|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() ![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد السادس الحلقة (360) صـ 65 إلى صـ 74 الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلي عليه، قال عمر: فلما قام دنوت إليه، فقلت: يا رسول الله، أتصلي عليه وهو منافق، فأنزل الله {ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره} [سورة التوبة: 84] وأنزل الله {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم} » [سورة التوبة: 80] [1] . وثبت عن قيس، عن طارق بن شهاب، قال: كنا نتحدث أن عمر يتحدث على لسانه ملك [2] . وعن مجاهد قال: كان عمر إذا رأى الرأي نزل به القرآن. وفي الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "«رأيت كأن الناس عرضوا علي وعليهم قمص، منها ما يبلغ الثدي، ومنها ما هو دون ذلك، وعرض علي عمر بن الخطاب وعليه قميص يجره" . قالوا [3] : فما أولته يا رسول الله؟ قال: "الدين»" [4] . وفي الصحيحين «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "بينا أنا نائم رأيتني [5] أتيت بقدح فشربت منه، حتى أني لا أرى الري يخرج من" (1) سبق الحديث فيما مضى وأوله: أخر عني يا عمر. 5/235 (2) ذكر هذا الخبر ابن الجوزي في تاريخ عمر بن الخطاب ص 218 وفيه ينطق على لسان ملك. (3) ب: قال، وهو خطأ. (4) سبق هذا الحديث فيما مضى في هذا الجزء ص 21 وأوله هناك: بينا أنا نائم رأيت الناس. (5) ح: رأيت أني. أظفاري، ثم أعطيت فضلي عمر بن الخطاب "قالوا: ما أولت ذلك يا رسول الله؟ قال:" العلم» "[1] ." وفي الصحيحين عنه قال: "«رأيت كأني أنزع على قليب بدلو، فأخذها ابن أبي قحافة فنزع ذنوبا أو ذنوبين، وفي نزعه ضعف، والله يغفر له، ثم أخذ عمر بن الخطاب فاستحالت في يده غربا فلم أر عبقريا من الناس يفري فريه، حتى ضرب الناس بعطن»" [2] . وقال عبد الله بن أحمد: حدثنا الحسن بن حماد، حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن شقيق، عن عبد الله بن مسعود، قال: "لو أن علم عمر وضع في كفة ميزان ووضع علم [خيار] [3] أهل الأرض في كفة لرجح عليهم بعلمه" . قال الأعمش: فأنكرت ذلك، وذكرته لإبراهيم، فقال: ما أنكرت من ذلك؟ قد قال ما هو أفضل من ذلك، قال: "إني لأحسب تسعة أعشار العلم ذهب مع عمر بن الخطاب" [4] . وروى ابن بطة بالإسناد الثابت عن ابن عيينة وحماد بن سلمة، وهذا لفظه عن عبد الله بن عمير، عن زيد بن وهب: أن رجلا أقرأه معقل بن مقرن [أبو عميرة] [5] آية، وأقرأها عمر بن الخطاب آخر، فسألا ابن مسعود عنها، فقال لأحدهما: من أقرأكها؟ قال: أبو عميرة بن معقل بن مقرن. (1) سبق هذا الحديث في هذا الجزء ص 21. (2) سبق هذا الحديث فيما مضى 1/489 وأوله هناك: بينا أنا نائم رأيتني على قليب. . . . . إلخ. (3) خيار: في (ر) ، (ي) فقط. (4) سبق هذا الأثر في هذا الجزء قبل صفحات ص [0 - 9] 9 (5) أبو عميرة: ساقطة من (ن) ، (م) . وقال للآخر: من أقرأكها؟ قال عمر بن الخطاب. فبكى ابن مسعود حتى كثرت دموعه، ثم قال: اقرأها كما أقرأكها عمر؛ فإنه كان أقرأنا لكتاب الله، وأعلمنا بدين الله، ثم قال: كان عمر حصنا حصينا [على الإسلام] [1] يدخل في الإسلام ولا يخرج منه، فلما ذهب عمر انثلم الحصن ثلمة لا يسدها [2] أحد بعده، وكان إذا سلك طريقا اتبعناه ووجدناه سهلا، فإذا ذكر الصالحون فحيهلا بعمر [، فحيهلا بعمر، فحيهلا بعمر] [3] . وقال عبد الله بن أحمد: حدثنا أبي، حدثنا هشيم، حدثنا العوام، عن مجاهد قال: "إذا اختلف الناس في شيء فانظروا ما صنع عمر فخذوا به" [4] . وروى ابن مهدي، عن حماد بن زيد، قال: سمعت خالدا الحذاء يقول: نرى أن الناسخ من قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما كان عليه عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -. وروى ابن بطة من حديث أحمد بن يحيى الحلواني، حدثنا عبيد بن جناد، حدثنا عطاء بن مسلم، عن صالح المرادي، عن عبد خير، قال: رأيت عليا صلى العصر فصف له أهل نجران صفين، فلما صلى أومأ رجل (1) على الإسلام: زيادة في (ر) . (2) ر: لا سده. (3) ما بين المعقوفتين في (ر) ، (ي) وجاءت العبارة مرتين فقط في (ح) والأثر بألفاظ مقاربة في طبقات ابن سعد 3/371 - 372 وبإسناد مختلف في فضائل الصحابة 1/338 - 339 رقم 486 وقال المحقق: إسناده ضعيف جدا، وسبق الأثر بمعناه قبل صفحات في هذا الجزء ص 58 (4) سبق هذا الأثر قبل صفحات: ص 59 وعلقت عليه هناك. منهم إلى رجل، فأخرج كتابا فناوله إياه، فلما قرأه دمعت عيناه، ثم رفع رأسه إليهم فقال: يا أهل نجران - أو يا أصحابي - هذا والله خطي بيدي، وإملاء عمر علي. فقالوا: يا أمير المؤمنين أعطنا ما فيه، فدنوت منه فقلت: إن كان رادا على عمر يوما فاليوم يرد عليه، فقال: لست رادا على عمر شيئا صنعه، إن عمر كان رشيد الأمر، وإن عمر أعطاكم خيرا مما أخذ منكم، وأخذ منكم خيرا مما أعطى، ولم يجر لعمر نفع مع أخذ لنفسه، إنما أخذه لجماعة المسلمين [1] . وقد روى أحمد والترمذي وغيرهما، قال أحمد: حدثنا أبو [2] عبد الرحمن المقري، حدثنا حيوة بن شريح، حدثنا بكر بن عمرو المعافري، عن مشرح بن هاعان [3] ، عن عقبة بن عامر الجهني قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب" [4] . (1) ذكر هذا الخبر بألفاظ مختلفة ابن الجوزي في تاريخ عمر بن الخطاب ص 213 (2) أبو: ساقطة من (ح) ، (ب) وهي في المسند. (3) ح، ب: عاهان، ر: عاهن، والمثبت في (ن) ، (م) ، (ي) وهو الذي في المسند وسنن الترمذي. (4) الحديث عن عقبة بن عامر رضي الله عنه في سنن الترمذي 5/281 - 282 كتاب المناقب باب مناقب أبي حفص عمر بن الخطاب، وقال الترمذي، وهذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث مشرح بن عاهان، وجاء الحديث في المسند ط. الحلبي 4/154، المستدرك للحاكم 3/85 وتكلم الألباني على الحديث في سلسلة الأحاديث الصحيحة رقم 327 وحسنه. ورواه ابن وهب وغيره عن ابن لهيعة عن مشرح، فهو ثابت عنه [1] . وروى ابن بطة من حديث عقبة بن مالك الخطمي، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: "«لو كان غيري نبي لكان عمر بن الخطاب" . وفي لفظ: "لو لم أبعث فيكم لبعث فيكم عمر»" وهذا اللفظ في الترمذي [2] . وقال عبد الله بن أحمد [3] ، حدثنا شجاع بن مخلد، حدثنا يحيى بن يمان، حدثنا سفيان، عن عمرو بن محمد [4] ، عن سالم بن عبد الله، عن أبي موسى الأشعري أنه أبطأ عليه خبر عمر، فكلم امرأة في بطنها شيطان، فقالت: حتى يجيء شيطاني فأسأله، فقال: رأيت عمر متزرا بكساء يهنأ إبل الصدقة [5] ، وذلك [6] لا يراه الشيطان إلا خر لمنخريه [7] للملك الذي بين عينيه، روح [8] القدس ينطق [9] على لسانه [10] . ومثل هذا في الصحيحين «عن سعد بن أبي وقاص، قال: استأذن عمر (1) قال الألباني: إن أبا بكر النجاد رواه في الفوائد المنتقاة 17/1 - 2 من طريق ابن لهيعة عن مشرح به. (2) سبق الحديث والتعليق عليه في هذا الجزء ص 55. (3) في كتاب فضائل الصحابة 1/246، رقم 304 (4) فضائل الصحابة: عن عمر بن محمد. (5) يهنأ الإبل؛ أي: يطليها بالقطران. (6) فضائل الصحابة: وقال. (7) ن، م: لمنخره. (8) فضائل الصحابة: وروح. (9) ر، ح، ي: تنطق. (10) قال محقق فضائل الصحابة: إسناده ضعيف. على رسول الله - صلى الله عليه وسلم، وعنده نساء من قريش يكلمنه ويستكثرنه، عالية أصواتهن، فلما استأذن عمر قمن فابتدرن [1] الحجاب، فأذن له رسول الله - صلى الله عليه وسلم، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يضحك. فقال عمر: أضحك الله سنك يا رسول الله. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: "عجبت [2] من هؤلاء اللاتي كن عندي، فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب" . فقال عمر: قلت: يا رسول الله [3] أنت أحق أن يهبن. ثم قال عمر: أي عدوات أنفسهن، تهبنني ولا تهبن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. [قلن: نعم، أنت أفظ وأغلظ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -] [4] . قال رسول الله: "والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان قط سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجك»" [5] . وفي حديث آخر «أن الشيطان يفر من حس عمر» [6] . (1) ن: يبتدرن، م: ابتدرن. (2) ح، ر: عجب. (3) ساقط من (ح) ، (ر) ، (ي) . (4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . (5) سبق هذا الحديث مختصرا قبل صفحات في هذا الجزء ص 55، والحديث أيضا في كتاب فضائل الصحابة 1/244 - 245 رقم 301 - 302، 1/256 - 257 رقم 326. (6) لم أجد حديثا بهذا اللفظ: ولكن أورد الترمذي في سننه 5/284 - 285 كتاب المناقب، باب مناقب عمر، حديثا عن عائشة أوله: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا فسمعنا لغطا وصوت صبيان، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا حبشية تزفن والصبيان حولها فقال: يا عائشة تعالي فانظري، الحديث وفيه: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لأنظر إلى شياطين الجن والإنس قد فروا من عمر، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، وانظر الحديث السابق عليه 5/283 - 284 وقال أحمد بن حنبل: حدثنا عبد الرحمن، حدثنا سفيان، عن واصل، عن مجاهد قال: كنا نتحدث أن الشياطين كانت مصفدة في إمارة عمر، فلما قتل عمر وثبت. وهذا باب طويل قد صنف الناس فيه مجلدات في مناقب عمر مثل كتاب أبي الفرج بن الجوزي وعمر بن شبة [1] وغيرهما، غير ما ذكره الإمام أحمد بن حنبل وغيره من أئمة العلم، مثل ما صنفه خيثمة بن سليمان في "فضائل الصحابة" والدارقطني والبيهقي وغيرهم. [رسالة عمر في القضاء إلى أبي موسى الأشعري] ورسالة عمر المشهورة في القضاء إلى أبي موسى الأشعري تداولها الفقهاء، وبنوا عليها واعتمدوا على ما فيها من الفقه وأصول الفقه، ومن طرقها ما رواه أبو عبيد وابن بطة وغيرهما بالإسناد الثابت عن كثير بن هشام، عن جعفر بن برقان، قال [2] : كتب عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إلى أبي موسى الأشعري: "أما بعد فإن القضاء فريضة محكمة، وسنة متبعة، فافهم إذا أدلي إليك [3] ، فإنه لا ينفع تكلم بحق [4] لا نفاذ" (1) م، ي: شيبة، وهو خطأ، وهو أبو زيد عمر بن زيد ـ لقبه شبة ـ بن عبيدة بن ريطة النميري، ولد سنة 173 وتوفي سنة 264 وذكره سزكين م [0 - 9] ج [0 - 9] ص 205 - 207، ولم يذكر في كتبه المخطوطة كتاب مناقب عمر، كما لم يذكر الكتاب في ترجمته في تهذيب التهذيب 7/460، 461 وفي تاريخ بغداد 11/208 - 210 وفي الأعلام 5/206 - 207 وفي الفهرست لابن النديم ص 112 - 113 وفي معجم المؤلفين 4/286 (2) ذكر هذه الرسالة المحب الطبري في الرياض النضرة 2/82 - 83 وجاءت في أخبار عمر للطنطاويين ص 217 - 218 نقلا عن البيان والتبيين 2/37، مفتاح الأفكار 89، عيون الأخبار 1/66 صبح الأعشى 1/193 نهاية الأرب 6/257 (3) ح: عليك، وزاد أخبار عمر وأنفذ إذا تبين لك، وفي الرياض النضرة: وأنفذ الحق إذا وضح. (4) ح، ب: بالحق. له [1] ، آس [2] بين الناس في مجلسك ووجهك وقضائك [3] ، حتى لا يطمع شريف في حيفك، ولا ييأس ضعيف من عدلك [4] البينة على من ادعى [5] ، واليمين على من أنكر، والصلح جائز بين المسلمين، إلا صلحا أحل حراما، أو حرم حلالا، ومن ادعى حقا غائبا فامدد له أمدا ينتهي إليه، فإن جاء ببينة فأعطه حقه، وإن أعجزه ذلك استحللت عليه القضية، فإن ذلك هو أبلغ في العذر، وأجلى للعمى [6] . ولا يمنعك قضاء قضيته اليوم [7] فراجعت فيه رأيك [8] فهديت فيه لرشدك أن تراجع الحق [9] ، فإن الحق قديم، وليس يبطله شيء [10] ، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل [11] . والمسلمون عدول بعضهم [12] ؛ على بعض، إلا مجربا عليه شهادة زور، أو مجلودا في حد، أو ظنينا في ولاء أو نسب [13] (1) في أخبار عمر: فإنه لا ينفع حق لا نفاذ له. (2) أي: سو. (3) الرياض النضرة: في وجهك ومجلسك وعدلك، وسقطت كلمة "وقضائك" من أخبار عمر. (4) الرياض النضرة: حتى لا ييأس الضعيف من عدلك، ولا يطمع الشريف في عدلك. (5) ح، ر، ي: على المدعي. (6) هذه العبارات جاءت في كل من الرياض النضرة، أخبار عمر، بعد هذا الموضع بعدة أسطر مع اختلاف في بعض الألفاظ. (7) الرياض، أخبار: بالأمس. (8) الرياض، أخبار: نفسك. (9) الرياض: أن ترجع إلى الحق. (10) وليس يبطله شيء: ساقطة من الرياض، وفي أخبار عمر: لا يبطله شيء. (11) العبارات بين النجمتين يخالف مكانها هنا، مكانها في الرياض، أخبار. (12) أخبار عمر: عدول في الشهادة بعضهم. (13) الرياض: أو وراثة، أخبار عمر: أو قرابة. فإن الله تولى من العباد السرائر، وستر عليهم الحدود إلا بالبينات والأيمان [1] . ثم الفهم الفهم فيما أدلي إليك وفيما ورد [2] عليك، مما ليس في قرآن ولا سنة [3] ، ثم قايس الأمور عند ذلك، ثم اعرف الأمثال [4] ، ثم اعمد فيما ترى إلى أحبها إلى الله وأشبهها بالحق [5] ، وإياك والغضب والقلق والضجر والتأذي بالخصوم؛ فإن القضاء في مواطن الحق مما يوجب [الله] به الأجر، ويحسن به الذخر [6] ، فمن خلصت نيته في الحق، ولو على نفسه، كفاه الله ما بينه وبين الناس [7] ، ومن تزين بما ليس في نفسه شانه الله - عز وجل - [8] ؛ [9] فإن الله - عز وجل - لا (1) الرياض، أخبار: فإن الله قد تولى منكم السرائر، ودرأ عنكم بالبينات، أخبار الشبهات. (2) ب: وورد. (3) الرياض، أخبار: الفهم الفهم فيما يختلج (أخبار: تلجلج) في صدرك، مما لم يبلغك، (أخبار: مما ليس) في كتاب ولا سنة. (الرياض في الكتاب والسنة) . (4) الرياض، أخبار: واعرف الأمثال والأشباه (أخبار: الأشباه والأمثال) ، ثم قس الأمور عند ذلك. (5) الرياض، أخبار: فاعمد إلى أحبها إلى الله وأشبهها بالحق فيما ترى، وبعد هذه العبارات جاءت عبارات أخرى في الرياض، أخبار، استغرقت سطرين ولم ترد هنا. (6) الرياض، أخبار: وإياك والقلق (الرياض: والغلق) ، والضجر والتأذي بالناس والتنكر للخصوم في مواطن الحق التي يوجب الله بها الأجر ويحسن الذخر وفي: ن، م: مما يجب به الأجر. (7) الرياض: فإنه من يصلح نيته فيما بينه وبين الله تعالى ولو على نفسه يكفيه الله ما بينه وبين الناس، أخبار: فإنه من يخلص نيته فيما بينه وبين الله تبارك وتعالى ولو على نفسه، يكفه الله ما بينه وبين الناس، (8) الرياض: ومن تزين للناس بما يعلم الله منه غير ذلك يشنه الله، أخبار: ومن تزين للناس فيما يعلم الله خلافه منه شانه الله. (9) هذه العبارات بين النجمتين سقطت من الرياض، أخبار. يقبل من العبد إلا ما كان له خالصا، فما ظنك بثواب [1] عند الله في عاجل رزقه وخزائن رحمته "[2] ." وروى ابن بطة من حديث أبي يعلى الناجي، حدثنا العتبي، عن أبيه قال: خطب عمر بن الخطاب يوم عرفة يوم بويع له فقال [3] : "الحمد لله الذي ابتلاني بكم، وابتلاكم بي، وأبقاني فيكم من بعد صاحبي، من كان منكم شاهدا باشرناه، ومن كان غائبا ولينا أمره أهل القوة عندنا، فإن أحسن زدناه، وإن أساء لم نناظره، أيتها الرعية إن للولاة عليكم حقا، وإن لكم عليهم حقا، واعلموا [4] أنه ليس حلم [5] أحب إلى الله وأعظم نفعا من حلم [6] إمام وعدله، وليس جهل أبغض إلى الله - تعالى - من جهل وال وخرقه، وأنه من يأخذ العافية ممن تحت يده يعطه الله العافية ممن هو فوقه" . قلت: وهو معروف من حديث الأحنف عن عمر، قال: الوالي إذا طلب العافية ممن هو دونه أعطاه الله العافية ممن هو فوقه. وروي من حديث وكيع، عن الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت، عن (1) ح، ب: بالثواب. (2) الرياض: فما ظنك بثواب الله عز وجل وعاجل رزقه وخزائن رحمته، والسلام عليك، أخبار: فما ظنك بثواب عند الله عز وجل في عاجل رزقه وخزائن رحمته والسلام، وقال المحب الطبري في آخر الرسالة: خرجه الدارقطني. (3) ذكر بعض هذه الخطبة ابن سعد في الطبقات 3/275 وجاء بعضها في أخبار عمر ص 74، الرياض النضرة 2/88. (4) واعلموا كذا في (ح) ، (ب) وفي سائر النسخ: واعلم. (5) ح، ر، ي: حكم. (6) ح، ر، ي: حكم.
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() ![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد السادس الحلقة (362) صـ 85 إلى صـ 94 وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ الْآيَةَ [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 93] وَإِنِّي مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ وَأُحُدٍ. فَقَالَ عُمَرُ: أَجِيبُوا الرَّجُلَ، فَسَكَتُوا عَنْهُ. فَقَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَجِبْهُ، فَقَالَ: إِنَّمَا أَنْزَلَهَا اللَّهُ عُذْرًا لِلْمَاضِينَ لِمَنْ شَرِبَهَا قَبْلَ أَنْ تُحَرَّمَ، وَأَنْزَلَ: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 90] حُجَّةً [1] عَلَى النَّاسِ. ثُمَّ سَأَلَ عُمَرُ عَنِ الْحَدِّ فِيهَا، فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: إِذَا شَرِبَ هَذَى، وَإِذَا هَذَى افْتَرَى، فَاجْلِدْهُ ثَمَانِينَ جَلْدَةً [2] ، فَجَلَدَ عُمَرُ ثَمَانِينَ. فَفِيهِ أَنَّ عَلِيًّا أَشَارَ بِالثَمَانِينَ، وَفِيهِ نَظَرٌ. فَإِنَّ الَّذِي ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ عَلِيًّا جَلَدَ أَرْبَعِينَ عِنْدَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، لَمَّا جَلَدَ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ، وَأَنَّهُ أَضَافَ الثَمَانِينَ إِلَى عُمَرَ، وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ أَشَارَ بِالثَمَانِينَ [3] ، فَلَمْ يَكُنْ جَلْدُ الثَمَانِينَ مِمَّا اسْتَفَادَهُ عُمَرُ مِنْ عَلِيٍّ، وَعَلِيٌّ قَدْ نُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ جَلَدَ فِي خِلَافَتِهِ ثَمَانِينَ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَجْلِدُ تَارَةً أَرْبَعِينَ وَتَارَةً ثَمَانِينَ، وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: مَا كُنْتُ لِأُقِيمَ حَدًّا عَلَى أَحَدٍ فَيَمُوتَ، فَأَجِدَ فِي نَفْسِي، إِلَّا صَاحِبِ الْخَمْرِ، [فَإِنَّهُ] لَوْ مَاتَ [4] لَوَدَيْتُهُ، لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَسُنَّهُ لَنَا [5] . (1) ن، م: لِمَنْ شَرِبَهَا قَبْلَ أَنْ تُحَرَّمَ و: (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ) حُجَّةٌ. (2) ح، ر، ي: فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ. (3) انْظُرْ مَا سَبَقَ فِي هَذَا الْجُزْءِ ص 39. (4) ن، م، ي، ر: الْخَمْرِ وَلَوْ مَاتَ، ح: الْخَمْرِ لَوْ مَاتَ. (5) انْظُرْ مَا سَبَقَ فِي هَذَا الْجُزْءِ، ص 40 وَهَذَا لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالْفُقَهَاءِ فِي الْأَرْبَعِينَ فَمَا دُونَهَا، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ عَلِيٍّ عَلَى مَا يُخَالِفُ الْإِجْمَاعَ. وَإِنَّمَا تَنَازَعَ الْفُقَهَاءُ [1] فِيمَا إِذَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ فَتَلِفَ: هَلْ يَضْمَنُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ: فَقَالَ جُمْهُورُهُمْ: لَا يَضْمَنُ أَيْضًا، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَضْمَنُهُ إِمَّا بِنِصْفِ الدِّيَةِ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ جَعَلَا لَهُ قَدْ تَلِفَ بِفِعْلٍ مُضَمَّنٍ وَغَيْرِ مُضَمَّنٍ [2] ، وَإِمَّا أَنْ تُقَسَّطَ الدِّيَةَ عَلَى عَدَدِ الضَّرَبَاتِ كُلِّهَا، فَيَجِبُ مِنَ الدِّيَةِ [3] بِقَدْرِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِينَ فِي الْقَوْلِ الْآخَرِ. وَالشَّافِعِيُّ بَنَى هَذَا عَلَى أَنَّ الزِّيَادَةَ تَعْزِيرٌ غَيْرُ مُقَدَّرٍ، وَمِنْ أَصْلِهِ أَنَّ مَنْ مَاتَ بِعُقُوبَةٍ غَيْرِ مُقَدَّرَةٍ ضُمِّنَ، لِأَنَّهُ بِالتَّلَفِ يَتَبَيَّنُ عُدْوَانُ الْمُعَزَّرِ، كَمَا إِذَا ضَرَبَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ، وَالْمُؤَدِّبُ الصَّبِيَّ، وَالرَّائِضُ الدَّابَّةَ. وَأَمَّا الْجُمْهُورُ فَمِنْهُمْ مَنْ يُخَالِفُهُ فِي الْأَصْلَيْنِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُخَالِفُهُ فِي أَحَدِهِمَا، فَأَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ يَقُولَانِ: الثَمَانُونَ حَدٌّ وَاجِبٌ، وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَفِي الْأُخْرَى يَقُولُ [4] : كُلُّ مَنْ تَلِفَ بِعُقُوبَةٍ جَائِزَةٍ، فَالْحَقُّ قَتْلُهُ، سَوَاءٌ كَانَتْ وَاجِبَةً أَوْ مُبَاحَةً، وَسَوَاءٌ كَانَتْ مُقَدَّرَةً أَوْ غَيْرَ مُقَدَّرَةٍ إِذَا لَمْ يَتَعَدَّ، وَعَلَى هَذَا لَا يَضْمَنُ عِنْدَهُ سِرَايَةَ الْقَوَدِ فِي الطَّرَفِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا، وَقَدِ اتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا تَلِفَ فِي عُقُوبَةٍ (1) ن: الْعُلَمَاءُ. (2) ح: مَضْمُونٍ وَغَيْرِ مَضْمُونٍ. (3) ر، ي: فَتَجِبُ مِنْهُ الدِّيَةُ. (4) ح، ر، ي: وَفِي الْأُخْرَى أَحْمَدُ يَقُولُ. مُقَدَّرَةٍ وَاجِبَةٍ لَا يَضْمَنُ، كَالْجَلْدِ فِي الزِّنَا، وَالْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ. وَتَنَازَعُوا فِي غَيْرِ ذَلِكَ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: يَضْمَنُ فِي الْجَائِزِ وَلَا يَضْمَنُ فِي الْوَاجِبِ، كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، فَإِنَّهُ يَقُولُ: يَضْمَنُ سِرَايَةَ الْقَوَدِ وَلَا يَضْمَنُ سِرَايَةَ التَّعْزِيرِ لِحَقِّ اللَّهِ - تَعَالَى -. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: يَضْمَنُ غَيْرَ الْمُقَدَّرِ، وَلَا يَضْمَنُ فِي الْمُقَدَّرِ، سَوَاءٌ كَانَ وَاجِبًا أَوْ جَائِزًا [1] كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: لَا يَضْمَنُ لَا فِي هَذَا وَلَا فِي هَذَا، كَقَوْلِ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمَا. [فصل كلام الرافضي على عمر رضي الله عنه أنه أسقطت حامل خوفا منه] فَصْلٌ [2] قَالَ الرَّافِضِيُّ [3] : "وَأَرْسَلَ إِلَى حَامِلٍ يَسْتَدْعِيهَا [4] فَأَسْقَطَتْ خَوْفًا. فَقَالَ لَهُ الصَّحَابَةُ: نَرَاكَ مُؤَدِّبًا وَلَا شَيْءَ [5] عَلَيْكَ. ثُمَّ سَأَلَ [6] أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَأَوْجَبَ الدِّيَةَ عَلَى عَاقِلَتِهِ" . وَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذِهِ مَسْأَلَةُ اجْتِهَادٍ تَنَازَعَ فِيهَا الْعُلَمَاءُ، وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يُشَاوِرُ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِي الْحَوَادِثِ، يُشَاوِرُ عُثْمَانَ (1) سَاقِطٌ مِنْ (ح) ، (ر) ، (ي) . (2) فَصْلٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ح) ، (ر) ، وَفِي (ي) الْفَصْلُ السَّابِعُ وَالثَلَاثُونَ. (3) فِي (ك) ص 138 (م) . (4) ك: فَأُجْهِضَتْ. (5) ك: فَلَا شَيْءَ. (6) ن: سَلْ. وَعَلِيًّا وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَابْنَ مَسْعُودٍ وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَغَيْرَهُمْ، حَتَّى كَانَ يُشَاوِرُ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَهَذَا كَانَ مِنْ كَمَالِ فَضْلِهِ وَعَقْلِهِ وَدِينِهِ، وَلِهَذَا [1] كَانَ مِنْ أَسَدِّ [2] النَّاسِ رَأْيًا، وَكَانَ يَرْجِعُ تَارَةً إِلَى رَأْيِ هَذَا وَتَارَةً إِلَى رَأْيِ هَذَا. وَقَدْ أُتِيَ بِامْرَأَةٍ قَدْ أَقَرَّتْ بِالزِّنَا، فَاتَّفَقُوا عَلَى رَجْمِهَا، وَعُثْمَانُ سَاكِتٌ، فَقَالَ: مَا لَكَ لَا تَتَكَلَّمُ؟ فَقَالَ: أَرَاهَا تَسْتِهَلُّ بِهِ اسْتِهْلَالَ مَنْ لَا يَعْلَمُ أَنَّ الزِّنَا مُحَرَّمٌ، فَرَجَعَ [3] فَأَسْقَطَ الْحَدَّ عَنْهَا لَمَّا ذَكَرَ لَهُ عُثْمَانُ، وَمَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّهَا تَجْهَرُ بِهِ وَتَبُوحُ بِهِ، كَمَا يَجْهَرُ الْإِنْسَانُ وَيَبُوحُ بِالشَّيْءِ الَّذِي لَا يَرَاهُ قَبِيحًا، مِثْلُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالتَّزَوُّجِ وَالتَّسَرِّي. وَالِاسْتِهْلَالُ رَفْعُ الصَّوْتِ، وَمِنْهُ اسْتِهْلَالُ الصَّبِيِّ، وَهُوَ رَفْعُهُ صَوْتَهُ عِنْدَ الْوِلَادَةِ، وَإِذَا كَانَتْ لَا تَعْلَمُهُ قَبِيحًا كَانَتْ جَاهِلَةً بِتَحْرِيمِهِ، وَالْحَدُّ لَا يَجِبُ إِلَّا عَلَى مَنْ بَلَغَهُ [4] التَّحْرِيمُ، فَإِنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - يَقُولُ: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [سُورَةُ الْإِسْرَاءِ: 15] وَقَالَ - تَعَالَى: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 165] . وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ قِتَالُ الْكُفَّارِ الَّذِينَ لَمْ تَبْلُغْهُمُ الدَّعْوَةُ حَتَّى يُدْعَوْا إِلَى الْإِسْلَامِ. وَلِهَذَا مَنْ أَتَى شَيْئًا مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ الَّتِي لَمْ يَعْلَمُ تَحْرِيمَهَا لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ، أَوْ لِكَوْنِهِ نَشَأَ بِمَكَانِ جَهْلٍ لَمْ يُقَمْ عَلَيْهِ الْحَدُّ، وَلِهَذَا لَمْ يُعَاقِبِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ أَكَلَ مِنْ أَصْحَابِهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ الْخَيْطُ (1) ب: فَلِهَذَا. (2) ن، م، ي: مِنْ أَشَدِّ. (3) فَرَجَعَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ح) ، (ر) ، (ي) . (4) ح، ر، ي، ب: وَالْحَدُّ إِنَّمَا يَجِبُ عَلَى مَنْ بَلَغَهُ. الْأَبْيَضِ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ، لِأَنَّهُمْ أَخْطَأُوا فِي التَّأْوِيلِ. وَلَمْ يُعَاقِبْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ لَمَّا قَتَلَ الرَّجُلَ الَّذِي قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، لِأَنَّهُ ظَنَّ جَوَازَ قَتْلِهِ، لَمَّا اعْتَقَدَ أَنَّهُ قَالَهَا تَعَوُّذًا. وَكَذَلِكَ السَّرِيَّةُ الَّتِي قَتَلَتِ الرَّجُلَ الَّذِي قَالَ: إِنَّهُ مُسْلِمٌ، وَأَخَذَتْ مَالَهُ، لَمْ يُعَاقِبْهَا لِأَنَّهَا كَانَتْ مُتَأَوِّلَةً، وَكَذَلِكَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ لَمَّا قَتَلَ بَنِي جَذِيمَةَ لَمَّا قَالُوا: صَبَأْنَا، لَمْ يُعَاقِبْهُ لِتَأْوِيلِهِ. وَكَذَلِكَ الصِّدِّيقُ لَمْ يُعَاقَبْ خَالِدًا عَلَى قَتْلِ مَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ لِأَنَّهُ كَانَ مُتَأَوِّلًا. وَكَذَلِكَ الصَّحَابَةُ لَمَّا قَالَ هَذَا لِهَذَا: أَنْتَ مُنَافِقٌ، لَمْ يُعَاقِبْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُ كَانَ مُتَأَوِّلًا [1] . وَلِهَذَا قَالَ الْفُقَهَاءُ: الشُّبْهَةُ الَّتِي يَسْقُطُ بِهَا الْحَدُّ شُبْهَةُ اعْتِقَادٍ، أَوْ شُبْهَةُ مِلْكٍ؛ فَمَنْ تَزَوَّجَ نِكَاحًا اعْتَقَدَ أَنَّهُ جَائِزٌ وَوَطِئَ فِيهِ لَمْ يُحَدَّ، وَإِنْ كَانَ حَرَامًا فِي الْبَاطِنِ، وَأَمَّا إِذَا عَلِمَ التَّحْرِيمَ وَلَمْ يَعْلَمِ الْعُقُوبَةَ فَإِنَّهُ يُحَدُّ. كَمَا حَدَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ إِذْ كَانَ قَدْ عَلِمَ تَحْرِيمَ الزِّنَا، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ أَنَّ الزَّانِيَ الْمُحْصَنَ يُرْجَمُ، فَرَجَمَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعِلْمِهِ بِتَحْرِيمِ الْفِعْلِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ يُعَاقَبُ (1) سَاقِطٌ مِنْ (ح) . بِالرَّجْمِ [1] . وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يُشَاوِرُهُمْ، وَأَنَّهُ مَنْ ذَكَرَ مَا هُوَ حَقٌّ قَبْلَهُ، وَذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَتَبَيَّنَ فِي الْقِصَّةِ الْمُعَيَّنَةِ مَنَاطُ الْحُكْمِ الَّذِي يَعْرِفُونَهُ، كَقَوْلِ عُثْمَانَ: إِنَّهَا جَاهِلَةٌ بِالتَّحْرِيمِ؛ فَإِنَّ عُثْمَانَ لَمْ يُفِدْهُمْ مَعْرِفَةَ الْحُكْمِ الْعَامِّ، بَلْ أَفَادَهُمْ إِنَّ هَذَا الْمُعَيَّنَ هُوَ مِنْ أَهْلِهِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُ عَلِيٍّ إِنَّ هَذِهِ مَجْنُونَةٌ، قَدْ يَكُونُ مِنْ هَذَا، فَأَخْبَرَهُ بِجُنُونِهَا أَوْ بِحَمْلِهَا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. وَالثَّانِي: أَنْ يَتَبَيَّنَ نَصًّا [2] أَوْ مَعْنَى نَصٍّ يَدُلُّ عَلَى الْحُكْمِ الْعَامِّ، كَتَنْبِيهِ الْمَرْأَةِ لَهُ عَلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 20] ، وَكَإِلْحَاقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّ الشَّارِبِ بِحَدِّ الْقَاذِفِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. (1) الْحَدِيثَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي مُسْلِمٍ 3/1323 - 1324 كِتَابَ الْحُدُودِ بَابِ مَنِ اعْتَرَفَ عَلَى نَفْسِهِ بِالزِّنَا، وَأَوَّلُ الْحَدِيثِ أَنَّ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ الْأَسْلَمِيَّ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي قَدْ ظَلَمْتُ نَفْسِي وَزَنَيْتُ وَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ تُطَهِّرَنِي، فَرَدَّهُ. . . . فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ: أَتَعْلَمُونَ بِعَقْلِهِ بَأْسًا تُنْكِرُونَ مِنْهُ شَيْئًا؟ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ الْكَلَامُ عَلَى الْغَامِدِيَّةِ الَّتِي زَنَتْ ثُمَّ تَابَتْ. . . . . إِلَخْ، وَانْظُرْ مَا يَلِي فِي هَذَا الْجُزْءِ، ص 174، وَجَاءَ الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِدُونِ ذِكْرِ اسْمِ مَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ فِي: الْبُخَارِيِّ 9/68 - 69 (كِتَابِ الْأَحْكَامِ بَابِ مَنْ حَكَمَ فِي الْمَسْجِدِ) ، وَانْظُرْ بَابَ الشَّهَادَةِ تَكُونُ عِنْدَ الْحَاكِمِ، بَعْدَ الْحَدِيثِ السَّابِقِ 9/69 وَفِيهِ: وَأَقَرَّ مَاعِزٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالزِّنَا أَرْبَعًا فَأَمَرَ بِرَجْمِهِ، وَأَوْرَدَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ 3/1318 - 1321 كِتَابِ الْحُدُودِ بَابِ مَنِ اعْتَرَفَ عَلَى نَفْسِهِ بِالزِّنَا) وَأَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ 4/204 - 211 (كِتَابِ الْحُدُودِ، بَابِ رَجْمِ مَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ) عِدَّةَ أَحَادِيثَ فِيهَا تَفْصِيلُ خَبَرِ مَاعِزٍ عَنْ عَدَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَجَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَانْظُرْ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْمُسْنَدِ ط. الْمَعَارِفِ 19/41 - 42 (2) ح، ب: نَصَّ. [فصل كلام الرافضي أن عمر رضي الله عنه تنازعت عنده امرأتان في طفل وأفتاه علي رضي الله عنه] فَصْلٌ [1] قَالَ الرَّافِضِيُّ [2] : "وَتَنَازَعَتِ امْرَأَتَانِ فِي طِفْلٍ، وَلَمْ [3] يَعْلَمِ الْحُكْمَ، وَفَزِعَ فِيهِ [4] إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ [5] ، فَاسْتَدْعَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْمَرْأَتَيْنِ [6] وَوَعَظَهُمَا فَلَمْ تَرْجِعَا، فَقَالَ: ائْتُونِي بِمِنْشَارٍ، فَقَالَتِ الْمَرْأَتَانِ: مَا تَصْنَعُ بِهِ؟ [7] فَقَالَ: أَقُدُّهُ بَيْنَكُمَا نِصْفَيْنِ فَتَأْخُذُ [8] كُلُّ وَاحِدَةٍ نِصْفًا، فَرَضِيَتْ وَاحِدَةٌ [9] . وَقَالَتِ الْأُخْرَى: اللَّهَ اللَّهَ يَا أَبَا الْحَسَنِ، إِنْ كَانَ وَلَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ سَمَحْتُ لَهَا بِهِ، فَقَالَ عَلِيٌّ: اللَّهُ أَكْبَرُ [10] هُوَ ابْنُكِ دُونَهَا، وَلَوْ كَانَ ابْنُهَا لَرَقَّتْ عَلَيْهِ، فَاعْتَرَفَتِ الْأُخْرَى أَنَّ الْحَقَّ مَعَ صَاحِبَتِهَا، فَفَرِحَ عُمَرُ، وَدَعَا لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ" . (1) فَصْلٌ: سَاقِطٌ مِنْ (ح) ، (ر) ، وَفِي (ي) : الْفَصْلُ الثَّامِنُ وَالثَلَاثُونَ. (2) فِي (ك) ص 138 (م) ، 139 (م) . (3) ك: فَلَمْ. (4) فِيهِ: لَيْسَتْ فِي (ك) . (5) عَلِيٍّ: لَيْسَتْ فِي (ك) ، وَفِيهَا: أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. (6) ك: فَاسْتَدْعَى الْمَرْأَتَيْنِ. (7) ك: الْمَرْأَتَانِ لَهُ، مَا تَصْنَعُ. (8) ك: أَقُدُّهُ بِنِصْفَيْنِ تَأْخُذُ. (9) ر، ي، ن، م: الْوَاحِدَةُ، ك: إِحْدَاهُمَا. (10) ك: إِنْ كَانَ لَا بُدَّ فَقَدْ سَمَحْتُ بِهِ لَهَا، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: اللَّهُ أَكْبَرُ. وَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذِهِ قِصَّةٌ [1] لَمْ يَذْكُرْ لَهَا إِسْنَادًا [2] ، وَلَا يُعْرَفُ صِحَّتُهَا، وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ذَكَرَهَا، [وَلَوْ كَانَ لَهَا حَقِيقَةٌ لَذَكَرُوهَا،] [3] وَلَا تُعْرَفُ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ، وَلَكِنَّ هِيَ مَعْرُوفَةٌ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ -. وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "«بَيْنَمَا امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بِابْنِ إِحْدَاهُمَا. فَقَالَتْ هَذِهِ [4] لِصَاحِبَتِهَا: إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ، وَقَالَتِ الْأُخْرَى: إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ، فَتَحَاكَمَا إِلَى دَاوُدَ، فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى، فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ فَأَخْبَرَتَاهُ، فَقَالَ: ائْتُونِي بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَكُمَا، فَقَالَتِ الصُّغْرَى: لَا تَفْعَلْ يَرْحَمْكَ اللَّهُ، هُوَ ابْنُهَا، فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى" ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَاللَّهِ إِنْ سَمِعْتُ بِالسِّكِّينِ إِلَّا يَوْمَئِذٍ، مَا كُنَّا نَقُولُ: إِلَّا الْمُدْيَةَ» [5] . (1) ح، ر، ي: قَضِيَّةٌ. (2) ن، م، ح، ب: إِسْنَادٌ. (3) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) . (4) هَذِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ح) ، (ب) . (5) الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي: الْبُخَارِيِّ 4/162 كِتَابِ الْأَنْبِيَاءِ بَابِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: (وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ. . .) وَأَوَّلُهُ: مَثَلِي وَمَثَلُ النَّاسِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَارًا فَجَعَلَ الْفَرَاشُ وَهَذِهِ الدَّوَابُّ تَقَعُ فِي النَّارِ، وَقَالَ: كَانَتِ امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا، الْحَدِيثَ، وَهُوَ فِي: الْبُخَارِيِّ 8/156 - 157 (كِتَابِ الْفَرَائِضِ، بَابِ إِذَا ادَّعَتِ الْمَرْأَةُ ابْنًا) مُسْلِمٍ 3/1344 - 1345 كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ بَابِ بَيَانِ اخْتِلَافِ الْمُجْتَهِدِينَ، وَأَوَّلُهُ فِيهِ: بَيْنَمَا امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا، وَكَذَلِكَ أَوَّلُ الْحَدِيثِ فِي سُنَنِ النَّسَائِيِّ 8/206 - 207 كِتَابِ آدَابِ الْقُضَاةِ بَابِ حُكْمِ الْحَاكِمِ، وَجَاءَتْ فِيهِ رِوَايَةٌ أُخْرَى 8/207 بَابُ السِّعَةِ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَقُولَ لِلشَّيْءِ، وَالْحَدِيثُ أَيْضًا فِي الْمُسْنَدِ ط. الْمَعَارِفِ 16/202 فَإِنْ كَانَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ: عَلِيٌّ أَوْ غَيْرُهُ، سَمِعُوهَا مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا سَمِعَهَا أَبُو هُرَيْرَةَ، أَوْ سَمِعُوهَا مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَهَذَا غَيْرُ مُسْتَبْعَدٍ، وَهَذِهِ الْقِصَّةُ فِيهَا أَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - فَهَّمَ سُلَيْمَانَ مِنَ الْحِكَمِ مَا لَمْ يُفَهِّمْهُ لِدَاوُدَ [1] كَمَا فَهَّمَهُ الْحُكْمَ: إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ، وَكَانَ سُلَيْمَانُ قَدْ سَأَلَ رَبَّهُ حُكْمًا يُوَافِقُ حُكْمَهُ، وَمَعَ هَذَا فَلَا يُحْكَمُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ بِأَنَّ سُلَيْمَانَ أَفْضَلُ مِنْ دَاوُدَ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ -. [فصل كلام الرافضي أن عمر رضي الله عنه أمر برجم امرأة ولدت لستة أشهر فرده علي] فَصْلٌ [2] قَالَ الرَّافِضِيُّ [3] : "وَأَمَرَ بِرَجْمِ امْرَأَةٍ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: إِنْ خَاصَمْتُكَ بِكِتَابِ اللَّهِ - تَعَالَى - خَصَمْتُكَ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [سُورَةُ الْأَحْقَافِ: 15] وَقَالَ - تَعَالَى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 233] " . وَالْجَوَابُ: أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَسْتَشِيرُ الصَّحَابَةَ، فَتَارَةً يُشِيرُ عَلَيْهِ عُثْمَانُ بِمَا يَرَاهُ صَوَابًا، وَتَارَةً يُشِيرُ عَلَيْهِ عَلِيٌّ، وَتَارَةً يُشِيرُ عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَتَارَةً يُشِيرُ عَلَيْهِ غَيْرُهُمْ. وَبِهَذَا مَدَحَ اللَّه الْمُؤْمِنِينَ بِقَوْلِهِ - تَعَالَى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [سُورَةُ الشُّورَى: 38] وَالنَّاسُ مُتَنَازِعُونَ فِي الْمَرْأَةِ إِذَا ظَهَرَ بِهَا (1) ح، ب: دَاوُدَ. (2) فَصْلٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ح) ، (ر) ، وَفِي (ي) : الْفَصْلُ التَّاسِعُ وَالثَلَاثُونَ. (3) فِي (ك) ص 139 (م) . حَمْلٌ وَلَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ وَلَا سَيِّدٌ وَلَا ادَّعَتْ شُبْهَةً: هَلْ تُرْجَمُ؟ فَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالسَّلَفِ: أَنَّهَا تُرْجَمُ، وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ: لَا تُرْجَمُ، وَهِيَ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنْ أَحْمَدَ، قَالُوا: لِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ مُسْتَكْرَهَةً عَلَى الْوَطْءِ، أَوْ مَوْطُوءَةً بِشُبْهَةٍ، أَوْ حَمَلَتْ بِغَيْرِ وَطْءٍ. وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ الثَّابِتُ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَطَبَ النَّاسَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ، وَقَالَ: الرَّجْمُ فِي كِتَابِ اللَّهِ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ، أَوْ كَانَ الْحَبَلُ، أَوِ الِاعْتِرَافُ [1] . فَجُعِلَ الْحَبَلُ دَلِيلًا عَلَى ثُبُوتِ الزِّنَا كَالشُّهُودِ، وَهَكَذَا [2] هَذِهِ الْقَضِيَّةُ، وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي الشَّارِبِ هَلْ يُحَدُّ إِذَا تَقَيَّأَ أَوْ وُجِدَتْ مِنْهُ الرَّائِحَةُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ؛ وَالْمَعْرُوفُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخُلَفَائِهِ [3] الرَّاشِدِينَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَحُدُّونَ بِالرَّائِحَةِ وَبِالْقَيْءِ [4] ، وَكَانَ الشَّاهِدُ إِذَا شَهِدَ أَنَّهُ تَقَيَّأَهَا كَانَ كَشَهَادَتِهِ بِأَنَّهُ شَرِبَهَا، وَالِاحْتِمَالَاتُ الْبَعِيدَةُ هِيَ مِثْلُ احْتِمَالِ غَلَطِ الشُّهُودِ أَوْ كَذِبِهِمْ، وَغَلَطِهِ فِي (1) الْأَثَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي الْبُخَارِيِّ 8/168 كِتَابِ الْمُحَارِبِينَ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ وَالرِّدَّةِ، بَابِ الِاعْتِرَافِ بِالزِّنَا، وَأَوَّلُهُ: لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَطُولَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ حَتَّى يَقُولَ قَائِلٌ: لَا نَجِدُ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ أَلَا وَإِنَّ الرَّجْمَ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى وَقَدْ أُحْصِنَ إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ. . . . . إِلَخْ، وَالْأَثَرُ فِي مُسْلِمٍ 3/1317 كِتَابِ الْحُدُودِ بَابِ رَجْمِ الثَّيِّبِ فِي الزِّنَا، سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 4/203 - 204 كِتَابِ الْحُدُودِ بَابٌ فِي الرَّجْمِ، وَالْأَثَرُ فِي سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ وَالدَّارِمِيِّ وَالْمُوَطَّأِ، وَهُوَ فِي الْمُسْنَدِ ط. الْمَعَارِفِ 1/274 - 391 (2) ن، م: وَكَذَلِكَ. (3) م، ب: وَالْخُلَفَاءِ. (4) ح، ب: وَالْقَيْءُ.
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]() ![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد السادس الحلقة (363) صـ 95 إلى صـ 104 الْإِقْرَارِ أَوْ كَذِبِهِ، بَلْ هَذِهِ الدَّلَائِلُ الظَّاهِرَةُ يَحْصُلُ بِهَا مِنَ الْعِلْمِ مَا لَا يَحْصُلُ بِكَثِيرٍ مِنَ الشَّهَادَاتِ وَالْإِقْرَارَاتِ. وَالشَّهَادَةُ عَلَى الزِّنَا لَا يَكَادُ يُقَامُ بِهَا حَدٌّ، وَمَا أَعْرَفُ حَدًّا أُقِيمَ بِهَا [1] ، وَإِنَّمَا تُقَامُ الْحُدُودُ [2] إِمَّا بِاعْتِرَافٍ، وَإِمَّا بِحَبَلٍ، وَلَكِنْ يُقَامُ بِهَا مَا دُونُ الْحَدِّ، كَمَا إِذَا رُئِيَا مُتَجَرِّدَيْنِ فِي لِحَافٍ وَنَحْوِ [3] ذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَ مَعْرُوفًا عِنْدَ الصَّحَابَةِ أَنَّ الْحَدَّ يُقَامُ بِالْحَبَلِ، فَلَوْ وَلَدَتِ الْمَرْأَةُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أُقِيمَ عَلَيْهَا الْحَدُّ. وَالْوِلَادَةُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ نَادِرَةٌ إِلَى الْغَايَةِ، وَالْأُمُورُ النَّادِرَةُ قَدْ لَا تَخْطُرُ بِالْبَالِ، فَأَجْرَى عُمَرُ ذَلِكَ عَلَى الْأَمْرِ الْمُعْتَادِ الْمَعْرُوفِ فِي النِّسَاءِ، كَمَا فِي أَقْصَى الْحَمْلِ، فَإِنَّ الْمَعْرُوفَ مَنِ النِّسَاءِ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَلِدُ لِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ، وَقَدْ يُوجَدُ قَلِيلًا مَنْ تَلِدُ لِسَنَتَيْنِ، وَوُجِدَ نَادِرًا مَنْ وُلِدَتْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ، وَوُجِدَ مَنْ وُلِدَتْ لِسَبْعِ سِنِينَ، فَإِذَا وَلَدَتِ امْرَأَةٌ بَعْدَ إِبَانَةِ زَوْجِهَا لِهَذِهِ الْمُدَّةِ، فَهَلْ يَلْحَقُهُ النَّسَبُ؟ فِيهِ نِزَاعٌ مَعْرُوفٌ، وَهَذِهِ مِنْ مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ. فَكَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ يَحُدُّ لِأَقْصَى الْحَمْلِ الْمُدَّةَ النَّادِرَةَ، هَذَا يَحُدُّ سَنَتَيْنِ، وَهَذَا يَحُدُّ أَرْبَعًا [4] ، وَهَذَا يَحُدُّ سَبْعًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: هَذَا أَمْرٌ نَادِرٌ لَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ، وَإِذَا أَبَانَهَا وَجَاءَتْ بِالْوَلَدِ عَلَى خِلَافِ الْمُعْتَادِ، مَعَ ظُهُورِ كَوْنِهِ مِنْ غَيْرِهِ، لَمْ يَجِبْ إِلْحَاقُهُ بِهِ. (1) ح، ب: وَمَا أَعْرَفُ أَحَدًا أَقَامَ بِهَا، (2) وَإِنَّمَا يُقَامُ الْحَدُّ، (3) سَاقِطٌ مِنْ (ح) ، (ر) . (4) ح، ب: أَرْبَعَ سِنِينَ. [فصل كلام الرافضي أن عمر رضي الله عنه كان يضطرب في الأحكام] فَصْلٌ [1] قَالَ الرَّافِضِيُّ [2] : "وَكَانَ يَضْطَرِبُ فِي الْأَحْكَامِ فَقَضَى فِي الْجَدِّ بِمِائَةِ قَضِيَّةٍ" [3] . وَالْجَوَابُ: أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَسْعَدَ الصَّحَابَةِ الْمُخْتَلِفِينَ فِي الْجَدِّ بِالْحَقِّ؛ فَإِنَّ الصَّحَابَةَ فِي الْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ: أَنَّهُ يُسْقِطُ الْإِخْوَةَ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ وَأَكْثَرِ الصَّحَابَةِ، كَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَأَبِي مُوسَى، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَيُذْكَرُ عَنْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ مِنْهُمْ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَطَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، كَابْنِ سُرَيْجٍ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي حَفْصٍ الْبَرْمَكِيِّ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ، وَيُذْكَرُ هَذَا رِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ. وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّحِيحُ، فَإِنَّ نِسْبَةَ بَنِي الْإِخْوَةِ مِنَ الْأَبِ إِلَى الْجَدِّ، كَنِسْبَةِ الْأَعْمَامِ بَنِي الْجَدِّ إِلَى الْجَدِّ أَبِي الْأَبِ، وَقَدِ اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الْجَدَّ أَبَا الْأَبِ أَوْلَى مِنَ الْأَعْمَامِ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْجَدُّ أَبُو الْأَبِ أَوْلَى مِنَ الْإِخْوَةِ. وَأَيْضًا فَإِنَّ الْإِخْوَةَ لَوْ كَانُوا لِكَوْنِهِمْ يُدْلُونَ بِبُنُوَّةِ الْأَبِ بِمَنْزِلَةِ الْجَدِّ، لَكَانَ أَبْنَاؤُهُمْ، وَهُمْ بَنُو الْإِخْوَةِ، كَذَلِكَ. فَلَمَّا كَانَ أَوْلَادُهُمْ لَيْسُوا (1) فَصْلٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ح) ، (ر) ، وَفِي (ي) الْفَصْلُ الْأَرْبَعُونَ. (2) فِي (ك) ص 139 (م) . (3) ك: وَقَضَى فِي الْجَدِّ بِثَمَانِينَ قَضِيَّةً. بِمَنْزِلَتِهِمْ، عُلِمَ أَنَّهُمْ لَا يَتَقَدَّمُونَ بِبُنُوَّةِ الْأَبِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الِابْنَ لَمَّا كَانَ أَوْلَى مِنَ الْجَدِّ كَانَ ابْنُهُ [- ابْنُ الِابْنِ -] [1] بِمَنْزِلَتِهِ؟ وَأَيْضًا فَإِنَّ الْجَدَّةَ كَالْأُمِّ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْجَدُّ كَالْأَبِ، وَلِأَنَّ الْجَدَّ يُسَمَّى أَبًا، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ عُمَرَ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْجَدَّ يُقَاسِمُ الْإِخْوَةَ، وَهَذَا قَوْلُ عَلِيٍّ وَزَيْدٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ الْقَوْلَانِ، وَلَكِنَّهُمْ مُخْتَلِفُونَ فِي التَّفْصِيلِ [2] اخْتِلَافًا مُتَبَايِنًا. وَجُمْهُورُ أَهْلِ هَذَا الْقَوْلِ عَلَى مَذْهَبِ زَيْدٍ، كَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، وَأَمَّا قَوْلُ عَلِيٍّ فِي الْجَدِّ فَلَمْ يَذْهَبْ إِلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْفُقَهَاءِ، وَإِنَّمَا يُذْكَرُ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى أَنَّهُ كَانَ يَقْضِي بِهِ، وَيُذْكَرُ عَنْ عَلِيٍّ فِيهِ أَقْوَالٌ مُخْتَلِفَةٌ، فَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابَ، فَهُوَ قَوْلٌ لِعُمَرَ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ فَهُوَ قَوْلٌ لِعُمَرَ. وَإِنَّمَا نَفَذَ قَوْلُ زَيْدٍ فِي النَّاسِ لِأَنَّهُ كَانَ قَاضِيَ عُمَرَ، وَكَانَ عُمَرُ يُنْفِذُ قَضَاءَهُ [3] فِي الْجَدِّ لِوَرَعِهِ، لِأَنَّهُ كَانَ يَرَى أَنَّ الْجَدَّ كَالْأَبِ مِثْلَ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ، فَلَمَّا صَارَ جَدًّا تَوَرَّعَ [4] وَفَوَّضَ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ لِزَيْدٍ. وَقَوْلُ الْقَائِلِ: "إِنَّهُ قَضَى فِي الْجَدِّ بِمِائَةِ قَضِيَّةٍ" . إِنَّ صَحَّ هَذَا، لَمْ يَرِدْ بِهِ أَنَّهُ قَضَى فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ بِمِائَةِ قَوْلٍ؛ فَإِنَّ هَذَا غَيْرُ مُمْكِنٍ، وَلَيْسَ فِي مَسَائِلِ الْجَدِّ نِزَاعٌ أَكْثَرُ مِمَّا فِي مَسْأَلَةِ الْخَرْقَاءِ (1) ابْنُ الِابْنِ: فِي (ح) ، (ر) فَقَطْ. (2) ح، ب، ي: التَّفْضِيلُ. (3) ن، م: قَضَايَاهُ. (4) م، ر، ي: تَوَزَّعَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. أُمٍّ وَأُخْتٍ وَجَدٍّ، وَالْأَقْوَالُ فِيهَا سِتَّةٌ، فَعُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ إِنْ كَانَ صَحِيحًا: أَنَّهُ قَضَى فِي مِائَةِ حَادِثَةٍ مِنْ حَوَادِثِ الْجَدِّ، وَهَذَا مَعَ أَنَّهُ مُمْكِنٌ، لَكِنْ لَمْ يَخْرُجْ قَوْلُهُ عَنْ قَوْلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ، وَقَوْلُ عَلِيٍّ مُخْتَلِفٌ أَيْضًا. وَأَهْلُ الْفَرَائِضِ يَعْلَمُونَ هَذَا وَهَذَا، مَعَ [1] أَنَّ الْأَشْبَهَ أَنَّ هَذَا كَذِبٌ، فَإِنَّ وُجُودَ جَدٍّ وَإِخْوَةٍ فِي الْفَرِيضَةِ قَلِيلٌ جِدًّا فِي النَّاسِ، وَعُمَرُ إِنَّمَا تَوَلَّى عَشْرَ سِنِينَ، وَكَانَ قَدْ أَمْسَكَ عَنِ الْكَلَامِ فِي الْجَدِّ. وَثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ: "ثَلَاثٌ وَدِدْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ بَيَّنَهُنَّ لَنَا: الْجَدُّ، وَالْكَلَالَةُ، وَأَبْوَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا" [2] . وَمَنْ كَانَ مُتَوَقِّفًا لَمْ يَحْكُمْ فِيهَا بِشَيْءٍ. وَمِمَّا يُبَيِّنْ هَذَا أَنَّ النَّاسَ إِنَّمَا نَقَلُوا عَنْ عُمَرَ فِي فَرِيضَةٍ وَاحِدَةٍ قَضَاءَيْنِ. قَضَى [3] فِي الْمُشْرِكَةِ، فَرُوِيَ عَنْهُ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ فِي كُتُبِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ قَضَى فِيهَا مَرَّةً بِعَدَمِ التَّشْرِيكِ، وَهَذَا قَوْلُ عَلِيٍّ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ. وَقَضَى فِي نَظِيرِهَا فِي الْعَامِ الثَّانِي بِالتَّشْرِيكِ، وَقَالَ: ذَلِكَ عَلَى مَا قَضَيْنَا، وَهَذَا عَلَى مَا نَقْضِي، وَهَذَا قَوْلُ زَيْدٍ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ؛ فَإِنَّهُمَا وَغَيْرِهِمَا مُقَلِّدَانِ لِزَيْدٍ فِي الْفَرَائِضِ، وَهِيَ رِوَايَةُ حَرْبٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ. وَهَذَا مِمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الِاجْتِهَادَ لَا يُنْقُضُ بِالِاجْتِهَادِ. (1) ب: هَذَا مَعَ. (2) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثَ فِيمَا مَضَى 5/412 (3) ن، م: قَضَا، ر: قَضَاءً. وَعَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُوَافِقُ عَلَى ذَلِكَ؛ فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: "كَانَ رَأْيِي وَرَأْيُ عُمَرَ فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ أَنْ لَا يُبَعْنَ، ثُمَّ قَدْ رَأَيْتُ أَنْ يُبَعْنَ" فَقَالَ لَهُ قَاضِيهِ عَبِيدَةُ السَّلْمَانِيُّ: "رَأْيُكُ مَعَ عُمَرَ فِي الْجَمَاعَةِ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ رَأْيِكَ وَحْدَكَ فِي الْفُرْقَةِ" فَعَلِيٌّ لَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَا قَضَى بِهِ فِي عِتْقِهِنَّ وَمَنْعِ بَيْعِهِنَّ هُوَ وَعُمَرُ لَمْ يَكُنْ يَنْقُضُهُ، وَإِنَّمَا كَانَ يَرَى أَنْ يَسْتَأْنِفَ فِيمَا بَعْدُ أَنْ يَجُوزَ بَيْعُهُنَّ. وَالْمَسَائِلُ الَّتِي لِعَلِيٍّ فِيهَا قَوْلَانِ وَأَكْثَرُ كَثِيرَةً، وَنَفْسُ الْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ قَدْ نُقِلَ عَنْهُ فِيهَا اخْتِلَافٌ كَثِيرٌ. وَنُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَرْسَلَ إِلَيْهِ بَعْضَ نُوَّابِهِ يَسْأَلُهُ عَنْ قَضِيَّةٍ فِي ذَلِكَ يَأْمُرُهُ فِيهَا بِاجْتِهَادِهِ وَيَقُولُ: قَطِّعِ الْكِتَابَ؛ فَإِنَّهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَأَى أَنَّهُ إِنَّمَا يَتَكَلَّمُ فِيهَا بِالِاجْتِهَادِ لِلضَّرُورَةِ، وَهُوَ مُضْطَرٌّ إِلَى الِاجْتِهَادِ فِي هَذِهِ الْمُعَيَّنَةِ، وَكَرِهَ أَنْ يُقَلِّدَهُ غَيْرُهُ مِنْ غَيْرِ اجْتِهَادٍ مِنْهُ، فَأَمَرَهُ بِتَقْطِيعِ الْكِتَابِ لِذَلِكَ. بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَ مَعَهُ فِيهَا نَصٌّ، فَإِنَّهُ كَانَ يُبَلِّغُهُ، وَيَأْمُرُهُ بِتَبْلِيغِهِ، وَلَا يَأْمُرُ بِقَطْعِ كِتَابِهِ. وَالْعُلَمَاءُ مُخْتَلِفُونَ فِي بَيْعِ الْكُتُبِ الَّتِي فِيهَا الْعِلْمُ بِالرَّأْيِ، هَلْ يَجُوزُ [بَيْعُهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْأَحْكَامِ فِيهِ؟] [1] عَلَى قَوْلَيْنِ. (1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (ح) ، (ر) ، (ي) فَقَطْ. [فصل كلام الرافضي أن عمر كان يفضل في الغنيمة والعطاء] فَصْلٌ [1] قَالَ الرَّافِضِيُّ [2] : "وَكَانَ يُفَضِّلُ فِي الْغَنِيمَةِ وَالْعَطَاءِ، وَأَوْجَبَ [3] اللَّهُ - تَعَالَى - التَّسْوِيَةَ" . وَالْجَوَابُ: أَمَّا الْغَنِيمَةُ فَلَمْ يَكُنْ يُقَسِّمُهَا هُوَ بِنَفْسِهِ، وَإِنَّمَا يُقَسِّمُهَا الْجَيْشُ الْغَانِمُونَ بَعْدَ الْخُمُسِ، وَكَانَ الْخُمُسُ يُرْسَلُ إِلَيْهِ، كَمَا يُرْسَلُ إِلَى غَيْرِهِ، فَيُقَسِّمُهُ بَيْنَ أَهْلِهِ، وَلَمْ يَقُلْ عُمَرُ وَلَا غَيْرُهُ: إِنَّ الْغَنِيمَةَ يَجِبُ فِيهَا التَّفْضِيلُ، وَلَكِنْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ: هَلْ لِلْإِمَامِ أَنْ يُفَضِّلَ بَعْضَ الْغَانِمِينَ عَلَى بَعْضٍ، إِذَا تَبَيَّنَ [4] لَهُ زِيَادَةُ نَفْعٍ؟ فِيهِ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ، هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ، إِحْدَاهُمَا [5] : أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، «لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَفَلَ فِي بِدَايَتِهِ الرُّبُعَ بَعْدِ الْخُمُسِ، وَفِي رَجَعْتِهِ الثُّلُثَ بَعْدِ الْخُمُسِ» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ [6] . وَهَذَا تَفْضِيلٌ لِبَعْضِ الْغَانِمِينَ مِنْ أَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ، وَلِأَنَّ فِي (1) فَصْلٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ح) ، (ر) ، وَفِي (ي) : الْفَصْلُ الْحَادِيُ وَالْأَرْبَعُونَ. (2) فِي (ك) ص 139 (م) . (3) ح، ر، ي: وَأَحَبَّ. (4) تَبَيَّنَ: كَذَا فِي (ح) ، (ب) ، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: ظَهَرَ. (5) ح، ي، ب: أَحَدُهُمَا. (6) الْحَدِيثَ مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ الْفِهْرَيِّ وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي: سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 3/106 - 107 كِتَابِ الْجِهَادِ بَابِ فِيمَنْ قَالَ: الْخُمُسُ قَبْلَ النَّفْلِ، الْمُسْنَدُ ط. الْحَلَبِيِّ 4/159، 160، 5/319 - 320 الصَّحِيحِ [1] صَحِيحِ مُسْلِمٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَى سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ سَهْمَ رَاجِلٍ وَفَارِسٍ فِي غَزْوَةِ الْغَابَةِ، وَكَانَ رَاجِلًا، لِأَنْ أَتَى مِنَ الْقَتْلِ وَالْغَنِيمَةِ وَإِرْهَابِ الْعَدُوِّ بِمَا لَمْ يَأْتِ بِهِ غَيْرُهُ» [2] . وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ، وَمَالِكٌ يَقُولُ: لَا يَكُونُ النَّفْلُ إِلَّا مِنَ الْخُمُسِ، وَالشَّافِعِيُّ يَقُولُ: لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ [3] عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قِبَلَ نَجْدٍ، فَبَلَغَتْ سُهْمَانُنَا [4] اثَّنَى عَشَرَ بَعِيرًا، وَنَفَلَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعِيرًا بَعِيرًا» [5] . وَهَذَا النَّفْلُ لَا يَقُومُ بِهِ خُمُسُ الْخُمُسِ. وَفِي الْجُمْلَةِ فَهَذِهِ مَسْأَلَةُ اجْتِهَادٍ، فَإِذَا كَانَ عُمَرُ يَسُوغُ التَّفْضِيلَ لِلْمَصْلَحَةِ، فَهُوَ الَّذِي ضَرَبَ اللَّهُ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِهِ وَقَلْبِهِ [6] . وَأَمَّا التَّفْضِيلُ فِي الْعَطَاءِ فَلَا رَيْبَ أَنَّ عُمَرَ كَانَ يُفَضِّلُ فِيهِ وَيَجْعَلُ (1) الصَّحِيحِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ح) ، (ب) . (2) انْظُرْ هَذَا الْخَبَرَ فِي حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ الطَّوِيلِ فِي: مُسْلِمٍ 3/1433 - 1441 كِتَابِ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ، بَابِ غَزْوَةِ ذِي قَرَدَ وَغَيْرِهَا، وَنَصُّ الْخَبَرِ ص 1439 ثُمَّ أَعْطَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهْمَيْنِ: سَهْمَ الْفَارِسِ وَسَهْمَ الرَّاجِلِ، فَجَمَعَهُمَا لِي جَمِيعًا، وَهُوَ فِي الْمُسْنَدِ ط. الْحَلَبِيِّ 4/53 (3) ح، ب: فِي الصَّحِيحَيْنِ، (4) ر: سِهَامُنَا. (5) جَاءَ الْأَثَرُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْبُخَارِيِّ 5/160 (كِتَابِ الْمَغَازِي، بَابِ السَّرِيَّةِ الَّتِي قِبَلَ نَجْدٍ) الْمُسْنَدَ ط. الْمَعَارِفِ 6/261، 262، 7/195 (6) ن، م: وَيَدِهِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. النَّاسَ فِيهِ عَلَى مَرَاتِبَ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَئِنْ عِشْتُ إِلَى قَابِلٍ لَأَجْعَلَنَّ النَّاسَ بَابًا [1] وَاحِدًا، أَيْ نَوْعًا وَاحِدًا. وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُسَوِّي فِي الْعَطَاءِ، وَكَانَ عَلِيٌّ يُسَوِّي أَيْضًا، وَكَانَ عُثْمَانُ يُفَضِّلُ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ اجْتِهَادٍ، فَهَلْ لِلْإِمَامِ التَّفْضِيلُ فِيهِ لِلْمَصْلَحَةِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ، وَالتَّسْوِيَةُ فِي الْعَطَاءِ اخْتِيَارُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ، وَالتَّفْضِيلُ قَوْلُ مَالِكٍ. وَأَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ: "إِنَّ اللَّهَ أَوْجَبَ التَّسْوِيَةَ فِيهِ" . فَهُوَ لَمْ يَذْكُرْ عَلَى ذَلِكَ دَلِيلًا، وَلَوْ ذَكَرَ دَلِيلًا لَتَكَلَّمْنَا عَلَيْهِ، كَمَا نَتَكَلَّمُ فِي مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ، وَالَّذِينَ أُمِرُوا بِالتَّسْوِيَةِ مِنَ الْعُلَمَاءِ احْتَجُّوا بِأَنَّ اللَّهَ قَسَّمَ الْمَوَارِيثَ بَيْنَ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ بِالسَّوَاءِ، وَلَمْ يُفَضِّلْ أَحَدًا بِصِفَةٍ، وَأَجَابَ الْمُفَضِّلُونَ بِأَنَّ تِلْكَ تَسْتَحِقُّ بِسَبَبٍ لَا بِعَمَلٍ [2] . وَاحْتَجُّوا «بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَوَّى فِي الْمَغَانِمِ بَيْنَ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ، فَأَعْطَى الرَّاجِلَ سَهْمًا وَاحِدًا، وَأَعْطَى الْفَارِسَ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ» ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ [3] . . وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ: مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ. وَقِيلَ: (1) ن، م: بَيَانًا، ب: بِبَانَا، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. (2) ن: لَا يَعْلَمُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. (3) الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي: الْبُخَارِيِّ 5/136 - 137 كِتَابِ الْمَغَازِي، بَابِ غَزْوَةِ خَيْبَرَ، وَنَصُّهُ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا، قَالَ: فَسَّرَهُ نَافِعٌ فَقَالَ: إِذَا كَانَ مَعَ الرَّجُلِ فَرَسٌ فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَرَسٌ فَلَهُ سَهْمٌ، وَانْظُرِ الْبُخَارِيَّ 4 كِتَابَ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ، بَابَ سِهَامِ الْفُرْسِ، مُسْلِمٌ 3/1383 كِتَابُ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ، بَابُ كَيْفِيَّةِ قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ بَيْنَ الْحَاضِرِينَ، سُنَنُ أَبِي دَاوُدَ 3/101 كِتَابُ الْجِهَادِ، بَابٌ فِي سُهْمَانِ الْخَيْلِ، سُنَنُ التِّرْمِذِيِّ 3/56 كِتَابُ السِّيَرِ بَابٌ فِي سَهْمِ الْخَيْلِ أَعْطَاهُ سَهْمَيْنِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ أَحَادِيثُ ضَعِيفَةٌ، وَالثَّابِتُ فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ عَامُ خَيْبَرَ أَعْطَى الْفَارِسَ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ: سَهْمًا لَهُ، وَسَهْمَيْنِ لِفَرَسِهِ، وَكَانَتِ الْخَيْلُ مِائَتَيْ فَرَسٍ، وَكَانُوا أَرْبَعَةَ عَشَرَ مِائَةً، فَقَسَّمَ خَيْبَرَ عَلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا، كُلُّ مِائَةٍ فِي سَهْمٍ، فَأَعْطَى أَهْلَ الْخَيْلِ سِتَّمِائَةِ سَهْمٍ، وَكَانُوا مِائَتَيْنِ، وَأَعْطَى أَلْفًا وَمِائَتَيْنِ لِأَلْفٍ وَمِائَتَيْ رَجُلٍ، وَكَانَ أَكْثَرُهُمْ رُكْبَانًا عَلَى الْإِبِلِ، فَلَمْ يُسْهِمْ لِلْإِبِلِ عَامَ خَيْبَرَ» [1] . وَالْمُجَوِّزُونَ لِلتَّفْضِيلِ قَالُوا: بَلِ الْأَصْلُ التَّسْوِيَةُ، وَكَانَ أَحْيَانًا يُفَضِّلُ، فَدَلَّ عَلَى جَوَازِ التَّفْضِيلِ، وَهَذَا الْقَوْلُ أَصَحُّ: أَنْ [2] الْأَصْلَ التَّسْوِيَةُ، وَأَنَّ التَّفْضِيلَ لِمَصْلَحَةٍ رَاجِحَةٍ جَائِزٌ. وَعُمَرُ لَمْ يُفَضِّلْ لِهَوًى وَلَا حَابَى، بَلْ قَسَّمَ الْمَالَ عَلَى الْفَضَائِلِ الدِّينِيَّةِ، فَقَدَّمَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، ثُمَّ مَنْ بَعْدَهُمْ [مِنْ] [3] الصَّحَابَةِ، ثُمَّ مَنْ بَعْدَهُمْ، وَكَانَ يُنْقِصُ نَفْسَهُ وَأَقَارِبَهُ عَنْ نُظَرَائِهِمْ، فَنَقَصَ ابْنَهُ وَابْنَتَهُ عَمَّنْ كَانَا أَفْضَلَ مِنْهُ. (1) فِي: سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 3/101 - 102 كِتَابِ الْجِهَادِ، بَابِ فِيمَنْ أَسْهَمَ لَهُ سَهْمًا عَنْ مُجَمِّعِ بْنِ جَارِيَةَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَانَ أَحَدَ الْقُرَّاءِ الَّذِينَ قَرَأُوا الْقُرْآنَ، قَالَ: شَهِدْنَا الْحُدَيْبِيَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الْحَدِيثَ وَفِيهِ: فَقُسِّمَتْ خَيْبَرُ عَلَى أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ، فَقَسَّمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا، وَكَانَ الْجَيْشُ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ، فِيهِمْ ثَلَاثُمِائَةِ فَارِسٍ، فَأَعْطَى الْفَارِسَ سَهْمَيْنِ، وَأَعْطَى الرَّاجِلَ سَهْمًا، وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدِيثُ أَبِي مُعَاوِيَةَ أَصَحُّ وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ، وَأَرَى الْوَهْمَ فِي حَدِيثِ مُجَمِّعٍ أَنَّهُ قَالَ: ثَلَاثُمِائَةِ فَارِسٍ، وَكَانُوا مِائَتَيْ فَارِسٍ. (2) ن، ر: لِأَنَّ. (3) مِنْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . وَإِنَّمَا يُطْعَنُ فِي تَفْضِيلِ مَنْ فَضَّلَ لِهَوًى، أَمَّا مَنْ كَانَ قَصْدُهُ وَجْهَ اللَّهِ - تَعَالَى وَطَاعَةَ رَسُولِهِ، وَتَعْظِيمَ مَنْ عَظَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَتَقْدِيمَ مَنْ قَدَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ - فَهَذَا يُمْدَحُ وَلَا يُذَمُّ. وَلِهَذَا كَانَ يُعْطِي عَلِيًّا وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ مَا لَا يُعْطِي لِنُظَرَائِهِمْ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ أَقَارِبِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَلَوْ سَوَّى لَمْ يَحْصُلْ لَهُمْ إِلَّا بَعْضُ ذَلِكَ. وَأَمَّا الْخُمُسُ فَقَدِ اخْتَلَفَ اجْتِهَادُ الْعُلَمَاءِ فِيهِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: سَقَطَ بِمَوْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا يَسْتَحِقُّ أَحَدٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ شَيْئًا بِالْخُمُسِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ يَتِيمٌ أَوْ مِسْكِينٌ، فَيُعْطَى لِكَوْنِهِ يَتِيمًا أَوْ مِسْكِينًا، وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: بَلْ هُوَ لِذِي قُرْبَى وَلِيِّ الْأَمْرِ بَعْدَهُ، فَكُلُّ وَلِيِّ أَمْرٍ [1] يُعْطِي أَقَارَبَهُ، وَهَذَا قَوْلُ طَائِفَةٍ، مِنْهُمْ [الْحَسَنُ وَ] أَبُو ثَوْرٍ [2] فِيمَا أَظُنُّ [3] . وَقَدْ نُقِلَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عُثْمَانَ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: بَلِ الْخُمُسُ يُقَسَّمُ خَمْسَةَ أَقْسَامِ التَّسْوِيَةِ، وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: بَلِ الْخُمُسُ إِلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ يُقَسِّمُهُ بِنَفْسِهِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ كَمَا يُقَسَّمُ الْفَيْءُ، وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ السَّلَفِ، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمَذْهَبُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ؛ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عَنْ (1) ن، م: فَكُلُّ امْرِئٍ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. (2) ن، م: مِنْهُمْ أَبُو ثَوْرٍ. (3) فِيمَا أَظُنُّ: لَيْسَتْ فِي (ح) ، (ر) ، (ي) .
__________________
|
#4
|
||||
|
||||
![]() ![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد السادس الحلقة (364) صـ 105 إلى صـ 114 أَحْمَدَ، وَهُوَ أَصَحُّ الْأَقْوَالِ، وَعَلَيْهِ يَدُلُّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، كَمَا قَدْ بَسَطْنَاهُ فِي مَوْضِعِهِ. فَمَصْرِفُ الْفَيْءِ وَالْخُمُسِ وَاحِدٌ، فَكَانَ دِيوَانُ الْعَطَاءِ الَّذِي لِعُمَرَ يُقَسَّمُ فِيهِ الْخُمُسُ وَالْعَطَاءُ جَمِيعًا. وَأَمَّا مَا يَقُولُهُ الرَّافِضَةُ مِنْ أَنَّ خُمُسَ مَكَاسِبِ الْمُسْلِمِينَ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ وَيُصْرَفُ إِلَى مَنْ يَرَوْنَهُ هُوَ نَائِبُ الْإِمَامِ الْمَعْصُومِ أَوْ إِلَى غَيْرِهِ، فَهَذَا قَوْلٌ لَمْ يَقُلْهُ قَطُّ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ: لَا عَلِيٌّ وَلَا غَيْرُهُ، وَلَا أَحَدٌ مِنَ التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، وَلَا أَحَدٌ مِنَ الْقَرَابَةِ: لَا بَنِي هَاشِمٍ وَلَا غَيْرِهِمْ. وَكُلُّ مَنْ نَقَلَ هَذَا عَنْ عَلِيٍّ أَوْ عُلَمَاءِ أَهْلِ بَيْتِهِ، كَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَأَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، فَقَدْ كَذَبَ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّ هَذَا خِلَافُ الْمُتَوَاتِرِ مِنْ سِيرَةِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَإِنَّهُ قَدْ تَوَلَّى الْخِلَافَةَ أَرْبَعَ سِنِينَ وَبَعْضَ أُخْرَى، وَلَمْ يَأْخُذْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ شَيْئًا، بَلْ لَمْ يَكُنْ فِي وِلَايَتِهِ قَطُّ خُمُسٌ مَقْسُومٌ، أَمَّا الْمُسْلِمُونَ فَمَا خَمَّسَ لَا هُوَ وَلَا غَيْرُهُ أَمْوَالَهُمْ، وَأَمَّا الْكُفَّارُ فَإِذَا غُنِمْتَ مِنْهُمُ الْأَمْوَالُ [1] خُمِّسَتْ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، لَكِنَّ فِي عَهْدِهِ لَمْ يَتَفَرَّغِ الْمُسْلِمُونَ لِقِتَالِ الْكُفَّارِ، بِسَبَبِ مَا وَقَعَ بَيْنَهُمْ مِنَ الْفِتْنَةِ وَالِاخْتِلَافِ. وَكَذَلِكَ مِنَ الْمَعْلُومِ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُخَمِّسْ أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا طَالَبَ أَحَدًا [2] قَطُّ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِخُمُسِ (1) ب: أَمْوَالٌ. (2) ن، م، ب: وَلَا طَلَبَ أَحَدًا، ر، ي: وَلَا طَلَبَ طَالِبٌ أَحَدًا، ح: وَلَا طَلَبَ طَالِبٌ أَحَدًا. وَلَعَلَّ الصَّوَابَ مَا أُثْبِتُهُ. مَالِهِ، بَلْ إِنَّمَا كَانَ يَأْخُذُ مِنْهُمُ الصَّدَقَاتِ، وَيَقُولُ: لَيْسَ لِآلِ مُحَمَّدٍ مِنْهَا شَيْءٌ، وَكَانَ يَأْمُرُهُمْ بِالْجِهَادِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ، وَكَانَ هُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقْسِّمُ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ: يُقَسِّمُ الْغَنَائِمَ بَيْنَ أَهْلِهَا، وَيُقَسِّمُ الْخُمُسَ وَالْفَيْءَ. وَهَذِهِ هِيَ الْأَمْوَالُ الْمُشْتَرَكَةُ السُّلْطَانِيَّةُ الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخُلَفَاؤُهُ يَتَوَلَّوْنَ قِسْمَتَهَا [1] . وَقَدْ صَنَّفَ الْعُلَمَاءُ لَهَا كُتُبًا مُفْرَدَةً، وَجَمَعُوا بَيْنَهَا فِي مَوَاضِعَ: يَذْكُرُونَ قَسْمَ الْغَنَائِمِ وَالْفَيْءِ وَالصَّدَقَةِ. وَالَّذِي تَنَازَعَ فِيهِ أَهْلُ الْعِلْمِ لَهُمْ فِيهِ مَأْخَذٌ، فَتَنَازَعُوا فِي الْخُمُسِ، لِأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - قَالَ فِي الْقُرْآنِ: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [سُورَةُ الْأَنْفَالِ: 41] . وَقَالَ فِي الْفَيْءِ: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} [سُورَةُ الْحَشْرِ: 7] . وَقَدْ قَالَ قَبْلَ ذَلِكَ: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ} [سُورَةُ الْحَشْرِ: 6] . وَأَصْلُ الْفَيْءِ الرُّجُوعُ، وَاللَّهُ خَلَقَ الْخَلْقَ لِعِبَادَتِهِ، وَأَعْطَاهُمُ الْأَمْوَالَ يَسْتَعِينُونَ بِهَا عَلَى عِبَادَتِهِ، فَالْكُفَّارُ لَمَّا كَفَرُوا بِاللَّهِ وَعَبَدُوا غَيْرَهُ لَمْ يَبْقُوا (1) ح، ب، ر، ي: قَسْمَهَا. مُسْتَحِقِّينَ لِلْأَمْوَالِ، فَأَبَاحَ اللَّهُ لِعِبَادِهِ قَتْلَهُمْ وَأَخْذَ أَمْوَالِهِمْ، فَصَارَتْ فَيْئًا أَعَادَهُ اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، لِأَنَّهُمْ هُمُ الْمُسْتَحِقُّونَ لَهُ، وَكُلُّ مَالٍ أُخِذَ مِنَ الْكُفَّارِ قَدْ يُسَمَّى فَيْئًا حَتَّى الْغَنِيمَةِ. كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي غَنَائِمِ حُنَيْنٍ: "«لَيْسَ لِي مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ إِلَّا الْخُمُسُ، وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ»" [1] . لَكِنْ لَمَّا قَالَ - تَعَالَى: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} [سُورَةُ الْحَشْرِ: 6] ، وَقَالَ: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} [سُورَةُ الْحَشْرِ: 7] صَارَ اسْمُ الْفَيْءِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لَمَّا أَخَذَ مِنَ الْكُفَّارِ بِغَيْرِ قِتَالٍ. وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْفَيْءَ لَا يُخَمَّسُ، كَقَوْلِ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ، وَهَذَا قَوْلُ السَّلَفِ قَاطِبَةً، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْخِرَقِيُّ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ: يُخَمَّسُ، وَالصَّوَابُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، فَإِنَّ السُّنَنَ الثَّابِتَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخُلَفَائِهِ تَقْتَضِي أَنَّهُمْ لَمْ يَخْمُسُوا فَيْئًا قَطُّ، بَلْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِكَانَتْ أَوَّلَ الْفَيْءِ، وَلَمْ يَخْمُسْهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَلْ خَمَسَ غَنِيمَةَ بَدْرٍ، وَخَمَسَ خَيْبَرَ وَغَنَائِمَ حُنَيْنٍ. وَكَذَلِكَ الْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ، لَمْ يَكُونُوا يَخْمُسُونَ الْجِزْيَةَ وَالْخَرَاجَ. وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَفْظُ آيَةِ الْخُمُسِ وَآيَةِ الْفَيْءِ وَاحِدًا، اخْتَلَفَ فَهْمُ النَّاسِ لِلْقُرْآنِ، فَرَأَتْ طَائِفَةٌ أَنَّ آيَةَ الْخُمُسِ تَقْتَضِي أَنْ يُقْسَّمَ الْخُمُسُ بَيْنَ الْخَمْسَةِ بِالسَّوِيَّةِ، وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَدَاوُدَ (1) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 4/208 - 209 الظَّاهِرِيِّ، لِأَنَّهُمْ ظَنُّوا أَنَّ هَذَا ظَاهِرُ الْقُرْآنِ، ثُمَّ إِنْ آيَةَ الْفَيْءِ لَفْظُهَا كَلَفْظِ آيَةِ الْخُمُسِ، فَرَأَى بَعْضُهُمْ أَنَّ الْفَيْءَ كُلَّهُ يُصْرَفُ أَيْضًا مَصْرِفَ الْخُمُسِ إِلَى هَؤُلَاءِ الْخَمْسَةِ، وَهَذَا قَوْلُ دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ وَأَتْبَاعِهِ، وَمَا عَلِمْتُ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ قَبْلَهُ. وَهُوَ قَوْلٌ يَقْتَضِي فَسَادَ الْإِسْلَامِ إِذَا دُفِعَ الْفَيْءُ كُلُّهُ إِلَى هَذِهِ الْأَصْنَافِ، وَهَؤُلَاءِ يَتَكَلَّمُونَ أَحْيَانًا بِمَا يَظُنُّونَهُ ظَاهِرَ اللَّفْظِ، وَلَا يَتَدَبَّرُونَ عَوَاقِبَ قَوْلِهِمْ، وَرَأَى بَعْضُهُمْ أَنَّ قَوْلَهُ فِي آيَةِ الْفَيْءِ: {فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} [سُورَةُ الْحَشْرِ: 7] الْمُرَادُ بِذَلِكَ: خُمُسُ الْفَيْءِ، فَرَأَوْا أَنَّ الْفَيْءَ يُخْمَسُ، وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ. وَقَالَ الْجُمْهُورُ: هَذَا ضَعِيفٌ جِدًّا، لِأَنَّهُ قَالَ: {فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [سُورَةُ الْحَشْرِ: 7] ، لَمْ يَقُلْ: خُمُسُهُ لِهَؤُلَاءِ، ثُمَّ قَالَ: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ} [سُورَةُ الْحَشْرِ: 8] ، {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [سُورَةُ الْحَشْرِ: 9] {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} [سُورَةُ الْحَشْرِ: 10] وَهَؤُلَاءِ هُمُ الْمُسْتَحِقُّونَ لِلْفَيْءِ كُلِّهِ، فَكَيْفَ يَقُولُ: الْمُرَادُ خُمُسُهُ؟ وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ لَمَّا قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ قَالَ: "هَذِهِ عَمَّتِ الْمُسْلِمِينَ كُلَّهُمْ" . وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَمَنْ وَافَقَهُ فَوَافَقُوا هَؤُلَاءِ عَلَى أَنَّ الْخُمُسَ يَسْتَحِقُّهُ هَؤُلَاءِ، لَكِنْ قَالُوا: إِنَّ سَهْمَ الرَّسُولِ كَانَ يَسْتَحِقُّهُ فِي حَيَّاتِهِ، وَذَوُو قُرْبَاهُ كَانُوا يَسْتَحِقُّونَهُ لِنَصْرِهِمْ لَهُ، وَهَذَا قَدْ سَقَطَ بِمَوْتِهِ فَسَقَطَ سَهْمُهُمْ، كَمَا سَقَطَ سَهْمُهُ. وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ قَالَا: بَلْ يُقَسَّمُ سَهْمُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فِي مَصْرِفِ الْفَيْءِ، إِمَّا فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ، وَإِمَّا فِي الْمَصَالِحِ مُطْلَقًا، وَاخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ: هَلْ كَانَ الْفَيْءُ مِلْكًا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَيَاتِهِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: نَعَمْ، كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَبَعْضُ أَصْحَابِ أَحْمَدَ، لِأَنَّهُ أُضِيفَ إِلَيْهِ، وَالثَّانِي: لَمْ يَكُنْ مِلْكًا لَهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَتَصَرَّفُ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمَالِكِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: ذَوُو الْقُرْبَى هُمْ ذَوُو قُرْبَى [1] الْقَاسِمِ الْمُتَوَلِّي، وَهُوَ الرَّسُولُ فِي حَيَاتِهِ، وَمَنْ يَتَوَلَّى الْأَمْرَ بَعْدَهُ. وَاحْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: "«مَا أَطْعَمَ اللَّهُ نَبِيًّا طُعْمَةً إِلَّا كَانَتْ لِمَنْ [2] يَتَوَلَّى الْأَمْرَ بَعْدَهُ»" [3] . وَالْقَوْلُ الْخَامِسُ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَكْثَرِ السَّلَفِ: أَنَّ مَصْرِفَ الْخُمُسِ وَالْفَيْءِ وَاحِدٌ، وَأَنَّ الْجَمِيعَ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ يُصْرَفُ فِيمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ، وَالرَّسُولُ هُوَ الْمُبَلِّغُ عَنِ اللَّهِ: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [سُورَةُ الْحَشْرِ: 7] . (1) قُرْبَى: سَاقِطَةٌ مِنْ (ح) ، (ر) . (2) ن، م: لِلَّذِي. (3) الْحَدِيثَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 3/198 كِتَابِ الْخَوَارِجِ وَالْإِمَارَةِ وَالْفَيْءِ، بَابِ فِي صَفَايَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْأَمْوَالِ، وَنَصُّهُ: عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: جَاءَتْ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَطْلُبُ مِيرَاثَهَا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَطْعَمَ نَبِيًّا طُعْمَةً فَهِيَ لِلَّذِي يَقُومُ بَعْدَهُ، وَالْحَدِيثُ مَعَ اخْتِلَافٍ يَسِيرٍ فِي اللَّفْظِ، فِي الْمُسْنَدِ ط. الْمَعَارِفِ 1/160 وَصَحَّحَ أَحْمَدُ شَاكِرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ الْحَدِيثَ. وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ: "«إِنِّي وَاللَّهِ لَا أُعْطِي أَحَدًا وَلَا أَمْنَعُ أَحَدًا، وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ أَضَعُ حَيْثُ أُمِرْتُ»" [1] . فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ يُعْطِي الْمَالَ لِمَنْ أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ لَا لِمَنْ يُرِيدُ هُوَ، وَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَضَافَهُ إِلَيْهِ لِكَوْنِهِ رَسُولَ اللَّهِ لَا لِكَوْنِهِ مَالِكًا لَهُ. وَهَذَا بِخِلَافِ نَصِيبِهِ مِنَ الْمَغْنَمِ وَمَا وُصِّيَ لَهُ بِهِ، فَإِنَّهُ كَانَ مِلْكَهُ، وَلِهَذَا سُمِّيَ الْفَيْءُ مَالَ اللَّهِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ الْمَالُ الَّذِي يَجِبُ صَرْفُهُ فِيمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ؛ أَيْ: فِي طَاعَةِ اللَّهِ، أَيْ لَا يَصْرِفُهُ أَحَدٌ فِيمَا يُرِيدُ وَإِنْ كَانَ مُبَاحًا، بِخِلَافِ الْأَمْوَالِ الْمَمْلُوكَةِ. وَهَذَا بِخِلَافِ قَوْلِهِ: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [سُورَةُ النُّورِ: 33] فَإِنَّهُ لَمْ يُضِفْهُ إِلَى الرَّسُولِ بَلْ جَعَلَهُ مِمَّا آتَاهُمُ اللَّهُ، قَالُوا: وَقَوْلُهُ - تَعَالَى: {وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [سُورَةُ الْحَشْرِ: 7] تَخْصِيصُ هَؤُلَاءِ بِالذِّكْرِ لِلِاعْتِنَاءِ بِهِمْ، لَا لِاخْتِصَاصِهِمْ بِالْمَالِ، وَلِهَذَا قَالَ: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} [سُورَةُ الْحَشْرِ: 7] أَيْ لَا تَتَدَاوَلُونَهُ وَتَحْرِمُونَ الْفُقَرَاءَ، وَلَوْ كَانَ مُخْتَصًّا بِالْفُقَرَاءِ لَمْ يَكُنْ لِلْأَغْنِيَاءِ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ دُولَةً. وَقَدْ قَالَ - تَعَالَى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [سُورَةُ الْحَشْرِ: 7] فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الرَّسُولَ هُوَ الْقَاسِمُ لِلْفَيْءِ وَالْمَغَانِمِ، وَلَوْ كَانَتْ مَقْسُومَةً مَحْدُودَةً كَالْفَرَائِضِ، لَمْ يَكُنْ لِلرَّسُولِ أَمْرٌ فِيهَا وَلَا نَهْيٌ. وَأَيْضًا فَالْأَحَادِيثُ الثَّابِتَةُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخُلَفَائِهِ تَدُلُّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُخَمِّسْ قَطُّ خُمُسًا (1) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 2/206 خَمْسَةَ أَجْزَاءٍ وَلَا خُلَفَاؤُهُ، وَلَا كَانُوا يُعْطُونَ الْيَتَامَى مِثْلَ مَا يُعْطُونَ الْمَسَاكِينَ، بَلْ يُعْطُونَ أَهْلَ الْحَاجَةِ مِنْ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ، وَقَدْ يَكُونُ الْمَسَاكِينُ أَكْثَرَ مِنَ الْيَتَامَى الْأَغْنِيَاءِ، وَقَدْ كَانَ [1] بِالْمَدِينَةِ يَتَامَى أَغْنِيَاءُ فَلَمْ يَكُونُوا يُسَوُّونَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْفُقَرَاءِ، بَلْ وَلَا عُرِفَ أَنَّهُمْ أَعْطَوْهُمْ، بِخِلَافِ ذَوِي الْحَاجَةِ، وَالْأَحَادِيثُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ ذِكْرِهَا. [فصل كلام الرافضي أن عمر كان يأخذ بالرأي والحدس والظن] فَصْلٌ [2] قَالَ الرَّافِضِيُّ [3] : "وَقَالَ بِالرَّأْيِ وَالْحَدْسِ وَالظَّنِّ" . وَالْجَوَابُ: أَنَّ الْقَوْلَ بِالرَّأْيِ لَمْ يَخْتَصَّ بِهِ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، بَلْ عَلِيٌّ كَانَ مِنْ أَقَوْلِهِمْ بِالرَّأْيِ، وَكَذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ وَعُثْمَانُ وَزَيْدٌ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - كَانُوا يَقُولُونَ بِالرَّأْيِ، وَكَانَ رَأْيُ عَلِيٍّ فِي دِمَاءِ أَهْلِ الْقِبْلَةِ وَنَحْوِهِ مِنَ الْأُمُورِ الْعَظَائِمِ. كَمَا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ [4] وَغَيْرِهِ عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ [5] قَالَ: قُلْتُ لِعَلِيٍّ: أَخْبِرْنَا عَنْ مَسِيرِكَ هَذَا، أَعْهَدٌ عَهِدَهُ إِلَيْكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْ رَأْيٌ رَأَيْتَهُ؟ قَالَ: مَا عَهِدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَيَّ شَيْئًا [6] وَلَكِنَّهُ رَأْيٌ رَأَيْتُهُ، وَهَذَا أَمْرٌ ثَابِتٌ، وَلِهَذَا لَمْ يَرْوِ عَلِيٌّ (1) ح، ر: وَقَدْ يَكُونُ، ب: قَدْ كَانَ. (2) فَصْلٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ح) ، (ر) ، وَفِي (ي) : الْفَصْلُ الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ (3) فِي (ك) ص 139 (م) . (4) 4/300 كِتَابِ السُّنَّةِ، بَابِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَرْكِ الْكَلَامِ فِي الْفِتْنَةِ. (5) ن، ح: عُبَادَةَ. (6) سُنَنَ أَبِي دَاوُدَ: بِشَيْءٍ. - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي قِتَالِ الْجَمَلِ وَصِفِّينَ شَيْئًا، كَمَا رَوَاهُ فِي قِتَالِ الْخَوَارِجِ، بَلْ رَوَى الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ هُوَ وَغَيْرُهُ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي قِتَالِ الْخَوَارِجِ الْمَارِقِينَ، وَأَمَّا قِتَالُ الْجَمَلِ وَصِفِّينَ فَلَمْ يَرْوِ أَحَدٌ مِنْهُمْ فِيهِ نَصًّا إِلَّا الْقَاعِدُونَ؛ فَإِنَّهُمْ رَوَوُا الْأَحَادِيثَ فِي تَرْكِ الْقِتَالِ فِي الْفِتْنَةِ. وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي يُرْوَى أَنَّهُ أُمِرَ بِقَتْلِ [1] النَّاكِثِينَ وَالْقَاسِطِينَ وَالْمَارِقِينَ فَهُوَ حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - [2] . وَمَعْلُومٌ أَنَّ الرَّأْيَ إِنْ لَمْ يَكُنْ مَذْمُومًا فَلَا لَوْمَ عَلَى مَنْ قَالَ بِهِ [3] ، وَإِنْ كَانَ مَذْمُومًا فَلَا رَأْيَ أَعْظَمُ ذَمًّا مِنْ رَأْيٍ أُرِيقَ بِهِ دَمُ أُلُوفٍ مُؤَلَّفَةٍ مِنَ (1) ر: بِقِتَالِ. (2) ذَكَرَ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ 3/139 - 140 حَدِيثَيْنِ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ الْأَوَّلُ: قَالَ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِتَالِ النَّاكِثِينَ وَالْقَاسِطِينَ وَالْمَارِقِينَ. وَالثَّانِي: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: تُقَاتِلُ النَّاكِثِينَ وَالْقَاسِطِينَ وَالْمَارِقِينَ بِالطُّرُقَاتِ وَالنَّهَرَوَانَاتِ وَبِالشَّعَفَاتِ، قَالَ أَبُو أَيُّوبَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَعَ مَنْ تُقَاتِلُ هَؤُلَاءِ الْأَقْوَامُ؟ قَالَ: مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَلَمْ يُعَلِّقِ الْحَاكِمُ عَلَى الْحَدِيثَيْنِ، وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي تَلْخِيصِ الْمُسْتَدْرَكِ: قُلْتُ: لَمْ يَصِحَّ، وَسَاقَهُ الْحَاكِمُ بِإِسْنَادَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ إِلَى أَبِي أَيُّوبَ، ضَعِيفَيْنِ، وَذَكَرَهُ ابْنُ عِرَاقٍ الْكِنَانِيُّ فِي تَنْزِيهِ الشَّرِيعَةِ 1/387 بِلَفْظِ: أُمِرْنَا بِقِتَالِ النَّاكِثِينَ وَالْقَاسِطِينَ وَالْمَارِقِينَ مَعَ عَلِيٍّ ثُمَّ قَالَ: (حب) وَفِيهِ أَصْبَغُ بْنُ نُبَاتَةَ، وَعَنْهُ: عَلِيُّ بْنُ الْخَرُوزِ، شِيعِيٌّ مَتْرُوكٌ، تُعِقِّبَ بِأَنَّ لَهُ طُرُقًا أُخْرَى غَيْرَ هَذِهِ، فَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْأَرْبَعِينَ، مِنْ طَرِيقَيْنِ، وَأَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ بِلَفْظِ: أُمِرْتُ بِقِتَالِ ثَلَاثَةٍ، فَذَكَرَهُ، وَأَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَكَذَا الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقَيْنِ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى وَالْخَطِيبُ وَالْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ فِي إِيضَاحِ الْإِشْكَالِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ، قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: وَأَسَانِيدُهَا لَيِّنَةٌ، وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيٌّ مِنْ حَدِيثِ عَمَّارٍ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ الشَّوْكَانِيُّ فِي الْفَوَائِدِ الْمَجْمُوعَةِ ص 383 وَقَالَ: وَفِي إِسْنَادِهِ مَتْرُوكَانِ، وَهُوَ مِنْ قَوْلِ أَبِي أَيُّوبَ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. (3) ر: عَلَى مَنْ قَالَهُ. الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يَحْصُلْ بِقَتْلِهِمْ مَصْلَحَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ، لَا فِي دِينِهِمْ وَلَا فِي دُنْيَاهُمْ، بَلْ نَقَصَ الْخَيْرُ عَمَّا كَانَ، وَزَادَ الشَّرُّ عَلَى مَا كَانَ. فَإِذَا كَانَ مِثْلُ هَذَا الرَّأْيِ لَا يُعَابُ [1] بِهِ، فَرَأْيُ عُمَرَ وَغَيْرِهِ فِي مَسَائِلِ الْفَرَائِضِ وَالطَّلَاقِ أَوْلَى أَنْ لَا يُعَابَ [2] . مَعَ أَنَّ عَلِيًّا شَرَكَهُمْ فِي هَذَا الرَّأْيِ، وَامْتَازَ بِرَأْيِهِ فِي الدِّمَاءِ. وَقَدْ كَانَ ابْنُهُ الْحَسَنُ وَأَكْثَرُ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ لَا يَرَوْنَ الْقِتَالَ مَصْلَحَةً، وَكَانَ هَذَا الرَّأْيُ أَصْلَحَ [3] مِنْ رَأْيِ الْقِتَالِ بِالدَّلَائِلِ الْكَثِيرَةِ. وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ قَوْلَ عَلِيٍّ فِي الْجَدِّ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمَسَائِلِ كَانَ بِالرَّأْيِ، وَقَدْ قَالَ: اجْتَمَعَ رَأْيِي وَرَأْيُ عُمَرَ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ، وَالْآنَ فَقَدْ رَأَيْتُ أَنْ يُبَعْنَ، فَقَالَ لَهُ قَاضِيهِ عَبِيدَةُ السَّلْمَانِيُّ: رَأْيُكَ مَعَ رَأْيِ عُمَرَ فِي الْجَمَاعَةِ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ رَأْيِكِ وَحْدَكَ فِي الْفُرْقَةِ. وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: "اقْضُوا كَمَا كُنْتُمْ تَقْضُونَ، فَإِنِّي أَكْرَهُ الِاخْتِلَافَ، حَتَّى يَكُونَ لِلنَّاسِ جَمَاعَةٌ، أَوْ أَمُوتُ كَمَا مَاتَ أَصْحَابِي" ، قَالَ: وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَرَى أَنَّ عَامَّةَ مَا يُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ كَذِبٌ [4] . وَقَدْ جَمَعَ الشَّافِعِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ الْمَسَائِلَ الَّتِي تُرِكَتْ مِنْ قَوْلِ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ، فَبَلَغَتْ شَيْئًا كَثِيرًا، وَكَثِيرٌ مِنْهَا قَدْ جَاءَتِ السُّنَّةُ بِخِلَافِهِ، كَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا الْحَامِلُ، فَإِنَّ مَذْهَبَ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهَا (1) ن، م: أُرِيقَتْ، (2) ح: يُعَاقَبَ. (3) ح: أَصَحُّ. (4) الْحَدِيثُ بِهَذَا اللَّفْظِ فِي الْبُخَارِيِّ 5/19 كِتَابِ فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَابِ مَنَاقِبِ عَلِيٍّ. تَعْتَدُّ أَبْعَدَ الْأَجَلَيْنِ، وَبِذَلِكَ أَفْتَى أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا «جَاءَتْهُ سُبَيْعَةُ الْأَسْلَمِيَّةُ وَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، قَالَ: "كَذَبَ أَبُو السَّنَابِلِ، بَلْ حَلَلْتِ فَانْكِحِي مَنْ شِئْتِ»" [1] . وَكَانَ زَوْجُهَا قَدْ تُوُفِّيَ عَنْهَا بِمَكَّةَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ. فَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ بِالرَّأْيِ ذَنْبًا، فَذَنْبُ غَيْرِ عُمَرَ - كَعَلِيٍّ وَغَيْرِهِ - أَعْظَمُ، فَإِنَّ ذَنْبَ مَنِ اسْتَحَلَّ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ بِرَأْيٍ، هُوَ ذَنْبٌ أَعْظَمُ مِنْ ذَنْبِ مَنْ حَكَمَ فِي قَضِيَّةٍ جُزْئِيَّةٍ بِرَأْيِهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْهُ مَا هُوَ صَوَابٌ وَمِنْهُ مَا هُوَ خَطَأٌ، فَعُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَسْعَدُ بِالصَّوَابِ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنَّ الصَّوَابَ فِي رَأْيِهِ أَكْثَرُ مِنْهُ فِي رَأْيِ غَيْرِهِ، وَالْخَطَأُ فِي رَأْيِ غَيْرِهِ أَكْثَرُ مِنْهُ فِي رَأْيِهِ، وَإِنْ كَانَ الرَّأْيُ كُلُّهُ صَوَابًا، فَالصَّوَابُ [2] الَّذِي مَصْلَحَتُهُ أَعْظَمُ هُوَ خَيْرٌ وَأَفْضَلُ مِنَ الصَّوَابِ الَّذِي مَصْلَحَتُهُ دُونَ ذَلِكَ، وَآرَاءُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَتْ مَصَالِحُهُا أَعْظَمَ لِلْمُسْلِمِينَ. فَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ عُمَرُ فَوْقَ الْقَائِلِينَ بِالرَّأْيِ مِنَ الصَّحَابَةِ فِيمَا يُحْمَدُ، وَهُوَ أَخَفُّ مِنْهُمْ فِيمَا يُذَمُّ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: "«قَدْ كَانَ فِي الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ مُحَدِّثُونَ، فَإِنْ يَكُنْ فِي أُمَّتِي أَحَدٌ فَعُمَرُ»" [3] . وَمَعْلُومٌ أَنَّ رَأْيَ الْمُحَدِّثِ الْمُلْهَمِ أَفْضَلُ مِنْ رَأْيِ مَنْ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَيْسَ فَوْقُهُ إِلَّا النَّصَّ الَّذِي هُوَ حَالُ الصِّدِّيقِ الْمُتَلَقِّي مِنَ الرَّسُولِ، وَنَحْنُ نُسَلِّمُ أَنَّ الصِّدِّيقَ أَفْضَلُ مِنْ عُمَرَ، لَكِنَّ عُمَرَ أَفْضَلُ مِنْ سَائِرِهِمْ. (1) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 4/243. (2) ح، ب: فَإِنَّ الصَّوَابَ. (3) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ.
__________________
|
#5
|
||||
|
||||
![]() ![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد السادس الحلقة (365) صـ 115 إلى صـ 124 وَفِي الْمُسْنَدِ وَغَيْرِهِ أَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى: "«ضَرَبَ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ»" [1] . وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: مَا سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ لِشَيْءٍ إِنِّي لَأَرَاهُ كَذَا وَكَذَا إِلَّا كَانَ كَمَا يَقُولُ. [2] فَالنُّصُوصُ وَالْإِجْمَاعُ وَالِاعْتِبَارُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ رَأْيَ عُمَرَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنْ رَأْيِ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ، وَغَيْرِهِمْ مِنَ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَلِهَذَا كَانَتْ آثَارُ رَأْيِهِ مَحْمُودَةً، فِيهَا صَلَاحُ [3] الدِّينِ وَالدُّنْيَا، فَهُوَ الَّذِي فَتَحَ بِلَادَ فَارِسَ وَالرُّومِ، وَأَعَزَّ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ، وَأَذَلَّ بِهِ الْكُفْرَ وَالنِّفَاقَ، وَهُوَ الَّذِي وَضَعَ الدِّيوَانَ، وَفَرَضَ الْعَطَاءَ، وَأَلْزَمَ أَهْلَ الذِّمَّةِ بِالصَّغَارِ وَالْغِيَارِ، وَقَمْعِ الْفُجَّارِ، وَقَوَّمَ الْعُمَّالَ، وَكَانَ الْإِسْلَامُ فِي زَمَنِهِ أَعَزَّ مَا كَانَ. وَمَا يَتَمَارَى فِي كَمَالِ سِيرَةِ عُمَرَ وَعِلْمِهِ وَعَدْلِهِ وَفَضْلِهِ مَنْ لَهُ أَدْنَى مِسْكَةٍ مِنْ عَقْلٍ وَإِنْصَافٍ، وَلَا يَطْعَنُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - إِلَّا أَحَدُ رَجُلَيْنِ: إِمَّا رَجُلٌ مُنَافِقٌ زِنْدِيقٌ مُلْحِدٌ عَدُوٌّ لِلْإِسْلَامِ، يَتَوَصَّلُ بِالطَّعْنِ فِيهِمَا إِلَى الطَّعْنِ فِي الرَّسُولِ وَدِينِ الْإِسْلَامِ، وَهَذَا حَالُ الْمُعَلِّمِ الْأَوَّلِ لِلرَّافِضَةِ، أَوَّلُ مَنِ ابْتَدَعَ الرَّفْضَ، وَحَالُ أَئِمَّةِ الْبَاطِنِيَّةِ، وَإِمَّا جَاهِلٌ مُفْرِطٌ فِي الْجَهْلِ وَالْهَوَى، وَهُوَ الْغَالِبُ عَلَى عَامَّةِ الشِّيعَةِ، إِذَا كَانُوا مُسْلِمِينَ فِي الْبَاطِنِ. وَإِذَا قَالَ الرَّافِضِيُّ: عَلِيٌّ كَانَ مَعْصُومًا لَا يَقُولُ بِرَأْيِهِ، بَلْ كُلُّ مَا قَالَهُ فَهُوَ مِثْلُ نَصِّ الرَّسُولِ، وَهُوَ الْإِمَامُ الْمَعْصُومُ الْمَنْصُوصُ عَلَى إِمَامَتِهِ مِنْ جِهَةِ الرَّسُولِ. (1) مَضَّى هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ قَبْلُ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ. (2) الْأَثَرُ فِي الْبُخَارِيِّ: 5/48 كِتَابِ فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ. . .، بَابِ إِسْلَامِ عُمَرَ. (3) ر: صَالِحُ. قِيلَ لَهُ: نَظِيرُكَ فِي الْبِدْعَةِ الْخَوَارِجُ، كُلُّهُمْ يُكَفِّرُونَ عَلِيًّا، مَعَ أَنَّهُمْ أَعْلَمُ وَأَصْدَقُ وَأَدْيَنُ مِنَ الرَّافِضَةِ، لَا يَسْتَرِيبُ فِي هَذَا كُلُّ مَنْ عَرَفَ حَالَ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ فِيهِمْ: "«يُحَقِّرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، وَقِرَاءَتَهُ مَعَ قِرَاءَتِهِمْ»" [1] وَقَدْ قَاتَلُوهُ فِي حَيَاتِهِ، وَقَتْلَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، وَلَهُمْ جُيُوشٌ وَعُلَمَاءُ وَمَدَائِنُ، وَأَهْلُ السُّنَّةِ - وَلِلَّهِ الْحَمْدُ - مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُمْ مُبْتَدِعَةٌ ضَالُّونَ، وَأَنَّهُ يَجِبُ قِتَالُهُمْ بِالنُّصُوصِ الصَّحِيحَةِ، وَأَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ مِنْ أَفْضَلِ أَعْمَالِهِ قِتَالُهُ الْخَوَارِجَ. وَقَدِ اتَّفَقَتِ الصَّحَابَةُ عَلَى قِتَالِهِمْ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ عُلَمَاءِ السُّنَّةِ أَنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ مَعَ أَئِمَّةِ الْعَدْلِ، مِثْلَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَكِنْ هَلْ يُقَاتِلُونَ مَعَ أَئِمَّةِ الْجَوْرِ؟ فَنُقِلَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُمْ لَا يُقَاتِلُونَ، [2] وَكَذَلِكَ قَالَ فِيمَنْ نَقَضَ الْعَهْدَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ: لَا يُقَاتِلُونَ مَعَ أَئِمَّةِ الْجَوْرِ، وَنُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ فِي الْكُفَّارِ، وَهَذَا مَنْقُولٌ عَنْ مَالِكٍ وَبَعْضِ أَصْحَابِهِ، وَنُقِلَ عَنْهُ خِلَافُ ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَأَكْثَرُ أَصْحَابِهِ [3] خَالَفُوهُ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، وَقَالُوا: يُغْزَى مَعَ كُلِّ أَمِيرٍ بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا إِذَا كَانَ الْغَزْوُ الَّذِي يَفْعَلُهُ (1) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 5/47، 150. (2) سَقَطَتْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ مِنْ (ح) ، وَفِي (ي) فَنُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ، وَفِي (ن) ، (م) ، فَنُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يُقَاتِلُونَ، وَالْمُثْبَتُ مِنْ (ر) ، (ي) . (3) ن: الصَّحَابَةُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. جَائِزًا، فَإِذَا قَاتَلَ الْكُفَّارَ أَوِ الْمُرْتَدِّينَ أَوْ نَاقِضِي الْعَهْدِ أَوِ الْخَوَارِجَ قِتَالًا مَشْرُوعًا قُوتِلَ مَعَهُ، وَإِنْ قَاتَلَ قِتَالًا غَيْرَ جَائِزٍ لَمْ يُقَاتَلْ مَعَهُ، فَيُعَاوَنُ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَلَا يُعَاوَنُ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ، كَمَا أَنَّ الرَّجُلَ يُسَافِرُ مَعَ مَنْ يَحُجَّ وَيَعْتَمِرَ، وَإِنْ كَانَ فِي الْقَافِلَةِ مَنْ هُوَ ظَالِمٌ. فَالظَّالِمُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُعَاوَنَ عَلَى الظُّلْمِ، لِأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - يَقُولُ: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 2] . وَقَالَ مُوسَى: {رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ} [سُورَةُ الْقَصَصِ: 17] . وَقَالَ - تَعَالَى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} [سُورَةُ هُودٍ: 113] . وَقَالَ - تَعَالَى: {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 85] . وَالشَّفِيعُ: الْمُعِينُ، فَكُلُّ مَنْ أَعَانَ شَخْصًا عَلَى أَمْرٍ فَقَدْ شَفَّعَهُ فِيهِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعَانَ أَحَدٌ: لَا وَلِيُّ أَمْرٍ وَلَا غَيْرُهُ عَلَى مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ ذُنُوبٌ، وَقَدْ فَعَلَ بِرًّا، فَهَذَا إِذَا أُعِينَ عَلَى الْبِرِّ، لَمْ يَكُنْ هَذَا مُحَرَّمًا، كَمَا لَوْ أَرَادَ مُذْنِبٌ أَنْ يُؤَدِّيَ زَكَاتَهُ، أَوْ يَحُجَّ، أَوْ يَقْضِيَ دُيُونَهُ، أَوْ يَرُدَّ بَعْضَ مَا عِنْدَهُ مِنَ الْمَظَالِمِ، أَوْ يُوصِيَ عَلَى بَنَاتِهِ - فَهَذَا إِذَا أُعِينَ عَلَيْهِ فَهُوَ إِعَانَةٌ عَلَى بِرٍّ وَتَقْوًى، لَيْسَ إِعَانَةً عَلَى إِثْمٍ وَعُدْوَانٍ، فَكَيْفَ الْأُمُورُ الْعَامَّةُ؟ وَالْجِهَادُ لَا يَقُومُ بِهِ إِلَّا وُلَاةُ الْأُمُورِ، فَإِنْ لَمْ يَغْزُ مَعَهُمْ، لَزِمَ أَنَّ أَهْلَ الْخَيْرِ الْأَبْرَارَ لَا يُجَاهِدُونَ، فَتَفْتُرُ عَزَمَاتُ أَهْلِ الدِّينِ عَنِ الْجِهَادِ، فَإِمَّا أَنْ يَتَعَطَّلَ، وَإِمَّا أَنْ يَنْفَرِدَ بِهِ الْفُجَّارُ، فَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ اسْتِيلَاءُ الْكُفَّارِ، أَوْ ظُهُورُ الْفُجَّارِ، لِأَنَّ الدِّينَ لِمَنْ قَاتَلَ عَلَيْهِ. وَهَذَا الرَّأْيُ مِنْ أَفْسَدِ الْآرَاءِ، وَهُوَ رَأْيُ أَهْلِ الْبِدَعِ مِنَ الرَّافِضَةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ، حَتَّى قِيلَ لِبَعْضِ شُيُوخِ الرَّافِضَةِ: إِذَا جَاءَ الْكُفَّارُ إِلَى بِلَادِنَا فَقَتَلُوا النُّفُوسَ وَسَبَوُا الْحَرِيمَ وَأَخَذُوا الْأَمْوَالَ، هَلْ نُقَاتِلُهُمْ؟ فَقَالَ: لَا، الْمَذْهَبُ أَنَّا لَا نَغْزُو إِلَّا مَعَ الْمَعْصُومِ، فَقَالَ ذَلِكَ الْمُسْتَفْتِي مَعَ عَامِّيَّتِهِ [1] : وَاللَّهِ إِنَّ هَذَا لَمَذْهَبٌ نَجِسٌ، فَإِنَّ هَذَا الْمَذْهَبَ يُفْضِي إِلَى فَسَادِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا. وَصَاحِبُ هَذَا الْقَوْلِ تَوَرَّعَ [2] فِيمَا يَظُنُّهُ ظُلْمًا، فَوَقَعَ فِي أَضْعَافِ مَا تَوَرَّعَ [3] عَنْهُ بِهَذَا الْوَرَعِ الْفَاسِدِ، وَأَيْنَ ظُلْمُ بَعْضِ وُلَاةِ الْأُمُورِ مِنِ اسْتِيلَاءِ الْكُفَّارِ، بَلْ مِنِ اسْتِيلَاءِ مَنْ هُوَ أَظْلَمُ مِنْهُ؟ فَالْأَقَلُّ ظُلْمًا يَنْبَغِي أَنْ يُعَاوَنَ [4] عَلَى الْأَكْثَرِ ظُلْمًا؛ فَإِنَّ الشَّرِيعَةَ مَبْنَاهَا عَلَى تَحْصِيلِ الْمَصَالِحِ وَتَكْمِيلِهَا، وَتَعْطِيلِ الْمَفَاسِدِ، وَتَقْلِيلِهَا بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ، وَمَعْرِفَةِ خَيْرِ الْخَيْرَيْنِ وَشَرِّ الشَّرَّيْنِ، حَتَّى يُقَدَّمَ عِنْدَ التَّزَاحُمِ [5] خَيْرُ الْخَيْرَيْنِ وَيُدْفَعَ شَرُّ الشَّرَّيْنِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ شَرَّ الْكُفَّارِ وَالْمُرْتَدِّينَ وَالْخَوَارِجِ أَعْظَمُ مِنْ شَرِّ الظَّالِمِ، وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَكُونُوا يَظْلِمُونَ الْمُسْلِمِينَ، وَالْمُقَاتِلُ لَهُمْ يُرِيدُ أَنْ يَظْلِمَهُمْ، فَهَذَا عُدْوَانٌ مِنْهُ، فَلَا يُعَاوَنُ عَلَى الْعُدْوَانِ. (1) ح، ر، ي: مَعَ عَامَّتِهِ. (2) ح، ر، ي: نُوزِعَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. (3) ح، ر، ي: نُوزِعَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. (4) ن، م: أَنْ يُعَانَ. (5) ح، ر: عِنْدَ الْتِزَامٍ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. [فصل كلام الرافضي أن عمر رضي الله عنه جعل الأمر شورى بعده وخالف من تقدمه] فَصْلٌ [1] قَالَ الرَّافِضِيُّ [2] : "وَجَعَلَ الْأَمْرُ شُورَى بَعْدَهُ، وَخَالَفَ فِيهِ مَنْ تَقَدَّمَهُ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يُفَوِّضِ الْأَمْرَ فِيهِ إِلَى اخْتِيَارِ النَّاسِ، وَلَا نَصَّ عَلَى إِمَامٍ بَعْدَهُ، بَلْ تَأَسَّفَ عَلَى سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي [3] حُذَيْفَةَ، وَقَالَ: لَوْ كَانَ حَيًّا لَمْ يَخْتَلِجْنِي فِيهِ شَكٌّ، وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ حَاضِرٌ. [4]" وَجَمَعَ فِيمَنْ يَخْتَارُ بَيْنَ الْفَاضِلِ وَالْمَفْضُولِ [5] ، وَمِنْ حَقِّ الْفَاضِلِ التَّقَدُّمُ عَلَى الْمَفْضُولِ. ثُمَّ طَعَنَ [6] فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِمَّنِ اخْتَارَهُ لِلشُّورَى، وَأَظْهَرَ أَنَّهُ يَكْرَهُ أَنْ يَتَقَلَّدَ [7] أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ مَيِّتًا كَمَا تَقَلَّدَهُ [8] حَيًّا. ثُمَّ تَقَلَّدَهُ [مَيِّتًا] [9] بِأَنْ جَعَلَ الْإِمَامَةَ فِي سِتَّةٍ، ثُمَّ نَاقَصَ [10] فَجَعَلَهَا فِي أَرْبَعَةٍ، ثُمَّ فِي ثَلَاثَةٍ، ثُمَّ فِي وَاحِدٍ، فَجَعَلَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الِاخْتِيَارَ، بَعْدَ أَنْ وَصَفَهُ (1) فَصْلٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ح) ، (ر) ، وَفِي (ي) : الْفَصْلُ الثَّالِثُ وَالْأَرْبَعُونَ. (2) فِي (ك) ص 139 (م) ، 140 م. (3) أَبِي: سَاقِطَةٌ مِنْ (ك) . (4) ك: وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَاضِرٌ. (5) ن، م: وَجَمَعَ بَيْنَ مَنْ يَخْتَارُ مِنَ الْفَاضِلِ وَالْمَفْضُولِ، ح، ب: وَجَمَعَ بَيْنَ الْفَاضِلِ وَالْمَفْضُولِ. (6) ح: ثُمَّ إِذَا طَعَنَ. (7) ك: أَنْ يُقَلِّدَ. (8) ك: كَمَا تَقَلَّدَ. (9) مَيِّتًا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (ك) . (10) ن، ح، ي، ب: نَاقَضَ. بِالضَّعْفِ وَالْقُصُورِ، ثُمَّ قَالَ: إِنِ اجْتَمَعَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ [1] وَعُثْمَانُ، فَالْقَوْلُ مَا قَالَاهُ، وَإِنْ صَارُوا ثَلَاثَةً فَالْقَوْلُ قَوْلُ الَّذِي صَارَ فِيهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، لِعِلْمِهِ أَنَّ عَلِيًّا [2] وَعُثْمَانَ لَا يَجْتَمِعَانِ عَلَى أَمْرٍ وَاحِدٍ [3] ، وَأَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ لَا يَعْدِلُ الْأَمْرَ [4] عَنْ أَخِيهِ وَهُوَ عُثْمَانُ وَابْنُ عَمِّهِ [5] ، ثُمَّ أَمَرَ بِضَرْبِ أَعْنَاقِهِمْ إِنْ تَأَخَّرُوا عَنِ الْبَيْعَةِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ [6] ، مَعَ أَنَّهُمْ عِنْدَهُمْ مِنَ الْعَشَرَةِ الْمُبَشَّرَةِ بِالْجَنَّةِ [7] ، وَأَمَرَ بِقَتْلِ مَنْ خَالَفَ الْأَرْبَعَةَ مِنْهُمْ [8] ، وَأَمَرَ بِقَتْلِ مَنْ خَالَفَ الثَّلَاثَةَ [الَّذِينَ بَيْنَهُمْ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ [9] ، وَكُلُّ ذَلِكَ مُخَالِفٌ لِلدِّينِ. وَقَالَ لِعَلِيٍّ: وَإِنْ [10] وَلِيتَهَا - وَلَيْسُوا فَاعِلِينَ [11] - لَتَرْكَبَنَّهُمْ عَلَى الْمَحَجَّةِ الْبَيْضَاءِ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُمْ لَا يُوَلُّونَهُ إِيَّاهَا، قَالَ لِعُثْمَانَ: إِنْ وَلِيتَهَا لَتَرْكَبَنَّ آلُ أَبِي مُعَيْطٍ [12] عَلَى رِقَابِ النَّاسِ، وَإِنْ [13] فَعَلْتَ لَتُقْتَلَنَّ. وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى الْأَمْرِ بِقَتْلِهِ "." (1) ك: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. (2) ك: عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلَامُ. (3) وَاحِدٌ: لَيْسَتْ فِي (ك) . (4) ك: بِالْأَمْرِ. (5) ح، ب: عَنْ أَخِيهِ عُثْمَانَ وَهُوَ ابْنُ عَمِّهِ، ك: عَنْ أَخِيهِ وَهُوَ عُثْمَانُ وَابْنُ عَمِّهِ أَيْضًا. (6) ن، م: أَتَاهُمْ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. (7) سَاقِطٌ مِنْ (ك) . (8) عِبَارَةُ (وَأَمَرَ بِقَتْلِ مَنْ خَالَفَ الْأَرْبَعَةَ) سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) (م) وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِي هَامِشِ (ك) وَلَكِنَّهَا سَقَطَتْ مِنَ الطِّبَاعَةِ فِي الطَّبْعَةِ الْأُولَى لِلْكِتَابِ. (9) الثَّلَاثَةُ الَّذِينَ بَيْنَهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: كَذَا فِي (ك) ، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: الثَّلَاثَةُ مِنْهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ. (10) ح، ب: لِعَلِيٍّ إِنْ، ك: لِعَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَإِنْ. (11) ح، ب: بِفَاعِلِينَ. (12) ن، م: إِلَى ابْنِ أَبِي مُعَيْطٍ. ح، ر، ب: آلُ بَنِي مُغَيْطٍ، ك: آلُ أَبِي مُغَيْطٍ وَالَّذِي أَثْبَتُّهُ هُوَ مَا فِي ي، ك الْمَطْبُوعَةِ بَعْدَ تَصْحِيحِ الْأَصْلِ. (13) ك: لَئِنْ. وَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ كُلَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ قِسْمَيْنِ: إِمَّا كَذِبٌ فِي النَّقْلِ، وَإِمَّا قَدْحٌ فِي الْحَقِّ، فَإِنَّ مِنْهُ مَا هُوَ كَذِبٌ مَعْلُومُ الْكَذِبِ أَوْ غَيْرُ مَعْلُومِ الصِّدْقِ، وَمَا عُلِمَ أَنَّهُ صِدْقٌ فَلَيْسَ فِيهِ مَا يُوجِبُ الطَّعْنَ عَلَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، بَلْ ذَلِكَ مَعْدُودٌ مِنْ فَضَائِلِهِ وَمَحَاسِنِهِ الَّتِي خَتَمَ اللَّهُ بِهَا عَمَلَهُ. وَلَكِنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ لِفَرْطِ جَهْلِهِمْ وَهَوَاهُمْ يَقْلِبُونَ الْحَقَائِقَ فِي الْمَنْقُولِ وَالْمَعْقُولِ، فَيَأْتُونَ إِلَى الْأُمُورِ الَّتِي وَقَعَتْ وَعُلِمَ أَنَّهَا وَقَعَتْ، فَيَقُولُونَ: مَا وَقَعَتْ، وَإِلَى أُمُورٍ مَا كَانَتْ وَيُعْلَمُ أَنَّهَا مَا كَانَتْ، فَيَقُولُونَ: كَانَتْ، وَيَأْتُونَ إِلَى الْأُمُورِ الَّتِي هِيَ خَيْرٌ وَصَلَاحٌ، فَيَقُولُونَ: هِيَ فَسَادٌ وَإِلَى الْأُمُورِ الَّتِي هِيَ فَسَادٌ، فَيَقُولُونَ: هِيَ خَيْرٌ وَصَلَاحٌ؛ فَلَيْسَ لَهُمْ لَا [1] عَقْلٌ وَلَا نَقْلٌ، بَلْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنْ قَوْلِهِ: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [سُورَةُ الْمُلْكِ: 10] . وَأَمَّا قَوْلُ الرَّافِضِيِّ: "وَجَعَلَ الْأَمْرَ شُورَى بَعْدَهُ وَخَالَفَ فِيهِ مَنْ تَقَدَّمَهُ" . فَالْجَوَابُ: أَنَّ الْخِلَافَ نَوْعَانِ: خِلَافُ تَضَادٍّ، وَخِلَافُ تَنَوُّعٍ، فَالْأَوَّلُ: مِثْلَ أَنْ يُوجِبُ هَذَا شَيْئًا وَيُحَرِّمُهُ الْآخَرُ، وَالنَّوْعُ الثَّانِي: مِثْلُ الْقِرَاءَاتِ الَّتِي يَجُوزُ كُلٌّ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ هَذَا يَخْتَارُ قِرَاءَةً، وَهَذَا يَخْتَارُ قِرَاءَةً، كَمَا ثَبَتَ فِي الصِّحَاحِ، بَلِ اسْتَفَاضَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: (1) لَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) . "«إِنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ [1] عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، كُلُّهَا شَافٍ كَافٍ»" [2] . وَثَبَتَ أَنَّ عُمَرَ وَهِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ اخْتَلَفَا فِي سُورَةِ الْفُرْقَانِ، فَقَرَأَهَا هَذَا عَلَى وَجْهٍ، وَهَذَا عَلَى وَجْهٍ آخَرَ، فَقَالَ لِكِلَيْهِمَا: "هَكَذَا أُنْزِلَتْ" [3] . وَمِنْ هَذَا الْبَابِ أَنْوَاعُ التَّشَهُّدَاتِ كَتَشَهُّدِ ابْنِ مَسْعُودٍ الَّذِي أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَتَشَهُّدِ أَبِي مُوسَى الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَأَلْفَاظُهُمَا مُتَقَارِبَةٌ، وَتَشَهُّدِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَتَشَهُّدِ عُمَرَ الَّذِي عَلَّمَهُ النَّاسَ عَلَى مِنْبَرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَشَهُّدِ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ وَجَابِرٍ اللَّوَاتِي [4] (1) ح، ب، ي: أُنْزِلَ. (2) هَذَا جُزْءٌ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْبُخَارِيِّ 3/122 (كِتَابُ الْخُصُومَاتِ، بَابُ كَلَامِ الْخُصُومِ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ) 6/184 - 185 كِتَابُ فَضَائِلِ الْقُرْآنِ، بَابُ أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، 9/17 - 18 كِتَابُ الْمُرْتَدِّينَ، بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمُتَأَوِّلِينَ 9/158 كِتَابُ التَّوْحِيدِ، بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ، مُسْلِمٍ 1/560 كِتَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِينَ، بَابُ بَيَانِ أَنَّ الْقُرْآنَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 4/263 - 264 كِتَابُ الْقِرَاءَاتِ بَابُ مَا جَاءَ أَنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 2/101 - 102 كِتَابُ الْوَتْرِ، بَابُ أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ سُنَنِ النَّسَائِيِّ 2/116 - 117 كِتَابُ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ، بَابُ جَامِعِ مَا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ، الْمُسْنَدِ ط. الْمَعَارِفِ 1/224، 274 - 275، 283 - 284 وَأَوَّلُ الْحَدِيثِ (الْبُخَارِيِّ) 3/122 سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَؤُهَا، فَجِئْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَأْتَنِيهَا، فَقَالَ لِي: أَرْسِلْهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: اقْرَأْ. فَقَرَأَ. قَالَ: هَكَذَا أُنْزِلَتْ. ثُمَّ قَالَ لِي: اقْرَأْ. فَقَرَأْتُ فَقَالَ: هَكَذَا أُنْزِلَتْ، إِنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَاقْرَأُوا مِنْهُ مَا تَيَسَّرَ. (3) انْظُرِ التَّعْلِيقَ السَّابِقَ. (4) ح، ب: الَّتِي. رَوَاهَا أَهْلُ السُّنَنِ عَنْهُمْ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. [1] فَكُلُّ مَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ سَائِغٌ وَجَائِزٌ، وَإِنِ اخْتَارَ كُلٌّ مِنَ النَّاسِ بَعْضَ التَّشَهُّدَاتِ: إِمَّا لِكَوْنِهِ هُوَ الَّذِي عَلِمَهُ وَلِاعْتِيَادِهِ إِيَّاهُ، وَإِمَّا لِاعْتِقَادِهِ رُجْحَانَهُ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ. وَكَذَلِكَ التَّرْجِيعُ فِي الْآذَانِ وَتَرْكُ [2] التَّرْجِيعِ؛ فَإِنَّ الْأَوَّلَ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ فِي أَذَانِ أَبِي مَحْذُورَةَ، وَرُوِيَ فِي أَوَّلِهِ التَّكْبِيرُ مَرَّتَيْنِ، كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَرُوِيَ أَرْبَعًا كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَتَرْكُ التَّرْجِيعِ هُوَ الَّذِي رَوَاهُ أَهْلُ (1) انْظُرْ عَنْ تَشَهُّدِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الْبُخَارِيِّ 1/162 - 163، كِتَابَ الْأَذَانِ بَابَ التَّشَهُّدِ فِي الْآخِرَةِ، مُسْلِمٍ 1/301 - 302 كِتَابَ الصَّلَاةِ، بَابَ التَّشَهُّدِ فِي الصَّلَاةِ، وَعَنْ تَشَهُّدِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مُسْلِمٍ 1/303 - 304 الْمَوْضِعَ السَّابِقَ، وَعَنْ تَشَهُّدِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: مُسْلِمٍ 1/302 - 303 الْمَوْضِعَ السَّابِقَ، وَعَنْ تَشَهُّدِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، سُنَنَ أَبِي دَاوُدَ 1/350 - 351 كِتَابَ الصَّلَاةِ، بَابَ التَّشَهُّدِ، وَعَنْ تَشَهُّدِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الْمُوَطَّأَ 1/90 - 91 كِتَابَ الصَّلَاةِ، بَابَ التَّشَهُّدِ فِي الصَّلَاةِ، وَعَنْ تَشَهُّدِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: الْمُوَطَّأَ 1/91 - 92 الْمَوْضِعَ السَّابِقَ، وَانْظُرْ أَيْضًا الْأَبْوَابَ السَّابِقَةَ فِي الْكُتُبِ السَّابِقَةِ كُلِّهَا، الْبُخَارِيِّ 2/63، 8/51 - 52، 59، 72، 9/116، سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 1/177 - 178 كِتَابَ الصَّلَاةِ بَابَ مَا جَاءَ فِي التَّشَهُّدِ، وَذَكَرَ تَشَهُّدَ ابْنِ مَسْعُودٍ ثُمَّ قَالَ: وَفِي الْبَابِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَجَابِرٍ وَأَبِي مُوسَى وَعَائِشَةَ، ثُمَّ ذَكَرَ تَشَهُّدَ ابْنِ عَبَّاسٍ، الْمُسْنَدِ ط. الْحَلَبِيِّ 4/408 - 409، سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 1/290 - 291 كِتَابَ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ بَابَ مَا جَاءَ فِي التَّشَهُّدِ، وَذَكَرَ فِي آخِرِهِ تَشَهُّدَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَانْظُرْ إِرْوَاءَ الْغَلِيلِ 2/26 - 28 صِفَةَ صَلَاةِ النَّبِيِّ لِلْأَلْبَانِيِّ ط 11، 1403 1983 ص 142 - 145 (2) ن، م: وَتَرْكُهُ. السُّنَنِ فِي أَذَانِ بِلَالٍ [1] . وَكَذَلِكَ وَتْرُ الْإِقَامَةِ هُوَ الَّذِي ثَبَتَ فِي أَذَانِ بِلَالٍ، وَشَفْعُ الْإِقَامَةِ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ فِي أَذَانِ أَبِي مَحْذُورَةَ، فَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُ مِنْ فُقَهَاءِ الْحَدِيثِ أَخَذُوا بِأَذَانِ بِلَالٍ وَإِقَامَتِهِ، وَالشَّافِعِيُّ أَخَذَ بِأَذَانِ أَبِي مَحْذُورَةَ وَإِقَامَةِ بِلَالٍ، وَأَبُو حَنِيفَةَ أَخَذَ بِأَذَانِ بِلَالٍ وَإِقَامَةِ أَبِي مَحْذُورَةَ [2] . وَكُلُّ هَذِهِ الْأُمُورِ جَائِزَةٌ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنْ كَانَ مِنَ الْفُقَهَاءِ مَنْ يَكْرَهُ بَعْضَ ذَلِكَ، لِاعْتِقَادِهِ [3] أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ كَوْنُهُ سُنَّ فِي الْأَذَانِ، فَذَلِكَ لَا يَقْدَحُ فِي عِلْمِ مَنْ عَلِمَ أَنَّهُ سُنَّةٌ. وَكَذَلِكَ أَنْوَاعُ صَلَاةِ الْخَوْفِ، فَإِنَّهُ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهَا أَنْوَاعٌ مُتَعَدِّدَةٌ، كَصَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ وَصَلَاةِ عُسْفَانَ وَصَلَاةِ نَجْدٍ، فَإِنَّهُ صَلَّى بِهِمْ بِعُسْفَانَ جَمَاعَةً صَلَاةً [4] وَاحِدَةً، لَكِنْ جَعَلَهُمْ صَفَّيْنِ، فَالصَّفُّ الْوَاحِدُ رَكَعُوا مَعَهُ جَمِيعًا، وَسَجَدَ مَعَهُ الصَّفُّ الْأَوَّلُ، وَتَخَلَّفَ الصَّفُّ [5] (1) قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي 1/357: التَّرْجِيعُ وَهُوَ أَنْ يَذْكُرَ الشَّهَادَتَيْنِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، يَخْفِضُ بِذَلِكَ صَوْتَهُ، ثُمَّ يُعِيدُهَا رَافِعًا بِهِمَا صَوْتَهُ، وَحَدِيثُ أَبِي مَحْذُورَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي: مُسْلِمٍ 1/287 كِتَابِ الصَّلَاةِ، بَابِ صِفَةِ الْأَذَانِ، وَانْظُرْ أَحَادِيثَ الْأَذَانِ عَنْ عَدَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِي: سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 1/195 - 202 كِتَابِ الصَّلَاةِ، بَابِ كَيْفَ الْأَذَانُ، سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 1/123 - 124 كِتَابِ الصَّلَاةِ، بَابِ مَا جَاءَ فِي التَّرْجِيعِ فِي الْأَذَانِ، سُنَنِ النَّسَائِيِّ 2/5 - 6 كِتَابِ الْأَذَانِ، بَابِ كَيْفَ الْأَذَانُ، سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 1/234 - 235 كِتَابِ الْأَذَانِ وَالسُّنَّةِ فِيهَا، بَابِ التَّرْجِيعِ فِي الْأَذَانِ، الْمُسْنَدِ ط. الْحَلَبِيِّ 3/408 - 409، وَانْظُرِ الْمُغْنِيَ لِابْنِ قُدَامَةَ 1/356 - 361 (2) انْظُرْ فِي ذَلِكَ: الْمُغْنِيَ لِابْنِ قُدَامَةَ 1/358 - 359، إِرْوَاءَ الْغَلِيلِ 1/227 - 265 (3) ن، م: إِمَّا لِاعْتِقَادِهِ. (4) صَلَاةً: سَاقِطَةٌ مِنْ (ح) ، (ي) ، (ر) . (5) الصَّفُّ: زِيَادَةٌ فِي (ن) ، (م) .
__________________
|
#6
|
||||
|
||||
![]() ![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد السادس الحلقة (366) صـ 125 إلى صـ 134 الْآخَرُ عَنِ الْمُتَابَعَةِ لِيَحْرُسُوا، ثُمَّ أَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ، وَفِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ بِالْعَكْسِ، فَكَانَ فِي ذَلِكَ مِنْ خِلَافِ الصَّلَاةِ الْمُعْتَادَةِ، تَخَلَّفَ أَحَدُ الصَّفَّيْنِ عَنِ السُّجُودِ مَعَهُ لِأَجْلِ الْحَرْسِ، وَهَذِهِ مَشْرُوعَةٌ إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ وِجَاهَ الْقِبْلَةِ. وَصَارَ هَذَا أَصْلًا لِلْفُقَهَاءِ فِي تَخَلُّفِ الْمَأْمُومِ [1] لِعُذْرٍ فِيمَا دُونَ الرَّكْعَةِ، كَالزَّحْمَةِ وَالنَّوْمِ وَالْخَوْفِ وَغَيْرِ ذَلِكَ: أَنَّهُ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ، وَأَنَّهُ يَفْعَلُ مَا تَخَلَّفَ عَنْهُ. وَأَكْثَرُ الصَّلَوَاتِ كَانَ يَجْعَلُهُمْ طَائِفَتَيْنِ، وَهَذَا يَتَعَيَّنُ إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْكَعْبَةِ [2] فَتَارَةً يُصَلِّي بِطَائِفَةٍ رَكْعَةً، ثُمَّ يُفَارِقُونَهُ [3] وَيُتِمُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ يُصَلِّي بِالطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ، وَيُتِمُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ قَبْلَ سَلَامِهِ فَيُسَلِّمُ بِهِمْ، فَيَكُونُ الْأَوَّلُونَ أَحْرَمُوا مَعَهُ، وَالْآخَرُونَ سَلَّمُوا مَعَهُ، كَمَا صَلَّى بِهِمْ فِي ذَاتِ الرِّقَاعِ، وَهَذِهِ أَشْهَرُ الْأَنْوَاعِ، وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ يَخْتَارُونَهَا، لَكِنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَخْتَارُ أَنْ تُسَلِّمَ الثَّانِيَةُ بَعْدَهُ كَالْمَسْبُوقِ، كَمَا يُرْوَى عَنْ مَالِكٍ، وَالْأَكْثَرُونَ يَخْتَارُونَ مَا ثَبَتَ بِهِ النَّقْلُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلِأَنَّ الْمَسْبُوقَ قَدْ صَلَّى غَيْرُهُ مَعَ الْإِمَامِ [4] الصَّلَاةَ كُلَّهَا فَيُسَلِّمُ بِهِمْ، بِخِلَافِ هَذَا، فَإِنَّ الطَّائِفَةَ الْأُولَى لَمْ تُتِمَّ مَعَهُ الصَّلَاةَ، فَلَا يُسَلِّمُ إِلَّا بِهِمْ، لِيَكُونَ تَسْلِيمُهُ بِالْمَأْمُومِينَ. (1) ن، م: الْإِمَامِ. (2) ح، ب: الْقِبْلَةِ. (3) ب: يُفَارِقُونَ. (4) ح، ر، ب، ي: قَدْ صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ غَيْرُهُ. فَإِنَّ فِي السُّنَنِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: "«مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ، وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ، وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ»" فَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ [1] . وَمِنْهَا صَلَاةُ نَجْدٍ: صَلَّى بِطَائِفَةٍ رَكْعَةً، ثُمَّ ذَهَبَتْ إِلَى وِجَاهِ الْعَدُوِّ، وَجَاءَتْ [2] الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ فَصَلَّى بِهِمُ الثَّانِيَةَ، ثُمَّ ذَهَبُوا إِلَى وِجَاهِ الْعَدُوِّ، وَرَجَعَ الْأَوَّلُونَ فَأَتَمُّوا بِرَكْعَةٍ [3] ، ثُمَّ رَجَعَ هَؤُلَاءِ فَأَتَمُّوا بِرَكْعَةٍ [4] . وَهَذِهِ يَخْتَارُهَا أَبُو حَنِيفَةَ لِأَنَّهَا عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ عِنْدَهُ، إِذْ لَيْسَ فِيهَا إِلَّا الْعَمَلُ الْكَثِيرُ وَاسْتِدْبَارُ الْقِبْلَةِ [5] لِعُذْرٍ، وَهُوَ يَجُوزُ ذَلِكَ لِمَنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ، وَمِنْهَا صَلَوَاتٌ [6] أُخْرَى. وَالصَّحِيحُ الَّذِي لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ بِغَيْرِهِ: أَنَّ كُلَّ مَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ الْمُخْتَارُ يَخْتَارُ بَعْضَ ذَلِكَ فَهَذَا مِنِ اخْتِلَافِ التَّنَوُّعِ [7] . وَمِنْ ذَلِكَ أَنْوَاعُ الِاسْتِفْتَاحَاتِ فِي الصَّلَاةِ، كَاسْتِفْتَاحِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي (1) الْحَدِيثُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي: سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 1/47 كِتَابِ الطَّهَارَةِ بَابِ فَرْضِ الْوُضُوءِ، سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 1/5 - 6 كِتَابِ الطَّهَارَةِ، بَابِ مَا جَاءَ أَنَّ مِفْتَاحَ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ أَصَحُّ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَحْسَنُ، سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 1/101 كِتَابِ الطَّهَارَةِ وَسُنَنِهَا، بَابِ مِفْتَاحِ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ، الْمُسْنَدِ ط. الْمَعَارِفِ 2/218 - 240 وَانْظُرْ: إِرْوَاءَ الْغَلِيلِ 2/9 - 10. (2) ح: وَجَاءَتْهُ. (3) ن، م: رَكْعَةً. (4) ن، م: رَكْعَةً. (5) ن، م: الْكَعْبَةِ. (6) ن، م: صَلَاةٌ. (7) انْظُرْ عَنْ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهَا: الْمُغْنِيَ لِابْنِ قُدَامَةَ 2/332 - 349 إِرْوَاءَ الْغَلِيلِ 3/42 - 50 رَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَاسْتِفْتَاحِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَاسْتِفْتَاحِ عُمَرَ الَّذِي كَانَ يَجْهَرُ بِهِ فِي مِحْرَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعَلِّمَهُ النَّاسَ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهُوَ فِي السُّنَنِ مَرْفُوعٌ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الِاسْتِفْتَاحَاتِ [1] . وَمِنْ ذَلِكَ صِفَاتُ الِاسْتِعَاذَةِ، وَأَنْوَاعُ الْأَدْعِيَةِ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ، وَأَنْوَاعُ الْأَذْكَارِ الَّتِي تُقَالُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مَعَ التَّسْبِيحِ الْمَأْمُورِ بِهِ. وَمِنْ ذَلِكَ صَلَاةُ التَّطَوُّعِ: يُخَيَّرُ فِيهَا بَيْنَ الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ، وَيُخَيَّرُ بَيْنَ الْجَهْرِ بِاللَّيْلِ وَالْمُخَافَتَةِ [2] إِلَى أَمْثَالِ ذَلِكَ. وَمِنْ ذَلِكَ تَخْيِيرُ الْحَاجِّ بَيْنَ التَّعْجِيلِ [3] فِي يَوْمَيْنِ مِنْ أَيَّامِ مِنًى وَبَيْنَ التَّأَخُّرِ إِلَى [4] الْيَوْمِ الثَّالِثِ. وَهَذَا الِاخْتِلَافُ قِسْمَانِ: أَحَدُهُمَا يَكُونُ [5] الْإِنْسَانُ مُخَيَّرًا فِيهِ بَيْنَ النَّوْعَيْنِ بِدُونِ اجْتِهَادٍ فِي أَصْلَحِهِمَا، وَالثَّانِي يَكُونُ تَخْيِيرُهُ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ مِنَ الْمَصْلَحَةِ. وَتَخْيِيرُ الْمُتَصَرِّفِ لِغَيْرِهِ هُوَ مِنْ هَذَا الْبَابِ، كَوَلِيِّ الْيَتِيمِ، وَنَاظِرِ الْوَقْفِ، وَالْوَكِيلِ، وَالْمُضَارِبِ، وَالشَّرِيكِ، وَأَمْثَالِ ذَلِكَ مِمَّنْ تَصَرَّفَ [6] (1) انْظُرْ عَنْ أَدْعِيَةِ الِاسْتِفْتَاحِ فِي الصَّلَاةِ، إِرْوَاءَ الْغَلِيلِ 2/48 - 53 صِفَةَ صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 72 - 76 الْمُغْنِيَ لِابْنِ قُدَامَةَ 1/415 - 416، الْكَلِمَ الطَّيِّبَ لِابْنِ تَيْمِيَّةَ، تَحْقِيقُ مُحَمَّدِ نَاصِرِ الدَّيْنِ الْأَلْبَانِيِّ ص 59 - 63 ط. الْمَكْتَبِ الْإِسْلَامِيِّ، 1397 (2) ح، ب: الْجَهْرِ وَالْمُخَافَتَةِ بِاللَّيْلِ. (3) ب: التَّعَجُّلِ. (4) ن، م: التَّأْخِيرِ فِي. (5) ن، م: أَنْ يَكُونَ. (6) ن، م: يَتَصَرَّفُ. لِغَيْرِهِ؛ فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ مُخَيَّرًا بَيْنَ هَذَا النَّقْدِ وَهَذَا النَّقْدِ، أَوْ بَيْنَ النَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ، أَوْ بَيْنَ ابْتِيَاعِ هَذَا الصِّنْفِ وَهَذَا الصِّنْفِ، أَوِ الْبَيْعِ فِي هَذَا السُّوقِ وَهَذَا السُّوقِ، فَهُوَ تَخْيِيرُ مَصْلَحَةٍ وَاجْتِهَادٍ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْدِلَ عَمَّا يَرَاهُ أَصْلَحَ لِمَنِ ائْتَمَنَهُ، إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ مَشَقَّةٌ تُسَوِّغُ لَهُ تَرْكَهُ. وَمِنْ هَذَا الْبَابِ تَصَرُّفُ وَلِيِّ الْأَمْرِ لِلْمُسْلِمِينَ، كَالْأَسِيرِ الَّذِي يُخَيَّرُ فِيهِ بَيْنَ الْقَتْلِ وَالِاسْتِرْقَاقِ، وَكَذَلِكَ بَيْنَ الْمَنِّ وَالْفِدَاءِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ. وَلِهَذَا «اسْتَشَارَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصْحَابَهُ فِيهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأَخْذِ الْفِدَاءِ، وَشَبَّهَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِبْرَاهِيمَ وَعِيسَى، وَأَشَارَ عَلَيْهِ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِالْقَتْلِ، وَشَبَّهَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِنُوحٍ وَمُوسَى، وَلَمْ يَعِبْ وَاحِدًا مِنْهُمَا بِمَا أَشَارَ عَلَيْهِ بِهِ، بَلْ مَدَحَهُ وَشَبَّهَهُ بِالْأَنْبِيَاءِ» [1] . وَلَوْ كَانَ مَأْمُورًا بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ حَتْمًا لَمَا اسْتَشَارَهُمْ فِيمَا يَفْعَلُ. وَكَذَلِكَ اجْتِهَادُ وَلِيِّ الْأَمْرِ فِيمَنْ يُوَلِّي، فَعَلَيْهِ أَنْ يَخْتَارَ أَصْلَحَ مَنْ يَرَاهُ، ثُمَّ إِنَّ الِاجْتِهَادَ يَخْتَلِفُ وَيَكُونُ جَمِيعُهُ صَوَابًا، كَمَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ رَأْيُهُ أَنْ يُوَلِّيَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فِي حُرُوبِهِ، وَكَانَ عُمَرُ يُشِيرُ عَلَيْهِ بِأَنْ يَعْزِلَهُ، فَلَا يَعْزِلُهُ، وَيَقُولُ: إِنَّهُ سَيْفٌ سَلَّهُ اللَّهُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ لَمَّا تَوَلَّى عَزَلَهُ وَوَلَّى أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ، وَمَا فَعَلَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا كَانَ أَصْلَحَ فِي وَقْتِهِ؛ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ فِيهِ لِينٌ، وَعُمَرَ كَانَ فِيهِ (1) انْظُرْ نَصَّ الْحَدِيثِ وَتَعْلِيقِي عَلَيْهِ بَعْدَ صَفَحَاتٍ فِي هَذَا الْجُزْءِ ص 131 - 135 شِدَّةٌ، وَكَانَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَشِيرُهُمَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: "«إِذَا اتَّفَقْتُمَا عَلَى شَيْءٍ لَمْ أُخَالِفْكُمَا»" [1] . وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ «عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ: "إِنْ يُطِعِ الْقَوْمُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَرْشُدُوا»" . [2] . وَفِي رِوَايَةٍ فِي الصَّحِيحِ "«كَيْفَ تَرَوْنَ الْقَوْمَ صَنَعُوا حِينَ فَقَدُوا نَبِيَّهُمْ وَأَرْهَقَتْهُمْ صَلَاتُهُمْ؟" قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: "أَلَيْسَ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ؟ إِنْ يُطِيعُوهُمَا [فَقَدْ رَشَدُوا وَرَشَدَتْ أُمَّتُهُمْ، وَإِنْ يَعْصُوهُمَا] [3] فَقَدْ غَوَوْا وَغَوَتْ أُمَّتُهُمْ" قَالَهَا ثَلَاثًا» [4] . (1) رَوَى الْهَيْثَمِيُّ فِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ 9/52 وَعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَيَّدَنِي بِكُمَا، وَلَوْلَا أَنَّكُمَا تَخْتَلِفَانِ عَلَيَّ مَا خَالَفْتُكُمَا. قَالَ الْهَيْثَمِيُّ: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَفِيهِ حَبِيبُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ كَاتِبُ مَالِكٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ. ثُمَّ رَوَى الْهَيْثَمِيُّ 9/53: وَعَنِ ابْنِ غَنْمٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ: لَوِ اجْتَمَعْتَا فِي مَشُورَةٍ مَا خَالَفْتُكُمَا. قَالَ الْهَيْثَمِيُّ: رَوَاهُ أَحْمَدُ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ ابْنَ غَنْمٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (2) هَذِهِ الْعِبَارَاتُ جُزْءٌ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ فِي: مُسْلِمٍ 1/472 - 474 كِتَابُ الْمَسَاجِدِ وَمَوَاضِعِ الصَّلَاةِ، بَابُ قَضَاءِ الصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ وَاسْتِحْبَابِ تَعْجِيلِ قَضَائِهَا. وَأَوَّلُهُ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّكُمْ تَسِيرُونَ عَشِيَّتَكُمْ وَلَيْلَتَكُمْ. الْحَدِيثَ وَفِيهِ: فَإِنْ يُطِيعُوا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَرْشُدُوا. الْحَدِيثُ فِي الْمُسْنَدِ ط. الْحَلَبِيِّ 5/298 وَفِيهِ: وَإِنْ يُطِعِ النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَرْشُدُوا. قَالَهَا ثَلَاثًا. (3) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) . (4) لَمْ أَجِدْ هَذَا الْحَدِيثَ. وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ [1] مِنْ حَدِيثِ [ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ] عُمَرَ [2] قَالَ: "«لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ، وَأَصْحَابِهِ وَهُمْ [3] ثَلَاثُمِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ [4] رَجُلًا، فَاسْتَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ [5] - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْقِبْلَةَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ فَجَعَلَ [6] يَهْتِفُ بِرَبِّهِ:" اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ آتِنِي [7] مَا وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ إِنْ تَهْلِكْ [8] هَذِهِ الْعِصَابَةُ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ "فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ [9] الْقِبْلَةِ، حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ [10] ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ [11] ، ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ، وَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ كَفَاكَ [12] مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ، [فَإِنَّهُ] [13] سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [سُورَةُ الْأَنْفَالِ: 9] فَأَمَدَّهُ اللَّهُ بِالْمَلَائِكَةِ» . قَالَ أَبُو زُمَيْلٍ: «فَحَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ مِنَ" (1) \ 3 1383 - 1385 كِتَابُ الْجِهَادِ بَابُ الْإِمْدَادِ بِالْمَلَائِكَةِ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ. (2) ن، م: مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ. (3) وَهُمْ: لَيْسَتْ فِي مُسْلِمٍ (م) . (4) وَتِسْعَةَ عَشَرَ: كَذَا فِي (ب) ، مُسْلِمٍ، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: وَسَبْعَةَ عَشَرَ. (5) مُسْلِمٍ: نَبِيُّ اللَّهِ. (6) فَجَعَلَ: كَذَا فِي (ب) ، مُسْلِمٍ، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: وَجَعَلَ. (7) مُسْلِمٍ: آتِ. (8) ح، ب، ر، ي: إِنَّكَ إِنْ تَهْلِكْ. (9) ح، ب: مُسْتَقْبِلًا. (10) مَنْكِبَيْهِ: كَذَا فِي (ب) ، (ن) ، مُسْلِمٍ، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ مَنْكِبِهِ. (11) مَنْكِبَيْهِ: كَذَا فِي (ب) ، (ن) ، مُسْلِمٍ، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ مَنْكِبِهِ. (12) م، ي: مُسْلِمٌ فِي قِرَاءَةٍ: كَذَاكَ. (13) فَإِنَّهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) . الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ يَشْتَدُّ فِي أَثَرِ رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَمَامَهُ، إِذْ سَمِعَ ضَرْبَةً بِالسَّوْطِ فَوْقَهُ، وَصَوْتَ الْفَارِسِ يَقُولُ: أَقْدِمْ حَيْزُومُ [1] ، فَنَظَرَ إِلَى الْمُشْرِكِ أَمَامَهُ فَخَرَّ مُسْتَلْقِيًا، فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَإِذَا قَدْ [2] خُطِمَ [3] أَنْفُهُ وَشُقَّ وَجْهُهُ كَضَرْبَةِ السَّوْطِ [4] . فَاخْضَرَّ ذَلِكَ أَجْمَعُ، فَجَاءَ الْأَنْصَارِيُّ فَحَدَّثَ بِذَلِكَ [5] رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: "صَدَقْتَ، ذَلِكَ [6] مِنْ مَدَدِ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ" فَقَتَلُوا يَوْمَئِذٍ سَبْعِينَ وَأَسَرُوا سَبْعِينَ. فَقَالَ [7] أَبُو زُمَيْلٍ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَلَمَّا أَسَرُوا الْأُسَارَى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ: "مَا تَرَوْنَ فِي هَؤُلَاءِ الْأُسَارَى؟" فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: [يَا نَبِيَّ اللَّهِ] [8] هُمْ بَنُو الْعَمِّ وَالْعَشِيرَةِ، أَرَى أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُمْ فِدْيَةً، فَتَكُونَ [9] لَنَا قُوَّةً عَلَى الْمُشْرِكِينَ [10] ، فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُمْ لِلْإِسْلَامِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا تَرَى يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟" قُلْتُ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَرَى (1) حَيْزُومُ: كَلِمَةُ زَجْرٍ لِلْفَرَسِ مَعْلُومَةٌ فِي كَلَامِهِمْ، وَقِيلَ: اسْمُ فَرَسِ الْمَلَكِ. (2) مُسْلِمٍ: فَإِذَا هُوَ قَدْ. (3) الْخَطْمُ: الْأَثَرُ عَلَى الْأَنْفِ. (4) كَضَرْبَةِ السَّوْطِ: كَذَا فِي (ب) ، مُسْلِمٍ، وَفِي (ن) ، (م) : لِضَرْبِهِ بِالسَّيْفِ، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: لِضَرْبِهِ بِالسَّوْطِ. (5) بِذَلِكَ: كَذَا فِي (ح) ، (ب) ، مُسْلِمٍ، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: ذَلِكَ. (6) ح، ر، م: ذَاكَ. (7) مُسْلِمٍ: قَالَ. (8) يَا نَبِيَّ اللَّهِ: فِي (ب) ، مُسْلِمٍ فَقَطْ. (9) فَتَكُونَ: كَذَا فِي (ب) ، مُسْلِمٍ، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: تَكُونُ. (10) مُسْلِمٍ: الْكُفَّارِ. الَّذِي رَأَى أَبُو بَكْرٍ، وَلَكِنِّي [1] أَرَى أَنْ تُمَكِّنَنَا [2] فَنَضْرِبَ [3] أَعْنَاقَهُمْ، فَتُمَكِّنَ عَلِيًّا مِنْ عَقِيلٍ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ، وَتُمَكِّنِّي [4] مِنْ فُلَانٍ - نَسِيبٍ [5] . لِعُمَرَ - فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ؛ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ أَئِمَّةُ الْكُفْرِ وَصَنَادِيدُهَا [6] ، فَهَوَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا قَالَ [7] أَبُو بَكْرٍ، وَلَمْ يَهْوَ مَا قُلْتُ [8] ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ جِئْتُ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بَكْرٍ [قَاعِدَيْنِ] [9] يَبْكِيَانِ. قُلْتُ [10] : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يُبْكِيكَ أَنْتَ وَصَاحِبُكَ [11] ؟ فَإِنْ وَجَدْتُ بُكَاءً بِكَيْتُ، وَإِنْ لَمْ أَجِدْ بُكَاءً تَبَاكَيْتُ لِبُكَائِكُمَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَبْكِي لِلَّذِي عَرَضَ عَلَيَّ أَصْحَابُكَ [12] مِنْ أَخْذِهِمُ الْفِدَاءَ، لَقَدْ عُرِضَ عَلَيَّ عَذَابُهُمْ أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ [13] شَجَرَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) فَأَنْزَلَ اللَّهُ - تَعَالَى [14] -" (1) وَلَكِنِّي: كَذَا فِي (ب) ، مُسْلِمٍ، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: وَلَكِنْ. (2) مُسْلِمٍ: تُمَكِّنَّا. (3) ي: فَتَضْرِبَ. (4) ن، ر، ي، ب: وَتُمَكِّنَنِي. (5) مُسْلِمٍ: نَسِيبًا (6) صَنَادِيدُهَا: أَيْ أَشْرَفُهَا. (7) ن، م: مَا قَالَهُ. (8) ن، م، ي: مَا قُلْتُهُ. (9) قَاعِدَيْنِ: فِي (ب) ، مُسْلِمٍ فَقَطْ. (10) ن، م: فَقُلْتُ. (11) مُسْلِمٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي مِنْ أَيِّ شَيْءٍ تَبْكِي أَنْتَ وَصَاحِبُكَ. (12) ن، م: عَلَى الَّذِي عَرَضَ مِنْ أَصْحَابِكَ. (13) ن، م: لِشَجَرَةٍ. (14) مُسْلِمٍ: وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} [1] الْآيَةَ [سُورَةُ الْأَنْفَالِ: 67] "قَالَ [2] :" فَأَحَلَّ اللَّهُ لَهُمُ الْغَنِيمَةَ» [3] . وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَقَالَ فِيهِ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "«إِنَّ مَثَلَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ كَمَثَلِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [سُورَةُ إِبْرَاهِيمَ: 36] أَوْ كَمَثَلِ عِيسَى قَالَ: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 118] وَإِنَّ مَثَلَكَ يَا عُمَرُ كَمَثَلِ نُوحٍ قَالَ: {رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} [سُورَةُ نُوحٍ: 26] " وَقَالَ: "يَا عُمَرُ كَمَثَلِ مُوسَى [4] قَالَ: {وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} » ) [سُورَةُ يُونُسَ: 88] [5]" . (1) مُسْلِمٍ: الْأَرْضِ إِلَى قَوْلِهِ فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا [سُورَةُ الْأَنْفَالِ: 69] . (2) قَالَ: لَيْسَتْ فِي مُسْلِمٍ. (3) مُسْلِمٍ: فَأَحَلَّ اللَّهُ الْغَنِيمَةَ لَهُمْ، وَجَاءَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي مُسْنَدِ عُمَرَ فِي الْمُسْنَدِ ط. الْمَعَارِفِ 1/244 - 245 وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَد شَاكِر رَحِمَهُ اللَّهُ: وَالْحَدِيثُ نَقَلَهُ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ عَنِ الْمُسْنَدِ 4/18 - 19، وَقَالَ: وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طُرُقٍ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ بِهِ، وَصَحَّحَهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَالتِّرْمِذِيُّ. (4) ح، ب: دَيَّارًا أَوْ كَمَثَلِ مُوسَى. (5) الْحَدِيثُ مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي: الْمُسْتَدْرَكِ لِلْحَاكِمِ 3/21 - 22 وَقَالَ الْحَاكِمُ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ، وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ، وَالْحَدِيثُ فِي الْمُسْنَدِ ط. الْمَعَارِفِ 5/227 - 229، وَقَالَ أَحْمَد شَاكِر رَحِمَهُ اللَّهُ: إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِانْقِطَاعِهِ، وَانْظُرْ كَلَامَهُ عَلَيْهِ، وَأَوْرَدَ ابْنُ كَثِيرٍ الْحَدِيثَ فِي تَارِيخِهِ (السِّيرَةُ النَّبَوِيَّةُ) . تَحْقِيقُ مُصْطَفَى عَبْد الْوَاحِدِ 2/458 - 459 وَقَالَ: وَهَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ، وَأَوْرَدَ التِّرْمِذِيُّ الْحَدِيثَ مُخْتَصَرًا فِي سُنَنِهِ فِي مَوْضِعَيْنِ 3/129 كِتَابُ الْجِهَادِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمَشُورَةِ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَفِي الْبَابِ عَنْ عُمَرَ وَأَبِي أَيُّوبَ وَأَنَسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ وَأَبُو عُبَيْدَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ، 4/335 - 336 كِتَابُ التَّفْسِيرِ سُورَةُ الْأَنْفَالِ، وَأَوَّلُ الْحَدِيثِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ: مَا تَقُولُونَ فِي هَؤُلَاءِ الْأُسَارَى؟ وَالْحَدِيثُ فِي كِتَابِ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ 1/181 وَقَالَ الْمُحَقِّقُ: إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِانْقِطَاعِهِ. وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمَا. وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ، وَرَوَاهُ ابْنُ بَطَّةَ، وَرُوِّينَاهُ فِي جُزْءِ ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، وَهَذَا لَفْظُهُ قَالَ [1] : "«لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" مَا تَقُولُونَ فِي هَؤُلَاءِ الْأُسَارَى [2] ؟ "فَقَالَ [3] أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَوْمُكَ وَأَهْلُكَ، اسْتَبْقِهِمْ وَاسْتَأْنِ بِهِمْ، لَعَلَّ اللَّهَ يَتُوبُ [4] عَلَيْهِمْ. وَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَذَّبُوكَ وَأَخْرَجُوكَ [5] ، قَرِّبْهُمْ وَاضْرِبْ أَعْنَاقَهُمْ" فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. قَالَ: "فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ شَيْئًا. قَالَ: فَخَرَجَ رَسُولُ" (1) الرِّوَايَةُ التَّالِيَةُ هِيَ الَّتِي أَشَرْنَا إِلَيْهَا فِي الْمُسْنَدِ ط. الْمَعَارِفِ 5/227 - 229 (2) الْمُسْنَدِ: الْأَسْرَى. (3) فَقَالَ: كَذَا فِي الْمُسْنَدِ، ح، ب: وَفِي بَاقِي النُّسَخِ: قَالَ. (4) الْمُسْنَدِ: أَنْ يَتُوبَ. (5) الْمُسْنَدِ: أَخْرَجُوكَ وَكَذَّبُوكَ.
__________________
|
#7
|
||||
|
||||
![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد السادس الحلقة (367) صـ 135 إلى صـ 144 اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: "إِنَّ مَثَلَكَ [1] يَا أَبَا بَكْرٍ كَمَثَلِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [سُورَةُ إِبْرَاهِيمَ: 36] وَإِنَّ مَثَلَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ كَمَثَلِ عِيسَى قَالَ: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 118] وَإِنَّ مَثَلَكَ يَا عُمَرُ كَمَثَلِ نُوحٍ قَالَ: {رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} [سُورَةُ نُوحٍ: 26] وَإِنَّ مَثَلَكَ يَا عُمَرُ كَمَثَلِ مُوسَى قَالَ: {وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} » [سُورَةُ يُونُسَ: 88] ." وَرَوَى ابْنُ بَطَّةَ بِالْإِسْنَادِ الثَّابِتِ مِنْ حَدِيثِ الزِّنْجِيِّ ابْنِ خَالِدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ: "لَوْلَا أَنَّكُمَا تَخْتَلِفَانِ عَلَيَّ مَا خَالَفْتُكُمَا»" [2] . وَكَانَ السَّلَفُ مُتَّفِقِينَ عَلَى تَقْدِيمِهِمَا حَتَّى شِيعَةُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَرَوَى ابْنُ بَطَّةَ عَنْ شَيْخِهِ الْمَعْرُوفِ بِأَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ مَسْرُوقٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ حُدَيْرٍ [3] ، قَالَ: "قَدِمَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ [4] الْكُوفَةَ، قَالَ لَنَا شِمْرُ بْنُ" (1) فِي الْمُسْنَدِ 5/228 فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَيُلِينُ قُلُوبَ رِجَالٍ فِيهِ حَتَّى تَكُونَ أَلْيَنَ مِنَ اللَّبَنِ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيَشُدُّ قُلُوبَ رِجَالٍ فِيهِ حَتَّى تَكُونَ أَشَدَّ مِنَ الْحِجَارَةِ، وَإِنَّ مَثَلَكَ. (2) انْظُرْ مَا ذَكَرْتُهُ قَبْلَ صَفَحَاتٍ قَلِيلَةٍ ص 129 فِي تَعْلِيقِي عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ. (3) ر: زِيَادِ بْنِ جُدَيْرٍ، وَالْمُثْبَتُ عَنْ (ن) ، وَفِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ 5/221 عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ أَبُو مَرْيَمَ الْأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ، رَوَى عَنْهُ شِمْرُ بْنُ عَطِيَّةَ، وَأَمَّا حُدَيْرٌ فَلَعَلَّهُ حُدَيْرُ بْنُ كُرَيْبٍ الْحَضْرَمِيُّ، تَرْجَمَتُهُ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ 2/218 - 219 (4) وَهُوَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ، تَرْجَمَتُهُ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ 8/63 - 67، وَمَاتَ سَنَةَ 126 وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. عَطِيَّةَ [1] : قُومُوا إِلَيْهِ [2] ، فَجَلَسْنَا إِلَيْهِ، فَتَحَدَّثُوا، فَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: خَرَجْتُ مِنَ الْكُوفَةِ وَلَيْسَ أَحَدٌ يَشُكُّ فِي فَضْلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَتَقْدِيمِهِمَا، وَقَدِمْتُ الْآنَ وَهُمْ يَقُولُونَ وَيَقُولُونَ، وَلَا وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا يَقُولُونَ "." وَقَالَ: حَدَّثَنَا النَّيْسَابُورِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ الْحَلَبِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ حَسَنٍ [3] ، قَالَ: سَمِعْتُ لَيْثَ بْنَ أَبِي سُلَيْمٍ [4] يَقُولُ: أَدْرَكْتُ الشِّيعَةَ الْأُولَى وَمَا يُفَضِّلُونَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَحَدًا. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: "حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ سَلَمَةَ [5] ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: حُبٌّ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَمَعْرِفَةُ فَضْلِهِمَا مِنَ السُّنَّةِ" . (* وَمَسْرُوقٌ مِنْ أَجَلِّ تَابِعِي الْكُوفَةِ، وَكَذَلِكَ قَالَ طَاوُسٌ: "حُبُّ" (1) تَرْجَمَتُهُ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ 4/364 - 365 وَفِيهَا رَوَى عَنْهُ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ وَوَثَّقَهُ ابْنُ حَجَرٍ. (2) ن، م: مِنْ مَوَالِيهِ. (3) ن، م: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ضَمْرَةَ وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَأُرَجِّحُ أَنَّ فِي الْأَسْمَاءِ تَحْرِيفًا وَلَعَلَّهُ ضَمْرَةُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حَسَنَةَ أَوِ ابْنِ أَبِي حَنَّةَ، ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ 4/461 وَهُوَ ثِقَةٌ. (4) ذَكَرَهُ الذَّهَبِيُّ فِي مِيزَانِ الِاعْتِدَالِ 3/420 - 423 وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَثَّقَهُ الْبَعْضُ وَضَعَّفَهُ كَثِيرُونَ مِنْهُمُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَأَوْرَدَ الذَّهَبِيُّ الْخَبَرَ بِلَفْظِ: قَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ، عَنْ لَيْثٍ، قَالَ: أَدْرَكْتُ الشِّيعَةَ الْأُولَى بِالْكُوفَةِ وَمَا يُفَضِّلُونَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَحَدًا. وَابْنُ شَوْذَبٍ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَوْذَبٍ الْخُرَاسَانِيُّ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ 5/255: وَعَنْهُ ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَهُوَ رَاوِيَتُهُ، فَلَعَلَّ السَّنَدَ صِحَّتُهُ: حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَوْذَبٍ. (5) ن، م: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، وَهُوَ خَطَأٌ، وَهُوَ خَالِدُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الْعَاصِ بْنِ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ أَبُو سَلَمَةَ، رَوَى عَنْهُ الشَّعْبِيُّ وَعَنْهُ السُّفْيَانَانِ، تَرْجَمْتُهُ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ 3/95 - 96 أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَمَعْرِفَةُ فَضْلِهِمَا مِنَ السُّنَّةِ *) ". [1] وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ." وَكَيْفَ لَا تُقَدِّمُ الشِّيعَةُ الْأُولَى أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَقَدْ تَوَاتَرَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: "خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ" . [2] وَقَدْ رُوِيَ هَذَا عَنْهُ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ، قِيلَ: إِنَّهَا تَبْلُغُ ثَمَانِينَ طَرِيقًا. وَقَدْ رَوَاهُ [3] الْبُخَارِيُّ عَنْهُ [فِي صَحِيحِهِ] [4] مِنْ حَدِيثِ الْهَمْدَانِيِّينَ الَّذِينَ هُمْ أَخَصُّ النَّاسِ بِعَلِيٍّ حَتَّى كَانَ يَقُولُ: وَلَوْ [5] كُنْتُ بَوَّابًا عَلَى بَابِ جَنَّةٍ لَقُلْتُ لِهَمْدَانَ ادْخُلِي [6] بِسَلَامٍ وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، [وَهُوَ هَمْدَانِيٌّ] [7] عَنْ مُنْذِرٍ [وَهُوَ هَمْدَانِيٌّ] [8] عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي: يَا أَبَتِ، مَنْ خَيْرُ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ أَوَمَا تَعْرِفُ؟ فَقُلْتُ: لَا. قَالَ: أَبُو بَكْرٍ. فَقُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: عُمَرُ. وَهَذَا يَقُولُهُ لِابْنِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، لَيْسَ هُوَ مِمَّا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَهُ تُقْيَةً وَيَرْوِيَهُ عَنْ أَبِيهِ خَاصَّةً، وَقَالَهُ عَلَى الْمِنْبَرِ. (1) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ح) . (2) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 1/11 - 12، 308، 2/72 (3) ح، ب: وَقَدْ رَوَى. (4) فِي صَحِيحِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . (5) ن، م: لَوْ. (6) ن، م: ادْخُلُوا. (7) وَهُوَ هَمْدَانِيٌّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . (8) سَبَقَ هَذَا الْأَثَرُ فِيمَا مَضَى 1/12 وَعَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: "لَا أُوتَى بِأَحَدٍ يُفَضِّلُنِي عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ إِلَّا جَلَدْتُهُ جَلْدَ الْمُفْتَرِي" [1] . وَفِي السُّنَنِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: "«اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ»" [2] . وَلِهَذَا كَانَ أَحَدُ قَوْلَيِ الْعُلَمَاءِ - وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ - أَنَّ قَوْلَهُمَا إِذَا اتَّفَقَا حُجَّةٌ لَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْهَا. وَهَذَا أَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ. كَمَا أَنَّ الْأَظْهَرَ أَنَّ اتِّفَاقَ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ أَيْضًا حُجَّةٌ لَا يَجُوزُ خِلَافُهَا، لِأَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِاتِّبَاعِ سُنَّتِهِمْ. وَكَانَ نَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَبْعُوثًا بِأَعْدَلِ الْأُمُورِ وَأَكْمَلِهَا، فَهُوَ الضَّحُوكُ الْقَتَّالُ، وَهُوَ نَبِيُّ الرَّحْمَةِ، وَنَبِيُّ الْمَلْحَمَةِ. بَلْ أُمَّتُهُ مَوْصُوفُونَ بِذَلِكَ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [سُورَةُ الْفَتْحِ: 29] [وَقَوْلِهِ تَعَالَى] [3] : {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 54] . فَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَجْمَعُ بَيْنَ شِدَّةِ هَذَا وَلِينِ هَذَا، فَيَأْمُرُ بِمَا هُوَ الْعَدْلُ [4] ، وَهُمَا يُطِيعَانِهِ، فَتَكُونُ أَفْعَالُهُمَا عَلَى كَمَالِ الِاسْتِقَامَةِ، فَلَمَّا قَبَضَ اللَّهُ نَبِيَّهُ، وَصَارَ كُلٌّ مِنْهُمَا خَلِيفَةً عَلَى الْمُسْلِمِينَ خِلَافَةَ نُبُوَّةٍ، كَانَ مِنْ كَمَالِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنْ [5] يُوَلِّيَ (1) سَبَقَ هَذَا الْأَثَرُ فِيمَا مَضَى 1/308 وَجَاءَ الْأَثَرُ مَعَ اخْتِلَافٍ فِي اللَّفْظِ، فِي فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ 1/83 رَقْمُ 49 وَضَعَّفَ الْمُحَقِّقُ إِسْنَادَهُ. (2) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 1/489 (3) وَقَوْلِهِ تَعَالَى: فِي (ب) فَقَطْ. (4) ن، م: الْغَالِبُ. (5) ر: أَنَّهُ. الشَّدِيدَ وَيَسْتَعِينَ بِهِ لِيَعْتَدِلَ أَمْرُهُ، وَيَخْلِطَ الشِّدَّةَ بِاللِّينِ، فَإِنَّ مُجَرَّدَ اللِّينِ يُفْسِدُ، وَمُجَرَّدَ الشِّدَّةِ تُفْسِدُ، وَيَكُونُ قَدْ قَامَ مَقَامَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ [1] يَسْتَعِينُ بِاسْتِشَارَةِ عُمَرَ وَبِاسْتِنَابَةِ خَالِدٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَهَذَا مِنْ كَمَالِهِ الَّذِي صَارَ بِهِ خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَلِهَذَا اشْتَدَّ فِي قِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ شِدَّةً بَرَزَ بِهَا عَلَى عُمَرَ وَغَيْرِهِ. حَتَّى رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ [لَهُ] [2] : يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَأَلَّفِ النَّاسَ. فَقَالَ: عَلَامَ أَتَأَلَّفُهُمْ: أَعَلَى حَدِيثٍ مُفْتَرًى؟ أَمْ عَلَى شِعْرٍ مُفْتَعَلٍ؟ . وَقَالَ أَنَسٌ: خَطَبَنَا أَبُو بَكْرٍ عَقِيبَ وَفَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنَّا لَكَالثَّعَالِبِ، فَمَا زَالَ يُشَجِّعُنَا حَتَّى صِرْنَا كَالْأُسُودِ. وَأَمَّا عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَكَانَ شَدِيدًا فِي نَفْسِهِ، فَكَانَ مِنْ كَمَالِهِ اسْتِعَانَتُهُ بِاللَّيِّنِ لِيَعْتَدِلَ أَمْرُهُ، فَكَانَ يَسْتَعِينُ بِأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأَبِي عُبَيْدٍ الثَّقَفِيِّ، وَالنُّعْمَانِ بْنِ مُقْرِنٍ، وَسَعِيدِ بْنِ عَامِرٍ، وَأَمْثَالِ هَؤُلَاءِ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ وَالزُّهْدِ، الَّذِينَ هُمْ أَعْظَمُ زُهْدًا وَعِبَادَةً مِنْ مِثْلِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ [وَأَمْثَالِهِ] [3] . وَمِنْ هَذَا الْبَابِ أَمْرُ الشُّورَى، فَإِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ كَثِيرَ الْمُشَاوَرَةِ لِلصَّحَابَةِ فِيمَا لَمْ يَتَبَيَّنْ فِيهِ أَمْرَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ؛ فَإِنَّ الشَّارِعَ نُصُوصُهُ كَلِمَاتٌ جَوَامِعُ، وَقَضَايَا كُلِّيَّةٌ، وَقَوَاعِدُ عَامَّةٌ، يَمْتَنِعُ أَنْ (1) ن، م: وَكَانَ. (2) لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . (3) وَأَمْثَالِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . يَنُصَّ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ مِنْ جُزْئِيَّاتِ الْعَالَمِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَلَا بُدَّ مِنَ الِاجْتِهَادِ فِي الْمُعَيَّنَاتِ: هَلْ تَدْخُلُ فِي كَلِمَاتِهِ [1] الْجَامِعَةِ أَمْ لَا؟ وَهَذَا الِاجْتِهَادُ يُسَمَّى "تَحْقِيقَ الْمَنَاطِ" ، وَهُوَ مِمَّا [2] اتَّفَقَ عَلَيْهِ النَّاسُ كُلُّهُمْ: نُفَاةُ الْقِيَاسِ وَمُثْبِتَتُهُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَمَرَ أَنْ يُسْتَشْهَدَ ذَوَا عَدْلٍ، فَكَوْنُ الشَّخْصِ الْمُعَيَّنِ مِنْ ذَوِي الْعَدْلِ لَا يُعْلَمُ بِالنَّصِّ بَلْ بِاجْتِهَادٍ خَاصٍّ. وَكَذَلِكَ إِذَا أَمَرَ أَنْ تُؤَدَّى الْأَمَانَاتُ إِلَى أَهْلِهَا وَأَنْ يُوَلَّى الْأُمُورَ مَنْ يَصْلُحُ لَهَا، فَكَوْنُ هَذَا الشَّخْصِ الْمُعَيَّنِ صَالِحًا لِذَلِكَ أَوْ رَاجِحًا عَلَى غَيْرِهِ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَدُلَّ عَلَيْهِ النُّصُوصُ، بَلْ لَا يُعْلَمُ إِلَّا بِاجْتِهَادٍ خَاصٍّ. وَالرَّافِضِيُّ إِنْ زَعَمَ أَنَّ الْإِمَامَ يَكُونُ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ وَهُوَ مَعْصُومٌ، فَلَيْسَ هُوَ أَعْظَمَ مِنَ الرَّسُولِ، وَنُوَّابُهُ وَعُمَّالُهُ لَيْسُوا مَعْصُومِينَ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَنُصَّ الشَّارِعُ عَلَى كُلِّ مُعَيَّنَةٍ، وَلَا يُمْكِنَ النَّبِيَّ وَلَا الْإِمَامَ أَنْ يَعْلَمَ الْبَاطِنَ فِي كُلِّ مُعَيَّنَةٍ، بَلْ قَدْ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُوَلِّي الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ ثُمَّ يُنْزِلُ اللَّهُ فِيهِ: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ} [سُورَةُ الْحُجُرَاتِ: 6] [3] . وَقَدْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّ الْحَقَّ فِي قَضِيَّتِهِ [4] مَعَ بَنِي أُبَيْرِقٍ [5] ثُمَّ يُنْزِلُ اللَّهُ: (1) كَلِمَاتِهِ: كَذَا فِي (ح) ، (ب) وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: كَلِمَتِهِ. (2) ن، م: مَا. (3) انْظُرْ تَفْسِيرَ ابْنِ كَثِيرٍ 7/350 - 351، الْمَسْنَدَ ط. الْحَلَبِيِّ، 4/279 حَدِيثَ الْحَارِثِ بْنِ ضِرَارٍ الْخُزَاعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَانْظُرْ رَأْيَ ابْنِ الْعَرَبِيِّ وَإِنْكَارَ الْأُسْتَاذِ مُحِبِّ الدِّينِ الْخَطِيبِ لِذَلِكَ فِي الْعَوَاصِمِ مِنَ الْقَوَاصِمِ ص 90 - 94. (4) ن، م: فِي قِصَّةٍ، ي: فِي قَضِيَّةٍ. (5) ب: مَعَ ابْنِ أُبَيْرِقٍ. {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 105] الْآيَاتِ [1] . وَأَمَّا عَلِيٌّ [2] - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَظُهُورُ الْأَمْرِ لَهُ [3] فِي الْجُزْئِيَّاتِ بِخِلَافِ مَا ظَنَّهُ كَثِيرٌ [جِدًّا] [4] ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الِاجْتِهَادِ فِي الْجُزْئِيَّاتِ مِنَ الْمَعْصُومِينَ وَغَيْرِ الْمَعْصُومِينَ [5] . وَفِي الصَّحِيحِ [6] عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: "«إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، وَإِنَّمَا أَقْضِي بِنَحْوٍ مِمَّا أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلَا يَأْخُذْهُ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ»" [7] . فَحُكْمُهُ فِي الْقَضِيَّةِ الْمُعَيَّنَةِ إِنَّمَا هُوَ بِاجْتِهَادِهِ، وَلِهَذَا نَهَى الْمَحْكُومُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَا حُكِمَ لَهُ بِهِ إِذَا كَانَ الْبَاطِنُ بِخِلَافِ مَا ظَهَرَ [لِلْحَاكِمِ] [8] . وَعُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إِمَامٌ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَخْلِفَ الْأَصْلَحَ لِلْمُسْلِمِينَ، فَاجْتَهَدَ فِي ذَلِكَ وَرَأَى أَنَّ هَؤُلَاءِ السِّتَّةَ أَحَقُّ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَهُوَ كَمَا رَأَى، فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ أَنَّ غَيْرَهُمْ أَحَقُّ مِنْهُمْ. [وَجَعَلَ التَّعْيِينَ إِلَيْهِمْ خَوْفًا أَنْ (1) انْظُرْ تَفْسِيرَ ابْنِ كَثِيرٍ 2/358 - 360 (2) ن، م: وَأَمَّا عُمَرُ. (3) لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ح) ، (ب) . (4) جِدًّا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ح) ، (ب) . (5) ن، م: وَغَيْرِهِمْ. (6) ر: وَفِي الصَّحِيحَيْنِ. (7) انْظُرْ كَلَامِي عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِيمَا يَلِي فِي هَذَا الْجُزْءِ ص 412 (8) لِلْحَاكِمِ: زِيَادَةٌ فِي (ر) ، (ي) . يُعَيِّنَ وَاحِدًا مِنْهُمْ وَيَكُونُ غَيْرُهُ أَصْلَحَ لَهُمْ، فَإِنَّهُ] [1] ظَهَرَ لَهُ [2] رُجْحَانُ السِّتَّةِ دُونَ رُجْحَانِ التَّعْيِينِ، وَقَالَ: الْأَمْرُ فِي التَّعْيِينِ إِلَى السِّتَّةِ يُعِيِّنُونَ وَاحِدًا مِنْهُمْ. وَهَذَا أَحْسَنُ، اجْتِهَادُ إِمَامٍ عَالِمٍ عَادِلٍ نَاصِحٍ لَا هَوَى لَهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَأَيْضًا فَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [سُورَةُ الشُّورَى: 38] ، وَقَالَ: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: 159] . فَكَانَ مَا فَعَلَهُ مِنَ الشُّورَى مَصْلَحَةً، وَكَانَ مَا فَعَلَهُ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ تَعْيِينِ عُمَرَ هُوَ الْمَصْلَحَةَ أَيْضًا؛ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ تَبَيَّنَ لَهُ مِنْ كَمَالِ عُمَرَ وَفَضْلِهِ وَاسْتِحْقَاقِهِ لِلْأَمْرِ مَا لَمْ يَحْتَجْ مَعَهُ إِلَى الشُّورَى، وَظَهَرَ أَثَرُ هَذَا الرَّأْيِ الْمُبَارَكِ الْمَيْمُونِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّ كُلَّ عَاقِلٍ مُنْصِفٍ يَعْلَمُ أَنَّ عُثْمَانَ أَوْ عَلِيًّا أَوْ طَلْحَةَ أَوِ الزُّبَيْرَ أَوْ سَعْدًا أَوْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ لَا يَقُومُ [3] مَقَامَ عُمَرَ، فَكَانَ تَعْيِينُ عُمَرَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ كَتَعْيِينِ أَبِي بَكْرٍ فِي مُبَايَعَتِهِمْ لَهُ. وَلِهَذَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَفْرَسُ النَّاسِ ثَلَاثَةٌ: بِنْتُ صَاحِبِ مَدْيَنَ حَيْثُ قَالَتْ: {يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} [سُورَةُ الْقَصَصِ: 26] وَامْرَأَةُ الْعَزِيزِ حَيْثُ قَالَتْ: {عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا} [سُورَةُ الْقَصَصِ: 9] وَأَبُو بَكْرٍ حَيْثُ اسْتَخْلَفَ عُمَرَ" [4] . (1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . (2) ن، م: فَظَهَرَ لَهُ. (3) لَا يَقُومُ: كَذَا فِي (ح) ، (ب) ، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: لَا يَقُومُونَ. (4) انْظُرْ كَلَامِي عَلَى هَذَا الْأَثَرِ فِيمَا مَضَى مِنْ قَبْلُ فِي هَذَا الْجُزْءِ ص 54 وَقَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فِي خُطْبَتِهَا [1] : "أَبِي وَمَا أُبَيْهُ [2] وَاللَّهِ لَا تُعْطُوهُ [3] الْأَيْدِيَ [4] . ذَاكَ طَوْدٌ مُنِيفٌ [5] ، وَفَرْعٌ [6] مَدِيدٌ. هَيْهَاتَ! كَذَبَتِ الظُّنُونُ! أَنْجَحَ [7] إِذْ أَكْدَيْتُمْ [8] ، وَسَبَقَ إِذْ وَنَيْتُمْ [9] سَبْقَ الْجَوَادِ إِذَا اسْتَوْلَى عَلَى الْأَمَدِ [10] ، فَتَى قُرَيْشٍ نَاشِئًا، وَكَهْفُهَا كَهْلًا [11] ، يَفُكُّ عَانِيَهَا [12] ، وَيَرِيشُ مُمْلِقَهَا [13] ، وَيَرْأَبُ شَعْبَهَا [14] حَتَّى حَلِيَتْهُ قُلُوبُهَا [15] ، ثُمَّ اسْتَشْرَى" (1) أَوْرَدَ هَذِهِ الْخُطْبَةَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فِي الرِّيَاضِ النَّضِرَةِ 1/189 - 190 وَنَقَلَهَا الْأُسْتَاذُ عَلِيٌّ الطَّنْطَاوِيُّ فِي كِتَابِهِ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ ط. السَّلَفِيَّةِ، الْقَاهِرَةُ 1372 ص 18 - 19. (2) ح، ب: وَمَا أَبِي (3) لَا تُعْطُوهُ: كَذَا فِي (ب) ، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: لَا يُعْطُوهُ. (4) أَيْ: لَا تَبْلُغُهُ فَتَتَنَاوَلُهُ مِنْ شَرْحِ الْأُسْتَاذِ مُحِبِّ الدِّينِ الْخَطِيب عَلَى الْمُنْتَقَى مِنْ مِنْهَاجِ الِاعْتِدَالِ ص 364. (5) جَبَلٌ شَامِخٌ. (6) الْفَرْعُ: أَعْلَى الشَّيْءِ، وَفَرْعُ الْقَوْمِ شَرِيفُهُمْ. (7) أَيْ صَارَ نَاجِحًا. (8) ر: إِذْ كَدَّبْتُمْ، م، ح، ي: إِذْ كَذَّبْتُمْ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ، وَأَكْدَى: أَصْلُهُ مِنَ الْكُدْيَةِ وَهِيَ الْأَرْضُ الْغَلِيظَةُ الْقَوِيَّةُ، وَأَكْدَى أَيْ: بَلَغَ هَذِهِ الْأَرْضَ فَلَمْ يُمْكِنْهُ الْحَفْرُ مِنْ شَرْحِ الْأُسْتَاذِ عَلِيٍّ الطَّنْطَاوِيِّ. (9) أَيْ: فَتَرْتُمْ وَقَصَّرْتُمْ. (10) الْأَمَدُ: الْغَايَةُ. (11) الْكَهْفُ: الْمَلْجَأُ، وَالْكَهْلُ: مَنْ جَاوَزَ الرَّابِعَةَ وَالثَّلَاثِينَ وَلَمْ يُجَاوِزِ الْوَاحِدَةَ وَالْخَمْسِينَ. (12) الْعَانِي: الْأَسِيرُ. (13) رَاشَ السَّهْمَ أَيْ وَضَعَ فِيهِ الرِّيشَ، وَالْمُرَادُ يُسَاعِدُ فَقِيرَهَا. (14) م، ح، ب: شَعَثَهَا، وَالْمُثْبَتُ مِنْ (ر) ، (ي) ، وَالْكَلِمَةُ فِي (ن) غَيْرُ مَنْقُوطَةٍ، وَفِي الرِّيَاضِ النَّضِرَةِ: وَيَرْأَبُ شَعْبَهَا وَيَلُمُّ شَعَثَهَا، وَالرَّأْبُ: جَمْعُ الشَّيْءِ وَشَدُّهُ بِرِفْقٍ، وَالشَّعْبُ: الصَّدْعُ وَهُوَ الشِّقُّ فِي الشَّيْءِ، أَرَادَتْ أَنَّهُ يَجْمَعُ مُتَفَرِّقَ أَمْرِ الْأُمَّةِ وَكَلِمَتِهَا. (15) ح، ر، ي، ب: جَلَبَتْهُ، ن: حليتها، بِدُونِ نَقْطٍ، م: حبسها، بِدُونِ نَقْطٍ، وَالْمُثْبَتُ مِنَ الرِّيَاضِ النَّضِرَةِ، وَكَذَا أَثْبَتَهَا الْأُسْتَاذُ عَلِيٌّ الطَّنْطَاوِيُّ وَشَرَحَ الْكَلِمَةَ فَقَالَ: أَيِ اسْتَحْلَتْهُ. فِي اللَّهِ [1] ، فَمَا بَرِحَتْ شَكِيمَتُهُ فِي ذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى تَشْتَدُّ [2] ، حَتَّى اتَّخَذَ بِفَنَائِهِ مَسْجِدًا [3] ، يُحْيِي فِيهِ مَا أَمَاتَ الْمُبْطِلُونَ. وَكَانَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - غَزِيرَ الدَّمْعَةِ، وَقِيذَ الْجَوَانِحِ [4] ، شَجِيَّ النَّشِيجِ [5] ، فَتَتَقَصَّفُ عَلَيْهِ نِسْوَانُ مَكَّةَ وَوِلْدَانُهَا [6] ، يَسْخَرُونَ مِنْهُ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهِ (اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ) [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 15] فَأَكْبَرَتْ ذَلِكَ رِجَالَاتُ قُرَيْشٍ فَحَنَتْ لَهُ قِسِيَّهَا [7] ، وَفَوَّقَتْ لَهُ سِهَامَهَا [8] ، وَانْتَبَلُوهُ غَرَضًا [9] ، فَمَا فَلُّوا لَهُ (1) الرِّيَاضُ النَّضِرَةُ، الْمُنْتَقَى: اسْتَشْرَى فِي دِينِهِ، الطَّنْطَاوِيُّ: فِي دِينِ اللَّهِ، وَفِي رِوَايَةٍ فِي الرِّيَاضِ النَّضِرَةِ: اسْتَشْرَى فِي اللَّهِ تَعَالَى، اسْتَشْرَى: أَيْ جَدَّ وَقَوِيَ وَاهْتَمَّ وَأَلَحَّ. (2) تَشْتَدُّ فِي (ب) ، وَالْمُنْتَقَى فَقَطْ. وَالشَّكِيمَةُ: الْأَنَفَةُ وَالْإِبَاءُ. (3) قَالَ الْأُسْتَاذُ مُحِبُّ الدِّينِ الْخَطِيب (الْمُنْتَقَى ص 365) : تُشِيرُ إِلَى الْمَسْجِدِ الَّذِي أَقَامَهُ أَبُوهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي سَاحَةِ مَنْزِلِهِ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ فَكَانَ مِنْ أَعْظَمِ وَسَائِلِ الدَّعَايَةِ لِلْإِسْلَامِ. (4) وَقِيذَ الْجَوَانِحِ: كَذَا فِي (ب) ، الْمُنْتَقَى، الرِّيَاضِ النَّضِرَةِ، (أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ) لِلطَّنْطَاوِيِّ، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: وَقِيذَ الْجَوَارِحِ، وَالْمَعْنَى: مَحْزُونُ الْقَلْبِ، قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: حَتَّى كَأَنَّ الْحُزْنَ صَيَّرَهُ لَا حَرَاكَ بِهِ. مِنَ الْوَقْذِ: وَهُوَ الضَّرْبُ حَتَّى يَصِيرَ الْمَضْرُوبُ لَا حَرَاكَ بِهِ. (5) الشَّجْوُ: الْحُزْنُ، وَالشَّجِيُّ: الْمُحْزَنُ، وَالنَّشِيجُ: الصَّوْتُ الَّذِي يَتَرَدَّدُ فِي الْحَلْقِ، أَرَادَتْ كَأَنَّهُ يُحْزِنُ مَنْ يَسْمَعُهُ يَقْرَأُ لِأَنَّ فِي صَوْتِ بُكَائِهِ رِقَّةٌ وَحَنَانٌ. (6) فَتَنْقَصِفُ عَلَيْهِ. . . إِلَخْ: كَذَا فِي (ب) ، الْمُنْتَقَى، وَفِي (ن) : انْفَضَّتْ إِلَيْهَا، وَفِي (م) : فَانْفَضَّتْ إِلَيْهِ، وَفِي (ح) ، (ر) ، (ي) فَانْقَضَتْ إِلَيْهِ، وَفِي لِسَانِ الْعَرَبِ: وَفِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كَانَ يُصَلِّي وَيَقْرَأُ فَتَتَقَصَّفُ عَلَيْهِ نِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ، أَيْ: يَزْدَحِمُونَ. (7) الْقِسِيُّ: جَمْعُ قَوْسٍ، وَفِي اللِّسَانِ: فَحَنَتْ لَهَا قَوْسَهَا أَيْ وَتَرَتْ؛ لِأَنَّهَا إِذَا وَتَرَتْهَا عَطَفَتْهَا، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ: حَنَّتْ مُشَدَّدَةً، يُرِيدُ صَوَّتَتْ. (8) فُوقُ السَّهْمِ: مَوْضِعُ الْوَتَرِ مِنْهُ، وَفَوَّقَتْ سَدَّدَتْ. (9) ح، ر، ي: وَانْبَتَلُوا عَرَضًا، ن، ب: وَانْتَثَلُوهُ غَرَضًا، وَالْمُثْبَتُ مِنْ (م) ، الْمُنْتَقَى، وَفِي الرِّيَاضِ النَّضِرَةِ، الطَّنْطَاوِيِّ: وَامْتَثَلُوهُ غَرَضًا، وَفِي رِوَايَةٍ فِي الرِّيَاضِ النَّضِرَةِ: فَانْتَثَلُوهُ عَرَضًا، وَلَعَلَّ الصَّوَابَ مَا أَثْبَتُّهُ، وَالْمَعْنَى: أَيْ: اتَّخَذُوهُ هَدَفًا لِنِبَالِهِمْ.
__________________
|
#8
|
||||
|
||||
![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد السادس الحلقة (368) صـ 145 إلى صـ 154 صَفَاةً [1] ، وَلَا قَصَفُوا لَهُ قَنَاةً، وَمَرَّ عَلَى سِيسَائِهِ [2] ، حَتَّى إِذَا ضَرَبَ الدِّينُ بِجِرَانِهِ [3] ، وَأَلْقَى بَرْكَهُ [4] ، وَرَسَتْ [5] أَوْتَادُهُ، وَدَخْلَ النَّاسُ فِيهِ أَفْوَاجًا، وَمِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ أَرْسَالًا وَأَشْتَاتًا [6] ، اخْتَارَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا عِنْدَهُ. فَلَمَّا قَبَضَ اللَّهُ نَبِيَّهُ نَصَبَ الشَّيْطَانُ رُوَاقَهُ [7] ، وَمَدَّ طُنُبَهُ [8] ، وَنَصَبَ حَبَائِلَهُ [9] ، فَظَنَّ رِجَالٌ أَنْ قَدْ تَحَقَّقَتْ أَطْمَاعُهُمْ، وَلَاتَ [10] حِينَ الَّذِي يَرْجُونَ، وَأَنَّى وَالصِّدِّيقُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، فَقَامَ حَاسِرًا مُشَمِّرًا، فَجَمَعَ حَاشِيَتَهُ وَرَفَعَ قُطْرَيْهِ [11] ، فَرَدَّ [12] نَشْرَ الْإِسْلَامِ عَلَى غَرِّهِ [13] ، وَلَمَّ شَعَثَهُ (1) ن، م: فَمَا فَاصُوالَهُ صَفَاةً، وَهُوَ تَحْرِيفٌ، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ عَجَزُوا عَنْ أَنْ يَكْسِرُوا لَهُ حَجَرًا، وَالصَّفَاةُ: صَخْرَةٌ مَلْسَاءُ. (2) سِيسَاءُ الظَّهْرِ مِنَ الدَّوَابِّ: مُجْتَمَعُ وَسَطِهِ، وَهُوَ مَوْضِعُ الرُّكُوبِ. (3) الْجِرَانُ: بَاطِنُ الْعُنُقِ: أَيْ: قَرَّ قَرَارُهُ وَاسْتَقَامَ، وَذَلِكَ أَنَّ الْبَعِيرَ إِذَا بَرَكَ وَاسْتَرَاحَ مَدَّ عُنُقَهُ عَلَى الْأَرْضِ. (4) الْبَرْكُ: الصَّدْرُ. (5) وَرَسَتْ: أَيْ: وَثَبَتَتْ. (6) أَرْسَالًا: جَمْعُ رَسَلٍ وَهُوَ فِي الْأَصْلِ الْقَطِيعُ مِنَ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ، فَاسْتُعِيرَ لِلْجَمَاعَةِ مِنَ النَّاسِ وَأَشْتَاتًا: مُتَفَرِّقِينَ. (7) الرَّوْقُ وَالرُّوَاقُ: مَا بَيْنَ يَدَيِ الْبَيْتِ. (8) الطُّنُبُ: الْحَبْلُ الَّذِي تُشَدُّ بِهِ أَطْرَافُ الْخَيْمَةِ. (9) أَيْ مَصَايِدَهُ: وَاحِدُهَا حِبَالَةٌ بِكَسْرِ الْحَاءِ. (10) لَاتَ: كَلِمَةٌ مَعْنَاهَا لَيْسَ، وَقِيلَ: إِنَّهَا "لَا" زِيدَتْ عَلَيْهَا التَّاءُ. (11) فِي جَمِيعِ النُّسَخِ: وَرَفَعَ فِطْرَتَهُ، وَالَّذِي أَثْبَتُّهُ قِرَاءَةٌ فِي الرِّيَاضِ النَّضِرَةِ، وَقَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فِي شَرْحِهِ: وَقُطْرَا الشَّيْءِ: جَانِبَاهُ، وَكَتَبَهَا الْأُسْتَاذُ مُحِبُّ الدِّينِ الْخَطِيب "وَضَمَّ قُطْرَيْهِ" وَقَالَ: صَحَّحْنَاهَا مِنَ النِّهَايَةِ لِابْنِ الْأَثِيرِ. (12) ن، م: وَرَدَّ. (13) عَلَى غَرِّهِ: كَذَا فِي (ب) ، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ، عَلَى عَرَبِ، (ح: عَرَبِهِ) ، وَيُقَالُ: طَوَى الثَّوْبَ عَلَى غَرِّهِ الْأَوَّلِ، أَيْ كَمَا كَانَ مَطْوِيًّا، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ أَعَادَهُ إِلَى حَالَتِهِ الَّتِي كَانَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. بِطِبِّهِ [1] ، وَأَقَامَ أَوَدَهُ بِثِقَافِهِ [2] ، فَدَقَّ [3] النِّفَاقَ بِوَطْأَتِهِ، وَانْتَاشَ الدِّينَ فَمَنَعَهُ [4] ، فَلَمَّا أَرَاحَ الْحَقَّ عَلَى أَهْلِهِ [5] ، وَقَرَّرَ [6] الرُّءُوسَ عَلَى كَوَاهِلِهَا، وَحَقَنَ الدِّمَاءَ فِي أُهُبِهَا [7] ، أَتَتْهُ مَنِيَّتُهُ، فَسُدَّ ثَلْمُهُ [8] بِنَظِيرِهِ [9] فِي الرَّحْمَةِ، وَشَقِيقِهِ فِي السِّيرَةِ وَالْمَعْدَلَةِ، ذَاكَ [10] ابْنُ الْخَطَّابِ، [لِلَّهِ] [11] أُمٌّ حَمَلَتْ بِهِ [12] ، [وَدَرَّتْ عَلَيْهِ] [13] ، لَقَدْ أَوْحَدَتْ [14] بِهِ، فَفَنَّخَ الْكَفَرَةَ وَدَيَّخَهَا [15] ، وَشَرَّدَ الشِّرْكَ [16] شَذَرَ مَذَرَ [17] ، وَبَعَجَ الْأَرْضَ وَبَخَعَهَا [18] ، (1) ن، م: بِطَنِّهِ. ر، الرِّيَاضُ النَّضِرَةُ: بِطَيِّهِ، وَلَمَّ شَعَثَهُ، جَمَعَ مَا تَفَرَّقَهُ مِنْ أَمْرِهِ. (2) ب: بِثِفَاقِهِ، وَهُوَ خَطَأٌ مَطْبَعِيٌّ، وَالْأَوَدُ: الْعِوَجُ: وَالثِّقَافُ: تَقْوِيمُ الْمُعْوَجِّ. (3) فَدَقَّ: كَذَا فِي (ح) ، وَفِي (ن) ، (م) : فَانْدَفَرَ وَفِي (ر) ، (ي) فَانْدَقَرَ، وَفِي (ب) ، الْمُنْتَقَى: فَوَقَذَ. وَفِي الرِّيَاضِ النَّضِرَةِ: امْذَقَرَ، وَلَعَلَّ الصَّوَابَ مَا أَثْبَتُّهُ. (4) فَمَنَعَهُ: كَذَا فِي (ح) ، (ر) ، وَفِي (ن) ، (م) : فَنَغَهُ، وَفِي (ي) : فَنَعَهُ، وَفِي (ب) : فَنَعَشَهُ، وَفِي الْمُنْتَقَى، الرِّيَاضِ: بِنَعْشِهِ، وَانْتَاشَ الدِّينَ: تَنَاوَلَهُ وَاسْتَنْقَذَهُ وَانْتَشَلَهُ. (5) ن، م: فَلَمَّا رَاحَ الْحَقُّ إِلَى أَهْلِهِ، ح، ر، ي: فَلَمَّا زَاحَ الْحَقَّ إِلَى أَهْلِهِ، وَالْمُثْبَتُ مِنْ (ب) ، الْمُنْتَقَى، الرِّيَاضِ، وَالْمَعْنَى: رَدَّ الْحَقَّ إِلَى أَهْلِهِ. (6) ن، م: وَقَرَّتِ. (7) جَمْعُ إِهَابٍ، وَهُوَ الْجِلْدُ قَبْلَ الدَّبْغِ. (8) ثُلْمَةً: كَذَا فِي (ب) ، الْمُنْتَقَى وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: ثُلْمَتَهُ. (9) ن، م: بِنَظَرِهِ. (10) ح، ر، ي: ذَلِكَ. (11) لِلَّهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . (12) ب، الْمُنْتَقَى: حَفَلَتْ لَهُ. (13) وَدَرَّتْ عَلَيْهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . (14) ن، ر، ي: أَوْجَدَتْ. (15) ب، الْمُنْتَقَى: فَقَبَّحَ الْكُفْرَ، وَالْمُثْبَتُ مِنْ سَائِرِ النُّسَخِ، (أَبُو بَكْرٍ) لِلطَّنْطَاوِيِّ، وَفَنَّخَ الْكَفَرَةَ: أَيْ أَذَلَّهُمْ، وَدَيَّخَهَا: أَيْ دَوَّخَهَا وَقَهَرَهَا. (16) ن، م: الْكُفْرَ. (17) شَذَرَ مَذَرَ: أَيْ فِي كُلِّ جِهَةٍ. (18) ح، ر: وَنَجَعَهَا، ب، م: وَبَجَعَهَا، وَالْمُثْبَتُ مِنْ (ي) ، (ن) : الْمُنْتَقَى، وَفِي لِسَانِ الْعَرَبِ وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا ذَكَرَتْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَتْ: وَبَخَعَ الْأَرْضَ فَقَاءَتْ أُكْلَهَا: أَيْ قَهَرَ أَهْلَهَا وَأَذَلَّهُمْ وَاسْتَخْرَجَ مَا فِيهَا مِنَ الْكُنُوزِ وَأَمْوَالِ الْمُلُوكِ. فَقَاءَتْ أُكْلَهَا، وَلَفَظَتْ خَبِيئَهَا [1] ، تَرْأَمُهُ وَيَصْدِفُ عَنْهَا [2] ، وَتَصَدَّى لَهُ وَيَأْبَاهَا، ثُمَّ وَرِعَ [3] فِيهَا وَوَدَّعَهَا كَمَا صَحِبَهَا. فَأَرُونِي مَا تُرِيبُونَ [4] ، وَأَيُّ يَوْمٍ تَنْقِمُونَ [5] : أَيَوْمَ إِقَامَتِهِ إِذْ عَدَلَ فِيكُمْ؟ أَمْ يَوْمَ ظَعْنِهِ وَقَدْ [6] نَظَرَ لَكُمْ؟ [أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَ] أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ "[7] . وَرَوَى هَذِهِ الْخُطْبَةَ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ. وَهَؤُلَاءِ رُوَاةُ الصَّحِيحَيْنِ. وَقَدْ رَوَاهَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ. وَبَعْضُهُمْ رَوَاهَا عَنْ هِشَامٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ عُرْوَةَ [8] ." وَأَمَّا عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَرَأَى الْأَمْرَ فِي السِّتَّةِ مُتَقَارِبًا، فَإِنَّهُمْ وَإِنْ كَانَ لِبَعْضِهِمْ مِنَ الْفَضِيلَةِ مَا لَيْسَ لِبَعْضٍ، فَلِذَلِكَ الْمَفْضُولِ مَزِيَّةٌ أُخْرَى لَيْسَتْ لِلْآخَرِ، وَرَأَى أَنَّهُ إِذَا عَيَّنَ وَاحِدًا فَقَدْ يَحْصُلُ بِوِلَايَتِهِ نَوْعٌ مِنَ الْخَلَلِ، فَيَكُونُ مَنْسُوبًا إِلَيْهِ، فَتَرَكَ التَّعْيِينَ خَوْفًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَعَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ وَاحِدٌ [9] أَحَقَّ بِهَذَا الْأَمْرِ مِنْهُمْ، فَجَمَعَ بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ: بَيْنَ (1) ن، ر: جَنِيَّهَا، م: حَيَّهَا. (2) تَرْأَمُهُ وَيَصْدِفُ عَنْهَا: كَذَا فِي (م) ، الطَّنْطَاوِيِّ. وَفِي (ب) ، (ح) الْمُنْتَقَى: تَرْأَمُهُ وَيَصُدُّ عَنْهَا، وَفِي (ن) : تَرْأَمُهُ وَتَصَدَّقَ عَنْهَا، وَفِي (ر) ، (ي) : تَرْأَمُهُ وَبِصِدْقٍ عَنْهَا، وَلَعَلَّ الصَّوَابَ مَا أَثْبَتُّهُ، وَالْمَعْنَى: تَعْطِفُ عَلَيْهِ وَيُعْرِضُ عَنْهَا. (3) ح، ر، ي، م: وَزَعَ. (4) ح، ر، ي: فَأَرْوَى مَا يُرِيبُونَ. (5) ب، الْمُنْتَقَى، الطَّنْطَاوِيُّ: وَأَيُّ يَوْمِي أَبِي تَنْقِمُونَ. (6) وَقَدْ: كَذَا فِي (ب) ، الْمُنْتَقَى، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: فَقَدْ. وَفِي الرِّيَاضِ، الطَّنْطَاوِيِّ: إِذْ. (7) ح، ر، ي، ن، م: اسْتَغْفَرَ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ. وَالْمُثْبَتُ مِنْ (ب) ، الْمُنْتَقَى، الطَّنْطَاوِيِّ، الرِّيَاضِ. (8) ن، م: فِيهِ عَنْ عُرْوَةَ. (9) ن، م: لَيْسَ أَحَدٌ. تَعْيِينِهِمْ إِذْ لَا أَحَقَّ مِنْهُمْ، وَتَرَكَ تَعْيِينَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِمَا تَخَوَّفَهُ [1] مِنَ التَّقْصِيرِ. وَاللَّهُ تَعَالَى قَدْ أَوْجَبَ عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَفْعَلَ الْمَصْلَحَةَ بِحَسْبِ الْإِمْكَانِ. فَكَانَ مَا فَعَلَهُ غَايَةَ مَا يُمْكِنُ مِنَ الْمَصْلَحَةِ. وَإِذَا كَانَ مِنَ الْأُمُورِ [أُمُورٌ] [2] لَا يُمْكِنُ دَفْعُهَا، فَتِلْكَ لَا تَدْخُلُ فِي التَّكْلِيفِ. وَكَانَ كَمَا رَآهُ، فَعَلِمَ أَنَّهُ إِنْ وَلَّى وَاحِدًا مِنَ السِّتَّةِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَحْصُلَ نَوْعٌ مِنَ التَّأَخُّرِ عَنْ سِيرَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - [3] ، وَأَنْ يَحْصُلَ بِسَبَبِ ذَلِكَ مُشَاجَرَةٌ، كَمَا جَبَلَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ [طِبَاعَ] [4] بَنِي آدَمَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الْمُتَّقِينَ. وَذَكَرَ [فِي] [5] كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ السِّتَّةِ الْأَمْرَ [6] الَّذِي مَنَعَهُ مِنْ تَعْيِينِهِ وَتَقْدِيمِهِ عَلَى غَيْرِهِ. ثُمَّ إِنَّ الصَّحَابَةَ اجْتَمَعُوا عَلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ كَانَتْ أَعْظَمَ مَصْلَحَةٍ وَأَقَلَّ مَفْسَدَةٍ مِنْ وِلَايَةِ غَيْرِهِ. وَالْوَاجِبُ أَنْ يُقَدَّمَ أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ مَصْلَحَةً، وَأَقَلُّهُمَا مَفْسَدَةً. وَعُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - خَافَ أَنْ يَتَقَلَّدَ أَمْرًا يَكُونُ فِيهِ مَا ذُكِرَ، وَرَأَى أَنَّهُمْ إِذَا بَايَعُوا وَاحِدًا مِنْهُمْ بِاخْتِيَارِهِمْ حَصَلَتِ الْمَصْلَحَةُ بِحَسْبِ الْإِمْكَانِ، وَكَانَ الْفَرْقُ بَيْنَ حَالِ الْمَحْيَا وَحَالِ الْمَمَاتِ: أَنَّهُ فِي الْحَيَاةِ يَتَوَلَّى أَمْرَ (1) ن، م: يَتَخَوَّفُهُ. (2) أُمُورٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) . (3) ن، م: سِيرَةِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعُمَرَ. (4) طِبَاعَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . (5) فِي: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . (6) ن: الْأُمَرَاءِ وَهُوَ تَحْرِيفٌ. الْمُسْلِمِينَ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُوَلِّيَ عَلَيْهِمْ أَصْلَحَ مَنْ يُمْكِنُهُ، وَأَمَّا بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَخْلِفَ (* مُعَيَّنًا إِذَا كَانُوا يَجْتَمِعُونَ عَلَى أَمْثَلِهِمْ. كَمَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا عَلِمَ أَنَّهُمْ يَجْتَمِعُونَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ اسْتَغْنَى بِذَلِكَ عَنْ كِتَابَةِ الْكِتَابِ الَّذِي كَانَ قَدْ عَزَمَ عَلَى أَنْ يَكْتُبَهُ لِأَبِي بَكْرٍ. وَأَيْضًا فَلَا دَلِيلَ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْخَلِيفَةِ أَنْ يَسْتَخْلِفَ *) [1] بَعْدَهُ، فَلَمْ يَتْرُكْ عُمَرُ وَاجِبًا. وَلِهَذَا رُوجِعَ فِي اسْتِخْلَافِ الْمُعَيَّنِ. وَقِيلَ لَهُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّكَ اسْتَرْعَيْتَ؟ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَكُنْ يُضَيِّعُ [2] دِينَهُ وَلَا خِلَافَتَهُ وَلَا الَّذِي بَعَثَ بِهِ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنْ عُجِّلَ بِي أَمْرٌ، فَالْخِلَافَةُ شُورَى بَيْنَ هَؤُلَاءِ [السِّتَّةِ] [3] الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ. وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَعَثَ الرُّسُلَ وَأَنْزَلَ الْكُتُبَ [4] لِيَكُونَ النَّاسُ عَلَى غَايَةِ مَا يُمْكِنُ مِنَ الصَّلَاحِ، لَا لِرَفْعِ الْفَسَادِ بِالْكُلِّيَّةِ؛ فَإِنَّ هَذَا مُمْتَنِعٌ فِي الطَّبِيعَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ؛ إِذْ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ فَسَادٍ. وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ} الْآيَةَ [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 30] . وَلِهَذَا لَمْ تَكُنْ أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ إِلَّا وَفِيهَا شَرٌّ وَفَسَادٌ. وَأَمْثَلُ (1) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ح) . (2) ن، م: مُضَيِّعٌ. (3) السِّتَّةُ سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . (4) ح: بَعَثَ الرَّسُولَ وَأَنْزَلَ الْكِتَابَ، ر: أَرْسَلَ الرُّسُلَ وَأَنْزَلَ الْكُتُبَ. الْأُمَمِ قَبْلَنَا بَنُو إِسْرَائِيلَ، وَكَانَ فِيهِمْ مِنَ الْفَسَادِ وَالشَّرِّ مَا قَدْ عُلِمَ بَعْضُهُ. وَأَمَّتُنَا خَيْرُ الْأُمَمِ وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللَّهِ، وَخَيْرُهَا الْقُرُونُ الثَّلَاثَةُ، وَأَفْضَلُهُمُ الصَّحَابَةُ. وَفِي أُمَّتِنَا شَرُّ كَثِيرٌ، لَكِنَّهُ أَقَلُّ مِنْ شَرِّ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَشَرُّ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَقَلُّ مِنْ شَرِّ الْكُفَّارِ الَّذِينَ لَمْ يَتَّبِعُوا نَبِيًّا كَفِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ. وَكُلُّ خَيْرٍ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَفِي أُمَّتِنَا خَيْرٌ مِنْهُ. وَكَذَلِكَ أَوَّلُ هَذِهِ الْأَمَةِ وَآخِرُهَا، فَكُلُّ خَيْرٍ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ فَفِي الْمُتَقَدِّمِينَ مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ، وَكُلُّ شَرٍّ فِي الْمُتَقَدِّمِينَ فَفِي الْمُتَأَخِّرِينَ مَا هُوَ شَرٌّ مِنْهُ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [سُورَةُ التَّغَابُنِ: 16] . وَلَا رَيْبَ أَنَّ السِّتَّةَ الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ، الَّذِينَ عَيَّنَهُمْ عُمَرُ، لَا يُوجَدُ أَفْضَلُ مِنْهُمْ، وَإِنْ كَانَ فِي كُلٍّ مِنْهُمْ مَا كَرِهَهُ، فَإِنَّ غَيْرَهُمْ يَكُونُ فِيهِ مِنَ الْمَكْرُوهِ أَعْظَمُ. وَلِهَذَا لَمْ يَتَوَلَّ بَعْدَ عُثْمَانَ خَيْرٌ مِنْهُ وَلَا أَحْسَنُ سِيرَةً، وَلَا تَوَلَّى بَعْدَ عَلِيٍّ خَيْرٌ مِنْهُ [1] ، وَلَا تَوَلَّى مَلِكٌ مِنْ مُلُوكِ الْمُسْلِمِينَ أَحْسَنُ سِيرَةً مِنْ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كَمَا ذَكَرَ النَّاسُ سِيرَتَهُ وَفَضَائِلَهُ. وَإِذَا كَانَ الْوَاحِدُ مِنْ هَؤُلَاءِ لَهُ ذُنُوبٌ، فَغَيْرُهُمْ أَعْظَمُ ذُنُوبًا، وَأَقَلُّ حَسَنَاتٍ. فَهَذَا مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي يَنْبَغِي أَنْ تُعْرَفَ، فَإِنَّ الْجَاهِلَ بِمَنْزِلَةِ الذُّبَابِ الَّذِي لَا يَقَعُ إِلَّا عَلَى الْعَقِيرِ [2] وَلَا يَقَعُ عَلَى الصَّحِيحِ. وَالْعَاقِلُ يَزِنُ الْأُمُورَ جَمِيعًا: هَذَا وَهَذَا. (1) ح، ر، ب، ي: بَعْدَ عَلِيٍّ مِثْلُهُ. (2) فِي جَمِيعِ النُّسَخِ: الْعَقَرِ، وَهُوَ خَطَأٌ، وَلَعَلَّ الصَّوَابَ مَا أَثْبَتُّهُ، وَالْعَقِيرُ: الْجَرِيحُ. وَهَؤُلَاءِ الرَّافِضَةُ مِنْ أَجْهَلِ النَّاسِ، يَعِيبُونَ عَلَى مَنْ يَذُمُّونَهُ مَا يُعَابُ أَعْظَمُ مِنْهُ عَلَى مَنْ يَمْدَحُونَهُ، فَإِذَا سُلِكَ مَعَهُمْ مِيزَانُ الْعَدْلِ تَبَيَّنَ أَنَّ الَّذِي ذَمُّوهُ أَوْلَى بِالتَّفْضِيلِ مِمَّنْ مَدَحُوهُ. وَأَمَّا مَا يُرْوَى مِنْ ذِكْرِهِ لِسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ؛ فَقَدْ عُلِمَ أَنَّ عُمَرَ وَغَيْرَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ كَانُوا يَعْلَمُونَ أَنَّ الْإِمَامَةَ فِي قُرَيْشٍ، كَمَا اسْتَفَاضَتْ بِذَلِكَ السُّنَنُ [عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -] [1] . فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "«لَا يَزَالُ هَذَا الْأَمْرُ فِي قُرَيْشٍ مَا بَقِيَ فِي النَّاسِ اثْنَانِ" وَفِي لَفْظٍ: "مَا بَقِيَ مِنْهُمُ اثْنَانِ»" [2] . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "«النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ فِي هَذَا الشَّأْنِ: مُؤْمِنُهُمْ تَبَعٌ لِمُؤْمِنِهِمْ، وَكَافِرُهُمْ تَبَعٌ لِكَافِرِهِمْ»" [3] رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ: "«النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ»" [4] . وَخَرَّجَ الْبُخَارِيُّ عَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: "«إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ فِي قُرَيْشٍ، لَا يُعَادِيهِمْ أَحَدٌ إِلَّا كَبَّهُ اللَّهُ عَلَى وَجْهِهِ مَا أَقَامُوا الدِّينَ»" [5] . (1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) . (2) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 3/382 (3) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 3/384 (4) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 3/385 (5) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 3/385 وَهَذَا مِمَّا احْتَجُّوا بِهِ عَلَى الْأَنْصَارِ يَوْمَ السَّقِيفَةِ. فَكَيْفَ يُظَنُّ بِعُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُوَلِّي رَجُلًا مِنْ غَيْرِ قُرَيْشٍ؟ ! بَلْ مِنَ الْمُمْكِنِ أَنَّهُ كَانَ يُوَلِّيهِ وِلَايَةً جُزْئِيَّةً [1] ، أَوْ يَسْتَشِيرُهُ فِيمَنْ يُوَلَّى وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي يَصْلُحُ لَهَا سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، فَإِنَّ سَالِمًا كَانَ مِنْ خِيَارِ الصَّحَابَةِ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ يَؤُمُّهُمْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ. [الرد على قول الرافضي إن عمر جمع بين الفاضل والمفضول] وَأَمَّا قَوْلُ الرَّافِضِيِّ: "وَجَمَعَ بَيْنَ الْفَاضِلِ وَالْمَفْضُولِ، وَمِنْ حَقِّ الْفَاضِلِ التَّقَدُّمُ [عَلَى الْمَفْضُولِ] [2]" . فَيُقَالُ لَهُ: أَوَّلًا: [هَؤُلَاءِ] [3] كَانُوا مُتَقَارِبِينَ فِي الْفَضِيلَةِ، وَلَمْ يَكُنْ تَقَدُّمُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ ظَاهِرًا، كَتَقَدُّمِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ عَلَى الْبَاقِينَ. وَلِهَذَا كَانَ [4] فِي الشُّورَى تَارَةً يُؤْخَذُ بِرَأْيِ عُثْمَانَ، وَتَارَةً [يُؤْخَذُ] [5] بِرَأْيِ عَلِيٍّ، وَتَارَةً بِرَأْيِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَكُلٌّ مِنْهُمْ لَهُ فَضَائِلُ لَمْ يُشْرِكْهُ فِيهَا الْآخَرُ. ثُمَّ يُقَالُ لَهُ ثَانِيًا: وَإِذَا كَانَ فِيهِمْ فَاضِلٌ وَمَفْضُولٌ، فَلِمَ قُلْتَ: إِنَّ عَلِيًّا هُوَ الْفَاضِلُ، وَعُثْمَانَ وَغَيْرَهُ هُمُ الْمَفْضُولُونَ؟ وَهَذَا الْقَوْلُ خِلَافُ مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ، [كَمَا قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ، مِنْهُمْ (1) ن، م: حُرُوبِهِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. (2) عَلَى الْمَفْضُولِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) . (3) هَؤُلَاءِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . (4) كَانَ: كَذَا فِي (ب) ، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: كَانُوا. (5) يُؤْخَذُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (ي) ، (ر) . أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ وَغَيْرُهُ: مَنْ قَدَّمَ عَلِيًّا عَلَى عُثْمَانَ فَقَدْ أَزْرَى بِالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ] [1] . وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: "كُنَّا نُفَاضِلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ عُثْمَانُ" . وَفِي لَفْظٍ: "ثُمَّ نَدَعُ أَصْحَابَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا نُفَاضِلُ بَيْنَهُمْ" [2] . فَهَذَا إِخْبَارٌ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - [مِنْ تَفْضِيلِ أَبِي بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرَ ثُمَّ عُثْمَانَ. وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ يَبْلُغُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -] [3] فَلَا يُنْكِرُهُ [4] . وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ هَذَا التَّفْضِيلُ ثَابِتًا بِالنَّصِّ. وَإِلَّا فَيَكُونُ ثَابِتًا بِمَا ظَهَرَ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، وَبِمَا ظَهَرَ لَمَّا تُوُفِّيَ عُمَرُ؛ فَإِنَّهُمْ كُلَّهُمْ بَايَعُوا عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ مِنْ غَيْرِ رَغْبَةٍ وَلَا رَهْبَةٍ، وَلَمْ يُنْكِرْ هَذِهِ الْوِلَايَةَ مُنْكِرٌ مِنْهُمْ. (1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . (2) الْحَدِيثُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ فِي الْبُخَارِيِّ 5/4 (كِتَابُ فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ. . . . .، بَابُ مَنَاقِبِ الْمُهَاجِرِينَ وَفَضْلِهِمْ، بَابُ فَضْلِ أَبِي بَكْرٍ) وَلَفْظُهُ: كُنَّا نُخَيِّرُ بَيْنَ النَّاسِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنُخَيِّرُ أَبَا بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ثُمَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ 5/14 - 15 (كِتَابُ فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ، بَابُ مَنَاقِبِ عُثْمَانَ) ؛ سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 4/287 (كِتَابُ السُّنَّةِ، بَابٌ فِي التَّفْضِيلِ) عَنْ طَرِيقَيْنِ فِي أَوَّلِهِمَا زِيَادَةٌ، ثُمَّ نَتْرُكُ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نُفَاضِلُ بَيْنَهُمْ (كِتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ) الْأَرْقَامُ 53 - 58، 61 - 63، 401؛ مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ 9/58؛ الْمُسْنَدِ ط. الْمَعَارِفِ الْأَرْقَامُ 4626، 4797 (3) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) فَقَطْ. (4) ن: فَلَمْ يُنْكِرْهُ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: "لَمْ يَجْتَمِعُوا عَلَى بَيْعَةِ أَحَدٍ مَا اجْتَمَعُوا عَلَى بَيْعَةِ عُثْمَانَ" وَسُئِلَ عَنْ خِلَافَةِ النُّبُوَّةِ فَقَالَ: "كُلُّ بَيْعَةٍ كَانَتْ بِالْمَدِينَةِ" . وَهُوَ كَمَا قَالَ؛ فَإِنَّهُمْ كَانُوا فِي آخِرِ وِلَايَةِ عُمَرَ أَعَزَّ مَا كَانُوا وَأَظْهَرَ مَا كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ. وَكُلُّهُمْ بَايَعَ [1] عُثْمَانَ بِلَا رَغْبَةٍ بَذَلَهَا [لَهُمْ] [2] وَلَا رَهْبَةٍ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يُعْطِ أَحَدًا عَلَى وِلَايَتِهِ لَا مَالًا وَلَا وِلَايَةً. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ الَّذِي بَايَعَهُ لَمْ يُولِّهِ وَلَمْ يُعْطِهِ مَالًا. وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنْ أَبْعَدِ النَّاسِ عَنِ الْأَغْرَاضِ، مَعَ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ شَاوَرَ جَمِيعَ النَّاسِ، وَلَمْ يَكُنْ لِبَنِي أُمَيَّةَ شَوْكَةٌ، وَلَا كَانَ فِي الشُّورَى مِنْهُمْ أَحَدٌ غَيْرُ عُثْمَانَ. مَعَ أَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - كَانُوا كَمَا وَصَفَهُمُ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 54] . [وَقَدْ بَايَعُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَنْ يَقُولُوا الْحَقَّ حَيْثُمَا كَانُوا، لَا يَخَافُونَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ] [3] ، وَلَمْ يُنْكِرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ وِلَايَةَ عُثْمَانَ، بَلْ كَانَ فِي الَّذِينَ بَايَعُوهُ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ وَصُهَيْبٌ وَأَبُو ذَرٍّ وَخَبَّابٌ وَالْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ وَابْنُ مَسْعُودٍ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: وَلَّيْنَا أَعْلَانَا ذَا فُوقٍ وَلَمْ نَأْلُ. وَفِيهِمُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَفِيهِمْ مِنَ النُّقَبَاءِ مِثْلُ عُبَادَةَ بْنِ (1) ح، ب: بَايَعُوا. (2) لَهُمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . (3) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
__________________
|
#9
|
||||
|
||||
![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد السادس الحلقة (369) صـ 155 إلى صـ 164 الصَّامِتِ وَأَمْثَالِهِ، وَفِيهِمْ مِثْلُ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ وَأَمْثَالِهِ. وَكُلٌّ مِنْ هَؤُلَاءِ وَغَيْرِهِمْ [1] لَوْ تَكَلَّمَ بِالْحَقِّ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ عُذْرٌ يُسْقِطُهُ [2] عَنْهُ، فَقَدْ كَانَ يَتَكَلَّمُ مَنْ يَتَكَلَّمُ مِنْهُمْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي وِلَايَةِ مَنْ يُوَلَّى [3] وَهُوَ مُسْتَحِقٌّ لِلْوِلَايَةِ، وَلَا يَحْصُلُ لَهُمْ ضَرَرٌ. وَتَكَلَّمَ طَلْحَةُ وَغَيْرُهُ فِي وِلَايَةِ عُمَرَ لَمَّا اسْتَخْلَفَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَتَكَلَّمَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ فِي وِلَايَةِ أُسَامَةَ [بْنِ زَيْدٍ] [4] عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ كَانُوا يُكَلِّمُونَ عُمَرَ فِيمَنْ يُوَلِّيهِ [وَيَعْزِلُهُ. وَعُثْمَانُ، بَعْدَ وِلَايَتِهِ وَقُوَّةِ شَوْكَتِهِ وَكَثْرَةِ أَنْصَارِهِ وَظُهُورِ بَنِي أُمَيَّةَ، كَانُوا يُكَلِّمُونَهُ فِيمَنْ يُوَلِّيهِ] [5] وَيُعْطِيهِ مِنْهُمْ وَمِنْ غَيْرِهِمْ. ثُمَّ فِي آخِرِ الْأَمْرِ [6] لَمَّا اشْتَكَوْا مِنْ بَعْضِهِمْ عَزَلَهُ، وَلَمَّا اشْتَكَوْا مِنْ بَعْضِ مَنْ يَأْخُذُ بَعْضَ الْمَالِ مَنَعَهُ. فَأَجَابَهُمْ إِلَى مَا طَلَبُوهُ مِنْ عَزْلٍ وَمَنْعٍ مِنَ الْمَالِ، وَهُمْ أَطْرَافٌ مِنَ النَّاسِ، وَهُوَ [7] فِي عِزَّةِ [8] وِلَايَتِهِ. فَكَيْفَ لَا يَسْمَعُ كَلَامَ الصَّحَابَةِ - أَئِمَّتِهِمْ وَكُبَرَائِهِمْ - مَعَ عِزِّهِمْ وَقُوَّتِهِمْ [9] لَوْ تَكَلَّمُوا فِي وِلَايَةِ عُثْمَانَ؟ ! وَقَدْ تَكَلَّمُوا مَعَ الصِّدِّيقِ فِي وِلَايَةِ عُمَرَ، وَقَالُوا: مَاذَا تَقُولُ لِرَبِّكَ وَقَدْ وَلَّيْتَ عَلَيْنَا فَظًّا غَلِيظًا؟ فَقَالَ: أَبِاللَّهِ تُخَوِّفُونِي؟ أَقُولُ: وَلَّيْتُ عَلَيْهِمْ خَيْرَ أَهْلِكَ. فَلَمْ يُحَابُوا الصِّدِّيقَ فِي عَهْدِهِ لِعُمَرَ مَعَ شِدَّتِهِ. (1) ب: وَمِنْ غَيْرِهِمْ. (2) ح: يُسْقِطُ. (3) ن، م: تَوَلَّى. (4) بْنِ زَيْدٍ: زِيَادَةٌ فِي (ح) ، (ب) . (5) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) . (6) ن، م، ي: وَفِي آخِرِ الْأَمْرِ. (7) ح، ر، ي: وَهُمْ. (8) ن، م: غَيْرَةِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. (9) ن، م: مَعَ غَيْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. وَمِنْ شَأْنِ النَّاسِ أَنْ يُرَاعُوا مَنْ يُرَشَّحُ لِلْوِلَايَةِ فَيُحَابُونَهُ، خَوْفًا مِنْهُ أَنْ يَنْتَقِمَ مِنْهُمْ إِذَا وُلِّيَ، وَرَجَاءً لَهُ، وَهَذَا مَوْجُودٌ. فَهَؤُلَاءِ لَمْ يُحَابُوا عُمَرَ وَلَا أَبَا بَكْرٍ مَعَ وِلَايَتِهِمَا، فَكَيْفَ يُحَابُونَ عُثْمَانَ، وَهُوَ بَعْدُ لَمْ يَتَوَلَّ [وَلَا شَوْكَةَ لَهُ] ؟ [1] فَلَوْلَا عِلْمُ الْقَوْمِ بِأَنَّ عُثْمَانَ أَحَقُّهُمْ بِالْوِلَايَةِ لَمَا وَلَّوْهُ. وَهَذَا أَمْرٌ كُلَّمَا تَدَبَّرَهُ الْخَبِيرُ ازْدَادَ بِهِ خِبْرَةً وَعِلْمًا، وَلَا يَشُكُّ فِيهِ إِلَّا مَنْ لَمْ يَتَدَبَّرْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالِاسْتِدْلَالِ، (2 أَوْ مَنْ هُوَ جَاهِلٌ بِالْوَاقِعِ أَوْ بِطَرِيقِ النَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ 2) [2] . وَالْجَهْلُ بِالْأَدِلَّةِ أَوْ بِالنَّظَرِ فِيهَا يُورِثُ الْجَهْلَ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ عَالِمًا بِمَا وَقَعَ وَبِالْأَدِلَّةِ، وَعَالِمًا بِطَرِيقَةِ [3] النَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ، فَإِنَّهُ يَقْطَعُ قَطْعًا لَا يَتَمَارَى فِيهِ أَنَّ عُثْمَانَ كَانَ أَحَقَّهُمْ بِالْخِلَافَةِ، وَأَفْضَلَ مَنْ بَقِيَ بَعْدَهُ. فَاتِّفَاقُهُمْ [4] عَلَى بَيْعَةِ عُثْمَانَ بِغَيْرِ نَكِيرٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ أَصْلَحُ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ كَرَاهِيَةٌ فِي الْبَاطِنِ مِنْ بَعْضِهِمْ لِاجْتِهَادٍ أَوْ هَوًى، فَهَذَا لَا يَقْدَحُ فِيهَا، كَمَا لَا يَقْدَحُ فِي غَيْرِهَا مِنَ الْوِلَايَاتِ، كَوِلَايَةِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَوِلَايَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. وَأَيْضًا فَإِنَّ وِلَايَةَ عُثْمَانَ [كَانَ] [5] فِيهَا مِنَ الْمَصَالِحِ وَالْخَيْرَاتِ مَا لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ. وَمَا حَصَلَ فِيهَا مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي كَرِهُوهَا، كَتَأْمِيرِ بَعْضِ بَنِي (1) وَلَا شَوْكَةَ لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . (2) (2 - 2) سَاقِطٌ مِنْ (ح) ، (ر) . (3) ب: بِطَرِيقِ. (4) ن، م: بِاتِّفَاقِهِمْ. (5) كَانَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . أُمَيَّةَ، وَإِعْطَائِهِمْ بَعْضَ الْمَالِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَقَدْ حَصَلَ مِنْ وِلَايَةِ مَنْ بَعْدَهُ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ مِنَ الْفَسَادِ، وَلَمْ يَحْصُلْ فِيهَا مِنَ الصَّلَاحِ مَا حَصَلَ فِي إِمَارَةِ عُثْمَانَ. وَأَيْنَ إِيثَارُ بَعْضِ النَّاسِ بِوِلَايَةٍ أَوْ مَالٍ، مِنْ كَوْنِ الْأُمَّةِ يَسْفِكُ بَعْضُهَا دِمَاءَ بَعْضٍ وَتَشْتَغِلُ بِذَلِكَ عَنْ مَصْلَحَةِ دِينِهَا وَدُنْيَاهَا حَتَّى يَطْمَعَ الْكُفَّارُ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ؟ وَأَيْنَ اجْتِمَاعُ [1] الْمُسْلِمِينَ وَفَتْحُ بِلَادِ الْأَعْدَاءِ مِنَ الْفُرْقَةِ وَالْفِتْنَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَعَجْزِهِمْ عَنِ الْأَعْدَاءِ حَتَّى يَأْخُذُوا بَعْضَ بِلَادِهِمْ أَوْ بَعْضَ أَمْوَالِهِمْ قَهْرًا أَوْ صُلْحًا؟ [الرد على قول الرافضي إن عمر رضي الله عنه طعن في كل واحد ممن اختاره] وَأَمَّا قَوْلُ الرَّافِضِيِّ: "إِنَّهُ طَعَنَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِمَّنِ اخْتَارَهُ لِلشُّورَى، وَأَظْهَرَ أَنَّهُ يَكْرَهُ أَنْ يَتَقَلَّدَ أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ مَيِّتًا كَمَا تَقَلَّدَهُ حَيًّا، ثُمَّ تَقَلَّدَهُ بِأَنْ جَعَلَ الْإِمَامَةَ فِي سِتَّةٍ" . فَالْجَوَابُ: أَنَّ عُمَرَ لَمْ يَطْعَنْ فِيهِمْ طَعْنَ مَنْ يَجْعَلُ غَيْرَهُمْ أَحَقَّ بِالْإِمَامَةِ مِنْهُمْ، بَلْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ مِنْهُمْ، كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ. لَكِنْ [بَيَّنَ] [2] عُذْرَهُ الْمَانِعَ لَهُ مِنْ تَعْيِينِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَكَرِهَ أَنْ يَتَقَلَّدَ وِلَايَةَ مُعَيَّنٍ، وَلَمْ يَكْرَهْ أَنْ يَتَقَلَّدَ تَعْيِينَ السِّتَّةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا أَحَدَ أَحَقُّ بِالْأَمْرِ مِنْهُمْ، فَالَّذِي [3] عَلِمَهُ وَعَلِمَ أَنَّ اللَّهَ يُثِيبُهُ عَلَيْهِ وَلَا تَبِعَةَ عَلَيْهِ فِيهِ [إِنْ] [4] تَقَلَّدَهُ هُوَ [5] (1) ن، م: إِجْمَاعُ. (2) بَيَّنَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) . (3) ن، م: وَالَّذِي. (4) إِنْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . (5) هُوَ: فِي (ب) فَقَطْ، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: وَهُوَ. اخْتِيَارُ السِّتَّةِ، وَالَّذِي [1] خَافَ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ فِيهِ تَبِعَةٌ، وَهُوَ تَعْيِينُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، تَرَكَهُ. وَهَذَا مِنْ كَمَالِ عَقْلِهِ وَدِينِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَلَيْسَ كَرَاهَتُهُ لِتَقَلُّدِهِ مَيِّتًا كَمَا تَقَلَّدَهُ حَيًّا لِطَعْنِهِ فِي تَقَلُّدِهِ حَيًّا؛ فَإِنَّهُ إِنَّمَا تَقَلَّدَ الْأَمْرَ حَيًّا بِاخْتِيَارِهِ، وَبِأَنَّ تَقَلُّدَهُ كَانَ خَيْرًا لَهُ وَلِلْأُمَّةِ، وَإِنْ كَانَ خَائِفًا مِنْ تَبِعَةِ الْحِسَابِ. فَقَدْ «قَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} [سُورَةُ الْمُؤْمِنُونَ: 60] . قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَهُوَ الرَّجُلُ يَزْنِي وَيَسْرِقُ وَيَشْرَبُ الْخَمْرَ وَيَخَافُ أَنْ يُعَاقَبَ؟ قَالَ: "لَا يَا بِنْتَ [2] الصِّدِّيقِ، وَلَكِنَّهُ الرَّجُلُ يَصُومُ وَيُصَلِّي وَيَتَصَدَّقُ [3] وَيَخَافُ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُ»" [4] . فَخَوْفُهُ [5] مِنَ التَّقْصِيرِ فِي الطَّاعَةِ مِنْ كَمَالِ الطَّاعَةِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ تَقَلُّدِهِ حَيًّا وَمَيِّتًا أَنَّهُ فِي حَيَاتِهِ كَانَ رَقِيبًا عَلَى نُوَّابِهِ، مُتَعَقِّبًا لِأَفْعَالِهِمْ، يَأْمُرُهُمْ بِالْحَجِّ كُلِّ عَامٍ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الرَّعِيَّةِ، فَكَانَ مَا يَفْعَلُونَهُ مِمَّا يَكْرَهُهُ يُمْكِنُهُ مَنْعُهُمْ مِنْهُ وَتَلَافِيهِ، بِخِلَافِ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ، فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ [لَا] [6] مَنْعُهُمْ مِمَّا يَكْرَهُهُ، وَلَا تَلَافِي ذَلِكَ؛ فَلِهَذَا كَرِهَ تَقَلُّدَ الْأَمْرِ [7] مَيِّتًا. (1) ن: وَهُوَ الَّذِي. (2) م: يَا ابْنَةَ. (3) وَيَتَصَدَّقُ: كَذَا فِي (ب) فَقَطْ، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: وَيَتَعَبَّدُ. (4) سَبَقَ الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 4/268 (5) فَخَوْفُهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ح) ، (ر) . (6) لَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . (7) ن، م: تَقْلِيدَ الْأُمَرَاءِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. وَأَمَّا تَعْيِينُ السِّتَّةِ فَهُوَ عِنْدَهُ وَاضِحٌ بَيِّنٌ، لِعِلْمِهِ أَنَّهُمْ أَحَقُّ النَّاسِ بِهَذَا الْأَمْرِ. [الرد على قول الرافضي في عمر ثم ناقص حتى جعل الاختيار إلى عبد الرحمن بن عوف] وَأَمَّا قَوْلُهُ: "ثُمَّ نَاقَصَ [1] فَجَعَلَهَا فِي أَرْبَعَةٍ، ثُمَّ فِي ثَلَاثَةٍ، ثُمَّ فِي وَاحِدٍ، فَجَعَلَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الِاخْتِيَارَ، بَعْدَ أَنْ وَصَفَهُ بِالضَّعْفِ وَالْقُصُورِ" . فَالْجَوَابُ [2] : أَوَّلًا: أَنَّهُ يَنْبَغِي لِمَنِ احْتَجَّ بِالْمَنْقُولِ أَنْ يُثْبِتَهُ [3] أَوَّلًا. وَإِذَا قَالَ الْقَائِلُ: هَذَا غَيْرُ مَعْلُومِ الصِّحَّةِ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حُجَّةٌ. وَالنَّقْلُ الثَّابِتُ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ هَذَا، بَلْ هُوَ يَدُلُّ عَلَى نَقِيضِ هَذَا، وَأَنَّ السِّتَّةَ هُمُ الَّذِينَ جَعَلُوا الْأَمْرَ فِي ثَلَاثَةٍ، ثُمَّ الثَّلَاثَةُ جَعَلُوا الِاخْتِيَارَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، لَيْسَ لِعُمَرَ فِي ذَلِكَ أَمْرٌ. وَفِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ [4] أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَمَّا طُعِنَ قَالَ [5] : "إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ: [اسْتَخْلِفْ،] وَإِنَّ الْأَمْرَ [6] إِلَى هَؤُلَاءِ السِّتَّةِ الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ: عَلِيٌّ وَعُثْمَانُ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَسَعْدُ بْنُ مَالِكٍ، وَيَشْهَدُهُمْ" (1) ح، م، ي، ب: نَاقَضَ. (2) فَالْجَوَابُ: كَذَا فِي (ب) ، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: وَالْجَوَابُ. (3) ن، م: أَنْ يُبَيِّنَهُ. (4) ن، م: عَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَهُوَ خَطَأٌ، وَالْكَلَامُ التَّالِي مَعَ اخْتِلَافٍ فِي اللَّفْظِ، فِي الْبُخَارِيِّ: 5/15 - 18 (كِتَابُ فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَابُ مَنَاقِبِ عُثْمَانَ، قِصَّةُ الْبَيْعَةِ وَالِاتِّفَاقِ عَلَى عُثْمَانَ) (5) الْكَلَامُ التَّالِي مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ فِي: الْبُخَارِيِّ 5/17 (6) ن، م: يَقُولُونَ إِنَّ الْأَمْرَ. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَلَيْسَ لَهُ مِنَ [1] الْأَمْرِ شَيْءٌ، فَإِنْ أَصَابَتِ الْخِلَافَةُ سَعْدًا، وَإِلَّا فَلْيَسْتَعِنْ بِهِ مَنْ وُلِّيَ، فَإِنِّي لَمْ أَعْزِلْهُ عَنْ [2] عَجْزٍ وَلَا خِيَانَةٍ ". ثُمَّ قَالَ [3] :" أُوصِي الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى، وَأُوصِيهِ بِالْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ [4] : أَنْ يَعْرِفَ لَهُمْ حَقَّهُمْ، وَيَحْفَظَ لَهُمْ حُرْمَتَهُمْ، وَأُوصِيهِ بِالْأَنْصَارِ الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ: أَنْ يَقْبَلَ مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَيَتَجَاوَزَ عَنْ مُسِيئِهِمْ، وَأُوصِيهِ بِأَهْلِ الْأَمْصَارِ [خَيْرًا] [5] ، فَإِنَّهُمْ رِدْءُ الْإِسْلَامِ، وَغَيْظُ الْعَدُوِّ، وَجُبَاةُ الْأَمْوَالِ، لَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ إِلَّا فَضْلُهُمْ عَنْ رِضًى مِنْهُمْ، وَأُوصِيهِ بِالْأَعْرَابِ خَيْرًا، فَإِنَّهُمْ أَصْلُ الْعَرَبِ، وَمَادَّةُ الْإِسْلَامِ: أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُمْ مِنْ حَوَاشِي [6] أَمْوَالِهِمْ فَتُرَدَّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، وَأُوصِيهِ بِذِمَّةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَنْ يُوَفَّى لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، وَيُقَاتَلَ مَنْ وَرَاءَهُمْ [7] ، وَلَا يُكَلَّفُوا إِلَّا طَاقَتَهُمْ "." فَقَدْ وَصَّى [8] الْخَلِيفَةُ مَنْ بَعْدَهُ بِجَمِيعِ أَجْنَاسِ الرَّعِيَّةِ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَأَوْصَاهُ بِسُكَّانِ الْأَمْصَارِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، (1) ن، م: فِي. (2) ح، م، ب: مِنْ. (3) فِي الْبُخَارِيِّ 5/17 (4) ن: مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ وَأَمْوَالِهِمْ. (5) خَيْرًا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . (6) ر، ي: أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ حَوَاشِي، ح: أَنْ يَأْخُذَ مِنْ حَوَاشِي، ب: أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمْ مِنْ حَوَاشِي. (7) ن، م: مِنْ دُونِهِمْ. (8) ب: أَوْصَى. وَأَوْصَاهُ بِأَهْلِ الْبَوَادِي وَبِأَهْلِ الذِّمَّةِ. قَالَ عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ [1] : "فَلَمَّا قُبِضَ انْطَلَقْنَا نَمْشِي، فَسَلَّمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ. وَقَالَ: يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ [2] . قَالَتْ: أَدْخِلُوهُ، فَأُدْخِلَ، فَوُضِعَ هُنَالِكَ مَعَ صَاحِبَيْهِ، فَلَمَّا فُرِغَ مِنْ دَفْنِهِ اجْتَمَعَ هَؤُلَاءِ الرَّهْطُ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: اجْعَلُوا أَمْرَكُمْ إِلَى ثَلَاثَةٍ مِنْكُمْ. قَالَ الزُّبَيْرُ: قَدْ جَعَلْتُ أَمْرِي إِلَى عَلِيٍّ. وَقَالَ طَلْحَةُ: قَدْ جَعَلْتُ أَمْرِي إِلَى عُثْمَانَ. وَقَالَ سَعْدٌ [3] : قَدْ جَعَلْتُ أَمْرِي إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ [بْنِ عَوْفٍ] [4] . وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَيُّكُمْ يَبْرَأُ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ فَنَجْعَلُهُ إِلَيْهِ؟ وَاللَّهِ عَلَيْهِ وَالْإِسْلَامِ لَيَنْظُرَنَّ أَفْضَلَ مَنْ فِي [5] نَفْسِهِ. فَأُسْكِتَ الشَّيْخَانِ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَتَجْعَلُونَهُ إِلَيَّ؟ وَاللَّهِ عَلَيَّ أَنْ لَا آلُوَ عَنْ أَفْضَلِكُمَا. قَالَا: نَعَمْ. فَأَخَذَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا، فَقَالَ: لَكَ قَرَابَةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْقِدَمُ فِي الْإِسْلَامِ مَا قَدْ عَلِمْتَ، وَاللَّهِ عَلَيْكَ لَئِنْ أَمَّرْتُكَ لِتَعْدِلَنَّ، وَلَئِنْ أُمِّرْتُ عَلَيْكَ لَتَسْمَعَنَّ وَلَتُطِيعَنَّ. ثُمَّ خَلَا بِالْآخَرِ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَلَمَّا أَخَذَ الْمِيثَاقَ قَالَ: ارْفَعْ يَدَكَ يَا عُثْمَانُ. فَبَايَعَهُ، وَبَايَعَ لَهُ عَلِيٌّ، وَوَلَجَ أَهْلُ الدَّارِ فَبَايَعُوهُ [6] ." وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ الْمُسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ [7] : ". . أَنَّ الرَّهْطَ" (1) فِي الْبُخَارِيِّ 5/17 - 18 (2) ن، م: يَسْتَأْذِنُ ابْنُ عُمَرَ، وَهُوَ خَطَأٌ. (3) ن، م: سَعِيدٌ وَهُوَ خَطَأٌ. (4) بْنِ عَوْفٍ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . (5) فِي: سَاقِطَةٌ مِنْ (ح) ، (ب) . (6) انْظُرْ أَيْضًا مَا سَبَقَ 5/58 - 59 (7) الْكَلَامُ التَّالِي فِي: الْبُخَارِيِّ 9/78 (كِتَابُ الْأَحْكَامِ، بَابُ كَيْفَ يُبَايِعُ الْإِمَامَ النَّاسُ) وَسَبَقَ وُرُودُ الْحَدِيثِ مِنْ قَبْلُ وَالتَّعْلِيقُ عَلَيْهِ فِي 5/61 - 62 وَلَمْ أَجِدِ الْحَدِيثَ فِي مُسْلِمٍ. الَّذِينَ وَلَّاهُمْ عُمَرُ اجْتَمَعُوا فَتَشَاوَرُوا [1] ، وَقَالَ لَهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: لَسْتُ بِالَّذِي أُنَافِسُكُمْ فِي هَذَا الْأَمْرِ، وَلَكِنْ [2] إِنْ شِئْتُمُ اخْتَرْتُ لَكُمْ مِنْكُمْ. فَجَعَلُوا ذَلِكَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ [3] بْنِ عَوْفٍ، فَلَمَّا وَلَّوْا عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَمْرَهُمْ مَالَ [4] النَّاسُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَتَّى مَا أَرَى أَحَدًا مِنَ النَّاسِ يَتْبَعُ أُولَئِكَ الرَّهْطَ الَّذِينَ وَلَّاهُمْ عُمَرُ [5] ، وَلَا يَطَأُ عَقِبَهُ ". قَالَ [6] :" وَمَالَ النَّاسُ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ يُشَاوِرُونَهُ تِلْكَ اللَّيَالِيَ، حَتَّى إِذَا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي أَصْبَحْنَا مِنْهَا [7] ، قَالَ الْمِسْوَرُ: طَرَقَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بَعْدَ هَجْعٍ مِنَ اللَّيْلِ، فَضَرَبَ الْبَابَ حَتَّى اسْتَيْقَظْتُ فَقَالَ: أَرَاكَ نَائِمًا، وَاللَّهِ [8] مَا اكْتَحَلْتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ [9] بِكَبِيرِ نَوْمٍ، انْطَلِقْ فَادْعُ لِي [10] الزُّبَيْرَ وَسَعْدًا، فَدَعَوْتُهُمَا [11] فَشَاوَرَهُمَا. ثُمَّ دَعَانِي فَقَالَ [12] : ادْعُ لِي عَلِيًّا، فَدَعَوْتُهُ، فَنَاجَاهُ حَتَّى ابْهَارَّ اللَّيْلُ، ثُمَّ قَامَ عَلِيٌّ مِنْ عِنْدِهِ، وَهُوَ عَلَى طَمَعٍ. وَقَدْ كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَخْشَى مِنْ عَلِيٍّ (1) ن، م: وَتَشَاوَرُوا. (2) الْبُخَارِيُّ: وَلَكِنَّكُمْ. (3) الْبُخَارِيُّ: إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ. (4) الْبُخَارِيُّ: فَمَالَ. (5) عِبَارَةُ "الَّذِينَ وَلَّاهُمْ عُمَرُ" لَيْسَتْ فِي الْبُخَارِيِّ. (6) بَعْدَ الْكَلَامِ السَّابِقِ مُبَاشَرَةً. (7) الْبُخَارِيُّ: مِنْهَا فَبَايَعْنَا عُثْمَانَ. (8) الْبُخَارِيُّ: فَوَاللَّهِ. (9) هَذِهِ اللَّيْلَةَ: كَذَا فِي (ن) ، (م) ، الْبُخَارِيِّ، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: هَذِهِ الثَّلَاثَ وَهِيَ فِي نُسْخَةٍ مِنَ الْبُخَارِيِّ. (10) لِي: لَيْسَتْ فِي الْبُخَارِيِّ. (11) الْبُخَارِيُّ: فَدَعَوْتُهُمَا لَهُ. (12) ر: فَقَالَ لِي. شَيْئًا. ثُمَّ قَالَ: ادْعُ لِي عُثْمَانَ، [فَدَعَوْتُهُ] [1] ، فَنَاجَاهُ حَتَّى فَرَّقَ بَيْنَهُمَا الْمُؤَذِّنُ بِالصُّبْحِ، فَلَمَّا صَلَّى النَّاسُ الصُّبْحَ وَاجْتَمَعَ [2] أُولَئِكَ الرَّهْطُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، أَرْسَلَ [3] إِلَى مَنْ كَانَ حَاضِرًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَأَرْسَلَ إِلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ، وَكَانُوا وَافَوْا [4] تِلْكَ الْحَجَّةَ مَعَ عُمَرَ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا تَشَهَّدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ يَا عَلِيُّ إِنِّي [5] قَدْ نَظَرْتُ فِي أَمْرِ النَّاسِ فَلَمْ أَرَهُمْ يَعْدِلُونَ بِعُثْمَانَ، فَلَا تَجْعَلَنَّ عَلَى نَفْسِكَ سَبِيلًا. فَقَالَ: أُبَايِعُكَ عَلَى سُنَّةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْخَلِيفَتَيْنِ مِنْ بَعْدِهِ، فَبَايَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَبَايَعَهُ النَّاسُ وَالْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ وَأُمَرَاءُ الْأَجْنَادِ وَالْمُسْلِمُونَ "." [كلام الرافضي على ما تم في بيعة عثمان رضي الله عنه] وَأَمَّا قَوْلُهُ: " [ثُمَّ قَالَ] [6] : إِنِ اجْتَمَعَ عَلِيٌّ وَعُثْمَانُ فَالْقَوْلُ مَا قَالَاهُ، وَإِنْ صَارُوا ثَلَاثَةً، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الَّذِينَ [7] [صَارَ] [8] فِيهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، لِعِلْمِهِ أَنَّ عَلِيًّا وَعُثْمَانَ لَا يَجْتَمِعَانِ عَلَى أَمْرٍ، وَأَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ لَا يَعْدِلُ بِالْأَمْرِ عَنْ أَخِيهِ عُثْمَانَ وَابْنِ عَمِّهِ" . فَيُقَالُ لَهُ: مَنِ الَّذِي قَالَ إِنَّ عُمَرَ قَالَ ذَلِكَ؟ وَإِنْ كَانَ قَدْ قَالَ ذَلِكَ [9] (1) فَدَعَوْتُهُ: مِنَ الْبُخَارِيِّ، وَسَقَطَتْ مِنَ النُّسَخِ. (2) ن: فَلَمَّا دَخَلَ النَّاسُ الصُّبْحَ اجْتَمَعَ، م: فَلَمَّا دَخَلُوا النَّاسُ اجْتَمَعَ. وَفِي جَمِيعِ النُّسَخِ: اجْتَمَعَ، وَالْمُثْبَتُ مِنَ الْبُخَارِيِّ. (3) الْبُخَارِيُّ: فَأَرْسَلَ. (4) وَافَوْا: كَذَا فِي (م) ، وَالْبُخَارِيِّ، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: وَافَقُوا. (5) ن، م: فَإِنِّي. (6) عِبَارَةُ "ثُمَّ قَالَ" : سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . (7) ح، ب: الَّذِي. (8) صَارَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . (9) ن، م: قَدْ قَالَهُ. فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُظَنَّ بِهِ [1] أَنَّهُ كَانَ غَرَضُهُ وِلَايَةَ عُثْمَانَ مُحَابَاةً لَهُ، وَمَنْعَ عَلِيٍّ مُعَادَاةً لَهُ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ قَصْدُهُ هَذَا لَوَلَّى عُثْمَانَ ابْتِدَاءً، وَلَمْ يَنْتَطِحْ فِيهَا عَنْزَانِ. كَيْفَ وَالَّذِينَ عَاشُوا بَعْدَهُ قَدَّمُوا عُثْمَانَ بِدُونِ تَعْيِينِ عُمَرَ لَهُ؟ فَلَوْ كَانَ [عُمَرُ] [2] عَيَّنَهُ، لَكَانُوا أَعْظَمَ مُتَابَعَةً [3] لَهُ وَطَاعَةً، سَوَاءٌ كَانُوا كَمَا يَقُولُهُ الْمُؤْمِنُونَ: أَهْلَ دِينٍ وَخَيْرٍ وَعَدْلٍ، أَوْ كَانُوا كَمَا يَقُولُهُ الْمُنَافِقُونَ الطَّاعِنُونَ فِيهِمْ: إِنَّ مَقْصُودَهُمُ الظُّلْمُ وَالشَّرُّ. لَا سِيَّمَا عُمَرُ كَانَ فِي حَالِ الْحَيَاةِ لَا يَخَافُ أَحَدًا، وَالرَّافِضَةُ تُسَمِّيهِ: فِرْعَوْنُ هَذِهِ الْأُمَّةِ. فَإِذَا كَانَ فِي حَيَاتِهِ لَمْ يَخَفْ مِنْ تَقْدِيمِ أَبِي بَكْرٍ، وَالْأَمْرُ فِي أَوَّلِهِ، وَالنُّفُوسُ لَمْ تَتَوَطَّنْ [4] عَلَى طَاعَةِ أَحَدٍ مُعَيَّنٍ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا صَارَ لِعُمَرَ أَمْرٌ، فَكَيْفَ يَخَافُ مِنْ تَقْدِيمِ عُثْمَانَ عِنْدَ مَوْتِهِ وَالنَّاسُ كُلُّهُمْ مَطِيعُوهُ، وَقَدْ تَمَرَّنُوا [5] عَلَى طَاعَتِهِ؟ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ غَرَضٌ فِي تَقْدِيمِ عُثْمَانَ لَقَدَّمَهُ، وَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى هَذِهِ الدَّوْرَةِ [6] الْبَعِيدَةِ. ثُمَّ أَيُّ غَرَضٍ يَكُونُ لِعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي عُثْمَانَ دُونَ عَلِيٍّ؟ وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عُثْمَانَ مِنْ أَسْبَابِ الصِّلَةِ أَكْثَرُ مِمَّا بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَلِيٍّ، لَا مِنْ جِهَةِ الْقَبِيلَةِ، وَلَا مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الْقَبِيلَةِ. (1) ن، م، ي: فِيهِ. (2) عُمَرُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) . (3) ر، ن، ي: مُبَايَعَةً. (4) ن: تَسْتَوْطِنْ. (5) ن، م: وَقَدْ مُرِّنُوا. (6) ب: الدُّوَيْرَةِ.
__________________
|
#10
|
||||
|
||||
![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد السادس الحلقة (370) صـ 165 إلى صـ 174 وَعُمَرُ قَدْ أَخْرَجَ مِنَ الْأَمْرِ ابْنَهُ، وَلَمْ يُدْخِلْ فِي الْأَمْرِ ابْنَ عَمِّهِ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ، وَهُوَ أَحَدُ الْعَشْرَةِ الْمَشْهُودِ لِأَعْيَانِهِمْ بِالْجَنَّةِ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ [1] . وَهُمْ [2] مِنْ قَبِيلَةِ بَنِي عَدِيٍّ. وَلَا كَانَ يُوَلِّي مِنْ بَنِي عَدِيٍّ أَحَدًا، بَلْ وَلَّى رَجُلًا مِنْهُمْ ثُمَّ عَزَلَهُ. وَكَانَ بِاتِّفَاقِ النَّاسِ لَا تَأْخُذُهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ، فَأَيُّ دَاعٍ يَدْعُوهُ إِلَى مُحَابَاةِ زَيْدٍ دُونَ عَمْرٍو بِلَا غَرَضٍ يُحَصِّلُهُ [3] مِنَ الدُّنْيَا [4] ؟ فَمَنْ أَقْصَى عَشِيرَتَهُ، وَأَمَرَ بِأَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَيْهِ لَا يُوَفَّى إِلَّا مَنْ مَالِ أَقَارِبِهِ، ثُمَّ مِنْ مَالِ بَنِي عَدِيٍّ، ثُمَّ مِنْ مَالِ قُرَيْشٍ، وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ شَيْءٌ، وَلَا مِنْ سَائِرِ النَّاسِ، فَأَيُّ حَاجَةٍ لَهُ إِلَى عُثْمَانَ أَوْ عَلِيٍّ أَوْ غَيْرِهِمَا حَتَّى يُقَدِّمَهُ؟ وَهُوَ لَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ لَا فِي أَهْلِهِ الَّذِينَ يَخْلُفُهُمْ وَلَا فِي دَيْنِهِ الَّذِي عَلَيْهِ؟ وَالْإِنْسَانُ إِنَّمَا يُحَابِي مَنْ يَتَوَلَّى بَعْدَهُ لِحَاجَتِهِ إِلَيْهِ فِي نَحْوِ ذَلِكَ. فَمَنْ لَا يَكُونُ لَهُ حَاجَةٌ لَا إِلَى هَذَا وَلَا إِلَى هَذَا، فَأَيُّ دَاعٍ يَدْعُوهُ إِلَى ذَلِكَ؟ لَا سِيَّمَا عِنْدَ الْمَوْتِ، وَهُوَ وَقْتٌ يُسْلِمُ فِيهِ الْكَافِرُ، وَيَتُوبُ فِيهِ الْفَاجِرُ. فَلَوْ عَلِمَ أَنَّ لِعَلِيٍّ حَقًّا دُونَ غَيْرِهِ، أَوْ أَنَّهُ أَحَقُّ بِالْأَمْرِ مِنْ غَيْرِهِ، لَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يُقَدِّمَهُ حِينَئِذٍ: إِمَّا تَوْبَةً إِلَى اللَّهِ، [وَإِمَّا تَخْفِيفًا لِلذَّنْبِ] [5] ، (6 فَإِنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَانِعٌ دُنْيَوِيٌّ لَمْ يَبْقَ إِلَّا الدِّينُ، فَلَوْ كَانَ الدِّينُ يَقْتَضِي ذَلِكَ 6) [6] (1) سَبْقَ الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 3/501 وَهُوَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَوَّلَهُ: عَشَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ. (2) ي: وَهُوَ. (3) ح، ب: يَحْصُلُ. (4) عِنْدَ عِبَارَةِ "مِنَ الدُّنْيَا" تَنْتَهِي نُسْخَةُ (ي) . (5) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . (6) (6 - 6) سَاقِطٌ مِنْ (ح) . لَفَعَلَهُ، وَإِلَّا فَلَيْسَ فِي الْعَادَةِ أَنَّ الرَّجُلَ يَفْعَلُ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يُعَاقَبُ عَلَيْهِ، وَلَا يَنْتَفِعُ بِهِ لَا فِي دِينٍ وَلَا دُنْيَا [1] ، بَلْ لَا يَفْعَلُ مَا لَا غَرَضَ لَهُ فِيهِ أَصْلًا، وَيَتْرُكُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي دِينِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ، مَعَ صِحَّةِ الْعَقْلِ [وَحُضُورِهِ] [2] وَطُولِ الْوَقْتِ. وَلَوْ قُدِّرَ - وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ - أَنَّهُ كَانَ عَدُوًّا مُبْغِضًا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَايَةَ الْبِغْضَةِ، فَلَا رَيْبَ أَنَّهُ نَالَ بِسَبَبِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا نَالَهُ مِنَ السَّعَادَةِ، وَلَمْ يَكُنْ عُمَرُ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَادِقٌ مُصَدَّقٌ [3] ، فَإِنَّهُ كَانَ مِنْ أَذْكَى النَّاسِ، وَدَلَائِلُ النُّبُوَّةِ مِنْ أَظْهَرِ الْأُمُورِ، فَهُوَ يَعْلَمُ [4] أَنَّهُ إِنِ اسْتَمَرَّ عَلَى مُعَادَاتِهِ يُعَذَّبُ فِي الْآخِرَةِ، وَلَيْسَ لَهُ وَقْتَ الْمَوْتِ غَرَضٌ فِي وِلَايَةِ عُثْمَانَ وَنَحْوِهِ، فَكَيْفَ يَصْرِفُ الْأَمْرَ عَنْ مُسْتَحِقِّهِ لِغَيْرِ غَرَضٍ؟ وَإِنْ قِيلَ: إِنَّهُ كَانَ يَخَافُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ رَجَعَ وَتَابَ، كَمَا خَافَ أَبُو طَالِبٍ مِنَ الْإِسْلَامِ وَقْتَ الْمَوْتِ. فَيُقَالُ: قَدْ كَانَ يُمْكِنُهُ وِلَايَةَ عَلِيٍّ بِلَا إِظْهَارِ تَوْبَةٍ، فَإِنَّهُ لَوْ وَلَّى عَلِيًّا أَوْ غَيْرَهُ لَسَمِعَ النَّاسُ وَأَطَاعُوا، وَلَمْ يَنْتَطِحْ فِي ذَلِكَ عَنْزَانِ. وَالْإِنْسَانُ قَدْ يَكُونُ عَلَيْهِ مَظَالِمُ فَيُؤَدِّيهَا عَلَى وَجْهٍ لَا يَعْرِفُ أَنَّهُ كَانَ ظَالِمًا، فَيُوصِي وَقْتَ (1) ن، م: وَلَا فِي دُنْيَا. (2) وَحُضُورِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . (3) ح، ب: مَصْدُوقٌ. (4) ن، م: الْأُمُورِ فَعَلِمَ. الْمَوْتِ لِفُلَانٍ بِكَذَا وَلِفُلَانٍ بِكَذَا، وَيَجْعَلُهَا وَصِيَّةً، وَيَكُونُ إِمَّا مُعْتَقِدًا وَإِمَّا خَائِفًا أَنْ يَكُونَ حَقًّا وَاجِبًا عَلَيْهِ. وَلَيْسَ لِعُمَرَ مَنْ يَخَافُ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَإِنَّ أَقَارِبَهُ صَرَفَ الْأَمْرَ عَنْهُمْ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ عَلِيًّا أَعْدَلُ وَأَتْقَى مِنْ أَنْ يَظْلِمَهُمْ. وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ يَنْتَقِمُ مِنَ الَّذِينَ [لَمْ] [1] يُبَايِعُوهُ أَوَّلًا، فَبَنُو عَدِيٍّ كَانُوا أَبْعَدَ النَّاسِ عَنْ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ [2] لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شَوْكَةٌ وَلَا كَانُوا كَثِيرِينَ، وَهُمْ كُلُّهُمْ مُحِبُّونَ لِعَلِيٍّ مُعَظِّمُونَ لَهُ، لَيْسَ فِيهِمْ مَنْ يُبْغِضُ عَلِيًّا أَوْ يُبْغِضُهُ عَلِيٌّ، وَلَا قَتَلَ عَلِيٌّ مِنْهُمْ أَحَدًا لَا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إِسْلَامٍ. وَكَذَلِكَ بَنُو تَيْمٍ [3] كُلُّهُمْ يُحِبُّونَ عَلِيًّا [وَعَلِيٌّ يُحِبُّهُمْ] [4] ، وَلَمْ يَقْتُلْ عَلِيٌّ مِنْهُمْ أَحَدًا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إِسْلَامٍ. وَيُقَالُ ثَانِيًا: عُمَرُ مَا زَالَ إِذَا رُوجِعَ رَجَعَ، وَمَا زَالَ يَعْتَرِفُ غَيْرَ مَرَّةٍ أَنَّهُ يَتَبَيَّنُ لَهُ الْحَقُّ فَيَرْجِعُ إِلَيْهِ، فَإِنَّ [5] هَذَا تَوْبَةٌ. وَيَقُولُ: رَجُلٌ أَخْطَأَ وَامْرَأَةٌ أَصَابَتْ، وَيُجَدِّدُ التَّوْبَةَ لَمَّا يَعْلَمُ أَنَّهُ يُتَابُ مِنْهُ. فَهَذَا كَانَ يَفْعَلُهُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ، وَهُوَ ذُو سُلْطَانٍ عَلَى الْأَرْضِ، فَكَيْفَ لَا يَفْعَلُهُ وَقْتَ الْمَوْتِ؟ وَقَدْ كَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَحْتَالَ لِعَلِيٍّ بِحِيلَةٍ يَتَوَلَّى بِهَا، وَلَا يُظْهِرُ مَا بِهِ يُذَمُّ [6] ، كَمَا أَنَّهُ احْتَالَ لِعُثْمَانَ. وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ الْحَقَّ كَانَ لِعَلِيٍّ دُونَ غَيْرِهِ، لَكَانَ لَهُ طُرُقٌ كَثِيرَةٌ فِي تَعْيِينِهِ تَخْفَى عَلَى أَكْثَرِ النَّاسِ. (1) لَمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) . (2) ر: فَإِنَّهُمْ، م: فَإِنْ. (3) ن: بُيُوتُهُمْ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. (4) وَعَلِيٌّ يُحِبُّهُمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . (5) ن، م، ر: وَإِنَّ. (6) ح، ر: نَدِمَ. وَكَذَلِكَ قَوْلُ الْقَائِلِ: إِنَّهُ عَلِمَ [1] أَنَّ عَلِيًّا وَعُثْمَانَ لَا يَجْتَمِعَانِ عَلَى أَمْرٍ، كَذِبٌ [عَلَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -] [2] . وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ نِزَاعٌ فِي حَيَاةِ عُمَرَ أَصْلًا، بَلْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَقْرَبَ إِلَى صَاحِبِهِ مِنْ سَائِرِ الْأَرْبَعَةِ إِلَيْهِمَا [3] ، [كِلَاهُمَا] [4] مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ. وَمَا زَالَ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ يَدًا وَاحِدَةً، حَتَّى أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ أَتَى عَلِيًّا عَقِبَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَتَوَلَّى الْأَمْرَ، لِكَوْنِ عَلِيٍّ كَانَ ابْنَ عَمِّ أَبِي سُفْيَانَ، وَأَبُو سُفْيَانَ كَانَ [5] فِيهِ بَقَايَا مِنْ جَاهِلِيَّةِ الْعَرَبِ، يَكْرَهُ أَنْ يَتَوَلَّى عَلَى النَّاسِ رَجُلٌ مِنْ غَيْرِ قَبِيلَتِهِ، وَأَحَبَّ أَنْ تَكُونَ الْوِلَايَةُ فِي بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ. وَكَذَلِكَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ كَانَ غَائِبًا، فَلَمَّا قَدِمَ تَكَلَّمَ مَعَ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَقَالَ: أَرْضَيْتُمْ أَنْ يَخْرُجَ الْأَمْرُ عَنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ؟ وَكُلُّ مَنْ يَعْرِفُ الْأُمُورَ الْعَادِيَّةَ، وَيَعْرِفُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ سِيرَةِ الْقَوْمِ، يَعْلَمُ أَنَّ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي أُمَيَّةَ كَانُوا فِي غَايَةِ الِاتِّفَاقِ فِي أَيَّامِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، حَتَّى أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ لَمَّا خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ يَكْشِفُ الْخَبَرَ، وَرَآهُ الْعَبَّاسُ، أَخَذَهُ وَأَرْكَبَهُ خَلْفَهُ، وَأَتَى بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَطَلَبَ مِنَ النَّبِيِّ أَنْ يُشَرِّفَهُ بِشَيْءٍ لَمَّا قَالَ لَهُ: إِنَّ (1) إِنَّهُ عَلِمَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ح) . (2) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) . (3) إِلَيْهِمَا: كَذَا فِي (ب) فَقَطْ، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: إِلَيْهِ. (4) كِلَاهُمَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . (5) كَانَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ح) ، (ر) ، (م) . أَبَا سُفْيَانَ [رَجُلٌ] [1] يُحِبُّ الشَّرَفَ [2] . وَكُلُّ هَذَا مِنْ مَحَبَّةِ الْعَبَّاسِ لِأَبِي سُفْيَانَ وَبَنِي أُمَيَّةَ؛ لِأَنَّهُمْ كُلَّهُمْ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ. وَحَتَّى أَنَّهُ كَانَ بَيْنَ عَلِيٍّ وَبَيْنَ رَجُلٍ آخَرَ [3] مِنَ الْمُسْلِمِينَ مُنَازَعَةٌ فِي حَدٍّ، فَخَرَجَ عُثْمَانُ فِي مَوْكِبٍ فِيهِمْ مُعَاوِيَةُ لِيَقِفُوا عَلَى الْحَدِّ، فَابْتَدَرَ مُعَاوِيَةُ وَسَأَلَ عَنْ مَعْلَمٍ مِنْ مَعَالِمِ الْحَدِّ: هَلْ كَانَ هَذَا عَلَى عَهْدِ عُمَرَ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ [4] . فَقَالَ: لَوْ كَانَ هَذَا ظُلْمًا لَغَيَّرَهُ عُمَرُ. فَانْتَصَرَ مُعَاوِيَةُ لِعَلِيٍّ فِي تِلْكَ الْحُكُومَةِ، وَلَمْ يَكُنْ عَلِيٌّ حَاضِرًا، بَلْ كَانَ قَدْ وَكَّلَ ابْنَ جَعْفَرٍ. وَكَانَ [عَلِيٌّ] [5] يَقُولُ: "إِنَّ لِلْخُصُومَاتِ قُحَمًا [6] ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَحْضُرُهَا" وَكَانَ قَدْ وَكَّلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ عَنْهُ فِي الْمُحَاكَمَةِ. وَبِهَذَا احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ عَلَى جَوَازِ التَّوْكِيلِ فِي الْخُصُومَةِ بِدُونِ اخْتِيَارِ الْخَصْمِ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَ [أَصْحَابِ] أَحْمَدَ [7] وَأَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ. فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِعَلِيٍّ، فَقَالَ: أَتَدْرِي لِمَ فَعَلَ ذَلِكَ مُعَاوِيَةُ؟ (1) رَجُلٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) . (2) سَبْقَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْخَبَرِ فِيمَا مَضَى 5/434 وَهُوَ كَلَامٌ ذَكَرَهُ الْعَبَّاسُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ. (3) آخَرَ زِيَادَةٌ فِي (ن) ، (م) . (4) ح: فَقَالُوا لَا نَعْلَمُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. (5) عَلِيٌّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . (6) فِي لِسَانِ الْعَرَبِ: وَالْقُحَمُ: الْأُمُورُ الْعِظَامُ الَّتِي لَا يَرْكَبُهَا كُلُّ أَحَدٍ وَلِلْخُصُومَةِ قُحَمٌ، أَيْ: أَنَّهَا تُقْحِمُ بِصَاحِبِهَا عَلَى مَا لَا يُرِيدُهُ، وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: أَنَّهُ وَكَّلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ بِالْخُصُومَةِ، وَقَالَ: إِنَّ لِلْخُصُومَةِ قُحَمًا، وَهِيَ الْأُمُورُ الْعِظَامُ الشَّاقَّةُ، وَاحِدَتُهَا قُحْمَةٌ. (7) ن، م: الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ. فَعَلَ لِأَجَلِ الْمَنَافِيَّةِ. أَيْ لِأَجْلِ أَنَّا جَمِيعًا مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ. وَكَانَتْ قَدْ وَقَعَتْ حُكُومَةٌ شَاوَرَنِي فِيهَا بَعْضُ قُضَاةِ الْقُضَاةِ، وَأَحْضَرَ لِي كِتَابًا فِيهِ هَذِهِ الْحُكُومَةُ، وَلَمْ يَعْرِفُوا هَذِهِ اللَّفْظَةَ: لَفْظَةَ "الْمَنَافِيَّةِ" فَبَيَّنْتُهَا لَهُمْ وَفَسَّرْتُ لَهُمْ مَعْنَاهَا. وَالْمَقْصُودُ أَنَّ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ كَانُوا مُتَّفِقِينَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَإِنَّمَا وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ، لَمَّا تَفَرَّقُوا فِي الْإِمَارَةِ. كَمَا أَنَّ بَنِي هَاشِمٍ كَانُوا مُتَّفِقِينَ عَلَى عَهْدِ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ وَعَهْدِ بَنِي أُمَيَّةَ، وَإِنَّمَا حَصَلَتِ الْفُرْقَةُ لَمَّا وَلِيَ بَنُو الْعَبَّاسِ، وَصَارَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ بَعْضِ بَنِي أَبِي طَالِبٍ [1] فُرْقَةٌ وَاخْتِلَافٌ. وَهَكَذَا عَادَةُ النَّاسِ، يَكُونُ الْقَوْمُ مُتَّفِقِينَ إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ مَا يَتَنَازَعُونَ عَلَيْهِ مِنْ جَاهٍ أَوْ مَالٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ لَهُمْ خَصْمٌ كَانُوا جَمِيعًا إِلْبًا [2] وَاحِدًا عَلَيْهِ، فَإِذَا صَارَ الْأَمْرُ إِلَيْهِمْ تَنَازَعُوا وَاخْتَلَفُوا. فَكَانَ بَنُو هَاشِمٍ مِنْ آلِ عَلِيٍّ وَالْعَبَّاسِ وَغَيْرِهِمْ فِي الْخِلَافَةِ الْأُمَوِيَّةِ مُتَّفِقِينَ لَا نِزَاعَ بَيْنَهُمْ، وَلَمَّا خَرَجَ مَنْ يَدْعُو إِلَيْهِمْ صَارَ يَدْعُو إِلَى الرِّضَا مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ وَلَا يُعِيِّنُهُ، وَكَانَتِ الْعَلَوِيَّةُ تَطْمَعُ أَنْ تَكُونَ [3] فِيهِمْ، وَكَانَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ قَدْ عَلِمُوا أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي بَنِي الْعَبَّاسِ، فَلَمَّا أَزَالُوا [4] الدَّوْلَةَ الْأُمَوِيَّةَ، وَصَارَتِ الدَّوْلَةُ هَاشِمِيَّةً، وَبَنَى السَّفَّاحُ مَدِينَةً (1) ن، م: وَصَارَ بَيْنَ بَعْضِهِمْ وَبَيْنَ بَعْضِ بَنِي أَبِي طَالِبٍ، (ر) : وَصَارَ بَيْنَهُمْ وَبَعْضِ بَنِي أَبِي طَالِبٍ. (2) فِي الْمِصْبَاحِ الْمُنِيرِ: وَهُمْ إِلْبٌ وَاحِدٌ، أَيْ: جَمْعٌ، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، وَالْفَتْحُ لُغَةً. (3) ب: أَنْ يَكُونَ. (4) ن: فَلَمَّا زَالَتْ. سَمَّاهَا الْهَاشِمِيَّةَ، ثُمَّ [1] تَوَلَّى الْمَنْصُورُ، وَقَعَ [2] نِزَاعٌ بَيْنَ الْهَاشِمِيِّينَ، فَخَرَجَ مُحَمَّدٌ وَإِبْرَاهِيمُ ابْنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ عَلَى الْمَنْصُورِ، وَسَيَّرَ الْمَنْصُورُ إِلَيْهِمَا مَنْ يُقَاتِلُهُمَا، وَكَانَتْ فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ قُتِلَ فِيهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ. ثُمَّ إِنَّ الْعَبَّاسِيِّينَ وَقَعَ بَيْنَهُمْ نِزَاعٌ، كَمَا وَقَعَ بَيْنَ الْأَمِينِ وَالْمَأْمُونِ أُمُورٌ أُخَرُ. فَهَذِهِ الْأُمُورُ [وَنَحْوُهَا مِنَ الْأُمُورِ] [3] الَّتِي جَرَتْ بِهَا الْعَادَةُ [4] . [ثُمَّ إِنَّ عُثْمَانَ وَعَلِيًّا جَمِيعًا [5] اتَّفَقَا عَلَى تَفْوِيضِ الْأَمْرِ [6] إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكْرَهَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ] [7] . وَقَوْلُهُ: "إِنَّ عُمَرَ عَلِمَ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ لَا يَعْدِلُ الْأَمْرَ عَنْ أَخِيهِ وَابْنِ عَمِّهِ" . فَهَذَا كَذِبٌ بَيِّنٌ عَلَى عُمَرَ وَعَلَى أَنْسَابِهِمْ؛ فَإِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ لَيْسَ أَخًا لِعُثْمَانَ وَلَا ابْنَ عَمِّهِ وَلَا مِنْ قَبِيلَتِهِ أَصْلًا، بَلْ هَذَا مِنْ بَنِي زُهْرَةَ وَهَذَا مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ. [وَبَنُو] زُهْرَةَ [8] إِلَى بَنِي هَاشِمٍ أَكْثَرُ مَيْلًا مِنْهُمْ إِلَى بَنِي أُمَيَّةَ، فَإِنَّ [بَنِي] زُهْرَةَ [9] أَخْوَالُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمِنْهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ (1) ثُمَّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ح) . (2) ر: وَوَقَعَ. (3) وَنَحْوُهَا مِنَ الْأُمُورِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، وَسَقَطَتْ "وَنَحْوُهَا" مِنْ (ح) ، (ر) . (4) م، ح، ر: الْعَادَاتُ. (5) جَمِيعًا: زِيَادَةٌ فِي ح، ر. (6) ر: تَفْوِيضِ الِاخْتِيَارِ. (7) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) . (8) ن، م، ر: وَزُهْرَةَ. (9) ن، م، ر: فَإِنَّ زُهْرَةَ. عَوْفٍ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ الَّذِي قَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "«هَذَا خَالِي، فَلْيُرِنِي [1] امْرُؤٌ خَالَهُ»" [2] . وَلَمْ يَكُنْ أَيْضًا بَيْنَ عُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ مُؤَاخَاةٌ وَلَا مُخَالَطَةٌ [3] ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُؤَاخِ بَيْنَ مُهَاجِرِيٍّ وَمُهَاجِرِيٍّ [4] ، وَلَا بَيْنَ أَنْصَارِيٍّ وَأَنْصَارِيٍّ، وَإِنَّمَا آخَى بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، فَآخَى بَيْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الْأَنْصَارِيِّ، وَحَدِيثُهُ مَشْهُورٌ ثَابِتٌ فِي الصِّحَاحِ وَغَيْرِهَا، يَعْرِفُهُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِذَلِكَ [5] ، وَلَمْ يُؤَاخِ قَطُّ بَيْنَ عُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ. (1) ن، م: فَلْيُرِنِي، كَذَا فِي (ن) ، (م) ، وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: فَلْيُكْرِمْنَ. (2) الْحَدِيثُ بِهَذَا اللَّفْظِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي: سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 5/313 كِتَابُ مَنَاقِبِ الصَّحَابَةِ، بَابُ مَنَاقِبِ أَبِي إِسْحَاقَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ مُجَالِدٍ، وَكَانَ سَعْدُ مِنْ بَنِي زُهْرَةَ، وَكَانَتْ أَمُّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَنِي زُهْرَةَ، لِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَذَا خَالِي. (3) ن، م: وَلَا مُخَالَفَةٌ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. (4) ر: بَيْنَ مُهَاجِرٍ وَمُهَاجِرٍ. (5) رَوَى الْبُخَارِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ وَبِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ مِنْهَا 5/69 كِتَابُ مَنَاقِبِ الْأَنْصَارِ، بَابُ كَيْفَ آخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ، وَنَصُّهُ: وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: آخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنِي وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ لَمَّا قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ. بَيْنَمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي نَفْسِ الْبَابِ وَنَفْسِ الصَّفْحَةِ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ الْمَدِينَةَ فَآخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الْأَنْصَارِيِّ فَعَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يُنَاصِفَهُ أَهْلَهُ وَمَالَهُ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، دُلَّنِي عَلَى السُّوقِ. الْحَدِيثَ. وَجَاءَ الْحَدِيثُ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ وَمِنْ طُرُقٍ مُخْتَلِفَةٍ فِي الْبُخَارِيِّ، انْظُرْ طَبْعَةَ الدُّكْتُورِ أَلْبَغَا الْأَرْقَامُ: 1943، 1944، 2171، 3570، 3721، 3722، 4853، 4858، 4860، 4872، 5732، 6023، وَالْحَدِيثُ أَيْضًا عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي: سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 3/220 (كِتَابُ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي مُوَاسَاةِ الْأَخِ) ، الْمُسْنَدِ ط. الْحَلَبِيِّ 3/190، 204 - 205، 271 وَأَمَّا قَوْلُهُ: "ثُمَّ أَمَرَ بِضَرْبِ أَعْنَاقِهِمْ إِنْ تَأَخَّرُوا عَنِ الْبَيْعَةِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ" . فَيُقَالُ: أَوَّلًا: مَنْ قَالَ إِنَّ هَذَا الصَّحِيحُ؟ وَأَيْنَ النَّقْلُ الثَّابِتُ بِهَذَا؟ وَإِنَّمَا الْمَعْرُوفُ أَنَّهُ أَمَرَ الْأَنْصَارَ [أَنْ] [1] أَنْ لَا يُفَارِقُوهُمْ حَتَّى يُبَايِعُوا وَاحِدًا مِنْهُمْ. ثُمَّ يُقَالُ ثَانِيًا: هَذَا مِنَ الْكَذِبِ عَلَى عُمَرَ، وَلَمْ يَنْقُلْ هَذَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِإِسْنَادٍ يُعْرَفُ، وَلَا أَمَرَ عُمَرُ قَطُّ بِقَتْلِ السِّتَّةِ الَّذِينَ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ خِيَارُ الْأُمَّةِ. وَكَيْفَ يَأْمُرُ بِقَتْلِهِمْ، وَإِذَا قُتِلُوا كَانَ الْأَمْرُ [بَعْدَ قَتْلِهِمْ] [2] أَشَدَّ فَسَادًا؟ ثُمَّ لَوْ أَمَرَ بِقَتْلِهِمْ لَقَالَ وَلُّوا بَعْدَ قَتْلِهِمْ فُلَانًا وَفُلَانًا، فَكَيْفَ يَأْمُرُ بِقَتْلِ الْمُسْتَحِقِّينَ لِلْأَمْرِ، وَلَا يُوَلِّي بَعْدَهُمْ أَحَدًا؟ وَأَيْضًا فَمَنِ الَّذِي يَتَمَكَّنُ مِنْ قَتْلِ هَؤُلَاءِ، وَالْأُمَّةُ كُلُّهَا مُطِيعَةٌ لَهُمْ، وَالْعَسَاكِرُ وَالْجُنُودُ مَعَهُمْ؟ وَلَوْ أَرَادَتِ الْأَنْصَارُ كُلُّهُمْ قَتْلَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَعَجَزُوا عَنْ ذَلِكَ. وَقَدْ أَعَاذَ اللَّهُ الْأَنْصَارَ مِنْ ذَلِكَ. فَكَيْفَ يَأْمُرُ طَائِفَةً قَلِيلَةً مِنَ الْأَنْصَارِ بِقَتْلِ هَؤُلَاءِ السِّتَّةِ [جَمِيعًا] [3] ؟ وَلَوْ قَالَ هَذَا عُمَرُ فَكَيْفَ كَانَ يَسْكُتُ هَؤُلَاءِ السِّتَّةُ، وَيُمَكِّنُونَ الْأَنْصَارَ مِنْهُمْ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ فِيهِ مَنْ يَنْصُرُهُمْ؟ وَلَوْ فَرَضْنَا أَنَّ السِّتَّةَ لَمْ يَتَوَلَّ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، لَمْ يَجِبْ قَتْلُ أَحَدٍ مِنْهُمْ [بِذَلِكَ] [4] بَلْ تَوَلَّى [5] غَيْرُهُمْ. وَهَذَا [عَبْدُ اللَّهِ] بْنُ عُمَرَ [6] كَانَ دَائِمًا (1) أَنْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) . (2) بَعْدَ قَتْلِهِمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . (3) جَمِيعًا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . (4) بِذَلِكَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . (5) ب: بَلْ يُوَلِّي، ن: بَلْ وَلَّى. (6) ن، م: وَهَذَا ابْنُ عُمَرَ. تُعْرَضُ عَلَيْهِ الْوِلَايَاتُ، فَلَا يَتَوَلَّى، وَمَا قَتَلَهُ أَحَدٌ، وَقَدْ عُيِّنَ لِلْخِلَافَةِ يَوْمَ الْحَكَمَيْنِ [فَتَغَيَّبَ عَنْهُ] [1] وَمَا آذَاهُ أَحَدٌ قَطُّ، وَمَا سُمِعَ قَطُّ أَنَّ أَحَدًا امْتَنَعَ مِنَ الْوِلَايَةِ فَقُتِلَ عَلَى ذَلِكَ. فَهَذَا مِنِ اخْتِلَاقِ مُفْتَرٍ [لَا يَدْرِي] مَا يَكْتُبُ [2] لَا شَرْعًا وَلَا عَادَةً. ثُمَّ نَقُولُ جَوَابًا مُرَكَّبًا: لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ عُمَرُ أَمَرَ بِهَذَا، أَوْ لَمْ يَكُنْ أَمَرَ بِهِ. فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ بَطَلَ إِنْكَارُهُ. وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَلَيْسَ كَوْنُ الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، أَوْ كَوْنُهُ وَلِيًّا لِلَّهِ مِمَّا يَمْنَعُ قَتْلَهُ إِذَا اقْتَضَى الشَّرْعُ ذَلِكَ. فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصِّحَاحِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجَمَ الْغَامِدِيَّةَ، وَقَالَ: "«لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَغُفِرَ لَهُ. وَهَلْ وَجَدْتَ أَفْضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بِنَفْسِهَا لِلَّهِ»" [3] فَهَذِهِ يَشْهَدُ لَهَا الرَّسُولُ بِذَلِكَ. ثُمَّ لَمَّا كَانَ الْحَدُّ قَدْ ثَبَتَ عَلَيْهَا أَمَرَ بِرَجْمِهَا. وَلَوْ وَجَبَ عَلَى الرَّجُلِ قِصَاصٌ، وَكَانَ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ، وَتَابَ مِنْ قَتْلِ الْعَمْدِ تَوْبَةً نَصُوحًا، لَوَجَبَ أَنْ يُمَكَّنَ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ مِنْهُ، فَإِنْ شَاءُوا قَتَلُوهُ، وَيَكُونُ قَتْلُهُ كَفَّارَةً لَهُ. (1) فَتَغَيَّبَ عَنْهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، وَفِي (ح) ، (ر) فَغَيَّبَ غَيْبَةً. (2) ن، م: اخْتِلَافِ مُفْتَرٍ بِمَا يَكْذِبُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. (3) الْحَدِيثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي مُسْلِمٍ 3/1323، 1324 (كِتَابُ الْحُدُودِ، بَابُ مَنِ اعْتَرَفَ عَلَى نَفْسِهِ بِالزِّنَا) وَأَوَّلُ الْحَدِيثِ أَنَّ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ الْأَسْلَمِيَّ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: فَجَاءَتِ الْغَامِدِيَّةُ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي قَدْ زَنَيْتُ فَطَهِّرْنِي. وَالْحَدِيثُ فِي: سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 4/212 - 213 (كِتَابُ الْحُدُودِ، بَابُ الْمَرْأَةِ الَّتِي أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجْمِهَا مِنْ جُهَيْنَةَ) ، سُنَنِ الدَّارِمِيِّ 2/179 - 180 (كِتَابُ الْحُدُودِ، بَابُ الْحَامِلِ إِذَا اعْتَرَفَ بِالزِّنَا) ، الْمُسْنَدِ ط. الْحَلَبِيِّ 5/348
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 7 ( الأعضاء 0 والزوار 7) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |