أيها الداعية كن قدوة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 5064 - عددالزوار : 2265540 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4647 - عددالزوار : 1542761 )           »          من كفارات الذنوب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          ثبوت صوم النبي أيام التسع من ذي لحجة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          قراءة القرآن أفضل في عشر ذي الحجة أم التكبير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          ترك الإنجاب لئلا يولد طفل فاسد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          حديث في فضائل العشر لا أصل له (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          حكم الإجهاض بغير علم الزوج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          خمس عشرة وصية في استثمار عشر ذي الحجة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          الخوف من الانتكاسة والزيغ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 29-01-2020, 06:43 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 165,400
الدولة : Egypt
افتراضي أيها الداعية كن قدوة

أيها الداعية كن قدوة


د. يزيد حمزاوي





مِن الناس مَن يجلس إلى الإرشاد والتوجيه، ويسعَى في تربية الخلْق وتعليمهم، ويكدُّ في تبليغ شرْع ربِّ العالمين إلى الأقربين والأبعدين، ولا يَكاد يملُّ أو يرتاح، فهو يعيش همَّ دعوةِ الآخرين إلى الكتاب والسُّنة ومنهج سَلَف الأمة، ديدنه الأمْر بالمعروف والنهي عن المنكر، والنُّصح لكلِّ مسلم، دروس ومحاضرات، خُطب ومقالات، أشرطة وملصقات، لكنه إذا جلس إلى خُلَّص أصحابه، يشهر أنيابَ الغِيبة، فينهش من لحوم إخوانه في الله، ولا يقوم مِن مجلسه حتى تصيرَ أجسادُ مَن يغتابهم عظامًا مُصَّ نخاعها.

وفي جلسة ثانية يَبْهَت أخًا له ببهتان الفِسق والفُجور، مع أنه مِن أعفِّ الناس في تلك الأمور، التي يعافها الفسَّاق الفجار، فضلاً عن أهل الفضل.

وفي حادثة ثالثة يختلِس مِن مال الزكاة، الذي استأمنَه عليه بعضُ الأغنياء، وكلَّفوه بتوزيعه على مُستحقِّيه، ولمَّا يواجه بذلك يتهرَّب، ويختلق عشراتِ الأعذار الواهية... إلخ.

فيُشير إليه العوامُّ بالبنان، على أنَّه مِن أرباب الكلام، ومِن المفلسِين في الأعمال، فينفضون مِن حوله، ومن اضطرَّ لمجالسته في درْس أو خُطبة، لم يُلقِ لما يقول بالاً، وإنما هي كلماتٌ تدخل مِن هنا وتخرُج مِن هنا، ولقد تكاثَر هذا النوع من الناصحين المفلِسين، حتى باتوا حديثَ الساعة وأضْحوا فِتنة، إذ لم يعُد الناس يَنتقدون شخوصَهم، وإنَّما تجاوزوها إلى نقْد ما يَدْعون إليه.

ولقدْ رضي أولئك الواعِظون المتخلِّفون عن العمل بما يعِظون، أن يتشبَّهوا برِجال الكنيسة الذين كانوا يعظون رَعاياهم كلَّ أحدٍ، في حين أنهم كانوا يرتعون في الذنوب والمهلكات والملذَّات، حتى اشتهرَ مَثَلٌ بينهم، صار قانونًا فيما بعد: "اعملْ بما أقوله لك، ولا تعمل بما أفعله أنا".

ولقدْ كان رسولُنا الكريم - عليه الصلاة والسلام - قدوةً في تعليمه، وسبَّاقًا لتطبيق ما يُوصي به الأمَّة؛ لذا كان تعليمه ووعْظه ذا تأثير عميق في جيل الصحابة ومَن بعدهم مِن المسلمين إلى يومِ القيامة.

فالداعية مهما علا كعبُه في العِلم والدَّعْوة، يرمقُه الناس، فإنْ رأوه يُزكِّي عِلمه بالعمل، مجَّدوه ورفعوا شأنَه وتزاحَموا عليه، وإنْ كانت الأخرى تركوه وأهملوه، ويُحدِّثنا التاريخُ الإسلامي عن أمثال أولئك الذين جمعوا بين العِلم والعمل، كيف ترَكوا بصمةً لهم على صفحات التاريخ، ومِن أمثالهم: الحسَن البصري، ومالك بن أنس، وأحمد بن حنبل، وسفيان الثوري، وعبدالله بن المبارك، وابن تيميَّة...، ومن المتأخِّرين ابن باديس، والشنقيطي، وابن باز، وغيرهم - رحمهم الله جميعًا.

قال الله تعالى في مُحكَم تنزيله في سورة الصف: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الصف: 2 - 3].

وقال - تعالى - في سورة البقرة مؤنِّبًا اليهود، وهم ممَّن اشتهر فيهم هذا الخُلُق الذميم: ﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: 44].

وقصَّ - وهو أصدقُ القائلين - حوارَ شعيب - عليه الصلاة والسلام - مع قومه، فقال على لسان نبيِّه: ﴿ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ [هود: 88].

وإنَّ مِن أخبث الأوصاف التي وصَف ربُّنا - جلَّ وعلا - بها قومًا، ما أطلقه على اليهود الذين يُكدِّسون الكتب والأسفار وقراطيس التوراة، ويحفظها بعضُهم عن ظهْر قلب، وإذا جاء وقتُ العمل تخلَّفوا عنه؛ قال - تعالى - في سورة الجمعة: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الجمعة: 5].

روى أبو برزة الأسلميُّ، قال: قال رسولُ الله - عليه الصلاة والسلام -: ((لا تزول قدمَا عبدٍ يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عن عُمره فيمَ أفْناه؟ وعن جسدِه فيمَ أبلاه؟ وعن ماله مِن أين اكتسبه وفيمَ أنفقه؟ وعن عِلْمه ماذا عمل به؟)).

وفي الصحيحين عن المصطفى - عليه الصلاة والسلام - قال: ((يَؤُتى بالرجل يومَ القيامة، فيُلقى في النار، فتندلِق أقتابُ بطنه، فيدور بها كما يدور الحمارُ بالرحَى، فيجتمع إليه أهلُ النار، فيقولون: يا فلانُ، ما لك؟ ألَم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟! فيقول: بلى، قد كنتُ آمر بالمعروف ولا آتِيه، وأنهى عن المنكر وآتيه)).

وما أجمل ما قال الشاعر:

وَغَيْرُ تَقِيٍّ يَأْمُرُ النَّاسَ بِالتُّقَى
طَبِيبٌ يُدَاوِي النَّاسَ وَهْوَ سَقِيمُ


وقول الآخر:

يَا أَيُّهَا الرَّجُلُ الْمُعَلِّمُ غَيْرَهُ
هَلاَّ لِنَفْسِكَ كَانَ ذَا التَّعْلِيمُ

ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَانْهَهَا عَنْ غَيِّهَا
فَإِذَا انْتَهَتْ عَنْهُ فَأَنْتَ حَكِيمُ

لاَ تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ
عَارٌ عَلَيْكَ إِذَا فَعَلْتَ عَظِيمُ


وممَّا يُحفظ عن السَّلف قولهم: "هتَف العلم بالعمل، فإنْ أجابه وإلاَّ ارْتحل".

وأنشد آخر:

عَوِّدْ لِسَانَكَ قِلَّةَ الْحِفْظِ وَاحْ
فَظْ كَلاَمَكَ أَيَّمَا حِفْظِ

إِيَّاكَ أَنْ تَعِظَ الرِّجَالَ وَقَدْ
أَصْبَحْتَ مُحْتَاجًا إِلَى الْوَعْظِ


وكان عليُّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - يقول: قصَم ظهري رجلان: عالِم متهتِّك، وجاهِل متنسِّك.

كما كان أخٌ لأحد الوعاظ ينْصَحه بهذه الأبيات الراقية:

أَخَذْتَ بِأَعْضَادِهِمْ إِذْ وَنُوا
وَخَلَّفَكَ الْجُهْدُ إِذْ أَسْرَعُوا

وَأَصْبَحْتَ تَهْدِي وَلاَ تَهْتَدِي
وتُسْمِعُ وَعْظًا وَلاَ تَسْمَعُ

فَيَا حَجَرَ الشَّحْذِ حَتَّى مَتَى
تَسُنُّ الْحَدِيدَ وَلاَ تَقْطَعُ


ليستْ كلماتي تعييرًا ولا فضحًا ولا قذْفًا، إنما نصيحة مشفِق مخلِص لنفسي وإخواني، فاللهَ اللهَ أيها المشغول بالدَّعْوة إلى الله في القُدوة الصالِحة، بها يحكُم الآخرون علينا، بل وعلى إسلامِنا ودعوتنا، والله الهادي إلى سواءِ السبيل.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 70.15 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 68.44 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.45%)]