|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() علم أصول الفقه وأثره في صحة الفتوى(1-5) د.عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس حمدًا لله على آلائه، والشكر له على نعمائه، وصلاة وسلامًا تامين دائبين على خاتم أنبيائه وأفضل أصفيائه وسيد أوليائه نبينا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه وخلفائه وحزبه وجنده وحلفائه، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم لقائه. أما بعد: فإن أجل المنن والآلاء وأسبغ الخيرات والنعماء ما هدى الله إليه عباده من هذا الدين القويم والشريعة الغراء، التي امتازت كمالاً وشمولاً ووسعت الأعصار والأمصار، تأصيلاً وتفصيلا وانتظمت مصالح العباد في أمور المعاش والمعاد، وزخرت بالعلوم النافعة والمعارف الجامعة في قضايا الدين والدنيا معًا، وحوت نصوصًا ومقاصدًا، وحكمًا وقواعدًا، ملأت البسيطة عدلاً وحكمة وتيسيرًا ورحمة، واستوعبت قضايا الاجتهاد والنوازل، فأبانت أحكامها، وأوضحت حلالها وحرامها عبر ميزان دقيق، ومعيار وثيق، وأصول محكمة، سار عليها علماء الإسلام، ومفتوا الأنام، مما كان له الأثر البالغ في تحقيق الخير للأفراد والمجتمعات، وإصابة الحق في الاجتهادات والمستجدات. وبين يديك ـ أخي القارئ الكريم ـ بحث ينتظم هذه المعاني العظيمة، عبر ثلاث قضايا رئيسة هي: أولاً: علم أصول الفقه. ثانيها: الفتوى. ثالثها: العلاقة بينهما والأثر الإيجابي من تلازمهما، في منظومة علمية متألقة، ونسيج معرفي متميز، وعقد وضاء مزدان بثلاث درر متلألأة، لا تستقل إحداها عن الأخرى، ولا يقل بعضها إشراقًا وجمالاً عن نظيره، كما لا غنى للأمة عنها كلها. أما أولها: فهو عقد واسطة علوم الشريعة، وقطب رحى الفقه في الدين به يُعرف الحلال والحرام ، ويتبين الخاص والعام، ويعرف المطلق والمقيد، والمجمل والمبين ونحوها، ذلكم هو علم أصول الفقه. ولا غرو فإنَّه من أشرف العلوم قدراً وأعظمها أجراً، وأتمِّها عائدة، وأعمِّها فائدة، وأعلاها مرتبة، وأسناها منقبة، يملأ العيون نوراً، والقلوب سروراً، والصدور انشراحاً، ويفيد الأمور اتساعاً وانفتاحاً، هذا لأن ما بالخاص والعام من الاستقرار على نهج الانتظام، والاستمرار على سنن الاجتماع والالتئام، إنما هو بمعرفة الحلال من الحرام، والتمييز بين الجائز والفاسد في وجوه الأحكام، بحوره زاخرة، ورياضه ناضرة، ونجومه زاهرة، وأصوله ثابتة، وفروعه نابتة، لا يفنى بكثرة الإنفاق كن*زه، ولا يُبلى على طول الزمان عزّه. أهله قِوام الدَّين وقُوَّامه، وبهم ائتلافه وانتظامه، وهم المرجع في التدريس والفتوى، ومحل الصدر عند النوازل والبلوى. وإذا كان هذا الوصف لواسطة عقد علوم الشريعة فقهاً وأصولاً فإن علم أصول الفقه يحظى بالقسط الأكبر والنصيب الأوفر وما ذاك إلاّ لأنه يمكّن المجتهدين من النظر في أصول الشريعة ومقاصدها، وقواعد الدين ونصوصه، واستنباط الأحكام الشرعية من الأدلة التفصيلية بإتقان وبصيرة، فهو مأوى الأئمة، وملجأ المجتهدين، ومورد المفتين عند تحقيق المسائل وتحرير الأقوال، وتقرير الأدلة والتأصيل والتقعيد للحكم في النوازل، وما يجدُّ في حياة المسلمين، مسائله مبنية على أسس متينة، وقواعد راسخة تربط بين المنقول والمعقول. ومن ذا الذي يعرف القواعد التي تضبط وصول المرء إلى معرفة حكم الشرع في كل فعل وترك؛ ومن الذي يعرف ما في الكتاب والسنة من مجمل ومبين، وعام وخاص، ومطلق ومقيد، ومحكم ومتشابه، ومنطوق ومفهوم، وناسخ ومنسوخ، وأمر ونهي، وقواعد ذلك؟ فمن الذي يدرأ التعارض بين نصوص الكتاب والسنة، ويكشف ذلك، ويرجح الأصوب، ويعلم الأحكام التكليفية والوضعية، وتفصيلاتها، والأدلة ومسائلها، والدلالات وغوامضها، وأحكام الاجتهاد، والنظر والاستنباط، ومقاصد الشريعة، والحكم على ما يجدُّ للناس من أقضية؟ غير الأصولي يعرف مصادر الأمور ومواردها، ويضع كل شيء في محله، عبر ميزان دقيق، يضبط المجتهد، ويعصمه ـ بتوفيق الله ـ من الخطأ في الاستنباط، والزلل في الاستدلال، إذ به يتبيَّن الصحيح وغيره من الاستنباطات الشرعية، والاستدلالات النقلية والعقلية . تلك شذرة عن القضية الأولى في هذا البحث المهم. ثانيها: مقام التوقيع عن رب العالمين الفتوى: فمما لا شك فيه أن لعلماء الشريعة القدح المعلّى من المنازل، والدور المجلّى في الأمة لاسيما في المستجدات والنوازل، خاصّة إذا بلغ العالم مرتبة الفتوى، لما للفتوى من مكانة عظمى ومنزلة كبرى في هذا الدِّين، ويكفي أنّ مقام المفتين هو التوقيع عن ربِّ العالمين، وفي ذلك من التشريف والتكليف ما لا يخفى، يقول الإمام العلامة ابن قيم الجوزية: «إذا كان منصب التوقيع عن الملوك بالمحلِّ الذي لاينكر فضله ولا يجهل قدره، وهو من أعلى المراتب السنيّات فكيف بمنصب التوقيع عن رب الأرض والسماوات»[1]. ومما يدل على عظم مكانتها أن الله سبحانه وتعالى تولاها بنفسه، قال- عزّ من قائل- : {قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ } (النساء:176)، كما كان الرسول المصطفى- صلى الله عليه وسلم- يتولى هذا المنصب في حياته، وكان ذلك من مقتضى رسالته - عليه الصلاة والسلام[2]، ثم تولّى زمام ذلك بعده صحابته الأخيار؛ فقد كان جملة منهم ممن توارد على هذا المنصب العظيم لاسيما الخلفاء الأربعة وغيرهم ممن اشتهر بالعلم، وقد عدّ العلامة ابن القيم[3] منهم عدداً كبيراً، رضي الله عنهم وأرضاهم[4]، ومع اهتمام السلف بالفتوى فقد كانوا رضي الله عنهم ورحمهم يتهيبونها، ويودّون أن لو كفوا مؤونتها، كما قال عبدالرحمن بن أبي ليلى[5]: «أدركت عشرين ومائة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ما منهم من محدث إلاّ ودّ أن أخاه كفاه الحديث، ولا مفت إلاّ ودّ أن أخاه كفاه الفتوى»[6]، ولعل هذا التورع المحمود المتمشي مع الضوابط الشرعية للفتوى، هو الذي جعل الفتوى الصادرة عن علماء الشريعة عبر عصور الإسلام الزاهرة متميزة بمزايا عديدة، تظهر بجلاء كمال هذه الشريعة وشمولها ومحاسنها، وصلاحيتها لكل الأزمنة والأمكنة. وأما ثالث القضايا وواسطة عقد البحث فهو: الأثر الإيجابي الذي يترتب على العلاقة الحميمة بين علم الأصول ومقام الفتوى: فمما لاشك فيه أن المفتي موقّعٌ عن رب العالمين، وهذه مكانة عظيمة القدر لا يمكن تبوؤها إلاّ بالتبحّر في علوم الشريعة والغوص في أعماقها، ومن أهم ما يحتاجه المفتي من العلوم ليصل إلى الفتوى الصحيحة، علم أصول الفقه وما يشتمل عليه من أحكام وأدلة شرعية، ودلالات مرعية، ومسائل جليلة القدر بالغة الأهمية؛ إذ كيف يتأتى للمفتي أن يصدر فتواه مبنية على دليل وهو لا يعلم هل هذا الدليل منسوخ، أو مخصوص أو مقيد بدليل آخر؟ وهل وقع عليه الإجماع؟ وإذا كان من النوازل، فهل يستطيع أن يقيسه على حكم ثابت؟ وهل يكون موافقًا لمقاصد الشريعة؟ وهل اعتبر في فتواه ما تؤول إليه من مصالح، وتدرأ من مفاسد وقبائح؟ كل ذلك يثبت بما لا يدع مجالاً للشك حاجة المفتي النبيل، الماسّة إلى هذا العلم الجليل. يقول الإمام الشافعي رحمه الله:"لا يحل لأحد يفتي في دين الله إلا رجلاً عارفًا بكتاب الله: بناسخه ومنسوخه، وبمحكمه ومتشابهه، وتأويله وتنزيله، ومكيه ومدنيه، وما أريد به، وفيما أنزل، ثم يكون بعد ذلك بصيرًا بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ، وبالناسخ والمنسوخ، ويعرف من الحديث مثل ما عرف من القرآن، ويكون بصيرًا باللغة، بصيرًا بالشعر، وما يحتاج إليه للعلم والقرآن، ويستعمل مع هذا الإنصاف، وقلة الكلام، ويكون بعد هذا مشرفًا على اختلاف أهل الأمصار، ويكون له قريحة بعد هذا، فإذا كان هذا هكذا فله أن يتكلم ويفتي في الحلال والحرام، وإذا لم يكن هكذا فله أن يتكلم في العلم ولا يفتي"[7]. ويقول إمام الحرمين رحمه الله:"وعلم الأصول أصل الباب حتى لا يقدم مؤخرًا ولا يؤخر مقدمًا، ويستبين مراتب الأدلة والحجج"[8]. وقد أوضح الغزالي9[9] رحمه الله أهمية معرفة أصول الفقه للمفتي في معرض حديثه عن المعارف التي يحتاج إليها قائلاً:"إنما يكون متمكنا من الفتوى بعد أن يعرف المدارك المثمرة للأحكام، وأن يعرف كيفية الاستثمار والمدارك المثمرة للأحكام كما فصلناها أربعة الكتاب والسنة والإجماع والعقل"[10]. وبهذا يتبين أهمية علم أصول الفقه للمفتي، والأثر البالغ للعلاقة الحميمة بينهما، مما يحقق صحة الفتوى والتزامها المنهج الصحيح، المتمشي مع نصوص الشريعة وأصولها ومقاصدها. لذلك وانطلاقًا من الحرص على مقام التوقيع عن رب العالمين، إذ هو أعلى مراتب العلم كما لا يخفى، ولخطورة التجرؤ على الفتوى بغير علم راسخ، تأتي أهمية هذا البحث، وإن المتأمل في واقع الفتوى المعاصرة، لتتأكد له أهمية هذا الموضوع وطرحه والتذكير به، فكم يرى الناظر نزلاء في حلائب العلم والمعرفة، وهم ليسوا منهما في شيء؟! ديدنهم الجرأة على الفتوى، والتجاسر على التحليل والتحريم[11]، يتكلمون بما لا يعلمون، ويجملون ولا يفصلون، ويهرفون[12] ويسفسطون[13]، وهم من قليلي البضاعة في أحكام الشريعة، إذا سمعت أحدهم يتكلم، فكأنما ينزل عليه وحي، من جزمه فيما يقول وعدم تورعه، ولربما نسب ما يراه إلى الإسلام، ترى أحدهم يجيب في عظيم المسائل، مما لو عرض على عمر، لجمع له أهل بدر، وكم يتملكك العجب وأنت تسمع عبارات التعظيم لذواتهم، والتعالي في نفوسهم، قاموسهم: رأينا كذا، ترجيحنا، اختيارنا، والذي نراه، ونحن، وهلم جرا. يقولون هذا عندنا غير جائز ومن أنتم حتى يكون لكم عند؟! وما علم هؤلاء أن الجرأة على الفتوى جرأة على النار، وأن التجاسر عليها اقتحام لجراثيمها،والعي اذ بالله! بل لقد وصل الحال ببعض العوام إلى أن يفتي بعضهم بعضا، وأصبح الحديث في علوم الشريعة بضاعة كل متعالم مأفون[14]، حتى ساموا باعة البقول عددا، وتكلم بعض الرويبضة[15]، واستطالوا على منازل العلماء، ومقامات العظماء والفقهاء، وعمدوا إلى أمور من الثوابت والمبادئ، وجعلوها عرضة للتغيير والتبديل، بدعوى تغير الفتوى بتغير الزمان، ووجد من يتنصل[16] من الفتوى بأمور جاء تحريمها مما علم من الدين بالضرورة، وكثر التحايل على الشريعة. وطالب بعض مثقفي العصر بالترخيص؛ ليتفلت من الأحكام، فطالب بعضهم بإعادة النظر في حرمة الربا، أو بعض صوره، وآخرون بالتجاسر على حجاب المرأة المسلمة، وهكذا في سيل من التلاعب بأمور الشريعة، وعمدت بعض وسائل الإعلام، وقنواته المسموعة والمقروءة والمرئية، إلى إثارة قضايا كلية من الدين مع بعض المتعالمين ممن: يمدون للإفتاء باعًا قصيرة وأكثرهم عند الفتاوى يكذلك[17] ومما زاد الطين بلة والداء علّة، ما انتشر في هذا العصر من الفضائيات وشبكات المعلومات الانترنت، وما يطلق عليه فضائيات الفتوى، أو شبكات ومواقع الفتوى على الشبكة العنكبوتية، وما تعيشه من فوضى الفتاوى، وما تسببه من إثارة البلبلة والتشويه المتعمد، فهي بحق حوانيت في ناصية الجهل والقول على الله بغير علم، فبضاعتها الجرأة، وعملتها الإثارة، وأساطينها نكرات مجاهيل، يزينون سفك الدماء وتناثر الأشلاء، وأعمال العنف والإرهاب، وبعضها تعمد إلى مفتين من نوع خاص، همّها المتاجرة والتكسب بالفتوى دون اكتراث إلى حاجة الناس إلى فتاوى منضبطة بالضوابط الشرعية، ومبنية على الأسس العلمية والمقاصدية والقواعد الأصولية، مما كان له كبير الأثر، وخطيرهُ على الوعي الإسلامي الصحيح لدى عامة المسلمين، كل ذلك يؤكد أهمية طرح هذا الموضوع وتتابع الأبحاث والدراسات فيه؛ ليضع الغيورون على مقام التوقيع عن رب العالمين حلاً لهذه الفوضى العارمة، والإسهاب غير المنضبط في هذا المجال العظيم. لذا فإن الواجب ـ حماية لبيضة الإسلام، ودفاعًا عن أحكامه وتشريعاته ـ أن يحجر على كل متكلم في الشريعة ـ تحليلاً وتحريما ـ وهو لا يحسن؛ فالحجر[18] لاستصلاح الأديان أولى من الحجر لاستصلاح الأموال والأبدان، والغيرة على الشريعة من المكارم؛ وهي أولى من الغيرة على المحارم، ووالله إنه ليحرم على من لا يهتدي لدلالة القرآن، ولا يعرف السنة والآثار، أن يتسنّم سدة العلم، ويتصدر في مجال الإفتاء، وقد قيل لسفيان الثوري ~ في ذلك؟ فقال:«إذا كثر الملاحون[19]، غرقت السفينة»[20]. وقد تناسى هؤلاء أنهم بكلامهم في الشريعة إنما يوقعون عن رب العالمين سبحانه، وأن الفتاوى نار تضطرم، فكم تسمع من فتاوى سردية إنشائية لا زمام لها ولا خطام، لا تنور بنور النص، ولا تزدان ببيان حكم الشريعة ومقاصدها وأصولها، تبنى على التجري لا على التحري[21]، لا تقوم على قدم الحق، فتعنت الخلق، وتشجي الحلق[22]، وحق لهؤلاء أن تسلم الأمة من لأوائهم[23]، وتحذر من غلوائهم[24]. وإن رغمت أنوف من أناس فقل يا رب لا ترغم سواها[25] فالواجب أن يقوم بهذا العمل المؤهلون دون المتعالمين، والأصلاء دون الدخلاء؛ حفظًا لدين الأمة، وتوحيدًا لكلمتها، وضبطًا لمسالكها ومناهجها؛ لتكون مبنية على الكتاب والسنة؛ بفهم سلف الأمة ـ رحمهم الله ـ وبذلك تسلم الأمة من غوائل[26] المحن، وبواعث الفتن، وتوجد العواصم ـ بإذن الله ـ من قواصم الجريمة الشنيعة، وهي القول على الله بغير علم. ومن مجموع ما سبق، وخاصة في واقع الفتوى، وما تحتاجه من البناء المحكم على هذا العلم المهم، ونظرًا لحاجة المكتبة الإسلامية لبحوث في هذا المجال، ولما منّ الله به عليّ من التخصص الدقيق في فنّ الأصول، وبعد استخارة الله عزوجل، واستشارة عدد من أهل العلم، أردت أن أدلي بدلوي لعلّي أن أوفق في إنارة الطريق للسالكين الباحثين عن الحق، في مثل هذه القضايا المهمة، والله الموفق والهادي سواء السبيل. وبعد هذه الإلماحة اليسيرة عن أهمية الموضوع، أبين لك ـ أخي القارئ الكريم ـ الخطة المرسومة لهذا البحث: خطة البحث يشتمل البحث على: مقدمة، وتمهيد، وأربعة فصول، وخاتمة. أولاً: المقدمة. وفيها: أهمية الموضوع، وخطته، ومنهجه. ثانيًا: التمهيد: ويشتمل على مطلبين: المطلب الأول: التعريف بعلم أصول الفقه ومكانته وأهميته. المطلب الثاني: التعريف بالفتوى ومكانتها وخطورتها. ثالثًا: الفصل الأول: الأحكام وأثرها في صحة الفتوى. ويشتمل على تمهيد وثلاثة مباحث هي: المبحث الأول: الأحكام التكليفية. المبحث الثاني: الأحكام الوضعية. المبحث الثالث: ما لابد منه لتصور الأحكام التكليف. الفصل الثاني: الأدلة وأثرها في صحة الفتوى. ويشتمل على تمهيد وخمسة مباحث هي: التمهيد: ويشتمل على مطلبين: المطلب الأول: مراعاة ما فهمه السلف الصالح من أجل أن تؤثر "أدلة الفقه" في صحة الفتوى. المطلب الثاني: اعتبار العلاقة الجدلية بين النص والمقصد. المبحث الأول: الكتاب القرآن. المبحث الثاني: السنة. المبحث الثالث: الإجماع. المبحث الرابع: القياس. المبحث الخامس: الاستدلال وأثره في صحة الفتوى:وفيه تمهيد وخمسة مطالب: المطلب الأول: الاستدلال بالاستصحاب. المطلب الثاني: الاستدلال بالمصلحة المرسلة. المطلب الثالث: الاستدلال بالاستحسان. المطلب الرابع: الاستدلال بسد الذرائع وبإبطال الحيل. المطلب الخامس: الاستدلال بالعرف والعادة. الفصل الثالث: الدلالات وأثرها في صحة الفتوى. ويشتمل على تمهيد وثلاثة مباحث هي: التمهيد: وفيه التعريف والأهمية. المبحث الأول: أنواع الدلالات من حيث الاستعمال في المعنى الحقيقة والمجاز. المبحث الثاني: أنواع الدلالات: باعتبار منطوقها ومفهومها. وفيه مطلبان: المطلب الأول: دلالة المنطوق. المطلب الثاني: دلالة المفهوم. المبحث الثالث: منطوقات الدلالات باعتبارات أخرى. وفيه مطلبان: المطلب الأول: النص، والظاهر، والتأويل، والمجمل، والمبيَّن. المطلب الثاني: الأمر والنهي، والعام والخاص، والمطلق والمقيد. الفصل الرابع: الاجتهاد والتقليد، والتعارض والترجيح وأثرها في صحة الفتوى. وفيه ثلاثة مباحث هي: المبحث الأول: الاجتهاد، وفيه تمهيد وخمسة مطالب: المطلب الأول: تعريف الاجتهاد، والفرق بين الاجتهاد والفتوى والقضاء. المطلب الثاني: المجتهد، وشروطه. المطلب الثالث: مجالات الاجتهاد المجتهَد فيه. المطلب الرابع: تجزؤ الاجتهاد. المطلب الخامس: الاجتهاد الجماعي وأثره في صحة الفتوى في هذا العصر. المبحث الثاني: التقليد، وفيه ثلاثة مطالب: المطلب الأول: تعريفه ومجاله. المطلب الثاني: مراتب المقلِّدين. المطلب الثالث: المقلَّد بفتح اللام. المبحث الثالث: التعارض والترجيح. رابعًا: الخاتمة. وفيها: أهم النتائج والتوصيات. التمهيـــــد ويشتمل على مطلبين: المطلب الأول: التعريف بعلم أصول الفقه ومكانته وأهميته. المطلب الثاني: التعريف بالفتوى ومكانتها وخطورتها. المطلب الأول: تعريف علم أصول الفقه، ومكانته وأهميته: وهو اصطلاحًا: العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلة[27]. والمراد بالعلم بالأحكام: العلم بمعنى الصلاحية والتهيؤ لذلك بأن تكون له ملكة يقدر بها على إدراك جزيئات الأحكام، وقد اشتهر عرفًا إطلاق العلم على هذه الملكة[28]. ويمكن تعريف علم أصول الفقه باعتباره علما على هذا الفن بأنه: معرفة دلائل الفقه إجمالا، وكيفية الاستفادة منها، وحال المستفيد، قوله معرفة هي كالجنس في التعريف فيشمل أصول الفقه وغيره، قوله دلائل الفقه جمع مضاف يفيد العموم فيعم الأدلة المتفق عليها والمختلف فيها، قوله إجمالاً لأن المعتبر في حق الأصولي إنما هو معرفة الأدلة من حيث الإجمال ككون الإجماع حجة وكون الأمر للوجوب، وقوله وكيفية الاستفادة منها أي معرفة كيفية استفادة الفقه من تلك الدلائل أي: استنباط الأحكام الشرعية منها، قوله وحال المستفيد أي معرفة حال طالب حكم الله تعالى من الدليل وهو المجتهد فلا يدخل فيه المقلد[29]. وتتجلى مكانة علم أصول الفقه وأهميته في الأمور الآتية: 1- إذا كان الله - تبارك وتعالى - قد تكفل بحفظ القرآن الكريم مصدر هذه الشريعة الإسلامية الغراء حيث قال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (الحجر: 9)، فإنَّ استنباط التشريع منه يستلزم وضع قواعد وضوابط محددة وهي التي أطلق عليها "علم أصول الفقه ". يقول الإمام القرافي[30]: « لولا أصول الفقه لم يثبت من الشريعة لا قليل ولا كثير، فإن كل حكم شرعي لا بد له من سبب موضوع، ودليل يدل عليه وعلى سببه، فإذا ألغينا أصول الفقه لم يثبت من الشريعة لا قليل و لا كثير، فإذا ألغينا أصول الفقه ألغينا الأدلة فلا يبقى لنا حكم ولا سبب، فإن إثبات الشرع بغير أدلته وقواعده بمجرد الهوى خلاف الإجماع، ولعلهم لا يعبؤون بالإجماع، فإنه من جملة أصول الفقه، أو ما علموا أنه أول مراتب المجتهدين، فلو عدمه مجتهد لم يكن مجتهدًا قطعًا »[31]. 2- علم أصول الفقه وتطبيق قواعده ومفاهيمه المختلفة يحقق القضية التي لا خلاف عليها بين المسلمين، من أن الشريعة الإسلامية خاتمة الشرائع كلها مما يؤكد صلاحيتها للتطبيق في كل زمان ومكان إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. فما من قضية تعرض للمسلمين - خاصة النوازل والمستجدات - على المستوى الفردي أو الجماعي، إلا ويمكن تكييفها، وإعطاؤها الحكم الشرعي المستنبط من الأدلة بواسطة قواعد الأصول، وبذلك تتهاوى دعوى " سد باب الاجتهاد ". 3- هذا العلم من أكبر الوسائل لحفظ هذا الدين، والدفاع عن أدلته أمام الملحدين والمتشككين، فإن فارس هذا الميدان بحق هو الأصولي المتسلح بالمنهج العلمي المتمثل في الاستدلال لرأيه بالبراهين الدامغة التي لا تقبل التشكيك ونقد الرأي المخالف بالموضوعية المصطبغة بمقاصد الشريعة من العدل والإنصاف. 4- حاجة علماء الفقه المقارن إلى هذه المادة من الأهمية بمكان، فإن المقارنة تحتاج إلى تقوية بعض الأدلة على البعض الآخر، حتى يعمل أو يفتي بالمذهب الراجح. ولا يتحقق ذلك إلا بالاحتكام إلى القواعد الأصولية، كمعرفة دلالة المنطوق والمفهوم، وحجية كل منهما، وحكم التعارض بينهما، وأيهما المقدم. 5- هذا العلم يعين على فهم العلوم الأخرى، فالمفسر لا يستطيع أن يفسر آيات الأحكام في القرآن الكريم إلا في ضوء معرفة قواعد المفاهيم الأصولية، وكذلك الشارح لأحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم- المتعلقة بالأحكام. 6- هذا العلم يفيد المتوسطين من أهل العلم الذين لم يصلوا إلى درجة المجتهدين، ولم ينزلوا إلى درجة العوام، حيث يعملون أدوات الترجيح بين أقوال المجتهدين في مسائل الخلاف، كما يفيدهم الاطمئنان إلى أن الأحكام قد بنيت على منهج سليم في النظر والاستدلال. 7- وفي العصر الحاضر حيث أفرزت المدنية الحديثة كثيرًا من المستجدات، وتتابعت النوازل والمتغيرات، الأمر الذي يجعل الحاجة إلى علم أصول الفقه من الأهمية بمكان بالنسبة للمجتهدين؛ مما يؤهلهم للحكم على هذه القضايا والمستجدات. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |