًى واحد، ومنه قوله: ﴿ نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ ﴾ [الواقعة: 60] في قراءة من قرأها بالتخفيف، دليل هذا التأويل قراءة عمر بن عبدالعزيز والزهري: ﴿ فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ﴾ بالتشديد، وقال عطاء وكثير من العلماء: معناه: فظن أن لن نضيق عليه الحبس؛ كقوله تعالى: ﴿ اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ ﴾ [الرعد: 26]؛ أي: يضيق. وقال ابن زيد: هو استفهام، معناه: أفظن أنه يُعجزُ ربَّه، فلا يقدر عليه، وقرأ يعقوب يُقدر بضم الياء على المجهول خفيف. وعن الحسن قال: بلغني أن يونس لما أصاب الذنب انطلق مغاضبًا لربِّه واستزله الشيطان حتى ظن أن لن نقدر عليه، وكان له سلف وعبادة فأبى الله أن يدعه للشيطان، فقذفه في بطن الحوت، فمكث فيه أربعين من بين يوم وليلة. وقال عطاء: سبعة أيام، وقيل: ثلاثة أيام. وقيل: إن الحوت ذهب به مسيرة ستة آلاف سنة. وقيل: بلغ به تخوم الأرض السابعة فتاب إلى ربه تعالى في بطن الحوت، وراجع نفسه فقال: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، حين عصيتك وما صنعت من شيء، فلن أعبد غيرك، فأخرجه الله من بطن الحوت برحمته، والتأويلات المتقدمة أولى بحال الأنبياء أنه ذهب مغاضبًا لقومه أو للملك، ﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾، يعني ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة بطن الحوت. وروي عن أبي هريرة مرفوعًا: ((أوحى الله إلى الحوت أن خذه ولا تخدش له لحمًا، ولا تكسر له عظمًا، فأخذه ثم هوى به إلى مسكنه في البحر، فلما انتهى به إلى أسفل البحر سمع يونس حسًّا، فقال في نفسه: ما هذا؟ فأوحى الله إليه: أن هذا تسبيح دواب البحر، قال: فسبح وهو في بطن الحوت، فسمعت الملائكة تسبيحه، فقالوا: يا ربنا نسمع صوتًا ضعيفًا بأرض غريبة))، وفي رواية: ((صوتًا معروفًا من مكان مجهول))، فقال: ذاك عبدي يونس عصاني، فحبسته في بطن الحوت، فقالوا: العبد الصالح الذي كان يصعد إليك منه في كل يوم وليلة عمل صالح؟ قال: نعم، فشفعوا له، عند ذلك فأمر الحوت فقذفه في الساحل، كما قال الله تعالى: ﴿ فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ ﴾ [الصافات: 145]. تفسير القرآن الكريم
__________________
|
#2345
|
||||
|
||||
![]() تفسير: (فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين) ♦ الآية: ﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾. ♦ السورة ورقم الآية: الأنبياء (88). ♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ وَكَذَلِكَ ﴾ وكما نجَّيناه ﴿ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾ من كربهم إذا استغاثوا بنا ودعونا. ♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": فذلك قوله عز وجل: ﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ ﴾؛ أي: أجبناه، ﴿ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ﴾ من تلك الظلمات، ﴿ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾، من كل كرب إذا دعونا، واستغاثوا بنا، قرأ ابن عامر وعاصم برواية أبي بكر: {نُجِّي} بنون واحدة وتشديد الجيم وتسكين الياء؛ لأنها مكتوبة في المصحف بنون واحدة، واختلف النحاة في هذه القراءة، فذهب أكثرهم إلى أنها لحن؛ لأنه لو كان على ما لم يسم فاعله، لم تسكن الياء ورفع «المؤمنون»، ومنهم من صوبها، وذكر الفراء أن لها وجهًا آخر؛ وهو إضمار المصدر؛ أي: نجا النجاء المؤمنين، ونصب المؤمنين كقولك: ضرب الضرب زيدًا، ثم تقول: ضرب زيدًا بالنصب على إضمار المصدر، وسكن الياء في: {نجي} كما يسكنون في بقي ونحوها. قال القتيبي: من قرأ بنون واحدة، والتشديد فإنما أراد ننجي من التنجية إلا أنه أدغم وحذف نونًا طلبًا للخفة ولم يرضه النحويون لبعد مخرج النون من الجيم، والإدغام يكون عند قرب المخرج، وقراءة العامة {ننجي} بنونين من الإنجاء، وإنما كتبت بنون واحدة؛ لأن النون الثانية كانت ساكنةً، والساكن غير ظاهر على اللسان، فحذفت كما فعلوا في إلَّا حذفوا النون من إن لخفائها، واختلفوا في أن رسالة يونس بن متى متى كانت؟ فروى سعيد بن جبير عن ابن عباس: أنها كانت بعد أن أخرجه الله من بطن الحوت، بدليل أن الله عز وجل ذكره في سورة الصافات، ﴿ فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ ﴾ [الصافات: 145]، ثم ذكر بعده: ﴿ وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴾ [الصافات: 147]، وقال الآخرون: إنها كانت من قبل بدليل قوله تعالى: ﴿ وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ﴾ [الصافات: 139، 140]. تفسير القرآن الكريم
__________________
|
#2346
|
||||
|
||||
![]() تفسير: (وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردًا وأنت خير الوارثين) ♦ الآية: ﴿ وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ ﴾. ♦ السورة ورقم الآية: الأنبياء (89). ♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا ﴾؛ أي: وحيدًا، لا ولد لي ولا عقب ﴿ وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ ﴾ خير من يبقى بعد مَنْ يموت. ♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": قوله عز وجل: ﴿ وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ ﴾؛ أي: دعا ربَّه، ﴿ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا ﴾ وحيدًا، لا ولد لي وارزقني وارثًا، ﴿ وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ ﴾ أثنى على الله بأنه الباقي بعد فناء الخلق، وأنه أفضل مَنْ بقي حيًّا. تفسير القرآن الكريم
__________________
|
#2347
|
||||
|
||||
![]() تفسير: (فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات) ♦ الآية: ﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾.♦ السورة ورقم الآية: الأنبياء (90). ♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ﴾ بأن جعلناها ولودًا بعد أن صارت عقيمًا ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ ﴾ يبادرون في عمل الطاعات ﴿ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا ﴾ في رحمتنا ﴿ وَرَهَبًا ﴾ من عذابنا ﴿ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾ عابدين في تواضُع. ♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": ﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى ﴾ ولدًا، وأصلحنا له زوجه؛ أي: جعلناها ولودًا بعد ما كانت عقيمًا، قاله أكثر المفسرين، وقال بعضهم: كانت سيئة الخلق فأصلحها الله له بأن رزقها حسن الخلق.﴿ إِنَّهُمْ ﴾ يعني: الأنبياء الذين سمَّاهم في هذه السورة، ﴿ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا ﴾، طمعًا، ورهبًا، خوفًا، ﴿ رَغَبًا ﴾ في رحمة الله، ﴿ وَرَهَبًا ﴾ من عذاب الله عز وجل، ﴿ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾؛ أي: متواضعين، قال قتادة: ذللَّا لأمر الله، قال مجاهد: الخشوع هو الخوف اللازم في القلب. تفسير القرآن الكريم
__________________
|
#2348
|
||||
|
||||
![]() تفسير: (والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آيةً للعالمين) ♦ الآية: ﴿ وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾. ♦ السورة ورقم الآية: الأنبياء (91). ♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ وَالَّتِي أَحْصَنَتْ ﴾ واذكر التي منعت ﴿ فَرْجَهَا ﴾ من الحرام ﴿ فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا ﴾ أمرنا جبريل عليه السلام حتى نفخ في جيب درعها، والمعنى: أجرينا فيها روح المسيح المخلوقة لنا: ﴿ وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ دلالةً لهم على كمال قدرتنا، وكانت الآية فيهما جميعًا واحدةً لذلك وُحِّدت.♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": ﴿ وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا ﴾ حفظت من الحرام، وأراد مريم بنت عمران، ﴿ فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا ﴾؛ أي: أمرنا جبريل حتى نفخ في جيب درعها، وأحدثنا بذلك النفخ المسيح في بطنها، وأضاف الروح إليه تشريفًا لعيسى عليه السلام.﴿ وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾؛ أي: دلالة على كمال قدرتنا على خلق ولد من غير أب، ولم يقل: آيتين، وهما آيتان؛ لأن معنى الكلام، وجعلنا شأنهما وأمرهما آيةً، ولأن الآية كانت فيهما واحدةً، وهي أنها أتت به من غير فحل. تفسير القرآن الكريم
__________________
|
#2349
|
||||
|
||||
![]() تفسير: (إن هذه أمتكم أمةً واحدةً وأنا ربكم فاعبدون) ♦ الآية: ﴿ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴾. ♦ السورة ورقم الآية: الأنبياء (92). ♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ ﴾ دينكم وملتكم ﴿ أُمَّةً وَاحِدَةً ﴾ ملة واحة وهي الإسلام. ♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": قوله: ﴿ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ ﴾؛ أي ملتكم ودينكم، ﴿ أُمَّةً وَاحِدَةً ﴾؛ أي: دينًا واحدًا وهو الإسلام، فأبطل ما سوى الإسلام من الأديان، وأصل الأمة الجماعة التي هي على مقصد واحد، فجعلت الشريعة أمةً واحدةً لاجتماع أهلها على مقصد واحد، ونصب أمةً على القطع، ﴿ وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴾. تفسير القرآن الكريم
__________________
|
#2350
|
||||
|
||||
![]() تفسير: (وتقطعوا أمرهم بينهم كل إلينا راجعون) ♦ الآية: ﴿ وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ ﴾. ♦ السورة ورقم الآية: الأنبياء (93). ♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ ﴾ اختلفوا في الدين، فصاروا فرقًا ﴿ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ ﴾ فنجزيهم بأعمالهم. ♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": ﴿ وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ ﴾؛ أي: اختلفوا في الدين، فصاروا فرقًا وأحزابًا، قال الكلبي: فرَّقُوا دينهم بينهم، يلعن بعضُهم بعضًا، ويتبرَّأ بعضهم من بعض، والتقطع ها هنا بمعنى التقطيع، ﴿ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ ﴾ فنجزيهم بأعمالهم. تفسير القرآن الكريم
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 14 ( الأعضاء 0 والزوار 14) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |