|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() فضل علم الكتاب والسنة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز الدهيشي الحمد لله الذي قال في كتابه العزيز: ﴿ أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى ﴾ [الرعد: 19] وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، علم السر والنجوى، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المصطفى، كمل به الشرائع وختم به الأنبياء، صلوات الله وسلامه عليه وعليهم، ومن تبعهم وبهديهم اهتدى.. أما بعد: أيها الناس، أوصيكم ونفسي بتقوى الله - تعالى - فإنها التجارة الرابحة وأوصيكم بتعلم العلم النافع الذي يرفع الله أهله درجات في الآخرة والذي قال في أهله: ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الزمر: 9]. عباد الله، إنكم في زمان يسميه أهله عصر العلم والتقدم يريدون بذلك علم الصناعة والطب والاختراع مما هو من لوازم المنافع الدنيوية، فلا يتوهم متوهم أن المراد في الآيتين العلم الحديث الذي هو في محيط العلوم الدنيوية، فإن المراد به علم الكتاب والسنة، ودليل ذلك عندما لقي نافع بن عبدالحارث عمر بن الخطاب بعسفان وكان عمر استعمله على مكة فقال عمر: من استخلفت على أهل الوادي؟ قال: استخلفت عليهم ابن أبزي قال: ومن ابن أبزي؟ قالي: مولى من موالينا، قال عمر: فاستخلفت عليهم مولى؟ قالي: إنه قارئ لكتاب الله تعالى عالم بالفرائض، قال عمر: أما إن نبيكم - صلى الله عليه وسلم - قال: (إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا ويضع به آخرين)[1]. والمراد برفع الدراجات كثرة الثواب ورفعة الدرجات تمثل الرفعة المعنوية في الدنيا بعلو المنزلة وحسن الصيت والحسية في الآخرة بعلو المنزلة في الجنة، وقد أمر الله محمدًا - صلى الله عليه وسلم - أن يسأله أن يؤيده من العلم بقوله تعالى: ﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ [طه: 114] ولم يأمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - بطلب الازدياد من شيء إلا من العلم الشرعي الذي يفيد معرفة ما يجب على المكلف من أمر دينه في عباداته ومعاملاته والعلم بالله وصفاته وما يجب له من القيام بأمره وتنزيهه عن النقائص، ولا يحصل هذا العلم إلا بتعلم القرآن والسنة وتفسيرهما والتفقه في دين الله، كما ساق ذلك شارح صحيح البخاري رحمه الله، وأهل هذا العلم هم ورثة الأنبياء، لأن الأنبياء لم يورثوا أموالًا، وإنما ورثوا العلم فمن أخذ به أخذ بنصيب وافر، قال ابن عباس - رضي الله عنهما-: كونوا ربانيين صلحاء فقهاء، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين"[2]. ويفهم من هذا الحديث أن من حُرِمَ علم الكتاب والسنة والتفقه في الدين فقد حُرِمَ الخير لأن علم الكتاب والسنة هو السبيل الموصل إلى الله وإلى جنته، أما العلوم الأخرى فثمرتها يجتنيها أربابها في الدنيا؛ لأنها من لوازم الدنيا، أما علم الكتاب والسنة فإنه من لوازم الدنيا والآخرة، وفرق بين العلم الذي ثمرته الحصول على صنعة أو وظيفة قد ينتفع بها صاحبها مدة قليلة أو تخترمه المنية قبل ذلك، والعلم الذي من تعلمه وعمل به رفعه إلى منزلة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين في الجنة، ولهذا دعا محمد - صلى الله عليه وسلم - ربه لحبيبه عبدالله بن عباس بأن يفقهه في الدين، روى البخاري بسنده إلى ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: ضمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: (اللهم علمه الكتاب)، وقد ضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثلًا لمن تفقه في دين الله والذي لم يتفقه فيه فقال: (مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضًا فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا وأصابت منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ فذلكم مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم)[3]. فيا أمة محمد ويا شباب الإسلام أوصيكم ونفسي بتعلم الكتاب والسنة وتعليمها أبناءكم فإنكم في زمان ظهر فيه كثير من أشراط الساعة والفتن أخبر بها - صلى الله عليه وسلم - بقوله: (بادروا بالأعمال فستكون فتنة كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا يبيع دينه بعرض من الدنيا)[4]. قال تعالى: ﴿ أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ ﴾ [الرعد: 19، 20]. أيها الناس، اتقوا الله حق التقوى، أيها الناس أخبر - صلى الله عليه وسلم - أن من أشراط الساعة أن يرفع العلم وينتشر الجهل ويشرب الخمر ويظهر الزنى - ورفع العلم يحصل بموت العلماء - وتكثر النساء ويقل الرجال حتى يكون الرجل قيمًا لخمسين امرأة، قيل إن سبب ذلك كثرة الفتن والقتل في الرجال وكثرة المواليد من النساء وقلة المواليد من الذكور، ومن تأمل في هذا الحديث رأى مصداقه من الواقع، فقد كثرت الفتن والحروب الطاحنة التي أهلكت الحرث والنسل والملايين من الرجال، والسعيد من وعظ بغيره. وقد أمر الله المؤمنين أن يقوا أنفسهم وأهليهم من النار، فالله الله عباد الله، تمسكوا بدينكم تعلمًا وتعليمًا، جاهدوا أنفسكم على ذلك فإن الشياطين وأعوانهم قد أجلبوا عليكم بدعاياتهم وصناعاتهم وإذاعاتهم ووسائل اللهو المرئية والمسموعة التي أشغلوا بها أوقاتكم وعلموا بواسطتها شبابكم كل ما من شأنه الخلل بالدين، وأشغلوا الناس وخصوصًا الشباب بمتابعة ما يذاع ويظهر في التلفاز من التمثيليات الخليعة الملهية عن ذكر الله وعن طاعته وعن تعلم العلم النافع الذي به الحياة الطيبة في الدنيا والآخرة يقول - صلى الله عليه وسلم -: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته"[5]. والحمد لله رب العالمين. [1] صحيح مسلم 817. [2] صحيح البخاري 71 ج:1 ص 39. [3] صحيح البخاري 79 ج:1 ص: 42. [4] صحيح مسلم 118 ج:1 ص:110. [5] صحيح البخاري 853 ج: 1 ص، 304.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |