نداء عاجل (كونوا كأم موسى) - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         ماذا يأكل المسلمون حول العالم؟ استكشف سفرة عيد الأضحى من مصر إلى كينيا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 92 )           »          طريقة عمل الفتة بخطوات سريعة.. الطبق الرسمى على سفرة عيد الأضحى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 76 )           »          مقاصد الحج (ليشهدوا منافع لهم) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 90 )           »          آللَّهِ ما أَجْلَسَكُمْ إلَّا ذَاكَ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 74 )           »          أحكام وفضائل يوم النحر وأيام التشريق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 90 )           »          أحكام الأضحية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 85 )           »          يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 100 )           »          الحوار آدابه وضوابطه في ضوء الكتاب والسنة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 97 )           »          خطبة الأضحى 1445 هـ: الكلمة مغنم أو مغرم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 90 )           »          خطبة عيد الأضحى: { ولا تتبعوا خطوات الشيطان } (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 112 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25-09-2010, 07:51 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,884
الدولة : Egypt
افتراضي نداء عاجل (كونوا كأم موسى)

الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -.

أمَّا بعدُ:
(كونوا كأُمِّ موسى؛ تُرضع ولدَها، وتَأخذ أجرًا هي كلمةٌ بعث بها واحدٌ من أهل العلم الأفاضل - حفظه الله ونفع به - إلى فريق الباحثين الشَّرعيِّين واللُّغويِّين العاملين تحت إشرافه، وكنتُ - بحمد الله تعالى - واحدًا منهم، فوقفتُ عندها كثيرًا، فهي كلمةٌ عظيمة تشتمل على معانٍ جليلة، وهكذا مَن تَدبَّر القرآن، ونزَّله على واقعه رأى العجائب.

فوقع في نفسي أن أتقدَّم بالنُّصح لإخواني المشتغلين بالعِلم الشَّرعي، بحثًا وتحقيقًا وتصحيحًا، مُفتتِحًا بهذه الكلمة، لعلَّها تكون باكورةَ خيرٍ للنُّصح والإرشاد في هذا الباب.

فأقول لمعاشر الباحثين:
أنتم - أيُّها الإخوة - كنتم تَحرِصون على طلب العِلم، وعلى البحث والتَّحقيق، وكنتم تَتحمَّلون المشاقَّ في ذلك، فالآنَ وقد منَّ الله على الأُمَّة بدور نشرٍ للعِلم، وشركاتٍ لتقنية المعلومات، يعمل فيها طُلاَّب العلم باحثين، ويأخذون أجرًا، فلْنكنْ كأُمِّ موسى؛ تُرضع ولدَها وتأخذ أجرًا، فلنكنْ نحن نَطلبُ العِلمَ ونشتغل به - كما كنَّا نحرص عليه مِن قبلُ - ونأخذُ على ذلك أجرًا، يكفينا الله به، ويعفُّنا وأهلينا، فله الحمد والشُّكر.

وأتقدَّم بالنُّصح لإخواني الباحثين؛ لأنِّي أُحبهم، فمَن نصحك فهو يحبك، فأقول - وبالله التوفيق –:
1- علينا أن نَشكر اللهَ - تعالى - أنِ اصطفانا لخدمة العِلم الشَّريف، ومَنَّ علينا بالعمل في هذا المجال؛ ففيه نجمع بينَ طلبِ العِلم، وطلب القُوت الحلال، ونتعامل مُعاملةً حسنةً مع أُناس مِن أفاضل النَّاس، ومِن خِيرة طُلاَّب العلم الشَّريف - نحسبهم ولا نُزكِّي على أحدًا - فكم مِن أناسٍ يعملون في الحَرِّ الشَّديد والأعمال الشَّاقَّة، بل والمُهينة في بعض الأحيان، ويتعاملون مع أقوامٍ - نسأل الله لنا ولهم العافية - ما تَعلَّموا العِلم، ولا الأخلاقَ الحسنة الفاضلة؛ بل معاملتهم جُلُّها سَبٌّ وإهانة، وغِيبةٌ ونَميمة، ومكرٌ وخِداع، وغِشٌّ ونِفاق، نسأل الله السَّلامة والعافية، ويتعرَّضون للحُرمات والفِتن، وحدِّثْ عنِ الاختلاط والمخالفات الشَّرعيَّة ولا حرجَ، وقلَّما يخلص لهم الرِّزق الحلال؛ الذي هو بُغيةُ كلِّ مسلمٍ صادق، يُطعم به نفسه وأهله وأولاده، ويَكفُّهم ويُعفُّهم بفضل الله عنِ الحرام.

فالشُّكر أساسُ المزيد؛ قال الله - تعالى -: ﴿ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7]، وقال - تعالى -: ﴿ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ [سبأ: 13].

وقد أحسن مَن قال:
"إِذَا كُنْتَ فِي نِعْمَةٍ فَارْعَهَا
فَإِنَّ المعَاصِي تُزِيلُ النِّعَمْ

وَحَافِظْ عَلَيهَا بِشُكرِْ الإِلَهِ
فُشُكْرُ الإِلَهِ يُزِيلُ النِّقَمْ



ولو لم يَكنْ مِن فَضلِ الشُّكرِ إلاَّ أنَّ النِّعمَ به موصولةٌ، والمزيدَ لها مُرتبِطٌ به، لكانَ كافِيًا، فهو حافظٌ للموجُودِ مِنَ النِّعمِ، جالِبٌ للمَفقُودِ منها بالمزيدِ، فهو قَيدٌ للمَوجُودِ، وصَيْدٌ للمَفقُودِ؛ يعني: تُقَيَّدُ به النِّعمُ الحاضِرةُ، وتُستَجْلَبُ به النِّعمُ المَرجُوَّةُ، فإنَّ النِّعمَ إذا شُكِرَتْ، دَرَّتْ وتزايدَتْ وقَرَّتْ، وإذا كُفِرَتْ، تناقَصَتْ وانْمَحَقَتْ وَفَرَّتْ؛ قال - سبحانه وتعالى -: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7]، نِعمةً إلى نِعمةٍ، تَفضُّلاً مِنَ الكريمِ المنَّانِ.

فالشُّكرُ جَلاَّبٌ للنِّعمِ، دافِعٌ للنِّقمِ، وَمُوجِبٌ المزيدَ.

فلن يَنْقطِعَ المزيدُ مِنَ اللهِ – تعالى - حتَّى يَنْقَطِعَ الشُّكرُ مِنَ العَبدِ".

فاللهمَّ أعنَّا على الشُّكر، وارزقْنا المَزيد.

2- وعلينا أيضًا أن نحتسب النِّيَّةَ الصَّالحة في ذلك، وأن يكونَ خروجُنا للعِلم والعمل خروجًا في سبيل الله؛ فعن أبي هريرةَ - رضي الله عنه -: أنَّ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((ومَن سَلكَ طَريقًا يَلْتمسُ فيه عِلمًا سَهَّل اللهُ له بِه طريقًا إلى الجَنَّة))؛ رواه مسلم.

وعن أنسٍ - رضي الله عنه -: أنَّ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال : ((مَن خَرجَ في طَلبِ العِلْمِ فهو في سَبيلِ الله حتَّى يَرجِعَ))؛ رواه الترمذي: (2717)، وقال: هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ، والطبَّراني في "المعجم الصغير" (380)، وقال : لا يُروى عن أنسٍ إلاَّ بهذا الإسناد، تفرَّد به أبو جعفر الرازي وخالد بن يزيد، وقال الألبانيُّ: حسنٌ لغيره.

وعن كعب بن عُجرةَ - رضي الله عنه - قال: مرَّ على النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم – رجلٌ، فرأى أصحابُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - مِن جَلدِه ونشاطه، فقالوا: يا رسولَ الله، لو كان هذا في سبيل الله، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنْ كان خرجَ يَسعَى على وَلدِه صِغارًا، فهو في سبيل الله، وإنْ كان خَرج يَسعَى على أَبوَينِ شَيخَينِ كبيرَينِ، فهو في سبيل الله، وإنْ كان خرج يَسعَى على نفسِه يُعفُّها، فهو في سبيل الله، وإنْ كان خرج يَسعَى رِياءً ومُفاخرةً، فهو في سبيل الشَّيطان))؛ رواه الطَّبراني، ورِجاله رجال الصحيح، وقال الألبانيُّ: صحيحٌ لغيره.

ولْنَقُلْ في الصَّباح داعِينَ : ((اللَّهمَّ إنِّي أَسألكَ عِلمًا نافعًا، ورِزقًا طَيِّبًا، وعملاً مُتقبَّلاً))؛ كما كان النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يفعل[1].

3 - كما علينا أنْ نراعيَ حقوقَ العملِ، ونلتزمَ فِقهَ الإجارة، فوقتُ العمل مِلكٌ لصاحب العمل، مقابلَ الأجْرِ الذي يدفع، فلا يَنبغي أن يَضيع وقتُ العمل في غير مصلحةِ العمل، وعلينا أن نُراقبَ الله في ذلك؛ قال الله - تعالى -: ﴿ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِين ﴾ [يونس: 61].

وعلينا أن نكون أمثلةً صالحةً في البذل والعطاء للعمل، والانضباطِ ومُراعاة أوقاتِ العمل؛ حُضورًا وانصرافًا، وأن نُؤدِّيَ الحقَّ الذي علينا - كما نُحبُّ أن يُؤدَى الحقُّ الذي لنا.

ونحن - معاشرَ الباحثين، وطُلاَّب العِلم - أولى بكلِّ خُلقٍ حَسن، وكلِّ شِيمةٍ صالحة، فلا يَنبغي أن نكونَ مثالاً على الكسل، وقِلَّة المبالاة، وعدمِ الانضباط في أعمالنا، لا سِيَّما وهي - بحمد الله تعالى - شَرعيَّةٌ مفيدة، بلِ النَّشاط وعُلوُّ الهمة أولى بِنا، و:
عَلَى قَدْرِ أَهْلِ الْعَزْمِ تَأْتِي الْعَزَائِمُ
وَتَأْتِي عَلَى قَدْرِ الْكِرَامِ الْمَكَارِمُ

وَتَعْظُمُ فِي عَيْنِ الصَّغِيرِ صِغَارُهَا
وَتَصْغُرُ فِي عَيْنِ الْعَظِيمِ الْعَظَائِمُ



4 - كما علينا مراعاة الأَمانةِ العِلميَّة والدِّينية المُلْقاة على كواهلنا، فلا نُقصِّر في البحث رَغبةً في الإنجاز السَّريع، ولكن على حِساب دِقَّة العمل، فإنَّ هذا الأمرَ دِينٌ، فلا بدَّ مِن التَّدقيق والتَّمحيص، وللعُلماء في ذلك شأنٌ عجيبٌ، وأخبارُهم في ذلك أَشهرُ مِن أن تُذكر، ولا يَنبغي أن نَتكاسل في العَمل والإنتاج بحجَّة الدِّقة والإتقان.

5 - ومِن أهمِّ ما يلزمنا الحِرصُ على الاستفادة العِلميَّة الجادَّة، وأن نحرص ألاَّ يصيرَ العملُ في العلوم الشرعيَّة كأيِّ عمل، أو كما يقال: هي ساعات تقضى وفقط!

لا يا أخي، فقد يطلعك الله - سبحانه – خلال بحثك وعملك على الكلمة التي تنجيك، وتكون سببًا لدخولك الجنة والفوز العظيم، ورضوان الله البر الرحيم.
وَقَدِّسِ الْعِلْمَ وَاعْرِفْ قَدْرَ حُرْمَتِهِ
فِي الْقَوْلِ وَالفِعْلِ وَالآدَابَ فَالْتَزِمِ

وَاجْهَدْ بِعَزْمٍ قَوَيٍّ لا انْثِنَاءَ لَهُ
لَوْ يَعْلَمُ الْمَرْءُ قَدْرَ الْعِلْمِ لَمْ يَنَمِ



كما يقول حافظ حكمي – رحمه الله تعالى.

6 - كما علينا الالتزام بآدابِ الإسلام الرَّفيعة، التي لا يَعرِف العالَمُ مثلَها، والتَّخلُّق بآدابِ العمل الجَماعيِّ، وبآدابِ الأُخوَّة الإِسلاميَّة على وجه العُموم، وتطبيق مواثيقِ المودَّة والموالاة بينَ المؤمنين، ونشْر الحُبِّ والتَّآلف بين فريقِ العمل؛ إذْ معظم الأعمال البحثيَّة يقوم بها فريقُ العمل، والعمل برُوح الفريق - لا برُوح الفرد - لا شكَّ يُثمِر الثَّمرةَ اليانعةَ المرجُوَّة من العمل، والمرءُ قليلٌ بنفسِه كثيرٌ بإخوانه، والمؤمنُ للمؤمن كالبُنيان، يَشدُّ بعضُه بعضًا - كما قال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم[2].

وتَفهُّم طبيعة العمل، ومعرفة كلِّ فردٍ لدَورِه بدقَّةٍ، وتأديته له بإتقانٍ - مِن أعظم ما يلزمنا - نحن الباحثين - وكذلك في كلِّ عملٍ، وكلِّ مجال، فمَن كان في المقدِّمة كان في المقدِّمة - يعني: قام بدَورِه على أكملِ وجهٍ - ومَن كان في الحِراسة كان في الحراسة، والتَّوسُّط مِن خير الأمور، فلا يَشقُّ مَن ولي شيئًا من أمر إخوانه على إخوانه، ولا يَستنكف مَن أُمِر بشيءٍ أن يُنفِّذه، فلكلٍّ دورُه، وعلى الجميعِ أن يُؤدُّوا دورَهم على أكملِ وجه، والله الهادي إلى سواء السَّبيل.

7 - دقَّة التَّنظيم، وحُسن ترتيب العملِ يُوفِّر ثلاثةَ أرباع الجُهد: هذه كلمةٌ يُردِّدها النَّاجحون في أعمالهم، ويسيرون عليها، ونحن - معشرَ الباحثين في العلوم الشَّرعيَّة - أولى وأحرى بنا أن نلتزمَ بكلِّ خيرٍ، والله - عز وجل – قد : ﴿ أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ﴾ [السجدة: 7]،

والكون كله من صُنْعِ اللهِ: ﴿ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ﴾ [النمل: 88].

ودِينه - سبحانه - مبنيٌّ كلُّه على الإتقان والنِّظام في كلِّ شيء، لا يعرف الارتجالية، ولا التَّخبُّط، ولا الفوضى، وخذ إليك مثالاً:
الصَّلاة، وخصوصًا صلاةَ الجماعة، وخصوصًا صلاةَ الخوف، فانظر إلى النِّظام والإتقان، فلو أنَّ أُلوفًا مُؤلَّفة يُصلُّون في وقت واحدٍ لَمَا اختل النِّظام، حتَّى لو سها الإمام، فقد شُرع له كيف يفعل، وشُرع للمأمومين كيف يفعلون.

وحادثة الهِجرة العظيمة إلى المدينة النبوية الشَّريفة أعظم مثالٍ على دقَّة التَّخطيط وحُسن التَّنظيم للعمل، فاختيارُ الرَّفيق المناسب، وهو الصِّدِّيق الأكبر، واختيار الطَّريق، والهادي الخِرِّيت، ومَن يأتي لهم بالأخبار، ومَن يأتي لهم بالطَّعام، ومَن يمحو آثارَ الأقدام، إلى غيرِ ذلك، كلُّ هذا أعظمُ دليل على حُسن التَّخطيط ودقَّة التنظيم، وحياتُه - صلَّى الله عليه وسلَّم - كلُّها ملأى بالأمثلة لمن تدبَّر، وكذلك أصحابه - رضوان الله عليهم - وأتباعهم مِن بعدهم.

فعلى كلِّ فريقٍ من الباحثين أن يُحسنوا التَّخطيط، ويراعوا دقَّة التَّنظيم للعمل، مِمَّا يوفِّر الجهد والوقت، والذي يؤدِّي إلى نجاح العمل، وإلى جَنيِ ثمارِه يانعةً - بإذن الله تعالى.

ولنحرصْ على ما ينفعنا، ولْنستعنْ بالله ولا نَعجِز - كما أرشدنا نبيُّنا - صلَّى الله عليه وسلَّم -[3]

ولنكثر من سؤال الله - تعالى - المَددَ والعونَ والتَّوفيق في جميع أعمالنا، بعدَ أَخذِنا بالأسباب، فمَعِية الله – تعالى - وتوفيقُه وهدايته فوقَ الأسباب، يَمنُّ الله - سبحانه - ويتَفضَّل بها على مَن جاهدَ وأحسن؛ ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69].

وانظر إلى ما فعلتْه أُمُّ موسى - عليه السَّلام - مِن إرسالِها أُختَه تَقصُّه، وإلى فِعل أُخته، وكيف بَصُرتْ به عن جُنبٍ، واخترقتْ كلَّ الحواجز التي صَنعها فرعونُ وجُنودُه دونَ أن يَشعر بها أحدٌ، وكيف عَرَضتْ عليهم أمرَ إرضاعِه بما لا يُشعرهم بشيءٍ، ولا عَلاقتِها بهذا الوليد، ولا أنَّها أُختُه، ولا أنَّها تذهب به لأُمِّه، وانظرْ كيف أكرمها الله - سبحانه وتعالى – وحرَّم عليه المراضعَ مِن قبلُ، فرَدَّه إليها لتُرضعَه، وتقرَّ عينها، وتَأخذ على ذلك أجرًا؛ قال الله - تعالى:﴿ وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ به عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ * فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [القصص : 11 - 13].

ألاَ فلْنكنْ كأمِّ موسى؛ تُرضع ولدَها وتأخذ أجرًا.

وبعدُ، فهذه نصيحةٌ مختصرةٌ، ذكرتُها لي ولإخواني حبًّا لهم، ولستُ أهلاً للنُّصح، ولكن لعلَّها تكون فاتحةَ خيرٍ أن يُدوِّنَ فيها أحدٌ من أهل العلم والفضل، وحسبي أن أكونَ مُذكِّرا، والذِّكرى تنفع المؤمنين.

[1] أخرجه الإمام أحمد، وابن ماجه، وابن أبي شيبة، وقال الألباني: صحيح.

[2] هو حديث مشهور متفق عليه من حديث أبي موسى الأِشعري- رضي الله عنه.

[3] أخرجه مسلم وأحمد وابن ماجه من حديث أبي هريرة بلفظ: ((المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء، فلا تقل: لو أني فعلت، كان كذا وكذا؛ ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن "لو" تفتح عمل الشيطان)).


أ. رضا جمال




رد مع اقتباس
  #2  
قديم 25-09-2010, 10:49 PM
الصورة الرمزية بنت السنه
بنت السنه بنت السنه غير متصل
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
مكان الإقامة: السعوديه
الجنس :
المشاركات: 646
الدولة : Saudi Arabia
افتراضي رد: نداء عاجل (كونوا كأم موسى)

اللهم اعنا على شكرك وذكرك وحُسن عبادتك

واقنعنا بقضاءك وقدرك

أحسن الله لكِ أم عبدالله

__________________
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 25-09-2010, 10:57 PM
زهر الجبل زهر الجبل غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
مكان الإقامة: المغرب
الجنس :
المشاركات: 327
الدولة : Morocco
افتراضي رد: نداء عاجل (كونوا كأم موسى)

جزاك الله خيرا ونفع بك
جزيت الفردوس
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 66.04 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 63.47 كيلو بايت... تم توفير 2.57 كيلو بايت...بمعدل (3.89%)]