شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله - الصفحة 98 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 732 - عددالزوار : 116950 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4934 - عددالزوار : 2020507 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4507 - عددالزوار : 1298812 )           »          معركة السويداء تحدد مستقبل سوريا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          من ذنوب المعرفة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          خديجة رضي الله عنها.. السند النفسي الأول للنبي ﷺ وسند الرسالة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          الاعتصام بغير الله هلاك .. !! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          دروس في التربية النبوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          هل الهوية الإسلاميَّة في خطر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          العلم مكانه، من طلبه وجده، سواء كان عربيا أو عجميا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #971  
قديم 05-07-2025, 06:52 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [594]
الحلقة (624)





شرح سنن أبي داود [594]

جاء الإسلام لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، وحثهم على عمارة الآخرة والاهتمام بها والتزود لها، وكره لهم التكالب على الدنيا والتطاول فيها والتفاخر ببنيانها وعمارتها. ومما جاء به الإسلام حث أتباعه على البعد عن مضرة الناس وإيذائهم في أماكن جلوسهم وظلهم وطرقهم، فأمر بإماطة الأذى عن الطريق ومنع اقتراف ما يؤذي الناس، وما ترك الإسلام من شيء فيه نفع إلا وحثنا عليه، أو سوءاً إلا وحذرنا منه.
ما جاء في البناء


شرح حديث (مر بي رسول الله وأنا أطين حائطاً...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في البناء. حدثنا مسدد بن مسرهد قال حدثنا حفص عن الأعمش عن أبي السفر عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: (مر بي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا أطين حائطاً لي أنا وأمي، فقال: ما هذا يا عبد الله ؟! فقلت: يا رسول الله! شيء أصلحه، فقال: الأمر أسرع من ذلك) ]. أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى باباً فيما جاء في البناء. والمقصود من ذلك بنيان البيوت وغيرها، والمقصود من ذكر هذه الترجمة ذكر ما ورد من الأحاديث المتعلقة بالبناء، والحاجة إلى البنيان أمر معلوم، والناس لابد لهم من البنيان واتخاذ الأماكن التي يتخذونها سكناً، والمحذور هو الذي يكون فيه مفاخرة وتكبر أو ما إلى ذلك. وقد أورد أبو داود عدة أحاديث أولها حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم مر به وهو يطين حائطاً له هو وأمه، والمقصود بالتطيين: أنه يبني شيئاً بالطين، فقال: ما هذا؟ قال: شيئاً نصلحه، يعني: أنه فيه خلل فيصلحه. قال: (الأمر أسرع من ذلك) يعني: أن الموت قريب. وهذا لا يدل على المنع من ذلك، بل فيه بيان ذهاب وفناء الدنيا، وأن الإنسان لابد أن يغادر هذه الحياة الدنيا، وأن عليه أن يعتني بعمارة الدار الآخرة، وإذا فعل ما يحتاج إليه من البنيان في هذه الحياة الدنيا فلا بأس بذلك، ولهذا كان بعض العلماء قد وعظ البعض وعظاً عظيماً كبيراً، ونصحه بنصيحة قيمة وموعظة بليغة، وكان مما قاله فيها: فاعمر قبرك كما عمرت قصرك. إشارة إلى الاستعداد للدار الآخرة، وأن الإنسان يعمل الأعمال الصالحة التي يجد فيها السلامة والنجاة في القبر وما بعد القبر، أما وقد حصلت العناية في أمور الدنيا فلا بد أن تكون العناية بما هو أهم وأعظم من أمور الآخرة. والرسول صلى الله عليه وسلم أول ما قدم المدينة نزل ضيفاً على أبي أيوب الأنصاري رضي الله تعالى عنه، وكان بيته مكوناً من دورين، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم في الدور الأسفل، وكان هو في الدور الأعلى، فجاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وطلب منه أن يتحول من الأسفل إلى الأعلى، وقال: لا أحب أن أكون فوقك يا رسول الله، فانتقل عليه الصلاة والسلام إلى الدور الأعلى. فالبنيان المحتاج إليه لا بأس به، وهذا أمر لا بد منه، وهو من الأمور الضرورية للناس، وهذا الذي قاله الرسول صلى الله عليه وسلم ليس منعاً، وإنما هو تنبيه إلى ما هو الأهم والأعظم، وأن الإنسان يستعد للموت، والاستعداد للحياة لا يحتاج إلى أن يوصى الإنسان به فهو مستعد بدون أن يوصى، ولكن الاستعداد للآخرة هو الذي يحتاج إلى تنبيه ووصية.
تراجم رجال إسناد حديث (مر بي رسول الله وأنا أطين حائطاً...)


قوله: [ قال حدثنا مسدد بن مسرهد ]. مسدد بن مسرهد ثقة أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا حفص ]. حفص بن غياث ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الأعمش ]. الأعمش هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي السفر ]. أبو السفر هو سعيد بن يحمد وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن عمرو ]. عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث (... ما أرى الأمر إلا أعجل من ذلك)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة و هناد المعنى قالا: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش بإسناده بهذا قال: (مر علي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ونحن نعالج خُصاً لنا وهى، فقال: ما هذا؟ فقلنا: خص لنا وهى فنحن نصلحه، فقال رسول الله عليه وعلى آله وسلم: ما أرى الأمر إلا أعجل من ذلك) ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو من طريق أخرى، وفيه أنه قال: (خصَّا)، والخص قيل هو: البنيان أو الشيء المتخذ من الخشب والقصب، وهناك قال: (نطين) فإما أن تكون القصة قصتين أو أنها واحدة، ولكنه يعالجه بالبنيان بأن يبني في أسفله حتى يثبت فيه الخشب والقصب، فإذا كانت القصة واحدة فلا تنافي بينهما، فالتطيين لا ينافي إصلاح أو معالجة ما هو متخذ من الخشب والقصب، وذلك لأن الأساس في الأصل إنما يكون بالطين، حيث تبنى جوانبه بالطين حتى يتماسك.
تراجم رجال إسناد حديث (... ما أرى الأمر إلا أعجل من ذلك)


قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي وإلا النسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة. [ و هناد ]. هناد بن السري أبو السري ثقة أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد و مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا أبو معاوية ]. هو محمد بن خازم الضرير الكوفي، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الأعمش ]. الأعمش مر ذكره.

شرح حديث (... أما إن كل بناء وبال على صاحبه إلا ما لا، إلا ما لا... )


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن يونس قال حدثنا زهير حدثنا عثمان بن حكيم قال: أخبرني إبراهيم بن محمد بن حاطب بن القرشي عن أبي طلحة الأسدي عن أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم خرج فرأى قبة مشرفة فقال: ما هذه؟ قال له أصحابه: هذه لفلان. رجل من الأنصار، قال: فسكت وحملها في نفسه حتى إذا جاء صاحبها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يسلم عليه في الناس أعرض عنه. صنع ذلك مراراً حتى عرف الرجل الغضب فيه والإعراض عنه، فشكا ذلك إلى أصحابه، فقال: والله إني لأنكر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، قالوا: خرج فرأى قبتك قال: فرجع الرجل إلى قبته فهدمها حتى سواها بالأرض، فخرج رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذات يوم فلم يرها، قال: ما فعلت القبة؟ قالوا: شكا إلينا صاحبها إعراضك عنه فأخبرناه فهدمها، فقال: أما إن كل بناء وبال على صاحبه إلا ما لا، إلا ما لا. يعني: ما لابد منه) ]. أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوماً ورأى قبة مشرفة، يعني: أنها عالية، فقال: لمن هذه؟ قالوا: لفلان، فكان ذلك الرجل يأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم لا يظهر له انبساطاً، فتأثر هذا الرجل، فأخبر بعض الصحابة بالذي رآه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه فهم أن في نفسه شيئاً عليه، فقالوا له: إنه سأل عن القبة وإنه ذكر القبة، فذهب وهدمها، فلقيه بعد ذلك فأخبره أنه هدمها فقال: (إن كل بناء وبال على صاحبه إلا ما لا، إلا ما لا. يعني: إلا ما لا بد منه)، يعني الشيء الذي لا يحتاج إليه الإنسان فإنه يكون ضرراً على صاحبه، ولعله اتخذ القبة وجعلها مشرفة، فكان هذا فيه شيء من الصفات الغير حميدة التي قد يفهم منها شيئاً من التكبر أو الترفع، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم ما قال. والحديث ضعفه الألباني في ضعيف أبي داود ، ولكنه أشار إلى أن إسناده جيد أظنه في (الضعيفة)، وفيه رجل وصفه الحافظ بأنه مقبول، و الذهبي قال في الكاشف: إنه صدوق، وهو ابن حاطب هذا. والحديث على حسب ما جاء عن الذهبي أن فيه رجلاً صدوقاً، معناه أن الإسناد جيد، وأما الحافظ فقد قد قال عنه في (التقريب) مقبول، ولا أدري ما وجه قوله عنه: مقبول. (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى قبة مشرفة فقال: ما هذه؟ قال له أصحابه: هذه لفلان. رجل من الأنصار، قال: فسكت وحملها في نفسه حتى إذا جاء صاحبها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يسلم عليه في الناس أعرض عنه، صنع ذلك مراراً حتى عرف الرجل الغضب فيه والإعراض عنه، فشكا ذلك إلى أصحابه، فقال: والله إني لأنكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قالوا: خرج فرأى قبتك، قال: فرجع الرجل إلى). يعني: يراه متغيراً متأثر، وأنه كان يعرض عنه فلم يكن كما كان من قبل، فظن أن في الأمر شيئاً، فسأل بعض الصحابة فأخبروه عن قصة القبة. (فرجع الرجل إلى قبته فهدمها حتى سواها بالأرض، فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم فلم يرها، قال: ما فعلت القبة؟ قالوا: شكا إلينا صاحبها إعراضك عنه فأخبرناه فهدمها، فقال: أما إن كل بناء وبال على صاحبه إلا ما لا، إلا ما لا. يعني: ما لابد منه) أي ما لابد منه، وهذا فيه حذف اسم لا وخبرها، ويحذف أحياناً الاسم والخبر، وأحياناً يحذف الاسم دون الخبر، مثلما جاء في قول الله عز وجل: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ [الزلزلة:7] إن خيراً فخير وإن شراً فشر. يعني: حذف كان واسمها وبقي الخبر، وكذلك أيضاً هنا حذف اسم لا النافية للجنس وخبرها، وكذلك قول الله عز وجل في سورة الطلاق: فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ [الطلاق:4] حذف المبتدأ والخبر. وقوله: (( وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ )) أي: فعدتهن ثلاثة أشهر مثل الذي قبله.
تراجم رجال إسناد حديث (... أما إن كل بناء وبال على صاحبه إلا ما لا، إلا ما لا...)


قوله: [ حدثنا أحمد بن يونس ]. أحمد بن يونس ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا زهير ]. زهير بن معاوية ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عثمان بن حكيم ]. عثمان بن حكيم ثقة أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ أخبرني إبراهيم بن محمد بن حاطب القرشي ]. إبراهيم بن محمد بن حاطب قال عنه في التقريب: صدوق أخرج له أبو داود . [ عن أبي طلحة الأسدي ]. أبو طلحة الأسدي مقبول أخرج له أبو داود، وفي الكاشف قال عنه الذهبي صدوق. [ عن أنس ]. أنس رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ما جاء في اتخاذ الغرف


شرح حديث (... فارتقى بنا إلى علية فأخذ المفتاح من حجرته ففتح)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في اتخاذ الغرف. حدثنا عبد الرحيم بن مطرف الرؤاسي حدثنا عيسى عن إسماعيل عن قيس عن دكين بن سعيد المزني رضي الله عنه قال: (أتينا النبي صلى الله عليه وآله وسلم فسألناه الطعام، فقال: يا عمر اذهب فأعطهم، فارتقى بنا إلى علية فأخذ المفتاح من حجرته ففتح) ]. أورد أبو داود باباً في اتخاذ الغرف. والغرف: هي التي تكون عالية مثل الدور الثاني، وقال الله: غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ [الزمر:20] فهذا هو المقصود بها. وأورد هذا الحديث الذي فيه أنه قال: سألنا الرسول الطعام فقال: (أعطهم يا عمر)، فخرج وذهب بهم إلى علية يعني: غرفة عالية، وأخذ المفتاح من غرفته ففتح. وقد مر الحديث الذي أشرت إليه من كون بيت أبي أيوب الأنصاري كان مكوناً من دورين، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم سكن في الطابق الأسفل، وبعد ذلك طلب منه أن يتحول إلى الأعلى، وقال: إنه لا يريد أن يكون فوق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتحول.
تراجم رجال إسناد حديث (... فارتقى بنا إلى علية فأخذ المفتاح من حجرته ففتح)


قوله: [ حدثنا عبد الرحيم بن مطرف الرؤاسي ]. عبد الرحيم بن مطرف الرؤاسي ثقة أخرج له أبو داود و النسائي . [ حدثنا عيسى ]. عيسى بن يونس بن أبي إسحاق ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن إسماعيل ]. إسماعيل بن أبي خالد، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن قيس ]. قيس بن أبي حازم، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، و قيس هذا مخضرم، وقيل بأنه اتفق له أن روى عن العشرة المبشرين بالجنة. [ عن دكين بن سعيد المزني ]. دكين بن سعيد المزني صحابي أخرج له أبو داود .
ما جاء في قطع السدر


شرح حديث (من قطع سدرة صوب الله رأسه في النار)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في قطع السدر. حدثنا نصر بن علي أخبرنا أبو أسامة عن ابن جريج عن عثمان بن أبي سليمان عن سعيد بن محمد بن جبير بن مطعم عن عبد الله بن حبشي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من قطع سدرة صوب الله رأسه في النار). سئل أبو داود عن معنى هذا الحديث، فقال: هذا الحديث مختصر، يعني: من قطع سدرة في فلاة يستظل بها ابن السبيل والبهائم عبثاً وظلماً بغير حق يكون له فيها صوب الله رأسه في النار ]. أورد أبو داود باباً في قطع السدر. والسدر: هو الشجر الذي ينبت في الفلاة ويكون كبيراً، والناس يتخذونه ظلاً يستظلون به من الشمس، أو يقيلون تحته في أثناء الطريق، وقد مر أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل وأصحابه في البر يستظلون بالشجر، وقد مر قريباً أن بلالاً كان في ظل شجرة كأن ظله ظل طائر، وهذا هو المراد بالنهي عن قطع السدر، وأنه لا يقطع إلا إذا كان هناك حاجة إلى قطعه ولم يكن هناك حاجة إليه، وإلا فإن الحطب يؤخذ من هذه الأشجار، وكذلك الأبواب تتخذ من هذه الأشجار. ولكن إذا كان القطع عبثاً أو لغير فائدة أو أن ذلك يؤدي إلى إفناء تلك الأشجار التي يستظل بها الناس، أو الإتيان إلى الشجر الكبير الذي له ظل كبير ثم يقطع ويتضرر الناس به، هذا هو الذي فيه المحذور، وإلا فإن الشجر الذي لا يترتب على قطعه ضرر لا بأس بقطعه؛ لأنه يتخذ حطباً وأبواباً وغير ذلك من الأغراض التي يتخذه الناس لها. أورد أبو داود حديث عبد الله بن حبشي رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم (من قطع سدرة صوب الله رأسه في النار). هذا بيان لذنبه، وأنه يستحق عذاب النار، ولكن هذا قيل: إنه في شجر الحرم، وقد جاء في بعض الروايات أنها من شجر الحرم. وقال أبو داود وغيره: إن المقصود من ذلك الشيء الذي يحتاج إليه الناس مثلما جاء في الذي يبول ويتغوط تحت الشجر، وأن هذا يؤذي الناس ويحرمهم من الاستظلال، فيكون من جنس هذا، فهو ممنوع من أجل حاجة الناس إلى ذلك، فإذا لم يكن هناك حاجة إليها وكان الشجر قصيراً أو صغيراً يحتاج الناس إليه للحطب لاسيما إذا كان يابساً، فإنه لا محذور في ذلك ولا بأس به، ولكن الشيء الذي يستفاد منه ويحتاج الناس إليه يمنع من قطعه. قوله: (صوب الله رأسه في النار) يعني: نكسه وألقاه على رأسه.

تراجم رجال إسناد حديث (من قطع سدرة صوب الله رأسه في النار)


قوله: [ حدثنا نصر بن علي ]. نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا أبو أسامة ]. أبو أسامة حماد بن أسامة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن جريج ]. هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عثمان بن أبي سليمان ]. عثمان بن أبي سليمان ثقة أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم و أبو داود و الترمذي في الشمائل و النسائي و ابن ماجة . [ عن سعيد بن محمد بن جبير بن مطعم ]. سعيد بن محمد بن جبير مقبول أخرج له أبو داود و النسائي . [ عن عبد الله بن حبشي ]. عبد الله بن حبشي رضي الله عنه صحابي أخرج له أبو داود و النسائي . والحديث صححه الألباني وفيه هذا المقبول، ويمكن أن يكون له شواهد، ولعل الذي بعده يشهد له.

شرح حديث (من قطع سدرة...) من طريق أخرى وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مخلد بن خالد و سلمة -يعني ابن شبيب - قالا: حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن عثمان بن أبي سليمان عن رجل من ثقيف عن عروة بن الزبير يرفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم نحوه ]. وهذا من طريق أخرى، وهي تكون متابعة للرواية السابقة، والرواية السابقة فيها مقبول، والثانية فيها مبهم، والمبهم غير المذكور؛ لأن المبهم قيل: إنه من ثقيف، وأما ذلك فهو من بني نوفل، فهذا غير هذا، ولا يقال: إن هذا هو هذا، بل هذا طريق آخر، والشخص غير الشخص، فهذه الطريق التي فيها هذا المبهم تكون فيها متابعة لتلك الطريق التي فيها الرجل الذي قيل عنه مقبول، وهو الذي يعتضد حديثه إذا جاء من طريق أخرى. قوله: [ حدثنا مخلد بن خالد ]. مخلد بن خالد الشعيري وهو ثقة أخرج له مسلم و أبو داود . [ و سلمة -يعني: ابن شبيب - ]. سلمة بن شبيب ثقة أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا عبد الرزاق ]. عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا معمر ]. معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عثمان بن أبي سليمان عن رجل من ثقيف عن عروة بن الزبير ]. عثمان بن أبي سليمان مر ذكره في الإسناد السابق. و عروة بن الزبير ثقة فقيه من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة. تنبيه: يلحق بالسدر غيره من الأشجار التي يستظل الناس بها؛ لأن النهي ليس من أجل كونه سدراً، وإنما من أجل الاستفادة منه، وأما بالنسبة للحرم فكل شجر الحرم لا يقطع إلا الشيء الذي استغرسه وزرعه الناس فإنهم يقطعونه.

شرح حديث (... لعن رسول الله من قطع السدر)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة و حميد بن مسعدة قالا: حدثنا حسان بن إبراهيم قال: سألت هشام بن عروة عن قطع السدر وهو مستند إلى قصر عروة ، فقال: أترى هذه الأبواب والمصاريع إنما هي سدر عروة، كان عروة يقطعه من أرضه وقال: لا بأس به. زاد حميد فقال: [ هيه يا عراقي جئتني ببدعة، قال: قلت: إنما البدعة من قبلكم، سمعت من يقول بمكة: (لعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من قطع السدر) ثم ساق معناه ]. أورد أبو داود حديث حسان بن إبراهيم وهو مرسل مقطوع. يقول حسان : [ سألت هشام بن عروة عن قطع السدر، وهو مستند إلى قصر عروة ، فقال: أترى هذه الأبواب والمصاريع إنما هي سدر عروة ، كان عروة يقطعه من أرضه، وقال: لا بأس به، زاد حميد فقال: هيه يا عراقي جئتني ببدعة، قال: قلت: إنما البدعة من قبلكم ]. أي: كان هشام مستند إلى البيت الذي فيه تلك الأبواب والمصاريع، وسأله حسان بن إبراهيم عن قطع السدر، فقال: هذه الأبواب وهذه المصاريع هي من السدر. ومعناه أن ذلك جائز، فكأنه كلم أن ذلك لا يجوز، وهذا يخالف ما قاله له من أن هذه الأبواب من السدر، وأن ذلك جائز. فقال: جئتني ببدعة، قال: البدعة من جهتكم حدثني رجل: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن قاطع السدر). يعني: هذا الكلام الذي قاله حسان وكان يخاطب به هشام بن عروة وقال له: جئتني ببدعة، يخالف ما قاله من أن الأبواب تتخذ من السدر، وأن ذلك سائغ وجائز، فذكر هذا الحديث. ومعلوم أن حساناً متأخر ففيه انقطاع؛ لأن حساناً من الطبقة الثامنة مات سنة ست وثمانين وله مائة سنة، أي أنه مولود في القرن الأول، ولعله لقي أحد الصحابة لأن أنساً توفي سنة مائة وعشرة فلعله أدركه، فيمكن من ناحية الزمن أن يكون أدركه، ولكنه من حيث الطبقة متأخر جداً. هنا قال: [ هيه يا عراقي! جئتني ببدعة، قال: إنما البدعة من قبلكم ]. يعني هذا الذي جئت به أو الذي قلته هو منكم. قوله: [ فقد سمعت من يقول هذا بمكة]. يعني أنه ليس من العراق بل من مكة. فهشام بن عروة يقول: إن هذه الأبواب من السدر، فكأن ذاك قال له: إن هذا لا يجوز، ثم قال: جئتني ببدعة، قال: البدعة من قبلكم فقد حدثني بهذا رجل من الحجاز وليس من جهة العراق.
تراجم رجال إسناد حديث (... لعن رسول الله من قطع السدر)

قوله: [ حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة ]. هو القواريري، وهو ثقة أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . [ وحميد بن مسعدة ]. صدوق أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا حسان بن إبراهيم ]. حسان بن إبراهيم صدوق يخطئ أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود. [ عن هشام بن عروة ]. هشام بن عروة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #972  
قديم 05-07-2025, 06:52 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

ما جاء في إماطة الأذى عن الطريق


شرح حديث (في الإنسان ثلاثمائة وستون مفصلاً...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في إماطة الأذى عن الطريق. حدثنا أحمد بن محمد المروزي قال: حدثني علي بن حسين قال: حدثني أبي قال: حدثني عبد الله بن بريدة قال: سمعت أبي بريدة رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: (في الإنسان ثلاثمائة وستون مفصلاً، فعليه أن يتصدق عن كل مفصل منه بصدقة، قالوا: ومن يطيق ذلك يا نبي الله؟ قال: النخاعة في المسجد تدفنها، والشيء تنحيه عن الطريق، فإن لم تجد فركعتا الضحى تجزئك) ]. أورد أبو داود باب إماطة الأذى عن الطريق. يعني: الذي يؤذي الناس من حجر أو شوك أو زجاج أو غير ذلك يماط عن الطريق، وهي من شعب الإيمان كما في حديث شعب الإيمان: (أعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان) فهي من جملة الأعمال التي هي داخلة في مسمى الإيمان. أورد أبو داود حديث بريدة بن الحصيب رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (في الإنسان ثلاثمائة وستون مفصلاً). يعني: مثل مفاصل الأصابع والكف والمرفق والإبط. (فعليه أن يتصدق عن كل مفصل منه بصدقة). فرأوا أن ذلك شاق فقالوا: من يطيق؟ وظنوا أن ثلاثمائة وستين عملاً لا بد أن تعمل، وأن ثلاثمائة وستين صدقة لا بد أن تدفع فيكون كثيراً وشاقاً، والرسول صلى الله عليه وسلم بين لهم أن هناك أموراً وأعمالاً تقوم مقام هذا العدد فقال: (النخاعة في المسجد تدفنها، والشيء تنحيه عن الطريق). وهذا محل الشاهد، وذلك أن الإنسان عندما ينحي أو يميط فهو يفعل ذلك بيديه وبحركته، ومعلوم أن تلك المفاصل تشتغل وتتحرك. ثم قال: (فإن لم تجد فركعتا الضحى تجزئك). يعني تجزئك عن هذه: لأن ركعتي الضحى هي حركات وقيام وركوع وسجود، والأعضاء والمفاصل كلها تتحرك بسبب هذا الفعل، فيكون قد أدى هذه الصدقات، ولكن العمل الذي فيه الصدقة متعد لأن إماطة الأذى عن الطريق صدقة منه على غيره، وصدقة منه على نفسه، وكون الإنسان يدفن النخاعة ويزيلها هو نفع متعد؛ لأن الناس يرون هذا الذي يستقذرونه في المسجد، وبعد ذلك إن لم يجد ما يتعدى نفعه فيجزئه عن ذلك ركعتا الضحى، ومعلوم أن نفع الركعتين قاصر وليس متعدياً. وكل ذلك فيه عمل هذه المفاصل، فيكون الإنسان تصدق على نفسه وعلى غيره فيما نفعه متعد، وتصدق على نفسه فيما إذا كان النفع قاصراً وليس متعدياً كالصلاة. ونص على ركعتي الضحى لأنها ليست متعلقة بفرائض فتكون جبراً؛ لأن النوافل التي تكون قبل الفرائض وبعدها هي سياج لها وتكون جبراً لها، وقد جاء في الحديث (أن أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة فيقال: انظروا هل لعبدي من صلاة نفل فيتمم به صلاة الفرض) يعني: يتمم به ما نقص من صلاة فرضه، فتكون تلك النوافل جوابر، وأما ركعتا الضحى فليس لهما علاقة بالفرائض بل هي مستقلة. ثم أيضاً هي في وقت يطول فيه الفصل بين الصلوات؛ لأن ما بعد صلاة الفجر إلى الزوال لا توجد إلا الضحى، فيكون الإنسان في هذا الوقت قد أتى بهذا العمل في هذا الوقت الطويل الذي كان آخر عهده بالعبادة في صلاة الفجر، وبعد ذلك سيأتي وقت صلاة الظهر والنوافل التي قبلها بعد الزوال.
تراجم رجال إسناد حديث (في الإنسان ثلاثمائة وستون مفصلاً...)

قوله: [ حدثنا أحمد بن محمد المروزي ]. أحمد بن محمد بن ثابت المروزي هو ابن شبويه، وهو ثقة أخرج له أبو داود . [ حدثني علي بن حسين ]. علي بن حسين بن واقد صدوق يهم أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم في المقدمة وأصحاب السنن. [ حدثني أبي ] وهو ثقة أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم و أصحاب السنن. [ حدثني عبد الله بن بريدة ]. عبد الله بن بريدة بن حصيب ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ سمعت أبي ]. أبوه هو بريدة بن الحصيب رضي الله عنه، وهو صحابي أخرج له أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث (... وإماطته الأذى عن الطريق صدقة...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا حماد بن زيد ح وحدثنا أحمد بن منيع عن عباد بن عباد -وهذا لفظه وهو أتم- عن واصل عن يحيى بن عقيل عن يحيى بن يعمر عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (يصبح على كل سلامى من ابن آدم صدقة: تسليمه على من لقي صدقة، وأمره بالمعروف صدقة، ونهيه عن المنكر صدقة، وإماطته الأذى عن الطريق صدقة، وبضعته أهله صدقة، قالوا: يا رسول الله! يأتي شهوة وتكون له صدقة، قال: أرأيت لو وضعها في غير حقها أكان يأثم، قال: ويجزئ من ذلك كله ركعتان من الضحى). قال أبو داود : لم يذكر حماد الأمر والنهي ]. أورد أبو داود حديث أبي ذر رضي الله عنه أن النبي قال: (يصبح على كل سلامى من الناس صدقة) والسلامى هي بمعنى المفاصل، مثل مفاصل اليدين، وقيل: هي جميع المفاصل، وهو مثل الذي قبله. ثم ذكر جملة من الأعمال تكون من الصدقة قال: (تسليمه على من لقي صدقة). يعني: صدقة منه على نفسه وعلى غيره؛ على غيره لأنه دعا له، وعلى نفسه لأنه بدأ بالسلام فهو مأجور ومثاب على ذلك، وهو محسن إلى نفسه وإلى غيره. (وأمره بالمعروف صدقة). كونه يأمر بمعروف، ويرشد إلى خير ويدل عليه، وينبه على فعل مأمور ليفعل هي صدقة منه على نفسه وعلى غيره، صدقة منه على غيره لأن غيره يأخذ بهذا الأمر ويستفيد فيفعل المعروف، وهذا كان سبباً في إفادته ودعوته فيكون مأجوراً على ذلك. قوله: (ونهيه عن المنكر صدقة). كما أن الأمر بما هو معروف صدقة فكذلك النهي عما هو منكر والتحذير من أمر محرم صدقة، أو أنه يخشى أن يقع غيره فيه فينبهه على ذلك فيكون صدقة منه على نفسه وعلى غيره. قوله: (وإماطته الأذى عن الطريق صدقة). وإماطته الأذى عن الطريق صدقة منه على نفسه وعلى غيره. (وبضعته أهله صدق). يعني: مجامعة أهله صدقه على نفسه وعلى غيره. (قالوا: يا رسول الله! يأتي شهوة وتكون له صدقة، قال: أرأيت لو وضعها في غير حقها أكان يأثم؟) يعني: أنه يستفيد منه، ومنفعته عائدة إليه ويكون له فيها أجر، قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان يأثم؟ قالوا: نعم. قال: فكذلك إذا وضعها في حلال، فإنه يؤجر، لأنه يعف نفسه ويعف غيره. وهذا فيه دليل على إثبات القياس؛ لأنه قاس حالاً على حال، فالمقيس عليه هو وضعها في حرام وأنه يأثم، فيقاس عليه أنه إذا وضعها في حلال فإنه يؤجر. قوله: (ويجزئ عن ذلك كله ركعتان من الضحى). وهذا مثلما في الحديث الذي قبله.

تراجم رجال إسناد حديث (... وإماطته الأذى عن الطريق صدقه...)


قوله: [ حدثنا مسدد ]. مسدد مر ذكره. [ حدثنا حماد بن زيد ]. حماد بن زيد ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ح وحدثنا أحمد بن منيع ]. أحمد بن منيع ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عباد بن عباد ]. عباد بن عباد ثقة ربما وهم أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن واصل ]. [ واصل بن عيينة وهو واصل مولى أبي عيينة صدوق أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن يحيى بن عقيل ]. يحيى بن عقيل صدوق أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن يحيى بن يعمر ]. يحيى بن يعمر ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي ذر ]. هو جندب بن جنادة رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ قال أبو داود : لم يذكر حماد الأمر والنهي ]. يعني حماد بن زيد الذي في الطريق الثانية المقابلة لطريق عباد بن عباد. وقد ساقه على لفظ عباد وقال: إنه أتم، وقال: إن حماد بن زيد لم يذكر الأمر والنهي، يعني قوله: (أمره بمعروف صدقة، ونهيه عن منكر صدقة).
شرح حديث (وإماطته الأذى عن الطريق صدقة من طريق ثانية)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا وهب بن بقية أخبرنا خالد عن واصل عن يحيى بن عقيل عن يحيى بن يعمر عن أبي الأسود الديلي عن أبي ذر رضي الله عنه بهذا الحديث، وذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم في وسطه ]. أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، وقال: بهذا الحديث وذكر النبي صلى الله عليه وسلم في وسطه. معناه: أنه جاء في أثناء الحديث، ويوضح ذلك الجماعة الذين جاءوا إلى رسول الله وقالوا: ذهب أهل الدثور بالأجور يصلون كما نصلي وكذا وكذا، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال لهم كذا وكذا، فيكون معنى ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في وسطه: أنه ما جاء ذكر النبي في أوله كما في الأحاديث الأخرى التي يقول فيها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما فيه كلام ثم جاء ذكر النبي في وسطه. وذكر النبي صلى الله عليه وسلم في وسطه إخبار عن الحالة الواقعة، وهي أن النبي مذكور في الوسط، ولكنه في عون المعبود قال: إن ذكر النبي هنا فاعل. يقول: وذكر النبي صلى الله عليه وسلم بالرفع فاعل، ذكر أي: ذكر النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث في وسطه بفتح الواو وسكون السين، أي: في وسط كلامه، فالضمير المجرور يرجع إلى كلام النبي صلى الله عليه وسلم. لأن الظاهر أن كلمة (ذكر النبي) تماثل: وذكر النبي في وسطه، أي: الرواي، أو أن الذي ساق الحديث ذكر النبي في وسطه وما جاء ذكر النبي في أوله وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما ذكر شيئاً ثم جاء ذكر النبي في أثنائه.
تراجم رجال إسناد حديث (وإماطته الأذى عن الطريق صدقة) من طريق ثانية


قوله: [ حدثنا وهب بن بقية ]. وهب بن بقية الواسطي ثقة أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي . [ أخبرنا خالد ]. خالد بن عبد الله الطحان الواسطي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن واصل عن يحيى بن عقيل عن يحيى بن يعمر عن أبي الأسود الديلي ]. وقد مر ذكرهم، وأما أبو الأسود الديلي فهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي ذر ]. مر ذكره.
شرح حديث (... نزع رجل لم يعمل خيراً قط غصن شوك عن الطريق...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عيسى بن حماد أخبرنا عن محمد بن عجلان عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (نزع رجل لم يعمل خيراً قط غصن شوك عن الطريق، إما كان في شجرة فقطعه وألقاه، وإما كان موضوعاً فأماطه؛ فشكر الله له بها فأدخله الجنة) ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة أن رجلاً نزع غصناً في طريق، وكان رجلاً لم يعمل خيراً قط؛ فشكر الله له ذلك فأدخله الجنة. (إما كان في شجرة فقطعه وألقاه، وإما كان موضوعاً فأماطه). إما كان في شجرة فقطعه لأن الشجرة تؤذي المارة وتعترضهم وتؤذيهم، فقطع ذلك الغصن حتى إذا مر الناس لا يؤذيهم ذلك الغصن، أو أنه كان موجوداً في الطريق فأزاله عن الطريق الذي يمر به الناس، وهذا يدل على فضل إماطة الأذى عن الطريق. وقوله: (لم يعمل خيراً قط) لا يعني ذلك أنه لم يكن فعل شيئاً من الأعمال مثل الصلاة وغيرها، فإن تلك أمور لا بد منها.
تراجم رجال إسناد حديث (نزع رجل لم يعمل خيراً قط غصن شوك عن الطريق...)


قوله: [ حدثنا عيسى بن حماد ]. عيسى بن حماد هو الملقب زغبة وهو ثقة أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ أخبرنا الليث ]. الليث بن سعد المصري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد بن عجلان ]. محمد بن عجلان صدوق أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن زيد بن أسلم ]. زيد بن أسلم ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي صالح ]. أبو صالح السمان وهو ذكوان وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق. والرجل يراد به رجلاً من الأمم السابقة، ويحتمل كونه من هذه الأمة.

ما جاء في إطفاء النار بالليل



شرح حديث (لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في إطفاء بالنار بالليل. حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل حدثنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه رضي الله عنه رواية، وقال مرة: يبلغ به النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون) ]. أورد أبو داود باباً في إطفاء النار بالليل. يعني: إذا نام الناس والنار موجودة في البيت فإنها تطفأ، كالسرج أو كالنار التي أوقدها الناس بالحطب؛ فقد ينام الناس وينتقل اللهب، أو ينتقل شيء منها على فرشهم فيكون الحريق، وكذلك السراج إن كان له فتيلة وكان يوقد بالزيت فقد تحركه الفأرة فينقلب، ويتصل بشيء فيه احتراق فيحدث بسبب ذلك الاحتراق. وفي هذا الزمان توجد الكهرباء ويمكن أن يترتب عليها خلل، وأن يحصل فيها التماس، فعند ذلك تطفأ، وإذا كان يغلب عليها السلامة والناس بحاجة إليها فلا بأس، وإن لم يكونوا بحاجة إلى نور عند النوم فإنهم يطفئونه، وإذا كانوا بحاجة إلى النور ويعرفون من العادة المستمرة عندهم أن مثل هذه الإضاءة تكون مفتوحة ومع ذلك لا يترتب عليها شيء من الضرر فإنه لا بأس بذلك. أورد أبو داود حديث ابن عمر قال: (لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون). يعني: لا تتركوها مشتعلة، فاعملوا على إطفائها قبل أن تناموا. وهذا من أدلة سد الذرائع، لأنه نهى عن هذه الوسيلة من أجل أنها تؤدي إلى غاية ضارة أو يخشى أن تؤدي إلى غاية ضارة.

تراجم رجال إسناد حديث (لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون)


قوله: [ أحمد بن محمد بن حنبل ]. أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام الفقيه المحدث أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا سفيان عن الزهري ]. سفيان بن عيينة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. و الزهري هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سالم ]. سالم بن عبد الله بن عمر ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. عبد الله بن عمر، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام. [ قال مرة: رواية، وقال مرة: يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم ]. لأن هذا من الألفاظ التي بمعنى (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم)، أو (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم). وأحياناً قول الصحابي (رواية) يعني أنه يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو يقول: (يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم) فهي كلها من الألفاظ التي يؤتى بها لإفادة أن الحديث مرفوع؛ لكن يمكن أن يكون الراوي إنما يأتي بها لأنه لم يتيقن الصيغة التي حصلت، هل هي: (سمعت) أو هي: (قال). ويكون الراوي عن الصحابي يقول: (رواية) أو (يبلغ به النبي) أو (ينميه إلى النبي)؛ وكلها عبارات تفيد الرفع، ولكنها تحمل على أن الراوي الذي دون الصحابي ما ضبط الصيغة التي قالها الصحابي فأتى بشيء يدل عليها، وهي كلمة (رواية) أو (يرويه) أو (ينميه) أو (يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم).
شرح حديث (... إذا نمتم فأطفئوا سرجكم...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا سليمان بن عبد الرحمن التمار حدثنا عمرو بن طلحة حدثنا أسباط عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (جاءت فأرة فأخذت تجر الفتيلة فجاءت بها فألقتها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخمرة التي كان قاعداً عليها، فأحرقت منها مثل موضع الدرهم، فقال: إذا نمتم فأطفئوا سرجكم؛ فإن الشيطان يدل مثل هذه على هذا فتحرقكم) ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن عباس أن فأرة جرت الفتيلة التي في السراج فوقعت على الخمرة، وهي الفراش الذي كان يجلس عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، فأحرقت منها مقدار الدرهم، ومعناه: أن الإحراق حصل في هذا الموضع من هذه الخمرة، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إذا نمتم فأطفئوا سرجكم، فإن الشيطان يدل مثل هذه على هذا فتحرقكم). يعني هذه الفأرة يدلها الشيطان على مثل هذا العمل فتحرق عليكم متاعكم وأثاثكم أو بيوتكم.
تراجم رجال إسناد حديث (... إذا نمتم فأطفئوا سرجكم...)


قوله: [ حدثنا سليمان بن عبد الرحمن التمار ]. سليمان بن عبد الرحمن التمار صدوق أخرج له أبو داود . [ حدثنا عمرو بن طلحة ]. عمرو بن طلحة صدوق أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة في التفسير. [ حدثنا أسباط ]. أسباط بن نصر وهو صدوق كثير الخطأ أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم و أصحاب السنن. [ عن سماك ]. سماك بن حرب وهو صدوق أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن عكرمة ]. عكرمة مولى ابن عباس وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ]. عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الأسئلة



شرح حديث (كل شيء يؤجر عليه ابن آدم إلا في البنيان)


السؤال: هل يوجد حديث: (كل شيء يؤجر عليه ابن آدم إلا في البنيان)؟ الجواب: (يؤجر ابن آدم على كل شيء إلا البنيان) ذكره البخاري معلقاً في كتاب الطب لما زاروا خبيباً رضي الله عنه وهو يصلح بنياناً له فقال لهم: (كل شيء يؤجر فيه إلا البنيان). وإذا صح الحديث فيحمل على الشيء الذي لا حاجة إليه، أو على ما كان من أجل التكبر أو ما إلى ذلك.

حكم القبب الموجودة على البنيان


السؤال: القبب الآن الموجودة على كثير من العمارات والبنيان ما حكمها؟ الجواب: الذي يبدو أنه لا بأس بها إلا إذا كان المقصود به التكبر، وأيضاً تركها لا شك أنه أولى؛ لأن فيها تضييع الأموال وفيها تكلفاً، الأمر الثاني: أن فيها تضييعاً للسطح وعدم الاستفادة منه مثلما هو مشاهد في المسجد القديم فسطحه لا يمكن أن يستفاد منه لأنه كله قبب، فهو شيء ضائع.

معنى قوله (يسلم عليه في الناس ثم يعرض عنه)

السؤال: قول الراوي: (يسلم عليه في الناس ثم يعرض عنه) هل النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يرد عليه السلام؟ الجواب: لعله كان يرد عليه السلام ثم يعرض عنه.


ملازمة النصيحة للهجر


السؤال: هل يوجد دليل على جواز الهجر من غير نصيحة؟ الجواب: النصح مطلوب؛ لأن الإنسان قد يُهجَر وهو لا يدري ما سبب الهجر، ولكن لعل الرسول صلى الله عليه وسلم فعل ذلك مع صاحب القبة من أجل أن يتنبه وأن يحصل له التأثر، فيسأل عن الشيء الذي حصل بسببه التأثر من أجله، لكن معلوم أن النصح مطلوب، وأن الإنسان لا يهجر إلا وقد نصح، فلا يقال: إن الإنسان يهجر بدون أن ينصح. ثم أيضاً الهجر يكون ممن ينفع هجره مثل الرسول صلى الله عليه وسلم إذا هجر، أو من له منزلة، وأما إذا هجر إنسان آخر، ولا يترتب على الهجر فائدة فليس من وراء ذلك فائدة، بل عليه أن يكثر من مناصحته ومن الاتصال به، والعمل على هدايته واستقامته، وأن يزوده بما يوضح ذلك الشيء الذي هو منتقد عليه إذا كان ذلك الانتقاد صحيحاً.

حكم ترك السلام على الواقع في معصية


السؤال: وهل يستفاد من حديث صاحب القبة ترك السلام على من فعل المعصية؟ الجواب: نعم. الذي هو متلبس بمعصية لا يسلم عليه.


الجمع بين سعة المجالس وسعة البنيان


السؤال: كيف نوفق بين هذه الأحاديث وبين ما جاء في بعض الأحاديث من الترغيب في سعة الدار وأن ضيقها شؤم؟ الجواب: سعة المجالس غير سعة البنيان الذي لا حاجة له، كما قال: (إلا ما لا) أي: ما لابد منه، أما المجالس فقد قال صلى الله عليه وسلم: (خير المجالس أوسعها) لأن المجلس الواسع يجلس فيه الناس، ويكون فيه مجال لاستماع الناس إذا جاءوا؛ فلا يرجع بعضهم لأنه ما وجد مكاناً، فإذا كان المكان واسعاً حصل فيه الاستفادة واستيعاب الزائرين أو الضيوف، بخلاف ما إذا كان ضيقاً فإنه قد يترتب على ذلك أن ينصرف بعض الناس؛ لأنه ما وجد مكاناً، فيحمل ما جاء على الشيء الذي لا حاجة إليه، وأما الشيء الذي له حاجة فإن ذلك لا بأس به ولو كان واسعاً، وهو أمر مطلوب، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (خير المجالس أوسعها).

حكم عدم إطفاء الدفاية الكهربائية ليلاً


السؤال: ما حكم إطفاء الدفاية الكهربائية في أيام الشتاء، لأنها ربما تترك شغالة؟ الجواب: وهذه هي التي يمكن احتراقها بسبب الإهمال لها وطول مدة التشغيل قد تسبب شيئاً من الضرر.

حكم قول: (شكر الله لك)


السؤال: في الحديث قال: (شكر الله له الرجل) أي: الذي نحى غصن الشوك، فهل يصلح هذا دليلاً لقول بعضهم إذا عملت له معروفاً: شكر الله لك؟ الجواب: في القرآن: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ [لقمان:14].

عدم وجوب الصدقة عن كل سلامى

السؤال: في الحديث: (على كل سلامى صدقة) وفي آخر (فعليه) فهل هذه الألفاظ تدل على الوجوب؟ الجواب: الذي يبدو أن مثل هذا لا يدل على الوجوب؛ لأنه قال: (يجزئ عن ذلك ركعتان من الضحى) ومعلوم أن ركعتي الضحى ليستا واجبتين.

حكم إماطة الأذى عن الطريق


السؤال: إماطة الأذى عن الطريق هل هي واجبة أو مستحبة؟ الجواب: الذي يبدو أنها واجبة؛ لأن الناس يلحقهم ضرر بها.

حكم إماطة الأذى عن الطريق في بلاد الكفر


السؤال: من كان في بلاد الكفر، فهل يميط الأذى عن الطريق؟ الجواب: نعم. يميط الأذى عن الطريق ولو كان في بلاد الكفر.

حكم رمي الأذى في الطريق


السؤال: ما حكم من يرمي الأذى في الطريق؟ الجواب: كونه بدلاً من أن يرفعه يلقيه في الطريق لا شك أنه آثم، وهذا مثل الذي يتبول، لكن قوله: (اتقوا اللعانان) مقصود به الذي يتخلى في الطريق وفي ظل الناس الذي يستظلون به.

نقص إيمان من يرمي الأذى في الطريق

السؤال: هل ممكن أن يقال عن هذا الذي يرمى الأذى في الطريق إنه ناقص الإيمان؟ الجواب: نعم. لا شك أنه ناقص الإيمان؛ لأن هذا فيه إيذاء وإضرار بالناس.

استحباب المداومة على صلاة الضحى


السؤال: كيف نجمع بين قوله: (فعليه أن يتصدق عن كل مفصل، وتجزئ من ذلك ركعتان من الضحى) وهو صلى الله عليه وسلم لم يكن يداوم على صلاة الضحى بل كان يصليها أحياناً؟ الجواب: جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلاها، وهي مما أوصى به عليه الصلاة والسلام، فالمداومة عليها لا بأس به، وجاء في حديث أبي هريرة : (أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث وذكر صلاة الضحى والوتر قبل النوم وصيام ثلاثة أيام من كل شهر)، فكون الإنسان يداوم على صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وعلى ركعتي الضحى، ويوتر قبل أن ينام إذا كان لا يتمكن من الوتر في آخر الليل، هو ما أوصى به النبي أبا هريرة وقال أبو ذر يقول: (أوصاني حبيبي صلى الله عليه وسلم بهذه الثلاث).


ضعف حديث (من تعلم لغة قوم أمن مكرهم)


السؤال: ما صحة حديث: (من تعلم لغة قوم أمن مكرهم)؟ الجواب: ما نعلم أنه ثبت بهذا حديث، وأيضاً مجرد تعلم لغة القوم لا يؤمن من مكرهم، بل يمكن أن يمكروا به وهو يعرف لغتهم ويجيدها.

حكم التصدق على النفس بلقطة


السؤال: من وجد خاتم ذهب صغير في أحد شوارع المدينة النبوية بين لابتيها، فهل يجوز له أن يتصدق بثمنه على نفسه لأنه فقير محتاج وعليه ديون؟ الجواب: كونه يتصدق على غيره هو الأسلم له، وهذا الخاتم لا يسدد له الديون."



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #973  
قديم 05-07-2025, 06:56 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [595]
الحلقة (625)





شرح سنن أبي داود [595]

قد يبتلى المرء فيجد في بيته حية، فعندئذ يتردد هل يقتلها أم يتركها؛ لأنها قد تكون من الجن، وقد وردت الأحاديث في كيفية التعامل معها.
ما جاء في قتل الحيات


شرح حديث (ما سالمناهن منذ حاربناهن...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في قتل الحيات. حدثنا إسحاق بن إسماعيل حدثنا سفيان عن ابن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ما سالمناهن منذ حاربناهن، ومن ترك شيئاً منهن خيفة فليس منا) ]. يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: باب في قتل الحيات. وهنا لفظ الحيات مطلق يشمل الحيات التي تكون في البراري والفلوات والتي تكون في البيوت، وقد جاءت الأحاديث في هذا وفي هذا. فجاء في حيات البيوت أن الإنسان يحذرها قبل أن يقتلها، ويكون ذلك لمدة ثلاثة أيام أو ثلاث مرات، كما جاءت بذلك الأحاديث التي ذكرها أبو داود، وأما التي في غير البيوت، فتقتل من أول وهلة، ومتى تمكن الإنسان يبادر إلى قتلها. وقد أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما سالمناهن منذ حاربناهن) يعني أن العداوة موجودة بين الإنسان وبين الحيات، وأنه لا يكون بينه وبينها مسالمة، ومعنى ذلك: أن من الأصل وطبع الإنسان أنه محارب لها وهي محاربة له، هي عدوة له يحصل منها ما يحصل من الضرر، وهو كذلك عدو لها لما يخشى من ضررها، فهو يقتلها ويبادر إلى قتلها إذا كانت في غير البيوت، وأما إذا كانت في البيوت فإنه لا يقتلها إلا بعد تحذيرها كما سيأتي في الأحاديث. قوله: (ومن تركهن خيفة فليس منا). وهذا يدل على أن الإنسان يحرص على قتل الحيات إذا وجدهن، وأنه كان مأذوناً بقتلهن من أول وهلة، وأن لا يتهاون في ذلك؛ لأن في ذلك قضاء على الشر وعملاً على التخلص من الشر، حتى لا تتمكن من إيذاء أحد؛ لأن بقتلها تحصل السلامة منها. ذكر صاحب العون بأن المراد العداوة التي بينها وبين آدم عليه السلام على ما يقال: إن إبليس قصد دخول الجنة. ولا نعلم ورود شيء من ذلك، وهذه أمور غيبية لا يقال بها إلا إذا ثبتت، ولا نعلم شيئاً يدل على ثبوتها.
تراجم رجال إسناد حديث (ما سالمناهن منذ حاربناهن...)


قوله: [ حدثنا إسحاق بن إسماعيل ]. إسحاق بن إسماعيل ثقة أخرج له أبو داود . [ حدثنا سفيان ]. سفيان بن عيينة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عجلان ]. هو محمد بن عجلان المدني صدوق أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. وهو لا بأس به -وهو بمعنى صدوق- أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي هريرة ]. أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه صاحب الرسول صلى الله عليه وسلم وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.
شرح حديث (اقتلوا الحيات كلهن...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الحميد بن بيان السكري عن إسحاق بن يوسف عن شريك عن أبي إسحاق عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (اقتلوا الحيات كلهن، فمن خاف ثأرهن فليس مني) ]. أورد أبو داود حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اقتلوا الحيات كلهن، فمن خاف ثأرهن فليس مني)، يعني كل حية، ولكن -يخرج- من ذلك حيات البيوت كما سيأتي. (فمن خاف ثأرهن) يعني: خاف أن يحصل ثأر منهن، أو أن تناله بأذى إذا أقدم على قتلها، أو أذى من غيرها ممن هو مثيل لها إذا أقدم على قتلها، فليس منا.
تراجم رجال إسناد حديث (اقتلوا الحيات كلهن...)


قوله: [ حدثنا عبد الحميد بن بيان السكري ]. هنا السكري قيل نسبة إلى بيع السكر، وهناك شخص يقال له أبو حمزة السكري، ولكنه ليس منسوباً إلى السكر، وإنما هي نسبة إلى غير ما يتبادر إلى الذهن، لأنه كان حلو المنطق، وكان كلامه جميلاً فهو مثل السكر، فقيل له السكري، فهي نسبة إلى غير ما يتبادر إلى الذهن. أما هذا فنسبته نسبة إلى بيع السكر، وذاك نسبته إلى أنه حلو المنطق وفصيح اللسان، وحسن الكلام، فكان يقال له السكري، وهذا من جنس يزيد بن صهيب الملقب بالفقير، والمتبادر إلى الذهن أنها نسبة إلى الفقر، ولكنه منسوب إلى فقار ظهره، فقد كان يشكو فقار ظهره فقيل له الفقير، فهي نسبة إلى غير ما يتبادر إلى الذهن. ومثل ذلك خالد الحذاء لم يكن حذاء لا من حيث الصناعة ولا من حيث البيع، ولكنه كان يجالس الحذاءين فقيل له الحذاء. و أبو حمزة هو محمد بن ميمون المروزي السكري ثقة فاضل، أخرج له أصحاب الكتب. [ عن إسحاق بن يوسف ]. إسحاق بن يوسف الأزرق، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن شريك ]. شريك بن عبد الله النخعي الكوفي ، وهو صدوق أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي إسحاق ]. أبو إسحاق السبيعي وهو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن قاسم بن عبد الرحمن ]. قاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، وهو ثقة أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. عبد الرحمن بن عبد الله وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن ابن مسعود ]. [ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وابنه عبد الرحمن هذا هو الذي كني به؛ لأن كنيته أبو عبد الرحمن .
شرح حديث (من ترك الحيات مخافة طلبهن فليس منا...) وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن النمير حدثنا موسى بن مسلم ، قال: سمعت عكرمة يرفع الحديث فيما أرى إلى ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من ترك الحيات مخافة طلبهن فليس منا، ما سالمناهن منذ حاربناهن). أورد أبو داود حديث ابن عباس، وفيه مثل الذي تقدم من النهي عن ترك قتل الحيات مخافة طلبهن، أو ثأرهن، وهو الذي مر في الحديث السابق، والمقصود بالثأر كونهن يطلبنه. قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي إلا النسائي فأخرج له في عمل اليوم والليلة. [ حدثنا عبد الله بن النمير ]. عبد الله بن النمير ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا موسى بن مسلم ]. موسى بن مسلم لا بأس به، أخرج له أبو داود والنسائي في خصائص علي و ابن ماجة . [ سمعت عكرمة ]. عكرمة هو مولى ابن عباس ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ]. وهو صحابي جليل، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث (... فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلهن)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن منيع حدثنا مروان بن معاوية عن موسى الطحان قال: حدثنا عبد الرحمن بن سابط، عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إنا نريد أن نكنس زمزم، وإن فيها من هذه الجنان -يعني: الحيات الصغار- فأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقتلهن) ]. أورد أبو داود حديث العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم أنه يريد أن يكنس زمزم وينظفها، وأن فيها من هذه الحيات الصغار، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلهن. ومعلوم أن الحيات اللاتي في العمران، قد جاءت الأحاديث بتحذيرهن لمدة ثلاثة أيام كما سيأتي، وهنا ذكر الحيات الصغار اللاتي يقال لها الجنان وهي في زمزم، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلهن. والحديث في إسناده انقطاع؛ لأن الذي يروي عن العباس قيل إن في سماعه منه نظراً، ولهذا قال الشيخ الألباني : صحيح إن كان سمع منه عبد الرحمن بن سابط .
تراجم رجال إسناد حديث (... فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلهن)


قوله: [ حدثنا أحمد بن منيع ]. أحمد بن منيع ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا مروان بن معاوية ]. مروان بن معاوية الفزاري، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو الذي يقال عنه بأنه مشهور بتدليس الشيوخ؛ لأن التدليس نوعان: تدليس إسناد وتدليس شيوخ. تدليس الإسناد: هو رواية الراوي عن بعض شيوخه ما لم يسمعه منه بلفظ موهم للسماع كعن أو قال، وإذا كان الشيخ معروفاً بالتدليس فإنه يعول على حديثه إذا وجد التصريح بالسماع في موضع آخر، وأما ما كان في الصحيحين من العنعنة من المدلسين فإنها محمولة على الاتصال؛ لأنهما إنما أدخلا في صحيحيهما من الأحاديث ما كان صحيحاً، فما أخرجاه عن المدلس فهو صحيح عندهما. وأما تدليس الشيوخ فهو أن يذكر الراوي شيخه بلفظ غير مشهور به، كأن يذكره باسمه وكنية أبيه، أو يذكره منسوباً إلى جد من أجداده، فلا يكون معروفاً، ولهذا يكون في الوصول إليه وعورة، وقد يقال: إنه مجهول وغير معروف، وقد يقول الراوي: لم أقف له على ترجمة، مع أن له ترجمة وأنه معروف، ولكنه ذكر بغير ما اشتهر به. [ عن موسى الطحان ]. موسى الطحان هو موسى بن مسلم الذي مر في الإسناد السابق. [ عن عبد الرحمن بن سابط ]. عبد الرحمن بن سابط ثقة أخرج له مسلم و أبو داود و الترمذي و النسائي في عمل اليوم والليلة، وابن ماجة . [ عن العباس بن عبد المطلب ]. العباس بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. وموسى بن مسلم الطحان ، قال عنه أبو حاتم : مات خلف المقام وهو ساجد. وبعض العلماء ذكر عنه أنه مات وهو ساجد، أو وهو في الصلاة، وقالوا في ترجمة زرارة بن أوفى : إنه كان يصلي بالناس الفجر، وإنه قرأ سورة المدثر فلما جاء عند قوله: فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ [المدثر:8]، بكى وغشي عليه ومات. وكذلك أيضاً جاء عن حميد بن أبي حميد الطويل أنه مات وهو يصلي، فهذه آجال كتبها الله عز وجل في أحوال معينة، وقد مات هؤلاء في الصلاة. وهل للمرء أن يدعو الله بمثل هذه الخاتمة؟ لا. لكن يسأل الله عز وجل أن يختم له بخاتمة السعادة بدون أن يحدد هذا الشيء.
شرح حديث ( اقتلوا الحيات وذا الطفيتين)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (اقتلوا الحيات، وذا الطفيتين والأبتر، فإنهما يلتمسان البصر ويسقطان الحبل) ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (اقتلوا الحيات وذا الطفيتين والأبتر). وهذا من عطف الخاص على العام، فقد ذكر الحيات عموماً ثم عطف عليها بعض أنواعها، وخصها لشدة ضررها، فيكون هذا الخاص قد ذكر مرتين، مرة مندرجاً تحت العام، ومرة منفرداً، وتنصيصه على الخاص من أجل الاهتمام به، أو لخطره وشدة ضرره، ولهذا قال: (فإنهما يلتمسان البصر ويسقطان الحبل)، يعني: حمل المرأة، أي أن فيهما من الشر و البلاء أن المرأة إذا نظرت إليهما، أو نظرا إلى المرأة يحصل منها سقوط الحمل الذي في بطنها، وكذلك أيضاً العين يصيبها الضرر بالنظر إليها، فلهما تأثير على نظر الإنسان وحصول الضرر له، وهذا بقدرة الله عز وجل. وقيل: إن معنى ذلك أنهما يقفزان إلى العين، وأنهما يلسعانها. وقيل: إن المعنى الأول هو الأظهر، وذلك لخاصية جعلها الله عز وجل فيهما مثلما يكون بالنسبة للعائن الذي ينظر إلى شيء ثم يحصل الضرر بنظره، فهذا من جنس نظر العائن. (وذا الطفيتين) أي: أن فيه خطين على ظهره مثل الخوص، وهو ورق النخل، وقال في الشرح: ورق المقل، وهو نوع من الأشجار يقال له المقل، وثمره كبار. يعني: أن ثمرته تكون قطعة كبيرة، وتوجد في بعض النساء اللاتي يبعن هذه الأشياء في المدينة النبوية، ويسمى الدوم، وبين شجره وشجر النخل فرق، وثمره هو الذي يسمونه الدوم. والأبتر: هو حية ذنبها صغير.
تراجم رجال إسناد حديث (اقتلوا الحيات وذا الطفيتين)

قوله: [حدثنا مسدد ]. مسدد بن مسرهد البصري ، ثقة أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي . [ حدثنا سفيان عن الزهري ]. سفيان هو ابن عيينة. والزهري محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سالم ]. سالم بن عبد الله بن عمر ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد الصحابة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
حكم قتل الحيات ذوات البيوت

[ قال: وكان عبد الله يقتل كل حية وجدها، فأبصره أبو لبابة أو زيد بن الخطاب رضي الله عنهما وهو يطارد حية فقال: إنه قد نهي عن ذوات البيوت ]. كان عبد الله بن عمر يقتل كل حية بناءً على ما جاء في هذا الحديث: (اقتلوا الحيات، وذا الطفيتين والأبتر)، فكان يقتل كل حية لقيها، فأبصره أبو لبابة وهو رفاعة بن عبد المنذر الأنصاري ، أو زيد بن الخطاب الذي هو عمه فقال: إن الرسول نهى عن قتل ذوات البيوت، يعني: عوامر البيوت، واللاتي يكن في البيوت، فدل هذا على أن ذوات البيوت مستثناة من هذا العموم، ولكن قتلهن يكون بعد الإيذان والتحذير، وأما غيرهن فيقتلن من أول وهلة. وأبو لبابة هو رفاعة بن عبد المنذر وهو صحابي أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجة . و زيد بن الخطاب أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأبو داود .
شرح حديث (أن رسول الله نهى عن قتل الجنان التي تكون في البيوت...) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع عن أبي لبابة رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن قتل الجنان التي تكون في البيوت، إلا أن يكون ذا الطفيتين والأبتر، فإنهما يخطفان البصر، ويطرحان ما في بطون النساء). أورد أبو داود حديث أبي لبابة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل الحيات اللاتي تكون في البيوت إلا ذا الطفيتين والأبتر، وبين أنهما يخطفان البصر، ويسقطان ما في بطون النساء، وعلى هذا يستثنى من ذوات البيوت هذا الصنف وهذا النوع من الحيوان الذي يكون هذا ضرره. قوله: [ حدثنا القعنبي ]. هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ عن مالك ]. وهو ابن أنس إمام دار الهجرة المحدث الفقيه، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن نافع ]. نافع مولى ابن عمر ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي لبابة ] أبو لبابة رضي الله عنه مر ذكره. والإسناد رباعي من أعلى الأسانيد عند أبي داود .
شرح أثر (... فأمر بها فأخرجت إلى البقيع) وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عبيد حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما وجد بعد ذلك -يعني ما حدثه أبو لبابة رضي الله عنه- حية في داره، فأمر بها فأخرجت إلى البقيع ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمر، أنه وجد حية بعد ما حدثه أبو لبابة بالنهي عن قتل حيات البيوت، فأمر بإخراجها إلى البقيع، يعني أنه لم يقتلها، ولكنه عمل على إخراجها فذهبت. قوله: [ حدثنا محمد بن عبيد ]. محمد بن عبيد بن حساب ، وهو ثقة أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي. [ حدثنا حماد بن زيد ]. وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أيوب ]. أيوب بن أبي تميمة السختياني ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن نافع أن ابن عمر ]. نافع و ابن عمر مر ذكرهما. [ بعدما حدثه أبو لبابة ]. أبو لبابة مر ذكره. وليس الأثر عن أبي لبابة، إنما هو عن ابن عمر ولكن كان ذلك بعد قصة أبي لبابة لما وجده يتتبع حية فأخبره بالنهي.
شرح أثر (ثم رأيتها بعد في بيته) وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا ابن السرح وأحمد بن سعيد الهمداني قالا: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني أسامة عن نافع في هذا الحديث، قال نافع : ثم رأيتها بعد في بيته ]. أورد أبو داود الأثر عن نافع وقال: إنه أخرجها إلى البقيع، ثم قال بأنه وجدها بعد في بيته، أي: في بيت عبد الله بن عمر، رجعت من البقيع ودخلت فيه. قوله: [ حدثنا ابن السرح ]. هو أحمد بن عمرو بن السرح ، وهو ثقة أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ وأحمد بن سعيد الهمداني ]. أحمد بن سعيد الهمداني ، صدوق أخرج له أبو داود . [ حدثنا ابن وهب ]. هو عبد الله بن وهب المصري ، ثقة فقيه أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني أسامة ]. أسامة بن زيد الليثي صدوق يهم، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ عن نافع ]. نافع مر ذكره.
شرح حديث (... فمن رأى في بيته شيئاً فليحرج عليه ثلاث مرات...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن محمد بن أبي يحيى قال: حدثنا أبي أنه انطلق هو وصاحب له إلى أبي سعيد رضي الله عنه يعودانه، فخرجنا من عنده فلقينا صاحباً لنا وهو يريد أن يدخل عليه، فأقبلنا نحن فجلسنا في المسجد، فجاء فأخبرنا أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن الهوام من الجن، فمن رأى في بيته شيئاً فليحرج عليه ثلاث مرات فإن عاد فليقتله؛ فإنه شيطان). أورد أبو داود حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. قوله: (إن الهوام من الجن) قيل: المقصود بها الحيات، وقيل: هي أعم من ذلك. والمقصود من ذلك أنها تتلون وتتحول، وتنقلب من هيئتها إلى هيئة الحيوانات كالحيات وغيرها كما تتحول على صورة الإنسان، لما جاء في قصة صاحب أبي هريرة الذي كان يأخذ من الطعام، وفيها أنه علمه أن يأتي بآية الكرسي، وأنه لا يقربه شيطان، وقال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: (صدق وهو كذوب). فالجن يتشكلون على هيئة حيوان من حيات أو غير حيات، ومعلوم أن الملائكة تتشكل على صورة الإنسان، والجن يتشكلون على صورة الإنسان وعلى صورة الحيوان. قوله: (إن الهوام من الجن، فمن رأى في بيته شيئاً فليحرج عليه ثلاث مرات). معناه: أنه يؤذنها ويقول لها: أحذرك إن لم تخرجي فسأقتلك، أو اذهبي وإلا قتلتك، فيأتي بكلام ويخاطبها، فإن خرجت قبل ثلاث فإنها تسلم، وإن بقيت بعد ثلاث فإنه يقتلها فهي شيطان. (فإن عاد فليقتله، فإنه شيطان). يعني: شيطاناً من شياطين الجن جاء على صورة حية. وإذا لم تخرج فإنها تقتل، وقد تكون حية عادية، وإن خرجت بعد الإيذان فهي شيطان فلذلك قال: (فإنه شيطان) فقيد أنه إذا بقي بعد الثلاث بأنه شيطان، وقد تكون حية عادية، فإذا لم تخرج بعد التحذير فلأنها ليست من الجن فلم تفهم. على كل بعد مضي ثلاث يقتل سواء كان متشكلاً من هيئته إلى هيئة الحية، أو أنها حية، فهي مقتولة على كل حال، ومأذون له بقتلها مطلقاً.
تراجم رجال إسناد حديث (... فمن رأى في بيته شيئاً فليحرج عليه ثلاث مرات...)


قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى ]. مسدد مر ذكره. و يحيى هو ابن سعيد القطان ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد بن أبي يحيى ]. محمد بن أبي يحيى صدوق أخرج له أبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجة . [ حدثني أبي ]. أبوه لا بأس به أخرج له أصحاب السنن. [ عن رجل عن أبي سعيد ]. أبو سعيد الخدري هو سعد بن مالك بن سنان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. والحديث ضعيف بهذا الإسناد، لكنه جاء ما يدل على معناه، وفيه زيادة: (إن الهوام من الجن). والألباني ضعف الحديث بسبب هذا الرجل المبهم؛ لكن الإيذان جاءت به أحاديث أخرى.
شرح حديث (... فحذروه ثلاث مرات، ثم إن بدا لكم بعد أن تقتلوه فاقتلوه بعد الثلاث)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا يزيد بن موهب الرملي حدثنا الليث عن ابن عجلان ، عن صيفي أبي سعيد مولى الأنصار عن أبي السائب قال: أتيت أبا سعيد الخدري رضي الله عنه، فبينا أنا جالس عنده سمعت تحت سريره تحريك شيء، فنظرت فإذا حية فقمت، قال أبو سعيد: ما لك؟ قلت: حية هاهنا، قال: فتريد ماذا؟ قلت: أقتلها، فأشار إلى بيت في داره تلقاء بيته، فقال: إن ابن عم لي كان في هذا البيت، فلما كان يوم الأحزاب استأذن إلى أهله، وكان حديث عهد بعرس، فأذن له رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأمره أن يذهب بسلاحه، فأتى داره فوجد امرأته قائمة على باب البيت، فأشار إليها بالرمح، فقالت: لا تعجل حتى تنظر ما أخرجني، فدخل البيت فإذا حية منكرة، فطعنها بالرمح ثم خرج بها في الرمح ترتكض، قال: فلا أدري أيهما كان أسرع موتاً الرجل أو الحية، فأتى قومه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فقالوا: ادع الله أن يرد صاحبنا، فقال: (استغفروا لصاحبكم، ثم قال: إن نفراً من الجن أسلموا بالمدينة، فإذا رأيتم أحداً منهم فحذروه ثلاث مرات، ثم إن بدا لكم بعد أن تقتلوه فاقتلوه بعد الثلاث) ]. أورد أبو داود قول أبي السائب: أتيت أبا سعيد الخدري ، فسمعت صوتاً تحت السرير، فنظرت فإذا حية، فقمت فقال: ما لك؟ قال: حية، قال: وماذا تصنع بها؟ قال: أقتلها، فأشار إلى دار مقابلة لداره، وقال: إن ابن عم له كان فيها، وإنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب، وإنه كان حديث عهد بعرس، واستأذن الرسول صلى الله عليه وسلم أن يذهب إلى أهله، فأذن له وأمره أن يذهب بسلاحه معه، حتى إذا لقيه أحد من اليهود، أو أحد يريد أن يناله بأذى يستطيع أن يدافع بسلاحه عن نفسه، فلما جاء وجد امرأته بالباب، فغضب فأهوى إليها بالرمح، وأراد أن يقتلها بسلاحه، فقالت: انتظر حتى تنظر ما في البيت، فدخل فإذا حية، فضربها بالرمح الذي معه، فجعلت تضطرب في الرمح، فقال: لا أدري أمات قبلها أو ماتت قبله، معناه: أنه مات بسرعة، وأنه حصل موته كما أنه حصل موتها. فجاء أصحابه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا: ادع الله أن يعيده، فقال: (استغفروا لأخيكم) ثم قال: (إن نفراً من الجن أسلموا بالمدينة، فإذا رأيتم أحداً منهم فحذروه ثلاث مرات). يعني: إذا رأيتم حيات فقد تكون من هؤلاء الذي أسلموا في صورة حيات، فحذروه ثلاث مرات، فإن عاد بعد أن حذرتموه فاقتلوه. وهذا يدل على أنه يكون هناك إيذان وتحذير، وأنه إن بقي بعد ثلاث فإنه يقتل. وورد هنا ثلاث مرات، وسيأتي ثلاثة أيام، ولكن يمكن أن يجمع بينهما: أن في اليوم يحذر مرة، وإن حذره ثلاث مرات في يوم واحد لكنه لا يقدم على قتله إلا بعد ثلاثة أيام، ويمكن أن يحذر في أول الأمر ثلاث مرات، ثم يترك ثلاثة أيام ويقتل بعد ذلك.
تراجم رجال إسناد حديث (... فحذروه ثلاث مرات، ثم إن بدا لكم بعد أن تقتلوه فاقتلوه بعد الثلاث)


قوله: [ حدثنا يزيد بن موهب الرملي ]. يزيد بن موهب الرملي ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة . [ حدثنا الليث ]. الليث بن سعد ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عجلان عن صيفي أبي سعيد ]. ابن عجلان مر ذكره. وصيفي ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي . [ عن أبي السائب ]. أبو السائب ثقة، أخرج البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي سعيد الخدري ]. مر ذكره.
شرح حديث (فليؤذنه ثلاثاً فإن بدا له بعد فليقتله فإنه شيطان) وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن ابن عجلان بهذا الحديث مختصراً قال: (فليؤذنه ثلاثاً، فإن بدا له بعد فليقتله فإنه شيطان) ]. وهذا مثل الذي قبله، فإنه يؤذنه، والإيذان هو الإعلام، ويقول له: إن لم تخرج خلال ثلاثة أيام فسوف أقتلك. قوله: [ حدثنا مسدد عن يحيى عن ابن عجلان ]. كل هؤلاء مر ذكرهم.
شرح حديث (فآذنوه ثلاثة أيام... ) وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني مالك عن صيفي مولى ابن أفلح، قال: أخبرني أبو السائب مولى هشام بن زهرة أنه دخل على أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فذكر نحوه وأتم منه، قال: (فآذنوه ثلاثة أيام، فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه، فإنما هو شيطان) ]. وهذا فيه تنصيص على ثلاثة أيام، وبعد ثلاثة أيام فاقتلوه فإنما هو شيطان. قوله: [ حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني أخبرنا ابن وهب ، أخبرني مالك عن صيفي مولى ابن أفلح أخبرني أبو السائب عن أبي سعيد ]. كلهم مر ذكرهم.
شرح حديث (... أنشدكن العهد الذي أخذ عليكن نوح...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا سعيد بن سليمان عن علي بن هاشم قال: حدثنا ابن أبي ليلى عن ثابت البناني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، سئل عن حيات البيوت، فقال: إذا رأيتم منهن شيئاً في مساكنكم فقولوا: أنشدكن العهد الذي أخذ عليكن نوح، أنشدكن العهد الذي أخذ عليكن سليمان، ألا تؤذونا. فإن عدن فاقلتوهن) ]. أورد أبو داود حديث أبي ليلى والد عبد الرحمن بن أبي ليلى رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا رأيتم منهن شيئاً في مساكنكم). يعني إذا رأيتم حيات في مساكنكم. (فقولوا: أنشدكن) وهذا فيه بيان الكيفية التي يكون فيها التحذير. (العهد الذي أخذه عليكن نوح وسليمان) وذكر نوح يمكن أن يكون على اعتبار أنهم كانوا معه في السفينة ونجوا من الغرق، وسليمان سخر الله له الجن والإنس والطير، وعلمه منطق الطير، ولكن الحديث في إسناده مقال، وهو غير صحيح. ويكون التحذير بغير هذه الصيغة، يقول: أحذركن إن لم تخرجن قتلتكن، بدون أن يأتي بهذه الصيغة.
تراجم رجال إسناد حديث (... أنشدكن العهد الذي أخذ عليكن نوح... )


قوله: [ حدثنا سعيد بن سليمان ]. سعيد بن سليمان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن علي بن هاشم ]. علي بن هاشم صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم وأصحاب السنن. [ عن ابن أبي ليلى ]. هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، وهو صدوق سيئ الحفظ جداً، يعني: ليس سهلاً وخفيفاً، وإنما هذا السوء الذي في حفظه شديد وكثير، وهو سبب ضعف الحديث، أخرج له أصحاب السنن. [ عن ثابت البناني ]. ثابت البناني ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ]. وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. أبو ليلى وهو صحابي أخرج له أصحاب السنن.
شرح أثر (اقتلوا الحيات كلها إلا الجان الأبيض...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عمرو بن عون أخبرنا أبو عوانة عن مغيرة عن إبراهيم عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: اقتلوا الحيات كلها إلا الجان الأبيض الذي كأنه قضيب فضة ]. أورد أبو داود هذا الأثر عن ابن مسعود قال: [ اقتلوا الحيات كلها إلا الجان الأبيض الذي كأنه قضيب فضة ]. وذلك من شدة بياضه، وهذا أثر عن ابن مسعود ولكنه غير ثابت من جهة الانقطاع بين إبراهيم النخعي وابن مسعود، ومن جهة أن المغيرة بن مقسم يدلس ولا سيما عن إبراهيم ، وهذا الحديث من روايته عن إبراهيم . وإبراهيم النخعي ، لم يدرك عبد الله بن مسعود ؛ وذلك أن ابن مسعود توفي سنة (32هـ)، وإبراهيم توفي سنة (97) وعمره خمسون سنة تقريباً، ومعنى ذلك أنه ولد بعد وفاة ابن مسعود بمدة فلم يدركه، ففيه انقطاع. [ قال أبو داود : فقال لي إنسان: الجان لا ينعرج في مشيته، فإذا كان هذا صحيحاً كانت علامة فيه إن شاء الله ]. هذا يوجد في بعض النسخ، قال: الجان لا ينعرج في مشيته، معناه: أنه لا يتلوى في مشيته؛ لأن الحيات تتلوى ولا تمشي باستقامة، وإنما يحصل فيها التلوي، فإذا كان الجان الذي هو على هيئة الحيوان فمن علامته أنه لا ينعرج في مشيته بل يمشي في استقامة، وأما الذي يتلوى فليس مما جاء على صورة الجان أو على هيئته. قوله: [ فإذا كان هذا صحيحاً، كانت علامة فيه إن شاء الله ]. يعني إن كان الكلام صحيحاً فهذه علامة أن ما لم يكن يتلوى فإنه ليس بجان.
تراجم رجال إسناد أثر (اقتلوا الحيات كلها إلا الجان الأبيض...)


قوله: [ حدثنا عمرو بن عون ]. عمرو بن عون ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا أبو عوانة ]. أبو عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن مغيرة ]. مغيرة بن مقسم الضبي الكوفي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن إبراهيم ]. إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن مسعود ]. عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مر ذكره. والشيخ الألباني صحح الحديث، ولكن كما هو واضح فيه انقطاع."


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #974  
قديم 05-07-2025, 07:04 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [596]
الحلقة (626)





شرح سنن أبي داود [596]

علمنا الإسلام كيف نتعامل مع أصناف الحيوانات والهوام الموجودة على الأرض، من ذلك أنه دعانا إلى قتل الوزغ، وقتل كل ما تحقق أنه يسبب ظرراً على الإنسان، ولكنه نهانا عن القتل بطريق الإحراق بالنار، وعدم إيذاء الحيوان الذي ليس فيه ضرر.

ما جاء في قتل الأوزاغ


شرح حديث (أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الوزغ وسماه فويسقاً)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في قتل الأوزاغ. حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل ، حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر عن الزهري ، عن عامر بن سعد عن أبيه رضي الله عنه قال: (أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الوزغ وسماه فويسقاً) ]. يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: باب في قتل الأوزاغ، والأوزاغ: جمع وزغ وهو هذه الدويبة التي يقال لها وزغ، أو برص، وقد جاء في بعض الأحاديث أنه لما ألقي إبراهيم عليه الصلاة والسلام في النار كانت تنفخ عليه النار، فهي عدوة، فقد كانت تنفخ النار وتريد أن تضطرم وتشتد حرارتها، وقد جاء حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم في فضل قتلها، وأن من قتلها في أول مرة فإنه أفضل ممن يقتلها في المرة الثانية والثالثة، وذلك فيه إشارة إلى أهمية الحرص على قتلها والتخلص منها. وأورد أبو داود حديث سعد بن أبي وقاص أنه صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الأوزاغ وقال: (إنها فويسقة)، وقد ذكر أبو داود وغيره في قتل الأوزاغ أحاديث وهذا منها، وفيه بيان فضل من قتلها من أول وهلة، ومن المعلوم أنها ليست أشد ضرراً أو أخطر من الحيات والعقارب، ولا شك أن الحرص على قتلها والتخلص من شرها ومن أذاها فيه فضل عظيم وثواب جزيل من الله سبحانه وتعالى.
تراجم رجال إسناد حديث (أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الوزغ وسماه فويسقاً)


قوله: [ حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل ]. هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام الفقيه المحدث، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة بمذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبد الرزاق ]. هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا معمر ]. هو معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن الزهري ]. هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عامر بن سعد ]. عامر بن سعد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. أبوه سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث (من قتل وزغة في أول ضربة فله كذا وكذا حسنة...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن الصباح البزاز حدثنا إسماعيل بن زكريا عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من قتل وزغة في أول ضربة فله كذا وكذا حسنة، ومن قتلها في الضربة الثانية فله كذا وكذا حسنة أدنى من الأولى، ومن قتلها في الضربة الثالثة فله كذا وكذا حسنة أدنى من الثانية). أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (من قتل وزغة في أول ضربة فله كذا وكذا حسنة، ومن قتلها في المرة الثانية فله كذا وكذا حسنة دون الأولى، ومن قتلها في المرة الثالثة فله كذا وكذا دون الثانية) فمعنى ذلك أن المبادرة والتخلص منها من أول وهلة أجره أعظم، وذلك فيه إرشاد إلى الحرص والمبادرة إلى التخلص منها، وقد جاء في بعض الأحاديث ذكر الأجور التي تكون لأول وهلة وكذا لغيرها، وهنا لم يرد التنصيص على الحسنات وإنما فيه الإشارة إليها بـ: كذا وكذا، ولم يذكر العدد، ولكن كني عنها بكذا وكذا.
تراجم رجال إسناد حديث (من قتل وزغة في أول ضربة فله كذا وكذا حسنة... )


قوله: [ حدثنا محمد بن الصباح البزاز ]. محمد بن الصباح البزاز ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا إسماعيل بن زكريا ]. إسماعيل بن زكريا صدوق يخطئ قليلاً، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سهيل ]. هو سهيل بن أبي صالح، وهو صدوق أخرج له أصحاب الكتب الستة، ورواية البخاري له مقرونة. [ عن أبيه ]. أبوه هو أبو صالح ذكوان السمان ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.
شرح حديث (في أول ضربة سبعين حسنة) وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن الصباح البزاز حدثنا إسماعيل بن زكريا عن سهيل قال: حدثني أخي أو أختي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (في أول ضربة سبعين حسنة) ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة من طريق أخرى وفيه: (في أول ضربة سبعين حسنة). يعني: وما بعد ذلك فهو دونها، وهذا فيه بيان القاعدة المشهورة وهي: (الأجر على قدر النصب، وعلى قدر المشقة)، فهذا المثال مما استثني من هذه القاعدة وهذه الطريقة، وذلك أن من قتل في ثلاث مرات فقد حصل له جهد ونصب، فقد ضرب في الأولى ولم يتمكن، ثم ضرب في الثانية فلم يتمكن، ثم ضرب في الثالثة فتمكن، فيكون في ذلك نصب، والأصل أن الأجر على قدر النصب، وكلما زاد النصب زاد الأجر، لكن هذا مستثنى من هذا العموم، وأن الأجر الأعظم يكون في بعض الأحيان في الشيء الذي هو أقل، وذلك فيه ترغيب في الحرص على التخلص منها من أول وهلة، فيكون من أصابها بضربة واحدة فله سبعون، ومن أصابها في الضربة الثانية يكون له أقل مع أن النصب أزيد؛ إذ إنه ضرب في الأول وهذا عمل، ثم ضرب في الثانية وهذا عمل، ثم إذا لم يستطع في الثانية ضرب في الثالثة وهذا أيضاً عمل ويكون الأجر أقل، فهذا مستثنى من القاعدة التي جاءت في الأحاديث (أجرك على قدر نصبك)، كماء جاء في حديث عائشة رضي الله عنها في قصة العمرة. قوله: [ حدثنا محمد بن الصباح البزاز عن إسماعيل بن زكريا عن سهيل قال: حدثني أخي أو أختي ]. هنا قال: أخي أو أختي، وأخوه أو أخته مبهمان وغير معروفين، ولكن مسلماً رحمه الله أخرج هذا من طريق سهيل عن أبيه عن أبي هريرة وفيه ذكر العدد في أول مرة.

ما جاء في قتل الذر


شرح حديث (نزل نبي من الأنبياء تحت شجرة فلدغته نملة...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في قتل الذر. حدثنا قتيبة بن سعيد عن المغيرة -يعني ابن عبد الرحمن - عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (نزل نبي من الأنبياء تحت شجرة فلدغته نملة، فأمر بجهازه فأخرج من تحتها، ثم أمر بها فأحرقت، فأوحى الله إليه فهلا نملة واحدة؟!) ]. أورد أبو داود باباً في قتل الذر، والذر: هو صغار النمل، وإذا كان مؤذياً فإنه يقتل؛ لأن كل ما آذى فإنه يجوز قتله، وإذا لم تكن مؤذية فإنها تترك، ولا يتعرض لها، لكن إن وجد منها الإيذاء فإنها تقتل. وقد أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (أن نبياً نزل تحت شجرة فلدغته نملة، فأحرق القرية التي فيها تلك النملة، فأوحى الله إليه: هلاَّ نملة واحدة؟) يعني: هلا حصلت العقوبة لهذه النملة الواحدة التي حصل منها الإيذاء، وألا يعاقب غيرها بعقوبتها؟! وكان ذلك بالإحراق، ففيه أن التعذيب بالنار غير محرم في تلك الشريعة؛ لأنه إنما أنكر عليه عقابه لغيرها، ولم ينكر عليه أنه فعل ذلك بالنار، وأنه أحرقها، وإنما أنكر عليه أن الحق غيرها بها وعاملها معاملتها. ومن المعلوم في هذه الشريعة أن الأمر منوط بالضرر، فإذا كان الذر أو النمل يحصل منه إيذاء للناس فلهم أن يقتلوه، وإذا لم يكن مؤذياً فإنهم يتركونه، وهكذا سائر الحيوانات التي يعرف إيذاؤها بطبعها، والتي لم يرد نص في قتلها مثل الوزغ الذي مر قتله، والحيات والعقارب التي أمر بقتلها، فالدواب والحيوانات التي لا تعرف بالأذى لا تقتل، وإنما إن وجد منها الأذى فتقتل بسبب أذاها. قوله: (نزل نبي تحت شجرة فلدغته نملة فأمر بجهازه فأخرج من تحتها). جهازه أي: متاعه الذي كان تحت الشجرة، وهذا كقوله تعالى: فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ [يوسف:70]، أي: متاعهم والميرة التي باعهم إياها، فأخذ متاعه الذي كان تحت الشجرة وأزاله حتى لا يصيبه الحريق حينما أحرق النمل (ثم أمر بها فأحرقت) أي: أمر بها فأحرقت هي وغيرها، (فأوحى الله إليه: فهلا نملة واحدة؟) أي: فهلا أحرقت نملة واحدة وهي التي حصل منها اللدغ؟!
تراجم رجال إسناد حديث (نزل نبي من الأنبياء تحت شجرة فلدغته نملة...)


قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد ]. هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن المغيرة -يعني ابن عبد الرحمن - ]. المغيرة بن عبد الرحمن ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي الزناد ]. هو عبد الله بن ذكوان المدني ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الأعرج ]. هو عبد الرحمن بن هرمز المدني ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. وقد مر ذكره.
شرح حديث (أن نملة قرصت نبياً من الأنبياء فأمر بقرية النمل فأحرقت...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عبد الله بن وهب قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وسعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أن نملة قرصت نبياً من الأنبياء فأمر بقرية النمل فأحرقت، فأوحى الله إليه: أفي أن قرصتك نملة أهلكت أمة من الأمم تسبح!) ]. هذا حديث أبي هريرة من طريق أخرى وهو مثل الذي قبله، إلا أنه واضح في أنه قتل القرية التي هي مسكن تلك النمل، فأوحى الله إليه: أن قرصتك نملة أهلكت أمة تسبح! ومعنى ذلك: أن الذي لا يحصل منه أذى فإنه يترك؛ لأنه يسبح الله عز وجل، وإذا كان مؤذياً فإنه يقتل للسلامة والتخلص من أذاه.

تراجم رجال إسناد حديث (أن نملة قرصت نبياً من الأنبياء فأمر بقرية النمل فأحرقت...)


قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح ]. أحمد بن صالح المصري ثقة أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي في الشمائل. [ حدثنا عبد الله بن وهب ]. عبد الله بن وهب ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني يونس ]. هو يونس بن يزيد الأيلي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن شهاب ]. ابن شهاب مر ذكره. [ عن أبي سلمة ]. هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ وسعيد بن المسيب ]. وهو ثقة من فقهاء المدينة السبعة متفق على عده فيهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. مر ذكره.
شرح حديث (إن النبي نهى عن قتل أربع من الدواب ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن قتل أربع من الدواب: النملة، والنحلة، والهدهد، والصرد) ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل أربع من الدواب: النملة، والنحلة، والهدهد، والصرد)، وأولها النملة، ومعلوم أنها لا تقتل إلا إذا آذت، ولهذا مر في الحديث السابق أنها تسبح، فإذا كان لا يحصل منها الأذى فإنها تترك، وإن حصل منها أذى فإنها تقتل، فالنهي في الأصل من أجل عدم الإيذاء، أما إذا وجد إيذاء فإن الذي يؤذي يقتل من أجل دفع أذاه والتخلص من أذاه، ومعلوم أن الصائل إذا لم يمكن دفعه إلا بإيذائه بالضرب أو بالقتل فلا بأس، فكذلك تلك الدواب التي هي غير معروفة بأذاها كالحية والعقارب إن وجد منها الأذى فإنه يتخلص منها بالقتل، وإن لم يوجد منها أذى فإنها تترك، ولهذا نهى الرسول عن قتلها. والنحلة نهي عن قتلها من أجل أن فيها منفعة وفائدة وهي حصول العسل، بالإضافة إلى كونها أمة من الأمم، وأنها تسبح الله، وكل شيء يسبح الله سبحانه وتعالى. والهدهد من الطيور، والنهي عن قتله يدل على تحريم أكله. وكذلك الصرد، وهو من الطيور، التي قيل: إن رأسه كبير وله منقار، وقيل: إنه يأكل الطيور الصغيرة، فيكون من قبيل ما هو مفترس من الطيور، فكذلك أيضاً لا يجوز قتله ولا يجوز أكله، وما لا يجوز أكله لا يقتل إلا إذا وجد منه الضرر، وإذا كان يجوز أكله فيقتل إذا كان الإنسان بحاجة إلى أكله، وأما إذا كان ليس بحاجة إلى أكله فإنه يتركه ولا يقتله عبثاً، وإنما إذا كان محتاجاً إليه ويريد أكله، أما إن كان يقتله عبثاً ولا حاجة له فيه فذلك غير سائغ.

تراجم رجال إسناد حديث (إن النبي نهى عن قتل أربع من الدواب ...)


قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ]. مر ذكر هؤلاء، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ثقة، وهو من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ]. هو ابن عم النبي عليه الصلاة والسلام، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث (... ورأى قرية نمل قد حرقناها فقال: من حرق هذه...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أبو صالح محبوب بن موسى أخبرنا أبو إسحاق الفزاري عن أبي إسحاق الشيباني عن ابن سعد، قال أبو داود: هو الحسن بن سعد ، عن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنه قال: (كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في سفر فانطلق لحاجته فرأينا حمرة معها فرخان، فأخذنا فرخيها، فجاءت الحمرة فجعلت تعرش، فجاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: من فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها، ورأى قرية نمل قد حرقناها، فقال: من حرق هذه؟ قلنا: نحن، قال: إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار) ]. أورد أبو داود حديث ابن مسعود رضي الله عنه أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فانطلق لحاجته، وكان أحدهم قد أخذ أفراخ حمرة، وهي طائر من الطيور، فرآها تعرش، أي: تضطرب وتصيح وتقرب من الناس وتحوم حولهم، وكانت أيضاً تقع في الأرض وتفرش جناحيها، فعرف الرسول صلى الله عليه وسلم أنها مفجوعة، وأنهم أخذوا منها شيئاً، فقال: (من فجع هذه بولدها؟ فقال رجل: أنا، فقال: ردوا ولدها إليها). (ورأى قرية نمل قد حرقناها) أي: مسكن النمل، فإنه يقال له: قرية، فقال: (من فعل هذا؟ قلنا: نحن، قال: إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار)، أي: أنه لا يجوز في هذه الشريعة التعذيب بالنار، وإنما قال بعض أهل العلم: إنه يمكن أن يحرق من قتل بالتحريق، أي أنه يعامل بمثل ما عامل به غيره، وأنه يقتص منه بنفس الطريقة التي حصلت منه، قالوا: فيكون ذلك مستثنى؛ لأنه عومل بالشيء الذي عامل به، والقصاص يكون بالمماثلة، ومعروف قصة اليهودي الذي قتل جارية بين حجرين، فأمر برض رأسه بين حجرين؛ حتى يقتل كما قتل، وكذلك قصة العرنيين الذين قتلوا الراعي، ومثلوا به، فأمر بقتلهم والتمثيل بهم كما فعلوا بذلك بالراعي، فالقصاص يكون من جنس العمل، إلا أن يكون في أمر محرم لا يسوغ تعاطيه، فإنه يقتل بغير الطريقة المحرمة.
تراجم رجال إسناد حديث (... ورأى قرية نمل قد حرقناها فقال من حرق هذه...)


قوله: [ حدثنا أبو صالح محبوب بن موسى ]. أبو صالح محبوب بن موسى صدوق أخرج له أبو داود والنسائي . [ أخبرنا أبو إسحاق الفزاري ]. هو إبراهيم بن محمد بن الحارث، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي إسحاق الشيباني ]. هو سليمان بن أبي سليمان، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي سعد قال أبو داود : هو الحسن بن سعد ]. الحسن بن سعد ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة . [ عن عبد الرحمن بن عبد الله ]. عبد الرحمن بن عبد الله ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. هو عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وهو صحابي أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #975  
قديم 05-07-2025, 07:04 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

الأسئلة



شمول الإيذان لحيات المدينة وغيرها


السؤال: هل إيذان الحيات خاص بحيات المدينة؟ الجواب: ليس خاصاً بحيات المدينة، وإنما هو للمدينة وغير المدينة؛ لأن الأحاديث جاءت عامة فهي تشمل المدينة وغير المدينة.

رواية إبراهيم النخعي عن ابن مسعود بواسطة


السؤال: ثبت عن إبراهيم النخعي أنه قال: ما حدثتكم عن ابن مسعود فقد سمعته من غير واحد عن ابن مسعود ، فكيف يوجه؟ الجواب: يعني: أنه يوجد واحد بينه وبينه أو أكثر؛ ولابد من هذا فهو لم يدركه؛ لأن ابن مسعود توفي سنة اثنتين وثلاثين، وهذا توفي سنة خمس وتسعين وعمره خمسون سنة تقريباً، ومعنى ذلك وجود مدة بين ولادة هذا ووفاة هذا، ومعنى قوله: ما حدثتكم عن ابن مسعود فقد سمعته من غير واحد عن ابن مسعود، أنه سمعه من عدد، ولعل الشيخ ناصراً يصححه بناء على اعتبار أنه يرويه عنه بسماعه من عدد. لكن يبقى تدليس المغيرة ، وحتى كونه سمعه عن عدد، فإنه مسلم به، وكما هو معلوم أن الراوي إذا حدث عن شخص يصفه بأنه ثقة، ويقول: حدثني الثقة، فلا يعتمد ولا يعول عليه؛ لأنه قد يكون ثقة عنده ومجروحاً عند غيره؛ لأنه في هذه الحالة مبهم.

الخروج من البيت خلال فترة تحذير الحية


السؤال: خلال هذه الأيام الثلاثة التي يحرج بها على الحية هل يخرج الرجل وعائلته من البيت أم ماذا يفعل؟ الجواب: ليس بلازم أن يخرج، بل يمكنه أن يبقى ولكن يكون على حذر، لكن إن خاف وأراد أن يخرج فيخرج.

حكم إخراج الحية من البيت دون إيذانها


السؤال: هل يجوز إخراج الحيات التي في البيوت دون إيذانها ولا قتلها؟ الجواب: قد أخرجها ابن عمر، فلا بأس أن يخرجها.

سبب أمر النبي للأنصاري الذي قتل الحية أن يأخذ سلاحه


السؤال: لماذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم هذا الصحابي الذي عاد أن يأخذ معه سلاحه؟ الجواب: لعله أن يلقاه بعض اليهود فيحاولون النيل منه بأذى فيكون معه السلاح، وليس من أجل حيات البيوت، فهن لا يقتلن إلا بعد الإيذان.

تحذير الحية بغير اللغة العربية

السؤال: شخص لا يستطيع أن يحذر الحية باللغة العربية، فهل يمكن أن يحذرها بلغته؟ الجواب: أجل، يحذرها بلغته، فهو إذا كان جاناً وهو في بلده فلعل لغته تتفق مع لغته.

حكم قتل حيات القبور

السؤال: يذكر أن بعض الناس حفروا قبراً فوجدوا فيه حية، فهل تقتل؟ الجواب: القبور لا يقال لها بيوت، فيبدو أنه لا مانع من قتلها.

حكم إيذان هوام البيوت من غير الحيات


السؤال: هل يجوز مخاطبة سائر الهوام في البيت، أو إيذانهن لمدة ثلاثة أيام؟ الجواب: الحديث ورد في الحيات ولم يرد في غيرهن، ومعلوم أن الحيات هن اللاتي ضررهن كبير، ويخشى منهن، وأما الحيوانات الأخرى فليس من شأنها أن تؤذي، والحيات هي التي يخشى منها.

حكم قراءة آية الكرسي تعوذاً من الحيات


السؤال: هل يجوز التعوذ بآية الكرسي من هذه الحيات؟ الجواب: ينبغي لكل إنسان أن يقرأها عند النوم، وقد جاء في الحديث أنه لا يقربه شيطان، وكما جاء في قصة الشيطان الذي كان مع أبي هريرة ، وكان يأخذ من الطعام، فقال له: إني سأذهب بك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: دعني ولا أعود، وبعد ذلك قال له: أقرأ هذه الآية ولا يقربك شيطان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (صدقك وهو كذوب).

عدم تخصيص حيات المدينة بالإيذان


السؤال: ألا يؤخذ من قوله صلى الله عليه وسلم: (إن بالمدينة جناً قد أسلموا) أن الإيذان والتحذير خاص بحيات المدينة؟ الجواب: لا يدل على ذلك؛ لأن الأحاديث جاءت عامة في قتل الحيات، وهو خطاب عام للمسلمين، وهذا من قبيل الحكم على بعض أفراد العام بحكم العام، فلا يخصص العام؛ لأن هذا من جزئيات العام.

حكم الاحتفاظ بالحيات وتربيتها


السؤال: ما رأيكم فيمن هوايتهم جمع الحيات وتخليصها من السم واللعب بها؟ وآخر يقول: لأخي في بلدي حية كبيرة تعيش معه ويربيها، وتمشي معه أينما ذهب وتنام معه، فهل في هذا محذور؟ الجواب: نعم فيه محذور؛ لأنه يخيف الناس، وأيضاً فيه لهو وانشغال بشيء لا حاجة إليه، ففيه إخافة وإزعاج للناس، فالناس إذا رأوه حصل لهم انزعاج وتأثر، وقد يحصل لبعضهم شيء من الضرر بسبب رؤيته لهذه الحيات.

حكم الحيات التي توجد في مخيمات الرحلات البرية


السؤال: في رحلة برية وجدنا حية في خيمتنا فهل لها حكم حيات البيوت؟ الجواب: ليس لها حكم حيات البيوت؛ لأن رحلتكم طارئة ولستم مستقرين، وليس هذا بيتاً، ومعلوم أن التي في البيت موجودة ومستقرة، وأما الخيمة فهي مكشوفة، فهذه ليست مقيمة فيها من قبل، وإنما هي طارئة عليها.

صيغة التحريج على الحيات

السؤال: ذكر عن الإمام مالك أن التحريج يكون بأن يقول: أحرج عليك بالله واليوم الآخر، فهل هذه الصيغة أفضل صيغ التحريج؟ الجواب: لا نستطيع أن نقول بأن هذه هي أفضل صيغة ما دام أنه لم يرد فيها نص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما يحصل التحريج بأي صيغة يحصل بها المقصود.

كيف تفهم الحيات خطاب البشر

السؤال: كيف تعقل الحيات كلام البشر؟ الجواب: إن الله عز وجل على كل شيء قدير، وكما هو معلوم فإن الله عز وجل أعطى سليمان منطق الطير، وسخر له الجن والإنس والطير، وكان يفهم خطابها وتفهم خطابه.

حكم إنذار النمل


السؤال: بعض الناس ينذر النمل وبالتجربة وجد أنه يخرج، فهل يستفاد من هذا جواز إنذار باقي الهوام؟ الجواب: لا نعلم شيئاً في الإنذار إلا للحيات.

حكم القراءة على الماء وصبه على حيات البيوت


السؤال: هل يجوز أن يقرأ الرجل في الماء ثم يفرغه على الحية التي في البيت؟ الجواب: القراءة في الماء وصبه على الحية ليس له أصل ولا وجه؛ لأن هذا من قبيل الرقية.


حكم قتل الحشرات بالماء الحار


السؤال: في بيتنا حشرات كثيرة، وقد جربنا معها أنواعاً من المبيدات فلم تنته، فأصبحنا نقتلها بالماء الحار، فهل في هذا محذور؟ الجواب: لا يجوز التعذيب بالنار.

حكم بيع الحيات للتداوي


السؤال: في بلادنا تباع الحيات للعلاج، فما حكم استعمالها كدواء شعبي مجرب؟ الجواب: لا يجوز؛ لأن الحرام لا يتعالج به.

مناسبة ذكر قتل الحيات والوزغ في أبواب الأدب

السؤال: ما مناسبة ذكر قتل الحيات والوزغ في أبواب الأدب والسلام؟ الجواب: لأنه من جملة الآداب في التعامل مع هذه الحيوانات.

أجر قتل الحيات


السؤال: لقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الحية فهل يقال: إن في قتلها أجراً؟ الجواب: لا شك أن فيه أجراً؛ لأن فيه تخليصاً للناس من الضرر الذي يحصل بسببها، وإماطة الأذى عن الطريق فيها أجر، فقتل الحيات فيه أجر عظيم؛ لأن فيه تخليصاً من الشر.

جواز قتل كل الحيات


السؤال: هل كل حية أجدها في الطريق أقتلها؟ الجواب: نعم تقتل كل حية إلا حيات البيوت.

حكم قتل الحيات في أماكن منفصلة عن البيت


السؤال: هل قتل حيات البيوت يشمل الحيات التي تكون في البدروم، أو في غرفة صغيرة بجانب البيت؟ الجواب: كلها في داخل البيوت.

حكم قتل الحيات في المسجد


السؤال: هل يجوز قتل الحيات في المسجد؟ الجواب: يبدو أن الحكم واحد، وكونها تكون في المسجد أو في البيت معناه أنها في البناء الذي يكون فيه الناس، ويبدو أنه يحسن إيذانها.

حكم إحراق الحيات وأكلها بالنار


السؤال: ما حكم الذين يحرقون الحية وهي حية ويأكلونها؟ الجواب: لا يجوز التعذيب بالنار، لا للحيات ولا غيرها. وأما عن أكلها فحتى الكلاب والخنازير تجد من يأكلها، وهذا الطعام يعجب أشباه الخنازير.

حكم حيات البحر


السؤال: حيات البحر هل تدخل في الأمر بالقتل والنهي عن الأكل؟ الجواب: الذي يبدو أن حيات البحر تختلف عن حيات البر.

حكم قتل الهوام المؤذية في البيوت


السؤال: إذا كانت الهوام مؤذية كالنمل والصراصير وغيرها فهل تقتل في البيوت؟ الجواب: لا تقتل، ولكنه أولاً يعمل شيئاً لكي يزيلها، هذا إذا كانت مؤذية، أما إذا كانت غير مؤذية فلا يتعرض لها، فإذا وجد ما يذهبها، وإلا فإنه يجوز قتلها؛ لأن كل ما آذى يجوز قتله.

عدم صحة ما يقال أن من نذر ولم يف يرسل الله عليه حية


السؤال: هل صحيح أن الذي نذر لله ولم يف بنذره يرسل الله عليه حية؛ وهذا يقول: لي أخت كلما نذرت لم تف بنذرها، فيرسل الله لها حية تلاحقها في المنام، وعندما تستيقظ ترى ذلك في الحقيقة؟ الجواب: لا نعلم شيئاً يدل على أن من كذب فإنه يعاقب في الحياة الدنيا بهذا، وهذه كلها أوهام أو تصورات في اليقظة وتأتي في النوم، وإلا فما معنى كون إنسان ينذر ولا يفي فإنه يرى حية؟!

حكم لبس الأحذية المصنوعة من جلود الحيات


السؤال: ما حكم لبس الأحذية المصنوعة من جلد الحية؟ الجواب: حكمها حكم جلود السباع، أو أسوأ من السباع؛ فلا يجوز استعمالها؛ لأنها لا تطهر بالدبغ، والذي يطهر بالدبغ هو ما كان مباح التذكية، وأما الذي لا يذكى فإن مذكاه مثل ميتته، ولهذا كان الذي يدبغ هو مأكول اللحم، وقد جاءت أحاديث تدل على تحريم استعمال جلود السباع لهذا السبب، وجلود الحيات مثلها.

حكم قتل الحشرات في المدينة

السؤال: زرت بيت أحد المشايخ في المدينة فوجدت في بيته بعض الحشرات، فسألته فقال: أنا لا أقتل الحشرات في المدينة، فهل لهذا وجه؟ الجواب: إذا كانت لا تؤذي فلا تقتل، وأما إن آذت فله أن يقتلها.


أجر من صلى جالساً لعجز


السؤال: من صلى جالساً لمرض أو عجز فهل يكتب له الأجر كاملاً؟ الجواب: نعم، إذا كان لعجز أو مرض فله كل الأجر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل وهو صحيح مقيم)، أخرجه البخاري . وإنما الذي له نصف الأجر فهو في النافلة إذا كان يقدر على القيام وأراد أن يصلي جالساً فيجوز له أن يصلي جالساً وله نصف الأجر، كما جاءت بذلك الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما كون الإنسان لا يصلي قائماً لعدم قدرته على القيام فإنه معذور، وهو الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل وهو صحيح مقيم).

حكم الرمي قبل الزوال

السؤال: حججت وعند رمي الجمرة الأخيرة رميت قبل الزوال، وبعدها طفت طواف الوداع، فهل هذا جائز؟ الجواب: الرمي قبل الزوال لا يجوز ولا يجزئ، ومن فعل ذلك فعليه فدية، وهي شاة تذبح بمكة وتوزع على فقراء الحرم، وإن لم يستطع صام عشرة أيام.

جواز التصرف في أموال العقار في أي جهة تجارية


السؤال: اشتريت أرضاً بغرض أن أبيعها وأستثمر مالها، ثم أخبرني بعض الإخوة أن مال الأرض لا يستثمر إلا في العقار، فهل هذا كلام صحيح؟ الجواب: من أين هذا الكلام؟ المال يستعمله الإنسان في كل ما هو سائغ، وكل ما هو مباح، وليس منه شيء يختص بالعقار، بل يمكن أن يتحول من عقار إلى حديد ومن حديد إلى عقار، أو من حديد إلى سيارات أو إلى أسمنت أو غير ذلك، فالإنسان يحول تجارته من هنا إلى هنا ولا حرج عليه.

حكم رؤية المخطوبة بدون إذن أبيها


السؤال: أريد أن أخطب امرأة، وطلبت من أبيها النظرة الشرعية فرفض ذلك، فهل يجوز لي أن أرى هذه المرأة دون إذن أبيها أو حتى معرفته، بأن تأتي عندنا في المنزل فأراها من فتحة الباب؟ الجواب: إذا كان موافقاً على خطبته وممانعاً من الرؤية فإذا تمكن من أن يراها على هيئة غير محذورة فلا بأس؛ لأن الإنسان قد يبحث عنها على هيئة لا يناسب أن ترى عليها، لكن يتفق مع بعض أقاربها أن يمكنه من رؤيتها على هيئة سائغة لا على هيئة لا يليق أن ينظر إليها وهي عليها، وإذا كان أبوها لم يوافق وأخوها مكنه من ذلك فلا بأس؛ لأن هذا أولى للإنسان حتى يقدم على بينة أو يحجم على بينة، وهذا خير من أن يترك الأمر بدون أن يرى ثم بعد ذلك إذا تزوجها ورآها طرأ له رأي آخر، فإن الفراق قبل الدخول وقبل حصول الزواج أسهل من الفراق بعد أن يحصل الزواج.

حكم إيذان الوزغ في البيوت


السؤال: هل يؤذن الوزغ في البيوت؟ الجواب: لم يأت شيء يدل على إيذانه، وإنما يبادر إلى قتله، ومن قتله بأول وهلة فله أجر أكثر مما لو لم يتخلص منه في المرة الأولى وتخلص منه في الثانية، فإن التخلص منها من أول وهلة أكثر أجراً، وليس فيه إيذان كالحيات.

أجر من ضرب الوزغ فهربت عليه


السؤال: من ضرب الوزغ ولم يقتلها من ضربة أو ضربتين وهربت فهل له أجر؟ الجواب: هو مأجور على فعله، ولكن الأجر الذي جاء في الحديث لا يحصله إلا من قتله؛ لأن الأجور الثلاثة التي جاءت كلها في القتل.

صفة الضربة الأولى لقتل الوزغ


السؤال: الوزغ سريع الروغان، فإذا أردنا قتله نرشه بالماء فيغمى عليه ثم نقتله، فهل يعد هذا قتلاً بالضربة الأولى؟ الجواب: هل مجرد الرش بالماء يجعلها يغشى عليها أو يغمى عليها؟ لا أدري عن هذا، لكن كون الإنسان يضربها ويتخلص منها بالضربة الأولى هذا هو الذي يحصل به الأجر.


حكم استخدام الوزغ للدواء


السؤال: يستخدم عندنا الوزغ كدواء فهل يجوز؟ الجواب: لا يجوز، فهو كالحيات.

حكم رد فرخ الطير

السؤال: هل رد فرخ الطير واجب أم مستحب؟ الجواب: واجب.

سبب تحريم قتل الدواب الأربع الواردة في الحديث وإلحاق غيرها بها


السؤال: ما ميزة الدواب الأربع التي نهي عن قتلها إذا كان غيرها مما لا يؤذي حكمه كحكمها؟ الجواب: جاءت هكذا في الحديث، وبعضها فيه منفعة، فلا تقتل من أجل منفعتها مثل النحلة، وبعضها من أجل أنه محرم أكله فلا يجوز قتله، ولعل في ذلك تنبيهاً إلى أمثالها ونظائرها مما يكون مثلها، فيكون ذكر الهدهد من أجل أنه حرام أكله، فيكون كل ما يحرم أكله لا يجوز قتله، إلا إذا كان فيه ضرر.

حكم استخدام النار في استخراج العسل من بيوت النحل


السؤال: إذا أردنا أن نخرج العسل استخدمنا ناراً لكي نتمكن من الحصول على العسل دون أن يؤذينا النحل، فما الحكم؟ الجواب: إذا كانت النار يحصل بسببها هروب النحل، فهذا لا بأس به، وأما إذا كان يحصل بها هلاك النحل فلا يجوز.

حكم استخدام الهدهد في التداوي


السؤال: ما حكم استخدام الهدهد في التداوي؟ الجواب: لا يجوز.

حكم لحم الهدهد والصرد

السؤال: هل توافقون الخطابي بأن لحم الهدهد والصرد حرام؟ الجواب: نعم لا شك، ولهذا نهي عن قتله، وكذلك الضفدع.

حكم قتل النمل المؤذي بالسم

السؤال: يوجد في بعض حقول الفلاحين بيوت نمل فتفسد عليهم زروعهم، فيقوم بعضهم بوضع السم عليها، فما الحكم؟ الجواب: إذا كانت مؤذية وتفسد الزرع فيجوز لهم أن يقتلوها بالسم أو غيره، لكن بغير النار.

قتل النمل المؤذي


السؤال: ذكرتم -حفظكم الله- أن الذر إذا كان مؤذياً فإنه يجوز قتله، مع أن الله تعالى أنكر على ذلك النبي إحراقه وقتله للنمل، وقد حصل منه الإيذاء حين قرصه، فما تعليقكم؟ الجواب: معلوم أن الذر الذي يدخل في الأواني على هذه الطريقة يجوز قتله، وليست القضية قضية ذرة واحدة، وإنما قضية مجموع من الذر، فإذا كان من شأنه أن يفسد الأطعمة ويدخل فيها ويفسدها على أهلها فيجوز قتله، وأما أن تؤذيه ذرة واحدة فيقتل الجميع، فلا يجوز هذا، وهذا يكون نادراً، والمعروف أن الذر الذي يؤذي ويفسد الأطعمة يكون عدداً كبيراً، وليس ذرة واحدة فقط.

حكم البول في جحر النمل


السؤال: ما تقولون -أعزكم الله- فيمن يبول في جحر النمل؟ الجواب: لا يجوز للإنسان أ، يبول في الأجحار، فقد تخرج عليه حية أو عقرب ثم يهرب ويلوث نفسه.

ضابط الأذية التي يجوز بها القتل


السؤال: ما هو ضابط النمل المؤذي؟ وهل كل الحشرات الصغيرة لها نفس الحكم؟ الجواب: كل شيء يؤذي فإنه يقتل، وكل شيء لا يؤذي فإنه لا يقتل، سواء في ذلك النمل وغير النمل. والنمل فيه الصغار والكبار.

ما جاء في قتل الضفدع



شرح حديث (أن طبيباً سأل النبي عن ضفدع يجعلها في دواء...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في قتل الضفدع. حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن ابن أبي ذئب عن سعيد بن خالد عن سعيد بن المسيب عن عبد الرحمن بن عثمان رضي الله عنه: (أن طبيباً سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن ضفدع يجعلها في دواء، فنهاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن قتلها) ]. أورد أبو داود باباً في قتل الضفدع. أي: أن ذلك لا يجوز. وقد أورد أبو داود حديث عبد الرحمن بن عثمان : (أن طبيباً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ضفدع يجعلها في دواء فنهاه عن قتلها). ومعناه: أن اتخاذها دواء لا يحصل إلا عن طريق قتلها، فلما كان أكلها محرماً وغير سائغ دل على أنها لا تقتل؛ لأن القتل إنما يكون لمباح الأكل عند الحاجة إلى أكله، وأما إذا قتل من غير حاجة إلى قتله فهذا إتلاف وإيذاء، وإزالة لشيء من غير حاجة إليه، وأما إذا كان هناك حاجة إلى قتله فيقتل وكان فيه دواء فلا بأس؛ لأنه مباح، وقتله مباح، وأما إذا كان محرم الأكل فإنه لا يقتل من أجل أن يؤخذ منه دواء، وعلى هذا فلا يؤخذ الدواء من مثل هذه الأشياء التي لا يؤكل لحمها.
تراجم رجال إسناد حديث (أن طبيباً سأل النبي عن ضفدع يجعلها في دواء ...)


قوله: [ حدثنا محمد بن كثير ]. هو محمد بن كثير العبدي، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا سفيان ]. هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن أبي ذئب ]. هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن أبي ذئب، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سعيد بن خالد ]. سعيد بن خالد صدوق أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن سعيد بن المسيب ]. سعيد بن المسيب مر ذكره. [ عن عبد الرحمن بن عثمان ]. عبد الرحمن بن عثمان صحابي أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي."



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #976  
قديم 05-07-2025, 07:08 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [597]
الحلقة (627)





شرح سنن أبي داود [597]

إن من رحمة الرسول صلى الله عليه وسلم بالمخلوقات أن نهى عن الخذف؛ لأن فيه عبثاً وتعذيباً بلا فائدة، وكذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الإنهاك في ختان النساء، وأمر النساء بآداب المشي في الطريق، وذلك بأن يمشين في حافة الطريق لا في وسطها، وكل ذلك من حرص الإسلام على حماية المرأة.

ما جاء في الخذف



شرح حديث (نهى رسول الله عن الخذف...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الخذف. حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن قتادة عن عقبة بن صهبان عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الخذف قال: إنه لا يصيد صيداً، ولا ينكأ عدواً، وإنما يفقأ العين ويكسر السن) ]. أورد أبو داود باباً في الخذف، والخذف: هو رمي الحصاة بالإصبع، إما بالسبابتين، بأن تستعمل كلتا السبابتين في إطلاق الحصى، أو بالسبابة والإبهام، وقيل لهما سبابتان تغليباً للسبابة على الإبهام التي بجوارها. والخذف يكون بحصيات صغيرة، ولهذا كانت حصى الجمرات بمقدار حصى الخذف، أكبر من الحمص قليلاً، فهذا هو الذي يقال له حصى الخذف، ويكون الخذف بين أصبعين، سواء كان من يدين، بواسطة السبابة من كل واحدة، أو بين السبابة والتي تليها وهي الإبهام، وذلك بأن تكون الحصاة على الإبهام، ثم ترسلها السبابة فتندفع بقوة، أو بين السبابتين، بأن يجعلها على السبابة اليسرى، ثم بعد ذلك يجعل اليمنى تنطلق منها بقوة الدفع. فالرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن الخذف وقال: (إنه لا يصيد صيداً، ولا ينكأ عدواً، وإنما يفقأ العين ويكسر السن) ففيه مضرة، وليس فيه نكاية.
تراجم رجال إسناد حديث (نهى رسول الله عن الخذف...)


قوله: [ حدثنا حفص بن عمر ]. حفص بن عمر ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي . [ حدثنا شعبة ]. هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن قتادة ]. هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عقبة بن صهبان ]. عقبة بن صهبان ثقة أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود و ابن ماجة . [ عن عبد الله بن مغفل ]. عبد الله بن مغفل رضي الله عنه صحابي أخرج له أصحاب الكتب الستة.
ما جاء في الختان


شرح حديث (أن أمرأة كانت تختن بالمدينة...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في الختان. حدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي و عبد الوهاب بن عبد الرحيم الأشجعي قالا: حدثنا مروان قال: حدثنا محمد بن حسان قال عبد الوهاب : الكوفي عن عبد الملك بن عمير عن أم عطية الأنصارية رضي الله عنها: (أن امرأة كانت تختن بالمدينة، فقال لها النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لا تنهكي؛ فإن ذلك أحظى للمرأة، وأحب إلى البعل) ]. أورد أبو داود : باب ما جاء في الختان، والختان يكون للرجل والمرأة، وهو للرجل لأن فيه حصول الطهارة، وذلك أنه إذا لم يختن فإن البول عندما يخرج من الذكر يبقى في الغلفة المغطية للذكر، فيكون فيه عدم السلامة من البول؛ لأنه موجود في خارج محله، وهو هذا الغشاء أو الغطاء الذي يغطي رأس الذكر، فلا تحصل للإنسان الطهارة بدون ختان. وأما المرأة فهو مستحب في حقها، وأحظى لها وأنفع. وقد أورد أبو داود حديث أم عطية : (أن امرأة كانت تختن بالمدينة، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: لا تنهكي) أي: لا تستأصلي الموضع بالقطع، لكن اقطعي الطرف، أي: أبقي شيئاً قليلاً، (فإن ذلك أحظى للمرأة وأحب للبعل)، هذا هو وجه التعليل لكونها لا تنهك؛ لأنه أنفع للمرأة وأحب إلى الزوج.
تراجم رجال إسناد حديث (أن امرأة كانت تختن بالمدينة...)


قوله: [ حدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي ]. سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي صدوق يخطئ، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ و عبد الوهاب بن عبد الرحيم الأشجعي ]. عبد الوهاب بن عبد الرحيم الأشجعي صدوق، أخرج له أبو داود . [ حدثنا مروان ]. هو مروان بن معاوية الفزاري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا محمد بن حسان ]. محمد بن حسان مجهول، أخرج له أبو داود . [ قال عبد الوهاب : الكوفي ]. يعني: محمد بن حسان الكوفي، أي: أن أحد شيخي أبي داود زاد في التعريف بمحمد بن حسان بأنه الكوفي ، وأما الشيخ الآخر فلم يذكر هذه الزيادة. [ عن عبد الملك بن عمير ]. عبد الملك بن عمير ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أم عطية ]. أم عطية رضي الله عنها صحابية أخرج لها أصحاب الكتب الستة. [ قال أبو داود : روي عن عبيد الله بن عمرو عن عبد الملك بمعناه وإسناده ]. عبيد الله بن عمرو هو الرقي، وهو ثقة ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وبهذا يكون عبد الملك متابعاً لـ: محمد بن حسان . [ قال أبو داود : ليس هو بالقوي، وقد روي مرسلاً ]. يعني: هذا الحديث ليس بالقوي، وقد روي مرسلاً، و الألباني صححه أو حسنه لوجود شواهد له. [ قال أبو داود : و محمد بن حسان مجهول، وهذا الحديث ضعيف ]. وهنا يذكر الحديث المشهور الذي في الصحيحين: (إذا التقى الختانان) أي: ختان رجل مع ختان المرأة، فيدل هذا الحديث على وجود الختان للرجل والمرأة.
ما جاء في مشي النساء مع الرجال في الطريق



شرح حديث (استأخرن فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في مشي النساء مع الرجال في الطريق. حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا عبد العزيز -يعني ابن محمد - عن أبي اليمان عن شداد بن أبي عمرو بن حماس عن أبيه عن حمزة بن أبي أسيد الأنصاري عن أبيه رضي الله عنه: (أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو خارج من المسجد فاختلط الرجال مع النساء في الطريق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: استأخرن، فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق، عليكن بحافات الطريق) ]. أورد أبو داود باباً في مشي النساء مع الرجال في الطريق. يعني: أن من آداب مشي النساء مع الرجال في الطريق ألا يمشين في وسط الطريق حيث يكون فيه الرجال، وإنما يمشين في الجوانب، ووسط الطريق يكون للرجال، بحيث لا تزاحم النساء الرجال، وتكون بعيدة عن مزاحمتهم في حافات الطريق وجانبيه، ولا تمشي في وسطه، فالوسط إنما هو للرجال، فهذا من الآداب التي جاء بها الإسلام، وأنه عند وجود النساء مع الرجال في الطريق لا يختلطن أو يمتزجن معهم، وإنما يسلكن الجوانب وهم في الوسط. وقد أورد أبو داود حديث أبي أسيد الأنصاري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو خارج من المسجد، فاختلط الرجال مع النساء في الطريق، فقال: (استأخرن، فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق). (استأخرن) أي: عن الرجال، (فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق) أي: أن تمشين في وسطه، (عليكن بحافات الطريق) وهي جوانبه، فكانت المرأة تلتصق بالجدار وتقرب من الجدار حتى إن ثوبها يعلق بالجدار من شدة قربها منه، والتصاقها به.
تراجم رجال إسناد حديث (استأخرن فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق...)


قوله: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة ]. هو عبد الله بن مسلمة القعنبي، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ حدثنا عبد العزيز -يعني ابن محمد - ]. هو عبد العزيز بن محمد الدراوردي، وهو صدوق أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي اليمان ]. أبو اليمان هو كثير بن اليمان، وهو مستور أخرج له أبو داود . [ عن شداد بن أبي عمرو بن حماس ]. شداد بن أبي عمرو بن حماس مجهول أخرج له أبو داود . [ عن أبيه ]. أبوه مقبول أخرج له أبو داود . [ عن حمزة بن أبي أسيد الأنصاري ]. حمزة بن أبي أسيد صدوق أخرج له البخاري و أبو داود و ابن ماجة . [ عن أبيه ]. هو أبو أسيد، وهو صحابي أخرج له أصحاب الكتب الستة. والحديث في إسناده عدة رجال فيهم المقبول وفيهم المجهول وفيهم المستور، و الألباني صححه لشواهده.
شرح حديث (أن النبي نهى أن يمشي الرجل بين المرأتين)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن يحيى بن فارس حدثنا أبو قتيبة سلم بن قتيبة عن داود بن أبي صالح المزني عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يمشي -يعني: الرجل- بين المرأتين) ]. أورد أبو داود حديث ابن عمر : (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يمشي الرجل بين المرأتين)، والحديث غير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن فيه داود بن أبي صالح وهو ضعيف، قال عنه في التقريب: منكر الحديث. وقيل: معناه: عندما تكون المرأتان في الطريق فيأتي ويفرق بينهما، أو يدخل بينهما وأما إذا كان الرجل يمشي مع محارمه وهن عن يمينه وشماله فلا بأس بذلك، والحديث غير صحيح.
تراجم رجال إسناد حديث (أن النبي نهى أن يمشي الرجل بين المرأتين)


قوله: [ حدثنا محمد بن يحيى بن فارس ]. هو محمد بن يحيى بن فارس الذهلي، وهو ثقة أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ حدثنا أبو قتيبة سلم بن قتيبة ]. أبو قتيبة سلم بن قتيبة صدوق أخرج له البخاري وأصحاب السنن، وهو الشعيري، واسم أبيه يوافق كنيته؛ لأنه أبو قتيبة وأبوه قتيبة، وهذا النوع من أنواع علم الحديث فائدته: ألا يظن التصحيف فيما لو ذكر اسمه مع كنيته، فمن لا يعرفه يظن أن (أبو) صحفت عن (ابن)، ولكن من يعرف أن كنيته موافقة لاسم أبيه لا يخطئ سواء قيل: سلم أبو قتيبة فهو صحيح، أو قيل: سلم بن قتيبة فهو صحيح، والذي لا يعرف هذا يظن أنه إذا وجد (أبو) بدل (ابن) يظن ذلك تصحيفاً. وقد قال يحيى بن سعيد القطان عن سلم هذا: ليس من الجمال التي تحمل المحامل، وهذا توهين له، يعني: ليس من الجمال التي تحمل الأثقال وذات القدرة على ذلك. [ عن داود بن أبي صالح ]. داود بن أبي صالح منكر الحديث أخرج له أبو داود . وهو مذكور بلقب المدني في ترجمته في التهذيب والتقريب، ولا يضر ذلك، ولعله يوجد تصحيف، ويحتمل أن يكون مدنياً، وأن يكون مزنياً، فينسب إلى بلد وإلى قبيلة. [ عن نافع عن ابن عمر ]. نافع هو مولى ابن عمر، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، و ابن عمر هو عبد الله بن عمر بن الخطاب أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الأسئلة



حكم استخدام الضفدع في معامل التشريح


السؤال: هل يجوز تشريح الضفدع، علماً بأنه مطلوب في أغلب الكليات العملية، سواء في الطب أو قسم الحيوان؟ الجواب: يجوز ذلك إذا كان من أجل تعلم الطب، لكن لا يكون بذلك معذباً، ولا يحصل تعذيبه، وقتله غير سائغ؛ لأن الرسول نهى عن قتله، لكن إذا كان تشريحه بعد موته من أجل تعلم الطب وما إلى ذلك فلا بأس، لكن لا يؤخذ منه دواء وإنما يتعلم به، فلا بأس.

حكم بيع الضفدع لمن يأكله

السؤال: هل يجوز بيع الضفدع للكفار حيث أن بعضهم يأكله؟ الجواب: لا يجوز للإنسان أن يبيع لهم شيئاً هم يأكلونه، مثل الخمر، فلا يجوز أن يبيع لهم الخمر.

حكم أكل الضفدع

السؤال: الضفدع نوعان: ضفدع برمائي، وضفدع مائي، فهل يجوز أكل الضفدع المائي، لعموم قول صلى الله عليه وسلم: (الحل ميتته) ؟ الجواب: الضفدع كما هو معلوم يعيش في الماء، وإن خرج من الماء فلا يهلك، وإنما هو دائماً في الماء، لكنه يكون في البحر ويكون في غير البحر.

درجة حديث (أن النبي نهى أن يمشي الرجل بين المرأتين)


السؤال: الحديث الأخير بم حكم عليه الشيخ الألباني ؟ الجواب: قال: إنه موضوع؛ لأن فيه داود بن أبي صالح، قال في ترجمته عند ابن حبان: يروي الموضوعات، ولعله من أجل هذا قال: إنه موضوع؛ لأن صاحبه متهم بالوضع، ولكن الحافظ ابن حجر في التقريب قال: منكر الحديث يروي الموضوعات عن الثقات، حتى كان يتعمد لها، وذكر ابن حبان له هذا الحديث.

حكم أطفال الأنابيب

السؤال: ما حكم الولادة عن طريق الأنابيب، بحيث يتم تلقيح البويضة خارج الرحم، ثم إعادتها إلى الرحم، فهل هذه الطريقة صحيحة وشرعية؟ الجواب: الذي أراه ألا تسلك هذه الطريقة؛ لأن مثل ذلك قد يكون من الشيء الذي يخالف الواقع، فقد يحصل التلقيح من غيره، فالذي أرى أن الإنسان يستعمل العلاج، وإن رزقه الله شيئاً من الأولاد بسبب العلاج فالحمد لله، وأما هذه الطريقة فالأولى ألا يستعملها.

سن ختان الولد والبنت

السؤال: ما هو السن المناسب لختان الولد وكذلك البنت؟ الجواب: المناسب أن يكون في حال الصغر؛ لأنه مع الكبر يتأذى، ويكون فيه مشقة، ولكن في حال الصغر أمره سهل.

كيفية جمع فوائد الشروح


السؤال: لعل الكثير من الطلاب لهم فوائد مدونة، وأنا منهم، فقد كنت أدون بعض الفوائد في الصفحات في أول كل مجلد، فلو طلب من أحد أن يجمع هذه الفوائد ويقارن بينها ويحررها حتى نشترك في الأجر؟ الجواب: لا شك أن الفوائد التي تدون شيئاً فشيئاً في النهاية تظهر كمية لها أهمية ولها قيمة، وتكون مجتمعة ويستفاد منها، ومعلوم أن كثيراً من الطلاب يسجلون وقد يتفاوتون في التسجيل، وقد يتفاوتون في الحضور، فمنهم من هو ملازم، ومنهم من يسجل باستمرار ومنهم من يغيب فيفوته الشيء الكثير، ولا شك أن كل إنسان يجمع الفوائد لنفسه ويفيد غيره بها أن هذا شيء جيد، لكن مع هذا ينبغي أن يكون هناك اتصال بين الطلاب؛ حتى يتحقق من بعض الأمور التي قد يحررونها وموضوعها واحد، وقد يحصل بينهم اختلاف، فقد يكون أحدهم قد وهم، أو لم ينتبه تماماً فيتذكر من تدوين أخيه بما دونه، فيصحح بعضهم لبعض، والفوائد التي أشرت إليها إن شاء الله سأطلع عليها، وأصحح ما يحتاج إلى تصحيح، وبعد ذلك تكون مقرة مني، ويمكن بعد ذلك طبعها لكي يستفاد منها، ويرجع إليها، ولكن الذي أريد أن أقوله لمجموع الإخوان الذين كتبوا: الذي يناسب أن كل واحد يتصل بزميله من أجل المقابلة والمراجعة فيما اتفقا في تدوينه؛ لأنه قد تظهر مع المراجعة الأخطاء، ويتبين الخطأ من الصواب، أو يكون الأمر ملتبساً فيرجع إلي في ذلك حتى أبيِّن.

المماثلة في القصاص في القتل العمد


السؤال: بالنسبة للقتل بالمثل، حديث العرنيين جاء أنه منسوخ، ثم إن المماثلة قد تكون غير ممكنة كالمقتول بالسم مثلاً، أو بحادث سيارة، فما قولكم؟ الجواب: كما هو معلوم ما دام أن القضية قضية قتل، وأن الحادث حدث بسببه وهو متعمد، فلا يمكن أن يماثل في هذه الحالة، وأما قضية السم فالنتيجة واحدة، فكونه قتل بالسم فيقتل بالسم، فلا إشكال في قضية المماثلة، بل المماثلة موجودة.

حكم قتل الهدهد في غير شريعتنا


السؤال: قول سليمان عليه السلام عن الهدهد: لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ [النمل:21]، وقد مر معنا في الحديث النهي عن قتل الهدهد فكيف يوجه ذلك؟ الجواب: النهي موجود في شريعتنا، وذلك كان في شريعة سليمان عليه السلام، ونحن نهينا عن القتل.

ضعف حديث (الختان سنة للرجال مكرمة للنساء)


السؤال: حديث: (الختان سنة للرجال مكرمة للنساء) ما صحته؟ الجواب: فيه ضعف، وفي (عون المعبود) ذكر أن طرقه كثيرة، وما حسنه إلا السيوطي ، وكثير من العلماء ضعفوه ولم يحسنوه.

أجر ضارب الوزغ في المرة الأولى

السؤال: جاء في بعض الأحاديث كما في (سلسلة الأحاديث الصحيحة): (أن الضربة الأولى للوزغ بمائة حسنة)؛ فكيف يجمع بين هذا وبين أن الأجر في الضربة الأولى يكون سبعين حسنة؟ الجواب: لا يوجد تنافي بينهما فالحديث في سنن أبي داود فيه أن الأجر سبعون حسنة، فقد يكون أخبر بذلك ثم بعد ذلك جاء الوحي بالزيادة، أو أن الأصغر داخل في الأكبر.

حكم قتل النمل وأخذ بيضه

السؤال: جرت العادة عندنا في القرية إذا وجدوا بيت نمل في بيوتهم فإنهم يضعون الزيوت في بيوت النمل ليقتلوها، وإذا أرادوا أن يصيدوا السمك فإنهم يأخذون بيض النمل من على الأشجار بعد قتل النمل، فهل هذا الفعل جائز؟ الجواب: من أين يجدون بيض النمل؟ النمل صغير فكيف ببيضه؟ وكونهم يصطادون به السمك لا بأس به.

حكم قتل الفئران بماء ساخن


السؤال: هل يجوز قتل الفئران في المزارع وغيرها بأن يسكب الماء الساخن في جحورها حتى تموت؟ الجواب: لا يجوز؛ لأن هذا تعذيب بالنار، لكن يمكن أن يصبوا عليها ماء غير حار حتى تظهر ثم يقتلونها.

حكم زيارة النساء للقبور


السؤال: قال العياشي في رحلته: روى الحاكم عن علي أن فاطمة كانت تزور عمها حمزة كل جمعة فتصلي وتبكي عنده؟ الجواب: كلمة (تصلي) أي: تدعو، ولا يراد به الركوع والسجود، وزيارة النساء للقبور فيها اختلاف بين أهل العلم، فمنهم من أجازها ومنهم من منعها، والمنع أظهر، وقد أوضحت ذلك في كتاب: فضل المدينة وآداب سكناها وزيارتها، وذكرت أن القول بالمنع أولى من القول بالجواز، ولو أن المرأة تركت ولم تزر لما حصل شيء إلا أنها تركت سنة، ولا يؤاخذ الإنسان بترك السنة، وأما على القول بالمنع فإنها تترك ذلك وهذا هو الذي يقتضيه المنع، وأما إذا فعلت فإنها تكون قد تعرضت للعنة، لحديث: (لعن الله زوارات القبور)، فهي في حال تركها -على القول بالجواز- فاتتها سنة، والسنة: يثاب فاعلها، ولا يعاقب تاركها، ولكن إذا فعلت فمعناه أنها تعرضت للعنة، فهذا يبين أن الترك أولى من الفعل. وقد ضعف الشيخ الألباني حديث علي الذي ذكر فيه عن فاطمة أنها كانت تذهب إلى البقيع، وذلك في أحكام الجنائز."


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #977  
قديم 05-07-2025, 07:12 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [598]
الحلقة (628)






شرح سنن أبي داود [598]

إن الله تعالى هو المتصرف في الكون، فما من صغيرة ولا كبيرة تحصل فيه إلا وهي بعلمه سبحانه وإذنه؛ لذا كان من الخطأ أن يسب الدهر (الليل والنهار) فما هما إلا مصرّفان يقلبهما الله تعالى كيف يشاء، وليس لهما من الأمر شيء حتى يسبا، وساب ذلك في الحقيقة هو ساب لله تعالى؛ لأن المؤثر والمتصرف في ذلك هو سبحانه.
ما جاء في الرجل يسب الدهر


شرح حديث (يقول الله عز وجل: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الرجل يسب الدهر. حدثنا محمد بن الصباح بن سفيان و ابن السرح قالا: حدثنا سفيان عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (يقول الله عز وجل: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر، بيدي الأمر أقلب الليل والنهار). قال ابن السرح : عن ابن المسيب مكان سعيد ، والله أعلم ]. قال الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب في الرجل يسب الدهر ]. وهذا الباب هو آخر باب في كتاب سنن أبي داود ، وهو مشتمل على هذا الحديث، وهو آخر حديث في سنن أبي داود .
خطاب الشرع للرجال خطاب للنساء في عموم النص


التعبير بالرجل في النصوص ليس له مفهوم؛ لأن الأصل أن الرجال والنساء لا فرق بينهم في الأحكام، ولا يميز بين الرجال والنساء ولا يفرق بينهم إلا بدليل، فالدليل الذي يميز أن الرجال لهم حكم كذا والنساء لهن حكم كذا، وأما الأمور التي لا تميز فيها بين ما يخص الرجال وما يخص النساء فإنها مشتركة بين النساء والرجال، وعلى هذا فقول أبي داود هنا هو نظير ما تقدم كثيراً أن الغالب أن الخطاب والكلام يكون مع الرجال، وكذلك المرأة قد تسب الدهر فلا فرق بين الرجل والمرأة، وإنما ذكر الرجال لأنهم الذين يكون معهم الخطاب غالباً، وقد جاءت كثير من الأحاديث والخطاب فيها للرجال وهذا لا يخص الرجال، وإنما هو مشترك بين النساء والرجال، لكن لمقتضى الحال، مثل قوله: (لا تتقدموا رمضان بيوم أو يومين، إلا رجلاً كان يصوم صوماً فليصمه) وكذلك المرأة، وقوله: (من وجد متاعه عند رجل قد أفلس فهو أحق به من الغرماء)، وكذلك المرأة إذا كانت مفلسة والمبيع عندها، فالحكم يشمل الرجال والنساء إلا إذا وجد التفريق بينهما كما جاء في حديث (الغسل من بول الجارية والنضح من بول الغلام)، وحديث: (الوقوف عند رأس الرجل ووسط المرأة في صلاة الجنازة)، وكذلك الأمور الخمسة التي تكون النساء فيها على النصف من الرجال، وهي: الميراث، والدية، والعقيقة، والعتق، والشهادة، فهذه أمور خمسة جاءت الشريعة بالتفريق والتمييز بين الرجال والنساء، وأن النساء على النصف من الرجال.
خصائص الحديث القدسي

أورد أبو داود حديث أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يقول الله عز وجل: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر)، وهذا حديث قدسي، والحديث القدسي هو الذي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مضيفاً إياه إلى ربه، وذلك بأن تكون الضمائر فيه لله عز وجل وليست للرسول صلى الله عليه وسلم. فقوله: (يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر) ضمير المتكلم هو لله عز وجل، وهو مثل قوله: (يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي) فالذي يقول: يا عبادي! هو الله عز وجل، ولا يصح أن يقول ذلك إلا هو سبحانه وتعالى، فالضمائر فيه تعود لله عز وجل، وهو مثل قوله: (الصوم لي وأنا أجزي به)، فكل تلك الضمائر ترجع إلى الله عز وجل. والحديث القدسي له صيغتان: الأولى: قال الله عز وجل، أو يقول الله عز وجل، والثانية: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه. والحديث النبوي غير الحديث القدسي، فالقدسي معناه من الله وكلامه من الرسول صلى الله عليه وسلم، والشريعة كلها من الله، إلا أن القرآن متعبد بتلاوته والعمل به، وأما السنة فمتعبد بالعمل بها. والحديث القدسي من كلام الله سبحانه وتعالى، كما هو موجود في الضمائر، (يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي) ولا أحد يقول: يا عبادي! إلا الله سبحانه وتعالى، فحتى الرسول لا يقول: يا عبادي! وإنما يحكي كلام الله عز وجل. وهل اللفظ من الله عز وجل كما أن المعنى منه؟ إن لم تكن هناك رواية بالمعنى، وكان اللفظ لم يأت بعدة صيغ، فهذا الكلام مضاف إلى الله سبحانه وتعالى، لكن إذا دخلت الرواية بالمعنى فعندها لا يقال: إن اللفظ من الله عز وجل، لكن الكلام مضاف إلى الله عز وجل؛ لأن الضمائر إنما هي له، والمتكلم هو، لكن هل هذا الكلام نفسه كلام الله؟ لو لم تدخل الرواية بالمعنى يصير اللفظ والمعنى من الله عز وجل، وإن دخلت الرواية بالمعنى فإن اللفظ لا يقال: إنه من الله، فقد عبر الراوي بالمعنى الذي فهمه عندما لم يتمكن من ضبط اللفظ. فهذا هو معنى الحديث القدسي.
معنى قوله (يؤذيني ابن آدم)

قول الله عز وجل في هذا الحديث: (يؤذيني ابن آدم) ابن آدم هنا عام مراد به الخصوص، ولا يقال: إن كل بني آدم يصدر منهم هذا الإيذاء، وإنما يحصل هذا من البعض، فهو عام يراد به خصوص بعض بني آدم الذين يضيفون الأمور إلى الدهر ويسبون الدهر، فهذا إيذاء لله عز وجل. والإيذاء يحصل من العبد بأن يفعل ما لا يسوغ كمحرم، فإن هذا يقال له: إيذاء لله عز وجل، وهو سبحانه لا تضره معاصي العاصين، ولا تنفعه طاعات المطيعين، بل هو سبحانه وتعالى النافع الضار، ولكن كونه يحصل ما يسخطه ويغضبه فإن هذا يقع من العبد، لكن الله جل وعلا لا يتضرر بهذا الإيذاء الذي صدر من العبد، فهو لا تضره معصية العاصين، ولا تنفعه طاعة المطيعين، ولهذا ينسب إلى العبد فيقال: إنه آذى الله أو يؤذي الله، ولكن لا يقال: إن الإنسان أضر الله عز وجل أو نفع الله، فلا يضاف النفع أو الضر إلى العباد، ولكن جاء في القرآن وفي السنة ذكر الإيذاء، وأنه يصدر منهم الإيذاء لله عز وجل، قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا [الأحزاب:57]، وقد فسر معنى ذلك بأنهم يحصل منهم الأذى بارتكابهم المعاصي وتركهم الأوامر، فهذا هو الإيذاء، لكن لا تضره هذه المعصية كما أن الطاعة لا تنفعه، وإنما تضر المعاصي أصحابها، وتنفع الطاعات أصحابها، والله عز وجل لا يصل إليه ضر ولا نفع، فلا تنفعه طاعة المطيعين، ولا تضره معاصي العاصين سبحانه وتعالى، بل هو النافع الضار.
معنى قوله (يسب الدهر)


قوله: (يسب الدهر وأنا الدهر) الدهر هو: الزمان (الليل والنهار)، ولهذا جاءت السنة بعدم جواز صيام الدهر، والنهي عن صيامه أي: صيام السنة باستمرار. إذاً: هو أن يسب الإنسان الدهر ويضيف الأمور إليه فيقول قائلهم: يا خيبة الدهر، أو يقول: عضنا الدهر بنابه، أو يقول: عادت علينا عوائد الدهر، أو غير ذلك من العبارات التي يضيفونها إلى الدهر، مع أن الدهر -وهو الزمان- ليس متصرفاً ولا فاعلاً، بل الفاعل والمتصرف هو الله عز وجل، فهو الذي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، وأما الدهر فهو زمان، ولهذا جاء بعد ذكر الدهر (أقلب الليل والنهار)، فإذاً الدهر هو الليل والنهار وهو المقلَّب، ومعلوم أن من سب المقلَّب فإنما ترجع مسبته إلى المقلِّب وهو الله سبحانه وتعالى. مثلاً: لو أن إنساناً سب جداراً فإن الجدار لم يبن نفسه، وإنما بناه إنسان، فترجع المسبة للباني الذي بناه، فكذلك إذا سب الدهر والدهر زمان ليس فاعلاً ولا متصرفاً، ترجع مسبة الساب إلى الله عز وجل، ولهذا قول الله عز وجل: (يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر) يعني: من سب الدهر فقد سبني؛ لأن الدهر ليس فاعلاً. وقوله: (أنا الدهر) ليس معناه أن الله عز وجل يقال له الدهر، أو أن من أسمائه الدهر، فهذا غير صحيح، وإنما أسماء الله عز وجل كلها مشتقة، وليس فيها اسم جامد، وهذا اسم جامد، فأسماء الله مشتقة تدل على معان بألفاظها، مثلاً: الرحمن يدل على الرحمة، والعزيز يدل على العزة، والحكيم يدل على الحكمة، واللطيف يدل على اللطف، والسميع يدل على السمع، والبصير يدل على البصر.. وهكذا أسماء الله عز وجل يشتق منها صفات، وتدل على معاني في الصفات، وأما الدهر فهو اسم جامد، فليس من أسماء الله، وقد قيل: إن ابن حزم قال: إنه من أسماء الله بدليل هذا الحديث، ولكن هذا الاستدلال غير صحيح كما ذكر ذلك العلماء، وقالوا: إن الدهر ليس من أسماء الله، وإنما قوله: (أنا الدهر) يعني: من سب الدهر فقد سبني، ومن سب المقلَّب فقد رجعت مسبته إلى المقلِّب، ومن سب البناء رجعت مسبته إلى الباني؛ لأن الجدار لم يبن نفسه، وإنما الذي بناه إنسان، وهذا الإنسان هو الذي يصل إليه سب من سب الجدار، فمن سب الزمان -والزمان ليس فاعلاً ولا متصرفاً- فمسبته ترجع إلى الله عز وجل؛ لأن الله عز وجل هو الذي يقلب الليل والنهار، ولهذا قال: (بيدي الأمر أقلب الليل والنهار)، فكل شيء بيد الله عز وجل، وكل شيء بقضاء الله وقدره، وكل شيء تحت تصرفه سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد. وقوله: (أقلب الليل والنهار) يوضح معنى كون الله عز وجل هو المقلب للدهر، والدهر هو الزمان، ولهذا قال: (أقلب الليل والنهار) أي: الدهر، فمن سبه فقد سب الله عز وجل، ومن حصل منه الذم له رجع ذلك الذم وذلك السب إلى الله سبحانه وتعالى.
معاني أسماء النبي صلى الله عليه وسلم


كما أن أسماء الله مشتقة ليس فيها اسم جامد كذلك أسماء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مشتقة ليس فيها اسم جامد، فمحمد وأحمد كلاهما يدل على معاني الحمد، وأما ما يذكر أن من أسمائه (يس وطه) فهذا غير صحيح؛ لأن هذه حروف مقطعة في أوائل السور، وقد جاء بعدها الخطاب للنبي عليه الصلاة والسلام، لذا فإن وبعض الناس قد يظن أنها من أسماء للرسول صلى الله عليه وسلم، وليس الأمر كذلك، بل (يس وطه) حرفان من الحروف المقطعة، فقد جاءتا في أول هاتين السورتين كما جاءت حروف مقطعة في سور أخرى أحادية وثنائية وثلاثية ورباعية وخماسية، وطه ويس هي مما جاء على حرفين، وقد جاء في طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى [طه:1-2]، وربما بعض الناس لما رأى أن الخطاب للنبي -صلى الله عليه وسلم بعد (طه) ظن أن (طه) اسم للنبي صلى الله عليه وسلم، (( طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ )) يعني: يا طه ما أنزلنا عليك، وهذا غلط ليس بصحيح، وكذلك (يس) ليس بصحيح، وإنما هي حروف مقطعة، وقد جاء أيضاً خطاب النبي صلى الله عليه وسلم بعد حروف أخرى مقطعة مثل: المص * كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ [الأعراف:1-2]، وكذلك إبراهيم: الر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ [إبراهيم:1]، ففيه خطاب للمسلمين بعد: (الر)، وخطاب بعد (( المص )). إذاً: فأسماء الله عز وجل كلها مشتقة وليس فيها اسم جامد، والدهر ليس منها، وأسماء الرسول صلى الله عليه وسلم مشتقة وليس فيها اسم جامد، وما جاء من ذكر (طه ويس) فليس من أسمائه وإنما هي حروف مقطعة في أوائل السورة. وبالانتهاء من الكلام على هذا الحديث نكون قد انتهينا من شرح هذا الكتاب العظيم الذي هو أحد كتب السنة المشهورة، وأحد الكتب الستة المعروفة، وهي: صحيح البخاري، وصحيح مسلم، وسنن أبي داود، وسنن النسائي، وجامع الترمذي، وسنن ابن ماجة، فهذه كتب اشتهرت بأنها الأمهات والأصول؛ وذلك لأنها جمعت من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الشيء الكثير، واختصت بالتأليف فيما يتعلق برجالها ومتونها وأطرافها، وذلك لاشتمالها على الأحاديث الكثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، اللهم إنا نحمدك ونشكرك على ما وفقتنا لإتمام شرح هذا الكتاب العظيم في مسجد رسولك الكريم صلى الله عليه وسلم، ونسأله سبحانه وتعالى أن يجعل ما علمنا حجة لنا لا علينا، وأن يوفقنا جميعاً لتحصيل العلم النافع، والعمل به، إنه سبحانه وتعالى جواد كريم.
تراجم رجال إسناد حديث (يقول الله عز وجل يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر...)

قوله: [ حدثنا محمد بن الصباح بن سفيان ]. محمد بن الصباح بن سفيان صدوق أخرج له أبو داود و ابن ماجة . [ و ابن السرح ]. هو أحمد بن عمرو بن السرح ، ثقة أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ قالا: حدثنا سفيان ]. هو ابن عيينة ، وهو مهمل، وإذا جاء سفيان يروي عن الزهري فالمراد به ابن عيينة؛ لأن سفيان ليس معروفاً بالرواية عن الزهري بحيث يأتي مهملاً، فإذا روى عن الزهري فالمراد به ابن عيينة ، و سفيان بن عيينة المكي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الزهري ]. هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ثقة فقيه أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سعيد ]. سعيد بن المسيب ثقة أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق. وقد جاء في أحد الطريقين ذكر سعيد باسمه فقط، وجاء في الطريقة الثانية عن الشيخ الثاني ابن المسيب بدل سعيد ، أي: أن أحد الشيخين جاء في الإسناد عنده سعيد ، وجاء في إسناد الثاني ابن المسيب . [ قال ابن السرح : عن ابن المسيب مكان سعيد . ] يعني: أن أبا داود ساق الحديث على رواية ابن الصباح، ولهذا لما ساقه قال: سعيد ، ثم نبه على أن ابن السرح قال: ابن المسيب بدل سعيد . وهذا من أمثلة دقة العلماء في المحافظة على الألفاظ التي يأتي بها الرواة، وأنهم يأتون بها كما جاءت ولا يزيدون ولا ينقصون، ولو حصلت زيادة من أجل التنبيه والتوضيح لما قد يكون مهملاً فإنهم يأتون بكلمة تبين ذلك مثل: يعني ابن فلان، أو هو ابن فلان، وإلا فإنهم يحافظون على الألفاظ. ولهذا أبو داود رحمه الله في هذا الإسناد ساقه على لفظ ابن الصباح وقال: سعيد، وأشار إلى لفظ الشيخ الثاني وهو ابن السرح فقال: قال ابن السرح : ابن المسيب بدل سعيد .
فوائد متفرقة في شرح سنن أبي داود

فوائد من دروس الشيخ العلامة عبد المحسن بن حمد العباد البدر حفظه الله تعالى ومتع المسلمين به وبأمثاله في سنن أبي داود السجستاني رحمه الله تعالى، جمع وترتيب محمد محمدي بن محمد جميل النورستاني .

فوائد متفرقة في الرواة

فائدة: أبو عبيد القاسم بن سلام ثقة إمام، ومع ذلك لم يخرج له الشيخان، مما يدل على أنهما لم يرويا لكل ثقة، كما أن الشيخين لم يلتزما بإخراج جميع الأحاديث الصحيحة في صحيحيهما، وعلى هذا فلم يستوعبا جميع الأحاديث الصحيحة، ومن أوضح الأدلة على ذلك صحيفة همام بن منبه ، فقد اتفق الشيخان على إخراج أحاديث منها، وانفرد البخاري منها بأحاديث، وانفرد مسلم منها بأحاديث أخر، وتركا معاً إخراج ما بقي منها، فلا يستدرك عليهما عدم إخراجهما كثيراً من الأحاديث الصحيحة، ولا عدم روايتهما لكثير من الثقات. فهذه الفائدة تتعلق بكون الشيخين لم يخرجا لكل ثقة، ولا كل حديث صحيح، بل رويا أحاديث صحيحة كثيرة، ورويا عن ثقات كثيرين، ولم يخرجا لكل ثقة، ولم يخرجا كل حديث صحيح، ولا يعني ذلك أن الشيخين إذا لم يخرجا الحديث فإنه يكون فيه كلام، ولا أن الراوي يكون فيه كلام؛ لأنهما لم يلتزما أن يخرجا لكل ثقة، ولا أن يخرجا كل حديث صحيح، ومن أوضح الأدلة على هذا فيما يتعلق بالثقات: أبو عبيد القاسم بن سلام، وهو رجل عظيم ومن كبير المحدثين، وليس له رواية عند البخاري و مسلم ؛ لأنهما لم يلتزما أن يخرجا لكل ثقة، كما أن هناك أحاديث صحيحة كثيرة جداً لا توجد في الصحيحين، ولا يقدح فيها لكونها غير موجودة في الصحيحين؛ لأن الإمامين البخاري و مسلم ما التزما أن يخرجا كل حديث صحيح، ومن أوضح الأدلة على هذا صحيفة همام بن منبه فهي تشتمل على مائة وأربعين حديثاً تقريباً، وهي بإسناد واحد، وقد أوردها الإمام أحمد رحمه الله في مسنده بكاملها في مسند أبي هريرة ، وبين كل حديث وحديث يقول: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يكررها هكذا مائة وأربعين مرة، لكي تفصل بين حديث وحديث وهي بإسناد واحد. و البخاري رحمه الله من طريقته أنه ينتقي الحديث الذي يريده ثم يأتي بالإسناد الأول، ويركب الحديث على ذلك الإسناد، و أبو داود كذلك أيضاً، وأما مسلم رحمه الله فإنه يسوق الإسناد حتى نهايته ثم يقول: وذكر أحاديث عن أبي هريرة ، قال: هذا ما حدثنا به محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يقول: وذكر أحاديث منها وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا، فيكون معنى ذلك أن الحديث الذي أتى به ليس هو الذي يلي الإسناد، وهذا من تفنن الإمام مسلم رحمه الله وعنايته في المحافظة على الألفاظ، ولهذا يقول الحافظ ابن حجر في ترجمة الإمام مسلم في تهذيب التهذيب: وقد حصل له حظ عظيم مفرط، وهي محافظته على الألفاظ وسياقها، وحسن ترتبيها، وعدم الرواية بالمعنى، وأثنى عليه وذكر جملة محاسن صحيح الإمام مسلم ، وهذا من دقته ألا يأتي بالمتن المتأخر ويجعله تالياً للإسناد الذي سيقت به الصحيفة كلها، وإنما إذا جاء إلى نهايتها قال: فذكر أحاديث منها، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا. إذاً: فهذه من الفوائد التي تتعلق بالصحيحين وتتعلق بالرواية عن الثقات، وبتخريج الأحاديث الصحيحة، وأن الشيخين لم يخرجا كل حديث صحيح، ولم يخرجا لكل ثقة. فائدة: أبو بكر بن أبي شيبة أكثر عنه الإمام مسلم ، وهو الأول من حيث كثرة الرواية عن شيوخه، فقد روى عنه ألف وخمسمائة حديث، ويليه في الترتيب من حيث كثرة رواية الإمام مسلم : عنهم زهير بن حرب أبو خثيمة، فقد روى عنه مسلم ألف ومائتي حديث. وهذا مما يتعلق بشيوخ مسلم ، أن مسلماً رحمه الله روى عن أبي بكر بن أبي شيبة أكثر من ألف وخمسمائة حديث وهو أكثر الشيوخ الذين روى عنهم، وهناك عدد من الرواة أكثر عنهم الإمام مسلم ، وقد ذكرتهم في مقدمة كتاب عشرون حديثاً من صحيح مسلم ، وذكرتهم بالترتيب على حسب الكثرة. ومما ينبغي أن يعلم: أن الحافظ ابن حجر في كتابه تهذيب التهذيب ينقل من كتاباً يقال له الزهرة عدد الأحاديث التي رواها البخاري و مسلم واتفقا عليها أو انفرد أحدهما بها، فعندما يترجم لكثير من شيوخ الشيخين يقول: روى عنه البخاري و مسلم كذا حديث، اتفقا على كذا، وانفرد البخاري بكذا، و مسلم بكذا، وهذا يأتي غالباً في آخر ترجمة الراوي من تهذيب التهذيب، وقد أشرت إلى هذه الفائدة المتعلقة بكتاب الزهرة في كتاب الفوائد المنتقاة، وهي آخر فائدة في كتاب الفوائد المنتقاة برقم ستمائة وخمسة وخمسين. فائدة: حكم الإمام النسائي على عبد الرحمن بن يزيد بن تميم بأنه متروك، ومع ذلك روى له في سننه، واستغربه منه الإمام الذهبي في الميزان في ترجمة عبد الرحمن المذكور، والفائدة مذكورة في الفوائد المنتقاة من فتح الباري وكتب أخرى. فهذه فائدة تتعلق بسنن النسائي ، فقد روى عن شخص قال عنه: متروك، وهذا عجيب أن يروي عن متروك!! فائدة: ليس في الكتب الستة سليم بفتح السين إلا سليم بن حيان وما سواه سُليم بضم السين، وهو كثير، وهو الجادة كما يقال. فائدة: مالك مقدم على سفيان بن عيينة في الحفظ، وطريقة التعرف على ذلك بين الحفاظ عد الأغلاط. وينبغي التحقق من ذلك من كتاب الحازمي؛ فهو الذي ذكر هذا في شروط الأئمة الخمسة، وذكر أن طريقة المحدثين في معرفة الأوثق، وأنهم إذا أرادوا أن يميزوا بين شخصين كل منهما في غاية الثقة: فإنهم يحسبون أغلاط هذا وأغلاط هذا، والأغلاط هنا قليلة، لكن من كان غطهأقل جعلوه مقدماً، وجعلوه أوثق من الثاني، وكل منهما في غاية الثقة، وأنا الآن لا أتذكر بالضبط هل هو سفيان بن عيينة أو سفيان الثوري لكن يرجع إلى كتاب شروط الأئمة الخمسة للحازمي . وبالمناسبة فالإمام الحازمي هذا هو صاحب كتاب الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار، وقد توفي وعمره خمسة وثلاثون عاماً، وقد ذكره الذهبي في كتابه من يعتمد قوله في الجرح والتعديل وقال: مات شاباً طرياً، عمره خمس وثلاثون سنة، وهذا يبين لنا أن من العلماء من كان سنه صغيراً ولم يعمر طويلاً، ومع ذلك نفع الله تعالى به، وخلف من العلم والتأليف ما نفع الله تعالى به، ومن أمثلة ذلك في هذا الزمان: الشيخ حافظ الحكمي رحمه الله فقد مات وعمره خمس وثلاثون سنة، ومع ذلك ألف كثيراً في العقيدة المصلح والحديث والفقه شعراً ونثراً، فله مؤلفات كثيرة منها المنظوم والمنثور، وكتاباته قيمة ومفيدة، وشعره جيد، ومثل ذلك النووي، فقد مات وعمره خمس وأربعون سنة، ومع ذلك له مؤلفات كثيرة ضخمة منها كتاب المجموع، وهو أوسع كتب الفقه التي تعنى بفقه الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة وغيرهم، وكذا المغني لابن قدامة ، فهذان كتابان واسعان عظيمان في الفقه. وكذلك الاستذكار لابن عبد البر فهو من أحسن الكتب ولكنه دونهما، وقد سبق لي أن سألت شيخنا الشيخ الأمين الشنقيطي رحمة الله عليه، وكان يذكر هذين الكتابين وسعتهما، فقلت له: ما هو الكتاب الذي يماثلهما من كتب المالكية؟ قال: لا أعرف إلا كتاب الاستذكار، فيمكن أن يكون أحسن شيء فيما يتعلق بهذا الموضوع. فائدة: يرى المنذري أن سعيد بن المسيب لم يسمع من عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد رد عليه ابن القيم رحمه الله تعالى عند الحديث رقم خمسة آلاف وثلاثة عشر. وهذا مر بنا قريباً في تهذيب السنن لابن القيم، والحقيقة أن تهذيب السنن لابن القيم كتاب نفيس يشتمل على درر وفوائد، ومع ذلك لم يوجد من يخدم هذا الكتاب ويعتنى به؛ لكي يبرز ويستفاد منه الفائدة الكبيرة، ولكن لو أبرز وخدم خدمة تناسبه فإنه مشتمل على علم وفوائد جمة، وبعض الأحاديث يصلح أن تكون جزءاً؛ لأنه يتوسع ويستطرد فيها ويجعل البحث فيها مستفيضاً، ولا يستغني عن الرجوع إليها طالب العلم، ولكنه لا يهتدى إليها، ولا يتفطن لها، وسبق أني عرضت هذا على كثير من طلبة العلم أن يعنوا به، وبإخراجه وبتحقيقه وبإبرازه، ولكني ما رأيت حتى الآن من اعتني به، وهو كتاب نفيس، وفيه درر وفوائد، ومنها هذه الفائدة التي مرت بنا قريباً. فائدة: من كبار مشايخ أبي داود : أحمد بن منيع، فهذا من كبار مشايخه الذين روى عنهم في أواخر حياتهم، وهو في أول عمره، أي: أنه أدركهم وهم كبار وهو في صغره، فهو من كبار شيوخه، وأما صغار الشيوخ فهم الذين أدرك مدة طويلة من حياتهم مثل ما مر بنا في شيوخ البخاري، فثلاثة من شيوخ البخاري هم من صغار شيوخه، وماتوا في سنة واحدة، وقد ماتوا قبله بأربع سنوات، وهم: محمد بن بشار الملقب بندار ، و محمد بن المثنى الملقب بالزمن ، و يعقوب بن إبراهيم الدورقي، فهؤلاء ثلاثة هم من صغار شيوخ البخاري، وقد ماتوا قبله بأربع سنوات، فهو توفي في سنة ست وخمسين ومائتين، وأما هؤلاء الثلاثة فقد ماتوا سنة مائتين واثنين وخمسين، وهؤلاء الثلاثة أيضاً هم شيوخ لأصحاب الكتب الستة. فائدة: من منهج الإمام البخاري رحمه الله تعالى أنه يسوق لفظ الأخير إذا روى عن شيخين، ولا يبين ذلك، فقد ذكر ذلك الحافظ ابن
الكل أسماء القراء أسماء المحاضرين عناوين المحاضرات نص المحاضرات مختارات من الأذان أسماء المنشدين عناوين الأناشيد أدعية مختارة استراحة التسجيلات
تم الانتهاء من النقل يوم السبت
5 يوليو 2025 ميلادي - 10 محرم 1447 هجري

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 9 ( الأعضاء 0 والزوار 9)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 261.85 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 257.38 كيلو بايت... تم توفير 4.47 كيلو بايت...بمعدل (1.71%)]