|
هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#911
|
||||
|
||||
![]() وقوله: (فأوحَى إليهم ربُّهم لنُهلكنَّ الظالمين) ، الذين ظلموا أنفسهم، (1) فأوجبوا لها عقاب الله بكفرهم. وقد يجوز أن يكون قيل لهم: "الظالمون" لعبادتهم من لا تجوز عبادته من الأوثان والآلهة، (2) فيكون بوضعهم العبادةَ في غير موضعها، إذ كان ظلمًا، سُمُّوا بذلك. (3) * * * وقوله: (ولنسكننكم الأرض من بعدهم) ، هذا وعدٌ من الله مَنْ وَعد من أنبيائه النصرَ على الكَفَرة به من قومه. يقول: لما تمادتْ أمم الرسل في الكفر، وتوعَّدوا رسُلهم بالوقوع بهم، أوحى الله إليهم بإهلاك من كَفَر بهم من أممهم ووعدهم النصر. وكلُّ ذلك كان من الله وعيدًا وتهدُّدا لمشركي قوم نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم على كفرهم به، (4) وجُرْأتهم على نبيه، وتثبيتًا لمحمد صلى الله عليه وسلم، وأمرًا له بالصبر على ما لقي من المكروه فيه من مشركي قومه، كما صبر من كان قبله من أولي العزم من رسله = ومُعرِّفَة أن عاقبة أمرِ من كفر به الهلاكُ، وعاقبتَه النصرُ عليهم، سُنَّةُ الله في الذين خَلَوْا من قبل. * * * 20611 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: (ولنسكننكم الأرضَ من بعدهم) ، قال: وعدهم النصرَ في الدنيا، والجنَّةَ في الآخرة. * * * وقوله: (ذلك لمن خَافَ مَقامي وخاف وَعِيدِ) ، يقول جل ثناؤه: (1) انظر تفسير: "أوحى" فيما سلف 6: 405/9: 399 / 11: 217، 290، 371، 533. (2) انظر تفسير "الظلم" فيما سلف 1: 523، 524 / 2: 369، 519 / 4: 584 / 5: 384، وغيرها في فهارس اللغة. (3) في المطبوعة كتب: "سموا بذلك ظالمين" ، زاد ما لا محصل له، إذ لم يألف عبارة أبي جعفر، فأظلمت عليه. (4) في المطبوعة: "وعيدًا وتهديدًا" ، أساء إذ غير لفظ أبي جعفر. هكذا فِعْلي لمن خاف مَقامَه بين يديّ، وخاف وعيدي فاتَّقاني بطاعته، وتجنَّب سُخطي، أنصُرْه على ما أراد به سُوءًا وبَغَاه مكروهًا من أعدائي، أهلك عدوّه وأخْزيه، وأورثه أرضَه وديارَه. * * * وقال: (لمن خاف مَقَامي) ، ومعناه ما قلت من أنه لمن خاف مَقَامه بين يديَّ بحيث أقيمه هُنالك للحساب، (1) كما قال: (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أنّكُمْ تُكَذِّبُونَ) [سورة الواقعة: 82] ، معناه: وتجعلون رِزقي إياكم أنّكُم تكذبون. وذلك أن العرب تُضيف أفعالها إلى أنفسها، وإلى ما أوقعت عليه، فتقول: "قد سُرِرتُ برؤيتك، وبرؤيتي إياك" ، فكذلك ذلك. * * * القول في تأويل قوله عز ذكره: {وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (15) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: واستفتحت الرُّسل على قومها: أي استنصرت الله عليها (2) = (وخاب كل جبار عنيد) ، يقول: هلك كل متكبر جائر حائدٍ عن الإقرار بتوحيد الله وإخلاص العبادة له. * * * و "العنيد" و "العاند" و "العَنُود" ، بمعنى واحد. (3) * * * (1) انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 337. (2) انظر تفسير "الاستفتاح" فيما سلف 2: 254 / 10: 405، 406، ومجاز القرآن 1: 337. (3) انظر تفسير "عنيد" فيما سلف 15: 366، 367، ومجاز القرآن 1: 337. ومن "الجبار" ، تقول: هو جَبَّار بَيِّنُ الجَبَريَّة، والجَبْرِيَّة، والجَبْرُوَّة، والجَبَرُوت. (1) * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: 20612 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى = وحدثني الحارث قال، حدثنا الحسن قال: حدثنا ورقاء = جميعًا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (واستفتحوا) ، قال: الرسل كلها. يقول: استنصروا = (عنيد) ، قال معاند للحق مجانبه. (2) 20613 - حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا شبابة قال، حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. 20614 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، = ح وحدثني الحارث قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (واستفتحوا) ، قال: الرسل كُلها استنصروا = (وخاب كل جبَّار عَنيد) ، قال: معاند للحق مجانبه. (1) انظر تفسير "جبار" فيما سلف 10، 172/11: 470 / 15: 366. هذا، وفي المطبوعة: "هو جبار بين الجبرية، والجبروتية، والجبروة، والجبروت" زاد في اللغة ما لا نص عليه، وهو "الجبروتية" ، ونقص واحدة من الخمس "الجبروة" . وكان في المخطوطة مكان "الجبرية" الثانية: "الجبر ننبه" ، غير منقوطة، وأساء كتابتها. (2) الأثر: 20612 - هذا الذي أثبته هو الذي جاء في المخطوطة، وطابق ما خرجه السيوطي في الدر المنثور 4: 73، عن مجاهد، ونسبه لابن جرير، وابن المنذر وابن أبي حاتم، وكان في المطبوعة هنا. "يقول: استنصروا على أَعدائهم ومعانديهم، أَي على من عاند عن اتباع الحق وتجنَّبه" . 20615 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله = وقال ابن جريج: استفتحوا على قومهم. 20616 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى ... (1) 20617 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: (واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد) ، قال: كانت الرسلُ والمؤمنون يستضعفهم قومُهم، ويقهَرُونهم ويكذبونهم، ويدعونهم إلى أن يعودوا في مِلّتهم، فأبَى الله عز وجل لرسله وللمؤمنين أن يعودُوا في مِلّة الكفر، وأمرَهُم أن يتوكلوا على الله، وأمرهم أن يستفتحوا على الجبابرة، ووعدهم أن يُسْكنهم الأرض من بعدهم، فأنجز الله لهم ما وعدهم، واستفتحوا كما أمرهم أن يستفتحوا، (وخابَ كل جبار عنيد) . 20618 - حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج بن المنهال قال، حدثنا أبو عوانة، عن المغيرة، عن إبراهيم، في قوله: (وخاب كل جبار عنيد) ، قال: هو النَّاكب عن الحق. (2) 20619 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا مطرف، عن بشر، عن هشيم، عن مغيرة، عن سماك، عن إبراهيم: (وخاب كل جبار عنيد) ، قال: الناكب عن الحق. (3) (1) الأثر: 20616 - هذا إسناد مقحم فيما أرجح، وإنما هو صدر الإسناد رقم: 20612 اجتلبته يد الناسخ سهوًا إلى هذا المكان. والله أعلم. (2) الأثر: 20618 - في هذا الخبر أيضًا زيادة لا أدري كيف جاءت، فاقتصرت على ما في المخطوطة، وهو مطابق لما خرجه السيوطي في الدر المنثور 4: 73، عن إبراهيم النخعي، ونسبه لابن جرير وحده، والزيادة التي كانت المطبوعة هي: "أي الحائد عن اتباع طريق الحق" وانظر الخبر التالي، بلا زيادة أيضًا. (3) الأثر: 20619 - "مطرف بن بشر" ، لا أدري ما هو، ولم أجد له ذكرًا في شيء مما بين يدي. وجاء ناشر المطبوعة فجعله "مطرف، عن بشر" بلا دليل. 20620 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (واستفتحوا) ، يقول: استنصرت الرسل على قومها = قوله: (وخاب كل جبار عنيد) ، و "الجبار العنيد" : الذي أبى أن يقول: لا إله إلا الله. 20621 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (واستفتحوا) ، قال: استنصرت الرسل على قومها = (وخاب كل جبار عنيد) ، يقول: عَنِيد عن الحق، مُعْرِض عنه. (1) 20622 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة، مثله - وزاد فيه: مُعْرِض، (2) أبى أن يقول: لا إله إلا الله. 20623 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد، في قوله: (وخاب كل جبار عنيد) ، قال: "العنيد عن الحق" ، الذي يعنِدُ عن الطريق، قال: والعرب تقول: "شرُّ الأهْل العَنِيد" (3) الذي يخرج عن الطريق. 20624 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد، في قوله: (واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد) ، قال: "الجبّار" : المتجبّر. (4) * * * وكان ابن زيد يقول في معنى قوله: (واستفتحوا) ، خلاف قول هؤلاء، ويقول: إنما استفتحت الأمم، فأجيبت. 20625 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد، في قوله: (واستفتحوا) ، قال: استفتاحهم بالبلاء، قالوا: اللهم إن كان هذا الذي (1) في المطبوعة، والدر المنثور 4: 73: "بعيد عن الحق" ، وأرى الصواب ما في المخطوطة، انظر ما سلف في تفسير "عنيد" ص:.. 542، 543 (2) في المطبوعة: "معرض عنه" ، كأنه زادها من عنده. (3) في المطبوعة: "شر الإبل" ، ولا أدري أهو صواب، أم غيرها الناشر، ولكني أثبت ما في المخطوطة، فهو عندي أوثق. (4) في المطبوعة: "هو المتجبر" ، زاد في الكلام. أتى به محمد هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارةً من السماء، كما أمطرتها على قوم لوط، أو ائتنا بعذاب أليم. (1) قال: كان استفتاحهم بالبلاء كما استفتح قوم هود: (فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) [سورة الأعراف: 70] قال: فالاستفتاح العذاب، قال: قيل لهم: إنّ لهذا أجلا! حين سألوا الله أن ينزل عليهم، فقال: "بلْ نُؤخِّرُهُمْ ليَوْم تَشْخَصُ فِيهِ الأبْصَار" . (2) فقالوا: لا نريد أن نؤخر إلى يوم القيامة: (رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا) عَذَابَنَا (قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ) [سورة ص: 16] . وقرأ: (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ) حتى بلغ: (وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [سورة العنكبوت: 53 - 55] . * * * القول في تأويل قوله عز ذكره: {مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (16) يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ (17) } قال أبو جعفر: يقول عزّ ذكره: (من ورائه) ، من أمام كل جَبار (جهنم) ، يَرِدُونها. * * * و "وراء" في هذا الموضع، يعني أمام، كما يقال: "إن الموت مِنْ ورائك" ، أي قُدّامك، وكما قال الشاعر: (3) (1) هذا من تأويل آية سورة الأنفال: 32. (2) هو انتزاع من آية سورة إبراهيم: 42. (3) هو جرير. أَتُوعِدُنِي وَرَاءَ بَنِي رِيَاحٍ ... كَذَبْتَ لَتَقْصُرَنَّ يَدَاكَ دُونِي ... (1) يعني: "وراء بني رياح" ، قدَّام بني رياح وأمَامهم. * * * وكان بعض نحويِّي أهل البَصرة يقول: إنما يعني بقوله: (من ورائه) ، أي من أمامه، لأنه وراءَ ما هو فيه، كما يقول لك: "وكلّ هذا من ورائك" : أي سيأتي عليك، وهو من وراء ما أنت فيه، لأن ما أنت فيه قد كان قبل ذلك وهو من ورائه. وقال: (وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا) [سورة الكهف: 79] ، من هذا المعنى، أي كان وراء ما هم فيه أمامهم. * * * وكان بعض نحويي أهل الكوفة يقول: أكثر ما يجوزُ هذا في الأوقات، لأن الوقت يمرُّ عليك، فيصير خلفك إذا جزته، وكذلك (كَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ) ، لأنهم يجوزونه فيصير وراءهم. * * * وكان بعضهم يقول: هو من حروف الأضداد، يعني وراء يكون قُدَّامًا وخلفًا. * * * وقوله: (وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ) ، يقول: ويسقى من ماءٍ، ثم بيَّن ذلك الماء جل ثناؤه وما هو، فقال: هو "صديد" ، ولذلك رد "الصَّديد" في إعرابه على "الماء" ، لأنه بيَانٌ عنه. (2) * * * (1) البيت وتخريجه وشرحه فيما سلف: 399، تعليق: 3، ثم انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 337. (2) "البيان" ، هو "عطف البيان" ، ويسميه الكوفيون "الترجمة" كما سلف، انظر فهارس المصطلحات. و "الصديد" ، هو القَيْحُ والدم. * * * وكذلك تأوَّله أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: 20626 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى = وحدثني الحارث قال، حدثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء = ح وحدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا شبابة قال، حدثنا ورقاء = عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (من ماء صديد) ، قال قيحٌ ودم. 20627 - حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. 20628 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (ويسقى من ماء صديد) ، و "الصديد" ، ما يسيل من لحمه وجلدِه. (1) 20629 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله: (ويسقى من ماء صديد) ، قال: ما يسيل من بين لحمه وجلده. 20630 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا هشام، عمن ذكره، عن الضحاك: (ويسقى من ماء صديد) ، قال: يعني بالصديد: ما يخرج من جوف الكافر، قد خالط القَيْح والدم. * * * وقوله: (يتجرَّعه) ، يتحسَّاه = (ولا يكاد يسيغه) ، يقول: ولا يكاد يزدرده من شدة كراهته، وهو مُسيغه من شدّة العطش. * * * (1) الأثر: 20628 - في المطبوعة: "من دمه ولحمه وجلده" ، بزيادة، وأثبت ما في المخطوطة موافقًا لما في الدر المنثور 4: 74. والعرب تجعل "لا يكاد" فيما قد فُعِل، وفيما لم يُفْعَل. فأما ما قد فعل، فمنه هذا، لأن الله جل ثناؤه جعل لهم ذلك شرابًا. وأمَّا ما لم يفعل وقد دخلت فيه "كاد" فقوله: حتى (إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا) [سورة النور: 40] ، فهو لا يراها. (1) * * * وبنحو ما قلنا من أن معنى قوله: (ولا يكاد يسيغه) ، وهو يُسيغه، جاء الخبرُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. * ذكر الرواية بذلك: 20631 - حدثني محمد بن المثنى قال، حدثنا إبراهيم أبو إسحاق الطَّالقَاني قال، حدثنا ابن المبارك، عن صفوان بن عمرو، عن عبيد الله بن بسر، عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (ويُسقى من ماء صديد يتجرّعه) ، "فإذا شَربه قَطَّع أمعاءَه حتى يخرج من دُبُره" ، يقول الله عز وجل: (وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ) [سورة محمد: 15] ، ويقول: (وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ) [سورة الكهف: 29] . (2) 20632 - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا معمر، عن ابن المبارك قال، حدثنا صفوان بن عمرو، عن عبيد الله بن بسر، عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (ويسقى من ماءٍ صديد) ، فذكر مثله، إلا أنه قال: (سُقُوا مَاءً حَمِيمًا) . (3) (1) انظر تفسير "كاد" فيما سلف 2: 218، 219 / 13: 131. (2) الأثران: 20631، 20632 - "إبراهيم، أبو إسحق الطالقاني" ، هو "إبراهيم بن إسحق بن عيسى الطالقاني البناني" ، وربما قيل: "إبراهيم بن عيسى" ، منسوبًا إلى جده، وهو مولى "بنانة" ، ثقة، من شيوخ أحمد، سمع ابن المبارك، وبقية. و "الطالقان" ، بسكون اللام، ويقال بفتحها، بلدة بخراسان. وهو مترجم في التهذيب، والكبير 1/1/273، وابن أبي حاتم في موضعين 1/1/86، 119، وتاريخ بغداد 6: 24. و "عبد الله بن المبارك" ، أحد الأئمة الكبار، مضى مرارًا كثيرة. و "صفوان بن عمرو بن هرم السكسكي" ، ثقة ثبت مأمون، مضى مرارًا منها: 7009، 12194، 12807، 13108. و "عبيد الله بن بسر" ، مصغرًا هكذا هو هنا، وفي رواية أحمد في مسنده، وفي سنن الترمذي. و "عبد الله بن بسر" في المستدرك للحاكم، وحلية الأولياء لأبي نعيم. وفي ابن كثير نقلا عن المسند "عبيد الله بن بشر" ، وهو تصحيف. وهذا الخبر من طريق ابن المبارك، عن صفوان بن عمرو، رواه أحمد في مسنده عن علي بن إسحق، عن عبد الله بن المبارك (المسند 5: 265) . ورواه الترمذي عن سويد بن نصر، عن عبد الله بن المبارك (في باب ما جاء في صفة شراب أهل النار) ورواه أبو نعيم في الحلية 8: 182 من طرق: نعيم بن حماد، عن ابن المبارك، ومعاذ بن أسد، عن ابن المبارك، ويحيي الحماني عنه، ومحمد بن مقاتل عنه، أربع طرق. ورواه الحاكم في المستدرك 2: 31 من طريق عبدان، وهو عبد الله بن عثمان بن جبلة، عن ابن المبارك، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه" ، ووافقه الذهبي. وفي "عبيد الله بن بسر" مقال. قال الترمذي، وساق الخبر: "هذا حديث غريب، هكذا قال محمد بن إسماعيل:" عن عبيد الله بن بسر "، ولا يعرف "عبيد الله بن بسر" إلا في هذا الحديث. وقد روى صفوان بن عمرو عن "عبد الله بن بسر" صاحب النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث، وعبد الله بن بسر له أخ قد سمع من النبي صلى الله عليه وسلم، وأخته قد سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم، وعبيد الله بن بسر الذي روى عنه صفوان بن عمرو حديث أبي أمامة، أخو عبد الله بن بسر" قلت: لم أجد ما قاله محمد بن إسماعيل البخاري في تاريخه الكبير. وأما أبو نعيم في الحلية فقال: "تفرد به صفوان، عن عبد الله بن بسر، وقيل: عبد الله بن بشر، وهو اليحصبي الحمصي، يكنى أبا سعيد، ورواه بقية بن الوليد، عن صفوان مثله. روى صفوان، عن عبد الله بن بسر المازني، وله صحبة، وعن عبد الله بن بشر، ولذلك اشتبه على بعض الناس، وهذا هو: عبد الله بن بسر" . وقال الحافظ ابن حجر في التهذيب، وساق ما قاله الترمذي: "وقال ابن أبي حاتم: عبيد الله بن بسر، ويقال: عبد الله، روى عن أبي أمامة، وعنه صفوان بن عمرو. وقال الطبراني عبد الله بن بسر اليحصبي، عن أبي أمامة، وروى له هذا الحديث، وحديثًا آخر من رواية بقية، عن صفوان، والله أعلم. وذكر أبو موسى المديني في ذيل الصحابة: عبيد الله بن بسر، أخو عبد الله بسر، قاله السلماني" . والذي نقله الحافظ عن ابن أبي حاتم موجود في الجرح والتعديل 2/2/308. ولكن العجب أن الإمام الحافظ محمد بن إسماعيل البخاري، لم يترجم لعبيد الله بن بسر في تاريخه الكبير ولا الصغير، مع ما نقله عنه الترمذي مما يوهم أنه في أحدهما. وإنما الذي فيه: " عبد الله بن بسر السلمي، ثم المازني، من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (الكبير 3/1/14) ثم ذكر "عبد الله بن بسر" وليس المازني، الجبراني "، وهذا يروي عن عبد الله بن بسر المازني، الصحابي، وعن أبي أمامة الباهلي. (مترجم في التهذيب أيضًا) . ولكن الإشارة التي تكاد تكون صريحة إلى هذا الخبر في كتاب البخاري، فهي في ترجمة "عبيد الله بن بشير بن جرير البجلي" قال: "عن أبي أمامة رضي الله عنه عن ابن المبارك، عن صفوان بن عمرو، الشامي" ، ولا أدري كيف هذا، لأن ابن أبي حاتم ترجم في الجرح والتعديل 2/2/308 "عبيد الله بن بسر" رقم: 1467، ثم يليه رقم: 1468 فقال: "عبيد الله بن بشير بن جرير البجلي (روى عن ... ) ، روى عنه يونس بن أبي إسحق، سمعت أبي يقول ذلك ويقول: هو مجهول" . وكذلك فعل الذهبي في ميزان الاعتدال 2: 164، وقال: "عبيد الله بن بسر. حمصي، عن أبي أمامة، وعنه صفوان بن عمرو وحده، لا يعرف" ، فيقال هو "عبد الله الصحابي، ويقال هو:" عبيد الله بن بسر الحبراني التابع، وهو أظهر "، ثم ذكر بعد" عبيد الله بن بشير البجلي "، وقال:" فيه جهالة، حدث عنه يونس بن أبي إسحق ليس إلا "." فيكاد يكون واضحًا، أن الذي وقع في التاريخ الكبير (3 / 1 / 374، 375) ، إنما هو خلط بين ترجمتين مختلفتين، وأن ترجمة "عبيد الله بن بسر" قد سقط صدر منها من النسخة المطبوعة من التاريخ الكبير، وتداخل بعضها في ترجمة أخرى، ويرجح ذلك أن ابن أبي حاتم، الذي ذكر الترجمتين جميعًا، لم يتعرض لهذا في كتابه: "بيان خطأ محمد بن إسماعيل البخاري في تاريخه" ، ولو كان في أصل تاريخ البخاري مثل هذا، لما فات ابن أبي حاتم، فيكون ما نقله الترمذي عن البخاري من التاريخ الكبير، وسقط من المطبوع. (3) الأثران: 20631، 20632 - "إبراهيم، أبو إسحق الطالقاني" ، هو "إبراهيم بن إسحق بن عيسى الطالقاني البناني" ، وربما قيل: "إبراهيم بن عيسى" ، منسوبًا إلى جده، وهو مولى "بنانة" ، ثقة، من شيوخ أحمد، سمع ابن المبارك، وبقية. و "الطالقان" ، بسكون اللام، ويقال بفتحها، بلدة بخراسان. وهو مترجم في التهذيب، والكبير 1/1/273، وابن أبي حاتم في موضعين 1/1/86، 119، وتاريخ بغداد 6: 24. و "عبد الله بن المبارك" ، أحد الأئمة الكبار، مضى مرارًا كثيرة. و "صفوان بن عمرو بن هرم السكسكي" ، ثقة ثبت مأمون، مضى مرارًا منها: 7009، 12194، 12807، 13108. و "عبيد الله بن بسر" ، مصغرًا هكذا هو هنا، وفي رواية أحمد في مسنده، وفي سنن الترمذي. و "عبد الله بن بسر" في المستدرك للحاكم، وحلية الأولياء لأبي نعيم. وفي ابن كثير نقلا عن المسند "عبيد الله بن بشر" ، وهو تصحيف. وهذا الخبر من طريق ابن المبارك، عن صفوان بن عمرو، رواه أحمد في مسنده عن علي بن إسحق، عن عبد الله بن المبارك (المسند 5: 265) . ورواه الترمذي عن سويد بن نصر، عن عبد الله بن المبارك (في باب ما جاء في صفة شراب أهل النار) ورواه أبو نعيم في الحلية 8: 182 من طرق: نعيم بن حماد، عن ابن المبارك، ومعاذ بن أسد، عن ابن المبارك، ويحيي الحماني عنه، ومحمد بن مقاتل عنه، أربع طرق. ورواه الحاكم في المستدرك 2: 31 من طريق عبدان، وهو عبد الله بن عثمان بن جبلة، عن ابن المبارك، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه" ، ووافقه الذهبي. وفي "عبيد الله بن بسر" مقال. قال الترمذي، وساق الخبر: "هذا حديث غريب، هكذا قال محمد بن إسماعيل:" عن عبيد الله بن بسر "، ولا يعرف "عبيد الله بن بسر" إلا في هذا الحديث. وقد روى صفوان بن عمرو عن "عبد الله بن بسر" صاحب النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث، وعبد الله بن بسر له أخ قد سمع من النبي صلى الله عليه وسلم، وأخته قد سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم، وعبيد الله بن بسر الذي روى عنه صفوان بن عمرو حديث أبي أمامة، أخو عبد الله بن بسر" قلت: لم أجد ما قاله محمد بن إسماعيل البخاري في تاريخه الكبير. وأما أبو نعيم في الحلية فقال: "تفرد به صفوان، عن عبد الله بن بسر، وقيل: عبد الله بن بشر، وهو اليحصبي الحمصي، يكنى أبا سعيد، ورواه بقية بن الوليد، عن صفوان مثله. روى صفوان، عن عبد الله بن بسر المازني، وله صحبة، وعن عبد الله بن بشر، ولذلك اشتبه على بعض الناس، وهذا هو: عبد الله بن بسر" . وقال الحافظ ابن حجر في التهذيب، وساق ما قاله الترمذي: "وقال ابن أبي حاتم: عبيد الله بن بسر، ويقال: عبد الله، روى عن أبي أمامة، وعنه صفوان بن عمرو. وقال الطبراني عبد الله بن بسر اليحصبي، عن أبي أمامة، وروى له هذا الحديث، وحديثًا آخر من رواية بقية، عن صفوان، والله أعلم. وذكر أبو موسى المديني في ذيل الصحابة: عبيد الله بن بسر، أخو عبد الله بسر، قاله السلماني" . والذي نقله الحافظ عن ابن أبي حاتم موجود في الجرح والتعديل 2/2/308. ولكن العجب أن الإمام الحافظ محمد بن إسماعيل البخاري، لم يترجم لعبيد الله بن بسر في تاريخه الكبير ولا الصغير، مع ما نقله عنه الترمذي مما يوهم أنه في أحدهما. وإنما الذي فيه: " عبد الله بن بسر السلمي، ثم المازني، من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (الكبير 3/1/14) ثم ذكر "عبد الله بن بسر" وليس المازني، الجبراني "، وهذا يروي عن عبد الله بن بسر المازني، الصحابي، وعن أبي أمامة الباهلي. (مترجم في التهذيب أيضًا) . ولكن الإشارة التي تكاد تكون صريحة إلى هذا الخبر في كتاب البخاري، فهي في ترجمة "عبيد الله بن بشير بن جرير البجلي" قال: "عن أبي أمامة رضي الله عنه عن ابن المبارك، عن صفوان بن عمرو، الشامي" ، ولا أدري كيف هذا، لأن ابن أبي حاتم ترجم في الجرح والتعديل 2/2/308 "عبيد الله بن بسر" رقم: 1467، ثم يليه رقم: 1468 فقال: "عبيد الله بن بشير بن جرير البجلي (روى عن ... ) ، روى عنه يونس بن أبي إسحق، سمعت أبي يقول ذلك ويقول: هو مجهول" . وكذلك فعل الذهبي في ميزان الاعتدال 2: 164، وقال: "عبيد الله بن بسر. حمصي، عن أبي أمامة، وعنه صفوان بن عمرو وحده، لا يعرف" ، فيقال هو "عبد الله الصحابي، ويقال هو:" عبيد الله بن بسر الحبراني التابع، وهو أظهر "، ثم ذكر بعد" عبيد الله بن بشير البجلي "، وقال:" فيه جهالة، حدث عنه يونس بن أبي إسحق ليس إلا "." فيكاد يكون واضحًا، أن الذي وقع في التاريخ الكبير (3 / 1 / 374، 375) ، إنما هو خلط بين ترجمتين مختلفتين، وأن ترجمة "عبيد الله بن بسر" قد سقط صدر منها من النسخة المطبوعة من التاريخ الكبير، وتداخل بعضها في ترجمة أخرى، ويرجح ذلك أن ابن أبي حاتم، الذي ذكر الترجمتين جميعًا، لم يتعرض لهذا في كتابه: "بيان خطأ محمد بن إسماعيل البخاري في تاريخه" ، ولو كان في أصل تاريخ البخاري مثل هذا، لما فات ابن أبي حاتم، فيكون ما نقله الترمذي عن البخاري من التاريخ الكبير، وسقط من المطبوع. 20633 - حدثني محمد بن خلف العسقلاني قال، حدثنا حيوة بن شريح الحمصيّ قال، حدثنا بقية، عن صفوان بن عمرو قال، حدثني عبيد الله بن بسر، عن أبي أمامه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثله سواءً. (1) * * * وقوله: (ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت) ، فإنه يقول: ويأتيه الموت من بين يديه ومن خلفه، وعن يمينه وشماله، ومن كل موضع من أعضاء جسده = (وما هو بميت) ، لأنه لا تخرج نفسه فيموت فيستريح، ولا يحيا لتعلُّق نفسه بالحناجر، فلا ترجع إلى مكانها، كما: - 20634 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، في قوله: (يتجرعه ولا يكاد يسبغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت) ، قال: تعلق نفسه عند حنجرته، فلا تخرج من فيه فيموت، ولا ترجع إلى مكانها من جوفه، فيجد لذلك راحة، فتنفعه الحياة. 20635 - حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا يزيد بن هارون قال، حدثنا العوّام بن حوشب، عن إبراهيم التيمي قوله: (ويأتيه الموت من كل مكان) ، قال: من تحت كل شَعَرة في جسده. * * * ![]()
__________________
|
#912
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ إبراهيم الحلقة (913) صــ 551 إلى صــ 560 (1) الأثر: 20633 - "محمد بن خلف بن عمار العسقلاني" ، شيخ الطبري، مضى مرارًا كثيرة آخرها رقم: 12523. و "حيوة بن شريح بن يزيد الحضرمي الحمصي" ثقة، مضى مرارًا آخرها رقم: 15378. وهذا الخبر قد مرت الإشارة إليه في التعليق السالف، من طريق بقية بن الوليد عن صفوان بن عمرو. وقوله: (ومن وَرائه عَذَابٌ غليظ) ، يقول: ومن وراء ما هو فيه من العذاب = يعني أمامه وقدامه (1) = (عذاب غليظ) . (2) القول في تأويل قوله عز ذكره: {مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (18) } قال أبو جعفر: اختلف أهلُ العربية في رافعِ "مَثَلُ" . فقال بعض نحويي البصرة: إنما هو كأنه قال: ومما نقصّ عليكم مَثَلُ الذين كفروا، ثم أقبل يفسّر، كما قال: (مَثَلُ الْجَنَّةِ) [سورة الرعد: 35] ، وهذا كثير. (3) * * * وقال بعض نحويي الكوفيين: إنما المثل للأعمال، ولكن العرب تقدّم الأسماء، لأنها أعرفُ، ثم تأتي بالخبر الذي تخبر عنه مع صاحبه. ومعنى الكلام: مَثَلُ أعمال الذين كفروا بربهم كرماد، كما قيل: (وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) [سورة الزمر: 60] ، ومعنى الكلام: (4) ويوم القيامة ترى وجوه الذين كذبوا على الله مسودة. قال: ولو خفض "الأعمال" جاز، كما قال: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ) الآية [سورة البقرة: 217] ،. وقوله: (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ) (1) انظر تفسير "وراء" فيما سلف: 546، 475، تعليق: 1. (2) انظر تفسير "الغليظ" فيما سلف 7: 341 / 14: 360، 576 / 15: 366. (3) انظر ما سلف قريبًا: 469 - 472 (4) انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 338، وسيبويه 1: 77. [سورة الرعد: 35] . قال: فـ "تجري" ، هو في موضع الخبر، كأنه قال: أن تجري، وأن يكون كذا وكذا، فلو أدخل "أن" جاز. قال: ومنه قول الشاعر: (1) ذَرِينِي إِنَّ أَمْرَكِ لَنْ يُطَاعَا ... وَمَا أَلْفَيْتِنِي حِلْمِي مُضَاعَا ... (2) قال: فالحلمُ منصوبٌ ب "ألفيتُ" على التكرير، (3) قال: ولو رفعه كان صوابًا. قال: وهذا مثلٌ ضربه الله لأعمال الكفّار فقال: مَثَلُ أعمال الذين كفروا يوم القيامة، التي كانوا يعملونها في الدنيا يزعمُون أنهم يريدون الله بها، مَثَلُ رمادٍ عصفت الريح عليه في يومِ ريح عاصفٍ، فنسفته وذهبت به، فكذلك (1) هو عدي بن زيد بن العبادي، ونسبه سيبويه لرجل من بجيله أو خثعم. (2) سيبويه 1: 77، 78 / والخزانة 2: 368، 369 / والعيني بهامش الخزانة 4: 192 / وسيأتي في التفسير 24: 15 (بولاق) ، من أبيات عزيزة هذا أولها، يقول بعده: ألاَ تِلْكَ الثَّعَالِبُ قَدْ تَعَاوَتْ ... عَلَيَّ وَحَالَفَتْ عُرْجًا ضِبَاعَا لِتَاكُلَنِي، فَمَرَّ لَهُنَّ لَحْمِي ... وأَذْرَقَ مِنْ حِذَارِي أَوْ أَتَاعَا فَإِنْ لَمْ تَنْدَمُوا فَثَكِلْتُ عَمْرًا ... وَهَاجَرْتُ المُرَوَّقَ والسَّماعَا وَلاَ وَضَعَتْ إِلَيَّ عَلَى فِرَاشٍ ... حَصَانٌ يَوْمَ خَلْوَتِهَا قِنَاعَا وَلاَ مَلَكَتْ يَدَايَ عِنَانَ طِرْفٍ ... ولا أَبْصَرْتُ من شَمْسٍ شُعَاعَا وخُطَّةِ مَاجِدٍ كَلَّفْتُ نَفْسِي ... إِذَا ضَاقُوا رَحُبْتُ بِهَا ذِرَاعَا والبيتان الأول والثاني من هذه الأبيات، في المعاني الكبير 867، واللسان (مرد) (ذرق) (فرق) . ولم أجد لهذه الأبيات خبرًا بعد، وأتوهمها في أقوام تحالفوا على أذاه، جعل بعضهم ثعالب لمكرها وخداعها، وبعضها ضباعًا، لدناءتها وموقها، والضباع موصوفة بالحمق (الحيوان 7: 38) وقول صاحب الخزانة: "أراد بالثعالب، الذين لاموه على جوده حسدًا ولؤمًا" قول مرغوب عنه. و "الضباع" عرج، فيها خمع. و "تعاوت" تجمعت، كما تتعاوى الذئاب فتجتمع. "ومر اللحم" ، و "أمر، كان مرًا لا يستساغ. و" أذرق، أي جعلها تذرق، يقال: "ذرق الطائر، إذا خذق بسلحه، أي قذف، وهو هنا مستعار. إشارة إلى أن ذا بطونهم قد أساله الخوف حتى صار كسلح الطير مائعًا. و" أتاع "حملهم على القيء يعني من الخوف أيضًا" تاع القيء يتيع "خرج. ويرى" فأفرق "وهو مثل" أذرق "في المعنى هنا. و" عمرو "المذكور في شعر عدي، لا أكاد أشك أنه أخوه" عمرو بن زيد "، (الأغاني 2: 105) قال:" كان لعدَي بن زيد أخوان، أحدهما اسمه عمار، ولقبه أبي، والآخر اسمه عمرو، ولقبه سمي ". و" المروق "، الخمر، لأنها تصفى بالراووق. و" السماع "، الغناء، يدعو على نفسه أن ينخلع من لذات الدنيا إذا لم يندموا على مغبة كيدهم له." (3) "التكرير" ، هو البدل عند البصريين، ويسميه الكوفيون أيضًا "التبيين" ، انظر ما سلف 529 تعليق: 2. أعمال أهل الكفر به يوم القيامة، لا يجدون منها شيئًا ينفعهم عند الله فينجيهم من عذابه، لأنهم لم يكونوا يعملونها لله خالصًا، بل كانوا يشركون فيها الأوثان والأصنام. يقول الله عز وجل: (ذلك هو الضلال البعيد) ، يعني أعمالهم التي كانوا يعملونها في الدنيا، التي يشركون فيها مع الله شركاء، هي أعمالٌ عُملت على غير هُدًى واستقامة، بل على جَوْر عن الهُدَى بعيد، وأخذٍ على غير استقامة شديد. * * * وقيل: (في يوم عاصف) ، فوصف بالعُصوف اليومَ، (1) وهو من صفة الريح، لأن الريح تكون فيه، كما يقال: "يوم بارد، ويوم حارّ" ، لأن البردَ والحرارة يكونان فيه، (2) وكما قال الشاعر: (3) * يَوْمَيْنِ غَيْمَيْنِ وَيَوْمًا شَمْسًا * (4) فوصف اليومين بالغيمين، وإنما يكون الغيم فيهما. وقد يجوز أن يكون أريد به: في يوم عاصف الريح، فحذفت "الريح" ، لأنها قد ذكرت قبل ذلك، فيكون ذلك نظير قول الشاعر: (5) * إِذَا جَاءَ يَوْمٌ مُظْلِمُ الشَّمْسِ كَاسِفُ * (6) يريد: كاسفُ الشمس. وقيل: هو من نعت "الريح" خاصة، غير أنه (1) في المطبوعة حذف "اليوم" ، اجتراء وتحكمًا. (2) انظر تفسير "عاصف" فيما سلف 15: 51. (3) لم أعرف قائله. (4) سيأتي في التفسير 24: 67 (بولاق) ، وبعده هناك: * نَجْمَيْنِ بِالسَّعْدِ ونَجْمًا نَحْسَا * (5) هو مسكين الدارمي. (6) من أبيات خرجتها فيما سلف 7: 520، تعليق: 3. وانظر الخزانة 2: 323 وصدر البيت: * وتَضْحَكُ عِرْفَانَ الدُّرُوعِ جُلُودُنَا * لما جاء بعد "اليوم" أُتبع إعرابَهُ، وذلك أن العرب تتبع الخفضَ الخفضَ في النعوت، كما قال الشاعر: (1) تُرِيكَ سُنَّةَ وَجْهٍ غَيْرِ مُقْرِفَةٍ ... مَلْسَاءَ لَيْسَ بِهَا خَالٌ وَلا نَدَبُ (2) فخفض "غير" إتباعًا لإعراب "الوجه" ، وإنما هي من نعت "السنَّة" ، والمعنى: سُنَّةَ وَجْه غَيْرَ مُقْرفة، وكما قالوا: "هذا جُحْرُ ضَبٍّ خَرِبٍ" . * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: 20636 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، في قوله: (كرماد اشتدت به الريح) ، قال: حملته الريح في يوم عاصف. 20637 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف) ، يقول: الذين كفروا بربهم وعبدوا غيرَه، فأعمالهم يوم القيامة كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف، لا يقدرون على شيء من أعمالهم ينفعهم، كما لا يُقْدَر على الرماد إذا أُرْسِل في يوم عاصف. (3) * * * (1) هو ذو الرمة. (2) ديوانه: 4، من عقيلته المحجبة بالحسن. وهذا البيت من أبيات في صفة صاحبته مي. = و "السنة" ، ما أقبل عليك من الوجه وصفحة الحد مصقولا يلوح. و "غير مقرنة" ، لا يشوب معارفها ولا لونها شيء يهجنها، وذلك من عتقها. و "الندب" ، أثر الجرح إذا لم يرتفع. (3) في المطبوعة: "إذا أرسل عليه الريح في يوم عاصف" ، زاد ما لا معنى له. وقوله: (ذلك هو الضَّلال البعيد) ، أي الخطأ البينُ، البعيدُ عن طريق الحق. (1) * * * (1) من أول: "وقوله: ذلك هو ..." ، ليس في المخطوطة، ولست أدري من أين جاء به ناشر المطبوعة، فتركته على حالة، حتى أقطع بأنه ليس من كلام أبي جعفر. = وانظر تفسير "الضلال" ، و "البعيد" ، فيما سلف من فهارس اللغة. القول في تأويل قوله عز ذكره: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (19) وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (20) } قال أبو جعفر: يقول عز ذكره لنبيّه محمد صلى الله عليه وسلم: ألم تر، يا محمد، بعين قلبك، (1) فتعلم أن الله أنشأ السماوات والأرض بالحق منفردًا بإنشائها بغير ظهير ولا مُعين = (إن يشأ يذهبكم ويَأت بخلق جديد) ، يقول: إن الذي تفرد بخلق ذلك وإنشائه من غير معين ولا شريك، إن هو شاء أن يُذْهبكم فيفنيكم، أذهبكم وأفناكم، (2) ويأتِ بخلق آخر سواكم مكانكم، فيجدِّد خلقهم = (وما ذلك على الله بعزيز) ، يقول: وما إذهابكم وإفناؤكم وإنشاء خلقٍ آخر سواكم مكانَكُم، على الله بممتنع ولا متعذّر، لأنه القادر على ما يشاء. (3) * * * واختلفت القرأة في قراءة قوله: (ألم تر أن الله خلق) . فقرأ ذلك عامة قرأة أهل المدينة والبصرة وبعض الكوفيين: (خَلَقَ) على "فعَل" . * * * (1) انظر تفسير "الرؤية" فيما سلف 5: 485، تعليق: 1، والمراجع هناك. (2) انظر تفسير "الإذهاب" فيما سلف 14: 161، تعليق: 1، والمراجع هناك. (3) انظر تفسير "عزيز" فيما سلف: 511، تعليق: 4، والمراجع هناك. وقرأته عامة قرأة أهل الكوفة: "خَالِقُ" ، على "فاعل" . * * * وهما قراءتان مستفيضتان، قد قرأ بكل واحدة منهما أئمة من القرأة، متقاربتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيبٌ. * * * القول في تأويل قوله عز ذكره: {وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ (21) } قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: (وبرزوا لله جميعًا) ، وظهر هؤلاء الذين كفروا به يوم القيامة من قبورهم، فصاروا بالبَراز من الأرض (1) = (جميعًا) ، يعني كلهم (2) = (فقال الضعفاء للذين استكبروا) ، يقول: فقال التُّبَّاع منهم للمتبوعين، وهم الذين كانوا يستكبرون في الدنيا عن إخلاص العبادة لله واتباع الرسل الذين أرسلوا إليهم (3) = (إنَّا كنا لكم تَبَعًا) ، في الدنيا. * * * و "التبع" جمع "تابع" ، كما الغَيَب جمع "غائب" . * * * وإنما عنوا بقولهم: (إنا كنا لكم تبعًا) ، أنهم كانوا أتباعهم في الدنيا يأتمرون (1) انظر تفسير "برز" فيما سلف 5: 354 / 7: 324 / 8: 562. (2) انظر تفسير "الجميع" فيما سلف 15: 212. (3) انظر تفسير "الضعفاء" فيما سلف 14: 419، تعليق: 2، والمراجع هناك. = وتفسير "الاستكبار" فيما سلف 15: 155، تعليق: 2، والمراجع هناك. لما يأمرونهم به من عبادة الأوثان والكفر بالله، وينتهون عما نهوهم عنه من اتّباع رسل الله = (فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء) ، يعنون: فهل أنتم دافعون عنَّا اليوم من عذاب الله من شيء. (1) * * * وكان ابن جريج يقول نحو ذلك: 20638 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، قوله: (وقال الضعفاء) ، قال: الأتباع = (للذين استكبروا) ، قال: للقادة. * * * قوله: (لو هدانا الله لهديناكم) ، يقول عز ذكره: قالت القادةُ على الكفر بالله لتُبَّاعها: (لو هدانا الله) ، يعنون: لو بَيَّن الله لنا شيئًا ندفع به عَذَابَه عنا اليوم = (لهديناكم) ، لبيَّنا ذلك لكم حتى تدفعوا العذابَ عن أنفسكم، ولكنا قد جزعنا مِن العذاب، فلم ينفعنا جزعُنا منه وصَبْرُنا عليه (2) = (سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص) ، يعنون: ما لهم من مَراغٍ يرُوغون عنه. (3) * * * يقال منه: "حاص عن كذا" ، إذا راغ عنه، "يَحِيصُ حَيْصًا، وحُيُوصًا وحَيَصَانًا. (4) " * * * 20639 - وحدثني المثنى قال، حدثنا سويد بن نصر قال، أخبرنا ابن المبارك، عن (1) انظر تفسير "الإغناء" فيما سلف 166، تعليق: 1، والمراجع هناك. (2) انظر تفسير "الهدى" فيما سلف من فهارس اللغة (هدي) . (3) في المطبوعة: "مزاغ" ، و "يزوغون" ، و "زاغ" ، كل ذلك بالزاي، والذي في المخطوطة صواب محض. (4) انظر تفسير "الحيص" فيما سلف 9: 226. الحكم، عن عُمَر بن أبي ليلى، أحد بني عامر، قال: سمعت محمد بن كعب القرظي يقول: بلغني، أو ذُكِر لي أن أهل النار قال بعضهم لبعضٍ: يا هؤلاء، إنه قد نزل بكم من العذاب والبلاء ما قد ترون، فهلمَّ فلنصبر، فلعل الصَّبر ينفعنا، كما صبر أهل الدنيا على طاعة الله فنفعهم الصبر إذ صبروا. قال: فيُجْمعون رأيهم على الصَّبر. قال، فصبروا، فطال صبرهم، ثم جزعوا فنادوا: (سواءٌ علينا أجزِعْنَا أم صبرنَا ما لنا من محيص) ، أي من منجًي. (1) 20640 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد، في قوله: (سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص) ، قال: إن أهل النار قال بعضهم لبعض: تعالوا، فإنما أدركَ أهل الجنة الجنَّةَ ببكائهم وتضرُّعهم إلى الله، فتعالوا نبكي ونتضرع إلى الله! قال: فبكوا، فلما رأوا ذلك لا ينفعهم قالوا: (1) الأثر: 20639 - "الحكم" ، هو "الحكم المكي" ، شيخ لعبد الله بن المبارك توقف الإمام البخاري في أمره. وقال ابن أبي حاتم: هو مجهول. قال البخاري: "الحكم المكي، عن عمر بن أبي ليلى، سمع منه ابن المبارك ومحمد بن مقاتل. وروى مروان، يعني ابن معاوية، عن الحكم بن أبي خالد، مولى بني فزارة، عن عمر بن أبي ليلى. قال الحسن بن علي، وعن الحكم بن أبي خالد، عن الحسن، عن جابر، في الجنة، فلا أدري هذا من ذاك" . وكأن هذا إشارة إلى هذا الخبر نفسه. وذكر في ترجمة "الحكم بن ظهير الفزاري" : "حدثنا محمد بن عبد العزيز، قال حدثنا مروان، عن الحكم بن أبي خالد، مولى بني فزارة، عن عمر بن أبي ليلى النميري ..." ، وقال مثل ما قال في ترجمة "الحكم المكي" . ثم ترجم "الحكم بن أبي خالد" ، ولم يذكر فيه شيئًا من هذا. وأما ابن أبي حاتم فاقتصر على ترجمة "الحكم المكي" ، ولم يذكر فيه "الحكم بن أبي خالد" . وقال ابن حجر في التهذيب: "قال ابن أبي خيثمة: سمعت يحيى بن معين يقول: كان مروان بن معاوية يغير الأسماء، يعمي على الناس، يقول: حدثنا الحكم بن أبي خالد، وإنما هو الحكم بن ظهير" . وانظر هذا الذي ذكرت في الكبير للبخاري 1/2/336، 339، 342، وابن أبي حاتم 1/2/131، وميزان الاعتدال 1: 273، ولسان الميزان 2: 341، وتهذيب التهذيب. و "عمر بن أبي ليلي" ، قال البخاري في الكبير 3/2/190: "روى عنه الحكم المكي، وقال بعضهم:" عمر بن أبي ليلى، أخو بني عامر، سمع محمد بن كعب، قوله ". وزاد البخارى في ترجمة" الحكم بن ظهير "في نسبته" النميري "، كما سلف قريبًا. وقال مثل ذلك ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 3/1/131، وزاد عن أبيه فقال:" سمعته يقول: هو مجهول "، وفي ميزان الاعتدال 2: 268 قال:" قلت حدث عنه ابن أبي فديك والواقدي "، وزاد ابن حجر في لسان الميزان 4: 224 قال:" وذكره ابن حبان في الثقات "." وكان في المطبوعة: "عمرو بن أبي ليلى" ، غير ما هو ثابت في المخطوطة على الصواب. و "محمد بن كعب القرظي" ، تابعي ثقة، روى له الجماعة، مضى مرارًا كثيرة لا تعد. وهذا الخبر تالف، لما علمت من أمر "الحكم المكي" وجهالته، فإن كان هو "الحكم بن ظهير الفزاري" ، فهو متروك كما سلف مرارًا كثيرة. تعالوا، فإنَّما أدرك أهل الجنة الجنّةَ بالصبر، (1) تعالوا نصبر! فصبروا صبرًا لم يُرَ مثله، فلم ينفعهم ذلك، فعند ذلك قالوا: (سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص) . * * * القول في تأويل قوله عز ذكره: {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (22) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وقال إبليس، (2) (لما قُضِي الأمر) ، يعني لما أدخل أهلُ الجنة الجنةَ وأهل النار النارَ، واستقرّ بكل فريق منهم قرارهم، (3) أن الله وعدكم، أيها الأتباعُ، النارَ، ووعدتكم النُّصْرة، فأخلفتكم وعدي، ووفى الله لكم بوعده = (وما كان لي عليكم من سلطان) ، يقول: وما كان لي عليكم، فيما وعدتكم من النصرة، من حجة تثبت لي عليكم بصدق قولي (4) = (إلا أنْ دعوتكم) . وهذا من الاستثناء المنقطع عن الأول، كما تقول: "ما ضربْتُه إلا أنه أحمق" ، ومعناه: ولكن (دعوتكم فاستجبتم لي) . يقول: إلا أن دعوتكم (1) تلعب الناشر بالكلام فجعله: "فما أدرك أهل الجنة الجنة إلا بالصبر" ، فجعل "فإنما" "فما" ثم زاد "إلا" ! فاعجب لما فعل. (2) انظر تفسير "الشيطان" فيما سلف 1: 111، 112، 296/ 12: 51. (3) انظر تفسير "القضا" فيما سلف: 107،، تعليق: 2، والمراجع هناك. (4) انظر تفسير "السلطان" فيما سلف: 537، تعليق: 7، والمراجع هناك. ![]()
__________________
|
#913
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ إبراهيم الحلقة (914) صــ 561 إلى صــ 570 إلى طاعتي ومعصية الله، فاستجبتم لدعائي (1) = (فلا تلوموني) ، على إجابتكم إياي (ولوموا أنفسكم) ، عليها = (ما أنا بمُصْرِخِكم) ، يقول: ما أنا بمُغِيثكم = (وما أنتم بمصرخِيَّ) ، ولا أنتم بمُغيثيَّ من عذاب الله فمُنْجِيَّ منه = (إني كفرت بما أشركتمون من قبل) ، يقول: إني جَحدْت أن أكون شريكًا لله فيما أشركتموني فيه من عبادتكم = (من قبل) في الدنيا = (إن الظالمين لهم عذاب أليم) ، يقول: إن الكافرين بالله لهم عذاب = "أليم" ، من الله موجِع. (2) * * * يقال: "أصْرَختُ الرجلَ" ، إذا أغثته "إصراخًا" ، و "قد صَرَخ الصَّارخ، يصرُخ، ويَصْرَخ، قليلة، وهو الصَّرِيخ والصُّراخ" . (3) * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: 20641 - حدثني محمد بن المثنى قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا داود، عن عامر في هذه الآية: (ما أنا بمُصْرخكم وما أنتم بمصرخيّ إني كفرت بما أشركتمون من قبل) ، قال: خطيبان يقومان يومَ القيامة، إبليسُ وعيسى ابن مريم. فأما إبليس فيقوم في حزبه فيقول هذا القول. وأما عيسى عليه السلام فيقول: (مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) ، [سورة المائدة: 117] . (1) انظر تفسير الاستجابة "فيما سلف: 416. تعليق: 1، والمراجع هناك." (2) انظر تفسير "الإشراك" و "أليم" فيما سلف من فهارس اللغة (شرك) (ألم) . (3) "يَصْرَخُ" بفتح الراء، وكذلك هي مضبوطة في المخطوطة، ومضارع "صرخ" بفتح الراء لم أجد من نص عليه في المعاجم، فهذا موضع زيادة. 20642 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن داود، عن الشعبي قال: يقوم خطيبان يوم القيامة، أحدهما عيسى، والآخر إبليس. فأما إبليس فيقوم في حزبه فيقول: (إن الله وعدكم وعد الحق) ، فتلا داود حتى بلغ: (بما أشركتمون من قبل) ، فلا أدري أتمَّ الآية أم لا؟ وأما عيسى عليه السلام فيقال له: (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ) ، فتلا حتى بلغ: (إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [سورة المائدة: 116 - 118] . 20643 - حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا علي بن عاصم، عن داود بن أبي هند، عن عامر قال، يقوم خطيبان يوم القيامة على رءوس الناس، يقول الله عز وجل: (يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ) إلى قوله (هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ) ، [سورة المائدة: 116 - 119] . قال: ويقوم إبليس فيقول: (وما كان لِيَ عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخيّ) ، ما أنا بمغيثكم وما أنتم بمُغيثيَّ. 20644 - حدثنا الحسين قال، حدثنا سعيد بن منصور قال، حدثني خالد، عن داود، عن الشعبي، في قوله: (ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي) ، قال: خطيبان يقومان يوم القيامة، فأما إبليس فيقول هذا، وأما عيسى فيقول: (مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ) . 20645 - حدثنا المثنى قال، حدثنا سويد بن نصر قال، أخبرنا ابن المبارك، عن رشدين بن سعد قال، أخبرني عبد الرحمن بن زياد، عن دخين الحجري، عن عقبة بن عامر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذكر الحديث، قال: يقول عيسى: ذلكم النبيُّ الأميّ. فيأتونني، فيأذن الله لي أن أقوم، فيثور من مجلسي من أطيب ريح شَمَّها أحدٌ، حتى آتي ربي فيشفعني، ويجعل لي نُورًا إلى نور، من شَعَر رأسي إلى ظفر قدمي، ثم يقول الكافرون: قد وجد المؤمنون من يشفع لهم، فقم أنت فاشفع لنا، فإنكَ أنت أضللتنا. فيقوم، فيثورُ من مجلسه أنتنُ ريح شَمَّها أحدٌ، ثم يعظم لجهنّم، (1) ويقول عند ذلك: (إن الله وعدكم وعد الحق ووعدكم فأخلفتكم) ، الآية. (2) 20646 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن رجل، عن الحسن، في قوله: (وما كان لي عليكم من سلطانٍ) ، قال: إذا كان يوم القيامة، قام إبليس خطيبًا على منبر من نار، فقال: (إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم) ، إلى قوله: (وما أنتم بمصرخيّ) ، قال: بناصريَّ = (إني كفرت بما أشركتمون من قبل) ، قال: بطاعتكم إياي في الدنيا. 20647 - حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك عمن ذكره قال، سمعت محمد بن كعب القرظي، قال في قوله: (وقال الشيطان لما قُضِى الأمر إن الله وعدكم وعد الحق) ، قال: قام إبليس يخطبهُم فقال: (إن الله وعدكم وعد الحق) ، إلى قوله: (ما أنا بمصرخكم) ، يقول: بمغنٍ عنكم شيئًا (1) في المطبوعة "يعظم نحيبهم" ، غير ما اتفقت عليه المخطوطة، والدر المنثور، وابن كثير. وهو ما أثبت، وأنا في شك من الكلمة، وظني أنها "يُقَطِّمُ لجهنَّم" ، من قولهم "قَطَّم الشارب" إذا ذاق الشراب فكرهه، وزوى وجهه، وقطب. (2) الأثر: 20645 - "رشدين بن سعد المصري" ، رجل صالح، أدركته غفلة الصالحين، فخلط في الحديث، فليس يبالي عمن روى، وهو ضعيف متروك، عنده معاضيل ومناكير، مضى مرارًا آخرها رقم: 17729. و "عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الشعباني الإفريقي" ، رجل صالح، ولكنه منكر الحديث، وإن وثقه بعضهم، قال أبو الحسن بن القطان. كان من أهل العلم والزهد بلا خلاف بين الناس، ومن الناس من يوثقه، ويربأ به عن حضيض رد الرواية، والحق فيه أنه ضعيف، لكثرة روايته المنكرات، وهو أمر يعتري الصالحين "، مضى أيضًا مرارًا آخرها رقم: 14337." و "دخين الحجري" ، هو "دخين بن عامر الحجري" ، "أبو ليلي المصري" ، روى عن عقبة بن عامر، وعنه عبد الرحمن بن زياد، ذكره ابن حبان في الثقات. مترجم في التهذيب، والكبير 2/1/234، وابن أبي حاتم 1/2/442. وهذا خبر ضعيف الإسناد، لا يقوم. وخرجه السيوطي في الدر المنثور 4: 74، وزاد نسبته إلى ابن المبارك في الزهد، وابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه، وابن عساكر وقال: أخرجوه بسند ضعيف، ونقله عن ابن أبي حاتم، ابن كثير في تفسيره 4: 557. = (وما أنتم بمصرخيّ إني كفرت بما أشركتمون من قبل) ، قال: فلما سمعوا مقالته مَقَتُوا أنفسهم، قالا فنودوا: (لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ) ، الآية [سورة غافر: 10] . 20648 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سَعيد، عن قتادة، قوله: (ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي) ، ما أنا بمغيثكم، وما أنتم بمغيثي= قوله: (إني كفرت بما أشركتمون من قبل) ، يقول: عصيت الله قبلكم. 20649 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخيّ إني كفرت بما أشركتمون من قبل) ، قال: هذا قولُ إبليس يوم القيامة، يقول: ما أنتم بنافعيّ وما أنا بنافعكم = (إني كفرت بما أشركتمون من قبل) قال: شركته، عبادته. 20650 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى =وحدثني الحارث قال، حدثنا الحسين قال: حدثنا ورقاء = جميعًا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: (بمصرخيّ) ، قال: بمغيثيّ. 20651 - حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا شبابة قال، حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. 20652 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن أبن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. 20653 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله. 20654 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس قال: ما أنا بمنجيكم وما أنتم بمنجيَّ. 20655 - حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد قال: خطيبُ السَّوْء الصادق إبليس، (1) أفرأيتم صادقًا لم ينفعه صِدقهُ: (إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان) ، أقهركم به = (إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي) ، قال: أطعتموني = (فلا تلوموني ولوموا أنفسكم) ، حين أطعتموني = (ما أنا بمصرخكم) ، ما أنا بناصركم ولا مغيثكم = (وما أنتم بمصرخيّ) ، وما أنتم بناصريّ ولا مغيثيّ لما بي = (إني كفرت بما أشركتمون من قبل إنّ الظالمين لهم عذاب أليم) . 20656 - حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، حدثنا ابن المبارك، عن الحكم، عن عُمَر بن أبي ليلى أحدِ بني عامر قال: سمعت محمد بن كعب القرظيّ يقول: (وقال الشيطان لما قضي الأمر) ، قال: قام أبليس عند ذلك، يعني حين قال أهل جهنم: (سواءٌ علينا أجزِعنا أم صبرنا مالنا من مَحِيص) ، فخطبهم، فقال: (إن الله وعدكم وعد الحق، ووعدتكم فأخلفتكم) ،إلى قوله: (ما أنا بمصرخكم) ، يقول: بمُغْنٍ عنكم شيئًا = (وما أنتم بمصرخيَّ إني كفرت بما أشركتمون من قبل) . قال: فلما سمعوا مقالته مَقَتُوا أنفسهم، قال: فنودوا: (لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ) ،الآية [سورة غافر: 10] . (2) * * * (1) في المطبوعة: "إبليس الصادق" ، أخر وقدم بلا داع مفهوم. (2) الأثر: 20656 - "الحكم المكي" ، و "عمر بن أبي ليلى" ، انظر ما سلف تعليقًا على الرقم: 20639، وهو تتمة ذاك الخبر. وكان في المطبوعة هنا أيضًا "عمرو بن أبي ليلي" . القول في تأويل قوله عز ذكره: {وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ (23) أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) } * * * القول في تأويل قوله تعالى: {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) } قال أبو جعفر: يقول عز ذكره: وأدخل الذين صدقوا الله ورسوله، فأقرُّوا بوحدانية الله وبرسالة رُسله. وأنّ ما جاءت به من عند الله حق = (وعملوا الصالحات) ، يقول: وعملوا بطاعة الله. فانتهوا إلى أمر الله ونهيه = (جنَّات تجري من تحتها الأنهار) ، بساتين تجري من تحتها الأنهار = (خالدين فيها) ، يقول ماكثين فيها أبدًا (1) = (بإذن ربهم) ، يقول: أُدخلوها بأمر الله لهم بالدخول= (تحيتهم فيها سلامٌ) ، (2) وذلك إن شاء الله كما:- 20657 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال، قوله: (تحيتهم فيها سلامٌ) ، قال: الملائكة يسلِّمون عليهم في الجنة. * * * وقوله: (ألم تر كيف ضربَ الله مَثلا كلمة طيبه كشجرة طيبة) ، يقول تعالى ذكره لنبيّه محمد صلى الله عليه وسلم: ألم تر، يا محمد، بعين قلبك، (3) (1) قوله: "يقول: ماكثين فيها أبدًا" ، ساقط من المطبوعة. (2) انظر تفسير ألفاظ الآية فيما سلف من فهارس اللغة (أمن) ، (صلح) ، (جنن) ، (نهر) ، (خلد) ، (أذن) . = وانظر تفسير "التحية" فيما سلف 8: 586. (3) انظر تفسير "الرؤية" فيما سلف: 556، تعليق: 2، والمراجع هناك. فتعلم كيف مثَّل الله مثَلا وشبَّه شبَهًا (1) = (كلمة طيبة) ، ويعني بالطيبة: الإيمانَ به جل ثناؤه، (2) كشجرة طَيّبة الثمرة، وترك ذكر "الثمرة" استغناء بمعرفة السَّامعين عن ذكرها بذكر "الشَّجرة" . وقوله: (أصلها ثابت وفرعها في السماء) ، يقول عز ذكره: أصلُ هذه الشجرة ثابتٌ في الأرض = "وفرعها" ، وهو أعلاها في "السماء" ، يقول: مرتفع علُوًّا نحوَ السماء. وقوله: (تؤتي أكُلَهَا كل حين بإذن ربّها) ، يقول: تطعم ما يؤكل منها من ثمرها كلّ حين بأمرِ ربها (3) = (ويضرب الله الأمثال للناس) ، يقول: ويمثِّل الله الأمثال للناس، ويشبّه لهم الأشباهَ (4) = (لعلهم يتذكرون) ، يقول: ليتذكروا حُجَّة الله عليهم، فيعتبروا بها ويتعظوا، فينزجروا عما هم عليه من الكفر به إلى الإيمان. (5) * * * وقد اختلف أهل التأويل في المعنى بالكلمة الطيبة. فقال بعضهم: عُني بها إيمانُ المؤمن. * ذكر من قال ذلك: 20658 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: (كلمة طيبة) ، شهادةُ أن لا إله إلا الله = (كشجرة طيبة) ، وهو المؤمن = (أصلها ثابتٌ) ، يقول: لا إله إلا الله، ثابتٌ في قلب المؤمن = (وفرعها في السماء) ، يقول: يُرْفَع بها عملُ المؤمن إلى السماء. (1) انظر تفسير "ضرب مثلا" فيما سلف 1: 403. (2) انظر تفسير "الطيب" فيما سلف 13: 165، تعليق: 3، والمراجع هناك. (3) انظر تفسير "الأكل" فيما سلف: 472، تعليق 3، والمراجع هناك. = وتفسير "الإذن" فيما سلف من فهارس اللغة (أذن) . (4) انظر تفسير "ضرب مثلا" فيما سلف 1:403. (5) انظر تفسير "التذكر" فيما سلف من فهارس اللغة (ذكر) . = وانظر القول في "لعل" في مباحث العربية. 20659 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس: (كلمة طيبة) ، قال: هذا مَثَلُ الإيمان، فالإيمان الشَّجرة الطيبة، وأصله الثابت الذي لا يزول الإخلاصُ لله، وفرعُه في السماء، فَرْعُه خشْية الله. 20670 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال مجاهد: (ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمةً طيبة كشجرة طيبة) ، قال: كنخلة = قال ابن جريج، وقال آخرون: "الكلمة الطيبة" ، أصلها ثابت، هي ذات أصل في القلب (1) = (وفرعها في السماء) ، تَعْرُجُ فلا تُحْجَب حتى تنتهي إلى الله. * * * وقال آخرون: بل عُنِي بها المؤمن نفسُه. * ذكر من قال ذلك: 20671 - حدثني محمد بن سعد قال، ثني أبي قال، ثني عمي قال، ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها) ،، يعني بالشجرة الطيبة المؤمنَ، ويعني بالأصل الثابت في الأرض، وبالفرع في السماء، يكون المؤمن يعمَلُ في الأرض، ويتكلَّم، فيبلغ عمله وقولُه السَّماءَ وهو في الأرض. 20672 - حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا فضيل بن مرزوق، عن عطية العوفي في قوله: (ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة) ، قال: ذلك مثل المؤمن لا يزال يخرُج منه كلام طيبٌ وعمل صالح يَصْعَد إليه. 20673 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين، حدثني حجاج، عن (1) في المطبوعة: "في ذات أصل" ، وهو خطأ بلا ريب. أبي جعفر، عن الربيع بن أنس قال: "أَصْلُهَا ثَابِتٌ فِي الأرْضِ" ، وكذلك كان يقرؤها. قال: ذلك المؤمنُ ضُرِبَ مثله. قال: الإخلاصُ لله وحده وعبادته لا شريك له، قال: (أصلها ثابت) ، قال: أصل عمله ثابتٌ في الأرض = (وفرعها في السماء) ، قال: ذكرُه في السماء. * * * واختلفوا في هذه "الشجرة" التي جعلت للكلمة الطيبة مثلا. فقال بعضهم: هي النخلة. * ذكر من قال ذلك: 20674 - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن معاوية بن قرة قال: سمعت أنس بن مالك في هذا الحرف: (كشجرة طيبة) ، قال: هي النخلة. 20675 - حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا أبو قطن قال، حدثنا شعبة، عن معاوية بن قرة، عن أنس، مثله. 20676 - حدثنا الحسن قال، حدثنا شبابة قال، حدثنا شعبة، عن معاوية بن قرة قال، سمعت أنس بن مالك يقول: (كلمة طيبة كشجرة طيبة) ، قال: النخل. (1) 20677 - حدثني يعقوب والحسن بن محمد قالا حدثنا ابن علية قال، حدثنا شعيب قال، قال خرجت مع أبي العاليةِ نريد أنس بن مالك، قال: فأتيناه، فدعا لنا بقِنْوٍ عليه رُطَبٌ، (2) فقال: كلوا من هذه الشجرةِ التي قال الله عز وجل: (ضربَ الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابث (1) الآثار: 20674 - 20676 - هذا خبر صحيح الإسناد، من طرقه الثلاث، موقوفًا على أنس. وانظر التعليق على الآثار التالية. (2) "القنو" ، بكسر فسكون، وجمعه "أقناء" و "قنوان" بكسر فسكون، وهو العذق عذق النخلة، بما فيه من الرطب، وهو "الكباسة" ، بكسر الكاف. وفرعها في السماء) ، وقال الحسن في حديثه: "بقِنَاع" . (1) 20678 - حدثنا خلاد بن أسلم قال، أخبرنا النضر بن شميل قال، أخبرنا حماد بن سلمة قال، أخبرنا شعيب بن الحبحاب، عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُتِي بقِناع بُسْر، (2) فقال: (مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة) قال: هي النخلة. 20679 - حدثنا سوّار بن عبد الله قال، حدثنا أبي قال، حدثنا حماد بن سلمة، عن شعيب بن الحبحاب، عن أنس: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أتِى بقِناع فيه بُسْر، فقال: (مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة) قال: "هي النخلة. قال شعيب، فأخبرت بذلك أبا العالية فقال: كذلك كانُوا يقولون." 20680 - حدثني المثنى قال، حدثنا حجاج قال، حدثنا حماد بن سلمة، عن شُعيب بن الحَبْحاب قال: كنا عند أنس، فأُتينا بطَبَق، أو قِنْع، عليه رُطب، فقال: كل يا أبا العالية، فإن هذا من الشَّجرة التي ذكر الله جلّ وعزّ في كتابه: (ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلُها ثابت) . 20681 - حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج بن المنهال قال، حدثنا مهدي بن ميمون، عن شعيب بن الحبحاب قال، كان أبو العالية يأتيني، فأتاني يومًا في منزلي بعد ما صلَّيت الفجر، فانطلقتُ معه إلى أنس بن مالك، فدخلنا معه إلى أنس بن مالك، فجيءَ بطبق عليه رُطَب فقال أنس لأبي العالية: كل، يا أبا العالية، فإن هذه من الشجرة التي قال الله في كتابه: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلا كَلِمَةً طَيِّبَةٍ كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ ثَابِتٍ أَصْلُهَا) ، قال: هكذا قرأها يومئذ أنس. (3) (1) "القناع" ، بكسر القاف، و "القنع" ، بكسر فسكون، هو الطبق الذي يؤكل عليه الطعام، أو الذي تؤكل فيه الفاكهة، ويقال هو للرطب خاصة. و "البسر" . بضم فسكون، التمر قبل أن يرطب، وهو ما لم يلون ولم ينضج، فإذا نضج فقد أرطب، فهو رطب. (2) "القناع" ، بكسر القاف، و "القنع" ، بكسر فسكون، هو الطبق الذي يؤكل عليه الطعام، أو الذي تؤكل فيه الفاكهة، ويقال هو للرطب خاصة. و "البسر" . بضم فسكون، التمر قبل أن يرطب، وهو ما لم يلون ولم ينضج، فإذا نضج فقد أرطب، فهو رطب. (3) الآثار: 20677 - 20681 - حديث شعيب بن الحبحاب، عن أنس، مروي هنا من خمس طرق: من طريقين مرفوعًا، من رواية حماد بن سلمة، عن شعيب، (20678، 20679) ، ثم من رواية حماد عن شعيب أيضًا موقوفًا، (20680) ، ثم من طريقين موقوفًا، من رواية ابن علية، عن شعيب، ومهدي بن ميمون عن شعيب. (20677، 20681) . فالمرفوع، أخرجه الحاكم في المستدرك 2: 352، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه" ، وأخرجه الترمذي في تفسير هذه السورة. مطولا، عن طريق أبي الوليد، عن حماد بن سلمة، عن شعيب، ثم قال: "حدثنا قتيبة، حدثنا أبو بكر بن شعيب بن الحبحاب، عن أبيه، عن أنس بن مالك نحوه بمعناه، ولم يرفعه، ولم يذكر قول أبي العالية (20679) . وهذا أصح من حديث حماد بن سلمة.. وروى غير واحد مثل هذا موقوفًا. ولا نعلم أحدًا رفعه غير حماد بن سلمة. ورواه معمر، وحماد بن زيد، وغير واحد، ولم يرفعوه. حدثنا أحمد بن عبدة الضبي. حدثنا حماد بن زيد، وعن شعيب بن الحبحاب. عن أنس بن مالك. نحو حديث عبد الله بن أبي بكر بن شعيب بن الحبحاب، ولم يرفعه" . وخرج المرفوع السيوطي في الدر المنثور 4: 76،، وزاد نسبته إلى النسائي، والبزار، وأبي يعلى، وابن أبي حاتم، وابن حبان، وابن مردويه، وذكره. ابن كثير في تفسيره 4: 561. ![]()
__________________
|
#914
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ إبراهيم الحلقة (914) صــ 571 إلى صــ 580 20682 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا طلق قال، حدثنا شريك، عن السدي، عن مرة، عن عبد الله، مثله. (1) 20683 - حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا عبد الغفار بن القاسم، عن جامع بن أبي راشد، عن مُرَّة بن شراحيل الهمداني، عن مسروق: (كشجرة طيبة) ، قال: النخلة. 20684 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى = ح وحدثني الحارث قال، حدثنا الحسن [قال، حدثنا ورقاء = جميعًا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: (كشجرة طيبة) ، قال: كنخلة. 20685 - حدثنا الحسن] (2) قال، حدثنا شبابة قال، حدثنا ورقاء = ح وحدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل = جميعًا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. (1) الأثر: 20682 - "طلق" ، هو "طلق بن غنام بن طلق النخعي" ، سلف برقم: 20000، روى عنه أبو كريب. و "شريك" ، هو "شريك بن عبد الله النخعي" القاضي، روى عنه طلق، مضى مرارًا كثيرة. وأمام هذا الخبر علامة في المخطوطة هكذا ".." للدلالة على الشك، وصدق فإنه لم يمض ذكر خبر عبد الله بن مسعود قبل ذلك، فيقول: "مثله.. وقد نقله ابن كثير في تفسيره 4: 559، فقال: هكذا رواه السدي، عن مرة، عن ابن مسعود قال:" هي النخلة "، وكذلك السيوطي في الدر المنثور 4: 76، فأخشى أن يكون سقط قبل هذا الخبر خبر فيه نص كلام ابن مسعود" (2) ما بين القوسين، من منتصف الخبر السالف، إلى هذا الموضع، ساقط من المطبوعة. 20686 - حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا إسرائيل، عن السدي، عن مرة، عن عبد الله، مثله. 20687 - حدثني المثنى قال، حدثنا مُعَلَّى بن أسد قال، حدثنا خالد قال، أخبرنا حصين، عن عكرمة في قوله: (كشجرة طيبة) قال: هي النخلة، لا تزالُ فيها منفعةٌ. 20688 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرحمن بن مغراء، عن جويبر، عن الضحاك، في قوله: (كشجرة طيبة) ، قال: ضرب الله مثل المؤمن كمثل النخلة = (تؤتي أكلها كل حين) . 20689 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة) ، كنا نُحَدَّث أنها النخلة. 20690 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (كشجرة طيبة) ، قال: يزعمون أنها النخلة. 20691 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد، في قوله: (تؤتى أكلها كل حين) ، قال: هي النخلة. 20692 - حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا محمد بن عبيد قال، حدثنا الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، في قوله: (وفرعها في السماء) ، قال: النخل. (1) 20693 - حدثنا الحسن (2) قال، حدثنا سعيد بن منصور قال، حدثنا خالد، عن الشيباني، عن عكرمة: (تؤتي أكلها كل حين) ، قال: هي النخلة. 20694 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر قال، قال شعيب بن الحبحاب، عن أنس بن مالك: "الشجرة الطيبة" ، النخلة. (1) في المطبوعة: "النخلة" . (2) في المطبوعة: "قال حدثنا الحسن" ، زاد ما لا مكان له. وقال آخرون: بل هي شجرة في الجنة. * ذكر من قال ذلك: 20695 - حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا عفان قال، حدثنا أبو كدينة قال، حدثنا قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن ابن عباس، في قول الله جلّ وعَزّ: (ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها) ، قال: هي شجرة في الجنة. (1) * * * قال أبو جعفر: وأولى القولين بالصواب في ذلك قولُ من قال: هي "النخلة" ، لصحَّة الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما:- 20696 - حدثنا به الحسن بن محمد قال، حدثنا سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال، صحبتُ ابنَ عمر إلى المدينة، فلم أسمعه يُحدِّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا حديثًا واحدًا قال، كنّا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأتي بجُمَّار فقال: من الشَّجر شجرةٌ مَثَلُها مثلُ الرَّجُل المسلم. فأردت أن أقول "هي النخلة" ، فإذا أنا أصغرُ القوم، فسكتُّ، [فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي النخلة] . (2) (1) الأثر: 20695 - "أبو كدينة" ، "يحيى بن المهلب البجلي" ، ثقة، ربما أخطأ، يعتبر به، سلفت ترجمته: 4193، 5994، 9745. و "قابوس بن أبي ظبيان الجنبي" ، ضعيف، كان رديء الحفظ، ينفرد عن أبيه بما لا أصل له، فربما رفع المراسيل، وأسند الموقوف، مضى برقم: 9745، 10682، 16679. وأبوه "أبو ظبيان" ، اسمه "حصين بن جندب الجنبي" ، ثقة، روى له الجماعة، مضى برقم: 9745، 10683، 16679. (2) الأثر: 20696 - إسناده صحيح، رواه من هذه الطريق أحمد في مسنده رقم: 4599، ورواه أحمد أيضًا من طريق شريك، عن سلمة بن كهيل. عن مجاهد، مطولا ومختصرًا (5647، 5955) ورواه البخاري في صحيحة (الفتح 1: 151) ، ومسلم في صحيحة (17: 152) من ثلاث طر ق: من طريق أيوب، عن أبي الخليل الضبعي، عن مجاهد، ومن طريق سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، ومن طريق ابن نمير، عن أبيه، عن سيف، عن مجاهد. وكان أمام الخبر في المخطوطة حرف (ط) ، إشارة إلى ما فيه من النقص الذي أثبته عن مسند أحمد، ووضعته بين قوسين. 20697 - حدثنا الحسن قال، حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا سليمان، عن يوسف بن سَرْج، عن رجل، عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هل تدرُون ما الشجرة الطيبة؟ قال ابن عمر: فأردت أنْ أقول "هي النخلة" ، فمنعني مكان عُمَر، فقالُوا: الله ورسوله أعلم! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي النَّخْلة. (1) 20698 - حدثنا الحسن، فال: حدثنا يحيى بن حماد قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا لأصحابه: إن شجرةً من الشجر لا تَطرحُ ورقَها مثل المؤمن؟ قال: فوقع الناس في شجر البَدْو، ووقع في قلبي أنها النخلة، فاستحييت، حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي النخلة. (2) 20699 - حدثنا الحسن قال، حدثنا عاصم بن علي قال، حدثنا عبد العزيز بن مسلم القسملي قال، حدثنا عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنّ من الشجر شجرةً لا يسقط ورَقها، وهي مثل (1) الأثر: 20697 - "سليمان" ، هو "سليمان بن طرخان التيمي" ، مضى مرارًا كثيرة. و "يوسف بن سرج" ، بالجيم، نص على ذلك عبد الغني، في المؤتلف والمختلف: 69، والذهبي في المشتبه: 356، روى حديثًا مرسلا، روى عنه سليمان التيمي، مترجم في الكبير للبخاري 4/2/373 وابن أبي حاتم 4/2/223: وكأنهما أشارا إلى هذا الخبر. وكان في المطبوعة هنا: "سرح" بالحاء، وكذلك في المخطوطة، وإن كانت تغفل أحيانًا بعض النقط. (2) الأثر: 20698 - "عبد العزيز" ، هو "عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون" ، أحد الأعلام، روى له الجماعة، مترجم في التهذيب، والكبير 3/2/12، وابن أبي حاتم 2/2/386. وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده: 6052، من طريق عبد العزيز الماجشون، عن عبد الله ابن دينار، مطولا، ورواه من طريق مالك "عن عبد الله بن دينار، مطولا: 5274. ورواه البخاري في صحيحة من هذه الطريق (الفتح 1: 203) ، ورواه من طريق إسماعيل بن جعفر، عن عبد الله بن دينار (الفتح 1: 133، 134) ، ومن طريق سليمان بن بلال عن عبد الله (الفتح 1: 136) . ورواه مسلم في صحيحه (17: 153) من طريق إسماعيل بن جعفر، عن عبد الله." وانظر التعليق على الخبر التالي. المؤمن؛ فتحدثوني ما هي؟ فذكر نحوه. (1) 20700 - حدثنا الحسن قال، حدثنا علي قال، حدثنا يحيى بن سعد قال، حدثنا عبيد الله قال، حدثني نافع، عن عبد الله قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أخبروني بشجرة كمثل الرجل المسلم، تُؤتي أكلها كل حين، لا يتحاتُّ ورقها؟ قال: فوقع في نفسي أنها النَّخلة، فكرهت أن أتكلم وثّمَّ أبو بكر وعمر، فلما لم يتكلموا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي النخلة. (2) 20701 - حدثنا الحسن قال، حدثنا محمد بن الصباح قال، حدثنا إسماعيل، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه. (3) * * * واختلف أهل التأويل في معنى "الحين" الذي ذكر الله عز وجل في هذا الموضع فقال: (تؤتي أكلَها كلَّ حِين بإذن ربِّها) . فقال بعضهم: معناه: تؤتي أكلَها كلّ غَداةٍ وعَشِيَّة. * ذكر من قال ذلك: 20702 - حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا أبو معاوية قال، حدثنا (1) الأثر: 20699 - "عبد العزيز بن مسلم القسملي" ، صالح الحديث ثقة، مترجم في التهذيب، والكبير 3/2/28، وابن أبي حاتم 2/2/394، وهذه طريق أخرى للخبر السالف. (2) الأثر: 20700 - "يحيى بن سعيد بن فروخ" ، القطان، الحافظ، ثقة، روى له الجماعة، مضى مرارًا كثيرة. و "عبيد الله" ، هو "عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب" ، مضى مرارًا. وهذا حديث صحيح رواه البخاري في صحيحه (الفتح 1: 286) مطولا، من طريق عبيد بن إسماعيل عن أبي أسامة، عن عبيد الله بن عمر، ورواه مسلم في صحيحة (17: 155) عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن أبي أسامة. وسيأتي من طريق أخرى. (3) الأثر: 20701 - "محمد بن الصباح الدولابي" ، البزاز، روى له الجماعة، مضى برقم: 20514. و "إسماعيل" ، هو "إسماعيل بن زكريا الخلقاني الأسدي" ، لقبه "شقوصا" ، روى له الجماعة، مترجم في التهذيب، والكبير 1/1/355، وابن أبي حاتم 1/1/170. الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس قال: "الحين" قد يكون غُدْوَة وَعشيّة. 20703 - حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا محمد بن عبيد قال، حدثنا الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس في قوله: (تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها) ، قال: غُدْوةً وعشيّةً. 20704 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا يحيى قال، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس، مثله. 20705 - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن أبي عدي، عن شعبة، عن سليمان، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس، بمثله. 20706 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا طلق، عن زائدة، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس، مثله. 20707 - حدثنا الحسن قال، حدثنا علي بن الجعد قال، حدثنا شعبة، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس في قوله: (تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها) ، قال: بُكْرَة وعشيًا. 20708 - حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا شريك، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس: (تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها) ، قال: بكرة وعشية. 20709 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: (تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها) ، قال: يذكر الله كلّ ساعة من الليل والنهار. 20710 - حدثنا الحسن قال، حدثنا عفان قال، حدثنا أبو كدينة قال، حدثنا قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس: (تؤتي أكها كل حين بإذن رَبها) ، قال: غدوة وعشية. 20711 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرحمن بن مغراء، عن جويبر، عن الضحاك في قوله: (تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها) ، قال: المؤمن يطيع الله بالليل والنهار وفي كل حينٍ. 20712 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس: (تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها) ، يصعَدُ عمله أولَ النهار وآخره. 20713 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن أبي جعفر، عن الربيع بن أنس: (تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها) ، قال: يصعد عمله غُدوة وعشيَّة. 20714 - حدثت عن الحسين قال، سمعت أبا معاذ قال، أخبرنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: (تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها) ، قال: تخرج ثمرتها كُلَّ حين. وهذا مثلُ المؤمن يعمل كل حين، كل ساعة مِن النهار، وكل ساعة من الليل، وبالشتاء والصيف، بطاعة الله. * * * وقال آخرون: معنى ذلك: تؤتي أكلها كل ستة أشهر، من بين صِرَامها إلى حَمْلها. (1) * ذكر من قال ذلك: 20715 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا يحيى قال، حدثنا سفيان، عن طارق بن عبد الرحمن، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: "الحين" ، ستة أشهر. 20716 - حدثني يعقوب، قال، حدثنا ابن علية قال، أخبرنا أيوب قال، قال عكرمة: سُئلت عن رجل حَلَف أن لا يصنع كذا وكذا إلى حين؟ فقلت: (1) "صرام النخل" ، بكسر الصاد، هو قطع الثمرة واجتناؤها من النخلة. إن من الحين حينًا يُدْرَك، ومن الحين حينًا لا يُدْرَك، فالحين الذي لا يدرك قوله: (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) [سورة ص: 88] ، والحين الذي يدرك، (تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها) ، قال: وذلك من حين تُصْرَم النخلة إلى حين تُطْلِعُ، (1) وذلك ستَّة أشهر. 20717 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن الأصبهاني، عن عكرمة قال: الحين: ستة أشهر. (2) 20718 - حدثنا الحسن قال، حدثنا سعيد بن منصور قال، حدثنا خالد، عن الشيباني، عن عكرمة، في قوله: (تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها) ، قال: هي النخلة، و "الحين" ، ستة أشهر. 20719 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا كثير بن هشام قال، حدثنا جعفر قال، حدثنا عكرمة: (تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها) ، قال: هو ما بين حَمْل النخلة إلى أن تُجِدَّ. (3) 20720 - حدثني المثنى قال، حدثنا قبيصة بن عقبة قال، حدثنا سفيان قال، قال عكرمة: الحين ستة أشهر. 20721 - حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا قيس، عن طارق بن عبد الرحمن، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أنه سئل عن رجل حَلَف أن لا يكلم أخاه حينًا؟ قال: الحينُ ستة أشهر.ثم ذكر النخلة، ما بينَ حملها إلى صِرَامها سِتَّة أشهر. (1) "أطلع النخل يطلع إطلاعًا" ، أخرج طلعه. (2) الأثر: 20717 - "سفيان" ، هو "الثوري مضى مرارًا." و "ابن الأصبهاني" ، هو "عبد الرحمن بن عبد الله بن الأصبهاني" ، روى له الجماعة. روى عن أنس وأبي حازم وعكرمة وغيرهم. مترجم في التهذيب، وانظر رقم 20725. (3) الأثر: 20719 - "كثير بن هشام الكلابي" ، ثقة صدوق، مضى برقم: 12648. و "جعفر" ، هو "جعفر بن برقان الكلابي" ، ثقة، مضى برقم: 4577. وكان في المطبوعة: "إلى أن تحرز" ، وفي المخطوطة مثلها غير منقوط، ورجحت أن الصواب "تجد" ، من "جد النخل يجده جدًا، وجدادًا" ، صرمه. و "أجد النخل" ، حان له أن يجد. 20722 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن طارق، عن سعيد بن جبير: (تؤتي أكلها كل حين) ، قال: ستة أشهر. 20723 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها) ، والحين: ما بين السبعة والستة، وهي تُؤْكِلُ شتاءً وصيفًا. 20724 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر قال، قال الحسن: ما بين الستة الأشهر والسبعة، يعني الحين. 20725 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن عبد الرحمن بن الأصبهاني، عن عكرمة قال: الحينُ ستة أشهر. * * * وقال آخرون: بل "الحين" ههنا سنة. * ذكر من قال ذلك: 20726 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع، عن أبي مكين، عن عكرمة: أنه نذر أن يقطعَ يَدَ غُلامه أو يحبسه حينًا. (1) قال: فسألني عمر بن عبد العزيز، قال فقلت: لا تُقْطع يدُه، ويحبسه سنة، والحين سَنَة. ثم قرأ: (لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ) ، [سورة يوسف: 35] ، وقرأ: (تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها) = حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع قال، وزاد أبو بكر الهذلي، عن عكرمة قال: قال ابن عباس: "الحين" ، حينان، حين يعرف وحين لا يعرف، فأما الحين الذي لا يُعرف: (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) [سورة ص: 88] ، وأما الحين الذي يعرف فقوله: (تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها) . (1) في المطبوعة: "إن نذر" خطأ. 20727 - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة قال: سألت حمادًا والحكم عن رجل حلف ألا يكلم رجلا إلى حين؟ قالا الحينُ: سنة. 20728 - حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى = ح وحدثني الحارث قال، حدثنا الحسن قال، حدثنا ورقاء = ح وحدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا شبابة قال، حدثني ورقاء = ح وحدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل =، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (كل حين) ، قال: كل سنة. (1) 20729 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد، في قوله: (تؤتي أكلها كل حين) ، قال: كل سنة. 20730 - حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سلام، عن عطاء بن السائب، عن رجل منهم (2) أنه سأل ابن عباس، فقال: حلفت (1) في المخطوطة هنا ختام، كأنه كان آخر تجزئة سابقة نقلت عنها مخطوطتنا، وهذا نص ما فيها: "يتلوهُ إن شاءَ الله تعالى حدثني يونس قال،" أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (تؤْتي أُكُلها كُلَّ حِين) قال: كُلَّ سنة. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم "." وبعده في أول الجزء: "بسم الله الرحمن الرحيم" رب يسِّر قال أَبو جعفر، حدثني يونس ... "" (2) في المطبوعة: "عن رجل مبهم" ، لم يعرف معنى المخطوطة، وقوله: "رجل منهم" ، أي من ثقيف، رهط عطاء بن السائب. ![]()
__________________
|
#915
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ إبراهيم الحلقة (915) صــ 581 إلى صــ 590 ألا أكلم رجلا حِينًا؟ فقرأ ابن عباس: (تؤتي أكلها كل حين) ، فالحين سنة. 20731 - حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا ابن غَسِيل، عن عكرمة قال، أرسل إلىّ عمر بن عبد العزيز فقال: يا مولى ابن عباس، إني حلفت أن لا أفعل كذا وكذا، حينًا، فما الحين الذي تعرف به؟ قلت: إنّ من الحين حينًا لا يدرك، ومن الحين حينٌ يُدرك، فأما الحين الذي لا يُدرك فقول الله: (هَلْ أَتَى عَلَى الإنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا) [سورة الإنسان: 1] ، والله ما يدري كم أتَى له إلى أن خُلِق، وأما الذي يُدرك فقوله: (تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها) ، فهو ما بين العام إلى العام المُقْبِل. فقال: أصبت يا مولى ابن عباس، ما أحسن ما قلت. (1) 20732 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن عطَاء قال: أتى رجل ابن عباس فقال: إني نذرت أن لا أكلم رجلا حينًا؟ فقال ابن عباس: (تؤتي أكلها كل حين) ، فالحين سَنَة. * * * وقال آخرون: بل "الحين" في هذا الموضع: شهرَان. * ذكر من قال ذلك: 20733 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا محمد بن مسلم الطائفي، عن إبراهيم بن ميسرة قال: جاء رجل إلى سعيد بن المسيب، فقال: إني حلفت أن لا أكلم فلانًا حينًا؟ [فقال: قال الله تعالى: (تؤتي أكلها كلّ حين بإذن ربها) ] . (2) قال: هي النخلة، لا يكون منها أُكُلُها إلا شَهْرين، فالحين شهران. (1) الأثر: 20731 - "ابن غسيل" ، والأجود أن يقال "ابن الغسيل" ، وهو "عبد الرحمن ابن سليمان بن عبد الله بن حنظلة الأنصاري" ، يعرف بابن الغسيل، وهو جده حنظلة بن أبي عامر، غسيل الملائكة. مضى برقم: 5123، 7777. وكان في المطبوعة والمخطوطة: "ابن عسيل" ، بالعين المهملة. (2) ما بين القوسين في المطبوعة، وساقط من المخطوطة، فلم أحذفها لحسن موقعها. قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قولُ من قال: عنى بالحين، في هذا الموضع، غدوةً وعشيةً، وكلَّ ساعة، (1) لأن الله تعالى ذكره ضَرَب ما تؤتي هذه الشجرة كلَّ حين من الأكل لعمل المؤمن وكلامِه مثلا ولا شك أن المؤمن يُرفع لهُ إلى الله في كلّ يوم صالحٌ من العمل والقول، لا في كل سنة، أو في كل ستة أشهر، أو في كل شهرين. فإذا كان ذلك كذلك، فلا شك أن المَثَل لا يكون خِلافًا للمُمَثَّل به في المعنى. وإذا كان ذلك كذلك، كان بَيّنًا صحةُ ما قلنا. فإن قال قائل: فأيُّ نخلة تؤتي في كل وقت أكلا صيفًا وشتاء؟ قيل: أما في الشتاء، فإن الطَّلْع من أكُلها، وأما في الصيف فالبَلَح والبُسْرُ والرُّطَب والتَّمرُ، وذلك كله من أكلها. * * * وقوله: (تؤتي أكلها) ، فإنّه كما:- 20734 - حدثنا به محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها) ، قال: يؤكل ثمرها في الشتاء والصيف. 20735 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: (تؤتي أكلها كل حين) ، قال: هي تؤكل شتاءً وصيفًا. 20736 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس: (تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها) ، يصعد عملُه، يعني عَمل المؤمن مِن أوّل النهار وآخره. (1) انظر تفسير "الحين" فيما سلف 1: 540/12: 359/16: 92: 94. القول في تأويل قوله تعالى: {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ومثل الشِّركَ بالله، وهي "الكلمة الخبيثة" ، (1) = كشجرة خبيثة. * * * اختلف أهل التأويل فيها أيّ شجرة هي؟ فقال أكثرهم: هي الحنظل. * ذكر من قال ذلك: 20737 - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن معاوية بن قرة قال: سمعت أنس بن مالك، قال في هذا الحرف: (ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة) ، قال: الشَّرْيان؟ فقلت: ما الشَّرْيان؟ قال رجل عنده: الحنظلُ، فأقرَّ به معاوية. (2) 20738 - حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا شبابة قال، أخبرنا شعبة، عن معاوية بن قرة قال: سمعت أنس بن مالك يقول: (ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة) ، قال: الحنظل. (3) 20739 - حدثنا الحسن قال، حدثنا عمرو بن الهيثم قال، حدثنا شعبة، عن معاوية بن قرة، عن أنس بن مالك قال: الشَّرْيَان، يعني الحنظل. 20740 - حدثنا أحمد بن منصور قال، حدثنا نعيم بن حماد قال، حدثنا محمد بن ثور، عن ابن جريج، عن الأعمش، عن حبان بن شعبة، (1) انظر تفسير "الخبيث" فيما سلف 13: 165، تعليق: 4، والمراجع هناك. (2) الأثر: 20737 - انظر الأثر السالف: 20674، فهو من تمامه. (3) الأثر: 20738 - انظر الأثر السالف: 20676 فهو من تمامه. عن أنس بن مالك في قوله: (كشجرة خبيثة) ، قال: الشَّرْيان. قلت لأنس: ما الشَّريان؟ قال: الحنظل. (1) 20741 - حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية قال، حدثنا شعيب قال: خرجت مع أبي العالية نريد أنس بن مالك، فأتيناه، فقال: (ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة) ، تلكم الحنظل. (2) 20742 - حدثنا الحسن قال، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن شعيب بن الحبحاب، عن أنس، مثله. 20743 - حدثنا المثنى قال: حدثنا آدم العسقلاني قال، حدثنا شعبة قال، حدثنا أبو إياس، عن أنس بن مالك قال: "الشجرة الخبيثة" ، الشَّرْيَان. فقلت: ومَا الشَّرْيَان؟ قال: الحنظل. 20744 - حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج قال، حدثنا حماد، عن شعيب، عن أنس قال، تلكم الحنظل. (3) 20745 - حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج قال، حدثنا مهدي بن ميمون، عن شعيب قال، قال أنس: (ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة) ، الآية قال، تلكم الحنظل، ألم تِرْوا إلى الرّياح كيف تُصَفّقُها يمينًا وشمالا؟ (4) 20746 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن (1) الأثر: 20740 - "حبان بن شعبة" بالباء الموحدة، هكذا جاء في المطبوعة والمخطوطة، وهي غير منقوطة. وفي الدر المنثور 4: 77 "حيان" بالياء المثناة، ولم أجد هذا الاسم في مكان، بعد طول البحث، وأقرب ما وجدت أن يكون هو "حيان، أبو سعيد التيمي" ، روى عنه الأعمش. ولكني لم أجده ذكر أنه روى عن أنس بن مالك. مترجم في الكبير 2/1/55، وابن أبي حاتم 1/2/247. وأزيد أني في شك من رواية "ابن جريج" ، عن "الأعمش" . (2) الأثر: 20741 - هو من تتمة الأثر السالف: 20677. (3) الأثر: 20744 - هو من تتمة الأثر السالف: 20680. (4) الأثر: 20745 - هو من تتمة الأثر السالف: 20681. ويقال: "صفقت الريح الشيء" ، إذا قلبته يمينًا وشمالا، فاضطرب وتردد. ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (كشجرة خبيثة) ، الحنظلة. * * * وقال آخرون: هذه الشجرة لم تُخْلَق على الأرض. * ذكر من قال ذلك: 20747 - حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني قال، حدثنا عفان قال، حدثنا أبو كدينة قال، حدثنا قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس: (ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار) ، قال: هذا مثل ضربه الله، ولم تخلق هذه الشجرةُ على وجه الأرض. (1) * * * وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتصحيح قول من قال: هي الحنظلة، خبَرٌ. فإن صحَّ، فلا قولَ يجوز أن يقال غيرُه، وإلا فإنها شجرة بالصِّفة التي وصفها الله بها. * * * * ذكر الخبر الذي ذكرناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: 20748 - حدثنا سَوَّار بن عبد الله قال، حدثنا أبي قال، حدثنا حماد بن سلمة، عن شعيب بن الحبحاب، عن أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ومثل كَلِمة خبيثةٍ كشجرة خبيثة اجْتُثَّت من فوق الأرض ما لها من قَرار) ، قال: هي الحنظلة = قال شعيب: وأخبرت بذلك أبا العالية فقال: كذلك كانوا يقولون. (2) * * * (1) الأثر: 20747 - هو من تمام الأثر السالف: 20695. (2) الأثر: 20748 - سلف قول الترمذي أن هذا الخبر لم يرفعه غير حماد بن سلمة، وأن الموقوف أصح. انظر ما سلف في التعليق على الآثار: 20677 - 20681. وهذا الأثر من تمام الأثر السالف: 20679. وقوله: (اجْتُثَّت من فوق الأرض) ، يقول: استُؤْصِلت. يقال منه: اجتثَثْتُ الشيء، أجْتَثُّه اجتثاثًا: إذا استأصلتَه. * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: 20749 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (اجتثت من فوق الأرض) ، قال: استؤصلت من فوق الأرض. * * * = (ما لها من قرار) ، يقول: ما لهذه الشجرة من قَرار ولا أصل في الأرض تثْبُت عليه وتقوم. وإنما ضُرِبت هذه الشجرة التي وصَفها الله بهذه الصفة لكُفر الكافر وشركِه به مثلا. يقول: ليس لكُفر الكافر وعَمَله الذي هو معصيةُ الله في الأرض ثباتٌ، ولا له في السماء مَصْعَد، لأنه لا يَصْعَد إلى الله منه شيء. * * * وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: 20750 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار) ، ضرب الله مثل الشجرة الخبيثة كمثل الكافر. يقول: إن الشجرة الخبيثة اجتُثّت من فوق الأرض ما لها من قرَار. يقول: الكافر لا يُقْبَل عمله ولا يصعَدُ إلى الله، فليس له أصل ثابتٌ في الأرض، ولا فرعٌ في السماء. يقول: ليس له عمل صَالحٌ في الدنيا ولا في الآخرة. 20751 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتُثَّت من فوق الأرض ما لها من قرار) ، قال قتادة: إن رجلا لقي رجلا من أهل العلم فقال: ما تقول في "الكلمة الخبيثة" ، فقال: ما أعلم لها في الأرض مستقرًّا، ولا في السماء مَصْعَدًا، إلا أن تَلْزَم عُنُقَ صاحبها، حتى يوافي بها القِيامة. (1) 20752 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أبي العالية: أن رجلا خالجت الريحُ رداءَه فلعنها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تَلْعنها، فإنها مأمورة، وإنه من لَعن شيئًا ليس له بأهلٍ رَجعت اللَّعنةُ على صاحبها. (2) 20753 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن أبي جعفر، عن الربيع بن أنس: (ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة) ، قال: هذا الكافر ليس له عمل في الأرض، ولا ذكرٌ في السماء= (اجتُثت من فوق الأرض ما لها من قرار) ، قال: لا يصعد عمله إلى السماء، ولا يقوم على الأرض. فقيل: فأين تكون أعمالهم؟ قال: يَحْمِلون أوزارهم على ظُهورهم. (1) في المطبوعة، زاد فقال: "يوم القيامة" . (2) الأثر: 20752 - أخرجه الترمذي في كتاب البر والصلة، باب ما جاء في اللعنة: رواه عن زيد بن أخزم الطائي البصري، حدثنا بشر بن عمر، حدثنا أبان بن يزيد، عن قتادة، عن أبي العالية، عن ابن عباس: أن رجلا لعن الريح عند النبي صلى الله عليه وسلم ". وقال الترمذي:" هذا حديث حسن غريب، لا نعلم أحدًا أسنده غير بشر بن عمر "." و "بشر بن عمر بن الحكم الزهراني" ، ثقة، روى له الجماعة، سلف برقم: 3375، 15054، ورواه أبو داود في سننه 4: 382، من طريقين: من طريق مسلم بن إبراهيم، عن أبان بن يزيد العطار، عن قتادة، ومن طريق: زيد بن أخزم الطائي، عن بشر بن عمر، عن أبان بن يزيد عن قتادة، وهذا هو طريق الترمذي. ويتبين من الطريق الأولى أن الذي أسنده هو "أبان بن يزيد العطار" ، وهو ثقة، وقال الحافظ ابن حجر: "لم يذكره أحد ممن صنف في رجال البخاري من القدماء، ولم أر له عنده إلا أحاديث معلقة في الصحيح" ، فمن قبل أبان جاءت غرابته. وقوله: "خالجت الريح رداءه" بمعنى نازعته رداءه. و "مأمورة" ، أي مسخرة بأمر الله غير مريدة لما تفعل. وقوله: "ليس له بأهل" ، أي ليس للعن بمستحق، يقال: "هو أهل ذاك، وأهل لذاك" . 20754 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا فضيل بن مرزوق، عن عطية العوفي: (ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض) ، قال: مثل الكافر، لا يصعَد له قولٌ طيب ولا عملٌ صالح. 20755 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قال: (ومثل كلمة خبيثة) ، وهي الشرك = (كشجرة خبيثة) ، يعني الكافر. قال: (اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار) ، يقول: الشرك ليس له أصلٌ، يأخذ به الكافرُ ولا برهانٌ، ولا يقبل اللهُ مع الشرك عملا. 20756 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: (ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة) ، قال: مثل الشجرة الخبيثة مثل الكافر ليس لقوله ولا لعمله أصلٌ ولا فرع، ولا قوله ولا عمله يستقرُّ على الأرض ولا يصعد إلى السماء. 20757 - حدثت عن الحسين قال، سمعت أبا معاذ، يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول: ضربَ الله مثلَ الكافر: (كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار) ، يقول: ليس لها أصلٌ ولا فرع، وليست لها ثمرة، وليس فيها منفعة، كذلك الكافر ليس يعمل خيرًا ولا يقوله، ولم يجعل الله فيه بركةً ولا منفعة. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27) } قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: (يثبت الله الذين آمنوا) ، يحقق الله أعمالَهم وإيمانهم (1) = (بالقول الثابت) ، يقول: بالقول الحق، وهو فيما قيل: شهادة أن لا إله إلا الله، وأنّ محمدًا رسول الله. * * * وأما قوله: (في الحياة الدنيا) ، فإن أهل التأويل اختلفُوا فيه، فقال بعضهم: عنى بذلك أن اللهَ يثَبتهم في قبورهم قبلَ قيام الساعة. * ذكر من قال ذلك: 20758 - حدثني أبو السائب سَلْم بنُ جُنَادة قال، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن سَعْد بن عُبَيْدَة، عن البَراء بن عازب، في قوله: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا) ، قال: التثبيت في الحياة الدنيا إذا أتاه المَلكان في القبر فقالا له: مَن ربك؟ فقال: ربّي الله. فقالا له: ما دينك؟ قال: دينيَ الإسلام. فقالا له: مَن نبيك؟ قال: نبيِّي محمدٌ صلى الله عليه وسلم. فذلك التثبيت في الحياة الدنيا. (2) (1) انظر تفسير "التثبيت" فيما سلف 15: 539، تعليق: 4، والمراجع هناك. (2) الأثر: 20758- حديث البراء بن عازب رضي الله عنه، رواه أبو جعفر بأربعة عشر إسنادًا في هذا الموضع، فأحببت أن أجمعها، وأفصلها، لتسهل مراجعتها، ولا يتبعثر القول فيها، ويسهل تخريجها ويستبين. فالحديث عن البراء مروي من ثلاث طرق: 1 - طريق سعد بن عبيدة، عن البراء. 2 - طريق زاذان، عن البراء. 3 - طريق خيثمة، عن البراء. فعند بدء كل طريق، أذكر طرق إسناده مفصلة إن شاء الله، وهذه أوان بيان الطريق الأولى: (1) طريق سعد بن عبيدة عن البراء. رواه أبو جعفر من طريقين: 1 - من طريق الأعمش، عن سعد بن عبيدة. 2 - من طريق علقمة بن مرثد، عن سعد بن عبيدة. (1) طريق الأعمش، عن سعد بن عبيدة. 1 - من طريق أبي معاوية، عن الأعمش برقم: 20758. 2 - من طريق جابر نوح، عن الأعمش برقم: 20759. (1) وطريق أبي معاوية، هو هذا الإسناد الأول، وهذا بيانه: "أبو السائب" ، "سلم بن جنادة بن خالد السوائي" ، شيخ أبو جعفر، روى عنه البخاري خارج الصحيح، شيخ صدوق، قال البرقاني: "ثقة حجة لا شك فيه، يصلح للصحيح" ، مضى مرارًا آخرها رقم: 8395. و "أبو معاوية" ، هو "محمد بن خازم التميمي السعدي" ، روى له الجماعة، ثقة في حديث الأعمش، مضى مرارًا، آخرها رقم: 17722. و "سعد بن عبيدة" ، كان في المخطوطة في جميع مواضعه "سعيد" ، وهو خطأ. فهذا حديث صحيح الإسناد، لم أجده عند غير أبي جعفر، من هذه الطريق. 20759 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا جابر بن نوح، عن الأعمش، عن سعد بن عُبَيْدة، عن البراء بن عازب، بنحو منه في المعنى. (1) 20760 - حدثني عبد الله بن إسحاق الناقد الواسطي قال، حدثنا وهب بن جرير قال، حدثنا شعبة، عن علقمة بن مَرْثَد، عن سعد بن عبيدة، عن البراء قال، ذكر النبيّ صلى الله عليه وسلم المؤمنَ والكافرَ، فقال: إن المؤمن إذا سئل في قبره قال: رَبّي الله، فذلك قوله: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) . (2) (1) الأثر: 20759 - الإسناد التالي انظر التعليق السالف. (2) طريق جابر بن نوح، عن الأعمش و "جابر بن نوح الحماني" ، ضعيف الحديث، قال ابن معين ليس حديثه بشيء. فالخبر من هذه الطريق ضعيف الإسناد، ولم أجده عند غير أبي جعفر، والصحيح هو الإسناد السالف. (2) الأثر: 20760 - هذه هي الطريق الثانية، عن سعد بن عبيدة، عن البراء. (2) طريق علقمة بن مرثد، عن سعد بن عبيدة. 1 - طريق شعبة، عن علقمة بن مرثد. رواه أبو جعفر، من ثلاث طرق، هذا أولها، (1) عن وهب بن جرير، عن شعبة، 20760، (2) وعن هشام بن عبد الملك، عن شعبة: 20761. (3) وعن عفان، عن شعبة: 20773. وهاك بيان الطريق الأولى في هذا الخبر. "عبد الله بن إسحاق الناقد الواسطي" ، شيخ الطبري، لم أجد له ترجمة، وقد روى عنه في تاريخ الصحابة (انظر ذيل المذيل تاريخ الطبري 13: 61) . و "وهب بن جرير بن حازم الأزدي" ، الحافظ، روى له الجماعة، مضى برقم: 2858، 4346، 5418، 14157. ولم أجد الخبر فيما بين يدي من طريق وهب بن جرير، عن شعبة. ولكن حديث شعبة، عن علقمة، رواه الأئمة: فرواه أحمد في مسنده 4: 282 عن طريق عفان، عن شعبة، وهو الذي رواه أبو جعفر برقم: 20773. ثم رواه في مسنده 4: 91، من طريق محمد بن جعفر غندر، عن شعبة. وسيأتي في رواية أصحاب الكتب. رواه البخاري في صحيحة (الفتح 3: 184) من طريق حفص بن عمر، عن شعبة، من طريق محمد بن جعفر، غندر، عن شعبة. ثم رواه (الفتح 8:/ 286) ، من طريق أبي الوليد الطيالسي، هشام بن عبد الملك الباهلي، وهو الذي رواه أبو جعفر برقم: 20761، كما سيأتي. ورواه مسلم في صحيحة (17: 204) من طريق محمد بن جعفر، غندر، عن شعبة. ورواه أبو داود في سننه 4: 329. من طريق أبي الوليد الطيالسي، عن شعبة. ورواه النسائي في سننه 4: 101، من طريق محمد بن جعفر غندر، عن شعبة. ورواه الترمذي في سننه في التفسير، من طريق أبي داود الطيالسي، عن شعبة. ورواه ابن ماجه في سننه: 1427 من طريق محمد بن جعفر غندر، عن شعبة. وهو حديث صحيح. ![]()
__________________
|
#916
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ إبراهيم الحلقة (916) صــ 591 إلى صــ 600 20761 - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا هشام بن عبد الملك قال، حدثنا شعبة قال، أخبرني علقمة بن مرثد قال: سمعت سعد بن عُبيدة، عن البراء بن عازب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن المسلم إذا سئل في القبر فيشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله. قال: فذلك قوله: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ". (1) " 20762 - حدثني الحسين بن سَلَمة بن أبي كَبْشة، ومحمد بن معمر البَحْراني = واللفظ لحديث ابن أبي كبشة = قالا حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو قال، حدثنا عبَّاد بن راشد، عن داود بن أبي هند، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة فقال: (1) الأثر: 20761 - هو مكرر الأثر السالف. "هشام بن عبد الملك الباهلي" ، "أبو الوليد الطيالسي" ، روى له الجماعة، مضى مرارًا كثيرة. ومن طريق أبو الوليد، عن شعبة رواه البخاري، وأبو داود، كما سلف في تخريج الذي قبله. وكان في المطبوعة: "إذا سئل في القبر يشهد" ، كما في رواية البخاري، ورواية أبي داود: "فشهد" ، وأثبت ما في المخطوطة، وكل صواب. وكان في المخطوطة هنا "سعيد" ، مكان "شعبة" ، وهو تصحيف فاحش. يا أيها الناس، إن هذه الأمة تبتلى في قُبورها، فإذا الإنسان دُفِن وتفرَّق عنه أصحابه، جاءه ملك بيده مِطْراقٌ فأقعده فقال: ما تقولُ في هذا الرجل؟ فإن كان مؤمنًا قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبدُه ورسوله. فيقول له: صدقْتَ. فيفتح له بابٌ إلى النار فيقال: هذا منزلك لو كفرتَ بربّك، فأما إذْ آمنت به، فإن الله أبدَلك به هذا. ثم يفتح له بابٌ إلى الجنة، فيريد أن ينْهَضَ له، فيقال له: اسكُنْ. ثم يُفْسَح له في قبره. وأما الكافِر أو المنافق فيقال له: ما تقول في هذا الرجل؟ فيقول: ما أدري! فيقال له: لا دَرَيْتَ ولا تَدَرّيتَ ولا اهتديتَ! ثم يفتح له بابٌ إلى الجنة فيقال له: هذا كان منزلك لو آمنت بربك، فأما إذْ كفرت، فإن الله أبدَلك هذا. ثم يفتح له بابٌ إلى النار، ثم يَقْمَعُه المَلَكُ بالمطراق قَمْعَةً يسمعه خَلْقُ الله كُلهم إلا الثقلين. قال، بعضُ أصحابه، يا رسولَ الله، ما مِنَّا أحدٌ يقوم على رأسه مَلَكٌ بيده مِطْراق إلا هِيلَ عند ذلك! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثَّابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويُضِلُّ الله الظالمين ويفعلُ الله ما يشاء) . (1) 20763 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، عن المنهال، عن زاذان، عن البراء: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وذكر قَبْضَ روح المؤمن: فتُعاد روحُه في جسده، ويأتيه مَلَكان فيجلسانه، يعني في قبره، فيقولان: مَنْ ربُّك؟ فيقول: ربيَ الله. فيقولان: ما دينُك؟ فيقول ديني الإسلام. فيقولان له: ما هذا الرجلُ الذي بُعِث فيكم؟ فيقول: هو رسولُ الله. فيقولان: ما يدرِيك؟ فيقول: قرأت كتابَ الله فآمنت به وصدَّقْتُ. فينادِي مُنادٍ من السماء أنْ صَدَق عبدي. (1) الأثر: 20762 - "الحسين بن سلمة بن إسماعيل بن يزيد بن أبي كبشة الأزدي، الطحان" شيخ الطبري، ثقة، مضى برقم: 17608. وكان في المطبوعة والمخطوطة: "الحسن بن سلمة" ، وهو خطأ. و "محمد بن معمر البحراني" ، شيخ الطبري، ثقة، روى له الجماعة. مضى مرارًا كثيرة آخرها رقم: 16885. و "عبد الملك بن عمرو القيسي" ، و "أبو عامر العقدي" ، ثقة من شيوخ أحمد، مضى مرارًا، آخرها: 17608. و "عباد بن راشد التميمي" ، ثقة، وليس بالقوي، روى له البخاري مقرونًا بغيره، مضى مرارًا، آخرها: 17608 و "داود بن أبي هند" ، ثقة، مضى مرارًا كثيرة. و "أبو نضرة" ، "المنذر بن مالك بن قطعة العبدي" ، تابعي، ثقة، كثير الحديث، مضى مرارًا آخرها رقم: 15797 - 15801. فهذا حديث صحيح الإسناد، رواه أحمد في مسنده 3: 3، عن أبي عامر العقدي، بإسناده. وخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 3: 47، وقال: "رواه أحمد والبزار، ورجاله رجال الصحيح" ، وخرجه السيوطي في الدر المنثور 4: 80، وزاد نسبته إلى ابن أبي الدنيا في ذكر الموت، وابن أبي عاصم في السنة، وابن مردويه، والبيهقي في عذاب القبر، وقال: "بسند صحيح عن أبي سعيد الخدري" . وفي لفظ الخبر بعض الخلاف. "المطراق" ، مما لم تذكره كتب اللغة، وهو ثابت، في جميع روايات الخبر، في المواضع التي ذكرتها، وهو صحيح في العربية، ومثله "المطرق" بكسر فسكون، ومضى في الخبر رقم: 2389، و "المطرقة" ،، وهي مضربة الحداد التي يطرق بها الحديد. وقوله: "لا دريت، ولا تدريت" ، هكذا هو في المخطوطة، فأثبته على ذلك، وكان في المطبوعة: "لا دريت ولا تليت" ، كما جاء في جميع المراجع الآنفة. والذي في المخطوطة مكتوب بوضوح، لا أجده سائغا أن يكون الناسخ صحف "تليت" إلى "تدريت" . مع شهرة الخبر. فإن صحت هذه رواية في الخبر رواها أبو جعفر، فإنه تكون "تَفَعَّلَ" من "دَرَى" أي طلبت الدراية، كما تقول "علم" ، وهما سواء في المعنى. وهي جيدة المعنى جدًا. وأما "لا دريت ولا تليت" ، فقد اختلف في معناها. قالوا: هي من "تلوت" أي لا قرأت ولا درست من "تلا يتلو" فقالها بالياء ليعاقب بها "الياء" في "دريت" . وكان يونس يقول: "إنما هو:" ولا أَتليت "في كلام العرب، معناه: أن لا تتلى إبله، أي لا يكون لها أولاد" تتلوها ". وقال غيره:" إنما هو: لا دريت ولا اتَّليت، على افتعلت، من "ألوت" أي أطقت واستطعت، فكأنه قال: لا دريت ولا استطعت ". وقال ابن الأثير:" المحدثون يرون هذا الحديث: ولا تليت، وصوابه: "ولا ائتَليْت" . وقال الزمخشري في الفائق (تلا) ، وذكر الخبر: "أي، ولا اتبعت الناس بأن تقول شيئا يقولونه. ويجوز أن يكون من قولهم:" تلا فلان تِلْوَ غير عاقِل "، إذا عمل عمل الجهال، أي لا علمت ولا جهلت يعني: هلكت فخرجت من القبيلتين." وأحسب أن الذي في التفسير، إن صحت روايته، أبين دلالة على المعنى مما ذهبوا إليه. هذا، وفي رواية الخبر عند جمعهم زيادة في هذا الموضع: "فيقول: لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئًا" . وهذه رواية أحمد. قال: فذلك قول الله عز وجل (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) . (1) 20764 - حدثني أبو السائب قال، حدثنا أبو معاوية قال، حدثنا الأعمش، عن المنهال، عن زاذان، عن البراء، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، بنحوه. (2) 20765 - حدثنا ابن حميد وابن وكيع قالا حدثنا جرير، عن الأعمش، عن المنهال، عن زاذان، عن البراء، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، بنحوه. (3) (1) الأثر: 20763 - هذه هي الطريق الثانية، كما ذكرت في التعليق على رقم: 20758. (2) طريق زاذان، عن البراء. رواه أبو جعفر من طريقين مختصرًا. 1 - طريق الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن زاذان. 2 - طريق يونس بن خباب، عن المنهال، عن زاذان. ثم رواه عن الأعمش من خمس طرق: عن أبي بكر بن عياش، عن الأعمش: 20763، وعن أبي معاوية، عن الأعمش: 20764، وعن جرير، عن الأعمش: 20765، وعن ابن نمير، عن الأعمش: 20766، وعن أبي عوانة، عن الأعمش: 20780، 20787. و "المنهال بن عمرو الأسدي" . تكلموا فيه، ووثقه جماعة، ورجح أخي السيد أحمد رحمه الله توثيقه في المسند 714، وفي الطبري: 337. وقال أبو الحسن بن القطان: "كان أبو محمد بن حزم يضعف المنهال، ورد من روايته حديث البراء" ، يعني هذا الحديث، ولم يخرج له البخاري ولا مسلم في الصحيح شيئًا. وروى ابن أبي خيثمة: أن المغيرة، صاحب إبراهيم، (وهو المغيرة بن مقسم الضبي) ، وقف على يزيد بن أبي زياد فقال: ألا تعجب من هذا الأعمش الأحمق، إني نهيته أن يروي عن المنهال بن عمرو، وعن عباية، ففارقني على أن لا يفعل، ثم هو يروي عنهما، نشدتك بالله تعالى، هل كانت تجوز شهادة المنهال على درهمين؟ قال: اللهم لا "، فهذا من أشد ما يقال فيه، ولكنه محمول إن شاء الله على مقالة المتعاصرين، يقول بعضهم في بعض." و "زاذان" ، "أبو عبد الله أو أبو عمر الكندي" الضرير البزار، تابعي ثقة، مضى مرارًا. وقد أفاض أبو عبد الله الحاكم في المستدرك 1: 37 - 40 في جمع طرق هذا الحديث، وجاء بالشواهد من الأخبار على شرط الشيخين، يستدل بها على صحة خبر المنهال، عن زاذان. وزاد الحاكم رواية سفيان، عن الأعمش 1: 38، وهي في المسند 4: 297،، ورواية شعبة، عن الأعمش 1: 38، وفي مسند أحمد رواية زائدة عن الأعمش 4: 288. وزاد أبو جعفر الطبري رواية أبي بكر بن عياش، عن الأعمش في هذا الإسناد، وفيما سلف مختصرًا رقم: 14614. وانظر الكلام على الآثار التالية من هذه الطريق، وما سلف في التعليق على رقم: 14614. وخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 3: 49 - 51، وقال: "هو في الصحيح وغيره، باختصار، رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح" (2) الأثر: 20764 - من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، رواه أحمد في المسند 4: 287، والحاكم في المستدرك 1: 37، وأبو داود في سننه 4: 330. (3) 20765 - من طريق جرير، عن الأعمش، رواه أبو داود مختصرًا في سننه 3: 289. 20766 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن نمير قال، حدثنا الأعمش قال، حدثنا المنهال بن عمرو، عن زاذان، عن البراء، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، بنحوه. (1) 20767 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا الحكم بن بشير قال، حدثنا عمرو بن قيس، عن يونس بن خبّاب، عن المنهال، عن زاذان، عن البراء بن عازب، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه. (2) 20768 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر = وحدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا سعيد بن منصور قال، حدثنا مهدي بن ميمون = جميعًا، عن يونس بن خباب، عن المنهال بن عمرو، عن زاذان، عن البراء بن عازب قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر قبضَ رُوح المؤمن! قال: فيأتيه آتٍ في قبره فيقول: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فيقول: ربيَ الله، وديني الإسلام، ونبيّي محمد صلى الله عليه وسلم. فينتهره فيقول: مَنْ ربُّك؟ وما دينك؟ فهي آخر فتنة تُعْرَض على المؤمن، فذلك حين يقول الله عز وجل: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) ،، فيقول: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد صلى الله (1) الأثر: 20766 - من طريق عبد الله بن نمير، عن الأعمش، رواه أحمد في المسند 4: 288، وأبو داود في سننه 4: 331، والحاكم في المستدرك 1: 37. (2) الأثر: 20768 - هذه طريق يونس بن خباب، عن المنهال، كما ذكرت في التعليق على رقم: 20763، رواها أبو جعفر من طريق عمرو بن قيس، عن يونس: 20768. ومن طريق معمر، عن يونس: 20769، ومهدي بن ميمون، عن يونس: 20769 أيضًا. و "يونس بن خباب الأسيدي" ، ضعيف جدًا، قال يحيى القطان: "ما تعجبنا الرواية عنه" ، وقال ابن معين: "رجل سوء، وكان يشتم عثمان" . وقال البخاري: "منكر الحديث" ، وقال: ابن حبان: "لا تحل الرواية عنه" . وقال أبو حاتم: "مضطرب الحديث، ليس بالقوي" ، مترجم في التهذيب، والكبير 4/2/404، وابن أبي حاتم 4/2/238، وميزان الاعتدال 3: 337. وهذا حسبك في ضعفه من هذه الطريق. وقد زاد أحمد في مسنده 4: 296، روايته من طريق حماد بن زيد، عن يونس. وزاد الحاكم في المستدرك روايته من طريق شعيب بن صفوان عن يونس. وعباد بن عباد، عن يونس 1: 39. عليه وسلم. فيقال له: صدقت- واللفظ لحديث ابن عبد الأعلى. (1) 20769 - حدثنا محمد بن خَلف العسقلاني قال، حدثنا آدم قال، حدثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال، تلا رسُول الله صلى الله عليه وسلم: (يثبّت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) ، قال: ذاك إذا قيل في القبر: مَنْ ربك؟ وما دينك؟ فيقول: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيّي محمدٌ صلى الله عليه وسلم، جاء بالبينات من عِنْد الله فآمنتُ به وصدَّقت. فيقال له: صَدَقْتَ، على هذا عشت، وعليه مِتَّ، وعليه تُبْعَث. (2) 20770 - حدثنا مجاهد بن موسى، والحسن بن محمد قالا حدثنا يزيد قال، أخبرنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال، إن الميت ليسمعَ خَفْقَ نِعالهم حين يُوَلُّون عنه مدبرين. فإذا كان مؤمنًا، كانت الصلاة عند رأسه، والزكاةُ عن يمينه، وكان الصيام عن يساره، وكان فِعْلُ الخيرات من الصّدقة والصِّلة والمعروف والإحسان إلى الناس عند رجليه، فيؤتَى من عند رأسه فتقول الصلاة: ما قِبَلي مَدخلٌ. فيؤتى عن يمينه فتقول الزكاة: ما قِبَلي مَدخلٌ. فيؤتي عن يساره فيقول الصيام: ما قِبَلي مَدخلٌ. فيؤتى من عند رجليه فيقول فعل الخيرات من الصَّدقة والصِّلة والمعروف والإحسان إلى الناس: ما قِبَلي (1) الأثر: 20768 - مكرر الأثر السالف. وحديث معمر، عن يونس بن خباب، رواه أحمد في المسند 4: 295، والحاكم في المستدرك 1: 39. وحديث مهدي بن ميمون، عن يونس، رواه الحاكم في المستدرك 1: 39. (2) الأثر: 20769 - "محمد بن خلف بن عمار العسقلاني" ، شيخ الطبري، ثقة مضى مرارًا. آخرها رقم: 20633. و "آدم" ، هو "آدم بن أبي إياس العسقلاني" ، ثقة، مضى مرارًا كثيرة، آخرها رقم: 16944. و "حماد بن سلمة" ، ثقة، مضى مرارًا كثيرة. و "محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي" ، ثقة، روى له الجماعة، مضى مرارًا كثيرة. و "أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري" ، تابعي ثقة، كثير الحديث، مضى مرارًا. فهذا خبر صحيح الإسناد، ولم أجده عند غير أبي جعفر، وخرجه السيوطي في الدر المنثور 4: 81، وزاد نسبته إلى ابن مردويه، وكأنه مختصر الخبر التالي. مدخلٌ. فيقال له: اجلسْ. فيجلسُ، قد تمثّلتْ له الشمس قد دنت للغروب، فيقال له: أخبرنَا عمَّا نسألك. فيقول: دعُوني حتى أصلِّي. فيقال: إنك ستفعل، فأخبرنا عما نسألك عنه! فيقول: وعمَّ تسألون؟ فيقال: أرأيت هذا الرجل الذي كان فِيكم، ماذا تقول فيه، وماذا تشهد به عليه؟ فيقول: أمحمد؟ فيقال له: نعم. فيقول أشهد أنَّه رسول الله، وأنه جَاء بالبينات من عند الله، فصدّقناه. فيقال له: على ذلك حَييتَ، وعلى ذلك، مِتَّ، وعلى ذلك تُبْعث إن شاء الله. ثم يُفْسح له في قبره سبعون ذراعًا ويُنوَّر له فيه، ثم يُفْتح له باب إلى الجنة فيقال له: انظر إلى ما أعدّ الله لك فيها، فيزداد غِبْطَةً وسرورًا، ثم يفتح له باب إلى النار فيقال له: انظر ما صَرَف الله عنك لو عصيتَه! فيزداد غبْطةً وسرورًا. ثمّ يجعل نَسَمُه في النَّسَم الطَّيب، وهي طيْرٌ خُضْرٌ تُعَلَّق بشجر الجنة، ويعاد جسده إلى ما بُدئ منه من التراب، وذلك قول الله تعالى: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) . (1) 20771 - حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا أبو قطن قال، حدثنا المسعودي، عن عبد الله بن مخارق، عن أبيه، عن عبد الله قال، إنّ المؤمن (1) الأثر: 20770 - لعله مطول الخبر السالف. "مجاهد بن موسى بن فروخ الخوارزمي" ، شيخ الطبري، ثقة، مضى برقم: 510، 3396. و "الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني" ، شيخ الطبري، ثقة، مضى مرارًا آخرها: 20411. و "يزيد" هو "يزيد بن هارون السلمي الواسطي" ، أحد الأعلام الحفاظ المشاهير، مضى مرارًا كثيرة آخرها: 15348. فهذا خبر صحيح الإسناد، أخرجه الحاكم في المستدرك 1: 379 من طريق سعيد بن عامر، عن محمد بن عمرو بن علقمة، ثم من طريق حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو 1: 380، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه" ، وتابعه الذهبي. وخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 3: 51، 52، مطولا وقال: "رواه الطبراني في الأوسط، وإسناده حسن" ، ثم قال: "روى البزار طرفًا منه" ، ثم انظر حديثًا آخر عنده عن أبي هريرة 3: 53، 54. وخرجه السيوطي في الدر المنثور 4: 80، وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبه، وهناد بن السري في الزهد، وابن المنذر، وابن حبان، وابن مردويه، والبيهقي. وكان في المطبوعة: "فيجلس قد مثلت له الشمس" ، كما في مجمع الزوائد، والدر المنثور. وفي المستدرك: "فيقعد، وتمثل له الشمس" ، وأثبت ما في المخطوطة. إذا مات أُجْلِس في قبره، فيقال له: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فيثبّته الله فيقول: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيّي محمد. قال: فقرأ عبد الله: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفى الآخرة) . (1) 20772 - حدثنا الحسن قال، حدثنا أبو خالد القرشي، عن سفيان، عن أبيه = وحدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سفيان، عن أبيه، عن خيثمة، عن البراء، في قوله: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا) ، قال: عذاب القبر. (2) 20773 - حدثنا الحسن قال، حدثنا عفان قال، حدثنا شعبة، عن علقمة بن مرثد، عن سعد بن عبيدة، عن البراء، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، في قول الله تعالى: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) ، قال شعبةُ شيئًا لم أحفظه، قال: في القبر. (3) 20774 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت) ، إلى قوله: (ويضل الله الظالمين) ، قال: إن المؤمن إذا حضَره الموت شهدته الملائكة، فسلموا عليه وبشروه بالجنة، فإذا ماتَ مشَوْا في جنازته (1) الأثر: 20771 - "أبو قطن" "عمرو بن الهيثم الزبيدي القطعي" ، ثقة، مضى مرارًا آخرها رقم: 20599. و "المسعودي" ، هو "عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة المسعودي" ، كان ثقة، واختلط بأخرة، رواية المتقدمين عنه صحيحة، مضى مرارًا، آخرها رقم: 17982. و "عبد الله بن مخارق" ، مشكل أمره جدًا. فقد ترجم له البخاري في الكبير 3/1/208، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 2/2/179، وقالا جميعًا واللفظ هنا لابن أبي حاتم: "عبد الله بن مخارق بن سليم السلمي كوفي، روى عن أبيه مخارق، روى عنه عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي، وأبو العميس عتبة بن عبد الله، وعبد الملك بن أبي غنية" ، ثم ذكر ابن أبي حاتم عن يحيى بن معين أنه سئل عن "عبد الله بن مخارق بن سليم فقال: مشهور" . وقال البخاري في ترجمته: "روى سماك، عن قابوس بن مخارق الشيباني، وروى أيضًا سليمان الشيباني، عن مخارق بن سليم الشيباني، فلا أدري ما بينهما" . فشك البخاري في نسبة أبيه أهو "سلمي" أو "شيباني" ، كما ترى. فلما ترجم في فصل "مخارق" ، الكبير 4/1/430 ترجم "مخارق" أبو قابوس، عن علي، روى عنه ابنه قابوس، وهو ابن سليم، قاله ابن طهمان ". ثم ترجم بعده" مخارق بن سليم الشيباني "وقال:" يعد في الكوفيين "، وأغفل" مخارق بن سليم السلمي "، الذي ذكر في ترجمة ابنه" عبد الله بن مخارق بن سليم السلمي "، أنه روى عن أبيه، وهو صحابي، كما هو ظاهر. وكذلك فعل ابن أبي حاتم 4/1/352، اقتصر أيضًا على" مخارق بن سليم الشيباني "، وأغفل" السلمي "الذي ذكره في باب" عبد الله "." وأما الحافظ ابن حجر في التهذيب، وفي الإصابة، فإنه قال: "مخارق بن سليم الشيباني" ، أبو قابوس، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن ابن مسعود، وعمار بن ياسر، وعلي بن أبي طالب. روى عنه ابناه قابوس، وعبد الله. ذكره ابن حبان في الثقات "." فهذا لفظ جامع، يدل على أن "عبد الله بن مخارق" هذا إنما هو "الشيباني" ، وأن "السلمي" ، نسبة لا يكاد يعرف صاحبها، وتزيد أباه في الصحابة جهالة، وهذا مستبعد. و "عبد الله بن مخارق بن سليم الشيباني" ، هو نابغة بني شيبان، الشاعر المشهور، وهو أخو "قابوس بن مخارق بن سليم الشيباني" ، المترجم في التهذيب، وفي الكبير 4/1/193، غير منسوب إلى "شيبان" أو "سليم" وفي ابن أبي حاتم 3/2/145، فيما أرجح. وقد كنت قرأت قديمًا في كتاب غاب عني مكانه اليوم: أن قابوسًا كان شاعرًا، وأن أخاه عبد الله، نابغة بني شيبان، كان محدثًا، ثم رأى أحدهما رؤيا، أو كلاهما، فترك "قابوس" الشعر وطلب الحديث، وترك "عبد الله" الحديث وأخذ في الشعر، فصار نابغة بني شيبان. وقد كان عبد الله بن مخارق نابغة بني شيبان، ينشد الشعر فيكثر، حتى إذا فرغ قبض على لسانه فقال: والله لأسلطن عليك ما يسوءك: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر "(جاء هذا في كتاب المنتقى من أخبار الأصمعي: 6) ، فهذا كأنه مؤيد للرواية التي غاب عني مكانها، وأسأل من وجدها أن يدلني على مكانها." فهذا الخبر مضطرب جدًا، ولكن خرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 3: 54 وقال: "رواه الطبراني في الكبير، وإسناده حسن" ، وخرجه السيوطي في الدر المنثور ونسبه إلى ابن جرير، والطبراني، والبيهقي في عذاب القبر. (2) الأثر: 20772 - هذه هي الطريق الثالثة، لحديث البراء مختصرًا. (3) طريق خيثمة، عن البراء. من طريق واحدة، بإسنادين. 1 - سفيان، عن أبيه، عن خيثمة. أما الأول، فعن "أبي خالد القرشي" ، وهو "عمرو بن خالد القرشي" ، وهو منكر الحديث. كذاب، غير ثقة ولا مأمون، مترجم في التهذيب، والكبير 3/2/328، وابن أبي حاتم 3/1/230 وميزان الاعتدال 2: 286، فهو بإسناد أبي خالد متروك لا يشتغل به. وأما "أبو أحمد" ، فهو الزبيري "محمد بن عبد الله بن الزبير الأسدي" ، ثقة روى له الجماعة مضى مرارًا، آخرها: 20470. و "سفيان" هو الثوري الإمام. وأبوه "سعيد بن مسروق الثوري" ، ثقة، روى له الجماعة، مضى مرارًا آخرها رقم: 13766. و "خيثمة" ، هو "خيثمة بن عبد الرحمن بن أبي سبرة الجعفي" ، تابعي ثقة، روى له الجماعة مضى مرارًا آخرها: 11145. ومن طريق سفيان عن أبيه، رواه مسلم في صحيحه (17: 204) ، والنسائي في سننه 4: 101، كلاهما عن عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان. (3) الأثر: 20773 - هو مكرر الأثر السالف: 20760، مع زيادة. و "عفان" ، هو "عفان بن مسلم بن عبد الله الصفار" ، ثقة، من شيوخ أحمد، روى له الجماعة، مضى مرارًا آخرها: 20331. ومن طريق عفان رواه أحمد في المسند 4: 282، كما سلف في تخريج الخبر رقم 20760. ثم صلوا عليه مع الناس، فإذا دفن أجلس في قبره فيقال له: من ربك؟ فيقول: ربّيَ الله. ويقال له: منْ رسولك؟ فيقول: محمد. فيقال له: ما شهادَتُك؟ فيقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله. فيوسَّع له في قبره مَدّ بَصَره (1) . 20775 - حدثنا الحسن قال، حدثنا حجاج قال، قال ابن جريج، سمعت ابن طاوس يخبر عن أبيه قال، لا أعلمه إلا قال: هي في فِتنَةِ القبر، في قوله: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت) . 20776 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير عن العلاء بن المسيب، عن أبيه أنه كان يقول في هذه الآية: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) ، هي في صاحب القبر. 20777 - حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم، عن العوّام، عن المسيب بن رافع: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) ، قال: نزلت في صاحب القبر. 20778 - حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا عباد بن العوّام، عن العلاء بن المسيب، عن أبيه المسيَّب بن رافع، نحوه. 20779 - حدثني المثنى قال، أخبرنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرحمن بن سعد قال، أخبرنا أبو جعفر الرازي، عن الربيع، في قول الله تعالى: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) ، قال: بلغنا أن هذه الأمة تُسْأل في قبورها، فيثبّت الله المؤمن في قبره حين يُسْأل. 20780 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو ربيعة فَهْدٌ قال، حدثنا أبو عوانة، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن زاذان، عن البراء بن عازب (1) الأثر: 20774 - هذا إسناد ضعيف جدًا، وإن كثر دورانه في التفسير، وسلف بيانه وشرحه في أول التفسير رقم: 305. ![]()
__________________
|
#917
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ إبراهيم الحلقة (917) صــ 601 إلى صــ حتى الاخير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر قبضَ روح المؤمن، قال: فترجع روحُه في جسده، ويبعث الله إلَيه مَلكين شديدي الانتهار، فيجلسانه وينتهرانه، يقولان: من رَبك؟ قال: فيقول: الله. وما دينك؟ قال: الإسلام. قال: فيقولان له: ما هذا الرجل، أو النبيّ، الذي بُعث فيكم؟ فيقول: محمد رسول الله. قال، فيقولان له: وما يُدْريك؟ قال: فيقول: قرأت كتابَ الله فآمنتُ به وصدّقت! فذلك قول الله: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) (1) . 20781 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد، في قوله: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) ، قال: نزلت في الميت الذي يُسْأل في قبره عن النبيّ صلى الله عليه وسلم. 20782 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: في قول الله: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) ، قال: بلغنا أن هذه الأمة تُسأل في قبورها، فيثبت الله المؤمنَ حيث يُسْأَل. 20783 - حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا شريك، عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في (1) الأثر: 20780 - حديث البراء بن عازب، من طريق زاذان عن البراء، كما سلف في التعليق علي: 20758، ثم من طريق الأعمش، عن المنهال بن عمرو، كما سلف في التعليق على: 20763. "أبو ربيعة" ، "فهد" ، متكلم فيه، كما سلف بيانه رقم: 5623، وقد مضى مرارًا آخرها: 15905. و "أبو عوانة" ، هو "الوضاح بن عبد الله اليشكري" ، ثقة، روى له الجماعة، مضى مرارًا آخرها: 17010. ومن طريق أبي عوانة، عن الأعمش رواه أبو داود الطيالسي في مسنده مطولا: 102، وقد سلف ما قلناه في هذا الإسناد في شرح الأثر رقم: 20763، وانظر ما سيأتي رقم: 20787، بهذا الإسناد نفسه. الحياة الدنيا) ، قال: هذا في القبر مُخَاطبته، وفي الآخرة مثل ذلك. * * * وقال آخرون: معنى ذلك: يثبت الله الذين آمنوا بالإيمان في الحياة الدنيا، وهو "القول الثابت" = "وفي الآخرة" ، المسألةُ في القبر. * ذكر من قال ذلك: 20784 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا) ، قال: لا إله إلا الله= (وفي الآخرة) ، المسألة في القبر. 20785 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا) ، أما "الحياة الدنيا" فيثبتهم بالخير والعمل الصالح، وقوله (وفي الآخرة) ، أي في القبر. * * * قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك ما ثبتَ به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، وهو أنّ معناه: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا) ، وذلك تثبيته إياهم في الحياة الدنيا بالإيمان بالله وبرسوله محمد صلى الله عليه وسلم = (وفي الآخرة) بمثل الذي ثبَّتهم به في الحياة الدنيا، وذلك في قبورهم حين يُسْألون عن الذي هم عليه من التوحيد والإيمان برسوله صلى الله عليه وسلم. * * * وأما قوله: (ويضلُّ الله الظالمين) ، فإنه يعني، أن الله لا يوفِّق المنافق والكافر في الحياة الدنيا وفي الآخرة عند المُسَاءَلة في القبر، (1) لما هدي له من الإيمان المؤمن بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم (2) . * * * (1) في المطبوعة: "المسألة" ، وكتب في رسم المخطوطة: "المسايلة" ، وهي صحيحة. (2) في المطبوعة قدم وأخر:، "لما هدي له من الإيمان المؤمن بالله" ، وليست بشيء. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: 20786 - حدثنا محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قال: أما الكافرُ فتنزل الملائكة إذا حضره الموت، فيبسُطون أيديهم = "والبَسْط" ، هو الضرب = يضربون وجوههم وأدبارَهم عند الموت. فإذا أدْخِل قبره أقعد فقيل له: من ربك؟ فلم يرجِع إليهم شيئًا، وأنساه الله ذكر ذلك. وإذا قيل له: من الرسول الذي بُعِث إليك؟ لم يهتد له، ولم يرجع إليه شيئًا، يقول الله: (ويضل الله الظالمين) (1) . 20787 - حدثني المثنى قال، حدثنا فهْد بن عوف، أبو ربيعة قال، حدثنا أبو عوانة، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن زاذان، عن البراء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذَكَر الكافر حين تُقْبض روحه، قال: فتعاد روحُه في جسده. قال، فيأتيه ملكَان شديدَا الانتهار، فيجلسانه فينتهرانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول: لا أدري؟ قال فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: لا أدري، قال: فيقال له: ما هذا النبيّ الذي بُعِث فيكم؟ قال: فيقول: سمعت الناس يقولون ذلك، لا أدري. قال، فيقولان: لا دريتَ. قال: وذلك قول الله: (ويضل الله الظالمين، ويفعل الله ما يشاء) . (2) * * * وقوله: (ويفعل الله ما يشاء) ، يعني تعالى ذكره بذلك: وبيدِ الله الهداية والإضلال، فلا تنكروا، أيها الناس، قدرتَه، ولا اهتداءَ من كان منكم ضالا ولا ضلالَ من كان منكم مهتديًا، فإنّ بيده تصريفَ خلقه وتقليبَ قلوبهم، يفعل فيهم ما يشاء. (1) في المطبوعة: "يقول: ويضل الله الظالمين، والصواب ما في المخطوطة." (2) الأثر: 20787 - هذا آخر حديث البراء بن عازب. وانظر التعليق السالف على الأثر: 20780. القول في تأويل قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (28) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ (29) } يقول تعالى ذكره: ألم تنظر يا محمد (إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا) يقول: غيروا ما أنعم الله به عليهم من نعمه، فجعلوها كُفرا به، وكان تبديلهم نعمة الله كفرا في نبيّ الله محمد صلى الله عليه وسلم، أنعم الله به على قريش، فأخرجه منهم، وابتعثه فيهم رسولا رحمة لهم، ونعمة منه عليهم، فكفروا به، وكذّبوه، فبدّلوا نعمة الله عليهم به كفرا. وقوله: (وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) يقول: وأنزلوا قومهم من مُشركي قريش دار البوار، وهي دار الهلاك، يقال منه: بار الشيء يبور بورا: إذا هلك وبطل؛ ومنه قول ابن الزِّبعرى، وقد قيل إنه لأبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب: يا رَسُولَ الملِيكِ إِنَّ لِسانِي ... رَاتِقٌ ما فَتَقْتُ إذْ أنا بُورُ (1) ثم ترجم عن دار البوار، وما هي؟ فقيل (جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ) يقول: وبئس المستقرّ هي جهنم لمن صلاها. وقيل: إن الذين بدّلوا نعمة الله كفرا: بنو أمية، وبنو مخزوم. * ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن بشار وأحمد بن إسحاق، قالا ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفيان، عن عليّ بن زيد، عن يوسف بن سعد، عن عمر بن الخطاب، في قوله: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ جَهَنَّمَ) قال: هما الأفجران من قريش: بنو المغيرة، وبنو أمية، فأما بنو المغيرة فكفيتموهم يوم بدر؛ وأما بنو أمية فمتِّعوا إلى حين. (1) البيت (في اللسان: بور) منسوب إلى عبد الله بن الزبعري السهمي قال: رجل بور، وكذلك الاثنان والجمع والمؤنث، وأنشد البيت شاهدا عليه. وفي سيرة ابن هشام أنشد البيت ونسبه إلى ابن الزبعري، قاله من أبيات حين قدم على النبي صلى الله عليه وسلم، وكان هاربا منه في نجران. والراتق الذي يصلح ما بلي أو تمزق من الثوب، وفتقت يعني ما أحدث في الدين من مقاومة النبي وهجائه بشعره، وهو إثم يشبه الفتق في الثوب، والتوبة رتق له، وبور هالك: يقال رجل بور وبائر، وهو محل الشاهد عند المؤلف، وقال أبو عبيدة في مجاز القرآن، "دار البوار" أي الهلاك والفناء، ويقال منه بار يبور، ومنه قول عبد الله ابن الزبعرى البيت. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو نعيم الفضل بن دكين، قال: أخبرنا حمزة الزيات، عن عمرو بن مرّة، قال: قال ابن عباس لعمر رضي الله عنهما: يا أمير المؤمنين، هذه الآية (الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) ؟ قال: هم الأفجران من قريش أخوالي وأعمامك، فأما أخوالي فاستأصلهم الله يوم بدر، وأما أعمامك فأملى اللَّه لهم إلى حين. حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن أبي إسحاق (1) عن عمرو ذي مرّ، عن عليّ (وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) قال: الأفجران من قريش. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن عمرو ذي مرّ، عن عليّ، مثله. حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفيان وشريك، عن أبي إسحاق، عن عمرو ذي مرّ، عن عليّ، قوله (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) قال: بنو المغيرة وبنو أمية، فأما بنو المغيرة، فقطع الله دابرهم يوم بدر، وأما بنو أمية فمُتِّعوا إلى حين. حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي إسحاق، قال: سمعت عمرا ذا مرّ، قال: سمعت عليا يقول في هذه الآية (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) قال: الأفجران من بني أسد وبني مخزوم. حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا شعبة، عن القاسم بن أبي بزّة، عن أبي الطفيل، عن عليّ، قال: هم كفار قريش. يعني في قوله (وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ جَهَنَّمَ) . حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن القاسم بن أبي بزّة، عن أبي الطفيل أنه سمع عليّ بن أبي طالب، وسأله ابن الكوّاء عن هذه الآية (الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) قال: هم كفار قريش يوم بدر. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبو النضر هاشم بن القاسم، عن شعبة، (1) لعله هو عمرو بن مرة، كما في ابن كثير في هذا الأثر. عن القاسم بن أبي بزّة، قال: سمعت أبا الطفيل، قال: سمعت عليا، فذكر نحوه. حدثنا أبو السائب، قال: ثنا أبو معاوية، عن إسماعيل بن سميع، عن مسلم البطين، عن أبي أرطأة، عن عليّ في قوله (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا) قال: هم كفَّار قريش، هكذا قال أبو السائب مسلم البطين، عن أبي أرطأة. حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني، قال: ثنا أبو معاوية الضرير، قال: ثنا إسماعيل بن سميع، عن مسلم بن أرطأة، عن عليّ، في قوله تعالى (الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا) قال: كفار قريش. حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا يعقوب بن إسحاق، قال: ثنا شعبة، عن القاسم بن أبي بزّة، عن أبي الطفيل، عن عليّ، قال في قول الله (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) قال: هم كفار قريش. حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا شبابة، قال: ثنا شعبة، عن القاسم بن أبي بزّة، قال: سمعت أبا الطفيل يحدّث، قال: سمعت عليا يقول في هذه الآية (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) قال: كفار قريش يوم بدر. حدثنا الحسن، قال: ثنا الفضل بن دكين، قال: ثنا بسام الصَّيرفيّ، قال: ثنا أبو الطفيل عامر بن واثلة، ذكر أن عليا قام على المنبر فقال: سلوني قبل أن لا تسألوني، ولن تسألوا بعدي مثلي، فقام ابن الكوّاء فقال، من (الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) ؟ قال: منافقو قريش. حدثنا الحسن، قال: ثنا محمد بن عبيد، قال: ثنا بسام، عن رجل قد سماه الطنافسيّ، قال: جاء رجل إلى عليّ، فقال: يا أمير المؤمنين: من (الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) ؟ قال: في قريش. حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا بسام الصيرفيّ، عن أبي الطفيل، عن عليّ أنه سئل عن هذه الآية (الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا) قال: منافقو قريش. حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا عفان، قال: ثنا حماد، قال: ثنا عمرو بن دينار، أن ابن عباس قال في قوله (وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) قال: هم المشركون من أهل بدر. حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا عبد الجبار، قال: ثنا سفيان، عن عمرو، قال: سمعت عطاء يقول: سمعت ابن عباس يقول: هم والله أهل مكة (الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) . حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا صالح بن عمر، عن مطرف بن طريف، عن أبى إسحاق قال: سمعت عمرا ذا مرّ يقول: سمعت عليا يقول على المنبر، وتلا هذه الآية (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) . قال: هما الأفجران من قريش، فأما أحدهما فقطع الله دابرهم يوم بدر، وأما الآخر فمُتِّعوا إلى حين. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى = وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: حدثنا ورقاء، وحدثنا الحسن، قال: ثنا شبابة، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله (بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا) قال: كفار قريش. حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا عبد الوهاب، عن مجاهد، قال: كفار قريش. حدثنا المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا) كفار قريش. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله. حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عطاء، قال: سمعت ابن عباس يقول: هم والله (الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) قريش. أو قال: أهل مكة. حدثنا ابن وكيع وابن بشار، قالا حدثنا غُنْدر، عن شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير في هذه الآية (الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) قال: قتلى يوم بدر. حدثنا ابن المثنى، قال: حدثني عبد الصمد، قال: ثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) قال: هم كفار قريش. حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن المثنى، قالا ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا هشيم، عن حُصَين، عن أبي مالك وسعيد بن جبير، قالا هم قتلى بدر من المشركين. حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن عيينة، عن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس في (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) قال: هم والله أهل مكة. قال: أبو كريب: قال سفيان: يعني كفارهم. حدثني المثنى، قال: ثنا الحجاج، قال: ثنا حماد، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس، في قوله (وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) قال: هم المشركون من أهل بدر. حدثني المثنى، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي إسحاق، عن بعض أصحاب عليّ، عن عليّ، في قوله (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا) قال: هم الأفجران من قريش من بني مخزوم وبني أمية، أما بنو مخزوم فإن الله قطع دابرهم يوم بدر، وأما بنو أمية فمُتِّعوا إلى حين. حدثني المثنى، قال: ثنا معلى بن أسد، قال: أخبرنا خالد، عن حصين، عن أبي مالك، في قول الله (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا) قال: هم القادة من المشركين يوم بدر. حدثني المثنى، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم، عن حصين، عن أبي مالك وسعيد بن جبير، قالا هم كفار قريش من قُتل ببدر. حدثني المثنى، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك، قال: هم كفار قريش، من قُتل ببدر. حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك، يقول في قوله (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا) ... الآية، قال: هم مشركو أهل مكة. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة بن الفضل، قال: أخبرني محمد بن إسحاق، عن بعض أصحابه، عن عطاء بن يسار، قال: نزلت هذه الآية في الذين قُتلوا من قريش (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) ... الآية. حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) كنا نحدّث أنهم أهل مكة: أبو جهل وأصحابه الذين قتلهم الله يوم بدر، قال الله: (جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ) . حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله (وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) قال: هم قادة المشركين يوم بدر، أحلوا قومهم دار البوار (جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا) . حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) قال: هؤلاء المشركون من أهل بدر. وقال آخرون في ذلك، بما حدثني به محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي عن ابن عباس، قوله (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا) فهو جبلة بن الأيهم، والذين اتبعوه من العرب فلحقوا بالروم. وبنحو الذي قلنا في معنى قوله (وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثني المثنى، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك (وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) قال: أحلوا من أطاعهم من قومهم. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن ابن عباس (دَارَ الْبَوَارِ) قال: الهلاك. قال ابن جريج، قال مجاهد (وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) قال: أصحاب بدر. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (دَارَ الْبَوَارِ) النار. قال: وقد بَيَّن الله ذلك وأخبرك به، فقال (جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ) . حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة (دَارَ الْبَوَارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا) هي دارهم في الآخرة. القول في تأويل قوله تعالى: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (30) } يقول تعالى ذكره: وجعل هؤلاء الذين بدّلوا نعمة اللَّه كفرا لربهم أندادا، وهي جماع نِدّ، وقد بيَّنت معنى الندّ، فيما مضى بشواهده بما أغنى عن إعادته، وإنما أراد أنهم جعلوا لله شركاء. كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا) والأنداد: الشركاء. وقوله (لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامَّة قرّاء الكوفيين (لِيُضِلُّوا) بمعنى: كي يضلوا الناس عن سبيل الله بما فعلوا من ذلك. وقرأته عامَّة قرّاء أهل البصرة: "ليَضَلُّوا" بمعنى: كي يضلّ جاعلو الأنداد لله عن سبيل الله. وقوله (قُلْ تَمَتَّعُوا) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد لهم: تمتعوا في الحياة الدنيا وعيدا من الله لهم، لا إباحَة لهم التمتع بها، ولا أمرا على وجه العبادة، ولكن توبيخا وتهددا ووعيدا، وقد بَيَّن ذلك بقوله (فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ) يقول: استمتعوا في الحياة الدنيا، فإنها سريعة الزوال عنكم، وإلى النار تصيرون عن قريب، فتعلمون هنالك غبّ تمتعكم في الدنيا بمعاصي الله وكفركم فيها به. القول في تأويل قوله تعالى: قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ (31) يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم (قُلْ) يا محمد (لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا) بك، وصدّقوا أن ما جئتهم به من عندي (يُقِيمُوا الصَّلاةَ) يقول: قل لهم: فليقيموا الصلوات الخمس المفروضة عليهم بحدودها، ولينفقوا مما رزقناهم، فخوّلناهم من فضلنا سرّا وعلانية، فليؤدّوا ما أوجبت عليهم من الحقوق فيها سرّا وإعلانا (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ) يقول: لا يقبل فيه فدية وعوض من نفس وجب عليها عقاب الله بما كان منها من معصية ربها في الدنيا، فيقبل منها الفدية، وتترك فلا تعاقب. فسمى الله جل ثناؤه الفدية عوضا، إذ كان أخذ عوض من معتاض منه. وقوله (وَلا خِلالٌ) يقول: وليس، هناك مخالة خليل، فيصفح عمن استوجب العقوبة عن العقاب لمخالته، بل هنالك العدل والقسط، فالخلال مصدر من قول القائل: خاللت فلانا فأنا أخاله مخالة وخلالا ومنه قول امرئ القيس: صرفْتُ الهَوَى عَنْهُنَّ مِنْ خَشْيَهِ الرَّدَى ... وَلَسْتُ بِمَقْلِيَ الخِلالِ ولا قالي (1) وجزم قوله (يُقِيمُوا الصَّلاةَ) بتأويل الجزاء، ومعناه: الأمر يراد قل لهم ليقيموا الصلاة. حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس (قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ) يعني الصلوات الخمس (وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً) يقول: زكاة أموالهم. حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا هشام، عن عمرو، عن سعيد، عن قتادة، في قوله (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ) قال قتادة: إن الله تبارك وتعالى قد علم أن في الدنيا بيوعا وخلالا يتخالُّون بها في (1) البيت لامرئ القيس (مختار الشعر الجاهلي بشرح مصطفى السقا، طبعة الحلبي ص 40) قال: الردى هنا: الفضيحة، أي لم أنصرف عنهن لأني قليّهن، ولا لأنهن قلينني، ولكن خشية الفضيحة والعار. والخلال هنا: مصدر خاله يخاله خلال ومخالة، بمعنى المصادقة، وبه استشهد المؤلف على هذا المعنى وفي (اللسان: خلل) وقوله تعالى: "لا بيع فيه ولا خلال" : قيل: هو مصدر خالك، وقيل: هو جمع خلة (بضم الخاء) كجلة وجلال، وفي مجاز القرآن لأبي عبيدة: مجازة: مبايعة فدية، ولا مخالة خليل، وله موضع آخر أيضا، تجعله جمع خلة بمنزلة جلة، والجمع: جلال؛ وقلة، والجمع: قلال. الدنيا، فينظر رجل من يخالل وعلام يصاحب، فإن كان لله فليداوم، وإن كان لغير الله فإنها ستنقطع. القول في تأويل قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَأَنزلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأنْهَارَ (32) } يقول تعالى ذكره: الله الذي أنشأ السماوات والأرض من غير شيء أيها الناس، وأنزل من السماء غيثا أحيا به الشجر والزرع، فأثمرت رزقا لكم تأكلونه (وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ) وهي السفن (لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ) لكم تركبونها وتحملون فيها أمتعتكم من بلد إلى بلد (وَسَخَّرَ لَكُمُ الأنْهَارَ) ماؤُها شراب لكم، يقول تعالى ذكره: الذي يستحقّ عليكم العبادة وإخلاص الطاعة له، من هذه صفته، لا من لا يقدر على ضرّ ولا نفع لنفسه ولا لغيره من أوثانكم أيها المشركون وآلهتكم. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى = وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، وحدثنا الحسن بن محمد، يعني الزعفرانيّ، قال: ثنا شبابة، قال: ثنا ورقاء، وحدثني المثنى، قال: أخبرنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله، وحدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله (وَسَخَّرَ لَكُمُ الأنْهَارَ) قال: بكل بلدة. القول في تأويل قوله تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (33) } يقول تعالى ذكره (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ) وفعل الأفعال التي وصف (وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) يتعاقبان عليكم أيها الناس بالليل والنهار، لصلاح أنفسكم ومعاشكم (دَائِبَيْنِ) في اختلافهما عليكم. وقيل: معناه: أنهما دائبان في طاعة الله. حدثنا خلف بن واصل، عن رجل، عن مقاتل بن حيان، عن عكرمة، عن ابن عباس، في قوله (وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ) قال: دءوبهما في طاعة الله. وقوله (وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ) يختلفان عليكم باعتقاب، إذا ذهب هذا جاء هذا بمنافعكم وصلاح أسبابكم، فهذا لكم لتصرّفكم فيه لمعاشكم، وهذا لكم للسكن تسكنون فيه، ورحمة منه بكم. ![]()
__________________
|
#918
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السابع عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ إبراهيم الحلقة (918) صــ 14 إلى صــ 25 القول في تأويل قوله تعالى: {وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34) } يقول تعالى ذكره: وأعطاكم مع إنعامه عليكم بما أنعم به عليكم من تسخير هذه الأشياء التي سخرها لكم والرزق الذي رزقكم من نبات الأرض وغروسها من كل شيء سألتموه، ورغبتم إليه شيئا، وحذف الشيء الثاني اكتفاء بما التي أضيفت إليها كلّ، وإنما جاز حذفه، لأن من تُبعِّض ما بعدها، فكفت بدلالتها على التبعيض من المفعول، فلذلك جاز حذفه، ومثله قوله تعالى: (وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) يعني به: وأوتيت من كل شيء في زمانها شيئا، وقد قيل: إن ذلك إنما قيل على التكثير، نحو قول القائل: فلان يعلم كل شيء، وأتاه كل الناس، وهو يعني بعضهم، وكذلك قوله (فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ) . وقيل أيضا: إنه ليس شيء إلا وقد سأله بعض الناس، فقيل (وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ) أي قد أتى بعضكم منه شيئا، وأتى آخر شيئا مما قد سأله. وهذا قول بعض نحويّي أهل البصرة. وكان بعض نحويِّي أهل الكوفة يقول: معناه: وآتاكم من كلّ ما سألتموه لو سألتموه، كأنه قيل: وآتاكم من كلّ سؤلكم، وقال: ألا ترى أنك تقول للرجل، لم يسألك شيئا: والله لأعطينك سُؤْلك ما بلغت مسألتك، وإن لم يسأل. فأما أهل التأويل، فإنهم اختلفوا في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معناه: وآتاكم من كلّ ما رغبتم إليه فيه. * ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء، وحدثني الحسن بن محمد، قال: ثنا شبابة، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد (مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ) ورغبتم إليه فيه. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، وحدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، وحدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله. حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الحسن (وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ) قال: من كلّ الذي سألتموه. وقال آخرون: بل معنى ذلك: وآتاكم من كل الذي سألتموه والذي لم تسألوه. * ذكر من قال ذلك: حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا خلف، يعني ابن هشام، قال: ثنا محبوب، عن داود بن أبي هند، عن رُكانة بن هاشم (مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ) وقال: ما سألتموه وما لم تسألوه. وقرأ ذلك آخرون "وآتاكُمْ مِنْ كُلٍّ ما سألْتُمُوهُ" بتنوين كلّ وترك إضافتها إلى "ما" بمعنى: وآتاكم من كلّ شيء لم تسألوه ولم تطلبوه منه، وذلك أن العباد لم يسألوه الشمس والقمر والليل والنهار. وخلق ذلك لهم من غير أن يسألوه. * ذكر من قال ذلك: حدثني أبو حُصَين، عبد الله بن أحمد بن يونُس، قال: ثنا بَزِيع، عن الضحاك بن مُزاحم في هذه الآية: "وآتاكم من كلّ ما سألتموه" قال: ما لم تسألوه. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا عبيد، عن الضحاك أنه كان يقرأ: "مِنْ كُلَّ ما سألْتُمُوه" ويفسره: أعطاكم أشياء ما سألتموها ولم تلتمسوها، ولكن أعطيتكم برحمتي وسعتي. قال الضحاك: فكم من شيء أعطانا الله ما سألناه ولا طلبناه. حُدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: "وآتاكم من كلّ ما سألتموه" يقول: أعطاكم أشياء ما طلبتموها ولا سألتموها، صدق الله كم من شيء أعطاناه الله ما سألناه إياه ولا خطر لنا على بال. حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: "وآتاكم من كلّ ما سألتموه" قال: لم تسألوه من كلّ الذي آتاكم. والصواب من القول في ذلك عندنا، القراءة التي عليها قرّاء الأمصار، وذلك إضافة "كلّ" إلى "ما" بمعنى: وآتاكم من سؤلكم شيئا. على ما قد بيَّنا قبل، لإجماع الحجة من القرّاء عليها ورفضهم القراءة الأخرى. القول في تأويل قوله تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34) } يقول تعالى ذكره: وإن تعدّوا أيها الناس نعمة الله التي أنعمها عليكم لا تطيقوا إحصاء عددها والقيام بشكرها إلا بعون الله لكم عليها. (إِنَّ الإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) يقول: إن الإنسان الذي بدل نعمة الله كفرا لظلوم: يقول: لشاكر غير من أنعم عليه، فهو بذلك من فعله واضع الشكر في غير موضعه، وذلك أن الله هو الذي أنعم عليه بما أنعم واستحق عليه إخلاص العبادة له، فعبد غيره وجعل له أندادا ليضلّ عن سبيله، وذلك هو ظلمه، وقوله (كَفَّارٌ) يقول: هو جحود نعمة الله التي أنعم بها عليه لصرفه العبادة إلى غير من أنعم عليه، وتركه طاعة من أنعم عليه. حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: ثنا مِسْعَر، عن سعد بن إبراهيم، عن طلق بن حبيب، قال: إن حقّ الله أثقل من أن تقوم به العباد، وإن نعم الله أكثر من أن تحصيَها العباد، ولكن أصبِحوا تَوّابين وأمسُوا توّابين. القول في تأويل قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ (35) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (36) } يقول تعالى ذكره: (و) اذكر يا محمد (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا) يعني الحَرَم، بلدا آمنا أهله وسكانه (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ) يقال منه: جَنَبْته الشرّ فأنا أَجْنُبُه جَنْبا وجَنَّبته الشر، فأنا أجَنِّبُه تجنيبا، وأجنبته ذلك فأنا أُجْنِبه إجنابا، ومن جَنَبْتُ قول الشاعر: وَتَنْفُضُ مَهْدَهُ شَفَقا عَلَيْه ... وَتَجْنِبُهُ قَلائِصَنا الصِّعابَا (1) ومعنى ذلك: أبعدْني وبنيّ من عبادة الأصنام، والأصنام: جمع صنم، والصنم: هو التمثال المصوّر، كما قال رُؤبة بن العجَّاج في صفة امرأة: وَهْنانَةٌ كالزُّونِ يُجْلَى صَنَمُهْ ... تَضْحَكُ عن أشْنَبَ عَذْبٍ مَلْثَمُهْ (2) وكذلك كان مجاهد يقول: حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حُذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ) قال: فاستجاب الله لإبراهيم دعوته في ولده، قال: فلم يعبد أحد من ولده صنما بعد دعوته. والصنم: التمثال المصوّر، ما لم يكن صنما فهو وثَن، قال: واستجاب الله له، وجعل هذا البلد آمنا، ورزق أهله من الثمرات، وجعله إماما، وجعل من ذرّيته من يقيم الصلاة، وتقبَّل دعاءه، فأراه مناسِكَة، وتاب عليه. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن مغيرة، قال: كان إبراهيم التيميّ يقصُّ ويقول في قَصَصه: من يأمن من البلاء بعد خليل الله إبراهيم، حين يقول: ربّ (اجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ) . وقوله (رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ) يقول: يا ربّ إن الأصنام (1) البيت في (مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 342) قال: جنبت الرجل الأمر، وهو يجنب أخاه الشر، وجنبته (بتشديد النون) واحد، وأنشد البيت، وشدده ذو الرمة فقال: وشعر قد أرقت له بليل ... أجنبه المساند والمحالا يريد أن المرأة تشفق على طفلها، فتنفض فراشه خوفا عليه مما يؤذيه، ولا تركب به النوق الفتية، وهي القلائص، لأن نشاطها في السير يؤذيه، وقال الفراء في معاني القرآن، (الورقة 164) أهل الحجاز يقولون: جنبني، خفيفة، وأهل نجد يقولون: أجنبني شره، وجنبني شره. (2) البيت لرؤبة من. أرجوزة له مطلعها: "قلت لزير لم تصله مريمة" ، وقوله "وهنانة" : صفة لأروى في البيت قبله وهو: "إذا حب أروى همه وسدمه" . والزون: الصنم. وملثمة: مقبلة. وقد شبه أروى بالصنم المجلو في البهاء والحسن. والوهنانة كما في اللسان: الكسل عن العمل تنعما. قال أبو عبيدة: الوهنانة التي فيها فترة. أضللن: يقول: أزلن كثيرا من الناس عن طريق الهُدى وسبيل الحق حتى عبدوهنّ، وكفروا بك. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ) يعني الأوثان. حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا هشام، عن عمرو، عن سعيد، عن قتادة (إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ) قال: الأصنام. وقوله (فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي) يقول: فمن تبعني على ما أنا عليه من الإيمان بك وإخلاص العبادة لك وفراق عبادة الأوثان، فإنه مني: يقول: فإنه مستنّ بسنَّتِي، وعامل بمثل عملي (وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) يقول: ومن خالف أمري فلم يقبل مني ما دعوته إليه، وأشرك بك، فإنه غفور لذنوب المذنبين الخَطائين بفضلك، ورحيم بعبادك تعفو عمن تشاء منهم. كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله (فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) اسمعوا إلى قول خليل الله إبراهيم لا والله ما كانوا طَعَّانين ولا لعَّانين، وكان يقال: إنّ من أشرّ عباد الله كلّ طعان لعان، قال نبيّ الله ابن مريم عليه السلام (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) . حدثني المثنى، قال: ثنا أصبغ بن الفرج، قال: أخبرني ابن وهب، قال: ثنا عمرو بن الحارث أن بكر بن سؤادة، حَدثه عن عبد الرحمن بن جُبير، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا قول إبراهيم (رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) ، وقال عيسى (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) فرفع يديه ثم قال: اللَّهُمَّ أُمَّتِي، اللَّهُمَّ أُمَّتِي، وبكى، فقال اللَّه تعالى: يا جبريل اذهب إلى محمد، وربك أعلم، فاسأله ما يُبكيه؟ فأتاه جبرئيل فسأله، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال، قال: فقال الله: يا جبرئيل اذهب إلى محمد وقل له: إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءُك. القول في تأويل قوله تعالى: رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37) وقال إبراهيم خليل الرحمن هذا القول حين أسكن إسماعيل وأمه هاجَرَ -فيما ذُكِر- مكة. كما حدثني يعقوب بن إبراهيم والحسن بن محمد قالا ثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن أيوب، قال: نبئت عن سعيد بن جبير، أنه حدث عن ابن عباس، قال: إنّ أوّل من سَعى بين الصَّفا والمروة لأمُّ إسماعيل، وإن أوّل ما أحدث نساء العرب جرّ الذيول لمن أمّ إسماعيل، قال: لما فرّت من سارة، أرخت من ذيلها لتعفي أثرها، فجاء بها إبراهيم ومعها إسماعيل حتى انتهى بهما إلى موضع البيت، فوضعهما ثم رجع، فاتبعته، فقالت: إلى أيِّ شيء تكلنا؟ إلى طعام تكلنا؟ إلى شراب تكلنا؟ فجعل لا يردّ عليها شيئا، فقالت: آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت: إذن لا يضيعنا. قال: فرجعت ومضى حتى إذا استوى على ثنية كَدَاء، أقبل على الوادي فدعا، فقال (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) قال: ومع الإنسانة شَنَّة فيها ماء، فنفِد الماء فعطشت وانقطع لبنها، فعطش الصبيّ، فنظرت أيّ الجبال أدنى من الأرض، فصَعِدت بالصفا، فتسمعت هل تسمع صوتا أو ترى أنيسا؟ فلم تسمع، فانحدرت، فلما أتت على الوادي سعت وما تريد السعي، كالإنسان المجهود الذي يسعى وما يريد السعي، فنظرت أيّ الجبال أدنى من الأرض، فصَعِدت المروة فتسمعت هل تسمع صوتا، أو ترى أنيسا، فسمعت صوتا، فقالت كالإنسان الذي يكذّب سمعه: صه، حتى استيقنت، فقالت: قد أسمعتني صوتك فأغثني، فقد هلكتُ وهلك من معي، فجاء المَلك فجاء بها حتى انتهى بها إلى موضع زمزم، فضرب بقدمه ففارت عينا، فعجلت الإنسانة فجعلت في شَنها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رَحِمَ اللهُ أُمَّ إِسْماعيلَ لَوْلا أنَّها" عَجِلَتْ لَكانَتْ زَمْزَمُ عَيْنا مَعِينا (1) ". وقال لها الملك: لا تخافي الظمأ على أهل هذا البلد، فإنما هي عين لشرب ضِيفان الله، وقال: إن أبا هذا الغلام سيجيء، فيبنيان لله بيتا هذا موضعه، قال: ومرّت رفقة من جرهم تريد الشام، فرأوا الطير على الجبل، فقالوا: إن هذا الطير لعائف على ماء، فهل علمتم بهذا الوادي من ماء؟ فقالوا: لا فأشرفوا فإذا هم بالإنسانة، فأتوها فطلبوا إليها أن ينزلوا معها، فأذنت لهم، قال: وأتى عليها ما يأتي على هؤلاء الناس من الموت، فماتت، وتزوج إسماعيل امرأة منهم، فجاء إبراهيم فسأل عن منزل إسماعيل حتى دُل عليه، فلم يجده، ووجد امرأة له فظة غليظة، فقال لها: إذا جاء زوجك فقولي له: جاء هنا شيخ من صفته كذا وكذا، وإنه يقول لك: إني لا أرضى لك عَتَبة بابك فحوِّلها، وانطلق، فلما جاء إسماعيل أخبرته، فقال: ذلك أبي وأنت عتبة بأبي، فطلقها وتزوّج امرأة أخرى منهم، وجاء إبراهيم حتى انتهى إلى منزل إسماعيل، فلم يجده، ووجد امرأة له سهلة طليقة، فقال لها: أين انطلق زوجك؟ فقالت: انطلق إلى الصيد، قال: فما طعامكم؟ قالت: اللحم والماء، قال: اللهمّ بارك لهم في لحمهم ومائهم، اللهم بارك لهم في لحمهم ومائهم ثلاثا، وقال لها: إذا جاء زوجك فأخبريه، قولي: جاء هنا شيخ من صفته كذا وكذا، وإنه يقول لك: قد رضيت لك عتبة بابك، فأثبتها، فلما جاء إسماعيل أخبرته. قال: ثم جاء الثالثة، فرفعا القواعد من البيت." حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا يحيى بن عباد، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: جاء نبيّ الله إبراهيم بإسماعيل وهاجر، فوضعهما بمكة في موضع زمزم، فلما مضى نادته هاجر: يا إبراهيم إنما أسألك ثلاث مرات: من أمرك أن تضعني بأرض ليس فيها ضَرْع ولا زرع، ولا أنيس، ولا زاد ولا ماء؟ قال: ربي أمرني، قالت: فإنه لن يضيِّعنا قال: فلما قفا إبراهيم قال (رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ) يعني من الحزن (وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الأَرْضِ وَلا (1) معينا: جارية سائحة على وجه الأرض. فِي السَّمَاءِ) . فلما ظمئ إسماعيل جعل يَدْحَض الأرض بعقبه، فذهبت هاجر حتى علت الصفا، والوادي يومئذ لاخ، يعني عميق، فصعدت الصفا، فأشرفت لتنظر هل ترى شيئا؟ فلم تر شيئا، فانحدرت فبلغت الوادي، فسعت فيه حتى خرجت منه، فأتت المروة، فصعدت فاستشرفت هل ترى شيئا، فلم تر شيئا. ففعلت ذلك سبع مرّات، ثم جاءت من المروة إلى إسماعيل، وهو يَدْحَض الأرض بعقبه،وقد نبعت العين وهي زمزم. فجعلت تفحص الأرض بيدها عن الماء، فكلما اجتمع ماء أخذته بقدحها، وأفرغته في سقائها. قال: فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: يَرْحَمُها اللهُ لَوْ تَرَكَتْها لَكانَتْ عَيْنا سائِحَةً تَجْرِي إلى يَوْمِ القِيامَةِ ". قال: وكانت جُرهُمُ يومئذ بواد قريب من مكة، قال: ولزمت الطير الوادي حين رأت الماء، فلما رأت جرهم الطير لزمت الوادي، قالوا: ما لزمته إلا وفيه ماء، فجاءوا إلى هاجرَ، فقالوا: إن شئت كنا معك وآنسناك والماء ماؤك، قالت: نعم. فكانوا معها حتى شبّ إسماعيل، وماتت هاجر فتزوّج إسماعيل امرأة منهم، قال: فاستأذن إبراهيم سارة أن يأتي، هاجر، فأذنت له وشرطت عليه أن لا ينزل، فقدم إبراهيم وقد ماتت هاجر، فذهب إلى بيت إسماعيل، فقال لامرأته: أين صاحبك؟ قالت: ليس ههنا ذهب يتصيد، وكان إسماعيل يخرج من الحرم فيتصيد ثم يرجع، فقال إبراهيم: هل عندك ضيافة، هل عندك طعام أو شراب؟ قالت: ليس عندي، وما عندي أحد. فقال إبراهيم: إذا جاء زوجك فأقرئيه السلام وقولي له: فليغير عتبة بابه! وذهب إبراهيم، وجاء إسماعيل، فوجد ريح أبيه، فقال لامرأته: هل جاءك أحد؟ فقالت: جاءني شيخ كذا وكذا، كالمستخفة بشأنه، قال: فما قال لك؟ قالت: قال لي: أقرئي زوجك السلام وقولي له: فليغير عتبة بابه، فطلقها وتزوج أخرى. فلبث إبراهيم ما شاء الله أن يلبث، ثم استأذن سارة أن يزور إسماعيل، فأذنت له، وشرطت عليه أن لا ينزل، فجاء إبراهيم حتى انتهى إلى باب إسماعيل، فقال لامرأته: أين صاحبك؟ قالت: ذهب يصيد، وهو يجيء الآن إن شاء الله، فأنزل يرحمك الله قال لها: هل عندك ضيافة؟ قالت: نعم، قال: هل عندك خبز أو بر أو تمر أو شعير؟ قالت: لا. فجاءت باللبن واللحم، فدعا لهما بالبركة، فلو جاءت يومئذ بخبز أو بر أو شعير أو تمر لكانت أكثر أرض الله برا وشعيرا وتمرا، فقالت له: أنزل حتى أغسل رأسك، فلم ينزل، فجاءته بالمقام فوضعته عن شقه الأيمن، فوضع قدمه عليه، فبقي أثر قدمه عليه، فغسلت شق رأسه الأيمن، ثم حوّلت المقام إلى شقه الأيسر فغسلت شقه الأيسر، فقال لها: إذا جاء زوجك فأقرئيه السلام، وقولي له: قد استقامت عتبة بابك، فلما جاء إسماعيل وجد ريح أبيه، فقال لامرأته: هل جاءك أحد؟ فقالت: نعم، شيخ أحسن الناس وجها وأطيبه ريحا، فقال لي كذا وكذا، وقلت له كذا وكذا، وغسلتُ رأسه، وهذا موضع قدمه على المقام. قال: وما قال لك؟ قالت: قال لي: إذا جاء زوجك فأقرئيه السلام وقولي له: قد استقامت عتبة بابك، قال: ذاك إبراهيم، فلبث ما شاء الله أن يلبث، وأمره الله ببناء البيت، فبناه هو وإسماعيل، فلما بنياه قيل: أذن في الناس بالحجّ، فجعل لا يمرّ بقوم إلا قال: أيها الناس إنه قد بني لكم بيت فحجوه، فجعل لا يسمعه أحد، صخرة ولا شجرة ولا شيء، إلا قال: لبيك اللهم لبيك. قال: وكان بين قوله (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ) وبين قوله (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ) كذا وكذا عاما، لم يحفظ عطاء." حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ) وإنه بيت طهَّره الله من السُّوء، وجعله قبلة، وجعله حَرَمه، اختاره نبيّ الله إبراهيم لولده. حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة (غَيْرِ ذِي زَرْعٍ) قال: مكة لم يكن بها زرع يومئذ. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: أخبرني ابن كثير، قال القاسم في حديثه: قال: أخبرني عمرو بن كثير "قال أبو جعفر" : فغيرته أنا فجعلته: قال أخبرني ابن كثير، وأسقطت عمرا، لأني لا أعرف إنسانًا يقال له عمرو بن كثير حدّث عنه ابن جريج، وقد حدَّث به معمر عن كثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة، وأخشى أن يكون حديث ابن جريج أيضا عن كثير بن كثير، قال: كنت أنا وعثمان بن أبي سليمان في أناس مع سعيد بن جبير ليلا فقال سعيد بن جبير للقوم: سلوني قبل ألا تسألوني، فسأله القوم فأكثروا، وكان فيما سُئل عنه أن قيل له: أحقّ ما سمعنا في المقام، فقال سعيد: ماذا سمعتم؟ قالوا: سمعنا أن إبراهيم رسول الله حين جاء من الشام، كان حلف لامرأته أن لا ينزل مكة حتى يرجع، فقرب له المقام، فنزل عليه، فقال سعيد: ليس كذاك: حدثنا ابن عباس، ولكنه حدثنا حين كان بين أم إسماعيل وسارة ما كان أقبل بإسماعيل، ثم ذكر مثل حديث أيوب غير أنه زاد في حديثه، قال: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: طَلَبُوا النزولَ مَعَهَا وَقَدْ أَحَبَّتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ الأنْسَ، فَنزلُوا وبَعَثَوُا إلى أَهْلِهِمْ فَقَدِمُوا، وَطَعَامُهُمُ الصَّيْدُ، يَخْرُجُونَ مِنَ الحَرَمِ وَيخْرُجُ إِسْمَاعِيلُ مَعَهُمْ يَتَصَيَّدُ، فَلَمَّا بَلَغَ أَنْكَحُوهُ، وَقَدْ تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ قَبْلَ ذَلكَ ". قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لَمَّا دَعا لَهُما أنْ يُبَارِكَ لَهُمْ فِي اللَّحْمِ والماء، قال لَهَا هَلْ منْ حَبٍّ أوْ غيرِهِ منَ الطَّعامِ؟ قالَتْ: لا وَلَوْ وَجَدَ يَوْمَئذٍ لَهَا حَبًّا لَدَعا لَهَا بالبَركَةِ فيهِ ". قال ابن عباس: ثم لبث ما شاء الله أن يلبث، ثم جاء فوجد إسماعيل قاعدا تحت دَوْحة إلى ناحية البئر يبرى نبلا له، فسلم عليه ونزل إليه، فقعد معه وقال: يا إسماعيل، إن الله قد أمرني بأمر، قال إسماعيل: فأطع ربك فيما أمرك، قال إبراهيم: أمرني أن أبني له بيتا، قال إسماعيل: ابنِ، قال ابن عباس: فأشار له إبراهيم إلى أكمة بين يديه مرتفعة على ما حولها يأتيها السيل من نواحيها، ولا يركبها. قال: فقاما يحفران عن القواعد يرفعانها ويقولان (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) ربنا تقبل منا إنك سميع الدعاء، وإسماعيل يحمل الحجارة على رقبته، والشيخ إبراهيم يبني. فلما ارتفع البنيان وشق على الشيخ تناوله، قرب إليه إسماعيل هذا الحجَر، فجعل يقوم عليه ويبني، ويحوله في نواحي البيت حتى انتهى، يقول ابن عباس: فذلك مقام إبراهيم وقيامه عليه." حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن شريك، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ) قال: أسكن إسماعيل وأمه مكة. حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا شريك، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير (إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ) قال: حين وضع إسماعيل. قال أبو جعفر: فتأويل الكلام إذن: ربنا إني أسكنت بعض ولدي بواد غير ذي زرع. وفي قوله صلى الله عليه وسلم دليل على أنه لم يكن هنالك يومئذ ماء، لأنه لو كان هنالك ماء لم يصفه بأنه غير ذي زرع عند بيتك الذي حرّمته على جميع خلقك أن يستحلوه. وكان تحريمه إياه فيما ذكر كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: ذُكر لنا أن عمر بن الخطاب قال في خطبته: إن هذا البيت أوّل من وليه أناس من طسْم، فعصوا ربهم واستحلوا حرمته، واستخفوا بحقه، فأهلكهم الله. ثم وليهم أناس من جُرهم فَعصوا ربهم واستحلوا حرمته واستخفوا بحقه، فأهلكهم الله. ثم وليتموه معاشر قريش، فلا تعصوا ربه، ولا تستحلوا حرمته، ولا تستخفوا بحقه، فوالله لصلاة فيه أحبّ إليّ من مئة صلاة بغيره، واعلموا أن المعاصي فيه على نحو من ذلك. وقال (إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ) ولم يأت بما وقع عليه الفعل، وذلك أن حظّ الكلام أن يقال: إني أسكنت من ذريتي جماعة، أو رجلا أو قوما، وذلك غير (1) جائز مع "من" لدلالتها على المراد من الكلام، والعرب تفعل ذلك معها كثيرا، فتقول: قتلنا من بني فلان، وطعمنا من الكلأ وشربنا من الماء، ومنه قول الله تعالى (أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ) . فإن قال قائل: وكيف قال إبراهيم حين أسكن ابنه مكة (إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ) وقد رويت في الأخبار التي ذكرتها أن إبراهيم بنى البيت بعد ذلك بمدة. قيل: قد قيل في ذلك أقوال قد ذكرتها في سورة البقرة، منها أن معناه: عند بيتك المحرّم الذي كان قبل أن ترفعه من الأرض حين رفعته أيام الطوفان، ومنها عند بيتك المحرم من استحلال حرمات الله فيه، والاستخفاف بحقه. وقوله (رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ) يقول: فعلت ذلك (1) يريد أن من إذا كان معناها التبعيض. كما في الآية، لم يجز ذكر المفعول بعدها، لأنها حينئذ بمعنى المفعول، أي أسكنت بعض ذريتي بواد غير ذي زرع. يا ربنا كي تؤدّى فرائضك من الصلاة التي أوجبتها عليهم في بيتك المحرّم. وقوله (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) يخبر بذلك تعالى ذكره عن خليله إبراهيم أنه سأله في دعائه أن يجعل قلوب بعض خلقه تنزع إلى مساكن ذريته الذين أسكنهم بواد غير ذي زرع عند بيته المحرَّم. وذلك منه دعاء لهم بأن يرزقهم حج بيته الحرام. كما حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام بن سلم، عن عمرو بن أبي قيس، عن عطاء، عن سعيد بن جبير (أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) ولو قال أفئدة الناس تهوي إليهم لحجت اليهود والنصارى والمجوس، ولكنه قال: أفئدة من الناس تهوي إليهم فهم المسلمون. حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) قال: لو كانت أفئدة الناس لازدحمت عليه فارس والروم، ولكنه أفئدة من الناس. حدثنا ابن حميد وابن وكيع، قالا ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) قال: لو قال: أفئدة الناس تهوي إليهم، لازدحمت عليهم فارس والروم. حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا عليّ، يعني ابن الجعد، قال: أخبرنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، مثله. حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن الحكم، قال: سألت عكرمة عن هذه الآية (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) فقال: قلوبهم تهوي إلى البيت. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن شعبة، ![]()
__________________
|
#919
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السابع عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ إبراهيم الحلقة (919) صــ 26 إلى صــ 36 عن الحكم، عن عكرمة وعطاء وطاوس (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) البيت تهوي إليه قلوبهم يأتونه. حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا يحيى بن عباد، قال: ثنا سعيد، عن الحكم، قال: سألت عطاء وطاوسا وعكرمة، عن قوله (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) قالوا: الحج. حدثنا الحسن، قال: ثنا شبابة وعليّ بن الجعد، قالا أخبرنا سعيد، عن الحكم، عن عطاء وطاوس وعكرمة في قوله (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) قال: هواهم إلى مكة أن يحجوا. حدثني المثنى، قال: ثنا آدم، قال: ثنا شعبة، عن الحكم، قال: سألت طاوسا وعكرمة وعطاء بن أبي رباح، عن قوله (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) فقالوا: اجعل هواهم الحجّ. حدثنا الحسن، قال: ثنا يحيى بن عباد، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: لو كان إبراهيم قال: فاجعل أفئدة الناس تهوي إليهم لحجه اليهود والنصارى والناس كلهم، ولكنه قال (أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) . حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) قال: تنزع إليهم. حدثنا الحسن، قال: ثنا عبد الوهاب بن عطاء، عن سعيد، عن قتادة، مثله. حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قالا أخبرنا معمر، عن قتادة، مثله. وقال آخرون: إنما دعا لهم أن يهووا السكنى بمكة. * ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) قال: إن إبراهيم خليل الرحمن سأل الله أن يجعل أناسا من الناس يَهْوون سكنى أو سَكْن مكة. وقوله (وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ) يقول تعالى ذكره: وارزقهم من ثمرات النبات والأشجار ما رزقت سكان الأرياف والقرى التي هي ذوات المياه والأنهار، وإن كنت أسكنتهم واديا غير ذي زرع ولا ماء. فرزقهم جلّ ثناؤه ذلك. كما حدثنا المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا هشام، قال: قرأت على محمد بن مسلم الطائفي أن إبراهيم لما دعا للحرم (وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ) نقل الله الطائف من فلسطين. وقوله (لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) يقول: ليشكروك على ما رزقتهم وتنعم به عليهم. القول في تأويل قوله تعالى: {رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ (38) } وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن استشهاد خليله إبراهيم إياه على ما نوى وقصد بدعائه وقيله (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ) ... الآية، وأنه إنما قصد بذلك رضا الله عنه في محبته أن يكون ولده من أهل الطاعة لله، وإخلاص العبادة له على مثل الذي هو له، فقال: ربنا إنك تعلم ما تخفي قلوبنا عند مسألتنا ما نسألك، وفي غير ذلك من أحوالنا، وما نعلن من دعائنا، فنجهر به وغير ذلك من أعمالنا، وما يخفى عليك يا ربنا من شيء يكون في الأرض ولا في السماء، لأن ذلك كله ظاهر لك متجل باد، لأنك مدبره وخالقه، فكيف يخفى عليك. القول في تأويل قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ (39) } يقول: الحمد لله الذي رزقني على كبر من السنّ ولدا إسماعيل وإسحاق (إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ) يقول: إن ربي لسميع دعائي الذي أدعوه به، وقولي (اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ) وغير ذلك من دعائي ودعاء غيري، وجميع ما نطق به ناطق لا يخفى عليه منه شيء. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن فضيل، عن ضرار بن مرّة، قال: سمعت شيخا يحدّث سعيد بن جبير، قال: بُشر إبراهيم بعد سبع عشرة ومئة سنة. القول في تأويل قوله تعالى: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40) } يقول: ربّ اجعلني مؤدّيا ما ألزمتني من فريضتك التي فرضتها عليّ من الصلاة. (وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) يقول: واجعل أيضا من ذريتي مقيمي الصلاة لك. (رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ) يقول: ربنا وتقبل عملي الذي أعمله لك وعبادتي إياك. وهذا نظير الخبر الذي رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إنَّ الدُّعاءَ هُوَ العبادَةُ" ثم قرأ (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) . القول في تأويل قوله تعالى: {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (41) } وهذا دعاء من إبراهيم صلوات الله عليه لوالديه بالمغفرة، واستغفار منه لهما. وقد أخبر الله عز ذكره أنه لم يكن (اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) . وقد بيَّنا وقت تبرّئه منه فيما مضى، بما أغنى عن إعادته. وقوله (وَلِلْمُؤْمِنِينَ) يقول: وللمؤمنين بك ممن تبعني على الدين الذي أنا عليه، فأطاعك في أمرك ونهيك. وقوله (يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ) يعني: يقوم الناس للحساب، فاكتفى بذكر الحساب من ذكر الناس، إذ كان مفهوما معناه. القول في تأويل قوله تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ (42) } {مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43) } يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ) يا محمد (غَافِلا) ساهيا (عَمَّا يَعْمَلُ) هؤلاء المشركون من قومك، بل هو عالم بهم وبأعمالهم محصيًا عليهم، ليجزيهم جزاءهم في الحين الذي قد سبق في علمه أن يجزيهم فيه. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا عليّ بن ثابت، عن جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران في قوله (وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) قال: هي وعيد للظالم وتعزية للمظلوم. القول في تأويل قوله تعالى: {إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43) } يقول تعالى ذكره: إنما يؤخر ربك يا محمد هؤلاء الظالمين الذين يكذّبونك ويجحَدون نبوّتك، ليوم تشخص فيه الأبصار. يقول: إنما يؤخِّر عقابهم وإنزال العذاب بهم، إلى يوم تشخص فيه أبصار الخلق، وذلك يوم القيامة. كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأبْصَارُ) شخصت فيه والله أبصارهم، فلا ترتدّ إليهم. وأما قوله (مُهْطِعِينَ) فإن أهل التأويل اختلفوا في معناه، فقال بعضهم: معناه: مسرعين. * ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا هاشم بن القاسم، عن أبي سعيد المؤدّب، عن سالم، عن سعيد بن جبير (مُهْطِعِينَ) قال: النَّسَلان، وهو الخبب، أو ما دون الخبب، شكّ أبو سعيد، يخبون وهم ينظرون. حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة (مُهْطِعِينَ) قال: مسرعين. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (مُهْطِعِينَ) يقول: منطلقين عامدين إلى الداعي. وقال آخرون: معنى ذلك: مديمي النظر. * ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله (مُهْطِعِينَ) يعني بالإهطاع: النظر من غير أن يطرف. حدثنا ابن وكيع، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن سعيد بن مسروق، عن أبي الضحى (مُهْطِعِينَ) فقيل: الإهطاع: التحميج الدائم الذي لا يَطْرَف. حدثني المثنى، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم، عن مغيرة، عن أبي الخير بن تميم بن حَدْلَم، عن أبيه، في قوله (مُهْطِعِينَ) قال: الإهطاع: التحميج. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا المحاربي، عن جويبر، عن الضحاك (مُهْطِعِينَ) قال: شدة النظر الذي لا يطرف. حدثني المثنى، قال: أخبرنا عمرو، قال: أخبرنا هُشَيم، عن جويبر، عن الضحاك، في قوله (مُهْطِعِينَ) قال: شدة النظر في غير طَرْف. حُدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله (مُهْطِعِينَ) الإهطاع: شدة النظر في غير طَرْف. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا شبابة، قال: ثنا ورقاء، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، وحدثني المثنى، قال: ثنا أبو حُذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (مُهْطِعِينَ) قال: مُديمي النظر. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله. وقال آخرون: معنى ذلك: لا يرفع رأسه. * ذكر من قال ذلك: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (مُهْطِعِينَ) قال: المهطع الذي لا يرفع رأسه. والإهطاع في كلام العرب بمعنى الإسراع أشهر منه: بمعنى إدامة النظر، ومن الإهطاع بمعنى الإسراع، قول الشاعر: وبِمُهْطِعٍ سُرُحٍ كأنَّ زِمامَهُ ... في رأسِ جذْعٍ مِنْ أوَال مُشَدَّبِ (1) (1) البيت أنشده ابن بري في (اللسان: أول. ونسبه لأنيف بن جبلة. وروايته فيه: أمَّا إذا اسْتَقْبَلْتَهُ فَكأنَّهُ ... للْعَيْنِ جِذْعٌ مِنْ أوَالَ مُشَدَّبُ وفي معجم ما استعجم للبكري: أول قرية بالبحرين، وقيل جزيرة، فإن كانت قرية فهي من قرى السيف (بكسر السين) يشهد لذلك قول ابن مقبل، وكأنها سفن بسيف أوال. والمهطع: (كما في اللسان) الذي يديم النظر مع فتح العينين. وقيل: الذي يقبل على الشيء ببصره، فلا يرفعه عنه. والمهطع أيضا: المسرع الخائف، لا يكون إلا مع خوف. وقد فسر بالوجهين جميعا قوله تعالى: (مهطعين إلى الداع) أهـ. وقال في سرح: خيل سرح، ناقة سرح في سيرها: أي سريعة، وأورده المؤلف وأبو عبيدة في مجاز القرآن (1 - 342) شاهدا على أن المهطع: المسرع. وقول الآخر: بمُسْتَهطعٍ رَسْلٍ كأنَّ جَدِيلَهُ ... بقَيْدُومِ رَعْنٍ مِنْ صَوَامٍ مُمَنَّعُ (1) وقوله (مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ) يعني رافعي رءوسهم. وإقناع الرأس: رفعه، ومنه قول الشماخ: يُباكِرْنَ العِضَاةَ بمُقْنَعاتٍ ... نَوَاجِذُهُنَّ كالحِدَإِ الوَقيعِ (2) يعني: أنهنّ يباكرن العضاة برؤسهن مرفوعات إليها لتتناول منها، ومنه أيضا قول الراجز: أنْغَضَ نحْوِي رأسَهُ وأقْنَعا ... كأنمَا أبْصَرَ شيْئا أطْمَعا (3) وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله (مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ) قال: (1) أورده صاحب أساس البلاغة (هطع) قال: وهو في صفة ثور، وممتع: بالتاء: أي طويل، من الماتع. وفيه "رضام، في محل: صوام. وفي (اللسان: قدم) قال: وقيدوم الجبل: أنف يتقدم منه، وأنشد البيت وقال: صوام (كسحاب) اسم جبل. وقيدوم كل شيء: مقدمه وصدره. والمتهطع: كالمهطع، وهو المسرع، ورسل: سهل فيه لين. والجديل: حبل مفتول من أدم أو شعر، يكون في عنق البعير أو الناقة، والجمع: جدل. والجديل أيضا: الزمام المجدول من أدم. والرعن: أنف الجبل، وصوام (كسحاب) : جبل قاله البكري وصاحب اللسان والممنع بالنون: المرتفع الذي لا يرتقي. وفي مجاز القرآن: الرسل: الذي لا يكلفك شيئا. بقيدوم: قدام. ورعن الجبل: أنفه، وصؤام (بضم الصاد وهمز الواو) لم أجده كذلك، وإنما هو صوام، بفتح الصاد وبالواو، بوزن سحاب." (2) البيت للشماخ بن ضرار (ديوانه ص 56) والرواية فيه: يبادرن في موضع يباكرن، وهما بمعنى. قال شارحه: يبادرن من المبادرة، والعضاه: جمع عضاهة. وهي أعظم الشجر. والمقنعات: جمع مقنع: يريد أفواه الإبل. والنواجذ: أقصى الأضراس. والحدأ: جمع حدأة، وهي فأس ذات رأسين. وقال أبو عبيدة في مجاز القرآن: (1 - 343) في تفسير "مقنعي رءوسهم" مجازه: رافعي رءوسهم. وأنشد بيت الشماخ ثم قال: أي برءوس مرفوعة إلى العضاه، ليتناولن منه. والعضاه: كل شجرة ذات شوك. ونواجذهن: أضراسهن والحدأ: الفأس، وأراد الذي ليس له خلف، وجمعها: حدأ. والوقيع المرققة المحددة، يقال: وقع حديدتك. والمطرقة يقال لها ميقعة. وفي (اللسان: حدأ) : الحدأ: شبه فاس تنقر به الحجارة، وهو محدد الطرف. والحدأة: الفأس ذات الرأسين، والجمع حدأ، كقصبة وقصب، وقال: شبه أسنانها بفئوس قد حددت. (3) أنغض رأسه: حركة كالمتعب. وأقنعه: رفعه. يقول: هز رأسه نحوي، ورفعه يتأملني كما يتأمل شيئا فيه مطمع له. وهو كالذي قبله شاهد على أن الإقناع: هو الرفع. الإقناع: رفع رءوسهم. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحسين بن محمد، قال: ثنا ورقاء، وقال الحسن، قال: ثنا ورقاء، وحدثني المثنى، قال: ثنا أبو حُذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله (مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ) قال: رافعيها. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد مثله. حدثنا أبو كريب، قال: ثنا أبو بكر، عن أبي سعد، قال: قال الحسن: وجوه الناس يوم القيامة إلى السماء لا ينظر أحد إلى أحد. حدثني المثنى، قال: ثنا سويد، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن عثمان بن الأسود، أنه سمع مجاهدا يقول في قوله (مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ) قال: رافع رأسه هكذا، (لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ) . حدثني المثنى، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم، عن جويبر عن الضحاك، في قوله (مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ) قال: رافعي رءوسهم. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ) قال: الإقناع رفع رءوسهم. حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة (مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ) قال: المقنع الذي يرفع رأسه شاخصا بصره لا يطرف. حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول، في قوله (مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ) قال: رافعيها. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ) قال: المقنع الذي يرفع رأسه. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا المحاربي، عن جويبر، عن الضحاك (مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ) قال: رافعي رءوسهم. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا هاشم بن القاسم، عن أبي سعيد، عن سالم، عن سعيد (مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ) قال: رافعي رءوسهم. وقوله (لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ) يقول: لا ترجع إليهم لشدّة النظر أبصارهم. كما حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله (لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ) قال: شاخصة أبصارهم. وقوله (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ) اختلف أهل التأويل في تأويله، فقال بعضهم: معناه: متخرقه لا تعي من الخير شيئا. حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن مرّة، في قوله (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ) قال: متخرقة لا تعي شيئا. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا مالك بن مغول، عن أبي إسحاق، عن مرّة بمثل ذلك. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن مرّة، مثله. حدثنا محمد بن عمارة، قال: ثنا سهل بن عامر، قال: ثنا مالك وإسرائيل، عن أبي إسحاق، عن مرّة، مثله. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن مرّة (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ) قال: متخرقة لا تعي شيئا من الخير. حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا يحيى بن عباد، قال: ثنا مالك، يعني ابن مغول، قال: سمعت أبا إسحاق، عن مرّة إلا أنه قال: لا تعي شيئا. ولم يقل من الخير. حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا شبابة، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن مرّة، مثله. حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا مالك بن مغول، وإسرائيل عن أبي إسحاق، عن مرّة (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ) قال أحدهما: خربه، وقال الآخر: متخرقة لا تعي شيئا. حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ) قال: ليس فيها شيء من الخير فهي كالخربة. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قال: ليس من الخير شيء في أفئدتهم، كقولك للبيت الذي ليس فيه شيء إنما هو هواء. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال ابن زيد في قوله (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ) قال: الأفئدة: القلوب هواء كما قال الله، ليس فيها عقل ولا منفعة. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن أبي بكرة، عن أبي صالح (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ) قال: ليس فيها شيء من الخير. وقال آخرون: إنها لا تستقرّ في مكان تردّد في أجوافهم. * ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن وكيع وأحمد بن إسحاق، قالا حدثنا أبو أحمد، قال: ثنا شريك، عن سالم، عن سعيد (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ) قال: تمور في أجوافهم، ليس لها مكان تستقرّ فيه. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا هاشم بن القاسم، عن أبي سعيد، عن سالم، عن سعيد بنحوه. وقال آخرون: معنى ذلك: أنها خرجت من أماكنها فنشبت بالحلوق. * ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن وكيع وأحمد بن إسحاق، قالا حدثنا أبو أحمد الزبيري، عن إسرائيل، عن سعيد، عن مسروق عن أبي الضحى (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ) قال: قد بلغت حناجرهم. حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ) قال: هواء ليس فيها شيء، خرجت من صدورهم فنشبت في حلوقهم. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ) انتزعت حتى صارت في حناجرهم لا تخرج من أفواههم، ولا تعود إلى أمكنتها. وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب في تأويل ذلك قول من قال: معناه: أنها خالية ليس فيها شيء من الخير، ولا تعقل شيئا، وذلك أن العرب تسمي كلّ أجوف خاو: هواء، ومنه قول حسَّان بن ثابت: ألا أبْلِغْ أبا سُفْيانَ عَنّي ... فأنْتَ مُجَوَّفٌ نَخِبٌ هَوَاءُ (1) ومنه قول الآخر: وَلا تَكُ مِنْ أخْدانِ كُلّ بِراعةٍ ... هَوَاءٍ كَسَقْبِ البانِ جُوفٍ مَكاسِرُهْ (2) القول في تأويل قوله تعالى: {وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ (44) } يقول تعالى ذكره: وأنذر يا محمد الناس الذين أرسلتك إليهم داعيا إلى الإسلام ما هو نازل بهم، يوم يأتيهم عذاب الله في القيامة. (فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا) يقول: فيقول الذين كفروا بربهم، فظلموا بذلك أنفسهم (رَبَّنَا أَخِّرْنَا) أي أخِّر عنا عذابك، وأمهلنا (إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ) الحقّ، فنؤمن بك، ولا نشرك بك شيئا، (وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ) يقولون: ونصدّق رسلك فنتبعهم على ما دعوتنا إليه من طاعتك واتباع أمرك. وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله (وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ) (1) البيت لحسان، كما في الديوان ص 7، وأبو سفيان: هو المغيرة بن الحارث بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وكان يهجو النبي قبل أن يسلم، والمجوف: الخالي الجوف، يريد به الجبان، وكذلك النخب والهواء، وقال في اللسان: النخب: الجبان، كأنه منتزع الفؤاد، أي لا فؤاد له. وقال في هوى: والهواء والخواء واحد. وأورد البيت كرواية المؤلف. (2) البيت في (اللسان: يرع) كرواية المؤلف. ونسبه ابن بري لكعب الأمثال (؟) وقال قبله: البراعة والبراع: الجبان الذي لا عقل له ولا رأي، مشتق من القصب أهـ: أي على التشبيه بالقصب الأجوف، والهواء: الجبان المنتزع الفؤاد. والبان: شجر يسمو ويطول في استواء وليس لخشبة صلابة، والسقب: عمود الخباء، وإذا اتخذ من شجر البان فإنه لا يحتمل لقلة صلابته، وجوف جمع أجوف، والمكاسر: مواضع الكسر، أي إذا كسر بان أنه أجوف ضعيف الاحتمال. قال: يوم القيامة (فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ) قال: مدّة يعملون فيها من الدنيا. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ) يقول: أنذرهم في الدنيا قبل أن يأتيهم العذاب. وقوله (فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا) رفع عطفا على قوله (يَأْتِيهِمُ) في قوله (يَأْتِيهِمُ العَذَابُ) وليس بجواب للأمر، ولو كان جوابا لقوله (وَأَنْذِرِ النَّاسَ) جاز فيه الرفع والنصب. أما النصب فكما قال الشاعر: يا نَاقَ سِيرِي عَنقَا فَسِيحا ... إلى سُلَيْمَانَ فَنَسْتَرِيحا (1) والرفع على الاستئناف. وذُكر عن العلاء بن سيابة أنه كان ينكر النصب في جواب الأمر بالفاء، قال الفراء: وكان العلاء هو الذي علَّم معاذا وأصحابه. القول في تأويل قوله تعالى: {أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ (44) } وهذا تقريع من الله تعالى ذكره للمشركين من قريش، بعد أن دخلوا النار بإنكارهم في الدنيا البعث بعد الموت، يقول لهم: إذ سألوه رفع العذاب عنهم، وتأخيرهم لينيبوا ويتوبوا (أَوَلَمْ تَكُونُوا) في الدنيا (أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ) يقول: ما لكم من انتقال من الدنيا إلى الآخرة، وإنكم إنما تموتون، ثم لا تبعثون. كما حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قال (أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ) كقوله (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ (1) هذا البيت من شواهد النحويين وهو لأبي النجم العجلي يخاطب ناقته في سيره إلى سليمان بن عبد الملك. وناق: منادي مرخم، أي يا ناقة، وعنقا: منصوب على أنه نائب عن المصدر، أي صفة مصدر محذوف، أي سيراد عنقا، وهو ضرب من سير الدابة والإبل، وهو سير مسيطر، قال أبو النجم ... وأنشد البيت، والفسيح: الواسع. نعت. والشاهد في "فنستريحا" حيث نصب، لأنه جواب الأمر بالفاء، وهذا بلا خلاف إلا ما نقل عن العلاء بن سيابة، أنه كان لا يجيز ذلك، وهو محجوج به. (انظر فرائد القلائد للعيني: باب إعراب الفعل) . وقال الفراء في معاني القرآن: (الورقة 164) ، وقوله "يأتيهم العذاب فيقول" : رفع، تابع ليأتيهم، وليس بجواب الأمر، ولو كان جوابا لجاز نسبه ورفعه، كما قال الشاعر: يا ناق.... البيت. والرفع عن الاستئناف والأتناف بالفاء في جواب الأمر حسن. وكان شيخ لنا يقال له العلاء بن سيابة، وهو الذي علم معاذا الهراء وأصحابه، يقول: لا أنصب بالأمر. ![]()
__________________
|
#920
|
||||
|
||||
![]() أَيْمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى) . ثم قال (مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ) قال: الانتقال من الدنيا إلى الآخرة. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء، وحدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا شبابة، قال: ثنا ورقاء، وحدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا سلمة، وحدثني المثنى، قال: أخبرنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله (مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ) قال: لا تموتون لقريش. حدثني القاسم، قال: ثنا سويد، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن الحكم، عن عمرو بن أبي ليلى أحد بني عامر، قال: سمعت محمد بن كعب القرظي يقول: بلغني، أو ذُكر لي أن أهل النار ينادون (رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ) فردّ عليهم (أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) ... إلى قوله (لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) . القول في تأويل قوله تعالى: {وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأمْثَالَ (45) } يقول تعالى ذكره: وسكنتم في الدنيا في مساكن الذين كفروا بالله، فظلموا بذلك أنفسهم من الأمم التي كانت قبلكم (وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ) يقول: وعلمتم كيف أهلكناهم حين عتوا على ربهم وتمادوا في طغيانهم وكفرهم (وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأمْثَالَ) يقول: ومثَّلنا لكم فيما كنتم عليه من الشرك بالله مقيمين الأشباه، فلم تنيبوا ولم تتوبوا من كفركم، فالآن تسألون التأخير للتوبة حين نزل بكم ما قد نزل بكم من العذاب، إن ذلك غير كائن. وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) يقول: سكن الناس في مساكن قوم نوح وعاد وثمود، وقرون بين ذلك كثيرة ممن هلك من الأمم. (وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأمْثَالَ) قد والله بعث رسله، وأنزل كتبه، ضرب لكم الأمثال، فلا يصم فيها إلا أصمّ، ولا يخيب فيها إلا الخائب، فاعقلوا عن الله أمره. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ) قال: سكنوا في قراهم مدين والحجر والقرى التي عذب الله أهلها، وتبين لكم كيف فعل الله بهم، وضرب لهم الأمثال. حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا شبابة، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبى نجيح، عن مجاهد، قوله (الأمْثَالَ) قال: الأشباه. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله. القول في تأويل قوله تعالى: {وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46) } يقول تعالى ذكره: قد مكر هؤلاء الذين ظلموا أنفسهم، فسكنتم من بعدهم في مساكنهم، مكرهم. وكان مكرهم الذي مكروا ما: حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا يحيى، قال: ثنا سفيان، قال: ثنا أبو إسحاق، عن عبد الرحمن بن أبان (1) قال: سمعت عليا يقرأ: "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" قال: كان ملك فره (2) أخذ فروخ النسور، فعلفها اللحم حتى شبَّت واستعلجت واستغلظت. فقعد هو وصاحبه في التابوت وربطوا التابوت بأرجل النسور، وعلقوا اللحم فوق التابوت، فكانت كلما نظرت إلى اللحم صعدت وصعدت، فقال لصاحبه: ما ترى؟ قال: أرى الجبال (1) سيأتي (ص 345) أن اسمه عبد الرحمن بن دانيل، وقد نقل هذا الاسم القرطبي في تفسيره (9: 380) ولم أجده في أسماء الرواة، ولعل لفظتي "أبان، وواصل" هنا تحريف عن "دانيل" . (2) الفره: البطر الأشر. المتمادي في غيه. مثل الدخان، قالا ما ترى؟ قال: ما أرى شيئا، قال: ويحك صوّب صوّب، قال: فذلك قوله: (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) . حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن واصل (1) عن عليّ بن أبي طالب، مثل حديث يحيى بن سعيد، وزاد فيه: وكان عبد الله بن مسعود يقرؤها: "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" . حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا محمد بن أبي عديّ، عن شعبة، عن أبي إسحاق، قال: ثنا عبد الرحمن بن واصل (2) أن عليا قال في هذه الآية: "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" قال: أخذ ذلك الذي حاجّ إبراهيم في ربه نسرين صغيرين فرباهما، ثم استغلظا واستعلجا وشبَّا، قال: فأوثق رجل كلّ واحد منهما بوتد إلى تابوت، وجوّعهما، وقعد هو ورجل آخر في التابوت، قال: ورفع في التابوت عصا على رأسه اللحم، قال: فطارا، وجعل يقول لصاحبه: انظر ماذا ترى؟ قال: أرى كذا وكذا، حتى قال: أرى الدنيا كأنها ذباب، فقال: صوّب العصا، فصوّبها فهبطا، قال: فهو قول الله تعالى "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" قال أبو إسحاق: وكذلك في قراءة عبد الله "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" . حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" مكر فارس. وزعم أن بختنصر خرج بنسور، وجعل له تابوتا يدخله، وجعل رماحا في أطرافها واللحم فوقها. أراه قال: فعلت تذهب نحو اللحم حتى انقطع بصره من الأرض وأهلها، فنودي: أيها الطاغية أين تريد؟ ففرق: ثم سمع الصوت فوقه، فصوّب الرماح، فتصوّبت النسور، ففزعت الجبال من هدّتها، وكادت الجبال أن تزول منه من حسّ ذلك، فذلك قوله "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" . حدثا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، قال: قال ابن جريج، قال مجاهد: "وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَادَ مَكْرُهُمْ" (1) تقدمت الإشارة إليه في (ص 244) . (2) تقدمت الإشارة إليه في (ص 244) . كذا قرأها مجاهد "كَادَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" وقال: إن بعض من مضى جوّع نسورا، ثم جعل عليها تابوتا فدخله، ثم جعل رماحا في أطرافها لحم، فجعلت ترى اللحم فتذهب، حتى انتهى بصره، فنودي: أيها الطاغية أين تريد؟ فصوّب الرماح، فتصوّبت النسور، ففزعت الجبال، وظنت أن الساعة قد قامت، فكادت أن تزول، فذلك قوله تعالى "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" . قال ابن جريج: أخبرني عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن عمر بن الخطاب، أنه كان يقرأ "وَإِنْ كادَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" . حدثني هذا الحديث أحمد بن يوسف، قال: ثنا القاسم بن سلام، قال: ثنا حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، أنه كان يقرأ على نحو: "لَتَزُولُ" بفتح اللام الأولى ورفع الثانية. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن دانيل (1) قال: سمعت عليا يقول: "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" . حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن دانيل (2) قال: سمعت عليا يقول: "وَإِنْ كادَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" قال: ثم أنشأ عليّ يحدّث فقال: نزلت في جبَّار من الجبابرة قال: لا أنتهي حتى أعلم ما في السماء، ثم اتخذ نسورا فجعل يطعمها اللحم حتى غلظت واستعلجت واشتدّت، وذكر مثل حديث شعبة. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبو داود الحضرمي، عن يعقوب، عن حفص بن حميد أو جعفر، عن سعيد بن جبير: "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" قال: نمرود صاحب النسور، أمر بتابوت فجعل وجعل معه رجلا ثم أمر بالنسور فاحتمل، فلما صعد قال لصاحبه: أي شيء ترى؟ قال: أرى الماء وجزيرة -يعني الدنيا- ثم صعد فقال لصاحبه: أي شيء ترى؟ قال: ما نزداد من السماء إلا بعدا، قال: اهبط -وقال غيره: نودي- أيها الطاغية أين تريد؟ قال: فسمعت الجبال حفيف النسور، فكانت ترى أنها أمر من السماء، فكادت (1) تقدمت الإشارة إليه في (ص 244) . (2) تقدمت الإشارة إليه في (ص 244) . تزول، فهو قوله: "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" . حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن أبي جعفر، عن الربيع بن أنس، أن أنسا كان يقرأ: "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" . وقال آخرون: كان مكرهم: شركهم بالله، وافتراؤهم عليه. * ذكر من قال ذلك: حدثني المثنى، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثنا معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" يقول: شركهم، كقوله (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ) . حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا المحاربي، عن جويبر، عن الضحاك: "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" قال: هو كقوله (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا) . حدثني المثنى، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك، في قوله (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ) ثم ذكر مثله. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، أن الحسن كان يقول: كان أهون على الله وأصغر من أن تزول منه الجبال، يصفهم بذلك. قال قتادة: وفي مصحف عبد الله بن مسعود: "وَإِنْ كادَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" ، وكان قتادة يقول عند ذلك (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا) أي لكلامهم ذلك. حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" قال ذلك حين دعوا لله ولدا. وقال في آية أخرى (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا) . حُدِثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) في حرف ابن مسعود: "وَإِنْ كادَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" هو مثل قوله (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا) . واختلفت القرّاء في قراءة قوله (لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) فقرأ ذلك عامَّة قرّاء الحجاز والمدينة والعراق ما خلا الكسائي (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) بكسر اللام الأولى وفتح الثانية، بمعنى: وما كان مكرهم لتزول منه الجبال. وقرأه الكسائي: "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" بفتح اللام الأولى ورفع الثانية على تأويل قراءة من قرا ذلك: "وَإِنْ كادَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" من المتقدمين الذين ذكرت أقوالهم، بمعنى: اشتدّ مكرهم حتى زالت منه الجبال، أو كادت تزول منه، وكان الكسائي يحدّث عن حمزة، عن شبل عن مجاهد، أنه كان يقرأ ذلك على مثل قراءته "وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ" برفع تزول. حدثني بذلك الحارث عن القاسم عنه. والصواب من القراءة عندنا، قراءة من قرأه (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) بكسر اللام الأولى وفتح الثانية، بمعنى: وما كان مكرهم لتزول منه الجبال. وإنما قلنا: ذلك هو الصواب، لأن اللام الأولى إذا فُتحت، فمعنى الكلام: وقد كان مكرهم تزول منه الجبال، ولو كانت زالت لم تكن ثابتة، وفي ثبوتها على حالتها ما يبين عن أنها لم تزُل، وأخرى إجماع الحجة من القرّاء على ذلك، وفي ذلك كفاية عن الاستشهاد على صحتها وفساد غيرها بغيره. فإن ظنّ ظانٌّ أن ذلك ليس بإجماع من الحجة إذ كان من الصحابة والتابعين من قرأ ذلك كذلك، فإن الأمر بخلاف ما ظنّ في ذلك، وذلك أن الذين قرءوا ذلك بفتح اللام الأولى ورفع الثانية قرءوا: "وَإِنْ كادَ مَكْرُهُمْ" بالدال، وهي إذا قرئت كذلك، فالصحيح من القراءة مع "وَإِنْ كادَ" فتح اللام الأولى ورفع الثانية على ما قرءوا، وغير جائز عندنا القراءة كذلك، لأن مصاحفنا بخلاف ذلك، وإنما خطَّ مصاحفنا وإن كان بالنون لا بالدال، وإذ كانت كذلك، فغير جائز لأحد تغيير رسم مصاحف المسلمين، وإذا لم يجز ذلك لم يكن الصحاح من القراءة إلا ما عليه قرّاء الأمصار دون من شذ بقراءته عنهم. وبنحو ما قلنا في معنى (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ) قال جماعة من أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله (وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) بقول: ما كان مكرهم لتزول منه الجبال. حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، قال: قال الحسن، في قوله (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) ما كان مكرهم لتزول منه الجبال. حدثني المثنى، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم، عن عوف، عن الحسن، قال: ما كان مكرهم لتزول منه الجبال. حدثني الحارث، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا حجاج، عن هارون، عن يونس وعمرو، عن الحسن (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) قالا وكان الحسن يقول: وإن كان مكرهم لأوهن وأضعف من أن تزول منه الجبال. - قال: قال هارون: وأخبرني يونس، عن الحسن قال: أربع في القرآن (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) ما كان مكرهم لتزول منه الجبال، وقوله (لاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ) ما كنا فاعلين، وقوله (إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ) ما كان للرحمن ولد، وقوله (وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ) ما مكناكم فيه. قال هارون: وحدثني بهنّ عمرو بن أسباط، عن الحسن، وزاد فيهنّ واحدة (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ) ما كنت في شكّ (مِمَّا أَنزلْنَا إِلَيْكَ) . فالأولى من القول بالصواب في تأويل الآية، إذ كانت القراءة التي ذكرت هي الصواب لما بيَّنا من الدلالة في قوله (وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) وقد أشرك الذين ظلموا أنفسهم بربهم وافتروا عليه فريتهم عليه، وعند الله علم شركهم به وافترائهم عليه، وهو معاقبهم على ذلك عقوبتهم التي هم أهلها، وما كان شركهم وفريتهم على الله لتزول منه الجبال، بل ما ضرّوا بذلك إلا أنفسهم، ولا عادت بغية مكروهه إلا عليهم. حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا وكيع بن الجرّاح، قال: ثنا الأعمش، عن شمر، عن عليّ، قال: الغدر: مكر، والمكر كفر. القول في تأويل قوله تعالى: {فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (47) } يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ) الذي وعدهم من كذّبهم، وجحد ما أتَوْهم به من عنده، وإنما قاله تعالى ذكره لنبيه تثبيتا وتشديدا لعزيمته، ومعرّفه أنه منزل من سخطه بمن كذّبه وجحد نبوّته، وردّ عليه ما أتاه به من عند الله، مثال ما أنزل بمن سلكوا سبيلهم من الأمم الذين كانوا قبلهم على مثل منهاجهم من تكذيب رسلهم وجحود نبوّتهم وردّ ما جاءوهم به من عند الله عليهم. وقوله (إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ) يعني بقوله (إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ) لا يمانع منه شيء أراد عقوبته، قادر على كلّ من طلبه، لا يفوتُه بالهَرَب منه. (ذُو انْتِقَامٍ) ممن كفر برسله وكذّبهم، وجحد نبوتهم، وأشرك به واتخذ معه إلها غيره. وأضيف قوله (مُخْلِفَ) إلى الوعد، وهو مصدر، لأنه وقع موقع الاسم، ونصب قوله (رُسُلَهَ) بالمعنى، وذلك أن المعنى: فلا تحسبنّ الله مخلف رسله وعده، فالوعد وإن كان مخفوضا بإضافة "مخلف" إليه، ففي معنى النصب، وذلك أن الإخلاف يقع على منصوبين مختلفين، كقول القائل: كسوت عبد الله ثوبا، وأدخلته دارا؛ وإذا كان الفعل كذلك يقع على منصوبين مختلفين، جاز تقديم أيِّهما قُدّم، وخفضُ ما وَلِيَ الفعل الذي هو في صورة الأسماء، ونصب الثاني، فيقال: أنا مدخلُ عبد الله الدار، وأنا مدخلُ الدَّارِ عبدَ الله، إن قدَّمت الدار إلى المُدْخل وأخرت عبدَ الله خفضت الدار، إذ أضيف مُدْخل إليها، ونُصِب عبد الله؛ وإن قُدّم عبدُ الله إليه، وأخِّرت الدار، خفض عبد الله بإضافة مُدْخلٍ إليه، ونُصِب الدار؛ وإنما فعل ذلك كذلك، لأن الفعل، أعني مدخل، يعمل في كلّ واحد منهما نصبا نحو عمله في الآخر؛ ومنه قول الشاعر: تَرَى الثَّوْرَ فيها مُدْخِلَ الظِّلِّ رأسَهُ ... وسائرُهُ بادٍ إلى الشَّمْسِ أجْمَعُ (1) أضاف مُدْخل إلى الظلّ، ونصب الرأس، وإنما معنى الكلام: مدخلٌ (1) هذا البيت من شواهد الفراء في معاني القرآن (الورقة 165) كما استشهد به المؤلف، ولم ينسبه، قال: وقوله "فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله" أضفت مخلف إلى الوعد، ونصبت الرسل على التأويل، وإذا كان الفعل يقع على شيئين مختلفين مثل: كسوتك الثوب، وأدخلتك الدار، فابدأ بإضافة الفعل إلى الرجل، فتقول: هو كاسي عبد الله ثوبا، ومدخله الدار، ويجوز هو كاسي الثوب عبد الله، ومدخل الدار زيدا.. ومثله قول الشاعر: ترى الثور.. البيت، فأضاف مدخل إلى الظن، وكان الوجه أن يضف مدخل إلى الرأس. رأسَه الظلَّ. ومنه قول الآخر: فَرِشْني بِخَيْرٍ لا أكُونَ وَمِدْحَتِي ... كناحِتِ يَوْمٍ صَخْرَةٌ بعَسِيلِ (1) والعسيل: الريشة جُمع بها الطيب، وإنما معنى الكلام: كناحت صخرة يوما بعسيل، وكذلك قول الآخر: رُبَّ ابْنِ عَمٍّ لِسُلَيْمَى مُشْمَعِلْ ... طَبَّاخِ ساعاتِ الكَرَى زَادَ الكَسِلْ (2) وإنما معنى الكلام: طباخ زاد الكَسل ساعات الكَرَى. فأما من قرأ ذلك (فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلُهُ) فقد بيَّنا وجه بُعْدِه من الصحة في كلام العرب في سورة الأنعام، عند قوله (وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ) ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. القول في تأويل قوله تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48) } يقول تعالى ذكره: إن الله ذو انتقام (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ) من مشركي قومك يا محمد من قريش، وسائر من كفر بالله وجحد نبوّتك ونبوّة رسله من قبلك. فيوم من صلة الانتقام. واختلف في معنى قوله (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ) فقال بعضهم: معنى ذلك: يوم تبدّل الأرض التي عليها الناس اليوم في دار الدنيا غير هذه الأرض، فتصير أرضا بيضاء كالفضة. (1) وهذا البيت أيضا من شواهد الفراء (الورقة 165) عطفه على آخر قبله وعطفهما على الأول، ومحل الشاهد فيه: أن الشاعر أضاف ناحت وهو وصف مشبه الفعل إلى يوم، ونصب الصخرة، والأولى إضافة الوصف إلى الصخرة، ونصب يوما على ما قاله القراء. (2) البيت من شواهد الفراء في معاني القرآن (مصورة الجامعة ص 165) على أن طباخ كان حقه أن يضاف إلى "زاد الكسل" ، فأضافه الشاعر إلى الساعات. والمشمعل: الخفيف الماضي في الأمر المسرع. والكرى: النوم. * ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي إسحاق، قال: سمعت عمرو بن ميمون يحدّث، عن عبد الله أنه قال في هذه الآية (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ) قال: أرض كالفضة نقية لم يَسِل فيها دم، ولم يُعْمَل فيها خطيئة، يسمعهم الداعي، وينفُذهُم البصر، حُفاة عُراة قياما،أحسب قال: كما خُلِقوا، حتى يلجمهم العرق قياما وَحْدَه. قال: شعبة: ثم سمعته يقول: سمعت عمرو بن ميمون، ولم يذكر عبد الله ثم عاودته فيه، قال: حدثنيه هبيرة، عن عبد الله. حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا يحيى بن عباد، قال: أخبرنا شعبة، قال: أخبرنا أبو إسحاق، قال: سمعت عمرو بن ميمون وربما قال: قال عبد الله: وربما لم يقل، فقلت له: عن عبد الله؟ قال: سمعت عمرو بن ميمون يقول (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ) قال: أرض كالفضة بيضاء نقية، لم يسل فيها دم، ولم يعمل فيها خطيئة، فينفُذهُم البصر، ويسمعهم الداعي، حفاة عُراة كما خُلِقوا، قال: أراه قال: قياما حتى يُلجمهم العرق. حدثنا الحسن، قال: ثنا شبابة، قال: ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن ابن مسعود، في قوله (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ) قال: تبدّل أرضا بيضاء نقية كأنها فضة، لم يسفك فيها دم حرام، ولم يُعمَل فيها خطيئة. حدثني المثنى، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال: أخبرنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن عبد الله، في قوله (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ) قال: أرض الجنة بيضاء نقية، لم يعمل فيها خطيئة، يسمعهم الداعي، وينفذه البصر، حفاة عراة قياما يلجمهم العرق. حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ) قال: أرض بيضاء كالفضة لم يسفك فيها دم حرام، ولم يُعمل فيها خطيئة. حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا يحيى بن عباد، قال: ثنا حماد بن زيد، قال: أخبرنا عاصم بن بَهْدلة، عن زِرّ بن حُبيش، عن عبد الله بن مسعود، أنه تلا هذه الآية (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ) قال: يجاء بأرض بيضاء كأنها سبيكة فضة لم يُسْفك فيها دم، ولم يُعمل عليها خطيئة، قال: فأوّل ما يحكم بين الناس فيه في الدماء. حدثنا أبو كريب، قال: ثنا معاوية بن هشام، عن سنان، عن جابر الجُعفيّ، عن أبي جبيرة، عن زيد، قال: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليهود، فقال: هَلْ تَدْرُونَ لِمَ أَرْسَلْتُ إلَيْهِمْ؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: فإني أرْسَلْتُ إلَيْهِمْ أسألُهُمْ عَنْ قَوْلِ الله (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ) إنَّها تَكُونُ يَوْمَئذٍ بَيْضَاءَ مثْلُ الفضَّةِ، فلما جاءوا سألهم. فقالوا: تكون بيضاء مثل النقيّ (1) . حدثنا أبو إسماعيل الترمذي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سنان بن سعد، عن أنس بن مالك، أنه تلا هذه الآية (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ) قال: يبدّلها الله يوم القيامة بأرض من فضة لم يُعمل عليها الخطايا، ينزلها الجبَّار تبارك تعالى. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، وحدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا شبابة، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ) قال: أرض كأنها الفضة، زاد الحسن في حديثه عن شبابة: والسموات كذلك أيضا كأنها الفضة. حدثا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ) قال: أرض كأنها الفضة، والسموات كذلك أيضا. حدثنا ابن البرقي، قال: ثنا ابن أبي مريمَ، قال: أخبرنا محمد بن جعفر، قال: ثني أبو حازم، قال: سمعت سهل بن سعد يقول: سمعت رسول الله (1) في اللسان: وفي الحديث: "يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء، كقرصة النقي" قال أبو عبيد: النقي الخبز الحواري. صلى الله عليه وسلم يقول: "يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ القيامَةِ على أرْضٍ بَيْضَاءَ عَفْرَاءَ كَقُرْصةِ النُّقِيّ" . قال سهل أو غيره: ليس فيها معلم لغيره. وقال آخرون: تبدّل نارا. * ذكر من قال ذلك: حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن فضيل، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن قيس بن السَّكن، قال: قال عبد الله: الأرض كلها نار يوم القيامة، والجنة من ورائها ترى أكوابها وكواعبها، والذي نفس عبد الله بيده، إن الرجل ليفيض عرقا، حتى يرشح في الأرض قدمه، ثم يرتفع حتى يبلغ أنفه وما مسه الحساب، فقالوا: مم ذاك يا أبا عبد الرحمن؟ قال: مما يرى الناس ويلقون. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا أبو سفيان، عن الأعمش، عن خيثمة، قال: قال عبد الله: الأرض كلها يوم القيامة نار، والجنة من ورائها ترى كواعبها وأكوابها، ويلجم الناس العرق، أو يبلغ منهم العرق، ولم يبلغوا الحساب. وقال آخرون: بل تبدّل الأرض أرضا من فضة. * ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، قال: سمعت المغيرة بن مالك يحدّث عن المجاشع أو المجاشعي، شكّ أبو موسى، عمن سمع عليا يقول في هذه الآية (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ) قال: الأرض من فضة، والجنة من ذهب. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن شعبة، عن المغيرة بن مالك، قال: ثني رجل من بني مجاشع، يقال له عبد الكريم،أو ابن عبد الكريم، قال: حدثني هذا الرجل أراه بسمرقند، أنه سمع عليّ بن أبي طالب قرأ هذه الآية (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ) قال: الأرض من فضة، والجنة من ذهب. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن شعبة، عن مغيرة بن مالك، عن رجل من بني مجاشع، يقال له عبد الكريم،أو يكنى أبا عبد الكريم، قال: أقامني على رجل بخراسان، فقال: حدثني هذا أنه سمع عليّ بن أبي طالب، فذكر نحوه. حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ) ... الآية، فزعم أنها تكون فضة. حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سنان بن سعد، عن أنس بن مالك قال: يبدّلها الله يوم القيامة بأرض من فضة. وقال آخرون: يبدّلها خبزة. * ذكر من قال ذلك: حدثني المثنى، قال: ثنا أبو سعد سعيد بن دلّ من صغانيان، قال: ثنا الجارود بن معاذ الترمِذِيّ، قال: ثنا وكيع بن الجرّاح، عن عمر بن بشر الهمداني، عن سعيد بن جبير، في قوله (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ) قال: تبدّل خبزة بيضاء يأكل المؤمن من تحت قدميه. حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا وكيع، عن أبى معشر، عن محمد بن كعب القرظي، أو عن محمد بن قيس (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ) قال: خبزة يأكل منها المؤمنون من تحت أقدامهم. وقال آخرون: تبدّل الأرض غير الأرض. * ذكر من قال ذلك: حدثنا عليّ بن سهل، قال: ثنا حجاج بن محمد، قال: ثنا أبو جعفر، عن الربيع بن أنس، عن كعب في قوله (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ) قال: تصير السماوات جنانا ويصير مكان البحر النار. قال: وتبدل الأرض غيرها. حدثنا أبو كريب، قال: ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربيّ، عن إسماعيل بن رافع المدني، عن يزيد، عن رجل من الأنصار، عن محمد بن كعب القرظي، عن رجل من الأنصار، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ فَيَبْسُطُهَا وَيُسَطِّحهَا وَيَمُدّهَا مَدّ الأدِيم الْعُكَاظِيّ لا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلا أَمْتًا، ثُمَّ يَزْجُر اللَّه الْخَلْق زَجْرَةً وَاحِدَةً" ![]()
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |