رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله - الصفحة 31 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         قد كان لي قلب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 66 )           »          قيم عائلية مهمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »          إن الله يحول بين المرء وقلبه.. (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 68 )           »          درر وفوائـد من كــلام السلف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 24 - عددالزوار : 18809 )           »          قناديل على الدرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 25 - عددالزوار : 6352 )           »          أخلاق العمل في الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 53 )           »          القواعد والضوابط الفقهية في الأعمال الخيرية والوقفية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 37 - عددالزوار : 12536 )           »          بركـــة طعــام المسلـم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 60 )           »          أهم تيارات التكفير والعنف ودور الدعوة السلفية في مواجهتها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 674 )           »          خشـونـة الركـبـة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 67 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > ملتقى اخبار الشفاء والحدث والموضوعات المميزة > رمضانيات
التسجيل التعليمـــات التقويم

رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18-04-2022, 12:15 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,301
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

لماذا في رمضان تزداد مصروفات الأسر ؟



اليوم، أصبح الطعام والشراب في حياة أغلب الناس نهماً وشرهاً، واتسمت حياة الكثيرين بالتكلف والإسراف في ولائمهم وأعيادهم وحياتهم.

حتى أصبحت أعيادنا مظاهر باهظة الثمن ورمضاناتنا في كل عام موسماً للسرف والترف، بدلاً من أن يكون عبادة وتهجداً.

فتحول الغذاء إلى خطر رهيب، وارتفعت صيحات التحذير من مستقبل ينذر بالأخطار وباتت الحاجة ماسّة للأمن الاجتماعي والاقتصادي والغذائي وترشيد الإنفاق والاستهلاك.

إنّ الإنسان كائن حيّ، يقوم بوظائف مهمة عبادة الله ثم إعمار الأرض وإقامة مبادئ العدل والخير. وهذا يجعله بحاجة إلى الطعام، كي ينمو ويعيش ويتحرك ويعمل ويحتاج إلى الماء، إذ لا يستطيع الإنسان البقاء حياً لمدة طويلة بلا ماء.

فاستجابة الكائن البشري لغريزة الطعام والشراب أمر فطري. كما أنّ المحافظة على القوام الغذائي المتنوع والمتوازن مع التوسط والاعتدال يمنح الإنسان في مراحل عمره جسماً قوياً وصحة دائمة وعمراً مباركاً ومديداً.

إذ لا يكفي الإنسان في طعامه وشرابه أن يتناول نوعاً واحداً، فلابد من توافر الاحتياجات الأساسية من مثل: الماء، والسكريات، والبروتينات والشحوم والدهون، والفيتامينات، وبعض العناصر المعدنية.

إنّ الإنسان إذا أكل ما يسُّد به جوعه، وشرب ما يُسكن به ظمأه، فإن هذا مطلوب عقلاً، ومندوب إليه شرعاً، لما فيه من حفظ النفس وصيانة الحواس.

يقول محي الدين مستو في كتابه ((الطعام والشراب بين الاعتدال والإسراف)):
إذا كانت التخمة تمرض وتميت، فإن الحرمان يُمرض النفس ويُفتر عن العبادة، أما الوسطية فإنها تنشط النفس وتظهر روحانيتها. فالاعتدال توسط بين التقتير والإسراف، وبين البخل والإنفاق الزائد عن الحلال في المأكل والمشرب.

وقد حث رسول الهدى عليه الصلاة والسلام على الاعتدال وحضّ على التقلل من الطعام والشراب، فقال عليه الصلاة والسلام: «الكافر يأكل في سبعة أمعاء والمؤمن يأكل في معىً واحد» (رواه مسلم) .

قال حاتم الطائي ذاماً كثرة الأكل:
فإنك إن أعطيت بطنك سُؤله *** وفرجك نالا مُنتهى الذم أجمعا

إنّ الاعتدال، إذن، هو التوسط بين الجوع والتخمة، بالتقليل من كمية الطعام والشراب، دون أن ينقص عن حاجة البدن والعمل. وفي ذلك فوائد جمّة منها: صحة الجسم، وجودة الفهم، وقوة الحفظ وقلة النوم، وخفة النفس. قال بعض الحكماء: أكبر الدواء تقدير الغذاء.

وفي المقابل، فإن الإقبال على الطعام بشره زائد، يجعل الأغذية عند النهمين المسرفين هدفاً وغاية، يبذلون من أجلها الأموال الباهظة، ويمضون أوقاتاً طويلة في الأسواق، يشترون ألوان الأطعمة. وهؤلاء الذين جعلوا همهم بطونهم وأهدافهم ملذاتهم وشهواتهم، يضنون بأموالهم عن مساعدة بائس أو إعانة فقير، فنتج عن ذلك بطون جائعة وأموال ضائعة.

فيا عجباً من مجتمع يُقيم الأفراح والولائم والمجتمعات المسلمة تعاني من الأحزان والمآتم، وقديماً قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه كلمته المشهورة: ما جاع فقير إلا بما تمتع غني.

ورد عن القاضي عياض رحمه الله قوله: إنّ كثرة الأكل والشرب دليل على النهم والحرص والشره وغلبة الشهوة، وهي مسبّبٌ لمضار الدنيا والآخرة وجالبٌ لأدواء الجسد وخثار النفس أي فتورها.

إنّ الإسراف في تناول الطعام والشراب يؤدي إلى اختزانها في الجسم، وتحولها إلى لحم وشحم وبدانة وبطنة، تقعد بالإنسان عن كثير من أعماله ونشاطاته. وقديماً قيل: البطنة تذهب الفطنة.

وقد أجمعت الأطباء على أنّ رأس الداء إدخال الطعام على الطعام، وقالوا: أكثر العلل إنما يتولد من فضول وزوائد الطعام.

إن مراتب الطعام والشراب (الغذاء) كما قسم ذلك ابن قيم الجوزية رحمه الله في كتابه ((الطب النبوي)) مراتب ثلاثة: مرتبة الحاجة، ثم مرتبة الكفاية، وأخيراً مرتبة الفضلة.

في رمضان تزداد مصروفات الأسر لمجابهة الشراهة الاستهلاكية ونهم التسوق والإنفاق المرتفع، إذ يتحول النوم إلى النهار، والأكل والزيارات والتجوال في الشوارع وارتياد المنتزهات إلى الليل ويستهلك الفرد في وجبتي الإفطار والسحور أضعاف ما كان يستهلكه في ثلاث وجبات قبل حلول رمضان المبارك. حتى أصبح مألوفاً في أمسيات شهر رمضان كثرة حالات الإسعاف بسبب التخمة على موائد الإفطار.

__________________________________________________ __
الكاتب: د. زيد بن محمد الرماني










__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 14-04-2022, 07:02 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,301
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك


هبة حلمي الجابري



دعوات كثيرًا ما كانَتْ تردِّدُها جدتي رحمة الله عليها بفطرتها النقية، أسمعها وأنا صغيرة ويقف عقلي الصغير عاجزًا عن فهمها وتفسيرها: (يكفيك شر المتداري والمستخبي)، وكبرت قليلًا فإذا بي أجد معناها في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم؛ فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كانَ مِن دُعَاءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِن زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ»؛ (رواه مسلم).

ومع مرور الأيام ومطالعة الدروس في مدرسة الحياة عرَفْتُ عِظَمَ هذه الكلمات وما وراءها من معانٍ نحن عنها غافلون رغم أننا بها محاطون، نراها ونسمعها فلا نعيها، ونمر عليها مرور الكرام وكأنها لا تعنينا.

نَعم نعيش في نِعَم الله، ووعدنا الله سبحانه وتعالى بالزيادة مع الشكر والطاعة؛ يقول ربنا عز وجل في كتابه الكريم: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7]، نتقلب ليلَ نهارَ في أنواع من النعم، وقد نغمض أعيننا عن كل ذلك ولا نرى إلا ما نظن أنه شر، رغم أنه قد يكون عين الخير، وبين طيات المحن نجد المنح.

ولكن تظل الدنيا دار ابتلاء، فيا ترى هل كتب الله علينا الابتلاء بالخير أم الشر؟ قال تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [الأنبياء: 35]، وكل ذلك قد يأتي فجأة دون سابق إنذار.

أما نذكر ذلك الذي خرج من بيته يحمل آمالًا تبلغ الآفاق فإذا به يعود إليه محمولًا على الأعناق مريضًا عاجزًا عن الحركة كما كان، وتضيع تلك الآمال؟ فإذا خرجنا وعدنا سالمين فلنتذكر تلك النعمة، ولنستعذ بالله من زوال نعمته وتحوُّل عافيته.

ألا نتذكَّر ذلك العامل الذي طرد من عمله دون سبب، وذاك الذي أقعده المرض عن العمل وأنفق كل ما يدخره من الأموال فأصبح بعد الثراء لا يجد ما يسد به رمق جوع الصغار ويقترض من هذا وذاك؟! فحين نذهب للعمل، أو ونحن نشتري ما لذ وطاب فلنحمد الله على نعمه ونستعيذ بالله من زوال نعمته وتحوُّل عافيته.

أما رأينا بيتًا كان يعيش عيشة هانئة مطمئنة فإذا بحدث واحد يُبدِّل الأمن خوفًا، وقد يتفرَّق الأحباب؟
فحين يجلس الزوجان في ودٍّ ورحمة يغمر بيتهما التفاهم والمودة والرحمة والسكينة، فليستعيذا بالله من زوال نعمته وتحوُّل عافيته، فكم فرَّق الشيطان بين الأحباب لأتفه الأسباب!

وإذا كنا بين أبنائنا وهم يلعبون ويضحكون في صحة وعافية، فلندعو لهم ونستعيذ بالله من زوال نعمته وتحوُّل عافيته، فكم من مكلوم فقد ابنًا أو ابنة فغابت الفرحة عن قلبه، أو سقط أمامه صريع المرض يذبل أمامه وهو عاجز لا يدري كيف يخفف ألمه.

أما سمِعْنا عن بلد كان يعيش في أمن واستقرار فإذا بالحرب تدخل بلا استئذان، وتقضي على الأخضر واليابس، ويتبدَّل الحال وتضيع الأموال، يفر البعض ويقتل غيرهم، والباقي يعيش في خوف ولا يعرف ما تأتي به الأيام؟! فكل يوم حين نستيقظ فنجد أنفسنا آمنين في بيوتنا، معافين في أجسادنا، نملك قوت يومنا لا ننسى حينها أن يفيض قلبنا شكرًا وحمدًا لله، وأن نستعيذ بالله من زوال نعمته وتحوُّل عافيته.

بل أما رأينا طائعًا عابدًا تبدَّل حاله؟ تلك التي خلعت الحجاب وبدَّلت الجلباب بالضيق والقصير من الثياب، ونرى عجب العجاب من التي غطَّتْ وجهها بالمساحيق بعد أن كانت تستره بالنقاب!

هذا الذي أصبح يتكاسل عن الصلاة وبدَّل الأصدقاء الأتقياء الأنقياء بأصحاب المعاصي الأشقياء.

فإذا رأيناهم ورأينا أنفسنا على الطاعة فلا نغتر، ولنستعذ بالله من زوال نعمته وتحوُّل عافيته.

وهكذا في كل نعمة أسبغها الله علينا باطنة وظاهرة نتذكَّرها فنحمد الله عليها ونلهج بهذا الدعاء، سائلين المولى ألا تزول.

ثم ما يدرينا ما تصنعه بنا معاصينا؟
قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 30]، وقال سبحانه: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} [الأنعام: 44]؛ أي: آيسون من كل خير.

فإلى متى سيمهلنا ربنا ويحلم علينا؟ هل سيعاقبنا بما كسبت أيدينا؟ قد يأتي العقاب بغتة ونحن على غفلة؛ فكان جديرًا بنا أن نعوذ بالله من فجاءة نقمته وجميع سخطه.

هذا وهذه وتلك وذاك صفحات من كتاب الحياة نجد فيها حالات من زوال النعم وحلول النقم أو تحول الحال من العافية في الدين والدنيا إلى البلاء ولكننا نتخطاها ولا نقف لنقرأها بإمعان، فيأتي هذا الدعاء ليذكرنا أن نتعلق بالله فالأمر كله بيديه، وعلينا أن نتوجه بقلوبنا إليه، ندعوه ليكفينا شر ما قد يكون في المقبل من الأيام من نقم وأسقام، ندرك يقينًا أن من كان مع الله فاز، فبيده وحده الأسباب وكم رد الدعاء من بلاء ونجَّى من شقاء، وحفظ الله به الأبدان والأموال، فلنكثر من هذا الدعاء: ((اللَّهُمَّ إنَّا نَعُوذُ بكَ مِن زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ)).










__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 14-04-2022, 07:04 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,301
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

فضل السحور وبركته



الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:
فلقد حث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أمته على السحور، وتناول شيء من المأكولات والمطعومات قبل الشروع في عبادة الصوم؛ وما ذاك إلا تقوية لأبدانهم، وإعانة على عباداتهم، مما يؤكد ويدل على أهمية وبركة السحور للصائم في شهر رمضان، وفي غير من الأيام والشهور؛ فعن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تسحَّروا؛ فإن في السَّحور بركةً»؛ (أخرجه البخاري (١٩٢٣)، ومسلم (١٠٩٥)).

ومعنى قوله عليه الصلاة والسلام: ((تسحروا))؛ أي: تناولوا الطعام قبل وقت السحر، وهو قبيل طلوع الفجر الصادق.
وقوله عليه الصلاة والسلام: «فإن في السحور بركةً»؛ أي: زيادة في النماء والخير والاستقواء على صيام نهار رمضان، وفيه مزيد من الأجر والثواب؛ نظرًا لاتباع هديِ النبي صلى الله عليه وسلم، فالسحور يجمع بين البركة المادية والبركة المعنوية.

مفهوم السحور:
والسُّحور (بضم السين): هو الفعل نفسه من تناول أكل وطعام السحر.
والسَّحور (بفتح السين): هو اسم لما يتسحر به من طعام السحر وشرابه.

حكم السحور:
يستحب السحور للصائم، سواء كان الصوم صوم فرض أو صوم تطوع؛ لحديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تسحروا؛ فإن في السحور بركةً»؛ (أخرجه البخاري (١٩٢٣)، ومسلم (١٠٩٥)).

وعن زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه: ((أنهم تسحروا مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قاموا إلى الصلاة، قلت: كم بينهما؟ قال: قدر خمسين أو ستين؛ يعني: آيةً))؛ (صحيح البخاري/ ٥٧٥)؛ أي: بمعنى بقدر ما يقرأ الرجل خمسين آيةً؛ ما يدل على القرب الزمني بين تناول السحور، وصلاة الفجر؛ ومما يؤكد هذا المعنى كذلك حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه: ((أن نبي الله صلى الله عليه وسلم وزيد بن ثابت تسحرا، فلما فرغا من سحورهما، قام نبي الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة، فصلى، قلنا لأنس: كم كان بين فراغهما من سحورهما ودخولهما في الصلاة؟ قال: قدر ما يقرأ الرجل خمسين آيةً))؛ (أخرجه البخاري/ ٥٧٥).

وفي الحديث إشارة إلى حسن عشرة النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه رضي الله تعالى عنهم جميعًا، وتواضعه لهم؛ حيث كان يأكل ويتسحر معهم صلى الله تعالى عليه وسلم.

• ومشروعية السحور محل إجماع بين العلماء، ولا خلاف بينهم فيه، ونقل الإجماع غير واحد من أهل العلم؛ ومنهم ابن المنذر، وابن قدامة، والنووي، وغيرهم.

وقت السحور:
يستحب تأخير السحور إلى آخر الليل وقريب الفجر؛ لحديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه: ((أن نبي الله صلى الله عليه وسلم وزيد بن ثابت تسحرا، فلما فرغا من سحورهما، قام نبي الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة، فصلى، قلنا لأنس: كم كان بين فراغهما من سحورهما ودخولهما في الصلاة؟ قال: قدر ما يقرأ الرجل خمسين آيةً))؛ (أخرجه البخاري/ ٥٧٥).

وكان الفرق بين الصلاة والسحور قدر خمسين آيةً؛ أي: بقدر قراءة خمسين آيةً على قراءتهم المعتادة.

ويستحب التسحر على تمر؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «نعم سحور المؤمن التمر»؛ (رواه ابن حبان بإسناد صحيح).

الحكمة والغاية من السحور:
إن للسحور حكمًا كثيرة، ومقاصدَ جليلة، وغايات عظيمة؛ ومنها:
1- الاقتداء بهدي النبي صلى الله عليه وسلم، وسنته القولية والفعلية.

2- في السحور مخالفة لأهل الكتاب، بكونهم لا يتسحرون؛ والدليل على ذلك حديث عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب، أكلة السحر»؛ (رواه مسلم/ ١٠٩٦).

3- في السحور النماء والخير والبركة بأنواعها المادية والمعنوية، وتحصيل الأجر والثواب عند القيام به.

4- في السحور تقوية للبدن على صيام النهار، لا سيما في الأوقات الحارة من الأيام.

5- السحور سبب في إعانة العبد المؤمن على أداء الطاعات والعبادات لله عز وجل في نهار رمضان.

6- في السحور فوائد صحية عظيمة يعود نفعها على الصائم وهي كثيرة؛ ومنها: تنشيط الجهاز الهضمي، والمحافظة على مستوى السكر في الدم فترة الصيام، والحماية للجسد من الجفاف في نهار رمضان، وغيرها من الفوائد الصحية الكثيرة التي يذكرها أهل الاختصاص.

• ويحصل ويتحقق السحور بقليل الطعام والشراب وكثيره، ولو بجرعة من ماء؛ لحديث عبدالله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال: «تسحروا، ولو بجرعة ماء»؛ [الأرنؤوط/ تخريج المسند (١٧/ ١٥١)، إسناده حسن]، ولحديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «السحور كله بركة؛ فلا تدعوه، ولو أن يجرع أحدكم جرعةً من ماء، فإن الله عز وجل وملائكته يصلون على المتسحرين»؛ (الألباني/ صحيح الترغيب (١٠٧٠)، حسن لغيره)، ومعنى "صلاة الله عز وجل على عباده": أي: الثناء عليهم، و"صلاة الملائكة على العباد": أي: الدعاء والاستغفار لهم.


هذا ما تيسر إيراده، نسأل الله تعالى أن يجعله من العلم النافع والعمل الصالح، وأن يجعله لوجهه الكريم خالصًا، ونسأل الله العلي الأعلى من فضله العظيم.


والحمد لله رب العالمين.
__________________________________________________
الكاتب: د. كامل صبحي صلاح









__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 18-04-2022, 11:47 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,301
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله




شهر رمضان


محمد أكرم الندوي




قالوا: ما معنى شهر رمضان؟ قلت: هو شهر البركات والخيرات والسعادات والحسنيات، أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، ومصدر ما فيه من اليمن صيامه، ومن ثم أمر الله تعالى به: "فمن شهد منكم الشهر فليصمه". قالوا: اشرح لنا كون صيامه منبعا للهبات الربانية الجليلة والعطايا الرحمانية العظيمة.

قلت: ذهب عامة العلماء إلى أن مرد بركات الصيام إلى الجوع وتقليل الطعام، قال الإمام الغزالي في إحياء علوم الدين:" فروح الصوم وسره تضعيف القوى التي هي وسائل الشيطان في العود إلى الشرور، ولن يحصل ذلك إلا بالتقليل وهو أن يأكل أكلته التي كان يأكلها كل ليلة لو لم يصم، فأما إذا جمع ما كان يأكل ضحوة إلى ما كان يأكل ليلاً فلا ينتفع بصومه، بل من الآداب أن لا يكثر النوم بالنهار حتى يحس بالجوع والعطش ويستشعر ضعف القوي فيصفو عند ذلك قلبه ويستديم في كل ليلة قدراً من الضعف حتى يخف عليه تهجده وأوراده، فعسى الشيطان أن لا يحوم على قلبه فينظر إلى ملكوت السماء. وليلة القدر عبارة عن الليلة التي ينكشف فيها شيء من الملكوت وهو المراد بقوله تعالى "إنا أنزلناه في ليلة القدر" ومن جعل في قلبه وبين صدره مخلاة من الطعام فهو عنه محجوب. ومن أخلى معدته فلا يكفيه ذلك لرفع الحجاب ما لم يخل همته عن غير الله عز وجل.

ويؤكده ما ذكره ولي الله الدهلوي في حجة الله البالغة حيث يقول: اعلم أنه ربما يتفطن الإنسان من قبل إلهام الحق إياه أن سورة الطبيعة البهيمية تصده عما هو كماله من انقيادها للملكية، فيبغضها، ويطلب كسر سورتها، فلا يجد ما يغيثه في ذلك، كالجوع والعطش، وترك الجماع والأخذ على لسانه وقلبه وجوارحه، ويتمسك بذلك علاجا لمرضه النفساني.

ويشبه ما ذكراه كلام ابن القيم في زاد المعاد.

قالوا: فهل توافقهم فيما ذهبوا إليه؟

قلت: لا، قالوا: ففسر لنا ردك لقولهم، قلت: حاصل كلامهم أن الصوم عبارة عن الجوع وتقليل الطعام، ومن ثم نرى الإمام الغزالي يحث في شهر رمضان على المبالغة في تقليل الطعام والجوع ليعظم الانتفاع بالصوم وتتضاعف بركته.

قالوا: فما الذي أنكرت من ذلك؟

قلت: إن تقليل الطعام سنة من سنن الأنبياء والمرسلين وسائر الصالحين والأذكياء، وهم من أشد الناس كراهية للشبع، أخرج أبو عيسى بإسناد حسن عن المقداد بن معديكرب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لابد فاعلاً فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه. وأخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً كان يأكل كثيراً فأسلم فكان يأكل أكلاً قليلاً، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إن المؤمن يأكل في مِعيٍ واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء.

فقلة الأكل من المستحسنات في عامة الأحوال، ولو لم يحقق الصيام إلا ما يستفاد من الجوع لما كان لشهر رمضان مزية، ولو كان صوم رمضان لا يقصد به إلا قلة الأكل لما قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر، أخرجه الشيخان عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه، وقال ابن عبدالبر: أحاديث تعجيل الإفطار وتأخير السحور، صحاح متواترة، وعند عبدالرزاق وغيره بإسناد صحيح عن عمرو بن ميمون الأودي قال: كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أسرع الناس إفطارًا وأبطاهم سحورًا.

ثم إن شهر رمضان شهر يزاد فيه رزق المؤمن، فلو زيد الرزق في رمضان لكان الغرض الانتفاع به في ذلك الشهر والتقوي به، ومن ثم ترى المسلمين حتى فقراءهم في جميع بقاع الأرض يستكثرون من المطاعم والمشارب في شهر رمضان، فإنهم يأكلون أكثر وأفضل مما يأكلون في غير رمضان.

قالوا: فما ترى؟

قلت: كنت أميل أن سببه هو ترويض النفس وهو أقرب مما ذهب إليه الذين أنكرت كلامهم، ثم رأيت أن سبب ذلك هو حمل المسلمين على التمييز بين العبادة والعادة وعيا وإرادة.

قالوا: فما ترى الآن؟

قلت: اعلموا أن الله أحد، ومعنى ذلك أنه كامل بنفسه لايحتاج إلى غيره، له الأسماء الحسنى والنعوت العليا منذ الأزل، ما زال بصفاته قديما قبل خلقه، لم يزدد بكونهم شيئا لم يكن قبلهم من صفته، وإنما خلق الخلق رحمة منه، وخلق الإنسان وجعل له إرادة، ومكَّنه من أن يخضع إرادته لمرضاته أو لمرضاة ربه، ومرضاة الإنسان قد تنشأ من فطرته وعقله وذلك مما ينفعه، وقد تنشأ من هواه وذلك مما قد يضره، فإذا خضع الإنسان لإرادته جر إلى نفسه نفعا وضررا، وإذا خضع لأوامر ربه ابتغاء مرضاته لم يعقب ذلك إلا ما ينفعه، فإطاعة الله خير محض لا شر فيه، ونفع صرف لا ضرر فيه، لأن أوامره لا تعود بنفع إليه تعالى، وإنما تنفع العباد وتدر عليهم بالخيرات.

وقلت: إن إخضاع الإنسان نفسه لمرضاة الله (وهو الإسلام) ليس سهلا لما تنازعه الأهواء والشهوات وتشاده مشادة، فلا بد أن يلازم الإطاعة ويتشبث بها، وذلك بتنمية استشعار خوف الله فيه ومراقبته وإتيان أوامره واجتناب نواهيه، وهو المعبر عنه بالتقوى، فالتقوى طريق الإسلام الكامل لله رب العالمين، وفرض الله الصوم على عباده رحمة بهم لعلهم يتقون، فيأكل ويشرب ويأتي شهوته إذا أذن له الله ذلك، ويمتنع منه إذا نهاه الله عنه.


قالوا: هل بين ما ذهبت إليه وما ذهب إليه غيرك من المعاني من تعارض؟

قلت: لا، ولكن هذه المعاني يختلف بعضها عن بعض اختلافا، قالوا: فما يمنعك أن تجعل المعنى الذي فسرته هو الأصل، وأن تجعل المعاني الأخرى تابعة له؟ قلت: لا مانع، ولكن أكره مثل هذا التخليط، لأني من أحرص الناس على أن يقدم المعنى القرآني صافيا غير ممزوج.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 19-04-2022, 08:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,301
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

ليلك في رمضان



قال الحافظ ابن رجب: (واعلم أن المؤمنَ يجتمع له في شهر رمضان جهادانِ لنفسه: جهاد بالنِّهار على الصيام، وجهاد بالليل على القيام، فمن جمَع بين هذين الجهادين وُفِّي أجرَه بغير حساب).

ليلك.. ذاك البهيم الذي اعتاد جسدك أن يبحرَ في أعماق حلكتِه، ويتجرد من عقل قد كان طول اليوم سابحًا سبحًا طويلاً بين ركام الطمع والحرمان، يركض ركض الخائفين خلف قصاصات الأحلام، ويقف طويلاً على أطلال خلَّفتها الخيبات..، ها قد جاءك شهر الأنوار يُسَرِّجه، يملأ جنباته مسكًا فواحًا يعطره القرآن، ولؤلؤًا نداحًا تُثوِّره الأجفان..

دخن كثيف ذاك الذي يحجب قلبك عن زخات النور.. وطين لازب ذاك الذي يثقل جسدك المتهاوي على حافَات المتعة والانهماك وبراثن الوجع العميق.. آسِن قد صار من طول المكث في مستنقعات الحياة..

فانفُضْ عن عينيك الوسن، وقُمْ عانق الصفاء والنقاء، وامتزج مع السكون كي يغرد قلبك الحزين دعوة صادقة موشاة بدمع بريء.. دعوة يسجد فيها قلبُك سجود الشاكرين الطامعين في خزائن رحمة وجُودِ ربِّ رحيم كريم جَوَاد.. يغتسل فيها القلب قبل العين من أدران سوء الظن، ومن شُحِّ المجبولة على التقتير.. وتسرح الرُّوح الظَّمأى في ملكوت مجيب الدعوات، جاعل تواتر الفرج والشدة سنَّة كونية تقلبها بين الصبر والشكر، وتشحذها بالرجاء واليقين وحسن الظن بالله وبما عند الله..

ومضة:
إن عافت نفسك الدنيا وتلظَّت بجحيم الحياة، فاعرج بها إلى أبواب القائل سبحانه: ((من يدعوني فأستجيبَ له، من يسألني فأُعطيَه، من يستغفرني فأغفرَ له))، واسرِ بها بقِطع من الليل تعانق النقاء، ولا تلتفت إلا وأنت على الحوض تغرف غرفة لا تظمأ بعدها أبدًا.. أو على باب الريَّان بفضل كريم منان..

__________________________________________________ ____
الكاتب: وصال تقة











__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 19-04-2022, 08:21 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,301
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

مساجدنا حياة في رمضان



الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد:
فإنه يُسعدُني أن أتقدَّم بهذا التصوُّر لمساجدِنا في شهر رمضان، سمَّيْتُه: (مساجدنا حياة)؛ لأن المسجدَ العامرَ بالعلمِ والإيمان به حياة القلوب، وتُنار به الأفئدة، وتُرْوَى به الأعضاء والجوارح.

ويأتي هذا التصوُّر لإحياء المساجد في رمضان، والأمة الإسلامية بها من المشاكلِ الكثيرُ، فالهدفُ أن يصبح المسجدُ - وخصوصًا في شهر رمضان؛ لقُرْب الناس من المساجد، واستعداد الناس للموعظة - وسيلةً ناجعة لأمراض الأمَّة، وما تعاني منه من مشاكل وأمراض.

وقد ركَّزْتُ في هذا التصوُّر على الجانب العلمي والثقافيِّ، المَنُوط بالمسجد، وسلَّطْتُ الضوءَ على أهمِّ المشاكل التي تُعاني منها مجتمعاتُنا الإسلاميَّة، وقد صُغْتُ ذلك بطريقةٍ تربويَّة: صياغة الأهدافِ، وذكر الوسائلِ، والإشارة إلى المصادرِ.

الهدف الأول: أن يصومَ المسلمون صيامًا صحيحًا، تتحقَّق فيه مقاصدُ الصيام الحقيقيَّة، بعيدًا عن التشدُّد والتكلُّف، ومُراعًى فيه المستجدَّات والنوازل التي ألمَّت بالمسلم في عصور الحَداثةِ والانفتاح.
الوسيلةُ: هنا يأتي دورُ (فقه الصيام)، هذا الفقه الذي بذل فيه الفقهاءُ مجهودًا ضخمًا.

ويتلخَّصُ دور الخطيب في الحديث عن فقه الصيام في الآتي:
♦ أن يعتمدَ على المصادر الموثوقة والأصليَّة، وأن يبتعد في بيانِ الحكم الشرعيِّ عن المصادر الجاهزة (وأغلبُها موجود على الإنترنت).
♦ أن يَذكرَ الحكمَ مرتبطًا بدليله، مبيِّنًا المقاصدَ الشرعية في كلِّ دليل.
♦ ألَّا يَغفلَ عن المستجدَّات المعاصرة، والنوازل التي ألمَّت بالمسلم في العصر الحديث.
♦ أن يركِّز على مقاصد الصيام، وأن يبتعدَ عن الآراء التي تعجز عن مخاطبةِ المسلم المعاصر.
♦ أن يعمِّق في الجمهور الاختيارَ على أساس الدليل، وأن يفتيَ بالأيسر إذا كان موافقًا للدليل، وأن يُوضِّح مسائلَ الخلاف.

المصدر:
♦ فقه الصيام: يوسف القرضاوي - محمد إبراهيم الحفناوي.

الهدف الثاني: تحديدُ المشكلات التي تعاني منها المجتمعاتُ الإسلامية، وصياغتها صياغةً دقيقة: محدَّدة الأهداف، واضحةَ المعالم.
وتبدو أهمُّ المشكلات التي تعاني منها مجتمعاتُنا في الآتي:
♦ مشكلات الانحلالِ الخُلُقي، وتفشِّي الرذائل.
♦ مشكلات هَدْر الأوقات، وضياع العمر.
♦ مشكلات الأسرة (الزوجية - تربية الأولاد).
♦ مشكلات تتعلَّق بعدم مراعاة الأولويَّات، والإسراف والتبذير في قضاء الحاجات.
♦ مشكلات تتعلَّق بالتبعيَّة والتقليد الأعمى للعادات والأعراف.
♦ مشكلاتٌ تتعلَّق بالعَلاقات المجتمعيَّة، وكيفية تحقيق السِّلْم المجتمعيِّ.

الوسيلة: هنا تأتي مجموعةٌ من الأخلاق التي حثَّنا عليها الإسلام، وأهمُّها:
♦ القَصْد والعفاف.
♦ الحياءُ.
♦ اختيارُ الأصدقاء.
♦ الرحمة.
♦ العلم والعقل.
♦ الإخاءُ.
♦ الانتفاعُ بالوقت، والاتِّعاظ بالزمن.

المصدر:
♦ خلقُ المسلم: محمد الغزالي.
♦ تربية الأولاد في الإسلام: عبدالله ناصح علوان.

الهدف الثالث: الارتقاء الإيماني.
فرمضانُ هو شهر الارتقاءِ الإيماني، والقُرْب من الله تعالى.
الوسيلة: الحديث عن هذه القيم:
♦ أهميَّة القرآن الكريم.
♦ أهميَّة التقوى.
♦ الشكر.
♦ محبَّة الله.
♦ وصفُ الجنة والنار.

المصدر:
♦ مختصر منهاج القاصدين: ابن قدامة المقدسي.
♦ رياض الصالحين: الإمام النووي.
هذه هي بعضُ القيم والسلوكيَّات والأخلاق القادرة على تحقيق: الفرد المسلمِ الصادق، والأسرة القويَّة، والمجتمع المُتماسِك.

ولا أنسى في نهاية هذا التصوُّر إلا أن أذكرَ بعضَ الوصايا المهمَّة:
♦ أولى وسائل حلِّ المشكلة الإحساسُ بها، ولا يستطيعُ الإمام أن يغيِّر إلا أن يستحضرَ خطورةَ المشاكلِ التي يعاني منها المجتمعُ المسلم.
♦ لا يَملِكُ الخطيب إلا البلاغَ، وبمقدار جُهدِنا وتحضيرنا نستطيعُ أن نُحدِثَ التغيير المنشودَ.
♦ القُدْوة من أهمِّ عوامل النجاح، ففعلُ رجلٍ في ألف رجلٍ، خيرٌ من قول ألف رجلٍ في رجلٍ.
♦ الأملُ في التغيير، فبدونِ الأمل تصبح كلماتُنا ميِّتةً لا روح لها.
♦ الدعاءُ سلاحُنا، والتوكُّلُ على الله ميدانُنا.


اللهَ أدعو أن يتقبَّل هذا العمل، وأن يجعلَه في ميزان حسناتِنا، إنه وليُّ ذلك والقادر عليه.
___________________________________________
الكاتب: حسام العيسوي إبراهيم










__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 20-04-2022, 01:15 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,301
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله



العشر الأواخر فرصة للانطلاق









كتبه/ ياسر برهامي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فأعظم نعمة ينعم الله -عَزَّ وَجَلَّ- بها على عبدٍ مِن عباده أن يهديه للإسلام، وأن يوفقه للعمل بطاعته -سبحانه وتعالى- واتباع رسوله -صلى الله عليه وسلم-.

أعظم نعمة أنعم الله بها على أمة الإسلام، الرحمة المهداة والنور والبرهان، الرحمة التي بُعِثَ بها النبي -صلى الله عليه وسلم- وبُعِثَ من أجلها، والنور والبرهان: الكتاب المبين؛ جعله الله -سبحانه وتعالى- حياةً للقلوب، وسببًا لسعادتها في الدنيا والآخرة، سببًا لنيل كل خير في هذه الدار وفي الدار الآخرة.

كذلك جعل الله -سبحانه وتعالى- القرآن الكريم نورًا للقلوب المؤمنة، وربيعًا لها، وذهابًا لهَمِّها وغَمِّها.

وحاجة الناس إلى القرب مِن الله -سبحانه وتعالى- أعظم مِن حاجتهم للطعام والشراب، بل والنَّفَس؛ حاجتهم وافتقارهم إلى أن يتأَلَّهُوا -إلى أن يتعبدوا- لله -عَزَّ وَجَلَّ-، أن يُؤَدُّوا حق الألوهية، أن يعرفوا حق ربهم -سبحانه وتعالى- ويؤدوه؛ حاجتهم إلى ذلك أعظم مِن كل حاجة؛ إذ لا حياة بغير العبودية، بأن تتوجه قلوبهم إلى الله -سبحانه وتعالى-.

لذا كان شهر رمضان، شهر الحياة، شهر القرآن: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (البقرة:185).

وإنما يَعرِفُ نعمة الله -سبحانه وتعالى- فَيَشكُرَها مَن ذاق معنى القرب مِن الله -عَزَّ وَجَلَّ-؛ بتلاوة القرآن وسماعه، والاهتداء بنوره، ومعرفة الفرقان الذي في القرآن العظيم، حتى يفرِّق بيْن الحق والباطل، وبيْن الهدى والضلال، وبيْن السُّنة والبدعة، وبيْن الإيمان والكفر؛ حين يحصل للعبد هذا الفرقان وتحصل له أنواع الهداية والبَيِّنات؛ عند ذلك يعرف قدر النعمة فيشكر الله -عَزَّ وَجَلَّ- حين يقول: "الله أكبر، ولله الحمد"، عندما يتم الله -عَزَّ وَجَلَّ- نِعمتَه بإكمال العِدَّة فإنه يقولها صادقًا مِن قلبه: "الله أكبر، ولله الحمد"؛ له الحمد -سبحانه وتعالى- على ما شَرَع لنا، وله الحمد -سبحانه وتعالى- على ما مَنَّ به علينا مِن إرسال رسوله -صلى الله عليه وسلم- وإنزال الكتاب عليه، (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا) (الكهف:1).

رمضان شهر الانطلاق والتحرر مِن أسر الشهوات والعادات؛ إن الإنسان فيه طاقات كامنة، فيه رغبات وإرادات يدفنها أكثر الناس، ويغيرون مسالكها؛ فلا يعرفون عن هذه الإرادات وهذه الطاقات في الانطلاق والارتفاع، لا يعرفون عن ذلك شيئًا! إنما يعيشون كما وصف الله -عز وجل-: (لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) (الأعراف:179).

شهر رمضان شهر تحرر مِن أسر العبودية لغير الله.

العبودية لله -عز وجل- هي سبب راحة الإنسان، خلق عليها، فطر عليها، خلق مِن أجلها: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات:56)، قال -عز وجل-: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) (الروم:30).

إن الحواجز والعقبات التي تعترض طريق القلب في ارتفاعه وقربه مِن الله -عز وجل- عقبات كثيرة، أعظمها: الكفر والشرك والنفاق، ويليها بعد ذلك: البدع والضلالات التي هي فساد الاعتقاد، والتي في حقيقة الأمر هي منبعها الكفر والشرك والنفاق، وإن كثيرًا مِن الناس يضل بها، وهو يحسب أنه يُحسن صنعًا، ثم بعد ذلك الكبائر الباطنة: مِن الكِبْر والعلو، وإرادة الفساد، ثم بعد ذلك الكبائر الظاهرة: كالزنا، والسرقة، وشرب الخمر، وقتل النفس، ثم بعد ذلك الصغائر والذنوب: كلها حُجُب، كلها تمنع القلب مِن الانطلاق، ثم بعد ذلك فعل المكروهات، ثم بعد ذلك ترك ما هو أولى ومستحب، كل ذلك يحجب بدرجات متفاوتة، وإن كان مَن ترك المحرمات وفعل الواجبات نجا عند الله -سبحانه وتعالى-، لكن يفوته الربح!

والربح في التجارة مع الله -عز وجل- ربح عظيم: ألم تسمع قول الله -سبحانه وتعالى-: (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا) (الأنعام:160)؟!

ألم تسمع قول الله -عز وجل-: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (البقرة:261)؟!

ألم تسمع قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ، فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً) (متفق عليه)؟!

ما أعظم مَن يتاجر مع الله -عز وجل-! (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ) (فاطر:29).

ألا يكفيك ما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني).

عباد الله... الأعمال بالخواتيم؛ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ -يَعْنِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ- فَإِنْ ضَعُفَ أَحَدُكُمْ أَوْ عَجَزَ، فَلَا يُغْلَبَنَّ عَلَى السَّبْعِ الْبَوَاقِي) (رواه مسلم).

ليلة القدر خير مِن ألف شهر، مَن حُرم خيرها فقد حُرم.

كل ليلة مِن ليالي العشر ليلة فاضلة، والعبادة فيها عبادة فاضلة مضاعفة -إن شاء الله-، ومَن قام رمضان قام ليلة القدر، ومَن قام العشر الأواخر قام ليلة القدر، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أُرِيَها في العشر الأواخر، وتواطأت رؤيا أصحابه على أنها في العشر الأواخر، واعتكف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- العشر الأواخر مواظِبًا على ذلك؛ التماسًا لهذه الليلة المباركة التي (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) (الدخان:4)، كما قال الله -سبحانه وتعالى-.

الله -سبحانه وتعالى- جعل الفضل لهذه الأمة بالمضاعفة في الحسنات لما علم مِن قلوبهم مِن حبهم لله -عَزَّ وَجَلَّ- وطاعتهم له، ورجائهم للقائه أكثر ممن كان قبلهم؛ فضاعف لهم في هذه المواسم، والأيام والليالي المباركة، حتى يسبقوا غيرهم فإنهم خير أُمَّةٍ أُخْرِجَت للناس، ودينهم خير دين، وكتابهم خير كتاب، ورسولهم خير الرسل، خير خَلْقِ الله -عَزَّ وَجَلَّ- على الإطلاق؛ أَيّ شرفٍ لهذه الأُمَّة، شرفها الله -عَزَّ وَجَلَّ- بهذه الخيرات، فسبحان الله! كيف يُعْرِض الأكثر عن هذا الخير؟!

اجتهدوا -عِبَادَ اللهِ- في الأيام والليالي القادمة، واعتبروا أن كل ليلة منها يمكن أن تكون ليلة القدر؛ فاعملوا على ذلك، ولعل الخير في إخفاء ليلة القدر، في أن يجتهد المسلمون في الليالي كلها، ولا يقوموا ليلة واحدة ويتركوا باقي الليالي، فإننا لاشك في حاجةٍ إلى العبادة، في حاجةٍ إلى تَنَفُّسِ قلوبِنا، في حاجةٍ إلى راحتها وسعادتها بالقرآن العظيم، في حاجةٍ إلى فضل الله ورحمته.

الله -سبحانه وتعالى- جعل في الصيام فرحة، وجعل في القيام فرحة، وجعل في الاعتكاف فرحة، جعل في كُلِّ طاعةٍ فرحة؛ لأنها مِن فضل الله ورحمته، (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) (يونس:58).

بقيتْ ليالي معدودة، سرعان ما تَمُرّ، كما مَرَّ معظم هذا الشهر الكريم، والعمر يَمُرُّ، والإنسان إن لم ينتبه لمرور الليالي والأيام والشهور والأعوام انقضى عمرُه مغبونًا فيه، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالفَرَاغُ) (رواه البخاري)، وقال: (اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هِرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ) (رواه الحاكم، وصححه الألباني)، هكذا أَمَرَ النبي -صلى الله عليه وسلم-.

اغتنموا ما بقي مِن هذه الأوقات الفاضلة، وأروا الله -سبحانه وتعالى- خيرَ ما عندكم، وهو -عَزَّ وَجَلَّ- يجزي مَن آمن بأحسن ما عمل، ويُكَفِّر عنه أسوأ الذي كانوا يعملون، وسبحانه وتعالى عَفُوٌ كَريمٌ يحب العَفْو، ومِن حُبِّهِ للعَفْوِ شرع لعباده أسباب العفو، وفتح لهم أبواب التوبة، خَلَقَ بابًا للتوبة قِبَل المغرب يسير الراكب فيه مسيرة أربعين أو سبعين عامًا، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-، لا يزال مفتوحًا للتوبة حتى تطلع الشمس منه، جعل أنبيائَه وخَاصَّةَ رُسُلِه تَوَّابين وأَوَّابين ومُنيبين.

ولأنه -سبحانه وتعالى- يحب التوبة قَدَّرَ الذنوب على عبادِه المؤمنين، ليتوبوا إليه، ليغفر لهم -عَزَّ وَجَلَّ-، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ) (رواه مسلم).

هو -سبحانه وتعالى- يغفر الذنوب: (وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ) (آل عمران:135)؛ فجَدِّدوا التوبة على الدوام، واستعينوا بالله -سبحانه وتعالى- على طاعته، فإياه نعبد وإياه نستعين، (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) (الفاتحة:5).

لا توفيق لنا إلا بالله، (وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) (هود:88)، فأنتَ لا تكون إلا بالله، ولا ملجأ لك إلا إلى الله، قلبك لستَ تملكه، إنما هو بيد الله -عَزَّ وَجَلَّ-، بيْن إصبعين مِن أصابعه، يُقَلِّبُ قلوبَ العِبَاد كيف شاء، فأيّما قلب يريد أن يقيمه أقامه، وأيّما قلب يريد أن يزيغه أزاغه، يا مُقَلِّب القلوبِ ثَبِّت قلوبَنا على دينك.


نسأل الله -عَزَّ وَجَلَّ- أن يتم علينا نعمته، وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 21-04-2022, 12:34 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,301
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

العشر الأواخر من رمضان والهدي النبوي فيها..


محمد سيد حسين عبد الواحد



أما بعد فيقول رب العالمين سبحانه { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}
«وفى الصحيحين من حديث عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أن عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّى مِنَ اللَّيْلِ قَامَ حَتَّى تتفطر رِجْلاَهُ قَالَتْ عَائِشَةُ فقلت يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَصْنَعُ هَذَا وَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ؟! فَقَالَ صلى الله عليه وسلم « يَا عَائِشَةُ أَفَلاَ أحب أن أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا ».

أيها الإخوة المؤمنون أحباب رسول الله صلى الله عليه وسلم مع دخول العشر الأواخر من رمضان من كل عام كان قدوتنا وأسوتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد فى العبادة اجتهاداً كبيراً وينشط فى الطاعة نشاطاً عظيما وعند مسلم « كان النبى يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها»
فكان صلى الله عليه وسلم يخص هذه الليالى بأكثر من عبادة وقد ورد فى مسند الإمام أحمد أن رسول الله فى العشرين ليلة الأولى من رمضان كان يخلط بين الصلاة وبين النوم والمعنى أنه كان يقوم من الليل ويرقد وأنه صلى الله عليه وسلم يبقى على هذا الحال حتى تدخل عليه العشر الأواخر من رمضان فإذا دخلت عليه رأيت من رسول الله إقبالاً شديداً على العبادة بكل جوارحه ومشاعره وأركانه
تصف عائشة رضى الله عنها ما يكون عليه حال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
فى العشر الأواخر من رمضان فتقول كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل ثم اعتكف أزواجه من بعده
كان يعتكف كل عام عشرة أيام فلما كانت آخر أعوامه صلى الله عليه وسلم ولما كان آخر رمضان اعتكف رسول الله عشرين يوماً
ومعنى الاعتكاف أيها المؤمنون تفريغ القلب مما سوى الله وحبس النفس على طاعة الله فى بيت من بيوت الله معنى الاعتكاف الانقطاع فى بيت من بيوت الله لذكر الله وللصلاة ولتلاوة القرآن وللدعاء وللاستغفار وللصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
ثم تواصل أم المؤمنين حديثها عن حال رسول الله فى العشر الأواخر فتقول: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله"
أما شد المئزر أيها المؤمنون فقيل إنه كناية عن عزيمة أكيدة وكناية عن قوة الإقدام على طاعة الله فى هذه الليالى المباركة
وقيل إن شد المئزر معناه أن يتفرغ المسلم للعبادة ولا ينشغل عنها بشئ وفى القرآن قول ربنا سبحانه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}

وقد ورد فى هذا المعنى أن الرسول عليه الصلاة والسلام فى العشر الأواخر من رمضان كان يؤخر الفطور إلى وقت السحور فكان يواصل الصيام إلى وقت السحر وأحياناً كان النبى يواصل الصيام أياماً متتالية بلا فطور ولا سحور اشتغالاً بذكر الله تعالى فلما أراد الناس أن يواصلوا الصيام أياماً بلا طعام ولا شراب تأسياً برسول الله أشفق عليهم رسول الله ونهاهم عن وصال الصوم أياماً وأذن للمستطيع من المسلمين وأراد الوصال أن يواصل إلى السحور فقط وقال :
«لا تواصلوا فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر فقال رجل من القوم أنت تواصل الصوم أياماً يا رسول الله فلماذا تمنعنا فقال الرسول عليه الصلاة والسلام : وأيكم مثلي! إني أبيت فيطعمني ربي ويسقيني» ..

وقيل إن شد المئزر معناه هجر الفراش واعتزال النساء ويقول بهذا المعنى عدد كبير من العلماء ..

وليس معنى أن شد المئزر هو اعتزال النساء أن نحسب أن اقتراب الرجال من أزواجهم فى العشر الأواخر من رمضان حرام .. اقتراب الرجال من أزواجهم فى أى وقت حلال حلال إلا فى أوقات مخصوصة منها أن تكون المرأة حائضاً أو نفساء..

وفى سورة البقرة يقول الله تعالى {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}
ومن الأوقات التى يحرم فيها اقتراب الرجال من أزواجهم أن تكون صائماً فالصيام كما تعلمون هو إمساك عن شهوتى البطن والفرج بنية مخصوصة من طلوع الفجر وإلى غروب الشمس
ومن الأوقات التى يحرم فيها اقتراب الرجال من أزواجهم أن تكون محرماً بحج أو بعمرة وفى الآية يقول الله تعالى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ }

ومن الأوقات التى يحرم فيها اقتراب الرجال من أزواجهم أن تكون أخى معتكفاً فى بيت من بيوت الله تعالى ففى هذه الحال لا يحل للمرء أن يقرب زوجه كما فى قول الله تعالى
{ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}

هذه هى الغاية من شد المئزر تفرغ وانقطاع وحبس للنفس على الطاعة رجاء أن يتقبلها الحكيم العليم سبحانه وتعالى بالقبول الحسن
وأما إحياء رسول الله صلى الله عليه وسلم لليالى العشر الأواخر من رمضان بقيام الليل فليس معناه أن رسول الله كان يصلى الليل فى رمضان فقط بل كان الرسول يقوم من الليل فيصلى كل ليلة فى رمضان وفى غير رمضان فريضة وخصوصية خصه الله تعالى بها من بين أمته وأمرُُ أمره الله به وحده فى قوله تعالى {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا }

فكان قيام الليل كل ليلة من هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ثبت فيما صح عنه أنه صَلَّى مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى تورمت رِجْلاَهُ فقيل له هون على نفسك فَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ فيقول صلى الله عليه وسلم « أَفَلاَ أحب أن أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا »

لكن قيام رسول الله الليل فى العشر الأواخر من رمضان كان يتخذ شكلاًَََ آخر شكلاً مغايراً لقيام السنة كلها.

وهو قيام الليل كله بهمة وقوة ونشاط غير مسبوق فكان رسول الله يأكل لقيمات يقمن صلبه ثم يقوم فيصلى ثم يحتسى رسول الله حسيات من الماء يروى بها ظمأه ثم يقوم فيصلى ثم يسبح رسول الله بحمد الله ويرطب لسانه بذكر الله ثم يقوم فيصلى ولا ينام رسول الله من الليل فى العشر الأواخر من رمضان إلا قليلاً وفيه صلى الله عليه وسلم وفيمن سار على هديه من المؤمنين والمؤمنات أنزل الله قوله : { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}

أما إيقاظ الأهل للعبادة والصلاة فى العشر الأواخر من رمضان فهو صورة من صور أداء الأمانة التى علقها الله فى رقابنا تجاه أزواجنا وأبنائنا وبناتنا وهو عمل بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى هذه الليالى..

فقد ورد أن رسول الله فى العشر الأواخر من رمضان كان يبعث الخدم إلى بيوتات أزواجه ويقول « أيقظوا صواحب الحجر حَتَّى يُصَلِّينَ ، رُبَّ كَاسِيَةٍ فِى الدُّنْيَا ، عَارِيَةٍ فِى الآخِرَةِ »

ولم يكن رسول الله يكتفى بهذا بل كان صلى الله عليه وسلم يقرأ قول الله تعالى {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى } ثم يبعث رسول الله بعض خدمه إلى بيت فاطمة ابنته من يطرق الباب عليها وعلى زوجها عليَّاً ويقول : يقول لكما رسول الله ألا تقومان فتصليان ؟!
بل ورد ما هو أكبر من ذلك أيها المؤمنون لم يكن رسول الله فى العشر الأواخر من رمضان يدع أحدا من أحفاده وحفيداته يطيق القيام والصلاة فى الليل إلا أقامه يصلى ويشهد الخير مع المسلمين
هذا أيها المؤمنون هو هدى النبى صلى الله عليه وسلم فى كل ليلة من ليالى العشر الأواخر من رمضان يشد مئزره ويحيى ليله ويوقظ أهله , فهل لنا أن نتأسى برسول الله ؟ هل لنا أن نسير على خطى رسول الله ؟ هل لنا أن نحرص على الصالحات ونأمل فى الرحمات ونرجو رفع المنازل والدرجات كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم

«قَالَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ « يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ قَبْلَ أَنْ تَمُوتُوا وَبَادِرُوا بِالأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ قَبْلَ أَنْ تُشْغَلُوا وَصِلُوا الَّذِى بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمْ بِكَثْرَةِ ذِكْرِكُمْ لَهُ وَكَثْرَةِ الصَّدَقَةِ فِى السِّرِّ وَالْعَلاَنِيَةِ تُرْزَقُوا وَتُنْصَرُوا وَتُجْبَرُوا. »

الخطبة الثانية
أما بعد فيقول ربنا سبحانه { حم وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}
بقى لنا فى ختام الحديث أيها المؤمنون أن نقول هكذا تبينت لنا سنة رسول الله فى العشر الأواخر من رمضان قيام وركوع وسجود تسبيح وتكبير وتحميد للواحد المعبود تعب ونصب وسهر وإقبال معدوم النظير على العبادة بكل صورها وألوانها , والسؤال لماذا كل هذا ؟ لماذا كل هذا السهر والتعب والنصب ؟
أقول : كان رسول الله يجتهد كل هذا الاجتهاد طمعاً وأملاً فى الله تعالى أن يبلغه وآله وصحبه وكل من سار على هديه من المؤمنين والمؤمنات ليلة القدر { وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ } العبادة فيها بأى صورة كانت صلاة أو ذكراً أو تلاوة أو فكراً هى فى ثوابها فى ليلة القدر خير من نفس العبادة فى ألف شهر ليس فيها ليلة قدر من حرم الخير فى هذه الليلة فقد حرم كما قال النبى صلى الله عليه وسلم
ليلة القدر أيها المؤمنون ليلة من ليالى العشر الأواخر من رمضان التى اختص الله بها أمة محمد صلى الله عليه وسلم من بين سائر الناس وقد ورد فيها قول رسول الله تحرّوا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان ليلة وإحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين أو سبع وعشرين أو تسع وعشرين
ليلة القدر هى ليلة المغفرة نسأل الله تعالى أن يبلغنا إياها قَالَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» »

ليلة القدر هى ليلة العفو ليلة التجاوز ليلة العتق من النار نسأل الله أن يجيرنا من النار ومن عذاب النار ومن كل عمل يقربنا إلى النار قالت عائشة يا رسول الله أرأيت إن أدركت ليلة القدر ماذا أقول فيها؟ قال «قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني» .











__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 21-04-2022, 09:15 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,301
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله




فوائد الصوم


عبد الله مسعود





بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ وبعد: هذه حلقات من الجامعة الرمضانية في شهر الصيام، نبدؤها:

تمهيد:

فوائد الصوم

في الصيام طهرٌ لقلوبنا و صفاءٌ لأرواحنا ونقاءٌ لضمائرنا وقرب من خالقنا وبارئنا فالصوم جامعةٌ روحيةٌ كبرى فيها يتخلَّص العبد من كل ما علق به من أمراض و علل و أسقام فيها يتخلَّق العبد بالأخلاق الكريمة و العواطف النبيلة شعاره الحلم و العفو والصفح و كتم الغيظ ،و الانفاق و البذل و العطاء وهو كمال الايمان وتمام الاسلام .

ـ الصوم طاعةُ لله تعالى يُثاب الإنسان عليها ثواباً لا حدود له.

ـ يستحق الصائم دخول الجنة من باب الريان.

ـ الصيام كفارةٌ للذنوب من عام لآخر.

ـ الصيام يحقِّقُ التَّقوى التي هيَ امتثال الأوامر الإلهية واجتناب النواهي، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183] .

ـ الصيام مدرسة خُلُقيّة كبرى، يتدرّب المؤمن فيها على جهاد النفس ومقاومة الأهواء والأهوال والشدائد.

ـ الصوم يُعَوِّدُ على خلق الصبر.

ـ الصوم يُعَلِّم الأمانة ومراقبة الله في السر والعلن.

ـ الصوم يُقوِّي الإرادة ويشحذ العزيمة، ويساعد على صفاء الذهن واتقاد الفكر، قال لقمان لابنه: يا بنيّ إذا امتلأت المعدة نامت الفكرة، وخرست الحكمة، وقعدت الأعضاء عن العبادة.

ـ الصوم يُعَلِّم النظام والانضباط.

ـ الصوم يُشعر بوحدة المسلمين الحسية بامتناعهم جميعاً عن المفطرات.

ـ الصوم يُنمّي في الإنسان عاطفة الرحمة والأخوّة والتضامن والتعاون.

ـ الصوم يجدّد حياة الإنسان بتجدد الخلايا وطرح ما شاخ منها. وإراحة المعدة وجهاز الهضم، وحِمْية الجسد بالتخلُّص من الفضلات والعفونات. قال صلى الله عليه وآله وسلم: «صوموا تصحُّوا».(1)

ـ الصوم جهادٌ للنفس وكسرٌ لحدِّ الشهوات والأهواء.

- عن عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه، فَقَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم ، فَقَالَ: «مَنِ اسْتَطَاعَ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ».

[(الباءة) هي في اللغة الجماع ،وقيل المراد بالباءة هنا مُؤن الزواج.

(أغضُّ للبصر) أدعى إلى غض البصر.

(أحصنُ للفرج) أدعى إلى إحصان الفرج أي حفظه من الزنا.

(وجاء) قاطع للشهوة]

الصَّوْمَ مِنْ أَعْظَمِ أَرْكَانِ الدِّينِ وَأَوْثَقِ قَوَانِينِ الشَّرْعِ الْمَتِينِ بِهِ قَهْرُ النَّفْسِ الْأَمَّارَةِ بِالسُّوءِ وَأَنَّهُ مُرَكَّبٌ مِنْ أَعْمَالِ الْقَلْبِ، وَمِنْ الْمَنْعِ عَنْ الْمَآكِلِ وَالْمَشَارِبِ وَالْمَنَاكِحِ عَامَّةَ يَوْمِهِ وَهُوَ أَجْمَلُ الْخِصَالِ . غَيْرَ أَنَّهُ أَشَقُّ التَّكَالِيفِ عَلَى النُّفُوسِ فَاقْتَضَتْ الْحِكْمَةُ الْإِلَهِيَّةُ أَنْ يَبْدَأَ فِي التَّكَالِيفِ بِالْأَخَفِّ، وَهُوَ الصَّلَاةُ تَمْرِينًا لِلْمُكَلَّفِ وَرِيَاضَةً لَهُ ثُمَّ يُثَنِّي بِالْوَسَطِ وَهُوَ الزَّكَاةُ وَيُثَلِّثُ بِالْأَشَقِّ وَهُوَ الصَّوْمُ وَإِلَيْهِ وَقَعَتْ الْإِشَارَةُ فِي مَقَامِ الْمَدْحِ وَالتَّرْتِيبِ قال تعالى:{وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ} [الأحزاب: 35]


(1) - ابن السني وأبو نعيم في الطب عن أبي هريرة وهو حديث حسن






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 21-04-2022, 09:20 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,301
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله




في حرمة رمضان وفِي جميل وعده


زهير سالم





وصام رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة رمضانات، منذ أن فُرض صوم رمضان في السنة الثانية من الهجرة.

وينظر من متّعه الله وبلّغه، خلفه فيرى نفسه قد صام رمضانات كثيرة ستين أو سبعين، فيرجو الله مؤملا مشفقا، وينظر أمامه فيتساءل: هل نختم رمضان بخير؟! وهل يكون لي بعد رمضان رمضان؟! اللهم يا رب رمضان بارك لنا في رمضان.

وكثير ما تقعد ببعض الناس الراحلة، فمع علو الهمة، وتوفر العزيمة، واستبداد الشوق إلى عيش فرحة الصائم الأولى ساعة فطره؛ يتلو المسكين لنفسه وعلى نفسه { وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين}.

كثيرة هي الأعذار التي تبيح الفطر للصائم والصائمةً، منها أعذار موجبة، ومنها أعذار مرخصة. وسواء كان العذر هذا وذاك، وسواء كان العذر عارضا، بحيث يكون بمكنة المعذور ان يقضي الصيام بصيام، أو كان قد أغلقت على المعذور عبادة الصيام فلم يبق له إلا الفدية يدفعها طعام مسكين..

فإن من حُرم من ذواق الصوم الجميل، لم يحرم ولا يحرم من بركة الفضائل والنفحات التي تحملها نسائم رمضان..

والعذر مهما تكن مشروعيته، ليس سببا لاستباحة رمضان، وكسر حرمته، والمجاهرة بما يضطر إليه المعذور من أكل وشرب وقد يكون عذره سفرا قريبا..

الحق للمعذور بكل أصناف العذر بأن يأكل ويشرب في نهارات رمضان، من غير مجاهرة ولا استعلان، وإنما يحفظ للشهر المبارك الفضيل الجميل حرمته ومكانته وهيبته..

ونشأنا في بيئة كنّا إذا ضُبطنا ونحن نأكل في أيام رمضان، ونحن أطفال صغار توجه إلينا عبارة المداعبة: مفطر؟!! لا تأكل أمام رمضان لكي لا يقلع لك أسنانك!!

فالحفاظ على الحرمة مع الترخص الإجباري أو المقدر، هو شأن أهل رمضان من الذين يدخلون الجنة من باب " الريان "

ومن جهة أخرى فإن ما يعد به رمضان من الفضل والرحمة والمغفرة والتقوى، وفضل ليلته التي هي خير من ألف شهر لا يحرم من كل ذلك مترخص بالأكل والشرب في نهار رمضان..

فكل القربات المقترنة بشهر رمضان تظل مشروعة بحق من اضطر إلى رخصة فترخص. ويبقى مشروعا في حقه القيام والذكر وتلاوة القرآن والتقرب من الله بجملة القربات شأنه شأن الصائم فهو وإن أفطر بعذره ممن تشملهم فضائل رمضان ونفحات رمضان، ما تعرض لها وحرص عليها، بالدعاء للقريب المجيب..

جميع حصائد الألسنة من كذب وغيبة وبهتان ونميمة والسعي بالفتنة، والسخرية من الناس؛ محرمة وهي من كبائر الفواحش في كل الأوقات، وهي في رمضان أشد حرمة ونكارة...ومن وجد عذرا شرعيا للإفطار في رمضان فإن عذره لا يشمل بكل تأكيد أن يمارس مثل هذه المهلكات...!! واعتد الإمام أحمد "الغيبة" من المفطرات، مستحضرا حديث المرأتين اللتين قيل لهما: قيئا فقاءتا دما عبيطا. وقال عنهما رسول الله صلى الله وسلم عليه " صامتا عمَّا أحل الله وأفطرتا على ما حرم الله ".

رمضان مظلة لفضل الله تجمعنا، ورمضان كله خير وبركة وعطاء ومواهب ومنّة ومن فاتته فريضة الإمساك عن الطعام والشراب فلا تفوتنّه بركات القيام والتلاوة والذكر والاستغفار والحضور مع الله..


الصائم في نهاره وليله كالمصلي القائم بين يدي الله؛ إلا أنه يدخل ويخرج ويتصرف وما أخنع العبد يكون بين يدي مولاه فيلهو عنه أو يأتي بما يغضبه..

وأجمل الصوم صوم القلب عن السوى...

اللهم اقسم لنا من خير رمضان أجمل ما قسمت لعبادك المصطفَين الاخيار






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 207.38 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 201.50 كيلو بايت... تم توفير 5.88 كيلو بايت...بمعدل (2.84%)]