|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() التفاؤل والتشاؤم الشيخ صلاح نجيب الدق الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض، وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير، والصلاة والسلام على نبينا محمد الذي أرسله ربُّه شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا. أما بعد، فإن التفاؤل والتشاؤم من أمور العقيدة التي يجب على المسلم معرفتها، فأقول وبالله تعالى التوفيق: معنى التفاؤل: التفاؤل: هو: انشراح قلب الإنسان وإحسانه الظن، وتوقُّع الخير بما يسمعه من الكلام الصالح؛ (موسوعة نضرة النعيم ـ جـ3 ـ صـ 1046). التفاؤل: مثل أن يكون رجل مريض، فيتفاءل بما يسمع من كلام، فيسمع آخر يقول: يا سالم، أو يكون طالب ضالة، فيسمع آخر يقول: يا واجد، فيقع في ظنه أنه يبرأ مِن مرضه، ويجد ضالته؛ (النهاية في غريب الحديث ـ لابن الأثير ـ جـ4 ـ صـ406 ). نبينا صلى الله عليه وسلم يُحثنا على التفاؤل: (1) روى الشيخان عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (لا عدوى ولا طِيرة، ويُعجبني الفأل، قالوا: وما الفأل؟ قال: كلمة طيبة)؛ (البخاري ـ حديث: 5776 / مسلم ـ حديث: 2224 ). ♦ (العدوى): انتقال المرض من إنسانٍ لآخر. ♦ قال علي الهروي رحمه الله: معنى (لا عدوى): نفي ما كانوا عليه من أن المرض يُعدي بطبعه لا بفعله سبحانه؛ (مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ـ علي الهروي ـ جـ7ـ صـ2894). ♦ قال الحليمي رحمه الله: وإنما كان صلى الله عليه وسلم يُعجبه الفأل؛ لأن التشاؤم سوءُ ظنٍّ بالله تعالى بغير سببٍ مُحقق، والتفاؤل حُسن ظنٍّ به، والمؤمن مأمور بحسن الظن بالله تعالى على كل حال؛ (فتح الباري ـ لابن حجر العسقلاني ـ جـ10 ـ صـ 226). ♦ قال الطيبي رحمه الله: معنى الترخص في الفأل والمنع من الطيرة، هو أن الشخص لو رأى شيئًا فظنَّه حسنًا مُحرضًا على طلب حاجته، فليفعل ذلك وإن رآه بضد ذلك، فلا يقبله، بل يمضي لسبيله، فلو قبِل وانتهى عن المضي، فهو الطيرة التي اختُصَّت بأن تُستعمل في الشؤم؛ (فتح الباري ـ لابن حجر العسقلاني ـ جـ10 ـ صـ 226). ♦ قال ابن بطال رحمه الله: جعل الله في فِطَر الناس محبة الكلمة الطيبة والأنس بها، كما جعل فيهم الارتياح بالمنظر الأنيق والماء الصافي، وإن كان لا يَملِكه ولا يشربه؛ ( فتح الباري ـ لابن حجر العسقلاني ـ جـ10 ـ صـ 225). (2) روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قيل: يا رسول الله، ما الفأل؟ قال: الكلمة الصالحة يسمعها أحدُكم؛ (مسلم ـ حديث: 2223). (3) روى ابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم، يُعجبه الفأل الحسن، ويكره الطيرة؛ (حديث صحيح)، (صحيح ابن ماجه ـ للألباني ـ حديث: 3536). الفرق بين التفاؤل والتشاؤم: التشاؤم: هو سوء ظن بالله تعالى، وصرف شيء من حقوقه لغيره، وتعلُّق القلوب بمخلوق لا ينفع ولا يضر. وأما التفاؤل، فهو حسن ظن بالله تعالى، لا يرد عن الحوائج، ولا يحمل على المضي فيها، وحُسن الظن بالله مطلوبٌ، وسوء الظن ممنوع، وحسن الظن من خصال الإيمان والمؤمنين، وسوء الظن من خصال النفاق والمنافقين. قال تعالى عن المنافقين: ï´؟ بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا ï´¾ [الفتح: 12]؛ (الأسئلة والأجوبة في العقيدة ـ صالح بن عبدالرحمن الأطرم ـ صـ 65). نبينا صلى الله عليه وسلم هو القدوة في التفاؤل: (1) روى البخاري عن المِسور بن مَخرمة رضي الله عنه (في حديث صلح الحديبية)، قال: لما جاء سهيل بن عمرو، قال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد سهل لكم من أمركم؛ (البخاري: حديث: 2731). ♦ قال الإمام بدر الدين العيني رحمه الله: تفاءل النبي صلى الله عليه وسلم باسم سهيل بن عمرو على أن أمرهم قد سهل لهم؛ (عمدة القاري شرح صحيح البخاري ـ بدر الدين العيني ـ جـ12 ـ صـ 12). (2) روى البخاري عن سعيد بن المسيب عن أبيه أن أباه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ما اسمك؟ قال: حزن، قال: أنت سهل، قال: لا أُغير اسمًا سمانيه أبي، قال سعيد بن المسيب: فما زالت الحزونة فينا بعدُ؛ (البخاري ـ حديث: 6190). ♦ قوله: (أنت سهل)؛ أي: بل اسمك سهل. ♦ قوله: (الحزونة فينا): الشدة التي بقِيت في أخلاقهم؛ (فتح الباري ـ لابن حجر العسقلاني ـ جـ10 ـ صـ 574،575). (3) روى الترمذي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعجبه إذا خرج لحاجته أن يسمع: يا راشد، يا نجيح؛ (حديث صحيح)، (صحيح الترمذي. للألباني. حديث 1316). ♦ قوله: (كان يعجبه): أي يستحسنه ويتفاءل به. * قوله: (يا راشد)؛ أي: واجد الطريق المستقيم. * قوله: (يا نجيح)؛ أي: مَن قضيت حاجته؛ (مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ـ علي الهروي ـ جـ7ـ صـ2900). فوائد التفاؤل: نستطيع أن نوجز فوائد التفاؤل في الأمور التالية: (1) التفاؤل فيه حسن الظن بالله تعالى. (2) التفاؤل يَجلب السعادة إلى النفس والقلب. (3) التفاؤل فيه ترويح للمؤمن وسرور له. (4) التفاؤل فيه تقوية للعزائم وباعث على الاجتهاد في العمل. (5) التفاؤل فيه اقتداءٌ بالسُّنة المطهرة والأخذ بالأسوة الحسنة؛ حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يتفاءل في حروبه وغزواته؛ (موسوعة نضرة النعيم ـ جـ3 ـ صـ 1049). التشاؤم: من عقيدة أهل السنة والجماعة عدم التشاؤم؛ لأنه معارض لكمال التوحيد الواجب على كل مسلم، فالتشاؤم من إلقاء الشيطان وتخويفه للناس ووسوسته لهم؛ (فتح المجيد شرح كتاب التوحيد ـ صـ345). التشاؤم: هو الشعور بتوقُّع حدوث شر أو حزن نتيجة رؤية شيء معين، أو سماع شيء معين، وهو حرام؛ ( الآداب الشرعية ـ لابن مفلح الحنبلي ـ جـ3 ـ صـ 357). اجتناب التشاؤم وصيةُ رب العالمين: حذَّرنا الله تعالى من التشاؤم في كتابه العزيز: (1) قال الله تعالى عن آل فرعون: ï´؟ فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ï´¾ [الأعراف: 131]. ♦ قال الإمام ابن كثير رحمه الله: قوله تعالى: ï´؟ فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ ï´¾؛ أي: من الخصب والرزق،ï´؟ قَالُوا لَنَا هَذِهِ ï´¾؛ أي: هذا لنا بما نستحقه، ï´؟ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ ï´¾؛ أي: جدب وقحط، ï´؟ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ ï´¾؛ أي: هذا بسببهم وما جاؤوا به؛ ( تفسير ابن كثير ـ جـ6 ـ صـ367). (2) قال سبحانه: ï´؟ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ * قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ ï´¾ [النمل: 45 - 47]. ♦ قال الإمام ابن كثير رحمه الله: قوله تعالى: ï´؟ قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ ï´¾؛ أي: ما رأينا على وجهك ووجوه مَن اتَّبعك خيرًا، وذلك أنهم لشقائهم كان لا يُصيب أحدًا منهم سوء، إلا قال: هذا من قِبَل صالح وأصحابه؛ ( تفسير ابن كثير ـ جـ6 ـ صـ198). (3) قال جل شأنُه عن أصحاب القرية: ï´؟ قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ * قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ ï´¾ [يس: 18، 19]. ♦ قال الإمام القرطبي رحمه الله: قوله تعالى: ï´؟ إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ ï´¾؛ أي: تشاءَمْنا بكم؛ (تفسير القرطبي ــ جـ15ـ صـ20). ♦ التطير: في الأصل يشمل التفاؤل والتشاؤم بالطير. يتبع
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]()
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |